Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬ ‫العدد العاشر‬

‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬


‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬


‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬
‫‪Claim unfair competition as a judicial means of protection‬‬
‫‪The moral right of the commercial premises‬‬
‫تاريخ قبول املقال للنشر‪2018/04/15 :‬‬ ‫تاريخ إرسال املقال ‪2018/03/15 :‬‬
‫د‪ .‬ساوس خيرة ‪ /‬جامعة طاهري محمد ‪ -‬بشار‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫إن املنافسة تعتبرأمرا ضروريا و مطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها‬
‫املشروعة‪ ،‬حيث أن كل تاجريهدف الكتساب العمالء‪ ،‬عن طريق خفض األسعار‪ ،‬منح هدايا‪،‬‬
‫البيع بالتقسيط‪ ،‬تحسين النوعية‪....‬إلخ‪ ،‬أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بأن تحولت إلى‬
‫صراع بين التجار‪ ،‬يحاول كل واحد منهم جذب عمالء غيره‪ ،‬فإن املنافسة تصبح ممنوعة بنص‬
‫القانون‪ ،‬وذلك لحماية املحل التجاري بجميع عناصره املادية واملعنوية‪ ،‬مع تغليب العناصر‬
‫املعنوية على العناصراملادية كعنصري االتصال بالعمالء والسمعة التجارية‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬املنافسة ‪ ،‬النشاط التجاري ‪ ،‬العمالء ‪ ،‬القانون‪.‬‬

‫‪Abstract :‬‬
‫‪Competition is a necessary and due condition in commercial activities within‬‬
‫‪legal limits. Every trader aims at gaining new consumers and partners by means of‬‬
‫‪reducing prices, promotional offers, sales on credit, improving quality etc.‬‬
‫‪However, if such attitudes failed to comply with legal rules and create con-‬‬
‫‪flicts between traders, each one of them wants the greatest market share; competi-‬‬
‫‪tion will no longer be allowed legally, because legal system has to protect business‬‬
‫‪premises with all their material and moral constituents, by prioritizing these latter‬‬
‫‪such as communication between partners and commercial reputation.‬‬
‫‪Key words : competition, commercial activities, partners, allowed.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪718‬‬
‫العدد العاشر‬ ‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن املنافسة تعتبرأمرا ضروريا و مطلوبا في ميدان النشاط التجاري متى كانت في حدودها‬
‫املشروعة‪ ،‬حيث أن كل تاجريهدف الكتساب العمالء‪ ،‬عن طريق خفض األسعار‪ ،‬منح هدايا‪،‬‬
‫البيع بالتقسيط‪ ،‬تحسين النوعية‪....‬إلخ‪ ،‬قيل بحق إن الضرر النا�شئ عن املنافسة يعتبرضررا‬
‫مشروعا‪ ،‬وأن حالة املنافسة التجارية من الحاالت التي يجيزفيها القانون إلحاق الضرر بالغير‪،‬‬
‫طاملا كانت التجارة مشروعة‪.‬‬
‫كما أن قوانين املنافسة تستلهم أحكامها من مبادئ حرية التجارة واملساواة‪ .‬كما أن‬
‫النظام االقتصادي إقليميا أو دوليا يوجب أال تكون حرية املنافسة على إطالقها‪ ،‬وإنما يقت�ضي‬
‫وجود نظام قانوني‪ ،‬يرتب قيودا على هذه الحرية تمليه حماية املنافسة الحرة ذاتها باتخاذ‬
‫‪1‬‬
‫الوسائل التشريعية التي تؤدي إلى التوازن بين املشروعات املتنافسة‪.‬‬
‫والحقيقة التي ال نزاع فيها أن املنافسة نوع من الحرية في مزاولة النشاط اإلنساني بصفة‬
‫‪2‬‬
‫عامة و النشاط االقتصادي بصفة خاصة والتي يعترف بها القانون ويضع لها ضوابطها‪.‬‬
‫ويمنع من يتعسف في استعمال حقه فيها أو بعبارة أخرى يتمتع بحرية املنافسة كل من‬
‫يتمتع بحرية التجارة‪ ،‬سواء كان شخصا معنويا أوشخصا طبيعيا‪ .‬وال تعتبرالشروط التي يتطلبها‬
‫القانون لتنظيم التجارة أشخاصا وأمواال قيودا على حرية املنافسة‪.‬‬
‫أما إذا انحرفت عن هذه الحدود بأن تحولت إلى صراع بين التجار‪ ،‬يحاول كل واحد‬
‫منهم جذب عمالء غيره‪ ،‬فإن املنافسة تصبح ممنوعة بنص القانون‪ ،‬ويمنع كل فعل يخالف‬
‫العادات و األصول املرعية في املعامالت التجارية ويدخل في ذلك على وجه الخصوص االعتداء‬
‫على عالمات الغير أو على اسمه التجاري أو على براءات االختراع أو على أسراره الصناعية التي‬
‫يملك حق استثمارها وتحريض العاملين في متجره على إذاعة أسراره أوترك العمل عنده وكذلك‬
‫كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس في املتجرأو في منتجاته إضعاف الثقة في مالكه‬
‫أو القائمين على إرادته أو في منتجاته ‪.‬‬
‫القانون قد حدد أعمال املنافسة الغير مشروعة و ذلك لحماية املحل التجاري بجميع‬
‫عناصره املادية واملعنوية‪ ،‬مع تغليب العناصر املعنوية على العناصر املادية كعنصري االتصال‬
‫بالعمالء والسمعة التجارية‪ ،‬والسؤال املطروح ‪:‬‬
‫ما هو األساس القانوني لدعوى املنافسة الغيرمشروعة و ما هي شروط قيامها ؟‬
‫ولهذا سوف نبين أوال األساس القانوني لدعوى املنافسة الغيرمشروعة ثم شروط قيامها‪.‬‬

‫‪719‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬ ‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫( ‪ I‬األساس القانوني لدعوى املنافسة الغيرمشروعة‬


‫يكت�سي املحل التجاري أهمية بالغة في ممارسة األنشطة التجارية املختلفة‪ ،‬و لهذا تعرف‬
‫الحياة التجارية يوميا ظهور العديد من املحالت التجارية ذات األنشطة الشتوية‪ ،‬نظرا ملا يعرفه‬
‫النشاط الصناعي والتجاري من تطور سريع مرتبط بما وصلت إليه آخرتكنولوجيا الحديثة‪ ،‬كل‬
‫ذلك جعل املحالت التجارية تكتسب قيمة مالية واقتصادية هامة في اقتصاد أي بلد‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي أدى باملشرع إلى وضع نظاما قانونيا‪ .3‬لحماية املحل التجاري بجميع عناصره‪.‬‬
‫فيما يخص العناصر املادية فإن حمايتها عن طريق دعوى االسترداد مع التعويض‪ ،‬أما‬
‫فيما يخص العناصر املعنوية فإن حمايتها تتم عن طريق دعوى املنافسة الغير شرعية‪ ،‬و في‬
‫القانون املحدد للقواعد املطبقة على املمارسات التجارية‪ ،‬فضال عن الحماية االتفاقية‪.‬‬
‫يؤسس البعض هذه الدعوى على أساس التعسف في استعمال الحق‪ ،4‬فلكل تاجرالحق‬
‫في املنافسة ولكن يجب أال ي�سئ استعمال حقه استعماال غيرمشروع وحب ليه الضمان‪.‬‬
‫والبعض اآلخر يرى أنها دعوى تقترب من دعاوى الحيازة التي تحمي امللكية‪ ،‬فهي تحمي‬
‫امللكية املعنوية التي ترد على املحل التجاري باعتباره ماال منقوال معنويا‪ .‬وهذه الدعوى يشترط‬
‫لقيامها إثبات حصول االعتداء على امللكية املعنوية بأي شكل من األشكال‪.‬‬
‫أما الرأي الراجح‪ ،‬يرى أن األساس القانوني لدعوى املنافسة غير املشروعة هي قواعد‬
‫املسؤولية التقصيرية‪ ،‬املقرر في القواعد العامة طبقا لنص املادة ‪ 124‬قانون مدني‪،5‬التي تنص‬
‫على «كل فعل أيا كان‪ ،‬يرتكبه الشخص بخطئه ويسبب ضررا للغيريلزم من كان سببا في حدوثه‬
‫بالتعويض»‪.‬‬
‫حيث يذهب هذا االتجاه إلى أن الحق في املنافسة هو حق ذو طبيعة مركب يجمع بين‬
‫سمات الحق الشخ�صي و الحق العيني و من بين عناصره أيضا حقوق مالزم لشخصية اإلنسان‬
‫فحق املنافية ذو طابع مالي وأدبي معا‪ ،‬وإذا كانت طبيعة الحق هي التي تحدد نوع الدعوى‬
‫من حيث كونها شخصية أو عينية أو عقارية أو منقولة‪ ،‬إلى أن ذلك ال يطبق إال على الحقوق‬
‫املالية‪ ،‬و نظرا لكون الحق في املنافسة هو حق مركب يشمل مزيج بين العنصر البشري املتمثل‬
‫في شخصية املنافس ومعاونيه وبين العناصراملالية التي يضارب بها التنافس ويقوم بنشاطه‪.6‬‬
‫(‪ II‬شروط دعوى املنافسة الغيرمشروعة‬
‫يمكن أن يتعرض أي تاجر للمنافسة من القائمين بأنشطة مماثلة لنشاطه‪ ،‬كما يتحمل‬
‫أضرار بالغة من جراء افتتاح محالت جديدة و لكن ال يستطيع اللجوء إلى القضاء إال إذا كانت‬
‫هذه املنافسة غيرمشروعة‪.‬‬
‫وملا كانت دعوى املنافسة غيراملشروعة تستند إلى ذات األساس الذي تستند عليه دعوى‬
‫املسؤولية التقصيرية فإن شروط ممارسة الدعويين تكون واحدة‪ ،‬فيجب أن يقوم الشخص‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪720‬‬
‫العدد العاشر‬ ‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫بعمل من أعمال املنافسة «خطأ» أن يسبب هذا الخطأ ضررا للغير‪ ،‬و أن تقوم عالقة سببية‬
‫بين الخطأ و الضرر‪ 7‬على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أن يوجد عمل من أعمال املنافسة الغيرمشروعة «الخطأ»‬
‫إن أساس املسؤولية التقصيرية لتعويض الضرر النا�شئ عن األعمال الغير مشروعة هو‬
‫ظاهر في نص املادة ‪ 124‬من القانون املدني الجزائري السالفة الذكر و التي تقابلها املادة ‪1382‬‬
‫من القانون املدني الفرن�سي‪ ،‬فطبقا لهذا النص كل خطأ يسبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه‬
‫‪8‬‬
‫بالتعويض‪.‬‬
‫إن الخطأ شرط ضروري للمسؤولية املدنية‪ ،‬وقد اشترطته جميع تقنينات البالد العربية‪،‬‬
‫و قد اختلف الفقهاء اختالفا متباينا في تعريف الخطأ التقصيري ‪ ،‬و املستقرعليه فقها و قضاءا‬
‫فهو اإلخالل بإلتزام قانوني‪ ،‬أي بمعنى االنحراف في السلوك املألوف للشخص العادي‪ ،‬و يتمثل‬
‫هذا االلتزام في وجوب أن يصطنع الشخص في سلوكه اليقضة و التبصر حتى ال يضر بالغير‪،‬‬
‫فإذا انحرف على هذا السلوك الواجب‪ ،‬وكان مدركا لهذا االنحراف كان هذا منه خطأ يستوجب‬
‫التعويض‪.‬‬
‫ويجب لقيام املسؤولية عن أعمال املنافسة غيراملشروعة أن تكون هناك حالة منافسة‪،‬‬
‫حيث ال تقوم املنافسة إال بين شخصين يمارسان نشاطا متماثال أو متشابها بحيث تؤدي أعمال‬
‫املنافسة إلى صرف عمالء أحد النشاطين إلى النشاط اآلخر‪ 9.‬لذا ال يتصور قيام منافسة بين‬
‫تاجر يبيع الذهب و تاجر يقوم بالنقل البري أو يبيع األدوات الكهربائية‪ .‬فإذا كان النشطان‬
‫مختلفين و قام أحد التاجرين بأعمال غيرمشروعة أدت إلى انصراف عمالء التاجراألول فإنه ال‬
‫يقيم عليه دعوى املنافسة الغيرمشروعة و إنما يقيم دعوى املسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫كما يشترط أن يكون هناك نشاطان تجاريان بحيث تهدف أعمال املنافسة الغيرمشروعة‬
‫‪10‬‬
‫إلى تحويل العمالء عن أحد النشاطين إلى اآلخر‪.‬‬
‫إذا كان األصل في املنافسة في ميدان التجارة و الصناعة حق مشروع‪ ،‬فإنه يتعين معرفة‬
‫متى يعتبر الخطأ مستوجبا للمسؤولية مما يجعل معه صعوبة في تحديد معنى الخطأ في مجال‬
‫التجارة والصناعة حيث يصعب وضع حدا فاصل بين ما يعتبرمشروعا و بين ما ال يعتبركذلك‪.‬‬
‫يمكن اعتبار العادات التجارية و املهنية و مبادئ األمانة والشرف واالستقامة املتعارف‬
‫‪11‬‬
‫عليها معاييرلتحديد مشروعية املنافسة أو عدم مشروعيتها‪.‬‬
‫نص املشرع الجزائري في املادة ‪ 27‬من القانون رقم ‪ 02/04‬واملتعلق بالقواعد املطبقة على‬
‫املمارسات التجارية على أنه «تعتبر ممارسات تجارية غير شرعية في مفهوم أحكام هذا القانون‬
‫السيما منها التي يقوم من خاللها العون االقتصادي بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تشويه سمعة عون اقتصادي منافس بنشرمعلومات سيئة تمس شخصه أوبمنتجاته‬
‫‪721‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬ ‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫أو خدماته‪.‬‬
‫‪ -2‬تقليد العالمات املميزة لعون اقتصادي منافس أو تقليد منتجاته أو خدماته أو اإلشهار‬
‫الذي يقوم به قصد كسب زبائن هذا العون إليه بزرع شكوك و أوهام في ذهن املستهلك‪.‬‬
‫‪ -3‬استغالل مهارة تقنية أو تجارية مميزة دون ترخيص من صاحبها‪.‬‬
‫‪ -4‬إغراء مستخدمين متعاقدين مع عون اقتصادي منافس خالفا للتشريع املتعلق‪.‬‬
‫‪ -5‬االستفادة من األسرار املهنية بصفة أجير قديم أو شريك فيها قصد اإلضرار بصاحب‬
‫العمل و الشريك القديم‪.‬‬
‫‪ -6‬إحداث خلل في تنظيم عون اقتصادي منافس و تحويل زبائنه باستعمال طرق غير‬
‫نزيهة كتبديد أو التخريب وسائله اإلشهارية و اختالس البطاقات أو الطلبيات و السمسرة غير‬
‫القانونية و إحداث اضطراب بشبكته للبيع‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلخالل بتنظيم السوق و إحداث اضطرابات فيه بمخالفة القوانين و‪/‬أو املحظورات‬
‫الشرعية وعلى وجه الخصوص التهرب من االلتزامات و الشروط الضرورية لتكوين نشاط أو‬
‫ممارسته أو إقامته‪.‬‬
‫‪ -8‬إقامة محل تجاري في الجوار القريب ملحل منافس بهدف استغالل شهرته خارج‬
‫‪12‬‬
‫األعراف و املمارسات التنافسية املعمول بها‪”.‬‬
‫واستنادا إلى نص املادة السالفة الذكر‪ ،‬تقوم دعوى املسؤولية من أعمال املنافسة‬
‫غير املشروعة بسبب وقوع الخطأ بصرف النظر عما إذا كان هذا الخطأ متعمدا يكشف عن‬
‫سوء نية فاعلة أو مجرد إهمال و عدم التبصر‪ ،‬ولذلك فال محل لقصر دعوى املنافسة غير‬
‫املشروعة على الحالة التي يتعمد فيها املنافس اإلضرار بمنافسه حيث تستمد هذه الدعوى إلى‬
‫‪13‬‬
‫ذات األساس الذي تستند إليه دعوى املسؤولية املدنية بصفة عامة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الضرر (انصراف العمالء عن املحل التجاري)‬
‫ال يمكن املطالبة بأي تعويض وفق دعوى املنافسة غير املشروعة إال إذا أدت أفعال‬
‫‪14‬‬
‫املنافسة غيراملشروعة إلى إحداث ضرر للتاجروفقا للقواعد العامة في املسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫و يعد عنصر الضرر املحور األسا�سي الذي تدور حوله الدعوى املنافسة الغير مشروعة‬
‫وجودا و عدما‪ ،‬والتي تخول للمضرورالحق في املطالبة بالتعويض‪ ،‬عن الضرر الذي أصابه من‬
‫جراء أفعال املنافسة الغيرمشروعة‪.‬‬
‫لهذا ال يتصور إقامة دعوى املنافسة الغير مشروعة دون وقوع الضرر‪ ،‬فاملبدأ املقرر في‬
‫رفع الدعاوى هو أنه ال دعوى بدون مصلحة‪ ،‬كما أن عنصر الضرر يميز املسؤولية املدنية عن‬
‫غيرها من أنواع املسؤولية األخرى‪ .‬فهو يميزها عن املسؤولية األدبية أو األخالقية‪ ،‬و هذه األخيرة‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪722‬‬
‫العدد العاشر‬ ‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫تقوم عند إخالل الشخص بقاعدة أخالقيـة‪ ،‬و هي تستـوجب جـزاءا أدبيا‪ .‬و على العكس نجد أن‬
‫املسؤولية املدنية ال تقوم إال إذا تجسد هذا اإلخالل في الضرر‪ ،‬يعني ذلك أن الضرر يعتبرالركن‬
‫الثاني من أركان املسؤولية التقصيرية يسبقه الخطأ و تلحقه الرابطة السببية وبغير الضرر ال‬
‫يمكن أن تتوافراملسؤولية‬
‫إال أنه نظرا للطبيعة الخاصة لهذه الدعوى‪ ،‬فإنه ال يمكن تطبيق القواعد العامة‬
‫للمسؤولية التقصيرية تماما على دعوى املنافسة غيراملشروعة‪ ،‬ألن الضرر املتصور من وقوعه‬
‫من جراء املنافسة غيراملشروعة يتمثل في انصراف العمالء عن املحل التجاري ونقصان أرباحه‪.‬‬
‫ففي مجال املنافسة غيراملشروعة ال يمكن إطالقا إثبات الضرر و إنما يكفي إثبات وقوع‬
‫أفعال املنافسة غير املشروعة لذلك يلجأ قا�ضي املوضوع إلى تقدير التعويض تقديرا جزافيا‬
‫متخلص ذلك من طبيعة أعمال املنافسة غير املشروعة‪ ،‬و هناك بعض الحاالت من أفعال‬
‫املنافسة غير املشروعة ال يترتب عليها أي ضرر و إنما تهدف الدعوى في هذه الحالة إلى إزالة‬
‫الوضع غيراملشروع بالنسبة للمستقيل‪ 15‬فقد يحدث أن يقع االعتداء على تنظيم العام للسوق‬
‫مثل مخالفة التشريعات السارية أو خرق للقواعد القانونية و االتفاقية التي تحكم التجارة في‬
‫سلعة معينة (كالسيارات مثال) أو حمالت الدعاية املنطوية على بيانات غير صحيحة‪ ،‬و يتأذى‬
‫من هذا االعتداء جميع التجارالذين يشتركون مع القائم بالعمل في نفس النوع التجارة دوت أن‬
‫تقع هذه األعمال على تاجربعينه دون أن تؤدي إلى اجتذاب و تحويل عمالء محل معين‪.‬‬
‫ففي هذه الحاالت يكون لكل تاجر رفع دعوى املنافسة غير املشروعة إلجبار املنافس‬
‫على الكف عن األعمال غير املشروعة التي يقوم بها دون أن يكلف بإثبات إصابته شخصيا بأي‬
‫ضرر‪ .‬و هو ما يؤدي بنا إلى القول بأن اشتراط وقوع الضرر و ضرورة إثباته الزم ال لقبول دعوى‬
‫‪16‬‬
‫املنافسة غيراملشروعة وإنما للحكم بالتعويض وتعد الدعوى هنا دعوى عالجية لجيرالضرر‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬العالقة السببية الخطأ و الضرر‬
‫كي يلزم من صدر عنه خطأ بالتعويض عن األضرار التي أحدثها للغير‪ ،‬يجب ن تكون هده‬
‫األضرارمتصلة بخطئه‪ 17‬هذا ممكن في حالة وقوع الضرر الفعلي‪ ،‬ولكنه يصعب في حالة الضرر‬
‫االحتمالي ‪.18‬‬
‫ال يكفي أن يقع الخطأ من الغير ثم يتحقق ضرر للمدعي بالحق املدني‪ ،‬و إنما يجب أن‬
‫تقوم عالقة السببية بين الخطأ و الضرر‪ ،‬أي أن يكون الضرر املطلوب التعويض عنه قد نشأ‬
‫عن ذلك الخطأ‪ ،‬فإذا لم تتوافرعالقة السببية بين الخطأ و بين الضرر املطالب التعويض عنه‪،‬‬
‫فال تقبل الدعوى املدنية ألن سبب الضرر غيرناتج عن وقوع هذا الفعل‪.‬‬
‫تعتبر دعوى املنافسة غير املشروعة دعوى عالجية‪ ،‬تتفق مع دعوى املسؤولية املدنية‬
‫في أنهما يهدفان إلى تعويض ما أصاب املدعى من ضرر محقق‪ ،‬ويشترط للحكم بالتعويض‬
‫قيام رابطة بسببية بين فعل املنافسة غير املشروعة (الخطأ) و الضرر الذي أصاب املدعي‪ ،‬أما‬
‫‪723‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬ ‫العدد العاشر‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫إذا كان الضرر احتماليا لم يقع بعد‪ ،‬فتعتبر دعوى املنافسة الغير مشروعة دعوى وقائية ألن‬
‫‪19‬‬
‫الهدف منها هنا الجير الضرر و إنما تالقي وقوعه في املستقبل كإجراء وقائي‪.‬‬
‫لذلك فإن القضاء يحكم في هذه الدعوى بالتعويض عن الضرر للمتضرر‪ ،‬فصال عن‬
‫إزالة الضرر بالنسبة للمستقبل‪ ،‬كالحكم بتغييراالسم أو العنوان التجاري أو مصادرة أو إتالف‬
‫‪02‬‬
‫البضائع التي تحمل العالمة التجارية املقلدة‪.....‬الخ‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫إن تكريس مبدأ املنافسة الحرة يعتبر من أهم العوامل التي تؤدي إلى خلق بيئة تنافسية‬
‫وفعالة وال يكون ذلك إال في إطار التزام جميع األشخاص الذين يمارسون نشاطا اقتصاديا في‬
‫السوق بأحكام القانون‪ ،‬فتحت تأثيراملنافسة يلجا املتعاملون االقتصاديون في غالبية األحيان‬
‫إلى مضاعفة قواهم االقتصادية في السوق عن طريق أساليب تنافى مع قواعد املنافسة الحرة‪،‬‬
‫بحيث يسعى هؤالء إلى تلبية حاجيات املستهلكين وتحقيق األرباح‪ ،‬مما يفرض عليهم بذل مجهود‬
‫مستمر في مجال البحث والتطوير واإلبداع ومن اجل تحقيق أق�صى ما يمكن من األرباح قد‬
‫يحاول البعض منهم إلى تقليص عدد منافسيهم أو إقصائهم من السوق بوسائل غير قانونية‬
‫الهدف منها الحد من املنافسة أو إلغائها‪.‬‬
‫تعتبر دعوى املنافسة الغير مشروعة وسيلة قضائية لحماية عمالء التاجر‪ ،‬فهي دعوى‬
‫تحمي حقا محددا هو ملكية املحل التجاري‪ ،‬وتتمثل هذه امللكية املعنوية الجديدة في حق‬
‫االحتفاظ بالعمالء ومن ثم تمت كل الوسائل املستخدمة لصرف العمالء اعتداء على هذا الحق‪.‬‬
‫وتستند دعوى املنافسة غير املشروعة على ذات األساس الذي تستند إليه دعوى‬
‫املسؤولية املدنية‪ ،‬ومن ثم يشترط قيام رابطة نسبية بين األعمال التي تعد منافسة غير‬
‫املشروعة وبين الضرر الذي أصاب املدعي و ذلك في الغرض الذي ترفع فيه دعوى املنافسة غير‬
‫املشروعة كدعوى عالجية لجير الضرر‪ ،‬أما إذا رفعت هذه الدعوى كدعوى وقائية ملنع ووقف‬
‫االعتداء فال يشترط إثبات رابطة النسبية‪.‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫‪ 1‬أحمد محمد محمود خلف‪ ،‬الحماية الجنائية للمستهلك في مجال عدم اإلخالل باألسعاروحماية املنافسة ومنع االحتكار‪ ،‬دارالجامعة‬
‫الجديدة ‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص‪.71‬‬

‫‪ 2‬أحمد محرز‪،‬الحق في املنافسة املشروعة ‪ ،‬بدون دارنشر‪،‬بدون سنة‪،‬ص‪.11‬‬

‫‪ 3‬بن زواوي سفيان‪ ،‬بيع املحل التجاري في التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة ماجستيرفي القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة قسنطينة‪،1‬‬
‫الجزائر‪ ،2013/2012 ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪ 4‬محمد الصالح فنينش‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2007/2006 ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪ 5‬األمر‪ 58-75‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‪ ، 1975‬املتضمن القانون املدني ‪ ،‬املعدل و املتمم ‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪724‬‬
‫العدد العاشر‬ ‫دعوى املنافسة غيراملشروعة كوسيلة قضائية لحماية‬
‫جوان ‪ 2018‬املجلد الثاني‬
‫حق امللكية املعنوية للمحل التجاري‬

‫‪ 6‬ميلود سالمي‪ ،‬دعوى املنافسة غير املشروعة كوجه من أوجه الحماية املدنية للعالمة التجارية في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة الدفاتر‬
‫السياسية و القانون‪ ،‬العدد ‪ ،2012 ،6‬ص ‪.180‬‬

‫‪ 7‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬حماية املحل التجاري عن طريق دعوى املنافسة الغير مشروعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،2001 ،‬‬
‫ص ‪105،106‬‬

‫‪ 8‬محمد حسين‪ ،‬الوجيزفي نظرية اإللتزام‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1981 ،‬ص ‪.149‬‬

‫‪ 9‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪ 10‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪ 11‬عبد هللا درميش‪ ،‬الحماية الدولية للملكية الصناعية و تطبيقاتها القانونية‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و‬
‫االجتماعية بالدارالبيضاء‪ ،1988 ،‬ص ‪،1121‬‬

‫‪ 12‬القانون رقم ‪ ،02/04‬املؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ ،2004‬املتعلق بالقواعد املطبقة على املمارسات التجارية‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد ‪،4‬‬
‫لسنة ‪2004‬‬

‫‪ 13‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬

‫‪ 14‬عبد هللا الخشروم‪ ،‬الحق في التعويض النا�شئ عن التعدي كوجه من وجوه الحماية املدنية للعالمة التجارية‪ ،‬دراسة في التشريع‬
‫األردني‪ ،‬مقال منشور في مجلة أبحاث اليرموك‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.703‬‬

‫‪ 15‬ماهرفوري حمدان‪ ،‬حماية العالمات التجارية‪ ،‬منشورات الجامعة األردنية‪ ،1999 ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪ 16‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145،176‬‬

‫‪ 17‬مصطفى العوجي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬املسؤولية املدنية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2007 ،‬ص ‪.285‬‬

‫‪ 18‬محمد صالح فنيش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪ 19‬كيالني عبدالراقي محمود‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪180،182‬‬

‫‪ 20‬محمد صالح فنيش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪725‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬

You might also like