Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫الشيخ مل يراجع التفريغ‬

:‫رابط املحارضة‬
https://www.youtube.com/watch?v=HyyLnwcjAQI
‫أحب أن‬ ‫حينام أقرأ يف كتاب اهلل ﷻ ويف حديث رسول اهلل‬

‫أطلب موضو ًعا من املوضوعات َأ مْجَع فيه ما جاء فيه من األدلة يف هذا‬

‫‪ ،‬ربام‬ ‫الباب حتى أفقه هذا الباب‪ ،‬يعني مثالً ربام اقرأ يف أخالق النبي‬

‫َأ مْجَع اآليات التي تتحدث عن القرآن أو فضل القرآن‪ ،‬وحينام كنت أْجع‬

‫اآليات واألحاديث التي ختص صفات املؤمنني الذين ريض اهلل عنهم‬

‫أعىل املنازل‪ ،‬وجدت أن أحد أعظم املكونات‬ ‫وبلغوا عند اهلل‬

‫الرئيسية يف املؤمنني هي اغتنام جزء من الليل يف العبادة ‪ ،‬سواء يف الصالة‬

‫يف الذكر يف االستغفار يف التسبيح يف الدعاء يف التوبة يف الترضع‪ ،‬وهذا له‬

‫أدلة كثرية جدا‪ ،‬من ذلك مثالً ما ذكره اهلل ‪ ‬يف سورة آل عمران‬

‫ري ا ممل ُ َقن َط َر ِة ِم َن‬


‫ني َوا مل َقنَاطِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات ِم َن الن َِّساء َوا مل َبنِ َ‬
‫الشهو ِ‬
‫ب َّ َ َ‬ ‫‪ُ ‬ز ِّي َن لِلن ِ‬
‫َّاس ُح ُّ‬
‫اْلي ِ‬ ‫اْلي ِل ا مملسوم ِة و ماألَنمعا ِم و م ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الذ َه ِ‬
‫اة الدُّ نم َيا‬ ‫اع م َ َ‬ ‫اْلَ مرث َ َٰذل َك َم َت ُ‬ ‫ب َوا ملف َّضة َو م َ م ُ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬

‫ري ِّمن َ َٰذلِ ُك مم لِ َّل ِذي َن ا َّت َق موا‬


‫َآب (‪ُ )41‬ق مل َأ ُؤ َن ِّب ُئكُم بِخَ م ٍ‬ ‫اَّلل ِعندَ ُه ُح مس ُن ا ممل ِ‬ ‫َو َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َت ِري ِمن َ م ِ‬ ‫ِعندَ َر ِِّّبِ مم َجن ٌ‬
‫اج ُّم َط َّه َر ٌة‬‫َتت َها ماألَ م َْن ُار َخالدي َن ف َيها َو َأ مز َو ٌ‬ ‫َّات َ م‬
‫اد (‪ )41‬ا َّل ِذي َن َي ُقو ُل َ‬ ‫ان من اَّللِ واَّلل ب ِصري بِا مل ِعب ِ‬
‫ون َر َّبنَا إِ َّننَا آ َمنَّا‬ ‫َ‬ ‫َو ِر مض َو ٌ ِّ َ َّ َ َّ ُ َ ٌ‬
‫ني‬‫ني َوا مل َقانِتِ َ‬ ‫اد ِق َ‬
‫َفا مغ ِفر َلنَا ُذنُوبنَا و ِقنَا َع َذاب الن َِّار (‪ )41‬الصابِ ِرين والص ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫م‬
‫ار (‪ ]  )41‬آل عمران[‪.‬‬ ‫ني َوا ممل ُ مس َت مغ ِف ِري َن بِ ماألَ مس َح ِ‬
‫نف ِق َ‬‫وا ممل ِ‬
‫َ ُ‬
‫َب َّني يف هذه اآلية خري ما يمكن أن يطلبه املؤمن‪ ،‬و َب َّني الصفات‬ ‫اهلل‬

‫التي بلغ ِّبا هؤالء أعىل املنازل عنده‪ ،‬كام يف آيات كثرية يف صفة عباد‬

‫ض َه مونًا َوإِ َذا َخا َط َب ُه ُم‬


‫ون َع َىل ماألَ مر ِ‬ ‫مح َِٰن ا َّل ِذي َن َي مم ُش َ‬
‫الر م َ‬ ‫ِ‬
‫الرمحن ‪َ ‬وع َبا ُد َّ‬
‫ون لِ َر ِِّّبِ مم ُس َّجدً ا َو ِق َيا ًما (‪ )11‬‬
‫ون َقا ُلوا َسالَ ًما (‪َ )16‬وا َّل ِذي َن َيبِي ُت َ‬ ‫اْل ِ‬
‫اه ُل َ‬‫مَ‬
‫]الفرقان[‪.‬‬

‫فأريد أن أقف معكم مع جمموعة من اآليات‪:‬‬

‫ِ ِ‬ ‫َّات و ُعي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬إِ َّن ا ممل ُ َّت ِق َ‬


‫َاه مم َر ُّ ُِّب مم إِ َّ ُْن مم كَانُوا َقبم َل‬
‫ون (‪ )41‬آخذي َن َما آت ُ‬ ‫ني ِيف َجن َ ُ‬
‫ون (‪َ )41‬وبِ ماألَ مس َح ِ‬
‫ار‬ ‫ني (‪ )41‬كَانُوا َقلِيالً ِّم َن ال َّليم ِل َما َ مَي َج ُع َ‬
‫ُم ِسن ِ َ‬ ‫َ َٰذلِ َك ُ م‬
‫ون (‪ ]  )41‬الذاريات[‪.‬‬ ‫ُه مم َي مس َت مغ ِف ُر َ‬

‫هذه أول وقفة لنا يف اْلديث عن اغتنام جزء من الليل‪ ،‬هذه اآلية اختلف‬

‫آخ ِذي َن‬


‫ون (‪ِ )41‬‬ ‫ني ِيف جن ٍ‬
‫َّات و ُعي ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫قال> إِ َّن ا ممل ُ َّت ِق َ‬ ‫يف معناها‪ ،‬أوال اهلل‬

‫َاه مم َر ُّ ُِّب مم < هل معنى اآلية أْنم جيزون عىل أعامهلم يف اآلخرة؟ أم إن‬
‫َما آت ُ‬
‫املعنى وهذا هو الذي أميل إليه؛ أخذين بمعنى أْنم عاملون بفرائض اهلل‬

‫التي فرضت عليهم‪ ،‬وهذا تفسري بعض املفرسين؛ إذا أخذنا ِّبذا التفسري‬

‫فإن هذا التفسري يبني أْنم أخذوا عن اهلل ﷻ فرائضه وعملوا ِّبا ألْنم‬
‫كانوا قبل ذلك ُمسنني‪ ،‬ثم رشح اهلل ‪ ‬إحساْنم فقال >كَانُوا َقلِيالً ِّم َن‬

‫ون< كانوا قليال من الليل‬ ‫ار ُه مم َي مس َت مغ ِف ُر َ‬


‫ون(‪َ )41‬وبِ ماألَ مس َح ِ‬
‫ال َّليم ِل َما َ مَي َج ُع َ‬

‫ما َيجعون خمتلف أيضا يف معناها‪ ،‬لكن األقرب واهلل أعلم وهو الذي‬
‫عليه أكثر املفرسين أنه َّ‬
‫قل أن يمر عليهم يوم ينامون فيه من العشاء إىل‬
‫الفجر‪ ،‬يعني َّ‬
‫قل أو صفة املؤمن أنه يندر أن يمر عليه يوم ينام من أول‬

‫الليل إىل آخرة‪ ،‬إ ّما أنه يصيل يف أوله أو يف وسطه أو يف آخرة‪ ،‬ال بد من أن‬

‫يكون له نصيب من قيام الليل أو اغتنام الليل يف الصالة أو االستغفار أو‬

‫الذكر أو التسبيح أو الدعاء أو غري ذلك‪ ،‬فرتى أن هذه اآلية كأْنا تعليل‪،‬‬

‫َاه مم َر ُّ ُِّب مم < يعني أْنم أطاعوا اهلل وقبلوا عن اهلل فرائضه‬ ‫ِ ِ‬
‫>آخذي َن َما آت ُ‬
‫وعملوا بام يف القرآن والسنة من األحكام‪.‬‬

‫>إِ َّ ُْن مم كَانُوا َقبم َل ََٰذلِ َك ُ مُم ِسنِ َني< يعني أن إحساْنم هذا ألن النبي ‪‬‬
‫كان قد ُفرض عليه قيام الليل هو وأصحابه ثم بعد ذلك ٌنسخ فرضه‬
‫َب َّني أن كل مسلم ال بد من أن يكون له نصيب‬ ‫و َب ِق َي مستحبا‪ ،‬واهلل‬
‫ُون ِمنكُم َّم مر ََض‬‫من العبادة من قيام الليل من القرآن ‪َ ‬علِ َم َأن َس َيك ُ‬
‫ون ُي َقاتِ ُل َ‬ ‫َ ِ ُ َ ِ َ ِ ِ‬
‫ون ِيف‬ ‫آخ ُر َ‬ ‫ون ِيف األ مرض َيبم َتغون من ف مضل َّ‬
‫اَّلل َو َ‬ ‫ون َي م ِ‬
‫رض ُب َ‬ ‫آخ ُر َ‬
‫َو َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫رس ِمن م ُه ‪] ‬املزمل[‪ ،‬إذا كانت املرأة ربة منزل أو‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫َ َّ َ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫وا‬ ‫ؤ‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫اَّلل َ‬
‫ق‬ ‫ا‬‫ف‬ ‫َسبيل َّ‬
‫كان الرجل تاجرا أو عامال أو مهندسا أو طبيبا أو طالب علم أو شاب أو‬
‫فتاة ال بد من أن يكون لكل مسلم نصيب من كتاب اهلل ومن األعامل‬
‫الصاْلة املستحبة ومن أرشفها وأجلها قيام الليل‪ ،‬فكأن هذه اآلية تعليل‬
‫ني (‪ )41‬كَانُوا َقلِيالً ِّم َن ال َّليم ِل َما َ مَي َج ُع َ‬
‫ون<‬ ‫ُم ِسنِ َ‬
‫>إِ َّ ُْن مم كَانُوا َقبم َل َ َٰذلِ َك ُ م‬

‫مما يبني أثر قيام الليل عىل تقوية العبد عىل أداء فرائض اهلل ‪ ،‬كثريا ما‬
‫ف‬ ‫تأيت اْلملة التي تبدأ بإن يف موضع التعليل مثل قوله ‪َٰ َ > ‬ذلِ َك لِن م ِ‬
‫َْص َ‬
‫ني< آيات كثرية جدا تبني هذا‬ ‫خ َل ِص َ‬ ‫َعنمه السوء وا مل َفح َشاء إِ َّنه ِمن ِعب ِ‬
‫ادنَا ا ممل ُ م‬ ‫ُ ُّ َ َ م َ ُ م َ‬
‫املعنى‪.‬‬
‫مع قول اهلل‬

‫ُم ِسن ِ َ‬
‫ني< ثم فرس إحساْنم الذي به قبلوا الفرائض‬ ‫>إِ َّ ُْن مم كَانُوا َقبم َل َ َٰذلِ َك ُ م‬
‫عن اهلل واستعانوا ِّبا عىل القيام بالعمل > كَانُوا َقلِيالً ِّم َن ال َّليم ِل َما‬

‫ون< يعني َق َّل أن يمر عليهم يوم ينامون فيه كل الليل‪ ،‬البد من أن‬
‫َ مَي َج ُع َ‬

‫يكون هلم نصيب من الليل من أوله من أوسطه من آخرة‪ ،‬هذه هي الوقفة‬

‫األوىل وخالصتها يف أن املؤمن ينبغي أن يكون أو األفضل له أن تكون‬

‫عادته أن يأخذ نصيب من الليل‪ ،‬أي ًا كان هذا املؤمن كان عالام أو تاجرا‬

‫أو مهندسا أو طالب جامعة أو طفل‪ ،‬كام سنتكلم فيه عن بركة البيت‬

‫بقيام الليل‪.‬‬
‫(إذا كان ُث ُل ُث‬ ‫مع حديث النبي ‪ ‬وحديث رشيف جدا‪ ،‬قال النبي‬
‫سائل ُ‬
‫فأعط َيه هل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫فيقول هل من‬ ‫الليل أو َشطمره ي ِنز ُل اهلل إىل ِ‬
‫سامء الدنيا‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫فأغفر‬ ‫ِ‬
‫مستغف ٍر‬ ‫فأتوب عليه هل من‬ ‫فأستجيب له هل من ٍ‬
‫تائب‬ ‫من داعي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫له حتى َيطم ُل َع الفجر) صححه األلباين‬

‫هذا اْلديث عظيم جدا يبني فضل هذا الوقت وهو آخر الليل‪ ،‬فيستحب‬

‫للمؤمن أن يكون له نصيب من آخر الليل‪ ،‬فهذا وقت يستجيب اهلل ‪‬‬
‫فيه الدعاء‪ ،‬هذا وقت يتوب اهلل فيه عىل التائب‪ ،‬هذا وقت يعطي اهلل‬

‫ﷻ فيه السائلني‪ ،‬وربام نجد طالب علم مثالً يناظر ِّبذا اْلديث ليثبت‬

‫صفة من صفات اهلل ‪ ‬وهي حق تثبت هلل ‪ ‬وهلل املثل األعىل‪ ،‬لكن‬

‫هذا اْلديث مل يسق أصالة إلثبات تلك الصفة‪ ،‬وإنام سيق للعمل بام فيه‪،‬‬

‫فإذا علم العبد أن ربه يف ذلك الوقت يقول هل من داع فاستجيب له؟‬

‫هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ فينبغي أن يغتنم ذلك‬

‫الوقت وأال يكون حظه جمرد املناظرة‪ ،‬فهذه هي الوقفة الثانية املهمة‬

‫رشف آخر الليل‪.‬‬


‫‪:‬‬

‫واتباعه‪ ،‬قال اهلل ﷻ‬ ‫يف صفة النبي‬ ‫يف قول اهلل‬

‫مح َة َر ِّب ِه ُق مل‬


‫َي َذ ُر ماآل ِخ َر َة َو َي مر ُجو َر م َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ‬أ َّم من ُه َو َقان ٌت آنَا َء ال َّليم ِل َساجدً ا َو َقائ ًام َ م‬
‫ون َوا َّل ِذي َن َال َي مع َل ُم َ‬
‫ون إِن ََّام َي َت َذك َُّر ُأو ُلو ماألَ مل َب ِ‬
‫اب‬ ‫َه مل َي مس َت ِوي ا َّل ِذي َن َي مع َل ُم َ‬

‫(‪ ]  )9‬الزمر[‪.‬‬

‫هذه اآلية يا شباب عظيمة جدا أحب كثريا أن أقف معها‪ ،‬كل كلمة يف‬

‫هذه اآلية يمكن أن َييا ِّبا املؤمن‪ ،‬يتقوى ِّبا عىل طاعة اهلل يصرب ِّبا عىل‬

‫طاعة اهلل‪َ > ،‬أ َّم من ُه َو َقانِ ٌت آنَا َء ال َّليم ِل< اختلف يف معنى القنوت املهم أنه‬

‫املداومة عىل الطاعة كأن هذا هو األصل اْلامع‪ ،‬أو البقاء طويال يف‬

‫الطاعة‪ ،‬أمن هو قانت آناء الليل يف ساعات الليل ساجدا وقائام‪ ،‬خيشع‬

‫هلل ويقنت يف ركوعه وسجوده ودعائه‪.‬‬

‫اجدً ا َو َق ِائ ًام< ‪ ،‬لـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـاذا؟‬


‫> َأم من ُه َو َقانِ ٌت آنَاء ال َّليم ِل س ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫مح َة َر ِّب ِه< هذا العبد الذي عنده حب هلل وخوف‬ ‫َي َذ ُر ماآل ِخ َر َة َو َي مر ُجو َر م َ‬
‫>َم‬
‫من اهلل ومن اآلخرة ورجاء فيام عند اهلل‪ ،‬وعنده شكر هلل‪ ،‬ترجم هذا‬

‫اْلب والشكر والرجاء إىل عمل وهو قيام الليل وفيه معنى عظيم جدا‬

‫وهو إن قيام الليل وقاية للعبد من عذاب اآلخرة وسبب يف استجالب‬


‫َي َذ ُر ماآل ِخ َر َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رمحة اهلل ﷻ > َأ َّم من ُه َو َقان ٌت آنَا َء ال َّليم ِل َساجدً ا َو َقائ ًام َ م‬
‫ون<‪.‬‬‫ون َوا َّل ِذي َن َال َي مع َل ُم َ‬
‫مح َة َر ِّب ِه ُق مل َه مل َي مس َت ِوي ا َّل ِذي َن َي مع َل ُم َ‬
‫َو َي مر ُجو َر م َ‬

‫ال يمكن أبدا أن يستوي العامل باهلل الذي محله علمه عىل القيام بام يريض‬

‫اهلل بشخص جاهل‪ ،‬واْلاهل هنا ال يلزم أن يكون جاهال بفضل قيام‬

‫الليل أو جاهال بطاعة اهلل‪ ،‬قد يكون ذا علم لكن علمه مل ينفعه‪ ،‬والنبي‬

‫كان يتعوذ من علم ال ينفع‪.‬‬

‫ُم ِّرك‪ ،‬النبي ‪ ‬لام قام حتى تفطرت قدماه‪ ،‬قالت له عائشة‬
‫شكر اهلل ُ َ‬

‫تفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال أفال أكون‬

‫عبدا شكورا؟‬

‫ُم ِّرك‪ ،‬شكر اهلل‬


‫ُم ِّرك‪ ،‬اْلياء من اهلل ُ َ‬
‫ُم ِّرك‪ ،‬اْلوف من اهلل ُ َ‬
‫اْلب هلل ُ َ‬
‫ُم ِّرك‪ ،‬وكل من مل َيمله حبه أو شكره أو رجائه‬
‫ُم ِّرك‪ ، ،‬العلم عن اهلل ُ َ‬
‫َُ‬
‫عىل العمل فهذا حب ناقص ‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫األسباب املعينة عىل اغتنام جزء من الليل‪ ،‬ال شك أن كل الذين‬

‫يستمعون أو يقرئون هذا الكالم ولعل هذا من البرشيات أساسا أن َتب‬

‫أن تستمع أو تقرأ منشور أو كتاب يدعوك إىل عمل صالح أو يدعوك إىل‬
‫خري ما ينفعك يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬لكن نحتاج هنا أن نقف وقفة رسيعة‬

‫عن األسباب التي تعني العبد عىل أن يغتنم جزء من الليل‪،‬‬

‫األمر األول‪ :‬العلم بقيمة قيام الليل وفضله وأثره عىل النفس‪ ،‬قيام الليل‬

‫يكاد أن يكون أرشف املستحبات من كثرة األدلة التي جاءت عن األنبياء‬

‫يف اْلرص‬ ‫وقبلهم عن النبي‬ ‫والصاْلني وعن صحابة النبي ‪‬‬


‫الشديد عىل اغتنام جزء من الليل يف الدعاء واالستغفار والقيام‪ ،‬يكاد أن‬

‫يبلغ بذلك أرشف املستحبات بعد الواجبات‪ ،‬أثر قيام الليل يف بناء‬

‫شخصية املسلم يعلمه كل من ذاق يشء من حالوته‪ ،‬قيام الليل يبني‬

‫ويؤسس شخصية املؤمن‪ ،‬يمكن أن يكون مما يستنبط منه ذلك إن اهلل‬

‫ليتقوى به عىل الدعوة وعىل ما يواجه من‬ ‫من أول ما أمر به نبيه‬

‫ص ِمن م ُه‬
‫ِّص َف ُه َأ ِو ان ُق م‬
‫ِ‬
‫الصعوبات ‪‬يا َأ ُّ ََيا ا ممل ُ َّز ِّم ُل (‪ُ )4‬ق ِم ال َّليم َل إِ َّال َقليالً (‪ )2‬ن م‬
‫آن ت مَرتِيالً (‪ )1‬إِنَّا َسنُلم ِقي َع َليم َك َق مو ًال َث ِقيالً‬ ‫َقلِيالً (‪َ )6‬أ مو ِز مد َع َليم ِه َو َرت ِِّل ا مل ُق مر َ‬

‫َاش َئ َة ال َّليم ِل ِه َي َأ َشدُّ َوطم ًئا َو َأ مق َو ُم ِقيالً (‪ ]  )1‬املزمل[‪.‬‬ ‫(‪ )1‬إِ َّن ن ِ‬

‫العلم بفضل ورشف وقيمة وأثر قيام الليل‪ ،‬سبب رئييس يف أال يضيع‬

‫املؤمن كل الليل يف النوم‪ ،‬وأن يبقي جزء ًا منه للعبادات‪ ،‬وسيأيت بيان‬

‫اغتنام اْلزء الذي تستيقظ فيه إن شاء اهلل‪.‬‬


‫األمر الثاني‪ :‬الدعاء أن تدعو اهلل ‪ ‬أن يعينك عىل قيام الليل‪ ،‬الدعاء‬

‫يا إخويت أمر ال بد أن يكون يف نسيجك تتنفسه‪ ،‬أي أمر يف حياتك؛ يف‬

‫صالح نفسك أو ولدك أو أهلك أو أبيك أو أمك أو أخيك‪ ،‬أي شخص‬

‫َتبه يف الدنيا وتريد أن تقدم له خري ادع له‪ ،‬بكل تفصيله خري تريد أن‬

‫يكون عليها‪.‬‬

‫األمر الثالث‪ :‬العمل الصالح؛ العمل الصالح بالنهار سبب يف قيام الليل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن قيام الليل هو رزق‪ ،‬قال ﷻ ‪‬إِ َليمه َي مص َعدُ ا ملكَل ُم ال َّط ِّي ُ‬
‫ب َوا مل َع َم ُل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهتَدَ موا ُهدً ى‬ ‫الصال ُح َي مر َف ُع ُه ‪ ] ‬فاطر[‪ ،‬وقال ‪َ  ‬و َي ِزيدُ َُّ‬
‫اَّلل ا َّلذي َن م‬ ‫َّ‬
‫ات َخ م ٌري ِعندَ َر ِّب َك َث َوا ًبا َو َخ م ٌري َّم َر ًّدا ‪ ] ‬مريم[‪.‬‬ ‫ات الص ِ‬
‫اْلَ ُ‬ ‫ِ‬
‫َوا مل َباق َي ُ َّ‬

‫األمر الرابع‪ :‬من األمور املهمة األخذ باألسباب‪ ،‬النوم مبكرا‪ ،‬النوم عىل‬

‫وضوء‪ ،‬أذكار النوم‪ ،‬منها مثالً إنك تراجع القدر اليل ستقرأ به‪.‬‬

‫وأنا أحب كثريا أن يقرأ اإلنسان من صدره َياول ويبذل وسعه‪ ،‬ال نلزم‬

‫عليه ونقول ال يمكن أن تقرأ من املصحف يف قيام الليل لكني أحب‬

‫كثريا أن جياهد املؤمن نفسه عىل أن يقرأ القرآن من صدره فهذا له طعم‬

‫ْجيل وَيتاج جماهدة‪ ،‬وأيضا قراءة القرآن من الصدر يف قيام الليل من‬

‫أسباب التي تثبيته‪.‬‬


‫األمر اخلامس‪ :‬أن تفهم نفسك‪ ،‬هل أنت من النوع اليل لو نام ما‬

‫بيصحاش غري ْلد الفجر يبقى خالص تصيل قبل ما تنام وخالص‪.‬‬

‫طيب ممكن أنت تستيقظ مثالً يف نصف الليل‪ ،‬يبقى أنت ممكن تصيل‬

‫ركعتني أو أربعة عىل ما ربنا يفتح عليك‪ ،‬بعد ذلك ال بد إنك ختتمها‬

‫بالوتر أو يستحب لك ذلك‪ ،‬وممكن تكون أنت فعال عندك قدرة إنك‬

‫تستيقظ قبل الفجر مثالً بربع ساعة أو نصف ساعة‪ ،‬فعليك فهم نفسك‪،‬‬

‫ألن كثري من الشباب أقول له مثالً صل ركعتني قبل ما تنام يقول يل ال أنا‬

‫أحب أن أصيل يف آخر الليل عشان ثوابه أكرب‪ ،‬فينام ويضيع الصالة‪،‬‬

‫املهم إنك تدرك شي ًئا من الليل‪.‬‬

‫ومن األمور املهمة جدا يف مسألة قيام الليل إن ألهـلك علـيك َحــ ًق ّـا‪،‬‬
‫كثري من الناس نراه مهتم بقراءة القرآن وطلب العلم وسايب أوالده‬

‫وزوجته يعني ال يشغلهم بأي بيشء نافع‪ ،‬هو يظن إنه طالام هو كويس‬

‫خالص!‪ ،‬ال طبعا‪ ،‬إن ألهلك عليك حقا وكلكم راع ومسؤول عن‬

‫رعيته‪ ،‬واهلل هذه نصيحة أخي املحب‪ ،‬من أخص األمور التي ترسي‬

‫وَيدَ ى ِّبا أهل البيت أن يكون بيت القرآن‬


‫بركتها يف كل أركان البيت ٌ م‬
‫وأن يكون القرآن متلو ًا يف كل ركن فيه‪ ،‬ومن أخص ذلك قيام الليل‬
‫حتى لو مرة يف األسبوع جيتمع أهل البيت عىل القرآن وعىل االستغفار‬

‫وعىل الدعاء‪ ،‬واهلل هذا من الربكة العظيمة وأحب األعامل إىل اهلل أدومه‬

‫كان َيب إذا عمل عمل أن يثبته‪ ،‬أيضا النبي‬ ‫وان قل‪ ،‬النبي‬
‫ٍ‬
‫فالن‪ ،‬كان يقوم‬ ‫عتب عىل بعض الناس فقال ((يا عبدالله‪ ،‬ال ت ُك من َ‬
‫مثل‬

‫من الليل فرتك قيام الليل)) متفق عليه‪.‬‬

‫ومن األمور املهمة جدا يا إخويت التي تثبت عندك قيام الليل تعويض ما‬

‫يل‪ ،‬أو َع من‬ ‫قال (( َم من نَا َم َع من ِح مزبِه َم َن ال َّل ِ‬ ‫فاتك‪ ،‬يعني إيه؟ النبي‬

‫ب له كأنَّام َقر َأه َم َن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َيش ٍء ِمن مه َف َقر َأه ما بني ص ِ‬
‫الظهر‪ ،‬كُت َ‬ ‫وصالة‬ ‫الفجر‬ ‫الة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال َّل ِ‬
‫يل)) رواه مسلم‪ ،‬يعني باختصار أي يشء َترص عىل تعويضه عندك‬

‫سيثبت عندك‪ ،‬مثالً أنت متعود إنك أنت تقرأ جزئيني يف اليوم ونسيت‪،‬‬

‫لو يف اليوم اليل بعده قرأت أربعة أجزاء يبقى خالص‪ ،‬هذا يؤكد أن قراءة‬

‫اْلزئيني أصبحوا شيئا أساسيا من يومك‪.‬‬

‫األمر األخري‪ :‬ماذا أفعل عندما استيقظ؟‪ ،‬لو أنا استيقظت ربع ساعة أو‬

‫نصف ساعة‪ ،‬ماذا أفعل؟ ال بد من أن تنوع‪ ،‬لامذا تنوع؟ ألن كل عمل‬

‫صالح له ثمرة يضيف شيئا يف حياتك‪ ،‬أنا ال أحب أبدا عندما أجد‬

‫شخص يقول أنا واهلل ماليش يف الصيام!‪ ،‬أنا بتصدق بس ماليش يف‬
‫الصيام!‪ ،‬ماليش يف طلب العلم! ماليش يف قراءة القرآن!‪ ،‬أنا مثالً بحب‬

‫الصيام لكن ال أعرف اقرأ قرآن!‪ ،‬نعم بالتأكيد هناك باب هو أسهل‬

‫عليك وأحب إليك وهو بابك‪ ،‬لكن مع ذلك كل عمل صالح يف اإلسالم‬

‫وكل شعبة من شعب اإليامن ُت َك ِّون فيك وتبني حجرا يف جدارك‪،‬‬

‫الصالة الصيام الذكر التسبيح األمر باملعروف النهي عن املنكر الكلمة‬

‫الطيبة تشجيع الناس اإلصالح بني الناس إماطة األذى عن الطريق‪،‬‬

‫فالبد من أن ترضب بسهم يف كل باب من أبواب اْلري‪.‬‬

‫لام استيقظ بالليل نصف ساعة مثالً ممكن أعمل فيها إيه؟‬

‫طبعا أتوضأ واذكر اهلل ﷻ وبعد ذلك ُأ َص ِّيل ما شاء اهلل يل أن أصيل‬

‫وصالة الليل مثنى مثنى وبعدها ختتم بالوتر‪ ،‬أيضا الذكر والدعاء‬

‫واالستغفار والتوبة ‪،‬أدعو لكل من َتب‪ ،‬ادع لنفسك لزوجتك ألبنائك‪،‬‬

‫ادع بكل حاجة‪ ،‬أنا استغرب من شخص له مطالب وينام كل الليل‪،‬‬

‫وقت الليل هو أْجل وقت َتكي فيه لربنا وتشكو فيه هلل وتفضفض‬

‫وتترضع هلل ﷻ‪ ،‬الليل وقت ْجيل جدا وقت الروقان ‪ ،‬عندك مثالً ولد‬

‫مشاغب أو تريد أن تصلح زوجتك أو تدعو ألبيك بالرمحة أو تدعو له‬


‫باهلداية‪ ،‬تدعو لصديقك‪ ،‬تدعو للمسلمني املقهورين املظلومني‪ ،‬أدع‬

‫لنفسك ألبيك ألمك ألهلك‪،‬‬

‫دعاء الليل من خري ما يستجاب‪ ،‬اهلل ‪ ‬يقول هل من داع فاستجيب‬

‫له؟ من؟ م ـن ي ـ ـ ـدعـو؟ فلذلك جيب أن تغتنم هذا يف الدعاء يف االستغفار‬

‫يف الذكر يف التوبة‪ ،‬يف أن تتفكر يف نفسك ويف خلق اهلل وتتفكر تتذكر‬

‫َاهم بِخَ الِ َص ٍة ِذك َمرى الدَّ ِار< من‬


‫يقول >إِنَّا َأ مخ َل مصن ُ‬ ‫الدار اآلخرة‪ ،‬اهلل‬

‫مكونات املؤمن أن يتذكر الدار اآلخرة‪.‬‬

‫فلذلك أنا متأكد إن شاء اهلل إنك بعد سامع أو قراءة هذا الكالم‬

‫ستستغل جزءا من الليل‪ ،‬مش عشان أنا كالمي حلو‪ ،‬ال‪ ،‬عشان أنت‬

‫َو َح َشك بجد األنس باهلل‪ ،‬أنت كنت زمان ممكن تكون ُمافظ عىل قيام‬
‫الليل لكن مستواك َقل‪ ،‬فنحن لنُ َذكر بعضنا > َو َذك مِّر َف ِإ َّن ِّ‬
‫الذك َمر َٰى تَن َف ُع‬

‫ني <‪ ،‬واهلل قيام الليل يعني لو أنت عندك أمور كثرية جدا مستحبة‬ ‫ا ممل ُ مؤ ِمنِ َ‬
‫قْصت فيها حاول تبدأ ِّبا وحاول ختيل قيام الليل بوابة لك لبقية‬

‫أن جيعل لنا نصيب ًا‬ ‫الطاعات‪ ،‬وستجد أثرها بإذن اهلل‪ ،‬نسأل اهلل‬

‫عظي ًام من بركة الليل‪ ،‬ونسأله أن جيعل بيوتنا بيوت القرآن وبيوت الذكر‬

‫بيوت التسبيح واالستغفار وأن َيبب إلينا اإليامن وأن ٌي َْصف قلوبنا إىل‬
‫اإليامن‪ ،‬واهلل العظيم تْصيف القلوب إىل اإليامن هو من بركة من اهلل‬

‫اإل َيام َن َو َز َّينَ ُه ِيف ُق ُلوبِ ُك مم<‪.‬‬


‫ب إِ َليمك ُُم م ِ‬ ‫ﷻ ِ‬
‫>و َ َٰلك َّن َّ َ‬
‫اَّلل َح َّب َ‬ ‫َ‬

‫العالمة اْلاصة التي تعرف ِّبا حب اهلل لك وتوفيق اهلل لك هي أن ترى‬

‫أن اهلل يشغلك بام خلقت له‪ ،‬أول ما تالقي ربنا كده يرشح صدرك‬

‫للعمل الصالح وَيببك يف العمل الصالح ويسهله عليك أو يرسل لك‬

‫من ينصحك أو يذكرك اعرف إنك أنت مايش يف الطريق الصحيح ‪.‬‬

‫يعطيه ألعظم الناس كفرا كام‬ ‫أما غري ذلك من الرزق واملتاع فإن اهلل‬

‫يعطيه للمؤمنني‪ ،‬عادي جدا‪ ،‬العالمة اْلاصة هي أن َيبب اهلل إليك‬

‫اإليامن وأن يزينه يف قلبك وان يْصف قلبك إىل طاعته‪،‬‬

‫َصفم ُق ُلو َبنَا َ‬


‫عىل‬ ‫ف ال ُق ُل ِ‬
‫وب َ ِّ‬ ‫يدعو‪( :‬ال َّل ُه َّم ُم َ ِّ‬
‫ْص َ‬ ‫كام كان النبي‬

‫َطا َعتِ َك) صحيح مسلم‪.‬‬

You might also like