ملفوضات الشيخ الياس

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫كلمة موجزة عن الشيخ محمد إلياس رحمه اهلل‬

‫هو الشيخ محمد إلياس بن محمد إسماعيل بن غالم حسني بن كريم بخش من‬
‫أسرة معروفة في العلم والتقوى والورع في القارة الهندية من القدم من أسرة‬
‫عربية األصل ‪ ،‬تعود ساللتها إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه ‪.‬‬
‫وهذه األسرة تسكن في مدينة جنجهانة ونصفهم في مدينة كاندهلة ‪ ،‬وكان‬
‫الشيخ إسماعيل والد الشيخ محمد إلياس قد تزوج في مدينة جنجهانة التي‬
‫يسكنها وتوفيت زوجته بعد أن ولد منها أبن أسمه محمد‪ ،‬وقدم الشيخ إسماعيل‬
‫يوما إلى كاندهلة في مناسبة زواج في األسرة وخطب الشيخ إسماعيل في تلك‬
‫املناسبة حسب رغبة األسرة ألنه كان معروفا ً في العلم والفضل والتقوى وكان‬
‫مستجاب الدعوات ‪ ,‬فقالت جدة الشيخ إلياس )اعني والدة أمه (لزوجها )أي‬
‫لوالد أمه ( أن لو زوجنا ابنتنا الكبرى من ابن أسرتنا هذا محمد إسماعيل‬
‫العالم الخلق ‪ ،‬فزوجوه وزفوا ابنتهم في نفس السفرة ‪ ،‬فبعده اختار الشيخ‬
‫إسماعيل اإلقامة في كاندهلة بني أسرته هذه ‪ ،‬فولد له من هذه الزوجة ابن‬
‫اسمه الشيخ محمد يحيى في محرم عام ‪1288‬هـ وهو والد الشيخ محمد زكريا‬
‫الكاندهلوي شيخ الحديث بجامعة مظاهر العلوم بسهارنفور وصاحب املؤلفات‬
‫الكثيرة التي تزيد على أكثر من مائة مؤلف منها )أوجز املسالك في شرح موطأ‬
‫اإلمام مالك ( و) تبليغي نصاب () أي فضائل األعمال (باللغة األردية املعروف‬
‫في العالم كله ‪.‬‬
‫ثم بعد خمسة عشر سنة من ميالد شقيقه الشيخ محمد يحيى في عام ‪1303‬هـ‬
‫ولد له الشيخ محمد إلياس رحمه اهلل مؤسس هذه الدعوة والتبليغ ‪ ،‬وكان ألحد‬
‫الصلحاء املدعو ‪ /‬مرزا إلهي بخش قصر ) فلة ( في نظام الدين بنيو دلهي ‪،‬‬
‫وبنى مسجدا ً بجوار الفلة فطلب من هذه األسرة التي كانت معروفة في العلم‬
‫والتقوى أنه يحتاج إلى مدرس صالح ليدرس أوالده الصغار في ذلك املسجد )‬
‫املعروف ببنغلة والي مسجد ( أي مسجد أبو الفلة بنظام الدين ‪ ،‬وكانت املنطقة‬
‫حينئذ خالية من العمران ‪ ،‬فقرر الشيخ إسماعيل أن يقيم هناك فيعلم الطلبة‬
‫الصبيان القرآن الكريم على روبيتني هنديتني شهريا ً فلما رأى الشيخ إسماعيل‬
‫أنه كيف يفعل في الصلوات ألنه لم يكن هناك أحد يصلي برفقته الصلوات في‬
‫الجماعة وكان يذهب عند التقاطع الذي بجوار مقبرة همايون ألن أهل ميوات‬
‫املسلمني كانوا ينزلون عند البوابة ثم يذهبون إلى سوق دلهي لكسب املعاش‬
‫فمن كان يجده الشيخ إسماعيل هناك يأتي به إلى املسجد بعد أن يسأله أنك‬
‫إذا ذهبت دلهي للعمل هناك كم سيكون مبلغ األجر اليومي فيقول ‪ :‬آنتني ) أي‬
‫قرشني هنديني ( فيقول له ‪ :‬اليوم أعطيك األجرة فتعال معي فيأخذه إلى املسجد‬
‫طول اليوم فيعلمه اإليمان وأحكام الشرع ويصلي معه الصلوات جماعة ‪ ،‬فهكذا‬
‫كان يصرف جميع راتبه بل وأكثر منه على أهل ميوات ‪ ،‬وكان الشيخ إسماعيل‬
‫يطلب مصاريفه من أسرته ألنه كان لهم دخل متوسط من مزارعهم فاستمر‬
‫الشيخ بدعوته هكذا إلى العمال امليواتيني ‪ ،‬فلما زاد عدد امليواتيني صلحت‬
‫أحوالهم الدينية صاروا لم يقبلوا أي مبلغ لتعليم الدين فصار الذين يعودون إلى‬
‫ميوات يرسلون أناسا ً ليتعلموا أمور دينهم من الشيخ ‪ ،‬وطلب الشيخ ابنه األكبر‬
‫محمد عنده ودرسه العلوم الدينية ثم ابنه الثاني محمد يحيى ودرسه العلوم‬
‫الدينية وهو مقيم في نفس هذا املسجد بنظام الدين ‪ .‬ولتكميل دورة الحديث )‬
‫أعني الصحاح الستة واملوطئني والطحاوي ( ليتخرج عاملا ً ‪ ،‬أرسله والده إلى‬
‫مدينة كنكوه عند العالم الجليل العالم الرباني املربي املصلح الشيخ رشيد أحمد‬
‫الكنكوهي ورافقه أهله وشقيقه محمد إلياس وقد توفي والده الشيخ محمد‬
‫إسماعيل وتولى مكانه‬

‫ابنه األكبر الشيخ محمد وأستمر امليواتيون حتى استأنسوا ذلك املسجد ثم‬
‫بعدها شب الشيخ محمد إلياس وبعد وفاة الشيخ الكنكوهي عني الشيخ محمد‬
‫يحيي مدرسا ً في جامعة مظاهر العلوم بأمر الشيخ خليل أحمد السهارنفوري‬
‫)وهو العالم الجليل املربي الذي كان من أجل خلفاء الشيخ رشيد احمد‬
‫الكنكوهي ( وأسكن معه أهله وأبنه الشيخ محمد زكريا وشقيقه الشيخ محمد‬
‫الياس أسس بسهارنفور مكتبة باسم )يحيوي كتب خانه (وأدام اإلقامة‬
‫بسهارنفور ‪.‬فلذا الشيخ محمد يحيى بعد وفاة شيخه الكنكوهي بايع الشيخ‬
‫خليل أحمد السهارنفوري الذي شرح السنن ألبي داود باسم )بذل املجهود في‬
‫حل أبي داود ( وكذلك الشيخ إلياس بايع الشيخ خليل أحمد والشيخ محمد‬
‫زكريا أيضا ً بايعه ‪،‬وقد نال هؤالء الثالثة اإلجازة منه وأصبحوا من أجل خلفائه ‪،‬‬
‫وتعلم الشيخ محمد إلياس بجامعة مظاهر العلوم حتى تخرج عاملا ً ‪ ،‬ورافق‬
‫شيخه في سفرة الى الحجاز للحج للمرة الثانية ورأى في املنام أن الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال له ‪:‬سنأخذ منك عمالً دينيا ً في الهند ‪ ،‬ثم بأمر شيخه‬
‫الشيخ خليل أحمد عاد الى الهند ومكث الشيخ خليل أحمد باملدنية حتى وافاه‬
‫األجل ودفن بالبقيع الغرقد ‪،‬وعاد الشيخ محمد إلياس خائفا ً مهموما ً من الرؤيا‬
‫فما يدري ما املراد بالعمل الذي سيؤخذ منه ‪،‬فتوفى أخوه األكبر الشيخ محمد‬
‫بنظام الدين فتولى الشيخ محمد إلياس مكانه بذلك املسجد وقد كان أهل ميوات‬
‫مستأنسون بوالده وأخيه فأصروا أن يبقى إلياس في ذلك املسجد ‪ ،‬فاخذ‬
‫الشيخ مركزا ً له وبدأ دعوته بمنطقة ميوات مع أنها هي من أحط املناطق الهندية‬
‫خلقا ً وأبعدها من الدين وأعظمها جهالة وضاللة ودعا الناس فيها إلى االنقطاع‬ ‫ُ‬
‫عن أشغالهم والخروج من أوطانهم ملدة محدودة وقد تكون أربعني يوما ً أو أكثر ‪،‬‬
‫وعرف أنهم ال يتعلمون الدين وال يتغيرون في األخالق إال إذا أخرجوا من هذا‬
‫املحيط الفاسد الذي يعيشون فيه ‪ ،‬وقد قبل دعوته مئات وألوف هذه املنطقة‬
‫وخرجوا شهورا ً وقطعوا مسافات بعيدة ما بني شرق الهند وغربها وشمالها‬
‫وجنوبها ركبانا ً ومشاة فتغيرت أخالقهم وتحسنت أحوالهم واشتعلت عواطفهم‬
‫أمر الدعوة خالل مدة زهاء خمسة عشر سنة حتى توفى الشيخ‬ ‫الدينية ثم أمر ُ‬
‫رحمه اهلل رحمة واسعة ثم كان ابنه الوحيد الشيخ محمد يوسف وزميله الشيخ‬
‫محمد إنعام قد أخذا الحديث من الشيخ محمد زكريا في جامعة مظاهر العلوم‬
‫بسهارنفور وزوجهما الشيخ محمد زكريا ابنتيه في يوم واحد وكانا عاملني راغبني‬
‫في العلم ‪ ،‬وألف الشيخ محمد يوسف كتابه الجليل )) حياة الصحابة (( وهو‬
‫معروف بني الناس ‪ ،‬وكذلك ألف شرح شرح معاني اآلثار للطحاوي املسمى بـ‬
‫)) أماني األحبار (( فأمرهما الشيخ محمد زكريا أن يبايعا الشيخ محمد إلياس‬
‫فبايعاه ثم ناال الخالفة منه ‪ ،‬فبعد وفات والد الشيخ محمد يوسف ُجعل أميرا ً‬
‫على هذه الجماعة ‪ ،‬وبعد جهد عشرين سنة بلغ أمر الدعوة إلى مشارق األرض‬
‫ومغاربها ولم يكن في العالم بلد إال ورجال الدعوة والتبليغ وصلوه ‪ ،‬ثم بعد وفاة‬
‫الشيخ محمد يوسف ُو ِّلي األمر إلى صاحبه ورفيق حياته الشيخ إنعام الحسن‬
‫بن الشيخ إكرام الحسن بن الشيخ رضى الحسن وهذا أي جد الشيخ أنعام‬
‫الحسن قد تزوج من شقيقه الشيخ محمد إلياس وولد منها الشيخ إكرام الحسن‬
‫‪.‬‬
‫وهو من نفس هذه العائلة العربية األصل الصديقة فقام الشيخ إنعام الحسن‬
‫بأداء واجبه في خدمة الدعوة والتبليغ ثالثني سنة كواملة حتى لم تخلو مدينة وال‬
‫قرية في العالم إال وأهل الدعوة والتبليغ وصلوها فيدعون الناس إلى نور‬
‫اإلسالم ويبلغون أوامر اهلل ويخرجونهم من الظلمات إلى النور ‪ -‬بتوفيق منه‬
‫سبحانه ‪ -‬ليسلكوا طريقا ً سهالً إلى الجنة ‪.‬‬
‫وصلى اهلل على سيدنا ومحمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫وصلى اهلل على سيدنا ومحمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫) ‪ ( 1‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬كانت أحوال أمم األنبياء عامة بأنه كلما بعد عنها‬
‫زمن النبوة فتصبح أمورها الدينية خالية من الروح والحقيقة بحيث تصبح‬
‫كعادات تقليدية محضة ‪ ،‬فكانت تأديتها كعادة تقليدية ‪.‬‬
‫فاإلصالح هذه الضاللة كانت تبعث األنبياء الذين كانوا يبطلون هذه العادات‬
‫التقليدية ويرشدون األمة إلى الحقيقة الواقعية وروح الشريعة الحقيقة ‪.‬‬
‫فأخيرا ً ملا بعث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فكانت حالة األقوام التي كانت‬

‫لها عالقة باألديان السماوية في زمانه صلى اهلل عليه وسلم نفس تلك الحالة‬
‫املذكورة بأن األمور الدينية التي بقيت لديها مما أتو به أنبياؤهم كأنها عادات‬
‫تقليدية خالية من الروح ‪ ،‬فكانت تظن أنها هي الشريعة وأصل الدين ‪.‬‬
‫فأبطل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تلك املألوفات التقليدية فقام بتعليم أصل‬
‫حقائق الدين وأحكامه ‪ ،‬وأن األمة املحمدية أيضا ً ابتليت في هذا املرض حتى‬
‫في عباداتها أصبحت تقليدية إلى حد أن تعليم الدين أيضا ً الذي كان من‬
‫املفروض أن يكون سببا ً إلصالح جميع مثل هذه املفاسد فأصبح في بعض‬
‫املدن عادة تقليدية ‪ ،‬ولكن ألن سلسلة النبوة قد انتهت اآلن فمسئولية مثل هذه‬
‫األمور حملت على علماء األمة الذين هم نائبوا النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪،‬‬
‫فإنما الواجب عليهم أن يركزوا إلى إصالح ذلك الضالل وفساد الحال ‪.‬‬
‫وطريقته هو تصحيح النية ‪ :‬ألن األعمال ال تصير عادات وتقاليد إال عند عدم‬
‫ا ِّلالهيّة واإلخالص وفقدان شأن العبودية ‪ ،‬فبتصحيح النية يعود تجاه األعمال‬
‫إلى اهلل البتة ‪ ،‬فتتولد فيها الحقيقة بدل العادات الروتينية ‪ ،‬فيكون صدور جميع‬
‫األعمال بالحماسة على العبودية وعبادة املعبود )‪(1‬‬
‫فاملقصود أن أهم واجب علماء هذه األمة الحاملني للدين في هذا الزمن أن‬
‫يبذلوا جهدهم في تركيز اتجاه الناس إلى تصحيح نياتهم‬
‫ويحاولوا أن يتولد فيهم اإلخالص وا ِّلالّه ّية والحقيقة في األعمال ‪.‬‬
‫)‪ (2‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬قد أذيع في القرآن والحديث باهتمام خاص أن‬
‫وسهل ( فيقتضى هذا أن كلما كان األمر أهما ً من‬ ‫ٌ‬ ‫يسير‬
‫ٌ‬ ‫سر ) أعني‬
‫الدين يُ ٌ‬
‫وسهل ( فيقتضى هذا أن كلما كان األمر أهما ً من‬
‫ٌ‬ ‫يسير‬
‫ٌ‬ ‫سر ) أعني‬ ‫الدين يُ ٌ‬
‫ً‬
‫اآلخر كان أيسرا حسب أهميته ‪.‬‬
‫فألن تصحيح النية واإلخالص هلل من أهم الواجبات في الدين ‪ ،‬بل من روح‬
‫جميع أمور الدين فلذا هذا سهل جدا ً وألن هذا اإلخالص هلل هو حاصل‬
‫ومقصود السلوك والطريق كله ‪ ،‬فعلم من هذا بأن السلوك أيضا ً أمر سهل ‪،‬‬
‫ولكن ليعلم أن جميع األمور بأصولها وبطرقها الوضعية تكون سهلة ‪ ،‬فمهما‬
‫كانت األمور يسيرة فإذا صيرت بغير طريقتها فحينئذ تتعسر ‪.‬‬
‫فمن خطأ الناس اآلن أنهم يرون التقليد على األصول هو الصعب فيتهربون منه‬
‫مع أن مهما كان األمر يسيرا ً لم يبلغ مرامه إال بالتمشي على تقليدات أصوله ‪،‬‬
‫فالطائرة والباخرة والقطار والسيارة ال تسير إال باألصول حتى الطبيخ والخبز‬
‫لم يجهز إال باألصول ‪.‬‬
‫أقــول ‪ :‬إذا تقيدنا باألصول بتصحيح النية واإلخالص وترسيخ اإليمان في‬
‫القلب لنكون مصداقا ً لقول النبي صلى اهلل عليه وسلم )) ال يؤمن أحدكم حتى‬
‫يسر ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫يكون هواه تبعا ً ملا جئت به )‪ (1‬فيتحقق لنا أن الدين‬

‫)‪ (3‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن الطريقة غايتها خاصة ) وهي ( أن تصبح أحكام‬
‫اهلل تعالى وأوامره هواه ورغبته الطبيعية وتصبح النواهي كريهة له في نفسه )‬
‫يعني يحس باللذة والفرحة عند امتثال األوامر اإللهية ويتأذى ويكره من أن يقرب‬
‫النواهي ( فهذه غاية الطريقة ‪.‬‬

‫أما األعمال ) األخرى أعني األذكار واألشغال واألعمال بطرق خاصة ( فهي‬
‫وسيلة لتلك الغاية ‪.‬‬
‫ولكن اآلن كثير من الناس يظنون أن هذه الوسائل هي أصل الطريق مع أن‬
‫البعض منها بدعة ‪.‬‬
‫فعلى كل حال ألن هذه األشياء وسائل محضة وليست مقصودة بذاتها ‪ ،‬فلذا‬
‫يمكن ينظر إليها فيلزم أن تتغير وتتبدل حسب املصلحة ‪ ،‬وأما األعمال‬
‫املنصوص عليها في الشرع فيجب العمل عليها في جميع األزمنة سواء ‪.‬‬
‫)‪ (4‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن منزلة الفرائض أعلى بكثير من درجة النوافل بل‬
‫نعتقد أن املقصود من النوافل هو تكملة الفرائض أو تالفي النقائض التي‬
‫أصل توابعها وفروعها )‪(1‬‬‫ٌ‬ ‫تحصل في تأدية الفرائض فاملقصود أن الفرائض‬
‫ولكن أحوال بعض الناس أنهم ال يهتمون في الفرائض وينشغلون باهتمام كبير‬
‫ولكن أحوال بعض الناس أنهم ال يهتمون في الفرائض وينشغلون باهتمام كبير‬
‫في النوافل ‪.‬‬
‫فكما أنكم تعلمون أن الدعوة إلى الخير األمر باملعروف والنهي عن املنكر‬
‫مقصودي أن جميع شعب التبليغ من أهم الفرائض ‪ ،‬ولكن كم عدد الذين يؤدون‬
‫هذه الفريضة ‪ .......‬؟ ‪ ،‬وأما املشتغلني واملنهمكني في ) األعمال أو العبادات (‬
‫واألذكار النفلية ليسوا بقليل‪.‬‬
‫)‪ (5‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن بعض أهل الدين وأصحاب العلم قد وقعوا في‬
‫خطأ كبير في باب االستغناء بأنهم يظنون أن مقتضى االستغناء أن ال يتالقى‬
‫مع األغنياء وأهل الثروة مطلقا ً وأن يتحاشا من اختالطهم كليا ً ‪.‬‬
‫مع أن املقصود من االستغناء هو أن ال نذهب إليهم لحاجة املال فقط وأن ال‬
‫نخالطهم لطلب الجاه واملال ‪ ،‬أما لقصد إصالحهم وللمقاصد الدينية لم تكن‬
‫تالقيهم ومخالطتهم منافية لالستغناء قطعيا ً ‪ ،‬بل هذا من األمور الضرورية من‬
‫حيث مرتبتها ‪ ،‬نعم لنكن مستيقظني من أن ال يتولد في أنفسنا حب املال وحب‬
‫الجاه ‪.‬‬
‫)‪ (6‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬عندما يحاول أحد أن يتقدم في أمر الخير ‪،‬‬
‫فالشيطان يزاحمه بطرق مختلفة ويجعل له معوقات في طريقه ‪ ،‬فعندما يفشل‬
‫الشيطان في تلك املعوقات ويتجاوزها ذلك العبد كلها ويشرع في األمر فحينئذ‬
‫تكون محاولة الشيطان الثانية إما أن يفسد نيته وإخالصه أو يحاول أن يكون‬
‫هو شريكا ً له فيها بطرق أخرى بأن يحببه الرياء والسمعة ‪ .‬أو بمكره يحاول أن‬
‫يحبط لالِّه ّيته فأحيانا ً يفوز في محاولته ‪.‬‬
‫فلذا يجب على الذين يعملون في مجال أمور الدين أن يكونوا مستيقظني من‬
‫هذا الخطر في كل حني وأن يحفظوا قلوبهم من مثل هذه الوساوس الشيطانية‬
‫في كل وقت ‪ ،‬وأن يراقبوا نياتهم بصفة دائمة ألنه لو اشتمل في أي عمل من‬
‫األعمال غرض غير رضا اهلل سبحانه وتعالى ‪ -‬في أي وقت من األوقات ) فحبط‬
‫ذلك العمل( فيكون غير مقبول عند اهلل تعالى ‪-‬‬
‫)‪ (7‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن في كثير من املدارس الدينية توجد غفلة كبيرة‬
‫سون الطلبة ولكن بدون أن يجتهدوا في أن ينشغلوا في أصل‬ ‫در ُ‬
‫ونقص ‪ ،‬بأنهم ُي ِّ‬
‫مقصود التعليم وهو خدمة الدين والدعوة إلى اهلل بعد التخرج ‪.‬‬
‫فنتيجة هذه الغفلة أن كثيرا ً من املتخرجني مطمح نظرهم الحصول على املعاش‬
‫فقط فإما يلتحقون في الطب أو يتقدمون بالجامعات الحكومية لالمتحانات ‪،‬‬
‫فيختارون التدريس في املدارس االنجليزية العامة فما صرف في تعليمهم من‬
‫وقت ومصاريف وجهد فمن حيث النتيجة يصبح هباء منثورا ً بل أحيانا ً يكون في‬
‫وقت ومصاريف وجهد فمن حيث النتيجة يصبح هباء منثورا ً بل أحيانا ً يكون في‬
‫مصالح أعداء الدين ‪.‬‬
‫فلذا ليكن اهتمامنا األكبر بأن الطلبة يتخرجون بعد التعليم بأن ال ينشغلوا إال‬
‫في خدمة الدين ‪ ،‬وأن يؤدوا حقوق الدين ألنه لو لم يحصد من مزرعتنا شيء‬
‫فهي خسارة وأما إذا حصد واستفاد منه أعدائنا فالخسارة أعظم ‪.‬‬
‫)‪ (8‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن االمتحانات )) مولوي فاضل (( )‪(1‬‬
‫التي تقوم بها الجامعات الحكومية فإن ضررها وقباحتها نحن ال ندركها جيدا ً‬
‫وال نحس بها ‪ ،‬فإنها عامة تؤدى هذه االمتحانات ليتمكن بها من الحصول إلى‬
‫الوظيفة في املدارس اإلنجليزية العامة ‪ ،‬فمعنى هذا أن نظام التعليم الذي‬
‫عممته الحكومة ) الهندية ( الكافرة ملصالحها ‪ ،‬ومقاصدها وراء هذا من إقامة‬
‫امتحانات ) مولوي فاضل وغيره ( إلكمال مقاصدها أن يكونوا هؤالء املمتحنون‬
‫معاونوها في نظامها الكفري بل ليصبح لها فيه استحقاقا ً لتستعمله كجهاز لها‬
‫باألجرة ‪.‬‬
‫فليعمق النظر ‪ :‬أي ظلم أكبر من هذا على علم الدين ؟ وأي استعمال أكبر غلطا ً‬
‫من أن يكونوا خدما ً لنظام تعليم أعداء الدين فإنه يُف َه ُم من هذا أنهم يحاولون‬
‫بهذه االمتحانات أن يغيروا نسبة علم الدين بعدما كان العلم هلل ورسوله صلى‬
‫خطير‬
‫ٌ‬ ‫اهلل عليه وسلم فتصير نسبته إلى الكفار والحكومة الكافرة فلذا هذا األمر‬
‫جدا ً ‪.‬‬
‫)‪ (9‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن أول وأهم مقتضى العلم أن يحاسب املرء حياة‬
‫نفسه ‪ ،‬بأن يعلم ما عليه من الفرائض وأن يفهم تقصيراته في الدين فيجتهد في‬
‫أدائها ) كما هو حقها ( ‪ ،‬وأما من استغنى عن هذا فبدأ يراقب ويحاسب غيره‬
‫وغرور‬
‫ٌ‬ ‫بسبب علمه ويحصي أخطاء غيره وينسى نفسه فحينئذ يكون هذا ٌ‬
‫كبر‬
‫علمي الذي هو هالك كبير ألهل العلم ‪.‬‬
‫)‪ (10‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬بينما هو في مناقشة موضوع أن املسلمني ملاذا لم‬
‫يتمكنوا على الحكم والدولة ‪ ،‬قال ‪ :‬ما دمتم غير منفذين أحكام اهلل ونواهيه على‬
‫أنفسكم وعلى حياتكم املنزلية الذي هو اختيار أنفسكم وال يوجد معوق فيه‬
‫فكيف يولى إليكم نظام وتنسيق الدنيا ‪ -‬ألن غاية اهلل من تولية حكم األرض هو‬
‫أن تنفذوا مرضاة اهلل وأحكامه في األرض )‪ ، (1‬فلما تكونوا منفذين هذا فيما‬
‫هو في ملككم اليوم فبتمكني الدولة في أيديكم غدا ً فماذا يكون األمل فيكم ؟‬
‫هو في ملككم اليوم فبتمكني الدولة في أيديكم غدا ً فماذا يكون األمل فيكم ؟‬

‫)‪ (11‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن الناس الذين يظن فيهم أنهم موفون وحامون‬
‫للدولة ‪ ،‬ففي الواقع أنهم ليسوا وافون وال حامون ألحد بل هم في األصل وافون‬
‫ألغراضهم الذاتية ‪.‬‬

‫نعم ألن اليوم أغراضهم الدنيوية تستوفي من الدولة الحالية فلذا هم وافون‬
‫ويحامون لهذه الدولة ولكن إذا بدأت أغراضهم غدا ً تستوفى من أعداء الدولة‬
‫فحينئذ هم هؤالء الذين يصبحون حامني ووافني ألولئك األعداء مثل ما هم مع‬
‫هؤالء اآلن ‪ .‬فالحقيقة أن مثل هؤالء هم ُعبّاد املصلحة ولم يكونوا أوفياء حتى‬
‫آلبائهم ‪.‬‬
‫فطريقة إصالح مثل هؤالء الناس ليست بمخالفتهم وال بتحريضهم على مخالفة‬
‫الدولة ‪ ،‬بل إن أصل الداء الذي فيهم هو عبادة املصلحة فما دامت هذه الخصلة‬
‫موجودة فيهم وإن خالفوا الدولة فهي ملصلحتهم املادية ‪ ،‬فهم ألغراضهم املادية‬
‫يصبحون أوفياء لقوة أخرى ‪ ،‬فلذا العمل في مثل هؤالء هو أن تولد فيهم عبادة‬
‫اهلل بدل عبادة املصلحة ويجتهد فيهم بأن يصبحوا أوفياء اهلل الصادقني لدينه ‪،‬‬
‫فال عالج ملرضهم غير هذا ‪.‬‬
‫)‪ (12‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬هذه قاعدة كلية بأن الشخص ال يتحصل على‬
‫الراحة النفسية إال بعد الحصول على رغبته وما يشتهيه ‪ ،‬فمثالً أن شخصا ً ثريا ً‬
‫إنما رغبته في األطعمة اللذيذة والثياب الثمينة فهذا الشخص ال يرتاح نفسيا ً‬
‫إال بالحصول على تلك الرغبات ‪.‬‬
‫وأما من كانت رغبته في الجلوس على الخسف ‪ ،‬والنوم على الحصير واللبس‬
‫العادي واألكل العادي فهذا الشخص يتحصل على الراحة والطمأنينة بهذه‬
‫األشياء ‪.‬‬
‫فأما الذين قد رغبوا في اتباع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في الحياة‬
‫العادية فإنما لذتهم وراحتهم في تلك الحياة وعلى هؤالء فضل من اهلل كبير بأن‬
‫جعلت راحتهم في تلك األشياء التي هي بخسة الثمن وفي متناول كل مسكني‬
‫وفقير ‪.‬‬
‫فنفرض لو جعلت رغبتنا في األشياء الثمينة التي لم تتيسر إال لألغنياء فليس‬
‫ببعيد أن نمكث طول حياتنا غير مرتاحني ‪.‬‬
‫)‪ (13‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إننا أمرنا بأن أموالكم التي أعطيتم في هذه الحياة‬
‫الدنيا بأن ال تمسك أي ال تبخلوا فيها بل كانوا منفقني منها ولكن مع االلتزام‬
‫بشروطه من غير إسراف وال تبذير ‪ -‬أعني أن ينفق في مصرف ومحل صحيح‬
‫وأن يكون بالطريقة التي أمرنا اهلل بها وفي حدود ما قرره لنا ‪ ) ،‬أقــول ( ‪ :‬قال‬
‫تعالى ‪ ( :‬وأنفقوا مما رزقناكم ) اآلية ‪ .‬وقال ‪ ( :‬كلوا واشربوا وال تسرفوا إن اهلل‬
‫ال يحب املسرفني ) وقال تعالى ‪ ( :‬إن املبذرين كانوا إخوان الشياطني وكان‬
‫الشيطان لربه كفورا ) ‪.‬‬
‫)‪ (14‬ففي يوم من األيام لم يتمكن أن يصل اللحم إليه في ذلك اليوم بسبب‬
‫املطر أو بسبب آخر ‪ .‬وكان من ضمن الضيوف شيخ من محترمي ومن خواص‬
‫أقرباء الشيخ محمد إلياس أيضا ً وكان في علم الشيخ أنه يرغب اللحم ‪ ،‬فرأيت‬
‫السفرة فتعجبت في نفسي قليالً‬ ‫أثرا ً كبيرا ً على الشيخ لعدم وجود اللحم في ُ‬
‫بأن هذا ليس مما يؤخذ بالخاطر ‪.‬‬
‫فبعد قليل ) قال الشيخ رحمه اهلل ( متأسفا ً علي ذلك ‪ :‬قد ورد في الحديث )) من‬

‫كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليكرم ضيفه (( ومن إكرام الضيف أن يهي له ما‬
‫يشتهيه إذا أمكن ‪ ،‬ثم بعد ذلك قال بلهجة مؤملة ‪ :‬فكيف بأضياف اهلل وأضياف‬
‫رسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫)‪ (15‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن الجنة جزاء الحقوق أعني حقوقنا وراحتنا‬
‫نمحيها ونتركها في رضا اهلل ‪ ،‬وأن نتحمل املشقة ونؤدي حقوق غيرنا من‬
‫ضمنها حقوق اهلل ‪ ،‬فهذا جزائه الجنة )‪(1‬‬
‫وفي ذلك ورد الحديث ‪ )) :‬ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء (( ‪.‬‬
‫وفي ذلك ورد الحديث ‪ )) :‬ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء (( ‪.‬‬

‫وقد ذكر في الحديث قصتان إلمرأتان وهما معروفتان عند عامة الناس‪ :‬أحدهما‬
‫‪ :‬أن امرأة من البغايا تفقدت أحوال الكلب وكان يلهث التراب ‪ ،‬فرأته ورحمته‬
‫وسقته في خفها املاء فأدخلها اهلل الجنة بفعلها هذا )‪. (1‬‬
‫واألخرى التي لم تكن من البغايا حبست القطة فماتت بالجوع ‪ ،‬فأدخلها اهلل‬
‫النار بعدم إطعامه شيئا ً ما تسد به الجوع )‪. (2‬‬
‫) أقول ( ‪ :‬فاملرأة األولى أدت حق الكلب بل آثرت وكلفت نفسها في خلع خفها‬
‫حتى سقت الكلب املاء بتحملها املشقة دخلت الجنة ‪ ،‬واملرأة األخرى ما أدت حق‬
‫القط )‪ (3‬بل اعتدت عليها في عدم إطعامها حتى بلغت ما بلغت ‪ ،‬أعاذنا اهلل من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫)‪ (16‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن العمل الذي كان يعمله الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في مكة املعظمة ) قبل الهجرة ( أي كان يتجول على الناس ويدعوهم إلى‬
‫الحق وكان يذهب إليهم لهذا الغرض لم يكن هذا عمله بعد ما وصل إلى املدينة‬
‫املنورة بل جعل له بها مقرا ً فاستقر فيه ‪ ،‬ولكن فعل هذا بعدما هيأ جماعة‬
‫خاصة التي تحملت مسؤولية الدعوة املكية التي تؤدي مسئوليتها بأحسن وجه‬
‫ثم اقتضى هذا العمل بأن يكون له مركزا ً ليسرى منه هذا العمل منظما ً ويقود‬
‫العمل رفقاءه ‪ ،‬وعلى هذه األسوة إنما إقامة سيدنا عمر رضي اهلل عنه في‬
‫املدينة املنورة هي األصح لوجود آالف من عباد اهلل الذين يجاهدون إلعالء كلمة‬
‫اهلل في بالد إيران والروم ‪.‬‬
‫وكان من مقتضى الضرورة بأن يستقر سيدنا عمر رضي اهلل عنه باملركز ليدبر‬
‫أمور نظام دعوة الحق والجهاد في سبيل اهلل باستحكام ‪.‬‬
‫)‪ (17‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ع ّلم سيدنا أبا‬
‫بكر الصديق رضي اهلل عنه بأن يدعو اهلل في آخر صالته بهذه الكلمات ‪ :‬اللهم‬
‫إني ظلمت نفسي ظلما ً كثيرا ً وال يغفر الذنوب إال أنت فاغفر لي مغفرة من عندك‬
‫وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ‪ .‬الحظوا بأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم لقن‬
‫هذا الدعاء من هو أكمل وأفضل هذه األمة وبالذات أن صالته رضي اهلل عنه‬
‫لدى الرسول صلى اهلل عليه وسلم كانت كاملة بحيث أنه صلى اهلل عليه وسلم قد‬
‫أمره بأن يؤم الناس مع هذا كله علمه بأن يعترف في آخر صالته هكذا ‪ ،‬بأنك لم‬
‫تؤد حق عبادتك أمام اهلل جل وعال ‪ ،‬وهكذا اطلب املغفرة والرحمة بفضله وكرمه‬
‫ثم قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬فأين أنا وأين أنت ؟‬
‫)‪ (18‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن إقامة اإلنسان على األرض قليلة جدا ً ) يعني‬
‫أكثر مدة اإلقامة مدى الحياة الطبيعية ( أما تحت األرض فإقامته هناك أكثر‬
‫بكثير أو أفهم هكذا إن اإلقامة في الدنيا فإنما هي مختصرة فلبثنا ) إقامتنا (‬
‫في املناطق التي بعدها مثالً من املوت إلى النفخة األولى في القبر ‪ ،‬وبعده إلى‬
‫النفخة الثانية في الحالة التي ال يعلمها إال اهلل ‪ ،‬وهذه املدة أيضا ً تكون آالف‬
‫السنني وهكذا آالف السنني في املحشر وبعده اآلخرة في املقام الذي يحكم له )‬
‫السنني وهكذا آالف السنني في املحشر وبعده اآلخرة في املقام الذي يحكم له )‬
‫أي الجنة والنار ( ‪.‬‬
‫املقصود بأن املكث في كل منزل ومقام بعد املرور من الدنيا أكثر من زمن الدنيا‬
‫بآالف األضعاف ‪ ،‬ثم كيف بغفل اإلنسان بأن العمل الذي يعمله ألجل القيام‬
‫لعدة أيام فإنه ال يعمل ما يعادل قدر ذلك أيضا ً ألجل املقامات األخرى ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إن اإلنسان يجتهد للدنيا معظم أوقاته مع أن الدنيا أقل زمنا ً من زمن‬
‫القبر ثم زمن النفخة ثم يوم القيامة الذي مقداره خمسني ألف سنة مما نعد ‪ ،‬ثم‬
‫بعد ذلك الحياة األبدية التي هي الجنة والنار ‪ ،‬أما الدنيا فهي أقل بقليل‬
‫واهتمامنا لها أكثر بكثير بالنسبة لألزمنة األخرى ‪ ،‬وقد قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ )) :‬الكيس من دان نفسه وعمل ملا بعد املوت (( اللهم اجعلنا منهم‬
‫آمني‪.‬‬
‫)‪ (19‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬الذكر الحقيقي هو أن يكون الشخص مراقب‬
‫ألحكام اهلل وأوامره أينما كان وفي أي حال كان وفي أي عمل كان فيمتثل بها‬
‫وعلى هذا الذكر أؤ ِّكد أصحابي أكثر ‪.‬‬
‫)‪ (20‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن التميُّز والتّف ُّوق الحاصل لإلنسان على ما سواه‬
‫خل خاص ل ِّلسان ‪ .‬فإلنسان إذا لم يتكلم إال الطيب وال يستعمله إال للخير‬ ‫فيه ٌ‬
‫فيحصل له هذا التميُّزَ والتَّف ُّوقَ في الخير ‪.‬‬
‫ً‬
‫وإذا جعل اللسان آلة للشر فمثالً ال يتكلم إال شرا ويؤذي به الناس بغير حق‬
‫فحينئذ بسبب هذا اللسان يمتاز ويتفوق في الشر إِلى حد أن أحيانا ً يجعله‬
‫أخس من الكلب والخنزير ‪.‬‬
‫وقد ورد في الحديث )) هل يكب الناس في النار على مناخرهم إال حصائد‬
‫ألسنتهم (()‪ .(1‬أقول ‪ ) :‬اللهم أجرنا من النار آمني(‪.‬‬
‫ألسنتهم (()‪ .(1‬أقول ‪ ) :‬اللهم أجرنا من النار آمني(‪.‬‬

‫)‪ (21‬في يوم من األيام بعد صالة الفجر وهو ير ِّغب الناس في خدمة الدين‬
‫ونصرته ‪ ،‬هكذا بدأ في بيانه فقال رحمه اهلل ‪ :‬انظروا الكل يعلم ويؤمن بأن اهلل‬
‫تعالى ليس بغائب بل هو شاهد وأنه شاهد في كل حني وكل لحظة ‪ ،‬مع كونه‬
‫حاضرا وناظرا ً عدم انشغال عبادة فيه واستمرار انشغالهم في غيره أغني‬
‫األعراض عنه والنشغال واالنهماك في ما سواه ‪ ،‬فتدبروا أليس هذا سوء حظ‬
‫وحرمان كبير ‪ ،‬وقدروا أن الشيء كم يكن يغيض اهلل تبارك وتعالى ؟‬

‫فالغفلة عن العمل في دين اهلل والنشغال في الدنيا بدون مراعاة أوامره وأحكامه‬
‫فهو إعراض عنه وهو انشغال وأتهماك في ما سواه ‪ ،‬وعكس هذا االنشغال في‬
‫اهلل هو أن يشغل نفسه في نصرة دينه وإفشال أحكامه ولكن مع مراعاة أن‬
‫الشيء إذا كان أهم وأكد فيتوجه إليه حسب أهميته ووجوبه فيعلم هذه من أسوة‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الحسنة ‪ ،‬فمن املعلوم أن أكثر ما اجتهد فبه‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأكثر ما نحمل اإليذاء فيه إعالء كلمة ال اله إال‬
‫اهلل ‪ .‬أعني إعداد الناس لعبودية اهلل وهدايتهم الى طريقة ‪ ،‬فهذا العمل يكون‬
‫هو األكثر أهميه ‪ ،‬ويكون االنشغال في هذا انشغاال في اهلل تعالى في املرتبة‬
‫العليا ‪.‬‬
‫)‪ (22‬وقال مرة في صحبه ‪ :‬إن الناس جعلوا درجة عبدية اهلل أدنى من درجة‬
‫خدمتهم لإلنسان ووظيفتهم له فإن حالة الخدم واملوظفني عامة أنهم يتحصلون‬
‫على املناصب العالية بالخدمة املتوالية ألوالت أوامرهم ‪ ،‬وما )‪ (1‬يحصل لهم‬
‫خالل هذا السعي فأنه يصرفونه في األكل والشرب ‪.‬‬
‫شغلوا أنفسهم بصفة متتالية‬ ‫وأما ما بقي من معاملة العباد مع اهلل هو انهم ُم ْ‬
‫في أعمالهم وتلبية ما يرغبونه وما يتلذذون به ‪ .‬وأحيانا ً يخرجون من مشاغلهم‬
‫الذاتية ومن رغباتهم بعض الوقت فيعملون هلل عمالً ‪ ،‬فمثالً ‪ :‬يؤدون الصالة‬
‫ويتبرعون ألمور الخير ‪ ،‬فيحسبون أنهم قد أدوا ما عليهم ما كان مطلوب منهم‬
‫في الدين مع أن العبودية هو أن يكون عمل الدين هو العمل لهما يكون ضمنيا ً‬
‫وتبعا وليس معنى هذا أن الناس جميعا يتركون معاشهم وتجارتهم ال بد‬
‫املقصود هو أن كل هذا يكون تعبدا ً هلل ولخدمة دينه ونصرته ويكون هذا في‬
‫البال بحيث يكون تعبدا هلل ولخدمة دينه ونصرته ويكون هذا في البال بحيث‬
‫يكون األكل والشرب وغير ذلك ضمنا ً كتصرف العبد اململوك في مال مالكه‪.‬‬
‫وفي يوم من األيام صلى بنا رجل صالة فدعا بعدها بكلمات وقد كان الشيخ‬
‫إلياس أكثر ما كان يدعوا بتلك الكلمات وهي ‪ " :‬اللهم أنصر من دين محمد‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وبعدها قال الداعي ‪:‬واخذل من خذل دين محمد صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪،‬اللهم ال تجعلنا منهم ‪ ،‬ثم خاطب الحاضرين فقال ‪ :‬يا إخواني‬
‫انظروا في هذا الدعاء فافهموا كم وزنه ‪ .‬هذا دعا لنا ودعا علينا وقد دعا بهذا‬
‫انظروا في هذا الدعاء فافهموا كم وزنه ‪ .‬هذا دعا لنا ودعا علينا وقد دعا بهذا‬
‫الدعاء نخبة من عباد اهلل في كل زمان ‪ ،‬وهذا الدعاء له وزن كبير ‪ ،‬وفيه طلب‬
‫الرحمة والنصرة في الحق من نصر الدين واجتهد في سبيله ‪ .‬وأما في حق من‬
‫لم ينصر الدين فهو دعاء عليه شديد بأن اهلل يحرمه من رحمته ونصرته ‪.‬‬
‫فعلى الجميع أن يطبق هذا الدعاء على نفسه وينظر فيه هل يصدق له هذا‬
‫الدعا أم عليه ؟ ويكون هذا في البال أن الصلوات التي نصليها ‪ ،‬والصيام التي‬
‫نصومها ‪ ،‬فإنما هي عبادات في املرتبات العليا ولكنها ليست بنصرة الدين ‪،‬‬
‫إنما النصرة ما قال عنه القرآن الكريم ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بأنها "‬
‫النصرة" وأصلها وطريقتها هي كما عممها الرسول صلى اهلل عليه وسلم سابقا ً‬
‫فتجديد نفس الطريقة وتعميمها في هذا الوقت والسعي في إجرائها هي‬
‫النصرة الكبرى ‪ ،‬نسأل اهلل أن يوفقنا لهذا جميعا ً آمني ‪.‬‬

‫على أهل الدعوة العاملني بهذا العمل أن يركزوا على قراءة هذه امللفوظات جيدا ً‬
‫أنها تخصهم وأن يفهموها جيدا ً‬
‫)‪ (24‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬أصل املقصود من حركتنا هذه هو أن نُع ِّلم‬
‫املسلمني جميع ما جاء به النبي ‪ . e‬يعني أن نجعل األمة تخضع على كامل‬
‫اإلسالم علميا ً وعمليا ً ‪ ,‬وهذا هو مقصودنا الحقيقي ‪ ,‬وأما الخروج في سبيل‬
‫اهلل وتنقل الجماعات وجوالت التبليغ فهذا كله كسبب مبدئ لذلك املقصود ‪ ,‬وأما‬
‫تلقيننا وتعليمنا للشهادتني والصالة والتعليم فمثاله كتع ّلم األلف والباء والتاء‬
‫بالنسبة ملنهجنا الكامل ‪ ,‬وهذا أيضا ً ظاهر بأن جماعتنا ال تستطيع أن تعمل‬
‫عملها الكامل فإنما الذي في استطاعتها هو أن تصل في كل مكان فبجهدها‬
‫واجتهادها تولد الحركة وااليقاض في الناس فتلفت الغافلني على تعرفهم ألهل‬
‫الدين املقيمني في ذلك املكان ويحاول أن يقوم علماء وصلحاء ذلك املكان‬
‫املهتمون في أمور الدين في إصالح العامة املساكني ‪ ,‬وأصل العمل في كل‬
‫مكان ال يستطيع أحد أن يقوم بعمله إال املقيمني ‪ ,‬واألكثر فائدة للعامة‬
‫باالستفادة من أهل الدين املقيمني في نفس املكان إنما تتعلم هذه الطريقة من‬
‫رجالنا العاملني في طريق اإلفادة واالستفادة و التعليم والتعلم منذ فترة و قد‬
‫تمكنوا منه على قدر كاف ‪.‬‬
‫)‪ (25‬قال الشيخ رحمه اهلل في صحبة ‪ :‬ال بد ألحبابنا أن يفهموا بإدراك جيدا ً‬
‫سبُّوا فال ييأسوا وال يم ّلوا من هذا ‪ ,‬بل‬ ‫أنهم إذا لم تقبل منهم الدعوة والتبليغ بل ُ‬
‫عليهم في هذه الحالة أن يتذكروا أحوال األنبياء عليهم السالم في الدعوة إلى‬
‫اهلل وخاصة حال سيد األنبياء سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم بأنها سنته‬
‫ووراثته ‪ ,‬وال تحصل هذه املذلة في سبيل اهلل إال لذو حظ ‪ ,‬وأما إذا است ُ ْق ِبلوا‬
‫وسمع كالمهم بشوق فليعلموا إنما هي‬ ‫ِ‬
‫بإعزاز وإكرام و ُق ِّدر عمل ال َّدعوة والتبليغ ُ‬
‫منّة من اهلل علينا فال يَ ْكفُ ُر ّن هذه النعمة ‪ .‬وإن خدمة وتعليم أولئك الراغبني‬
‫يعتبروه شكرهم هلل على إحسانه هذا ‪ ،‬وإن كانوا أولئك من الطبقة السفلى فإن‬
‫آيات ( عبس وتولى أن جاءه األعمى ) تعلمنا هذا الدرس ‪.‬‬
‫فإنما علينا في هذه الحالة أن نخشى من مكر النفس فال ندعها تظن أن هذا‬
‫القبول وهذا الطلب من كمالنا نحن ‪ ،‬فيخشى في هذه الحالة فتنة عجب النفس‬
‫أيضا ً فيجب الحذر من هذا خاصة ‪.‬‬
‫)‪ (26‬قال الشيخ رحمه اهلل في صحبه ‪ :‬أفهموا األحباب العاملني ‪ :‬أن‬
‫اإلبتالءات واملصائب في هذا الطريق فال تطلبوها قط ) بل عليكم أن تسألوا‬
‫العافية واملعافاة دائما ً ( )‪(1‬‬
‫ولكن اهلل سبحانه إذا ابتالهم في هذا السبيل باملصائب فحينئذ يعتبرونها رحمة‬
‫اهلل وسببا ً لتكفير السيئات ولرفع الدرجات ‪ ،‬فمثل هذه املصائب في سبيل اهلل‬
‫أغذية خاصة لألنبياء والصديقني واملقربني‪.‬‬
‫)‪ (27‬وقال في صحبه ‪ :‬فليكن بالنا باطنيا ً إلى اهلل تعالى عند التبليغ والدعوة‬

‫فال يكن إلى املخاطب ‪ ،‬وليكن في البال في ذلك الوقت أننا لم نخرج لعملنا‬
‫الخاص بل خرجنا بأمر من اهلل وفي مهمة اهلل ‪ ،‬وتوفيق املخاطب كذلك في قدرة‬
‫اهلل سبحانه ‪ ،‬فحينما يكون هذا في البال فال يغضبه إساءة املخاطب له وال‬
‫يهزل عزمه ‪.‬‬
‫)‪ (28‬وقال رحمه اهلل ‪ :‬ما هذا العرف الخاط ‪ ،‬أنه إذا سمع الناس كالمنا‬
‫فأجابوا ‪ ،‬فظننا أنه من فالحنا ومكسبنا ‪ ،‬وإن لم يجيبونا فنظن هذا من خيبتنا‬
‫‪ ،‬مع أن هذا الظن في هذا الطريق خطأ البتة ‪ ،‬ألن إجابة املخاطب أو عدم‬
‫إجابته فهذا كله فعل الغير ‪ ،‬فكيف نحكم على أنفسنا بالفوز أو عدمه بفعل‬
‫غيرنا ‪ ،‬فإنما حصول فوزنا في إتمام عملنا ‪ ،‬فأما إذا لم يجب اآلخر فهذا عدم‬
‫فالحه هو ‪ ،‬فكيف نكون من غير الفالحني بعدم فالح املخاطبني ‪ ،‬قد نسى‬
‫الناس فظنوا أن إجابة املخاطبني لهم الذي هو فعل اهلل عز وجل حقيقة هو‬
‫عملهم في مسئوليتهم ‪ ،‬والحقيقة أن مسئوليتنا هي أن نبذل جهدنا بالطريق‬
‫الحسن فقط ‪ ،‬فاالنخضاع ) والهداية ( حتى األنبياء لم يملكوها )‪. (1‬‬
‫إنما نعتبر من عدم اإلجابة بأنه من املمكن بأننا قصرنا في جهدنا ولم نؤدي‬
‫حقه فأرانا اهلل بسببه هذه النتيجة ‪ ،‬فبعد ذلك علينا أن نعزم في املزيد من‬
‫الجهد والدعاء وطلب املزيد من التوفيق كما ً وكيفا ً ‪.‬‬
‫)‪ (29‬قال رحمه اهلل تعالى ‪ :‬إن أحبابنا أينما ذهبوا فعليهم أن يحاولوا الحضور‬
‫في خدمة العلماء الصلحاء الحقانيني بذلك املكان ‪ ،‬ولكن هذا الحضور ال يقصد‬
‫به إال االستفادة منهم فال تدعوهم مباشرة لهذا العمل ‪ ،‬ألن مشاغلهم التي هم‬
‫مشغولون فيها يفهمونها جيدا ً متأكدون بتجربتهم من منافعها ‪ ،‬وأنتم ال‬
‫تستطيعون إقناعهم بكالمكم أن هذا العمل أكثر فائدة للدين وأكثر فائدة لهم‬
‫من مشاغلهم الدينية فتكون النتيجة أنهم ال يجيبونكم ‪ ،‬فحينما يقول ‪ :‬ال مرة‬
‫واحدة فتحويل تلك الال إلى نعم صعب جدا ً ‪ ،‬فربما يكون من نتائجها السيئة أن‬
‫ال يسمعونكم عامة الناس الذين يقدرونهم فمن املمكن أن يدخل فيكم الشك فلذا‬
‫ال تزوروهم إال لالستفادة منهم فقط ‪ ،‬ولكن يجتهد في العمل في بيئتهم مع‬
‫املراعاة واالهتمام منهم الخاص في التمشي باألصول ‪.‬‬
‫فبهذا نأمل أن تصل أخبار عملكم ونتائجه التي تكون سبب دعوتهم وبذل‬
‫فبهذا نأمل أن تصل أخبار عملكم ونتائجه التي تكون سبب دعوتهم وبذل‬
‫توجههم ‪ .‬فبعد ذلك إذا توجهوا إليكم وإلى عملكم من تلقاء أنفسهم فحينئذ‬
‫يعرض إليهم بأن يقوموا باإلشراف عليكم ويرعوكم ومع مراعاة األدب والتقدير‬
‫الديني لهم يعرض إليهم كالمكم ‪.‬‬
‫)‪ (30‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إذا لوحظ أن علماء وصلحاء ذلك املكان ليسوا من املؤيدين‬
‫لهذا العمل فال تجعلوا للوساوس مكانا ً في قلوبكم بل يظن أن هؤالء حتى اآلن‬
‫لم تفتح لهم حقيقة هذا العمل الكاملة وكذلك يظن فيهم لكون هؤالء خدما ً للدين ‪،‬‬
‫فالشيطان أشد عدوا ً لهم منا ‪ ) ،‬ألن السارق ال يأتي إال للثمني (‪.‬‬
‫وعالوة عن هذا فليفهم أن الدنيا حقيرة وذليلة فما دام الناشبني فيها لم يرجحوا‬
‫هذا العمل مقابل املشاغل الدنيوية ولم يعلموا هذا العمل يترك مشاغلهم‬
‫وانهماكهم فيه ‪ ،‬فما ظنك بأهل الدين فكيف يتركون أعلى مشاغلهم الدينية‬

‫بسهولة ‪ ،‬فقال أهل املعرفة ‪ :‬الحجابات النورانية تكون أضعاف األضعاف من‬
‫الحجابات الظلمانية شدةً ‪.‬‬
‫)‪ (31‬وقال الشيخ رحمه اهلل في صحبه ‪ :‬من أصل الدعوة والتبليغ أن الخطاب‬
‫العمومي فلتكن فيه شدة كاملة ‪ ،‬وفي الخطاب الخصوصي رفق ‪ ،‬بل يفضل‬
‫حتى اإلمكان أن يكون الخطاب عاما ً إلصالح الخاصة أيضا ً ‪.‬‬
‫فكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم إذا علم خطأ أحد شخصيا ً فكان أكثر‬
‫خطابه العتابية بقوله ‪ )) :‬ما بال أقوام (( كذا ‪.‬‬
‫)‪ (32‬وقال في صحبه ‪ :‬االنبساط بالحكايات الكالمية أصبحت عاداتنا ‪،‬‬
‫والكالم عن األعمال الصالحة ظننا انه يكفي عن العمل األصلي ‪ ،‬فاتركوا هذه‬
‫العادة وعليكم بالعمل العمل ثم أنشد باللغة الفارسية ‪ :‬أقول وترجمته ما يلي ‪:‬‬
‫عليكم بالعمل العمل واتركوا الحكـي‬
‫مطلوبنا في هذا الطريق العمل ال الحكي‬
‫)‪ (33‬قال رحمه اهلل ‪ :‬الوقت مثل القطار الساري فالساعات والدقائق والثواني‬
‫كاملقطورات ومشاغلنا مثل الركاب الجلوس فيها فمشاغلنا املادية الدنيوية‬
‫الذليلة استولت على مقطورات قطارنا فال يمكنون املشاغل األخروية الشريفة‬
‫بركوبها ‪ ،‬فعلينا أن نفرغ املكان ونولى عليها املشاغل الشريفة العليا التي‬
‫ترضى الرب وتبنى آخرتنا مكان املشاغل الذليلة بعزيمته ‪.‬‬
‫)‪ (34‬قال في صحبة ‪ :‬فما وفقنا اهلل من األعمال مهما بلغت درجتها في‬
‫الصالح فال تختم إال باالستغفار ‪ ،‬واملقصود هو أن يكون االستغفار جزء كل‬
‫أعمالنا ‪ ،‬وذلك بظن منا أن كل عمل أعمله ففيه تقصير بالتأكيد فلنستغفر اهلل‬
‫على تلك التقصير ‪.‬‬
‫فكان الرسول صلى اهلل عليه وسلم يستغفر اهلل بعد كل صالة ‪ ،‬فلذا عمل الدعوة‬
‫أيضا ً يجب أن يختم دائما ً باالستغفار ألن العبد مهما عمل هلل عمالً لن يستطيع‬
‫أن يؤدي حقه وأن االنشغال في أحد األعمال قد يكون سببا ً في عدم تأدي‬
‫أعمال أخرى متعددة ‪ ،‬فلتالفي مثل هذه التقصيرات يجب أن تختم األعمال‬
‫الصالحة أيضا ً باالستغفار ‪.‬‬
‫)‪ (35‬في يوم من األيام بعد صالة الفجر عندما كان الجمع غفيرا ً من أهل‬
‫الدعوة القائمني بهذا العمل في نظام الدين وقد ضعفت صحة الشيخ إلياس‬
‫حينئذ بدرجة أنه في حالة امتداده على فراشه لم يتمكن أن يقول كلمتني أو‬
‫أربعة بصوت ‪ ,‬فطلب أحد الخدم باهتمام فبواستطه بلغ الناس الحاضرين‬
‫جميعا ً فقال ‪ :‬إن سيركم هذا كله وجهدكم هذا كله سيكون هبا ًء منثورا ً إذا لم‬
‫تهتموا معه في علم الدين وذكر اهلل اهتماما ً بالغا ً ‪ ،‬فإن العلم والذكر مثل‬
‫الجناحان فبدونهما ال يمكن الطيران في الهواء بل الخطر شديد والخشية قوية‬
‫أن لو تغافلنا عن هذين الشيئني فحينئذ يكون هذا الجهد بابا ً جديدا ً للفتنة‬
‫والضاللة ‪ ،‬فإذا لم يكن العلم موجودا ً فيكون اإلسالم واإليمان عادة روتينية‬
‫وباالسم فقط ‪ ،‬فإن كان العلم موجودا ً بدون ذكر اهلل فإنه ظلمة محضة ‪ ،‬وكذلك‬

‫بدون العلم وإن كثر ذكر اهلل فال يخلو من الخطر ‪.‬‬
‫فاملقصود أن النور في العلم ال يأتي إال بالذكر ‪ ،‬وبدون علم الذين ال يتحصل‬
‫على بركات وثمرات الذكر الحقيقة ‪ ،‬بل أحيانا ً إن الشيطان يستعمل الصوفي‬
‫على بركات وثمرات الذكر الحقيقة ‪ ،‬بل أحيانا ً إن الشيطان يستعمل الصوفي‬
‫الجاهل ‪.‬‬
‫ً‬
‫فلذا ال تغفلن أيضا عن أهمية العلم والذكر في هذا الطريق ‪ ،‬فال بد من‬
‫االهتمام الخاص لهذا وإال ستكون هذه الدعوة والتبليغ شر فقط فتكونون في‬
‫خسران شديد ‪.‬‬
‫وقصد )‪ (1‬الشيخ إلياس رحمه اهلل من كالمه هذا هو أن ال تظنوا أن الجهد‬
‫والتعب والخروج واإليثار والتفدي في سبيل الدعوة والتبليغ هي األصل ‪ .‬بل‬
‫أصل الفريضة هي تعليم وتعلم الدين والتعود على ذكر اهلل والتعلق باهلل عز وجل‬
‫‪.‬‬
‫فبتعبير آخر أن قصده ليس أن تكونوا عساكر فقط بل طلبة علم الدين وعبيد اهلل‬
‫الذاكرين له أيضا ً ‪.‬‬

‫ملفوظات هذا القسط كلها رتبها الشيخ ظفر أحمد التهانوي‬


‫)‪ (36‬في املرة األخيرة عندما حضرت عند الشيخ في وسط شهر يوليو فقال فور‬
‫مشاهدته إياي بيت شعر بالفارسية ‪:‬‬
‫أقول وترجمته ‪ :‬قد بلغ روحي الحنجرة فأنتي ألبقى حيا‬
‫فلما لم أكن فتجي فماذا تستفيد حينئذ‬
‫فتأثرت من هذا الشعر جدا ً حتى تغرغرت عيني دمعا ً ‪ ،‬ثم قال هل تذكرت الوعد‬
‫؟ وقد وعدته أنني سأتفرغ لعدة أيام للتبليغ ‪ ،‬فأجبته بأنني أذكر ولكن هذه‬
‫األيام حر شديد في دلهي وفي عطلة رمضان سوف أتفرغ له بعد رمضان قال ‪:‬‬
‫إنك تحكي عن رمضان أما عندنا حتى الشعبان )‪ (1‬غير متوقع ‪ ،‬فقلت له ‪:‬‬
‫حسنا ً إنني نويت اإلقامة اآلن فال تأخذ بخاطرك شيئا ً أنا اآلن متفرغ للتبليغ ‪،‬‬
‫فبعد ما سمع قولي هذا بدء وجهه يتألأل سرورا ً وفرحا ً ووضع يديه على رقبتي‬
‫وقبَل جبيني ‪.‬‬
‫حملني على صدره مدة ودعا لي كثيرا ً ثم قال ‪ :‬إنك أنت أقبلت عليّ فكثير من‬
‫العلماء يريدون من بعيد أن يفهموا مقصودي ‪ .‬ثم ذكر أحد من العلماء الكبار‬
‫بأنه في هذه األيام يخرج كثيرا ً مع الجماعات ولكن إذا سألتني عنه فإنه لم يبلغ‬
‫طموحاتي إلى اآلن ألنه لم يتكلم معي مشافهة إلى يومنا هذا ولكنه دائما ً‬
‫يكلمني بالوسائط فحينئذ كيف أفهمه طموحاتي بالوسائط وبالذات عندما يكون‬
‫حال الوسائط كذلك ناقصون ‪ ،‬فلذلك أتمنى أن تقيم عندي عدة أيام إنك ستفهم‬
‫مرادي ‪ ،‬فأما من بعيد فال تستطيع أن تفهم ما أقول ‪ ،‬وأنني أعلم أنك تشترك‬
‫في التبليغ وتلقي املحاضرات في االجتماعات وأن محاضراتك تفيد السامعني‬

‫إن شاء اهلل لكن ليس هذا التبليغ الذي أريده منك ‪.‬‬
‫)‪ (37‬قال الشيخ رحمه اهلل في صحبة ‪ :‬وقد ورد في الحديث ))الدنيا سجن‬
‫املؤمن وجنة الكافر (( فمعنى هذا إننا لن نبعث إلى الدنيا ألن نعني أنفسنا‬
‫املؤمن وجنة الكافر (( فمعنى هذا إننا لن نبعث إلى الدنيا ألن نعني أنفسنا‬
‫ونسير على هوى أنفسنا التي به تكون الدنيا جنة ‪ ،‬بل بعثنا ملخالفة النفس )‪(1‬‬
‫وإطاعة أوامر اهلل التي تكون الدنيا للمؤمن كالسجن ‪ ،‬فإذا نحن أيضا ً قمنا في‬
‫حماية أنفسنا تقليدا ً للكفار فجعلنا الدنيا جنة فنكون نحن حينئذ غاصبني لجنة‬
‫الكفار ‪ ،‬ففي هذه الحالة لم تكن نصرة الحق مع الغاضب بل مع املغضوب منه ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬انظر في هذا القول بنظر عميق جيدا ً ‪.‬‬
‫)‪ (38‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن الناس عندما يرون بركات عملي التبليغ يظنون‬
‫بأن العمل جاري وماشي ‪ .‬والواقع أن العمل شيء والبركات شيء آخر ‪ ،‬انظروا‬
‫أن مع والدة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بدأت تظهر البركات ولكن العمل بدأ‬
‫في ما بعد ‪ ,‬فكذلك عملنا هذا فافهموا ما أقول فيه وهو الحق ‪ :‬أنه لم يبدأ العمل‬
‫العالي ‪ ,‬فعندما يبدأ العمل كما هو حقه فتعود أحوال الناس كما كانت قبل‬
‫سبعمائة سنة ‪ ,‬وإذا ما بدأ العمل بل استمر على مصيره الذي هو عليه إلى‬
‫اآلن فاعتبره الناس حركة من الحركات وزاغ العاملون في سبيل هذا العمل ‪,‬‬
‫فالفنت التي نتوقع إتيانها بعد مآت السنني ‪ ,‬فإنها ستأتي في شهور فلذا ال بد‬
‫أن يفهم هذا ‪.‬‬
‫)‪ (39‬في يوم الجمعة مرة بَيَّنْتُ في اسمبلي )أي مسجد البرملان ( بدهلي قبل‬
‫صالة الجمعة والشيخ محمد إِلياس رحمه اهلل هو الذي أشار إلى أن أبني هناك‬
‫‪ ,‬ولم أعد بعد الصالة في نفس اليوم إلى نظام الدين ومكثت عند بعض األقارب‬
‫فبت عندهم ‪ ,‬فلما رجعت اليوم الثاني إِلي نظام الدين فاعتذرت بأنه على‬
‫إِصرار بعض أقربائي بت بدهلي ‪,‬‬
‫قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬ال حاجة لهذه املعذرة ألن العاملني في هذا العمل قد‬
‫بم ِه ّم ‪ ,‬نعم أخبرني عن الوعظ هل بينت‬ ‫تعرض لهم مثل هذه األعذار هذا ليس ُ‬
‫في مسجد البرملان ؟ ‪ ,‬فقلت ‪ :‬نعم ‪ .‬ففرح بذلك كثيرا ً ثم قال ‪ :‬اسمع أن هؤالء ال‬
‫يدعوننا لطلبهم من ِقبل أنفسهم فهم ال يفرغون من الدنيا فعلينا نحن أن نذهب‬
‫إليهم بأنفسنا للتبليغ بدون طلبهم ‪.‬‬
‫ثم سألني ماذا بينت أمام أولئك؟ فقلت ‪ :‬أنني أثبت باآلتية ‪ ) :‬إن في خلق‬
‫السماوات و األرض واختالف الليل والنهار آليات ألولي األلباب الذين يذكرون‬
‫اهلل قياما ً وقعودا ً وعلى جنوبهم ( اآلية ‪ .‬بأن العقالء هم الذين ينظرون في نظام‬
‫هذا الكون ويتعرفون على خالقه ويذكرونه في جميع أحيانهم ‪ ,‬وليس بالعقالء‬
‫الذين منتهى نظرهم السير بني القمر واألرض ولم تتجاوز عقولهم خالقها ‪ ,‬بينت‬
‫ضرورة ذكر اهلل وأوضحت حقيقته ثم شددت في أهمية الدعوة والتبليغ ‪.‬‬
‫فقال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن هذا املوضوع عالي جدا ً ولم يكن مناسبا ً ألولئك‬
‫الجمع ‪ ,‬وأن أهل هذا املوضوع مجتمعون هنا ) أي في نظام الدين املركز (‬
‫فليبني مثل هذا املوضوع هنا في وقت آخر ‪ ،‬فكان املناسب لذلك الجمع اآلية ‪(:‬‬
‫والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اهلل لهم البشرى فبشر عبادي‬

‫الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم اهلل وأولئك هم أولي‬
‫األلباب ) فقال ‪ :‬إن هذا دال على الطبقة السفلى الذي دل عليه لفظة ( هداهم‬
‫اهلل ) ‪ ،‬فقلت ‪ :‬صدقت ‪ ،‬فإنشاء اهلل سوف أبني هذا هناك في وقت آخر ‪.‬‬
‫اهلل ) ‪ ،‬فقلت ‪ :‬صدقت ‪ ،‬فإنشاء اهلل سوف أبني هذا هناك في وقت آخر ‪.‬‬
‫)‪ (40‬قال الشيخ رحمه اهلل في مجلس ‪ :‬مقصودنا األصلي من تبليغنا هذا هو‬
‫صرف الناس من الطاغوت وأن يعودوا إلى اهلل عز وجل وال يمكن هذا إال‬ ‫أن يُ َ‬
‫بالتضحية ‪ ،‬ومن الدين تضحية األنفس وتضحية األموال ومن تضحية النفس‬
‫في التبليغ هو أن يترك وطنه إلعالء كلمة اهلل ولنشر دين اهلل ‪ ،‬ومن تضحية املال‬
‫هو أن يتحمل نفقات السفر بنفسه ‪ ،‬وأما الذي ال يستطيع الخروج بنفسه لعذر‬
‫في زمن فعليه أن يحرض اآلخرين للخروج في التبليغ في هذا الزمن خاصة‬
‫ويجتهد في إخراجهم ‪ .‬فبهذا يكون عامالً بالحديث ‪ :‬الدال على الخير كفاعله ‪،‬‬
‫ومن يخرجهم سيتحصل له األجر على قدر أجور جهدهم هو أيضا ً مثلهم ‪ ،‬وإن‬
‫نصرهم في خروجهم باملال فكذلك يحصل لهم ثواب التضحية املالية أيضا ً ثم‬
‫عليه أن يظن في الذين خرجوا بأنهم محسنون عليه ‪ .‬ألن أصل العمل كان عليه‬
‫هو أن يعمله ولكن لم يستطع عليه لعذر فهؤالء يؤدون واجبه عنه ‪ ،‬فإنما الدين‬
‫هو أن يظن القاعدون واملعذرون بأن املجاهدين هم محسنون عليهم ‪.‬‬
‫)‪ (41‬قال لي الشيخ مرة ‪ :‬يا شيخ ‪ :‬إن في تبليغنا هذا أهمية عظيمة للعلم‬
‫والذكر ‪ .‬فبدون العلم ال يتمكن تأدية العمل ‪ ،‬وال تحصل معرفة العمل ‪ ،‬والعمل‬
‫بدون الذكر ظلمة محصنة فال يمكن أن يكون فيه نور بدونه ‪ ،‬ولكن رجالنا‬
‫القائمني بالعمل فيهم نقص نحوه ‪.‬‬
‫فمثله كما قال‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فقلت له ‪ :‬إن التبليغ هو من أهم الواجبات فبسببه إذا ورد النقص َ‬
‫الشيخ السيد البريلوي رحمه اهلل عندما أعد للجهاد وأشغل خدامه في تدريب‬
‫الرمي وركوب الخيل بدالً عن النوافل والذكر ‪ ،‬فاشتكى بعضهم بأنه لم تكن‬
‫األنوار كما كانت قبل ذلك ‪ ،‬فقال الشيخ السيد ‪ :‬نعم فكانت سابقا ً أنوار الذكر ‪،‬‬
‫أما أنوار الجهاد فهي موجودة ‪ ،‬فنحن اآلن في حاجة لهذه ‪ ،‬فأجاب الشيخ‬
‫قائالً ‪ :‬أما أنا قلق جدا ً من قلة العلم والذكر ‪ ،‬وسبب هذا النقص هو أنه لم‬
‫يشترك حتى اآلن أهل العلم وأهل الذكر في هذا العمل ‪.‬‬
‫فإذا أتوا هؤالء الكرام ويأخذوا مسؤولية هذا العمل في أيديهم فحينئذ يكمل هذا‬
‫النقص ‪ ،‬ولكن العلماء وأهل الذكر لم يشتركوا في هذا العمل إلى اآلن وإال قليالً‬
‫النقص ‪ ،‬ولكن العلماء وأهل الذكر لم يشتركوا في هذا العمل إلى اآلن وإال قليالً‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (42‬كان في أحد رسائل الشيخ أبي الحسن الندوي هذه الجملة ‪ :‬إنما‬
‫املسلمني قسمني ال ثالث لهما ‪ :‬إما الذين يخرجون في سبيل أو الذين ينصرون‬
‫الذين يخرجون في سبيل اهلل ‪.‬‬
‫فقال الشيخ ) محمد إلياس ( ‪ :‬ما أحسن ما فهمه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ومن ضمن النصرة‬
‫أيضا ً أن يحرضهم علي الخروج ويعلمهم بأن خروجك ال يحرج على العالم‬
‫الفالني في تدريسه للصحيح البخاري وال في تدريسه القرآن الكريم بل أنت‬
‫يحصل لك أجر تدريسه أيضا ً ‪ .‬فليبني للناس مثل هذه النيات ويخبروا طرق‬
‫تحصيل األجر والثواب ‪.‬‬
‫)‪ (43‬قال الشيخ مرة ‪ :‬أيها الشيخ ! إن حاصل تبليغنا أن على عامة الناس‬
‫املبتدئني أن يأخذوا الدين مما هم فوقهم ويعطوه مما هم أسفل منهم ‪ ،‬ويعتبرون‬
‫أن األسلفون محسنني عليهم ‪ ،‬ألنه مهما ب ّلغنا كلمة اإلخالص ونشرناها فنجد‬
‫كلمتنا تتكمل وتتنور كذلك ‪ ،‬وقدرما نجعل الناس يواظبون على الصلوات فتتكمل‬
‫صالتنا مثله كذلك فمن أكبر سر التبليغ أن يقصد املبلغ تكميل نفسه فال يظن‬
‫نفسه هاديا ً لآلخرين ألنه ال هادي إال اهلل ‪.‬‬
‫)‪ (44‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬جاء في الحديث )) من ال يرحم ال يرحم ‪ ،‬وارحموا‬
‫من في األرض يرحمكم من في السماء (( ‪ .‬ولكن مع األسف أن الناس قد‬
‫خصوا هذا الحديث بالرحمة على الجوعة وأهل الفاقة فلذا صار الناس إذا رأوا‬
‫الجائع والعطشان والعاري فيرحموه ولكن املحروم من الدين ال يرحموه ‪ ،‬فكأن‬
‫خسارة الدنيا يعتبرونها خسارة ولكن خسارة الدين أساس هذه الدعوة والتبليغ‬
‫على هذه الرحمة فلذا علينا أن نعمل هذا العمل بالشفقة والرحمة إذا كان املبلغ‬
‫والداعي قائما ً بالتبليغ والدعوة مهموما ً بإساءة أحوال إخوانه الدينية فمن‬
‫املتيقن أنه يؤدي واجبه نحوه بالرحمة والشفقة لهم ‪ ،‬ولكن إذا لم يكن هذا‬
‫إحساسه بل شيء آخر فحينئذ يبتلى بالكبر والعجب فال يتأمل منه املنفعة ‪،‬‬
‫وكذلك الرجل الذي يقوم بالدعوة والتبليغ مؤديا ً عمله مراعيا ً لهذا الحديث فيكون‬
‫فيه اإلخالص أيضا ً وإن نظره علي عيوبهم ويكون نظره على محاسنهم‬
‫اإلسالمية أيضا ً فحينئذ يكون هذا الشخص ال يحمي منافعه بل يكون شاكيا ً‬
‫على تقصيره ‪ ،‬إنما سر هذه الدعوة بأن يتخلى من حماية نفسه وال يزال يشكوا‬
‫نفسه على التقصير وال ينسى هذا الدرس أبدا ً ‪.‬‬
‫أقول ) معنى قول الشيخ ( بأنه ال يظن انه أدى واجبه نحو الدعوة ويطمئن‬
‫بأنني قد أديت واجبي بل دائما ً يلوم نفسه ويشكى نفسه بأنه ال زال مقصرا ً في‬
‫أداء واجبه مهما بلغ جهده ‪ ،‬ويلزم هذا الشيء كالدرس بأنه ال زال مقصرا ً‬
‫بحيث تصبح هذه الصفة في نفسه كصفة دائمة ‪ ،‬وهذا من سر هذه الدعوة‬
‫بحيث تصبح هذه الصفة في نفسه كصفة دائمة ‪ ،‬وهذا من سر هذه الدعوة‬
‫والتبليغ ‪.‬‬
‫)‪ (45‬قال مرة ‪ :‬يا شيخ ! من الالزم أن تتفقد األحكام اإللهية فال بد من التفقد‬
‫املستمر ‪ ،‬فمثالً ال بد أن يفكر قبل االنشغال في أي عمل ‪ ،‬فاالنشغال في‬
‫الشيء يلزم شيئني أحدهما التوجه في العمل الذي يراد االنشغال فيه ‪ ،‬وثانيهما‬
‫‪ :‬الغفلة عن األعمال األخرى في نفس الوقت ‪ ،‬فاآلن يفكر في األعمال التي‬
‫يغفل عنها في ذلك الوقت فهل منها عمل أهم من هذا العمل الذي يراد االنشغال‬
‫فيه ‪ ،‬فهذا الشيء ال يمكن بدون التفقد ‪.‬‬
‫)‪ (46‬قال الشيخ مرة ‪ :‬فلتكن املراقبة قبل أداء الصالة بقليل ‪ ،‬ألن الصالة التي‬
‫تؤدى بال انتظار تكون مخلخلة فينظر في الصالة قبل أدائها ‪.‬‬
‫] فائــدة )‪ : [(1‬فلذا سن لنا الشرع النوافل واإلقامة وغيره قبل أداء الفرائض‬
‫لتحصل املراقبة بصفة تامة ‪ ،‬ثم يؤدى الفرض ولكن نحن ال نفهم فوائد ومصالح‬
‫السنن والنوافل واإلقامة وغيرها وال نستفيد منها فلذا فرائضنا تؤدى ناقصة ‪.‬‬
‫اللهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصالة وتمام رضوانك آمني ‪.‬‬

‫)‪ (47‬قال الشيخ مرة ‪ :‬على الذين ينشغلون في الدعوة والتبليغ أن يجعلوا‬
‫قلوبهم واسعة وتتولد هذه السعة بالنظر إلى رحمة اهلل الواسعة فبعد ذلك يهتم‬
‫في التربية ‪.‬‬
‫)‪ (48‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬فإن سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم في‬
‫بداية اإلسالم كان يذهب إلى بيوت ومجالس الذين ال رغبة لهم وال طلب لهم في‬
‫الدين ‪ ،‬فيدعوهم إلى اإلسالم ‪ ،‬وما كان ينتظر الطلب منهم ففي بعض األماكن‬
‫أرسل الصحابة رضوان اهلل عليهم للدعوة والتبليغ ‪.‬‬
‫وحالنا في الضعف في هذا الوقت نفس حال الضعف الذي كان في ذاك الوقت‬
‫) أي في بداية اإلسالم ( ‪ ،‬فلذا يجب علينا أن نذهب نحن إلى من ال طلب لهم‬
‫في الدين ‪ ،‬فنصل إلى جموع امللحدين والفسقة إلعالء كلمة الحق ) ثم غلبته‬
‫نشوفية في حلقة فمنعته من التكلم ( ثم قال ‪ :‬يا الشيخ ‪ :‬قد تأخرت في مجيئك‬
‫عندي فال أستطيع اآلن أن أتكلم معك بالتفصيل ‪ ،‬فعليك التأمل فيما قلت ‪.‬‬
‫)‪ (49‬قال الشيخ رحمه اهلل مرة ‪ :‬كانت طريقتي في البداية في تعليم الذكر هي‬
‫املواظبة على تسبيحات فاطمة )‪ (1‬بعد كل صالة ‪ :‬وسبحان اهلل )‪ ، (1‬والحمد‬
‫هلل ‪ ،‬وال إله إال اهلل واهلل أكبر وال حول وال قوة إال باهلل ‪ ،‬ثم الصالة على )‪(2‬‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم مائة مرة واالستغفار )‪ (3‬مائة مرة صباحا ً ومسا ًء‬
‫وتالوة القرآن الكريم )‪ (4‬مع تصحيح القراءة وأكد على صالة التهجد )‪ (5‬في‬
‫النوافل والتردد على أهل الذكر ‪ ،‬فالعلم بدون الذكر ظلمة والذكر بدون العلم‬
‫النوافل والتردد على أهل الذكر ‪ ،‬فالعلم بدون الذكر ظلمة والذكر بدون العلم‬
‫باب الفنت ‪.‬‬

‫)‪ (50‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن درجة الزكاة أقل من درجة الهدية ‪ ،‬فلذلك حرمت‬
‫الصدقة عل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ولم تحرم الهدية ‪ ،‬وإن كانت الزكاة‬
‫واجبة والهدية مستحبة ‪ ،‬ولكن أحيانا ً درجة املستحب تكون أعظم من الواجب ‪،‬‬
‫كالبداية بالسالم سنة ‪ ،‬ورد السالم واجب ‪ ،‬ولكن البداية بالسالم أفضل منه ‪.‬‬
‫وكذلك الزكاة ولو أنها واجبة ولكن ثمرتها تطهير املال والهدية وإن كانت مستحبة‬
‫ولكن ثمرتها تطيب قلب املسلم ومن ناحية الثمرة هذه أفضل من الزكاة ألن‬
‫تطيب قلب املسلم أعظم درجة من تطهير املال ‪ ،‬وإن كان بالزكاة يطيب قلب‬
‫املسلم املحتاج ولكنه ليس مقصودا ً بل يجعل هذا تبعا ً ‪ ،‬واملقصود األصلي‬
‫بالهدية هو تطيب قلب املسلم ‪.‬‬
‫ثم قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬يلزم على من يؤدي الزكاة التفقد للمصاريف كما على‬
‫املصلي التفقد على املاء الطاهر واملصرف الصحيح للزكاة هو أن ال يتولد فيه‬
‫حرص املال بعد استالمه مبلغ الزكاة ‪ .‬وليس مقصود الشرع بفرضية الزكاة أن‬
‫يتولد في املسلم الفقير حرص املال وطمعه بأن ال يزال هؤالء في انتظار‬
‫الصدقات والزكاة ‪ ،‬كال ‪ ،‬فالذي يتوكل على اهلل ويصبر ‪ ،‬وعلى قدر صبره وتوكله‬
‫يلزم على أهل األموال إعانته على قدر صبره حيث قال تعالى ‪ ( :‬للفقراء الذين‬
‫احصروا في سبيل اهلل ال يستطيعون ضربا ً في األرض يحسبهم الجاهل أغنياء‬
‫من التعفف ) فاملصرف الصحيح للزكاة هم هؤالء الذين منشغلون في دين اهلل ‪،‬‬
‫ويتوكلون على اهلل بالصبر وال يسألون أحدا ً وال يطمعون في أموال الناس ‪.‬‬
‫ولكن نرى اليوم أن أهل األموال يؤدون زكاتهم للسائلني املهنية ) أي الشحادين‬
‫( )‪ (1‬ويحسبون أنهم قد أدوا زكاتهم مع أن هذه تضيع الزكاة حتى السابقة‬
‫معها ‪ ،‬فلهذا السبب ال تأتي البركة في األموال بعد إيتاء الزكاة مع أن وعد‬
‫البركة في املال املؤدى زكاته قطعي ال شك فيها ‪ ،‬وأما الذين ال يشاهدون البركة‬
‫في أموالهم بعد أداء الزكاة فليعلموا أن مصرف زكاتهم غير صحيح ‪ ،‬وهم ال‬
‫يبحثون عن املصاريف الصحيحة للزكاة ‪.‬‬
‫)‪ (51‬قال الشيخ رحمه اهلل مرة ‪ :‬على املسلمني أن يخدموا العلماء ألربعة نيات ‪:‬‬
‫)‪ (1‬من الناحية اإلسالمية بحيث زيارة مسلم ألخيه املسلم حسبة هلل‪ ،‬فإن‬
‫سبعني ألفا من املالئكة يشيعونه ويصلون عليه )‪ (2‬فإذا كان زيارة مسلم ملسلم‬
‫هذا فضلها ففضل العالم أكثر منه وأكد علي غيره‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن قلوبهم وأجسامهم حاملة للعلوم النبوية ومن هذه الناحية هؤالء العلماء‬
‫)‪ (2‬أن قلوبهم وأجسامهم حاملة للعلوم النبوية ومن هذه الناحية هؤالء العلماء‬
‫أليق بالتعظيم والتوقير والخدمة ‪.‬‬
‫)‪ (3‬أنهم مسئولون على أمور ديننا ‪.‬‬

‫)‪ (4‬لتفقد حاجاتهم ‪ ،‬ألن الناس إذا تفقدوا حاجاتهم الدنيوية التي يستطيع‬
‫أهل األموال علي قضائها ‪ ،‬فإذا قضوا حاجاتهم فيسلم العلماء من صرف‬
‫وقتهم لها فيمضي وقتهم هذا في خدمة الدين والعلم أيضا ً ‪ ،‬فأهل األموال‬
‫يكون لهم األجر مثل أجور العلماء أيضا ً‪.‬‬
‫)‪ (52‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن كثير من املسلمني هم غافلون عن الدعاء ‪،‬‬
‫والذين يدعون منهم فهم أيضا ً غافلون عن حقيقة الدعاء ‪ ،‬فليبني للناس حقيقة‬
‫الدعاء ‪ :‬ثم قال فحقيقة الدعاء أن يعرض حاجاته إلى صاحب مقام عظيم ‪،‬‬
‫فيتوجه إليه بقلبه حسب عظمة صاحب املقام العظيم ‪ ،‬ويتلفظ بالدعاء بألفاظ‬
‫التضرع ويدعو وهو متيقن بقلبه بأن دعائه مستجاب ‪ ،‬ألن املسئول جل جالله‬
‫جواد كريم بعباده ‪ ،‬وأن خزائن السموات السبع واألرض كلها بيد اهلل وقدرته‬
‫سبحانه ‪.‬‬
‫)‪ (53‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن الوفود الذين يسافرون إلي سهارنفور وديوبند‬
‫)‪ (1‬ترفق معهم رسائل من تجار )‪ (2‬بلدة دلهي بمنهج أن يرجو التكرم من‬
‫أصحاب الفضيلة العلماء ويعرضون إليهم بأن هؤالء الوفود سيحضرون للتبليغ‬
‫إلى العامة وأن أوقاتكم غالية جدا ً لو استطعتم أن ترعوهم في بعض من وقتكم‬
‫الذي ال يحرجكم أنتم وال يحرج الطلبة فالرجاء رعايتكم لهؤالء وأن تأخذوا الطلبة‬
‫معكم وتحت إشرافكم ‪.‬‬
‫وليس للطلبة أن يشتركوا في هذا العمل بدون إشراف األساتذة وتنصح وفود‬
‫التبليغ أنه إذا قصر العلماء في التوجه إليهم فليحذروا من أن ينشأ في قلوبهم‬
‫أي اعتراض على عالم بل عليهم أن يفهموا بأن العلماء مشغولون في أهم عمل‬
‫من عملهم هذا ‪ .‬وهم في الليل أيضا ً مشغولون في العلم عندما يرتاحون الناس‬
‫في نوم هادئ ‪ .‬ويحملوا عدم توجههم على تقصير من أنفسهم لقلة مراحهم‬
‫ومجئيهم إليهم فلذا هم متوجهون إلى الطلبة أكثر منا الذين هم نزلوا عندهم‬
‫مقيمني لعدة سنوات ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن إساءة الظن ملسلم تلقيه في الهالك ‪ ،‬فاالعتراض على عالم ٌ‬
‫أمر‬
‫ثم قال ‪ :‬إن إساءة الظن ملسلم تلقيه في الهالك ‪ ،‬فاالعتراض على عالم ٌ‬
‫أمر‬
‫أشد منه ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن إكرام املسلم واحترام العلماء من أساس الدعوة عندنا بأن يعز‬
‫املسلم لكونه مسلما ً ويحترم العالم أكثر منه لكونه عالم دين‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن عمل العلم والذكر لم يتمكنوا فيه مبلغينا حتى اآلن وأنا مهتم لهذا‬
‫جدا ً ‪ ،‬وطريقة هذا بأن ُيبعثوا هؤالء املبلغون إلى أهل العلم وأهل الذكر ويبلغون‬
‫كذلك تحت رعايتهم ويستفيدون من علمهم وصحبتهم ‪.‬‬
‫)‪ (54‬في يوم من األيام انشغلت في التكلم مع الضيوف القادمني للزيارة ولم‬
‫أجلس في خدمة الشيخ كالعادة ‪ ،‬ثم حضرت في خدمته بعد الظهر فقال ‪:‬‬
‫عليك أن تمكث معي أكثر ما يمكن ‪ ،‬فقلت ‪ :‬إن اليوم القادمون كانوا أكثر‬
‫وجعلت جمعهم حولي أتكلم معهم في التبليغ والدعوة لئال يتكاثر جمعهم عندك‬
‫وألخفف عنك تكلمك األكثر ‪ ،‬فقال الشيخ ‪ :‬إنما لكان حله بأنك لو كنت عندي‬
‫فأقول لك ما في نفسي فأنت تبلغ اآلخرين فبهذه الطريقة لخرجت شوكة قلبي ‪،‬‬
‫كن عندي وكن مستمعا ً لكالمي وتبلغه لآلخرين لكي ال أضطر أن أبني لهم أنا‬
‫مباشرة ‪ ،‬وبعض األحباب يصرون بأن ال أتكلم ولكن كيف ألزم السكوت لحني‬
‫ما تخرج شوكة قلبي ‪ ،‬ولن ألزمن السكوت حتى ولو أموت ‪.‬‬
‫)‪ (55‬قال مرة ‪ :‬إن الشيخ أشرف علي التهانوي )‪ (1‬رحمه اهلل قد عمل عمالً‬
‫عظيما ً ‪ ،‬إنني أو ّد أن يكون التعليم تعليمه ‪ ،‬وطريقة التبليغ طريقتي ‪ ،‬فبهذا‬
‫البرنامج يعم تعليمه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فال تبينوا في البيانات مصالح األحكام الشرعية‬
‫وعللها ‪ ،‬بل علموا العامة أن يركزوا في االهتمام لثالثة أمور ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يقصدوا في كل شيء رضا الحق جل وعال ‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن يؤمنوا باآلخرة بإتقان أي مهما عملوا فيكون العمل لرضاء الحق مع‬
‫احتسابهم بأنه ينفعنا في اآلخرة بأن نثيب به ويدرء عنا العذاب به يوم القيامة ‪.‬‬
‫)‪ (3‬فال يكن املقصود من ذلك العمل أي نفع ينتفع به قبل املوت ‪ ،‬فإنما هذا‬
‫النفع الدنيوي مثله كمثل )الوصاية)‪ ((1‬يتحصل بنفسه وليس بمقصود فإن‬
‫حصوله متيقن ويلزم اليقني عليه ولكنه ليس مقصود بالذات عند العمل ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫أما إذا اقتضت الحاجة في بيان األسرار واملصالح فهنالك ال حرج في بيانها‬
‫ولكن ليس في كل مكان تبني ذلك ‪.‬‬
‫)‪ (56‬قال الشيخ مرة ‪ :‬إنني أقدر أصحاب الشيخ التهانوي ) رحمه اهلل ( ألنهم‬
‫قريبوا العهد به فألجل ذلك تفهم أنت ما أقول بسرعة ألنك سمعت كالم الشيخ‬
‫التهانوي في عهد قريب ثم قال ‪ :‬فبسببك بارك اهلل لي في عملي هذا ‪ ,‬وأجد‬
‫سرورا في نفسي من أجلك ثم دعا لي كثيرا ‪ ,‬ثم قال ‪ :‬عليك أن تشكر ربك على‬
‫هذه النعمة متضرعا وباكيا ‪ ) ,‬اللهم ما أصبحت بي أو أمسيت بي من نعمة أو‬
‫بأحد من خلقك منك وحدك ال شريك لك ‪ ,‬فلك الحمد ولك الشكر ( )‪.(2‬‬
‫)‪ (57‬قال ‪ :‬فليجتهد في عمل الدعوة والتبليغ أن يقوم السادات به وأن يتقدموا‬
‫فيه وان مقتضى قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬تركت فيكم ثقلني كتاب اهلل وعترتي‬
‫أهل بيتي وهو هذا وقد سبق أن عملوا هؤالء املشايخ السادة في نشر هذا‬
‫أهل بيتي وهو هذا وقد سبق أن عملوا هؤالء املشايخ السادة في نشر هذا‬
‫الدين ‪ ,‬وكذلك أملي فيهم كبير في املستقبل ‪.‬‬
‫)‪ (58‬قال الشيخ يوما ‪ :‬إذا احب مسلم أحدا لوجه اهلل ‪ ,‬أو احبه املسلم هلل محبة‬
‫صادقة فإنما هذه املحبة وحسن الظن فيه زخرا في اآلخرة ‪ ,‬فأن املسلمني‬
‫يحبونني فأرجو من هذا إن شاء اهلل أن استر هناك ) في اآلخرة ( ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إنما التأكد من أنه مفلس )‪(1‬هو الفالح ألنه ال يفلح أحد بعمله ‪ ,‬إنما‬
‫الفالح بفضل اهلل فقط لقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " لن يدخل الجنة‬
‫أحد بعمله قالوا ‪:‬وال أنت يا رسول اهلل ؟ قال ‪ :‬وال أنا إال أن يتغمدني اهلل برحمته‬
‫" فبكى الشيخ بنفسه وأبكى اآلخرين ‪.‬‬

‫)‪ (59‬قال الشيخ مرة يا شيخ ! إن العلماء ال يقبلون إلى هذا العمل ‪ ,‬فماذا‬
‫أفعل آه يا اهلل ماذا أفعل ؟ قلت ‪ :‬سوف يأتون كلهم فأدع لهم ‪ ,‬قال ‪ :‬حتى‬
‫الدعاء ال أستطيعه ‪ ,‬إنما أدع لهم أنت ‪ ,‬ثم أنشد هاتني البيتني ‪:‬‬
‫أستغفر اهلل من قول بال عمل لقد نسبت به نسال لذي عقم‬
‫ظلمت سنة من أحي الظالم إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم‬
‫فتغرغرت عيناه دمعا )‪(1‬‬
‫)‪ (60‬قال رحمه اهلل ‪ :‬اإلسالم فيه درجة واسعة ‪ ,‬وهذه الوسعة هي ميالد‬
‫الشخص في بيت مسلم وفي دار اإلسالم وانه تابع لخير األبوين ‪ ,‬فهذا كاف‬
‫في أن يعد من املسلمني ‪ ,‬فبهذه الوسعة بعد إن دخل في اإلسالم فال يجعلونه‬
‫أن يخرج منه مهما أمكن ‪ .‬فإذا وجد في كالم أحد تسعة وتسعون وجهة نظر‬
‫كفرية وواحدة إسالمية فإنما يسمى مسلم ولكن هذا ليس باإلسالم الحقيقي بل‬
‫إسالم الفي )تقليدي ( فاملسلم الحقيقي الذي توجد في حقيقة ال اله إال اهلل ‪,‬‬
‫فحقيقته بأنه يعزم وينوي من أعماق قلبه عبادة اهلل بعد اعتقاد هذه الكلمة وأن‬
‫يشغف قلبه في كل حني بان رضي املعبود منه أم ال ؟‬
‫)‪ (61‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إنني في هم كبير في شيئني ال بد أن يهتم فيهما ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬الذكر ‪ ,‬وإنني أجد في جماعتي تقصير فيه ليؤكدوا على الذكر ‪.‬‬
‫ثانيهما ‪ :‬أن يعلم أهل األموال مصارف الزكاة ‪ ,‬فان اكثر زكاتهم قد تضيع وال‬
‫تصرف في املصاريف الصحيحة ‪ ,‬إنني أمليت أسماء أربعني شخصا الذين‬
‫ليسوا بحريصني على اخذ الزكاة وال يوجد فيهم الطمع الخذها فانهم مشتغلون‬
‫في عمل التبليغ وهم متوكلون على اهلل ‪.‬‬
‫فال بد من مساعدتهم فعلى أهل األموال أن يتفقدوا ملثل هؤالء وأي منهم كم‬
‫حاجته ؟ فأما الذين يؤدون زكاة أموالهم للسائلني واملهنيني واملتعودين على جمع‬
‫حاجته ؟ فأما الذين يؤدون زكاة أموالهم للسائلني واملهنيني واملتعودين على جمع‬
‫التبرعات قد ال تتأدى للمصرف الصحيح ‪.‬‬
‫)‪ (62‬قال ‪ :‬ليكن بالعلم تولد العمل وبالعمل تولد الذكر فحينئذ يكون العلم علما‬
‫والعمل عمال ‪ ,‬فإذا لم يتولد بالعلم العمل فإذا فهو ظلمة أكيدة ‪ ,‬وإذ لم يتولد ذكر‬
‫اهلل في القلب بالعمل فهو مخلخل ‪ ,‬والذكر بال علم كذلك فتنة ‪.‬‬
‫)‪ (63‬قال رحمه اهلل ‪ :‬فليبني للعامة فضائل الهدية والصدقة والقرض ‪ ,‬وذلك من‬
‫واقع قصص الصحابة رضوان اهلل عليهم أجمعني ‪ ,‬أن الصحابة رضي اهلل‬
‫عنهم كانوا يتصدقون من كسب أيديهم فليس األغنياء فقط الذين يتصدقون بل‬
‫املساكني أيضا كانوا يعملون ويتصدقون من كسبهم بعض الشيء النهم كانوا‬
‫يقدرون الصدقة ‪ ,‬فلما كان الصدقة هذا فضلها فالهداية افضل منها فهكذا‬
‫القرض لها فضائل ‪ ,‬مثال عندما تحني مدة أداء القرض فكان القارض معسرا‬
‫فحينئذ إذا امهله فعن كل يوم زاد عن املدة املعينة كان له اجر صدقتها ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬وعن بريدة رضي اهلل عنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪" :‬‬
‫من انظر معسرا فله كل يوم مثله صدقة ‪ ,‬قلت ‪ :‬يا رسول اهلل سمعتك تقول ‪ :‬من‬
‫انظر معسرا فله كل يوم مثله صدقة ‪ ,‬ثم سمعتك تقول ‪ ,‬من انظرا معسرا فله كل‬
‫يوم مثله صدقة ‪ ,‬قال له مثله قبل أن يحل الدين فإذا احل فانظره فله كل يوم‬
‫مثاله " رواه احمد ‪.‬‬
‫)‪ (64‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إنني أخشى على نفسي االستدراج ‪ ,‬فقلت ‪ :‬إن‬
‫هذا الخوف عني اإليمان ‪ ,‬قال اإلمام حسن البصري ‪ :‬املؤمن يخشى على نفسه‬
‫النفاق ‪ ,‬ولكن الخشية في زمن الشباب حسن ‪ ,‬وفي زمن الشيب حسن الظن‬
‫باهلل حسن ‪ ,‬فقال الشيخ ‪ :‬صدقت ‪.‬‬
‫سافر الشيخ قبل وفاته بعام في شهر رجب ‪1362‬هـ إلى بلدة لكنؤ و كانبور‬
‫وذلك خروجا بغرض الدعوة والتبليغ ‪ ,‬وكان هذا العاجز رفيقه في السفر ‪ ,‬فهذه‬
‫بعض أقاويل الشيخ في هذا القسط في ذلك السفر ‪:‬‬
‫)‪ (65‬قال الشيخ ‪ :‬يجب على الذين يشتركون في عملنا التبليغ أن يتيقنوا األجر‬
‫والثواب الذي وعدنا على عمل الدعوة والتبليغ في القران الكريم واألحاديث‬
‫النبوية الشريفة وكذلك الفضائل والبشائر الواردة فيهما أن يستمروا في العمل‬
‫مستيقنني يقينا كامال عليها وحريصني وآملني على حصولها ال يخفى عليهم أن‬
‫الذين لبوا إلى الدين بجهودهم الحقيرة ثم الذين سيلبون إلى الدين في هذا‬
‫السبيل إلى يوم القيامة واألعمال الصالحة التي سيعملونها فاجور أعمالهم‬
‫الحسنة التي يحصلون عليها سوف يكون لهؤالء أجورهم ومثل أجور الذين‬
‫عملوا من بعدهم فال ينقص من أجرهم شيئا حسب ما وعدنا )‪ (1‬اهلل به بشرط‬
‫أن تكون نياتنا خالصة وعملنا مقبول ‪.‬‬
‫)‪ (66‬قال رحمه اهلل ‪ :‬عندما أردتم أن تدعوا الناس إلى االنشغال في عمل‬

‫التبليغ فال بد أن تبينوا لهم إفادة االنشغال في هذا العمل وبينوا لهم أجرة‬
‫وثوابه األخروي بالتفصيل الوافي بحيث تكون الجنة كأنها أمامهم كما هي‬
‫طريقة القرآن فبهذه الطريقة يسهل عليهم تحمل ما يخشونه من الحرج‬
‫والخسارة الدنيوية البسيطة إن شاء اهلل ‪ ،‬ويتمكن لهم غض البصر عنه ‪.‬‬
‫)‪ (67‬قال ‪ :‬عند جوالت التبليغ وخاصة عند املخاطبة إننا نؤكد للجماعة بأن‬
‫ينشغلوا في الذكر وهذا لسبب خاص هو عندما تقوم بإفهام و إقناع املخاطب‬
‫حقيقة الشيء فعندما تكون أكثر القلوب في ذلك الوقت مصدقني وموقنني‬
‫ومقتنعني من تلك الحقيقة فيأثر ذلك على قلوب اآلخرين ‪ ,‬فإن اهلل سبحانه‬
‫وتعالى جعل في القلوب قوة ولكن الناس ال يعلمون ‪.‬‬
‫)‪ (68‬قال رحمه اهلل ‪ :‬أن ذكر اهلل حصن حصني من شر الشياطني ‪ ,‬فلذا كلما‬
‫كان اختالطا في بيئة أسوء فليكن اهتمامنا للحفاظ من اثرات شياطني الجن‬
‫واإلنس في ذكر اهلل اكثر فاكثر‪.‬‬
‫)‪ (69‬بدأ الشيخ خطابه الحد فصول طالب املدرسة الدينية بسؤال فقال ‪ :‬من‬
‫انتم ؟ )ثم أجاب بنفسه ( وقال ‪ :‬انتم ضيوف اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم ‪,‬‬
‫فالضيف إذا أذى املضيف ‪ ,‬فأذيته اشد من الذي يؤذيه غير املضيف ‪ ,‬انتم‬
‫مادمتم طالبا للعلم وما عملتم بما يرضى اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وسرتم في سبيل خاط فاعلموا إذا ستكونون من الضيوف الذين يؤذون اهلل‬
‫ورسوله صلى اهلل عليه وعلى اله وسلم ‪.‬‬
‫)‪ (70‬قال في خطابه لنفس الطلبة أقول لكم ‪ :‬أن الشيطان مكار وعيار فانه‬
‫يتفقد ويلحق الثمني ‪ .‬فإنكم قد خرجتم من بيوتكم لطلب العلم ‪ ,‬فأئيس من أن‬
‫تبقوا جهالء فعزم على أن تتعلموا ولكنه يحاول أن تنشغلوا في عمله ‪.‬‬
‫جر ثقيل مقابل هذه املحاولة التي غايتها نقل عباد اهلل من‬
‫فان حركتي هذه ِّ‬
‫سبيل الشيطان إلى سبيل اهلل وأشغالهم في طاعة اهلل ‪ .‬قولوا بما ذا تحكمون ‪.‬‬
‫)‪ (71‬قال في نفس الخطاب ‪ :‬والذين لهم حقوق الخدمة في ذمتكم والذين‬
‫إطاعتكم لهم واجبة )‪ (1‬فنسقوا ورتبوا لهم برنامج خدمتهم وراحتهم وبعد‬
‫اطمئنانهم أخرجوا لهذا العمل ‪ .‬واجعلوا معاملتكم بحيث إذا رأوا والة أموركم‬
‫الرقى في ذوق عملكم وصالحكم بانشغالكم في هذا العمل أن يكونوا مطمئنون‬
‫الرقى في ذوق عملكم وصالحكم بانشغالكم في هذا العمل أن يكونوا مطمئنون‬
‫منكم بل ويكونوا من الراغبني فيه ‪.‬‬
‫)‪ (72‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إنما اصل املطلوب واملقصود في أمور الدين هو رضا اإلله‬
‫واألجر األخروي فقط ‪ ,‬واما االنعامات والبركات املوعودة في الدنيا كالراحة‬
‫وعيشة العز أو كاالستخالف والتمكني في األرض فإنها ليست مطلوبة بل‬
‫موعودة ‪.‬‬
‫أعني األعمال التي نعملها تكن خالصة لرضا الرب وللفالح في اآلخرة فقط مع‬
‫هذا نؤمن بالعهود بل علينا أن ندعو لحصولها ولكن ال يكن مقصود عبادتنا‬
‫وطاعاتنا تلك ‪.‬‬
‫والفرق بني املوعود واملطلوب يمكن أن تفهموا جيدا باملثال اآلتي‪:‬‬
‫فإن املقصود واملطلوب من الزواج هو حصول الزوجة والتمتع بها ‪ ,‬أما ما يأتي‬

‫معها من الجهيز )‪ (1‬وغيره الذي هو يكون موعودا عرفا وال يوجد في الدنيا إال‬
‫األحمق الذي يقول أنني ال أتزوج إال لحصول الجهيز فقط ‪ ,‬ولو فرضنا انه يفعل‬
‫ذلك وعلمت زوجته بأنه ال يتزوجها إال ألجل تجهيز الذي كان قد يأتي معها‬
‫فقدروا ما تكون مكانته في قلبها ؟‬
‫)‪ (73‬قال رحمه اهلل ‪ :‬الشيء الذي يمتاز به اإلنسان عن الحيوان هو اللسان‬
‫والنطق ‪ ،‬من املفروض أن ال يكون هذا االمتياز إال في الخير ولكن في الشر‬
‫أيضا ً يمتاز ‪ ،‬يعني كما أن اإلنسان بنطقه باللسان الصحيح واستعماله في‬
‫اهلل وفي الدين يرتفع في الخير والسعادة من املالئكة ‪ ،‬فكذلك باستعمال ذلك‬
‫اللسان في غير الصواب يطيح عن مثل الكلب والخنزير من الحيوانات لقوله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ )) :‬وهل يكب الناس علي مناخرهم إال حصائد ألسنتهم ((‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫)‪ (74‬قبل عدة أيام حينما توفي حكيم األمة الشيخ أشرف علي التهانوي رحمه‬
‫اهلل فجاء رجل من محبي ومبايعي الشيخ املذكور لزيارة الشيخ محمد إلياس‬
‫فعلى ذلك قال ‪ :‬فإن املشايخ الذين قد توسعت حلقة محبيهم ومتعلقيهم مثل‬
‫الشيخ التهانوي ُقدس سره فيجب أن يفكر في تعزية عمومية لهم ‪ .‬وأتمنى أن‬
‫أعزي جميع متعلقي الشيخ التهانوي وتنشر بالذات هذه املقالة فيهم بأن أعلى‬
‫وأحكم طريقة االستفادة من بركات الشيخ وطريقة الجهد في الرقي إلى أعلى‬
‫الدرجات وزيادة السرور لروحه هو أن يعمل على تعليمات الشيخ الحقة‬
‫باالستقامة واالجتهاد في نشر تلك التعليمات ‪.‬‬
‫فقدر ما يعمل على تعليمات الشيخ فموجب )) من دعى إلى حسنة فله أجرها‬
‫وأجر من عملها (( قدرها تزيد حسناته وترقى درجاته باستمرار ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هذا‬
‫وأجر من عملها (( قدرها تزيد حسناته وترقى درجاته باستمرار ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هذا‬
‫من أحسن الطرق إليصال الثواب له ‪.‬‬
‫)‪ (75‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إن الشخص الذي يظن في نفسه أنه ليس أهالً للتبليغ فال‬
‫يجلس فارغا ً قط بل عليه أن ينشغل في العمل وأن ينشغل في تحريض اآلخرين‬
‫أكثر ‪ .‬ألنه قد يحصل الخير الكثير ملن هو أهل له من طرف الذي هو غير أهل له‬
‫‪ ،‬ثم ينمو ذلك الخير ويزيد ثم يصل أجره بصفة مستمرة إلى هذا الذي لم يكن‬
‫أهالً له ألنه كان هو السبب في إبالغه له وذلك لقوله صلى اهلل عليه وسلم )) من‬
‫دعى إلى حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ‪ ،‬ومن سن في اإلسالم سنة‬
‫حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها (( الحديث ‪.‬‬
‫فلذا من يكن غير أهل له فيلزمه أن يعمل في هذا املجال بحماس وشدة ‪ .‬وألنني‬
‫أنا أعتبر نفسي أنني لست بأهل له فلذا أنا منهمك فيه أمالً من اهلل بأنه ربما‬
‫بجهدي هذا يصل هذا العمل إلى من هو أهل له ثم أوجرها عند اهلل من األجر‬
‫األعلى الذي قرره اهلل لهذا العمل ‪.‬‬
‫)‪ (76‬قال ‪ :‬إن حديث أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنه )) من رأى منكم منكرا ً‬
‫فليغيره بيده ‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه ‪ (( ...‬معروف ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن درجة )) فبقلبه (( درجة أخيرة ولها طريقة أخرى أيضا ً وهي من‬
‫أصحاب القلوب يقومون باستعمال قوات قلوبهم يعني يقومون باستعمال‬
‫عزائمهم وتركيز توجههم ‪.‬‬
‫ثم قال في نفس املوضوع ‪ :‬إن اإلمام عبد الوهاب الشعراني كتب طريقة‬
‫استحصال درجة القطبية ‪ .‬وحاصلها أن املعرفات التي قد محيت وميتت من‬
‫أرض اهلل يتصورها ثم يحس باأللم في قلبه فبإلحاح كامل وتضرع يدعو اهلل‬
‫بعزم بأن يحيها اهلل ويستعمل قوة قلبه في إحيائها ‪.‬‬
‫وهكذا املنكرات املنتشرة في العالم يتصورها في ذهنه ثم يحس بسب انتشارها‬
‫األلم املوجع ثم يدعو اهلل تعالى بتضرع وابتهال بأن يمحيها اهلل سبحانه‬
‫ويستعمل عزمه وتوجهه في استيصالها ‪.‬‬
‫فقال اإلمام عبد الوهاب الشعراني ‪ :‬من كان عمله هذا باستمرار يكون قطب‬
‫فقال اإلمام عبد الوهاب الشعراني ‪ :‬من كان عمله هذا باستمرار يكون قطب‬
‫عصره إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫)‪ (77‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن أصل الذكر وأعاله هو مراعاة أحكام اهلل تعالى‬
‫في كل وقت حسب أحواله ‪ ،‬وفي قوله تعالى ‪ ( :‬ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن‬
‫ذكر اهلل ) إذا كان الرجل يراعي حدود اهلل ويمتثل أوامر اهلل في تجارته وفي‬
‫تعامله مع أوالده فهو من الذاكرين اهلل وإن كان مشغوالً في هذه املعامالت‪.‬‬
‫)‪ (78‬قال ‪ :‬إنما الجنة للمتواضعني ‪ .‬فباإلنسان إذا كان فيه شيء من الكبر ‪،‬‬
‫فأوالً يدخل جهنم ليحرق الكبر ‪ .‬فعندما لم يبقى فيه إال التواضع بعد إحراق‬
‫الكبر فيرسل إلى الجنة ‪ ،‬فعلى كل حال ال يدخل أحد الجنة وفيه كبر ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬وقد ورد في الحديث ‪ )) :‬ال يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من‬
‫كبر (( أعاذنا اهلل من الكبر بفضله ورحمته ‪.‬‬
‫)‪ (79‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إن مشايخنا منعوا غير السالكني قراءة كتب الصوفية ‪،‬‬
‫إنما السالكني الذين هم في تربية املشايخ املحققني فال حرج عليهم في‬
‫مطالعتها ‪.‬‬
‫)‪ (80‬عندما أراد الشيخ رحمه اهلل السفر إلى لكنؤ فدعا أحد العلماء املعروفني‬
‫ليأتي مع الجماعة إلى لكنؤ فآتى ذلك إلى لكنؤ ‪.‬‬
‫فقال له الشيخ في أحد األوقات ‪ :‬يا شيخ إنني لم أكلف عليك بأن تحضر وتلقي‬
‫املحاضرة علينا ‪ .‬ألن إلقاء املحاضرات والوعظ في عملنا هذا له درجة ثانية ‪،‬‬
‫إنما ال أكلف على الشخصيات مثلك على األسفار إال ألنكم بسبب مشاغلكم في‬
‫أماكنكم ال تجدون فرصة في أن تعمقوا النظر والفكر في عملي هذا ‪ ،‬ولكن‬
‫عندما تكونون في سفر وبعيدين عن مشاغلكم وبيئتكم فيتمكن لكم سماع‬
‫كالمي باطمئنان وأن تنظروا عمل الجماعة بأم أعينكم ويمكنكم التفكر فيه جيدا ً‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (81‬قال ‪ :‬رغبوا الناس في أن يخرجوا من بيوتهم لتعلم الدين وتعليمه بأموالهم‬
‫‪ ،‬وإن لم يستطيعوا )‪ (1‬أو لم يرضوا بهذا اإليثار)‪ (2‬فحاولوا حتى اإلمكان إن‬
‫تدبروا لهم ما يخرجون به من بيئتهم وإن كان هذا أيضا ً ال يمكن فإذا ً دبروا لهم‬
‫من مكان آخر ‪ .‬وعلى كل حال يكون هذا في البال أن ال يولد فيهم اإلشراف ‪.‬‬
‫واإلشراف هو أن ينظر في حاجاته إلى الناس بدالً من أن يكون نظره إلى اهلل‬
‫تعالى ‪ ،‬وهذا الشيء يخلخل عروق شجرة اإليمان ‪.‬‬
‫وكذلك الذين يخرجون افهموهم جيدا ً ‪ :‬إن املشاق )‪ (1‬في هذا السبيل كالجوع‬
‫والعطش وغيره ليظنوه رحمة من اهلل ‪ ،‬ألن املشاق في هذا السبيل غذاء األنبياء‬
‫والعطش وغيره ليظنوه رحمة من اهلل ‪ ،‬ألن املشاق في هذا السبيل غذاء األنبياء‬
‫والصديقني واملقربني ‪.‬‬
‫)‪(82‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬أيها األحباب ال زال اآلن وقت العمل سيصيب الدين‬
‫خطران شديدان عن زمن قريب ‪ :‬الخطر األول ‪ :‬سيجتهد الكفر في دعوته‬
‫الجهال العامة مثل ) حركة شدهي )‪( (2‬‬
‫والخطر الثاني ‪ :‬اإللحاد الذي ال زال يتقدم عن طريق الحكم الغربي والسياسة‬
‫الغربية ‪ ،‬وهذان الضاللتان سوف تأتيكم مثل السيل ‪ ،‬فما كنتم فاعلوه فافعلوا‬
‫قبل وصولهما إليكم ‪.‬‬
‫)‪ (83‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن طريقة التعليم والتربية العامة التي نحن نريد أن‬
‫نعمها هي الطريقة التي كانت سارية في عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم وبتلك‬
‫الطريقة كان تعلم الدين وتعليمه ‪ ،‬والطرق األخرى التي جرت بعدها مثل‬
‫التصنيف والتأليف وتعليم الكتب وغيرها ‪،‬إنها أحدثتها الضرورة ‪ ،‬وأما الناس‬
‫اآلن ظنوا أنها هي األصل ونسوا طريقة زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع‬
‫أنها هي الطريقة األصلية ‪ ،‬وأن التعليم والتربية بحيث تحصي وتشمل العامة ال‬
‫تتمكن إال بنفس تلك الطريقة ‪.‬‬
‫)‪ (84‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬متى ما تمكن لي السفر إلى امليوات ‪ ،‬كان من‬
‫رفقائي مجمع من أهل الخير وأهل الذكر ومع هذا باالختالط بني العامة تتغير‬
‫حالة القلب )‪ (1‬تغيرا ً بحيث إذا لم أغسله باالعتكاف أو بالسكن في مجمع‬
‫خاص بسهانفور )‪ (2‬أو برائيفور )‪ (3‬ال ترجع حالة القلب إلى حالته السابقة ‪.‬‬
‫وكان يقول أحيانا ً ألحبابه املنشغلني في عمل الدين ‪ :‬إن األثرات الطبيعية التي‬
‫ترد عليهم بالخروج وبالجوالت فعليهم أن يغسلوها بالذكر والفكر في الخلوة ‪.‬‬
‫)‪ (85‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬وعلى األحباب العاملني في التبليغ أن يزوروا ثالثة‬
‫طبقات باهتمام خاص ولثالثة مقاصد فقط ‪:‬‬
‫)‪ (1‬الحضور في خدمة العلماء والصلحاء لتعلم الدين وللحصول على أثرات‬
‫)‪ (1‬الحضور في خدمة العلماء والصلحاء لتعلم الدين وللحصول على أثرات‬
‫الدين الطبية ‪.‬‬
‫)‪ (2‬الذهاب إلى الناس الذين هم أدنى منهم درجة وينشر فيهم التعاليم الدينية‬
‫‪ ،‬ليكون هذا النشر سبب لتكميل الدين والرسوخ فيه‪.‬‬
‫)‪ (3‬الذهاب إلى فئات مختلفة ‪ :‬ليجذب منهم املحاسن الطبية املتنوعة‪.‬‬
‫)‪ (86‬قال يوما ً وهو يدعو ‪ :‬اللهم إن الشفقة والترحم على الكفار الذي من‬
‫املفروض أن يكون فينا من حيث أنهم عبيدك ‪ ،‬والحقوق التي تعود إلينا بهذا‬
‫كره إلى قلوبنا الكفر والفسوق كراهية تامة ‪.‬‬
‫السبب ‪ ،‬وبتوفيق أدائها ‪َ ،‬‬
‫ً‬
‫)‪ (87‬قال رحمه اهلل ‪ :‬ليُكفر كثيرا في أن يشتركوا العلماء والصلحاء في جهد‬
‫التبليغ والتربية وأن يرضوا ويطمئنوا له ‪ ،‬وأينما علم عنهم أنهم خالفوا ولم‬
‫يرتاحوا له فاعتبروهم أنهم معذورون أولوا عنهم تأويالً حسنا ً )‪ (1‬واستمروا في‬
‫الحضور في خدماتهم بنية االستفادة الدينية ولحصول البركات ‪.‬‬
‫)‪ (88‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن نفس اإلسالم أيضا ً له قدر وقيمة عند اهلل تعالى‬
‫وإن اختلط فيه فسق وفجور ألن املؤمن الفاسق والفاجر يغفر له ولو كان في‬
‫األخير ‪ ،‬فلذا علينا نحن أن نقدر الرجل الذي يوجد في أدنى نسبة لإلسالم ‪،‬‬
‫ونعتبره أخا ً لنا نعامله على هذا األساس ‪ ،‬وما يوجد فيه من فسق وفجور‬
‫وعصيان فنحن املسئولون عنه أيضا ً بأن غفلتنا هي السبب وهذه نتيجة عدم‬
‫جهدنا في الدين ‪.‬‬
‫‪ (89‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إن عملنا هذا هو من أساسيات الدين ‪ ،‬وحركتنا هذه حركة‬
‫حقيقة اإليمان ‪ ،‬وأما األعمال االجتماعية األخرى التي تُعمل هذه األيام‬
‫فيفترضون أن أساس اإليمان موجود فيقومون بالتعمير الظاهري وجل فكرهم‬
‫فجل همنا نحو األمة أن يدخل نور اإليمان‬ ‫في اللوازم الظاهرية ‪ .‬أما نحن ُ‬
‫الصحيح في القلوب أوالً )‪. (1‬‬
‫أقول ‪ :‬يؤيد قوله قول الصحابة ‪ :‬تعلمنا اإليمان ثم تعلمنا القرآن ‪ .‬واإليمان هو‬
‫أساس جميع األعمال واألحكام ‪.‬‬
‫)‪ (90‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن أصل املرض في األمة هذا الزمن عندنا هو‬
‫فقدان الطلب وعدم التقدير للدين في قلوبنا ‪ ،‬فإذا تولد فكر الدين وطلبه في‬
‫القلوب فنرى اإليمان واإليمانيات تحضر بعد نظرة ونظرة ‪ ،‬فأصل مقصدنا بهذه‬
‫الحركة حاليا ً هو أن نجتهد في تولد الطلب والتقدير للدين وليس تلقني وتصحيح‬
‫الحركة حاليا ً هو أن نجتهد في تولد الطلب والتقدير للدين وليس تلقني وتصحيح‬
‫الشهادتني والصالة وغيره فقط ‪.‬‬
‫ً‬
‫)‪ (91‬قال ‪ :‬إن في طريقتنا خروج الجماعات للدين بعيدا عن بيوتهم لها أهمية‬
‫خاصة ‪ ،‬وفائدته الخاصة هي أن الشخص يخرج من البيئة الدائمة الجامدة‬
‫إلى البيئة الجديدة الصالحة املتحركة وتكون له فيها أسباب كثيرة التي تنمو بها‬
‫مشاعره الدينية ‪ ،‬واملشقات التي تأتي بسبب التنقالت هنا وهناك ‪ ،‬فبهذه‬
‫األسباب تتوجه رحمة اهلل الخاصة لقوله تعالى ‪ ( :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫سبلنا ) ولهذا السبب مهما كان سفر الهجرة أطول فبقدره يكون مفيدا ً أكثر ‪.‬‬
‫)‪ (92‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬إن هذا السفر يحمل بداخله خصائص الغزوات ‪،‬‬
‫فلذا نرجو أن يكون األجر أيضا ً مثلها ‪ ،‬هذا وإن لم يكن قتاالً ولكنه جزء من‬
‫أجزائه من حيث بعض الوجوه ‪ ،‬وإن كان أقل درجة من القتال ولكن من حيث‬
‫البعض هو أعلى منه ‪ .‬مثالً أن القتال فيه طريقة شفاء الغيظ وإطفاء شعلة‬
‫ث في أقدام الناس تخدع‬ ‫الغضب ‪ ،‬أما هنا فليس إال كظم الغيظ هلل ولدينه ومك ٌ‬
‫الناس فهي مذلة فقط ‪.‬‬
‫)‪ (93‬قال رحمه اهلل ‪ :‬إن هذه الحركة في الواقع رياضة )‪ (1‬في درجتها العليا ‪.‬‬
‫لألسف أن الناس ال يفهمون حقيقتها ‪.‬‬
‫)‪ (94‬قال ‪ :‬إن الذين يريدون أن يأتوا عندنا في نظام الدين لتعلم عمل التبليغ ‪،‬‬
‫فعلموهم عدة هذه األمور جيدا ً قبل قدومهم ‪:‬‬
‫) أ ( أن يأتوا عندنا ألطول وقت ممكن ‪.‬‬
‫) ب ( فال يكتفوا بقدوم مرة واحدة فقط بل يستمروا في القدوم‪.‬‬
‫) ج ( ال يأتي أحدهم بإرادة اإلقامة فقط ‪ ،‬بل حسب القرار يكون مستعدا ً‬
‫للخروج وأحيانا ً تكون اإلقامة في نظام الدين أيضا ً‪.‬‬
‫) د ( وكذلك أفهموهم بأنه عندما يريدون رفقاؤه العودة وبمشاهدته إياهم تقوم‬
‫نفسه ترغبه علي العودة فعندما يخالف نفسه ‪ .‬وااللتزام بالعزم وقوة اإلرادة في‬
‫ذلك الوقت فأجره ما ال يحصى ‪ ،‬ومثال هؤالء الذين عزموا بعدم العودة كمثل‬
‫املجاهدين في سبيل اهلل الذين ثبتوا في ميدان الجهاد عندما و ّلوا الذين عن‬
‫يمينهم وعن شمائلهم مدبرين ‪.‬‬
‫)هـ( فكذلك أخبروهم بأن في هذا الطريق قد تأتي املكارة ) مشقات ومصائب‬
‫وأمور خالف طبيعة ( ‪ ،‬وأجرها في اآلخرة عل قدر املشقة ‪.‬‬
‫وأمور خالف طبيعة ( ‪ ،‬وأجرها في اآلخرة عل قدر املشقة ‪.‬‬

‫)‪ (96‬قال الشيخ رحمه اهلل ‪ :‬فلنفكر بعد حني وحني باطمئنان أن في أي األماكن‬
‫يوجدون الذين يقدروننا وفي أي األماكن تكون نتيجة جهدنا مثمرة ؟ ثم يفكر‬
‫بأن كيف تكون طريقة دعوتنا مناسبة لذلك املكان ‪ ،‬وكيف يكون املصير ‪ ،‬وكيف‬
‫يكون ترتيب عملنا ‪ ,‬ثم يشرع في ذلك متوكلني على اهلل حسب التخطيط )‪(1‬‬
‫)‪ (97‬قال ‪ :‬إذا ظننا عن أحد انه ال يمكن أن نوجه إلى الدين إال بعد إقامة‬
‫العالقات معه والتقرب منه بخدمته ‪ ,‬فمثل هذا يخدم أوال ‪ ,‬فإنما ينوي بالخدمة‬
‫انه سيخرجه في سبيل اهلل فمع هذا األمل يستعني اهلل بالدعاء له أيضا ‪.‬‬
‫)‪ (98‬قال ‪ :‬إن بعض الناس لعدم علمهم عن أعماق دعوة اإليمان هذه لم يرغبوا‬
‫فيها ‪ ,‬فلذا هم قائمون بنشر بعض األحكام واملسائل الدينية التي مقصرون‬
‫فيها املسلمون فيرونها أهم من ذلك ‪ ,‬فمثال الشخص الفالني واتباعه يرون أن‬
‫نشر أحكام الشرعية الفالنية واصالح العادات الرزيلة الفالنية لها أهمية اكثر‬
‫فلتكن طريقتنا مع هؤالء أن نحرضهم على القيام بان يجتهدوا لنشر األحكام‬
‫واملسائل واصالح العادات الرزيلة في ميوات ‪ ,‬الن أهل ميوات مقصرون جدا‬
‫حتى اآلن لم يعم فيها تقسيم التركة والوراثة حسب الطريقة الشرعية إال قليال‬
‫وكذلك ال زالت فيهم بعض العادات السيئة منها على سبيل املثال انه لم يعم‬
‫فيهم التزوج في األقارب‬
‫) أقول ‪ :‬وهي من عادات الهندوسية (‬
‫فالشخص الفالني واتباعه فيحرضوا على القيام لنشر هذه األحكام في ميوات‬
‫فيخبروا إن أهل امليوات قد انسوا عمل الدعوة والتبليغ على حد ما ‪ .‬فإذا انتم‬
‫اهتممتم قليال في رعاية عمل التبليغ فإنكم تجدون النصرة في عملكم في نشر‬
‫أحكام الشرع ‪ ,‬واصالح العادات الباطلة ‪ ,‬وبهذه الطريقة تستطيعون نشر تلك‬
‫األحكام واملسائل واصالح العادات الجاهلية املعممة في ميوات بسهولة وبهذه‬
‫الطريقة يستطيعون أولئك األشخاص أن يفهموا عمق مهمة التبليغ وسعته‬
‫ويتمكنوا من مشاهدة اثراته ونتائجه ثم سيتوجهون إلى هذا العمل إن شاء اهلل‬
‫ويتمكنوا من مشاهدة اثراته ونتائجه ثم سيتوجهون إلى هذا العمل إن شاء اهلل‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫قال رحمه اهلل ‪ :‬أنا عندما اطلب طبيبا للعالج فإنما اطلبه الدعوه إلى عمل )‪(99‬‬
‫الدعوة والتبليغ ‪ ,‬واجعل معالجتي منه حيله ‪ ,‬فادعوه إلى االنشغال في دعوة اهلل‬
‫‪ .‬فالجل ذلك ال اسمح له للمعالجة إال لألطباء الذين فيهم أمل المكانية قبول ه‬

You might also like