Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫الفصل األول‬

‫نظرية القرارات المنفصلة و تطبيقاتها في منازعة الصفقات‬


‫العمومية على ضوء القضاء اإلداري المغربي‬

‫وبحكم الضوابط التي تحكم هذا النوع من العقود اإلدارية في ارتباطها بالمال العام و بالمصلحة العامة‪،‬‬
‫فإنها تتطلب إلبرامها و إنفاذها و تنفيذها و إنهائها اتخاذ جملة من القرارات اإلدارية بإرادة منفردة سواء‬
‫خالل مرحلة ما قبل التعاقد أو أثناء التنفيذ أو بمناسبة اإلنهاء‪.‬‬
‫وإذا كان جوهر هذه العملية التعاقدية هو عقد الصفقة الذي تبرمه اإلدارة‪ ،‬فإن صدور تلك القرارات‬
‫اإلدارية بمناسبة هذا العقد يطرح سؤال إمكانية الطعن باإللغاء ضدها بمعزل عن العقد الذي صدرت‬
‫بشأنه و عالقة به ‪ ،‬سيما من لدن األغيار الذين ال يمكنهم الولوج لعالم العقد المغلق على طرفيه إعماال‬
‫لمبدأ نسبية العقود المكرس قانونا‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذه اإلمكانية‪ ،‬أي إمكانية الطعن باإللغاء ضد القرارات اإلدارية الصادرة بمناسبة تعاقد‬
‫اإلدارة‪ ،‬لم يتم إق اررها من لدن القاضي اإلداري إال بمناسبة إرسائه لنظرية القرارات المنفصلة التي‬
‫سمح بموجبها أللغيار – و كذا لطرفي العقد في حاالت معينة ‪ -‬بمراجعة قاضي اإللغاء من أجل الطعن‬
‫في مشروعية هذه القرارات استقاالل عن العقد الذي صدرت بشأنه و بمناسبته والذي ينعقد اختصاص‬
‫المنازعة بشأنه في األصل للقضاء الشامل‪.‬‬
‫و إذا كان أساس ابتداع النظرية المذكورة هو منح األغيار مكنة قانونية للمنازعة في مشروعية القرار‬
‫المنفصل عن العقد أمام القاضي اإلداري‪ -‬كبديل عن دعوى القضاء الشامل التي ال يمكنهم ممارستها‬
‫باعتبارهم أجانب عن العقد‪ -‬فإن تطبيقها )أي النظرية( أبان عن محدودية الحماية التي كانت من وراء‬
‫ابتداعها‪.‬‬
‫ذلك أنه حتى بعد الحكم بإلغاء الق ارر اإلداري المنفصل‪ ،‬فإن قاضي العقد )قاضي القضاء الشامل( ال‬
‫يرتب تلقائيا أثر هذا اإللغاء على العقد األصلي الذي يحتفظ له باستقالليته و استمراريته‪.‬‬
‫و لعل هذه المحدودية هي ما دفع القضاء اإلداري خصوصا الفرنسي منه الى استحداث طعن عقدي‬
‫جديد يسمح لالغيار بالمنازعة امام قاضي القضاء الشامل في شرعية عقد الصفقة ذاته‪ ،‬مع ما نتج عن‬
‫هذا احداث من التضييق من مجال تطبيق نظرية القرارات المنفصلة‪.‬‬
‫فماهي اذن األسس و المرتكزات التي قامت عليها نظرية القرارات المنفصلة ؟‬
‫و كيف تم تطبيقها في مجال منازعات الصفقات العمومية ؟ و كيف تطورت ؟‬
‫و للجواب على هذه التساؤالت نقترح ان يتم من خالل تحليل الفكرتين الرىْيسيتين اللتان تقوم‬
‫عليهما نظرية القرارات المنفصلة الصادرة عن محدوديتها ‪.‬‬
‫_ فكرة ضمان حقوق األغيار الذين ال يمكنهم المنازعة في العقد ‪،‬‬
‫_ و فكرة عدم تأثر العقد بإلغاء القرار االداري المنفصل عنه ‪.‬‬
‫و من ثم ‪ ،‬يتمحور التصميم المعتمد حول المبحثين التاليين ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬نظرية القرارات المنفصلة ‪ :‬نظرية قضاىْية تقوم على فكرة ضمان حقوق األغيار‬
‫المتضررين من القرارات الصادرة بحلول عقد الصفقة ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نظرية القرارات المنفصلة ‪ :‬نظرية تقوم على عدم تأثر عقد الصفقة بإلغاء القرار‬
‫المنفصل عنها ‪ ،‬مما أبان عن محدوديتها ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬نظرية القرارات المنفصلة ‪ :‬نظرية قضاىْية تقوم على فكرة ضمان حقوق األغيار‬
‫المتضررين من القرارات الصادرة بحلول عقد الصفقة ‪.‬‬
‫قبل ان نتطرق لتمييز القرارات المنفصلة عن القرارات المتصلة بعقد الصفقة ( المطلب الثاني ) ‪ .‬ال‬
‫بد من استحضار العوامل و المرتكزات التي قامت عليها هذه النظرية و أسهمت في نشأتها ( المطلب‬
‫األول ) ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مرتكزات نظرية القرارات المنفصلة ‪:‬‬


‫اذا كانت القرارات المنفصلة تعرف بكونها قرارات قاىْمة باستقالل عن العقد الذي صدرت بمناسبته و‬
‫تنفرد عنه من حيث طبيعتها و من حيث قابليتها النتاج أثار قانونية بإرادة منفردة من اإلدارة ‪ ،‬فالحقيقة‬
‫أن العديد من القرارات اإلدارية المتخذة في إطار العمليات التعاقدية لإلدارة قد ظلت إلى حدود السنوات‬
‫األولى من القرن العشرين في منأى عن رقابة قاضي اإللغاء و ذلك استنادا الى جملة من النظريات و‬
‫المبررات التي يمكن إجمال أهم مخرجاتها في ما يلي ‪:‬‬
‫_ نظرية الكل غير قابل للتجزىْة أو ما يعرف بنظرية اإلدماج ‪ :‬و مفادها أن القرارات اإلدارية‬
‫المذكورة تشكل جزءا ال يتجزأ من عملية إدارية مركبة جوهرها العقد ‪.‬‬
‫و من ثم ‪ ،‬فمنازعات العقود اإلدارية كعقود الصفقات العمومية مثال و بحكم طبيعتها كمنازعة‬
‫شخصية بين طرفين متعاقدين أحدهما من أشخاص القانون العام أو من أشخاص القانون الخاص الذي‬
‫عهد له بتدبير مرفق عمومي ‪ ،‬و يكون سببها في الغالب مخالفة بنود عقد الصفقة أو خطأ أحد‬
‫المتعاقدين‪ ،‬فإنها تدخل من حيث اختصاص القضاء اإلداري في نطاق القضاء الشامل و ذلك سواء تعلق‬
‫األمر بالمنازعة في انعقاد عقد الصفقة أو في صحته أو تنفيذه أو انقضاىْه بما في ذلك الدعاوى المتعلقة‬
‫بإبطاله و فسخه و كذا بالمتطالبات المالية الناشىْة أو المتفرعة عنه ‪ .‬و ذلك بعكس دعوى اإللغاء التي‬
‫تشكل تحصيال و تنزيال لمبدأ المشروعية و تتميز بوصفها خصومة عينية تستهدف القرار اإلدارية ذاته‬
‫محل الطعن و ال تأبه حتى لمصدره إال من باب ضمان حقوقه في الدفاع ‪)1(.‬‬

‫_ نظرية الدعوى الموازية أو الدفاع بوجود الدعوى الموازية ‪ :‬و تقوم على فكرة مفادها أن‬
‫الطعن باإللغاء هو طعن احتياطي ال يكون مقبوال متى كان ممكنا الوصول الى نفس الحق ( أو نفس‬
‫النتيجة ) أمام القضاء الشامل و ذلك بطريقة الطعن العادي أمام القضاء الشامل ‪)2( .‬‬

‫_ نظرية الحقوق المكتسبة ‪ :‬و تجعل جميع القرارات المتداخلة أو المساهمة في تكوين العقد ال تقيل‬
‫الطعن باإللغاء بعد اإلبرام ‪ ،‬ألن العملية التعاقدية تكون قد تولد عنها حقوق مكتسية للمتعاقد مع اإلدارة ‪.‬‬
‫و يتقاطع مع هذا االعتبار إعمال مبدأ نسبية العقود الذي يقضي بعدم جواز المساس بالعقد ضمانا‬
‫لحقوق المتعاقد حسن النية‪)3( .‬‬
‫و النتيجة وفق هذه النظريات هي أن المتعاقد مع اإلدارة إذا كان بإمكانه المنازعة أمام قاضي العقد‬
‫(قاضي القضاء الشامل ) في القرارات المتخذة بحلول العقد ‪ ،‬فإن األغيار ( غير المتعاقدين مع اإلدارة‬
‫بمن فيهم المتنافسين المقصيين من المشاركة في مسطرة اإلبرام ) يحرمون من المنازعة في هذه‬
‫القرارات على الرغم من عدم مشروعيتها أحيانا و على الرغم مما قد يترتب عنها من مساس بمراكزهم‬
‫القانونية جراء عدم المشروعية هاته‪.‬‬
‫هوالء األغيار تتم مواجهتهم أمام قاضي العقد أساسا بمبدأ نسبية العقود الذي ال يجيز لغير‬
‫و ذلك ألن ْ‬
‫المتعاقدين المنازعة في العقد ‪ ،‬كما تتم مجابهتهم أمام قاضي اإللغاء بنظرية اإلدماج أو وحدة العملية‬
‫التعاقدية و ما ترتب عنها من عدم جواز الطعن باإللغاء في أي من القرارات المرتبطة بهذه العملية (أي‬
‫يالعملية التعاقدية )‪)4( .‬‬

‫و لتالفي هذه النقاىْص ابتدع القضاء اإلداري الفرنسي نظرية القرارات اإلدارية المنفصلة او‬
‫القابلة لالنفصال ‪ :‬و التي فتحت الباب أمام األغيار ( و كذا أمام المتعاقدين مع اإلدارة في الحاالت التي‬
‫سنأتي على ذكرها الحقا ) للطعن باإللغاء في القرارات اإلدارية التي تتخدها اإلدارة بصفة منفردة متى‬
‫كانت منفصلة عن العقد أو كان ممكنا فصلها عنه ‪ ،‬مع اإلبقاء بطبيعة الحال على االختصاص األصيل‬
‫لقاضي العقد في النظر في القرارات المتصلة بهذا العقد ‪ ،‬أي للقضاء الشامل باعتبار الصفقات العمومية‬
‫عقودا إدارية ‪.‬‬
‫و على هذا األساس ‪ ،‬فقد تبلورة فكرة القرار اإلداري المنفصل على يد قضاة مجلس الدولة‬
‫الفرنسي يمناسبة قبولهم الطعن باإللغاء الذي تقدم به عضو المجلس العام إلقليم " لواريشير " السيد "‬
‫مارتان " ضد القرارات التي اتخدها هذا المجلس بالموافقة على منح إحدى الشركات عقود امتياز‬
‫استغالل خطوط " الطرامواي " ‪ .‬ذلك أن السيد " مارتان " كان قد التمس إلغاء المقررات التي تداول‬
‫بشأنها المجلس المذكور باعتبارها مهدت إلبرام العقود المذكورة دون أن تتوافر لها شروط التداول‬
‫الصحيح وفقا للضمانات المقررة في القانون و هي الضمانات التي تفرض على ممثل السلطة‪ ،‬الذي دعا‬
‫المجلس للتداول توزيع مطبوعة على األعضاء قبل ثمانية أيام التي تسبق هذه الدعوة و هو اإلخالل الذي‬
‫ترتب عنه بحسب السيد " مارتان " حرمانه كعضو بهذا المجلس من ممارسة عضويته الكاملة من خالل‬
‫اإللمام المسبق و الكافي بمالبسات العمليات التعاقدية موضوع التداول‪.‬‬
‫و على الرغم من أن اإلدارة دفعت في هذه القضية بعدم جواز الطعن باإللغاء ضد القرارات‬
‫المذكورة بأعتبارها أسهمت في إبرام العقد و بالتالي شكلت جزءا ال يتجزأ من هذا العقد الذي ينعقد‬
‫اختصاص البت في المنازعة بشأنه للقضاء الشامل‪ ،‬تماشيا مع النظريات أعاله الساىْدة أنذاك‪ ،‬فقد قبل‬
‫مجلس الدولة الفرنسي الطعن باإللغاء من الناحية الشكلية مكرسا بذلك مبدأ جواز الطعن باإللغاء ضد‬
‫القرارات المنفصلة ( أو القابلة لالنفصال ) عن العقد ‪ ،‬و مسترشدا في ذلك بخالصات مفوض الحكومة‬
‫"روميو" الذي دعا في تقريره الى فتح باب الطعن باإللغاء أمام غير المتعاقد مع اإلدارة ضد القرارات‬
‫التي تتخدها بحلول إبرام عقودها‪ ،‬إال أن مجلس الدولة توسع فيما بعد و قبل الطعن المذكور حتى بالنسبة‬
‫للمتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬بل و حتى بعد إبرام العقد و سريان تنفيذه كما سنأتي على بيان ذلك الحقا ‪)5(.‬‬
‫وهكذا استثنى مجلس الدولة الفرنسي من مجال المنازعة العقدية القرارات المنفصلة عن هذا العقد‬
‫باعتبارها يمكن أن تكون محال للطعن باإللغاء للشطط في استعمال السلطة أمام قضاء المشروعية‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء‪.‬‬
‫وقد تبنى ذات التوجه القضاء اإلداري المسترشد بنظيره الفرنسي كما هو الشأن على سبيل المثال‬
‫في القضاء اإلداري المغربي‪.‬‬
‫ولعل من أواىْل القرارات التي تبنى فيها القضاء اإلداري المغربي نظرية القرارات المنفصلة‪ ،‬القرار‬
‫الصادر عن الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) تحت عدد ‪ 56‬وتاريخ ‪2-3-1964‬‬
‫الشوون اإلسالمية إلى فتح مزايدة من‬
‫الذي قضى بقبول الطعن باإللغاء ضد قرار لجوء وزير األوقاف و ْ‬
‫أجل كراء ملك حبسي‪.‬‬
‫وجاء في إحدى حيثيات هذا القرار مايلي‪:‬‬
‫‪ .‬لكن حيث ينص التشريع الخاص بكراء األمالك الحبسية على شرط أن يكون أهال للمشاركة في‬
‫المزايدات والمناقصات بصفة عامة (‪ )...‬وأن اإلدارة ال تنازع في أهلية الطاعن من الناحية‪ .‬مما يجعله‬
‫ذو مصلحة في إقامة دعوى اإللغاء ضد مقرر رفض اإلدارة بموجبة ضمنيا الى اللجوء الى طريقة‬
‫المزايدة‪.‬‬
‫وهذا الموقف تواترت عليه الغرفة اإلدارية في العديد من قراراتها نذكر منها القرار الصادر بتاريخ‬
‫‪ 03‬يوليوز ‪ 1968‬والقرار عدد ‪ 864‬وتاريخ ‪ 11‬مارس ‪ 1999‬بخصوص قبول الطعن في قرار إرجاء‬
‫مناقصة بقد كراء محالت لالصطياف تابعة للجماعة وكذا قرار عدد ‪ 51‬وتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ 2000‬في‬
‫ملف عدد ‪ 1996-1-5-82‬بشأن قرار إيقاف حق امتياز استغالل مرفق النقل‪.‬‬
‫وقد صار على نفس النهج قضاة الموضوع في العديد من األحكام والقرارات منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪-‬الحكم عدد ‪ 1059‬وتاريخ ‪ 10/2004 25/‬الذي قضت بموجبه المحكمة اإلدارية بالرباط‬
‫بإلغاء قرار إقصاء الشركة الطاعنة من المشاركة في مناقصة عمومية؛‬
‫‪ -‬والقرار عدد ‪ 272‬وتاريخ ‪ 25/01/2012‬في الملف عدد ‪ 10/8 57/‬بشأن عدم قبول‬
‫‪.‬الطعن في قرار الفسخ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬معايير التفرقة بين القرار المتصل و القرار المنفصل عن عقد الصفقة العمومية ‪:‬‬
‫من خالل ما أفرزته تطبيقات نظرية القرار المنفصل امام القضاء اإلداري‪ ،‬يمكن الوقوف على‬
‫معيارين‪ ،‬معيار زمني يعتمد تاريخ ابرام الصفقة (أوال) ومعيار موضوعي يعتمد فكرة و موضوع‬
‫المخاصمة(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المعيار الزمني‬
‫وهو المعيار الذي أرساه قرار "مارتان" الشهير‪ .‬ويقضي بالتمييز بين القرار المنفصل والقرار‬
‫المتصل بعقد الصفقة بحسب التسلسل الزمني لصدور كل منهما بالمقارنة مع تاريخ نشوء العالقة‬
‫التعاقدية‪ .‬أي أنه معيار يقوم على أساس التمييز بين القرارات الصادرة خالل المراحل السابقة على‬
‫التعاقد و قبل إبرام العقد و بين القرارات الصادرة عن جهة اإلدارة بعد هذه العملية تنفيذا للعقد‪.‬‬
‫ومعلوم أن عقد الصفقة يكون ناشئا بمجرد التوقيع عليه من لدن صاحب المشروع وصاحب الصفقة‪،‬‬
‫إال أنه ال يكون نافذا إال بعد المصادقة عليه من قبل صاحب المشروع‪.‬‬
‫وهكذا درج القضاء اإلداري على اعتبار جميع القرارات التي ساهمت في تكوين العقد ونشوئه‪ ،‬سواء‬
‫مهدت إلبرامه أو اقترنت بهذا اإلبرام قرارات منفصلة تبقى قابلة للطعن باإللغاء استقاالال عن عقد‬
‫الصفقة متى استجمعت أركان القرار اإلداري النهائي و النافذ و توفرت للطاعن في مواجهتها شروط‬
‫القبول المعهودة و من بينها المصلحة و بالتبعية الصفة‪)6(.‬‬
‫وتكون بالمقابل‪ ،‬جميع القرارت الصادرة بعد انعقاد العقد‪ ،‬أي بعد مرحلتي اإلبرام والمصادقة‪،‬‬
‫قرارات متصلة بالغقد مما ال يصح مناقشة مشروعيتها اال أمام قاضي العقد‪.‬‬
‫ويمكن من خالل استقراء شكليات وطرق و مساطر اإلبرام التي أرساها نظام الصفقات العمومية‬
‫بموجب مرسوم ‪ 08‬مارس ‪ 2023‬بأن جميع القرارات التي تصدرها السلطة اإلدارية أثناء مراحل‬
‫تحضير واإلعداد للصفقة مرورا بتوقيع العقد واإلنتهاء بالمصادقة عليه‪ ،‬تخضع ألحكام قضاء اإللغاء‪.‬‬
‫ومن ذلك بصفة خاصة القرارت اإليجابية والسلبية المرتبطة بالمواضيع التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اإلشهار اإلعالن عن الصفقة؛‬
‫‪ -‬نظام االستشارة؛‬
‫‪ -‬تأليف لجنة طلب العروض؛‬
‫‪ -‬إعالم المتنافسين؛‬
‫‪ -‬تبرير اإلقصاءات؛‬
‫‪ -‬إسناد الصفقة؛‬
‫‪ -‬إبرام الصفقة؛‬
‫‪ -‬المصادقة على الصفقة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمرحلة ما بعد العقد والتي تهم تنفيذ العقد وإنهائه‪ ،‬فيمكن تحديد اهم القرارت‬
‫المتصلة الصادرة خالل هذه المرحلة اعتمادا على المعيار الزمني فب الموضيع التالية‪:‬‬
‫‪ -‬األمر بالشروع في الخدمة؛‬
‫‪ -‬تعديل بنود الصفقة و مايرتبط بها من مقرارت بالزيادة أو االنتقاص من حجم األشغال‬
‫أو األمر بأشغال إضافية أو تغيير مصدر المواد أو توقيف األشغال أو وقففها؛‬
‫‪ -‬أداء مقابل األعمال؛‬
‫‪ -‬إجراءات التسلم والتسليم؛‬
‫‪ -‬االحتفاظ بالضمانات؛‬
‫‪ -‬اإلجراءات القسرية المتخذة نتيجة إخالل المتعاقد مع اإلدارة بالتزاماته التعاقدية‪ ،‬بما‬
‫في ذلك قرار الفسخ‪.‬‬
‫ولما كانت طبيعة العقود اإلدارية و خصوصيتها تقتضي من اإلدارة اتخاذ بعض القرارت‬
‫بوصفها سلطة عامة دون أن تستند في ذلك على بنود العقد‪ ،‬فإن المعيار الزمني المرسخ بموجب‬
‫قرار "مارتان" سرعان ما كشف عن محدوديته في التفرقة بين القرار المتصل و القرار‬
‫المنفصل مادم إعتماده ال يفضي مبدئيا سوى للتمييز القرارات المنفصة الصادرة خالل المرحلة‬
‫التمهيدية للعقد و المتزامنة مع اإلبرام عن القرارت المتصلة الصادرة بعد ذلك‪.‬‬
‫لذا اهتدى القضاء اإلداري الى االستناد في التمييز المطلوب على أساس موضوعي أكثر‬
‫دقة‪ ،‬وهو ما سيتم التطرق إليه من خالل‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعيار الموضوعي‪:‬‬

You might also like