Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 90

‫وزارة التعليم العايل والبحث العلمي‬

‫جامعة مولود معمري ‪ -‬تيزي وزو ‪-‬‬


‫كلية احلقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم احلقوق‬

‫اِنقضاء االلتزام مبا يعادل الوفاء‬

‫مذكرة لنيل شهادة ادلاسرت يف القانون‬


‫ختصص‪ :‬القانون اخلاص‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫د‪ .‬جعفور إسالم‬ ‫دنڤار سعدية‬

‫جلنة ادلناقشة‪:‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬اجلوزي عز الدين‪.......... ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪................... ،‬رئيسا‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬جعفور إسالم‪.............،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪..............،‬مشرفا ومقررا‪.‬‬
‫‪ -‬أ‪ .‬قنيف غنيمة‪ ..............،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪.....................،‬ممتحنة‪.‬‬

‫اتريخ ادلناقشة‪2021/..../.... :‬‬


‫السنة اجلامعية‪2021 -2020 :‬‬
‫شكر وعرفان‬

‫أقدم جزيل الشكر والعرفان إىل أستاذي الفاضل الدكتور "جعفور إسالم" لقبولو‬

‫اإلشراف على ىذه املذكرة‪ ،‬وعلى كل ما قدمو يل من اإلرشادات والنصائح لكي أتوصل‬

‫إىل إمتام ىذه املذكرة وأقدم كل الشكر والتقدير إىل مجيع أساتذيت يف كلية احلقوق يف‬

‫جامعة مولود معمري‪.‬‬

‫سعدية‬
‫إه ـ ـ ـداء‬

‫أىدي مثرة جهدي إىل والداي أمي وأيب حفظهم هللا‪.‬‬

‫إىل عائليت الصغرية‪ :‬زوجي رفيق دريب‪.‬‬

‫إىل فلذات كبدي آمال حيايت ومجاهلا أوالدي‪ :‬أمناي‪ ،‬أسالس وأيالن‪.‬‬

‫إىل إخويت وأخوايت كلهم‪.‬‬

‫إىل كل من ساعدين وأحبين بصدق وشاركين العناء واملشقة إلمتام ىذه الدراسة‪.‬‬

‫سعدية‬
‫قائمة المختصرات‬

‫د‪.‬ب‪.‬ف‪ :‬دوف بمد النشر‬

‫د‪.‬س‪ .‬ف‪ :‬دوف سنة النشر‬

‫ط‪ :‬طبعة‬

‫ص‪ :‬صفحة‬

‫ص ص‪ :‬مف صفحة إلى صفحة‬

‫‪ :/‬الفقرة‬
‫مقدمـ ـ ــة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬
‫ينقضي االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء بسبب مف األسباب اآلتية‪ :‬الوفاء بمقابل التجديد‬
‫واالنابة المقاصة واتحاد الذمة وما يجمع ويشترؾ في ىذه الصور ىو أف كل منيا تؤدؼ إلى‬
‫انقضاء االلتزاـ دوف أف يفي بو المديف بعيف ما ِالتزـ بو وانما يستوفي الدائف ما يعادؿ ىذا‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫ففي الوفاء بمقابل يتمقى الدائف شيئا آخر خبلؼ الشيء محل االلتزاـ وفي التجديد‬
‫واالنابة يفي المديف االلتزاـ القديـ بالتزاـ جديد عف طريق االستبداؿ وبالتالي ينقضي ِانقضاء‬
‫طبيعيا‪.‬‬
‫أما في الصور المقاصة واتحاد الذمة فينقضي االلتزاـ القديـ بطريقة قانونية‪ ،‬حيث يتـ‬
‫الوفاء لمدائف ِبانقضاء التزاـ عميو‪.‬‬
‫أف ضمف ىذه الصور ال يقوـ الوفاء ولكف يحصػػل الدائػػف عػػمى مػػا يعػػادؿ حقػػو‬
‫إالّ ّ‬
‫أو يساويو‪ ،‬حيث يحصل بذلؾ عمى منفعة تساويو في قيمتيا منفعة الوفاء ذاتو وىو ما يؤدؼ‬
‫إلى ِانقضاء االلتزاـ المديف تجاه دائنو بما يعتبر معادال لموفاء أو بما يقوـ مقاـ الوفاء‪ .‬إف‬
‫الدافع الختيار موضوع انقضاء االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء ينبع مف أىمية ىده الطرؽ واتساع‬
‫تطبيقيا العممي باعتبارىا موضوعات ىامة في المعامبلت المالية في الفقو والقضاء وأكثرىا‬
‫عمقا وشموال‪.‬‬
‫ففي الوفاء بمقابل ما يعرؼ بالوفاء االعتياضي‪ ،‬فيو نضاـ عرفتو التشريعات المدنية‬
‫الحديثة كسبب مف أسباب انقضاء االلتزاـ فيو يتميز بأنو يأتي عمي خبلؼ األصل فيو يتيح‬
‫اف يقبل شيئا اخر بدال مف الشيء الدؼ التزـ بو المديف‪ ،1‬مع االحتفاظ بحقو برفض ىدا‬
‫البديل ميما بمغت قيمتو‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لئلتزاـ‪ ،‬المصادر‪ -‬اإلثبات‪ -‬اآلثار‪ -‬األوصاؼ‪ -‬االنتقاؿ‪-‬‬
‫االنقضاء‪ ،‬طبعة تحتوؼ عمى آخر المستجدات في التشريع والقضاء والفقو‪ ،‬دار المعارؼ‪ ،‬االسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫وفي التجديد وىو إحبلؿ ديف جديد محل الديف األصمي والذؼ يختمف عف الديف‬
‫القديـ في محمو أو في مصدره أو في أحد طرفيو‪.1‬‬
‫واالنابة باعتبارىا أداة وفاء مختصرة حيث أنيا تختصر الطريق في عمميات الوفاء‬
‫ودلؾ عندما يكوف المديف األصمي داءنا لمشخص األجنبي‪ ،‬حيث ينوبو في أداء االلتزاـ بدال‬
‫منو ففي االنابة الكاممة ينقضي التزاـ المديف القديـ تجاه الدائف بمجرد انعقاده االنابة حيث‬
‫يصبح المديف الجديد ممتزما بأداء االلتزاـ بدال منو واالنابة الناقصة التي تعد وسيمة مف‬
‫وسائل تدعيـ الضماف لمدائف‪.‬‬
‫أما في المقاصة واتحاد الذمة فالمقاصة تفترض أف المديف قد صار داءنا لدائنو حيث‬
‫تجمع في كل مف طرفي االلتزاـ صفة الدائف والمديف في نفس الوقت فينقضي الدينيف بقدر‬
‫األقل منيما فيي وضيفة مزدوجة‪ ،‬فيي أداة وفاء وأداة ضماف‪ ،2‬تؤدؼ إلى التيسير عمى كل‬
‫مف الطرفيف‪ ،‬وكما أنيا نضاـ عظيـ الفائدة ألنيا توفر في استعماؿ النقود وتحريكيا ومف ثـ‬
‫فيي تمعب دو ار ىاما في المعامبلت التجارية وكما تحقق نوعا مف الضماف لمدائف ألنيا‬
‫تمكنو مف استيفاء حقو مما يجب عميو لمدينو‪ ،‬فيو بدلؾ يتفادػ مخاطر مزاحمة باقي‬
‫الدائنيف لو ويتمتع بنوع مف األولوية والتقدـ عمييـ‪.‬‬
‫وفي ِاتحاد الذمة يقصد بو أف تجتمع في الشخص الواحد صفتاف‪ ،‬صفة الدائف‪،‬‬
‫وصفة المديف في وقت واحد بالنسبة لديف واحد‪ ،‬فتكوف سببا لزواؿ الحق بمقدار المديونية‬
‫التي إتحدت فييا ذمة الشخص ذاتو‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر الغار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ آثار الحق في القانوف المدني‪ ،‬دوف طبعة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬األردف‪ ،2007 ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر الغار‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -3‬إسحاؽ إبراىيـ‪ ،‬منصور‪ ،‬نظريتا القانوف والحق وتطبيقاتيما في القوانيف الجزائرية ديواف المطبوعة الجامعية‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫وعميو بالنضر لما تحققو ىذه األنظمة باعتبارىا أساليب ينقضي بيا االلتزاـ بما يعادؿ‬
‫الوفاء يطرح التساؤؿ التالي‪ :‬كيف نظم المشرع الجزائري أحكام الطرق التي ينقضي بيا‬
‫االلتزام بما يعادل الوفاء؟‬
‫وليذا ِارتأيت أف أتناوؿ في ىذه الدراسة متبعا الخطة اآلتية‪:‬‬
‫األوؿ‪ِ :‬انقضاء رابطة االلتزاـ ِانقضاء طبيعي باالستبداؿ وناقشتو في مبحثيف‪،‬‬ ‫الفصل ّ‬
‫األوؿ انقضاء االلتزاـ بالوفاء بمقابل والثاني التجديد واإلنابة‪.‬‬
‫وخصصت الفصل الثاني ِالنقضاء رابطة االلتزاـ واِنقضاء قانونيا بالسقوط وقسمتو‬
‫كذلؾ إلى مبحثيف‪ :‬األوؿ تناولت فيو المقاصة وفي الثاني تناولت ِاتحاد الذمة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الفصل األول‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬
‫قد ينقضي االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء انقضاء حقيقيا وذلؾ في كل مف الحاالت‪ :‬الوفاء‬
‫بمقابل والتجديد واإلنابة‪ ،‬حيث يقوـ فييا المديف مع الدائف باالتفاؽ بينيما ألنياء رابطة‬
‫االلتزاـ بصفة طبيعية عف طريق االستبداؿ‪ ،‬وىذا االستبداؿ الذؼ يتمثل في بعض التغيرات‬
‫التي تط أر في العناصر الجوىرية ليذه الرابطة‪ ،‬إذ أف التغيرات التي يتـ االتفاؽ عمييا في‬
‫الوفاء بمقابل تختمف عف التغيرات التي يتـ االتفاؽ عمييا في التجديد واإلنابة حيث يستبدؿ‬
‫المحل في الوفاء بمقابل‪ ،‬أما في التجديد واإلنابة فيستبدؿ المحل أو أحد األطراؼ‪.‬‬
‫ثـ أف وفاء المديف اللتزامو في الوفاء بمقابل يكوف فور االتفاؽ عمى االلتزاـ الجديد‬
‫أؼ (الشيء المستبدؿ‪ ،‬المقابل)‪ ،‬مع ضرورة إتماـ الوفاء بتسميـ الشيء المقابل فور انتقاؿ‬
‫الممكية‪.‬‬
‫أما في التجديد واالنابة‪ ،‬فيكفي مجرد االلتزاـ باألداء المتفق عميو دوف تنفيذه ًا‬
‫فور‪.‬‬
‫وبالتالي تنقضي رابطة االلتزاـ في الوفاء بمقابل عف طريق إعطاء شيء بنقل ممكية‬
‫أما في التجديد واالنابة فيكوف بإعطاء شيء أو القياـ بو أو امتناع عف عمل‪.‬‬
‫أف كبل مف الصورتيف تشتركاف في أنيما وفاء بسيط ينقضي فييا الديف‬‫ويمكف القوؿ ّ‬
‫انقضاء فعميا وحقيقيا يعني بصفة طبيعية عف طريق استبداؿ االلتزاـ األصمي واحبلؿ ِالتزاـ‬
‫آخر محمو‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫األول‬
‫المبحث ّ‬
‫مفيوم الوفاء بمقابل‬

‫نظـ المشرع الجزائرؼ أحكاـ الوفاء بمقابل في المادتيف ‪ 286-285‬مف التقنيف‬


‫المدني الجزائرؼ‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 285‬ؽ‪.‬و‪.‬ج عمى‪« :‬إذا قبل الدائن في ِاستيفاء حقو‬
‫مقابال ِاستحاض بو عن الشيء المستحق‪ ،‬قام ىذا مقام الوفاء»‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 286‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج عمى‪« :‬تسري أحكام البيع وخصوصا ما يتعمق منيا‬
‫بأىمية الطرفين وبضمان االستحقاق وبضمان العيوب الخفية عمى الوفاء بمقابل‪ ،‬فيما إذا‬
‫كان ينقل ممكية شيء أعطي في مقابمو الدين‪ ،‬ويسري عميو من حيث أنو يقضي الدين‬
‫أحكام الوفاء وباألخص ما تعمق منيا بتبعين جية الدفع واِنقضاء التأمينات»‪.‬‬

‫األول‬
‫المطمب ّ‬
‫تعريف الوفاء بمقابل وشروطو (أركانو)‬

‫عممنا مما سبق أف األصل في الوفاء ال يكوف إال بذات أو عيف ما إلتزـ بو المديف‪،‬‬
‫بحيث ال يمكف وال يجوز لممديف أف يجبر الدائف عمى قبوؿ شيء آخر عوض عنو ولو كاف‬
‫أعمى منو في القيمة‪ ،‬كما ال يجوز لمدائف بالمقابل‪ ،‬إجبار المديف عمى تقديـ شيء آخر‬
‫مختمف عف الشيء المتفق عميو ولو كاف أقل قيمة منو‪.‬‬
‫ولكف إذا كاف ال يجوز ألحدىما أف يجبر اآلخر عمى ذلؾ فإنو يجوز ليما أف يتفقا‬
‫عمى أف يقبل المديف في استيفاء حقو مقاببل يستعيض بو عف الشيء المتفق عميو أصبل‪.‬‬
‫فإذا تـ تنفيذ ىذا االتفاؽ فور نشوئو أؼ بعناصر نشوء االلتزاـ مع تنفيذه كاف ىذا‬
‫وفاء بمقابل‪.1‬‬

‫‪ -1‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬إنقضاء االلتزاـ‪ ،‬دوف طبعة‪ ،1990 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪5‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الفرع األول‬
‫تعريف الوفاء بمقابل‬

‫الوفاء االعتباطي (االستبداؿ) ىو قياـ المديف بعرض مقابل يستعيض بو عف المحل‬


‫األصمي االلتزاـ ويقبل الدائف ىذا الوفاء الستيفاء حقو‪.1‬‬
‫أو ىو رضا الدائف في ِاستيفاء حقو بشيء آخر‪ ،‬غير الشيء المستحق لو آصبل‪،‬‬
‫وذلؾ عف طريق ِاستبداؿ الديف بشيء آخر‪ ،‬ويقبل الدائف ىذا المقابل‪.‬‬
‫الوفاء بمقابل أو (االعتياظي) عممية بمقتضاىا ينقل المديف لدائنو ممكية شيء معيف‬
‫متى قبل المديف ىذا عمى أنو يقوـ مقاـ األداء األصمي‪ ،‬بشرط أف يقوـ المديف بأداء ىذا‬
‫فورا‪ ،‬ثـ أف الحالة التي يتفق فييا إرادتا كل مف الدائف والمديف عمى ِاستيفاء الحق بما‬
‫المحل ً‬
‫يقوـ مقاـ الحق األصمي‪ ،‬يعتبر طريقا مف طرؽ ِانقضاء الحق وانيائو‪ ،‬فالوفاء بمقابل ليس‬
‫سببا في نشوء االلتزاـ إنما ىو سببا في ِانقضائو‪ ،‬فمتى قاـ المديف بنقل ممكية شيء إلى‬
‫الدائف مقابل الديف‪ ،‬وقبل الدائف ذلؾ‪ ،‬فإنو يترتب عميو براءة ذمة المديف‪.‬‬
‫ىذه الوسيمة التي يمجأ إلييا طرفا الحق عمى ِاستبداؿ الحق الجديد المتفق عميو بالحق‬
‫األصمي بشرط أف يتعاصر االتفاؽ عميو مع تنفيذه كشرط مف شروطو بحيث يجب أف يسمـ‬
‫وفور الشيء الذؼ ينقل ممكيتو لمدائف كمقابل لموفاء‪.‬‬
‫المديف ًا‬
‫وبالتالي يجب تنفيذ االتفاؽ بنقل ممكية العوض فعبل مف المديف إلى الدائف فور‬
‫نشوئو‪ ،‬ألف إذا ِاقتصر االتفاؽ عمى إنشاء االلتزاـ دوف أف يتعاصر نشوؤه مع التنفيذ الفورؼ‬
‫ال تكوف أماـ وفاء بمقابل‪ ،‬بل يكوف أماـ صورة أخرػ وىي التجديد بتغيير محمو‪ ،‬وىذا ىو‬
‫تجديدا لمديف‪ ،‬كأف‬
‫ً‬ ‫معيار التفرقة بيف الوفاء بمقابل والتجديد‪ ،‬وكل تأجيل عف تنفيذه يعتبر‬

‫‪ -1‬د بمحاج العربي‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ في القانوف المدني الجزائرؼ وفق آخر التعديبلت مدعـ بأحدث االجتيادات المحكمة‬
‫العميا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ىومة‪ ،2015 ،‬ص ‪.589‬‬

‫‪6‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫يكوف الشيء محل الممكية شيء مستقببل‪ ،‬كما في الوصية مثبل‪ :‬ال يحق الوفاء بمقابل ألف‬
‫الممكية ال تنتقل إال بعد وفاء الموفى‪ ،‬فينا يتنافى فيو شرط التنفيذ الفورؼ‪.‬‬
‫وبمجرد أف يقبل الدائف مف مدينو الوفاء بمقابل يعتبر أنو قد استوفى حقو بمقابل‪ ،‬إما‬
‫أف تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬حصوؿ الدائف عمى نقود بدال مف الشيء‪.‬‬
‫‪ -‬أو حصولو عمى شيء بدال مف النقود‪.‬‬
‫‪ -‬أو حصولو عمى شيء بدال مف شيء‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫شروط الوفاء بمقابل‬

‫أف لموفاء بمقابل شرطاف ىما‪ :‬االتفاؽ عمى‬


‫نستخمص مف المادة ‪ 285‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج ّ‬
‫ِاستبداؿ الشيء محل االلتزاـ األصمي بمحل جديد مكانو واِنتقاؿ ممكية المحل الجديد إلى‬
‫الدائف ِانتقاال فعميا وفوريا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شرط االتفاق عمى الوفاء بمقابل‪.‬‬


‫يقصد بو ِاتفاؽ الدائف والمديف عمى أف ىذا األخير ال يفي بمحل األصمي بل بشيء‬
‫آخر‪ ،‬فيقبل الدائف مف المديف ِاستيفاء حقو بشيء آخر خبلؼ الشيء المستحق لو أصبل‪.‬‬
‫كما أنو ال يمكف لممديف ِاجبار الدائف عمى قبوؿ شيء آخر مقابل الشيء المستحق‬
‫أصبل‪ ،‬وىذا طبقا لممادة ‪ 276‬التقنيف المدني‪ ،‬ولكف يمكف ويجوز أف يتمقى الدائف شيئا آخر‬
‫بناءا عمى ِاتفاؽ بينيما ألف إذا‬
‫يستعيض بو الستيفاء حقو‪ ،‬ولكف ىذا ال يمكف أف يتـ إال ً‬

‫‪ -1‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪7‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫رفض الدائف ما عرضو عميو المديف مف مقابل‪ ،‬ضل المديف ممزما بتقديـ ما كاف مستحقا‬
‫عميو في األصل‪.1‬‬
‫والوفاء بمقابل ِباعتباره ِاتفاؽ لكي يكوف قانونيا‪ ،2‬فيو يخضع لمقواعد العامة التي‬
‫تخضع ليا سائر التصرفات‪ ،‬فيمزـ أف تتوافر في كل مف الدائف أىمية ِاستيفاء الديف‪ ،‬وفي‬
‫المديف أىمية الوفاء بالديف وأىمية التصرؼ في الشيء المقابل الذؼ يقدمو وفاءا لمديف‪ ،‬ألف‬
‫الوفاء مقابل بالنسبة لو ال ينطوؼ فقط عمى معنى الوفاء ولكف ينطوؼ أيضا عمى معنى نقل‬
‫ممكية شيء‪.‬‬
‫وكما يجب أف تكوف إرادة كل مف الطرفييف خالية مف العيوب المنصوص عمييا في‬
‫المواد ‪ 91-81‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬وأف يكوف السبب ىو قصد الوفاء بالديف األصمي‪.‬‬
‫وأمػا الػمحػل فػيػو االسػتعػاضة عػف المحػل األصمي الػذؼ يمكػف أف يتػمثػل في عػمػل‬
‫دائما في نقل ممكية‬ ‫ِ‬
‫أو امتناع عف عمل أو إعطاء‪ ،‬بمحل آخر مكانو والذؼ يجب أف يتمثل ً‬
‫شيء مف المديف إلى الدائف‪.3‬‬
‫وبالتالي فالوفاء بمقابل يخضع مف حيث المحل لشرطيف خاصيف ىما‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب أف يكوف محل الوفاء بمقابل ىو نقل ممكية شيء أؼ أنو ميما كاف محل‬
‫االلتزاـ األصمي سواء كاف عمبل أو ِامتناع عف عمل أو إعطاء‪ ،‬فإف محل الوفاء بمقابل‬
‫دائما في إعطاء ولذلؾ ال يمكف أف يكػػوف الػمحػل فػي الػوفػاء بػمػقػابػل عػمػل‬
‫يجب أف يتمثل ً‬
‫أو ِامتناع عف عمل أو نقل حق شخصي‪.‬‬
‫ذلؾ ألف لو يكوف محل االنفاؽ كذلؾ فإف ذلؾ يعتبر بمثابة تجديد االلتزاـ بتغيير‬
‫ختصار أف يتمثل في إعطاء‪.‬‬
‫ا‬ ‫محل الديف وبالتالي محل الوفاء بمقابل يجب ِا‬

‫‪ -1‬توفيق حسف فرج‪ ،‬مصطفى الحماؿ‪ ،‬مصادر وأحكاـ االلتزاـ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحبمي الحقوقية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫د‪.‬س‪.‬ف‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪ -2‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -3‬جبلؿ محـ إبراىيـ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪8‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ومحددا وقت االستبداؿ‪ ،‬كما في‬


‫ً‬ ‫ومعموما‬
‫ً‬ ‫‪ -‬يشترط فيو أف يكوف ممكنا ماديا وقانونيا‬
‫القواعد العامة ومشروعا ال يخالف النظاـ العاـ والقواعد العامة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬شرط التنفيذ الفعمي والفوري لالتفاق‪.‬‬


‫ال يكفي مجرد االتفاؽ عمى مقابل الوفاء بل يجب أيضا أف ينفذ ىذا االتفاؽ بنقل‬
‫الممكية‪ ،‬فعبل أؼ نقبل حقيقيا مف المديف إلى الدائف‪ ،‬أؼ فور نشوؤه‪.‬‬
‫فإف كاف المقابل مثميا وجب االفراز‪ ،‬واف كاف عقا ار وجب تسجيل االتفاؽ عمى الوفاء‬
‫بمقابل‪ ،‬واذا كاف تفودا وجب تسميميا‪.‬‬
‫ويرػ بعض الفقو أف الوفاء بمقابل ال ينعقد وال يرتب آثاره القانونية إالّ بتنفيذ االتفاؽ‬
‫المبرـ بيف الطرفيف‪ ،‬وذلؾ يتـ إال عف طريق تسميـ البدؿ إلى الدائف فعبل وىي عممية‬
‫القبض‪ ،‬أؼ بقبض الدائف لممحل الجديد‪.‬‬
‫وبالتالي إذا ِاقتصر االتفاؽ عمى إنشاء االلتزاـ دوف أف يعاصر نشوؤه مع تنفيذه ال‬
‫تكوف أماـ وفاء بمقابل‪ ،‬بل يكوف بصدد تجديد ديف بتغيير محمو‪ ،‬وىو ما يميز بيف الوفاء‬
‫تجديدا لمديف‪.‬‬
‫ً‬ ‫بمقابل والتجديد‪ ،‬فكل تأجيل عف التنفيذ يصبح‬
‫‪ -‬أما إذا كاف محل الشيء المستعاض بو شيئا مستقببل فإنو ال يمكف أف يتحقق‬
‫الشرط‪ ،‬ألنو يستحيل التنفيذ الفورؼ والفعمي لممقابل‪.‬‬
‫كما لو كاف محل الممكية شيئا مستقببل كالوصية فوفقا ليذا الشرط ال يتحقق الوفاء‬
‫بمقابل لعدـ ِامكانية التنفيذ الفورؼ ألف الممكية ىنا ال تنتقل إال بعد وفاة الموصى‪.‬‬

‫‪ -1‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.590‬‬

‫‪9‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ثالثا‪ :‬أال يكون المحل داخال في نطاق االلتزام األصمي‪.‬‬


‫جديدا‪ .‬أؼ أنو لـ يكف‬
‫ً‬ ‫يجب أف يكوف الشيء الذؼ يعطيو المديف لمدائف كمقابل شيئا‬
‫داخبل ضمف االلتزاـ األصمي‪ ،‬وىو ما يجعل الوفاء بمقابل يختمف عف حالة االلتزاـ‬
‫التخييرؼ‪ ،‬وااللتزاـ البدلي ألف في ىاتيف في كمتا الحالتيف ال يعتبر تغيير لممحل في الوفاء‬
‫بمقابل‪ ،‬وانما ىو يؤدؼ محبل داخبل في نطاؽ االلتزاـ األصمي المتفق عميو منذ نشوء‬
‫االلتزاـ‪.‬‬
‫بمعنى أنو يجب أال يكوف ىذا الشيء المتفق عميو بيف الدائف والمديف‪ ،‬أحد شيئيف‬
‫يمتزـ المديف بأحدىما عمى سبيل التخيير أو البدؿ‪.1‬‬
‫وااللتزاـ التخييرؼ أو االلتزاـ البدلي ال يعتبر وفاء بمقابل ألف ِاختيار المديف أحد‬
‫محل االلتزاـ في االلتزاـ التخييرؼ‪ ،‬أو ِاختياره لمبدؿ في االلتزاـ البدلي وتأديتو‪ ،‬إنما يؤدؼ‬
‫محبل داخبل في نطاؽ االلتزاـ األصمي ومتفقا عميو عند نشوء االلتزاـ‪ ،‬بينما الوفاء بمقابل‬

‫يكوف المحل شيء ً‬


‫جديدا خارجا عف نطاؽ االلتزاـ األصمي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل وتميزه عن النظم المشابو لو‬

‫سنحاوؿ في ىذا المطمب دراسة الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل وذلؾ مف خبلؿ‬
‫التطرؽ إلى معظـ اآلراء الفقيية التي تعددت إتجاىاتيا حوؿ تحديد الطبيعة القانونية لموفاء‬
‫بمقابل‪ ،‬وكما نحاوؿ تمييز ىذا النظاـ عف بعض األنظمة التي تتشابو معو‪.‬‬
‫ففي (أوال) ندرس الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل‪ ،‬وثـ تنطرؽ إلى تمييزه عف النظـ‬
‫المشابية لو في (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبروؼ‪ ،‬الوجيز في شرح القانوف المدني األردني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬آثار الحقوؽ الشخصية (أحكاـ‬
‫االلتزاـ)‪ ،‬دراسة موازنة‪ ،‬جامعة آؿ البيت‪ ،2003 ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪10‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل‪.‬‬

‫لقد ظير ثبلثة نظريات لتحديد الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل بوصفو سببا النقضاء‬
‫االلتزاـ‪ ،‬وىذه النظريات ىي‪:‬‬
‫‪ -1‬الوفاء بمقابل بيع تميو مقاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬الوفاء بمقابل صوره مف صور الوفاء البسيط‪.‬‬
‫‪ -3‬الوفاء بمقابل عقد مف نوع خاص‪.‬‬
‫‪ -4‬الوفاء بمقابل عمل مركب مف تجديد ووفاء‪.‬‬

‫‪ -1‬الوفاء بمقابل صورة من صور الوفاء البسيط‪:‬‬


‫سائدا في القانوف الفرنسي القديـ إذ تعتبر الوفاء بمقابل ضرب مف‬
‫كاف ىذا التكييف ً‬
‫الوفاء‪ِ ،‬استبدؿ فيو الشيء المستحق أصبل بشيء آخر‪ ،‬وذلؾ باتفاؽ الطرفيف فيو كالوفاء‬
‫يقضي الديف ذاتو بطريق مباشر ولكف يقضيو بمقابل الشيء المستحق ال بالشيء المستحق‬
‫أصبل‪.1‬‬
‫وينجـ عف ذلؾ إذا تـ بطبلف الوفاء بمقابل ألحد األسباب فإنو يجوز لمدائف الرجوع‬
‫عمى االلتزاـ بما يكفمو مف تأمينات‪ ،‬وىذا ما يخالف الفقو والتشريع المتفق عمى ِانقضاء‬
‫التأمينات التي كانت تكفل الحق ولو تـ بطبلؽ الوفاء بمقابل أو ِاستحق مقابل الوفاء‪.‬‬

‫‪ -2‬الوفاء بمقابل بيع تميو مقاصة‪:‬‬


‫تعني أنو توجد عمميتيف‪ ،‬األولى بيع أو مقايضة والثانية ىي المقاصة وبياف ذلؾ أف‬
‫المديف حيف يقدـ لدائنو المقابل بدال مف الشيء المستحق عميو أصبل‪ ،‬ويقبل الدائف منو ىذا‬
‫الشيء‪ ،‬فإف ىذا يؤدؼ إلى ِانعقاد عقد بيع بينيما وبذلؾ يصبح المديف دائنا لدائنو بمبمغ مف‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪11‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الماؿ مساوؼ لمبمغ الديف الذؼ ىو مديف بو لو فتقع مقاصة بيف الديف والثمف‪ ،‬فيقضي الديف‬
‫بالمقاصة ويبقى المديف بعد ذلؾ ممتزما بنقل ممكية المقابل‪.1‬‬
‫وحسب ىذا الرأؼ فإف الوفاء بمقابل يقضي الديف ذاتو ولكنو يقظيو بطريق غير‬
‫مباشر حيف يجعل ثمنو قصاصا في ىذا الديف‪.‬‬
‫صحيحا إال إذا أنصب االلتزاـ‬
‫ً‬ ‫وأف ِاعتبار الوفاء بمقابل بيع مصحوبا بمقاصة ليس‬
‫األصمي عمى دفع مبمغ مف النقود‪ .‬أما إذا كاف محل االلتزاـ عمبلً فبل يمكف ِاعتبار الوفاء‬

‫بيعا‪ ،‬ألف ِافتراض البيع يقود إلى ِافتراض ضمني نقدؼ قابل ألف يكوف محبلً‬
‫بمقابل ً‬
‫لممقاصة مع مبمغ آخر مف الماؿ‪ ،‬في حيف أف االلتزاـ بعمل ال يجوز إجراء المقاصة معو‬

‫كذلؾ ال يتـ الوفاء بمقابل إال ِبانتقاؿ ممكية الشيء فع ً‬


‫بل وىذا ال يتحقق فيما إذا كاف محل‬
‫شيئا مستقببلً ال يتحقق فيما إذا كاف محل البيع ال تنتقل ممكيتو إالّ في المستقبل‪.‬‬
‫البيع ً‬

‫‪ -3‬الوفاء بمقابل تجديد االلتزام بتغيير المحل‪:‬‬


‫يرػ ىذا االتجاه أف الوفاء بمقابل تجديد االلتزاـ بتغيير محمو‪ ،‬بمعنى أف الدائف يقبل‬
‫ِانقضاء االلتزاـ القديـ بنشوء ِالتزاـ جديد يختمف عنو في المحل‪ .‬وينقضي ىذا االلتزاـ األخير‬
‫فور نشوءه بالوفاء بو‪.‬‬
‫وىذا االتجاه أخذ بو القانوف األلماني والقانوف الفرنسي القديـ والبعض في الفقو‬
‫الحديث‪.2‬‬
‫وتظير أىمية تأسيس الوفاء بمقابل عمى فكرة التجديد في حالة إذا ما ِاستحق المقابل‬
‫الذؼ تـ الوفاء بو بناء عمى االلتزاـ الجديد‪ ،‬حينئذ ال يجوز لمدائف مطالبة المديف بااللتزاـ‬
‫القديـ أو االستفادة مف التأمينات الضامنة لو‪ .‬ألف التجديد أدػ إلى ِانقضاء االلتزاـ القديـ مع‬
‫ما يتبعو مف تأمينات‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ -2‬سناء سعيد دمحم طو الوفاء بمقابل‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لمحصوؿ عمي درجة الماجيستير في القانوف الخاص جامعة‬
‫النجاح الوطنية فمسطيف‪ ،2011 ،‬ص ‪.221‬‬

‫‪12‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ومع ىذه األىمية فإنو ال يمكف التسميـ بما جاء بو ىذا التكييف لوجود ِاختبلؼ‬
‫جوىرؼ ما بيف الوفاء بمقابل والتجديد بتغيير المحل وىو كذلؾ‪:‬‬
‫أف التجديد يقضي عمى االلتزاـ القديـ بإنشاء ِالتزاـ جديد يحل محمو‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬بينما في الوفاء بمقابل ال يقصد الطرفاف ِانشاء ِالتزاـ جديد‪.‬‬
‫أف الوفاء بمقابل ليس مجرد تجديد االلتزاـ يقف عند نشوء االلتزاـ الجديد وعند‬
‫ثـ ّ‬
‫ِانقضاء االلتزاـ األصمي فقط‪ ،‬وانما يترتب عمى الوفاء بمقابل ضرورة حصوؿ التنفيذ وقت‬
‫االتفاؽ مباشرة‪ ،‬ىناؾ شرط جوىي لوجود الوفاء بمقابل والذؼ يتمثل في نقل المديف لمدائف‬
‫حق التممؾ فيو حاال وال يكفي مجرد االلتزاـ بذلؾ‪.‬‬

‫‪ -4‬الوفاء بمقابل عقد خاص‪:‬‬


‫يرػ ىذا االتجاه أف الوفاء بمقابل عبارة عف عقد مف نوع خاص ييدؼ إلى تمميؾ‬
‫عيف في مقابل ديف‪ ،‬فيو عقد وطبيعة ىذا العقد ىو وفاء بعوض (باالستبداؿ) الذؼ مف‬
‫فور وال ينعقد إال بالتسميـ ويسرؼ عميو فيما إذا كاف ينقل ممكية شيء أعطي‬
‫شروطو أنو ينفذ ًا‬
‫في مقابمو الديف أحكاـ عقد البيع ِباعتباره عقد معاوضة (األىمية‪ ،‬االستحقاؽ‪ ،‬ضماف العيوب‬
‫الخفية)‪ ،‬ويسرػ عميو مف حيث أنو يقضي الديف أحكاـ الوفاء وباألخص منيا تعييف جية‬
‫الخصـ واِنقضاء التأمينات‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوفاء بمقابل تمييز عن النظم المشابية لو‪.‬‬


‫في ىذا الفرع سنحاوؿ اإلشارة إلى بعض األنظمة التي قد تتشابو مع نظاـ الوفاء‬
‫بمقابل بتوضيح االختبلؼ الموجود بيف ىذه األنظمة والوفاء بمقابل وتمييزه عنيا كصورة‬
‫مستقمة بطاتيا‪ ،‬نبدأ مف تمييزه عف صورة التجديد (‪ )1‬ثـ تمييزه عف االلتزاـ التخييرؼ (‪ )2‬ثـ‬
‫عف االلتزاـ البدني (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬دمحمد شكرؼ سرور‪ ،‬موجز االحكاـ العامة في االلتزاـ في القانوف المدني المصرؼ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫‪.1985 -1984‬‬

‫‪13‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫‪ -1‬تمييز الوفاء بمقابل عن التجديد‪:‬‬


‫التجديد ىو عبارة عف ِاتفاؽ عمى ِاستبداؿ ديف جديد بديف قديـ‪ ،1‬بحيث يختمف‬
‫التجديد عف الديف القديـ في أحد عناصره الجوىرية‪ ،‬بحيث إما أف يكوف تجد ًيدا في الموضوع‬
‫أؼ يشمل التغيير في مصدره أو في محمو‪ ،‬واما أف يكوف تجديدا شخصي يشمل التغيير أحد‬
‫أطرافو أو كبلىما‪.‬‬
‫ويتشابو نظاـ الوفاء بمقابل مع نظاـ التجديد في حالة التجديد الموضوعي (حالة‬
‫تغيير المحل)‪ ،‬بحيث أف االتفاؽ في الوفاء بمقابل عمى تغيير محل االلتزاـ األصمي بشيء‬
‫ومتعاصر مع التنفيذ الفورؼ لمعممية أؼ‬
‫ًا‬ ‫مقابل يقبل بو الدائف إستيفاء حقو بو يكوف مصحوبا‬
‫يكوف تنفيذ االتفاؽ فور نشوءه بحيث يشترط المشرع الجزائرؼ التسميـ الفورؼ لمشيء المقابل‬
‫فينقضي االلتزاـ وتب أر ذمة المديف أماـ الدائف وتنتيي عمبل المديونية بينيما بينما في التجديد‬
‫ال يشترط تنفيذ االتفاؽ عمى تغيير محل الديف فور نشوء االتفاؽ‪ ،‬وبالتالي تبقى عبلقة‬
‫المديونية بيف الطرفيف قائمة‪ .2‬وىو الفرؽ الجوىرؼ الذؼ ِاتفق عميو شراح القانوف المدني‪.‬‬

‫‪ -2‬تمييز الوفاء بمقابل عن االلتزام التخييري‪:‬‬


‫االلتزاـ التخييرؼ‪ 3‬مف األوصاؼ المعدلة اآلثر اإللتزاـ (خيار التعييف) إلتزاـ يتمثل‬
‫محمو في أكثر مف أداء بحيث تب أر ذمة المديف بأداء واحد منيا‪ .4‬أؼ إذا كاف ىناؾ شيئاف‬
‫أو أكثر يصمح أؼ منيما أف يكوف محبلً‪ ،‬لموفاء المادة ‪ 213‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.‬‬
‫مثبل أف يشترؼ شخص ما شقة ويمتزـ بدفع ثمنيا إما بممبغ مف النقود أو قطعة أرض‬
‫معينة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1285‬‬


‫‪ -2‬سناء سعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -3‬االلتزاـ التخييرؼ نظمو المشرع الجزائرؼ في المادة ‪ 213‬ؽ‪.‬ـ «يكوف االلتزاـ تخييريا إذا شمل محمو أشياء متعددة تب أر‬
‫ذمة المديف براءة تامة إذا أدػ واحد منيا‪ ،‬ويكوف الخيار لممديف ما لـ ينص القانوف أو يتفق المتعاقداف عمى غير ذلؾ»‪.‬‬
‫وىو التخيير في المحل‪.‬‬
‫‪ -4‬عبد القادر الفار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ‪ ،‬آثار الحق في القانوف المدني‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‪ ،‬األردف‪ ،2007 ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪14‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫أف االلتزاـ التخييرؼ ال ينطوؼ عمى وفاء بمقابل ويرجع ذلؾ إلى أف‬
‫ومنو يتضح ّ‬
‫المديف عند إختياره أحد مجاؿ االلتزاـ في االلتزاـ التخييرؼ ويكوف قد أدػ محبلً داخبلً في‬
‫خارجا عف نطاؽ‬
‫ً‬ ‫جديدا‬
‫ً‬ ‫نطاؽ االلتزاـ األصمي‪ ،‬بينما في الوفاء بمقابل يكوف المقابل شيئا‬
‫االلتزاـ األصمي‪.‬‬

‫‪ -3‬تمييز الوفاء بمقابل عن االلتزام الجدلي‪:‬‬


‫االلتزاـ البدلي‪ 1‬يعد مف األوصاؼ المعدلة ألثر اإللتزاـ‪ ،‬فيو االلتزاـ الذؼ يقع عف‬
‫ال منو شيئا آخر‪ ،‬أؼ ىو أف يقتصر محل‬
‫محل واحد‪ ،‬ولكف تب أر ذمة المديف إذا أدػ بد ً‬
‫االلتزاـ المديف في شيء واحد‪ ،‬إال أنو يخوؿ مع ذلؾ لممديف‪ ،‬تبرئة لذمتو‪ ،‬أف يؤدؼ بديبل‬
‫عف المحل األصمي وكأف يمتزـ المقترض برد مبمغ القرض ولكف يتـ االتفاؽ أيضا كمو أنو‬
‫يستطيع الوفاء بشيء آخر بديل وىذا كسيارة أو قطعة أرض‪ ،‬فبل بد لقياـ خيار التعييف‬
‫وجود أكثر مف شيء يمكف أف يقع عميو الخيار‪.2‬‬
‫وبالتالي يتبيف أف الوفاء بمقابل ال ينطوؼ عمى صورة االلتزاـ البدلي ألف المديف عند‬
‫اختياره لمبدؿ في االلتزاـ البدلي وتأديتو يكوف قد أدػ محبلً داخبلً في نطاؽ االلتزاـ األصمي‬
‫بينما‪ ،‬في الوفاء بمقابل فإف المقابل يكوف شيء جديد خارج عف نطاؽ االلتزاـ األصمي‪.3‬‬
‫وثـ أف االتفاؽ عمى االلتزاـ البدلي يكوف وقت نشوء االلتزاـ بينما في االتفاؽ عمى‬
‫الوفاء بمقابل يكوف وقت الوفاء باإللتزاـ‪ ،‬وكما أف المديف في االلتزاـ البدلي يمكف أف يعرض‬
‫عمى الدائف المحل األصمي أو البدؿ‪ ،‬أؼ أنو يممؾ الحرية في الخيار بفعل أحد اإللتزاميف‪.‬‬
‫بينما الدائف ال يطالب إال بالمحل األصمي فقط‪ .‬أما في الوفاء بمقابل‪ ،‬حيث يعرض المديف‬
‫عمى الدائف المقابل وال يمكف إجباره عمى قبوؿ ما ىو غير متفق عميو في األصل‪.‬‬

‫‪ -1‬االلتزاـ البدلي‪ ،‬نظمو المشرع الجزائرؼ في المادة ‪ 216‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «يكوف االلتزاـ اختياريا إذا لـ يشمل محمو إال شيئا‬
‫احدا‪ ،‬ولكف تب أر ذمة المديف إذا أدػ بدال منو شيئا آخر»‪.‬‬
‫و ً‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عبد المجيد الحكيـ‪ ،‬عبد الباقي البكرؼ‪ ،‬دمحم طو البشير‪ ،‬القانوف المدني وأحكاـ االلتزاـ‪ ،‬ج‪ ،2‬دوف طبعة‪ ،‬جميورية‬
‫العراؽ‪ ،‬دوف سنة النشر‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ -3‬سناء سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪15‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫المطمب الثاني‬
‫آثار الوفاء بمقابل‬

‫تقضي المادة ‪ 286‬مف القانوف المدني الجزائرؼ‪« :‬تسري أحكام البيع وخصوصا ما‬
‫يتعمق منيا بأىمية الطرفين وبضمان االستحقاق وبضمان العيوب الخفية‪ ،‬عمى الوفاء‬
‫بمقابل فيما إذا كان ينقل ممكية شيء أعطي في مقابمو الدين ويسري عميو من حيث أنو‬
‫يقضي الدين أحكام الوفاء وباألخص ما يتعمق منيا بتعيين جية الدفع واِنقضاء‬
‫التأمينات»‪.‬‬
‫يتبيف مف ىذا النص أف الوفاء بمقابل تطبق عميو نوعيف مف األحكاـ وىذا راجع‬
‫لتراكب طبيعة الوفاء بمقابل فقد جاءت اآلثار المترتبة عنو مزدوجة األحكاـ‪ ،‬فمف ناحية‬
‫جاءت ىذه اآلثار ِباعت باره ناقبل لمممكية‪ ،‬فيخضع في ذلؾ ألحكاـ عقد البيع وأبرزىا أحكاـ‬
‫ضماف االستحقاؽ‪ ،‬وأحكاـ ضماف العيوب الخفية‪.‬‬
‫ومف ناحية أخرػ ىناؾ آثار باعتباره قاضيا عمى االلتزاـ األصمي ومبرًئا لذمة‬
‫المديف‪ ،‬ويخضع في ذلؾ ألحكاـ الوفاء وأبرزىا ِانقضاء التأمينات الضامنة لمديف األصمي‬
‫واألحكاـ الخاصة بتعدد الديوف باإلضافة إلى السماح لدائني المديف بالطعف في الوفاء‬
‫بمقابل عف طريق الدعوػ البوليصية‪ ،‬وعميو سنتناوؿ في ىذا المطمب فرعيف‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬آثار الوفاء بمقابل باعتباره ناقبل لمممكية‪.‬‬
‫سنتناوؿ الفرع ّ‬
‫وفي الفرع الثاني نتناوؿ آثار الوفاء بمقابل ِاعتباره وفاء (مبرئا لذمة المديف)‪.‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫أثار الوفاء بمقابل باعتباره ناقال الممكية‬

‫يتبيف مف نص المادة أعبله أف الوفاء بمقابل باعتباره ناقبل لمممكية تطبق عميو أحكاـ‬
‫عقد البيع‪ ،‬سنتعرض ليذه األحكاـ مف حيث األىمية ومف حيث وقوع الدائف في الغبف (أوال)‬
‫ثـ مف حيث الضماف العيوب الخمفية (ثانيا)‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ولكف ىناؾ نواحي أخرػ ال تسرؼ عمييا أحكاـ البيع عمى الوفاء بمقابل‪ ،‬فالبيع يمكف‬
‫أف ينصب عمى أشياء مستقبمية واألمر مخمف بالنسبة لموفاء بمقابل الذؼ مف مستمزماتو أف‬
‫يتـ ِبانتقاؿ الممكية والتسميـ فور االتفاؽ عميو‪ ،‬وىو ما يتنافى إذا كاف المقابل مستقببل‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث األىمية ومن حيث وقوع الدائن في الغبن‪.‬‬


‫‪-1‬من حيث األىمية‪ :‬وجوب توفر أىمية التصرؼ في الشيء البديل بالنسبة لممديف‪ ،‬وأىمية‪.‬‬
‫ِاستيفاء الديف بالنسبة لمدائف‪ .‬ويجب أف تتوافر في الدائف أىمية االلتزاـ وىي أىمية مباشرة‬
‫األعماؿ الدائرة بيف النفع والضرر‪.‬‬
‫‪ -2‬من حيث وقوع الدائن في الغبن‪ :‬يعني أنو الحالة التي يكوف فييا مقابل الوفاء عبارة‬
‫عف عقار وقدرت قيمتو بأقل مف ‪ 04‬أخماس الديف (‪ )4/5‬كاف لمدائف أف يطالب وذلؾ عف‬
‫طريق‪ ،‬دعوة تكممة الثمف وفقا لما نصت عميو المادة ‪ 358‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث ضمان االستحقاق وضمان العيوب الخفية‪.‬‬


‫‪ -1‬من حيث ضمان االستحقاق‪ :‬إذا قدـ المديف المقابل لمدائف واِستحق ىذا الشيء مف بيف‬
‫يدؼ الدائف سواء ِاستحقاؽ كمي أو جزئي فإف الدائف ال يرجع عمى المديف بدعوػ الديف‬
‫األصمي وانما يرجع عمى المديف حميفا ألحكاـ ضماف االستحقاؽ المقررة في عقد البيع وأف‬
‫يطمب فسخ عقد الوفاء بمقابل فيعود الديف األصمي إلى ذمة المديف وتطبق في ذلؾ أحكاـ‬
‫المواد مف ‪ 371‬إلى ‪ 376‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.2‬‬

‫‪ -2‬من حيث ضمان العيوب الخفية‪:‬‬


‫وتسرؼ عمييا أحكاـ المواد ‪ 386-379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج إذا ِاكتشف الدائف عيب في‬
‫الشيء المقا بل ما يقمل مف قيمتو االقتصادية فإنو بإمكانو أف يرجع عمى المديف كما يرجع‬
‫المشترؼ عمى البائع بأحكاـ ضماف العيوب الخفية في عقد البيع‪ ،‬الواردة في المادتيف أعبله‪،‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬دمحم حسيف الوجيز في نظرية االلتزاـ المؤسسة الوطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1983 ،‬ص ‪.355‬‬

‫‪17‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫وعمى المديف أف يقوـ بضماف كل ىذه العيوب إال إذا كاف الدائف عمى عمـ بكل عيوب‬
‫الشيء المقابل‪.1‬‬

‫عقارا‪:‬‬
‫‪ -3‬وجوب تسجيل عقد الوفاء بمقابل إذا كان محمو ً‬
‫يخضع مقابل الوفاء الذؼ يقدمو المديف لمدائف إلجراءات الشير العقارؼ إذا كاف‬
‫عقارا‪ ،‬وال ينتج الوفاء بمقابل آثاره إال إذا كاف الوفاء بمقابل مكتوبا ومسجبل في السجل‬
‫محمو ً‬
‫العقارؼ طبقا ألحكاـ المادة ‪ 793‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.2‬‬

‫‪ -4‬من حيث إفادة الموفي من ِامتياز البائع‪:‬‬


‫نقديا كاف حقو‬
‫عقار وكاف المديف قد قدـ أيضا معدالً ً‬ ‫ًا‬ ‫إذا كاف مقابل الوفاء‬
‫في ِاستيفاءه مضمونا بحق ِامتياز البائع‪ ،‬ألنو في مركز البائع وعميو أف يقيد ىذا االمتياز‬
‫في ظرؼ شيريف مف تاريخ الوفاء بمقابل واال أصبح االمتياز ىنا رىنا رسميا‪ ،‬وذلؾ طبقا‬
‫لممادة ‪ 999‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.‬‬
‫والمقصود بالمعدؿ النقدؼ أنو إذا كاف المقابل الذؼ قدمو المديف تفوؽ قيمتو قيمة‬
‫الديف دائنا لدائنو بشكل يمزـ معو الدائف بدفع ىذا الفارؽ والذؼ يسمى بالمعدؿ‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫رئا لذمة المدين‬
‫اثار الوفاء بمقابل باعتباره مب ً‬
‫يفيـ مف نص المادة أنو عمى الوفاء بمقابل أحكاـ الوفاء باعتباره طريق مف طرؽ‬
‫ِانقضاء الديف ومبرغ لذمة المديف وبالتالي جاءت األحكاـ الخاصة بتعييف جية الدفع وتعدد‬
‫الدائنيف‪ ،‬باإلضافة إلى األحكاـ الخاصة ِبانقضاء التأمينات‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪18‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫أوال‪ :‬من حيث ِانقضاء الدين‪.‬‬


‫وفقا ليذه المادة ‪ 286‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬فإف الوفاء بمقابل ىو وفاء لبللتمزاـ األصمي ومنو فإف‬
‫الديف الذؼ كاف في ذمة المديف ينقضي مما يؤدؼ إلى ِانقضاء العقد‪ ،‬واذا كاف لمديف‬
‫األصمي الذؼ يشغل ذمة المديف ضمانات فإف ىذه الضمانات تزوؿ عند االتفاؽ عمى الوفاء‬
‫بمقابل وال تعود ولو ِاستحق المقابل في يد الدائف‪.1‬‬
‫مثبل إذا كاف العقد األصمي ىو تسديد الديف الذؼ ىو في ذمة المديف وتـ الوفاء بو‬
‫بمقابل‪ ،‬إذ ِاستبدؿ محل االلتزاـ بمنح شقة بدال مف مبمغ مف النقود‪ ،‬ففي ىذه الحالة إذا‬
‫ِانتقمت ممكية الشقة إلى الدائف يزوؿ الديف األصمي والمتمثل في تسديد مبمغ مف النقود‪.‬‬
‫كما تزوؿ كل التأمينات الضامنة لمديف األصمي حتى واف ِاستحق الشيء المقابل‬
‫واِنتزع مف يد الدائف‪ِ ،‬باعتبار أنو في مثل ىذه الحالة يرجع عميو بدعوػ الضماف‪ ،‬كمثاؿ‪:‬‬
‫يبرـ شخص (أ) عقد قرض مع (س) عمى أف يكمفو ع وعوضا أف يقوـ (س) بالوفاء بالديف‬
‫الذؼ في ذمتو يقوـ بالوفاء بعقار بدال مف مبمغ النقود‪ ،‬ففي ىذه الحالة إذا رفع الغيز دعوػ‬
‫ِاستحقاؽ عمى العقار‪ ،‬ال يكوف لػ (أ) حق الرجوع عمى الكفيل (ع) لموفاء بالديف بل أنو أف‬
‫يرجع عمى المديف بدعوػ الضماف‪.‬‬
‫وىو ِاستثناء بخصوص الكفيل حسب نص المادة ‪ 655‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج التي تنص «إذا قبل‬
‫الدائن شيئا آخر في مقابل الدين برئت ذمة الكفيل ولو ِاستحق ىذا الشيء»‪.‬‬
‫عدة ديوف مف جنس واحد‪ ،‬ومستحقة لنفس الدائف‪ ،‬وقاـ‬
‫وفي حالة ما إذا كاف لممديف ّ‬
‫بالوفاء ببعضيا دوف البعض اآلخر‪ ،‬كاف لو عند الوفاء أف يعيف الديف الذؼ دفعو بمقابل‬
‫فإف لـ يفعل كاف المقابل المدفوع وفاء لمديف الحاؿ ثـ الديف األكثر كمفة عمى المديف فإف‬
‫تعادلت الديوف مف حيث حموؿ األجل والكمفة‪ ،‬كاف لمدائف خيار تعييف الديف الذؼ ِاستوفى‬
‫حقو‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوسيط في شرح القانوف المدني‪ ،‬نظرية االلتزاـ بوجو عاـ‪ ،‬األوصاؼ الحوالة االنقضاء‪،‬‬
‫منشورات الحمبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،2005 ،‬ص ‪.811‬‬

‫‪19‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث تعيين الدين الواجب الدفع‪.‬‬


‫مدة ديوف في ذمة المديف‪ ،‬والدائف واحد‪.‬‬
‫في حالة إذا كانت ّ‬
‫فتتبع أحكاـ الوفاء الخاصة بتعييف جية الدفع المنصوص عمييا عندما يكوف لمدائف‬
‫جميعا‪ ،‬فإذا تعيف الديف‬
‫ً‬ ‫عدة ديوف‪ ،‬ويقدـ المديف مقاببل ال يكفي لموفاء بيا‬ ‫في ذمة مدينو ّ‬
‫‪1‬‬
‫الذؼ تـ الوفاء بو يكوف وفقا لقواعد الوفاء العادؼ ِباعتباره سببا في أسباب ِانقضاء االلتزاـ‬
‫فيكوف لو وقت الدفع أف يعيف الديف الذؼ دفع مقابمو‪ ،‬فإذا لـ يقـ بيذا التعييف كاف ما دفعو‬
‫عدة ديوف كاف مقابل الديف أشد كمفة‪ ،‬فإذا كاف‬
‫مقابل الديف الذؼ حل أجمو واذا حل أجل ّ‬
‫المديف ممزما بالوفاء بالمصاريف زيادة عمى الديف األصمي وكاف ما آداه ال يكفي بالديف مع‬
‫ىذه الممحقات فيخصـ ما آداه مف حساب المصاريف ثـ مف أصل الديف‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬من حيث ِاسترداد المقابل‪.‬‬


‫أف المديف قد دفع مقاببل لديف ال وجود لو‪ِ ،‬اتبعت في ىذه الحالة أحكاـ‬
‫إذا تبيف ّ‬
‫الوفاء ال أحكاـ نقل الممكية ومنو ال يرجع المديف عمى الدائف بمقدار الديف‪ ،‬ولكنو يسترد منو‬
‫المقابل الذؼ دفعو بدعوػ ِاسترداد غير المستحق‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬من حيث الطعن بالدعوى البوليصية‪.‬‬


‫ىي اآلثار الناتجة عمى ِاعتبار الوفاء بمقابل وفاء‪ ،‬جواز الطعف بالدعوػ‬
‫البوليصيةفي الوفاء بمقابل مف قبل دائني المديف‪ ،‬فإذا وفي المديف المعسر وفاء بمقابل ألحد‬
‫دائنيو قبل حموؿ األجل الذؼ عيف أصبل لموفاء‪ ،‬جاز لدائني المديف أف يطعنوا بالدعوػ‬
‫البوليصية في ىذا الوفاء‪ ،‬وبذلؾ ال يسرؼ في حقيـ الوفاء بمقابل‪ ،‬كما يمكف أال يسرؼ ىذا‬
‫الوفاء لو حصل بعد ِانقضاء األجل إذا كاف نتيجة تواطؤ بيف المديف والدائف الذؼ استوفى‬

‫‪ -1‬د‪ .‬طمبة وىبة‪ ،‬خطاب احكاـ االلتزاـ بيف الشريعة اإلسبلمية والقانوف‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاىرة‪ ،‬دوف سنة نشر‪،‬‬
‫ص ‪.334‬‬

‫‪20‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫المقابل‪ 1‬وىو ما نصت عميو المادة ‪ 191‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 192‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج منو عمى‬
‫الشروط الواجب توفرىا لرفع الدعوػ البوليصية‪.‬‬
‫‪ -1‬أف يؤدؼ التصرؼ إلى إعسار المديف أو الزيادة في إعساره‪.‬‬
‫‪ -2‬أف يكوف ىناؾ غش أو تواطؤ‪ ،‬أؼ أف التصرؼ الصادر مف المديف بقصد‬
‫االضرار بحقوؽ الدائف ويكوف الغش وقت صدور التصرؼ المطعوف فيو‪ ،‬ويكفي إلعتبار‬
‫التصرؼ منطويا عمى غش‪ ،‬أؼ يكوف قدر صدر مف المديف وىو عالـ بإعساره وكاف أيضا‬
‫الطرؼ األخر قد عمـ بذلؾ الغش ويكوف ذلؾ بمجرد عمـ ىذا الغير بعسر المديف وىي قرينة‬
‫قرينة بسيطة يمكف إثبات عكسيا‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.926 -925‬‬

‫‪21‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫المبحث الثاني‬
‫الـــتجديد واإلنــــابة‬
‫نظـ المشرع الجزائرؼ أحكاـ التجديد واإلنابة في المواد ‪ 287‬إلى ‪ 296‬مف التقنيف‬
‫المدني الجزائرؼ باعتبارىما أسموبيف ينقضي بيما االلتزاـ بما يقابل الوفاء‪ ،‬وتكمف الصمة‬
‫الوثيقة بيف التجديد واإلنابة في أف اإلنابة تنطوؼ عمى تحديد في بعض صورىا‪ ،‬ولذلؾ‬
‫نحاوؿ دراسة كل منيا في مطمبيف عمى التوالي‪:‬‬

‫المطمب األول‬
‫مـــفيوم الـتجديـــد‬

‫قد يتفق طرفا االلتزاـ عمى إنياء رابطة االلتزاـ األصمي أو القديـ مقابل إنشاء إلتزاـ‬
‫جديد يحل محمو‪ ،‬كأف يكوف ىناؾ ِالتزاـ يدفع مبمغ مف النقود ثـ يتفق الطرفاف عمى إنياء‬
‫ىذه الرابطة باستبداؿ االلتزاـ واالستعاضة عنو بالتزاـ آخر بتسميـ كمية مف الحبوب مثبل‬
‫ويتـ الوفاء بو في وقت الحق‪ ،‬وىو ما يسمى بالتجديد وعمى ضوء ىذا سنتناوؿ في (الفرع‬
‫األول) إلى تعريفو ثـ نتطرؽ إلى شروطو في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫تعريف التجديد وصوره‬

‫أوال‪ :‬تعريف التجديد‪.‬‬


‫تجديد الديف ىو إتفاؽ يقصد بو استبداؿ ِالتزاـ جديد بإلتزاـ قديـ مغاير لو في عنصر‬
‫مف عناصره‪ ،‬المديف أو الدائف‪ ،‬الديف‪ ،1‬فيكوف سببا في انقضاء الديف األصمي أو القديـ‬
‫وفي نشوء الديف الجديد‪ ،‬ويختمف الديف الجديد عف الديف القديـ‪ ،‬إما في محمو أو مصدره‬
‫أو في أحد طرفيو‪.‬‬

‫‪ -1‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ واالثبات‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2011 ،‬ص ‪.251‬‬

‫‪22‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫جديدا لو‬
‫ً‬ ‫والتجديد وفقا لنص المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «ىو تصرف قانوني ينشئ ِالت ازما‬
‫ثالثة أنواع التجديد بتغيير محل الدين‪ ،‬كما ىو الحال في االلتزام البدلي وفي الوفاء‬
‫بمقابل والتجديد بتغيير المدين وىو حوالة الدين‪ ،‬والتجديد بتغيير الدائن وىو حوالة‬
‫الحق»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬صور التجديد‪.‬‬


‫وفقا لنص المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬فإف التجديد تصرؼ قانوني لو ثبلثة صور وذلؾ‬
‫حسب االتفاؽ الحاصل بيف الدائف والمديف‪ ،‬وقد ينصب االتفاؽ عمى ِاستبداؿ الديف مف‬
‫حيث المحل أو المصدر فيكوف التجديد موضوعيا‪ ،‬وقد ينصب االتفاؽ عمى تغيير أحد طرفا‬
‫االلتزاـ (الدائف أو المديف) دوف أف يشمل ىذا التغيير محل االلتزاـ أو مصدره‪ ،‬فيكوف‬
‫التجديد شخصيا‪.‬‬

‫‪ -1‬التجديد الموضوعي‪:‬‬
‫وقد عرضت لو الفقرة األولى مف المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج أنو‪« :‬يتجدد االلتزام بتغيير‬
‫الدين إذا اتفق الطرفان عمى ِاستبدال االلتزام األصمي بالتزام جديد يختمف عنو في محمو‬
‫أو مصدره»‪.‬‬
‫وىو يتجدد في صورتيف‪ :‬وىو تغيير الديف واستبدالو مف حيث محمو أو مصدره‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ -‬التجديد بتغيير المحل‪ :‬ومثاؿ ذلؾ كأف يكوف االلتزاـ األصمي التز ً‬
‫اما بدفع مبمغ مف النقود‬
‫فيتفق طرفا العقد عمى إحبلؿ ِالتزاـ بعمل معيف أو بنقل ممكية عيف معينة محمو أو مثبل‬
‫ِ‬
‫كاستبداؿ قطعة أرض بمنزؿ‪.‬‬

‫‪ -‬التجديد بتغيير المصدر‪ :‬ومثاؿ ذلؾ كأف يكوف شخص مدينا آلخر بمبمغ مف النقود يمثل‬
‫ثمف شيء اشتراه منو‪ ،‬ثـ يتفق الطرفاف بعد ذلؾ أف يظل المبمغ في ذمة المديف عمى سبيل‬
‫القرض‪ ،‬إذ يعتبر مصدر االلتزاـ في ىذه الحالة ىو عقد القرض بعد أف كاف عقد البيع‪ ،‬مع‬
‫بقاء محمو وطرفيو عمى حالتيا دوف تغيير‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫‪ -2‬التجديد الشخصي‪:‬‬
‫وقد عرضت لو الفقرتيف ‪ 2‬و‪ 3‬مف المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج بتجديد االلتزاـ‪:‬‬
‫‪« -‬بتغيير المدين إذا ِاتفق الدائن والغير عمى أن يكون ىذا األخير مدينا مكان المدين‬
‫األصمي‪ ،‬عمى أن تب أر ذمة المدين األصمي دون حاجة لرضائيا أو إذا حصل المدين عمى‬
‫رضا الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون ىو المدين الجديد»‪.‬‬
‫«بتغيير الدائن إذا ِاتفق الدائن والمدين والغير عمى أن يكون ىذا األخير ىو الدائن‬
‫الجديد»‪ ،‬وىو يتجدد في صورتيف‪:‬‬
‫‪ -‬التجديد بتغيير المدين‪ :‬وىو ما تعرضت لو الفقرة الثانية مف المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج كأف‬
‫يتفق الدائف مع أجنبي عمى أف يكوف ىذا األجنبي مديف مكاف المديف األصمي عمى أف تب أر‬
‫ذمة المديف األصمي دوف حاجة لرضائو ويطمق عمى ىذه الصورة مف صور التجديد التعيد‬
‫بالوفاء طبقا لممادة ‪ 114‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج فإما أف يحصل المديف عمى رضا الدائف بشخص أجنبي‬
‫قبل أف يكوف ىو المديف الجديد‪ ،‬عمى أف تب أر ذمة المديف األصمي فينعقد االتفاؽ ىنا برضاء‬
‫الثبلثة‪.‬‬

‫‪ -‬التجديد بتغيير الدائن‪ :‬وقد عرضت لو الفقرة ‪ 03‬مف المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج بنصيا عمى‬
‫أف التجديد بتغيير الدائف إذا ِاتفق الدائف والمديف واألجنبي عمى أف يكوف ىو الدائف الجديد‬
‫ّ‬
‫وىي صورة تغيير الدائف مع بقاء الديف والمديف‪.‬‬
‫ويظير الفرؽ في طريقة االنقضاء بيف ىذه الصورة مف التجديد وحوالة الحق‪،‬‬
‫والمبلحع أف الشخص الدائف األصمي في كبل الحالتيف ىو الذؼ يمحقو التغيير‪ ،‬ففي التجديد‬
‫بتغيير الدائف يمزـ أف يشترؾ المديف في ِاستبداؿ شخص الدائف‪ ،‬حيث أنو ال يمزـ في حوالة‬
‫الحق موافقة المديف‪ ،‬واذ لزـ إعبلنو بالحوالة‪.1‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1290‬‬

‫‪24‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫ويختمطاف في اآلثار إذ يحل الدائف الجديد في الحوالة في ذات الحق الذؼ لمدائف‬
‫القديـ بما يجعل حقو في أف يستفيد مف التأمينات التي كانت ليذا األخير‪ ،‬وفي حيف يترتب‬
‫عمى التجديد مف حيث األصل انقضاء االلتزاـ القديـ فتزوؿ معو تأميناتو‪ ،‬األمر الذؼ يجعل‬
‫الدائف الجديد يفضل حوالة الحق عمى التجديد‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫شــــروط التجديد وأثـــاره‬

‫يشترط لوقوع التجديد باعتباره تصرؼ قانوني كغيره مف التصرفات جممة مف الشروط‬
‫منصوص عمييا في المواد ‪ 289 -287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬وكما يترتب عمى ىذه العممية أثار في‬
‫ِانقضاء االلتزاـ األصمي بما لو مف تأمينات وتوابع وخصائص وينشأ مكانو التزاـ جديد‬
‫مستقل عنو وسنتطرؽ بالتفصيل (أوال) لشروط التجديد ثـ آلثاره (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط التجديد‪.‬‬


‫ويشترط إلتماـ التجديد شروط أساسية وىي تتمثل في األىمية وسبلمة الرضا‪ ،‬ونية‬
‫التجديد‪ ،‬وجود إلتزاـ قديـ وانشاء إلتزاـ جديد في ذمة المديف‪.‬‬

‫‪ -1‬األىمية وسالمة الرضا‪:‬‬


‫لصحة التجديد يشترط عمى كل مف طرفي العقد أف يكوف أىبل لمتعاقد‪ ،‬وأف تكوف‬
‫إرادتيما سميمة وىي ىنا نية التجديد واال ال تحدث أث ار قانونيا إال إذا صدرت مف ذؼ أىمية‬
‫ِباعتبار التجديد تصرؼ يدور بيف النفع والضرر‪ ،‬فبل تكفي وجوب أىمية الوجوب فقط بل‬
‫وجوب توفر في الدائف األصمي وبما أف إرادتو إتجيت إلى النزوؿ عف حقو القديـ مقابل‬
‫نشوء حق جديد أىمية األداء ىذا مف جية ومف جية أخرػ المديف األصمي ال يكفي توفر فيو‬
‫أىميو الوفاء بالديف بل يجب أف تتوفر فيو أىمية االلتزاـ‪ ،‬في حيف أف الدائف الجديد الذؼ‬
‫سيكوف دائنا في االلتزاـ الجديد‪ ،‬فيكفي أف يكوف ممي از ما لـ يكف قد دفع عرضا لمدائف‬

‫‪ -1‬د‪ .‬دمحم شكرؼ سرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.299‬‬

‫‪25‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫القديـ‪ ،‬أو تنازؿ عف حقو‪ ،‬ففي ىذه الحالة يشترط فيو أىمية األداء‪ ،‬أما المديف الجديد فبل‬
‫يكفي أف يكوف ممي از ألنو يمتزـ بالديف الجديد‪ ،‬فيجب أف يكوف بالغا لسف الرشد غير محجور‬
‫عميو فإذا عقده قاصر مميز وقع قاببل لئليصاؿ لمصمحة القاصر وحده‪.1‬‬

‫‪ -2‬وجود ِالتزام قديم في ذمة المدين‪:‬‬


‫يتـ تجديد االلتزاـ األصمي أو القديـ بإنشاء ِالتزاـ جديد وصحيح بدال منو‪ ،‬فإذا لـ يوجد‬
‫إلتزاـ قديـ موجود وصحيح وقائـ أصبل في ذمة المديف فمو مجاؿ التجديد قانونا لتخمف ركف‬
‫السبب‪.‬‬
‫فإذا كاف االلتزاـ القديـ غير موجود أصبل إلنقضائو مثبل بالتقادـ‪ ،‬فإننا نكوف بصدد‬
‫ِالتزاـ موىوـ ال يصح أساسا أف يكوف محبل لمتجديد‪ ،‬أو أف يكوف االلتزاـ باطبل ألؼ سبب‬
‫مف األسباب‪ ،‬فبل يمكف أف يقوـ التجديد لبطبلف سببو المادة ‪ 1-188‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «فإنو إذا‬
‫اما معدوما في نظر‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫كان االلتزام القديم باطال‪ ،‬امتنع أن يكو محال لمتجديد ألنو بان بالتز ً‬
‫صحيحا‪ ،‬إال إذا قصد األطراف بااللتزام الجديد واجازة العقد وأن‬
‫ً‬ ‫القانون فال يكون التجديد‬
‫يحل محمو المادة ‪ 2-288‬ق‪.‬م‪.‬ج»‪.‬‬
‫وىو ما نصت عميو المادة ‪ 1-288‬ؽ‪ .‬ـ‪.‬ج ووضحتو‪« :‬ال يتم التجديد إال إذا كان‬
‫االلزام القديم والجديد قد خال كل منيما من أسباب البطالن»‪.‬‬
‫ومف جية أخرػ فإنو إذا تـ فسخ العقد المولد لبللتزاـ القديـ زاؿ تبعا لذلؾ التجديد‪.2‬‬
‫أما إذا كاف العقد معمقا عمى شرط واقف أو فاسخ فإف مصير التجديد يبقى معمقا عمى‬
‫ىذا الشرط‪ ،‬فإف تحقق الشرط الواقف ِاستقر التجديد‪ ،‬أما إذا تحقق الشرط الفاسخ فإف‬
‫التجديد يسقط بسقوط االلتزاـ األصمي‪.3‬‬

‫‪ -1‬سميماف مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانوف المدني في االلتزامات‪ ،‬ج‪ ،4‬أحكاـ االلتزاـ‪ ،‬ط‪ ،2‬القاىرة‪ ،1992 ،‬ص ‪.779‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.575‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.819‬‬

‫‪26‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫وأما إذا كاف االلتزاـ القديـ إلتزاما طبيعيا‪ ،‬فإنو ال يصمح قانونا أف يكوف محبل لمتجديد‬
‫والرأؼ الغالب في الفقو يرػ أف التجديد ال يرد إال عمى عقد مدني صحيح‪ ،‬أما االلتزاـ‬
‫الطبيعي فيصمح فقط ألف يكوف إلتزاـ مدني‪.‬‬

‫‪ -3‬نشوء التزام جديد في ذمة المدين‪:‬‬


‫جوىر فكرة التجديد ىو انقضاء االلتزاـ األصمي أو القديـ ونشوء ِالتزاـ جديد ليحل‬
‫محمو‪ ،1‬وانشاء إلتزاـ جديد البد أف يخالف االلتزاـ القديـ في عنصر مف عناصره اليامة أما‬
‫إذا كاف االلتزاـ الجديد ال يغادر االلتزاـ القديـ‪ ،‬فبل يعدوا أف يكوف ىذا إقرار بااللتزاـ القديـ‬
‫كما ىو دوف تغيير‪ ،2‬ويمكف حصر التعديبلت الجوىرية التي يتـ بيا التجديد في أسموبيف‪،‬‬
‫فيو قد يتـ بتغيير أحد طرفيو أؼ بتغيير شخص الدائف أو بتغيير شخص المديف‪ ،‬وىو ما‬
‫يسمى بالتجديد الشخصي‪ ،‬وقد يتـ بتغيير محل الديف دائنو أو مصدره وىو ما يسمى‬
‫بالتجديد الموضوعي‪.3‬‬
‫وقد أشار المشرع الجزائرؼ في المادة ‪ 287‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج إلى حاالت التغيير الجوىرية‬
‫ا ألساسية‪ ،‬التي ثممت التجديد بتغيير محل االلتزاـ ذاتو‪ ،‬أو سببو وكذا التغيير في شخص‬
‫الدائف وشخص المديف‪.‬‬
‫وقد أشارت المحكمة العميا في قرار ليا عمى أنو ال مجاؿ لتطبيق أحكاـ المادة ‪287‬‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ج الخاصة بتجديد الديف‪ ،‬طالما لـ يستحيل االلتزاـ األصمي (الديف) بالتزاـ جديد يختمف‬
‫عنو في محمو وفي مصدره*‪.‬‬
‫وىذا ِاجتياد قضائي صائب وفي محمو‪ ،‬يساير القواعد القانونية الخاصة التي تشترط‬
‫لقياـ التجديد إنشاء ِالتزاـ جديد مخالفا لبللتزاـ القديـ في أحد عناصره اليامة وأف التعديبلت‬

‫‪ -1‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬


‫‪ -2‬أ‪ .‬جميمة دوار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ في القانوف المدني الجزائرؼ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار قرطبة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ -3‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.575‬‬
‫*‪ -‬المحكمة العميا‪ ،‬غ‪.‬ت‪.‬ب ‪ ،2005/06/08‬ممف رقـ ‪ ،354458‬ـ‪.‬ـ‪.‬ع‪ ،2005 ،‬العدد ‪ ،01‬ص ‪.225‬‬

‫‪27‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الطفيفة والغير الجوىرية التي تفيد بطريقة واضحة ومؤكدة توافر نية تجديد االلتزاـ ال تؤدؼ‬
‫إلى قيامو قانونا بيف األطراؼ‪.‬‬

‫‪ -4‬بنية التجديد‪:‬‬
‫تقضي المادة ‪ 289‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج « ال يفترض التجديد بل يجب االتفاق عميو صراحة‬
‫أو ِاستخالصو بوضوح من الظروف»‪ .‬يتضح مف ىذه المادة أنو يمزِـ ِالتماـ تجديد االلتزاـ‬
‫أف توجد لدػ الطرفيف نية التجديد‪ ،‬وأف تُثبت تمؾ النية بشكل واضح بحيث ال يكوف ىناؾ‬
‫مجاؿ لمشؾ فييا‪.‬‬
‫فالقاعدة أف التجديد ال يفترض كضرورة ِاختبلؼ االلتزاـ الجديد عف االلتزاـ القديـ في‬
‫أحد عناصره الجوىرية السابقة‪.1‬‬
‫جديدا أو إلغاء األجل‬
‫ً‬ ‫بل‬
‫تجديدا تغيير زماف الوفاء بمنح المديف أج ً‬
‫ً‬ ‫وبالتالي ال يعد‬
‫القائـ‪ ،‬أو مكانو أو طريقة الوفاء بو‪ ،‬أو تعديل سعر الفائدة المتفق عمييا إال إذا صرح‬
‫تجديدا في محل الديف‪ ،2‬وىو ما عبرت عنو المادة‬
‫ً‬ ‫عد‬
‫الطرفاف المتعاقداف أنو تجديد وعندئذ ُي ّ‬
‫‪ 2-289‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج بقوليا «وبوجو خاص ال ينتج التجديد من كتابة سند بدين موجود قبل‬
‫ذلك ولو مما يحدث في االلتزام من تغييرات ال تتناول إال زمان الوفاء أو مكانو أو كيفية‬
‫الوفاء بو وال مما يدخل عمى االلتزام من تعديالت ال تتناول إال التأمينات ما لم يكن ىناك‬
‫ِاتفاق يقضي بخير ذلك»‪.‬‬
‫تجديدا‬
‫ً‬ ‫وتنص المادة ‪ 290‬عمى أنو‪« :‬ال يعد مجرد تقييد االلتزام في حساب جار‬
‫وانما يتجدد االلتزام إذا قطع رصيد الحساب وتم إقراره عمى أنو إذا كان مكفوال بدين خاص‪،‬‬
‫فإن ىذا التأمين يبقى ما لم يتفق عمى غير ذلك»‪ .‬يفيـ مف نص المادة أنو ال يمكف اعتبار‬
‫ّ‬
‫كل مجرد تقييد االلتزاـ في حساب جار تجديدا‪ ،‬ذلؾ وألف ىذا األخير ال يكوف إال إذا حل‬

‫‪ -1‬نبيل إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬


‫‪ -2‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.381‬‬

‫‪28‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫محل االلتزاـ األصمي السابق ومجرد تقييد االلتزاـ في حساب جار قبل قطع الرصيد ال ينشئ‬
‫جديدا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اما ً‬ ‫التز ً‬
‫واِشتراط وجود نية التجديد أمر طبيعي في التجديد‪ ،‬وذلؾ ألف أؼ اتفاؽ يفترض‬
‫ِانصراؼ النية إلى مضمونو‪ ،‬ولكي يتحقق تجديد االلتزاـ بالمعنى القانوني‪ ،‬البد مف إقامة‬
‫أف إنشاء اإللتزاـ الجديد كاف سببو‪ ،‬والغرض منو ىو ِاسقاط االلتزاـ القديـ‬
‫الدليل عمى ّ‬
‫واِنقضاؤه‪ ،‬واثبات ىذا األمر قد يكوف صعبا في كثير مف الحاالت لذا حرص المشرع عمى‬
‫عدـ جواز ِافتراض وقوع التجديد‪ ،‬وفي حالة الشؾ أف يفسر ضد ىذا األخير (التجديد)‪.‬‬
‫عمميا في ِانقضاء التأمنيات الضامنة لمديف‬
‫ً‬ ‫وتظير أىمية ثبوت التجديد مف عدمو‬
‫القديـ‪ ،‬ما لـ يتفق صراحة عمى بقائيا ضامنة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار التجديد‪.‬‬


‫يترتب عمى التجديد أثر مزدوج أثر مسقط وأثر منشئ‪ ،‬إنقضاء االلتزاـ القديـ وانشاء‬
‫إلتزاـ جديد مستقل عنو‪ ،‬بحيث تنقضي التأمينات التي كانت تكفل االلتزاـ األصمي بانقضاء‬
‫االلتزاـ القديـ وال تنتقل إلى االلتزاـ الجديد إلى ِاستثناءا بنص القانوف أو االتفاؽ أو تبيف مف‬
‫الظروؼ أف نية المتعاقديف إتجيت إلى ذلؾ‪ ،‬فسنتعرض أوالً إلى األثر المسقط لمتجديد ثـ‬
‫إلى األثر المنشئ لو‪.‬‬

‫‪ -1‬األثر المسقط لمتجديد‪:‬‬


‫يسقط االلتزاـ القديـ بنشوء ِالتزاـ جديد مكانو إذا ما تحققت جميع الشروط القانونية لو‬
‫مف اتفاؽ ونية وتغيير في أحد العناصر األساسية لبللتزاـ األصمي‪ ،‬فإف ىذا األخير ينقضي‬
‫بكل توابعو ومقوماتو وصفاتو ودفوعو وما يمحق بو مف تأمينات وضمانات بشكل نيائي بغير‬
‫رجعة‪ ،2‬وال يبقى إال االلتزاـ الجديد بصفتو وشروطو‪.‬‬

‫‪ -1‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬


‫‪ -2‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪29‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫وىو ما نصت عميو المادة ‪ 291‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «يترتب عمى التجديد انقضاء االلتزام‬
‫األصمي بتوابعو‪ ،‬واِنشاء إلتزام جديد مكانو»‪.‬‬
‫وال تنتقل التأمينات التي تكفل تنفيذ االلتزاـ األصمي واال بنص في القانوف او إذا تبيف مف‬
‫االتفاؽ أو مف الظروؼ أف نية المتعاقديف ِانصرفت إلى غير ذلؾ‪.‬‬
‫فالمشرع نظـ إمكانية ِانتقاؿ ىذه التأمينات حيث يكفي أف يتفق أطراؼ التجديد عمى‬
‫ِانتقاليا صراحة أو ضمنا إلى االلتزاـ الجديد‪ ،‬حيث فرؽ بيف نوعيف مف التأمينات إما أف‬
‫تكوف تأمينات مقدمة مف المديف القديـ نفسو‪ ،‬واما أف تكوف تأمينات قدميا الغير‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 293‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج « ال تنتقل الكفالة العينية أو الشخصية وال التضامن إلى‬
‫االلتزام الجديد إال إذا رضي بذلك الكفالء والمدينون المتضامنون»‪.‬‬
‫بمعنى أنو البد مف رضاء الغير الذؼ رتب تمؾ التأمينات لكي تنتقل إلى المديف‬
‫الجديد‪ ،‬في ذه التأمينات الضامنة لبللتزاـ القديـ ىي الكفالة‪ ،‬سواء أكانت عينية أـ شخصية‬
‫والتضامف‪ ،‬ويستمزـ النتقاليا رضاء الكفيل أو المديف المتضامف‪.1‬‬

‫المطمب الثاني‬
‫اإلنابة في الوفاء‬

‫لـ يعالج المشرع الجزائرؼ اإلنابة في الوفاء بصورة مستقمة‪ ،‬ولكف ألحقيا بصورة‬
‫التجديد‪ ،‬حيث خصص ليا ثبلثة مواد وىي المادة ‪ 296-295 -214‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج الواردة في‬
‫الموضوع المخصص لمعالجة التجديد‪ ،‬وربما ىذا راجع إلنطوائيا عمى صورة التجديد‬
‫تجديدا لمديف بتغيير المديف‪.‬‬
‫ً‬ ‫في إحدػ صورتيا اإلنابة الكاممة‪ ،‬حيث ُّ‬
‫تعد‬
‫وباعتبارىا وسيمة إلنقضاء االلتزاـ تفترض وجود دائف ومديف ووفق ليا فإف المديف‬ ‫ِ‬

‫يحصل عمى موافقة شخص مف الغير (سواء كاف ىذا الشخص مدينا لممديف أو غير مديف‬

‫‪ -1‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،123‬وما بعدىا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫لو)‪ ،‬عمى أف يقوـ الوفاء بااللتزاـ لمدائف إذا قبل ىذا األخير ىذا االلتزاـ مقابل إنقضاء ديف‬
‫المديف األصمي‪ ،1‬سنعرض في ىذا المطمب إلى مفيوـ اإلنابة (الفرع األول) ثـ نتطرؽ في‬
‫(الفرع الثاني) إلى آثارىا‪.‬‬
‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫مفيوم اإلنابة في الوفاء‬

‫ىناؾ ِاختبلؼ كبير بيف التعاريف الفقيية التي تحدد تعريف اإلنابة في الوفاء‪ ،‬فيناؾ‬
‫آراء عديدة منيـ مف ِاعتبرىا تعويض ومنيـ مف إعتبرىا نيابة تعاقدية‪ .‬أما المشرع الجزائرؼ‬
‫لـ يأتي بتعريف ليا في القانوف المدني وانما ذكر لكيفية قياـ ىذا النظاـ وحدد أطرافيا‬
‫وشروطيا دوف بياف لطبيعتيا‪ ،‬فسنتطرؽ في ىذا الفرع لتعريف اإلنابة في الوفاء (أوال)‪ ،‬ثـ‬
‫نتطرؽ إلى أنواع اإلنابة في الوفاء (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اإلنابة في الوفاء‪.‬‬


‫عرؼ بعض الفقياء الجزائرييف اإلنابة في الوفاء بأنيا‪« :‬عبارة عن تصرف بمقتضاىا‬
‫اب (الدائن) بشخص ثالث وىو المناب يمتزم بوفاء‬
‫رضا المَن ْ‬
‫المنيب (المدين) عمى ً‬
‫يحصل ُ‬
‫الدين مكان المدين»‪.2‬‬
‫تنص المادة ‪ 294‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج عمى‪« :‬تتم اإلنابة إذا حصل المدين عمى رضاء الدائن‬
‫حتما‬ ‫ن‬
‫بشخص أجنبي يمتزم بوفاء الدين مكان المدين‪ ،‬وال تقتضي اإلنابة أن تكو ىناك ً‬
‫مديونة سابقة بين المدين والغير»‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬


‫‪ -2‬دمحم صبرؼ السعدؼ‪ ،‬النظرية العامة لبللتزامات‪ ،‬ج‪ ،2‬أحكاـ االلتزاـ في القانوف المدني الجزائرؼ‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫ط‪ ،2004‬ص ‪.364‬‬

‫‪31‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫فاإلنابة تصرؼ قانوني بو يحصل المديف عمى رضا الدائف بشخص أجني يمتزـ بوفاء‬
‫الديف مكانو‪ 1‬وتب أر ذمة الديف تجاه الدائف نتيجة لذلؾ‪ .‬وتتـ اإلنابة في الوفاء بوجود أشخاص‬
‫ثبلثة‪ ،‬بدونيـ ال يمكف أف تتحقق وىـ‪:‬‬
‫‪ -‬المنيب‪ :‬ىو المديف الذؼ يقوـ بإنابة شخص آخر (الشخص األجنبي) ليقوـ ىذا بوفاء‬
‫الديف إلى الدائف‪.‬‬
‫‪ -‬المناب‪ :‬وىو الشخص األجنبي يقوـ المديف (المنيب) بإنابتو ليفي الديف إلى الدائف‪.‬‬
‫‪ -‬المناب لديو‪ :‬وىو الدائف الذؼ يحصل الوفاء لديو مف قبل المناب‪ ،‬أؼ أنو ىو الشخص‬
‫وغالبا ما يكوف‬
‫ً‬ ‫الذؼ يقوـ المنيب (المديف) بإنابة الشخص األجنبي لديو ليفي لو دينو‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬أف يكوف المنيب دائنا لممناب ولذلؾ يختاره ليقوـ‬
‫مدينا لممناب لديو بل والغالب ً‬
‫المنيب ً‬
‫بالوفاء بالديف لممناب لديو‪ .‬فيتخمص بيذه الطريقة مف دينو تجاه المنيب وتب أر ذمتو‪.2‬‬
‫وقد تنص المادة ‪ 224‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «تتم اإلنابة إذا حصل المدين عمى رضاء الدين‬
‫بشخص أجنبي يمتزم بوفاء الدين مكان المدين وال تقتضي اإلنابة أن تكون ىناك حتما‬
‫مديونية سابقة بين المدين والغير» وحسب الفقرة الثانية مف ىذه المادة ‪ 1-294‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‬
‫فإنو ال تشترط بالضرورة وجود عبلقة دائنية ومديونية سابقة المديف (المنيب) والشخص‬
‫الثالث (الغير)‪ .‬والذؼ ىو أجنبي عف عبلقة المديف بدائنو (المناب)‪ ،‬فتنص عمى أنو‪...« :‬‬
‫حتما مديونية سابقة بين المدين والغير»‪ .3‬والمديونية‬ ‫ن‬
‫ال تقتضي اإلنابة أن تكو ىناك ً‬
‫طا في اإلنابة‪ ،‬فقد ال يكوف المناب مدينا لممنيب‪ ،‬ومع ذلؾ‬
‫حسب ىذه المادة ليست شر ً‬
‫يرتضي اإلنابة بقصد التبرع بقيمة الديف لممديف‪ ،‬أو يقصد ِاقتراضو تمؾ القيمة عمى أف‬
‫يطالبو بيا بعد ذلؾ‪.‬‬

‫‪ -1‬توفيق حسف فرج‪ ،‬مصطفى المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.589‬‬


‫‪ -2‬لشيب نادية ليمى‪ِ ،‬انقضاء االلتزاـ باإلنابة‪ ،‬مذكرة لنيل شيادة الماجستير في الحقوؽ‪ ،‬فرع عقود ومسؤولية‪ ،‬كمية‬
‫الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2017-2016 ،‬ص ص ‪.17 -16‬‬
‫‪ -3‬ريـ عدناف عبد الرحماف الشنطي‪ ،‬اإلنابة في الوفاء دراسة مقارنة بيف القانوف المدني والمصرؼ والقانوف المدني‬
‫األردني ومشروع القانوف الفمسطيني‪ ،‬مذكرة ماجستير فمسطيف‪ ،2007 ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪32‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫وعميو يتضح أف اإلنابة في الوفاء عبارة عف عبلقة تربط بيف شخص الدائف والمديف بحكـ‬
‫أف ىذا األخير ىدفو دفع ما في ذمتو إتجاه الدائف ىذا أوال‪ ،‬ثـ يحكـ االتفاؽ الذؼ بيف‬
‫ّ‬
‫المديف والشخص األجنبي‪ ،‬سواء كاف ذلؾ بسبب مديونية سابقة أو كاف ىدؼ ىذا األخير‬
‫التبرع لو بقيمة الديف‪ ،‬تنشأ عبلقة شخصية ثابتة تربط بيف الدائف والشخص األجنبي (اإلنابة‬
‫الكاممة)‪ ،‬نجد إضا فة إلى كل ىذا عبلقة ثالثة قد تربط بيف األطراؼ الثبلثة دائف ومديف‬
‫وشخص أجنبي في حالة ما إذا أضيف ِالتزاـ الشخص األجنبي إلى إلتزاـ المديف (اإلنابة‬
‫الناقصة)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع اإلنابة‪.‬‬


‫اإلنابة في الوفاء تنقسـ إلى قسميف‪ ،‬اإلنابة الكاممة وىي النوع الذؼ يتـ فيو تبرأة ذمة‬
‫المديف األصمي تجاه الدائف‪ ،‬وكذا اإلنابة الناقصة وىي النوع الثاني مف اإلنابة والتي يقوـ‬
‫فييا االلتزاـ المناب‪ ،‬الشخصي األجنبي إلى جانب المنيب المديف األصمي‪ ،‬فمكل نوع مفيوـ‬
‫وخصائص وشروط‪ ،‬وعميو فإننا سنحاوؿ في كبل مف النوعيف السالفيف الذكر‪ ،‬التطرؽ إلييا‬
‫اإلنابة الكاممة أوال ثـ نتناوؿ النوع الثاني االنابة الناقصة وما يتعمق بيا وشروطيا‪.‬‬

‫‪-1‬اإلنابة الكاممة‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 225‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج إذا ِاتفق المتعاقدوف في االنابة أف يستبدلوا بالتزاـ سابق‬
‫التزاـ جديدا كانت ىده االنابة تجديد البللتزاـ بتغيير المديف ويترتب عمييا إبراء ذمة المنيب‬
‫قبل المناب لديو عمى أف يكوف االلتزاـ الجديد الذؼ ارتضاه المناب صحيحا وأال يكوف ىذا‬
‫األخير معس ار وقت االنابة‪.‬‬
‫غير أنو ال يفترض التجديد في االنابة فإف لـ يكف ىناؾ اتفاؽ عمى التجديد بقي‬
‫االلتزاـ القديـ إلى جانب االلتزاـ الجديد‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫يتبيف مف ىذا النص أف اإلنابة الكاممة تتحقق عندما يتـ االتفاؽ عمى استبداؿ الديف‬
‫ذمة مدينة ويرتضي المناب مديف لو‪،1‬‬
‫الجديد بالديف القديـ‪ ،‬وفييا ُيبرغ المناب لديو "الدائف" ّ‬
‫أف اإلنابة الكاممة ىي عقد يتعقد برضا األطراؼ الثبلثة‪ :‬المنيب‪ ،‬والمناب‬ ‫ىذا بمعنى ّ‬
‫والمناب لديو‪.‬‬
‫فإذا إنتيى ىذا التجديد كنا بصدد إنابة ناقصة عف ولو توافر التجديد بتغيير الدائف‬
‫واذا توافر ىذا التجديد كنا بصدد إنابة كاممة حتى ولو انتفى التجديد بتغيير الدائف‪.‬‬
‫حسب نص المادة ‪ 296‬أعبله ؽ‪.‬ـ‪.‬ج أنو اإلنابة الكاممة تتضمف براءة المنيب قبل‬
‫عد شروط‪ ،‬كما أف ِالتزاـ المناب قبل المناب لديو‬
‫المناب لديو‪ ،‬وليتحقق ذلؾ وجب أف تتوافر ّ‬
‫مجردا عف سببو‪.‬‬
‫ً‬ ‫يصبح‬
‫عسر في ىذا الوقت رجع المناب لديو عمى المنيب ىذا مف جية‪،‬‬
‫واذا تبيف أنو كاف م ًا‬
‫مجردا عف السبب والمقصود مف كوف‬
‫ً‬ ‫ومف جية أخرػ اعتبار إلتزاـ المناب قبل المناب لديو‬
‫مجردا عف السبب إف إلتزاـ المناب بالوفاء بالديف لممناب‬
‫ً‬ ‫أف إلتزاـ المناب قبل المناب لديو‬
‫مجردا ومستقبلً عف العبلقة التي تربطو بالمنيب‪ ،‬فالمناب قد‬
‫ً‬ ‫لديو مكاف المنيب يكوف‬
‫دينا عميو قبل‬ ‫ِ‬
‫ارتضى أف يمتزـ في مواجية دائف المنيب‪ ،‬إما ألنو يرغب في أف يؤدؼ ً‬
‫المنيب‪ ،‬و ًأيا كاف السبب‪ ،‬فيو –وعمى خبلؼ ما تقضي بو القواعد العامة‪ -‬ال أثر لو عمى‬
‫مجرد عف سببو‪.2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صحة التزاـ المناب قبل المناب لديو فيو التزاـ ّ‬
‫‪ -2‬اإلنابة الناقصة‪:‬‬
‫تعددت التعاريف الفقيية التي تناولت اإلنابة الناقصة‪ ،‬حيث عرفت ذمتو إلى ذمة‬
‫المناب بحيث يقبل المناب كمديف آخر‪ ،‬فيكوف لممناب لديو مديناف بدالً مف مديف و ٍ‬
‫احد‪.3‬‬

‫‪ -1‬لشيب نادية ليمى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ -2‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ج‪ ،3‬انقضاء االلتزاـ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1007‬‬
‫‪ -3‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 132.....‬وما بعدىا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫تتحقق اإلنابة الناقصة عندما يتـ االتفاؽ بيف طرفييا المناب والمنيب عمى ضـ ذمة‬
‫المناب إلى المنيب ألداء الديف بتجديد دائنو‪ ،‬بحيث يصبح لممناب لديو مدينيف بدال مف‬
‫مديف واحد‪ .‬والتجديد بتغيير الدائف ليس مف شأنو بمفرده أف يجعل اإلنابة كاممة بل تكوف‬
‫ناقصة وكل منيما يكوف مستقبل عف اآلخر‪.‬‬
‫وعميو إذا لـ يكف ىناؾ اتفاؽ صريح عمى تجديد االلتزاـ بتغيير المديف في اإلنابة‪،‬‬
‫وقعت ىذه األخيرة ناقصة‪ ،‬وىذا ىو األصل في اإلنابة ألنو يغمب الظف عمييا أال يقبل‬
‫الدائف (المناب لديو) بيذا النظاـ تكوف اإلنابة قاصرة‪ ،‬فيكتفي الدائف (المناب لديو) بأف يقبل‬
‫تعيد المناب عمى أف يضـ ىذا التعيد إلى ِالتزاـ المنيب قبمو بحيث يكوف لو أف يطالب واحد‬
‫منيما دوف أف يكوف بينيما يتضامف‪ ،‬ومثاؿ ذلؾ بيع عقار مرىوف فيقوـ البائع بإنابة‬
‫المشترؼ في دفع الثمف إلى الدائف المرتيف‪ ،‬فبل يقبل الدائف المرتيف (المناب لديو) إبراء‬
‫البائع مف دينو بمجرد اإلنابة‪ ،‬فإذا وفي المناب (المشترؼ) الديف إلى المناب لديو (الدائف‬
‫المرتيف) إنقضى الديف في مواجيتو وانقضى ديف البائع تجاه الدائف المرتيف وانقضى كذلؾ‬
‫ديف المشترؼ قبل البائع‪ ،‬أما إذا لـ يف المشترؼ (المناب) بالديف ووفاهُ المنيب (البائع) كاف‬
‫لو أف يرجع عمى المناب بما وفى‪.‬‬
‫تجديدا بتغيير‬
‫ً‬ ‫والعبرة مف معرفة اإلنابة إف كانت ناقصة أو كاممة ىي بأف تتضمف‬
‫تجديدا كانت كاممة واال عدت ناقصة بما أف التجديد يتغير‬
‫ً‬ ‫ال يتضمف‪ ،‬فإف تضمنت‬
‫المديف أو ً‬
‫الدائف ليس مف شأنو أف يجعل اإلنابة كاممة‪.‬‬
‫وبالنسبة لشروط اإلنابة الناقصة‪ ،‬فيشترط فييا ما يشترط في اإلنابة الكاممة ضرورة‬
‫توافر االتفاؽ الثبلثي عمييا مف قبل أطرافيا الثبلثية‪.‬‬
‫تتشابو االنابة الناقصة مع بعض األنظمة المشابية ليا منيا الكفالة‪ ،‬االشتراط‬
‫لمصمحة الغير‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫تتشابو اإلنابة الناقصة مع الكفالة في أنيا مثميا‪ ،‬تعيد تأمينا شخصيا يقوؼ ضماف‬
‫الدائف‪ ،‬كما تشترؾ معيا أيضا في أف ِالتزاـ المناب‪ ،‬مثمو في ذلؾ مثل إلتزاـ الكفيل‪ ،‬يمكف‬
‫أف يكوف مختمفا مف حيث شروطو عف ِالتزاـ المنيب (مثمما يمكف أف يكوف ِالتزاـ الكفيل‬
‫مختمفا عف ِالتزاـ المديف‪ ،‬إذ يمكف أف يكوف مختمفا مف حيث سعر الفائدة أو إلضافة إلى‬
‫أجل إال أنيا تختمف مف الكفالة في أنيا عقد تابع لعقد الديف المكفوؿ وىو لذلؾ يتبع مصيره‬
‫مف حيث البطبلف‪ ،‬فإذا كاف باطبل رفعت كفالتو باطمة أيضا‪ ،‬وىو بخبلؼ اإلنابة بسبب‬
‫ِاستقبللية ِالتزاـ المناب في مواجية المناب لديو عف ِالتزامو في مواجية المنيب‪ ،‬ولذلؾ فإف‬
‫بطبلف ِالتزاـ المناب في مواجية المنيب ليس لو أؼ تأثير عمى ِالتزامو في مواجية المناب‬
‫لديو‪.‬‬
‫وأف الكفيل لو الحق في أف يتمسؾ في مواجية الدائف بالدفع بالتجريد‪ ،‬وىو ليس حاؿ‬
‫المناب الذؼ ال يجوز لو التمسؾ برجوع لمدائف عمى المنيب أوالً ألف المناب مديف أصمي‬
‫لمدائف ومديف أصمي لممنيب‪.1‬‬
‫وتتشابو اإلنابة مع االشتراط لمصمحة الغير‪ ،‬حيث يطمب المشتػرط مػف الغػير‬
‫أو المتعيد أف يتعيد قبل الدائف (المستفيد) لكف اإلنابة الناقصة تستوجب تبلقي إرادة‬
‫األطراؼ الثبلث ( المنيب‪ ،‬المناب‪ ،‬المناب لديو)‪ ،‬كما أف حق المناب لديو قبل المناب ال‬
‫ينشأ إال مف وقت قبوؿ المناب لديو لئلنابة‪ ،‬أما في االشتراط لمصمحة الغير فإنو ينشأ حق‬
‫مباشر لممستفيد قبل المتعيد مف وقت ِاتفاؽ المشترط والمتعيد‪.‬‬

‫‪ -1‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.117 -114‬‬

‫‪36‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الفرع الثاني‬

‫آثار اإلنابة في الوفاء‬

‫بعد تطرقنا إلى أنواع اإلنابة كاممة وناقصة‪ ،‬فالكاممة ىي التي تبرغ ذمة المديف‪،‬‬
‫والناقصة ىي تعني قياـ ِالتزاـ المنيب إلى جانب ِالتزاـ المناب‪ ،‬أؼ أنيا تبرغ ذمة المنيب مف‬
‫فإف كل نوع ينتج آثار خاصة بو‬
‫دينو قبل المناب لديو‪ ،‬ولذلؾ يظل مدينا بجانب المناب‪ّ ،‬‬
‫وعميو فإننا سنقوـ بدراسة ىذه اآلثار بدراسة العبلقات الناشئة بيف أطرافيا‪ ،‬ولتفصيل ىذه‬
‫اآلثار يجب أف يكوف في كبل نوعي اإلنابة ألف الرابطة التي تربط كل طرؼ بآخر تختمف‬
‫بحسب ما إذا كانت اإلنابة كاممة أو ناقصة وعميو فإننا سنقوـ بدراسة أثار اإلنابة الكاممة‬
‫(أوال) ثـ الناقصة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬آثار اإلنابة الكاممة‪.‬‬


‫لدراسة أثار اإلنابة الكاممة وجب دراسة العبلقة ما بيف المنيب والمناب لديو (‪ )1‬ثـ‬
‫عبلقة المنيب بالمناب (‪ )2‬وأخي ار عبلقة المناب بالمناب لديو (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬العالقة ما بين المنيب (المدين األصمي) والمناب لديو (الدائن)‪:‬‬


‫يترتب عمى اإلنابة أو العبلقة ما بيف المنيب والمناب لديو ِانقضاء ِالتزاـ المنيب‬
‫والمديف األصمي تجاه المناب لديو‪ ،‬وبراءة ذمتو‪ ،‬وليذا السَب ْب ُي َعد ىذا َّ‬
‫النوع مف اإلنابة‬ ‫َ‬
‫أف المشرع قيد صحة اإلنابة ىنا أف ال يجد الدائف المديف‬ ‫تجديدا لمديف يتغير المديف‪ ،‬عمى ّ‬
‫ً‬
‫مع َس ًار وقت اإلنابة‪ ،‬ومتى وجده كذلؾ بطمب اإلنابة وىذا ما‬
‫الجديد الذؼ يرجع عميو بالديف َ‬
‫نصت عميو المادة ‪ 295‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج فإذا كاف المناب كذلؾ فإنو يحق لممناب لديو الرجوع عمى‬
‫المنيب بدعوػ الديف األصمي ال بدعوػ الضماف وتعود مع ىذا الديف تأميناتو‪.1‬‬

‫‪ -1‬سميماف مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.772‬‬

‫‪37‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫‪ -2‬عالقة المنيب بالمناب‪:‬‬


‫إذا لـ تكف ىناؾ مديونية سابقة بيف المديف (المنيب) والمناب (المديف الجديد)‪ ،‬فإف‬
‫ىذا األخير أصبح بقبولو اإلنابة ِ‬
‫مديف لممناب لديو (الدائف األصمي) وىذا إذا لـ يكف قد‬
‫قصد التبرع يكوف لو حق الرجوع عمى المنيب (المديف األصمي) بدعوػ شخصية وىي دعوػ‬

‫الفضالة أو عمى األقل دعوػ اإلثراء ببل سبب‪ّ ،‬‬


‫أما إذا كانت ىناؾ مديونية سابقة بيف‬
‫المناب والمنيب‪ ،‬فالغالب أنو يكوف قصد بقبوؿ اإلنابة تجديد الديف الذؼ كاف لو في ذمة‬
‫المنيب وذلؾ عف طريق تغير الدائف وبذلؾ يكوف قد وفى التزامو القديـ تجاه المديف األصمي‬
‫بااللتزاـ الجديد الذؼ ينشأ في ذمتو لممناب لديو‪ ،‬وبيذا ال يكوف لو الحق الرجوع البتة عمى‬
‫المنيب (المديف األصمي)‪.‬‬
‫أما إذا قصد التجديد بتغيير الدائف‪ ،‬فنكوف أماـ إنابة كاممة (تجديد بتغيير المديف)‪.‬‬
‫وعندئذ يحق لممناب الرجوع عمى المنيب بدعوػ الوكالة‪ ،‬أو الفضالة أو اإلثراء ببل سبب‪.1‬‬

‫‪-3‬عالقة المناب بالمناب لديو‪:‬‬


‫صحيحا ولو كان‬
‫ً‬ ‫تنص المادة ‪ 296‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «يكون التزام المناب تجاه المناب لديو‬
‫التزامو تجاه المنيب باطال أو كان خاضعا لدفع من الدفوع‪ ،‬ما لم يرجع المناب عمى‬
‫المنيب وما لم يوجد إتفاق يقضي بغير ذلك»‪ .‬يتضح مف ىذا النص أنو ال يحق لممناب‬
‫لديو (الدائف األصمي) الرجوع عمى المنيب بدعوػ الديف األصمي‪ ،‬وانما يتحمل وحده تبعة‬
‫ىذا االعسار إال إذا اشترط في اإلنابة أنو ال يتحمل اإلعسار‪ ،‬ويعتبر اإللتزاـ الجديد الذؼ‬
‫ينشأ في ذمة المناب مستقبل عف الديف القديـ‪ ،‬وفي مطالبة المناب لديو لممناب باإللتزاـ‬
‫الجديد ال يكوف لممناب أف يتمسؾ بالدفوع التي كانت لو في دينو قبل المنيب‪ ،‬إلنعداـ الصمة‬
‫بيف الدينيف ويعتبر الديف الذؼ نشأ في ذمة المناب ِالتزاـ مجرد أؼ أنو يقوـ بدوف أف يعتبر‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لئللتزاـ‪ ،‬المصادر‪ ،‬اإلثبات‪ ،‬اآلثار‪ ،‬األوصاؼ‪ ،‬االنتقاؿ‪،‬‬
‫االنقضاء‪ ،‬طبعة آخر المستجدات في التشريع والقضاء والفقو‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص ‪.1302‬‬

‫‪38‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫الديف القديـ سببا لو‪ .1‬ىذا في حالة ما إذا كاف اإلعسار بعد اإلنابة‪ ،‬أما إذا كاف االعسار‬
‫قبل اإلنابة فإنو لممناب لديو حق المطالبة التجديد لقيامو عمى غمط جوىرؼ‪ ،‬في صفة‬
‫أف المناب لديو يرجع بدعوػ الديف األصمي عمى المنيب‪.‬‬
‫المناب‪ ،‬واعادة الديف القديـ‪ ،‬أؼ ّ‬
‫ثانيا‪ :‬آثار اإلنابة الناقصة‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 295‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج في فقرتيا الثانية «‪ ...‬غير أّنو ال يفترض التجديد في‬
‫اإلنابة‪ ،‬فإن لم يكن ىناك إتفاق عمى التجديد بقي اإللتزام القديم إلى جانب االلتزام‬
‫الجديد» ‪ .‬يتضح مف ىذا النص أف اإلنابة الناقصة يبقى المنيب مدينا لممنيب لديو‪ ،‬وال تب أر‬
‫ذمتو إال إذا وفى المناب االلتزاـ الجديد الذؼ في ذمتو لممناب لديو‪ ،‬أو إذا وفى المنيب نفسو‬
‫لممناب لديو الديف األصمي الذؼ في ذمتو‪ ،‬وبمجرد أف يقوـ أحدىما‪- ،‬المناب أو المنيب‪-‬‬
‫بالوفاء لممناب َلد ْيو‪ ،‬تب أر ذمة اآلخر‪ ،‬ولممناب لديو أف يرجع عمى المنيب بالديف األصمي بما‬
‫يكمفو مف تأمينات قبل أف يرجع عمى المناب‪ ،‬كما أف لو أف يرجع عمى المناب بااللتزاـ‬
‫الجديد قبل أف يرجع عمى المنيب‪ ،‬فميس يمتزـ في الرجوع عمى أييما بترتيب معيف‪.2‬‬

‫‪ -2‬عالقة المنيب بالمناب‪:‬‬


‫إذا وفى (المديف الجديد) أؼ المناب بالديف لممناب لديو (الدائف) ولـ يكف في ذات‬
‫الوقت مديونية سابقة بينيما‪ ،‬ولـ يقصد التبرع لو بذلؾ الوفاء‪ ،‬فإنو يستطيع (المناب) دائما‬
‫الرجوع عمى المديف األصمي المنيب بدعوػ الوكالة أو الفضالة أو اإلثراء ببل سبب بحسب‬
‫األحواؿ ما لـ يكف متبرًعا فبل يرجع بشيء‪.3‬‬
‫أما إذا كاف المناب مدينا لممديف األصمي المنيب‪ ،‬وقاـ بذلؾ الوفاء‪ ،‬فإنو تقع مقاصة‬
‫بيف الدينيف (أؼ ديني المديف األصمي والمديف الجديد تجاه بعضيما البعض) عمى أف المديف‬
‫قاصدا في نفس الوقت جديد الديف بتغيير الدائف (أؼ يدؿ عمى‬
‫ً‬ ‫الجديد إف وفى بذلؾ الديف‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1302‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.1303‬‬
‫‪ -3‬سميماف مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.794‬‬

‫‪39‬‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصل ّ‬

‫أف دائنو وىو المديف األصمي يصبح لديو دائف جديد ىو الذؼ يوفي إليو‪ ،‬فإنو ليس لو‬
‫ّ‬
‫الرجوع عمى المديف األصمي بشيء‪.‬‬

‫‪ -3‬عالقة المدين الجديد بالدائن‪:‬‬


‫إضافيا بالنسبة لمدائف (المناب لديو)‪ ،‬وبالتالي‬
‫ً‬ ‫مدينا‬
‫يعتبر المناب (المديف الجديد) ً‬
‫يكوف لممناب لديو مديناف‪ ،‬مدينو األصمي وىو المنيب والمديف الجديد وىو المناب‪ ،‬وبالتالي‬
‫المناب لديو يستطيع الرجوع عمى أييما دوف أف يمتزـ بترتيب معيف‪ ،‬فمتى وفى أحدىما‬
‫معا نحوه‪ ،‬أؼ متى وفى المديف الجديد بالديف إنقضى ديف المديف‬
‫بالديف برئت ذمة اإلثنيف ً‬
‫أف مصدر دينيما مختمف ومستقل عف اآلخر‪،‬‬
‫معا‪ ،‬ىذا مع مبلحظة ّ‬
‫األصمي والجديد ً‬
‫فمصدر ديف األصمي ىو عبلقة الدائنية أؼ مصدره اإللتزاـ األصمي‪ ،‬ومصدر ديف المناب‬
‫ىو عقد اإلنابة‪ ،‬ومف ثـ ال يكوف ىناؾ تضامف بيف المدينيف‪ ،‬كذلؾ ال يعتبر المناب كفيبل‬
‫لممنيب والدفوع التي يجوز لممديف الجديد أف يدفع بيا ىي نفسيا التي ذكرناىا في اإلنابة‬
‫الكاممة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫الفصل الثـ ـ ـاين‬


‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬
‫نقضاءا طبيعيا عف طريق‬
‫ً‬ ‫األوؿ إلنقضاء رابطة اإللتزاـ ِا‬
‫بعد أف تطرقنا في الفصل ّ‬
‫إنقضاءا فعميا وذلؾ باستبداؿ‬
‫ً‬ ‫الوفاء بمقابل والتجديد واإلنابة‪ ،‬بحيث أف االلتزاـ فييما ينقضي‬
‫اإللتزاـ األصمي واِحبلؿ إلتزاـ آخر مكانو‪ ،‬فيو ِانقضاء فعمي حقيقي بطبيعتو‪ ،‬نتطرؽ في‬
‫ىذا الفصل الثاني لدراسة أسموبيف آخريف تَ ْسُق ْط بيما رابطة اإللتزاـ دوف إحبلؿ ِالتزاـ جديد‬
‫محمو أؼ َم َح ْل اإللتزاـ األصمي‪ ،‬وىي المقاصة واتحاد الذمة وىي طريقتيف يتـ الوفاء فييا‬
‫ِبانقضاء اإللتزاـ عميو‪.‬‬
‫ففي المقاصة ينقضي الديناف بالتقاص بينيما أما في إتحاد الذمة‪ ،‬فينقضي الديناف‬
‫بإتحادىما في ذمة شخص واحد‪.‬‬
‫أف الوفاء يتـ فييما ِبانقضاء‬
‫أف كبل الصورتيف تتشابياف في ّ‬ ‫وبالتالي يمكف القوؿ ّ‬
‫نقضاءا‬
‫ً‬ ‫نقضاءا حقيقيا بل ينقضي بحكـ القانوف أؼ ِا‬
‫ً‬ ‫اإللتزاـ عميو وال ينقضي االلتزاـ فييما ِا‬
‫قانونيا‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫األول‬
‫الــمبحث ّ‬
‫الــمقاصة‬
‫تعتبر المقاصة سببا قانونيا مف أسباب ِانقضاء اإللتزاـ‪ ،‬إذ بمقتضاىا ينقضي دينيف‬
‫متقابميف مختمفيف بمقدار األقل منيما عندما يصبح المديف دائنا لدائنو‪ ،‬إذا كاف محل كبل مف‬
‫الدينيف المتقابميف نقودا أو مثاليات متحدة في النوع والجودة‪ ،‬وكاف كل منيما خالييف مف‬
‫قضاء‪ ،‬وتسمى في ىذه الحالة بالمقاصة القانونية‬
‫ً‬ ‫النزاع مستحق األداء‪ ،‬صالحا لممطالبة بو‬
‫ألنيا تقع بحكـ القانوف في حالة تخمف أحد شروطيا‪ ،‬يمكف ِاستكمالو مف قبل القاضي‬
‫فتسمى في ىذه الحالة بالمقاصة القضائية‪ ،‬كما يمكف ألطراؼ االتفاؽ عمى ِاستكماؿ‬
‫شروطيا‪ ،‬فتسمى عندئذ بالمقاصة االتفاقية‪.‬‬
‫األول) وفي (المطمب الثاني)‬
‫ففي ىذا المبحث نتناوؿ مفيوـ المقاصة في (المطمب ّ‬
‫سنعرج عمى آثارىا‪ ،‬واجراءاتيا‪.‬‬

‫األول‬
‫المطمب ّ‬
‫مــفيوم الــمقاصــة‬

‫إذا أصبح الشخص دائنا لدائنو فميما أف يستحيضا عف الوفاء المزدوج لبعضيما‬
‫البعض بعممية المقاصة والمشرع الجزائرؼ فظـ أحكاـ المقاصة تفصيبل في المواد ‪207‬‬
‫إلى ‪ 203‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬وفي ىذا المطمب سنتعرض لتعريف المقاصة وأىميتيا في (الفرع األول)‬
‫وفي (الفرع الثاني) نتعرؼ إلى أنواعيا وشروطيا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫تعريف المقاصة وأىميتيا‬

‫سنتطرؽ في ىذا الفرع لتعريف المقاصة (أوال) ثـ ألىميتيا (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف المقاصة‪.‬‬


‫المقاصة ىي ِاجتماع صفة الدائف والمديف‪ ،‬بالنسبة إلى الديف الواحد في ذات‬
‫الشخص‪ ،‬مما يؤدؼ إلى ِانقضاء الديف إلتحاد الذمة‪ ،‬بالقدر الذؼ ِاتحدت فيو‪ ،‬فيي وسيمة‬
‫تؤدؼ إلى إنقضاء الدينيف المتقابميف في الديوف المتقابمة بيف ذمتيف‪ ،‬كل منيما دائنة لؤلخرػ‬
‫معا‪ ،‬وذلؾ بمقدار األقل منيما‪.1‬‬
‫ومدينة ليا ً‬
‫وعمى ىذا األساس تعد المقاصة مف وسائل ِانقضاء اإللتزاـ‪ ،‬فيي سبب إلنقضاء‬
‫دينيف متقابميف بيف نفس الشخصيف‪ ،‬كل منيما دائف ومديف آلخر‪ ،‬وبدالً مف أف يوفي كل‬
‫منيما دينو آلخر‪ ،‬ينقضي الديناف بقدر األقل منيما‪ ،‬فيكوف المديف بالديف األقل قد وفى دينو‬
‫ببعض ما لو مف حق في ذمة مدينو‪ ،‬ويكوف المديف الديف األكر قد وفى بعض دينو بحقو‪،‬‬
‫وعميو القياـ بالوفاء بالقدر الزائد مف الديف واذا كاف الديناف متساوييف في المقدار‪ ،‬فقد برئت‬
‫ذمة المدينيف‪.2‬‬
‫لقد عرؼ القانوف المدني الجزائرؼ المقاصة نص المادة ‪ 1/297‬منو والتي جاء فييا‪:‬‬
‫«لممدين حق المقاصة بين ما ىو مستحق عميو لدائنو وما ىو مستحق لو ِاتجاىو ولو‬
‫نقودا أو مثميات متحدة النوع والجودة‬ ‫ِ‬
‫اختمف سبب الدينين‪ ،‬إذا كان موضوع كل منيما ً‬
‫وكان كل منيما ثابتا وخاليا من النزاع ومستحق األداء صالحا لممطالبة بو قضاء‪.»...‬‬
‫يتبيف مف النص أف مسمؾ المشرع الجزائرؼ كاف أقرب إلى وصف المقاصة وايراد‬
‫ّ‬
‫شروطيا منو إلى تعريفيا‪.‬‬

‫‪ -1‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.591‬‬


‫‪ -2‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪43‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫وقد تعددت التعاريف الفقيية لممقاصة‪ ،‬حيث أنيا تتشابو في فحواىا‪ ،‬ييدؼ توضيح‬
‫مفيوـ المقاصة بحيث يمكف تعريف المقاصة في القانوف المدني عمى أنيا‪:‬‬
‫طريقة مف طرؽ ِانقضاء اإللتزاـ بما يعادؿ الوفاء‪ ،‬وىي عبارة عف وسيمة سمبية ال‬
‫تتضمف أؼ عمل إيجابي في الوفاء واالستيفاء‪ ،‬تؤدؼ إلى ِانقضاء الديوف المتقابمة بيف نفس‬
‫الشخصيف إف تساوا في القيمة‪ ،‬أو إلى إنقضاء الدينيف المتقابميف بيف نفس الشخصيف بقدر‬
‫األقل بينيما إف إختمفا في القيمة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أىمية المقاصة‪.‬‬


‫أف المقاصة صورة مف صور الوفاء المزدوج والمبسط إذا تؤدؼ إلى‬
‫كما ذكرنا ّ‬
‫ِانقضاء دينيف متقابميف بقدر األقل منيما‪ .‬وقد كاف لممقاصة شأف كبير في المعامبلت‬
‫التجارية‪ ،‬حيث شاع ِاستعماليا في ىذا المجاؿ باعتبارىا تعتمد عمى السرعة واالئتماف‬
‫واالقتصاد في اإلجراءات‪ ،‬فتوجب عمى مستوػ البنوؾ والمؤسسات المصرفية‪ ،‬وذلؾ في‬
‫الحسابات الجارية لتسوية حقوؽ وديوف المصارؼ فيما بينيا‪ .‬وتسمى المصمحة المكمفة بذلؾ‬
‫غرفة المقاصة وكما أنو ليا مجاؿ واسع في العبلقات الدولية‪ ،‬فيي تعمل عمى تسوية‬
‫الحقوؽ المتقابمة بيف الدوؿ‪ ،‬وتكمف أىمية المقاصة في كونيا عمى الخصوص أداة وفاء‬
‫وضماف في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪ -1‬كونيا أداة وفاء‪:‬‬


‫ألنيا تقضي دينيف في وقت واحد‪ ،‬إذا كاف الديناف متساوييف‪ ،‬أما إذا كاف أحد الديناف‬
‫أكبر مف اآلخر فينقضي الديف األصغر‪ ،‬حيث يدفع صاحب الديف األكبر الفرؽ بيف الدينيف‬
‫وبالتالي تسيل الوفاء ويتفادػ الطرفاف بيا نقل األمواؿ‪ ،2‬وما يصاحبو مف مخاطر ألف‬

‫‪ -1‬مسير دؼ سيد أحمد‪ ،‬النظاـ القانوني في المقاصة في المعامبلت البنكية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شيادة دكتوراه في‬
‫القانوف الخاص‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬تممساف‪ ،2018 -2017 ،‬ص ‪...‬‬
‫‪ -2‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪44‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ألف الديناف المتقاببلف ينقضياف بقدر‬ ‫ِ‬


‫المقاصة في حقيقتيا عبارة عف اختزاؿ لوفاء مزدوج‪ّ ،‬‬
‫األقل منيما‪.‬‬
‫فيي وسيمة يتـ بيا تسوية الديوف والحقوؽ‪ ،‬باتحاد الذمتيف في الدينيف المتقابميف دوف‬
‫دخوؿ الدائف في منازعات وصراعات مع مدينو‪.1‬‬

‫‪ -2‬كونيا أداة ضمان‪:‬‬


‫المقاصة كوسيمة ضماف فعالة‪ ،‬فذلؾ يتضح مف خبلؿ استيفاء الدائف حقو مف الديف‬
‫الذؼ في ذمتو لدينو‪ ،‬وىو بذلؾ يختص بيذا الديف المديف بو غيره مف دائني المديف‪،‬‬
‫ممتازا‪ ،‬إذ تجنبو مزاحمة باقي‬
‫ً‬ ‫مركز قانونيا‬
‫ًا‬ ‫جميعا‪ ،2‬وتمنح لو‬
‫ً‬ ‫متقدما عمييـ‬
‫ً‬ ‫فيستوفي حقو‬
‫الدائنيف حتى عمى الدائف المرتيف منيـ أو صاحب حق االمتياز باعتبار أف الديف الذؼ في‬
‫ذمتو مخصصا لموفاء بحقو‪ ،3‬وفكرة المقاصة تقترب ًا‬
‫كثير مف نظاميف قانونييف ىما الدفع‬
‫بعدـ التنفيذ المنصوص عميو في المادة ‪ 123‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬والحق في الحبس المنصوص‬
‫عميو في المادة ‪ 200‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬فيي تقترب مف الحق ىي الحبس الذؼ يعد وسيمة في يد‬
‫الدائف لحمل مدينو عمى تنفيذ إلتزامو‪ ،‬فيو ضماف خولو القانوف لكل دائف في ذات الوقت‬
‫أف ىناؾ نقاط إختبلؼ‪ ،‬فالمقاصة وسيمة ينقضي‬
‫مديف لمدينو وبالرغـ مف ىذا التشابو إال ّ‬
‫بيا اإللتزاـ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫صور الـــمقاصة‬

‫المقاصة في القانوف المدني الجزائرؼ إما أف تكوف أساسية أؼ جبرية تحصل بقوة‬
‫القانوف‪ ،‬إذ توفره شروطيا وتمسؾ بيا مف لو الحق فييا‪ ،‬إما أف تكوف ِاتفاقية أؼ إختيارية تتـ‬

‫‪ -1‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.595‬‬


‫‪ -2‬الدكتور السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1302‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬أنور طمبة‪ ،‬الوسيط في القانوف المدني‪ ،‬ج‪ ،1993 ،1‬ص ‪.864‬‬

‫‪45‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ِباتفاؽ الطرفيف ميما كاف ِاختبلؼ الدينيف‪ .‬وقد تكوف قضائية تقع بواسطة القضاء‪ ،‬وتتـ‬
‫بحكـ المحكمة‪.‬‬
‫(ثانيا) وأخي ار‬
‫ً‬ ‫سنعالج في ىذا الفرع المقاصة القانونية (أوالً) ثـ المقاصة االتفاقية‬
‫المقاصة القضائية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المقاصة القانونية‪.‬‬


‫ويعرفيا الفقو عمى أنيا المقاصة الجبرية التي تقع بقوة القانوف أؼ أنيا تحصل دوف‬
‫حاجة لرضا الطرفيف ليا‪.‬‬
‫وقد أصبح المقصود بالمقاصة غالبا ىو المقاصة القانونية كنوع مف الوفاء الجبرؼ‬
‫أو القيرؼ الذؼ يحصل بقوة القانوف إذا توافرت شروطيا القانونية‪.1‬‬

‫الم َش ِر ْ‬
‫ع وقعت‬ ‫وسميت بالمقاصة القانونية ألنو متى توفرت شروطيا التي نص عمييا ُ‬
‫بقوة القانوف بمجرد أف يتمسؾ بيا أحد المدينيف‪.‬‬
‫تقع المقاصة القانونية بقوة القانوف بمعنى أف القانوف يفرضيا‪ ،‬بمجرد توافر جميع‬
‫أركانيا‪ ،‬وشروطيا‪ ،‬أسباب قياسيا وبدوف أف يكوف إلرادة الطرفيف أؼ دخل في قبوليا‬
‫جبرا‪ ،‬وقد يظـ المشرع الجزائرؼ المقاصة القانونية في المادة ‪297‬‬
‫أو رفضيا أؼ أنيا تتـ ً‬
‫ؽ‪.‬ـ التي تنص عمى مجموعة مف الشروط الواجب توفرىا لقياـ المقاصة القانونية‪ .‬والتي‬
‫سنتطرؽ إلييا بالتفصيل في الفرع الثاني شروط المقاصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المقاصة ِ‬
‫اال تفاقية‪.‬‬
‫وتسمى أيضا بالمقاصة اإلختيارية وىي التي تقع ِباتفاؽ الطرفيف‪ ،‬وذلؾ عند تخمف‬
‫شرط مف شروط المقاصة القانونية‪ ،‬فيي تتـ بإرادة أحد الطرفيف‪ ،‬عند عدـ توفر شروط‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.596‬‬

‫‪46‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫المقاصة القانونية وباعتبارىا ِاتفا ًقا فيي عقد‪ ،‬والعقد شريعة المتعاقديف حسب ما نصت عميو‬
‫المواد (المادة ‪ 95‬والمادة ‪ 106‬إلى ‪ )107‬مف القانوف المدني الجزائرؼ‪.1‬‬
‫وتجرؼ المقاصة االختبارية حيف يكوف ىناؾ مانع مف وقوع المقاصة القانونية الجبرية‬
‫ويكوف ىذا المانع بيدؼ حماية مصمحة أحد الطرفيف أو كمييما‪ ،‬فينزؿ م ْف ُر ِ‬
‫وعَي ْت بإرادة‬ ‫َ‬
‫معا بحسب األحواؿ‪.‬‬
‫أحد الطرفيف أو بإتفاقيما ً‬
‫وتتـ المقاصة االختبارية عندما ال تتوفر أحد ُشروط المقاصة القانونية المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 297‬ؽ‪.‬ـ وعمى ىذا أساس تجوز المقاصة االتفاقية إذا اتفق الطرفيف وفقا‬
‫لمبدأ سمطات اإلدارة وحرية االتفاقات‪.‬‬
‫وىذا بأف يتنازال عف ىذا الشرط ويتمسكا بالمقاصة لتحقيق مصمحتيما‪ ،‬إالّ في بعض‬
‫الحاالت التي تعد ىي مف النظاـ العاـ‪.‬‬
‫فإذا كاف أحد الدينيف مثبل مستحق األداء واألخر غير مستحق األداء بأف يكوف‬
‫مؤجبل أو عمًقا عمى شرط‪ ،‬فينا ال تقع المقاصة القانونية‪ ،‬رعاية لمصمحة أحد الطرفيف‬
‫باإلعبلف عف إرادتو في إجراء المقاصة االختيارية‪ ،‬ألف ذلؾ ليس مف النظاـ العاـ فإذا لـ‬
‫يوجد تقابل بيف الدينيف أؼ لـ يكف مف جنس واحد ووصف واحد‪ ،‬مثبل أحدىما نقود واآلخر‬
‫قمح فبل يمكف أف تقع المقاصة القانونية لتخمف شرط مف شروطيا وجاز لمطرفيف االتفاؽ‬
‫عمى إجراء المقاصة االختيارية رعاية لمصمحتيما‪.2‬‬
‫واذا كاف أحد الدينيف غير خاؿ مف النزاع أو غير معموـ المقدار أمكف الطرؼ الذؼ‬

‫دينو خاؿ مف النزاع أو معموـ المقدار أف يجرػ المقاصة االختيارية بإرادتو وحده‪ ،‬إذ ّ‬
‫أف‬
‫المقاصة القانونية كانت ممتنعة لمصمحتو‪.3‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.610‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1324‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقاصة القضائية‪.‬‬


‫يتـ المجوء إلى ىذه المقاصة حينما ال يتوفر أحد شرطي المقاصة القانونية الخاؿ مف‬
‫معا‪ .‬أما بقية الشروط فيجب توفرىا حتما‪ .‬وتتـ ىذه المقاصة‬
‫النزاع ومعمومية المقدار أو ىما ً‬
‫أماـ القضاء‪ ،‬ومنو ِاستمدت تَ ْسميتيا وتقع بطمب أصمي أو بطمب عارض ممف لو مصمحة‬
‫أو بناء عمى الدفوع التي تقدـ أثناء نظر الدعوػ‪.1‬‬
‫بحيث يثيرىا المدعي عميو الذؼ يطالب بديف معيف في شكل طمب عارض يرد بو‬
‫اصا‪.‬‬ ‫دعوػ المدعي‪ ،‬بحيث يطمب مف القضاء أف يسقط الديف المدعي بو َ‬
‫قص ً‬
‫ولقاضي الموضوع حرية واسعة في تقدير طمب إجراء المقاصة‪ ،‬بعد أف يفصل‬
‫في النزاع المعروض بشأف الديف الذؼ يدعيو بالمقاصة بعد حكمو بوجود المدعي‪ ،‬ثـ يقضي‬
‫بالمقاصة بعد حكمو بوجود الديف وتحديد يطالبو بأداء مبمغ اإليجار‪ ،‬فيرد ىذا طمبو مدعيا‬
‫تعويضا مف جانب المؤجر‪ .‬فديف التعويض ىذا غير خاؿ مف النزاع وكاف‬
‫ً‬ ‫أف لو‬
‫مف جيتو ّ‬
‫أف القضاء يتولى ذلؾ متى تبيف لممستأجر محق‬
‫يجب عدـ االستجابة لطمب المقاصة‪ ،‬إال ّ‬
‫في دعواه‪ ،‬وبالتالي يتولى تقدير التعويض‪ ،‬ويجرؼ مقاصة بينو وبيف ديف المؤجر‪ .‬فالقاضي‬
‫يستطيع دائما أف ال يستجيب لطمب المقاصة متى لـ تقنعو أدلة المدعي عميو أو قدر أف‬
‫الفصل في طمب المقاصة يؤخر الفصل في الدعوة األصمية‪.‬‬
‫وعمى ىذا‪ ،‬يشترط إلجراء المقاصة القضائية أف يطمبيا صاحب الشأف بدعوػ‬
‫ردا عمى دعوػ خصمو األصمية‪.2‬‬
‫أصمية‪ ،‬أو في صوره طمب عارض يقدمو المدعي عميو ً‬
‫ومتى قضى القاضي بالمقاصة انقضى الدينيف بقدر ألقل منيما مع تأميناتيما‬
‫واألثر المترتب عمى المقاصة القضائية يقع منذ صدور الحكـ في المقاصة القضائية‪.3‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.612‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.613‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪48‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫الفرع الثالث‬
‫شــروط الــمقاصة‬

‫عدة شروط في الدينيف الّمذيف ستقع المقاصة‬


‫يجب لوقوع المقاصة القانونية أف تتوافر ّ‬
‫بينيما‪ ،‬وىي شروط نصت عمى أغمبيتيا المادة ‪ 297‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬وأما الشروط األخرػ فنستخمص‬
‫مف نصوص أخرػ والتي تنظـ المقاصة المادة ‪ 299‬والمادة ‪.302‬‬
‫بحيث تنص المادة ‪ 297‬عمى‪ :‬المديف حق المقاصة بيف ما ىو مستحق عميو لدائنو‬
‫نقودا‬ ‫ِ‬
‫وما ىو مستحق لو تجاىو ولو اختمف سبب الدينيف‪ ،‬إذا كاف موضوع كل منيما ً‬
‫أو مثميات متحدة النوع والجودة وكاف كل منيا ثابتا وخاليا مف النزاع ومستحق األداء وصالحا‬
‫لممطالبة بو قضاء‪.‬‬
‫وال يمنع المقاصة تأخر ميعاد الوفاء لميمة منحيا القاضي أو تبرع بيا الدائف‪.‬‬
‫وكما تنص المادة ‪ 299‬ؽ‪.‬ـ "تقع المقاصة ميما إختمفت مصادر الديوف‪ ،‬فيما عدا‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كاف أحد الدينيف شيئا نزع دوف حق مف يد مالكو وكاف مطموبا رده‪.‬‬
‫معار لبلستعماؿ وكاف مطموبا رده‪.‬‬
‫مودعا أو ًا‬
‫ً‬ ‫‪ -‬إذا كاف أحد الدينيف شيئا‬
‫‪ -‬إذا كاف أحد الدينيف حقا غير قابل لمحجز"‪.‬‬
‫ار بحقوؽ كسبيا الغير"‪.‬‬
‫وكما تنص المادة ‪ 302‬ؽ‪.‬ـ "ال تقع المقاصة إضرًا‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫وسندرس في ىذا الفرع الشروط االيجابية (أوالً) ثـ الشروط السمبية ً‬
‫أوال‪ :‬الشروط االيجابية‪.‬‬
‫تتمثل الشروط االيجابية لممقاصة في الصفات المعينة التي يجب توافرىا في الدينيف‬
‫المذيف ستجرؼ فييما المقاصة وىي الشروط المنصوص عمييا في المادة ‪ 297‬ؽ‪.‬ـ وىي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود دينين متقابمين‪:‬‬


‫فيجب أوال لوقوع المقاصة أف يكوف ىناؾ ديناف متقاببلف‪ ،‬أؼ بمعنى أف يكوف كل‬
‫مف الطرفيف دائنا ومدينا ويتضح ىذا الشرط بصفة واضحة مف المادة ‪ 297‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬وعمى ذلؾ‬
‫فإنو ال تقع المقاصة حق القاصر وديف شخصي في ذمة الموصي عميو وال بيف حق الشريؾ‬
‫وديف في ذمة مديرىا‪ ،‬وال بيف الوكيل وديف الموكل‪.1‬‬
‫ويقصد بذلؾ أف يكوف كل مف طرؼ المقاصة دائنا ومدينا لآلخر بصفتييما‬
‫الشخصية وىذا ما يفسر عدـ إمكاف وقوع المقاصة عندما يكوف أحد أطرافيا دائنا ومدينا لكف‬
‫بصفتو وليا عمى قاصر أو بصفتو شريكا في شركة أو وارثا‪ ،‬ومتى وجد ديناف متقاببلف عمى‬
‫ىذا النحو وقعت المقاصة‪ ،‬حتى ولو كاف أحد الطرفيف أو كبلىما لـ تتوافر فيو ال أىمية‬
‫انونيا‪.‬‬
‫الوفاء وال أىمية االستيفاء‪ ،‬ألف المقاصة واقعة مادية وليست تصرًفا ق ً‬
‫ال يشترط في المقاصة القانونية وحده مصدر الدينيف‪ ،‬فإنيا تقو بيف دينيف يختمف كل‬
‫منيما مف حيث المصدر‪ .‬كما أنو ال يشترط لوقوعيا إتحاد مكاف الوفاء في الدينيف غير أنيا‬
‫ال ترتكز عمى إرادة طرفييا‪ ،‬إذ أنيا تعتبر واقعة قانونية أؼ عمل مادؼ وليس عمل قانوني‬
‫ترتب آثارىا بمجرد توافر شروطيا القانونية‪ ،‬ومف ثـ ال يمتزـ توافر أىمية معينة لدػ طرفييا‪.2‬‬
‫األصل في القانوف المدني الجزائرؼ أف المقاصة تقع في الديوف أيا كاف مصدرىا‪،‬‬
‫عاما مطمًقا‪ ،‬غير ّأنيا ال تقع إذا كاف‬
‫وىذا بموجب نص المادة ‪ 297‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج الذؼ جاء ً‬
‫أحد الحقيف ال يجوز الحجز عميو بموجب نص المادة ‪ 2/299‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪.3‬‬

‫‪ -2‬محل كل من الدينين مثميات متحدة في النوع والجودة‪:‬‬


‫ِاشترط القانوف في المادة ‪ 297‬ؽ‪.‬ـ تماثل الدينيف‪ ،‬أؼ أف يكوف الديناف متجانسي‬
‫المحل‪ ،‬فبل مقاصة إال بيف النقود‪ ،‬وكذا المثميات المتحدة في النوع والدرجة فيما بينيا تقع إذا‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1309‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.597‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.598‬‬

‫‪50‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫بيف محاؿ متماثمة أو مثمية وىذا كالنقود مثبل واألشياء المثمية متى كانت مف نوع واحد‬
‫وجودة واحدة (كالقمح واألرز) أؼ تقع بيف أشياء معينة بذاتيا‪ .‬وال بيف نقود وأشياء مثمية‬
‫مثبل (النقود والقمح)‪ ،‬وال تقع بيف إلتزاميف محميا القياـ بعمل أو االمتناع عف عمل بحكـ أف‬
‫المقاصة تقع بيف إلتزاميف محميا إعطاء شيء‪ ،‬بمعنى أف الديناف يشترط أف يكوف مف نوع‬
‫واحد متماثميف في الجنس والوصف واالستحقاؽ والقوة والضعف‪.1‬‬

‫‪ -3‬أن يكون الدينان خاليين من النزاع‪:‬‬


‫بأف يكوف كل مف محدد المقدار مف جية‪ ،‬وثابت في ذمة المديف مف جية أخرػ‬
‫بحي ث ال تقوـ بشأنو منازعة جدية في ثبوتو وىو ما أشارت إليو المادة ‪ 1/297‬ؽ‪.‬ـ بأف‬
‫يكوف الديناف خالياف مف النزاع جدؼ أماـ القضاء سواء في وجوده أو في مقداره‪.‬‬
‫جدية النزاع في الديف مف عدميا إلى قاضي الموضوع‪ ،‬فيو الذؼ‬
‫ويرجع تقديره مدؼ ّ‬
‫يقرر ما إذا كاف النزاع جديا أو أنو ال يقصد سوػ منع وقوع المقاصة‪.‬‬
‫ذلؾ أنو يجوز أف تقع المقاصة بيف ديوف مختمفة في أسبابيا أو في مقاديرىا‪ ،‬وعند‬
‫ِاختبلؼ الدينيف في المقدار‪ ،‬تقع المقاصة في حدود األقل منيما‪.‬‬
‫فإذا كاف أحد الدينيف متنازًعا‪ ،‬فبل تقع المقاصة قانونا‪ ،‬وكذلؾ إذا كاف الدينيف غير‬
‫ميوـ أو غير معيف المقدار‪ ،‬إال بعد تقديره‪ ،‬كما لو كاف تحديده يستمزـ حكما قضائيا وعمى‬
‫ذلؾ ال يجوز لممضرور‪ ،‬في عمل غير مشروع أف يقاص حقو في التعويض قبل تقديره‬
‫لممسؤوؿ عف العمل الغير المشروع‪.2‬‬
‫وال تقع المقاصة في ديف معمق عمى شرط واقف ألنو غير محدد الوجود‪ .‬أما الديف‬
‫المعمق عمى شرط فاسخ‪ ،‬فتجوز فيو المقاصة‪ ،‬إذا تحقق الشرط إعتبرت المقاصة كأف لـ‬
‫تكف‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد القادر الفار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‪ ،‬ط ‪ ،2007‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر الفار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪51‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪ -4‬صالحية كل من الدينين لممطالبة بيا قضاء‪:‬‬


‫ألف المديف فيو ال‬
‫أؼ أنو ال مجاؿ لممقاصة القانونية بيف ديف مدني وديف طبيعي‪ّ ،‬‬
‫جب ُر عمى الوفاء حميفا لممادة ‪ 60‬ؽ‪.‬ـ‪.‬‬
‫ُي َ‬
‫واذا كاف أحد الدينيف قد مضت عميو مدة التقادـ‪ ،‬وقت التمسؾ بالمقاصة فبل مانع‬
‫ألف المقاصة ىنا سبقت إكتماؿ مدة التقادـ أؼ أف الديناف كاف صالحيف لممقاصة‬
‫مف وقوعيا ّ‬
‫معا‪ ،‬ولكنيما يسقطاف بالتقادـ وال يسقطاف بالمقاصة‪.1‬‬
‫قبل سقوط الديناف ً‬
‫‪ -5‬استحقاق الدينين لألداء‪:‬‬
‫أنو ال تجوز المقاصة بيف ديف حاؿ األداء وآخر مؤجل أجبلً قانونيا أو ِاتفاقيا‪ ،‬أما‬
‫األجل القضائي فبل يمنع مف المقاصة‪.2‬‬
‫أؼ لو كاف أحد الدينيف معمق عمى شرط واقف لـ يتحقق أو كاف أحدىما مضافا‬
‫إلى أجل لـ يحل‪ ،‬إال أنو حسب المادة ‪ 210‬ؽ‪.‬ـ أف األجل الذؼ يمنحو القاضي أو يتبرع‬
‫بو الدائف ال يحوؿ دوف وقوع المقاصة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط السمبية لممقاصة‪.‬‬


‫إضافة إلى الشروط اإليجابية السابقة فإنو لوقوع المقاصة يجب إضافة إلى ذلؾ أف ال‬
‫يتوافر بصدد أحد الدينيف المذيف ستقع بينيما المقاصة‪ ،‬أو كبلىما مانع مف الموانع التي‬
‫وضعيا المشرع والتي تحوؿ دوف وقوع المقاصة‪.‬‬
‫ومف ىذه الموانع ما ىو متعمق بمصمحة أحد أطرافيا وىو أف ال يكوف دينو قبل مدينو‬
‫أحد الديوف المنصوص عمييا بالمادة ‪ 299‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬وما ىو متعمق بمصمحة الغير الذؼ ال‬
‫ار بحقوؽ إكتسبيا الغير‪.‬‬
‫يجوز أف تقع المقاصة إضرًا‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1309‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬صبرؼ السعدؼ‪ ،‬أحكاـ اإللتزاـ‪ ،‬دار اليدػ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2006‬ص ‪.361‬‬

‫‪52‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫‪ -1‬الموانع المتعمقة بمصمحة أحد طرفي المقاصة‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 299‬ؽ‪.‬ـ "تقع المقاصة معيا ِاختمفت مصادر الديوف‪ ،‬فيما عدا‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كاف أحد الدينيف شيئا نزع دوف حق مف يد مالكو وكاف مطموبا َرُدهُ‪.‬‬
‫معار لبلستعماؿ وكاف مطموبا رده‪.‬‬
‫مودعا أو ًا‬
‫ً‬ ‫شيئا‬
‫‪ -2‬إذا كاف أحد الدينيف ً‬
‫‪ -3‬إذا كاف أحد الدينيف حًقا غير قابل لمحجز‪.‬‬

‫أ‪ -‬الحالة األولى‪ :‬دين الغاصب برد المغصوب‪.‬‬


‫في ىذه الحالة يكوف لمدائف ديف محمو نقود أو مثميات كقطف أو قمح‪ ،‬ويمتنع المديف‬
‫عف وفاء دينو في ميعاد ِاستحقاقو‪ ،‬فيحمد الدائف‪ ،‬بدال مف أف يقاضي المديف ويطالبو بحقو‬
‫قاصدا بذلؾ أف يستوفي حقو‬
‫ً‬ ‫قضاء‪ ،‬إلى أف ينتزع منو ما يماثل دينو مف النقود أو المثميات‪،‬‬
‫بيده‪ .‬ولما كاف انتزاع الشيء عنونو مف يد المديف دوف رضائو ال يعتبر وفاء ويصبح الدائف‬
‫مدينا بموجب العمل غير المشروع برد النقود أو المثميات التي إنتزعيا‪ ،‬فقد منع القانوف وقوع‬
‫ً‬
‫المقاصة في ىذه الحالة حماية لمف ُغصب ما لو بحيث يجب عمى الغاصب مطالبة حقو‬
‫بالطريق القانوني‪.1‬‬
‫وانتزاع الشيء يمكف أف يتـ بالسرقة خمسة‪ ،‬أو بطريق النص‪ ،‬أو بطريق خيانة األمانة‬
‫وىذه كميا جرائـ يعاقب عمييا في القانوف‪.2‬‬

‫معار لالستعمال وكان مطموبا‬


‫مودعا أو ًا‬
‫ً‬ ‫ب‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬إذا كان أحد الدينين شيئا‬
‫رده‪.‬‬
‫أال يكوف أحد الدينيف شيئا مودعا أو معا ار عارية استعماؿ‪ ،‬وكاف مطموبا رده المادة‬
‫(‪ 2/299‬ؽ ـ) فبل يجوز لممودع لديو أو المستعير أف يتمسؾ بالمقاصة في مواجية مالؾ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.314‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪53‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫الشيء والعمة في ذلؾ‪ ،‬أنو ال يجوز لموديع أف يخل بيذه الثقة الذؼ ائتمنو فييا المودع‪ ،‬ولو‬
‫عف طريق التمسؾ بالمقاصة‪ ،‬وىو ما حثت عميو الشريعة االسبلمية عمى الثقة واألمانة‬
‫والوفاء باإللتزاـ بحسف نية وبكل صدؽ واخبلص‪.1‬‬

‫جـ‪ -‬الحالة الثالثة‪ :‬الدين غير القابل لمحجز‪.‬‬


‫فإنو ال تقع المقاصة إذا كاف الديناف المذيف سنجرؼ بينيما المقاصة غير قابميف‬
‫أف المقاصة وفاء إجبارؼ‪ ،‬واذا كاف ال يجوز إجبار صاحب الحق غير‬
‫لمحجز‪ ،‬وعمة ذلؾ ّ‬
‫القابل لمحجز عمى الوفاء بيذا الحق‪ ،‬فإف المقاصة ال تجوز بو لذات العمة‪ ،2‬ألنيا تؤدؼ إلى‬
‫نفس األثر المترتب عمى الحجز الذؼ منعو القانوف‪.‬‬
‫زوجا أقرض زوجتو مبمغا مف الماؿ‪ ،‬ثـ حكـ‬
‫وتطبيقا لذلؾ فإنو ال تقع المقاصة لو أف ً‬
‫ليا بالنفقة ضده‪ ،‬فبل تقع المقاصة بيف حقو الناشئ‪ ،‬مف القرض وديف النفقة الواجب عميو‪.‬‬
‫وانما عميو أف يوفي بيده النفقة‪ ،‬ثـ يرجع بحقو في القرض عمى زوجتو والعمة في ذلؾ‬
‫ىي أف المقاصة بمثابة وفاء قيرؼ بحكـ القانوف‪ ،‬فبل يمكف وقوعيا بيف دينيف إال إذا كاف‬
‫كبل منيما قاببل لبلستيفاء منو جب ار عمى المديف بو وذلؾ بالحجز عمى ذلؾ الديف‪ ،‬كذلؾ أف‬
‫الحق غير قابل لمحجز عميو ال يمكف إجبار صاحبو عمى وفاء دينو ألنو ضرورؼ لحياتو‬
‫ومعيشتو‪ ،‬كديف النفقة‪ ،‬لذا منع القانوف الحجز عميو‪.3‬‬

‫‪ -2‬الموانع المتعمقة بمصمحة الغير‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 1/302‬ؽ‪ .‬ج «ال تقع المقاصة إض ار ار بحقوق كسبيا الغير بمعنى أنو‬
‫ال يجب أن يتعمق بأحد الدينين حق لمغير يمنع الوفاء بو‪ ،‬كأن يقع الحجز التحفظي عمى‬
‫دين أحد الطرفين من ىذا الغير قبل وقوع المقاصة‪ ،‬فيمتنع ىذا الحجز التمسك بالمقاصة‬
‫بين ىذا المال‪ ،‬ومال المدين في ذمتو»‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.603‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -3‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬

‫‪54‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫وكما أنو ال يجوز إضرار بحقوؽ الغير التي كسبيا وىو حسف النية‪ ،‬فإذا وفى المديف‬
‫ديػنػا‪ ،‬وكػاف لػو أف يػطمػب الػمػقػاصة فيو يػحق لػو‪ ،‬فبل يػجػػوز أف يػتػم ػسػػؾ إضرار‬
‫بالغير بالتأمينات التي تكفل حقو‪ ،‬إال إذا كاف جاىبل بيذا الحق وىو ما نصت عميو المادة‬
‫حجز تحديد المدين‪ ،‬ثم أصبح ىذا األخير دائنا لدائنو‪ ،‬فال‬
‫‪ 3/302‬ؽ‪.‬ـ «فإذا أوقع الغير ًا‬
‫يجوز لو أن يتمسك بالمقاصة إض ار ار لمحاجز»‪.1‬‬

‫المطمب الثاني‬
‫إجراءات المقاصة وأثارىا‬

‫األول) ثـ نتطرؽ‬
‫نتطرؽ في ىذا المطمب إلى كيفية إجراء المقاصة في (الفرع ّ‬
‫إلى اآلثار المترتبة عمييا في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫كيفية إجراء المقاصة‬

‫سنتعرض في ىذا الفرع إلجراءات المقاصة القانونية (أوال) ثـ إلجراءات المقاصة‬


‫االتفاقية (ثانيا) والى إجراءات المقاصة القضائية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إجراءات المقاصة القانونية‪.‬‬


‫لكي يترتب عمى المقاصة إنقضاء االلتزاـ‪ ،‬فيذا يتوقف عمى التمسؾ بيا ممف لو‬
‫مصمحة فييا‪ ،‬أؼ بناء عمى طمب صاحب المصمحة‪ ،‬فإذا لـ يحصل ىذا التمسؾ مف قبمو‬
‫بقي الديناف المتقاببلف دوف إنقضاء‪ ،‬وال يجوز لمقاضي أف يحكـ بيا مف تمقاء نفسو‪ ،‬حتى‬
‫ولو تبيف لو مف وقائع الدعوػ أف الشروط البلزمة إلجراء المقاصة متوافرة وىو ما يدؿ أف‬
‫المقاصة ليست مف النظاـ العاـ‪.‬‬

‫‪ -1‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.601‬‬

‫‪55‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫والذؼ لو المصمحة في إيقاع المقاصة ىو المديف الذؼ أصبح دائنا لدائنو في كل مف‬
‫المتقابميف‪.1‬‬

‫ويجوز أف يتمسؾ بالمقاصة الكفيل ألحد المدينيف إذ يجوز لو أف يتمسؾ بالمقاصة‬


‫إذ يجوز لممديف المتضامف أف يتمسؾ بيف ما ىو مستحق عمى المديف الذؼ يكمفو وبيف ما‬
‫مستحق ليذا المديف قبل دائنو‪.2‬‬
‫ويجوز لصاحب المصمحة التمسؾ بيا مف وقت توافر شروطيا‪ ،‬لذا يصح التمسؾ بيا‬
‫في أية حالة كانت عمييا الدعوة‪.‬‬
‫ويكوف التمسؾ بيا في صورة دفع يبديو المديف لرفع دعوػ دائنو أو يكوف ذلؾ في‬

‫رفع دعوػ أصمية‪ ،‬وكما ّ‬


‫أف المقاصة دفع موضوعي فيجوز إبداليا في أية مرحمة كانت‬
‫ألوؿ مرة أماـ جية قضاء االستئناؼ كطمب أصمي أو طمب متقابل‪،‬‬ ‫عمييا الدعوػ‪ ،‬ولو ّ‬
‫وذلؾ طبقا ألحكاـ المادة ‪ 807‬ؽ‪.‬إ‪.‬ـ‪.‬إ قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬غير أنو ال يجوز‬
‫ألوؿ مرة أماـ جية المحكمة العميا باعتبارىا محكمة النقض القانونية‪.3‬‬
‫إثارتيا ّ‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات المقاصة االختيارية (االتفاقية)‪.‬‬
‫معا‪ ،‬حيث يقوـ مانع مف وقوع‬
‫تقع ىذه المقاصة إما بإرادة أحد الطرفيف أو بإرادتيما ً‬
‫المقاصة القانونية أؼ أحد الشروط لوقوع المقاصة القانونية‪ ،‬وىذا المانع روعيت فيو مصمحة‬
‫أحد الطرفيف أو كمييما‪ .‬فيتفق الطرفيف عمى إجراء المقاصة االتفاقية‪ ،‬فيتنازؿ مف روعيت‬
‫مصمحتو عف ىذه المصمحة‪ ،‬فيتـ إجراء المقاصة االختيارية بإرادة أحد الطرفيف أو ِباتفاقيما‬
‫معا بحسب األحواؿ‪.4‬‬
‫ً‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.606‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ -3‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.606‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1324‬‬

‫‪56‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬إجراءات المقاصة القضائية‪.‬‬


‫يشترط إلجراء المقاصة القضائية أف تكوف في صورة دعوػ أماـ القضاء‪ ،‬وىي عادة‬
‫تكوف دعوػ عارضة يرفعيا المدعى عميو يدفع بيا الدعوػ األصمية‪.‬‬
‫ويطمب المدعى عميو في ىذه الدعوػ العارضة مف القاضي أف يسقط قصاصة الديف‬
‫المطموب منو في ديف يدعيو عمى المدعى‪ ،‬وذلؾ بأف يفض النزاع في خصوص ىذا الديف‬
‫إذا كاف متنازًعا فيو‪ ،‬أو بأف يعيف مقداره إذا لـ يكف معموـ المقدار‪ ،‬ثـ تجرؼ بعد ذلؾ‬
‫المقاصة القضائية ولمقاضي السمطة التقديرية في تقدير ىذا الطمب‪ ،‬إما بالرفض في النظر‬
‫ألف ليس ليا أساس واضح‪ ،‬ويقتصر عمى النظر في الدعوػ األصمية‪ ،‬ويبقى لممدعي‬
‫فييا ّ‬
‫عميو حقو في أف يرفع دعوػ مستقمة بما يدعيو مف الديف إذا شاء‪ ،‬وقد يرػ القاضي أف‬
‫الدعوػ العارضة ليا أساس ولكف فييا التعقيد والغموض وفي حاجة إلجراءات تحقيق واسعة‬
‫وطويمة ىو شأنيا أف تعطل الفصل في الدعوػ األصمية‪ ،‬فيرفض النظر فييا مع الدعوػ‬
‫األصمية مستبقيا إياىا لمفصل فييا فيما بعد أو تاركا لممدعي عميو الحق في أف يرفع بطمبو‬
‫دعوػ مستقمة‪ .‬فينظر الدعوييف معا ويقضي فييا بحسب األدلة التي تتقدـ بيا الخصوـ‪،‬‬
‫معا أو إحداىما وبالتالي عند ذلؾ ال مجاؿ ألجراء المقاصة‬
‫وىو إما أف يرفع الدعوييف ً‬
‫معا بعد أف يضمف النزاع في الديف الذؼ يدعيو المدعي عميو‬
‫القضائية‪ ،‬أما إذا قبل الدعوييف ً‬
‫أو بعد أف يعيف مقداره‪ ،‬فإنو يجرؼ المقاصة القضائية بيف الدينيف فينقضياف بقدر منيما كما‬
‫في المقاصة القانونية‪.1‬‬
‫وحكـ القاضي ىو منشئ لممقاصة القضائية وال تقع إال مف وقت صدور الحكـ فييا‬
‫وال مف وقت رفع الدعوػ العارضة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1328‬‬

‫‪57‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ِباختبلؼ المقاصة القانونية التي تقـ مف وقت تبلقي الدينيف والختيارية التي تقع مف‬
‫وقت إعبلف اإلرادة في إجرائيا‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫آثار المقاصة‬

‫تترتب عمى كل مف المقاصة القانونية والمقاصة االتفاقية والمقاصة القضائية آثار‬


‫تختمف حسب نوع المقاصة وفي ىذا الفرع ندرس آثار تختمف حسب نوع المقاصة‪ ،‬وفي ىذا‬
‫(ثانيا) فآثار المقاصة‬
‫الفرع ندرس آثار المقاصة القانونية (أو ًال) ثـ آثار المقاصة االختيارية ً‬
‫القضائية (ثال ًثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬آثار المقاصة القانونية‪.‬‬
‫تترتب عمى المقاصة آثار وردت في المواد ‪ 303 /302 /300‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج بحيث تختمف‬
‫ىذه اآلثار فييا إذا كانت بيف طرفييا (الدائف والمديف) أو أثار بالنسبة لمغير‪ ،‬سنعالج‬
‫في ىذا المطمب آثار المقاصة فيما بيف الطرفيف في (أوال)‪ ،‬ثـ نعالج آثار المقاصة بالنسبة‬
‫لمغير في (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬آثار المقاصة فيما بين الطرفين‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 2/300‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «ويترتب عمييا ِانقضاء الدينين بقدر األقل منيما منذ‬
‫الوقت الذي يصبحان فيو صالحين لممقاصة ويكون تعيين جية الدفع في المقاصة‬
‫كتعيينيا في الوفاء»‪ ،‬بناءا عمى ىذا النص تتمثل آثار المقاصة فيما بيف طرفييا فيما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إنقضاء الدينين بقدر األقل منيا‪:‬‬


‫أن المقاصة تؤدي إلى إنقضاء الدينين المتقابمين‬
‫تتضح مف النص ‪ 2/300‬ؽ‪.‬ـ « ّ‬
‫أن كل طرف يوفي دينو بحقو‪ ،‬فينقضي الدينان ُكمي ًة إذا كان‬
‫بقدر األقل منيما‪ ،‬إذ ّ‬
‫متساويين‪ ،‬وينقضي بقدر األقل منيما إذا كانا مختمفين‪ ،‬فينقضي الدين األقل كمو‪،‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.1329‬‬

‫‪58‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫وينقضي الدين األكبر جزئيا في حدود مقدار الدين األقل بحيث يقتصر مقداره عمى الفرق‬
‫بين الدينين أي الدين األكبر ال ينقضي بتمامو وانما بقدر ما يقابمو من الدين األصغر»‪.1‬‬
‫مثبل أف يكوف الديف األكبر ‪ 100‬دج واألقل خمسمائة‪ ،‬إنقضى الديف األقل كمية‬
‫واِنقضى مف الديف األكبر خمسمائة‪ ،‬وبقي منو خمسمائة‪.‬‬
‫ففي ىذه الحالة التي يزيد فييا أحد الدينيف عف اآلخر والمقاصة تؤدؼ ىنا إلى‬
‫ِانقضاء جزئي لمديف األكبر بمقدار الديف األصغر وىي إحدػ الحاالت االستثنائية التي‬
‫‪2‬‬
‫تجبر الدائف قبوؿ الوفاء الجزئي لحقو دوف حاجة لرضاء الدائف‪ .‬وخروجا عف القواعد العامة‬
‫وىو وفاء يتـ بقوة القانوف ال يحتاج إلى ِاتفاؽ الطرفيف وال لصدور حكـ مف القاضي بذلؾ‪.‬‬
‫واذا ِاقتضى تدخل القاضي في ىذا األمر فدوره يقتصر فقط في التحقق مف توافر شروطيا‬
‫وحكمو يكوف بذلؾ ًا‬
‫مقرر لوجودىا وكاشفا عنو‪ ،‬وليس منشأ ليا‪ ،‬ألف المقاصة ىنا قد تمت‬
‫ليس مف صدور الحكـ‪ ،‬ولكف منذ توافر شروطيا‪.3‬‬
‫وكما يترتب عف ِانقضاء الدينيف بالمقاصة ِانقضاء التأمينات التي تكفل كل منيما‪،‬‬
‫سواء كانت تأمينات شخصية أو عينية وتبعا لذلؾ يحق لمكفيل الشخصي أف يتمسؾ‬
‫بالمقاصة بيف ديف كفيمو وحق ىذا الكفيل في ذمة دائنو‪.‬‬

‫ب‪ِ -‬انقضاء الدينين من الوقت الذي يصبحان فيو صالحين لممقاصة‪:‬‬


‫إذا كانت القاعدة أف المقاصة ال تقع إال إذا تمسؾ بيا مف لو مصمحة فييا‪ ،‬فإف ىذا‬
‫ال يمنع مف أنيا تقع بحكـ القانوف بمعنى أنو متى تـ التمسؾ بالمقاصة وجب القاضي الحكـ‬
‫بيا ما دامت شروطيا القانونية متوفرة‪ .‬بحيث تقع المقاصة منذ الوقت الذؼ توافرت شروطيا‬
‫بمعنى منذ الوقت الذؼ يصبحاف فيو الدينيف صالحيف لممقاصة وليس مف وقت التمسؾ بيا‬
‫مف قبل أحد األطراؼ‪ ،‬وىو ما يقصد بو وقوع المقاصة بقوة القانوف‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.167‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.608‬‬

‫‪59‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ومتى وقعت المقاصة‪ ،‬كاف ليا أثر رجعي يستند إلى وقت توافر شروطيا القانونية‬
‫وليس مف وقت وقوعيا‪ ،‬ويترتب عمى ىذا أنو ال يحق ألحد الطرفيف أف يدفع بتقادـ دينو‬
‫وقت التمسؾ بالمقاصة ما داـ أنو لـ يكف كذلؾ وقت توفر شروطيا القانونية‪.1‬‬
‫وكذلؾ ىناؾ أثر آخر أنو يوقف سرياف الفوائد مف وقت توافر شروط المقاصة وال مف‬
‫وقت التمسؾ بيا‪.‬‬

‫جـ‪ -‬تعيين جية الدفع في المقاصة‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 300‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «‪ ...‬تعيين جية الدفع في المقاصة كتعيينيا في‬
‫الوفاء»‪.‬‬
‫وذلؾ إذا تعددت الديوف التي تجوز فييا المقاصة فيما بيف الطرفيف‪ ،‬وبالتالي تطبيق‬
‫أحكاـ الوفاء مع مراعاة المقاصة التي تقع بقوة القانوف‪ ،‬وبالتالي تستبعد أحكاـ المادة ‪279‬‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ج وتطبيق أحكاـ ‪ 280‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج أؼ يستبعد في أف المديف يعيف الديف الذؼ يريد الوفاء‬
‫بو‪ ،‬ويكوف الوفاء بالنسبة لمديف الذؼ حل أجمو أو الديف األشد كمفة‪.2‬‬

‫د‪ -‬النزول عن المقاصة‪:‬‬


‫إذا كانت المقاصة ال تتعمق بالنظاـ العاـ‪ ،‬لذلؾ فإنيا ال تقع إال إذا تمسؾ بيا مف لو‬
‫مصمحة فييا‪ ،‬ومف ثـ يجوز لصاحب المصمحة وفقا لممادة ‪ 1/300‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج التنازؿ عنيا‬
‫وعدـ التمسؾ بيا وذلؾ صراحة أو ضمنا بشرط أف تدؿ الظروؼ واألحواؿ صراحة أو ضمنا‬
‫أف‬ ‫‪3‬‬ ‫ِ‬
‫بشرط أف تدؿ الظروؼ واألحواؿ والقرائف داللة واضحة عمى اتجاه النية إلى ذلؾ ‪ .‬إال ّ‬
‫أف المقاصة‬
‫المشرع لـ يجز التنازؿ عمى المقاصة قبل ثبوت الحق فييا‪ ،‬وىذا ليس معناه ّ‬
‫تصبح مف النظاـ العاـ‪ ،‬ألنو سبق وأشرنا أنيا ال تقع إال إذا تمسؾ بيا صاحب المصمحة‬

‫‪ -1‬د‪ .‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬


‫‪ -2‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -3‬عبد المجيد حكيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.298‬‬

‫‪60‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫مقدما أؼ قبل ثبوت الحق فييا‬


‫أف المشرع حيف منع التنازؿ عنيا ً‬ ‫فييا‪ .‬واف كل ما في األمر ّ‬
‫شائعا في المعامبلت‪.1‬‬
‫أمر ً‬‫طا مألوًفا و ًا‬
‫ألصبح االتفاؽ عمى التنازؿ عنيا شر ً‬

‫‪ -2‬آثار المقاصة بالنسبة لمغير‪:‬‬


‫ار‬
‫قد يكتسب الغير حقا عمى أحد الدينيف المتقابميف‪ ،‬فبل يجوز التمسؾ بالمقاصة إضرًا‬
‫بحقو وقد أشارت إليو المواد ‪ 303/302‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ ،‬والمقصود بالغير ىو مف يكسب حقا عمى‬
‫اؿ لو وقبل‬
‫مح ٌ‬
‫حجز تحفظيا عمى أحد الدينيف‪ ،‬أو أنو َ‬
‫ًا‬ ‫أحد الدينيف كأف يكوف دائنا أوقع‬
‫المحاؿ عميو الحوالة دوف تحفع‪.2‬‬
‫ار بحقوق كسبيا الغير‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 302‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪« :‬ال تقع المقاصة إضرًا‬
‫حجز تحت بد المدين‪ ،‬ثم أصبح ىذا األخير دائنا لدائنو‪ ،‬فال يجوز‬
‫فإذا أوقع الغير ًا‬
‫ار لمحاجز»‪.‬‬
‫لو أن يتمسك بالمقاصة إضرًا‬

‫ار بالدين الحاجز‪:‬‬


‫أ‪ -‬عدم جواز التمسك بالمقاصة إضرًا‬
‫إذا وقع ديناف متقاببلف صالحاف لممقاصة‪ ،‬فتقع المقاصة بينيما‪ ،‬فبل يحوؿ دوف ذلؾ‬
‫إيقاع حجز تحفظي عمى أحد ىذيف الدينيف‪ ،‬أو عمى كمييما‪ ،‬حتى قبل التمسؾ بالمقاصة‪،‬‬
‫بما أنو قد توفرت شروط المقاصة فييما قبل توقيع ىذ ا الحجز‪ .‬أما إذا وقع حجز تحفظي‬
‫فإف الديف المحجوز عميو يصبح غير‬
‫عمى ديف قبل أف ينشأ ديف مقابل صالح لممقاصة بو‪ّ ،‬‬
‫قابل لممقاصة حماية لحق الدائف الحاجز‪.‬‬
‫تحفظيا عمى ما لمدينو لدػ شخص ثالث (مديف المديف) فبل‬
‫ً‬ ‫حجز‬
‫فإذا أوقع الدائف ًا‬
‫يحق ليذا الشخص أف يقوـ بالوفاء لدائنو ىو‪ ،‬ألف ىذا الوفاء يضر بحقوؽ الدائف الحاجز‪،‬‬
‫ويترتب عمى ذلؾ أف مديف المديف إذا نشأ لو بعد الحجز ديف في ذمة دائنو ىو فبل يجوز لو‬
‫منعا لئلضرار بالغير‪ ،‬مثبل شخص (أ) مديف لشخص (ب) بمبمغ‬
‫أف يتمسؾ بالمقاصة وذلؾ ً‬

‫‪ -1‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬


‫‪ -2‬عبد المجيد قادرؼ‪ ،‬دور المقاصة في ِانقضاء االلتزاـ‪ ،‬مجمة التواصل في العموـ اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة باجي‬
‫مختار‪ ،‬العدد‪ 28 ،‬جواف ‪ ،2011‬ص ‪.170‬‬

‫‪61‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫حجز عمى ما لمدينو (ب) لدػ الغير وىو (د)‬


‫‪ 2000‬دج ثـ جاء (ج) الدائف لػ (ب) وأوقع ًا‬
‫فإنو بعد ذلؾ يمتنع عمى (د) إذا أصبح دائنا (ب) أف يتمسؾ بالمقاصة في مواجيتو حتى ال‬
‫يضر ذلؾ بػ (ح) الدائف الحاجز‪ ،‬ولكف إذا لـ يكف بإمكاف مديف المديف المتمسؾ بالمقاصة‬
‫وبإمكانو أف يحجز أيضا عمى الديف الذؼ ىو مديف بو‪ ،‬أؼ إيقاع حجز تحفظي تحت يد‬
‫نفسو وفي ىذه الحالة يشترؾ مع الدائف الحاجز في ِاقتساـ الديف قسمة الغرماء‪.1‬‬

‫ب‪ -‬عدم جواز التمسك بالمقاصة في مواجية المحال لو‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 2 /303‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «إذا حول الدائن حقو لمغير وقبل المدين الحوالة دون‬
‫تحفظ‪ ،‬فال يجوز ليذا األخير أن يتمسك قبل المحال لو بالمقاصة التي كان يتمسك بيا‬
‫قبل قبولو لمحوالة وليس لو إال الرجوع بحقو عمى المحيل‪ ،‬أما إذا كان المدين ال يقبل‬
‫الحوالة ولكن أعمن بيا‪ ،‬فال تمنع ىذه الحوالة من وقوع المقاصة»‪.‬‬
‫وحسب ىذا النص يجب أف نفرؽ بيف حالتيف‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة األولى‪ :‬أف تكوف الحوالة قد سرت في حق المديف‪ ،‬بقبولو ليا‪ ،‬فإذا قبل المديف‬
‫الحوالة مع وجود حق لو في ذمة المحيل‪ ،‬كاف يستطيع أف يقاص بو الديف موضوع الحوالة‬
‫وكاف قبولو لمحوالة دوف تحفع‪ ،‬فقد تعمق بالديف المحاؿ لو‪ ،‬وال تجوز إيقاع المقاصة إضرار‬
‫بيذا الحق‪.2‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬أف تكوف الحوالة قد صرد في حق المديف بإعبلنيا لو ال بقبولو ليا‪ .‬وفي‬
‫ىذه الحالة لـ يكف في ِاستطاعة المديف تبلفي اإلضرار بالغير‪ ،‬كما كاف يستطيع في الحالة‬
‫األولى عندما قبل الحوالة دوف تحفع وكاف ينبغي أف يتحفع‪ ،‬ومف ثـ وجب أعماؿ المقاصة‬

‫‪ -1‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫‪ -2‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1323‬‬

‫‪62‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫بيف الدينيف بعد أف تبلقيا صالحيف ليا قبل إعبلف الحوالة‪ ،‬وتكوف الحوالة قد وردت عمى حق‬
‫إنقضى بالمقاصة فتقع باطمة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار المقاصة االتفاقية‪.‬‬


‫بخبلؼ المقاصة القانونية التي تقع بمجرد تبلقي الدينيف‪ ،‬أؼ منذ الوقت الذؼ‬
‫يصبحاف الديناف صالحيف لممقاصة وال مف وقت التمسؾ بيا‪ ،‬فالمقاصة االختيارية ال تنتج‬
‫أثرىا إال مف وقت إعبلف صاحب المصمحة إرادتو في إيقاعيا‪ ،‬وال تسرؼ بأثر رجعي‪ ،‬فبل‬
‫ينقضي الديناف مف وقت تبلقييما‪ ،‬ولكف مف وقت إعبلف أحد الطرفيف عف إرادتو‬
‫في إيقاعيا‪ ،‬أو إرادة كل منيما حسب األحواؿ‪ ،‬واذا وقعت المقاصة االختيارية االتفاقية‬
‫معا‪ ،‬كما تقضييما المقاصة القانونية‪ ،‬وتنقطع الفوائد‪ ،‬ويقف سريانيا‬
‫فإف الديناف ينقضياف ً‬
‫معا‪ ،‬واذا إتفق‬ ‫ِ‬
‫وتزوؿ التأمينات‪ ،‬وال يجوز الرجوع في المقاصة االختيارية إال باتفاقيما ً‬
‫الطرفاف عمى الرجوع فييا فميس ىناؾ إضرار بالغير‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثار المقاصة القضائية‪.‬‬


‫يترتب عمى المقاصة القضائية ما يترتب عمى المقاصة القانونية واالختيارية مف آثار‬
‫فييا ينقضي الديناف المتقاببلف بقدر األقل منيما‪ ،‬فإذا كاف ديف المدعي عميو ىو األكبر‬
‫قضى لممدعي عميو بالزيادة واذا كاف ديف المدعي ىو األكبر قضي لو بما زاد بو دينو‪ ،‬واذا‬
‫كاف الديناف متساوياف قضي ِبانقضائيا معا‪ ،‬كما يترتب عمييا أيضا ِانقضاء الفوائد وتوقف‬
‫سريانيا‪ ،‬وسقوط التأمينات‪.‬‬
‫أما عمى الوقت الذؼ تكوف فييا المقاصة القضائية منتجتًا آلثارىا‪ ،‬فقد إختمف الفقو‬

‫في ذلؾ‪ ،‬فيناؾ مف يرػ ّ‬


‫أف حكـ القاضي ىو الذؼ يشيء المقاصة القضائية وبالتالي ال تقع‬

‫‪ -1‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.1323‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬

‫‪63‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ىذه المقاصة إال مف وقت صدور الحكـ بيا‪ .‬وىناؾ مف يرػ أف الحكـ كاشف ليا وبذلؾ‬
‫فتنتج آثارىا مف حيف تبلقي الدينيف‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫إتحاد الذمــة‬
‫يعتبر نظاـ إتحاد الذمة مف الطرؽ التي إستند إلييا المشرع الجزائرؼ في ِانقضاء‬
‫االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء‪ ،‬بحيث نظـ أحكاميا في نص مادة واحدة وىي ‪ 304‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج وعمى‬

‫ىذا قمسنا ىذا المبحث إلى مطمبيف‪ ،‬سنتطرؽ لمفيوـ إتحاد الذمة (المطمب ّ‬
‫األول)‪ ،‬ولآلثار‬
‫المترتبة عنيا (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‬
‫مفيوم إتحاد الذمة‬

‫تناوؿ المشرع الجزائرؼ إتحاد الذمة كأحد أسباب إنقضاء االلتزاـ في المادة ‪304‬‬
‫والتي تنص عمى‪« :‬إذا ِاجتمعت في شخص واحد‪ ،‬صفتا الدائن والمدين بالنسبة إلى دين‬
‫واحد‪ ،‬واِنقضى ىذا الدين بالقدر الذي ِاتحدت فيو الذمة‪ ،‬واذا زال السبب الذي أدى ِال تحاد‬
‫الذمة وكان لزوالو أثر رجعي‪ ،‬عاد الدين إلى الوجود بممحقاتو بالنسبة إلى المعنيين باألمر‬
‫ويعتبر ِاتحاد الذمة كأنو لم يكن»‪.‬‬
‫يراد مف نص المادة ‪ 304‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج بأنو إذا ِاجتمع في شخص واحد صفتا الدائف‬
‫والمديف بالنسبة إلى ديف واحد‪ِ ،‬انقض ىذا الديف بالقدر الذؼ إتحدت فيو الذمة‪ ،‬وىو ما‬
‫يترتب عميو ِاستحالة المطالبة بالديف‪ ،‬إذ ال يمكف لمشخص أف يطالب نفسو بنفسو‪ ،‬أو أف‬
‫‪2‬‬
‫بأف الشخص الواحد يصبح دائنا ومديف في‬
‫يقوـ بالوفاء لنفسو ‪ .‬فإتحاد الذمة يشبو بالمقاصة ّ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ص ‪.147 -146‬‬


‫‪ -2‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1330‬‬

‫‪64‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫وقت واحد‪ ،‬لكنو يختمف عنيا في المقاصة تقتضي وجود دينيف لمتقاص بينيما‪ ،‬أما في إتحاد‬
‫الذمة تجتمع صفتا الدائف والمديف في شخص واحد وفي ديف واحد‪.‬‬

‫وعمى ضوء ىذا النص سنحاوؿ اإلحاطة بجوانب ىذا المفيوـ‪.‬‬


‫الفرع األول‬
‫إتحاد الذمة بالوفاة‬

‫يتحقق ِاتحاد الذمة إما بسبب الوفاة أو بيف األحياء (قبل الوفاة)‪ ،‬ففي ىذا الفرع‬
‫نتطرؽ إلتحاد الذمة بسبب الوفاة (أوال) ثـ التحاد الذمة حاؿ الحياة (ثانيا)‪.‬‬

‫يتحقق ِاتحاد الذمة بسبب الوفاة عف طريق الميراث وىو الغرض الذؼ يغمب وقوعو‬
‫في الحياة العممية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عن طريق الميراث‪.‬‬


‫وىو ما يتحقق حالة وفاء الديف وورثو المديف‪ ،‬إذا كاف المديف وارثا لدائنو‪ ،‬وتوفي‬
‫الدائف وورثو المديف‪ ،‬فإنو يرث‪ ،‬فيما يرث‪ ،‬حق الموروث في ذمتو‪ ،‬فيصبح الوارث دائنا‬
‫لنفسو‪ ،‬أؼ تجتمع صفتي الدائف والمديف وينقضي الديف‪ ،‬يقدر ما ورث المديف منو باتحاد‬
‫الذمة‪ ،‬فإذا كاف المديف ىو الوارث الوحيد تحقق إنقضاء الذمة بالنسبة لمديف كمو فينقضي‬
‫بتمامو‪ ،1‬واذا كاف المديف وارثا لربع التركة إتحدت الذمة‪.‬‬
‫وأما إذا كاف المديف وارثا لربع التركة‪ ،‬إتحدت الذمة بقدر ىذا الربع فقط‪ ،‬وظل مدينا‬
‫لباقي الورثة بباقي الديف‪.‬‬
‫أما إذا كاف الدائف ىو الوارث لممديف المتوفي‪ ،‬فإف الدائف حيف يرث المديف فإنو ال‬
‫يرث الديف الذؼ عمى التركة‪ ،‬حتى إف كاف ىو الوارث الوحيد لممديف‪ ،‬وىو ما تقرره قواعد‬
‫الشريعة اإلسبلمية مف أنو‪ :‬ال تركة إال بعد سداد الديف وبالتالي التركة تبقى منفصمة عف‬

‫‪ -1‬د‪ .‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫‪65‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ماؿ الوارث الدائف حتى يتـ تسديد جميع الديوف التي عمييا‪ .‬وبعد ذلؾ يرث ىذا الدائف وحده‬
‫إذا كاف الوحيد الوارث أو مع غيره مف الورثة ما بقي مف التركة‪ ،‬إذ يبقى شيء منيا‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬عن طريق الوصية‪.‬‬


‫ِ‬
‫خمفا‬
‫عاما أو ً‬ ‫قد يتحقق اتحاد الذمة عف طريق الوصية‪ ،‬ويكوف الموصى لو إما ً‬
‫خمفا ً‬
‫خاصا‪ ،‬فيكوف ً‬
‫عاما إذا أوصى الدائف لمدينو بثمث تركتو مثبل‪ ،‬فيصبح المديف الموصى لو‬ ‫ً‬
‫بعد موت الموصى مدينا لمتركة بالديف وموصى لو بثمث التركة‪ ،‬فينتقل إليو مف الديف ثمث‬
‫فتتحد الذمة في ىذا الثمث‪ .‬ويبقى ثمثا الديف في ذمة المديف لمتركة واذا كاف الموصى لو خمفا‬
‫خاصا إذا أوصى الدائف لمدينو بالديف الذؼ لو في ذمتو‪ ،‬فيكوف المديف بعد موتو الدائف‬
‫مديف لمتركة بحكـ مديونية السابقة ودائنا في نفس الديف بحكـ الوصية‪ ،‬فتتحد الذمة‪.‬‬
‫فإف الدائف الموصى لو يكوف‬
‫أما إذا كاف المديف ىو الذؼ أوصى لمدائف بثمث تركتو‪ّ ،‬‬
‫بعد موت الموصى دائنا لمتركة بمبمغ الديف وموصى لو بثمث التركة‪ ،‬ويجب طبقا لقواعد‬
‫الشريعة اإلسبلمية سداد ديف التركة أوال‪ ،‬فيستوفي الدائف منيا مبمغ الديف‪ ،‬ومف ثـ ينقضي‬
‫الديف كمو بالوفاء ال ِباتحاد الذمة‪ ،‬ثـ يستولي الدائف بعد ذلؾ عف طريق الوصية عمى ثمث‬
‫التركة خالية مف الديوف‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫ِاتحاد الذمة حال الحياة ونطاقيا‬
‫نتطرؽ في ىذا الفرع لدراسة نطاؽ الذمة حاؿ الحياة (أوال) ثـ نطاؽ ِاتحاد‬
‫الذمة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1332‬‬

‫‪66‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫أوال‪ِ :‬اتحاد الذمة حال الحياة‪.‬‬


‫وىو ما يقع في الحقوؽ العينية‪ ،‬كما لو يرث صاحب العقار المرتفق العقار المرتفق‬
‫بو‪ ،‬عندئذ ينقضي حق االرتفاؽ عف طريق ِاتحاد ذمة صاحب العقار الخادـ وصاحب العقار‬
‫المخدوـ‪ ،‬وكذلؾ ما يقع في الحقوؽ الشخصية‪ ،‬كأف ينقضي الحق الشخصي طبقا لممادة‬
‫‪ 304‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج‪ .‬إذا خمف الدائف المديف أو إذا خمف المديف الدائف ألف الذمتيف إتحدتا‪ ،‬فبل‬
‫يجوز أف يكوف الشخص دائنا ومدينا لنفسو في نفس الوقت‪.1‬‬
‫ويتحقق إتحاد الذمة حاؿ الحياة عف طريق التصرؼ القانوني ما ورد في المادة‬
‫‪ 1/400‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ج التي تقضي بأنو «إذا تنازل شخص عن حق متنازع فيو‪ ،‬فمممتنازع‬
‫ضده أن يتخمص من ىذا الشخص برد ثمن البيع الحقيقي لو والمصاريف الواجبة»‪.2‬‬
‫وقد يتحقق كما لو ِاشترت شركة السندات التي أصدرتيا وذلؾ باعتبار أف السندات‬
‫تمثل ديوف عمى الشركة‪ ،‬فإذا قامت ىذه الشركة بشرائيا فإنيا تجتمع فييا صفتي الدائف‬
‫والمديف فينقضي الديف ِالتحاد الذمة‪.3‬‬
‫واذا قاـ المستأجر بشراء العيف المؤجرة مف المالؾ المؤجر‪ ،‬تجتمع لدػ نفس الشخص‬
‫صفة المؤجر والمستأجر‪ ،‬وبالتالي بيذه الصفة تتحد الذمة ما يؤدؼ إلى ِانقضاء االلتزاـ كميا‬
‫أو جزئيا‪ ،‬حسبما كاف متعمقا بالديف كمو أو بجزء منو‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاق ِاتحاد الذمة‪.‬‬


‫ال يقتصر ِاتحاد الذمة عمى الحقوؽ الشخصية أو الديوف فقط‪ ،‬وانما يرد أيضا عمى‬
‫الحقوؽ العينية‪ ،‬فقد يتج أز حق الممكية‪ ،‬فيكوف لشخص حق االنتفاع ولشخص آخر حق‬
‫الرقبة‪ ،‬فإذا ِانتقمت إلى المنتفع ممكية العيف المنتفع بيا باإلرث أو بالعقد تزوؿ بذلؾ التجزئة‬

‫‪ -1‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.617‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1332‬‬
‫‪ -4‬د‪ .‬بمحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.617‬‬

‫‪67‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫القائمة عمى حق الممكية ويزوؿ حق االنتفاع مف تمقاء نفسو ِباتحاد حق مالؾ الرقبة وحق‬
‫المنتفع في شخص واحد‪ ،‬كذلؾ ينقضي حق االتفاؽ ِباتحاد الذمة‪ ،‬فإذا ممؾ صاحب العقار‬
‫المرتفق‪ ،‬العقار المرتفق بو أو ممؾ صاحب العقار المرتفق بو العقار المرتفق أو ممؾ كبل‬
‫العقاريف لشخص أجنبي أصبح العقاراف ممموكيف لشخص واحد‪ ،1‬وينتفي بذلؾ حق االرتفاؽ‬
‫عمبل بالقاعدة القانونية التي تقضي بأف ال يكوف لشخص حق إرتفاؽ عمى ممكو‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‬
‫شروط إتحاد الذمة وآثارىا‬

‫يتطمب لوقوع إتحاد الذمة وجوب توافر شروط وكما يترتب عمى وقوعيا آثار ِاستناد‬
‫ألحكاـ المادة ‪ 304‬ؽ‪.‬ـ‪ ،‬ففي ىذا المطمب سنتعرض لدراسة شروط ِاتحاد الذمة في (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬ثـ نتطرؽ إلى آثارىا في (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫ّ‬
‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫شروط ِاتحاد الذمة‬

‫يقتضي لقياـ ِاتحاد الذمة كسب مف أسباب ِانقضاء االلتزاـ وجود شرطيف وىما‬
‫ِ‬
‫اجتماع صفتي الدائف والمديف في شخص واحد بالنسبة لديف واحد وأف يكوف االلتزاـ م ً‬
‫وجودا‪.‬‬

‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أوال‪ :‬أن يكون االلتزام‬
‫إذا ِانقضى االلتزاـ الواقع بيف الدائف والمديف بأحد األسباب ِالنقضاء ِ‬
‫االلتزاـ ِ‬
‫كاستحالة‬
‫أف الديف متعمقا عمى شرط فاسخ‬
‫التنفيذ أو اإلجراء الحاصل مف الدائف لمدينو قبل وفاتو أو ّ‬
‫وتحقق‪ ،‬أو معمقا عمى شرط واقف لـ يتحقق‪ ،‬فبل محل لوقوع ِاتحاد الذمة‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر الغار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ‪ ،‬آثار الحق في القانوف المدني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬األردف‪ ،2008 ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬أنور سمطاني‪ ،‬أحكاـ اإللتزاـ‪ ،‬النظرية العامة لئللتزاـ‪ ،‬دراسة مقارنة بيف القانونيف المصرؼ والمبناني‪،1974 ،‬‬
‫ص ‪.17‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.160‬‬

‫‪68‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ثانيا‪ِ :‬اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة لدين واحد‪.‬‬
‫فمقد نصت المادة ‪ 1/304‬مف ؽ‪.‬ـ أف‪« :‬إذا ِاجتمع في شخص واحد صفتا الدائف‬
‫والمديف بالنسبة إلى ديف واحد‪ِ ،‬انقضى ىذا الديف بالقدر الذؼ ِاتحدت فيو الخدمة»‪ .‬أؼ أنو‬
‫يشترط لقياـ ِاتحاد الذمة أف يتواجد شخص تتوفر فيو صفتيف وىو الدائف والمديف‪ ،‬في‬
‫شخص واحد وال في شخصيف أو أكثر‪ ،‬وبالنسبة لديف واحد أؼ البد أف يكوف الديف الذؼ‬
‫يجتمع مف أجمو الصفتاف واحد وليس أكثر‪ ،‬ألف وجود اإللتزاـ الواحد يجعل أحد الطرفيف‬
‫يخمف الطرؼ اآلخر فيو‪ ،‬فيترتب عمى ِاجتماع صفتا الدائف والمديف في نفس الشخص‬
‫ِانقضاء الديف‪.1‬‬
‫وىذا ما يختمف فيو ِاتحاد الذمة عف المقاصة‪ ،‬حيث أنو في المقاصة يوجد شخصاف‬
‫لكل منيما صفة الدائف في ديف وصفة المديف في ديف آخر‪ .‬وأما في إتحاد الذمتيف فبل يوجد‬
‫إال ديف واحد وأحد طرفيف دائف غير مديف واآلخر مديف غير دائف‪ ،‬واختفا أحد الطرفيف‬
‫وبقي اآلخر ِاجتمعت فيو صفتا الدائف والمديف‪ ،‬فيصبح مف المستحيل أف يطالب الشخص‬
‫نفسو‪ ،‬ما يؤدؼ إلى ِانقضاء الديف بالقدر الذؼ ِاتحدت فيو الذمة‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫آثـار ِاتحـاد الـذمـة‬
‫حسب نص المادة ‪ 2/304‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج فإنو تترتب عمى ِاتحاد الذمة أثار تختمف‬
‫ِباختبلؼ وضعية السبب المؤدؼ إلى ِاتحاد الذمة سواءا ببقاء السبب قائما أو بزوالو أو زواؿ‬
‫إتحاد الذمة فسندرس في ىذا الفرع أثر إتحاد الذمة ما بقي السبب المؤدؼ إليو قائما (أوال) ثـ‬
‫أثر إتحاد الذمة بزواؿ السبب (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬سميماف مرقس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.813‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬عبد القادر الغار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬

‫‪69‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اآلثار في حالة بقاء سبب إتحاد الذمة‪.‬‬


‫يترتب عمى ِاتحاد الذمة ِانقضاء االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء‪ ،‬فالديف ينقضي ِباتحاد الذمة‬
‫وبالقدر الذؼ ِاتحدت فيو‪.‬‬
‫حيث ال يمكف أف يطالب الشخص نفسو بتنفيذ ِالتزامو إذ البد قانونا أف يكوف شخص‬
‫الدائف مختمفا عف شخص المديف‪ ،1‬واذا ِاستحالت المطالبة واِستمرت بنقضي الديف وتنقضي‬
‫معو توابعو وتأميناتو‪ ،‬فتب أر ذمة الكفيل الشخصي أو العيني ويب أر المديف المتضامف مع‬
‫أف الديف‬ ‫ِ‬
‫المديف الذؼ حصل في شخصو اتحاد الذمة بقدر حصة ىذا األخير في الديف‪ .‬إالّ ّ‬
‫يبقى قائما في حالة حساب نصاب الوصية‪ ،‬إذا كانت قيمة الديف تتجاوز قيمة الوصية‪ ،‬إذا‬
‫كانت مساوية أكبر مف قيمة الديف فيذا ينقضي الديف ِباتحاد الذمة‪.‬‬
‫ومعتدا بو حالة إتحاد ذمة الكفيل والدائف‪ ،‬فإذا مات الدائف وورثو‬
‫ً‬ ‫كما يبقى الديف قائما‬
‫ألف في ىذه الحالة ينقضي‬ ‫ِ‬
‫الكفيل فإذا انقضى إلتزاـ الكفيل فبل ينقضي عمى نفس النحو‪ّ ،‬‬
‫الديف وتب أر ذمة المديف األصمي‪ ،‬فيرجع الكفيل عمى المديف األصمي بالدعوػ الشخصية‬
‫أو دعوػ الحموؿ‪ .‬واذا ورث الكفيل الدائف واتحدت الذمة واِنقضت الكفالة لـ ينقضي الديف‬
‫األصمي‪ ،‬ويطالب الكفيل الذؼ أصبح دائف المديف بيذا الديف ذاتو‪ ،‬أما في حالة إتحاد ذمة‬
‫المديف األصمي والدائف ينقضي ِباتحاد الذمة وتب أر ذمة الكفيل ىذا ألف المديف األصمي‬
‫أصبح دائنا‪.2‬‬
‫أما إذا كفل الكفيل مدينيف متضامنيف متعدديف وورث أحدىـ فصار كفيبل مدينا‬
‫متضامنا في وقت واحد‪ ،‬فإف وفى بالديف باعتباره كفيبل رجع عمى أؼ مف الدائنيف‬
‫المتضامنيف اآلخريف بالديف بعد ِاستنزاؿ حصة ُمورثو‪ ،‬أما إذا وفاه باعتباره مدينا متضامنا لـ‬

‫‪ -1‬د‪ .‬رمضاف أبو السعود‪ ،‬أحكاـ اإللتزاـ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -‬بمحاج لعربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.617‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1335‬‬

‫‪70‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫يستطيع الرجوع عمى باقي المدينيف المتضامنيف إال بقدر حصة كل واحد منيـ في الديف‪.1‬‬
‫وتنص المادة ‪ 226‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «إذا ِاتحدت الذمة بين شخص الدائن وأحد مدينو المتضامنين‬
‫فإن الدين ال ينقضي بالنسبة إلى باقي المدينين إال بقدر حصة المدين»‪.‬‬
‫ّ‬
‫معتدا بو عند إتحاد الذمة بيف أحد المدينيف المتضامنيف والدائف إذا وفى‬
‫فالديف يبقى ً‬
‫فإف ىذا األخير في ىذه الحالة يرجع عمى باقي المدينيف المتضامنيف الدائف‬
‫لو المديف بالديف ّ‬
‫في الديف ينقضي باتحاد الذمة‪ ،‬ولكنو ال ينقضي عمى النحو الذؼ ينقضي لو فييا إذا وفى‬
‫المديف لمدائف بالديف‪ ،‬فالمديف المتضامف في ىذه الحالة يرجع عمى باقي المدينيف‬
‫المتضامنيف كل بقدر حصتو في الديف‪ ،‬وفي حالة ما إذا ورث المديف المتضامف الدائف‬
‫فالديف ال ينقضي إال بقدر ما يقتضيو لنفسو‪ ،‬والباقي مف الديف يرجع بو المديف المتضامف‬
‫الذؼ أصبح دائنا بالميراث عمى أؼ مف المدينيف بعد ِاستنزاؿ حصتو‪ ،‬وكذلؾ في التضامف‬
‫االيجابي أؼ أنو إذا ورث المديف أحد الدائنيف المتضامنيف‪ ،‬فإف ِاتحاد الذمة ال ينقضي بو‬
‫ِ‬

‫الديف إال بقدر حصة ىذا الدائف المتضامف‪.‬‬


‫وتنص المادة ‪ 1/220‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «إذا برأت ذمة الدائن قبل أحد الدائنين المتضامنين‬
‫بسبب غير الوفاء‪ ،‬فال تب أر ذمتو قبل الدائنين اآلخرين إال بقدر حصة الدائن الذي برئت‬
‫ذمتو من أجمو»‪.‬‬
‫متضامنا ولو ِاستوفى الديف كمو‪ ،‬بيذه الصفة رجع عميو‬
‫ً‬ ‫وبالتالي سيصبح المديف‬
‫باقي الدائنيف بحصصيـ ال يبقى في يده إال حصتو‪ ،‬فيذه الحصة وحدىا التي يصبح فييا‬
‫دائنا ومدينا‪ ،‬ويستطيع أؼ مف الدائنيف المتضامنيف اآلخريف أف يرجع عمى المديف بالباقي‬
‫مف الديف‪.2‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬عبر الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1335‬‬


‫‪ -2‬د‪ .‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.955 -954‬‬

‫‪71‬‬
‫االنقضاء القانوين لرابطة االلتزام‬ ‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلثار في حالة زوال سبب إتحاد الذمة‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 02/304‬ؽ‪.‬ـ‪.‬ج «إذا زال السبب الذي أدى إلى التحاد الذمة وكان‬
‫لزوالو أثر رجعي‪ ،‬عاد الدين إلى الوجود بممحقاتو وبالنسبة إلى المعنيين باألمر ويعتبر‬
‫ِاتحاد الذمة كأنو لم يكن»‪.‬‬
‫يفيـ مف النص أف ِانقضاء الديف مرتبط بوجود سبب ِاتحاد الذمة‪ ،‬فيو يرتبط بو‬
‫وعدما‪ ،‬بحيث إذا وجب مف األسباب ما يترتب عميو زواؿ إتحاد الذمة بأثر رجعي‪،‬‬‫ً‬ ‫وجودا‬
‫ً‬
‫فإف ِاتحاد الذمة يعتبر كأف لـ يكف‪ ،‬ويعود الديف كأف بأصمو وتأميناتو‪ ،‬ويمكننا تصور زواؿ‬
‫ّ‬
‫سبب ِاتحاد الذمة بأثر رجعي بإبطاؿ التصرؼ الذؼ أدػ إلى وجوده‪ .1‬كما لو اشترػ‬
‫المستأجر العيف المؤجرة ثـ أبطل البيع أو فسخ‪ ،‬تعيف في ىذه الحالة اعتبار ِانقضاء الديف‬
‫ِباتحاد الذمة كأف لـ يكف وعوده الديف بمقوماتو األصمية‪ ،‬فتعود العبلقة اإليجارية بيف‬
‫المؤجر والمستأجر‪ ،‬ويبقى كل منيما مقيدا لعقد االيجار إلى نياية مدتو‪ ،‬وتعود إلى ديف‬
‫األجرة تأميناتو وتوابعو‪.2‬‬

‫‪ -1‬د‪ .‬وىيبة طمبة خصاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.362‬‬


‫‪ -2‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1137‬‬

‫‪72‬‬
‫خامتـ ـ ــة‬
‫خامتة‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫أف المشرع الجزائرؼ في معالجتو ألسباب‬
‫بعد دراستي ليذا الموضوع توصمت إلى ّ‬
‫ِانقضاء االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء ِاعتمد عمى خمس صور ينقضي بيا االلتزاـ بما يعادؿ‬
‫التنفيذ العيني‪ ،‬وىي الوفاء بمقابل التجديد واالنابة‪ .‬المقاصة واتحاد الذمة‪...‬‬
‫ففي الوفاء بمقابل ِباعتباره طريق يقبل بو الدائف مقاببل يستعيض بو عف حقو‬
‫األصمي‪ ،‬فيو ليس عقد ألنو ليس منشئ االلتزاـ بل ينقضي بو االلتزاـ‪ .‬وكما تسرؼ عميو‬
‫نوعيف مف األحكاـ نظ ار لتراكب طبيعتو‪ ،‬فبإعتباره ناقبل لمممكية تسرؼ عميو أحكاـ عقد البيع‬
‫فيما يتعمق بأىمية المتعاقديف وضماف العيوب الخفية‪ ،‬وكما تسرؼ عميو أحكاـ الوفاء فيما‬
‫يتعمق منيا بتعييف جية الدفع واِنقضاء التأمينات‪.‬‬
‫وكما أخذ المشرع الجزائرؼ بالمفيوـ الضيق لموفاء بمقابل‪ ،‬فيو ال يعتبره مجرد وفاء‬
‫كما ىو الحاؿ في أغمب التشريعات التي أخذت بالمفيوـ الواسع‪ ،‬بل ِاشترط بالتنفيذ الفورؼ‬
‫لبللتزاـ الجديد مع ضرورة ِاتماـ العممية (الوفاء) بتسميـ الشيء المقابل فور إنتقاؿ الممكية‪.‬‬
‫وفي صوره التجديد الذؼ بو يسقط االلتزاـ األصمي وينشىء ِالتزاـ آخر جديد مع‬
‫ِاستمرار العبلقة القانونية بعد تغيير أحد عناصره الجوىرية‪.‬‬
‫أف أىميتو في العبلقات القانونية تراجعت بعد أف أخذت معظـ التشريعات بحوالة‬
‫إال ّ‬
‫الحق عند تغيير الدائف وبحوالة الديف عند تغيير المديف‪.‬‬
‫أما في تجديد االلتزاـ بتغيير الديف أو محل اإللتزاـ ففي الكثير مف األحياف يتحقق‬
‫أف جميع ىذه النظـ البديمة ال تشمل جميع‬
‫التجديد بيذه الصورة عف طريق الوفاء بمقابل‪ ،‬إالّ ّ‬
‫حاالت التجديد‪ ،‬كما ىو الحاؿ في التجديد الموضوعي حالة تغيير مصدر اإللتزاـ‪.‬‬
‫أما الوفاء باإلنابة فيتـ برضاء الدائف بأف يمتزـ شخص أجنبي وفاء الديف عف المديف‬
‫فيي عمى نوعيف إنابة كاممة وناقصة‪ .‬أما أىميتيا تبرز أساسا في نوعيا اإلنابة الناقصة‬
‫التي تؤدؼ فييا وظيفة التأميف الشخصي عمى عكس اإلنابة الكاممة التي ىي نادرة الوقوع‪،‬‬

‫‪74‬‬
‫خامتة‬

‫ألف الدائف ال يقبل حموؿ شخص أجنبي (المناب) محل (مكاف) مدينو األصمي‪ ،‬لذلؾ ألنو‬
‫سيفقده حق مطالبة ىذا المديف األصمي وانقضاء االلتزاـ‪.‬‬
‫وكما ِاشترط لوقوعيا أف ال يكوف أحد الدينيف قد تعمق بو حق الغير‪.‬‬
‫أما في صوره المقاصة فقد اشترط المشرع الجزائرؼ ضرورة التمسؾ بيا ممف لو‬
‫مصمحة في إعماليا‪ ،‬مع إمكانية التنازؿ عنيا‪.‬‬
‫كما أنيا أداة وفاء وأداة ضماف إذ كانت بداية ِاستعماليا وسيمة أو طريقة لموفاء‬
‫تنقضي بيا االلتزامات المتقابمة ومع تطورىا أصبحت وسيمة لمضماف ألنيا تعطي ِامتيا از‬
‫لصاحبيا‪ .‬في ِاستيفاء حقو عف باقي المدينيف‪ ،‬وفي إتحاد الذمة يقع الوفاء إذا ِاجتمعت‬
‫صفة الدائف والمديف في شخص واحد بالنسبة لديف واحد‪ ،‬ألنو ال يمكف لنفس الشخص‬
‫أف يطالب نفسو‪.‬‬
‫واِعتمد المشرع الجزائرؼ في معالجتو لقواعد انقضاء االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء عمى‬
‫وضع قواعد مكممة بصفة عامة ِاستكماال لممنيج المتبع الذؼ ِاعتمده في النظرية العامة‬
‫وتجسيدا لمبدأ حرية التعامل بيف األفراد في حدود ما يسمح بو القانوف‪ ،‬وذلؾ بجواز‬
‫ً‬ ‫لبللتزاـ‪،‬‬
‫االتفاؽ بيف الطرفيف حسب إرادتيما بتحديد الطريقة المناسبة لموفاء‪ ،‬ىذا مف جية ومف جية‬
‫أخرػ اعتمد عمى وضع قواعد آمرة التي لـ يترؾ فييا االختيار لؤلفراد‪ ،‬كما ىو الحاؿ في‬
‫تطبيق أحكاـ البيع عمى الوفاء بمقابل مف حيث األىمية وضماف االستحقاؽ وضماف العيوب‬
‫الخفية وانقضاء التأمينات‪ ،‬وكذلؾ في صوره التجديد انقضاء إلتزاـ القديـ بإلتزاـ جديد‪ ،‬وعدـ‬
‫جواز التمسؾ بالمقاصة أض ار ار بحقوؽ الغير‪ ،‬ضمانا لمبدأ استقرار المعامبلت‪.‬‬
‫وكما نبلحع أف األحكاـ التي عالجيا المشرع الجزائرؼ في ِانقضاء اإللتزاـ بما يعادؿ‬
‫كثير في الممارسة الميدانية‪ ،‬أو في مجاؿ التطبيق‬
‫الوفاء‪ ،‬ىي قواعد قانونية ال نجدىا ًا‬
‫العممي عمى مستوػ القضاء المحاكـ والمجالس القضائية‪ ،‬فيمكف أف نقوؿ أنيا قواعد قانونية‬
‫ميتة بالمقارنة إلى قوانيف التشريعات األخرػ التي تمتاز بتطميق عممي واسع ليذه القواعد في‬

‫‪75‬‬
‫خامتة‬

‫مجاؿ القضاء‪ ،‬وربما ىذا النقص راجع ألسباب كثيرة منيا ضعف الثقافة القانونية لدػ‬
‫المواطف الجزائرؼ واِنعداـ في األعماؿ التحضيرية ونقص االىتماـ مف طرؼ القضاة‬
‫والمحاميف‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫قائمة ادلصادر وادلراجع‬
‫قائمة ادلراجع‬

‫قائمة المراجع‬

‫الكتب‪:‬‬
‫‪ .1‬إسحاؽ إبراىيـ منصور‪ ،‬نظريتا القانوف والحق في القوانيف الجزائرية‪ ،‬ديواف المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬ط‪.1990 ،2‬‬
‫‪ .2‬أنور طمبة الوسيط في القانوف المدني‪ ،‬ج‪ ،1‬د‪.‬ط ‪ ،‬د‪.‬ب‪.‬ف‪.1993 ،‬‬
‫‪ .3‬بمحاج العربي‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ في القانوف المدني الجزائرؼ‪ ،‬وفق آخر تعديبلت ومعدـ‬
‫بأحدث اجتيادات المحكمة العميا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ىومة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ .4‬توفيق حسف فرج‪ ،‬مصادر وأحكاـ اإللتزاـ‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحمبي الحقوقية‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬لبناف‪.2009 ،‬‬
‫‪ .5‬جبلؿ دمحم إبراىيـ‪ ،‬انقضاء االلتزاـ دوف طبعة‪ ،‬دوف بمد النشر‪.1990 ،‬‬
‫‪ .6‬جميمة دوار‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ في القانوف المدني الجزائرؼ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار قرطبة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .7‬رمضاف أبو السعود‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ‪ ،‬المكتبة القانونية لدار المطبوعات‪ ،‬الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫‪ .8‬سميماف مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانوف المدني في االلتزامات‪ ،‬ج‪ ،4‬أحكاـ االلتزاـ‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬القاىرة‪.1992 ،‬‬
‫‪ .9‬طمبة وىبة خطاب‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ بيف الشريعة اإلسبلمية والقانوف‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪.‬س‪.‬ف‪.‬‬
‫‪ .10‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لبللتزاـ (المصادر‪ ،‬االثبات‪ ،‬اآلثار‪،‬‬
‫األوصاؼ‪ ،‬االنتقاؿ‪ ،‬االنقضاء)‪ ،‬آخر طبعة منشأة المعارؼ اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ .11‬عبد الرزاؽ السنيورؼ‪ ،‬الوسيط في شرح القانوف المدني‪ ،‬نظرية االلتزاـ بوجو عاـ‬
‫(األوصاؼ الحوالة‪ ،‬إلنقضاء)‪ ،‬منشورات أكمي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2005 ،‬‬

‫‪78‬‬
‫قائمة ادلراجع‬

‫‪ .12‬عبد القادر الغار‪ ،‬آثار الحق في القانوف المدني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬األردف‪.2007 ،‬‬
‫‪ .13‬عبد المجيد الحكيـ‪ ،‬عبد الباقي البكرؼ‪ ،‬دمحم طو البشير‪ ،‬القانوف المدني وأحكاـ‬
‫االلتزاـ‪ ،‬ج‪ ،2‬دوف طبعة‪ ،‬جميورية العراؽ‪ ،‬دوف سنة النشر‪.‬‬
‫‪ .14‬دمحم شكرؼ سرور‪ ،‬موجز األحكاـ العامة في االلتزاـ في القانوف المدني المصرؼ‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي‪ ،‬ط‪.1985 -1984 ،1‬‬
‫‪ .15‬دمحم صبرؼ السعدؼ‪ ،‬الواضح في شرح القانوف المدني‪ ،‬دار اليدػ‪.2010 ،‬‬
‫‪ .16‬نبيل إبراىيـ سعد‪ ،‬أحكاـ اإللتزاـ واإلثبات‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .17‬ياسيف دمحم الجبورؼ‪ ،‬الوجيز في شرح القانوف المدني األردني‪ ،‬ج‪ ،2‬أثار الحقوؽ‬
‫الشخصية‪ ،‬أحكاـ االلتزاـ‪( ،‬دراسة موازنة)‪ ،‬جامعة آؿ البيت‪ ،‬كمية الدراسات الفقيية‬
‫والقانوف‪ ،‬قسـ الدراسات القانونية‪ ،‬ج‪ ،2‬الدار العممية الدولية لمنشر‪ ،‬األردف‪.2003 ،‬‬

‫الرسائل والمذكرات‪:‬‬
‫الرسائل‪:‬‬
‫‪ .1‬سناء سعيد‪ ،‬دمحم طو الوفاء بمقابل‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لمحصوؿ عمى درجة الماجستير‬
‫في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فمسطيف‪.2011 ،‬‬

‫‪ .2‬مسيردؼ سيد أحمد‪ ،‬النظاـ القانوني لممقاصة في المعامبلت البنكية‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫أطروحة نيل شيادة الدكتوراه في القانوف الخاص‪ ،‬جامعة أبو بكر بمقايد‪ ،‬كمية الحقوؽ‬
‫والعموـ السياسية‪.2018-2017 ،‬‬

‫المذكرات‪:‬‬
‫‪ .1‬ريـ عدناف عبد الرحماف الشنطي‪ ،‬اإلنابة في الوفاء‪ ،‬دراسة مقارنة بيف القانوف المدني‬
‫والميرؼ واألردني‪ ،‬ومشروع القانوف الفمسطيني‪ ،‬ماجستير‪ ،‬فمسطيف‪.2007 ،‬‬

‫‪79‬‬
‫قائمة ادلراجع‬

‫‪ .2‬لشيب نادية ليمى‪ِ ،‬انقضاء االلتزاـ باإلنابة‪ ،‬مذكرة نيل شيادة الماجستير في الحقوؽ‪ ،‬فرع‬
‫عقود ومسؤولية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2017 -2016 ،‬‬

‫المقاالت‪:‬‬
‫‪ .1‬عبد المجيد قادرؼ‪ ،‬الطبيعة القانونية لممقاصة‪ ،‬مجمة التواصل في العموـ اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬كمية الحقوؽ والعموـ السياسية‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة ‪.2012 ،32‬‬
‫‪ .2‬عبد المجيد قادرؼ‪ ،‬دور المقاصة في ِانقضاء االلتزاـ‪ ،‬مجمة التواصل والعموـ السياسية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬العدد ‪ 28‬جواف ‪.2011‬‬

‫القوانين‪:‬‬
‫‪ .1‬األمر رقـ ‪ 58/75‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬والمعدؿ والمتمـ بالقانوف رقـ ‪05-07‬‬
‫والمؤرخ في ‪ 13‬مايو ‪ 2007‬المتضمف القانوف المدني‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫فهرس ادلوضوعات‬

‫فيرس الموضوعات‬

‫شكر وعرفاف‬
‫إىداء‬
‫قائمة المختصرات‬
‫مقدمة ‪01 ..................................................................................‬‬

‫األول‬
‫الفصل ّ‬
‫االنقضاء الطبيعي لاللتزام‬

‫األوؿ‪ :‬مفيوـ الوفاء بمقابل‪05 ......................................................‬‬


‫المبحث ّ‬
‫األوؿ‪ :‬تعريف الوفاء بمقابل وشروطو (أركانو) ‪05 ..................................‬‬
‫المطمب ّ‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬تعريف الوفاء بمقابل‪06 ........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شروط الوفاء بمقابل ‪07 ........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شرط االتفاؽ عمى الوفاء بمقابل ‪07 ....................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬شرط التنفيذ الفعمي والفورؼ لبلتفاؽ ‪09 ................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬أال يكوف المحل داخبل في نطاؽ االلتزاـ األصمي ‪10 ...................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل وتميزه عف النظـ المشابو لو ‪10 ..................‬‬
‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية لموفاء بمقابل ‪11 ......................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوفاء بمقابل تمييز عف النظـ المشابية لو ‪13 .........................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬آثار الوفاء بمقابل ‪16 .......................................................‬‬
‫األوؿ‪ :‬أثار الوفاء بمقابل باعتباره ناقبل الممكية ‪16 .....................................‬‬
‫الفرع ّ‬
‫أوال‪ :‬مف حيث األىمية ومف حيث وقوع الدائف في الغبف ‪17 ..................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مف حيث ضماف االستحقاؽ وضماف العيوب الخفية ‪17 ................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أثار الوفاء بمقابل باعتباره مبرًئا لذمة المديف ‪18 ................................‬‬
‫‪81‬‬
‫فهرس ادلوضوعات‬

‫أوال‪ :‬مف حيث ِانقضاء الديف ‪19 ............................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬مف حيث تعييف الديف الواجب الدفع ‪20 ................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬مف حيث ِاسترداد المقابل ‪20 ..........................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬مف حيث الطعف بالدعوػ البوليصية ‪20 ...............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ال ػػتجديد واإلنػ ػػابة ‪22 ........................................................‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬م ػػفيوـ الػتجدي ػػد ‪22 ..........................................................‬‬
‫األوؿ‪ :‬تعريف التجديد وصوره‪22 ......................................................‬‬‫الفرع ّ‬
‫أوال‪ :‬تعريف التجديد ‪22 .....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬صور التجديد ‪23 .....................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شػ ػػروط التجديد وأث ػػاره ‪25 ......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬شروط التجديد ‪25 .....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار التجديد ‪29 .......................................................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬اإلنابة في الوفاء ‪30 ........................................................‬‬
‫األوؿ‪ :‬مفيوـ اإلنابة في الوفاء ‪31 .....................................................‬‬
‫الفرع ّ‬
‫أوال‪ :‬تعريف اإلنابة في الوفاء وأنواعيا ‪31 ...................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار اإلنابة في الوفاء ‪37 ......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬آثار اإلنابة الكاممة ‪37 .................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار اإلنابة الناقصة ‪39 ...............................................................‬‬

‫الفصل الثـــــاني‬
‫االنقضاء القانوني لرابطة االلتزام‬
‫األوؿ‪ :‬الػػمقاصة ‪42 ................................................................‬‬
‫الػػمبحث ّ‬
‫األوؿ‪ :‬مػػفيوـ الػػمقاصػػة‪42 .........................................................‬‬
‫المطمب ّ‬

‫‪82‬‬
‫فهرس ادلوضوعات‬

‫األوؿ‪ :‬تعريف المقاصة وأىميتو ‪43 ....................................................‬‬


‫الفرع ّ‬
‫أوال‪ :‬تعريف المقاصة ‪43 ....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬أىمية المقاصة ‪44 ....................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬صور ال ػػمقاصة ‪45 ............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬المقاصة القانونية ‪46 ..................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المقاصة ِ‬
‫االتفاقية ‪46 ..................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬المقاصة القضائية ‪48 .................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬شػػروط الػػمقاصة ‪49 ...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الشروط االيجابية ‪49 ..................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط السمبية لممقاصة ‪52 ..........................................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬إجراءات المقاصة وأثارىا ‪55 ................................................‬‬
‫األوؿ‪ :‬كيفية إجراء المقاصة ‪55 .......................................................‬‬
‫الفرع ّ‬
‫أوال‪ :‬إجراءات المقاصة القانونية ‪55 .........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات المقاصة االختيارية (االتفاقية) ‪56 ...........................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬إجراءات المقاصة القضائية ‪57 ........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار المقاصة ‪58 ..............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬آثار المقاصة القانونية‪58 ..............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬آثار المقاصة االتفاقية ‪63 .............................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬آثار المقاصة القضائية ‪63 ............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إتحاد الذمػػة ‪64 .............................................................‬‬
‫المطمب األوؿ‪ :‬مفيوـ إتحاد الذمة ‪64 .......................................................‬‬
‫الفرع األوؿ‪ :‬إتحاد الذمة بالوفاة ‪65 ..........................................................‬‬

‫‪83‬‬
‫فهرس ادلوضوعات‬

‫أوال‪ :‬عف طريق الميراث ‪65 .................................................................‬‬


‫ثانيا‪ :‬عف طريق الوصية ‪66 ................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ِ :‬اتحاد الذمة حاؿ الحياة ونطاقيا ‪66 ............................................‬‬
‫أوال‪ِ :‬اتحاد الذمة حاؿ الحياة ‪67 .............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاؽ ِاتحاد الذمة ‪67 .................................................................‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬شروط إتحاد الذمة وآثارىا ‪68 ...............................................‬‬
‫األوؿ‪ :‬شروط ِاتحاد الذمة‪68 ..........................................................‬‬
‫الفرع ّ‬
‫موجودا ‪68 ............................................................‬‬
‫ً‬ ‫أوال‪ :‬أف يكوف االلتزاـ‬
‫ثانيا‪ِ :‬اجتماع صفتي الدائف والمديف في شخص واحد بالنسبة لديف واحد ‪69 ..................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثػار ِاتحػاد الػذمػة‪69 ...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬اآلثار في حالة بقاء سبب إتحاد الذمة ‪70 ..............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬اآلثار في حالة زواؿ سبب إتحاد الذمة ‪72 .............................................‬‬
‫خاتمة ‪74 ..................................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪78 ...........................................................................‬‬
‫فيرس الموضوعات ‪81 .....................................................................‬‬

‫‪84‬‬
‫ممخص‪:‬‬
‫ينقضي االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء في القانوف الجزائرؼ بسبب مف األسباب اآلتية‪:‬‬
‫الوفاء بمقابل التجديد واإلنابة المقاصة واتحاد الذمة‪.‬‬
‫حيث ضمف ىذه الصور ال يقوـ الوفاء ولكف يحصل الدائف عمى ما يعادؿ حقو‬
‫أو يساويو‪ ،‬وىو ما يؤدؼ إلى انقضاء إلتزاـ المديف تجاه دائنو بيا يعتبر معادال لموفاء أو بما‬
‫يقوـ مقاـ الوفاء‪.‬‬

‫كممات مفتاحية‪:‬‬
‫انقضاء االلتزاـ بما يعادؿ الوفاء‪ -‬الوفاء بمقابل‪ -‬التجديد واإلنابة‪ -‬المقاصة‪ -‬إتحاد الذمة‪.‬‬

You might also like