Professional Documents
Culture Documents
ملفوضات الشيخ الياس
ملفوضات الشيخ الياس
ملفوضات الشيخ الياس
هو الشيخ محمد إلياس بن محمد إسماعيل بن غالم حسني بن كريم بخش من
أسرة معروفة في العلم والتقوى والورع في القارة الهندية من القدم من أسرة
عربية األصل ،تعود ساللتها إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه .
وهذه األسرة تسكن في مدينة جنجهانة ونصفهم في مدينة كاندهلة ،وكان
الشيخ إسماعيل والد الشيخ محمد إلياس قد تزوج في مدينة جنجهانة التي
يسكنها وتوفيت زوجته بعد أن ولد منها أبن أسمه محمد ،وقدم الشيخ إسماعيل
يوما إلى كاندهلة في مناسبة زواج في األسرة وخطب الشيخ إسماعيل في تلك
املناسبة حسب رغبة األسرة ألنه كان معروفا ً في العلم والفضل والتقوى وكان
مستجاب الدعوات ,فقالت جدة الشيخ إلياس )اعني والدة أمه (لزوجها )أي
لوالد أمه ( أن لو زوجنا ابنتنا الكبرى من ابن أسرتنا هذا محمد إسماعيل
العالم الخلق ،فزوجوه وزفوا ابنتهم في نفس السفرة ،فبعده اختار الشيخ
إسماعيل اإلقامة في كاندهلة بني أسرته هذه ،فولد له من هذه الزوجة ابن
اسمه الشيخ محمد يحيى في محرم عام 1288هـ وهو والد الشيخ محمد زكريا
الكاندهلوي شيخ الحديث بجامعة مظاهر العلوم بسهارنفور وصاحب املؤلفات
الكثيرة التي تزيد على أكثر من مائة مؤلف منها )أوجز املسالك في شرح موطأ
اإلمام مالك ( و) تبليغي نصاب () أي فضائل األعمال (باللغة األردية املعروف
في العالم كله .
ثم بعد خمسة عشر سنة من ميالد شقيقه الشيخ محمد يحيى في عام 1303هـ
ولد له الشيخ محمد إلياس رحمه اهلل مؤسس هذه الدعوة والتبليغ ،وكان ألحد
الصلحاء املدعو /مرزا إلهي بخش قصر ) فلة ( في نظام الدين بنيو دلهي ،
وبنى مسجدا ً بجوار الفلة فطلب من هذه األسرة التي كانت معروفة في العلم
والتقوى أنه يحتاج إلى مدرس صالح ليدرس أوالده الصغار في ذلك املسجد )
املعروف ببنغلة والي مسجد ( أي مسجد أبو الفلة بنظام الدين ،وكانت املنطقة
حينئذ خالية من العمران ،فقرر الشيخ إسماعيل أن يقيم هناك فيعلم الطلبة
الصبيان القرآن الكريم على روبيتني هنديتني شهريا ً فلما رأى الشيخ إسماعيل
أنه كيف يفعل في الصلوات ألنه لم يكن هناك أحد يصلي برفقته الصلوات في
الجماعة وكان يذهب عند التقاطع الذي بجوار مقبرة همايون ألن أهل ميوات
املسلمني كانوا ينزلون عند البوابة ثم يذهبون إلى سوق دلهي لكسب املعاش
فمن كان يجده الشيخ إسماعيل هناك يأتي به إلى املسجد بعد أن يسأله أنك
إذا ذهبت دلهي للعمل هناك كم سيكون مبلغ األجر اليومي فيقول :آنتني ) أي
قرشني هنديني ( فيقول له :اليوم أعطيك األجرة فتعال معي فيأخذه إلى املسجد
طول اليوم فيعلمه اإليمان وأحكام الشرع ويصلي معه الصلوات جماعة ،فهكذا
كان يصرف جميع راتبه بل وأكثر منه على أهل ميوات ،وكان الشيخ إسماعيل
يطلب مصاريفه من أسرته ألنه كان لهم دخل متوسط من مزارعهم فاستمر
الشيخ بدعوته هكذا إلى العمال امليواتيني ،فلما زاد عدد امليواتيني صلحت
أحوالهم الدينية صاروا لم يقبلوا أي مبلغ لتعليم الدين فصار الذين يعودون إلى
ميوات يرسلون أناسا ً ليتعلموا أمور دينهم من الشيخ ،وطلب الشيخ ابنه األكبر
محمد عنده ودرسه العلوم الدينية ثم ابنه الثاني محمد يحيى ودرسه العلوم
الدينية وهو مقيم في نفس هذا املسجد بنظام الدين .ولتكميل دورة الحديث )
أعني الصحاح الستة واملوطئني والطحاوي ( ليتخرج عاملا ً ،أرسله والده إلى
مدينة كنكوه عند العالم الجليل العالم الرباني املربي املصلح الشيخ رشيد أحمد
الكنكوهي ورافقه أهله وشقيقه محمد إلياس وقد توفي والده الشيخ محمد
إسماعيل وتولى مكانه
ابنه األكبر الشيخ محمد وأستمر امليواتيون حتى استأنسوا ذلك املسجد ثم
بعدها شب الشيخ محمد إلياس وبعد وفاة الشيخ الكنكوهي عني الشيخ محمد
يحيي مدرسا ً في جامعة مظاهر العلوم بأمر الشيخ خليل أحمد السهارنفوري
)وهو العالم الجليل املربي الذي كان من أجل خلفاء الشيخ رشيد احمد
الكنكوهي ( وأسكن معه أهله وأبنه الشيخ محمد زكريا وشقيقه الشيخ محمد
الياس أسس بسهارنفور مكتبة باسم )يحيوي كتب خانه (وأدام اإلقامة
بسهارنفور .فلذا الشيخ محمد يحيى بعد وفاة شيخه الكنكوهي بايع الشيخ
خليل أحمد السهارنفوري الذي شرح السنن ألبي داود باسم )بذل املجهود في
حل أبي داود ( وكذلك الشيخ إلياس بايع الشيخ خليل أحمد والشيخ محمد
زكريا أيضا ً بايعه ،وقد نال هؤالء الثالثة اإلجازة منه وأصبحوا من أجل خلفائه ،
وتعلم الشيخ محمد إلياس بجامعة مظاهر العلوم حتى تخرج عاملا ً ،ورافق
شيخه في سفرة الى الحجاز للحج للمرة الثانية ورأى في املنام أن الرسول
صلى اهلل عليه وسلم قال له :سنأخذ منك عمالً دينيا ً في الهند ،ثم بأمر شيخه
الشيخ خليل أحمد عاد الى الهند ومكث الشيخ خليل أحمد باملدنية حتى وافاه
األجل ودفن بالبقيع الغرقد ،وعاد الشيخ محمد إلياس خائفا ً مهموما ً من الرؤيا
فما يدري ما املراد بالعمل الذي سيؤخذ منه ،فتوفى أخوه األكبر الشيخ محمد
بنظام الدين فتولى الشيخ محمد إلياس مكانه بذلك املسجد وقد كان أهل ميوات
مستأنسون بوالده وأخيه فأصروا أن يبقى إلياس في ذلك املسجد ،فاخذ
الشيخ مركزا ً له وبدأ دعوته بمنطقة ميوات مع أنها هي من أحط املناطق الهندية
خلقا ً وأبعدها من الدين وأعظمها جهالة وضاللة ودعا الناس فيها إلى االنقطاع ُ
عن أشغالهم والخروج من أوطانهم ملدة محدودة وقد تكون أربعني يوما ً أو أكثر ،
وعرف أنهم ال يتعلمون الدين وال يتغيرون في األخالق إال إذا أخرجوا من هذا
املحيط الفاسد الذي يعيشون فيه ،وقد قبل دعوته مئات وألوف هذه املنطقة
وخرجوا شهورا ً وقطعوا مسافات بعيدة ما بني شرق الهند وغربها وشمالها
وجنوبها ركبانا ً ومشاة فتغيرت أخالقهم وتحسنت أحوالهم واشتعلت عواطفهم
أمر الدعوة خالل مدة زهاء خمسة عشر سنة حتى توفى الشيخ الدينية ثم أمر ُ
رحمه اهلل رحمة واسعة ثم كان ابنه الوحيد الشيخ محمد يوسف وزميله الشيخ
محمد إنعام قد أخذا الحديث من الشيخ محمد زكريا في جامعة مظاهر العلوم
بسهارنفور وزوجهما الشيخ محمد زكريا ابنتيه في يوم واحد وكانا عاملني راغبني
في العلم ،وألف الشيخ محمد يوسف كتابه الجليل )) حياة الصحابة (( وهو
معروف بني الناس ،وكذلك ألف شرح شرح معاني اآلثار للطحاوي املسمى بـ
)) أماني األحبار (( فأمرهما الشيخ محمد زكريا أن يبايعا الشيخ محمد إلياس
فبايعاه ثم ناال الخالفة منه ،فبعد وفات والد الشيخ محمد يوسف ُجعل أميرا ً
على هذه الجماعة ،وبعد جهد عشرين سنة بلغ أمر الدعوة إلى مشارق األرض
ومغاربها ولم يكن في العالم بلد إال ورجال الدعوة والتبليغ وصلوه ،ثم بعد وفاة
الشيخ محمد يوسف ُو ِّلي األمر إلى صاحبه ورفيق حياته الشيخ إنعام الحسن
بن الشيخ إكرام الحسن بن الشيخ رضى الحسن وهذا أي جد الشيخ أنعام
الحسن قد تزوج من شقيقه الشيخ محمد إلياس وولد منها الشيخ إكرام الحسن
.
وهو من نفس هذه العائلة العربية األصل الصديقة فقام الشيخ إنعام الحسن
بأداء واجبه في خدمة الدعوة والتبليغ ثالثني سنة كواملة حتى لم تخلو مدينة وال
قرية في العالم إال وأهل الدعوة والتبليغ وصلوها فيدعون الناس إلى نور
اإلسالم ويبلغون أوامر اهلل ويخرجونهم من الظلمات إلى النور -بتوفيق منه
سبحانه -ليسلكوا طريقا ً سهالً إلى الجنة .
وصلى اهلل على سيدنا ومحمد وآله وصحبه وسلم .
وصلى اهلل على سيدنا ومحمد وآله وصحبه وسلم .
) ( 1قال الشيخ رحمه اهلل :كانت أحوال أمم األنبياء عامة بأنه كلما بعد عنها
زمن النبوة فتصبح أمورها الدينية خالية من الروح والحقيقة بحيث تصبح
كعادات تقليدية محضة ،فكانت تأديتها كعادة تقليدية .
فاإلصالح هذه الضاللة كانت تبعث األنبياء الذين كانوا يبطلون هذه العادات
التقليدية ويرشدون األمة إلى الحقيقة الواقعية وروح الشريعة الحقيقة .
فأخيرا ً ملا بعث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فكانت حالة األقوام التي كانت
لها عالقة باألديان السماوية في زمانه صلى اهلل عليه وسلم نفس تلك الحالة
املذكورة بأن األمور الدينية التي بقيت لديها مما أتو به أنبياؤهم كأنها عادات
تقليدية خالية من الروح ،فكانت تظن أنها هي الشريعة وأصل الدين .
فأبطل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تلك املألوفات التقليدية فقام بتعليم أصل
حقائق الدين وأحكامه ،وأن األمة املحمدية أيضا ً ابتليت في هذا املرض حتى
في عباداتها أصبحت تقليدية إلى حد أن تعليم الدين أيضا ً الذي كان من
املفروض أن يكون سببا ً إلصالح جميع مثل هذه املفاسد فأصبح في بعض
املدن عادة تقليدية ،ولكن ألن سلسلة النبوة قد انتهت اآلن فمسئولية مثل هذه
األمور حملت على علماء األمة الذين هم نائبوا النبي صلى اهلل عليه وسلم ،
فإنما الواجب عليهم أن يركزوا إلى إصالح ذلك الضالل وفساد الحال .
وطريقته هو تصحيح النية :ألن األعمال ال تصير عادات وتقاليد إال عند عدم
ا ِّلالهيّة واإلخالص وفقدان شأن العبودية ،فبتصحيح النية يعود تجاه األعمال
إلى اهلل البتة ،فتتولد فيها الحقيقة بدل العادات الروتينية ،فيكون صدور جميع
األعمال بالحماسة على العبودية وعبادة املعبود )(1
فاملقصود أن أهم واجب علماء هذه األمة الحاملني للدين في هذا الزمن أن
يبذلوا جهدهم في تركيز اتجاه الناس إلى تصحيح نياتهم
ويحاولوا أن يتولد فيهم اإلخالص وا ِّلالّه ّية والحقيقة في األعمال .
) (2قال الشيخ رحمه اهلل :قد أذيع في القرآن والحديث باهتمام خاص أن
وسهل ( فيقتضى هذا أن كلما كان األمر أهما ً من ٌ يسير
ٌ سر ) أعني
الدين يُ ٌ
وسهل ( فيقتضى هذا أن كلما كان األمر أهما ً من
ٌ يسير
ٌ سر ) أعني الدين يُ ٌ
ً
اآلخر كان أيسرا حسب أهميته .
فألن تصحيح النية واإلخالص هلل من أهم الواجبات في الدين ،بل من روح
جميع أمور الدين فلذا هذا سهل جدا ً وألن هذا اإلخالص هلل هو حاصل
ومقصود السلوك والطريق كله ،فعلم من هذا بأن السلوك أيضا ً أمر سهل ،
ولكن ليعلم أن جميع األمور بأصولها وبطرقها الوضعية تكون سهلة ،فمهما
كانت األمور يسيرة فإذا صيرت بغير طريقتها فحينئذ تتعسر .
فمن خطأ الناس اآلن أنهم يرون التقليد على األصول هو الصعب فيتهربون منه
مع أن مهما كان األمر يسيرا ً لم يبلغ مرامه إال بالتمشي على تقليدات أصوله ،
فالطائرة والباخرة والقطار والسيارة ال تسير إال باألصول حتى الطبيخ والخبز
لم يجهز إال باألصول .
أقــول :إذا تقيدنا باألصول بتصحيح النية واإلخالص وترسيخ اإليمان في
القلب لنكون مصداقا ً لقول النبي صلى اهلل عليه وسلم )) ال يؤمن أحدكم حتى
يسر .
ٌ يكون هواه تبعا ً ملا جئت به ) (1فيتحقق لنا أن الدين
) (3قال الشيخ رحمه اهلل :إن الطريقة غايتها خاصة ) وهي ( أن تصبح أحكام
اهلل تعالى وأوامره هواه ورغبته الطبيعية وتصبح النواهي كريهة له في نفسه )
يعني يحس باللذة والفرحة عند امتثال األوامر اإللهية ويتأذى ويكره من أن يقرب
النواهي ( فهذه غاية الطريقة .
أما األعمال ) األخرى أعني األذكار واألشغال واألعمال بطرق خاصة ( فهي
وسيلة لتلك الغاية .
ولكن اآلن كثير من الناس يظنون أن هذه الوسائل هي أصل الطريق مع أن
البعض منها بدعة .
فعلى كل حال ألن هذه األشياء وسائل محضة وليست مقصودة بذاتها ،فلذا
يمكن ينظر إليها فيلزم أن تتغير وتتبدل حسب املصلحة ،وأما األعمال
املنصوص عليها في الشرع فيجب العمل عليها في جميع األزمنة سواء .
) (4قال الشيخ رحمه اهلل :إن منزلة الفرائض أعلى بكثير من درجة النوافل بل
نعتقد أن املقصود من النوافل هو تكملة الفرائض أو تالفي النقائض التي
أصل توابعها وفروعها )(1ٌ تحصل في تأدية الفرائض فاملقصود أن الفرائض
ولكن أحوال بعض الناس أنهم ال يهتمون في الفرائض وينشغلون باهتمام كبير
ولكن أحوال بعض الناس أنهم ال يهتمون في الفرائض وينشغلون باهتمام كبير
في النوافل .
فكما أنكم تعلمون أن الدعوة إلى الخير األمر باملعروف والنهي عن املنكر
مقصودي أن جميع شعب التبليغ من أهم الفرائض ،ولكن كم عدد الذين يؤدون
هذه الفريضة .......؟ ،وأما املشتغلني واملنهمكني في ) األعمال أو العبادات (
واألذكار النفلية ليسوا بقليل.
) (5قال الشيخ رحمه اهلل :إن بعض أهل الدين وأصحاب العلم قد وقعوا في
خطأ كبير في باب االستغناء بأنهم يظنون أن مقتضى االستغناء أن ال يتالقى
مع األغنياء وأهل الثروة مطلقا ً وأن يتحاشا من اختالطهم كليا ً .
مع أن املقصود من االستغناء هو أن ال نذهب إليهم لحاجة املال فقط وأن ال
نخالطهم لطلب الجاه واملال ،أما لقصد إصالحهم وللمقاصد الدينية لم تكن
تالقيهم ومخالطتهم منافية لالستغناء قطعيا ً ،بل هذا من األمور الضرورية من
حيث مرتبتها ،نعم لنكن مستيقظني من أن ال يتولد في أنفسنا حب املال وحب
الجاه .
) (6قال الشيخ رحمه اهلل :عندما يحاول أحد أن يتقدم في أمر الخير ،
فالشيطان يزاحمه بطرق مختلفة ويجعل له معوقات في طريقه ،فعندما يفشل
الشيطان في تلك املعوقات ويتجاوزها ذلك العبد كلها ويشرع في األمر فحينئذ
تكون محاولة الشيطان الثانية إما أن يفسد نيته وإخالصه أو يحاول أن يكون
هو شريكا ً له فيها بطرق أخرى بأن يحببه الرياء والسمعة .أو بمكره يحاول أن
يحبط لالِّه ّيته فأحيانا ً يفوز في محاولته .
فلذا يجب على الذين يعملون في مجال أمور الدين أن يكونوا مستيقظني من
هذا الخطر في كل حني وأن يحفظوا قلوبهم من مثل هذه الوساوس الشيطانية
في كل وقت ،وأن يراقبوا نياتهم بصفة دائمة ألنه لو اشتمل في أي عمل من
األعمال غرض غير رضا اهلل سبحانه وتعالى -في أي وقت من األوقات ) فحبط
ذلك العمل( فيكون غير مقبول عند اهلل تعالى -
) (7قال الشيخ رحمه اهلل :إن في كثير من املدارس الدينية توجد غفلة كبيرة
سون الطلبة ولكن بدون أن يجتهدوا في أن ينشغلوا في أصل در ُ
ونقص ،بأنهم ُي ِّ
مقصود التعليم وهو خدمة الدين والدعوة إلى اهلل بعد التخرج .
فنتيجة هذه الغفلة أن كثيرا ً من املتخرجني مطمح نظرهم الحصول على املعاش
فقط فإما يلتحقون في الطب أو يتقدمون بالجامعات الحكومية لالمتحانات ،
فيختارون التدريس في املدارس االنجليزية العامة فما صرف في تعليمهم من
وقت ومصاريف وجهد فمن حيث النتيجة يصبح هباء منثورا ً بل أحيانا ً يكون في
وقت ومصاريف وجهد فمن حيث النتيجة يصبح هباء منثورا ً بل أحيانا ً يكون في
مصالح أعداء الدين .
فلذا ليكن اهتمامنا األكبر بأن الطلبة يتخرجون بعد التعليم بأن ال ينشغلوا إال
في خدمة الدين ،وأن يؤدوا حقوق الدين ألنه لو لم يحصد من مزرعتنا شيء
فهي خسارة وأما إذا حصد واستفاد منه أعدائنا فالخسارة أعظم .
) (8قال الشيخ رحمه اهلل :إن االمتحانات )) مولوي فاضل (( )(1
التي تقوم بها الجامعات الحكومية فإن ضررها وقباحتها نحن ال ندركها جيدا ً
وال نحس بها ،فإنها عامة تؤدى هذه االمتحانات ليتمكن بها من الحصول إلى
الوظيفة في املدارس اإلنجليزية العامة ،فمعنى هذا أن نظام التعليم الذي
عممته الحكومة ) الهندية ( الكافرة ملصالحها ،ومقاصدها وراء هذا من إقامة
امتحانات ) مولوي فاضل وغيره ( إلكمال مقاصدها أن يكونوا هؤالء املمتحنون
معاونوها في نظامها الكفري بل ليصبح لها فيه استحقاقا ً لتستعمله كجهاز لها
باألجرة .
فليعمق النظر :أي ظلم أكبر من هذا على علم الدين ؟ وأي استعمال أكبر غلطا ً
من أن يكونوا خدما ً لنظام تعليم أعداء الدين فإنه يُف َه ُم من هذا أنهم يحاولون
بهذه االمتحانات أن يغيروا نسبة علم الدين بعدما كان العلم هلل ورسوله صلى
خطير
ٌ اهلل عليه وسلم فتصير نسبته إلى الكفار والحكومة الكافرة فلذا هذا األمر
جدا ً .
) (9قال الشيخ رحمه اهلل :إن أول وأهم مقتضى العلم أن يحاسب املرء حياة
نفسه ،بأن يعلم ما عليه من الفرائض وأن يفهم تقصيراته في الدين فيجتهد في
أدائها ) كما هو حقها ( ،وأما من استغنى عن هذا فبدأ يراقب ويحاسب غيره
وغرور
ٌ بسبب علمه ويحصي أخطاء غيره وينسى نفسه فحينئذ يكون هذا ٌ
كبر
علمي الذي هو هالك كبير ألهل العلم .
) (10قال الشيخ رحمه اهلل :بينما هو في مناقشة موضوع أن املسلمني ملاذا لم
يتمكنوا على الحكم والدولة ،قال :ما دمتم غير منفذين أحكام اهلل ونواهيه على
أنفسكم وعلى حياتكم املنزلية الذي هو اختيار أنفسكم وال يوجد معوق فيه
فكيف يولى إليكم نظام وتنسيق الدنيا -ألن غاية اهلل من تولية حكم األرض هو
أن تنفذوا مرضاة اهلل وأحكامه في األرض ) ، (1فلما تكونوا منفذين هذا فيما
هو في ملككم اليوم فبتمكني الدولة في أيديكم غدا ً فماذا يكون األمل فيكم ؟
هو في ملككم اليوم فبتمكني الدولة في أيديكم غدا ً فماذا يكون األمل فيكم ؟
) (11قال الشيخ رحمه اهلل :إن الناس الذين يظن فيهم أنهم موفون وحامون
للدولة ،ففي الواقع أنهم ليسوا وافون وال حامون ألحد بل هم في األصل وافون
ألغراضهم الذاتية .
نعم ألن اليوم أغراضهم الدنيوية تستوفي من الدولة الحالية فلذا هم وافون
ويحامون لهذه الدولة ولكن إذا بدأت أغراضهم غدا ً تستوفى من أعداء الدولة
فحينئذ هم هؤالء الذين يصبحون حامني ووافني ألولئك األعداء مثل ما هم مع
هؤالء اآلن .فالحقيقة أن مثل هؤالء هم ُعبّاد املصلحة ولم يكونوا أوفياء حتى
آلبائهم .
فطريقة إصالح مثل هؤالء الناس ليست بمخالفتهم وال بتحريضهم على مخالفة
الدولة ،بل إن أصل الداء الذي فيهم هو عبادة املصلحة فما دامت هذه الخصلة
موجودة فيهم وإن خالفوا الدولة فهي ملصلحتهم املادية ،فهم ألغراضهم املادية
يصبحون أوفياء لقوة أخرى ،فلذا العمل في مثل هؤالء هو أن تولد فيهم عبادة
اهلل بدل عبادة املصلحة ويجتهد فيهم بأن يصبحوا أوفياء اهلل الصادقني لدينه ،
فال عالج ملرضهم غير هذا .
) (12قال الشيخ رحمه اهلل :هذه قاعدة كلية بأن الشخص ال يتحصل على
الراحة النفسية إال بعد الحصول على رغبته وما يشتهيه ،فمثالً أن شخصا ً ثريا ً
إنما رغبته في األطعمة اللذيذة والثياب الثمينة فهذا الشخص ال يرتاح نفسيا ً
إال بالحصول على تلك الرغبات .
وأما من كانت رغبته في الجلوس على الخسف ،والنوم على الحصير واللبس
العادي واألكل العادي فهذا الشخص يتحصل على الراحة والطمأنينة بهذه
األشياء .
فأما الذين قد رغبوا في اتباع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في الحياة
العادية فإنما لذتهم وراحتهم في تلك الحياة وعلى هؤالء فضل من اهلل كبير بأن
جعلت راحتهم في تلك األشياء التي هي بخسة الثمن وفي متناول كل مسكني
وفقير .
فنفرض لو جعلت رغبتنا في األشياء الثمينة التي لم تتيسر إال لألغنياء فليس
ببعيد أن نمكث طول حياتنا غير مرتاحني .
) (13قال الشيخ رحمه اهلل :إننا أمرنا بأن أموالكم التي أعطيتم في هذه الحياة
الدنيا بأن ال تمسك أي ال تبخلوا فيها بل كانوا منفقني منها ولكن مع االلتزام
بشروطه من غير إسراف وال تبذير -أعني أن ينفق في مصرف ومحل صحيح
وأن يكون بالطريقة التي أمرنا اهلل بها وفي حدود ما قرره لنا ) ،أقــول ( :قال
تعالى ( :وأنفقوا مما رزقناكم ) اآلية .وقال ( :كلوا واشربوا وال تسرفوا إن اهلل
ال يحب املسرفني ) وقال تعالى ( :إن املبذرين كانوا إخوان الشياطني وكان
الشيطان لربه كفورا ) .
) (14ففي يوم من األيام لم يتمكن أن يصل اللحم إليه في ذلك اليوم بسبب
املطر أو بسبب آخر .وكان من ضمن الضيوف شيخ من محترمي ومن خواص
أقرباء الشيخ محمد إلياس أيضا ً وكان في علم الشيخ أنه يرغب اللحم ،فرأيت
السفرة فتعجبت في نفسي قليالً أثرا ً كبيرا ً على الشيخ لعدم وجود اللحم في ُ
بأن هذا ليس مما يؤخذ بالخاطر .
فبعد قليل ) قال الشيخ رحمه اهلل ( متأسفا ً علي ذلك :قد ورد في الحديث )) من
كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليكرم ضيفه (( ومن إكرام الضيف أن يهي له ما
يشتهيه إذا أمكن ،ثم بعد ذلك قال بلهجة مؤملة :فكيف بأضياف اهلل وأضياف
رسوله صلى اهلل عليه وسلم .
) (15قال الشيخ رحمه اهلل :إن الجنة جزاء الحقوق أعني حقوقنا وراحتنا
نمحيها ونتركها في رضا اهلل ،وأن نتحمل املشقة ونؤدي حقوق غيرنا من
ضمنها حقوق اهلل ،فهذا جزائه الجنة )(1
وفي ذلك ورد الحديث )) :ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء (( .
وفي ذلك ورد الحديث )) :ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء (( .
وقد ذكر في الحديث قصتان إلمرأتان وهما معروفتان عند عامة الناس :أحدهما
:أن امرأة من البغايا تفقدت أحوال الكلب وكان يلهث التراب ،فرأته ورحمته
وسقته في خفها املاء فأدخلها اهلل الجنة بفعلها هذا ). (1
واألخرى التي لم تكن من البغايا حبست القطة فماتت بالجوع ،فأدخلها اهلل
النار بعدم إطعامه شيئا ً ما تسد به الجوع ). (2
) أقول ( :فاملرأة األولى أدت حق الكلب بل آثرت وكلفت نفسها في خلع خفها
حتى سقت الكلب املاء بتحملها املشقة دخلت الجنة ،واملرأة األخرى ما أدت حق
القط ) (3بل اعتدت عليها في عدم إطعامها حتى بلغت ما بلغت ،أعاذنا اهلل من
ذلك.
) (16قال الشيخ رحمه اهلل :إن العمل الذي كان يعمله الرسول صلى اهلل عليه
وسلم في مكة املعظمة ) قبل الهجرة ( أي كان يتجول على الناس ويدعوهم إلى
الحق وكان يذهب إليهم لهذا الغرض لم يكن هذا عمله بعد ما وصل إلى املدينة
املنورة بل جعل له بها مقرا ً فاستقر فيه ،ولكن فعل هذا بعدما هيأ جماعة
خاصة التي تحملت مسؤولية الدعوة املكية التي تؤدي مسئوليتها بأحسن وجه
ثم اقتضى هذا العمل بأن يكون له مركزا ً ليسرى منه هذا العمل منظما ً ويقود
العمل رفقاءه ،وعلى هذه األسوة إنما إقامة سيدنا عمر رضي اهلل عنه في
املدينة املنورة هي األصح لوجود آالف من عباد اهلل الذين يجاهدون إلعالء كلمة
اهلل في بالد إيران والروم .
وكان من مقتضى الضرورة بأن يستقر سيدنا عمر رضي اهلل عنه باملركز ليدبر
أمور نظام دعوة الحق والجهاد في سبيل اهلل باستحكام .
) (17قال الشيخ رحمه اهلل :إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ع ّلم سيدنا أبا
بكر الصديق رضي اهلل عنه بأن يدعو اهلل في آخر صالته بهذه الكلمات :اللهم
إني ظلمت نفسي ظلما ً كثيرا ً وال يغفر الذنوب إال أنت فاغفر لي مغفرة من عندك
وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .الحظوا بأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم لقن
هذا الدعاء من هو أكمل وأفضل هذه األمة وبالذات أن صالته رضي اهلل عنه
لدى الرسول صلى اهلل عليه وسلم كانت كاملة بحيث أنه صلى اهلل عليه وسلم قد
أمره بأن يؤم الناس مع هذا كله علمه بأن يعترف في آخر صالته هكذا ،بأنك لم
تؤد حق عبادتك أمام اهلل جل وعال ،وهكذا اطلب املغفرة والرحمة بفضله وكرمه
ثم قال الشيخ رحمه اهلل :فأين أنا وأين أنت ؟
) (18قال الشيخ رحمه اهلل :إن إقامة اإلنسان على األرض قليلة جدا ً ) يعني
أكثر مدة اإلقامة مدى الحياة الطبيعية ( أما تحت األرض فإقامته هناك أكثر
بكثير أو أفهم هكذا إن اإلقامة في الدنيا فإنما هي مختصرة فلبثنا ) إقامتنا (
في املناطق التي بعدها مثالً من املوت إلى النفخة األولى في القبر ،وبعده إلى
النفخة الثانية في الحالة التي ال يعلمها إال اهلل ،وهذه املدة أيضا ً تكون آالف
السنني وهكذا آالف السنني في املحشر وبعده اآلخرة في املقام الذي يحكم له )
السنني وهكذا آالف السنني في املحشر وبعده اآلخرة في املقام الذي يحكم له )
أي الجنة والنار ( .
املقصود بأن املكث في كل منزل ومقام بعد املرور من الدنيا أكثر من زمن الدنيا
بآالف األضعاف ،ثم كيف بغفل اإلنسان بأن العمل الذي يعمله ألجل القيام
لعدة أيام فإنه ال يعمل ما يعادل قدر ذلك أيضا ً ألجل املقامات األخرى .
أقول :إن اإلنسان يجتهد للدنيا معظم أوقاته مع أن الدنيا أقل زمنا ً من زمن
القبر ثم زمن النفخة ثم يوم القيامة الذي مقداره خمسني ألف سنة مما نعد ،ثم
بعد ذلك الحياة األبدية التي هي الجنة والنار ،أما الدنيا فهي أقل بقليل
واهتمامنا لها أكثر بكثير بالنسبة لألزمنة األخرى ،وقد قال رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم )) :الكيس من دان نفسه وعمل ملا بعد املوت (( اللهم اجعلنا منهم
آمني.
) (19قال الشيخ رحمه اهلل :الذكر الحقيقي هو أن يكون الشخص مراقب
ألحكام اهلل وأوامره أينما كان وفي أي حال كان وفي أي عمل كان فيمتثل بها
وعلى هذا الذكر أؤ ِّكد أصحابي أكثر .
) (20قال الشيخ رحمه اهلل :إن التميُّز والتّف ُّوق الحاصل لإلنسان على ما سواه
خل خاص ل ِّلسان .فإلنسان إذا لم يتكلم إال الطيب وال يستعمله إال للخير فيه ٌ
فيحصل له هذا التميُّزَ والتَّف ُّوقَ في الخير .
ً
وإذا جعل اللسان آلة للشر فمثالً ال يتكلم إال شرا ويؤذي به الناس بغير حق
فحينئذ بسبب هذا اللسان يمتاز ويتفوق في الشر إِلى حد أن أحيانا ً يجعله
أخس من الكلب والخنزير .
وقد ورد في الحديث )) هل يكب الناس في النار على مناخرهم إال حصائد
ألسنتهم (() .(1أقول ) :اللهم أجرنا من النار آمني(.
ألسنتهم (() .(1أقول ) :اللهم أجرنا من النار آمني(.
) (21في يوم من األيام بعد صالة الفجر وهو ير ِّغب الناس في خدمة الدين
ونصرته ،هكذا بدأ في بيانه فقال رحمه اهلل :انظروا الكل يعلم ويؤمن بأن اهلل
تعالى ليس بغائب بل هو شاهد وأنه شاهد في كل حني وكل لحظة ،مع كونه
حاضرا وناظرا ً عدم انشغال عبادة فيه واستمرار انشغالهم في غيره أغني
األعراض عنه والنشغال واالنهماك في ما سواه ،فتدبروا أليس هذا سوء حظ
وحرمان كبير ،وقدروا أن الشيء كم يكن يغيض اهلل تبارك وتعالى ؟
فالغفلة عن العمل في دين اهلل والنشغال في الدنيا بدون مراعاة أوامره وأحكامه
فهو إعراض عنه وهو انشغال وأتهماك في ما سواه ،وعكس هذا االنشغال في
اهلل هو أن يشغل نفسه في نصرة دينه وإفشال أحكامه ولكن مع مراعاة أن
الشيء إذا كان أهم وأكد فيتوجه إليه حسب أهميته ووجوبه فيعلم هذه من أسوة
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الحسنة ،فمن املعلوم أن أكثر ما اجتهد فبه
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأكثر ما نحمل اإليذاء فيه إعالء كلمة ال اله إال
اهلل .أعني إعداد الناس لعبودية اهلل وهدايتهم الى طريقة ،فهذا العمل يكون
هو األكثر أهميه ،ويكون االنشغال في هذا انشغاال في اهلل تعالى في املرتبة
العليا .
) (22وقال مرة في صحبه :إن الناس جعلوا درجة عبدية اهلل أدنى من درجة
خدمتهم لإلنسان ووظيفتهم له فإن حالة الخدم واملوظفني عامة أنهم يتحصلون
على املناصب العالية بالخدمة املتوالية ألوالت أوامرهم ،وما ) (1يحصل لهم
خالل هذا السعي فأنه يصرفونه في األكل والشرب .
شغلوا أنفسهم بصفة متتالية وأما ما بقي من معاملة العباد مع اهلل هو انهم ُم ْ
في أعمالهم وتلبية ما يرغبونه وما يتلذذون به .وأحيانا ً يخرجون من مشاغلهم
الذاتية ومن رغباتهم بعض الوقت فيعملون هلل عمالً ،فمثالً :يؤدون الصالة
ويتبرعون ألمور الخير ،فيحسبون أنهم قد أدوا ما عليهم ما كان مطلوب منهم
في الدين مع أن العبودية هو أن يكون عمل الدين هو العمل لهما يكون ضمنيا ً
وتبعا وليس معنى هذا أن الناس جميعا يتركون معاشهم وتجارتهم ال بد
املقصود هو أن كل هذا يكون تعبدا ً هلل ولخدمة دينه ونصرته ويكون هذا في
البال بحيث يكون تعبدا هلل ولخدمة دينه ونصرته ويكون هذا في البال بحيث
يكون األكل والشرب وغير ذلك ضمنا ً كتصرف العبد اململوك في مال مالكه.
وفي يوم من األيام صلى بنا رجل صالة فدعا بعدها بكلمات وقد كان الشيخ
إلياس أكثر ما كان يدعوا بتلك الكلمات وهي " :اللهم أنصر من دين محمد
صلى اهلل عليه وسلم وبعدها قال الداعي :واخذل من خذل دين محمد صلى اهلل
عليه وسلم ،اللهم ال تجعلنا منهم ،ثم خاطب الحاضرين فقال :يا إخواني
انظروا في هذا الدعاء فافهموا كم وزنه .هذا دعا لنا ودعا علينا وقد دعا بهذا
انظروا في هذا الدعاء فافهموا كم وزنه .هذا دعا لنا ودعا علينا وقد دعا بهذا
الدعاء نخبة من عباد اهلل في كل زمان ،وهذا الدعاء له وزن كبير ،وفيه طلب
الرحمة والنصرة في الحق من نصر الدين واجتهد في سبيله .وأما في حق من
لم ينصر الدين فهو دعاء عليه شديد بأن اهلل يحرمه من رحمته ونصرته .
فعلى الجميع أن يطبق هذا الدعاء على نفسه وينظر فيه هل يصدق له هذا
الدعا أم عليه ؟ ويكون هذا في البال أن الصلوات التي نصليها ،والصيام التي
نصومها ،فإنما هي عبادات في املرتبات العليا ولكنها ليست بنصرة الدين ،
إنما النصرة ما قال عنه القرآن الكريم ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بأنها "
النصرة" وأصلها وطريقتها هي كما عممها الرسول صلى اهلل عليه وسلم سابقا ً
فتجديد نفس الطريقة وتعميمها في هذا الوقت والسعي في إجرائها هي
النصرة الكبرى ،نسأل اهلل أن يوفقنا لهذا جميعا ً آمني .
على أهل الدعوة العاملني بهذا العمل أن يركزوا على قراءة هذه امللفوظات جيدا ً
أنها تخصهم وأن يفهموها جيدا ً
) (24قال الشيخ رحمه اهلل :أصل املقصود من حركتنا هذه هو أن نُع ِّلم
املسلمني جميع ما جاء به النبي . eيعني أن نجعل األمة تخضع على كامل
اإلسالم علميا ً وعمليا ً ,وهذا هو مقصودنا الحقيقي ,وأما الخروج في سبيل
اهلل وتنقل الجماعات وجوالت التبليغ فهذا كله كسبب مبدئ لذلك املقصود ,وأما
تلقيننا وتعليمنا للشهادتني والصالة والتعليم فمثاله كتع ّلم األلف والباء والتاء
بالنسبة ملنهجنا الكامل ,وهذا أيضا ً ظاهر بأن جماعتنا ال تستطيع أن تعمل
عملها الكامل فإنما الذي في استطاعتها هو أن تصل في كل مكان فبجهدها
واجتهادها تولد الحركة وااليقاض في الناس فتلفت الغافلني على تعرفهم ألهل
الدين املقيمني في ذلك املكان ويحاول أن يقوم علماء وصلحاء ذلك املكان
املهتمون في أمور الدين في إصالح العامة املساكني ,وأصل العمل في كل
مكان ال يستطيع أحد أن يقوم بعمله إال املقيمني ,واألكثر فائدة للعامة
باالستفادة من أهل الدين املقيمني في نفس املكان إنما تتعلم هذه الطريقة من
رجالنا العاملني في طريق اإلفادة واالستفادة و التعليم والتعلم منذ فترة و قد
تمكنوا منه على قدر كاف .
) (25قال الشيخ رحمه اهلل في صحبة :ال بد ألحبابنا أن يفهموا بإدراك جيدا ً
سبُّوا فال ييأسوا وال يم ّلوا من هذا ,بل أنهم إذا لم تقبل منهم الدعوة والتبليغ بل ُ
عليهم في هذه الحالة أن يتذكروا أحوال األنبياء عليهم السالم في الدعوة إلى
اهلل وخاصة حال سيد األنبياء سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم بأنها سنته
ووراثته ,وال تحصل هذه املذلة في سبيل اهلل إال لذو حظ ,وأما إذا است ُ ْق ِبلوا
وسمع كالمهم بشوق فليعلموا إنما هي ِ
بإعزاز وإكرام و ُق ِّدر عمل ال َّدعوة والتبليغ ُ
منّة من اهلل علينا فال يَ ْكفُ ُر ّن هذه النعمة .وإن خدمة وتعليم أولئك الراغبني
يعتبروه شكرهم هلل على إحسانه هذا ،وإن كانوا أولئك من الطبقة السفلى فإن
آيات ( عبس وتولى أن جاءه األعمى ) تعلمنا هذا الدرس .
فإنما علينا في هذه الحالة أن نخشى من مكر النفس فال ندعها تظن أن هذا
القبول وهذا الطلب من كمالنا نحن ،فيخشى في هذه الحالة فتنة عجب النفس
أيضا ً فيجب الحذر من هذا خاصة .
) (26قال الشيخ رحمه اهلل في صحبه :أفهموا األحباب العاملني :أن
اإلبتالءات واملصائب في هذا الطريق فال تطلبوها قط ) بل عليكم أن تسألوا
العافية واملعافاة دائما ً ( )(1
ولكن اهلل سبحانه إذا ابتالهم في هذا السبيل باملصائب فحينئذ يعتبرونها رحمة
اهلل وسببا ً لتكفير السيئات ولرفع الدرجات ،فمثل هذه املصائب في سبيل اهلل
أغذية خاصة لألنبياء والصديقني واملقربني.
) (27وقال في صحبه :فليكن بالنا باطنيا ً إلى اهلل تعالى عند التبليغ والدعوة
فال يكن إلى املخاطب ،وليكن في البال في ذلك الوقت أننا لم نخرج لعملنا
الخاص بل خرجنا بأمر من اهلل وفي مهمة اهلل ،وتوفيق املخاطب كذلك في قدرة
اهلل سبحانه ،فحينما يكون هذا في البال فال يغضبه إساءة املخاطب له وال
يهزل عزمه .
) (28وقال رحمه اهلل :ما هذا العرف الخاط ،أنه إذا سمع الناس كالمنا
فأجابوا ،فظننا أنه من فالحنا ومكسبنا ،وإن لم يجيبونا فنظن هذا من خيبتنا
،مع أن هذا الظن في هذا الطريق خطأ البتة ،ألن إجابة املخاطب أو عدم
إجابته فهذا كله فعل الغير ،فكيف نحكم على أنفسنا بالفوز أو عدمه بفعل
غيرنا ،فإنما حصول فوزنا في إتمام عملنا ،فأما إذا لم يجب اآلخر فهذا عدم
فالحه هو ،فكيف نكون من غير الفالحني بعدم فالح املخاطبني ،قد نسى
الناس فظنوا أن إجابة املخاطبني لهم الذي هو فعل اهلل عز وجل حقيقة هو
عملهم في مسئوليتهم ،والحقيقة أن مسئوليتنا هي أن نبذل جهدنا بالطريق
الحسن فقط ،فاالنخضاع ) والهداية ( حتى األنبياء لم يملكوها ). (1
إنما نعتبر من عدم اإلجابة بأنه من املمكن بأننا قصرنا في جهدنا ولم نؤدي
حقه فأرانا اهلل بسببه هذه النتيجة ،فبعد ذلك علينا أن نعزم في املزيد من
الجهد والدعاء وطلب املزيد من التوفيق كما ً وكيفا ً .
) (29قال رحمه اهلل تعالى :إن أحبابنا أينما ذهبوا فعليهم أن يحاولوا الحضور
في خدمة العلماء الصلحاء الحقانيني بذلك املكان ،ولكن هذا الحضور ال يقصد
به إال االستفادة منهم فال تدعوهم مباشرة لهذا العمل ،ألن مشاغلهم التي هم
مشغولون فيها يفهمونها جيدا ً متأكدون بتجربتهم من منافعها ،وأنتم ال
تستطيعون إقناعهم بكالمكم أن هذا العمل أكثر فائدة للدين وأكثر فائدة لهم
من مشاغلهم الدينية فتكون النتيجة أنهم ال يجيبونكم ،فحينما يقول :ال مرة
واحدة فتحويل تلك الال إلى نعم صعب جدا ً ،فربما يكون من نتائجها السيئة أن
ال يسمعونكم عامة الناس الذين يقدرونهم فمن املمكن أن يدخل فيكم الشك فلذا
ال تزوروهم إال لالستفادة منهم فقط ،ولكن يجتهد في العمل في بيئتهم مع
املراعاة واالهتمام منهم الخاص في التمشي باألصول .
فبهذا نأمل أن تصل أخبار عملكم ونتائجه التي تكون سبب دعوتهم وبذل
فبهذا نأمل أن تصل أخبار عملكم ونتائجه التي تكون سبب دعوتهم وبذل
توجههم .فبعد ذلك إذا توجهوا إليكم وإلى عملكم من تلقاء أنفسهم فحينئذ
يعرض إليهم بأن يقوموا باإلشراف عليكم ويرعوكم ومع مراعاة األدب والتقدير
الديني لهم يعرض إليهم كالمكم .
) (30قال رحمه اهلل :إذا لوحظ أن علماء وصلحاء ذلك املكان ليسوا من املؤيدين
لهذا العمل فال تجعلوا للوساوس مكانا ً في قلوبكم بل يظن أن هؤالء حتى اآلن
لم تفتح لهم حقيقة هذا العمل الكاملة وكذلك يظن فيهم لكون هؤالء خدما ً للدين ،
فالشيطان أشد عدوا ً لهم منا ) ،ألن السارق ال يأتي إال للثمني (.
وعالوة عن هذا فليفهم أن الدنيا حقيرة وذليلة فما دام الناشبني فيها لم يرجحوا
هذا العمل مقابل املشاغل الدنيوية ولم يعلموا هذا العمل يترك مشاغلهم
وانهماكهم فيه ،فما ظنك بأهل الدين فكيف يتركون أعلى مشاغلهم الدينية
بسهولة ،فقال أهل املعرفة :الحجابات النورانية تكون أضعاف األضعاف من
الحجابات الظلمانية شدةً .
) (31وقال الشيخ رحمه اهلل في صحبه :من أصل الدعوة والتبليغ أن الخطاب
العمومي فلتكن فيه شدة كاملة ،وفي الخطاب الخصوصي رفق ،بل يفضل
حتى اإلمكان أن يكون الخطاب عاما ً إلصالح الخاصة أيضا ً .
فكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم إذا علم خطأ أحد شخصيا ً فكان أكثر
خطابه العتابية بقوله )) :ما بال أقوام (( كذا .
) (32وقال في صحبه :االنبساط بالحكايات الكالمية أصبحت عاداتنا ،
والكالم عن األعمال الصالحة ظننا انه يكفي عن العمل األصلي ،فاتركوا هذه
العادة وعليكم بالعمل العمل ثم أنشد باللغة الفارسية :أقول وترجمته ما يلي :
عليكم بالعمل العمل واتركوا الحكـي
مطلوبنا في هذا الطريق العمل ال الحكي
) (33قال رحمه اهلل :الوقت مثل القطار الساري فالساعات والدقائق والثواني
كاملقطورات ومشاغلنا مثل الركاب الجلوس فيها فمشاغلنا املادية الدنيوية
الذليلة استولت على مقطورات قطارنا فال يمكنون املشاغل األخروية الشريفة
بركوبها ،فعلينا أن نفرغ املكان ونولى عليها املشاغل الشريفة العليا التي
ترضى الرب وتبنى آخرتنا مكان املشاغل الذليلة بعزيمته .
) (34قال في صحبة :فما وفقنا اهلل من األعمال مهما بلغت درجتها في
الصالح فال تختم إال باالستغفار ،واملقصود هو أن يكون االستغفار جزء كل
أعمالنا ،وذلك بظن منا أن كل عمل أعمله ففيه تقصير بالتأكيد فلنستغفر اهلل
على تلك التقصير .
فكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يستغفر اهلل بعد كل صالة ،فلذا عمل الدعوة
أيضا ً يجب أن يختم دائما ً باالستغفار ألن العبد مهما عمل هلل عمالً لن يستطيع
أن يؤدي حقه وأن االنشغال في أحد األعمال قد يكون سببا ً في عدم تأدي
أعمال أخرى متعددة ،فلتالفي مثل هذه التقصيرات يجب أن تختم األعمال
الصالحة أيضا ً باالستغفار .
) (35في يوم من األيام بعد صالة الفجر عندما كان الجمع غفيرا ً من أهل
الدعوة القائمني بهذا العمل في نظام الدين وقد ضعفت صحة الشيخ إلياس
حينئذ بدرجة أنه في حالة امتداده على فراشه لم يتمكن أن يقول كلمتني أو
أربعة بصوت ,فطلب أحد الخدم باهتمام فبواستطه بلغ الناس الحاضرين
جميعا ً فقال :إن سيركم هذا كله وجهدكم هذا كله سيكون هبا ًء منثورا ً إذا لم
تهتموا معه في علم الدين وذكر اهلل اهتماما ً بالغا ً ،فإن العلم والذكر مثل
الجناحان فبدونهما ال يمكن الطيران في الهواء بل الخطر شديد والخشية قوية
أن لو تغافلنا عن هذين الشيئني فحينئذ يكون هذا الجهد بابا ً جديدا ً للفتنة
والضاللة ،فإذا لم يكن العلم موجودا ً فيكون اإلسالم واإليمان عادة روتينية
وباالسم فقط ،فإن كان العلم موجودا ً بدون ذكر اهلل فإنه ظلمة محضة ،وكذلك
بدون العلم وإن كثر ذكر اهلل فال يخلو من الخطر .
فاملقصود أن النور في العلم ال يأتي إال بالذكر ،وبدون علم الذين ال يتحصل
على بركات وثمرات الذكر الحقيقة ،بل أحيانا ً إن الشيطان يستعمل الصوفي
على بركات وثمرات الذكر الحقيقة ،بل أحيانا ً إن الشيطان يستعمل الصوفي
الجاهل .
ً
فلذا ال تغفلن أيضا عن أهمية العلم والذكر في هذا الطريق ،فال بد من
االهتمام الخاص لهذا وإال ستكون هذه الدعوة والتبليغ شر فقط فتكونون في
خسران شديد .
وقصد ) (1الشيخ إلياس رحمه اهلل من كالمه هذا هو أن ال تظنوا أن الجهد
والتعب والخروج واإليثار والتفدي في سبيل الدعوة والتبليغ هي األصل .بل
أصل الفريضة هي تعليم وتعلم الدين والتعود على ذكر اهلل والتعلق باهلل عز وجل
.
فبتعبير آخر أن قصده ليس أن تكونوا عساكر فقط بل طلبة علم الدين وعبيد اهلل
الذاكرين له أيضا ً .
إن شاء اهلل لكن ليس هذا التبليغ الذي أريده منك .
) (37قال الشيخ رحمه اهلل في صحبة :وقد ورد في الحديث ))الدنيا سجن
املؤمن وجنة الكافر (( فمعنى هذا إننا لن نبعث إلى الدنيا ألن نعني أنفسنا
املؤمن وجنة الكافر (( فمعنى هذا إننا لن نبعث إلى الدنيا ألن نعني أنفسنا
ونسير على هوى أنفسنا التي به تكون الدنيا جنة ،بل بعثنا ملخالفة النفس )(1
وإطاعة أوامر اهلل التي تكون الدنيا للمؤمن كالسجن ،فإذا نحن أيضا ً قمنا في
حماية أنفسنا تقليدا ً للكفار فجعلنا الدنيا جنة فنكون نحن حينئذ غاصبني لجنة
الكفار ،ففي هذه الحالة لم تكن نصرة الحق مع الغاضب بل مع املغضوب منه ،
فقال :انظر في هذا القول بنظر عميق جيدا ً .
) (38قال الشيخ رحمه اهلل :إن الناس عندما يرون بركات عملي التبليغ يظنون
بأن العمل جاري وماشي .والواقع أن العمل شيء والبركات شيء آخر ،انظروا
أن مع والدة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بدأت تظهر البركات ولكن العمل بدأ
في ما بعد ,فكذلك عملنا هذا فافهموا ما أقول فيه وهو الحق :أنه لم يبدأ العمل
العالي ,فعندما يبدأ العمل كما هو حقه فتعود أحوال الناس كما كانت قبل
سبعمائة سنة ,وإذا ما بدأ العمل بل استمر على مصيره الذي هو عليه إلى
اآلن فاعتبره الناس حركة من الحركات وزاغ العاملون في سبيل هذا العمل ,
فالفنت التي نتوقع إتيانها بعد مآت السنني ,فإنها ستأتي في شهور فلذا ال بد
أن يفهم هذا .
) (39في يوم الجمعة مرة بَيَّنْتُ في اسمبلي )أي مسجد البرملان ( بدهلي قبل
صالة الجمعة والشيخ محمد إِلياس رحمه اهلل هو الذي أشار إلى أن أبني هناك
,ولم أعد بعد الصالة في نفس اليوم إلى نظام الدين ومكثت عند بعض األقارب
فبت عندهم ,فلما رجعت اليوم الثاني إِلي نظام الدين فاعتذرت بأنه على
إِصرار بعض أقربائي بت بدهلي ,
قال الشيخ رحمه اهلل :ال حاجة لهذه املعذرة ألن العاملني في هذا العمل قد
بم ِه ّم ,نعم أخبرني عن الوعظ هل بينت تعرض لهم مثل هذه األعذار هذا ليس ُ
في مسجد البرملان ؟ ,فقلت :نعم .ففرح بذلك كثيرا ً ثم قال :اسمع أن هؤالء ال
يدعوننا لطلبهم من ِقبل أنفسهم فهم ال يفرغون من الدنيا فعلينا نحن أن نذهب
إليهم بأنفسنا للتبليغ بدون طلبهم .
ثم سألني ماذا بينت أمام أولئك؟ فقلت :أنني أثبت باآلتية ) :إن في خلق
السماوات و األرض واختالف الليل والنهار آليات ألولي األلباب الذين يذكرون
اهلل قياما ً وقعودا ً وعلى جنوبهم ( اآلية .بأن العقالء هم الذين ينظرون في نظام
هذا الكون ويتعرفون على خالقه ويذكرونه في جميع أحيانهم ,وليس بالعقالء
الذين منتهى نظرهم السير بني القمر واألرض ولم تتجاوز عقولهم خالقها ,بينت
ضرورة ذكر اهلل وأوضحت حقيقته ثم شددت في أهمية الدعوة والتبليغ .
فقال الشيخ رحمه اهلل :إن هذا املوضوع عالي جدا ً ولم يكن مناسبا ً ألولئك
الجمع ,وأن أهل هذا املوضوع مجتمعون هنا ) أي في نظام الدين املركز (
فليبني مثل هذا املوضوع هنا في وقت آخر ،فكان املناسب لذلك الجمع اآلية (:
والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اهلل لهم البشرى فبشر عبادي
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم اهلل وأولئك هم أولي
األلباب ) فقال :إن هذا دال على الطبقة السفلى الذي دل عليه لفظة ( هداهم
اهلل ) ،فقلت :صدقت ،فإنشاء اهلل سوف أبني هذا هناك في وقت آخر .
اهلل ) ،فقلت :صدقت ،فإنشاء اهلل سوف أبني هذا هناك في وقت آخر .
) (40قال الشيخ رحمه اهلل في مجلس :مقصودنا األصلي من تبليغنا هذا هو
صرف الناس من الطاغوت وأن يعودوا إلى اهلل عز وجل وال يمكن هذا إال أن يُ َ
بالتضحية ،ومن الدين تضحية األنفس وتضحية األموال ومن تضحية النفس
في التبليغ هو أن يترك وطنه إلعالء كلمة اهلل ولنشر دين اهلل ،ومن تضحية املال
هو أن يتحمل نفقات السفر بنفسه ،وأما الذي ال يستطيع الخروج بنفسه لعذر
في زمن فعليه أن يحرض اآلخرين للخروج في التبليغ في هذا الزمن خاصة
ويجتهد في إخراجهم .فبهذا يكون عامالً بالحديث :الدال على الخير كفاعله ،
ومن يخرجهم سيتحصل له األجر على قدر أجور جهدهم هو أيضا ً مثلهم ،وإن
نصرهم في خروجهم باملال فكذلك يحصل لهم ثواب التضحية املالية أيضا ً ثم
عليه أن يظن في الذين خرجوا بأنهم محسنون عليه .ألن أصل العمل كان عليه
هو أن يعمله ولكن لم يستطع عليه لعذر فهؤالء يؤدون واجبه عنه ،فإنما الدين
هو أن يظن القاعدون واملعذرون بأن املجاهدين هم محسنون عليهم .
) (41قال لي الشيخ مرة :يا شيخ :إن في تبليغنا هذا أهمية عظيمة للعلم
والذكر .فبدون العلم ال يتمكن تأدية العمل ،وال تحصل معرفة العمل ،والعمل
بدون الذكر ظلمة محصنة فال يمكن أن يكون فيه نور بدونه ،ولكن رجالنا
القائمني بالعمل فيهم نقص نحوه .
فمثله كما قالُ َ فقلت له :إن التبليغ هو من أهم الواجبات فبسببه إذا ورد النقص َ
الشيخ السيد البريلوي رحمه اهلل عندما أعد للجهاد وأشغل خدامه في تدريب
الرمي وركوب الخيل بدالً عن النوافل والذكر ،فاشتكى بعضهم بأنه لم تكن
األنوار كما كانت قبل ذلك ،فقال الشيخ السيد :نعم فكانت سابقا ً أنوار الذكر ،
أما أنوار الجهاد فهي موجودة ،فنحن اآلن في حاجة لهذه ،فأجاب الشيخ
قائالً :أما أنا قلق جدا ً من قلة العلم والذكر ،وسبب هذا النقص هو أنه لم
يشترك حتى اآلن أهل العلم وأهل الذكر في هذا العمل .
فإذا أتوا هؤالء الكرام ويأخذوا مسؤولية هذا العمل في أيديهم فحينئذ يكمل هذا
النقص ،ولكن العلماء وأهل الذكر لم يشتركوا في هذا العمل إلى اآلن وإال قليالً
النقص ،ولكن العلماء وأهل الذكر لم يشتركوا في هذا العمل إلى اآلن وإال قليالً
.
) (42كان في أحد رسائل الشيخ أبي الحسن الندوي هذه الجملة :إنما
املسلمني قسمني ال ثالث لهما :إما الذين يخرجون في سبيل أو الذين ينصرون
الذين يخرجون في سبيل اهلل .
فقال الشيخ ) محمد إلياس ( :ما أحسن ما فهمه ،ثم قال :ومن ضمن النصرة
أيضا ً أن يحرضهم علي الخروج ويعلمهم بأن خروجك ال يحرج على العالم
الفالني في تدريسه للصحيح البخاري وال في تدريسه القرآن الكريم بل أنت
يحصل لك أجر تدريسه أيضا ً .فليبني للناس مثل هذه النيات ويخبروا طرق
تحصيل األجر والثواب .
) (43قال الشيخ مرة :أيها الشيخ ! إن حاصل تبليغنا أن على عامة الناس
املبتدئني أن يأخذوا الدين مما هم فوقهم ويعطوه مما هم أسفل منهم ،ويعتبرون
أن األسلفون محسنني عليهم ،ألنه مهما ب ّلغنا كلمة اإلخالص ونشرناها فنجد
كلمتنا تتكمل وتتنور كذلك ،وقدرما نجعل الناس يواظبون على الصلوات فتتكمل
صالتنا مثله كذلك فمن أكبر سر التبليغ أن يقصد املبلغ تكميل نفسه فال يظن
نفسه هاديا ً لآلخرين ألنه ال هادي إال اهلل .
) (44قال الشيخ رحمه اهلل :جاء في الحديث )) من ال يرحم ال يرحم ،وارحموا
من في األرض يرحمكم من في السماء (( .ولكن مع األسف أن الناس قد
خصوا هذا الحديث بالرحمة على الجوعة وأهل الفاقة فلذا صار الناس إذا رأوا
الجائع والعطشان والعاري فيرحموه ولكن املحروم من الدين ال يرحموه ،فكأن
خسارة الدنيا يعتبرونها خسارة ولكن خسارة الدين أساس هذه الدعوة والتبليغ
على هذه الرحمة فلذا علينا أن نعمل هذا العمل بالشفقة والرحمة إذا كان املبلغ
والداعي قائما ً بالتبليغ والدعوة مهموما ً بإساءة أحوال إخوانه الدينية فمن
املتيقن أنه يؤدي واجبه نحوه بالرحمة والشفقة لهم ،ولكن إذا لم يكن هذا
إحساسه بل شيء آخر فحينئذ يبتلى بالكبر والعجب فال يتأمل منه املنفعة ،
وكذلك الرجل الذي يقوم بالدعوة والتبليغ مؤديا ً عمله مراعيا ً لهذا الحديث فيكون
فيه اإلخالص أيضا ً وإن نظره علي عيوبهم ويكون نظره على محاسنهم
اإلسالمية أيضا ً فحينئذ يكون هذا الشخص ال يحمي منافعه بل يكون شاكيا ً
على تقصيره ،إنما سر هذه الدعوة بأن يتخلى من حماية نفسه وال يزال يشكوا
نفسه على التقصير وال ينسى هذا الدرس أبدا ً .
أقول ) معنى قول الشيخ ( بأنه ال يظن انه أدى واجبه نحو الدعوة ويطمئن
بأنني قد أديت واجبي بل دائما ً يلوم نفسه ويشكى نفسه بأنه ال زال مقصرا ً في
أداء واجبه مهما بلغ جهده ،ويلزم هذا الشيء كالدرس بأنه ال زال مقصرا ً
بحيث تصبح هذه الصفة في نفسه كصفة دائمة ،وهذا من سر هذه الدعوة
بحيث تصبح هذه الصفة في نفسه كصفة دائمة ،وهذا من سر هذه الدعوة
والتبليغ .
) (45قال مرة :يا شيخ ! من الالزم أن تتفقد األحكام اإللهية فال بد من التفقد
املستمر ،فمثالً ال بد أن يفكر قبل االنشغال في أي عمل ،فاالنشغال في
الشيء يلزم شيئني أحدهما التوجه في العمل الذي يراد االنشغال فيه ،وثانيهما
:الغفلة عن األعمال األخرى في نفس الوقت ،فاآلن يفكر في األعمال التي
يغفل عنها في ذلك الوقت فهل منها عمل أهم من هذا العمل الذي يراد االنشغال
فيه ،فهذا الشيء ال يمكن بدون التفقد .
) (46قال الشيخ مرة :فلتكن املراقبة قبل أداء الصالة بقليل ،ألن الصالة التي
تؤدى بال انتظار تكون مخلخلة فينظر في الصالة قبل أدائها .
] فائــدة ) : [(1فلذا سن لنا الشرع النوافل واإلقامة وغيره قبل أداء الفرائض
لتحصل املراقبة بصفة تامة ،ثم يؤدى الفرض ولكن نحن ال نفهم فوائد ومصالح
السنن والنوافل واإلقامة وغيرها وال نستفيد منها فلذا فرائضنا تؤدى ناقصة .
اللهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصالة وتمام رضوانك آمني .
) (47قال الشيخ مرة :على الذين ينشغلون في الدعوة والتبليغ أن يجعلوا
قلوبهم واسعة وتتولد هذه السعة بالنظر إلى رحمة اهلل الواسعة فبعد ذلك يهتم
في التربية .
) (48قال الشيخ رحمه اهلل :فإن سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في
بداية اإلسالم كان يذهب إلى بيوت ومجالس الذين ال رغبة لهم وال طلب لهم في
الدين ،فيدعوهم إلى اإلسالم ،وما كان ينتظر الطلب منهم ففي بعض األماكن
أرسل الصحابة رضوان اهلل عليهم للدعوة والتبليغ .
وحالنا في الضعف في هذا الوقت نفس حال الضعف الذي كان في ذاك الوقت
) أي في بداية اإلسالم ( ،فلذا يجب علينا أن نذهب نحن إلى من ال طلب لهم
في الدين ،فنصل إلى جموع امللحدين والفسقة إلعالء كلمة الحق ) ثم غلبته
نشوفية في حلقة فمنعته من التكلم ( ثم قال :يا الشيخ :قد تأخرت في مجيئك
عندي فال أستطيع اآلن أن أتكلم معك بالتفصيل ،فعليك التأمل فيما قلت .
) (49قال الشيخ رحمه اهلل مرة :كانت طريقتي في البداية في تعليم الذكر هي
املواظبة على تسبيحات فاطمة ) (1بعد كل صالة :وسبحان اهلل ) ، (1والحمد
هلل ،وال إله إال اهلل واهلل أكبر وال حول وال قوة إال باهلل ،ثم الصالة على )(2
الرسول صلى اهلل عليه وسلم مائة مرة واالستغفار ) (3مائة مرة صباحا ً ومسا ًء
وتالوة القرآن الكريم ) (4مع تصحيح القراءة وأكد على صالة التهجد ) (5في
النوافل والتردد على أهل الذكر ،فالعلم بدون الذكر ظلمة والذكر بدون العلم
النوافل والتردد على أهل الذكر ،فالعلم بدون الذكر ظلمة والذكر بدون العلم
باب الفنت .
) (50قال الشيخ رحمه اهلل :إن درجة الزكاة أقل من درجة الهدية ،فلذلك حرمت
الصدقة عل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ولم تحرم الهدية ،وإن كانت الزكاة
واجبة والهدية مستحبة ،ولكن أحيانا ً درجة املستحب تكون أعظم من الواجب ،
كالبداية بالسالم سنة ،ورد السالم واجب ،ولكن البداية بالسالم أفضل منه .
وكذلك الزكاة ولو أنها واجبة ولكن ثمرتها تطهير املال والهدية وإن كانت مستحبة
ولكن ثمرتها تطيب قلب املسلم ومن ناحية الثمرة هذه أفضل من الزكاة ألن
تطيب قلب املسلم أعظم درجة من تطهير املال ،وإن كان بالزكاة يطيب قلب
املسلم املحتاج ولكنه ليس مقصودا ً بل يجعل هذا تبعا ً ،واملقصود األصلي
بالهدية هو تطيب قلب املسلم .
ثم قال الشيخ رحمه اهلل :يلزم على من يؤدي الزكاة التفقد للمصاريف كما على
املصلي التفقد على املاء الطاهر واملصرف الصحيح للزكاة هو أن ال يتولد فيه
حرص املال بعد استالمه مبلغ الزكاة .وليس مقصود الشرع بفرضية الزكاة أن
يتولد في املسلم الفقير حرص املال وطمعه بأن ال يزال هؤالء في انتظار
الصدقات والزكاة ،كال ،فالذي يتوكل على اهلل ويصبر ،وعلى قدر صبره وتوكله
يلزم على أهل األموال إعانته على قدر صبره حيث قال تعالى ( :للفقراء الذين
احصروا في سبيل اهلل ال يستطيعون ضربا ً في األرض يحسبهم الجاهل أغنياء
من التعفف ) فاملصرف الصحيح للزكاة هم هؤالء الذين منشغلون في دين اهلل ،
ويتوكلون على اهلل بالصبر وال يسألون أحدا ً وال يطمعون في أموال الناس .
ولكن نرى اليوم أن أهل األموال يؤدون زكاتهم للسائلني املهنية ) أي الشحادين
( ) (1ويحسبون أنهم قد أدوا زكاتهم مع أن هذه تضيع الزكاة حتى السابقة
معها ،فلهذا السبب ال تأتي البركة في األموال بعد إيتاء الزكاة مع أن وعد
البركة في املال املؤدى زكاته قطعي ال شك فيها ،وأما الذين ال يشاهدون البركة
في أموالهم بعد أداء الزكاة فليعلموا أن مصرف زكاتهم غير صحيح ،وهم ال
يبحثون عن املصاريف الصحيحة للزكاة .
) (51قال الشيخ رحمه اهلل مرة :على املسلمني أن يخدموا العلماء ألربعة نيات :
) (1من الناحية اإلسالمية بحيث زيارة مسلم ألخيه املسلم حسبة هلل ،فإن
سبعني ألفا من املالئكة يشيعونه ويصلون عليه ) (2فإذا كان زيارة مسلم ملسلم
هذا فضلها ففضل العالم أكثر منه وأكد علي غيره.
) (2أن قلوبهم وأجسامهم حاملة للعلوم النبوية ومن هذه الناحية هؤالء العلماء
) (2أن قلوبهم وأجسامهم حاملة للعلوم النبوية ومن هذه الناحية هؤالء العلماء
أليق بالتعظيم والتوقير والخدمة .
) (3أنهم مسئولون على أمور ديننا .
) (4لتفقد حاجاتهم ،ألن الناس إذا تفقدوا حاجاتهم الدنيوية التي يستطيع
أهل األموال علي قضائها ،فإذا قضوا حاجاتهم فيسلم العلماء من صرف
وقتهم لها فيمضي وقتهم هذا في خدمة الدين والعلم أيضا ً ،فأهل األموال
يكون لهم األجر مثل أجور العلماء أيضا ً.
) (52قال الشيخ رحمه اهلل :إن كثير من املسلمني هم غافلون عن الدعاء ،
والذين يدعون منهم فهم أيضا ً غافلون عن حقيقة الدعاء ،فليبني للناس حقيقة
الدعاء :ثم قال فحقيقة الدعاء أن يعرض حاجاته إلى صاحب مقام عظيم ،
فيتوجه إليه بقلبه حسب عظمة صاحب املقام العظيم ،ويتلفظ بالدعاء بألفاظ
التضرع ويدعو وهو متيقن بقلبه بأن دعائه مستجاب ،ألن املسئول جل جالله
جواد كريم بعباده ،وأن خزائن السموات السبع واألرض كلها بيد اهلل وقدرته
سبحانه .
) (53قال الشيخ رحمه اهلل :إن الوفود الذين يسافرون إلي سهارنفور وديوبند
) (1ترفق معهم رسائل من تجار ) (2بلدة دلهي بمنهج أن يرجو التكرم من
أصحاب الفضيلة العلماء ويعرضون إليهم بأن هؤالء الوفود سيحضرون للتبليغ
إلى العامة وأن أوقاتكم غالية جدا ً لو استطعتم أن ترعوهم في بعض من وقتكم
الذي ال يحرجكم أنتم وال يحرج الطلبة فالرجاء رعايتكم لهؤالء وأن تأخذوا الطلبة
معكم وتحت إشرافكم .
وليس للطلبة أن يشتركوا في هذا العمل بدون إشراف األساتذة وتنصح وفود
التبليغ أنه إذا قصر العلماء في التوجه إليهم فليحذروا من أن ينشأ في قلوبهم
أي اعتراض على عالم بل عليهم أن يفهموا بأن العلماء مشغولون في أهم عمل
من عملهم هذا .وهم في الليل أيضا ً مشغولون في العلم عندما يرتاحون الناس
في نوم هادئ .ويحملوا عدم توجههم على تقصير من أنفسهم لقلة مراحهم
ومجئيهم إليهم فلذا هم متوجهون إلى الطلبة أكثر منا الذين هم نزلوا عندهم
مقيمني لعدة سنوات .
ثم قال :إن إساءة الظن ملسلم تلقيه في الهالك ،فاالعتراض على عالم ٌ
أمر
ثم قال :إن إساءة الظن ملسلم تلقيه في الهالك ،فاالعتراض على عالم ٌ
أمر
أشد منه .
ثم قال :إن إكرام املسلم واحترام العلماء من أساس الدعوة عندنا بأن يعز
املسلم لكونه مسلما ً ويحترم العالم أكثر منه لكونه عالم دين.
ثم قال :إن عمل العلم والذكر لم يتمكنوا فيه مبلغينا حتى اآلن وأنا مهتم لهذا
جدا ً ،وطريقة هذا بأن ُيبعثوا هؤالء املبلغون إلى أهل العلم وأهل الذكر ويبلغون
كذلك تحت رعايتهم ويستفيدون من علمهم وصحبتهم .
) (54في يوم من األيام انشغلت في التكلم مع الضيوف القادمني للزيارة ولم
أجلس في خدمة الشيخ كالعادة ،ثم حضرت في خدمته بعد الظهر فقال :
عليك أن تمكث معي أكثر ما يمكن ،فقلت :إن اليوم القادمون كانوا أكثر
وجعلت جمعهم حولي أتكلم معهم في التبليغ والدعوة لئال يتكاثر جمعهم عندك
وألخفف عنك تكلمك األكثر ،فقال الشيخ :إنما لكان حله بأنك لو كنت عندي
فأقول لك ما في نفسي فأنت تبلغ اآلخرين فبهذه الطريقة لخرجت شوكة قلبي ،
كن عندي وكن مستمعا ً لكالمي وتبلغه لآلخرين لكي ال أضطر أن أبني لهم أنا
مباشرة ،وبعض األحباب يصرون بأن ال أتكلم ولكن كيف ألزم السكوت لحني
ما تخرج شوكة قلبي ،ولن ألزمن السكوت حتى ولو أموت .
) (55قال مرة :إن الشيخ أشرف علي التهانوي ) (1رحمه اهلل قد عمل عمالً
عظيما ً ،إنني أو ّد أن يكون التعليم تعليمه ،وطريقة التبليغ طريقتي ،فبهذا
البرنامج يعم تعليمه ،ثم قال :فال تبينوا في البيانات مصالح األحكام الشرعية
وعللها ،بل علموا العامة أن يركزوا في االهتمام لثالثة أمور :
) (1أن يقصدوا في كل شيء رضا الحق جل وعال .
) (2أن يؤمنوا باآلخرة بإتقان أي مهما عملوا فيكون العمل لرضاء الحق مع
احتسابهم بأنه ينفعنا في اآلخرة بأن نثيب به ويدرء عنا العذاب به يوم القيامة .
) (3فال يكن املقصود من ذلك العمل أي نفع ينتفع به قبل املوت ،فإنما هذا
النفع الدنيوي مثله كمثل )الوصاية) ((1يتحصل بنفسه وليس بمقصود فإن
حصوله متيقن ويلزم اليقني عليه ولكنه ليس مقصود بالذات عند العمل ،ثم قال :
أما إذا اقتضت الحاجة في بيان األسرار واملصالح فهنالك ال حرج في بيانها
ولكن ليس في كل مكان تبني ذلك .
) (56قال الشيخ مرة :إنني أقدر أصحاب الشيخ التهانوي ) رحمه اهلل ( ألنهم
قريبوا العهد به فألجل ذلك تفهم أنت ما أقول بسرعة ألنك سمعت كالم الشيخ
التهانوي في عهد قريب ثم قال :فبسببك بارك اهلل لي في عملي هذا ,وأجد
سرورا في نفسي من أجلك ثم دعا لي كثيرا ,ثم قال :عليك أن تشكر ربك على
هذه النعمة متضرعا وباكيا ) ,اللهم ما أصبحت بي أو أمسيت بي من نعمة أو
بأحد من خلقك منك وحدك ال شريك لك ,فلك الحمد ولك الشكر ( ).(2
) (57قال :فليجتهد في عمل الدعوة والتبليغ أن يقوم السادات به وأن يتقدموا
فيه وان مقتضى قوله صلى اهلل عليه وسلم :تركت فيكم ثقلني كتاب اهلل وعترتي
أهل بيتي وهو هذا وقد سبق أن عملوا هؤالء املشايخ السادة في نشر هذا
أهل بيتي وهو هذا وقد سبق أن عملوا هؤالء املشايخ السادة في نشر هذا
الدين ,وكذلك أملي فيهم كبير في املستقبل .
) (58قال الشيخ يوما :إذا احب مسلم أحدا لوجه اهلل ,أو احبه املسلم هلل محبة
صادقة فإنما هذه املحبة وحسن الظن فيه زخرا في اآلخرة ,فأن املسلمني
يحبونني فأرجو من هذا إن شاء اهلل أن استر هناك ) في اآلخرة ( .
ثم قال :إنما التأكد من أنه مفلس )(1هو الفالح ألنه ال يفلح أحد بعمله ,إنما
الفالح بفضل اهلل فقط لقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " لن يدخل الجنة
أحد بعمله قالوا :وال أنت يا رسول اهلل ؟ قال :وال أنا إال أن يتغمدني اهلل برحمته
" فبكى الشيخ بنفسه وأبكى اآلخرين .
) (59قال الشيخ مرة يا شيخ ! إن العلماء ال يقبلون إلى هذا العمل ,فماذا
أفعل آه يا اهلل ماذا أفعل ؟ قلت :سوف يأتون كلهم فأدع لهم ,قال :حتى
الدعاء ال أستطيعه ,إنما أدع لهم أنت ,ثم أنشد هاتني البيتني :
أستغفر اهلل من قول بال عمل لقد نسبت به نسال لذي عقم
ظلمت سنة من أحي الظالم إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم
فتغرغرت عيناه دمعا )(1
) (60قال رحمه اهلل :اإلسالم فيه درجة واسعة ,وهذه الوسعة هي ميالد
الشخص في بيت مسلم وفي دار اإلسالم وانه تابع لخير األبوين ,فهذا كاف
في أن يعد من املسلمني ,فبهذه الوسعة بعد إن دخل في اإلسالم فال يجعلونه
أن يخرج منه مهما أمكن .فإذا وجد في كالم أحد تسعة وتسعون وجهة نظر
كفرية وواحدة إسالمية فإنما يسمى مسلم ولكن هذا ليس باإلسالم الحقيقي بل
إسالم الفي )تقليدي ( فاملسلم الحقيقي الذي توجد في حقيقة ال اله إال اهلل ,
فحقيقته بأنه يعزم وينوي من أعماق قلبه عبادة اهلل بعد اعتقاد هذه الكلمة وأن
يشغف قلبه في كل حني بان رضي املعبود منه أم ال ؟
) (61قال رحمه اهلل :إنني في هم كبير في شيئني ال بد أن يهتم فيهما :
أحدهما :الذكر ,وإنني أجد في جماعتي تقصير فيه ليؤكدوا على الذكر .
ثانيهما :أن يعلم أهل األموال مصارف الزكاة ,فان اكثر زكاتهم قد تضيع وال
تصرف في املصاريف الصحيحة ,إنني أمليت أسماء أربعني شخصا الذين
ليسوا بحريصني على اخذ الزكاة وال يوجد فيهم الطمع الخذها فانهم مشتغلون
في عمل التبليغ وهم متوكلون على اهلل .
فال بد من مساعدتهم فعلى أهل األموال أن يتفقدوا ملثل هؤالء وأي منهم كم
حاجته ؟ فأما الذين يؤدون زكاة أموالهم للسائلني واملهنيني واملتعودين على جمع
حاجته ؟ فأما الذين يؤدون زكاة أموالهم للسائلني واملهنيني واملتعودين على جمع
التبرعات قد ال تتأدى للمصرف الصحيح .
) (62قال :ليكن بالعلم تولد العمل وبالعمل تولد الذكر فحينئذ يكون العلم علما
والعمل عمال ,فإذا لم يتولد بالعلم العمل فإذا فهو ظلمة أكيدة ,وإذ لم يتولد ذكر
اهلل في القلب بالعمل فهو مخلخل ,والذكر بال علم كذلك فتنة .
) (63قال رحمه اهلل :فليبني للعامة فضائل الهدية والصدقة والقرض ,وذلك من
واقع قصص الصحابة رضوان اهلل عليهم أجمعني ,أن الصحابة رضي اهلل
عنهم كانوا يتصدقون من كسب أيديهم فليس األغنياء فقط الذين يتصدقون بل
املساكني أيضا كانوا يعملون ويتصدقون من كسبهم بعض الشيء النهم كانوا
يقدرون الصدقة ,فلما كان الصدقة هذا فضلها فالهداية افضل منها فهكذا
القرض لها فضائل ,مثال عندما تحني مدة أداء القرض فكان القارض معسرا
فحينئذ إذا امهله فعن كل يوم زاد عن املدة املعينة كان له اجر صدقتها .
أقول :وعن بريدة رضي اهلل عنه قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " :
من انظر معسرا فله كل يوم مثله صدقة ,قلت :يا رسول اهلل سمعتك تقول :من
انظر معسرا فله كل يوم مثله صدقة ,ثم سمعتك تقول ,من انظرا معسرا فله كل
يوم مثله صدقة ,قال له مثله قبل أن يحل الدين فإذا احل فانظره فله كل يوم
مثاله " رواه احمد .
) (64قال الشيخ رحمه اهلل :إنني أخشى على نفسي االستدراج ,فقلت :إن
هذا الخوف عني اإليمان ,قال اإلمام حسن البصري :املؤمن يخشى على نفسه
النفاق ,ولكن الخشية في زمن الشباب حسن ,وفي زمن الشيب حسن الظن
باهلل حسن ,فقال الشيخ :صدقت .
سافر الشيخ قبل وفاته بعام في شهر رجب 1362هـ إلى بلدة لكنؤ و كانبور
وذلك خروجا بغرض الدعوة والتبليغ ,وكان هذا العاجز رفيقه في السفر ,فهذه
بعض أقاويل الشيخ في هذا القسط في ذلك السفر :
) (65قال الشيخ :يجب على الذين يشتركون في عملنا التبليغ أن يتيقنوا األجر
والثواب الذي وعدنا على عمل الدعوة والتبليغ في القران الكريم واألحاديث
النبوية الشريفة وكذلك الفضائل والبشائر الواردة فيهما أن يستمروا في العمل
مستيقنني يقينا كامال عليها وحريصني وآملني على حصولها ال يخفى عليهم أن
الذين لبوا إلى الدين بجهودهم الحقيرة ثم الذين سيلبون إلى الدين في هذا
السبيل إلى يوم القيامة واألعمال الصالحة التي سيعملونها فاجور أعمالهم
الحسنة التي يحصلون عليها سوف يكون لهؤالء أجورهم ومثل أجور الذين
عملوا من بعدهم فال ينقص من أجرهم شيئا حسب ما وعدنا ) (1اهلل به بشرط
أن تكون نياتنا خالصة وعملنا مقبول .
) (66قال رحمه اهلل :عندما أردتم أن تدعوا الناس إلى االنشغال في عمل
التبليغ فال بد أن تبينوا لهم إفادة االنشغال في هذا العمل وبينوا لهم أجرة
وثوابه األخروي بالتفصيل الوافي بحيث تكون الجنة كأنها أمامهم كما هي
طريقة القرآن فبهذه الطريقة يسهل عليهم تحمل ما يخشونه من الحرج
والخسارة الدنيوية البسيطة إن شاء اهلل ،ويتمكن لهم غض البصر عنه .
) (67قال :عند جوالت التبليغ وخاصة عند املخاطبة إننا نؤكد للجماعة بأن
ينشغلوا في الذكر وهذا لسبب خاص هو عندما تقوم بإفهام و إقناع املخاطب
حقيقة الشيء فعندما تكون أكثر القلوب في ذلك الوقت مصدقني وموقنني
ومقتنعني من تلك الحقيقة فيأثر ذلك على قلوب اآلخرين ,فإن اهلل سبحانه
وتعالى جعل في القلوب قوة ولكن الناس ال يعلمون .
) (68قال رحمه اهلل :أن ذكر اهلل حصن حصني من شر الشياطني ,فلذا كلما
كان اختالطا في بيئة أسوء فليكن اهتمامنا للحفاظ من اثرات شياطني الجن
واإلنس في ذكر اهلل اكثر فاكثر.
) (69بدأ الشيخ خطابه الحد فصول طالب املدرسة الدينية بسؤال فقال :من
انتم ؟ )ثم أجاب بنفسه ( وقال :انتم ضيوف اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم ,
فالضيف إذا أذى املضيف ,فأذيته اشد من الذي يؤذيه غير املضيف ,انتم
مادمتم طالبا للعلم وما عملتم بما يرضى اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم
وسرتم في سبيل خاط فاعلموا إذا ستكونون من الضيوف الذين يؤذون اهلل
ورسوله صلى اهلل عليه وعلى اله وسلم .
) (70قال في خطابه لنفس الطلبة أقول لكم :أن الشيطان مكار وعيار فانه
يتفقد ويلحق الثمني .فإنكم قد خرجتم من بيوتكم لطلب العلم ,فأئيس من أن
تبقوا جهالء فعزم على أن تتعلموا ولكنه يحاول أن تنشغلوا في عمله .
جر ثقيل مقابل هذه املحاولة التي غايتها نقل عباد اهلل من
فان حركتي هذه ِّ
سبيل الشيطان إلى سبيل اهلل وأشغالهم في طاعة اهلل .قولوا بما ذا تحكمون .
) (71قال في نفس الخطاب :والذين لهم حقوق الخدمة في ذمتكم والذين
إطاعتكم لهم واجبة ) (1فنسقوا ورتبوا لهم برنامج خدمتهم وراحتهم وبعد
اطمئنانهم أخرجوا لهذا العمل .واجعلوا معاملتكم بحيث إذا رأوا والة أموركم
الرقى في ذوق عملكم وصالحكم بانشغالكم في هذا العمل أن يكونوا مطمئنون
الرقى في ذوق عملكم وصالحكم بانشغالكم في هذا العمل أن يكونوا مطمئنون
منكم بل ويكونوا من الراغبني فيه .
) (72قال رحمه اهلل :إنما اصل املطلوب واملقصود في أمور الدين هو رضا اإلله
واألجر األخروي فقط ,واما االنعامات والبركات املوعودة في الدنيا كالراحة
وعيشة العز أو كاالستخالف والتمكني في األرض فإنها ليست مطلوبة بل
موعودة .
أعني األعمال التي نعملها تكن خالصة لرضا الرب وللفالح في اآلخرة فقط مع
هذا نؤمن بالعهود بل علينا أن ندعو لحصولها ولكن ال يكن مقصود عبادتنا
وطاعاتنا تلك .
والفرق بني املوعود واملطلوب يمكن أن تفهموا جيدا باملثال اآلتي:
فإن املقصود واملطلوب من الزواج هو حصول الزوجة والتمتع بها ,أما ما يأتي
معها من الجهيز ) (1وغيره الذي هو يكون موعودا عرفا وال يوجد في الدنيا إال
األحمق الذي يقول أنني ال أتزوج إال لحصول الجهيز فقط ,ولو فرضنا انه يفعل
ذلك وعلمت زوجته بأنه ال يتزوجها إال ألجل تجهيز الذي كان قد يأتي معها
فقدروا ما تكون مكانته في قلبها ؟
) (73قال رحمه اهلل :الشيء الذي يمتاز به اإلنسان عن الحيوان هو اللسان
والنطق ،من املفروض أن ال يكون هذا االمتياز إال في الخير ولكن في الشر
أيضا ً يمتاز ،يعني كما أن اإلنسان بنطقه باللسان الصحيح واستعماله في
اهلل وفي الدين يرتفع في الخير والسعادة من املالئكة ،فكذلك باستعمال ذلك
اللسان في غير الصواب يطيح عن مثل الكلب والخنزير من الحيوانات لقوله
صلى اهلل عليه وسلم )) :وهل يكب الناس علي مناخرهم إال حصائد ألسنتهم ((
الحديث .
) (74قبل عدة أيام حينما توفي حكيم األمة الشيخ أشرف علي التهانوي رحمه
اهلل فجاء رجل من محبي ومبايعي الشيخ املذكور لزيارة الشيخ محمد إلياس
فعلى ذلك قال :فإن املشايخ الذين قد توسعت حلقة محبيهم ومتعلقيهم مثل
الشيخ التهانوي ُقدس سره فيجب أن يفكر في تعزية عمومية لهم .وأتمنى أن
أعزي جميع متعلقي الشيخ التهانوي وتنشر بالذات هذه املقالة فيهم بأن أعلى
وأحكم طريقة االستفادة من بركات الشيخ وطريقة الجهد في الرقي إلى أعلى
الدرجات وزيادة السرور لروحه هو أن يعمل على تعليمات الشيخ الحقة
باالستقامة واالجتهاد في نشر تلك التعليمات .
فقدر ما يعمل على تعليمات الشيخ فموجب )) من دعى إلى حسنة فله أجرها
وأجر من عملها (( قدرها تزيد حسناته وترقى درجاته باستمرار ،ثم قال :هذا
وأجر من عملها (( قدرها تزيد حسناته وترقى درجاته باستمرار ،ثم قال :هذا
من أحسن الطرق إليصال الثواب له .
) (75قال رحمه اهلل :إن الشخص الذي يظن في نفسه أنه ليس أهالً للتبليغ فال
يجلس فارغا ً قط بل عليه أن ينشغل في العمل وأن ينشغل في تحريض اآلخرين
أكثر .ألنه قد يحصل الخير الكثير ملن هو أهل له من طرف الذي هو غير أهل له
،ثم ينمو ذلك الخير ويزيد ثم يصل أجره بصفة مستمرة إلى هذا الذي لم يكن
أهالً له ألنه كان هو السبب في إبالغه له وذلك لقوله صلى اهلل عليه وسلم )) من
دعى إلى حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ،ومن سن في اإلسالم سنة
حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها (( الحديث .
فلذا من يكن غير أهل له فيلزمه أن يعمل في هذا املجال بحماس وشدة .وألنني
أنا أعتبر نفسي أنني لست بأهل له فلذا أنا منهمك فيه أمالً من اهلل بأنه ربما
بجهدي هذا يصل هذا العمل إلى من هو أهل له ثم أوجرها عند اهلل من األجر
األعلى الذي قرره اهلل لهذا العمل .
) (76قال :إن حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه )) من رأى منكم منكرا ً
فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه (( ...معروف .
ثم قال :إن درجة )) فبقلبه (( درجة أخيرة ولها طريقة أخرى أيضا ً وهي من
أصحاب القلوب يقومون باستعمال قوات قلوبهم يعني يقومون باستعمال
عزائمهم وتركيز توجههم .
ثم قال في نفس املوضوع :إن اإلمام عبد الوهاب الشعراني كتب طريقة
استحصال درجة القطبية .وحاصلها أن املعرفات التي قد محيت وميتت من
أرض اهلل يتصورها ثم يحس باأللم في قلبه فبإلحاح كامل وتضرع يدعو اهلل
بعزم بأن يحيها اهلل ويستعمل قوة قلبه في إحيائها .
وهكذا املنكرات املنتشرة في العالم يتصورها في ذهنه ثم يحس بسب انتشارها
األلم املوجع ثم يدعو اهلل تعالى بتضرع وابتهال بأن يمحيها اهلل سبحانه
ويستعمل عزمه وتوجهه في استيصالها .
فقال اإلمام عبد الوهاب الشعراني :من كان عمله هذا باستمرار يكون قطب
فقال اإلمام عبد الوهاب الشعراني :من كان عمله هذا باستمرار يكون قطب
عصره إن شاء اهلل .
) (77قال الشيخ رحمه اهلل :إن أصل الذكر وأعاله هو مراعاة أحكام اهلل تعالى
في كل وقت حسب أحواله ،وفي قوله تعالى ( :ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن
ذكر اهلل ) إذا كان الرجل يراعي حدود اهلل ويمتثل أوامر اهلل في تجارته وفي
تعامله مع أوالده فهو من الذاكرين اهلل وإن كان مشغوالً في هذه املعامالت.
) (78قال :إنما الجنة للمتواضعني .فباإلنسان إذا كان فيه شيء من الكبر ،
فأوالً يدخل جهنم ليحرق الكبر .فعندما لم يبقى فيه إال التواضع بعد إحراق
الكبر فيرسل إلى الجنة ،فعلى كل حال ال يدخل أحد الجنة وفيه كبر .
أقول :وقد ورد في الحديث )) :ال يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من
كبر (( أعاذنا اهلل من الكبر بفضله ورحمته .
) (79قال رحمه اهلل :إن مشايخنا منعوا غير السالكني قراءة كتب الصوفية ،
إنما السالكني الذين هم في تربية املشايخ املحققني فال حرج عليهم في
مطالعتها .
) (80عندما أراد الشيخ رحمه اهلل السفر إلى لكنؤ فدعا أحد العلماء املعروفني
ليأتي مع الجماعة إلى لكنؤ فآتى ذلك إلى لكنؤ .
فقال له الشيخ في أحد األوقات :يا شيخ إنني لم أكلف عليك بأن تحضر وتلقي
املحاضرة علينا .ألن إلقاء املحاضرات والوعظ في عملنا هذا له درجة ثانية ،
إنما ال أكلف على الشخصيات مثلك على األسفار إال ألنكم بسبب مشاغلكم في
أماكنكم ال تجدون فرصة في أن تعمقوا النظر والفكر في عملي هذا ،ولكن
عندما تكونون في سفر وبعيدين عن مشاغلكم وبيئتكم فيتمكن لكم سماع
كالمي باطمئنان وأن تنظروا عمل الجماعة بأم أعينكم ويمكنكم التفكر فيه جيدا ً
.
) (81قال :رغبوا الناس في أن يخرجوا من بيوتهم لتعلم الدين وتعليمه بأموالهم
،وإن لم يستطيعوا ) (1أو لم يرضوا بهذا اإليثار) (2فحاولوا حتى اإلمكان إن
تدبروا لهم ما يخرجون به من بيئتهم وإن كان هذا أيضا ً ال يمكن فإذا ً دبروا لهم
من مكان آخر .وعلى كل حال يكون هذا في البال أن ال يولد فيهم اإلشراف .
واإلشراف هو أن ينظر في حاجاته إلى الناس بدالً من أن يكون نظره إلى اهلل
تعالى ،وهذا الشيء يخلخل عروق شجرة اإليمان .
وكذلك الذين يخرجون افهموهم جيدا ً :إن املشاق ) (1في هذا السبيل كالجوع
والعطش وغيره ليظنوه رحمة من اهلل ،ألن املشاق في هذا السبيل غذاء األنبياء
والعطش وغيره ليظنوه رحمة من اهلل ،ألن املشاق في هذا السبيل غذاء األنبياء
والصديقني واملقربني .
)(82قال الشيخ رحمه اهلل :أيها األحباب ال زال اآلن وقت العمل سيصيب الدين
خطران شديدان عن زمن قريب :الخطر األول :سيجتهد الكفر في دعوته
الجهال العامة مثل ) حركة شدهي )( (2
والخطر الثاني :اإللحاد الذي ال زال يتقدم عن طريق الحكم الغربي والسياسة
الغربية ،وهذان الضاللتان سوف تأتيكم مثل السيل ،فما كنتم فاعلوه فافعلوا
قبل وصولهما إليكم .
) (83قال الشيخ رحمه اهلل :إن طريقة التعليم والتربية العامة التي نحن نريد أن
نعمها هي الطريقة التي كانت سارية في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم وبتلك
الطريقة كان تعلم الدين وتعليمه ،والطرق األخرى التي جرت بعدها مثل
التصنيف والتأليف وتعليم الكتب وغيرها ،إنها أحدثتها الضرورة ،وأما الناس
اآلن ظنوا أنها هي األصل ونسوا طريقة زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع
أنها هي الطريقة األصلية ،وأن التعليم والتربية بحيث تحصي وتشمل العامة ال
تتمكن إال بنفس تلك الطريقة .
) (84قال الشيخ رحمه اهلل :متى ما تمكن لي السفر إلى امليوات ،كان من
رفقائي مجمع من أهل الخير وأهل الذكر ومع هذا باالختالط بني العامة تتغير
حالة القلب ) (1تغيرا ً بحيث إذا لم أغسله باالعتكاف أو بالسكن في مجمع
خاص بسهانفور ) (2أو برائيفور ) (3ال ترجع حالة القلب إلى حالته السابقة .
وكان يقول أحيانا ً ألحبابه املنشغلني في عمل الدين :إن األثرات الطبيعية التي
ترد عليهم بالخروج وبالجوالت فعليهم أن يغسلوها بالذكر والفكر في الخلوة .
) (85قال الشيخ رحمه اهلل :وعلى األحباب العاملني في التبليغ أن يزوروا ثالثة
طبقات باهتمام خاص ولثالثة مقاصد فقط :
) (1الحضور في خدمة العلماء والصلحاء لتعلم الدين وللحصول على أثرات
) (1الحضور في خدمة العلماء والصلحاء لتعلم الدين وللحصول على أثرات
الدين الطبية .
) (2الذهاب إلى الناس الذين هم أدنى منهم درجة وينشر فيهم التعاليم الدينية
،ليكون هذا النشر سبب لتكميل الدين والرسوخ فيه.
) (3الذهاب إلى فئات مختلفة :ليجذب منهم املحاسن الطبية املتنوعة.
) (86قال يوما ً وهو يدعو :اللهم إن الشفقة والترحم على الكفار الذي من
املفروض أن يكون فينا من حيث أنهم عبيدك ،والحقوق التي تعود إلينا بهذا
كره إلى قلوبنا الكفر والفسوق كراهية تامة .
السبب ،وبتوفيق أدائها َ ،
ً
) (87قال رحمه اهلل :ليُكفر كثيرا في أن يشتركوا العلماء والصلحاء في جهد
التبليغ والتربية وأن يرضوا ويطمئنوا له ،وأينما علم عنهم أنهم خالفوا ولم
يرتاحوا له فاعتبروهم أنهم معذورون أولوا عنهم تأويالً حسنا ً ) (1واستمروا في
الحضور في خدماتهم بنية االستفادة الدينية ولحصول البركات .
) (88قال الشيخ رحمه اهلل :إن نفس اإلسالم أيضا ً له قدر وقيمة عند اهلل تعالى
وإن اختلط فيه فسق وفجور ألن املؤمن الفاسق والفاجر يغفر له ولو كان في
األخير ،فلذا علينا نحن أن نقدر الرجل الذي يوجد في أدنى نسبة لإلسالم ،
ونعتبره أخا ً لنا نعامله على هذا األساس ،وما يوجد فيه من فسق وفجور
وعصيان فنحن املسئولون عنه أيضا ً بأن غفلتنا هي السبب وهذه نتيجة عدم
جهدنا في الدين .
(89قال رحمه اهلل :إن عملنا هذا هو من أساسيات الدين ،وحركتنا هذه حركة
حقيقة اإليمان ،وأما األعمال االجتماعية األخرى التي تُعمل هذه األيام
فيفترضون أن أساس اإليمان موجود فيقومون بالتعمير الظاهري وجل فكرهم
فجل همنا نحو األمة أن يدخل نور اإليمان في اللوازم الظاهرية .أما نحن ُ
الصحيح في القلوب أوالً ). (1
أقول :يؤيد قوله قول الصحابة :تعلمنا اإليمان ثم تعلمنا القرآن .واإليمان هو
أساس جميع األعمال واألحكام .
) (90قال الشيخ رحمه اهلل :إن أصل املرض في األمة هذا الزمن عندنا هو
فقدان الطلب وعدم التقدير للدين في قلوبنا ،فإذا تولد فكر الدين وطلبه في
القلوب فنرى اإليمان واإليمانيات تحضر بعد نظرة ونظرة ،فأصل مقصدنا بهذه
الحركة حاليا ً هو أن نجتهد في تولد الطلب والتقدير للدين وليس تلقني وتصحيح
الحركة حاليا ً هو أن نجتهد في تولد الطلب والتقدير للدين وليس تلقني وتصحيح
الشهادتني والصالة وغيره فقط .
ً
) (91قال :إن في طريقتنا خروج الجماعات للدين بعيدا عن بيوتهم لها أهمية
خاصة ،وفائدته الخاصة هي أن الشخص يخرج من البيئة الدائمة الجامدة
إلى البيئة الجديدة الصالحة املتحركة وتكون له فيها أسباب كثيرة التي تنمو بها
مشاعره الدينية ،واملشقات التي تأتي بسبب التنقالت هنا وهناك ،فبهذه
األسباب تتوجه رحمة اهلل الخاصة لقوله تعالى ( :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم
سبلنا ) ولهذا السبب مهما كان سفر الهجرة أطول فبقدره يكون مفيدا ً أكثر .
) (92قال الشيخ رحمه اهلل :إن هذا السفر يحمل بداخله خصائص الغزوات ،
فلذا نرجو أن يكون األجر أيضا ً مثلها ،هذا وإن لم يكن قتاالً ولكنه جزء من
أجزائه من حيث بعض الوجوه ،وإن كان أقل درجة من القتال ولكن من حيث
البعض هو أعلى منه .مثالً أن القتال فيه طريقة شفاء الغيظ وإطفاء شعلة
ث في أقدام الناس تخدع الغضب ،أما هنا فليس إال كظم الغيظ هلل ولدينه ومك ٌ
الناس فهي مذلة فقط .
) (93قال رحمه اهلل :إن هذه الحركة في الواقع رياضة ) (1في درجتها العليا .
لألسف أن الناس ال يفهمون حقيقتها .
) (94قال :إن الذين يريدون أن يأتوا عندنا في نظام الدين لتعلم عمل التبليغ ،
فعلموهم عدة هذه األمور جيدا ً قبل قدومهم :
) أ ( أن يأتوا عندنا ألطول وقت ممكن .
) ب ( فال يكتفوا بقدوم مرة واحدة فقط بل يستمروا في القدوم.
) ج ( ال يأتي أحدهم بإرادة اإلقامة فقط ،بل حسب القرار يكون مستعدا ً
للخروج وأحيانا ً تكون اإلقامة في نظام الدين أيضا ً.
) د ( وكذلك أفهموهم بأنه عندما يريدون رفقاؤه العودة وبمشاهدته إياهم تقوم
نفسه ترغبه علي العودة فعندما يخالف نفسه .وااللتزام بالعزم وقوة اإلرادة في
ذلك الوقت فأجره ما ال يحصى ،ومثال هؤالء الذين عزموا بعدم العودة كمثل
املجاهدين في سبيل اهلل الذين ثبتوا في ميدان الجهاد عندما و ّلوا الذين عن
يمينهم وعن شمائلهم مدبرين .
)هـ( فكذلك أخبروهم بأن في هذا الطريق قد تأتي املكارة ) مشقات ومصائب
وأمور خالف طبيعة ( ،وأجرها في اآلخرة عل قدر املشقة .
وأمور خالف طبيعة ( ،وأجرها في اآلخرة عل قدر املشقة .
) (96قال الشيخ رحمه اهلل :فلنفكر بعد حني وحني باطمئنان أن في أي األماكن
يوجدون الذين يقدروننا وفي أي األماكن تكون نتيجة جهدنا مثمرة ؟ ثم يفكر
بأن كيف تكون طريقة دعوتنا مناسبة لذلك املكان ،وكيف يكون املصير ،وكيف
يكون ترتيب عملنا ,ثم يشرع في ذلك متوكلني على اهلل حسب التخطيط )(1
) (97قال :إذا ظننا عن أحد انه ال يمكن أن نوجه إلى الدين إال بعد إقامة
العالقات معه والتقرب منه بخدمته ,فمثل هذا يخدم أوال ,فإنما ينوي بالخدمة
انه سيخرجه في سبيل اهلل فمع هذا األمل يستعني اهلل بالدعاء له أيضا .
) (98قال :إن بعض الناس لعدم علمهم عن أعماق دعوة اإليمان هذه لم يرغبوا
فيها ,فلذا هم قائمون بنشر بعض األحكام واملسائل الدينية التي مقصرون
فيها املسلمون فيرونها أهم من ذلك ,فمثال الشخص الفالني واتباعه يرون أن
نشر أحكام الشرعية الفالنية واصالح العادات الرزيلة الفالنية لها أهمية اكثر
فلتكن طريقتنا مع هؤالء أن نحرضهم على القيام بان يجتهدوا لنشر األحكام
واملسائل واصالح العادات الرزيلة في ميوات ,الن أهل ميوات مقصرون جدا
حتى اآلن لم يعم فيها تقسيم التركة والوراثة حسب الطريقة الشرعية إال قليال
وكذلك ال زالت فيهم بعض العادات السيئة منها على سبيل املثال انه لم يعم
فيهم التزوج في األقارب
) أقول :وهي من عادات الهندوسية (
فالشخص الفالني واتباعه فيحرضوا على القيام لنشر هذه األحكام في ميوات
فيخبروا إن أهل امليوات قد انسوا عمل الدعوة والتبليغ على حد ما .فإذا انتم
اهتممتم قليال في رعاية عمل التبليغ فإنكم تجدون النصرة في عملكم في نشر
أحكام الشرع ,واصالح العادات الباطلة ,وبهذه الطريقة تستطيعون نشر تلك
األحكام واملسائل واصالح العادات الجاهلية املعممة في ميوات بسهولة وبهذه
الطريقة يستطيعون أولئك األشخاص أن يفهموا عمق مهمة التبليغ وسعته
ويتمكنوا من مشاهدة اثراته ونتائجه ثم سيتوجهون إلى هذا العمل إن شاء اهلل
ويتمكنوا من مشاهدة اثراته ونتائجه ثم سيتوجهون إلى هذا العمل إن شاء اهلل
تعالى .
قال رحمه اهلل :أنا عندما اطلب طبيبا للعالج فإنما اطلبه الدعوه إلى عمل )(99
الدعوة والتبليغ ,واجعل معالجتي منه حيله ,فادعوه إلى االنشغال في دعوة اهلل
.فالجل ذلك ال اسمح له للمعالجة إال لألطباء الذين فيهم أمل المكانية قبول ه