اقتصاد محلي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫مسلك الجغرافية‬

‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‬


‫وحدة اقتصاد محلي‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬
‫الفصل السادس‬ ‫ظهر المهراز‪ -‬فاس‬
‫ذة‪ :‬صباح بوصفيحة‬

‫الفصل االول‪ :‬التحديات الجديدة القتصاديات القرن الواحد والعشرين والتحديث‬


‫االقتصادي بالمغرب‬

‫‪ -I‬التحديات الجديدة القتصاديات القرن الواحد والعشرين‬

‫‪ -1‬التحكم في تعقد المسالة االقتصادية‬

‫‪ -2‬تدبير الندرة‬

‫‪ -3‬حكامة التقلبات والمخاطر‬

‫‪ -4‬التوزيع العادل للثروة‬

‫‪ -5‬تنمية المجاالت الترابية‬

‫‪ -II‬التحديث االقتصادي بالمغرب‬

‫‪ -1‬اقتصاد مغربي في طور التحول‬

‫‪ -1-1‬االنتقال من اقتصاد الريع إلى التنافس الشريف‬

‫‪ -2-1‬عجز الدولة المركزية بمفردها عن إنتاج الثروات‬

‫‪ -3-1‬مساهمة المقاوالت في اتخاذ القرار إلى جانب الدولة‬

‫‪ -2‬األوراش الكبرى للتحديث االقتصادي‬

‫‪ -1-2‬المهن العالمية الجديدة‬

‫‪ -2-2‬القطاعات الوازنة القديمة‬

‫‪-3-2‬القطاعات االستراتيجية كالطاقة والماء‬

‫‪1‬‬
‫‪ -4-2‬قطاعات البنك والمالية والبورصة‬

‫‪ -5-2‬االوراش الكبرى للبنيات التحتية‬

‫‪ -6-2‬القطاعات المرتبطة باالقتصاد االجتماعي التضامني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬رهان التنمية المحلية واالقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫التنمية الترابية واالقتصاد المحلي‪ :‬تعاريف ومقاربات‬ ‫‪-I‬‬


‫‪ -1‬المجال‬
‫‪ -2‬التراب‬
‫‪ -3‬التنمية المستدامة‬
‫‪ -4‬التنمية المحلية‬
‫‪ -5‬تعريف االقتصاد المحلي‬

‫االقتصاد االجتماعي والتضامني‬ ‫‪-II‬‬

‫‪ -1‬تعريف االقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫‪ -2‬الهدف من تبني االقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫‪ -3‬الفاعلون في مجال االقتصاد االجتماعي‬

‫‪ -1-3‬الفاعلون الحكوميون‬

‫‪ -2-3‬الفاعلون غير الحكوميين‬

‫‪ -‬التعاونيات‬

‫‪ -‬الجمعيات‬

‫‪ -‬التعاضديات‬

‫خاتمة‬

‫‪2‬‬
‫تـــقــديـــــــــم‬

‫ظلت الجغرافية االقتصادية منذ القديم وسيلة أساسية تساعد الفاعلين على اتخاد‬
‫القرار في مختلف مجاالت الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬إال أنها كانت عبارة عن‬
‫معلومات وصفية ومعطيات إحصائية تستخدم من طرف الدول في الجوانب العسكرية‬
‫وفي تدبير الشؤون االقتصادية‪ ،‬أما حاليا فقد أصبحت تحتل مكانة مرموقة لدى مدبري‬
‫السياسة لمختلف البلدان‪ ،‬وذلك لعدة أسباب نذكر من بينها ‪ :‬أوال‪ :‬ألن االقتصاد أصبح‬
‫يلعب دورا مركزيا في حياتنا اليومية‪ ،‬وفي إضفاء الطابع االتحادي لإلنسان وفي بناء‬
‫ثقافته وفي تمثل للعالم وعالقته معه‪ ،‬والهدف من هذه المقاربة الجديدة هو إدماج أبعاد‬
‫اجتماعية وثقافية في الجغرافية االقتصادية والتي أصبحت أكثر من أي وقت مضى في‬
‫قلب المعرفة وتساير مستجدات العصر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سجلت انطالقة جديدة للكوكب‪ ،‬إذ حدثت تحوالت جغرافية عظمى مرتبطة‬
‫بالتغيرات االقتصادية‪ ،‬وظهر نموذج جديد للتعاون مثل االتحاد األوربي‪ ،‬إذ برزت‬
‫ظاهرة جديدة أال وهي ضرورة االتحاد فيما بين الدول لتسير اإلمكانيات المتاحة على‬
‫وجه األرض بشكل أفضل‪ ،‬فالشراكة يمكن أن تحل مشاكل خطيرة‪ :‬الفقر المادي‬
‫والمعنوي‪ ،‬كوارث السير‪ ،‬تدهور إطار الحياة بفعل اإلسراف في استغالل الموارد‪،‬‬
‫أخطار التغيرات المناخية ومواجهة الندرة‪.‬‬

‫ومع مطلع القرن الحالي أصبحت مجتمعات واقتصاديات القرن الواحد والعشرين‬
‫تعرف تحوالت نوعية كبرى على المستوى المؤسساتي واالجتماعي واالقتصادي‬
‫والثقافي والبيئي‪ ،‬وتتطور هذه التحوالت في ظل نماذج للتنمية التي تشهد تفككا‬
‫متسارعا ‪ ،‬إذ لم تعد قادرة على تحقيق التوازنات الكبرى على عدة أصعدة‪ ،‬لذا يتجه‬
‫التفكير اآلن نحو وضع نماذج جديدة للنمو وأشكال بديلة من التنمية‪ ،‬ومرد ذلك إلى قناعة‬
‫راسخة مفادها أن نماذج النمو والتنمية السائدة حاليا في العالم‪ ،‬لم تعد قادرة على العطاء‬
‫والتجدد‪ ،‬ويتجلى ذلك بصفة خاصة على مستوى االنسجام بين مختلف مكونات النظام‬
‫االقتصادي وعجزه عن االستجابة لمتطلبات االندماج االجتماعي‪ ،‬واستمرار االختالالت‬
‫التي مازالت تقيد نمط حكامته‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويبدو هذا االختالل أوال‪ :‬على مستوى التوازن الداخلي للنظام االقتصادي حيث‬
‫تشهد احتدام تناقض ثالثي يتجلى في ثالثة ظواهر مترابطة المضاربة المالية ضد‬
‫اإلنتاج‪ ،‬السوق ضد الدولة‪ ،‬والفرد ضد الجماعة‪.‬‬

‫هكذا فعلى صعيد االندماج االجتماعي فإن النظام الحالي يؤدي إلى تفاقم ظاهرة‬
‫االقصاء على مستوى الشغل وعلى تطوير أجيال جديدة من الفقر والفقراء‪ ،‬ذلك ألن‬
‫الثورة الصناعية الجديدة تؤدي تدريجيا إلى بروز وتطور أشكال جديدة لتنظيم األنشطة‬
‫االقتصادية تركز أكثر على التكنولوجية عوض اليد العاملة‪ ،‬مما ينبئ بانتهاء عصر‬
‫التشغيل الكامل بالتزامن مع ظهور أشكال جديدة لتعبئة العمل‪.‬‬

‫وقد أصبح لزاما طرح مسألة الشغل في مجتمعاتنا من منظور جديد وإعداد شبابنا‬
‫على تقبل هذا الواقع‪ ،‬واالستعداد للمستقبل الصعب الذي ينتظر مجتمعاتنا‪ ،‬وهو مستقبل‬
‫ستتراجع فيه قدرة النموذج االقتصادي الحالي على التوفيق بين النمو والتشغيل التام‬
‫لمجموع الساكنة النشيطة التي تلج سنويا األسواق الوطنية للشغل ‪.1‬‬

‫ويرتبط المستوى الثاني من اإلختالل باستفحال األزمة حاليا في العالم على صعيد‬
‫أربع جوانب من المسألة االجتماعية‪:‬‬

‫‪ -‬أزمة األنظمة الوطنية للحماية االجتماعية من جراء العجز المتزايد عن تمويل‬


‫أنظمة التغطية الصحية والتقاعد وتعويض األشخاص في وضعية بطالة‪ ،‬وتحمل التكفل‬
‫باألشخاص في وضعيات صعبة كاألطفال المتخلى عنهم واألمهات العازبات ربات األسر‬
‫واألشخاص في وضعية إعاقة؛‬

‫‪ -‬التفكك المتنامي للبنيات التقليدية للتضامن االجتماعي بسبب زعزعة استقرار‬


‫العالقات األسرية والجماعية نتيجة لهيمنة منطق السوق (الدور الذي تحتله األسرة في‬
‫نقل المهارات والمعارف بوجود آليات التضامن العائلي ‪ ،‬حيث تلعب دور معالج حقيقي‬

‫‪-1‬ادريس الكراوي‪ ،2018 ،‬التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬ص‪8 :‬‬

‫‪4‬‬
‫لظاهرة البطالة‪ ،‬وكذلك الدور الذي تلعبه القرابة في اإلنعاش الذاتي للتشغيل (السلف‪-‬‬
‫الهبآت) ؛‬

‫‪ -‬الندرة المتزايدة للموارد العمومية المخصصة للقطاعات االجتماعية مقابل طلب‬


‫اجتماعي متنامي يشكل ضغطا على قطاعات اجتماعية أساسها الصحة والتربية والتعليم‬
‫والسكن والشغل والتغذية‪.2‬‬

‫‪ -‬االختالالت المالية الدورية على المستوى الدولي‪ ،‬وما ينتج عنها من توسيع‬
‫لدائرة الفقر وتعميق التفاوتات االجتماعية‪ ،‬واضطراب وضعية الطبقات الوسطى يقابله‬
‫إغراق الطبقات الميسورة في االستهالك المفرط‪.‬‬

‫ويتمثل االختالل الثالث في حكامة المجتمع واالقتصاد والذي يتميز بعدم تمكنه من‬
‫الحد من ظواهر الريع واالمتيازات والرشوة والمضاربات‪ ،‬وهي ممارسات تعوق من‬
‫األساس قواعد المنافسة النزيهة‪ ،‬ومبدأ تكافؤ الفرص بين المقاوالت وبين المواطنين‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى سيادة سلطة المال وانعدام الثقة في المؤسسات‪ ،‬وبروز أشكال غير مسبوقة من‬
‫العنف االجتماعي واالحتجاجات والتمرد والتي تصل إلى حد الثورة‪ ،‬كما حدث في العديد‬
‫من بقاع العالم في أواخر العشرية األولى من القرن الحالي‪.‬‬

‫وفي مواجهة هذه الظواهر‪ ،‬تركز جهود الفاعلين السياسيين واالقتصاديين‬


‫واالجتماعيين والمؤسسات الدولية واإلقليمية على ابتكار أشكال جديدة من نماذج النمو‬
‫والتنمية‪ ،‬عنوانها التوفيق بين النجاعة االقتصادية واإلنصاف االجتماعي والتوزيع‬
‫المنصف للثروة‪ ،‬واالستدامة إلى جانب إشاعة العدالة والحرية والكرامة‪.‬‬

‫ولمعالجة هذه المعضلة‪ ،‬وأمام االستحالة الموضوعية لالستخدام التام لكل الموارد‬
‫البشرية المتواجدة داخل أسواق الشغل الوطنية في ظل انعدام ميكانيزمات عمومية‬
‫للتضامن االجتماعي‪ ،‬بدأت دوليا تفرز طلبا متزايدا على االقتصاد االجتماعي الذي‬
‫أصبح يكتسي راهينة من خالل الوظائف المفترض أن تقوم بها منظمات االقتصاد‬

‫‪، 2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48:‬‬ ‫‪ -2‬ادريس الكراوي‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫االجتماعي والتضامن في مواجهة الفقر واالقتصاد االجتماعي والمجالي وتثمين الموارد‬
‫المحلية وتعزيز التنمية الترابية وفي تناوله للقضايا االجتماعية والمجالية والبيئية عن‬
‫قرب‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬في هذا المقرر‪ ،‬سنسلط الضوء في الفصل األول على تحوالت‬
‫وتحديات اقتصاديات القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وسنوضح انعكاسات أثارها على النظام‬
‫الحالي لالقتصاد العالمي ‪ ،‬كما سنقف على أوضاع االقتصاد الوطني في ظل هذا القرن‬
‫وكذلك على األوراش الكبرى للتحديث االقتصادي؛ وفي الفصل الثاني سنقف على‬
‫تعاريف ومقاربات التنمية واالقتصاد المحلي ‪،‬كما سنقوم بالتعريف بالقطاع االقتصادي‬
‫واالجتماعي والتضامني‪ ،‬وسنحاول إظهار موقعه في اإلستراتيجية الوطنية لتنمية التراب‬
‫الوطني ‪،‬وكذلك سنوضح خصائصه ومكوناته وإكراهاته القطاعية المتعددة وكذا الفاعلين‬
‫في مجال هذا القطاع‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‬

‫التحديات الجديدة القتصاديات القرن الواحد والعشرين والتحديث االقتصادي بالمغرب‬

‫كبرى مرتبطة بدينامية‬ ‫تعرف اقتصاديات القرن الواحد والعشرين تحوالت‬


‫تشهدها األنظمة اإلنتاجية الوطنية في البلدان المتقدمة والصاعدة والنامية بمختلف‬
‫أبعادها‪ ،‬وقد ظهرت إلى الوجود في سياق هذه التحوالت تحديات جديدة اقتصادية ومالية‬
‫وتكنولوجية وفي تدبير األعمال‪ ،‬انعكست أثارها على النظام الحالي لالقتصاد العالمي‬
‫بفعل عولمة البنيات اإلنتاجية وتحرير المبادالت‪.‬‬

‫التحديات الجديدة القتصاديات القرن الواحد والعشرين‬ ‫‪-I‬‬

‫تطلبت التحوالت التي عرفتها اقتصاديات القرن الواحد والعشرين تنسيقا إقليميا‬
‫ودوليا متباينا بين السياسات االقتصادية وحكامة اقتصادية ومالية لها بعد عالمي حقيقي‪،‬‬
‫وفرضت على كل دولة أن تستحدث سياسات عمومية مستفيدة من الخبرة الوطنية‬
‫واإلقليمية ومن الذكاء االقتصادي ‪ 3‬واليقظة اإلستراتيجية ‪4‬والتدبير التشاركي كي تتمكن‬
‫من رفع خمس تحديات‪:‬‬

‫‪ -1‬التحكم في تعقد المسألة االقتصادية‬

‫ينخرط النظام االقتصادي العالمي بوثيرة متسارعة في عصر تحكمه تعقد المسالة‬
‫السرعة المذهلة التي تتقادم بها المعارف والمهارات‬ ‫في‪:‬‬ ‫االقتصادية وتتجلى أساسا‬
‫والمؤهالت والمهن والتكنولوجيات‪ ،‬مما يجعل األنظمة اإلنتاجية الوطنية في مختلف بقاع‬
‫العالم تعيش ع لى إيقاع بحث متواصل عن الجديد‪ ،‬أضف إلى ذلك التكاثر المتنامي من‬
‫المعلومات االقتصادية والمالية والعلمية والتكنولوجية‪ ،‬وخاصة بفعل تطور الوسائل‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬الذكاء االقتصادي نقصد به حالة ذهنية جديدة تعمل على إدماج وإحداث نماذج تنظيمية ووسائل جديدة لمعالجة المعلومات‬
‫بهدف تغير نمط التفكير والتصرف‪ ،‬بمعنى إحداث اإلبداع بمختلف أنواعه‪.‬‬

‫‪-4‬‬
‫اليقظة و تعني في تعرفيها البسيط التقاط او مزاولة االستماع واالنتباه غلى ما يجري في العالم الصناعي والمتقدم في جميع الميادين‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الجديدة للتواصل واإلعالم والتي تزداد تعقيدا ويصعب التحكم فيها ؛ ومن نتائج ذلك‬
‫انتهاء عصرالحقوق المكتسبة والمضمونة والتغير المتواصل لمحددات التنافسية التي‬
‫تشهد على األمد البعيد تراجعا واضحا في بعض المهن والمجاالت‪ ،‬وبالتالي تضطر‬
‫الدول والمقاوالت والمجاالت الترابية إلى البحث عن كسب رهان التنافسية دون القدرة‬
‫على التخطيط على المدى المتوسط أو البعيد مع ما يرتبط بتلك من تعقد المعطى‬
‫االقتصادي على مستوى التنظيم والتدبير‪.‬‬

‫وتتفاقم حدة الظاهرة بفعل التداخل والترابط المتزايد بين كل مكونات النظام‬
‫االقتصادي العالمي وتطور اإلنتاج عن طريق الشبكات في ظل نظام عالمي يزداد‬
‫باستمرار انفتاحا وعولمة وشملنة‪.‬‬

‫أمام هذه الوضعية‪ ،‬تجد الدول والمقاوالت والمجاالت الترابية نفسها أمام تحد‬
‫كبير‪ ،‬يتمثل في اعتماد استراتيجيات ابتكار وبحث علمي متواصل وتجديد دائم لكفاءاتها‬
‫وانخراط في يقظة استراتيجية وتكنولوجية دائمة لمواكبة هذا الواقع الجديد من النشاط‬
‫اإلنتاجي والمبادالت‪.‬‬

‫‪ -2‬تدبيــر النـــــــدرة‬

‫يع رف االقتصاد العالمي ومختلف المجتمعات في بداية القرن الواحد و العشرين‬


‫ثالثة أنواع من الندرة‪:‬‬

‫‪ -1-2‬ندرة الموارد الطبيعية كالماء والطاقة واألراضي الزراعية وأراضي‬


‫الرعي والغابات والثروة السمكية وهي نتيجة التقلبات المناخية واالستغالل المفرط من‬
‫طرف مقاوالت وجماعات ترابية ودول ال تكترث كثيرا بالقضايا المرتبطة بالمحافظة‬
‫على الموارد الطبيعية وال بمصلحة األجيال المقبلة‪.‬‬

‫‪ -2-2‬ندرة الموارد المالية لدعم النمو واالستجابة لمستلزمات التضامن ومرد‬


‫هذه الندرة المتفاوتة درجاتها حسب الدول‪ ،‬والتي تهم االقتصاد العالمي بمختلف مكوناته‪،‬‬
‫إلى سيادة منطق المضاربة المرتبطة ببعض الشركات العالمية الكبرى عوض منطق‬
‫‪8‬‬
‫اإلنتاج ‪ ،‬وتتجلى في ظاهرة جديدة يبدو معها كما لو أن كل الدول استنفدت مواردها‬
‫األساسية للنمو‪ ،‬وهي االقتراض والمداخيل الضريبية وترشيد النفقات العمومية‪.‬‬

‫‪ -3-2‬ندرة الموارد البشرية التي تتميز بالجودة والكفاءة واإلبداعية؛ وهي من‬
‫دون شك أكثرها خطرا‪ ،‬حتى تتمكن من مواجهة التحديات االقتصادية لهذا القرن‪ ،‬ومرد‬
‫هذه الندرة المتفاوتة حسب البلدان إلى األزمة العميقة لمنظومة التربية والتعليم وضعف‬
‫األنظمة الوطنية للبحث العلمي والتكنولوجي واالبتكار‪ ،‬مما يجعل من الصعوبة بمكان‬
‫تكوين النخب اإلدارية والسياسية والعلمية التي تمثل الفاعل األساسي على مستوى إنتاج‬
‫الذكاء الجماعي وتوفير الخبرة الوطنية ذات الكفاءة العالمية التي ال تخفى انعكاساتها‬
‫على خلق ثروات االمم ‪ ،‬ومن الطبيعي أن تؤدي هذه األنواع من الندرة إلى إضعاف‬
‫الدول والحد من قدرات اقتصادياتها وخلق مناخ حقيقي من انعدام األمن واالستقرار‪.‬‬

‫‪ -3‬حكامة التقلبات والمخاطر‬

‫تتجسد في مخاطر جديدة ترتبط أساسا بالتقلبات الفجائية لألسواق والكوارث‬


‫الطبيعية والصناعية وأيضا بتعقد حكامتها االستشرافية ومن نتائج ذلك عدم اتضاح‬
‫الرؤية وانسداد اآلفاق وسيادة الشعور بعدم االستقرار وخاصة على مستوى اقتصاديات‬
‫الدول والمقاوالت‪.‬‬

‫وتدل كل المؤشرات أن حكامة التقلبات ستزداد تعقيدا في المستقبل‪ ،‬ذلك أن العالم‬


‫سيشهد أنواعا جديدة من الحروب منها الحرب على الموارد الطبيعية وخاصة على الماء‬
‫والطاقة والغداء‪ ،‬والحرب على التكنولوجيات الجديدة التي انطلقت فعليا يغديها انسداد‬
‫التنافس حول المعرفة والذكاء وضمنه الذكاء االصطناعي‪ ،‬وحول الكفاءات والخبرات‬
‫واالبتكار والمعلومات واالتصال‪ ،‬وهناك أيضا الحرب على القيم ارتباطا بالثورة‬
‫الرقمية‪ ،‬وقد أصبحت تتجسد على شكل حروب حقيقية بين الديانات والحضارات ‪،‬أضف‬
‫إلى ذلك الحرب الصحية ضد الفيروسات والبكتيريات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وينتج عن هذه المخاطر المحتملة التنافس المحموم على التحكم فيها تبقى من‬
‫الموارد الطبيعية والتحكم في الفضاء وعلوم األحياء البشرية والحيوانية والنباتية‪.‬‬

‫وإذا لم يبادر المجتمع الدولي إلى تقديم جواب جماعي مبني على التنسيق‬
‫والتشاور فإن هذه الحروب الجديدة ستمثل خطرا يتهدد السلم واألمن العالميين والتقدم‬
‫‪5‬‬
‫االقتصادي والتنمية البشرية المستدامة والعيش المشترك داخل المجتمعات وفيما بينها‪.‬‬

‫‪ -4‬التوزيع العادل للثروة‬

‫الشك أن األمم راكمت منذ الحرب العالمية الثانية ثروات هائلة‪ ،‬غير أن‬
‫االستفادة بالتساوي من هذه الخيرات داخل البلد الواحد أو بين البلدان لم يتم قط بمثل‬
‫الحدة‪.‬‬

‫وحسب التقرير الخاص لسنة ‪ 2014‬الصادر عن برنامج األمم المتحدة للتنمية‪،‬‬


‫فإن ‪1.2‬مليون نسمة في العالم‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %.16‬من الساكنة‪ ،‬تعيش بأقل ‪1.25‬‬
‫دوالر في اليوم‪ ،‬وحسب نفس التقرير‪ ،‬إذا رفعنا عتبة الفقر إلى ‪ 2.50‬دوالر في اليوم‬
‫فإن نسبة الفقر في العالم ستقارب ‪ %37.6‬أي ما يعادل ‪ 2.7‬مليون نسمة فقراء في‬
‫العالم‪.‬‬

‫واألكثر من ذلك فإن نفس المعطيات تكشف أن ثروة ‪ %58‬أكثر غنى في العالم‬
‫تساوي الثروة الموزعة على ‪ 3.5‬مليون نسمة األكثر فقرا‪ ،‬والمالحظ في نفس السياق‬
‫أن التفاوت في المداخيل بين البلدان النامية ازداد بنسبة ‪ %11‬في الفترة ما بين ‪1990‬‬
‫‪6‬‬
‫و ‪.2010‬‬

‫‪7‬‬
‫وحسب مصادر أخرى أوردتها منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬كراوي ادريس‪، 2018 ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه‬
‫‪7‬‬
‫‪ -‬منظمة دولية للدراسات االقتصادية تنخرط فيها أغلب الدول المتقدمة تهدف إلى التنمية االقتصادية وإلى إنعاش التبادالت‪ ،‬تضم ‪ 34‬عضو‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫فإن نسبة ‪ %1‬من ساكنة العالم تمتلك ‪ %48‬من الثروات‪ ، 8‬وال تنحصر‬
‫التفاوتات في البلدان النامية والصاعدة بل تهم أيضا الدول المتقدمة إذ يعد دخل ‪%10‬‬
‫من الساكنة األكثر غنى داخل البلدان المنتمية لمنظمة التعاون والتنمية االقتصادية أكثر‬
‫تسع مرات ونصف من دخل ‪ %10‬األكثر فقرا‪.9‬‬

‫وينجم عن التوزيع المتفاوت للثورة هذه ثالث ظواهر‪:‬‬

‫‪ +‬تنامي جيوب الفقر وبروز أجيال جديدة من الفقراء؛‬

‫‪ +‬تراجع مكانة الطبقات المتوسطة؛‬

‫‪ +‬اندفاع الطبقات الميسورة نحو االستهالك المفرط مع تكاثر مظاهر الثراء‬


‫الخارجية واالنفاق الذي ال حدود له؛‬

‫‪ +‬جمود الحركة االقتصادية في كل بقاع العالم وضعف الروابط االجتماعية‬


‫وزعزعة العيش المشترك وبروز أشكال جديدة من العنف االجتماعي واتساع حقل‬
‫القطاع غير المهيكل وتفاقم الجريمة واألنشطة غير المشروعة وتزايد موجات الهجرة‬
‫الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ومما يزيد في حدة هذه الظواهر االجتماعية عجز األنظمة اإلنتاجية في مختلف‬
‫بقاع العالم عن تحقيق النمو وتوفير فرص الشغل لكل الساكنة النشيطة التي تلج‬
‫أسواق الشغل الوطنية‪.‬‬

‫بناء عليه‪ ،‬م ن الطبيعي أن يسود مناخ عدم االستقرار في مختلف البلدان وينتشر‬
‫الشعور باإلحباط والحرمان وانعدام الكرامة لدى فئات عديدة وعريضة من المجتمع‬
‫وخاصة لدى الشباب والنساء مما يدفعهم إلى االحتجاج والتمرد بل وأحيانا إلى تفشي‬
‫العنف واإلرهاب وثقافة الموت‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪-‬مجلة قضايا اقتصادية العدد ‪ 3005‬فبراير ‪ 2015‬ص ‪ 6‬في كراوي ادريس‪، 2018 ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬المرجع نفسه ص‪. 5 :‬‬

‫‪11‬‬
‫والحتواء هذه الظاهرة يتوجب إدراج توزيع الثروة بشكل عادل وتعميم أرضية‬
‫الحماية االجتماعية الجديدة ضمن األولويات الجديدة للمجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪ -5‬تنمية المجاالت الترابية‬

‫تتزامن عولمة المقاوالت اليوم باالهتمام المتزايد بالمجاالت الترابية وبتدبير يعتمد‬
‫مبدأ القرب‪ ،‬ذلك أن ترحيل الشبكات المقاوالتية الكبرى عبر وطنية وإنشاء شركات‬
‫جديدة أصبح رهينا أساسا بتوفر بعض الشروط التي تجعل المجاالت الترابية قادرة على‬
‫جذب الشركات الوطنية والدولية‪ .‬هكذا أصبحنا نشهد إلى جانب التنافس بين المقاوالت‬
‫تنافسا بين المجاالت الترابية ومن خالل ذلك التنافس بين المدن والجهات‪ ،‬فمن جهة‬
‫أصبحت المجاالت الترابية أهم فاعل على مستوى خلق المقاوالت‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن‬
‫محددات التنافسية تغيرت تماما‪ ،‬فلم يعد التنافس منصبا على األسعار وجودة السلع‪،‬‬
‫ولكنه يتجه اليوم إلى إبراز قدرة المجاالت الترابية على توفير مبدأ القرب وذلك عبر‬
‫خلق شبكة واسعة للنقل واالتصال ومناخ أعمال مؤسساتي ومالئم‪ ،‬وخاصة من حيث‬
‫احترام القانون والعدالة وتوفير شروط التنافس الشريف والتجهيزات الضريبية‪ ،‬ومرونة‬
‫المساطر اإلدارية وأنظمة التكوين واإلعالم و تشجيع المقاوالت على االبتكار‪.‬‬

‫وفي ظل هذه الظرفية‪ ،‬أصبح العامل الجيو اقتصادي ذا دور حاسم في‬
‫وترحيلها وتطويرها على أساس شراكات متعددة‬ ‫استراتيجيات إنشاء المقاوالت‬
‫األطراف‪ ،‬كما أن الذكاء االقتصادي المجالي أصبح عامال أساسيا في الرفع من تنافسية‬
‫األمم والمقاوالت‪ ،‬ثم إن الذكاء االقتصادي المجالي أصبح عامال أساسيا في رفع تنافسية‬
‫المقاوالت واألمم (المعرفة والذكاء والكفاءات‪ ،‬الخبرات واالبتكار والمعلومات‬
‫واالتصال)‪.‬‬

‫وتدل كل المؤشرات على أن هذا التوجه سيتعزز في العشر سنوات المقبلة حيث‬
‫سنشهد بروز ظاهرتين متالزمتين‪ :‬من جهة سيعيش أكثر من ‪ %60‬من الساكنة‬
‫العالمية في المدن في أفق ‪، 2030‬ومن جهة أخرى ستظهر مدن من نوع جديد بأكبر‬

‫‪12‬‬
‫حجم ستزداد صعوبة تدبير شؤونها تتعدى عدد ساكنتها ‪ 20‬مليون نسمة مما جعل‬
‫البعض يطلق عليها المدن العالمية‪.‬‬

‫وستؤدي مدى المستقبل إلى ظهور حاجيات جديدة في مجال خلق الثروات‬
‫وإنعاش فرص الشغل والتربية والتعليم والصحة والسكن والنقل وتدبير الماء والطاقة‬
‫والثقافة والترفيه وحماية األنظمة الحضرية وتوفير األمن الشامل وخاصة األمن الغذائي‬
‫والصحي والقدرة على مواجهة أشكال العنف والجريمة الجديدة التي تنشأ خاصة في‬
‫الوسط الحضري ذي الكثافة السكانية العالية‪.‬‬

‫ووفقا لذلك فإن المجاالت الترابية مدعوة إلى االستعداد إلى التحضير للتحول‬
‫المستقبلي الكبير الذي ستشهده مقاوالت القرن ‪.21‬‬

‫‪ -II‬التحديث االقتصادي بالمغرب‬

‫‪ -1‬اقتصاد مغربي في طور التحول‬

‫في ظل النظام الدولي الجديد وعولمة االقتصاد اختيار المغرب تحرير‬


‫االقتصاد واالنفتاح على األسواق الخارجية‪ ،‬وينطلق هذا االختيار من القناعة‬
‫بكون االنفتاح ضروري والعولمة ظاهرة ال رجعة فيها‪ ،‬ورغم سلبياتها فهي توفر‬
‫فرصا حقيقية لالستفادة من سياسة االقتصاد الدولي غير أن االندراج في مسلسل‬
‫العولمة فرض رفع عدة تحديات و تحديث االقتصاد‬

‫‪ -1-1‬االنتقال من اقتصاد الريع إلى التنافس الشريف‪.‬‬

‫في إطار التحديث االقتصادي يرى الفاعلون في هذا المجال أنه من الضروري‬
‫ترسيخ االنتقال التدريجي من منطق اقتصاد يقوم على الريع والمضاربات تجني تماره‬
‫فئات اجتماعية تستغل قربها من السلطة السياسية المركزية لمراكمة الثروات‪ ،‬وتتفشي‬
‫في أوساطها المحسوبية والزبونية ونظام االمتيازات إلى منطق يخضع أكثر فأكثر إلى‬
‫‪13‬‬
‫التنافس الشريف واالستحقاق وتساوي الفرص واالبتكار والمغامرة الحقيقية‬
‫والمسؤولية االجتماعية والبيئية والسلوك االقتصادي واحترام القوانين‪.‬‬

‫‪ -2-1‬عجز الدولة المركزية بمفردها عن إنتاج الثروات‬

‫وهناك سببان جعال هذا المنطق يشق طريقة رغم وجود العديد من العقبات‬
‫الهيكلية المورثة عن الماضي‪ ،‬ويتجلى األول ‪:‬‬

‫‪ +‬في عجز الدولة المركزية كفاعل وحيد عن إنتاج الثروات وعن مراقبة كل ما‬
‫يتصل بحياة المواطنين وضبطه وتنظيمه‪ ،‬وذلك في ظرفية وطنية تتميز بندرة متزايدة‬
‫للموارد وضغط متنام للحاجيات في مختلف المجاالت االستراتيجية للحياة االقتصادية‬
‫واالجتماعية للمواطنين (الشغل والتربية التحديث والتعليم والصحة والسكن والشغل)‪.‬‬

‫‪ +‬ويكمن السبب الثاني في إطار ما عرفه االقتصاد العالمي من تحول كبير‬


‫تغيرت معه جل معالمه ‪ ،‬ومن ذلك انفتاح االقتصاديات وتحرير المبادالت المتزايدة‬
‫للرساميل وتدفق األموال والمعامالت المالية والتكنولوجيات ‪،‬وتكاثر تكنولوجيات اإلعالم‬
‫والتواصل وما تخلفه على المقاوالت‪ .‬وأخيرا االنتهاء النسبي لعهد الحقوق المهضومة‬
‫بفضل التقادم السريع للمعارف والتكنولوجيات وبسبب التنافس الشرس بين المقاوالت‬
‫والدول والمجموعات االقتصادية واإلقليمية الكبيرة‪.‬‬

‫وتفتح هذه العوامل مجتمعة الطريق واسعا أمام كل الفاعلين الوطنين والدوليين‬
‫الراغبين في المغامرة واالبتكار وخلق الثروات شريطة توفرهم على الكفاءة والخبرة ‪.‬‬

‫‪ -3-1‬مساهمة المقاوالت في اتخاذ القرارإلى جانب الدولة‬

‫مازالت الدولة المركزية في المغرب تضطلع بدور الفاعل والضابط األساسي‬


‫للحياة االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية‪ ،‬ثم إن الفاعلين االقتصاديين‬
‫والمقاوالت الصغيرة والمتوسطة والمجموعات الوطنية الكبرى أصبحت تتوفر على‬

‫‪14‬‬
‫هامش يتسع بصفة متنامية للمبادرة والمشاركة في سلطة اتخاذ القرار على صعيد‬
‫االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫ومن الطبيعي أن تؤدي هذه الظاهرة غير المسبوقة في التاريخ الحديث للمغرب‬
‫إلى بروز وتطور نخبة اقتصادية جديدة تساير في تطلعاتها المشروع الوطني للتحديث‬
‫االقتصادي والذي ينتظم حول محاور أساسية مرتبطة بتسعة أوراش اقتصادية‪.‬‬

‫‪ - 2‬األوراش الكبرى للتحديث االقتصادي‬

‫‪ -1-2‬المهن العالمية الجديدة التي تندرج في إطار الميثاق الذي اختير له اسم‬
‫الميثاق الوطني لإلقالع االقتصادي الذي تسارعت وثيرة إنجازه سنة ‪،2014‬‬
‫ويضم قطاعات ترحيل الخدمات وصناعة السيارات والطائرات وااللكترونيات‬
‫والنسيج والجلد والفالحة الغذائية ويسعى المغرب من خالل هذه المهن‬
‫والقطاعات إلى التحول إلى منصة إقليمية ودولية متميزة بجودتها العالية ليس‬
‫فيس إفريقيا فقط ولكن مقارنة بباقي العالم‪.‬‬

‫‪ -2-2‬القطاعات الوازنة التي يحضى فيها المغرب منذ عقود طويلة بمجموعة من‬
‫ميزات المقارنة وخاصة الفالحة والصيد البحري والصناعة التقليدية والسياحة‬
‫والصناعات المرتبطة بتحويل الفوسفاط ويعتمد بلدنا في تطوير هذه القطاعات على‬
‫مخططات واضحة ويتعلق األمر بمخطط المغرب األخضر في القطاع الفالحي‪ ،‬ومخطط‬
‫هاليبوتيس للصيد البحري‪ ،‬ورؤية ‪ 2020‬للسياحة‪ ،‬ومخطط الصناعة التقليدية‪،‬‬
‫والسياسة الجديدة لتثمين الفوسفاط‪.‬‬

‫‪ -3-2‬القطاعات االستراتيجية ذات الصلة بالتحديات التي يتعين على المغرب أن‬
‫يواجهها في المستقبل القريب ويتعلق األمر بقطاعات الطاقة والماء وتكنولوجيات‬
‫األحياء المرتبطة بالمحافظة على الثروات الحيوانية والنباتية الوطنية وحمايتها وقطاع‬
‫الصحة واألدوية والتكنولوجيا الجديدة لألعالم واالتصال والبيئة بمختلف مكوناتها‬
‫ك تطهير السائل ومعالجة النفايات الصلبة والسائلة ومحاربة التصحر واجتثاث الغايات‬

‫‪15‬‬
‫والحماية ضد األخطار والكوارث الطبيعية وتدبيرها‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى انه ثم تبني‬
‫ثالثة مخططات وازنة وهي مخطط الطاقة الشمسية‪ ،‬ميثاق البيئة والتنمية المستدامة‪،‬‬
‫واإلستراتيجية الوطنية لمجتمع اإلعالم واالقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫‪ -4-2‬قطاعات البنك والمالية والبورصة‪ :‬التي تشهد دينامية ملحوظة بفعل‬


‫اجتماع ثالث ظواهر متظافرة وهي التحديث المستدام والتركيز المتمركز الضروريان‬
‫والتدويل الحتمي‪.‬‬

‫‪ -5-2‬األوراش الكبرى للبنيات التحتية وخاصة األرضيات الصناعية المندمجة‬


‫والطرق السيارة والموانئ والمطارات والسكك الحديدة وأرضيات اللوجستيك والسكن‬
‫وشبكات الربط بالكهرباء والماء الصالح للشرب‪.‬‬

‫‪ -6-2‬القطاعات المرتبطة باالقتصاد االجتماعي والتضامني التي من شانها أن‬


‫تشكل بديال حقي قيا ومستداما لحل مشاكل القطاع غير المهيكل ويساعد على تنمية نشاط‬
‫مقاولتي ذي بعد اجتماعي قادر على رفع التحديات المرتبطة بوضعية البطالة المتزايدة‬
‫في صفوف الشباب والنساء وبالتفاوتات االجتماعية والترابية وانسداد اآلفاق أمام السياسة‬
‫العمومية للعمل االجتماعي والتضامني وخاصة على المستوى المالي‪ ،‬ويتعلق األمر على‬
‫وجه الخصوص بإستراتيجية النهوض باألنشطة المدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية وأنشطة جمعيات ومؤسسات القروض الصغرى وأنشطة التعاونيات‬
‫والتعاضديات وجمعيات المجتمع المدني‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫االقتصاد التضامني ورهان التنمية المحلية‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫في ظل العولمة واالنجراف في تيار العصرنة والتي أدت إلى تجانس وتناسب األذواق‬
‫والرغبات على الصعيد العالمي ومحو الخصوصيات المحلية‪ ،‬برز لدى شعوب عديدة‬
‫إحساس نحو السعي إلى التمسك بكل ما هو محلي وتقوية الهوية وتثمين التراب‬
‫واالستثمارفيه للتكيف مع الظروف الجديدة للعولمة‪ .‬وفي هذا الشأن أعطيت األهمية‬
‫للتنمية المحلية والموارد الترابية ؛ وفي هذا السياق نهج المغرب مقاربة جديدة تنطلق من‬
‫الخصوصيات المحلية ‪ ،‬وذلك عبر إيالء االهتمام لالقتصاد المحلي للحد من االختالالت‬
‫والتهميش الذي طال المجاالت الحساسة ومواجهة إشكالية تشغيل الشباب‪ ،‬وفي هذا‬
‫االطار سنسلط الضوء على هذا النوع من االقتصاد ودوافع نهجه‪ ،‬وسنركز على‬
‫االقتصاد االجتماعي والتضامني باعتبار بعده االجتماعي فهو قادر على رفع التحديات‬
‫المرتبطة بوضعية البطالة والتفاوتات االجتماعية والترابية‪.‬‬

‫‪ -I‬التنمية الترابية واالقتصاد المحلي‪ :‬تعاريف ومقاربات‬

‫‪ -1‬المجال ‪ Espace‬في المعجم الجغرافي المعاصر هو المنطقة التي تحتلها‬


‫الكائنات والمسافة والمساحة التي تتوزع فيها جميع الظواهر على األرض‪،‬‬
‫ويعتبر مرآة للساكنة التي تقطنه‪ ،‬فهو يعكس الثقافة المحلية‪.‬‬
‫وقد عرف حسيني عبدهللا المجال بكونه‪ :‬الفضاء الحيوي لمجتمع معين‪ ،‬فهو‬
‫يشمل إضافة إلى المحيط الجغرافي والطبيعي كل الجوانب االقتصادية والثقافية والعقيدية‬
‫التي تميز مجتمعا عن باقي المجتمعات‪ ،‬والمجال بهذا المفهوم ليس من المعطيات الثابتة‬

‫‪17‬‬
‫بل يمكن التأثير عليه سلبا وإيجابا‪ ،‬فتكييف المجال وتهيئته تعد من أولى اهتمامات‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬إذ أن جميع األنشطة تترك بصماتها في المجال فتهيكله‪.10‬‬

‫‪ -2‬التراب ‪ :Territoire‬هو مساحة من األرض المستغلة من طرف مجموعة من‬


‫األشخاص يعملون على تعديله وتحويله‪ ،‬وقد اتخذ أهمية متصاعدة في السنين‬
‫األخيرة في الجغرافية‪ ،‬ويقصد به المجال الذي تعيش فوقه دولة وتمارس‬
‫سلطتها‪ ،‬وفي هذا المعنى فإن التراب يرتبط بالدولة فهي التي تصنع مجاال‬
‫محددا ومعروفا بالنسبة للساكنة والدول األخرى‪ .‬فحسب تعريف ‪RAFFESTIN‬‬
‫‪11‬‬
‫وحسب ‪GEORGE‬‬ ‫‪ :Claude‬هو مجال محول بفعل أعمال اإلنسان‬
‫‪ Pierre‬و ‪:VERGER Fernand‬هو مجال جغرافي مهيئ أو مؤهل بفعل‬
‫انتماء قانوني (التراب الوطني) مساحة طبيعية (تراب جبلي) أو ثقافي (تراب‬
‫لغوي) ويدخل في مفهوم التراب الحدود حيث يشكل إطارا للتراب‪.12‬‬
‫عموما التراب هو وحدة مجالية وجغرافية ومكانية يمكن أن يشمل مجاال وطنيا أو‬
‫مجاال ترابيا جهويا‪ ،‬و هو المجال المستغل من طرف اإلنسان‪ ،‬والذي يزاول فوقه أنشطة‬
‫إنتاجية وخدماتية‪ ،‬وهو عبارة عن إحساس بالتملك واالنتماء لمجال من طرف مجموعات‬
‫تعطي لنفسها تمثل خاص‪ ،‬وهو مفهوم له حمولة اقتصادية واجتماعية وسياسية‬
‫وإيديولوجية‪ ،‬والتراب مرتبط بسلطة ترابية تحدد حدوده وتضفي عليه طابعا مؤسساتيا‪،‬‬
‫حاليا تفرض ظاهرة العولمة ومتطلبات التنمية والتنمية المستديمة ضرورة استحضار‬
‫التراب في كل سياسة عمومية فعالة‪.‬‬

‫‪-3‬التنمية المستدامة‬

‫‪ -10‬حسيني عبد هللا‪ ،1998 ،‬الجغرافية اإلقتصادية ‪:‬استراتيجيات اإلنتاج والتداول‪ ،‬مطبعة انفو برانت‪ ،‬فاس‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫)‪- RAFFESTIN C, 1986, Eco genèse territoriale et territorialité, in Auriac F. et Brunet R (eds‬‬
‫‪Espace, jeux et enjeux, Paris, P : 173-185.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪-George. P et VERGER F,2009, Dictionnaire de la géographie, Paris, Presse Universitaire de‬‬
‫‪France.‬‬

‫‪18‬‬
‫وهي تنمية تسعى لتلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة األجيال المقبلة على‬
‫احتياجاتها الخاصة‪ ،‬وتهدف االستدامة المحافظة على الموارد الطبيعية‪ ،‬وقد عرف هذا‬
‫المفهوم صدى كبيرا على إثر تقرير اللجنة العالمية حول البيئة والتنمية‪ ،‬انطالقا من هذا‬
‫التعريف أصبحت البيئة إلى جانب االقتصاد والمجال االجتماعي تشكل مكونات‬
‫إلشكاليات التنمية المستدامة ‪ ،‬مما يفسرأن التنمية المستدامة تدمج ‪ 3‬أهداف‪ :‬الفعالية‬

‫االقتصادية ‪،‬احترام البيئة والمسؤولية االجتماعية ‪ ،‬وهي فكرة ثالثية النتيجة‪:‬‬

‫‪ -‬الفعالية االقتصادية‪ :‬تهدف ربح الرأسمال المالي وهو أول هدف في سلوك‬

‫المقاولة ‪( .‬استهالك أقل من المواد األولية والطاقية بإنتاج منافع وخدمات عبر إعادة‬

‫التدوير واختراع مواد أخرى ‪.‬‬

‫حيث االستدامة اإليكولوجية تهدف الحفاظ على االنسجام‬ ‫‪-‬احتــــرام البيئة‪:‬‬

‫والتوافق بين نشاط المقاولة والحفاظ على المنظومات البيئة ‪ ،‬وتترجم صيانة الرأسمال‬

‫الطبيعي؛‬

‫‪-‬المسؤولية االجتماعية وتترجم عبر األخذ في االعتبار العواقب االجتماعية‬

‫لنشاط المقاولة لكل أصحاب المصلحة(‪.)13‬‬

‫‪ - 4‬التنمية المحلية‬
‫التنمية المحلية أو الترابية هي التي تنطلق من القاعدة ‪،‬وهي عملية إرادية تهتم‬
‫بالرفع من تنافسية التراب‪ ,‬ويتدخل فيها الفاعلون في إطار عملية تشاركية‪ ,14‬وهي‬
‫‪13‬‬
‫‪- Chirolew Assouline,2007 ; Développement durable , Dictionnaire de l’environnement,‬‬
‫‪Armand colin, Paris, p. 94‬‬
‫‪14‬‬
‫‪- BANDELLE G, Guy.C, MERRENE SCHOU MAKER. B, 2011, le développement territorial‬‬
‫‪en Europe, concepts, enjeux et débats, colle didac géo, PUF, Rennes, p : 246.‬‬
‫‪19‬‬
‫تستعمل المبادرات المحلية على مستوى الجماعات الصغيرة كمحرك للتنمية االقتصادية‪,‬‬
‫وبطبيعة الحال بمساعدة مالية وتقنية من الخارج كحفر بئر أو بناء فرعية مدرسة‪ ,‬أو‬
‫بنية تحتية صغيرة‪ ,‬وتتم بمبادرة الساكنة بمفردها أو بمبادرة تعاونية أو جمعيات القروض‬
‫الصغرى بهدف استغالل فالحي أو تجارة أو صناعة تقليدية‪ ,‬وتتزود من الموارد واألسواق‬
‫‪15‬‬
‫المحلية وتستعمل طرق فعالة‪.‬‬
‫يتدخل في إنجاز مشاريع التنمية المحلية عدة فاعلين‪ :‬الدولة‪ ,‬المنتخبون‬
‫المحليون‪ ,‬منظمات المجتمع المدني القطاع الخاص والماليون‪ ,‬وتنفد عبر مخططات‬
‫كالمخطط الجماعي للتنمية والمخطط الجهوي للتنمية وصناديق التنمية‪.‬‬
‫ويعتبر الفاعلون المحليون هم منشطي التنمية المحلية‪ ,‬وهي ليست مرادف للنمو‪,‬‬
‫بل هي عملية ثقافية‪ ,‬اقتصادية واجتماعية تهدف إلى الرفع من جودة حياة المجتمع وتبدأ‬
‫من المحلي ثم تنتشر فيما بعد على المستوى األعلى‪ ,‬وتثمن التنمية المحلية موارد التراب‬
‫ويلزم أن تكون شمولية ومتعددة األبعاد‪.‬‬
‫‪ -1-4‬مبررات نهج التنمية المحلية‬
‫تجد التنمية المحلية مبرراتها في الواقع الجديد الذي يميز األنظمة االقتصادية‬
‫الوطنية حاليا‪ ،‬والذي يتميز بثالث ظواهر أساسية‪:‬‬
‫‪ -‬تفاقم إشكالية البطالة ‪ :‬كظاهرة ذات أبعاد كمية كبرى وذات استم اررية( حيث‬
‫ارتفعت البطالة من ‪ 9.2‬إلى ‪ 9.8‬في المائة فيما بين ‪ 2013‬و ‪ ، 2018‬كما‬
‫ارتفعت نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات من ‪ 16.3‬في المائة إلى‬
‫‪ 17.1‬في المائة سنة ‪)2018‬؛‬
‫‪ -‬تزايد الصعوبات المالية‪ :‬التي تحد من قدرة اإلدارات المركزية على تدبير‬
‫مختلف جوانب السياسة االجتماعية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪-cyber géo, développement local, Wikipédia, https //Fr Wikipédia/wiki/ développement local.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬ظاهرة تقليص القدرة الشغيلة للمقاوالت ذات الحجم الكبير‪ :‬فحينما كانت هذه‬
‫المؤسسات تمثل المشغل الرئيسي كان اإلطار الطبيعي المؤسساتي لبلورة‬
‫عالقتها مع محيطها الخارجي يتعدى اإلطار المحلي‪ ,‬أما حاليا فإن االتجاه‬
‫يكمن في انتقال مركز الجذب على مستوى التشغيل إلى المقاوالت الصغرى‬
‫والمتوسطة‪.‬‬
‫وبالتالي فإن المجال المحلي أصبح اإلطار الطبيعي لتنمية هذه المقاوالت‬
‫وتطويرها بقدر ما يشكل الحقل األمثل للتجارب االجتماعية وبلورة االستراتيجيات‬
‫االقتصادية المرتبطة بخصوصيات مختلف الجهات‪ .‬ونظ ار ألهمية هذا االتجاه الجديد‬
‫والذي أصبح سائدا‪ ,‬بدأ يطرح بإلحاح خلق مناخ يمكن من إنعاش الجهات االقتصادية‬
‫حتى تتمكن من جذب المستثمرين المحليين في إطار الجماعات المحلية‪.‬‬
‫إن ترجمة هذا التطور يحتم ليس فقط جعل الجماعات المحلية تتوفر على البنيات‬
‫األساسية الالزمة لإلنتاج والتبادل‪ ,‬ولكن كذلك وبصفة خاصة فرز الفاعلين الذين‬
‫بإمكانهم خلق ديناميكية محلية والمؤسسات التي تتطلبها هذه الديناميكية‪ ,‬وضبط توجيه‬
‫العالقات التي تربط بين أولئك الفاعلين وهذه المؤسسات‪ ،‬مع التخطيط على الصعيد‬
‫الوطني حتى تترجم التنمية المحلية بانعكاسات إيجابية على المستوى الماكرو اقتصادي ‪,‬‬
‫‪16‬‬
‫وذلك انطالقا من الموارد المحلية للجماعات‪.‬‬
‫هذه المزايا بقدر ما تنبئ باألدوار الجديدة التي ستضطلع بها الجماعات المحلية‬
‫غدا بقدر ما تحتم أيضا تعامال جديدا مع قضايا التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ -2- 4‬الشروط المتوخاة لبلوغ أهداف التنمية المحلية‬
‫يهدف األسلوب الجديد لتحقيق أهداف التنمية اعتماد منهج الحوار في إطار‬
‫تعددي وجعل قضايا التنمية من اختصاص كل الفعاليات االقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية والعلمية المحلية؛ غير أن هذا التصور االقتصادي الذي أشرنا إلى بعض‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬أدريس الكراوي‪،1996،‬االقتصاد المغربي‪ ،‬التحوالت والرهانات‪ ،‬دار النشر المغربية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مالمحه الرئيسية والمنصب على إعادة توجيه وعقلة األنشطة اإلنتاجية يتطلب ثالث‬
‫شروط‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون الديمقراطية المحلية هي اإلطار المؤسساتي للتنمية المحلية؛‬
‫‪ ‬أن تكون الديمقراطية النزيهة والنظيفة الوسيلة والدعامة األساسية التي‬
‫تحسم في تثمين مختلف المجهودات التي تقوم بها مختلف الفئات الفاعلة‬
‫على صعيد الجهات؛‬
‫‪ ‬أن تتولى الدولة توفير الدعائم األساسية (بنيات تحتية‪ ,‬تجهيزات اجتماعية‪,‬‬
‫تنويع الدعم المالي ‪ )...‬الضرورية لتنمية متوازية بين الجهات ضامنة‬
‫‪17‬‬
‫بذلك حظوظا متساوية إلنجاح تنمية منسجمة على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫‪-5‬االقتصاد المحلي ‪ :‬يشكل اإلطار األمثل لتحقيق التنمية المحلية‪ ،‬إذ تبرز‬
‫التجارب التنموية اليوم أن اإلنتاج المحلي يشكل اإلطار األمثل لطرح القضايا األساسية‬
‫للتنمية (تدبير الشغل والسكن والتكوين) لبلورة السياسات االقتصادية الوطنية بصفة عامة‬
‫والتدخالت العمومية بصفة خاصة‪ ,‬وذلك لسببين اثنين‪:‬‬
‫‪ -‬األول يكمن في االستحالة الموضوعية اليوم للتدبير المركزي لمختلف جوانب‬
‫العملية التنموية طبقا للخصوصيات الجهوية‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬يتجلى في الميزات التي توفرها الالمركزية في مجال االستعمال األمثل‬
‫للثروات الوطنية‪ ,‬وترشيد التدخالت االقتصادية واستغالل التجارب االجتماعية في مجال‬
‫اإلبداع المتعدد الجوانب وباألخص على الصعيد المؤسسي والمالي وكذا مجال التعاون‬
‫‪18‬‬
‫الدولي‪.‬‬
‫لذلك نالحظ اليوم أن المجال المحلي قفر إلى دائرة االهتمام باعتباره اإلطار‬
‫المؤسساتي األمثل لتدبير مختلف جوانب السياسات العمومية‪ ،‬وهذا االهتمام يتمحور‬
‫‪17‬‬
‫‪-‬أدريس الكراوي‪ ،1996 ،‬نفسه‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬ادريس الكراوي‪،2018 ،‬التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫حول ال مركزية اتخاذ الق اررات وسن استراتيجيات مالئمة لجلب االستثمارات المنتجة‬
‫ضمن المجاالت المحلية المعنية‪.‬‬
‫وإذا كانت التنمية المحلية هذه تعتبر إحدى الدعائم المؤسسة إلرساء قواعد متينة‬
‫للديمقراطية المحلية‪ ,‬فإنها تنبني على فلسفة قوامها التحسيس الضروري لجميع الفاعلين‬
‫في الحقل الجماعي بالمسؤولية وكذا قصد السمو إلى رؤية جماعية لقضايا التنمية‪.‬‬
‫التنمية الترابية تتطلب بلورة مشروع ترابي‬
‫من الناحية العلمية‪ ,‬فإن نجاعة هذا المفهوم للتنمية المحلية يبقى مرتبطا منهجيا‬
‫ببلورة مشروع وإستراتيجية توحد حولها مختلف الفعاليات المحلية في أفق دعم وتوسيع‬
‫عمليات التنسيق والتكامل الالزمة لتحقيق األهداف المنشودة من هذا المشروع ومن هذه‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬كما أن إجرائيتها رهينة بمدى تمكن الجماعات المحلية من الحصول على‬
‫لوحات فحص محلية دقيقة‪ ,‬كفيلة بانتقاء المشاريع األكثر فعلية من الناحية االقتصادية‬
‫واألكثر إنصافا من الناحية االجتماعية واألكثر آثار جذب من ناحية خلق موارد محلية‬
‫جديدة واألنجح توزيعا على الصعيد المجالي‪،‬واالكثر توقعا واستباقا للتحوالت المستقبلية‬
‫لحاجيات الساكنة المرتقبة كيفما كانت طبيعة حاجياتها وإمكانياتها ومؤهالتها‪.‬‬
‫وهذا الجانب للتنمية المحلية ينبثق من الوعي بأهمية اإلعالم االقتصادي ليس من‬
‫زاوية جدب االستثمار ولكن كذلك وخاصة في إرساء قواعد متينة إلستراتيجية البحث عن‬
‫مجاالت جديدة للتدخالت االقتصادية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫وتكمن أهمية اإلعالم االقتصادي المحلي في أكثر من مستوى‪:‬‬
‫‪ -‬إنه يكمن من التعرف بأقصى ما يمكن من الدقة على حاجيات السكان كما‬
‫وكيفا وبالتالي من التعرف على نوعية التدخالت المالئمة‪.‬‬
‫‪ -‬إنه يساعد على رصد المعيقات التقنية واإلدارية والبشرية والمالية التي تقف في‬
‫وجه االستثمار‪ ،‬ومن ثم بمجموع العوامل التي تؤثر بصفة مباشرة وغير مباشرة على‬
‫النسيج االقتصادي المحلي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬إنه يوفر الشروط المصرفية والعلمية للتنظيم العقالني لعمليات الهيئة والتأقلم مع‬
‫خصوصيات معطيات التدخالت االقتصادية المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬إنه يمكن أيضا من استشراف اإلمكانات الجديدة في ميدان االستثمار والمرافق‬
‫والمجاالت التي تعتبر بمثابة رافعات للتنمية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬ومن هذا المنظور فإن االقتصاد المحلي يصبح بالنسبة للجماعات رهانا أوليا‬
‫وحاسما لتعزيز هامش استقالليتها‪ ,‬وهذا من أجل تحكم أفضل سواء في االختصاصات‬
‫الجديدة التي يطالب بها أو في الوظائف واألدوار الجديدة المدعوة الضطالع بها‪.‬‬

‫‪ ‬االقتصاد المحلي والتحركات المستدامة‬

‫تعتبر العودة إلى المحلي دينامية مهمة تتساءل حول نماذج اإلنتاج واالستهالك‬
‫وذلك عبر دورات اقتصادية قصيرة‪.‬‬

‫األسر‬ ‫المقاوالت‬

‫األسواق‬
‫الدورة االقتصادية‬
‫يتالءم هذا االقتصاد مع مفهوم التحركات المستدامة أو التنقل اإليكولوجي ‪ ،‬إذ‬
‫يمكن االقتصاد المحلي المجتمعات من التنقل للوصول إلى أماكن عملهم‪ ،‬وذلك بالتقليل‬
‫من المخاطر سواء على المستوى األمني أو البيئي‪.‬‬
‫‪ ‬لماذا نعزز االقتصاد المحلي ؟‬

‫‪24‬‬
‫يهدف التفكير في االقتصاد المحلي إيجاد مختلف االستراتيجيات التي تمكن مجال‬
‫ما من كسب نوع من االستقاللية المالية‪ ،‬فاالستهالك المحلي له عدة مزايا سواء على‬
‫المستوى االقتصادي أو على المستوى الصحي والبيئي ‪:‬‬
‫‪ ‬على المستوى االقتصادي‪ :‬يقلل من صرف الموارد المالية خارج التراب‪،‬‬
‫وذلك عبر تشجيع المقاولين المحليين وتعزيز خلق مقاوالت محلية؛‬
‫‪ ‬على المستوى الصحي‪ :‬يعزز استهالك مواد تعرف مصادرها ويتم‬
‫استهالكها بدون مواد حافظة ألنها ال تحتاج لهذه المواد لكونها سوف‬
‫تستهلك محليا‪ ،‬ومن جهة أخرى تجعل الساكنة ال تقطع مسافات للتزود بما‬
‫يلزمها؛‬
‫‪ ‬على المستوى البيئي‪ :‬إن االستهالك المحلي يقلل من المسافات التي‬
‫تقطعها المواد الغذائية وتقلل من التأثيرات السلبية لوسائل النقل على الهواء‬
‫(التقليل من انبعاثات غازات الدفيئة ) والخفض من تكاليف النقل‪ ،‬إن‬
‫الولوج للمواد محليا يعد سهال‪ ،‬فالمستهلك يتنقل على األرجل أو على‬
‫الدراجة أو يستعمل التنقل الجماعي للتزود من ضيعة المنتج‪ ،‬كذلك يمكن‬
‫من االتجاه إلى األسواق المحلية أو نقط البيع الجماعية (‪.)19‬وكذلك نسجل‬
‫ميالد وانتشار عدة مقاوالت تجارية ونقط البيع مصدرها ‪Les franchises‬‬
‫وهي عبارة عن عقدة بين ماركة عالمية وشاب حامل للمشروع ‪ ،‬تمكنه‬
‫من فتح محل لبيع منتوج ما كالتجميل مثال‪ ،‬ويمكن السكان المحليين أن‬
‫يحصلوا على مواد ماركة عالمية بدون السفر إلى أماكن بعيدة للبحث عن‬
‫هذه المنتوجات‪.‬‬
‫عبر هذا النوع من االقتصاد سنتمكن من تحقيق عدة أهداف ‪ :‬التقليل من التلوث‬
‫عبر التقليل من التنقالت واستعمال التنقل المستدام والتقليل من استعمال السيارة‬

‫‪19‬‬
‫‪- Favorisé l’économie locale pour un minimum de déplacement, site crée et mis à jour‬‬
‫‪par mobilité fr. 2017 copyrighat mobilité fr/ favoriser l’économie‬‬ ‫‪locale pour un‬‬
‫‪minimum de déplacement HTML.‬‬

‫‪25‬‬
‫والتخفيض المتوالي لتكاليف النقل‪ ،‬وتثمين الموارد المحلية ‪ .‬وفي هذا الشأن سنتناول‬
‫لالقتصاد المحلي كنموذج االقتصاد االجتماعي والتضامني‪.‬‬

‫‪- II‬االقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫تعد الممارسات التضامنية والتعاضدية مترسخة في ثقافة بالدنا‪ ،‬ذلك أن‬


‫أسسها تستمد مبادئها من شعائر ديننا الحنيف كالزكاة والوقف‪ ،‬كما أن هناك مصطلحات‬
‫خاصة تعبر عن هذا النوع من المساهمة الجماعية‪ ،‬تختلف بحسب المناطق وطبيعة‬
‫األنشطة بدء بالتويزة وأكادير والصكوك‪ .‬وتمتد إلى الشرد والوزيعة والخطارات‪.20‬‬

‫اعترف المغرب بأهمية التعاونيات والجمعيات منذ سنة ‪ 1985‬وكذا بأهمية‬


‫التعاضديات سنة ‪ .1963‬وقد شرع القطاع االقتصادي واالجتماعي والتضامني في‬

‫الظهور بصورة منظمة ومهيكلة في بداية القرن ‪ ،21‬وقد خصصت الحكومة المغربية‬

‫سنة ‪ 2011‬وزارة لهذا القطاع‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعريف االقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫يختلف مفهوم االقتصاد االجتماعي والتضامني باختالف الدول ‪ ،‬ومع ذلك فإن‬
‫هناك اتفاقا عاما على الصعيد الدولي حول بعض القيم التي تؤطر مجال االقتصاد‬
‫االجتماعي والتضامني‪ ،‬وبناء على ذلك يقترح المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‬
‫التعريف التالي لهذا االقتصاد‪:‬‬

‫يعبر االقتصاد االجتماعي والتضامني عن مجموع األنشطة االقتصادية‬


‫واالجتماعية التي تنتظم في شكل بنيات مهيكلة ومستقلة وتجمعات ألشخاص ذاتيين‬

‫‪ -20 -‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،2017،‬االقتصاد االجتماعي والتضامني رافعة لنمو مندمج‪.‬‬
‫‪www.cese.ma‬‬

‫‪26‬‬
‫ومعنويين(جمعيات‪ ،‬تعاونيات‪ ،‬تعاضديات وغيرهم) بهدف تحقيق المصلحة الجماعية‬
‫والمجتمعية‪ ،‬وهي أنشطة مستقلة تخضع لتدبير مستقل وديمقراطي وتشاركي‪ ،‬يكون‬
‫االنخراط فيه حرا‪ ،‬كما تنتمي إلى االقتصاد االجتماعي والتضامني جميع المؤسسات التي‬
‫تتركز أهدافها األساسية بالدرجة األولى على ما هو اجتماعي من خالل تقديمها لنماذج‬
‫مستدامة ومدمجة من الناحية االقتصادية وإنتاجها سلعا وخدمات ترتكز على العنصر‬
‫البشري وتندرج في التنمية المستدامة ومحاربة اإلقصاء ‪.21‬‬

‫حسب تعريف ‪ Escwa‬االسكوا لألمم المتحدة ‪ :‬االقتصاد االجتماعي و‬

‫التضامني‪ :‬من الناس إلى الناس‬

‫االقتصاد االجتماعي و التضامني أو االقتصاد الشعبي كلها مصطلحات تشير إلى‬


‫االقتصاد الذي محوره الناس ‪ ،‬حيث الهدف األساسي للنشاط االقتصادي أي إنتاج السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬هو تلبية احتياجات الناس وليس تحقيق الحد األقصى من األرباح‪ ،‬وهذا‬
‫االقتصاد يختلف عن النماذج االقتصادية العادية‪ ،‬إذ يستثمر التقدم والتطور (في مختلف‬

‫مجاالت االقتصاد والتكنولوجيا وغيرها) لتحقيق التنمية االجتماعية‪.‬‬

‫وهو يسخر األدوات االقتصادية لخدمة غايات اجتماعية أهمها الرفاه والنمو‬
‫للجميع بدال من تحقيق مكاسب تخدم الربح الفردي كما في النماذج التقليدية لألعمال‪،‬‬
‫ويرتكز على مؤسسات اقتصادية تخدم الناس وليس األسواق وتنتج سلعا وخدمات‬
‫لتحقيق الرعاية االجتماعية وليس تحقيق األرباح‪.‬‬

‫‪ -2‬الهدف من تبني االقتصاد االجتماعي والتضامني‬

‫يهدف االقتصاد االجتماعي التضامني معالجة المشاكل االجتماعية واالقتصادية‬


‫الرئيسية كالفقر وقلة فرص الشغل المستقر من خالل تيسير الوصول إلى التمويل‬
‫ومعلومات السوق‪ ،‬وعناصر اإلنتاج والتكنولوجيا وخدمات الدعم واألسواق ‪ ،‬للحد من‬

‫‪ -21‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،2017،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫عدم المساواة في سوق العمل وسوق المنتجات وتحسين مستوى الدخل وضمان‬
‫استمراره ‪.ESCOWA‬‬

‫سيما بفضل‬
‫نموا اقتصاديا متسارعاً إلى حدود سنة ‪ ،2010‬وال ّ‬
‫المغرب ًّ‬
‫ُ‬ ‫ف‬
‫عر َ‬
‫َ‬

‫تبعيته‬
‫نمواً غير منت ْظم‪ ،‬بسبب ّ‬
‫يظل ّ‬
‫النمو ّ‬
‫أن هذا ّ‬
‫اإلنتاجية‪ .‬غير ّ‬
‫ْارتفاع وتيرة االستثمار و ْ‬

‫سجل المغرب‬
‫ثم‪ ،‬فقد ّ‬
‫طرية‪ .‬ومن ّ‬
‫الم َ‬
‫الفالحي الذي يعتمد بدوره على التّ َسا ُقطات َ‬ ‫للقطاع‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫نموا بلغ ‪ 2,7‬في المائة سنة ‪ ،2012‬و‪ 4,4‬في المائة سنة ‪ 2013‬ليسجل تراجعا سنة‬
‫ّ‬

‫هيمن على‬
‫هي َكل الذي ُي ْ‬
‫الم ْ‬
‫طابع غير ُ‬
‫المتدنية لنشاط الساكنة‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫أن النسبة‬
‫‪ ،2018‬غير ّ‬

‫متدنية‪ ،‬انعدام عقود‬


‫جزء كبير من عالقات العمل‪ ،‬والهشاشة الكبيرة الناتجة عنها (أجور ّ‬
‫ْ‬

‫العمل‪ ،‬غياب الحماية االجتماعية ‪ ،)...‬وكذا التفاوت الكبير ْبين الوسط الحضر ّي و َ‬
‫الو َسط‬

‫الساكنة‪.‬‬ ‫تحسين الظروف المعيشية ْ ٍ‬ ‫القروي‪ ،‬كّلها عو ُ‬


‫لجزء كبير من ّ‬ ‫تشجع على ْ‬
‫امل ال ّ‬ ‫ّ‬

‫بلدا على مستوى مؤشر التنمية‬


‫المرتبة ‪ 127‬من أصل ‪ً 187‬‬
‫يحتل ْ‬
‫ّ‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فالمغرب‬

‫كبرى ّ‬
‫ملحة في مجال‬ ‫تحديات ْ‬
‫ّ‬ ‫بالدنا تُوا ِجه‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫البشرية‪ .‬يترتّ ُب على ذلك ّ‬

‫اإلدماج الترابي‪ .‬وقد تم االعتراف بصورة كبيرة بالطابع‬


‫اإلدماج االجتماعي‪ ،‬وفي مجال ْ‬

‫االستعجالي لضرورة التقليص من معدل الفقر في بالدنا‪ ،‬والحد من التفاوتات بين‬

‫األغنياء والفقراء والتفاوتات على مستوى الدخل‪ ،‬وفي التقليص من نسبة البطالة‪ ،‬وتحسين‬

‫ظروف العمل‪ ،‬والتقليل من الهدر المدرسي‪ ،‬ومحاربة األمية‪ ،‬ومعالجة مسألة التفاوتات‬

‫بين الجنسين‪ ،‬وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والبنيات التحتية؛ كما أن هناك‬

‫تحديات أكثر ضغطا تتعلق بالتقليص من التفاوتات الموجودة بين المناطق القروية‬

‫‪28‬‬
‫والمناطق الحضرية وتحسين الولوج إلى البنيات التحتية وخدمات التربية والتعليم والصحة‬

‫في المناطق القروية‪ .‬فإلى جانب القطاع العمومي والخاص يسعى االقتصاد االجتماعي‬

‫والتضامني إلى أن يعطي نفسا جديدا للنمو االقتصاد من خالل مساهمته في إيجاد حلول‬

‫لجزء كبير من تحديات اإلدماج‪.‬‬

‫‪ - 3‬الفاعلون في مجال االقتصاد االجتماعي‬

‫‪ 1-3‬الفاعلون الحكوميون‬

‫كل استراتيجية قطاعية للتنمية تنزل من خالل المؤسسات العمومية بفعل‬


‫مواردها البشرية والمادية وآلياتها اللوجستيكية‪ ،‬وهو الشأن بالنسبة للسياسة االجتماعية‬
‫لالقتصاد التضامني‪ .‬فقد قامت الدولة على مدار عقدين من الزمن بإحداث مجموعة من‬

‫المؤسسات العمومية والشبه عمومية ومن جملتها‪:‬‬

‫‪ -‬وكالة التنمية االجتماعية‬


‫‪ -‬ثالث وكاالت لإلنعاش وتنمية األقاليم االجتماعية واالقتصادية الجنوبية‬
‫والشمالية الشرقية‪.‬‬

‫‪ -‬تخصيص أقسام خاصة للعمل االجتماعي بالعماالت واألقاليم‪.‬‬


‫‪ -‬في هذا الصدد وضعت وزارة األسرة والتضامن والتنمية االجتماعية‬
‫إستراتيجية ‪ 2016-2012‬المسماة أربعة ‪ +‬أربعة ‪ 4+4‬تتألف من أربع‬

‫محاور ودعائم لتنفيذها ‪ ،22‬في المحور االستراتيجي الرابع المسمى "العمل‬

‫على تحقيق اإلنصاف والمساواة والعدالة االجتماعية" توجد غاية أساسية وهي‬
‫اإلدماج االجتماعي عبر التمكين االقتصادي‪ ،‬و يلخص التدخل في ثالث‬
‫أشكال لذلك‪:‬‬

‫‪ --22‬الفاعلون في االقتصاد االجتماعي بالمغرب‪.2013 ،‬ص‪22 :‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -1‬دعم البرامج واألنشطة المدرة للدخل‪.‬‬
‫‪ -2‬دعم المقاولة النسائية‬
‫‪ -3‬إعداد وتفعيل برامج التمكين االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫أما وكالة التنمية االقتصادية فكرست اهتمامها بتحفيز ودعم األعمال والبرامج‬
‫قصد تحسين ظروف عيش الساكنة األكثر تهميشا بصفة مستدامة ‪ 23‬وبدورها تتدخل في‬
‫برامج األنشطة المدرة للدخل‪ ،‬محاربة الفقر والتهميش ‪ ،‬وذلك بدعم الفاعلين المحليين‬
‫وتقوية قدراتهم وتنمية مجالهم‪ ،‬تماشيا مع المسعى التشاركي والشراكة والقرب‪.‬‬

‫وفيما يخص وكاالت اإلنعاش وتنمية األقاليم (نالحظ الخالف بسيط في التسميات‪،‬‬
‫فبالنسبة ألقاليم الشمال تأسست سنة ‪ 1996‬ووكالة الجنوب سنة ‪ ،2002‬أما الوكالة‬
‫الشرقية فأحدثت سنة ‪ 2006‬وكلها تحت وصاية الوزير األول سابقا رئيس الحكومة‪،‬‬
‫وللتدكير فقد أنشئت الوكاالت لضمان تنمية وتأهيل المناطق والقيام بدراسات واقتراح‬
‫استراتيجيات تنموية والبحث عن موارد آلية لتمويل وإنجاز مشاريع ذات استراتيجيات‬
‫تنموية والبحث عن موارد مالية لتمويل وإنجاز مشاريع ذات أثر مباشر على المستوى‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وباإلضافة إلى محاربة السكن غير الالئق خاصة بالنسبة لوكالة‬
‫الجنوب وتطوير مدن الصيد‪ ،‬وحيث أن قطب الرحى هو االقتصاد التضامني فللوكاالت‬
‫اهتماما مشترك من خالل دعم المشاريع االجتماعية ومشاريع القرب‪.‬‬

‫وبمجيء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تم إحداث "أقسام العمل االجتماعي"‬


‫بعماالت وأقاليم المملكة‪ ،‬من أهم اختصاصاتها تدبير ملف المبادرة التي أفردت حيزا‬
‫مهما في محاورها لألنشطة المدرة للدخل بغالف مالي مهم‪.‬‬

‫وال ينبغي إهمال دور الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة التي‬
‫تشرف اليوم على التأطير القانوني لالقتصاد االجتماعي‪ ،‬وذلك بانكبابها على إخراج‬

‫‪ -23‬الفصل الثالث من القانون رقم ‪ 99-12‬المنشئ لوكالة التنمية االجتماعية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مشروع قانوني لهذا الغرض إلى الواقع‪ ،‬إضافة إلى مؤسسات أخرى كصندوق االيداع‬
‫والتدبير الملتزم بإحداث مشاريع لالقتصاد التضامني واالجتماعي بالمغرب‪.24‬‬

‫‪ -2- 3‬الفاعلون غير الحكوميين‬

‫موازاة مع التدخل الحكومي للدولة ومؤسساتها العمومية‪ ،‬تقوم التعاونيات‬


‫والجمعيات بمجهودات كبيرة إلنعاش االقتصاد االجتماعي‪ ،‬سواء بشكل فردي أو بعقد‬
‫شراكات مع جهات رسمية أو القطاع الخاص إضافة إلى االعتماد على تمويالت‬
‫جمعيات القروض الصغرى لتنفيذ العمليات السوسيواقتصادية‪ ،‬كما أن جمعيات القروض‬
‫الصغرى مولت العديد من المشاريع ذات األثر المباشر على المستفيدين خاصة النساء‬

‫‪ -1-2-3‬التعاونيات‬

‫يمثل النسيج التعاوني المكون الرئيسي لقطاع االقتصاد االجتماعي والتضامني في‬
‫المغرب‪ ،‬سواء من حيث عدد مناصب الشغل التي يوفرها أو من حيث مساهمته في‬
‫التنمية االقتصادية واإلدماج االجتماعي‪ ،‬فقد شمل القطاع التعاوني ما يناهز ‪12.022‬‬
‫تعاونيته في نهاية سنة ‪ ،2013‬ووصلت إلى ‪ 15.700‬منخرط سنة ‪ 2016‬تضم‬
‫‪ 450.000‬منخرطا ومنخرطة‪.‬‬

‫التعاونية هي مجموعة تتألف من أشخاص ذاتيين أو اعتباريين او هما معا ‪،‬اتفقوا‬


‫أن ينظموا إلى بعضهم البعض إلنشاء مقاولة تتيح لهم تلبية حاجياتهم االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وتدار وفق مبادئ القيم والمبادئ االساسية للتعاون المتعارف عليها‪.‬‬

‫وقد تزايد عدد التعاونيات وتعتبر الفالحة والصناعة التقليدية والسكن هي مجاالت‬
‫التي تتوفر على العدد االكبر من التعاونيات‪ ،‬فإن التسيير والمحاسباتي ووسائل االتصال‬
‫مجاالت أخرى رأت النور حديثا في النسيج التعاوني‪.‬‬

‫‪ -24‬الفاعلون في االقتصاد االجتماعي بالمغرب‪ ،2013 ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪28:‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلكراهات ذات الطابع القانوني‬
‫التعاوني عدداً كبي ار من ْ‬ ‫تطور النسيج‬
‫ويواجه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طرف الدولة‪ ،‬وهي‬
‫المواكبة من َ‬
‫أن إجراءات ُ‬
‫غير ّ‬
‫اقتصادي‪ْ .‬‬
‫ّ‬ ‫المؤسساتي والسوسيو‪-‬‬
‫و ّ‬

‫ِ‬
‫تمكين التعاونيات من تجاوز هذه اإلكراهات‪ ،‬تبقى غير كافية‪.‬‬ ‫اإلجراءات التي تهدف إلى‬

‫التعاوني من غموض على مستوى القانون المن ّ‬


‫ظم‬
‫ّ‬
‫النسيج‬
‫ُ‬ ‫وفضالً عن ذلك‪ ،‬يعاني‬
‫ْ‬

‫اإلمكانيات‬
‫ّ‬ ‫الرغم من اإلصال ِح الجديد لهذا القانون؛ كما ُيعاني ْ‬
‫من ضعف‬ ‫للتعاونيات‪ ،‬على ّ‬

‫صور على ُمستوى الحكامة الناتجة‪ ،‬في‬


‫اكَبة التعاونيات؛ ومن الُق ُ‬
‫تشكو منها هيئات مو َ‬
‫التي ْ‬

‫المسيرين والمنخرطين‪ .‬وعالوةً على‬


‫ّ‬ ‫غالب األحيان‪ ،‬عن ضعف مستوى تأهيل المسؤولين‬

‫يتعين على القطاع ُمواجهة اإلكراهات المتّصلة‬


‫ؤسساتي‪ّ ،‬‬
‫الم ّ‬
‫نسبة التأطير ُ‬
‫الضعف في ْ‬
‫هذا ّ‬

‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫وغياب التغطية‬ ‫البنكية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بالولو ِج إلى الُق ُروض‬

‫‪ -2-2-3‬الجمعيات‬

‫حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط فقد بلغ عدد الجمعيات ‪ 44.771‬جمعية‬

‫سنة ‪، 2009‬بينما يصل العدد حسب معطيات وزارة الداخلية إلى ‪ 89.385‬سنة‬

‫‪،2012‬في حين بلغ عددها ‪ 120.000‬جمعية سنة ‪ .2016‬وفي جميع الحاالت فقد عرف‬

‫إنشاء الجمعيات تزايدا مطردا منذ انطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪.‬وحول مجال‬
‫االنشطة فقد أظهرت الدراسة أن الجمعيات المغربية تنشط في عدة مجاالت تشمل التربية‬
‫والمجال االجتماعي والصحة والرياضة والترفيه والدفاع عن الحقوق والسكن والتنمية‪.‬‬

‫وقد أصبحت الجمعيات شريكا معترفا به من طرف السلطات العمومية‪ ،‬إن على‬
‫الصعيد المحلي أو الوطني‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعملها للحد‬

‫‪32‬‬
‫من الهشاشة ومحاربة األمية‪ ،‬والنقص الحاصل على مستوى الخدمات الصحية والسكن‬
‫والبنيات التحتية المحلية والتجهيزات األساسية‪.‬‬

‫يستفيد النسيج الجمعوي من مصدرين أساسيين من مصادر التمويل من ميزانية‬


‫الدولة التي تحصل عليها في شكل تجهيزات ومنح ومن المساعدات الدولية التي يحصل‬
‫عليها وينضاف إلى هذين المصدرين كل من انخراطات األعضاء والتبرعات ومنح‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬

‫يضم النسيج الجمعوي حوالي ‪ 15‬مليون منخرط ثلثهم نساء‪ ،‬وتهدف الجمعيات‬
‫إلى مساعدة النساء وباألخص في الوسط القروي‪ ،‬وكذا مساعدة الشباب والمسنين‬
‫واألشخاص في وضعية إعاقة ‪،‬ومختلف الشرائح االجتماعية التي تعاني من الهشاشة‬
‫والمفتقرة إلى وسائل الولوج إلى الخدمات األساسية الضرورية‪.‬‬

‫‪ - 3-2 - 3‬التعاضديات‬

‫يتكون النسيج التعاوني من حوالي ‪ 50‬مؤسسة تتوزع أساسا بين تعاضديات الصحة‬
‫وتعاضديات التأمين ومؤسسات التكافل‪ ،‬أما التعاضديات الجماعية فهي من المبادرات‬
‫الحديثة‪ ،‬وتشكل تعاضديات الصحة ‪ %50‬من النسيج التعاوني‪ ،‬حيث يبلغ عددها ‪25‬‬
‫مؤسسة موزعة على القطاعين العمومي والقطاع شبه العمومي والقطاع الخاص والقطاع‬
‫الليبرالي‪.‬‬

‫وقد ضمت خالل سنة ‪ 2012‬حوالي ‪ 1.2‬مليون منخرطا و ‪ 4.5‬مليون مستفيد‬


‫من خدماتها‪ ،‬فرغم توفير ولوج مجاني أو بكلفة منخفضة للخدمات العالجية‪ ،‬ورغم‬
‫اكتساب الخبرة في مجال تغطية مخاطر المرض بفضل شبكة موسعة من األعمال‬
‫االجتماعية‪ ،‬فإن هذه التعاضديات التي تعمل في مجال الصحة تعاني انتقادات من حيث‬
‫ضعف نوعية الخدمات بالنسبة للمستفيدين وغياب الحكامة والنقص الحاصل على صعيد‬
‫السياسة المراقبة الداخلية والخارجية‪ ،‬وغياب الدعم المؤسساتي للمجلس األعلى للتعاضد‬
‫‪.‬وتقوم تعاضديات التأمين بتغطية المخاطر المرتبطة بمختلف األنشطة‪ ،‬ويمثل هذا الفرع‬
‫التعاضدية المغربية للتأمين ‪ MAMDA‬بالنسبة للمخاطر ذات الصلة باألنشطة الفالحية‬
‫‪33‬‬
‫عن التعاضدية الفالحية‬ ‫‪ ،‬والتعاضدية المركزية للتأمينات ‪ La MCMA‬المتفرعة‬
‫للتأمين‪ ،‬والتي تختص بحجم المخاطر التي ال ترتبط بالقطاع الفالحي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تعاضدية التأمينات ألرباب النقل المتحدثين ‪ la MATU‬التي تختص فقط بالنقل العمومي‬
‫للمسافرين‪ ،‬وتشغل مختلف التعاضديات ما يربو على ‪ 500‬شخص‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫يتطلب تطوير القطاع االجتماعي والتضامني تحسين حكامته وإدراجه في إطار‬


‫الجهوية المتقدمة‪ ،‬ولهذه الغاية يتعين تعبئة المبادرات المحلية بواسطة عملية الدعم‬
‫والتأهيل واالحترافية‪ ،‬وذلك بغية خلق تآزر وفعالية أكثر في وضع وتنفيذ برامج مهيكلة‪،‬‬
‫إضافة إلى تنظيم استقاللية هيآت حكامة القطاع الموجودة والتي يتم إحداثها‪.‬‬

‫المراجع‬

‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬ادريس الكراوي‪ ،1996 ،‬االقتصاد المغربي التحوالت والرهانات‪ ،‬دار النشر المغربية؛‬
‫‪ -‬ادريس الكراوي‪ ،2014 ،‬إشكالية التشغيل مقاربات وتوجهات‪ ،‬منشورات جمعية الدراسات واألبحاث للتنمية‪،‬‬
‫مطبعة البيضاوي؛‬
‫‪ -‬ادريس الكراوي‪ ،2018 ،‬التنمية نهاية نموذج؟ المركز الثقافي للكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪ -‬حسيني عبد هللا‪ ،1998 ،‬الجغرافية اإلقتصادية ‪:‬استراتيجيات اإلنتاج والتداول‪ ،‬مطبعة انفو برانت‪ ،‬فاس‪.‬‬
‫‪ -‬محمد كريم‪ ، 2012 ،‬االقتصاد االجتماعي بالمغرب‪ ،‬التنمية المعاقة وجدلية االقتصاد والمجتمع‪ ،‬مطابع أفريقيا‬
‫الشرق؛‬
‫‪ -‬منشورات الجماعة القروية العزرن ‪ ،2013‬االقتصاد االجتماعي سند للتنمية الترابية بالمجال الجبلي‪ ،‬اشغال‬
‫الدورة الثالثة لمنتدى التنمية والثقافة الغزرن؛‬
‫‪ -‬المندوبية السياسي للتخطيط‪ ،2009 ،‬البحث الوطني حول القطاع غير المهيكل ‪ 2007‬المملكة المغربية‬
‫الرباط؛‬
‫‪ -‬المندوبية السامية للتخطيط‪ ،2016 ،‬االستمارة الوطنية حول القطاع غير المهيكل ‪ ،20174-2013‬المملكة‬
‫المغربية‪ ،‬الرباط ؛‬
‫‪ -‬المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬االقتصاد االجتماعي والتضامني‪ :‬رافعة لنمو مندمج‬
‫‪www.cese.ma‬‬
‫‪34‬‬
‫ سلسلة السياسات‬،‫ االقتصاد االجتماعي التضامني أداة لتحقيق العدالة االجتماعية‬،2014 ،‫ منظمة األمم المتحدة‬-
—www.ayb.sd.org /en 4 ‫ العدد رقم‬،‫العامة‬

:‫المراجع باللغة الفرنسية‬ -

-- BANDELLE G, Guy.C, MERRENE SCHOU MAKER. B, 2011, le développement territorial


en Europe, concepts, enjeux et débats, colle didac géo, PUF, Rennes.

- Chirolew Assouline,2007 ; Développement durable , Dictionnaire de l’environnement,


Armand colin, Paris, p. 94

-AGENOR P. R. & AYNAOUI K., 2003, Politiques du travail et chômage au Maroc. Une
analyse quantitative, Banque Mondiale, Washington DC 20433, Version Actuelle, 26
octobre.

-RAFFESTIN C, 1986, Eco genèse territoriale et territorialité, in Auriac F. et Brunet R (eds)


Espace, jeux et enjeux, Paris, P : 173-185.

- AGUENIOU Salah, 2013, Les cotisations sociales pèsent de plus en plus lourd sur les
revenus, la Vie- Eco du 1 au 7 Mars, N° 4693, 56 année.

-George. P et VERGER F,2009, Dictionnaire de la géographie, Paris, Presse Universitaire


de France.

-DIRECTION DE LA STATISTIQUE, 1993, Migrations et Urbanisation au Maroc. Etudes


démographiques, CERED.

- DIRECTION DE LA STATISTIQUE, 2011, Activité, Emploi et Chômage. Résultats


détaillés, Haut Commissariat Au Plan, Royaume Du Maroc.

- cyber géo, développement local, Wikipédia, https //Fr Wikipédia/wiki/ développement


local.

-Favorisé l’économie locale pour un minimum de déplacement, site crée et mis à jour par
mobilité fr. 2017 copyrighat mobilité fr/ favoriser l’économie locale pour un minimum de
déplacement HTML.

35
36

You might also like