المرقعة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫ما المقصود بالمرقعة ؟‬

‫المرقعة‬
‫في اللغة‬
‫بالرقعة‬ ‫ُ‬ ‫َح ُه‬ ‫َر َق َع الثوب ‪ :‬أصل َ‬
‫المرقعات ‪ :‬جمع مرقعة ‪ ،‬وهي الثوب الملفق من رقاع كثيرة ملونة أو غير ملونة ‪ ،‬كانت‬
‫من صوف أو شعر أو جلد‬
‫في الاصطلاح الطريقة الكركرية‬
‫ستر بالجمال الذاتي الباطن في فرق الأسماء‪ ،‬المتجلي بألوان حضرة القوس‬ ‫مظهر ال َّت َ‬
‫العلوي‪ ،‬وإعلان مبايعة النفس للروح للدخول والترقي في مراتبها‬
‫*وما الدليل من القران؟‬
‫في القرآن الكريم‬
‫ما‬
‫َان َعلَيْ ِه َ‬ ‫صف ِ‬ ‫ما َو َط ِفقَا يَ ْخ ِ‬ ‫س ْو ُآت ُه َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت ل َُه َ‬ ‫َّج َر َة بَ َد ْ‬ ‫ما ذَاقَا الش َ‬ ‫ور ۚ َف َل َّ‬ ‫ما ِب ُغ ُر ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫قال تعالى ‪َ :‬ف َدلَّا ُ‬
‫ُما‬
‫ان َلك َ‬ ‫ن الشَّيْ َط َ‬ ‫ُما إِ َّ‬
‫ل َلك َ‬ ‫َّج َرةِ َوأَ ُق ْ‬ ‫ُما الش َ‬ ‫ن تِ ْلك َ‬ ‫ُما َع ْ‬ ‫َم أَ ْن َهك َ‬ ‫ما أل ْ‬
‫ما ربُّ ُه َ َ‬
‫ه َ َ‬ ‫ْج َّنةِ ۖ َو َنادَا ُ‬ ‫ق ال َ‬ ‫ن َو َر ِ‬ ‫ِم ْ‬
‫م ِبين‬ ‫َع ُد ٌّو ُ‬
‫ِك‬ ‫ٰ‬
‫ى ذَل َ‬ ‫اس الت ْق َو ٰ‬‫َّ‬ ‫َ‬
‫شا ۖ َولِبَ ُ‬ ‫ُم َو ِر ي ً‬ ‫س ْوآتِك ْ‬ ‫اري َ‬ ‫اسا ُي َو ِ‬ ‫ُم لِبَ ً‬ ‫م َق ْد أ ْن َز ْل َنا َعلَيْك ْ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا بَنِي آدَ َ‬
‫ون‬ ‫َّ‬
‫م يَذك ُر َ‬ ‫َّ‬ ‫َعل ُه ْ‬ ‫َّ‬ ‫ت ال َّلهِ ل َ‬ ‫ن آيَا ِ‬ ‫ِك ِم ْ‬ ‫َخيْر ۚ ذَٰل َ‬
‫ْج َّنةِ يَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ان ك َ َ‬
‫ما‬‫نز ُع َع ْن ُه َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ُم ِم َ‬ ‫َما أ ْخ َر َج أبَ َو يْك ْ‬ ‫ُم الشَّيْ َط ُ‬ ‫م لا يَ ْفتِ َن َّنك ُ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يَا بَنِي آدَ َ‬
‫ين‬‫اط َ‬ ‫شيَ ِ‬ ‫م إِنا َج َع ْل َنا ال َّ‬ ‫َّ‬ ‫ث لا َت َر ْو َن ُه ْ‬ ‫ن َحيْ ُ‬ ‫ه َو َو َق ِبيل ُُه ِم ْ‬ ‫ُم ُ‬ ‫ما إِن ُه يَ َراك ْ‬ ‫َّ‬ ‫س ْوآت ِِه َ‬ ‫ما َ‬ ‫ما ل ُِي ِر يَ ُه َ‬ ‫اس ُه َ‬
‫لِبَ َ‬
‫ون‬ ‫ِين لا ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫أَ ْولِيَاءَ ِللذ َ‬
‫َّ‬
‫َان‬‫مك ٍ‬ ‫ُل َ‬
‫من ك ِ ِّ‬ ‫مئِ َّنةً يَأْتِي َها ِر ْز ُق َها َر َغ ًدا ِ ِّ‬ ‫م ْط َ‬ ‫آم َنةً ُّ‬ ‫ت ِ‬ ‫مثَلاً َق ْر يَةً كَا َن ْ‬ ‫ب ال َّل ُه َ‬ ‫ض َر َ‬ ‫قال تعالى ‪َ :‬و َ‬
‫ون‬
‫ص َن ُع َ‬ ‫ما كَا ُنواْ يَ ْ‬ ‫ْخ ْوفِ ِب َ‬ ‫وع َوال َ‬ ‫اس ال ُْج ِ‬‫ت ِبأَ ْن ُع ِم اللهِ فَأذَا َق َها الل ُه لِبَ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َفكَف ََر ْ‬
‫ار‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ن َت ْحتِ َها الْأ ْن َه ُ‬ ‫ت َت ْج ِري ِم ْ‬ ‫ت َجنا ٍ‬ ‫صال َِحا ِ‬ ‫آم ُنوا َو َع ِملُوا ال َّ‬ ‫ِين َ‬ ‫ل الذ َ‬ ‫ن الل َه ُي ْدخِ ُ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬إِ َّ‬
‫م فِي َها َح ِر ير‬ ‫َ‬ ‫ُي َح َّل ْو َ‬
‫اس ُه ْ‬
‫ب َو ُل ْؤ ُل ًؤا ۖ َولِبَ ُ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ن ذَ َ‬ ‫او َر ِم ْ‬ ‫س ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫ن فِي َها ِم ْ‬
‫ورا‬
‫ش ً‬ ‫ار ُن ُ‬ ‫ل ال َّن َه َ‬ ‫سبَا ًتا َو َج َع َ‬ ‫م ُ‬‫اسا َوال َّن ْو َ‬ ‫ل لِبَ ً‬ ‫ُم ال َّليْ َ‬ ‫ل َلك ُ‬ ‫ه َو ا َّلذِي َج َع َ‬ ‫قال تعالى ‪َ :‬و ُ‬
‫اسا‬
‫ل لِبَ ً‬ ‫َّ‬
‫قال تعالى ‪َ :‬و َج َع ْل َنا الليْ َ‬
‫*وما الدليل من السنة المطهرة ؟‬
‫المرقعة في الحديث الشريف‬
‫عن حميد بن هلال ‪ ،‬عن أبي بردة ‪ ،‬قال ‪ :‬أخرجت إلينا عائشة رضي هللا عنها كساء ملبدا ‪،‬‬
‫وقالت ‪ :‬في هذا نزع روح النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وزاد سليمان ‪ ،‬عن حميد ‪ ،‬عن أبي‬
‫بردة ‪ ،‬قال ‪ :‬أخرجت إلينا عائشة إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من هذه التي‬
‫يدعونها الملبدة‪1‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫عن ابن كيسان‪ ،‬أن عبد هللا بن أبي أمامة أخبره ‪ ،‬أن أبا أمامة أخبره ‪ ،‬أن رسول‬
‫” البذاذة من الإيمان ‪ ،‬البذاذة من الإيمان البذاذة من الإيمان ” قال ‪ :‬عبد هللا هذا أبو‬
‫أمامة الحارثي ‪ ،‬قال عبد هللا سألت أبي قلت ‪ :‬ما البذاذة ؟ قال ‪ ” :‬التواضع في اللباس‪2‬‬
‫عن سهل بن معاذ ‪ ,‬عن أبيه ‪ ،‬عن رسول هللا (ص) ‪ ,‬أنه قال ‪ ” :‬من كظم غيظه وهو‬
‫يقدر على أن ينتصر ‪ ،‬دعاه هللا تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ‪ ,‬حتى يخيره في حور‬
‫العين أيتهن شاء ومن ترك أن يلبس صالح الثياب ‪ ،‬وهو يقدر عليه تواضعا هلل تبارك‬
‫وتعالى ‪ ،‬دعاه هللا تبارك وتعالى على رءوس الخلائق حتى يخيره هللا تعالى في حلل‬
‫الإيمان أيتهن شاء‪3‬‬
‫عن أم خالد بنت خالد ‪ ،‬قالت ‪:‬أتي رسول هللا(ص) بثياب فيها خميصة سوداء ‪ ،‬قال ‪”:‬من‬
‫ترون نكسوها هذه الخميصة ” فأسكت القوم ‪ ،‬قال ‪”:‬ائتوني بأم خالد “‪ ،‬فأتي بي‬
‫النبي (ص) فألبسنيها بيده ‪ ،‬وقال أبلي وأخلقي “مرتين ‪ ،‬فجعل ينظر إلى علم الخميصة‬
‫ويشير بيده إلي ‪ ،‬ويقول ‪ ”:‬يا أم خالد هذا سنا ” والسنا بلسان الحبشية ‪:‬الحسن‪4‬‬
‫عن أم خالد بنت خالد “أتي النبي (ص) بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال ‪ :‬من‬
‫ترون أن نكسو هذه ‪ ،‬فسكت القوم ‪ ،‬قال ‪:‬ائتوني بأم خالد ‪ ،‬فأتي بها تحمل فأخذ‬
‫الخميصة بيده ‪ ،‬فألبسها ‪ ،‬وقال ‪:‬أبلي وأخلقي ‪ ،‬وكان فيها علم أخضر أو أصفر ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬
‫أم خالد هذا سناه وسناه بالحبشية حسن‪5‬‬
‫عن أم خالد بنت خالد ‪ ،‬قالت ‪:‬أتي رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم بثياب فيها‬
‫خميصة ‪ ،‬فقال لأصحابه ‪”:‬من ترون أحق بهذه الخميصة ؟ “فسكتوا ‪ ،‬فدعا أم خالد ‪،‬‬
‫فألبسها إياها ‪ ،‬ثم قال ‪”:‬أبلي يا بنية ‪ ،‬وأخلقي ‪ ،‬أبلي وأخلقي ‪ ،‬أبلي وأخلقي ‪ ،‬قال ‪ :‬وكان‬
‫فيها علم أحمر ‪ ،‬فأقبل يقول ‪:‬يا أم خالد ‪ ،‬سنا “‪.‬والسنا بالحبشية ‪:‬الحسن ‪ ،‬هذا حديث‬
‫صحيح على شرط الشيخين ‪ ،‬ولم يخرجاه‪6‬‬
‫أم خالد بنت خالد ‪ ،‬قالت ‪:‬أتي النبي بثياب فيه خميصة سوداء صغيرة ‪ ،‬فقال ‪ :‬من ترون‬
‫أكسو هذه ؟ فسكت القوم ‪ ،‬فقال رسول هللا (ص) ائتوني بأم خالد ‪.‬قالت فأتي بي ‪،‬‬
‫فألبسنيها بيده ‪ ،‬وقال‪:‬أبلي وأخلقي ‪ ،‬يقولهما مرتين ‪ ،‬وجعل ينظر إلى علم في الخميصة‬
‫أصفر وأحمر ‪ ،‬ويقول ‪ :‬يا أم خالد هذا سنا”‪ .‬والسنا بلسان الحبشة ‪:‬الحسن هذا حديث‬
‫صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪7‬‬
‫عن سالم بن أبي الجعد قال ‪:‬قال رسول هللا‪( :‬ص)” إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم‬
‫فسأله دينارا لم يعطه إياه ‪ ،‬ولو سأله درهما لم يعطه إياه ‪ ،‬ولو سأله فلسا لم يعطه إياه‬
‫‪ ،‬ولو سأل هللا الجنة لأعطاها إياه ‪ ،‬ولو سأله الدنيا لم يعطها إياه ‪ ،‬وما يمنعها إياه لهوانه‬
‫عليه‪ ،‬ذو طمرين ‪ ،‬لا يؤبه له ‪ ،‬لو يقسم على هللا عز وجل لأبره‪8‬‬
‫عن معاذ بن جبل قال‪:‬قال رسول هللا‪( :‬ص)” ألا أخبرك عن ملوك الجنة؟ “قلت‬
‫‪:‬بلى قال ‪:‬رجل ضعيف مستضعف ذو طمرين ‪ ,‬لا يؤبه له ‪ ,‬لو أقسم على هللا لأبره‪9‬‬
‫_____________________________________‬
‫ص َّلى ال َّل ُه رقم‬ ‫يِ َ‬ ‫ن د ِْر ِع ال َّن ِب ِّ‬ ‫ما ُذك َِر ِم ْ‬ ‫س َباب َ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ال ُْخ ُ‬ ‫_‪1‬صحيح البخاري ِك َتاب ف َْر ِ‬
‫الحديث‪2894 :‬‬
‫_‪2‬الزهد لأحمد بن حنبل رقم الحديث‪29 :‬‬
‫ين رقم الحديث‪:‬‬ ‫ْمكِّ ِ ِِّي َ‬ ‫س َن ُد ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْج َّنةِ … ُ‬ ‫ين ِبال َ‬ ‫ْم َبش َِّر َ‬‫ش َرةِ ال ُ‬ ‫ْع َ‬ ‫س َن ُد ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫_‪3‬مسند أحمد بن حنبل ُ‬
‫‪15312‬‬
‫س ث َْو ًبا َجدِي ًدا رقم الحديث‪5425 :‬‬ ‫ن َل ِب َ‬ ‫ِم ْ‬
‫ما ُي ْد َعى ل َ‬ ‫اس باب ‪َ :‬‬ ‫_‪4‬صحيح البخاري ِك َتاب ال ِّل َِب ِ‬
‫َق رقم الحديث‪5403 :‬‬ ‫ب ا ْل َفل ِ‬ ‫ل أ ُعو ُذ ِب َر ِّ ِ‬‫َ‬ ‫ور ُة ُق ْ‬
‫س َ‬ ‫آن ُ‬ ‫ير ال ُْق ْر ِ‬
‫_‪5‬صحيح البخاري ِك َتاب َتفْسِ ِ‬
‫َضائ ِِل‬
‫م … ِذك ُْر ف َ‬ ‫ي ال َّل ُه َع ْن ُه ْ‬ ‫ض َ‬‫ابةِ َر ِ‬ ‫ص َح َ‬ ‫م ْع ِرفَةِ ال َّ‬ ‫اب َ‬ ‫_‪6‬المستدرك على الصحيحين ِك َت ُ‬
‫ابةِ َوال َّتا ِبعِ ي ‪ ..‬رقم الحديث‪7471 :‬‬ ‫ص َح َ‬ ‫مةِ َب ْع َد ال َّ‬ ‫َضائ ِِل ال ُأ َّ‬
‫ا ْلق ََبائ ِِل ِذك ُْر ف َ‬
‫ين رقم الحديث‪:‬‬ ‫ْ‬
‫اب ال َّتأ ِم ِ‬ ‫اعةِ َب ُ‬ ‫م َ‬ ‫ْج َ‬‫صلاةِ ال َ‬ ‫امةِ َو َ‬ ‫م َ‬ ‫الإ َ‬
‫ب ِ‬ ‫_‪7‬المستدرك على الصحيحين ِك َتا ِ‬
‫‪2304‬‬
‫_‪8‬الزهد لأحمد بن حنبل رقم الحديث‪66 :‬‬
‫ن لَا ُي ْؤ َب ُه ل َُه رقم الحديث‪4113 :‬‬ ‫م ْ‬‫ه ِد َباب َ‬ ‫_‪9‬سنن ابن ماجه ِك َتاب ال ُّز ْ‬
‫_____________________________________‬
‫*وما تأصيل المرقعة ؟‬
‫تأصيل المرقعة‬
‫سنة الصالحين و شعار المتقين و دثار العارفين و علامة المريد الصادق الطالب وجه‬
‫الحق‪ ،‬الفاني في محبة شيخه‪ ،‬المسلوب الإرادة‬
‫الخرقة علامة التسليم والتفويض وإعطاء حق التصرف للشيخ العارف الكامل في أمور‬
‫صره بعيوب نفسه ومراتبها‪ُ ،‬بغية أن تتطهر وترتقي من نفس أمارة إلى‬ ‫المريد حتى ُيبَ ِ ِّ‬
‫لوامة إلى مطمئنة إلى راضية إلى مرضية إلى راجعة إلى ربها‪ ،‬جاء في الأثر من لم ير‬
‫مفلحا لا يفلح ومن لا شيخ له فإبليس شيخه‬
‫كيف يكون حال من تعلم حرفة بلا معلم؟ الشجرة التي تنبت من تلقاء نفسها لا تثمر‪ ،‬وإذا‬
‫المتصرف فيها‬ ‫أثمرت فثمرها ليست كثمر شجرة البستان ُ‬
‫عن أبي هريرة ‪ ،‬قال‪”:‬قال رسول هللا(ص) ‪ :‬الإيمان بضع وسبعون أو ‪ ،‬بضع وستون‬
‫شعبة ‪ ،‬فأفضلها قول ‪ :‬لا إله إلا هللا ‪ ،‬وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ‪ ،‬والحياء شعبة‬
‫من الإيمان‬
‫فأدنى شعب الإيمان إماطة الأذى عن الطريق إلى الحق‪ ،‬ولا أذى أشد من نفسك التي‬
‫بين جنبيك فهي أعدى الأعداء ‪ ،‬فلزم بذلك إزالة أذاها ولا شيء أشد على النفس من‬
‫سقوط منزلتها عند الناس لذلك كانت الدربلة من أسس التربية للمريد في طريقتنا‬
‫المباركة‬
‫َط ِ ِّه ْر‬
‫كف َ‬ ‫ك َفكَ ِبِّ ْر * َوثِيَابَ َ‬ ‫َ‬
‫م فَأنذ ِْر * َو َربَّ َ‬ ‫َ‬
‫ْم َّدثِ ُِّر* ُق ْ‬
‫قال تعالى ‪:‬يَا أيُّ َها ال ُ‬
‫هلل ثياب يكسوها لعبده إذا صحت محبته‪ ،‬وتجرده من لباس الدنيا واستغنى بمرقعة أو‬
‫دربلة يغدو بها و يروح لا يلتفت إلى الغير فلا يرى إلا مولاه قد آثر الباقي على الفاني‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ،‬قال ‪ :‬قال رسول هللا (ص)”‪ :‬أيها الناس إن هللا طيب لا يقبل إلا طيبا ‪،‬‬
‫وإن هللا أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ‪ ،‬فقال ‪( :‬يأيها الرسل كلوا من الطيبات‬
‫واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)‪ ،‬وقال ‪(:‬يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما‬
‫رزقناكم)‪ ،‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ‪ ،‬يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ‪،‬‬
‫ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك‬
‫كيف يستجاب لك و ملبسك حرام في حرام‪ ،‬قد بدت سوءة أفعالك على ظاهرك‪ ،‬الملائكة‬
‫لا تدخل بيتا به كلب فكيف تسري فيك أنوار الحق و جسدك متلبس بالحرام‪ ،‬انزع عنك كل‬
‫س َبا ًتا‬ ‫اسا َوال َّن ْو َ‬
‫م ُ‬ ‫ُم ال َّل ْي َ‬
‫ل ل َِب ً‬ ‫ل َلك ُ‬‫ه َو ا َّلذِي َج َع َ‬ ‫‪:‬و ُ‬‫لباس وال َْبس ثياب التقوى ‪،‬قال تعالى َ‬
‫ورا )‪ ،‬ليل ظلمة النفس لباس الكل الأصلي جعله الحق حجابا لخلقه عن‬ ‫ش ً‬ ‫ل ال َّن َه َ‬
‫ار ُن ُ‬ ‫َو َج َع َ‬
‫أسرار القدم ‪،‬فمن سبقت له المحبة في الأزل ساقه الحق إلى شيخ رباني عارف ينشر له‬
‫نهار روحه فيستر له آية الليل بآية النهار‪ ،‬وآية النهار مبصرة ‪ ،‬فيبصر ما طوى الحق فيه‬
‫من أسرار فإذا قوي وتمكن نسخ باطنه على ظاهره‪ ،‬وما الظاهر إلا عنوان الباطن والمرء‬
‫لا يلبس إلا سريرته‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪”:‬أسروا ما شئتم ‪ ،‬فوهللا ما أسر‬
‫عبد ولا أمة سريرة إلا ألبسه هللا رداءها ‪ ،‬خيرا فخيرا ‪ ،‬وشرا فشرا ‪ ،‬حتى لو أن أحدكم عمل‬
‫خيرا من وراء سبعين حجابا لأظهر هللا ذلك الخير حتى يكون ثناؤه في الناس خيرا ‪ ،‬ولو أن‬
‫أحدكم أسر شرا من وراء سبعين حجابا لأظهر هللا ذلك الشر حتى يكون ثناؤه في الناس‬
‫شرا”‬
‫*ما فوائد المرقعة ؟‬
‫فوائد المرقعة‬
‫جمة دنيا وعقبى جمعها ابن البنا السرقسطي رضي هللا عنه في المباحث‬ ‫للمرقعة فوائد ِّ‬
‫الأصلية وشرحها سيدنا ابن عجبية قدس هللا سره شرحا يشفي الغليل ‪ ،‬قال فيه رضي هللا‬
‫إلا لأوصـــاف وسوف تأت‬ ‫والقوم ما اختاروا المرقعات‬ ‫عنه ‪:‬‬
‫ومنعها للبـــــرد ثم الحر‬ ‫أولــــــــــها فيها اطراح الكبر‬
‫قلة طمع الطامعين فيها‬ ‫وخــــــفة التكليف ثم فيها‬
‫والــــصبر ثم الاقتدا بعمر‬ ‫وذلــة النفس وتطويل العمر‬
‫فهي إذن اقرب للتواضع‬ ‫ألا تــــــرى لابسها كالخاشع‬
‫المرقعات ‪:‬جمع مرقعة‪ ،‬وهي الثوب الملفق من رقاع كثيرة ملونة أو غير ملونة‪ ،‬كانت من‬
‫صوف أو شعر أو جلد‪ ،‬وإنما اختارها القوم على ما سواها من الثياب لوجوه عشرة‬
‫أولها ‪ :‬طرح الكبر ونفيه والتخلق بضده‪ ،‬وهو التواضع‪ ،‬إلا إذا قصد بذلك من حيث أنها‬
‫شعار الصالحين‪ ،‬فيحرم لباسها حينئذ‪ ،‬أو يقصد بذلك التظاهر على من لم يلبسها من‬
‫الفقراء‪ ،‬أو يرى له مزية بها على غيره فينقلب الأمر حينئذ‬
‫ثانيها ‪:‬أنها تدفع الحر من حيث تناسبها وبرودتها‪ ,‬لاجتماع أجزائها دون تخليل‪ ,‬وتدفع القر‪:‬‬
‫أي البرد‪ ,‬لكثافتها‬
‫وثالثها ‪:‬خفة مؤنتها في تحصيلها‪ ,‬فإنها من الخرق الملقاة على المزابل‪ ,‬التي لا يضر‬
‫إعطاؤها من طلبت منه‪ ,‬نعم‪ :‬إن كان يختار لها الرقاع الرفيعة‪ ,‬قد خرجت عن حقيقتها‪,‬‬
‫وزالت ثمرتها لأنها صارت حينئذ من رفيع الثياب‪ ,‬فهي وسائر اللباس سواء‬
‫ورابعها ‪:‬قلة الطمع فيها للصوص السلابة وغيرهم‪ ,‬من حيث ذاتها‪ ,‬لا من حيث ما يحتوى‬
‫عليها من الحرمة‪ ,‬فإذا جذبها الفقير إليه واختبروه لم يكن لهم إلمام‪ :‬أي توصل بها‪ ,‬بل‬
‫ردوها عليه واستغفروا من حقه‪ ,‬كما هو مشاهد معلوم‪ ,‬ولبسها للاحترام جائز قاله الشيخ‬
‫زروق رضي هللا عنه‬
‫وخامسها ‪ :‬ما في لبسها من دفع الشرور‪ ,‬باعتبار الاحترام لشبه لابسها‪ ,‬بأهل الخير‪ ,‬وذلك‬
‫د َنى َأن‬
‫ِك َأ ْ‬
‫ن ذَل َ‬
‫ن ِمن َجلَا ِبي ِب ِه َّ‬
‫ِين َعل َْي ِه َّ‬
‫جائز في الدفع‪ ,‬لا في الجلب لقوله تعالى ‪ُ :‬ي ْدن َ‬
‫َان ال َّل ُه َغ ُفوراً َّرحِ يماً وهذا داخل في قوله‪( :‬وقلة الطامعين فيها‬
‫ن َوك َ‬
‫ن َفلَا ُي ْؤذ َْي َ‬
‫ُي ْع َر ْف َ‬
‫وسادسها ‪ :‬ما فيها من ذلة النفس بين أبناء الجنس‪ ,‬وفي ذلك موتها‪ ,‬وفي موتها حياتها‪,‬‬
‫وفي ذلك قال الششتري متكلما على لسان الحق‬
‫لا ينال الوصال من فيه فضلة‬ ‫إن ترد وصلنا فموتك شرط‬
‫وفي ذل النفس أيضا‪ :‬إسقاط المنزلة والجاه‪ ,‬وهو شرط في تحقيق مقام الإخلاص‪ ,‬وفيه‬
‫أيضا حصول الخمول الذي هو راحة لأن صاحبه لا يعرف بالتقية‪ ,‬ولا يدري بالأمور العالية‪,‬‬
‫بل إذا غاب لا ينتظر‪ ,‬وإذا حضر لا يستشار ‪،‬وفي الحديث عنه( ‪ :‬رب أشعث أغبر ذي‬
‫طمرين لا يؤبه (أي لا يعبأ) به لو أقسم به على هللا لأبره‬
‫وسابعها ‪ :‬ما فيها من رفع الهمة وقلة المبالاة بالخلق؛ فإن المعتقد لا يزيده اعتقاد الناس‬
‫إلا شرا‪ ,‬والغالب على صاحبها عدم المبالاة بالخلق‪ ,‬قد استوى عنده المعتقد والمنتقد‬
‫قال بعض المشايخ لبعض الشباب‪ :‬إياكم وهذه المرقعات‪ ,‬فأنكم تكرمون لأجلها‪ ,‬فقال‬
‫الشاب‪ :‬إنما نكرم بها من أجل هللا‪ ,‬قال‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪ :‬حبذا من نكرم من أجله‬
‫وثامنها ‪ :‬ما قيل فيها من طول العمر‪ ,‬ومحمل ذلك على البركة فيه‪ ,‬بحيث يدرك في يسير‬
‫منه ما لا يدرك غيره في سنين متطاولة كما قال ابن عطاء رضي هللا عنه‪( :‬من بورك له‬
‫في عمره أدرك في يسير من الزمان ما لا يدخل تحت دوائر العبارة‪ ,‬ولا تلحقه الإشارة)‬
‫وعبادة العارفين كلها متضاعفة بأضعاف كثيرة‬
‫وقال أيضا في حكمه‪( :‬ما قل عمل برز من قلب زاهد‪ ,‬ولا كثر عمل برز من قلب راغب‬
‫وقيل‪ :‬إن ذلك يكون حقيقة‪ ,‬وهو من باب الخاصية‪ ,‬وإن من لبسها دل على طول عمره‪,‬‬
‫وهللا تعالى أعلم‬
‫وتاسعها ‪ :‬مقاساة الصبر وتجرع مخالفة النفس‪ ,‬وفي ذلك من الفضل ما لا يجهل‪ ,‬قال‬
‫ين وقال‬‫صا ِب ِر َ‬
‫ب وقال تعالى ‪َ :‬و َبشِ ِّ ِر ال َّ‬ ‫سا ٍ‬ ‫م ِب َغ ْي ِر حِ َ‬ ‫ون أَ ْج َر ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ما ُي َو َّفى ال َّ‬
‫صا ِب ُر َ‬ ‫تعالى ‪ِ :‬إ َّن َ‬
‫ين‬
‫صا ِب ِر َ‬
‫م َع ال َّ‬
‫ن الل َِّه َ‬‫سبحانه ِإ َّ‬
‫وقال‪ :‬بعض الصحابة رضوان هللا عليهم‪ ,‬الصبر من الدين كالرأس من الجسد‪ ,‬والصبر‬
‫صبَ ُروا ‪،‬وفيها أيضا‬
‫ما َ‬ ‫ون ِبأَ ْ‬
‫م ِر َنا َل َّ‬ ‫م أَئِ َّ‬
‫مةً يَ ْه ُد َ‬ ‫تعالى‪:‬و َج َع ْل َنا ِم ْن ُه ْ‬
‫َ‬ ‫مطية الإمامة والاقتداء‪ ،‬قال‬
‫الوقاية من ارتكاب الكبائر المشهورة‪ ,‬إذ يعاقب على صاحبها‪ ,‬ولا يمكن منها بحال‪ ,‬فهي‬
‫عصمة من عظام الكبائر‪ ,‬والصبر عليها كأنه صبر عن القبائح كلها‬
‫وعاشرها ‪:‬الاقتداء بأمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ .‬وقد قال عليه‬
‫الصلاة والسلام‪ :‬اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر‬
‫فالاقتداء بهما امتثال لأمره عليه الصلاة والسلام‪ ,‬وفيها جمع الخاطر الذي لبسها لأجله‬
‫عمر رضي هللا عنه‪ ,‬فإنه كانت له مرقعة‪ :‬بين كتفيه ثلاث عشرة رقعة‪ ,‬إحداهما من جلد‪,‬‬
‫فلما طرحها يوم فتح بيت المقدس بإشارة المسلمين ولبس غيرها‪ ,‬قال‪ :‬أنكرت نفسي‪,‬‬
‫وعاد إليها؛ ولبس عمر رضي هللا عنه المرقعة كان اختيارا منه وتواضعا‪ ,‬وليس ذلك‬
‫ضرورة‪ ,‬فقد كانت له أموال خاصة به‪ ,‬قبل الخلافة وبعدها‪ ,‬وباهلل التوفيق‬
‫*هل صحيح ان الفاروق عمر لبس المرقعة ؟‬
‫مرقعة الفاروق رضي هللا عنه‬
‫لم يذهب الفاروق لفتح مسرى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه وسط جيش عرمرم ولا‬
‫ُوان‬
‫م َط َّهم ‪ ،‬وإنما قطع المفاوز والصحاري لابسا مرقعته ومعه خادمه ودابتهما ‪َ ،‬ي ْتل َ‬
‫خيل ُ‬
‫سورة يس ‪ ،‬مرة يركب عمر رضي هللا عنه ومرة خادمه ومرة ترتاح الدابة‪ ،‬رحلة جعلها‬
‫الفاروق عبرة لأولي الألباب‬
‫ويصل عمر إلى محل إقامة المسلمين فيستقبله أبو عبيدة والصحابة استقبالا يليق بأمير‬
‫المؤمنين فيهوي أبو عبيدة الأمين لتقبيل يد عمر فيهب الفاروق لتقبيل رجله ‪ ،‬فيكف هذا‬
‫ويكف هذا ‪ ،‬هكذا يستقبل الصحابة بعضهم ‪ ،‬هكذا تربوا في مدرسة الحبيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬يا من ينكر علينا تقبيل الأيدي‬
‫طلب الصحابة من الفاروق أن يركب دابة أخرى ويلبس ثيابا تليق بهذا اليوم العظيم‪ ،‬وما‬
‫بالب ْرذُون فلما ركبه تبختر‪ ،‬نزل عنه وقال ‪”:‬ما كنت أظن‬
‫َ‬ ‫يزال به القوم حتى وافق ُ‬
‫فأوتي‬
‫ي بمرقعتي ودابتي ‪،‬ثم توجه إلى أسوار المدينة‬ ‫‪،‬ع َل َّ‬
‫أن الشياطين تركب قبل اليوم َ‬
‫الشريفة‪ ،‬فخاض في الوحل في واد قريب من بيت المقدس ‪ ،‬فنزع نعليه ووضعهما في‬
‫الطين بقدميك يا أمير‬
‫َ‬ ‫يد ‪ ،‬وهو يخطم الجمل باليد الأخرى ‪ ،‬فقال أبو عبيدة ‪“ :‬أتخوض‬
‫ويحبون المظاهر”‪ ،‬فضربه‬
‫المؤمنين وتلبس هذه المرقعة وهؤلاء القوم قياصرة وملوك ُ‬
‫عمر في صدره وقال ‪ :‬لو قالها غيرك يا أبا عبيدة لعلوت رأسه ِ بهذه الدرة‪ ،‬لقد كنا أحقر‬
‫وأذل الناس‪ ،‬فأعزنا هللا بالإسلام‪ ،‬فلو طلبنا العزة في غيره لأذلنا هللا ‪ ،‬هلل درك يا عمر يا‬
‫فاروق الإسلام‪ ،‬لا عزة في قشور فانية وإنما العبرة بالقلب السليم الفاني في حضرة الحق‬
‫‪،‬وتشاء الأقدار ويصل عمر رضي هللا عنه ماشيا والغلام راكبا وهو رضي هللا عنه آخذ بزمام‬
‫الدابة وقد تمرغت رجلاه في الوحل ‪ ،‬فما أن رآه الأساقفة حتى قالوا هذا وهللا صاحبكم‪،‬‬
‫بعد حصار دام أربعة أشهر يسلمون المفاتيح من غير أدنى مقاومة ‪،‬نزل إليه رئيس‬
‫الأساقفة‪ ،‬البطريرك‪ ،‬وبيده مفاتيح القدس‪ ،‬وبعد أن سلِّم على الخليفة‪ ،‬قال له ‪ :‬إن‬
‫صفات من يتسلم مفاتيح إيلياء ( بيت المقدس ) ثلاثة ‪ ،‬وهي مكتوبة في كتابنا يقصد‬
‫شروح الانجيل‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬يأتي ماشياً وخادمه راكب‬
‫ثانيها ‪ :‬يأتي ورجلاه ممرغتان في الوحل‬
‫وثالثها ‪:‬اسمح لي أن أع ِّد الرقع التي في ثوبك‬
‫فع ِّدها ‪ ،‬فإذا هي سبع عشرة رقعة(وفي رواية أربعة عشر وفي رواية إثنى عشر) ! فقال ‪:‬‬
‫وهذه هي الصفة الثالثة ‪،‬فسلِّم لأمير المؤمنين مفاتيح القدس‬
‫فليس الشأن إذن أن تلبس أحسن الثياب وتقول ها أنا ذا ‪ ،‬اِلبس ماشئت لكن تذكر أن‬
‫أساقفة بيت المقدس سلموا مفاتيح القدس لرجل شامخ كان يلبس مرقعة‬
‫*ما رمزية الألوان في القرآن الكريم ؟‬
‫ت ِم ْن ُه ا ْث َن َتا‬
‫َج َر ْ‬
‫ْح َج َر ۖ فَا ْنف َ‬
‫اك ال َ‬
‫ص َ‬‫ب ِب َع َ‬
‫اض ِر ْ‬
‫ى ِلق َْو ِمهِ ف َُق ْل َنا ْ‬ ‫وس ٰ‬
‫م َ‬‫ى ُ‬‫س َق ٰ‬ ‫اس َت ْ‬
‫قال تعالى ‪َ :‬وإِ ِذ ْ‬
‫مۖ‬
‫مشْ َربَ ُه ْ‬ ‫ل ُأ َن ٍ‬
‫اس َ‬ ‫ِم ُك ُّ‬‫َعشْ َر َة َعيْ ًنا ۖ َق ْد َعل َ‬
‫إن الذي أخرج الماء من الحجر قادر على أن يسقي بني إسرائيل بغير سبب ولكن الحق‬
‫سبحانه يعلمنا سنته الكونية ألا وهي اتخاذ الأسباب ‪ ،‬كما يعلمنا ألا نصدر أحكاما على‬
‫شيء من خلال مظهره فالحاكم بعينه على الغير قلِّما يصيب‬
‫عصا موسى إشارة إلى ألف التوحيد‪ ،‬و ألف اسم الجلالة هي سر الكون سر جمع الجمع‪،‬‬
‫س َرت في جميع الحروف ومن حقق كلمة الإخلاص وجدها ألفا لا غير‬
‫َ‬
‫و الألف عند أهل التحقيق ليس بحرف بل كل الحروف ما هي إلا مظاهر و تجليات الألف‪،‬‬
‫سرى في الحروف كسريان الواحد في الأعدادفضرب موسى القلب بألف التوحيد على حجر‬
‫الهاء فانفجرت منها حروف كلمة التوحيد “لا إله إلا هللا” اثني عشر حرفا ‪،‬كل حرف عين من‬
‫شرب من‬
‫شرب من عين الذات وهناك من ِ‬ ‫عيون هللا فعلم كل ُأناس مشربهم ‪ ،‬فهناك من ِ‬
‫الصفَة وهناك من شرب من الوصل ومنهم من شرب من الفصل ومنهم من شرب‬
‫ِ ِّ‬ ‫عين‬
‫من التوكيد ومنهم من التخفيف وبعضهم من الفناء وبعضهم من البقاء كل بحسب ما‬
‫قدر عليه في لوح الأبد‪ ،‬اثني عشر عينا باثني عشر لونا ‪ ،‬هي سر تنوع مظاهر الكون في‬
‫*ما المقصود بهاء الإسم؟‬
‫هاء اسم الجلالة الظاهرة بالكون الفاني ممثلة بحضرات الألوان‬
‫فحرصت الحكمة الربانية على أن يكون هذا الكون متناغما مع نسب الجمال المبطونة‬
‫في الإنسان ‪،‬فكل لون إلا ويرجع في أصله إلى هاته الألوان الإثنى عشر كذلك كل علم‬
‫في الكون إلا ويرجع إلى حروف الكلمة الطيبة الإثنى عشر ‪،‬والألوان في كتاب هللا العزيز‬
‫تحمل دلالات إشارية راقية المعنى‪ ،‬فهي تلعب دورا رئيسيا في التعبير القرآني سواءا‬
‫ت‬ ‫ماء فَأَ ْخ َر ْج َنا ِبهِ ث َ‬
‫َم َرا ٍ‬ ‫ماء َ‬
‫الس َ‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ن ال َّل َه أَن َز َ‬
‫ل ِم َ‬ ‫َم َت َر أَ َّ‬ ‫َ‬
‫بالتصريح أو بالكناية ‪،‬قال تعالى ‪:‬أل ْ‬
‫َل الأرض‪ ،‬هامدة مستقرة كل شيء في باطنها‪ ،‬ولا‬ ‫مث ُ‬‫ُك أيها المريد َ‬ ‫م ْخ َت ِل ًفا أَل َْوا ُن َها ‪َ ،‬‬
‫م َثل َ‬ ‫ُّ‬
‫شيء على ظاهرها‪ ،‬فإذا نزل ماء غيب الواردات الإلهية اهتزت تلك الأرض وربت وأنبتت‬
‫من كل علم لونا ‪،‬فالمريد الصادق الطالب وجه هللا كالأرض والشيخ كماء مطر الغيث ‪،‬إذا‬
‫نزل على أرض المريد تزخرفت أرضه(جسده) بألوان المرقعة الإثنى عشر‬
‫عن أبي موسى ‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪”:‬مثل ما بعثني هللا به من الهدى‬
‫والعلم ‪ ،‬كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء ‪ ،‬فأنبتت الكلأ‬
‫والعشب الكثير ‪ ،‬وكانت منها أجادب أمسكت الماء ‪ ،‬فنفع هللا بها الناس فشربوا وسقوا‬
‫وزرعوا ‪ ،‬وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ‪ ،‬فذلك مثل‬
‫من فقه في دين هللا ونفعه ما بعثني هللا به فعلم وعلم ‪ ،‬ومثل من لم يرفع بذلك رأسا‬
‫ولم يقبل هدى هللا الذي أرسلت به ‪ ،‬وفي هذا السياق يقول سيدي أبو مدين الغوث‬
‫قدس هللا سره‬
‫كأنكم في بقاع الأرض أمطار‬ ‫تحيى بكم كل أرض تنزلون بها‬
‫*وما رمزية الالوان ؟‬
‫و الألوان لها رمزية التصوير الظاهري في القرآن‪ ،‬فاللون في القرآن قد يدل على القدرة‬
‫والرحمة والجمال الإلهي وقد يرمز للحياة أو الموت أوالكفر أو الإيمان أو الهداية أو‬
‫ضح حقيقتها‬ ‫الضلالة ‪،‬وهذه مفاهيم مجردة لا يمكن لمسها أو رؤيتها إلا ِب َت َنزُّل لوني ُي َو ِ ِّ‬
‫ومعناها ك َت َنزُّل العلم في اللبن‬
‫إن إختلاف الألوان و امتزاجها يشكل جمالا ُيفرح العين و ُيطرب القلب وتنتشي له الأرواح‬
‫كما أن هللا تعالى ربط اختلاف الألوان بالتذكر و التفكر‪ ،‬وكتاب هللا نبه إلى هذا المعنى‬
‫ُم‬ ‫اختِل ُ َ‬ ‫ت َوالْأَ ْر ِ‬
‫َاف ألْسِ َنتِك ْ‬ ‫ض َو ْ‬ ‫اوا ِ‬ ‫م َ‬‫الس َ‬ ‫َّ‬ ‫ق‬
‫آياتِهِ َخ ْل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫في غير ما موضع حيث قال تعالى َو ِم ْ‬
‫ين‪.‬فالاختلاف آية آيات هللا‪ ،‬ثم إنه سبحانه جعل آية‬ ‫ْعال ِِم َ‬
‫ت ِلل َ‬‫َآيا ٍ‬ ‫ِك ل َ‬‫ن فِي ذَٰل َ‬ ‫ُم ۚ إِ َّ‬ ‫َ‬
‫َوأل َْوانِك ْ‬
‫اختلاف الألوان تذكرة لأولي الألباب‬
‫هل تأملت يوما وردة ؟ هل تفكرت في تناسق ألوانها ؟ هل غصت في معانيها؟ هل‬
‫ان فانظر كيف‬ ‫ه ِ‬ ‫ت َو ْردَ ًة كَال ِِّد َ‬ ‫اء َفكَا َن ْ‬ ‫م ُ‬ ‫الس َ‬‫َّ‬ ‫ش َّق ِ‬
‫ت‬ ‫لمحت دقائق جمالها؟ قال سبحانه فَإِذَا ا ْن َ‬
‫شبه الحق انشقاق السماء بانفتاح الوردة حين ينفك بعضها عن بعض‪ ،‬تذوق معاني‬
‫القرآن فما أحلى كلام ربنا‬
‫فاختلاف الألوان حقيقة قرآنية تحقق معنى التناغم بين الإنسان و الكون فالثمر جعله‬
‫ت‬
‫َم َرا ٍ‬ ‫ماء فَأَ ْخ َر ْج َنا ِبهِ ث َ‬ ‫ماء َ‬ ‫الس َ‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ل ِم َ‬ ‫ن ال َّل َه أَن َز َ‬ ‫َم َت َر أَ َّ‬ ‫َ‬
‫الحق مختلف ألوانه قال تعالى‪ :‬أل ْ‬
‫سود‬ ‫يب ُ‬ ‫م ْخ َتلِف أَل َْوا ُن َها َو َغ َرا ِب ُ‬ ‫مر ُّ‬ ‫ال ُج َدد ِبيض َو ُح ْ‬ ‫م ْخ َت ِل ًفا أَل َْوا ُن َها َو ِم َ‬
‫ن ال ِْجبَ ِ‬ ‫ُّ‬
‫م ْخ َتلِف‬ ‫ام ُ‬ ‫َ‬
‫ب َوالْأ ْن َع ِ‬ ‫اس َوالد ََّوا ِّ ِ‬ ‫ن ال َّن ِ‬ ‫والأنعام جعلها الحق مختلفا ألوانها قال تعالى‪َ :‬و ِم َ‬
‫ن الل َه َع ِز يز َغ ُفور والشراب الخارج من‬ ‫َّ‬ ‫َماء إِ َّ‬ ‫ن عِ بَادِهِ ال ُْعل َ‬ ‫ما يَ ْخشَى ال َّل َه ِم ْ‬ ‫ِك إِ َّن َ‬‫أَل َْوا ُن ُه كَ َذل َ‬
‫ك ُذ ُللًا ۚ‬ ‫ل َر ِ ِّب ِ‬‫س ُب َ‬ ‫َاس ُلكِي ُ‬ ‫تف ْ‬ ‫م َرا ِ‬ ‫ُل ال َّث َ‬ ‫ن ك ِ ِّ‬ ‫م ُكلِي ِم ْ‬ ‫بطون النحل مختلف ألوانه‪ ،‬قال تعالى ‪:‬ثُ َّ‬
‫ون‪،.‬‬ ‫َّ‬
‫ِك لَآيَةً ِلق َْو ٍم يَ َت َفك ُر َ‬ ‫ن فِي ذَٰل َ‬ ‫اس ۗ إِ َّ‬ ‫م ْخ َتلِف أَل َْوا ُن ُه فِيهِ شِ فَاء لِل َّن ِ‬ ‫ن ُب ُطون َِها شَ َراب ُ‬ ‫يَ ْخ ُر ُج ِم ْ‬
‫والمؤمن كالنحلة كما شبهه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه حين قال‪”:‬مثل المؤمن‬
‫مثل النحلة ‪ ،‬لا تأكل إلا طيبا ‪ ،‬ولا تضع إلا طيبا “‪.‬فلماذا لا تخرج من باطنك حقائقك‬
‫المختلف أسرارها المختلف ألوانها ثم تتحلى بها ظاهرا‬
‫خلق الحق الكون كله بالألوان المختلفة ليكون أدعى للعيش والطمأنينة ثم جمعه كله‬
‫وطواه فيك لأنك أنت المقصود لا الكون وقيل في المعنى‬
‫وتحسب نفسك أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر‬
‫فلبس مرقعة الألوان هو التحلي بظاهر الأكوان الباطنة في خليفة رب العالمين ‪ ،‬وهو‬
‫رسالة حب لكل مخلوقات هللا ‪ ،‬ففي زاويتنا منهجنا الحب ومذهبنا الغرام‪.‬‬
‫ركائبه فالحب ديني و إيماني‬ ‫أدين بدين الحب أنى توجهت‬
‫*ما المقصود بلباس التقوى ؟‬
‫لباس التقوى‬
‫ِك‬‫ى ذَل َ‬‫اس ال َّت ْق َو َ‬ ‫َ‬
‫ُم َو ِر يشاً َول َِب ُ‬
‫س ْو َءاتِك ْ‬
‫اري َ‬
‫ُم ل َِباساً ُي َو ِ‬
‫م َق ْد أن َز ْل َنا َعل َْيك ْ‬‫د َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬يا َبنِي آ َ‬
‫م َي َّذكَّ ُر َ‬
‫ون‬ ‫َع َّل ُه ْ‬
‫ت اللِّهِ ل َ‬ ‫آيا ِ‬
‫ن َ‬‫ِك ِم ْ‬ ‫َخ ْير ذَل َ‬
‫“لكل طائفة لباس‪ ،‬للعارفين لباس المعرفة وللمحبين لباس المحبة وللمشتاقين لباس‬
‫الشوق وللموحدين لباس التوحيد وللزاهدين لباس الزهد وللمتقين لباس التقوى وللأولياء‬
‫لباس الولاية وللأنبياء لباس النبوة وللمرسلين لباس الرسالة ولكل واحد منها ظاهر‬
‫وباطن زينة الباطن لنظر الحق وزينة الظاهر لموقع الشريعة …‪..‬كل لباس فيه حظ‬
‫العباد وليس في لباس التقوى حظ النفس وهذه الملابس هي كسوة العموم ولباس هللا‬
‫لمن فني في هللا واتصف بصفات هللا فكل لباس يفنى في لباس هللا …ولهذا أشار عليه‬
‫السلام إلى مقام اتصافه بصفات هللا واكتسائه بكسوة أنوار هللا بقوله‪:‬‬
‫”من رآني فقد رأى الحق “وقوله تعالى( يوارى سوآتكم )أي كلكم عريان من أنوار القدم‬
‫بادي سوءة الحدث فينبغي تستروا بلباس القدم سوءة الحدث وبلباس العلم سوءة الجهل‬
‫وبلباس الربوبية سوءة العبودية قال الواسطى السوءة الجهل وأزين الزينة أن تزين العبد‬
‫بالتقوى ولباس التقوى وقاية لا يخرقها كيد حاسد والتقوى لباس القلب علامتها الورع‬
‫والتقوى الأدب مع هللا وهو أن لا يرى مع هللا غير هللا قال بعضهم لباس الهداية للعوام‬
‫ولباس التقوى للخواص ولباس الهيبة للعارفين ولباس الزينة الأهل الدنيا ولباس اللقاء‬
‫والمشاهدة للأولياء ولباس الحضرة للأنبياء وقال الأستاذ للقلب لباس التقوى وهو صدق‬
‫القصد بنفي الطمع وللروح لباس من التقديس وهو ترك العلائق وحذف العوائق وللسر‬
‫لباس من التقوى وهو نفىي المساكنات و التصاول من الملاحظات‬
‫فانظر أي لباس تريد؟‬
‫م ُتك‪ ،‬أنت ومحبتك‪ ،‬أنت وقربك من الحق‪ ،‬إياك والنظر إلى العامة‪ ،‬فرضى الخلق‬ ‫أنت وهِ َّ‬
‫غاية لا تدرك‪ ،‬فاختر إذن البقاء على الفناء والحق على الباطل‬
‫المرقعة ميراث أبينا آدم‪ ،‬هي أصل كل لباس‪ ،‬هي أول ما لبس أبونا آدم هي عليه السلام‬
‫ما ِمن‬ ‫َان َعل َْي ِه َ‬
‫صف ِ‬ ‫قال سيدي ابن عجيبة قدس هللا سره في شرح قوله تعالى‪َ :‬و َط ِفقَا َي ْخ ِ‬
‫ق التين‪ .‬فآدم‬ ‫ْج َّنةِ قال‪”:‬يرقعان و يلزقان ورقة فوق ورقة ليستترا به‪ ،‬قيل‪ :‬كان ور َ‬ ‫ق ال َ‬
‫َو َر ِ‬
‫أول من لبس المرقعة‬
‫و المرقعة تبعد صاحبها عن مكامن الآفات الموجبة لسخط الرب‪ ،‬فهي كالحمية في‬
‫العلاج‪ ،‬مانعة للتردد على أماكن اللهو والغفلة و مجالسة نافخي الكير‬
‫مت الحسن فعن عبد هللا بن سرجس المزني أن النبي صلى هللا عليه‬ ‫الس ْ‬
‫َّ‬ ‫و هي علامة‬
‫وسلم قال‪ ”:‬السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة‬
‫والسمت الحسن له عدة معاني منها أن يكون لك هيئة و مظهر أهل الخير والصالحين‪،‬‬
‫فأي شرف أن تكون خادما لجزء من أجزاء النبوة أن تكون مرابطا على ثغر من ثغور كلمة‬
‫التوحيد أن تكون واقفا على حرف من حروف “لا إله إلا هللا محمد رسول هللا‬
‫أوليست أربعة وعشرون حرفا‬
‫لبس رسول هللا كل الألوان‪ ،‬فاجمع سنة الحبيب فيك أخي‪ ،‬أنت عاشق لصحبته سيأتيك‬
‫من نفسك فقط قم واخط خطوة‪ ،‬لا تتردد‬
‫في الحكم‪”:‬لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك‪ ،‬ومحو دعاويك‪ ،‬لم تصل إليه أب ًدا‪،‬‬
‫ولكن إذا أراد أن ُيوصلك إليه غطى وصفك بوصفه‪ ،‬ونعتك بنعته‪ ،‬فوصلك بما منه إليك‪،‬‬
‫لا بما منك إليه‬
‫فاستر وصفك بوصفه ‪ ،‬استر جهلك بعلمه وذلتك بعزه وعدمك بوجوده‪ ،‬استر ظلمتك‬
‫بأنوار صفاته المتنزلة في ألوان الحضرات المتجلية بمرقعة الألوان ‪ ،‬تحضى بقربه وتفز‬
‫برضاه‬

You might also like