من سوسيولوجيا العمل إلى سوسيولوجيا المؤسسة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫جملة العلوم القانونية و االجتماعية‬

‫‪Journal of legal and social studies‬‬


‫‪Issn: 2507-7333‬‬
‫‪2676-1742:Eissn‬‬

‫من سوسيولوجيا العمل إلى سوسيولوجيا المؤسسة؛ قراءة في تطور‬


‫العالقة (الفكر‪ /‬مكان العمل)‬
‫‪From Sociology of Work to Sociology of the Enterprise; Reading in‬‬
‫(‪the Evolution of Relationship (Thought / Workplace‬‬

‫د‪ .‬بن الطاهر حمزة‬

‫جامعة محمد بوضياف‪ .‬المسيلة‪ .‬الجزائر‬

‫‪Hamzabousaada59@gmail.com‬‬

‫تاريخ النشر‪9112/19/11:‬‬ ‫تاريخ القبول‪9112/11/01:‬‬ ‫تاريخ ارسال المقال‪9112/11/92:‬‬

‫المرسل‪ :‬د‪ .‬بن الطاهر حمزة‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742 ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫ بن الطاهر محزة‬.‫د‬ )‫ مكان العمل‬/‫من سوسيولوجيا العمل إىل سوسيولوجيا املؤسسة؛ قراءة يف تطور العالقة (الفكر‬

:‫الملخص‬
‫حسب املؤرخ االقتصادي األمريكي (شالدنر) ال توجد حموالت حقيقة ذات قيمة علمية تارخيية من مؤرخ أو‬
،‫ وما ُكتب عنها احنصر يف جمال تاريخ املقاولون أنفسهم‬،‫باحث لكتابة تاريخ تطور املؤسسة أو التدبري الداخلي‬
‫ و حركية تطورها التارخيية و جوانب‬،‫األمر الذي أدى إىل تعدد زوايا الطرح و التفسري حول مفهوم املؤسسة‬
.‫التناول يف دراستها‬
‫ و متاهت‬،‫ولقد أدت السريورة التارخيية باملؤسسة الن تغري الكثري من املفاهيم واملصطلحات املرتبطة هبا‬
‫ األمر الذي‬،)‫ البناء‬/ ‫حماوالت التنظري فيها الن تغري منط املؤسسة من حيث اهليكلة واألهداف و جدلية (الفرد‬
‫ وانتقلنا حتصيل لذلك من سوسيولوجيا العمل إىل‬...‫تغريت معه أيضا األطر النظرية واملنهجية املعاجلة‬
‫ أين أصبحت املؤسسة اليوم تشكل نظاما اجتماعيا جديدا خيتلف من حيث الشكل‬،‫سوسيولوجيا املؤسسة‬
‫ حيث انتهت الن تكون منتجة لبناء اجتماعي له هويته‬،‫واألهداف عن التنظيمات االجتماعية اليت كانت قائمة‬
.‫اخلاصة‬
‫ وارتباطه بتغري النظرية السوسيولوجية من‬،‫تارخيية لفهم تطور املؤسسة وتغري شكلها‬-‫ودراستنا هي حماولة سوسيو‬
.‫خلل خلق توليفة يتكامل فيها التارخيي والسوسيولوجي انطلقا من حتديد املفاهيم اللغوية واإلجرائية للمؤسسة‬
Abstract :
According to the American economic historian (chandler) there are no real
Attemptsof historical scientific value from a historian or researcher to write the
history of the development of the enterprise or management, and what was
written about this field confined to the history of entrepreneurs themselves,
which led to the multiplication of the corners of the offering And explanation
about the concept of the institution, and the dynamics of its historical
development and aspects of handling in its study.
The historical process has led the institution to change a lot of concepts and
terminology associated with it, and the theoretical attempts to change the pattern
of the institution in terms of structure and objectives and dialectic (individual /
construction), which also changed with frameworks theoretical and
methodological treated ... So we went from the sociology of work to the
sociology of the enterprise, where the enterprise today is a new social system
different in form and objectives from the social organizations that existed, where
it ended up being productive social construction of its own identity.
Our study is a socio-historical attempt to understand the evolution of the
enterprise and its change in shape, and its association with the change of
sociological theory by creating a synthesis in which the historical and
sociological integrate from the definition of the linguistic and procedural
concepts of the enterprise.

122 01 ‫ ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي‬9102‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‬


‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫غالبا ما يتبادر إىل ذهننا عندما نتناول املؤسسة تلك البناءات اهليكلية والقواعد البريوقراطية ولوازم اإلنتاجية وحركية‬
‫رؤوس األموال واألفراد وضوابط السوق واملنافسة‪ ،‬وكثريا ما خنتزل‪-‬قصورا‪ -‬املؤسسة يف حيزها اجلغرايف الضيق‬
‫املتناهي الدقة واجملال‪ ،‬ولكننا مجيعا نتفق على أمهيتها وبعدها االسرتاتيجي للدولة واجملتمع‪ ،‬ونتفق أيضا على‬
‫حقيقة العلقة القوية بني وضعية املؤسسات و مناخها اجملتمعي‪ ،‬يقول أب اإلدارة بيتر دراكر ‪ ":‬تطور اجملتمع هو‬
‫تطور املؤسسات فيه"‪ ،‬فألزم ذلك الباحثني واملنظرين اإلداريني على الغور يف تفاصيل املؤسسات ومناقبها‪،‬‬
‫واالجتهاد يف إرساء قواعد ومعارف واجتاهات نظرية‪ ،‬يف جماالت علمية شىت اقتصادية‪ ،‬إدارية‪ ،‬اجتماعية وحىت‬
‫نفسية‪ ،‬داللتها وجود كم هائل وزخم معريف غري متناه من البحوث والدراسات والفروع األكادميية ذات الصلة‪.‬‬
‫ولعل الباحث واملتخصص يف اجملال املؤسسايت يستخلص وجود حمطات شهيدة ومفاصل زمنية بازغة‪ ،‬تركت‬
‫بصماهتا على السريورة التارخيية للمؤسسة‪ ،‬أمهها على اإلطلق الثورة الصناعية‪ ،‬فمنذ ذلك احلني أضحت املؤسسة‬
‫يف تطور مستطرد ومتسارع‪ ،‬فرض نواميسه على الفكر اإلداري والتنظيمي املتخصص‪ .‬ويف جمال سوسيولوجيا‬
‫املؤسسة ارتبط التغري الذي عرفته املؤسسة بتغري التنظري هلا‪ ،‬واندمج الفكر التنظيمي حبيثيات املؤسسة ومؤشراهتا‬
‫حىت يف أدق التفاصيل وامشل األبعاد‪ ،‬يف توليفية حقيقية بني الفكر النظري والبعد االمبرييقي الذي متثله املؤسسة ‪.‬‬
‫والورقة البحثية اليت بني أيدينا حماولة سوسيولوجية لفهم املؤسسة؛ انطلقا من موقعها املفهومايت يف أتون معامل‬
‫الفكر اإلداري والتنظيمي من خلل دراسة سوسيو حتليلية لتطور التنظري التنظيمي من سوسيولوجيا العمل إىل‬
‫سوسيولوجيا املؤسسة‪ ،‬حيث تصبح املؤسسة تَ ّش ُكل اجتماعي حتكم أفراده روابط اجتماعية نابعة من منطق الرجل‬
‫االجتماعي الكامل وليس من منطق الرجل االقتصادي اخلالص‪ ،‬مع مقاربة لواقع التغري املؤسسايت املصاحب له‪،‬‬
‫مث إسقاط واقع التغري على املؤسسة اجلزائرية كأمنوذجا له مع تبيان العلقة بني تغري شكل املؤسسة وتوجه الفكر‬
‫السلطوي يف كل مرحلة من مراحل التغري‪ ،‬ويف احملور الرابع ‪ -‬وهو احملور األهم‪ -‬تفصيل لتغري املؤسسة من‬
‫شكلها القدمي والتقليدي إىل متظهرها باملظهر احلديث‪ ،‬وهي دراسة مشلت البحث يف تغري املفهوم واملاهية‪ ،‬وتغري‬
‫طبيعة املورد البشري‪ ،‬ويف حتديد حمددات املؤسسة التنظيمية‪ ،‬ويف تغري احلجم واإلنتاجية‪ ،‬مع التطرق إىل األشكال‬
‫احلديثة للمؤسسة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المؤسسة مفهوم أصيل في الفكر اإلداري والتنظيمي‬
‫رغم اقتصار الداللة املفاهيمية األكثر شيوعا للمؤسسة على اجملال االقتصادي وبالتحديد ما له صلة بالبعد‬
‫اإلنتاجي واخلدمي‪ ،‬إال انه يف حقل السوسيولوجيا تشمل ما هو أعمق وابعد‪ ،‬كاعتبار املؤسسة (منظومة)‬
‫وإخراجها من النطاق االقتصادي إىل غريه من اجملاالت‪.1‬‬
‫ويف سياق الغور يف املدارج الفكرية السوسيولوجية املرتبطة باملؤسسة مفهوما‪ ،‬تنظريا وميدانا امربيقيا تتجلى فيه‬
‫األبعاد االجتماعية والثقافية‪ ،‬جندها عصية كغريها من املفاهيم السوسيولوجية على التحديد واحلصر يف زاوية‬
‫إعطائها معنا موحدا‪ ،‬يُضفي على ماهيتها هالة وحدانية املفهوم و إمجاع املعىن‪ ،‬األمر الذي قد يفسر الزخم املعريف‬
‫اليت تتمتع به املؤسسة وانشطار املفاهيم املرتبطة إىل أكثر من رافد نظري و أكثر من ميدان ختصص‪ ،‬حيث أهنا‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫تتعلق أساسا برؤى منظريها واختلف تعاطي العاملني يف حقلها‪ .‬وعلى هذا األساس ووفقا ملنطق التنوع والتمايز‪،‬‬
‫فإهنا جتدر اإلشارة إىل أن حماولة إجياد مفهوم حمدد واضح للمؤسسة‪ ،‬يفرض مسبقا حتديد جمال التخصص الذي‬
‫يُعىن به واملضمار املعريف ذو الصلة ‪.‬‬
‫يف حقل سوسيولوجيا املؤسسة والتنظيم‪ ،‬تأخذ املؤسسة بُعدا اجتماعيا أكثر منه اقتصاديا‪ ،‬يطغى فيه التناول‬
‫املفاهيمي ذو البعد السوسيولوجي املرتبط بتشخيص هيكلة الكيانات االجتماعية والسلوك والعلقات االجتماعية‬
‫بني األفراد‪ ،‬يف توليفة ترابطية جلية بني االقتصادي واالجتماعي تنعكس فيها نوازل التغري االقتصادي على‬
‫اجتماعية األفراد وسلوكاهتم‪ ،‬يُعرف جاك لوبستين ‪ J. Lobestien‬املؤسسة بأهنا‪":‬إحدى أشكال النشاط‬
‫االقتصادي باإلضافة إىل كوهنا إحدى األشكال االجتماعية للعمل"‪ ،2‬ويف نفس السياق يعرفها بشاينية سعد‬
‫على أهنا وحدة إنتاجية تتكون من جمموعة من العناصر املادية (آالت‪ ،‬معدات‪ ،‬أجهزة) والعناصر البشرية (قوى‬
‫عاملة) حبيث يؤدي االستخدام اجليد والفعال هلذه العناصر جمتمعة إىل حتقيق األهداف االقتصادية واالجتماعية‬
‫وبالتايل ضمان وجودها واستمرارها‪ ،‬كما أهنا تعترب جسم اجتماعي منظم‪ ،‬هي مكان جتمع العديد من األفراد‪،‬‬
‫مكان نشوء النزاعات وقطب للحياة االجتماعية النشطة فهي اليت ختلق الوظائف‪ ،‬مصدر للمداخيل‪ ،‬مكان‬
‫بامتياز للتكيف مع التكنيك املتطور دائما‪.3‬‬
‫ولعل التطور الذي شهدته اجملتمعات الغربية يف القرون األخرية وما ارتبط به من تغري يف البناءات والنظم‬
‫االجتماعية‪ ،‬فرض قوانينه على مجيع مناحي احلياة وجماالهتا‪ ،‬انعكس على منظوماته ومؤسساته‪ ،‬وكذلك يف علومه‬
‫غري ليس فقط‬ ‫ومعارفه‪ ،‬فاصطحب تطور املؤسسة تطور املعرفة العلمية اخلاصة هبا‪ ،‬يف استطراد علمي ونظري‪ّ ،‬‬
‫(املفهوم) بل حمددات املؤسسة اهليكلية والبنيوية ومناخها الداخلي‪ ،‬فبني الورشة واملصنع واملؤسسة تأرجح التنظري‬
‫الفكري بني بني علم اجتماع املصنع وعلم اجتماع العمل وسوسيولوجيا املؤسسة (وهو ما سوف نتطرق اليه بنوع‬
‫من التفصيل)‪ ،‬وسعت الدراسات الفكرية اإلدارية والتنظيمية إىل البحث يف ستاتيكا املؤسسة وبناءاهتا وديناميكا‬
‫العلقات االجتماعية كلزمة من اللوازم اليت يفرضها االستقرار والتكيف والتطور والتطلع إىل دروب غري مطروقة‬
‫ونواحي غري اعتيادية كعلقتها ببيئتها ومسؤولياهتا االجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬من سوسيولوجيا العمل إلى سوسيولوجيا المؤسسة‬
‫لقد تطور الفكر اإلداري خلل سنوات طويلة من املمارسات اإلدارية يف املؤسسات اإلدارية املختلفة‪ ،‬و‬
‫أسهمت دراسات وحبوث عدد كبري من املفكرين والعلماء يف إثراء املعرفة اإلدارية‪ .‬وهو ما جعله_الفكر اإلداري_‬
‫ميزت كل مرحلة من حيث املداخل واالجتاهات اليت وجه إليها هؤالء العلماء اهتماماهتم‪ ،‬وهو ما‬ ‫يتسم بسمات ّ‬
‫نتج عنه أكثر من رافد فكري‪ ،‬متثّل يف أكثر من مدرسة من مدارس اإلدارة‪.‬‬
‫وتُرد اإلرهاصات األوىل للرتاث السوسيولوجي املتوفر يف جمال التنظيمات إىل املدارس الكلسيكية يف بدايات‬
‫القرن‪ ،02‬هذه املدارس اليت أخذت على كاهلها مهمة العمل على حتسني اإلنتاج و رفعه وزيادة األداء‪،‬‬
‫واالنتقال بالعملية اإلنتاجية من الطرق االمربيقية القدمية واملبنية أساسا على نظرية(التجربة واخلطأ) إىل رحاب العلم‬
‫وومست هبا هاته املرحلة هي‪ :‬نظرية‬ ‫واملعرفة والتخطيط املسبق‪ ،‬حيث يرجع الفضل إىل ثلث نظريات مثلتها ُ‬
‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫اإلدارة العلمية لصاحبها (فريدريك تايلور)‪ ،‬نظرية التكوين اإلداري (لهنري فايول) والنظرية البريوقراطية ملؤسسها‬
‫(ماكس فيبر)‪ ،‬ودون اخلوض يف رحاب النظريات ومبادئها وأسسها واهم إسهاماهتا فإهنا مجيعا اُختزلت يف‬
‫دراستها للوسط اإلنتاجي‪ ،‬حيث كانت تقوم على دراسة العمل وليس املنظمة أو املؤسسة وبالتايل السوسيولوجيا‬
‫اليت تشكلت هي سوسيولوجية العمل‪ .‬حيث يؤكد تايلور يف هذا االتساق على أن العقلنة اليت ينفذ هبا العامل‬
‫عمله ليست نابعة منه ومن إرادته الشخصية‪ ،‬بل هي كذلك مفروضة عليه من اخلارج عن طريق مناهج‬
‫صممها مكتب املناهج ومصلحة العمليات اليت شكلت يف الورشة خصيصا للقيام هبذا الدور‪ ،‬وحىت‬
‫وخمططات ّ‬
‫ماكس فيبر الذي كان ّأول من تكلم عن الفعل والفاعل يف مقاربته النظرية وقام بتحديد الفعل انطلقا من‬
‫التصورات أو املعاين اليت يعطيها الفاعل ألفعاله‪ ،‬مل جيعل من الفاعل مصدر هذه العقلنة‪ ،‬بل انه جعل العقلنة‬
‫حالة عامة وظاهرة تارخيية تتجاوز األفراد والكيانات اجلماعية أي أهنا ظاهرة تارخيية تفرض نفسها من اخلارج‪.‬‬
‫وهو ما ينسحب أيضا على الدراسات النفسية االجتماعية اليت ميزت العقود الوسطى من القرن املاضي‪ ،‬واليت‬
‫تبنتها و طُبعت هبا مدرسة العلقات اإلنسانية‪ ،‬لروادها (ابراهام ماسلو)‪ ،‬و(التون مايو) وغريهم‪ ،‬واليت كانت‬
‫ترى اجملال اإلنتاجي ما هو إال جمموعة من األفراد حتكمهم سلوكاهتم وحاجاهتم الشخصية واالجتماعية‪ ،‬األمر‬
‫الذي خيتصر التنظيمات كأماكن الجناز األعمال‪ ،‬وأن الفاعلني االجتماعيني ليس هلم أي وجود يف هذا الطرح‬
‫النظري‪ ،‬وبالتايل ال ميكن التحدث خلل هذه الفرتة إال على سوسيولوجيا الورشة الصناعية وهو الطرح الذي‬
‫وضعه جورج فريدمان‪.4‬‬
‫باختصار‪ ،‬اعتقد الفكر الكلسيكي أنه حترر يف اختياراته بعد عصر التنوير‪ ،‬لكنه يف واقع األمر حترر من‬
‫النمط التفكريي األحادي اللهويت الذي كانت تسيطر عليه الكنيسة ليقع حتت سيطرة الفلسفة الوضعية اليت‬
‫حتكم على األمور من منطق العقل املطلق واخلالص‪ ،‬فاإلشكال هنا مل يكن االنتقال إىل املرحلة العقلنية حقيقة‪،‬‬
‫بل االعتقاد بوجود عقلنة تامة وغري حمدودة‪ .‬وختندقت الدراسات السوسيولوجية اليت كانت تستمد جتدرها‬
‫النظري واملنهجي من النظرية املاركسية‪ ،‬واليت كانت تأخذ املؤسسة خمرب لبحوثها تنظر هلا‪ ،‬يف زاوية الصراع الطبقي‬
‫املفطور عليه البناء االجتماعي الرأمسايل‪ ،‬فدراسة النقابات العمالية واالغرتاب يف العمل وظروف عمل الطبقة‬
‫الكادحة كانت تشكل موضوعات جوهرية هلذا التوجه النظري‪.‬‬
‫وكذالك نفس الشيء بالنسبة للنظرية البنائية الوظيفية والدراسات امليدانية املتشبعة بتوجهها النظري كانت‬
‫تنظر للمؤسسة و واقعها التنظيمي‪ ،‬على أهنا إجابات لتقلبات وتغريات احمليط وكشكل من أشكال التكيف‬
‫والتأقلم معه من أجل حتقيق اهلدف واحملافظة على النمط وبقائه‪.‬‬
‫غري أن مشاكل التنظيم والتنسيق والقيادة واالتصال اليت أصبحت تطرحها املنظمات الكبرية يف اجملتمع الغريب‬
‫جعلت من هذا الفكر األحادي غري قادر على استيعاب هذه املعطيات اجلديدة‪ ،‬اليت جعلت من املصنع أو‬
‫الورشة اإلنتاجية تأخذ شكل آخر غري الذي كان‪ ،‬وهلذا كتب آالن توران يف الستينيات من القرن املاضي‬
‫يقول‪":‬إن التقدم الصناعي والتعقد املتنامي لتقنيات التنظيم والتوطني الصناعي‪ ...‬إىل غري ذلك من العوامل‬
‫األخرى اليت أخذت يف التطور املتنامي منذ هناية القرن التاسع عشر عقدت من أمهية مشاكل املؤسسة"‪.5‬‬
‫‪121‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫فبالنسبة للنظرية السوسيولوجية فإن ظهور املؤسسة كمنظمة هلا كياهنا املستقل بذاته وليس تابع للمحيط أو‬
‫إجابة له كما كان احلال يف النظرية الكلسيكية مل يكن ممكنا إال بعد التغريات العميقة اليت عرفها املناخ‬
‫االقتصادي العاملي بعد األزمة البرتولية يف سنوات السبعينيات‪ ،‬وما ترتب عن ذلك من آثار جعلت بعض الدول‬
‫تعيش حالة من الذهول ملا حيصل هلا من انكماش اقتصادي ومشاكل البطالة و مشاكل اجتماعية‪ ،‬هذه املظاهر‬
‫وغريها فرضت واقعا جديدا‪ ،‬أصبح يتطلب تغيري الذهنيات والسلوكات السابقة‪ ،‬كما كان للتطور اهلائل يف اجملال‬
‫التكنولوجي الذي ظهر يف هناية السبعينيات وبداية الثمانينيات‪ ،‬أدى بدوره إىل ظهور منط تنظيمي جديد وسقوط‬
‫النمط التايلوري القائم على حتليل املنصب وتقسيم وتوزيع العمل إىل مهام جزئية بسيطة‪ ،‬خالية من كل روح‬
‫إبداعية اليت يقتضيها العصر اجلديد‪ ،‬إىل شكل تنظيمي آخر‪ ،‬يرى بأن النجاعة والفاعلية تكمن يف مستوى حتقيق‬
‫االنسجام والتنسيق ليس بني املهام الفردية فحسب‪ ،‬بل بني املراحل الكاملة أو السريورة اإلنتاجية الكاملة أو بني‬
‫الوظائف الداخلية للمؤسسة‪ ،‬كما أن هذه الذهنية اجلديدة اقتنعت كذلك بأن املؤسسة مل تعد فقط مكانا‬
‫للنضباط أو االمتثال واالنسجام‪ ،‬بل إهنا يف نفس الوقت مكان للتضامن والصراع والتعاون والتنافس‪ ،‬وعلى‬
‫التنظيم أن يأخذ ذلك بعني االعتبار‪ ،‬حيث ميكن أن يكون لألفراد أهدافا فعلية ال تتطابق مع األهداف الرمسية‬
‫املعلنة‪ ،‬هذا ما مل جتب عليه املدرسة الكلسيكية‪ ،‬اليت متيزت بالرتعة الطبيعية يف نظرهتا لعلقة الفرد باملنظمة‪ ،‬إذ‬
‫تنفي أن يكون لألفراد داخل املنظمة أهدافا خاصة هبم‪ ،‬بل تعتقد أن أهداف املؤسسة أو املنظمة هي مباشرة‬
‫وبصورة آلية أهدافا األفراد املنتسبني إليها‪ ،‬لكن الواقع والشواهد امليدانية تبني أن األفراد يف علقتهم باملنظمة‬
‫يتبنون اسرتاتيجياهتم اخلاصة‪ ،‬حىت ولو كانت هذه االسرتاتيجية مطابقة السرتاتيجية املنظمة ذاهتا‪.6‬‬
‫وهبذا املدلول أصبحت املقوالت النظرية الكلسيكية اليت كانت تُستعمل كأداة لتحليل وتفسري املؤسسة‪ ،‬غري‬
‫قادرة على فهم هذا الواقع اجلديد وتفسريه‪ ،‬فالنظر للمنظمة من زاوية الفرد وحاجاته والعمل على إشباعها كآلية‬
‫لتحقيق الدمج وضمان مشاركته يف حتقيق األهداف اليت ُوجدت من أجلها املنظمة مل تأت بنتيجة‪ ،‬أيضا االعتماد‬
‫على السلطة الفردية للقائد من أجل حتقيق املشاركة العمالية انتهت إىل نفس النتيجة‪ ،‬ألنه كما قلنا سابقا النظرة‬
‫الكلسيكية تقوم على مسلمة خاطئة مفادها أنه هناك توافق يف املصاحل واألهداف بني املنظمة واألفراد املتواجدين‬
‫فيها‪ ،‬وبذلك ظهرت نظرية جديدة نقلتنا من علم اجتماع العمل إىل علم اجتماع التنظيم‪.‬‬
‫تُعد البوادر األوىل لظهور سوسيولوجيا املنظمة كانت على يد ميشال كروزيه يف سنة ‪ ،3691‬يف "كتابه‬
‫الظاهرة البريوقراطية" والنظرة اليت تقوم على الرفض املطلق لكل أشكال احلتمية املطلقة يف تفسري السلوك‬
‫االجتماعي لألفراد‪ ،‬حيث كان هناك‪-‬حسب ريمون بودن ‪ -‬اجتاهني يف تفسري السلوك اإلنساين األول احلتمية‬
‫الفردية‪ ،‬أي التاريخ الشخصي للفرد (طفولته ‪ ،‬نشىأته‪ ،‬مدرسته‪ ).‬و هو ما جيسده بيار بورديو يف مصطلح‬
‫(اهلابتوس )‪ HABITUS‬واالجتاه الثاين النزعة السوسيولوجية أو الضمري اجلماعي‪ ،‬األمر رفضته النظرة‬
‫السوسيولوجية اجلديدة أو سوسيولوجية املنظمة‪ ،‬اليت رأت أن علقة الفرد باملنظمة ال ميكن فهمها وتفسريها إال‬
‫بأخذ الفرد ضمن الوضعية التنظيمية‪ ،‬اليت هو فيها ويف علقته التفاعلية مع اآلخرين‪ ،‬ألن كل منظمة مهما كانت‬
‫طبيعتها اقتصادية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬تربوية‪ ...‬اخل هي تشكل إطارا للقاء جمموعة من األفراد‪ ،‬وهذا ال ميكن أن يكون إال‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫وفق عملية تفاعلية‪ ،‬فهؤالء األفراد من خلل املنظمة ومبا توفره هلم من فرص يصبح هلم أهداف شخصية يسعون‬
‫إىل حتقيقها‪ ،‬وال ميكن أن يتحقق هلم ذلك بصورة مطلقة‪ ،‬خاصة حتت ضغط علقات السلطة‪ .‬ويف هناية املطاف‬
‫سوسيولوجية املؤسسة تقوم على فرضية اعتبار التنظيمات هيئات للتنشئة االجتماعية ومكان لغرس القيم واملعايري‬
‫يف تنظيمات العمل‪ ،‬ويف هذا يقول كلود دوبار يف كتابه (التنشئة االجتماعية وبناء اهلويات االجتماعية واملهنية)‬
‫‪":‬أن التنشئة االجتماعية هي عملية تشريب أو بناء هلوية معينة‪ ،‬اليت تعين تنمية روح االنتماء وبناء علقة مع‬
‫اآلخرين يف العمل"‪.7‬‬
‫جدول ‪3‬‬
‫تطور اجملال البحثي من سوسيولوجيا العمل إىل سوسيولوجيا املؤسسة‬
‫سوسيولوجيا المؤسسة‬ ‫سوسيولوجيا المنظمات‬ ‫سوسيولوجيا العمل‬
‫‪Sociologie‬‬ ‫‪des Sociologie‬‬ ‫‪des Sociologie‬‬ ‫‪du‬‬
‫‪entreprises‬‬ ‫‪organisations‬‬ ‫‪travail‬‬
‫تطور هذا احلقل البحثي من‪0291‬‬ ‫من‪0291‬اىل منتصف الثمانينات‬ ‫مهيمنة إىل غاية‪0291‬‬ ‫الفترة الزمنية‬
‫وبداية التسعينات‬
‫‪ -‬الثقافة املؤسساتية‬ ‫‪ -‬دور األفراد‬ ‫‪ -‬منصب العمل‬ ‫موضوع الدراسة‬
‫‪ -‬اهلوية الفردية واالجتماعية‬ ‫‪ -‬نظام العلقات‬ ‫‪ -‬مشاكل العمل‬
‫‪-‬علقة املؤسسة باحمليط‬ ‫‪-‬البريوقراطية‬ ‫‪-‬املردودية‬
‫‪ -‬عقلنية الفعل‬ ‫‪ -‬اإلنتاجية‪....‬اخل‬
‫العوامل االجتماعية‬ ‫أنظمة الفعل‬ ‫‪ -‬الورشة‬ ‫مرجعية اإلطار‬
‫‪Les mondes sociaux‬‬ ‫‪ -‬اجملتمع الصناعي‬
‫املقاول‪-‬اهلوية‪-‬الثقافة‪-‬مجاعة‬ ‫العامل – الطبقة‪-‬اإلنتاجية – الفاعل –اسرتاتيجية الفاعل‪-‬السلطة‪- -‬‬ ‫المفاهيم المركزية‬
‫الفاعلني االجتماعيني‬ ‫العمالية –النقابة‪-‬رب العمل‪...‬اخل النقابات املدراء‪...‬اخل‬
‫ال يوجد حتليل للمؤسسة يف حد املؤسسة منظمة مثل باقي االملؤسسات ال املؤسسة هي موضوع خاص مميز‬ ‫النظرة للمؤسسة‬
‫لعلم االجتماع‬ ‫ذاهتا‪ ،‬فقط لإلنتاج وإعادة العلقات تتمتع خبصوصية‬
‫االجتماعية املهيمنة‬
‫املصدر‪:‬‬
‫‪N.Alter:sociologie de l'entreprise et de l'innovation,presses universitaire‬‬
‫‪de France,Paris1996, p104‬‬
‫شكل‪ 3‬ثلثية األبعاد عند الباحث‪Thuderoz‬‬

‫املصدر ‪: Christian Thuderoz: Sociologie des entreprises, editions la‬‬


‫‪decouverte, Paris, 1997, p24‬‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫ثالثا ‪ :‬كرونومتر التطور المؤسساتي؛ دراسة سوسيوتاريخية لتطور المؤسسة الجزائرية‬


‫إن الدارس واملتتبع لسريورة املؤسسة اجلزائرية االقتصادية واإلدارية منذ االستقلل الوطين عام‪ 3690‬جيد نفسه‬
‫يف دميومة تشخيص لإليديولوجيات السائدة واملتحكمة يف توجيه تغيري منط وشكل املؤسسات‪ ،‬ولعل الظروف‬
‫القاهرة اليت سادت الدولة احلديثة املثقلة بنتائج االستعمار االستيطاين الطويل واحلرب التحريرية‪ ،‬وكذا اختلف‬
‫اإليديولوجي الذي وصل حد الصراع بني املشرقيني املاركسيني واملتغربني الرأمساليني‪ ،‬ألقى بظلله على متظهر‬
‫املؤسسة ومنط التسيري فيها‪.‬‬
‫فبني معضلة (الفرنكفوين املتغرب) و(املاركسي املصلح) وتغييب البعد الوطين مت استنساخ مناهج التسيري من‬
‫خلل األدبيات السوسيوجلية لألطروحات الفاعلة آنذاك على مستوى العامل‪ ،‬ويف مفارقة عجيبة ظل التوجه‬
‫املؤسسايت يف السنوات األوىل للستقلل بعيدا ومناقضا متاما للتوجه السوسيولوجي للفكر االجتماعي املسيطر يف‬
‫اجلامعة واملراكز البحثية‪ ،‬ففي حني اختار النظام السياسي التحرري بقيادة الرئيس بن بلة املاوية (نسبة اىل ماو‬
‫سي تونغ) هنجا وفكرا اقتصاديا‪ ،‬سيطر التوجه الغريب فكرا ولغة ومنهجا على اجلامعة اجلزائرية املؤسسة على يد‬
‫الفرنسيني‪ .‬ويف الوقت الذي كانت فيه امليادين السوسيو اقتصادية تشكل موضوعا للتحول الشامل احتفظت‬
‫اجلامعة اجلزائرية ببناءاهتا املادية والبيداغوجية‪ ،‬وبراجمها اليت ورثتها عن اإلدارة االستعمارية‪ ،‬حبيث أهنا اشتغلت هبذا‬
‫احلال حىت سنة‪ ،8 3693‬يؤكد ذلك كولون ‪ Coulon‬حيث يقول‪" :‬اجلامعة اجلزائرية يف ‪ 3692‬الزالت‬
‫تدور على ساعة باريس‪ ،‬فالسنة األوىل يف كليات العلوم واآلداب هي السنة التحضريية يف اجلامعة الفرنسية‬
‫املعروفة قبل ‪ .9"3699‬حني كانت حماولة القطيعة مع االستعمار يف السنوات األوىل من االستقلل ضربا من‬
‫اخليال رغم اخلطاب االشرتاكي الشعويب الذي ساد حينذاك‪.‬‬
‫إن فكرة (التسيري الذايت ‪ Auto Management‬النموذج االقتصادي األول لتسيري املؤسسة اجلزائرية)‬
‫والذي يُعرف يف ضوء التجربة اجلزائرية بأنه‪ ":‬تسيري العمال الدميقراطي للمنشآت و املستعمرات اليت هجرها‬
‫األوربيون أو اليت مت تأميمها "‪10‬مل تكن وليدة تفكري عميق‪ ،‬وإمنا كانت استجابة عفوية بطبيعة ثورية لظروف‬
‫اقتصادية‪ ،‬سياسية و اجتماعية معينة فرضت العمل هبذا النمط‪ .‬لقد خرجت اجلزائر من احلرب واقتصادها شبه‬
‫مدمر‪ .‬حيث غادر العاملني باإلدارة و املراكز احلساسة مناصبهم (‪ % 62‬معمرين و أجانب) ‪ ،‬تاركني‬
‫املؤسسات و اإلدارات مهملة(غادر خلل ‪ 9‬أشهر ‪ 022‬ألف شخص)‪ .‬وكان القصد من وراء هذا اهلروب خلق‬
‫مشاكل أمام الدولة اجلزائرية املستقلة حديثا‪ ،‬إضافة إىل املشاكل املوضوعية اليت كانت تواجهها كالبطالة‬
‫تفوق(‪ ،)%92‬الفقر‪ ،‬التهميش‪ ،‬األمية (‪ ) % 60‬اخل‪ .‬هنا اخذ حاول العمال على اختلف فئاهتم و قدراهتم‬
‫ملئ الفراغ الذي تركه املسريين األجانب‪ ،‬هبدف محاية االقتصاد الوطين و مواصلة العملية اإلنتاجية يف املؤسسات‬
‫قصد مواجهة احتياجات اجملتمع‪ ،‬مما جعل الدولة أمام األمر الواقع فيما خيص تقنني التسيري الذايت يف ‪30‬‬
‫مارس‪ 3691‬حلماية حقوق العمال‪ ،‬وهذا التجاوب من طرف العمال سهل عملية جتسيد التسيري الذايت‬
‫للمؤسسات‪ .‬لقد كان القطاع الصناعي املسري ذاتيا يعتمد على القطاع اخلاص و يتكون من مؤسسات صغرية و‬
‫متوسطة احلجم‪ ،‬حيث وصل عددها يف ‪ 3691‬إىل ‪ 112‬وحدة ‪ ،‬يشتغل فيها حوايل ‪ 1222‬عامل‪ ،‬وأغلبية‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫هذه املؤسسات تتميز بصغر حجمها‪ .‬كما عرف القطاع الصناعي وجود قوة عاملة تتطلب اإلطار الذي ميكنها‬
‫من املشاركة يف الرقابة والتسيري جبانب مهمتها يف اإلنتاج‪.11‬‬
‫بعد صدور قانون بأمر‪ 91-93‬املؤرخ يف ‪ 3693-33-39‬وهو القانون الذي فتح الطريق حنو التسيري‬
‫االشرتاكي للمؤسسات اجلزائرية‪ ،‬بدأت مرحلة ثانية امتدت إىل ‪ ،3601‬ومتثل بداية ثورة احلقيقية على جمموع‬
‫األصعدة االقتصادية االجتماعي واملعرفية الثقافية‪ ،‬خاصة بعد ميثاق‪ 3699‬فقد مت التوجه مباشرة إىل االشرتاكية‬
‫املاركسية بكل ما متثله من مبادئ وأسس ومقومات‪ ،‬رغم حماوالت الدولة إضفاء بعضا من الشرعية العربية‬
‫واإلسلمية عليها‪ ،‬كإقامة املؤمترات والندوات اإلسلمية ‪ ،‬واحتضان القضايا التحررية‪ ،‬ويشرح العشر ‪S.‬‬
‫‪ LAACHER‬فلسفة هذه النخبة احلاكمة بقوله‪" :‬إن النظرية االشرتاكية التابعة للماركسية ال تتماشى مع‬
‫الثقافة العربية اإلسلمية‪ .‬هذا أيضا شيء سهل بالنسبة إليديولوجية هذه اجملموعة احلاكمة‪ ،‬جيب فقط تعديلها‬
‫وأخذ ما هو نافع‪ ،‬وهناك حىت من ذهب إىل عقد مقارنة بني النظرية املاركسية والنظرية اخللدونية للحصول على‬
‫املصداقية‪ ،‬ولصبغ االشرتاكية بالصبغة احمللية"‪.12‬‬
‫وعند تناولنا التولفية االقتصادية املؤسساتية واملعرفية السوسيولوجية‪ ،‬فإننا أمام تغري راديكايل واضح وجلي ملحمه‬
‫التوجه حنو بناء اهلياكل القاعدية الكربى واملصانع الضخمة كأساس للبناء االقتصادي والثورة الزراعية مع مركزية‬
‫للتسيري والرقابة‪ ،‬وجتنيد كامل الشعب يف خدمة هذا التوجه املتمثل يف بناء اجملتمع االشرتاكي‪ ،‬وهو اختيار ال‬
‫رجعة فيه‪ ،‬ونقده أو التشكيك فيه يعترب مضادا للوطنية وملصلحة الشعب‪ ،13‬وهذا التجنيد طال أيضا رجاالت‬
‫علم االجتماع الذين أصبحوا جنودا للشرتاكية ومدافعني عن اختيار الشعب‪ .‬وعموما متيزت املؤسسات اجلزائرية‬
‫إبان الفكر املاركسي بان حتولت إىل مؤسسات ضخمة ومركزة منتشرة يف كامل الرتاب الوطين انتشارا ال حتكمه‬
‫املعايري االقتصادية كالقرب من املواد األولية أو املواصلت أو ملئمة البيئة‪ ،‬بل تقسيم اتسم بتوزيع الريع بني أفراد‬
‫اجملتمع‪ ،‬كما أن الطابع االجتماعي للمؤسسة أبعدها عن دورها اإلنتاجي الرحبي‪.‬‬
‫إن مركزية التسيري وعودة القرارات إىل الدولة حىت يف تكوين النقابات العمالية ونشاطها وتغطية نفقات‬
‫املؤسسات وهامش خسارهتا من اخلزينة العمومية وسياسات القضاء على البطالة واحتضان األفراد‪ ،‬كانت‬
‫إرهاصات واضحة لدخول املؤسسات يف مشكلت مصريية هتدد وجودها وبقاءها‪.‬‬
‫لقد كانت السياسات االقتصادية اليت انتهجتها الدولة اجلزائرية يف تلك الفرتة من الزمن واليت كانت هتدف إىل‬
‫إحداث ثورة وانطلقة حقيقية‪ ،‬أدت إىل استرياد مؤسسات ذات طابع صناعي وحماولة إخضاعها للخلفية‬
‫الفلحية للمجتمع‪ ،‬األمر الذي صاغ العديد من املشكلت داخل تلك املؤسسات أبرزها مشاكل اهلوية واللغة‬
‫واإليديولوجية ومشاكل األداء والفعالية اإلنتاجية‪ ،‬فأصبحت بذلك متثل مسارح للصراع والتكتل وحماولة إخضاع‬
‫املؤسسة الصناعية للعقلية الزراعية من طرف األفراد والقائمني عليها‪ ،‬وهو ما استوجب ضرورة القيام بإصلحات‪.‬‬
‫بعد وفاة الرئيس بومدين واعتلء السلطة قادة حمسوبون على التيار الغريب والفكر األوريب وكذلك وصول‬
‫االشرتاكية باملؤسسات إىل اإلفلس‪ ،‬حيث أصبحت عالة على اخلزينة العمومية‪ ،‬جلأت الدولة إىل سياسات‬
‫إصلحية‪ ،‬ابتدأت مبرحلة إعادة اهليكلة واليت اختذت بعدين هامني إعادة اهليكلة العضوية‪ ،‬واليت اختصت‬

‫‪125‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫باملؤسسات الوطنية ذات احلجم الكبري املتعدد املهام حسب املعيار املعتمد و اهلدف من ذلك‪ .‬كان تعداد‬
‫املؤسسات الوطنية آنذاك ‪ 08‬مؤسسة أما املؤسسات اجلهوية و احمللية فبلغت ‪ 809‬مؤسسة‪ ،‬و كان العمل‬
‫املستهدف هو تقسيم املؤسسات الوطنية إىل ‪ 318‬مؤسـسة و املؤسسات اجلهوية إىل ‪3022‬مؤسسة‪ .‬وإعادة‬
‫اهليكلة املالية ‪ :‬كل مؤسسة تستطيع العمل و ممارسة نشاطها إذا و فرت هلا موارد مالية مهما كان مصدرها فإن‬
‫هذه املوارد يف املؤسسة هي وسائل متويل ملختلف استعماالهتا حىت تستطيع خلق عملية التوازن ما بني مواردها و‬
‫استعماالهتا‪.‬‬
‫عمرت سنني من الزمن‪ ،‬وما أُعد هلذه السياسات من منظرين ومفكرين وما ُكتب‬ ‫وهذا التحول عن سياسات ّ‬
‫فيها وهلا من حبوث وخطابات تبنها النظام املعريف اجلزائري يف جامعاته ومراكز حبثه‪ ،‬جعل الفكر السوسيولوجي‬
‫يعيش تراجيديا حقيقية متثلت يف إغلق معاهده وضمها إىل أخرى‪ ،‬وإفراغه من حمتواه الوطين‪ ،‬يف صورة عبثية‬
‫تبناها التيار املتغرب إلمهال الفكر السوسيولوجي ذو التوجه املاركسي الغالب آنذاك‪ .‬يف هذا السياق يقول جمال‬
‫معتوق‪" :‬تغري اخلطاب الرمسي موقفا و عمل اجتاه العلوم االجتماعية عامة‪ ،‬و علم االجتماع خاصة‪ ،‬و أصبحت‬
‫كل األنظار متوجهة حنو العلوم الطبيعية و التكنولوجية‪ ،‬وذلك باسم التنمية و التغري‪ ،‬ففي هذه املرحلة أُفرغت‬
‫الربامج من الشعارات و املفاهيم ذات الصبغة االشرتاكية‪ ،‬كما مت االستغناء عن املشتغلني بعلم االجتماع‪ ،‬حبيث‬
‫أصبح املسؤولون ينظرون إىل هذا العلم نظرة عدائية و احتقارية"‪.14‬‬
‫مث مرحلة استقللية املؤسسات‪ ،‬املرحلة اليت اقتنعت فيها الدولة بضرورة التوجه حنو عصرنة املؤسسات وحتديثها‬
‫على خطى الفكري الغريب‪ ،‬خاصة بعد ظهور بوادر تراجع وتقهقر الفكر املاركسي حلساب غرميه األوريب‪ .‬لقد‬
‫قدمت إحصائيات هناية الثمانينات بيانات توضح فيه املدى الذي توصلت إليه املؤسسة الوطنية العمومية من‬
‫خسارة متزايدة يف ظل سياسات إعادة اهليكلة‪ ،‬فاملؤسسة ليست حرة يف علقاهتا االقتصادية و التجارية و يف‬
‫اختيار أصحاهبا سواء يف الداخل أو يف اخلارج‪ .‬نتيجة األزمة اليت عاشها االقتصاد اجلزائري سنة ‪ 3609‬واليت‬
‫كانت ظاهرة خطرية للقتصاد الوطين‪ ،‬حيث اخنفض سعر برميل البرتول و تدهورت قيمته‪ ،‬باإلضافة إىل التسيري‬
‫السيئ للمؤسسة‪ .‬و ألجل هذه النتائج سعت اجلزائر إىل البحث عن أحسن السبل لبناء اقتصاد وطين عصري و‬
‫إخراج املؤسسة الوطنية من البريوقراطية و إعطائها احلرية اللزمة إلصدار قراراهتا اخلاصة لتسيري مواردها املالية‬
‫واملـادية‪ ،‬ومن مثة بدأت مناقشة قضية استقللية املؤسسة‪ ،‬و يف بداية‪ 3600‬بدأت مرحلة تطبيق‪ ،‬بعد دراسة‬
‫مشاريع و قوانني حددت احلكومة شروطها و خمططاهتا‪.‬‬
‫و االستقللية تعين حرية اإلدارة يف التصرف دون اخلضوع إىل أي إجراء من اإلجراءات البريوقراطية ‪ ،‬كما حترر‬
‫من الضغوطات و التدخلت املختلفة للسلطات و يرتتب عليها حرية إدارة املؤسسة بتمتع هذه األخرية بالذمة‬
‫املالية و االستقلل املال و من هنا فاالستقللية ترمي أسـاسا إىل تنمية خلق روح املسؤولية‪ ،‬ومنه اختذت املؤسسة‬
‫يف عهد االستقللية منطا جديدا متيز بـ‪:‬‬
‫‪-‬اللمركزية يف السلطة و القرار‪.‬‬
‫‪-‬للمؤسسة املسؤولية املباشرة يف القيام بعملياهتا االقتصادية التجارية و تنظيم علقاهتا االقتصادية‪.‬‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫‪-‬تسيري موردها املادية و البشرية و كذلك اختيار مسؤولياهتا‪.‬‬


‫‪-‬املؤسسة هي الوسيلة االقتصادية ذات العلقات الدائمة مع احلكومة أي مع العمليات التجارية للمؤسسة وعلى‬
‫هذا جيب على احلكومة مواجهة مجيع االلتزامات‪.‬‬
‫ويف نفس املساق توالت سياسات اقتصادية متعددة كاقتصاد السوق‪ ،‬اخلوصصة‪....‬اخل اختذت من املؤسسة‬
‫صبغت املؤسسات بصبغة احلرية يف ممارسة النشاط االقتصادي‪ ،‬تدعيم الدولة للتوجه الذي يُعىن‬ ‫ميدانا هلا وفيها ُ‬
‫خبلق املؤسسات الصغرية واملتوسطة‪ ،‬وإبقاء ملكية الدولة على املؤسسات اإلسرتاتيجية الكربى مثل شركات البرتول‬
‫والغاز وكذا احلفاظ على اجتماعية الدولة والتضامن اجتاه الفئات الضعيفة واحملرومة‪ ،‬يف حالة رمادية خمتلطة بني‬
‫اجتاهني متناقضني‪ ،‬فل هي رأمسالية حبتة وال هي ختلصت من االشرتاكية رغم سيطرة الفكر الغريب األوريب على‬
‫السياسات الفاعلة على حساب الفكر املاركسي الذي بقي متحصنا يف رجاالت العهد املاضي وما ميلكونه من‬
‫منابر جامعية وإعلمية ‪.‬‬
‫جدول ‪ 0‬أهم املراحل اليت مرت هبا املؤسسة اجلزائرية‬
‫المؤسسة‬ ‫الفكر السوسيولوجي‬ ‫توجه الدولة‬ ‫المرحلة‬
‫الفكر ‪ -‬تسيري مؤسسات‬ ‫فكر ماركسي ماوي سيطرة‬
‫على الدولة من قبل‬ ‫(االهتمام بالزراعة الفرنكفوين‬
‫حساب اجلامعة لغة وفكرا عماهلا السابقني‬ ‫على‬ ‫التسيير‬
‫(أثناء االستعمار)‬ ‫وتوجها‬ ‫الصناعة)‬ ‫الذاتي‬
‫‪ -‬مؤسسة صغرية‬
‫مستقلة‬ ‫احلجم‬
‫اإلنتاج والتوزيع‬
‫‪ -‬عدم وجود قوانني‬
‫للتسيري‬
‫‪ -‬االعتماد على‬
‫والء الشعب للدولة‬
‫احلديثة‬
‫مؤسسات‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬جتنيد علماء الفكر‬ ‫ماركسي‬ ‫فكر‬
‫ضخمة‬ ‫السوسيولوجي للتوجه‬ ‫تروتسكي‬
‫التسيري‬ ‫‪-‬مركزية‬ ‫املاركسي(االستماتة‬ ‫(االهتمام بثلثية‬ ‫التسيير‬
‫والرقابة‬ ‫يف الدفاع عن‬ ‫الصناعة والزراعة‬ ‫االشتراكي‬
‫‪ -‬اجتماعية الدولة‬ ‫املاركسية وختوين من‬ ‫والثقافة مع سيطرة‬
‫‪ -‬مشاركة تسيري‬ ‫عاداهم)‬ ‫الصناعة)وتأميم‬
‫املؤسسات من قبل‬ ‫مقدرات الدولة‬
‫العمال‬
‫‪ -‬جتزئة املؤسسات‬
‫الكربى‬ ‫االستغناء عن علم‬ ‫إعادة الهيكلة‬
‫‪ -‬خلق مؤسسات‬ ‫االجتماع (املاركسي‬ ‫التوجه حنو التغريب‬
‫وفروع صغرية‬ ‫التوجه) والنظر إليه‬ ‫و عصرنة الدولة‬
‫‪ -‬إعادة اهليكلة‬ ‫نظرة احتقارية وإفراغه‬
‫املالية‬ ‫من حمتواه ودوره‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬
‫‪ -‬اللمركزية يف‬ ‫الوطين‬
‫السلطة و القرار ‪.‬‬
‫للمؤسسة‬ ‫‪-‬‬ ‫استقاللية‬
‫املسؤولية املباشرة يف‬ ‫المؤسسات‬
‫بعملياهتا‬ ‫القيام‬
‫االقتصادية التجارية‬
‫و تنظيم علقاهتا‬
‫االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ -‬تسيري موردها‬
‫املادية و البشرية و‬
‫اختيار‬ ‫كذلك‬
‫مسؤولياهتا ‪.‬‬
‫املصدر‪ :‬الباحث‬
‫رابعا‪ :‬التمظهر الحديث للمؤسسة وتغير في تمثل المعرفة اإلدارية لمحدداتها التنظيمية‬
‫يُعد التغري املتتابع واملستطرد الذي شهده العامل‪ ،‬والذي طال مجيع أوجه احلياة ومناحيها واختاذه بُعدا مشوليا‬
‫وعامليا‪ ،‬تيارا فرض نواميسه ومقوماته على كل بناءات اجملتمع وهياكله املؤسساتية‪ ،‬يف صورة اختذت فيه املؤسسة‬
‫مظهرا يتغري باستمرار ويتتابع حسب ما ُمتليه ظروف ونوازل الفكر البشري واإلداري املصاحب‪ ،‬فهي يف دميومة‬
‫ُ‬
‫االستمرار والسريورة كمؤشر للتغري االجتماعي احلاصل يف البيئة احلاضنة وأحيانا يف قطيعة تغيريية يفرضها الواقع‬
‫الراديكايل(احلروب) أو النظام السياسي ذو التوجه اإليديولوجي‪.‬‬
‫وبني التغري والتغيري يطرأ على املؤسسات حتول يف اجلوهر واملضمون‪ ،‬فتتغري املفاهيم واملعاين وتتغري اهليكلة‬
‫واحملددات التنظيمية وكذا متوقع املورد البشري يف معادلة (الفرد‪/‬البناء)‪ ،‬يف تراتبية معينة حتفظ للمؤسسة متظهرا‬
‫ولعل تواتر التنظري اإلداري والبحوث السوسيولوجية يف مضمار املؤسسات يُوحي إىل‬
‫معينا يدوم لفرتة من الزمن‪ّ ،‬‬
‫حقيقة هذا التغري‪ ،‬واليت تسعى إىل حماولة فهمه واحتوائه و إجياد األجوبة للتساؤالت اليت يطرحها الواقع‬
‫املؤسسايت‪.‬‬
‫‪ .1‬التغير في المفهوم والماهية‪:‬‬
‫دون التعمق يف البعد االصطلحي للمؤسسة‪ ،‬فان املفهوم السوسيو‪-‬تنظيمي هلا اختذ أوجها متعددة ومتغرية‬
‫وأحيانا متمايزة مبجاالت واسعة‪ ،‬فقبل بروز الفكر التنظيمي العلمي والذي يُوثق للبدايات احلقيقية للمؤسسات‬
‫بشكلها احلايل بواكري القرن الـ‪ ،02‬كان مفهوم املؤسسة ينحصر يف بناءات صغرية حمدودة اجملال واجلغرافيا‪ ،‬تتخذ‬
‫من البيوت والورشات الصغرية بناءات هيكلية هلا‪ ،‬بعدد حمدود من عمال و بنمط عقلين وحيد‪ ،‬ميثلون إما أفراد‬
‫عائلة أو أسرة نووية يف املؤسسات األسرية‪ ،‬وإما عمال املهن الواحدة واليت كانت متارس املهن املعيشية كالزراعة‬
‫والنسيج والصناعة البدائية لآلالت والوسائل اليدوية‪.‬فإهنم كانوا يزرعون ما يزيد قليل ما حيتاجونه ألنفسهم‬
‫ويصنعون معظم ملبسهم وفرشهم وأدواهتم من املواد اخلام املنتجة من املزارع أو الغابات‪.15‬‬

‫‪152‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫حتول العلم‬
‫وبسبب انعكاسات الثورة الصناعية وتداعيات الثورات السياسية والفكرية اليت عرفها العامل الغريب‪ّ ،‬‬
‫وخاصة الفيزياء إىل احملور الذي حتوم عليه كل التغريات‪ ،‬حيث دشن حقبة من التغريات املتسارعة واملتلحقة‬
‫أضفت إىل ما أنتجته لنا احلضارة من مظاهر للمدنية و تراث فكري مرتاكم‪.‬‬
‫لقد بدأت إرهاصات التغري احلقيقي للمؤسسة بدخول اآللة كمتغري أصيل يف العملية اإلنتاجية‪ ،‬األمر الذي‬
‫أضاف للمؤسسة قيمة اقتصادية مضافة‪ ،‬وبُعدا مفاهيميا أخر‪ ،‬حتولت بسببه املؤسسة من ورشات ومعامل ذات‬
‫حيز متناهي الصغر واحلجم إىل ورشات كبرية ومعامل ضخمة‪ ،‬بطاقات إنتاجية معتربة وبعدد غري قليل من‬
‫األفراد العاملني‪ ،‬جعل من املؤسسة ميدانا خصبا للدراسات والبحوث ذات الصلة‪ ،‬وحتولت ماهية املؤسسة من‬
‫وحدات عائلية و مشاغل حرفية بسيطة إىل (املصنع) الذي يعترب مرحلة أكثر تقدما‪ ،‬الذي يعين جتمع عدد كبري‬
‫من اليد العاملة وهلم مهن خمتلفة ولكن الشيء األساسي الذي ُمييز عملهم هو استعماهلم لآلالت البخارية أو‬
‫آالت حتركها الطاقة البخارية أو الطاقة الفحمية عوض الطاقة اجلسدية ففي هذه املرحلة األوىل من هذا الشكل‬
‫من اإلنتاج الصناعي كانت اآللة مكملة ومساعدة للفرد يف القيام مبهامه اإلنتاجية‪.16‬‬
‫لقد دأبت الكلسيكية إىل منح العملية اإلنتاجية األمهية القصوى يف فهمها للمؤسسة(املصنع)‪ ،‬وجل ما كتب‬
‫يف هذا اجملال يُعطي املؤسسة صفة البناء املنتج أو اهليكل اإلنتاجي‪ ،‬ويُلحق متغرياهتا وأبعادها مبؤشر اإلنتاج‬
‫واإلنتاجية‪ ،‬كما ال ميكن أن تُـتَصور املؤسسة إال من خلل ما تنتجه من سلع وخدمات‪ ،‬يف حيز جغرايف منعزل‬
‫عن العامل اخلارجي ال تُؤثر فيه وال تتأثر به‪ ،‬فهي نسق مغلق على ذاته‪ ،‬كل مكوناته(اهليكلة البنيوية‪ ،‬العمالة‪،‬‬
‫القوانني واليات الضبط‪...‬اخل)‪ ،‬تعمل يف اجتاه اإلنتاج وال شيء غري اإلنتاج‪ ،‬وهذا األمر ال ختتلف عليه روافد‬
‫االجتاه الكلسيكي(اإلدارة العلمية التايلورية‪ ،‬البريوقراطية الفيربية‪ ،‬التكوين اإلداري الفايويل) وإمنا االختلف يف‬
‫فروع العمل املؤسسي‪ ،‬فاختذت املؤسسة بذلك شكل البناء الصارم والديكتاتوري املوجه للعملية اإلنتاجية دون‬
‫العودة إىل حاجات األفراد العاملني اإلنسانية أو إىل اجتماعية اجملتمع‪.‬‬
‫لقد اختذ مفهوم املؤسسة بعد حبوث ودراسات املدارس السلوكية ومدرسة العلقات اإلنسانية شكل آخر‪ ،‬متثل‬
‫يف اعتبارها أماكن إنسانية ذات بعد اجتماعي‪ ،‬فاملؤسسة ليست بناءات صماء‪ ،‬بل هي أيضا كيانات اجتماعية‬
‫أثبتت أمهية وجودها وجدارهتا يف صرح العملية اإلنتاجية‪ ،‬وحتولت املؤسسة إىل (منظمة اجتماعية) يتم تعريفها من‬
‫خلل بعديها املادي واالجتماعي يف ترابط معني يعطي ملاهيتها داللة التكامل بني اهليكل املادي والقوانني‬
‫وضوابط العملية اإلنتاجية وبني اجتماعية األفراد وضوابط األنسنة لديهم‪.‬‬
‫لقد أدى احلديث عن حقيقة تأثر املؤسسة بالبيئة اخلارجية احمليطة‪ ،‬إىل القفز على املعىن واملفهوم‪ ،‬إذ أصبحت‬
‫املؤسسة نسقا مفتوحا وإطارا حيويا ذو بعد اجتماعي يف عملية تبادلية وجدلية مع اجملتمع‪ ،‬وهو ما تؤكده (نظرية‬
‫النظم) ونظريات االجتاه الوظيفي‪ ،‬فاملؤسسة ليست كيانا منعزال وال بناءا متفردا ُميارس دوره يف معزل عن حيزه‬
‫اجلغرايف العام‪ ،‬وال هي بناءات جامدة تنفي العلقة االجتماعية التبادلية بني اجملتمع الداخلي واخلارجي‪ ،‬وال هي‬
‫حمدودية الدور والوظيفة يف إنتاجها اخلاص‪ ،‬بل هي أيضا ذات مسؤولية اجتماعية ُمناطة هبا‪ ،‬يفرضها اجملتمع‬
‫وتتقبلها املؤسسة راغمة من اجل بقاءها واستمرارها وهبذا صيغ مفهوم املؤسسة على انه كيان ميثل النسق‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫االجتماعي املفتوح والرامي لتحقيق أهدافه واحملافظة على بقائه واستمراره من خلل العلقة املتبادلة بينه وبني البيئة‬
‫اخلارجية احمليطة به‪ .‬ومن مث تكون مسات التنظيم االجتماعي متماثلة مع السمات العامة للنسق االجتماعي‪.17‬‬
‫يؤكد املتأخرون (اجتماعيو احلداثة وما بعد احلداثة ) على أن املؤسسة ليست فقط نسقا مفتوحا ومركبا ماديا‬
‫اجتماعيا ذو مسؤولية جمتمعية‪ ،‬بل هي مكان لبناء اهلوية واملواطنة‪ ،‬فحسب منظور نظرية سوسيولوجية املؤسسة إن‬
‫هذه األخرية تصبح هيئة للتنشئة االجتماعية‪ ،‬أي مكان لغرس قيم ومعايري تعطي للعامل يف هناية املطاف‬
‫شخصيته الفردية واالجتماعية أي تنمي فيه روح االنتماء إىل جمموعة معينة كما برى ذلك كلود دوبار‬
‫‪ C.Dubar‬يف كتابه" التنشئة االجتماعية وبناء اهلويات االجتماعية واملهنية"‪.18‬‬
‫ولذلك فتطور املؤسسة ارتبط دائما بتطور الفكر البشري العام وتطور التنظري هلا‪ ،‬األمر الذي عكس تغري املاهية‬
‫واملفهوم‪ ،‬وانتقلت املؤسسة من كوهنا ورشات معيشية إىل اعتبارها انساقا مغلقة لإلنتاج‪ ،‬مث إىل جماالت جغرافية‬
‫لصنع اهلوية واملواطنة‪ ،‬مرورا بوصفها منظمات اجتماعية ذات مسؤولية اجتماعية وبعد أنساين‪.‬‬
‫‪ .2‬التحول عن اعتبار المؤسسة موردها البشري الزمة إنتاجية‪:‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن استعمال مصطلح املوارد البشرية ألول مرة كان سنة ‪ ،3039‬على يد االقتصادي‬
‫سبرنجر ‪ Springer‬للتعبري عن تكلفة استعمال األفراد‪ ،‬وذلك يف إطار احملاسبة طبعا‪ .‬والن احلديث عن‬
‫التغري يف منط وشكل املؤسسات يقودنا بالضرورة للحديث عن املركب البشري املتضمن‪ ،‬وما أحدثه هذا العنصر‬
‫من إقحام لتعديلت مست املؤسسات شكل ومضمونا عرب عقود متعاقبة من الزمن‪.‬‬
‫لقد كانت النظرة القدمية للمقوم البشري تقوم على أساس اإلشراف الثابت والواسع‪ ،‬والتهديد بفقد العمل‪،‬‬
‫وان مجيع األفراد متساوون يف اإلنتاجية( دون إمكانية لقياسها)‪ ،‬وهو أمر فرضته طبيعة املؤسسات آنذاك ذات‬
‫لعل تطور املؤسسات بدايات القرن املاضي حجما وإنتاجا‪،‬‬ ‫البنية احملدودة األهداف واجلغرافيا وطبيعة العمالة‪ .‬و ّ‬
‫فرض آليات جديدة للتعامل مع األفراد العاملني كفريضة فرضها الواقع اجلديد واعتبار الفرد عنصر من أهم عناصر‬
‫العملية اإلنتاجية اليت تتطلب ضروروة التحكم فيه والتعامل معه ‪.‬‬
‫فقد خلقت املؤسسات يف عهد اإلدارة العلمية الكلسيكية ‪ -‬اليت يرجع هلا الفضل يف االنتقال باملؤسسة إىل‬
‫العلمية‪ -‬فروع تُعىن باملكون البشري‪ ،‬تسعى إىل تصميم العمل‪ ،‬واختيار العمال على أساس املكون الفيزيائي‬
‫اجلسدي من خلل مكاتب‪ ، OST‬علوة على تبين سياسة التحفيز وذلك من خلل احلوافز املادية‪.‬‬
‫وان كانت اإلدارة العلمية تركز على وجود تصميم مثايل أوحد ألداء العمل مع احلوافز األجرية ‪ ،‬فإن منوذج‬
‫العملية اإلدارية كان يفرتض أنه (ميكن السيطرة على السلوك اإلنساين من خلل العملية اإلدارية و القواعد و‬
‫األوامر) ومن خلل (وجود نظام صارم للقواعد و اإلجراءات داخل املنظمة) كما تفرتضه البريوقراطية‪ ،‬رغم النقد‬
‫الذي وجه إىل الكلسيكيون يف جمال إمهال إنسانية األفراد واالهتمام باإلنتاجية كهدف وحيد‪ ،‬إال أن هلا الفضل‬
‫يف إبراز أمهية الفرد داخل املؤسسة‪ ،‬األمر الذي احدث تغريا يف شكلها ومنط هيكلتها‪ ،‬بإدراج مصاحل تعىن‬
‫باختيار وتكوين وتشغيل األفراد ‪.‬‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫غريت‬‫حنن إذ أرجعنا الفضل للمدارس الكلسيكية بان تكون ّأول من اهتمت بالعنصر البشري‪ ،‬حني ّ‬
‫احملددات التنظيمية للمؤسسة بإدخاهلا العنصر البشري كمحدد أساس فيها‪ ،‬فان مدارس العلقات اإلنسانية‬
‫أعطته بُعدا آخر أكثر دقة ومعىن‪ ،‬بإقرار اجتماعيته‪ ،‬وإبراز أمهية الكيانات والتكتلت االجتماعية يف املؤسسة‪،‬‬
‫األمر الذي أضاف هلا ثراء يف املفهوم وحتوال يف طبيعة احملدد التنظيمي‪ ،‬فتحول العامل من عنصر إنتاج فقط إىل‬
‫وتغريت احلوافز كي ال تقتصر على املادية فقط لتُضاف هلا‬ ‫كيان اجتماعي‪ ،‬وحتول اإلشراف إىل املشاركة فيه‪ّ ،‬‬
‫املعنوية أيضا‪ ،‬والرتكيز على الرقابة الذاتية‪ ،‬وكذا إمناء روح املسؤولية‪.‬‬
‫ومنذ بداية من سنة ‪ 3602‬بدأ مصطلح املوارد البشرية يأخذ املعىن الذي حيمله اآلن‪ ،‬وأصبح ميثل موردا كغريه‬
‫من املوارد‪ ،‬وأضحت املؤسسات الناجحة تسعى للهتمام باملورد البشري كميزة تنافسية هلا يف سوق العمل‪،‬‬
‫فأُنشأت مصاحل ومديريات تعىن باألفراد وحاجاهتم‪ ،‬وتعمل على إجياد توافق عملي بني هاته احلاجات ومتطلبات‬
‫املؤسسة‪ ،‬واحتلت مصاحل املوارد البشرية أمهية متقدمة يف مصاحل املؤسسات‪.‬‬
‫وحنن اليوم نتحدث عن املورد البشري كفاعل اسرتاتيجي يف ظل سوسيولوجيا املؤسسة يشارك يف (اللعبة‬
‫)‪JEU‬من خلل فرض اسرتاتيجياته اخلاصة‪ ،‬انطلقا من رهانات حيددها آنفا عند ولوجه املؤسسة‪ ،‬واعتمادا‬
‫على أرصدة ميلكها متثل هامش سلطة لديه‪ ،‬فتصبح املؤسسة يف عملية تفاوضية مستمرة بينها وبني العاملني‬
‫وغريت املعرفة اإلدارية متثلها‬
‫(الفاعلني االجتماعيني)‪ .‬األمر الذي احدث جنوحا يف مفهوم املؤسسة وشكلها‪ّ ،‬‬
‫للمحددات التنظيمية للمؤسسة‪،‬إذ مل تعد السلطة نتاج القواعد والنظم البريوقراطية كمحدد أصيل‪ ،‬بل تعداه إىل‬
‫هوامش السلطة لدى األفراد وحمدداهتم السوسيوثقافية‪ ،‬ومل تعد القرارات حبيسة املستويات العليا‪ ،‬بل عملية‬
‫تشاركية بني كامل املستويات اإلدارية‪ ،‬وهنا تغري مفهوم املؤسسة إىل كيان اجتماعي خيضع لعمليات التفاوض‬
‫واسرتاجتيات األفراد‪ .‬ومنها الدخول يف علقات تفاوضية ومساوماتية مع العمال أو الفاعلني‪.19‬‬
‫‪.3‬التغير في تحديد محددات المؤسسة التنظيمية ‪:‬‬
‫تغري املؤسسة من الصفة التقليدية البسيطة اليت عُرفت هبا قبل إىل الشكل اليت هي عليه اآلن‪ ،‬هو أساسا تغري‬
‫يف حمدداهتا التنظيمية‪ ،‬فقد كانت املؤسسة قبل عصور النهضة ختتزل حمدداهتا التنظيمية يف ملكية املؤسسة‪،‬‬
‫فمالكها هو من ُميثل السلطة والرقابة واإلشراف ومجيع العمليات اإلدارية‪ ،‬نظرا لصغر حجمها وعدد عامليها‪،‬‬
‫وطبيعة أهدافها‪ .‬أما التغري الذي طرأ على املؤسسة ومتظهرها يف صورة البناءات الضخمة املتعددة املصاحل‬
‫واألهداف‪ ،‬وتطور العمالة فيها كما ونوعا‪ ،‬فرض حمددات تنظيمية تغريت ومتيزت عرب التاريخ واجلغرافيا‪ ،‬وميكن‬
‫أن منيز هنا بني اجتاهني خمتلفني بفواصل زمنية متمايزة؛ اجتاه خيتزل احملددات التنظيمة يف بعدها الرمسي‪ ،‬فتصبح‬
‫مقتصرة على قواعدها البريوقراطية‪ ،‬نظامها الداخلي‪ ،‬وطبيعة الرقابة واإلشراف لديها‪...‬اخل‪ ،‬واجتاه آخر يعرتف إىل‬
‫جانب حمدداهتا الرمسية باحملددات السوسيو‪-‬ثقافية واليت تفرزها البناءات والنظم االجتماعية‪ ،‬وتُلزم أفراد املؤسسة‬
‫هبا كمحددات غري رمسية أثبتت أمهيتها يف اجملال املؤسسايت‪ ،‬وهو تغري واضح وصريح يف حتديد طبيعة احملددات و‬
‫توزع أمهيتها‪ ،‬األمر الذي ينسحب أيضا على التكنولوجيا اليت أصبحت ُمتثل حمددا هاما وحديثا بني جمموع‬
‫ّ‬
‫احملددات التنظيمية للمؤسسة ‪.‬‬

‫‪151‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫‪ . 4‬تغير حجم المؤسسة وإنتاجها ‪:‬‬


‫مر بعديد من التحوالت والتغريات‪ ،‬أسهم يف متظهر املؤسسات‬ ‫إن وصول املؤسسات إىل شكلها احلديث ّ‬
‫مرت بعدة مراحل‪ ،‬دامت لفرتات‬ ‫احلديثة باملظهر الذي توسم به اليوم‪ ،‬ويف تتبع سوسيو‪-‬تارخيي للمؤسسة جندها ّ‬
‫زمنية خمتلفة ومتعاقبة‪ ،‬انتقل هبا من الشكل األسري البسيط وصوال إىل الشراكات العملقة العابرة للقارات‪ ،‬وهذا‬
‫التطور عرب التاريخ افرز أشكاال جديدة للمؤسسة وتغريا يف طبيعتها‪ ،‬نورده باختصار يف اجلدول‪:‬‬

‫جدول‪1‬‬
‫التطور التارخيي للمؤسسة‬
‫طبيعتها‬ ‫المؤسسة‬
‫كبري األسرة هو صاحب السلطة‬ ‫اإلنتاج األسري البسيط‬
‫ورشات يتجمع فيها أصحاب احلرف املتشاهبة من أجل اإلنتاج‪ ،‬حتت إشراف قدمائهم‬ ‫ظهور الوحدات احلرفية‬
‫احرتاف اسر حرفة أخرى إىل جانب الزراعة وختضع لرأمساليني يوفرون لألسر املنتجة(الوسائل واألموال)‬ ‫النظام املنزيل للحرف‬
‫مجع التجار لعدد من احلرفني حتت سقف واحد‪ ،‬حىت يتمكنوا من مراقبتهم و يضمنوا اإلستغلل األمثل‬ ‫املانيفاكتورة ‪La manufacture‬‬
‫لوسائل اإلنتاج و صاحب املصنع هو صاحب السلطة‬
‫اعتماد املؤسسة على وسائل عمل آلية ميكانيكية‪ ،‬بدال من وسائل العمل اليدوية‬ ‫املؤسسة الصناعية اآللية‬
‫املؤسسات ذات انتماءات قومية خمتلفة‪ ،‬ولكنه موحدة من خلل إسرتاتيجية عامة لإلدارة‬ ‫الشركات متعددة اجلنسيات‬
‫املصدر‪ :‬الباحث‬
‫وجتدر اإلشارة انه يوجد تنوع يف أنواع املؤسسات وتصنيفاهتا‪ ،‬وعموما يتم تصنيفها حسب أربعة معايري هي‪:‬‬

‫جدول‪1‬‬
‫أهم معايري تصنيف املؤسسات‬
‫إضافات‬ ‫النوع‬ ‫معايير جزئية‬ ‫معايير‬
‫التصنيف‬
‫جمموعة املؤسسات اليت متارس نفس النشاط الرئيسي‬ ‫قطاعات‬
‫تصنيف حماسيب لكل وحدات اإلنتاج اليت تنتج نفس املنتوج‬ ‫فروع‬
‫تشمل الشعبة مجيع النشاطات من األعلى (املواد األولية)‪ ،‬إىل‬ ‫شعب‬
‫األسفل (التسويق)‬ ‫طبيعة‬ ‫حسب‬
‫النشاط‬
‫املؤسسات الصغرية‪ TPE‬واليت توظف ما بني ‪ 01‬و ‪011‬‬ ‫عدد العمال‬
‫عامل‪ ،‬واملؤسسات الكربى اليت توظف أكثر من ‪ 011‬عامل‪.‬‬
‫أمهية العمليات التجارية للمؤسسة‬ ‫رقم األعمال‬
‫املقياس احلقيق للقيمة اليت مت خلقها من طرف املؤسسة‪ ،‬ويعد هذا‬ ‫القيمة المضافة‬
‫املعيار أكثر داللة من معيار رقم األعمال‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫وهو الفائض احملقق من طرف املؤسسة‬ ‫نتيجة االستغالل‪EBE‬‬ ‫حسب األمهية‬ ‫اقتصادية‬

‫(‪)dimension‬‬
‫الشخصية القانونية للمؤسسة تتطابق مع شخصية رجل األعمال‬ ‫مؤسسات األفراد‬
‫وهي تلك املؤسسات اليت تعود ملكيتها جملموعة من األفراد‬ ‫شركات األشخاص‬
‫وتتمثل يف شركات املسامهة‬ ‫شركات رؤوس األموال‬
‫ذات هذا الشكل القانوين يسمح لرجال األعمال بإنشاء شركة ذات‬ ‫الشركات‬
‫مسؤولية حمدودة‪ ،‬مبوجبها تقوم بوظائف خمتلفة يف نفس الوقت‪،‬‬ ‫المسؤولية‬ ‫القانونية‬
‫كسلطة اإلدارة‪ ،‬واجلمعية العامة‪.‬‬ ‫المحدودة ‪SARL‬‬
‫‪EURL‬‬
‫وهي تلك املؤسسات اليت تعود ملكية األموال فيها لفرد‪ ،‬أو‬ ‫المؤسسات الخاصة‬
‫جملموعة من األشخاص‬ ‫ملكية‬
‫وهي اليت تعود ملكيتها للدولة كالشركات الوطنية واحمللية‬ ‫المؤسسات العامة‬ ‫رأس‬
‫وهي اليت تشرتك الدولة أو أحد هيئاهتا مع األفراد يف ملكية‬ ‫المؤسسات المختلطة‬ ‫المال‬
‫األموال ويف سلطة القرار‬
‫الباحث نقل عن ‪JEAN LONGATTE, JACQUES MULLER,‬‬ ‫املصدر‪:‬‬
‫‪ÉCONOMIE D’ENTREPRISE, DUNOD, PARIS 2004, P07‬‬

‫إضافة إىل ما تقدم ذكره من أنواع للمؤسسات‪ ،‬هناك مؤسسات و مجعيات تنشط يف اجملتمع ‪ ،‬ولكن هدفها‬
‫ال يتمثل يف حتقيق الربح‪ ،‬فهي قد تأسست من أجل مساعدة بعض الفئات يف اجملتمع يف بغض القطاعات‪،‬‬
‫ويعترب التضامن والعلقات اإلنسانية واالجتماعية حمور اهتماماهتا‪ ،‬وتتمثل هذه املؤسسات يف التعاونيات‬
‫)‪ ،(Coopératives‬والشركات التبادلية)‪ ، (Mutuelles‬إضافة إىل مؤسسات اإلدماج ‪(Les‬‬
‫‪entreprises d’insertion).‬‬
‫وميكننا حصر التنوع املؤسسايت السائد حاليا يف اجملاالت احليوية للدول يف ثلث أنواع‪ ،‬متثل ثلث أمناط حديثة‬
‫للمؤسسة‪ ،‬واليت أخذت الزخم املعريف السوسيو‪-‬اقتصادي األكرب(املؤسسات الصغرية واملتوسطة‪ ،‬الشركات املتعددة‬
‫اجلنسيات‪ ،‬الشركات االفرتاضية)‬
‫الشركات الصغيرة و المتوسطة هي شركات يقع عدد موظفيها أو رأمساهلا دون حدود معينة‪ ،‬ويف احلقيقة‬
‫ليس هناك إمجاع موحد حول تعريف املشروع الصغري واملتوسط ‪ ،‬إذ اختلفت النظرة العلمية بني الباحثني يف علم‬
‫االقتصاد على حتديد مفهوم موحد للمشاريع الصغرية و املتوسطة‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك فأن كلميت "صغرية"‬
‫و"متوسطة" هلما مفاهيم نسبية ختتلف من دولة إىل أخرى و ميكن أن تكون املشاريع املتوسطة يف الدول املتقدمة‬
‫مشاريع كبرية يف الدول النامية و ختتلف أيضا ومن قطاع آلخر داخل الدولة الواحدة‪.‬‬
‫تصنيف البنك الدويل‪:‬‬
‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫جدول‪8‬‬
‫ميثل تصنيف البنك الدويل للمؤسسات املصغرة والصغرية واملتوسطة‬
‫عدد العمال‬ ‫صنف المؤسسة‬
‫‪ 10‬ـ ـ ـ ـ‪12‬‬ ‫متناهية الصغر‬
‫‪ 01‬ـ ـ ـ ـ ـ‪92‬‬ ‫صغيرة‬
‫‪01‬ـ ـ ـ ـ ـ‪011‬‬ ‫متوسطة‬
‫املصدر‪ :‬انرتنت(ويكيبيديا)‬
‫املعايري الكمية لتعريف املؤسسات املصغرة والصغرية واملتوسطة يف اجلزائر‬
‫جدول‪9‬‬
‫املعايري الكمية لتعريف املؤسسات املصغرة والصغرية واملتوسطة يف اجلزائر‬
‫مجموع الميزانية السنوية‬ ‫رقم العمل السنوي‬ ‫عدد العمال‬ ‫صنف المؤسسة‬
‫اقل من ‪01‬مليون دينار جزائري‬ ‫اقل من ‪ 91‬مليون دينار جزائري‬ ‫‪ 10‬ـ ـ ـ ـ‪12‬‬ ‫مصغرة‬
‫‪ 011-01‬مليون دينار جزائري‬ ‫من ‪ 91‬اىل ‪ 911‬مليون دينار جزائري‬ ‫‪ 01‬ـ ـ ـ ـ ـ‪92‬‬ ‫صغيرة‬
‫‪ 011-011‬مليون دينار جزائري‬ ‫‪ 911‬مليون اىل ‪9‬مليار دينار جزائري‬ ‫‪01‬ـ ـ ـ ـ ـ‪901‬‬ ‫متوسطة‬
‫املصدر‪ :‬نقل عن املصدر‪ :‬املواد‪ 9 ،9 ،8‬من القانون‪ 30/23‬املؤرخ يف ‪ 0223/30/30‬املتضمن القانون‬
‫التوجيهي لرتقية املؤسسات الصغرية واملتوسطة‬
‫إن هلذا الشكل من املؤسسات دور ال يُستهان به يف بناء االقتصاد الوطين‪ ،‬وتظهر أمهيتها من خلل استغلل‬
‫الطاقات واإلمكانيات وتطوير اخلربات واملهارات كوهنا تعترب أحد أهم روافد العملية التنموية‪.‬‬
‫جدول‪9‬‬
‫أمهية املؤسسات الصغرية واملتوسطة بالنسبة للقتصاد الوطين‪.‬‬
‫اإلنتاج‬ ‫في‬ ‫نسبة الصناعات الصغيرة التشغيل في الصناعات الصغيرة المساهمة‬
‫الصناعي‬ ‫والمتوسطة من إجمالي والمتوسطة‬ ‫المنظمة‪ /‬الدولة‬
‫(من إجمالي اليد العاملة)‬ ‫المصانع‬
‫‪% ...1‬‬ ‫‪% ...1‬‬ ‫‪% 99.9‬‬ ‫الدول العربية‬
‫‪% 11.1‬‬ ‫‪% 9..1‬‬ ‫‪% 22.1‬‬ ‫الصني‬
‫‪% 91.1‬‬ ‫‪% 91.1‬‬ ‫‪% 20.1‬‬ ‫اهلند‬
‫‪% 99.0‬‬ ‫‪% 90.1‬‬ ‫‪% 22.9‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪% 11.9‬‬ ‫‪% 11.9‬‬ ‫‪% 22.9‬‬ ‫الربازيل‬
‫‪% 9..0‬‬ ‫‪% 09.9‬‬ ‫‪% 22.0‬‬ ‫الشيلي‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫املصدر‪ :‬نقل املصدر‪ :‬املنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين‪ ،‬منظمة االمم املتحدة للتنمية الصناعية‪ ،‬مقرتح‬
‫اويل لربنامج تطوير دور املؤسسات الصغرية واملتوسطة يف التنمية االقتصادية واالجتماعية يف الدول العربية‪،‬‬
‫سبتمرب‪0232‬‬
‫‪20‬‬
‫(باإلجنليزية ‪: Multinational‬‬ ‫ويتمثل النوع الثاين يف الشركة المتعددة الجنسيا ت‬
‫‪Corporation‬أو ‪ MNC‬أو ‪ Multinational Enterprise‬أو)‪ ، MNE‬هي شركة ملكيتها‬
‫ختضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتوىل إدارهتا أشخاص من جنسيات متعددة ومتارس نشاطها يف بلد أجنبية‬
‫متعددة على الرغم من أن إسرتاتيجياهتا وسياساهتا وخطط عملها تصمم يف مركزها الرئيسي الذي يوجد يف دولة‬
‫معينة تسمى الدولة األم‪ ،Home Country‬وهي شركات ضخمة وصل أمجايل إيراداهتا إىل حنو ‪% 11‬‬
‫من الناتج احمللي اإلمجايل العاملي‪ ،‬وقد تصل إىل مئات الفروع‪ ،‬مثل شركة ‪ ABB‬السويسرية‪ ،‬اليت تسيطر حاليا‬
‫على أكثر من ‪ 3122‬شركة تابعة منتشرة يف معظم أحناء العامل‪ ،‬ومن بني أهم اخلصائص اليت متيز هذا النوع من‬
‫املؤسسات‪:‬‬
‫‪ - 1‬التأكيد على صفة العاملية‬
‫‪ -2‬التأثري على نقل التكنولوجيا وإحداث الثورة التكنولوجية‬
‫‪ -3‬التأثري على النظام النقدي الدويل وعلى التجارة العاملية ‪ ،‬مثلنا يف ذلك احتلل شركة (ميتسوبيشي) بإمجايل‬
‫إيراداهتا الذي بلغ ‪ 30181‬مليار دوالر‪ ،‬املرتبة األوىل بني أكرب مخسمائة شركة متعددة اجلنسيات يف عام ‪3668‬‬
‫واليت يصل أمجايل إيراداهتا إىل حنو ‪ % 11‬من الناتج احمللي اإلمجايل العاملي‪ .‬كذلك تستحوذ هذه الشركات على‬
‫حنو ‪ % 02‬من حجم املبيعات على املستوى العاملي‪.‬‬
‫والنوع الثالث هو الشركة االفتراضية‪ 21‬أو باإلجنليزية)‪:( Virtual Company‬هي شركة بدون قائمة‬
‫ولكن ليس هلا أساس مادي‪ ،‬وهي تتكون من إدارة وموظفني ولكن كل يف مكانه وال حتتاج إىل جتميع العمال يف‬
‫مكان واحد وهي بل حدود تنظيمية ومتحررة من اهلرمية‪ .‬ويتم التواصل بني اإلدارة واملوظفني من خلل الربيد‬
‫االلكرتوين أو أي أدوات اتصال أخرى ‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد مت التطرق يف هذه الدراسة إىل حمور( املؤسسة؛ األشكال القدمية والتمثلت اجلديدة)‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫حتليل سوسيوتارخيي لتطور املؤسسة‪ ،‬متت من خلهلا معاجلة أبعاد التغري الذي طرأ على املؤسسة من مفهوم‬
‫وحمددات تنظيمية وطبيعمة موردها البشري‪ ،‬يف صورة سوسيولوجية تعطي للتغري داللة رئيسية يف هذه املقاربة‪،‬‬
‫وايضاح العلقة الطردية بني التغري كظاهرة سوسيوتنظيمية وبني تطور الفكر اإلداري والتنظريي املختص هبذا‬
‫اجملال‪ ،‬وصوال عند اظهار أشكال املؤسسة القدمية واحلديثة املختلفة ‪.‬‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -3‬اعتماد حممد علم‪ .‬دراسات يف علم االجتماع التنظيمي‪ .‬مكتبة االجنلواملصرية‪ .‬ط‪ .3‬مصر‪.3661 .‬‬
‫‪ -0‬بشاينية سعد ‪ .‬ندوة املؤسسات االقتصادية واجملتمع‪ .‬جامعة منتوري‪ .‬قسنطينة ‪.0221 .‬‬
‫‪ -1‬بشاينية سعد‪ .‬علم االجتماع العمل ‪ .‬منشورات جامعة منتوري ‪ .‬قسنطينة‪.0220 .‬‬
‫‪ -1‬مجال معتوق‪ .‬واقع وآفاق علم االجتماع يف املغرب العريب(عمل غري منشور)‪ .‬أطروحة دكتوراه دولة‪ .‬قسم‬
‫علم االجتماع‪ .‬جامعة اجلزائر‪ .‬اجلزائر‪.0222 .‬‬
‫‪ -8‬حواء بلحسني‪ .‬إيديولوجية اجلامعة من خلل تقييمات وتصورات املدرسني ( عمل غري منشور)‪ .‬رسالة‬
‫ماجستري‪ .‬قسم علم االجتماع‪ .‬جامعة اجلزائر ‪ .‬اجلزائر‪.0223 .‬‬
‫‪ -9‬زوليخة طوطاوي‪ .‬اجلو التنظيمي السائد يف اجلامعة اجلزائرية وعلقته برضا األستاذة وأدائهم ( عمل غري‬
‫منشور)‪ .‬رسالة ماجستري‪ .‬قسم علم النفس وعلوم الرتبية‪ .‬جامعة اجلزائر‪ .‬اجلزائر‪.3661 .‬‬
‫‪ – 9‬علي السلمي‪ .‬تطور الفكر التنظيمي‪ .‬وكالة املطبوعات اجلامعية‪ .‬الكويت‪.3698 .‬‬
‫‪ - 0‬حممد السويدي‪ .‬مقدمة يف دراسة اجملتمع اجلزائري ؛ حتليل سوسيولوجي ألهم مظاهر التغيري يف اجملتمع‬
‫اجلزائري املعاصر ‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪.3662 .‬‬
‫‪ - 6‬حممد املهدي بن عيسى‪ .‬ثقافة املؤسسة‪ .‬رسالة دكتوراه‪ .‬جامعة اجلزائر‪ .‬اجلزائر‪.0228 .‬‬
‫‪ - 32‬حممد سعيد أوكيل‪ .‬وظائف ونشاطات املؤسسة الصناعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪.3660 .‬‬
‫‪ - 33‬مرمي صاحل بوشارب‪ .‬التكوين اجلامعي بني األهداف والواقع(عمل غري منشور)‪ .‬رسالة ماجستري‪ .‬قسم‬
‫علم االجتماع‪ .‬جامعة عنابة‪ .‬اجلزائر‪.0223 .‬‬
‫‪ -30‬مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود ثورة صناعية مؤسسة عربية عاملية ‪0220‬‬
‫‪BERNOUX (Philipe). La sociologie de l'organisation; éd du 13-‬‬
‫‪Seuil. Paris .1985‬‬
‫‪Claude Dubar. La socialisation. construction des identités sociales 14 -‬‬
‫‪et professionnelle. ed. Collin . Paris. 1991.‬‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬
‫‪Issn:2507-7333/ Eissn: 2676-1742‬‬ ‫جملة العلوم القانونية واالجتماعية جامعة زيان عاشور باجللفة ـ اجلزائر‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪.1‬حممد سعيد أوكيل‪ ،3660 ،‬وظائف ونشاطات املؤسسة الصناعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ص‪3‬‬
‫‪.2‬علي السلمي‪ ،3698 ،‬تطور الفكر التنظيمي‪ ،‬الكويت‪ ،‬وكالة املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ص ‪318‬‬
‫‪.3‬بشاينية سعد‪ ،0221 ، :‬ندوة املؤسسات االقتصادية واجملتمع‪ ،‬قسنطينة جامعة منتوري‪ ،‬ص‪320‬‬
‫‪.4‬حممد املهدي بن عيسى‪ ،0228،‬ثقافة املؤسسة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪020‬‬
‫‪.5‬املرجع نفسه‪ .‬ص‪026‬‬
‫‪BERNOUX (Philipe) ,1985, La sociologie de l'organisation ; Paris ; éd du Seuil, PP: 108 à 110 6‬‬
‫‪Claude Dubar, 1991, La socialisation, construction des identités sociales et professionnelle,‬‬
‫‪Paris, ed. Collin , P: 277‬‬
‫مرمي صاحل بوشارب‪ ،0223 ،‬التكوين اجلامعي بني األهداف والواقع(عمل غري منشور)‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬قسم علم االجتماع‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪. 8‬ص‪19‬‬
‫زوليخة طوطاوي‪ ،3661 ،‬اجلو التنظيمي السائد يف اجلامعة اجلزائرية وعلقته برضا األستاذة وأدائهم ( عمل غري منشور)‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬قسم علم‬
‫‪.9‬النفس وعلوم الرتبية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪10‬حممد السويدي‪ :،3662 ،‬مقدمة يف دراسة اجملتمع اجلزائري ؛ حتليل سوسيولوجي ألهم مظاهر التغيري يف اجملتمع اجلزائري املعاصر ‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪. 300-303‬‬
‫‪11‬بشاينية سعد‪ ،0220 ،‬علم االجتماع العمل ‪ ،‬قسنطينة منشورات جامعة منتوري ‪ ،‬ص‪316‬‬
‫حواء بلحسني‪ ،0223 ،‬إيديولوجية اجلامعة من خلل تقييمات وتصورات املدرسني ( عمل غري منشور)‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬قسم علم‬
‫‪.12‬االجتماع‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪09‬‬
‫‪.13‬مرمي صاحل بوشارب‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪10‬‬
‫مجال معتوق‪ ،0222 ،‬واقع وآفاق علم االجتماع يف املغرب العريب(عمل غري منشور)‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة‪ ،‬قسم علم االجتماع‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫‪.14‬اجلزائر‪ ،‬ص‪329‬‬
‫‪15‬مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود‪ :‬ثورة صناعية مؤسسة عربية عاملية ‪0220‬‬
‫‪.16‬مهدي حممد عيسى‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪308‬‬
‫‪.17‬اعتماد حممد علم‪ ،3661 ، :‬دراسات يف علم االجتماع التنظيمي‪ ،‬مصر‪ ،‬مكتبة االجنلواملصرية‪ ،‬ط‪ ،3‬ص‪16‬‬
‫‪Claude Dubar: OPCIT P: 2718‬‬
‫‪.19‬حممد عيسى املهدي‪ :‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪309‬‬
‫‪ 20‬ويكيبيديا‬
‫‪21‬كيبيديا‬
‫قائمة المالحق ‪:‬‬
‫]‪[1‬تطور اجملال البحثي من سوسيولوجيا العمل إىل سوسيولوجيا املؤسسة‬
‫]‪[2‬أهم املراحل اليت مرت هبا املؤسسة اجلزائرية‬
‫]‪[3‬التطور التارخيي للمؤسسة‬
‫]‪ [4‬أهم معايري تصنيف املؤسسات‬
‫]‪[5‬ميثل تصنيف البنك الدويل للمؤسسات املصغرة والصغرية واملتوسطة‬
‫]‪[6‬املعايري الكمية لتعريف املؤسسات املصغرة والصغرية واملتوسطة يف اجلزائر‬
‫]‪[7‬أمهية املؤسسات الصغرية واملتوسطة بالنسبة للقتصاد الوطين‬
‫شكل ‪ : 3‬ثلثية األبعاد عند الباحث ‪Thuderoz‬‬

‫‪155‬‬ ‫اجمللد الرابع ــ العدد الرابع ــ السنة ديسمرب‪ 9102‬ــــــــــــــــ الرقم التسلسلي ‪01‬‬

You might also like