Professional Documents
Culture Documents
Ar
Ar
Ar
وبالنظر إلى هذا الوضع االقتصادي الصعب ،فإن تنفيذ النموذج التنموي الجديد للمغرب ومواصلة
اإلصالحات اإلستراتيجية و كذا برامج التنمية االقتصادية واالجتماعية في البالد يتطلب تعبئة موارد
مالية كبيرة.
اإلشكالية
يطرح هذا األمر تساؤالا حول اإلصالحات والتدابير المختلفة التي اتخذتها الحكومة الحالية بهدف تعزيز
استدامة المالية العامة مع الحفاظ على التوازنات االقتصادية الكبرى ؟
ولإلجابة على سؤالنا ،سنعرض أوالا أولويات ميزانية ( 2024المبحث األول) ،ثم ننتقل إلى اإلصالحات
المختلفة المتعلقة بالمالية العمومية (المبحث الثاني) ،وأخيرا ا نركز على التدابير األخرى المتعلقة باستعادة
توازن الميزانية واستعادة التوازنات الخارجية (المبحث الثالث).
باإلضافة إلى ذلك ،و للتخفيف من آثار الوضع االقتصادي في عام ،2024ستواصل الحكومة جهودها
من أجل :
-مكافحة التضخم ودعم القدرة الشرائية للمواطنين :من خالل تعبئة ميزانية قدرها 16.4مليون درهم
في إطار صندوق المقاصة لدعم أسعار غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين الوطني ;
-مواصلة تنفيذ "البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب والري : "27-20أكثر من 18مليار
درهم لمواجهة الجفاف وندرة الموارد المائية ;
-دعم القطاع الفالحي ومكافحة التغيرات المناخية :من خالل مواصلة االستراتيجية الزراعية "الجيل
األخضر" وإطالق برنامج استراتيجي جديد "دعم المساهمة الوطنية المحددة للمغرب ."27-23
ضا عملية توطيد أسس الدولة االجتماعية والتنفيذ المستمر لإلصالحات الهيكلية.
كما ستواصل الحكومة أي ا
-تفعيل المشروع الملكي لتعميم الحماية االجتماعية من خالل تخصيص 35مليار درهم الستمرار
"التأمين الصحي اإلجباري" .وبالمثل ،يندرج إطالق "برنامج المساعدة االجتماعية المباشرة" وتنفيذ
"برنامج المساعدة السكنية "2028-2024الجديد في إطار خطة دعم القدرة الشرائية لألشخاص في
وضعية هشاشة .تتيح هذه التدابير إمكانية توقع معدل تضخم بنسبة %2.5وفقاا لقانون المالية الحالي ;
-مواصلة "اإلصالح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية" ( 31مليار درهم 5.500 /منصب مالي) وتنفيذ
"خارطة طريق إصالح منظومة التعليم 74( "2026-2022مليار درهم 20.344 /منصب مالي) .دون
أن ننسى االلتزامات التي تعهدت بها الدولة في إطار الحوار االجتماعي بكلفة 10مليار درهم لسنة
،2024من جهة ،وتنفيذ الرسالة الملكية المتعلقة بمراجعة مدونة األسرة من جهة أخرى.
-تعزيز االستثمار العمومي وتشجيع االستثمار الخاص :من خالل تفعيل خارطة الطريق لتحسين مناخ
األعمال وتعزيز االستثمار العمومي بمبلغ 335مليون درهم أي بزيادة 35مليون درهم عن سنة ; 2023
" -استراتيجية المغرب الرقمي ،"2030بميزانية قدرها 1.6مليار درهم ،و استراتيجية الطاقة :التي
تهدف إلى توليد %52من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام ،2030مصحوبة بإطالق سريع
لمشروع "عرض المغرب" للهيدروجين األخضر ;
-تسريع وتيرة اإلصالحات الهيكلية األخرى :فيما يتعلق بالجهوية المتقدمة ومشاريع الالمركزية
اإلدارية ،وكذا اإلصالح اإلداري (الحكامة الجيدة وتبسيط المساطر ورقمنتها) .وينطبق األمر نفسه على
مشاريع البنية التحتية الكبرى و "خارطة الطريق 2026- 2023لقطاع السياحة".
وقد وضعت الحكومة مجموعة من اإلصالحات لمصاحبة دينامية هذه السياسات االجتماعية والمشاريع
الهيكلية.
الباب األول :مشروع إصالح القانون التنظيمي لقانون المالية واستمراراإلصالح الضريبي
يكرس القانون التنظيمي األخيرالمتعلق بقانون المالية رقم 13-130المبادئ التي تحكم المالية العمومية
وأحكام تدبيرالميزانية بكفاءة وشفافية ،بد اءا من البرمجة حتى التقييم .وهذا األخير هو موضوع مشروع
التعديل.
وبالتالي ،ينص مشروع إصالح القانون التنظيمي للمالية المعدل والمتمم للقانون التنظيمي رقم 13-130
على أحكام جديدة ضرورية لتعزيز مبادئ وقواعد الميزانية وتجسيد مبدأ الحكامة في تدبير المالية
العمومية .وتشمل هذه األحكام ما يلي :
-إدراج قاعدة جديدة للميزانية في ما يخص الدين متوسط األجل لتوجيه إعداد البرمجة الميزانياتية للثالث
سنوات ;
-إدراج المؤسسات والشركات العمومية التي تتلقى موارد مخصصة أو إعانات من الدولة في نطاق
القانون التنظيمي للمالية ;
-تقليص المهلة الزمنية لجدولة مشروع قانون التسوية ،مع تكريس مشروع الرقمنة في إطار عملية
جدولة مشروع قانون المالية.
عالوة على ذلك ،وكجزء من استمرارية استراتيجية اإلصالح الضريبي التي تم تنفيذها على مدار العامين
الماضيين ،ستواصل الحكومة ،بموجب مشروع قانون المالية لعام ،2024التنفيذ الفعال للقانون اإلطار
رقم 19-69بشأن اإلصالح الضريبي ،من خالل اعتماد تدابير ملموسة إلرساء العدالة الضريبية وضمان
وضوح أكبر للمشغلين من خالل نظام ضريبي مبسط وشفاف ومستقر بحلول عام .2026
تستند هذه التدابير الضريبية ذات األولوية إلى المحاور األساسية التالية :
-االستمرار في إصالح ضريبة القيمة المضافة :تطبيق مبدأ حيادية ضريبة القيمة المضافة من خالل
مواءمة معدالت ضريبة القيمة المضافة (المعدل العادي %20و المعدل المخفض .)%10باإلضافة إلى
توسيع نطاق اإلعفاء ليشمل المنتجات االستهالكية األساسية وترشيد بعض اإلعفاءات من ضريبة القيمة
المضافة ;
-إدماج البعد البيئي في النظام الضريبي للدولة :كجزء من تنفيذ "المساهمة الوطنية المحددة"
و"االستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة" ،من خالل حياد الضريبة على القيمة المضافة وإعفاء بعض
السلع باإلضافة إلى تحفيز القطاعات التي يمكن أن تساهم في حماية البيئة (مثل االقتصاد الدائري ،إلخ) ;
-تعزيز اإلطار القانوني والمؤسسي لمواجهة التهرب الضريب :ال سيما من خالل إدخال مبدأ التضامن
الضريبي بين الشركة والمسؤولين عن التهرب الضريبي أو المستفيدين منه فعلياا ،إلخ.
الباب الثاني :إصالح المؤسسات والشركات العمومية و تحديث تدبير اإلستثمار العمومي
في إطار ترشيد إدارة الحقيبة العمومية ،يجري العمل على إعادة هيكلة المؤسسات والشركات العمومية
من خالل :
-نشر القانون اإلطار رقم 21-50المتعلق بإصالح المؤسسات والشركات العمومية :يهدف إلى ترشيد
إنشائها وتحسين حكامتها ،فضالا عن ضمان قدر أكبر من التكامل والتآزر بين مهامها وتحسين أدائها
االقتصادي واالجتماعي ;
-نشر القانون رقم 20-82المنشئ "للوكالة الوطنية لإلدارة االستراتيجية لمساهمات الدولة ومراقبة
أداء المؤسسات والشركات العمومية" :بدأت هذه الوكالة عملها في ديسمبر 2022وبدأت العمل في
العديد من المشاريع المتعلقة بحكامة هذه المؤسسات الواقعة ضمن اختصاصها وإجراء المعامالت
الرأسمالية والمتعلقة بالحقيبة العمومية.
وفي نفس السياق ،يهدف إصالح المؤسسات والشركات العمومية أيضا إلى وضع نظام جديد للمراقبة،
وتحديث المدونة المغربية ألفضل الممارسات في مجال حكامة المؤسسات والشركات العمومية،
ومواصلة دعم عملية التعاقد بين الدولة وهذه المؤسسات.
وفيما يتعلق بالمقاربة الجديدة لتدبير االستثمارات العمومية ،يهدف المغرب من خالل هذا اإلصالح إلى
ضمان أداء أفضل للمشاريع االستثمارية المقدمة للتمويل العمومي وتحسين أثرها االجتماعي
واالقتصادي .وفي هذا السياق ،تستفيد المملكة المغربية من مساعدة منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
من خالل :
-وضع دليل عام حول االستثمار العمومي يتالءم مع السياق المغربي ،بما يتماشى مع أفضل الممارسات
الدولية.
باإلضافة إلى ذلك ،تعتمد الحكومة المغربية تدابير أخرى مرتبطة باستعادة توازن الميزانية والتوازنات
الخارجية.
المبحث الثالث :التدابير األخرى المتعلقة بالميزانية والمالية
ويتناول هذا القسم األخير الجهود التي بذلتها الحكومة المغربية لمعالجة توازن الميزانية (الباب األول)
والتوازن الخارجي (الباب الثاني).
وباإلضافة إلى ذلك ،وبالنسبة لعام ،2024فإن الحكومة عازمة على مواصلة سياستها الرامية إلى الحفاظ
على استقرار توازن الميزانية من خالل :
-التحكم في نفقات الموظفين ونفقات التسيير :من خالل حصرها في ما هو ضروري لتزويد المواطنين
بخدمات ذات جودة وتحسين مردودية االستثمار العمومي ،مع الحرص على تطبيق هذه التوجيهات على
مصالح الدولة المسيرة بكيفية مستقلة ,و الحسابات الخاصة للخزينة وكذا المؤسسات العمومية من خالل
ترشيد التحويالت المقررة لها ;
-تعبئة اإليرادات الضريبية والجمركية :في نهاية أغسطس ،2023بلغت اإليرادات الضريبية أكثر من
179مليار درهم ،مقارنة بحوالي 173مليار درهم لنفس الفترة من سنة ; 2022
-تحسين مردودية المحفظة العامة ومداخيل الملك الخاص للدولة :في النصف األول من عام ،2023
بلغت مداخيل الملك الخاص للدولة في النصف األول من عام 2023حوالي 6مليارات درهم ،أي بنسبة
تحقيق بلغت حوالي .%327
-تعزيز الصادرات والسيطرة على تدفقات الواردات :اتسمت وضعية التجارة الخارجية في نهاية
أغسطس 2023بانخفاض العجز التجاري بنسبة %9,4إلى 191,84مليار درهم.
-تعزيز االستثمار األجنبي المباشر :انخفض صافي تدفق االستثمار األجنبي المباشر من 19,96مليار
درهم في نهاية أغسطس 2022إلى 10مليارات درهم في نهاية أغسطس .2023
-تعبئة التمويل الخارجي :في عام ،2024سيتم توقيع اتفاقية تمويل مع االتحاد األوروبي بمبلغ 103
مليون يورو في شكل منحة ،في إطار االنتقال األخضر و مواجهة تغير المناخ .كما وقع المغرب اتفاقاا
مع صندوق النقد الدولي في إطار مرفق المرونة واالستدامة الجديد التابع له ،بمبلغ إجمالي قدره 1,3
مليار دوالر.
في األشهر الثمانية األولى من العام المنصرم ،بلغ إجمالي تحويالت المغاربة المقيمين بالخارج 77,92
مليار درهم .وبلغت عائدات السفر 71,3مليار درهم خالل نفس الفترة.
ومع أخذ كل هذه التطورات في الحسبان ،بلغت األصول االحتياطية الرسمية حوالي 359مليار درهم في
1سبتمبر ،2023بزيادة %6,4عن نفس الفترة.
وختاما ،فإن كل هذه اإلصالحات والتدابير ستمكن من تحرير هوامش الميزانية بهدف مواجهة تأثيرات
الظرفية الحالية من جهة ،والحفاظ على توازن المالية العامة إلرساء دعائم الدولة االجتماعية ومواصلة
تنفيذ اإلصالحات الهيكلية ،وبالتالي الحفاظ على السيادة المالية للمملكة و تقوية مناعة اإلقتصاد المغربي.
إن تحقيق هذه األوراش وبلوغ األهداف المذكورة أعاله مشروط بالتشبث بالقيم الدينية والوطنية ،مع
إبداء الجدية في جميع المجاالت السياسية واإلدارية والقضائية وعلى مستوى االستثمار واإلنتاج و مناخ
األعمال ، .كما جاء في خطاب العرش لسنة .2023