Professional Documents
Culture Documents
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع
مقدمة
تعرف المسؤولية عموما بأنها تشخيص لحالة الفرد الذي اقترف أمرا من األمور
يستوجب التبعة والمؤاخذة ،وتنقسم إلى قسمين :مسؤولية أخالقية وأخرى قانونية ،ويقصد
باألولى تلك التبعة التي تترتب عن مخالفة قواعد األخالق ،أما الثانية فهي التي تترتب جراء
مخالفة واجب من الواجبات االجتماعية ،وهي نوعان مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية.
والمسؤولية الجنائية هي تحمل الشخص لتبعات أفعاله الجنائية المجرمة ،أما المسؤولية
المدنية فهي إلزام المسؤول بأداء تعويض للطرف المضرور في األحوال التي تتوفر فيها
شروطها 1.وتنقسم هذه األخيرة بدورها إلى مسؤولية عقدية 2وأخرى تقصيرية 3،وهذا
الصنف األخير ينشأ على عاتق الشخص بسبب ما صدر عنه من أفعال تسببت في الضرر
للغير ،كما قد ينشأ على عاتقه أيضا نتيجة األضرار التي تحدثها حيوانات أو أشياء أخرى
يتولى حراستها .وقد تترتب عليه أيضا من جراء األضرار التي تحصل من فعل أشخاص
آخرين يخضعون لرقابته وتوجيهه .وهذه األخيرة -أي المسؤولية عن فعل الغير – هي
التي نص عليها الفصل 85من ق.ل.ع.
وانطالقا من هذا الفصل نجد أن المشرع المغربي قد ضمنه طوائف مختلفة ممن
يسألون عن غيرهم .فتطرق لمسؤولية األب واألم ولمسؤولية أرباب الحرف ومسؤولية
مراقب ذوي العاهات العقلية ،وأخيرا مسؤولية المتبوع عن فعل التابع.
ولعل هذه الصورة األخيرة (مسؤولية المتبوع عن فعل التابع) هي أهم صور
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير ،إن لم تكن الصورة الحقيقية الوحيدة لها نظرا لشموليتها
وعموميتها؛ إذ يمكن أن تترتب في شتى مجاالت الحياة ،فالدولة تكون مسؤولة عن فعل
- 1محمد البوشواري"،المسؤولية المدنية ،العقدية والتقصيرية" ،مطبعة أشرف ،الطبعة الثانية ، 2008ص .8
- 2يراد بالمسؤولية العقدية ذلك اآلثر الذي يترتب عن العقد من جراء االخالل بالتزام ناشيء عنه .
- 3ويقصد بالمسؤولية التقصيرية ذلك الفعل الضار الذي يصدر عن الشخص عن عمد (الجريمة) ،أو عن غير عمد (شبه الجريمة) فيسبب ضرر
للغير يترتب عليه التزامه بإصالحه عن طريق التعويض.
1
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
الموظف باعتباره تابعا لها ،ورب العمل يسأل عن خطأ العامل ،والطبيب عن خطأ ممرضته
4
وغيرها من الصور العملية المتعددة.
غير أنه وبالرغم من أهمية هذا الفرع من المسؤولية وازدياد أهميته في الحياة العملية،
إال أن المشرع المغربي لم يفصل القول في العديد من أحكامه إن لم نقل كلها .تاركا المجال
أمام القضاء إلعمال ما يوجده الفقه من ضوابط.
ونحن بدورنا ،لن يسعنا في دراسة هذا الموضوع إال االسترشاد بهذه الضوابط
واالستنارة بعمل واجتهاد القضاء سواء الوطني أو المقارن طمعا في التوصل إلى اإلجابة
عن ما يثيره موضوع مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع من إشكاالت وخاصة على مستوى
تحديد أساسها وعوارضها وكذا على مستوى شروط وأثار تحققها في درجة ثانية.
وتحقيقا لذلك فإننا سنعمد إلى طرح مجموعة من اإلشكاالت نسوقها كاآلتي:
ماهي شروط تحقق مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؟ وعلى أي أساس يمكن تأسيسها؟
ثم ما هي اآلثار التي تترتب على قيامها؟ وما هي أهم العوارض التي تلحق بها؟
وحتى نتمكن من التطرق لكل هذه اإلشكاالت والوقوف على تفاصيل أحكامها
وجزئياتها سنركن إلى منهج تحليلي نحلل من خالله أقوال الفقه واجتهادات القضاء سدا لكل
فراغ تشريعي أو قصور في النص خالل تنظيم الموضوع ،مع التعريج بين الفينة واألخرى
على ما يقره التشريع والقضاء المقارن في هذا اإلطار وذلك باالعتماد على تقسيم ثنائي
كاآلتي:
- 4عبد الكريم شهبون" ،الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي الكتاب األول االلتزامات بوجه عام ،الجزء األول مصادر االلتزام"،
مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ، 1999ص .439
2
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وإ ذا كان هذا شأن أساس هذه المسؤولية ،فإن تحديد نطاقها لم يعرف ذات المسار؛
حيث استقر الفقه على شروط محددة ترسم حدود هذه المسؤولية .فكان االتفاق عاما من غير
خالفات إال فيما يرتبط ببعض الجزئيات دون الكليات التي كادت أن تصل إلى حد التسليم.
5
-محمد أحمد عابدين"التعويض بين المسؤولية العقدية والتقصيرية" ،مطبعة دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية ،طبعة ،1980ص.98
3
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وقد أخذ مجموعة من الفقهاء التقليدين 6في فرنسا بنظرية الخطأ المفترض؛ حيث
يقرون بأن مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه مبنية على خطأ مفترض من جانب المتبوع.
ويتمثل هذا الخطأ -كما قلنا آنفا -في كون المتبوع لم يحسن اختيار تابعه أو مراقبته أو
توجيهه األمر الذي حال بينه وبين إحكام الرقابة على تصرفاته.
وباعتبار أن التابع هو مرتكب الخطأ فيتحتم معه مسألته مبدئيا عن خطائه إعماال
لقواعد مسؤولية الشخص عن فعله الشخصي ،إال أنه نظرا للصعوبة التي تعترض
المضرور 7في إثبات خطأ التابع ،ولكون هذا األخير قد يكون معسرا ،فإنه غالبا ما يتم
الرجوع على المتبوع درءا لكل هذه اإلكراهات .
إال أن ما يعاب على هذا االتجاه هو كونه يفضي إلى بعض النتائج التي ال يصح التسليم
بها:
لو كانت مسؤولية المتبوع مبنية على خطأ مفترض لسقطت مسؤوليته إذا كان
غير مميز ،وال يتصور أن يكون غير المميز قد ارتكب خطأ ،فكيف أن
يتصور افتراض الخطأ في جانبه؛ حيث إن المتبوع ولو كان غير مميز فإنه
يكون مسؤوال عن تابعه ،وبالتالي فإن مسؤولية المتبوع ال يمكن أن تكون
مبنية على الخطأ المفترض .
إن مسؤولية المتبوع لو كانت مبنية على خطأ مفترض افتراضا غير قابل
إلثبات العكس ألمكن للمتبوع نفي العالقة السببية بين الضرر الذي تسبب فيه
التابع والخطأ المفترض من جانبه ،وذلك بإثبات أن الضرر ال مفر منه و لو
قام بواجبه في االختيار والرقابة والتوجيه بما ينبغي من العناية .وهو ما ال
يستطيعه؛ لعدم استطاعته التخلص من المسؤولية بإثبات أنه كان يستحيل عليه
أن يمنع العمل غير المشروع الذي سبب الضرر .وحتى لو أثبت ذلك ونفى
6
" -ديمولومب" و"بودري" و"بارد" و"كانتبوري".
7
-عبد القادر العرعاري "،مصادر االلتزامات ،الكتاب الثاني ،المسؤولية المدنية" ،مطبعة دار األمان ،الرباط ،الطبعة الثانية ،2005ص .152
4
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
عالقة السببية بين الضرر وخطائه المفترض .لبقي مع ذلك مسؤوال عن تابعه؛
مما يعتبر دليال قاطعا على أن مسؤولية المتبوع ال تقوم على خطأ مفترض،
بل ال تقوم أصال على خطأ؛ حيث إنه لو كانت كذلك ألمكن للمتبوع رفعها عنه
8
بنفي العالقة السببية.
عجزت كذلك هذه النظرية عن تبرير وضع المتبوع الذي لم يقوم باختيار تابعه
وإ نما فرض عليه بقوة القانون أو الواقع .كما هو الشأن بالنسبة لعقود العمل
الجماعية التي لم تعد تسمح للمتبوع باختيار تابعيه في معظم الحاالت.
وأخيرا فما يجعل فكرة الخطأ المفترض مستبعدة كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار
التشريع المغربي هو أن المتبوع بإمكانه نفي المسؤولية بإثبات قيامه بواجب الرقابة والتوجيه
لتجنب الفعل الضار .وهذا ما أكده المشرع المغربي من خالل الفقرة الثالثة من الفصل 85
10
من ق.ل.ع ، 9عندما جعل قرينة المساءلة قرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس.
ولعل قصور هذه النظرية هو الذي فتح المجال لبروز نظريات أخرى في هذا الشأن.
بعد ظهور قصور نظرية الخطأ السالف ذكرها تحت ضغط ما وجه إليها من انتقادات،
حاول جانب مهم من الفقه إيجاد أساس جديد لهذه المسؤولية ،فظهرت نظرية تحمل التبعة
محاولة سد النقص الذي يعتري أساس هذه المسؤولية.
و تبنى أصول هذه النظرية كل من الفقيهان "ساليل" و"جورسان" ،وتمسك بها فقهاء
معاصرون من بعدهم أمثال "ريبير" و"سافاتيه" و"كاربونيه" ، 11الذين انطلقوا من فكرة أن
- 8سعيد الفكهاني ،عبد العزيز توفيق ،حسين جعفر"،التعليق على قانون االلتزامات والعقود المغربي في ضوء الفقه والقضاء " الجزء األول ،مطبعة
الدار العربية للموسوعات،طبعة ، 1980ص .312
- 9تنص الفقرة 3من الفصل 85من ق.ل.ع على أنه"المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم
ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها".
- 10عبد القادر العرعاري ،م.س ،ص .153
- 11عبد القادر العرعاري ،م.س ،ص.153
5
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
الخطأ كمفهوم تقليدي غير قادر على حل مشكالت مسؤولية المتبوع باعتبار أن هذه األخيرة
12
تستقل تماما عن فكرة الخطأ وتنتمي إلى نظام آخر يمثل بنية جديدة ذات أفق واسع.
وتعتبر هذه النظرية تطبيقا من تطبيقات قاعدة " الغنم بالغرم" ومعناها أن المتبوع
باعتباره المستفيد من خدمات تابعية يتوجب عليه بالمقابل أن يتحمل تبعة المخاطر المحدثة
13
من قبل هؤالء األتباع ،إذا كان لها ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة إليهم.
لكن ما يؤخذ على هذا الرأي أنه لو كان ما يقر به صحيحا ،وتحققت مسؤولية المتبوع
التي تقوم على تحمل التبعة ،ووفى المتبوع للمضرور بالتعويض المستحق ،لما جاز للمتبوع
الرجوع عن التابع . 14حيث إن هذا النوع من األحكام ال يتناسب مع مضمون نظرية تحمل
التبعة؛ إذ إن المتبوع إنما يتحمل تبعة نشاط يستفيد منه.
ومن جانب آخر فنظرية تحمل المخاطر لم يكتب لها النجاح أيضا ،على اعتبار أنها
نشأت في ميدان حوادث الشغل والذي يختلف اختالفا كبيرا عن األضرار الناشئة من
15
الحوادث المدنية األخرى.
ومن هنا يتضح أن مبدأ تحمل التبعة ال يستقيم مع أحكام مسؤولية المتبوع ،بما تقتضيه
هذه المسؤولية من خطا يقع من التابع وبما ترتبه في العالقة ما بين المتبوع والتابع من حق
الرجوع.
- 12سهير منتصر "،مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع أساسها ونطاقها" ،دار النهضة العربية ،دون ذكر تاريخ الطبعة ،ص .20
- 13ومن هنا فإن المتبوع الذي يحصل على نتاج هذا النشاط عليه أن يتحمل النتائج السيئة لذلك النشاط بذات القدر الذي يجني فيه النتائج الحسنة
والمفيدة له.
- 14سعيد الفكهاني ،عبد العزيز توفيق ،حسين جعفر ،م.س ،ص .312
- 15من ذلك أن المضرور له الحق في أن يرفع دعواه مباشرة على الشخص الذي صدر منه الضرر وإذا رفعت دعوى التعويض ضد المتبوع فإن
هذا األخير يحق له الرجوع على تابعه الذي تسبب في وقوع الفعل الضار وهو حكم ال يتناسب مع مضمون نظرية التحمل بالمخاطر.
" - 16بوريس سطارك" " ،بيرتراند" ،وعبد الرزاق السنهوري وغيرهم من الفقهاء.
6
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
أساس الضمان (نظرية الضمان) :يرى أنصار هذه النظرية أن المتبوع بمثابة
ضامن لنتائج األضرار التي يتسبب فيها أتباعه للغير ،خصوصا في حالة إعسارهم
أو عند امتناعهم عن أداء ما بذمتهم .فالضامن يحمل في طياته معنى الكفالة؛ أي أن
18
المتبوع يكمل التابع في نشاطه ، 17كما يحل محله في األداء.
وقد مال األستاذ "السنهوري" بدوره إلى فكرة الضمان؛ إذ إنه بعد أن عرض لنظريات
مختلفة أضاف أن " اعتبار مسؤولية المتبوع مسؤولية عن الغير يجعل المتبوع مسؤوال عن
تابعه ،وال يستطيع التخلص من هذه المسؤولية ولو أثبت أنه كان يستحيل عليه أن يمنع
العمل غير المشروع الذي سبب الضرر ،فالتزامه التزام بتحقيق غاية ال التزام ببذل عناية.
وهذا االعتبار يجيز أيضا استبقاء مسؤولية المتبوع حتى ولو كان غير مميز فمسؤوليته عن
التابع ليس مصدرها االتفاق .حتى يشترط التمييز ،بل مصدرها القانون سواء كانت ضمانا
19
أو نيابة أو حلوال".
أساس النيابة (نظرية النيابة أو التمثيل القانوني) :تأخذ هذه النظرية بفكرة اعتبار
التابع نائبا عن المتبوع نيابة قانونية ،لكونه يعمل لحسابه ،وينفذ أوامره قياسا على
إلزام النائب األصيل بما يقوم به من تصرفات قانونية في حدود نيابته ،فكذلك يلزم
20
التابع المتبوع بما يقوم به من أعمال مادية في حدود تبعيته.
أساس الحلول (نظرية الحلول) :تقر هذه النظرية بأن التابع يحل محل المتبوع،
فأي خطأ مرتكب من جانب التابع فكأنما ارتكبه المتبوع في الحدود الوظيفية .أو
بصيغة أخرى أن التابع امتداد لشخصية المتبوع .إال أن ما يعاب على هذا االتجاه
21
هو أنه مازال يحتفظ بفكرة الخطأ في نطاق هذه المسؤولية.
7
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
هذه النظريات كغيرها من النظريات األخرى لم تسلم من االنتقاد ،ومن ذلك مثال
االنتقادات التي تعرضت لها نظرية النيابة ،بخصوص أن نطاق النيابة غالبا ما يتحدد في
22
مجال التصرفات القانونية دون الوقائع المادية التي من شأنها اإلضرار بالغير.
ومهما كان تعدد هذه النظريات فإن التشريع المغربي من خالل الفصل 85من ق.ل.ع
يبدو أنه أخذ بنظرية الخطأ المفترض من جانب المتبوع ،وهو الرأي ذاته الذي أكده القضاء
المغربي في أحد قراراته الصادرة عن المجلس األعلى 23الذي جاء فيه " :الفرق بين الفصل
85والفصل 85مكرر من قانون االلتزامات والعقود واضح حيث إن الفصل 85مكرر
يتكلم عن المسؤولية الناتجة عن خطأ المسؤول والذي البد فيه من إثبات خطأ هذا األخير،
خالفا للفصل 85الذي يتكلم عن المسؤولية المفترضة".24
فالقانون المغربي إذن أخذ بفكرة الخطأ المفترض غير قابل إلثبات العكس كأساس لمسؤولية
المتبوع عن أعمال التابع .وهي فكرة تبدو من حيث الجوهر أنها تهدف إلى ذات الغاية التي
يهدف إليها أنصار النظريات الموضوعية األخرى ،إذ إنه سواء تم تأسيس هذه المسؤولية
على فكرة الخطأ المفترض أو على فكرة تحمل التبعة أو على أساس المسؤولية عن الغير،
فإن الهدف يبقى واحدا هو حماية حقوق المتضرر باعتباره األولى بهذه الحماية من غيره.
8
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
تقوم نظرية مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع على روابط جوهرية البد من تحققها؛
إذ بدونها ال تثور مشكلة مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع ،بقدر ما تثور مشكلة مسؤولية
الشخص عن فعله الشخصي التي تعتبر القاعدة األصل في مجال المسؤولية المدنية
التقصيرية.
وتتلخص هذه الروابط في تحقق شروط ثالثة هي :قيام عالقة التبعية بين المتبوع
والتابع ،ووقوع خطأ من التابع ،وأخيرا صدور هذا الخطأ أثناء تأدية التابع لوظيفته أو
بسببها.
وأيا كان مصدر هذه السلطة فإن عالقة التبعية تعتبر قائمة؛ إذ العبرة بتوافر السلطة
للمتبوع في أن يصدر لتابعه من التعليمات ما يوجهه في عمله ولو كان توجيها عاما بشرط
أن يكون في إطار عمل معين يقوم به التابع لحسابه ،وليس فقط توجيها عاما في إطار عمل
26
مطلق غير محدد.
وامتالك المتبوع لسلطة الرقابة والتوجيه كشرط لقيام عالقة التبعية ال يشترط فيها أن
تنصب على الناحية الفنية بل يكفي فقط أن تكون من الناحية اإلدارية للقول بوجودها.
ونافلة القول أن عالقة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع ولو لم يكن المتبوع حرا في
اختيار تابعه متى كانت له سلطة في رقابته وتوجيهه ،لذلك يعتد حتى بالتبعية العرضية التي
- 25تجدر اإلشارة هنا إلى أنه ال يلزم في العالقة التي تربط المتبوع بالتابع أن تكون ثابتة بمقتضى عقد رسمي مكتوب بل يكفي أن يكون هناك اتفاق
شفوي جرى العرف على تداوله كما هو الشأن بالنسبة للتبعية في إطار عالقة العمال الموسميين أو خدم المنازل بمشغلهم ،كما ال يلزم أن تكون عالقة
مأجورة .
- 26سعيد الفكهاني ،عبد العزيز توفيق ،حسين جعفر ،م.س ،ص.310
وفي هذا السياق نذكر أن هذا ما يميز المتبوع عن األب ومعلم الحرفة إذ األب له الرقابة على ولده ولكن في عمل معين .ومعلم الحرفة له الرقابة
والتوجيه على المتعلم في عمل معين ولكن ال يقوم المتعلم بهذا العمل لحساب معلمه بل للتدرب على العمل.
9
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
تثار غالبا لما يكون التابع تابعا لمتبوعين؛ إذ يكون المسؤول هو الشخص المتبوع الذي
ارتكب التابع الخطأ أثناء أو بمناسبة العمل عنده ،وفي ذلك أقر المجلس األعلى في أحد
قراراته أنه" :عندما يكون العامل تابعا لشخصين مختلفين لكل منهما مكان عمله الخاص به،
فإن الضرر الذي يتسبب فيه هذا العامل للغير أثناء عمله ال يسأل عنه إال رب العمل الذي
27
وقع الضرر أثناء أو بمناسبة العمل عنده وال تمتد هذه المسؤولية إلى رب العمل اآلخر".
وفي قرار أخر أكد القضاء المغربي أنه ":إذا كان الفصل 85من ق.ل.ع ينص على
أن الشخص المسؤول عن الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته ،فال يجوز
تطبيق هذا الفصل على الدولة إال إذا كانت هناك بين إدارة السجون و المعتقل الذي ضرب
المدعي عالقة المخدوم بالمأمور .
وحيث إن إدارة السجون عندما تضع معتقال تحت تصرف مقاولة تبقى محتفظة على
سلطتها من ناحية اقتراح النظام دون العمل.
وحيث من ناحية أخرى أن المكتب الشريف للفوسفاط المستفيد من المعتقلين كان ملزما
فقط بإصدار تعليمات إليهم أثناء عملهم من حيث طريقة إنجاز ما كلفوا به.
وإ ن المكتب الشريف للفوسفاط هو الذي كان مكلفا إذن بمراقبة العمال المعتقلين
الموضوعين تحت عهدته و هو الذي كان مسؤوال أيضا عن هذا العمل وأن القضاة األولين
أخطأوا إذن عندما قضوا بأن الدولة هي الغير المسؤول عن الجرح الذي أصيب به أثناء
مزاولته عمله ألن إدارة السجون لم ترتكب أي خطأ من جهة ،وألن رابطة المخدوم بمأموره
28
ال توجد بينها و بين المعتقل من جهة أخرى ".
- 27قرار المجلس األعلى رقم 758الصادر بتاريخ 1976/12/15في الملف المدني عدد ،41799منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد
، 28السنة السادسة دجنبر ،1981ص .29
- 28قرار استئنافية الرباط رقم 4182صادر بتاريخ . 29/03/1950ذكره عبد العزيز توفيق ،م ،س،ص. 78
10
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وفي قرار آخر أكد المجلس األعلى أن "الطبيب الجراح ال يكون مسؤوال عن أخطاء
مساعديه في الفترة الموالية إلجراء العمليات الجراحية إال إذا كان مرتبط بهؤالء بمقتضى
29
عالقة تبعية تمكنه من مراقبتهم وإ عطاء األوامر إليهم".
وبذلك يكون القضاء المغربي قد أقر بدوره ضرورة توافر عنصر التبعية لقيام هذا
الصنف من المسؤولية ،وذهب إلى أقصى الحدود بترتيب المسؤولية على الشخص الذي يقوم
العامل بالعمل له ما دام هذا العمل هو الذي سهل وقوع الفعل أو هيأ الفرصة لوقوعه بأي
طريقة كانت.
وفي القضاء المقارن نجد أن القضاء المصري قد تبنى موقفا أكثر شموال في إقرار
عالقة التبعية حيث ،قرر أن وجود عالقة تبعية بين الطبيب وإ دارة المستشفى الذي عالج فيه
30
المريض ولو كانت عالقة تبعية أدبية كاف لتحميل المستشفى مسؤولية خطأ الطبيب".
وإ ذا كان األصل في هذا الخطأ هو مساءلة التابع المرتكب للخطأ بصفة شخصية عمال
بالمبدأ العام في المسؤولية التقصيرية الذي يجعل الشخص مسؤوال مسؤولية شخصية عن
فعله الضار بالغير ،فإنه واستثناءا من ذلك يكون المتبوع مسؤوال عن هذا الخطأ كلما تحققت
شروط معينة .فيكون بذلك هذا الخطأ هو المحل الرئيس لهذه المسؤولية.
- 29قرار المجلس االعلى صادر بتاريخ .12/02/1963منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى ،القسم المدني المجلد الثاني ،ص.75
- 30نقض مدني مصري صادر بتاريخ 1936/6/22أورده ،محمد أحمد عابدين ،م.س ،ص. 105
- 31جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 85من ق.ل.ع " :المخدومون ومن يكلفون غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم
ومأمورهم في أداء الوظائف التي شغلوهم فيها" .
11
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
أما عن شروط وطبيعة هذا الخطأ ،فنرى أنه بالرجوع إلى الفصل 85ق.ل.ع.
وخاصة في الفقرة الثالثة نجد المشرع المغربي قد امتنع عن جعل هذا الخطأ موصوفا بأي
وصف أو مقيدا بقيد .مما يمكن معه القول بأن المتبوع يكون مسؤوال عن خطأ التابع أيا
كانت طبيعته أي سواء كان خطأ ماديا أو معنويا ،جسيما أو يسيرا مباشرا أو غير مباشر.
وعلى العكس من ذلك فإن مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعه ال تقوم في مفهوم المشرعين
المصري والفرنسي إال أذا كان خطأ التابع خطأ بالمعنى الفني ،حاصرا بذلك مسؤولية
المتبوع عن أعمال تابعه في حالة ما إذا أساء هذا األخير تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من
32
متبوعه.
والقاعدة هنا أن يصدر الخطأ من التابع بسبب هذه الوظيفة؛ حيث ال يكفي أن يقع
بمناسبة الوظيفة بأن تكون هذه األخيرة قد سهلت ارتكاب الخطأ أو ساعدت أو هيأت الفرصة
الرتكابه ،بل يجب أن تكون على األقل عالقة سببية وثيقة بين الخطأ والوظيفة إذا لم يكن
الخطأ قد وقع في عمل من أعمال الوظيفة.
وإ ذا كان الخطأ بمناسبة الوظيفة ال يجعل المتبوع مسؤوال عن عمل تابعه ،فأولى
34
بالخطأ األجنبي عن الوظيفة أن له هذا الحكم.
وبالرجوع إلى الفصل 85من ق.ل.ع نجده يقتصر على الخطأ المرتكب أثناء أداء
العمل دون األخطاء التي يرتكبها التابع بسبب تأدية العمل ،بخالف الفصل 174مدني
32
-سهير منتصر ،م.س ،ص .49
33
-حسين جعفر ،سعيد الفكهاني؛ عبد العزيزتوفيق ،م.س،ص.311
34
-عبد الرزاق أحمد السنهوري ،م.س،ص .871
12
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
مصري الذي كان صريحا في إقرار مسؤولية المتبوع عن عمل التابع في حالة ارتكاب
الخطأ أثناء تأدية الوظيفة وكذا ارتكابه بسببها.
وإ ذا كان هذا هو طرح الفقه ،فإن القضاء بدوره فطن إلى منطقية هذا الرأي وأيده في
العديد من قراراته .فقد قضى في إحداها بأنه "يسأل المخدوم عن الفعل الضار الصادر عن
أحد خدامه إذا كان الفعل قد ارتكب أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها؛ بحيث توجد بين الفعل
37
والوظيفة عالقة سببية أو تبعية.
وفي نقض مصري قررت المحكمة أنه" تتحقق مسؤولية المتبوع كلما كان فعل التابع قد
وقع أثناء تأدية الوظيفة أو استغاللها أو مساعدتها على إتيان الفعل غير المشروع أو هيأت له
الفرصة أن تكون هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو ضرورية ال مكان وقوعه ،ومتى تحقق
38
ذلك تثبت مسؤولية المتبوع"
وإ ذا كان هذا هو شأن مسؤولية المتبوع عن عمل التابع إذا كان الفعل الضار في إطار
التبعية التي تجمع بين االثنين ،فإن السؤال يطرح حول مدى مسؤولية المتبوع عن الضرر
العمدي الذي اقترفه التابع إذا كان راجعا إلى اإلساءة في أداء العمل من طرفه؟
- 35محمد سعيد بناني "قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل " الجزء الثاني ،المجلد األول مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة ،2007ص .434
- 36مأمون الكزيري " ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي" الجزء األول ،دون ذكر الطبعة والمطبعة ،ص.461
- 37قرار المجلس األعلى رقم 73صادر بتاريخ 18مارس 1975في الملف االجتماعي عدد ،45965منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 126
السنة 16يوليوز ،1977ص .149
- 38نقض مصري جلسة . 1/6/1971أورده عبد العزيز توفيق "،التعليق على قانون االلتزامات و العقود بقضاء المجلس األعلى و محاكم النقض
العربية لغاية "1998الجزء األول االلتزامات ،المكتبة القانونية ،الطبعة األولى ،1999ص .95
13
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وفي هذا اإلطار طرحت قضية أمام المجلس األعلى للفصل في ما إذا كان الفعل
الضار الذي يقترفه األجير ،ويرجع إلى اإلساءة في أداء العمل من طرفه ،يجعل المشغل
المتبوع مسؤوال عن تعويض الضرر المتولد عنه ،فذهب المجلس األعلى إلى اإلجابة على
هذا التساؤل بالنفي بقوله" :ال يعتبر المشغل مسؤوال مدنيا عن الضرب العمدي الذي ارتكبه
األجير لكون ذلك مستقال عن التبعية التي تربطه بمشغله وخارجا عن مهنته".39
وفي األخير نشير إلى أن مسألة تقدير ما إذا كان الضرر أحدثه التابع مرتبطا بوظيفته
أو بسببها ،يدخل ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع فله أن يحمل المتبوع المسؤولية
أو ينفيها عنه .من أجل ذلك ذهبت ابتدائية الدار البيضاء في الحكم الصادر عنها بتاريخ
4001/03/1944إلى مساءلة صاحب الفندق عن األضرار التي تسبب فيها بعض خدمه
أثناء فترة العمل بالفندق.
كانت تلكم إذن هي األسس و الشروط التي ترتبط بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع،
فما هي أثار قيام هذه المسؤولية ؟ وما هي عوارضها؟
- 39قرار الغرفة الجنائية بالمجلس األعلى رقم 9502بتاريخ 24أكتوبر 1985في الملف الجنائي عدد 71706منشور بمجلة المحاكم المغربية
عدد 49ص.51
- 40محكمة الدرجة األولى بالدار البيضاء ،مجلة المحاكم المغربية عدد 51ص.81
14
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
لكن وبالرغم من أن مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع تكون ثابتة في غالب األحيان،
فإن هذه المسؤولية قد تلحقها عوارض تجعل المتبوع في منأى عن أية مساءلة.
ومن أجل ذلك سنتناول رجوع المتضرر على المتبوع من جهة ،ثم رجوعه على التابع
من جهة أخرى ،وفي األخير رجوع المتبوع على التابع.
وإ ذ كان األمر كذلك فإن للمضرور الحق في رفع دعواه على المتبوع مطالبا إياه
بالتعويض عما أحدثه تابعه من ضرر له ،كلما تحققت الشروط المنصوص عليها في الفقرة
الثالثة من الفصل 85من ق.ل.ع .
15
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
ومساءلة المتبوع عن أفعال تابعه المضرة بالغير ،ال يستوجب أن يكون هذا التابع ممثال
في الدعوى التي يرفعها المضرور لمطالبة المتبوع بتعويضه ،ما دام قد ثبت خطأ التابع
41
الموجب لمساءلة المتبوع.
وقد أثبت الواقع العملي أن المضرور غالبا ما يتجه إلى الرجوع على المتبوع بدال من
التابع للمطالبة بالتعويض .ولعل ما يفسر ذلك أن المشرع المغربي ونظيره المقارن ،42قد
جعله مسؤوال بقوة القانون وبقرينة قاطعة غير قابلة إلثبات العكس وذلك استنادا إلى ما ورد
في الفقرة الثالثة من الفصل 85من ق.ل.ع؛ حيث جعل مسؤوليته قائمة على الخطأ
المفترض غير القابل إلثبات العكس ،مما ال يستطيع معه دفع هذه المسؤولية ،ولو أثبت أنه
كان يستحيل عليه أن يمنع الفعل الذي سبب ضررا للغير .43فضال عن أن المضرور قد
يستند إلى مالءة الذمة المالية للمتبوع لمطالبته بالتعويض حتى يكون في منأى عن تذرع
التابع بعسره.
وفي إطار هذه المطالبة يقع عبء إثبات الضرر على المضرور باعتبار أنه هو من
يدعي تضرره وذلك طبقا للقاعدة الفقهية المشهورة القائلة ب" البينة على المدعي و اليمين
على من أنكر" ،وذلك بإثبات العالقة السببية بين خطأ التابع والضرر الذي أصابه ،ويكلف
المتبوع بنفي هذه العالقة إذا ادعى عدم تحققها .فإذا ادعى أحد زبناء مقاولة تضرره من فعل
أجير يعمل بها ،فإن على هذا الزبون إثبات العالقة السببية بين فعل هذا األجير و الضرر
الذي لحق به كما أن على المشغل إثبات عدم قيام هذه العالقة كلما ادعى ذلك.
وفي التشريع المقارن واستنادا إلى مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 174من القانون
المدني المصري ،فإن وسيلة المتبوع لدفع مسؤوليته تكمن في أمران :األول أن يساعد
41
-حسن عامر ،عبد الرحيم عامر"المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية" ،دار المعارف،الطبعة الثانية ، 1979ص.667
42
-كالتشريع المصري مثال .
43
-عمر وعيسى الفقي" ،المسؤولية المدنية (دعوى التعويض) "،مطبعة المكتب الجامعي الحديث ،الطبعة األولى ،2002ص .102
16
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
التابع على نفي مسؤوليته هو وفق القواعد العامة فإذا أثبتت مسؤولية هذا التابع فال يبقى أمام
44
المتبوع إال أن يثبت أن الفعل الضار قد نشأ عن سبب أجنبي ال دخل للتابع فيه.
بيد أنه بسلوكه هذا الطريق سيواجه بمجموعة من الصعوبات أبرزها أن المضرور
يتوجب عليه باألساس إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية عن الفعل
الشخصي ،وذلك استنادا للفصلين 77و 78من ق.ل.ع ،و حتى في فرض نجاحه في
التابع 46الشيء الذي قد يؤدي 45
الحصول على حكم بالتعويض فإنه يمكن أن يواجه بإعسار
إلى عدم تحقيق الهدف المتوخى من الدعوى المرفوعة ،والمتمثل في الحصول على
التعويض.
وتأسيسا على ذلك فإن القضاء المغربي أقر متابعة المتبوع بدال من التابع ،وذلك
لتجنيب المضرور بعض الصعوبات التي قد تواجهه عند رفع دعوى التعويض على التابع،
وهذا ما نلمسه في أحد قرارات محكمة االستئناف بالرباط الذي جاء فيه "أن مسؤولية
المتبوع عن فعل التابع وجدت في األصل لحماية الغير بسبب إعسار التابع مرتكب الجريمة
أو شبه الجريمة وليست سببا إلعفاء هذا األخير من تحمل نتائج هذه المسؤولية".47
17
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
واستنادا لذلك يحق للمتبوع الرجوع على تابعه بكامل ما قام بأدائه من تعويض إلى
49
المتضرر ،لكونه مسؤوال عنه فقط وليس مسؤوال معه.
و في ذات اإلطار تقضي المادة 170من القانون المدني المصري بأنه " للمسؤول عن
عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤوال عن تعويض
الضرر ،ويجيز هذا النص للمتبوع أن يرجع على تابعه ،في حدود ما قام بأدائه من تعويض
لفائدة الطرف المضرور".
وقد يحدث ويكون الطرفين مشتركان في خطأ واحد ،ويتحمل كل منهما بنصيبه من
الخطأ .وكمثال على ذلك لو ارتكب التابع حادثا بالدراجة التي وضعها المتبوع تحت تصرفه،
وكانت فراملها تالفة مما ساهم إلى حد كبير في وقوع الحادث فعندئد توزع المسؤولية
بينهما.
ويتحدد حق الرجوع على التابع من طرف المتبوع في الحاالت التي يكون فيها هذا
األخير قد تجاوز حدود الوظيفة المسندة إليه مثل استعارة األجير لسيارة المقاولة التي يعمل
بها بدون إذن المشغل لقضاء أغراض شخصية و حدث أن الحق بها ضررا بالغير وفي ذلك
قضت محكمة النقض الفرنسية أنه "نظرا ألنه يظهر من قرار محكمة االستئناف ،أنه ال يوجد
بين الفعل الضار ووظائف يعقوب jacobبالمقاولة ،أية رابطة سببية واقتران ،وأن هذا
48
-عبد القادر العرعاري ،م.س ،ص.157
49
-حسين عامر ،عبد الرحيم عامر،م.س ،ص .668
18
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
التابع قد انجز فعال ذا طابع شخصي محض و مستقل عن عالقة التبعية التي تربطه
بالمشغل ،على ذلك يكون القرار المذكور قد أساء تطبيق النص".50
أما في الحالة التي يكون فيها الخطأ مما تقتضيه طبيعة الوظيفة والمهنة ،فإنه ال يحق
للمتبوع الرجوع عليه ، 51كما أن المتبوع ال يسأل عن الضرر في الحالة التي يحصل فيها هذا
األخير بسبب أمر وظيفي من المتبوع.
وفي ذات اإلطار قضت محكمة النقض المصرية بأنه يستطيع المتبوع الرجوع على
تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324من القانون المدني
المصري ،التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كله كان له الحق في الرجوع على
52
المدين بقدر ما دفعه.
وجاء في قرار آخر "مسؤولية المتبوع من أعمال تابعه هي مسؤولية مقررة بحكم
القانون لصالح المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني بالمتبوع في حكم الكفيل
المتضامن مصدرها القانون وليس العقد ،وله حق الرجوع على تابعه ألنه مسؤول عنه
53
وليس مسؤوال معه".
- 50قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ فاتح يوليوز ،1954ذكره محمد جوهر"،سياقة السيارة بدون ترخيص بين قانون التأمين و قانون
السؤولية" مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى ،1991ص.48
- 51عبد القادر العرعاري ،م.س ،ص.157
- 52قرار رقم 871لسنة 37ق -قاعدة رقم ، 176ذكره سعيد الفكهاني ،توفيق عبد العزيز،حسين ،جعفر ،م.س،ص.321
- 53طعن مصري رقم 757تاريخ 8/5/1978ذكره عبد العزيز توفيق،م ،س ،ص .95
19
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
إن ارتكاب التابع لعمل ألحق ضررا بالغير ال يجعل مسؤولية المتبوع قائمة قياما
مطلقا ،بل إن من شأن تحقق حاالت معنية أن تدفع عنه مسؤوليته .وهي الحاالت التي
تضاف إلى القاعدة العامة في التخلص من هذه المسؤولية المتمثلة في أنه ال يسمح للمتبوع
أن يتخلص من مسؤوليته إال إذا أقام الدليل على أنه قام بواجب الرقابة واإلشراف والتوجيه
أو الضرر الذي لحق المضرور كان لسبب أجنبي ال يد للتابع فيه.
وبعيدا عن هذه العوارض المألوفة ارتأينا تناول بعض الحاالت العملية التي يكون من
شأن تحققها سقوط مسؤولية المتبوع ،نذكر منها حالة التابع القاصر (المطلب األول) ثم حالة
التابع من حيث انعدام أهليته (المطلب الثاني) وأخيرا حالة التابع من حيث اإلضراب
(المطلب الثالث).
وإ ذا كان هذا الحكم من الحقائق التي سلم بها الفقه والقضاء منذ زمن بعيد عمال بنص
الفصل 85من ق.ل.ع وتوسيعا في فهمه فإن اإلشكال الذي يصادفنا هنا مدى إمكانية
مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر؟
ولمحاولة مناقشة هذا اإلشكال نرى ضرورة التعرض لفرضيتين أساسيتين طمعا في
الوصول إلى حكم يقيد المسألة:
افتراض مساءلة المتبوع عن كل خطأ يرتكبه التابع القاصر :إن تبني هذا الطرح
يجعل موقف المتبوع مطابق لموقف متولي الرقابة وهو تطابق من الصعب تبنيه لما
54
-عبد اللطيف الشرقاني " ،الوجيز في االلتزامات الناشئة عن الجرم وشبه الجرم" دون ذكر اسم المطبعة ،الطبعة األولى ، 2001ص .25
20
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
في ذلك من توسع في مسؤولية المتبوع 55وتجاوز إلرادة المشرع الذي نظم كال
المسؤوليتين .فاألب مثال باعتباره متولي الرقابة يمارس سلطة أوسع من السلطة التي
يمارسها المتبوع؛ إذ إن سلطة المتبوع في الرقابة والتوجيه تتحدد في نطاق خاص
ومحدود يتمثل في نطاق العمل الوظيفي الذي يضطلع به التابع.
ولما كان االختالف في النطاق فإن ذلك يستدعي تبعا لذلك اختالفا في كيفية ونتائج
56
إعمال أحكام المسؤولية في كل من النطاقين عن األخر.
افتراض عدم مساءلة المتبوع عن كل خطا يرتكبه التابع القاصر :لما كان افتراض
مساءلة المتبوع عن ما يرتكبه التابع القاصر يؤدي إلى نتائج من شأنها الخلط بين
مسؤوليتين ،مسؤولية متولي الرقابة و مسؤولية المتبوع ،فإن من شأن ذلك التشجيع
على إقرار عدم مسؤولية المتبوع عن أخطا التابع القاصر خاصة مع وجود أحكام
قضائية تؤكد ذلك من بينها الحكم الصادر عن محكمة "فانيس" الفرنسية الذي قضى
"بعدم مسؤولية المتبوع عن خطأ تابعه القاصر الذي كان يقطن لدى متبوعه والمتمثل
في وضع طابع بريد مستعمل على أحد الخطابات" .57
وفي قرار أخر صادر عن محكمة النقض الفرنسية قضى بنقض حكم لمحكمة
االستئناف كان قد وضع مبدأ عاما يقرر مسؤولية صاحب العمل عن القاصر الذي
يقيم لديه على وجه الدوام .وأسست محكمة االستئناف هذه المسؤولية على أساس أن
االلتزام بالرقابة الخاصة بالقاصر والذي يقع في األصل على عاتق والده انتقل إلى
رب العمل ،وأقرت بذلك مسؤولية المتبوع (رب العمل) عن أي فعل ضار يرتكبه
القاصر .وقد أقامت محكمة النقض قرارها بنقض الحكم على أساس إنكار هذا
التأصيل واعتباره مخالفا للقانون.58
21
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وبذلك فإن مساءلة المتبوع عن أعمال التابع القاصر تبقى دون أساس خصوصا وأن
إعمال مساءلته يؤدي إلى الخلط بين نظامين من المسؤولية نظمهما المشرع بشكل مستقل عن
بعضهما البعض .ثم إن القضاء المغربي لن يسعه هنا إال الذهاب مذهب القضاء الفرنسي
اعتبارا للتبعية القانونية الواردة بينهما.
ففي فرنسا وبعد تردد المواقف بين األخذ بمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع القاصر
كل حسب تفسيره للنص التشريعي المنظم للمسألة واستقرائه لنية المشرع فيما يدخله عليه من
،استقر الرأي على جدية االتجاه الذي يقر بأنه إذا كان التابع في حالة جنون عند 59
تعديالت
ارتكابه للفعل الضار فإنه يكون مسؤوال مسؤولية شخصية عن فعله عمال بحكم المادة 489
2-مدني فرنسي وللمضرور أن يقاضيه بصفته الشخصية .ولكن نظرا لجنونه تنتفي عنه
المسؤولية ،وإ ذا انتفت المسؤولية عن التابع انتفت معها تباعا عن المتبوع.
أما في مصر فقد ذهب القضاء إلى الحكم بأن انتفاء مسؤولية التابع ينفيها عن المتبوع
بطريقة التبعية؛ إذ إن هذه المسؤولية تستند على وقوع خطأ من التابع يستوجب مساءلته به
وإ ذا انتفت مسؤولية التابع لجنونه ،فإن مسؤولية المتبوع ال يكون لها أساس تقوم عليه.
وبالتالي فإن الدعوى المرفوعة من المضرور ضد المتبوع لن يكون مآلها إال عدم االستجابة
للطلب.
59
-للمزيد من التوضيح راجع سهير منتصر .م.س ،ص 103وما بعدها .
22
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وفي ذات المعنى ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه "إذا انتفت مسؤولية التابع فإن
مسؤولية المتبوع ال يكون لها من أساس تقوم عليه .وإ ذا كانت مسؤولية التابع ال تتحقق إال
بتوافر أركان المسؤولية الثالثة وهي الخطأ بركنيه المادي والمعنوي ،وهما فعل التعدي
والضرر وعالقة السببية بين الخطأ والضرر وكان الثابت من األوراق أن التابع وقت
اقترافه حادث القتل لم يكن مميزا إلصابته بمرض عقلي يجعله غير مدرك ألقواله وأفعاله
مما ينتفى به الخطأ من جانبه لتخلف الركن المعنوي للخطأ وهو ما يستتبع انتفاء مسؤولية
60
التابع وبالتالي انتفاء مسؤولية الوزارة المتبوعة".
وإ ذا كان المشرع المغربي -كما أسلفنا الذكر -لم ينظم حالة جنون التابع ومدى
انعكاسها على مسؤولية المتبوع بشكل صريح ،فإنه وطبقا للقواعد العامة في المسؤولية
التقصيرية التي تستوجب توافر الخطأ على ركنيه المادي (فعل التعدي) والمعنوي (التمييز
واإلدراك) طبقا للفصل 77من ق.ل.ع الذي يستوجب لترتيب المسؤولية على األفعال التي
تصدر عن اإلنسان من غير أن يسمح بها القانون أن تكون قد ارتكبت "عن بينة واختيار".
وكذلك طبقا للفصل 96من ق.ل.ع 61يمكن القول بأن انتفاء مسؤولية التابع المجنون تنتفي
62
معها بالتبعية مسؤولية المتبوع.
- 60نقض مدني صادر في 12/05/1923منشور بمجموعة أفكار النقض ،ص 14أورده سهير منتصر،م.س ،ص .115
- 61ينص الفصل 96من ق.ل.ع .على أن " :القاصر عديم التمييز ال يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله ،ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل
بالنسبة إلى األفعال الحاصلة في حالة جنونه."...
- 62ولعل هذا في اعتقادنا هو الفرق بين حالة جنون التابع وحالة جنون الشخص الذي يتولى متولي الرقابة رقابته (سواء كانت الرقابة قانونية أو
اتفاقية ) ،حيث إن المضرور ال يكون له حق الرجوع على المتبوع في الحالة األولى بينما يكون له ذلك الرجوع على متولي الرقابة .ومرد ذلك أن
المتبوع ال يتمتع حقيقة بأي من صالحيات متول الرقابة ،إذ إن األب مثال يتمتع بمكنات السلطة االبوية الحقيقية القائمة على صلة الدم في حين أن
سلطة المتبوع هي سلطة إدارية مستمدة من عالقة الوظيفة وقاصرة على مقتضياته ولوازمها فقط.
23
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
ولتلمس جواب هذه اإلشكالية حسبنا أن ننفتح على االجتهاد القضائي وخاصة الفرنسي
لمعرفة كلمة القضاء فيه؛ حيث إن محكمة النقض الفرنسية قضت سنة 1921بعدم مسؤولية
المتبوع عن األفعال الضارة التي يأتيها تابعه أثناء اإلضراب وتتلخص وقائع القضية
موضوع القرار في أن أحد موظفي السكك الحديدية رفض أن يفتح الحاجز الذي أوكل
بحراسته لرجال الشرطة وآنهال عليهم بالسب والقذف .وقد برر الموظف المشار إليه فعله
بأنه ال يخضع إال لتعليمات نقابته التي دعت إلى تفعيل اإلضراب.
وفي هذه الحيثيات قضت محكمة استئناف "أورليان" بمسؤولية إدارة السكك الحديدية
باعتبارها متبوعا مسؤوال عن أخطاء تابعه رغم ارتكاب الفعل أثناء فترة اإلضراب .وطعن
في هذا الحكم بالنقض فقضت المحكمة العليا بنقض الحكم ورفض طلب الحصول على
التعويض ضد الشركة المتبوعة (السكك الحديدية) وكانت المحكمة قد عللت قراراها بأن حالة
اإلضراب تؤدي إلى إنهاء عقد العمل وبغير استمرار هذا العقد ال يتوافر وصف التابع
ووصف المتبوع .ومفاد ذلك أن التابع حال إضرابه عن العمل يتوقف عن أن ينصب نفسه
63
تابعا ويتوقف صاحب العمل عن أن يكون مسؤوال بصفته متبوعا.
وإ ذا كان هذه هو حال فرنسا إلى حدود سنة 1950حيث صدر قانون 11فبراير
1950الذي لم يعد يعتبر اإلضراب سببا من أسباب انتهاء عقد العمل .فإنه وفي ظل مدونة
الشغل المغربية نجد المادة 6432يعتبر اإلضراب سببب من أسباب توقف عقد الشغل ،وهو
الشيء ذاته الذي أكده القضاء المغربي في قرار صادر عن المجلس األعلى جاء فيه" لما كان
عقد العمل الرابط بين الطرفين قد توقف بسبب اإلضراب الذي شارك فيه األجير. 65"....
63
-سهير منتصر ،م.س ،ص .116
- 64تنص المادة 32من قانون الشغل على أنه" :يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء .......:
- 6مدة اإلضراب؛
"................
- 65قرار المجلس االعلى عدد 211بتاريخ ،11/03/2003في الملف اإلجتماعي عدد ،458/2002منشور بقضاء المجلس األعلى عدد ،62ص
.235
24
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
وإ ذا أردنا الحديث عن هذا العنصر في إطار النص الخاص ،فإن مشروع القانون
التنظيمي لإلضراب في المغرب وبحكم المادة 6منه التي تنص على أن "اإلضراب يوقف
عقد الشغل وال ينهيه 67"...يكون اإلضراب سببا من أسباب فقدان المتبوع المشغل لسلطته في
التوجيه وإ صدار األوامر والتي تنتقل إلى النقابة المنتمي إليها العامل المضرب .وهو االنتقال
الذي تنعدم معه عالقة التبعية وبالتالي سقوط مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه المضرب
الختالل شرط من شروط قيام مسؤولية المتبوع عن عمل التابع؛ أي أن توقف عقد الشغل
باإلضراب تنتهي معه عالقة التبعية بين األجير و المشغل ،وبالتالي فإن أي عمل ضار
بالغير ارتكابه األجير خالل هذه المدة يسأل عنه شخصيا وال مسؤولية للمشغل فيه.
خاتمة
تأسيسا على ما س__بق يتض__ح جلي__ا أن مس__ؤولية المتب__وع عن أعم__ال تابع__ه تع__د من أهم
مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير ،ومن أَج ل تطبيقاتها من الناحية العملية ،كم__ا أنه__ا
تتجاوز إلى حد كبير نطاق تطبيق قانون الشغل الذي يعت_بر المج_ال الخص_ب لتط_بيق أحكامه_ا
ولكن مع ذلك فالمشرع المغربي لم يتناولها إال في حدود أقرب ما تكون بالض__يقة ،إذ خص__ها
بفق_رة واح_دة من الفص_ل 85من ق.ل.ع ،مم_ا أل_زم الفق_ه بتناوله_ا في العدي_د من مؤلفات_ه،
والقضاء بالتطرق لها في كثير من أحكامه وقرارات__ه لإلحاط__ة بمختل__ف الج_وانب المهم__ة له__ذا
النوع من المسؤولية التي قصر النص على تنظيمها.
ومن خالل هذه الدراسة نستنتج كذلك بعض النتائج نوردها كاآلتي:
- 66قرارمحكمة اإلستئناف بالعيون رقم 44/09/2010صادر بتاريخ 2011 /1/06غير منشور.
- 67مشروع قانون اإلضراب الذي تم طرحه في ظل الحكومة المغربية الجديدة لسنة .2012
25
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
إن مسؤولية المتبوع ال تحقق جادة العدالة ،فأين هي مسؤولية المتبوع إذا كان الفقه و
القضاء يعطيه الحق بالرجوع على تابعه السترداد ما دفعه للمضرور ،وبالتالي فإن
المسؤولية الكاملة تكون على عاتق التابع الذي غالًبا ما يكون فقيًر ا أو في وضع مالي
ضعيف.
إن حhhدود مسhhؤولية المتبhhوع سhhتكون أوسhhع نطاًق ا لhhو أسسhhت المسhhؤولية التقصhhيرية على
الضرر أكثر مما عليه الحال لما تم تأسيسها على الخطأ ،إذ في الحالhhة األولى سيسhhأل
المتبوع عن تابعه سواء كان هذا التابع مميًز ا أم غير مميز ،أما في الحالة الثانيhhة ،فhhإن
المتبوع ال يسأل إال عن تابعه المميز.
كما نود أن نقترح بعض المقترحات التي تبدوا لنhا و اهلل أعلم أنهhا جديhة تسhتحق إدراجهhا في
هذا المقام وهي:
تع hhديل النص المنظم لمس hhؤولية المتب hhوع عن أعم hhال الت hhابع بش hhكل يك hhون مع hhه المتب hhوع
مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار ،متى كhhان واقًع ا منhhه ليس فقhhط في
حال تأدية الوظيفة بل بسببها أيضا.
تنظيم حق المضرور في الحصول على حقه بشhكل صhريح ،وذلhك بإعطhاءه الحhق في
الخيhhار بhhالرجوع على التhhابع أو على المتبhhوع أو على كليهمhhا .لكن من األحسhhن -في
نظرن hhا – جع hhل مس hhؤولية المتب hhوع مس hhؤولية احتياطي hhة بتقيي hhد المض hhرور ب hhالرجوع أوال
على التابع وإ ذا تّع ذر الحصhول على التعhويض منhه ،حينئٍhذ يرجhع على المتبhوع .وذلhك
إحتراما لمبدأ مساءلة الشخص عن فعله الشخصي و عدم التوسع فيما استثني منه.
وفي ظhhل كhhل مhhا تقhhدم يحhhق لنhhا أن نتسhhاءل عن مhhا مhhدى منطقيhhة ومشhhروعية مسhhاءلة المتبhhوع
عن فعل ال يد له فيه؟
الئحة المراجع
حس__ن ع__امر ،عب__د ال__رحيم ع__امر"المس__ؤولية المدني__ة التقص__يرية والعقدي__ة" ،دار
المعارف،الطبعة الثانية . 1979
26
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
سعيد الفكه__اني ،عب__د العزي__ز توفي__ق ،حس__ين جعف__ر"،التعلي__ق على ق__انون االلتزام__ات
والعق__ود المغ__ربي في ض__وء الفق__ه والقض__اء" الج__زء األول ،مطبع__ة ال__دار العربي__ة
للموسوعات،طبعة .1986
سهير منتصر" ،مس__ؤولية المتب__وع من أعم__ال الت__ابع أساس__ها ونطاقه__ا" ،دار النهض__ة
العربية ،دون ذكر تاريخ الطبعة .
سيد أمين" ،المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير في الفقه اإلسالمي المقارن" ،دون ذكر
اسم المطبعة وتاريخ الطبعة .
عبد الرزاق أحمد السنهوري" ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء األول ،مصادر
االلتزام" دون ذكر الطبعة و المطبعة.
عبد العزيز توفيق "،التعليق على قانون االلتزامات و العق__ود بقض__اء المجلس األعلى و
مح__اكم النقض العربي__ة لغاي__ة "1998الج__زء األول االلتزام__ات ،المكتب__ة القانوني__ة ،
الطبعة األولى.1999
عبد القادر العرعاري" ،مصادر االلتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدني__ة" ،مطبع__ة
دار األمان ،الطبعة الثانية .2005
عبد الك_ريم ش_هبون" ،الش_افي في ش_رح ق_انون االلتزام_ات والعق_ود المغ_ربي الكت_اب
األول االلتزامات بوجه عام "الجزء األول مص_ادر االل_تزام" ،مطبع_ة النج_اح الجدي_دة،
الطبعة األولى .
عبد اللطيف الشرقاني " ،الوجيز في االلتزامات الناشئة عن الج__رم وش__به الج__رم" دون
ذكر اسم المطبعة ،الطبعة األولى. 2001
عمر وعيسى الفقي" ،المسؤولية المدنية (دعوى التعويض) "،مطبع_ة المكتب الج_امعي
الحديث ،الطبعة األولى .2002
مأمون الكزيري " ،نظرية االلتزامات في ض_وء ق_انون االلتزام_ات والعق_ود المغ_ربي"
الجزء األول ،دون ذكر الطبعة والمطبعة.
محم__د أحم__د عاب__دين" ،التع__ويض بين المس__ؤولية العقدي__ة والتقص__يرية" ،مطبع__ة دار
المطبوعات الجامعية ،طبعة .1980
محمد البوشواري"،المسؤولية المدني__ة ،العقدي__ة والتقص__يرية" مطبع__ة أش__رف ،الطبع__ة
الثانية.2008
محمد ج__وهر"،س__ياقة الس__يارة ب__دون ت__رخيص بين ق__انون الت__أمين و ق__انون الس__ؤولية"
مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى . 1991
محمد سعيد بن_اني "ق_انون الش_غل ب_المغرب في ض_وء مدون_ة الش_غل " الج_زء الث_اني،
المجلد األول ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة . 2007
27
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
الفهرس
مقدمة…1............................................................................................................
28
مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع في ضوء التشريع و االجتهاد القضائي
خاتمة..............................................................................................................
26
الئحة المراجع27....................................................................................................
الفهرس............................................................................................................
29
29