Professional Documents
Culture Documents
اقتصاد محلي
اقتصاد محلي
اقتصاد محلي
-2تدبير الندرة
1
-4-2قطاعات البنك والمالية والبورصة
-1-3الفاعلون الحكوميون
-التعاونيات
-الجمعيات
-التعاضديات
خاتمة
2
تـــقــديـــــــــم
ظلت الجغرافية االقتصادية منذ القديم وسيلة أساسية تساعد الفاعلين على اتخاد
القرار في مختلف مجاالت الحياة االقتصادية واالجتماعية ،إال أنها كانت عبارة عن
معلومات وصفية ومعطيات إحصائية تستخدم من طرف الدول في الجوانب العسكرية
وفي تدبير الشؤون االقتصادية ،أما حاليا فقد أصبحت تحتل مكانة مرموقة لدى مدبري
السياسة لمختلف البلدان ،وذلك لعدة أسباب نذكر من بينها :أوال :ألن االقتصاد أصبح
يلعب دورا مركزيا في حياتنا اليومية ،وفي إضفاء الطابع االتحادي لإلنسان وفي بناء
ثقافته وفي تمثل للعالم وعالقته معه ،والهدف من هذه المقاربة الجديدة هو إدماج أبعاد
اجتماعية وثقافية في الجغرافية االقتصادية والتي أصبحت أكثر من أي وقت مضى في
قلب المعرفة وتساير مستجدات العصر.
ثانيا :سجلت انطالقة جديدة للكوكب ،إذ حدثت تحوالت جغرافية عظمى مرتبطة
بالتغيرات االقتصادية ،وظهر نموذج جديد للتعاون مثل االتحاد األوربي ،إذ برزت
ظاهرة جديدة أال وهي ضرورة االتحاد فيما بين الدول لتسير اإلمكانيات المتاحة على
وجه األرض بشكل أفضل ،فالشراكة يمكن أن تحل مشاكل خطيرة :الفقر المادي
والمعنوي ،كوارث السير ،تدهور إطار الحياة بفعل اإلسراف في استغالل الموارد،
أخطار التغيرات المناخية ومواجهة الندرة.
ومع مطلع القرن الحالي أصبحت مجتمعات واقتصاديات القرن الواحد والعشرين
تعرف تحوالت نوعية كبرى على المستوى المؤسساتي واالجتماعي واالقتصادي
والثقافي والبيئي ،وتتطور هذه التحوالت في ظل نماذج للتنمية التي تشهد تفككا
متسارعا ،إذ لم تعد قادرة على تحقيق التوازنات الكبرى على عدة أصعدة ،لذا يتجه
التفكير اآلن نحو وضع نماذج جديدة للنمو وأشكال بديلة من التنمية ،ومرد ذلك إلى قناعة
راسخة مفادها أن نماذج النمو والتنمية السائدة حاليا في العالم ،لم تعد قادرة على العطاء
والتجدد ،ويتجلى ذلك بصفة خاصة على مستوى االنسجام بين مختلف مكونات النظام
االقتصادي وعجزه عن االستجابة لمتطلبات االندماج االجتماعي ،واستمرار االختالالت
التي مازالت تقيد نمط حكامته.
3
ويبدو هذا االختالل أوال :على مستوى التوازن الداخلي للنظام االقتصادي حيث
تشهد احتدام تناقض ثالثي يتجلى في ثالثة ظواهر مترابطة المضاربة المالية ضد
اإلنتاج ،السوق ضد الدولة ،والفرد ضد الجماعة.
هكذا فعلى صعيد االندماج االجتماعي فإن النظام الحالي يؤدي إلى تفاقم ظاهرة
االقصاء على مستوى الشغل وعلى تطوير أجيال جديدة من الفقر والفقراء ،ذلك ألن
الثورة الصناعية الجديدة تؤدي تدريجيا إلى بروز وتطور أشكال جديدة لتنظيم األنشطة
االقتصادية تركز أكثر على التكنولوجية عوض اليد العاملة ،مما ينبئ بانتهاء عصر
التشغيل الكامل بالتزامن مع ظهور أشكال جديدة لتعبئة العمل.
وقد أصبح لزاما طرح مسألة الشغل في مجتمعاتنا من منظور جديد وإعداد شبابنا
على تقبل هذا الواقع ،واالستعداد للمستقبل الصعب الذي ينتظر مجتمعاتنا ،وهو مستقبل
ستتراجع فيه قدرة النموذج االقتصادي الحالي على التوفيق بين النمو والتشغيل التام
لمجموع الساكنة النشيطة التي تلج سنويا األسواق الوطنية للشغل .1
ويرتبط المستوى الثاني من اإلختالل باستفحال األزمة حاليا في العالم على صعيد
أربع جوانب من المسألة االجتماعية:
-1ادريس الكراوي ،2018 ،التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب ،الدار البيضاء،ص8 :
4
لظاهرة البطالة ،وكذلك الدور الذي تلعبه القرابة في اإلنعاش الذاتي للتشغيل (السلف-
الهبآت) ؛
-االختالالت المالية الدورية على المستوى الدولي ،وما ينتج عنها من توسيع
لدائرة الفقر وتعميق التفاوتات االجتماعية ،واضطراب وضعية الطبقات الوسطى يقابله
إغراق الطبقات الميسورة في االستهالك المفرط.
ويتمثل االختالل الثالث في حكامة المجتمع واالقتصاد والذي يتميز بعدم تمكنه من
الحد من ظواهر الريع واالمتيازات والرشوة والمضاربات ،وهي ممارسات تعوق من
األساس قواعد المنافسة النزيهة ،ومبدأ تكافؤ الفرص بين المقاوالت وبين المواطنين ،مما
يؤدي إلى سيادة سلطة المال وانعدام الثقة في المؤسسات ،وبروز أشكال غير مسبوقة من
العنف االجتماعي واالحتجاجات والتمرد والتي تصل إلى حد الثورة ،كما حدث في العديد
من بقاع العالم في أواخر العشرية األولى من القرن الحالي.
ولمعالجة هذه المعضلة ،وأمام االستحالة الموضوعية لالستخدام التام لكل الموارد
البشرية المتواجدة داخل أسواق الشغل الوطنية في ظل انعدام ميكانيزمات عمومية
للتضامن االجتماعي ،بدأت دوليا تفرز طلبا متزايدا على االقتصاد االجتماعي الذي
أصبح يكتسي راهينة من خالل الوظائف المفترض أن تقوم بها منظمات االقتصاد
5
االجتماعي والتضامن في مواجهة الفقر واالقتصاد االجتماعي والمجالي وتثمين الموارد
المحلية وتعزيز التنمية الترابية وفي تناوله للقضايا االجتماعية والمجالية والبيئية عن
قرب.
ومن هذا المنطلق ،في هذا المقرر ،سنسلط الضوء في الفصل األول على تحوالت
وتحديات اقتصاديات القرن الواحد والعشرين ،وسنوضح انعكاسات أثارها على النظام
الحالي لالقتصاد العالمي ،كما سنقف على أوضاع االقتصاد الوطني في ظل هذا القرن
وكذلك على األوراش الكبرى للتحديث االقتصادي؛ وفي الفصل الثاني سنقف على
تعاريف ومقاربات التنمية واالقتصاد المحلي ،كما سنقوم بالتعريف بالقطاع االقتصادي
واالجتماعي والتضامني ،وسنحاول إظهار موقعه في اإلستراتيجية الوطنية لتنمية التراب
الوطني ،وكذلك سنوضح خصائصه ومكوناته وإكراهاته القطاعية المتعددة وكذا الفاعلين
في مجال هذا القطاع.
6
الفصل األول
تطلبت التحوالت التي عرفتها اقتصاديات القرن الواحد والعشرين تنسيقا إقليميا
ودوليا متباينا بين السياسات االقتصادية وحكامة اقتصادية ومالية لها بعد عالمي حقيقي،
وفرضت على كل دولة أن تستحدث سياسات عمومية مستفيدة من الخبرة الوطنية
واإلقليمية ومن الذكاء االقتصادي 3واليقظة اإلستراتيجية 4والتدبير التشاركي كي تتمكن
من رفع خمس تحديات:
ينخرط النظام االقتصادي العالمي بوثيرة متسارعة في عصر تحكمه تعقد المسالة
السرعة المذهلة التي تتقادم بها المعارف والمهارات في: االقتصادية وتتجلى أساسا
والمؤهالت والمهن والتكنولوجيات ،مما يجعل األنظمة اإلنتاجية الوطنية في مختلف بقاع
العالم تعيش ع لى إيقاع بحث متواصل عن الجديد ،أضف إلى ذلك التكاثر المتنامي من
المعلومات االقتصادية والمالية والعلمية والتكنولوجية ،وخاصة بفعل تطور الوسائل
3
-الذكاء االقتصادي نقصد به حالة ذهنية جديدة تعمل على إدماج وإحداث نماذج تنظيمية ووسائل جديدة لمعالجة المعلومات
بهدف تغير نمط التفكير والتصرف ،بمعنى إحداث اإلبداع بمختلف أنواعه.
-4
اليقظة و تعني في تعرفيها البسيط التقاط او مزاولة االستماع واالنتباه غلى ما يجري في العالم الصناعي والمتقدم في جميع الميادين.
7
الجديدة للتواصل واإلعالم والتي تزداد تعقيدا ويصعب التحكم فيها ؛ ومن نتائج ذلك
انتهاء عصرالحقوق المكتسبة والمضمونة والتغير المتواصل لمحددات التنافسية التي
تشهد على األمد البعيد تراجعا واضحا في بعض المهن والمجاالت ،وبالتالي تضطر
الدول والمقاوالت والمجاالت الترابية إلى البحث عن كسب رهان التنافسية دون القدرة
على التخطيط على المدى المتوسط أو البعيد مع ما يرتبط بتلك من تعقد المعطى
االقتصادي على مستوى التنظيم والتدبير.
وتتفاقم حدة الظاهرة بفعل التداخل والترابط المتزايد بين كل مكونات النظام
االقتصادي العالمي وتطور اإلنتاج عن طريق الشبكات في ظل نظام عالمي يزداد
باستمرار انفتاحا وعولمة وشملنة.
أمام هذه الوضعية ،تجد الدول والمقاوالت والمجاالت الترابية نفسها أمام تحد
كبير ،يتمثل في اعتماد استراتيجيات ابتكار وبحث علمي متواصل وتجديد دائم لكفاءاتها
وانخراط في يقظة استراتيجية وتكنولوجية دائمة لمواكبة هذا الواقع الجديد من النشاط
اإلنتاجي والمبادالت.
-2تدبيــر النـــــــدرة
-3-2ندرة الموارد البشرية التي تتميز بالجودة والكفاءة واإلبداعية؛ وهي من
دون شك أكثرها خطرا ،حتى تتمكن من مواجهة التحديات االقتصادية لهذا القرن ،ومرد
هذه الندرة المتفاوتة حسب البلدان إلى األزمة العميقة لمنظومة التربية والتعليم وضعف
األنظمة الوطنية للبحث العلمي والتكنولوجي واالبتكار ،مما يجعل من الصعوبة بمكان
تكوين النخب اإلدارية والسياسية والعلمية التي تمثل الفاعل األساسي على مستوى إنتاج
الذكاء الجماعي وتوفير الخبرة الوطنية ذات الكفاءة العالمية التي ال تخفى انعكاساتها
على خلق ثروات االمم ،ومن الطبيعي أن تؤدي هذه األنواع من الندرة إلى إضعاف
الدول والحد من قدرات اقتصادياتها وخلق مناخ حقيقي من انعدام األمن واالستقرار.
9
وينتج عن هذه المخاطر المحتملة التنافس المحموم على التحكم فيها تبقى من
الموارد الطبيعية والتحكم في الفضاء وعلوم األحياء البشرية والحيوانية والنباتية.
وإذا لم يبادر المجتمع الدولي إلى تقديم جواب جماعي مبني على التنسيق
والتشاور فإن هذه الحروب الجديدة ستمثل خطرا يتهدد السلم واألمن العالميين والتقدم
5
االقتصادي والتنمية البشرية المستدامة والعيش المشترك داخل المجتمعات وفيما بينها.
الشك أن األمم راكمت منذ الحرب العالمية الثانية ثروات هائلة ،غير أن
االستفادة بالتساوي من هذه الخيرات داخل البلد الواحد أو بين البلدان لم يتم قط بمثل
الحدة.
واألكثر من ذلك فإن نفس المعطيات تكشف أن ثروة %58أكثر غنى في العالم
تساوي الثروة الموزعة على 3.5مليون نسمة األكثر فقرا ،والمالحظ في نفس السياق
أن التفاوت في المداخيل بين البلدان النامية ازداد بنسبة %11في الفترة ما بين 1990
6
و .2010
7
وحسب مصادر أخرى أوردتها منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
5
-كراوي ادريس، 2018 ،مرجع سابق.
6
-المرجع نفسه
7
-منظمة دولية للدراسات االقتصادية تنخرط فيها أغلب الدول المتقدمة تهدف إلى التنمية االقتصادية وإلى إنعاش التبادالت ،تضم 34عضو.
10
فإن نسبة %1من ساكنة العالم تمتلك %48من الثروات ، 8وال تنحصر
التفاوتات في البلدان النامية والصاعدة بل تهم أيضا الدول المتقدمة إذ يعد دخل %10
من الساكنة األكثر غنى داخل البلدان المنتمية لمنظمة التعاون والتنمية االقتصادية أكثر
تسع مرات ونصف من دخل %10األكثر فقرا.9
ومما يزيد في حدة هذه الظواهر االجتماعية عجز األنظمة اإلنتاجية في مختلف
بقاع العالم عن تحقيق النمو وتوفير فرص الشغل لكل الساكنة النشيطة التي تلج
أسواق الشغل الوطنية.
بناء عليه ،م ن الطبيعي أن يسود مناخ عدم االستقرار في مختلف البلدان وينتشر
الشعور باإلحباط والحرمان وانعدام الكرامة لدى فئات عديدة وعريضة من المجتمع
وخاصة لدى الشباب والنساء مما يدفعهم إلى االحتجاج والتمرد بل وأحيانا إلى تفشي
العنف واإلرهاب وثقافة الموت.
8
-مجلة قضايا اقتصادية العدد 3005فبراير 2015ص 6في كراوي ادريس، 2018 ،مرجع سابق.
9
-المرجع نفسه ص. 5 :
11
والحتواء هذه الظاهرة يتوجب إدراج توزيع الثروة بشكل عادل وتعميم أرضية
الحماية االجتماعية الجديدة ضمن األولويات الجديدة للمجتمع الدولي.
تتزامن عولمة المقاوالت اليوم باالهتمام المتزايد بالمجاالت الترابية وبتدبير يعتمد
مبدأ القرب ،ذلك أن ترحيل الشبكات المقاوالتية الكبرى عبر وطنية وإنشاء شركات
جديدة أصبح رهينا أساسا بتوفر بعض الشروط التي تجعل المجاالت الترابية قادرة على
جذب الشركات الوطنية والدولية .هكذا أصبحنا نشهد إلى جانب التنافس بين المقاوالت
تنافسا بين المجاالت الترابية ومن خالل ذلك التنافس بين المدن والجهات ،فمن جهة
أصبحت المجاالت الترابية أهم فاعل على مستوى خلق المقاوالت ،ومن جهة ثانية فإن
محددات التنافسية تغيرت تماما ،فلم يعد التنافس منصبا على األسعار وجودة السلع،
ولكنه يتجه اليوم إلى إبراز قدرة المجاالت الترابية على توفير مبدأ القرب وذلك عبر
خلق شبكة واسعة للنقل واالتصال ومناخ أعمال مؤسساتي ومالئم ،وخاصة من حيث
احترام القانون والعدالة وتوفير شروط التنافس الشريف والتجهيزات الضريبية ،ومرونة
المساطر اإلدارية وأنظمة التكوين واإلعالم و تشجيع المقاوالت على االبتكار.
وفي ظل هذه الظرفية ،أصبح العامل الجيو اقتصادي ذا دور حاسم في
وترحيلها وتطويرها على أساس شراكات متعددة استراتيجيات إنشاء المقاوالت
األطراف ،كما أن الذكاء االقتصادي المجالي أصبح عامال أساسيا في الرفع من تنافسية
األمم والمقاوالت ،ثم إن الذكاء االقتصادي المجالي أصبح عامال أساسيا في رفع تنافسية
المقاوالت واألمم (المعرفة والذكاء والكفاءات ،الخبرات واالبتكار والمعلومات
واالتصال).
وتدل كل المؤشرات على أن هذا التوجه سيتعزز في العشر سنوات المقبلة حيث
سنشهد بروز ظاهرتين متالزمتين :من جهة سيعيش أكثر من %60من الساكنة
العالمية في المدن في أفق ، 2030ومن جهة أخرى ستظهر مدن من نوع جديد بأكبر
12
حجم ستزداد صعوبة تدبير شؤونها تتعدى عدد ساكنتها 20مليون نسمة مما جعل
البعض يطلق عليها المدن العالمية.
وستؤدي مدى المستقبل إلى ظهور حاجيات جديدة في مجال خلق الثروات
وإنعاش فرص الشغل والتربية والتعليم والصحة والسكن والنقل وتدبير الماء والطاقة
والثقافة والترفيه وحماية األنظمة الحضرية وتوفير األمن الشامل وخاصة األمن الغذائي
والصحي والقدرة على مواجهة أشكال العنف والجريمة الجديدة التي تنشأ خاصة في
الوسط الحضري ذي الكثافة السكانية العالية.
ووفقا لذلك فإن المجاالت الترابية مدعوة إلى االستعداد إلى التحضير للتحول
المستقبلي الكبير الذي ستشهده مقاوالت القرن .21
في إطار التحديث االقتصادي يرى الفاعلون في هذا المجال أنه من الضروري
ترسيخ االنتقال التدريجي من منطق اقتصاد يقوم على الريع والمضاربات تجني تماره
فئات اجتماعية تستغل قربها من السلطة السياسية المركزية لمراكمة الثروات ،وتتفشي
في أوساطها المحسوبية والزبونية ونظام االمتيازات إلى منطق يخضع أكثر فأكثر إلى
13
التنافس الشريف واالستحقاق وتساوي الفرص واالبتكار والمغامرة الحقيقية
والمسؤولية االجتماعية والبيئية والسلوك االقتصادي واحترام القوانين.
وهناك سببان جعال هذا المنطق يشق طريقة رغم وجود العديد من العقبات
الهيكلية المورثة عن الماضي ،ويتجلى األول :
+في عجز الدولة المركزية كفاعل وحيد عن إنتاج الثروات وعن مراقبة كل ما
يتصل بحياة المواطنين وضبطه وتنظيمه ،وذلك في ظرفية وطنية تتميز بندرة متزايدة
للموارد وضغط متنام للحاجيات في مختلف المجاالت االستراتيجية للحياة االقتصادية
واالجتماعية للمواطنين (الشغل والتربية التحديث والتعليم والصحة والسكن والشغل).
وتفتح هذه العوامل مجتمعة الطريق واسعا أمام كل الفاعلين الوطنين والدوليين
الراغبين في المغامرة واالبتكار وخلق الثروات شريطة توفرهم على الكفاءة والخبرة .
14
هامش يتسع بصفة متنامية للمبادرة والمشاركة في سلطة اتخاذ القرار على صعيد
االقتصاد الوطني.
ومن الطبيعي أن تؤدي هذه الظاهرة غير المسبوقة في التاريخ الحديث للمغرب
إلى بروز وتطور نخبة اقتصادية جديدة تساير في تطلعاتها المشروع الوطني للتحديث
االقتصادي والذي ينتظم حول محاور أساسية مرتبطة بتسعة أوراش اقتصادية.
-1-2المهن العالمية الجديدة التي تندرج في إطار الميثاق الذي اختير له اسم
الميثاق الوطني لإلقالع االقتصادي الذي تسارعت وثيرة إنجازه سنة ،2014
ويضم قطاعات ترحيل الخدمات وصناعة السيارات والطائرات وااللكترونيات
والنسيج والجلد والفالحة الغذائية ويسعى المغرب من خالل هذه المهن
والقطاعات إلى التحول إلى منصة إقليمية ودولية متميزة بجودتها العالية ليس
فيس إفريقيا فقط ولكن مقارنة بباقي العالم.
-2-2القطاعات الوازنة التي يحضى فيها المغرب منذ عقود طويلة بمجموعة من
ميزات المقارنة وخاصة الفالحة والصيد البحري والصناعة التقليدية والسياحة
والصناعات المرتبطة بتحويل الفوسفاط ويعتمد بلدنا في تطوير هذه القطاعات على
مخططات واضحة ويتعلق األمر بمخطط المغرب األخضر في القطاع الفالحي ،ومخطط
هاليبوتيس للصيد البحري ،ورؤية 2020للسياحة ،ومخطط الصناعة التقليدية،
والسياسة الجديدة لتثمين الفوسفاط.
-3-2القطاعات االستراتيجية ذات الصلة بالتحديات التي يتعين على المغرب أن
يواجهها في المستقبل القريب ويتعلق األمر بقطاعات الطاقة والماء وتكنولوجيات
األحياء المرتبطة بالمحافظة على الثروات الحيوانية والنباتية الوطنية وحمايتها وقطاع
الصحة واألدوية والتكنولوجيا الجديدة لألعالم واالتصال والبيئة بمختلف مكوناتها
ك تطهير السائل ومعالجة النفايات الصلبة والسائلة ومحاربة التصحر واجتثاث الغايات
15
والحماية ضد األخطار والكوارث الطبيعية وتدبيرها ،وتجدر اإلشارة إلى انه ثم تبني
ثالثة مخططات وازنة وهي مخطط الطاقة الشمسية ،ميثاق البيئة والتنمية المستدامة،
واإلستراتيجية الوطنية لمجتمع اإلعالم واالقتصاد الرقمي.
16
االقتصاد التضامني ورهان التنمية المحلية الفصل الثاني :
في ظل العولمة واالنجراف في تيار العصرنة والتي أدت إلى تجانس وتناسب األذواق
والرغبات على الصعيد العالمي ومحو الخصوصيات المحلية ،برز لدى شعوب عديدة
إحساس نحو السعي إلى التمسك بكل ما هو محلي وتقوية الهوية وتثمين التراب
واالستثمارفيه للتكيف مع الظروف الجديدة للعولمة .وفي هذا الشأن أعطيت األهمية
للتنمية المحلية والموارد الترابية ؛ وفي هذا السياق نهج المغرب مقاربة جديدة تنطلق من
الخصوصيات المحلية ،وذلك عبر إيالء االهتمام لالقتصاد المحلي للحد من االختالالت
والتهميش الذي طال المجاالت الحساسة ومواجهة إشكالية تشغيل الشباب ،وفي هذا
االطار سنسلط الضوء على هذا النوع من االقتصاد ودوافع نهجه ،وسنركز على
االقتصاد االجتماعي والتضامني باعتبار بعده االجتماعي فهو قادر على رفع التحديات
المرتبطة بوضعية البطالة والتفاوتات االجتماعية والترابية.
17
بل يمكن التأثير عليه سلبا وإيجابا ،فتكييف المجال وتهيئته تعد من أولى اهتمامات
المجتمعات اإلنسانية ،إذ أن جميع األنشطة تترك بصماتها في المجال فتهيكله.10
-3التنمية المستدامة
-10حسيني عبد هللا ،1998 ،الجغرافية اإلقتصادية :استراتيجيات اإلنتاج والتداول ،مطبعة انفو برانت ،فاس.
11
)- RAFFESTIN C, 1986, Eco genèse territoriale et territorialité, in Auriac F. et Brunet R (eds
Espace, jeux et enjeux, Paris, P : 173-185.
12
-George. P et VERGER F,2009, Dictionnaire de la géographie, Paris, Presse Universitaire de
France.
18
وهي تنمية تسعى لتلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة األجيال المقبلة على
احتياجاتها الخاصة ،وتهدف االستدامة المحافظة على الموارد الطبيعية ،وقد عرف هذا
المفهوم صدى كبيرا على إثر تقرير اللجنة العالمية حول البيئة والتنمية ،انطالقا من هذا
التعريف أصبحت البيئة إلى جانب االقتصاد والمجال االجتماعي تشكل مكونات
إلشكاليات التنمية المستدامة ،مما يفسرأن التنمية المستدامة تدمج 3أهداف :الفعالية
-الفعالية االقتصادية :تهدف ربح الرأسمال المالي وهو أول هدف في سلوك
المقاولة ( .استهالك أقل من المواد األولية والطاقية بإنتاج منافع وخدمات عبر إعادة
والتوافق بين نشاط المقاولة والحفاظ على المنظومات البيئة ،وتترجم صيانة الرأسمال
الطبيعي؛
- 4التنمية المحلية
التنمية المحلية أو الترابية هي التي تنطلق من القاعدة ،وهي عملية إرادية تهتم
بالرفع من تنافسية التراب ,ويتدخل فيها الفاعلون في إطار عملية تشاركية ,14وهي
13
- Chirolew Assouline,2007 ; Développement durable , Dictionnaire de l’environnement,
Armand colin, Paris, p. 94
14
- BANDELLE G, Guy.C, MERRENE SCHOU MAKER. B, 2011, le développement territorial
en Europe, concepts, enjeux et débats, colle didac géo, PUF, Rennes, p : 246.
19
تستعمل المبادرات المحلية على مستوى الجماعات الصغيرة كمحرك للتنمية االقتصادية,
وبطبيعة الحال بمساعدة مالية وتقنية من الخارج كحفر بئر أو بناء فرعية مدرسة ,أو
بنية تحتية صغيرة ,وتتم بمبادرة الساكنة بمفردها أو بمبادرة تعاونية أو جمعيات القروض
الصغرى بهدف استغالل فالحي أو تجارة أو صناعة تقليدية ,وتتزود من الموارد واألسواق
15
المحلية وتستعمل طرق فعالة.
يتدخل في إنجاز مشاريع التنمية المحلية عدة فاعلين :الدولة ,المنتخبون
المحليون ,منظمات المجتمع المدني القطاع الخاص والماليون ,وتنفد عبر مخططات
كالمخطط الجماعي للتنمية والمخطط الجهوي للتنمية وصناديق التنمية.
ويعتبر الفاعلون المحليون هم منشطي التنمية المحلية ,وهي ليست مرادف للنمو,
بل هي عملية ثقافية ,اقتصادية واجتماعية تهدف إلى الرفع من جودة حياة المجتمع وتبدأ
من المحلي ثم تنتشر فيما بعد على المستوى األعلى ,وتثمن التنمية المحلية موارد التراب
ويلزم أن تكون شمولية ومتعددة األبعاد.
-1-4مبررات نهج التنمية المحلية
تجد التنمية المحلية مبرراتها في الواقع الجديد الذي يميز األنظمة االقتصادية
الوطنية حاليا ،والذي يتميز بثالث ظواهر أساسية:
-تفاقم إشكالية البطالة :كظاهرة ذات أبعاد كمية كبرى وذات استم اررية( حيث
ارتفعت البطالة من 9.2إلى 9.8في المائة فيما بين 2013و ، 2018كما
ارتفعت نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات من 16.3في المائة إلى
17.1في المائة سنة )2018؛
-تزايد الصعوبات المالية :التي تحد من قدرة اإلدارات المركزية على تدبير
مختلف جوانب السياسة االجتماعية.
15
-cyber géo, développement local, Wikipédia, https //Fr Wikipédia/wiki/ développement local.
20
-ظاهرة تقليص القدرة الشغيلة للمقاوالت ذات الحجم الكبير :فحينما كانت هذه
المؤسسات تمثل المشغل الرئيسي كان اإلطار الطبيعي المؤسساتي لبلورة
عالقتها مع محيطها الخارجي يتعدى اإلطار المحلي ,أما حاليا فإن االتجاه
يكمن في انتقال مركز الجذب على مستوى التشغيل إلى المقاوالت الصغرى
والمتوسطة.
وبالتالي فإن المجال المحلي أصبح اإلطار الطبيعي لتنمية هذه المقاوالت
وتطويرها بقدر ما يشكل الحقل األمثل للتجارب االجتماعية وبلورة االستراتيجيات
االقتصادية المرتبطة بخصوصيات مختلف الجهات .ونظ ار ألهمية هذا االتجاه الجديد
والذي أصبح سائدا ,بدأ يطرح بإلحاح خلق مناخ يمكن من إنعاش الجهات االقتصادية
حتى تتمكن من جذب المستثمرين المحليين في إطار الجماعات المحلية.
إن ترجمة هذا التطور يحتم ليس فقط جعل الجماعات المحلية تتوفر على البنيات
األساسية الالزمة لإلنتاج والتبادل ,ولكن كذلك وبصفة خاصة فرز الفاعلين الذين
بإمكانهم خلق ديناميكية محلية والمؤسسات التي تتطلبها هذه الديناميكية ,وضبط توجيه
العالقات التي تربط بين أولئك الفاعلين وهذه المؤسسات ،مع التخطيط على الصعيد
الوطني حتى تترجم التنمية المحلية بانعكاسات إيجابية على المستوى الماكرو اقتصادي ,
16
وذلك انطالقا من الموارد المحلية للجماعات.
هذه المزايا بقدر ما تنبئ باألدوار الجديدة التي ستضطلع بها الجماعات المحلية
غدا بقدر ما تحتم أيضا تعامال جديدا مع قضايا التنمية المحلية.
-2- 4الشروط المتوخاة لبلوغ أهداف التنمية المحلية
يهدف األسلوب الجديد لتحقيق أهداف التنمية اعتماد منهج الحوار في إطار
تعددي وجعل قضايا التنمية من اختصاص كل الفعاليات االقتصادية والسياسية
واالجتماعية والعلمية المحلية؛ غير أن هذا التصور االقتصادي الذي أشرنا إلى بعض
16
-أدريس الكراوي،1996،االقتصاد المغربي ،التحوالت والرهانات ،دار النشر المغربية.
21
مالمحه الرئيسية والمنصب على إعادة توجيه وعقلة األنشطة اإلنتاجية يتطلب ثالث
شروط:
أن تكون الديمقراطية المحلية هي اإلطار المؤسساتي للتنمية المحلية؛
أن تكون الديمقراطية النزيهة والنظيفة الوسيلة والدعامة األساسية التي
تحسم في تثمين مختلف المجهودات التي تقوم بها مختلف الفئات الفاعلة
على صعيد الجهات؛
أن تتولى الدولة توفير الدعائم األساسية (بنيات تحتية ,تجهيزات اجتماعية,
تنويع الدعم المالي )...الضرورية لتنمية متوازية بين الجهات ضامنة
17
بذلك حظوظا متساوية إلنجاح تنمية منسجمة على الصعيد الوطني.
-5االقتصاد المحلي :يشكل اإلطار األمثل لتحقيق التنمية المحلية ،إذ تبرز
التجارب التنموية اليوم أن اإلنتاج المحلي يشكل اإلطار األمثل لطرح القضايا األساسية
للتنمية (تدبير الشغل والسكن والتكوين) لبلورة السياسات االقتصادية الوطنية بصفة عامة
والتدخالت العمومية بصفة خاصة ,وذلك لسببين اثنين:
-األول يكمن في االستحالة الموضوعية اليوم للتدبير المركزي لمختلف جوانب
العملية التنموية طبقا للخصوصيات الجهوية.
-الثاني :يتجلى في الميزات التي توفرها الالمركزية في مجال االستعمال األمثل
للثروات الوطنية ,وترشيد التدخالت االقتصادية واستغالل التجارب االجتماعية في مجال
اإلبداع المتعدد الجوانب وباألخص على الصعيد المؤسسي والمالي وكذا مجال التعاون
18
الدولي.
لذلك نالحظ اليوم أن المجال المحلي قفر إلى دائرة االهتمام باعتباره اإلطار
المؤسساتي األمثل لتدبير مختلف جوانب السياسات العمومية ،وهذا االهتمام يتمحور
17
-أدريس الكراوي ،1996 ،نفسه
18
-ادريس الكراوي،2018 ،التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب ،الدار البيضاء.
22
حول ال مركزية اتخاذ الق اررات وسن استراتيجيات مالئمة لجلب االستثمارات المنتجة
ضمن المجاالت المحلية المعنية.
وإذا كانت التنمية المحلية هذه تعتبر إحدى الدعائم المؤسسة إلرساء قواعد متينة
للديمقراطية المحلية ,فإنها تنبني على فلسفة قوامها التحسيس الضروري لجميع الفاعلين
في الحقل الجماعي بالمسؤولية وكذا قصد السمو إلى رؤية جماعية لقضايا التنمية.
التنمية الترابية تتطلب بلورة مشروع ترابي
من الناحية العلمية ,فإن نجاعة هذا المفهوم للتنمية المحلية يبقى مرتبطا منهجيا
ببلورة مشروع وإستراتيجية توحد حولها مختلف الفعاليات المحلية في أفق دعم وتوسيع
عمليات التنسيق والتكامل الالزمة لتحقيق األهداف المنشودة من هذا المشروع ومن هذه
اإلستراتيجية ،كما أن إجرائيتها رهينة بمدى تمكن الجماعات المحلية من الحصول على
لوحات فحص محلية دقيقة ,كفيلة بانتقاء المشاريع األكثر فعلية من الناحية االقتصادية
واألكثر إنصافا من الناحية االجتماعية واألكثر آثار جذب من ناحية خلق موارد محلية
جديدة واألنجح توزيعا على الصعيد المجالي،واالكثر توقعا واستباقا للتحوالت المستقبلية
لحاجيات الساكنة المرتقبة كيفما كانت طبيعة حاجياتها وإمكانياتها ومؤهالتها.
وهذا الجانب للتنمية المحلية ينبثق من الوعي بأهمية اإلعالم االقتصادي ليس من
زاوية جدب االستثمار ولكن كذلك وخاصة في إرساء قواعد متينة إلستراتيجية البحث عن
مجاالت جديدة للتدخالت االقتصادية للجماعات المحلية.
وتكمن أهمية اإلعالم االقتصادي المحلي في أكثر من مستوى:
-إنه يكمن من التعرف بأقصى ما يمكن من الدقة على حاجيات السكان كما
وكيفا وبالتالي من التعرف على نوعية التدخالت المالئمة.
-إنه يساعد على رصد المعيقات التقنية واإلدارية والبشرية والمالية التي تقف في
وجه االستثمار ،ومن ثم بمجموع العوامل التي تؤثر بصفة مباشرة وغير مباشرة على
النسيج االقتصادي المحلي.
23
-إنه يوفر الشروط المصرفية والعلمية للتنظيم العقالني لعمليات الهيئة والتأقلم مع
خصوصيات معطيات التدخالت االقتصادية المحلية.
-إنه يمكن أيضا من استشراف اإلمكانات الجديدة في ميدان االستثمار والمرافق
والمجاالت التي تعتبر بمثابة رافعات للتنمية على المستوى المحلي.
-ومن هذا المنظور فإن االقتصاد المحلي يصبح بالنسبة للجماعات رهانا أوليا
وحاسما لتعزيز هامش استقالليتها ,وهذا من أجل تحكم أفضل سواء في االختصاصات
الجديدة التي يطالب بها أو في الوظائف واألدوار الجديدة المدعوة الضطالع بها.
تعتبر العودة إلى المحلي دينامية مهمة تتساءل حول نماذج اإلنتاج واالستهالك
وذلك عبر دورات اقتصادية قصيرة.
األسر المقاوالت
األسواق
الدورة االقتصادية
يتالءم هذا االقتصاد مع مفهوم التحركات المستدامة أو التنقل اإليكولوجي ،إذ
يمكن االقتصاد المحلي المجتمعات من التنقل للوصول إلى أماكن عملهم ،وذلك بالتقليل
من المخاطر سواء على المستوى األمني أو البيئي.
لماذا نعزز االقتصاد المحلي ؟
24
يهدف التفكير في االقتصاد المحلي إيجاد مختلف االستراتيجيات التي تمكن مجال
ما من كسب نوع من االستقاللية المالية ،فاالستهالك المحلي له عدة مزايا سواء على
المستوى االقتصادي أو على المستوى الصحي والبيئي :
على المستوى االقتصادي :يقلل من صرف الموارد المالية خارج التراب،
وذلك عبر تشجيع المقاولين المحليين وتعزيز خلق مقاوالت محلية؛
على المستوى الصحي :يعزز استهالك مواد تعرف مصادرها ويتم
استهالكها بدون مواد حافظة ألنها ال تحتاج لهذه المواد لكونها سوف
تستهلك محليا ،ومن جهة أخرى تجعل الساكنة ال تقطع مسافات للتزود بما
يلزمها؛
على المستوى البيئي :إن االستهالك المحلي يقلل من المسافات التي
تقطعها المواد الغذائية وتقلل من التأثيرات السلبية لوسائل النقل على الهواء
(التقليل من انبعاثات غازات الدفيئة ) والخفض من تكاليف النقل ،إن
الولوج للمواد محليا يعد سهال ،فالمستهلك يتنقل على األرجل أو على
الدراجة أو يستعمل التنقل الجماعي للتزود من ضيعة المنتج ،كذلك يمكن
من االتجاه إلى األسواق المحلية أو نقط البيع الجماعية (.)19وكذلك نسجل
ميالد وانتشار عدة مقاوالت تجارية ونقط البيع مصدرها Les franchises
وهي عبارة عن عقدة بين ماركة عالمية وشاب حامل للمشروع ،تمكنه
من فتح محل لبيع منتوج ما كالتجميل مثال ،ويمكن السكان المحليين أن
يحصلوا على مواد ماركة عالمية بدون السفر إلى أماكن بعيدة للبحث عن
هذه المنتوجات.
عبر هذا النوع من االقتصاد سنتمكن من تحقيق عدة أهداف :التقليل من التلوث
عبر التقليل من التنقالت واستعمال التنقل المستدام والتقليل من استعمال السيارة
19
- Favorisé l’économie locale pour un minimum de déplacement, site crée et mis à jour
par mobilité fr. 2017 copyrighat mobilité fr/ favoriser l’économie locale pour un
minimum de déplacement HTML.
25
والتخفيض المتوالي لتكاليف النقل ،وتثمين الموارد المحلية .وفي هذا الشأن سنتناول
لالقتصاد المحلي كنموذج االقتصاد االجتماعي والتضامني.
الظهور بصورة منظمة ومهيكلة في بداية القرن ،21وقد خصصت الحكومة المغربية
يختلف مفهوم االقتصاد االجتماعي والتضامني باختالف الدول ،ومع ذلك فإن
هناك اتفاقا عاما على الصعيد الدولي حول بعض القيم التي تؤطر مجال االقتصاد
االجتماعي والتضامني ،وبناء على ذلك يقترح المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي
التعريف التالي لهذا االقتصاد:
-20 -المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،2017،االقتصاد االجتماعي والتضامني رافعة لنمو مندمج.
www.cese.ma
26
ومعنويين(جمعيات ،تعاونيات ،تعاضديات وغيرهم) بهدف تحقيق المصلحة الجماعية
والمجتمعية ،وهي أنشطة مستقلة تخضع لتدبير مستقل وديمقراطي وتشاركي ،يكون
االنخراط فيه حرا ،كما تنتمي إلى االقتصاد االجتماعي والتضامني جميع المؤسسات التي
تتركز أهدافها األساسية بالدرجة األولى على ما هو اجتماعي من خالل تقديمها لنماذج
مستدامة ومدمجة من الناحية االقتصادية وإنتاجها سلعا وخدمات ترتكز على العنصر
البشري وتندرج في التنمية المستدامة ومحاربة اإلقصاء .21
وهو يسخر األدوات االقتصادية لخدمة غايات اجتماعية أهمها الرفاه والنمو
للجميع بدال من تحقيق مكاسب تخدم الربح الفردي كما في النماذج التقليدية لألعمال،
ويرتكز على مؤسسات اقتصادية تخدم الناس وليس األسواق وتنتج سلعا وخدمات
لتحقيق الرعاية االجتماعية وليس تحقيق األرباح.
27
عدم المساواة في سوق العمل وسوق المنتجات وتحسين مستوى الدخل وضمان
استمراره .ESCOWA
سيما بفضل
نموا اقتصاديا متسارعاً إلى حدود سنة ،2010وال ّ
المغرب ًّ
ُ ف
عر َ
َ
تبعيته
نمواً غير منت ْظم ،بسبب ّ
يظل ّ
النمو ّ
أن هذا ّ
اإلنتاجية .غير ّ
ْارتفاع وتيرة االستثمار و ْ
سجل المغرب
ثم ،فقد ّ
طرية .ومن ّ
الم َ
الفالحي الذي يعتمد بدوره على التّ َسا ُقطات َ للقطاع
ِ
ّ
نموا بلغ 2,7في المائة سنة ،2012و 4,4في المائة سنة 2013ليسجل تراجعا سنة
ّ
هيمن على
هي َكل الذي ُي ْ
الم ْ
طابع غير ُ
المتدنية لنشاط الساكنة ،وال ّ
ّ أن النسبة
،2018غير ّ
العمل ،غياب الحماية االجتماعية ،)...وكذا التفاوت الكبير ْبين الوسط الحضر ّي و َ
الو َسط
كبرى ّ
ملحة في مجال تحديات ْ
ّ بالدنا تُوا ِجه
َ أن
البشرية .يترتّ ُب على ذلك ّ
األغنياء والفقراء والتفاوتات على مستوى الدخل ،وفي التقليص من نسبة البطالة ،وتحسين
ظروف العمل ،والتقليل من الهدر المدرسي ،ومحاربة األمية ،ومعالجة مسألة التفاوتات
بين الجنسين ،وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والبنيات التحتية؛ كما أن هناك
تحديات أكثر ضغطا تتعلق بالتقليص من التفاوتات الموجودة بين المناطق القروية
28
والمناطق الحضرية وتحسين الولوج إلى البنيات التحتية وخدمات التربية والتعليم والصحة
في المناطق القروية .فإلى جانب القطاع العمومي والخاص يسعى االقتصاد االجتماعي
والتضامني إلى أن يعطي نفسا جديدا للنمو االقتصاد من خالل مساهمته في إيجاد حلول
1-3الفاعلون الحكوميون
على تحقيق اإلنصاف والمساواة والعدالة االجتماعية" توجد غاية أساسية وهي
اإلدماج االجتماعي عبر التمكين االقتصادي ،و يلخص التدخل في ثالث
أشكال لذلك:
29
-1دعم البرامج واألنشطة المدرة للدخل.
-2دعم المقاولة النسائية
-3إعداد وتفعيل برامج التمكين االجتماعي واالقتصادي.
أما وكالة التنمية االقتصادية فكرست اهتمامها بتحفيز ودعم األعمال والبرامج
قصد تحسين ظروف عيش الساكنة األكثر تهميشا بصفة مستدامة 23وبدورها تتدخل في
برامج األنشطة المدرة للدخل ،محاربة الفقر والتهميش ،وذلك بدعم الفاعلين المحليين
وتقوية قدراتهم وتنمية مجالهم ،تماشيا مع المسعى التشاركي والشراكة والقرب.
وفيما يخص وكاالت اإلنعاش وتنمية األقاليم (نالحظ الخالف بسيط في التسميات،
فبالنسبة ألقاليم الشمال تأسست سنة 1996ووكالة الجنوب سنة ،2002أما الوكالة
الشرقية فأحدثت سنة 2006وكلها تحت وصاية الوزير األول سابقا رئيس الحكومة،
وللتدكير فقد أنشئت الوكاالت لضمان تنمية وتأهيل المناطق والقيام بدراسات واقتراح
استراتيجيات تنموية والبحث عن موارد آلية لتمويل وإنجاز مشاريع ذات استراتيجيات
تنموية والبحث عن موارد مالية لتمويل وإنجاز مشاريع ذات أثر مباشر على المستوى
االقتصادي واالجتماعي ،وباإلضافة إلى محاربة السكن غير الالئق خاصة بالنسبة لوكالة
الجنوب وتطوير مدن الصيد ،وحيث أن قطب الرحى هو االقتصاد التضامني فللوكاالت
اهتماما مشترك من خالل دعم المشاريع االجتماعية ومشاريع القرب.
وال ينبغي إهمال دور الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة التي
تشرف اليوم على التأطير القانوني لالقتصاد االجتماعي ،وذلك بانكبابها على إخراج
30
مشروع قانوني لهذا الغرض إلى الواقع ،إضافة إلى مؤسسات أخرى كصندوق االيداع
والتدبير الملتزم بإحداث مشاريع لالقتصاد التضامني واالجتماعي بالمغرب.24
-1-2-3التعاونيات
يمثل النسيج التعاوني المكون الرئيسي لقطاع االقتصاد االجتماعي والتضامني في
المغرب ،سواء من حيث عدد مناصب الشغل التي يوفرها أو من حيث مساهمته في
التنمية االقتصادية واإلدماج االجتماعي ،فقد شمل القطاع التعاوني ما يناهز 12.022
تعاونيته في نهاية سنة ،2013ووصلت إلى 15.700منخرط سنة 2016تضم
450.000منخرطا ومنخرطة.
وقد تزايد عدد التعاونيات وتعتبر الفالحة والصناعة التقليدية والسكن هي مجاالت
التي تتوفر على العدد االكبر من التعاونيات ،فإن التسيير والمحاسباتي ووسائل االتصال
مجاالت أخرى رأت النور حديثا في النسيج التعاوني.
31
اإلكراهات ذات الطابع القانوني
التعاوني عدداً كبي ار من ْ تطور النسيج
ويواجه ّ
ّ ّ
طرف الدولة ،وهي
المواكبة من َ
أن إجراءات ُ
غير ّ
اقتصاديْ .
ّ المؤسساتي والسوسيو-
و ّ
ِ
تمكين التعاونيات من تجاوز هذه اإلكراهات ،تبقى غير كافية. اإلجراءات التي تهدف إلى
اإلمكانيات
ّ الرغم من اإلصال ِح الجديد لهذا القانون؛ كما ُيعاني ْ
من ضعف للتعاونيات ،على ّ
االجتماعية.
ّ ِ
وغياب التغطية البنكية،
ّ بالولو ِج إلى الُق ُروض
-2-2-3الجمعيات
حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط فقد بلغ عدد الجمعيات 44.771جمعية
سنة ، 2009بينما يصل العدد حسب معطيات وزارة الداخلية إلى 89.385سنة
،2012في حين بلغ عددها 120.000جمعية سنة .2016وفي جميع الحاالت فقد عرف
إنشاء الجمعيات تزايدا مطردا منذ انطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.وحول مجال
االنشطة فقد أظهرت الدراسة أن الجمعيات المغربية تنشط في عدة مجاالت تشمل التربية
والمجال االجتماعي والصحة والرياضة والترفيه والدفاع عن الحقوق والسكن والتنمية.
وقد أصبحت الجمعيات شريكا معترفا به من طرف السلطات العمومية ،إن على
الصعيد المحلي أو الوطني ،وذلك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعملها للحد
32
من الهشاشة ومحاربة األمية ،والنقص الحاصل على مستوى الخدمات الصحية والسكن
والبنيات التحتية المحلية والتجهيزات األساسية.
يضم النسيج الجمعوي حوالي 15مليون منخرط ثلثهم نساء ،وتهدف الجمعيات
إلى مساعدة النساء وباألخص في الوسط القروي ،وكذا مساعدة الشباب والمسنين
واألشخاص في وضعية إعاقة ،ومختلف الشرائح االجتماعية التي تعاني من الهشاشة
والمفتقرة إلى وسائل الولوج إلى الخدمات األساسية الضرورية.
- 3-2 - 3التعاضديات
يتكون النسيج التعاوني من حوالي 50مؤسسة تتوزع أساسا بين تعاضديات الصحة
وتعاضديات التأمين ومؤسسات التكافل ،أما التعاضديات الجماعية فهي من المبادرات
الحديثة ،وتشكل تعاضديات الصحة %50من النسيج التعاوني ،حيث يبلغ عددها 25
مؤسسة موزعة على القطاعين العمومي والقطاع شبه العمومي والقطاع الخاص والقطاع
الليبرالي.
خاتمة
المراجع
-ادريس الكراوي ،1996 ،االقتصاد المغربي التحوالت والرهانات ،دار النشر المغربية؛
-ادريس الكراوي ،2014 ،إشكالية التشغيل مقاربات وتوجهات ،منشورات جمعية الدراسات واألبحاث للتنمية،
مطبعة البيضاوي؛
-ادريس الكراوي ،2018 ،التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب ،الدار البيضاء
-حسيني عبد هللا ،1998 ،الجغرافية اإلقتصادية :استراتيجيات اإلنتاج والتداول ،مطبعة انفو برانت ،فاس.
-محمد كريم ، 2012 ،االقتصاد االجتماعي بالمغرب ،التنمية المعاقة وجدلية االقتصاد والمجتمع ،مطابع أفريقيا
الشرق؛
-منشورات الجماعة القروية العزرن ،2013االقتصاد االجتماعي سند للتنمية الترابية بالمجال الجبلي ،اشغال
الدورة الثالثة لمنتدى التنمية والثقافة الغزرن؛
-المندوبية السياسي للتخطيط ،2009 ،البحث الوطني حول القطاع غير المهيكل 2007المملكة المغربية
الرباط؛
-المندوبية السامية للتخطيط ،2016 ،االستمارة الوطنية حول القطاع غير المهيكل ،20174-2013المملكة
المغربية ،الرباط ؛
-المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،االقتصاد االجتماعي والتضامني :رافعة لنمو مندمج
www.cese.ma
34
سلسلة السياسات، االقتصاد االجتماعي التضامني أداة لتحقيق العدالة االجتماعية،2014 ، منظمة األمم المتحدة-
—www.ayb.sd.org /en 4 العدد رقم،العامة
-AGENOR P. R. & AYNAOUI K., 2003, Politiques du travail et chômage au Maroc. Une
analyse quantitative, Banque Mondiale, Washington DC 20433, Version Actuelle, 26
octobre.
- AGUENIOU Salah, 2013, Les cotisations sociales pèsent de plus en plus lourd sur les
revenus, la Vie- Eco du 1 au 7 Mars, N° 4693, 56 année.
-Favorisé l’économie locale pour un minimum de déplacement, site crée et mis à jour par
mobilité fr. 2017 copyrighat mobilité fr/ favoriser l’économie locale pour un minimum de
déplacement HTML.
35
36