Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫سجل الزوار جديد الموقع اتصل بنا‬ ‫الرئيسية‬

‫طريق العلم الشرعي‬


‫وصايا في شراء الكتب ‪ -‬الشيخ‪:‬‬
‫سليمان بن خالد الحربي‬

‫الصفحة الرئيسية »‬
‫كــــــــــــــــــلمات‬

‫وصايا في شراء الكتب ‪ -‬الشيخ‪ :‬سليمان‬


‫بن خالد الحربي‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل رب العالمين وصلى اهلل وسلم وبارك‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين‬
‫وسّلم تسليمًا كثيرًا ـ اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنًا‬
‫علمًا وعمًال يا كريم ـ‬
‫في البداية نشكر مكتب الدعوة في المحافظة‬
‫على حرصهم وتفانيهم في إعداد مثل هذه‬
‫الدورات العلمية الشرعية التي هي سلم للوصول‬
‫إلى العلم النافع وهي بادرة طيبة في اختيارهم‬
‫لعناوين الدورات‪ ،‬وحرصهم على أن تكون هذه‬
‫الدورات منطلقًا جيدًا وسليمًا وصحيحًا للوصول‬
‫إلى مبتغى طالب العلم‪ ،‬وموضوع هذه الجلسة‬
‫القصيرة هو في شراء الكتب‪ :‬وصايا لطالب العلم‬
‫في اقتنائها والحرص عليها‪ ،‬وما سأقوله لكم إنما‬
‫هو من ذهن كليل قليل التجربة ليس بمحيط‬
‫بذاك العلم وإنما هي مشاركة وعدم ضٍن بالعلم‬
‫لمن كان معه بعضه وال أخفيكم أن مثل هذه‬
‫الدورة وهذا العنوان محبٌب لنفوس طلبة العلم؛‬
‫ال سواء الملقي أو السامع؛ وذلك أن الملقي‬
‫والمتكلم في مثل هذا الموضوع ال يتكلف شيئًا‬
‫معدمًا وال يتكلم بحالل أو حرام وال يتكلم بشيء‬
‫فيه تبعة عظيمة كتبعة الكالم حول الحل‬
‫والحرمة والكالم في كالم اهلل جل وعال أو في‬
‫كالم رسوله ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ وال ريب أن‬
‫تكون جلستنا هذه مباسطة وانبساط وليس فيها‬
‫شديد الحذر في إطالق بعض الكالم‪ ،‬وأتذكر ما‬
‫ذكره المزي في تهذيب الكمال عند ترجمته لإلمام‬
‫الكبير العلم الحبر الجليل الذي كما قال ابن‬
‫المديني ـ رحمه اهلل تعالى ـ بأن اإلسناد يدور على‬
‫ستة رجال أحدهم عمرو بن دينار المكي التابعي‬
‫الجليل‪ ،‬يقول معمر ـ رحمه اهلل تعالى ـ كان عمرو‬
‫ابن دينار شديدًا يخاف ويحذر‪ .‬قال‪ :‬فإذا جاء‬
‫الطالب ليأخذ العلم لنفسه انقبض واكفهّر وإذا‬
‫جاء للمذاكرة والممازحة والمباسطة انبسط ألنه‬
‫ال يرى أن فيه هناك تبعة عظيمة والطالب أتى‬
‫ليتذاكر ال ليعمل وال ليستفيد في حل أو حرمة‬
‫ونحن في هذا المجلس ـ إن شاء اهلل ـ نذكر فيما‬
‫بلغ علمنا من قصص العلماء القدامى والمعاصرين‬
‫مما فتح اهلل تعالى عليهم به‪.‬‬
‫بداية الوصايا في شراء الكتب واقتنائها ـ‬
‫وأعتبرها أنها أعظم وصية وأهم دعامة لطالب‬
‫العلم ـ ‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون الكتاب أغلى من المال‪ :‬اجعل الكتاب‬
‫أغلى من المال عندك‪ ،‬ال تبخل بالمال خشية‬
‫إنفاقه على الكتب وكن عاشقًا للكتاب كما قال‬
‫الجاحظ في مقدمة كتاب الحيوان يقول‪ :‬من لم‬
‫يكن الكتاب عنده أغلى من عشق أصحاب القيان‬
‫(أصحاب الغناء) لغنائهم لم يبلغ العلم ولم‬
‫يحصل على العلم ولم يبلغ في العلم مبلغًا رصينًا‬
‫ألن الكتاب فيه تجربة عظيمة وفيه عقل كبير‬
‫جدًا وفيه اختصار سنوات عديدة طويلة من‬
‫الطلب‪ ،‬فتودد إلى هذا الكتاب‪ ،‬اعشقه‪ ،‬حاول أن‬
‫تصل إليه‪ ،‬إذا رأيت كتابًا تحبه ال يمنعك حب‬
‫المال أن تشتريه وإياك أن يكون الكتاب عندك‬
‫أقل حبًا من المال ولهذا ذكر ابن الجوزي كما نقل‬
‫عنه ابن مفلح في اآلداب الشرعية ؛ ذكر عن ابن‬
‫الجوزي أبي الفرج أنه قال‪ :‬عاشق الكتاب أشد‬
‫عشقًا من غيره يقول ونحن نرى عاشق الدنيا‬
‫والمحب يهيم في محبوبه ودائمًا يفكر فيه بل إنه‬
‫أحيانًا قد يبيع بيته ويرحل مسافات طويلة من‬
‫أجل معشوقه ومحبوبه قال فكيف بعاشق الكتاب‬
‫والمحب للعلم ينبغي له أن يكون أعظم عشقًا ‪،‬‬
‫ولهذا حقيقة في وقتنا هذا نرى المآسي الكبيرة‬
‫مما يندى له الجبين وترى طالب العلم يزعم وعند‬
‫نفسه أنه من العلماء وطلبة العلم الكبار وإذا‬
‫رأيته وسبرت حاله وجدت أنه ال يمّر على‬
‫المكتبات إال في الشهر مرة واحدة أو قل في‬
‫الشهرين مرة أو قل في الثالثة أو قل في السنة‪،‬‬
‫بل إنه من المآسي الكبيرة أن بعض الكليات‬
‫الشرعية هناك من الناس يذهب ويشتري المجلد‬
‫األول من حاشية ابن قاسم وتجده يصرف مئات‬
‫الرياالت على سيارته ودورانه وبنزينه ثم إذا كبر‬
‫وعقل ونضج وجلس بعد التخرج وبعد التدريس‬
‫جلس مجلسًا مع طلبة العلم عّد ل من شماغه ثم‬
‫قال‪ :‬واهلل الكليات ما تعطينا علم وال تفيدنا وال‬
‫حصلنا‪ ،‬درسنا في الشريعة وال حصلنا شيئا!!!‬
‫هذا كيف يكون؟! أنت أصًال ما أعطيت من نفسك‬
‫شيئًا فكيف تعطيك والعلم إذا أعطيته كلك‬
‫أعطاك بعضه فكيف وأنت لم تحرص على الكتب‬
‫ولم تشترها ولم تحاول أن تحوز الكثير منها ثم‬
‫تقول‪ :‬واهلل درسنا وال حصلنا هذه من المآسي‬
‫الكبيرة واألئمة رحمهم اهلل في تحصيل العلم‬
‫وفي شراء الكتب ضربوا أروع األمثلة كشعبة بن‬
‫بسطام المحدث الكبير أراد كتابًا فماذا فعل؟ ـ‬
‫رحمه اهلل تعالى ـ باع طست أمه؛ الطست الذي‬
‫نسميه طشت‪ ،‬والشين تبدل سينًا باع الطست‬
‫ليحصل على سبعة دنانير ليشتري كتابًا رحمه اهلل‬
‫تعالى بل إن الكلمة المشهورة التي يرددها كل‬
‫محدث (من طلب الحديث أفلس) ألنه ال يمكن أن‬
‫تحصل الحديث إال برحلة‪ ،‬وفي زماننا ال يمكن أن‬
‫تحصل الحديث إال بشراء الكتب والمسانيد‬
‫واألجزاء والفوائد والفرائد واألفراد والغرائب‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن تحصل على تخريج حديث واحد‬
‫تخريجًا متكامال حتى تكون الكتب أمام عينيك‬
‫وهذا ال يمكن إال بدفع مال عظيم‪ ،‬حتى إن شعبة‬
‫ـ رحمه اهلل ـ وشعبة ال يستغرب أنه بلغ من هذا‬
‫العلم المبلغ الكبير ـ رحمه اهلل تعالى ـ درس عند‬
‫الحكم بن عتيبة أحد األئمة ثمانية عشر شهر‬
‫فاحتاج النفقة واحتاج لشراء الكتب فذهب وباع‬
‫جذوع بيته تعرفون أن البيوت كانت أسقفها من‬
‫جذوع من خشب فذهب وباعها من أجل أن‬
‫يحصل هذه الكتب أين السفر وأين البذل؟!! يبيع‬
‫الثياب‪ .‬وأبو حاتم الرازي في مقدمته في الجرح‬
‫والتعديل وهي مقدمة رائعة جدًا ذكر ابن أبي‬
‫حاتم ابنه ذكر قصة محمد بن إدريس الرازي أبوه‬
‫ذكر شيئًا عجيبًا في سيرته في الطلب حتى أنه‬
‫باع ثيابه ـ رحمه اهلل تعالى ـ فال يمكن أن تحصل‬
‫هذا العلم والفلوس عندك غالية ال يمكن هذا أبدًا ‪،‬‬
‫هؤالء األئمة عرفوا مقدار الكتاب‪ .‬يا إخوان لو‬
‫قيل لك شيخ اإلسالم ابن تيمية في ذلك المكان‬
‫بآالف الكيلومترات لذهبت لتجلس معه ساعة وال‬
‫يعطيك إال علم ساعة وكتاب عظيم جدًا وكتب‬
‫كبيرة جدًا جمعت لك ثالثة أرباع كتبه كأنما هو‬
‫أمامك جالس فكيف تضن بالمال على حسابها ال‬
‫يمكن حقيقة أن اإلنسان يفرط في مثل هذه‬
‫العقول فاحرص أن تكون عاشقًا لكتب هؤالء‬
‫األئمة محبًا لها تريد أن تحصل عليها تريد أن ال‬
‫يعزب عنك أي كتاب لهذا اإلمام وابن القيم ـ‬
‫رحمه اهلل تعالى ـ كما في إعالم الموقعين عندما‬
‫تكلم عن اإلمام أحمد ـ رحمه اهلل تعالى ـ وتكلم‬
‫عن مسائله قال إن مسائله ال يمكن أن يحصيها‬
‫أحد لكثرتها وتالمذته كثر كما تعلمون قال‪:‬‬
‫وأحسب أني جمعتها مما هو موجود وبذلت فيها‬
‫شيئًا عظيما من أجل أن أحصل عليها‪ .‬مالذي‬
‫جعله يكابد ويرحل ويسافر ويشتري إال ألجل‬
‫عشقه للكتاب ومعرفته ألهميته ومعرفته أن‬
‫اإلنسان ال يمكن أن يبلغ العلم وهو ال يحصل على‬
‫الكتاب وال يعرف الكتب وال يجد عنده رغبة أن‬
‫يقتني هذه الكتب ويقول أذكر أن عند فالن هذا‬
‫الكتاب فال حاجة لشرائه ‪ .‬هذا مما ينافي تكميل‬
‫بنية طالب العلم ولهذا ابن حزم الظاهري ـ رحمه‬
‫اهلل تعالى ـ وله كالم طويل جدًا في الطلب كما‬
‫تعلمون يقول‪ :‬من دعائم طالب العلم االستكثار‬
‫من الكتب‪ .‬ال بد أن يكون مكثرًا من شراء الكتب‬
‫وفي معرفتها وفي الحصول عليها حتى يحاول‬
‫أن يستفيد من تجربة هؤالء األئمة‪ .‬وأذكر من‬
‫الطرائف أن أبا العالء الهمذاني عندما توفي أبو‬
‫منصور موهوب الجواليقي المشهور صاحب كتاب‬
‫المعرب؛ وموهوب الجواليقي هو شيخ ابن‬
‫الجوزي ـ رحمه اهلل تعالى ـ ينقل عنه كثيرًا في‬
‫زاد المسير نعم بيعت كتب أبي منصور الجواليقي‬
‫فحضر أبو العالء الهمذاني فكان فيه بعض كتبه‬
‫أحبها فأراد أن يشتريها لكنها غالية وكان السعر‬
‫قد وصل السوم إلى ست مئة درهم وليس معه‬
‫فقام واشتراها ـ رحمه اهلل ـ وكان اإلنظار‬
‫ألسبوع‪ ،‬يعني لك إنظار أنك تذهب وتأتي بالنقود‬
‫بأسبوع واحد وتحجر الكتب فإن لم تأت بعد‬
‫أسبوع حجزت الكتب فإن لم تأت بعد أسبوع‬
‫أخذت منك الكتب فذهب إلى همذان ـ رحمه اهلل‬
‫تعالى ـ وحّر ج على بيته ـ رحمه اهلل ـ فلما بدأ‬
‫الحراج مئة مئتين حتى وصل إلى ست مئة قال‪:‬‬
‫يكفي‪ .‬قالوا يا إمام تأتي بأكثر قال‪ :‬ال الكتب‬
‫تطير يعني تذهب أنا أخشى أن أتأخر اآلن يعني‬
‫لو جلست يومًا أو يومين أو ثالثة زاد السعر جاء‬
‫من يشتريه بأكثر قال يكفي فأخذ النقود وذهب‬
‫إلى الكتب واشتراها ودفع الثمن‪ .‬حقيقة هذه‬
‫النماذج عندما تقرأها وتسمعها يخجل اإلنسان‬
‫من نفسه ال سيما ونحن اآلن لسنا بحاجة‬
‫كحاجتهم ولسنا في عوز كعوزهم‪ .‬األوائل كان‬
‫طلب العلم معروف بأنه مصاحب للفقر هذا‬
‫معروف عندهم لكن نحن ما عندنا هذا وهلل الحمد‬
‫والمنة‪ ،‬يعني اإلنسان يستطيع أن يشتري الكتب‬
‫الكثيرة وما يضره شيئًا ولهذا اإلمام الشافعي ـ‬
‫رحمه اهلل تعالى ـ له كالم كثير في ذكر أن الفقر‬
‫إياك أن يكون حاجزا لك أمام شراء الكتب وأمام‬
‫طلب العلم كان يقول كلمته المشهورة يقول‪ :‬ال‬
‫يكون طلب العلم إال ببذل النفس وشظف العيش‬
‫وخدمة العلماء) من فعل هذا فقد أفلح وأبياته‬
‫المشهورة تحفظونها يقول‪:‬‬
‫وفيضي آبار تبريز‬ ‫جبال‬ ‫لؤلؤًا‬ ‫أمطري‬
‫سرنديب‬

‫وإذا مت لست‬ ‫أنا إن عشت لست أعدم‬


‫قبرا‬ ‫قوتًا‬

‫نفس حر ترى ا‬ ‫همتي همة الملوك ونفسي‬


‫كفرا‬

‫أزور‬ ‫فلماذا‬ ‫وإذا ما قنعت بالقوت‬


‫وعمرًا‬ ‫يومي‬

‫يقول‪ :‬ما أنا بحاجة إلى الملوك والسالطين ما‬


‫دام عندي قوتي فإنه يكفيني‪.‬‬
‫وأذكر أن امرأة عاتبت زوجها كثرة شرائه‪ ،‬وأنه‬
‫كان ال يشتري لها شيئًا في مقدار ما يشتري من‬
‫الكتب فقال أبياتًا ‪:‬‬
‫وقائلة أنفقت في الكتب ما حوت يمينك من‬
‫ماٍل فقلت دعيني‬
‫لعلي أرى فيها كتابًا يقودني ألخذ كتابي آمنًا‬
‫بيمين‬
‫هي تلومه تقول‪ :‬كيف تشتري كتبا ونحن في‬
‫حاجة‪ .‬فيقول‪ :‬وقائلٍة أنفقت في الكتب ما حوت‬
‫يمينك من مال فقلت دعيني يعني اتركيني هذا‬
‫هو همي‪.‬‬
‫وابن الملقن رحمه اهلل تعالى ـ ممن ذكر بأنه‬
‫صاحب مكتبة عظيمة‪ ،‬ابن الملقن المحدث الكبير‬
‫ومن قرأ كتابه البدر المنير عرف فعًال كبر مكتبته؛‬
‫البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير‬
‫حوى كتبًا عظيمة جدًا ‪ ...‬حصلها قالوا من‬
‫أسباب تحصيل هذه الكتب قالوا يسر حاله وقلة‬
‫عياله واهلل المستعان‪ .‬يعني يقول عنده نقود‬
‫وقلة العيال‪ ،‬يعني العيال يأخذون شيئًا كبيرًا‬
‫فكيف بزمننا هذا واهلل المستعان‪ .‬نعم كان عنده‬
‫مكتبة كبيرة وكان عنده من أمهات الكتب الشيء‬
‫الكثير ـ رحمه اهلل تعالى ـ حتى إنه في آخر عمره‬
‫ـ رحمه اهلل تعالى ـ احترقت بعض كتبه رحمه اهلل‬
‫وتحّس ر عليها الحافظ ابن حجر؛ تحّس ر على هذه‬
‫الكتب قال‪ :‬إنه ال يمكن أن يحوزها شخص فلما‬
‫احترقت فاتنا الشيء العظيم وخيرًا كثيرًا حتى‬
‫إنه قال أبياتًا ابن حجر يواسيه‪:‬‬
‫ال يزعجنك يا سراج الدين أن *** لعبت بكتبك‬
‫ألسن النيران‬
‫هلل قد قَّر بتها فُت قبلت *** والنار مسرعة إلى‬
‫القربان‬
‫فإن الشيء إذا قبله اهلل جل وعال والقربان فإنه‬
‫يحترق قال‪ :‬إنها عندما احترقت اآلن فإن اهلل‬
‫جل وعال قد قبلها قربان كما تعلمون أن الغنائم‬
‫كانت من قبل تحترق إذا قبلت فيقول والنار‬
‫تحرق القربان المقبول فال يزعجنك هذا فإن اهلل‬
‫جل وعال قد قبل مكتبتك‪ .‬هذه يا إخوان أردت‬
‫من خالل الوصية األولى أن نستشعر قضية أن‬
‫شراء الكتب وإن كان فيه بذل للمال إال أنك ال بد‬
‫أن تبعد عن نفسك هذه النظرة فإن بذل المال‬
‫عربون لطلب العلم عربون لتحصيل العلم إياك أن‬
‫تعتقد أن هذا المال الذي تنفقه تقول قد ال‬
‫أستفيد من الكتاب أو قد أقرأه وال مرة أو لو‬
‫ادخرته بشيء آخر يمكن أستفيد منه ال يأتيك‬
‫هذا الوهم من الشيطان ولقد رأينا كثيرًا من‬
‫الناس يشتري كتابًا ال يعرف ما فيها فأصبحت‬
‫بأمر اهلل سببًا لتحصيله واهلل إني أعرف أشخاصًا‬
‫ليس عندهم وظيفة وليس عندهم دخل ومع هذا‬
‫يشترون الكتاب قبل أن نشتريه ونحن على قدرة‪.‬‬
‫ما الذي جعلهم يفعلون هذا إال ألنهم عرفوا أن‬
‫الكتاب عربون لتحصيل العلم كلما أنفقت المال‬
‫واهلل جل وعال رأى منك الصدق واإلخالص رأى‬
‫أنك فعًال قدمت أغلى ما تملك من أجل هذا العلم‬
‫فإذا أعطيت هذا المال وهو المحبوب إليك من‬
‫أجل تحصيل هذا العلم فإنه قربة وطاعة وسبب‬
‫شرعي لتحصيل هذا العلم‪.‬‬
‫هذه الوصية األولى ال أريد أن أطيل فيها وإال‬
‫فإن في سير األئمة حقيقة من تحصيل الكتب‬
‫الشيء العظيم جدًا ‪.‬‬
‫‪1‬ـ الوصية الثانية‪ :‬اإلخالص وتحسين النية عند‬
‫شراء الكتاب‪ .‬كم من الناس حقيقة يشتري‬
‫الكتاب ليقال عنده مكتبة وكم من الناس من‬
‫يشتري الكتب ويحرص على الكتب ليقال يعرف‬
‫الكتب وهذه الشهرة ـ نسأل اهلل السالمة‬
‫والعافية ـ مذمومة واإلنسان ما الذي جعله يدفع‬
‫ماله ونقوده إال ألجل أن يحصل العلم فلماذا‬
‫يفسده؟ حاسب نفسك دائمًا ‪ ،‬حاول كلما اشتريت‬
‫كتابًا أو دخلت مكتبة أن ال يأتيك وارد الرياء أو‬
‫وارد الشهرة وإذا جلست في مجلس إياك أن‬
‫تتكلم بالكتب من أجل أن يقال عارف أو ألجل أن‬
‫يقال إنه متخصص في معرفة الكتب فإن هذا‬
‫كما تعلمون محبط للعمل نسأل اهلل السالمة‬
‫والعافية ـ وصاحبه ال يوفق وال يعان إذا لم يكن‬
‫الشيء هلل جل وعال ـ فنسأل اهلل السالمة‬
‫والعافية ـ ليس له حض في الدنيا وال في‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الوصية الثالثة‪ :‬ـ وهي وصية نافعة جدًا ـ ال‬
‫تالزم بين شراء الكتاب وبين معرفة الكتب‪ .‬ال‬
‫تالزم بينهما‪ ،‬أكثر الناس ال يعرف الكتاب إال الذي‬
‫عنده ال يعرف من الكتب إال ما اشتراه وهذا خطأ‬
‫كبير نراه حتى عند المبتدئين ‪ ،‬خاصة عند من ال‬
‫يكون عندهم دخل لشراء الكتب أو يكون ليس‬
‫عندهم بقربهم مكتبات تجد أنه ليس عنده طموح‬
‫في معرفة الكتب ولو لم يكن يشتريها‪ ،‬هذا غلط‬
‫فينبغي لطالب العلم أن يكون عارفًا بالكتب عارفًا‬
‫بأسمائها عارفًا بمحتواها بماذا تبحث بغض النظر‬
‫عن اشترائها ليس من المستحسن لطالب العلم أن‬
‫يدخل المكتبة فيبحث عن كتاب واحد وهو يريده‬
‫وال ينظر إلى الكتب األخرى أو يدخل في معرض‬
‫الكتاب ومعه فقط أسماء كتب يسأل عنها وال‬
‫ينظر إلى ما في المكتبة‪ ،‬ينبغي لطالب العلم أن‬
‫يكون عارفًا بالكتب بغض النظر عن وجودها‬
‫عنده أو عدمه‪ ،‬تعرف الكتاب الفالني يبحث في‬
‫ماذا‪ ،‬الكتاب الفالني من مؤلفه‪ ،‬العلم الفالني ما‬
‫هي الكتب التي فيه‪ ،‬نعم بعد أيام تكون عندك‬
‫حصيلة عظيمة جدًا بحيث أنك تستطيع فيما بعد‬
‫أنك تشتري أفضل الكتب‪ ،‬لكن إذا كان عندك‬
‫فقط أنت عرفت كتاب الروض المربع فقط تذهب‬
‫وتشتري الروض المربع ثم تأتي إلى البيت ال‬
‫تعرف ما هي أقران الروض المربع ما هي‬
‫حواشيه ما هي مختصراته ما هي اإلضافات التي‬
‫عليه‪ ،‬هذا كله يهمك الذي يهمك أنك تشتري‬
‫الروض المربع وتأتي إلى بيتك‪ ،‬وبالعكس ينبغي‬
‫لطالب العلم قبل أن يشتري الكتاب أن يتعرف‬
‫على الكتب ولو لم يكن عنده هذا الكتاب يدخل‬
‫إلى المكتبة فينظر في الكتب التي عنده قد‬
‫يدخل إلى معرض الكتاب فيقرأ في أسماء الكتب‬
‫ومحتواها وأنا أعرف أناسا كثيرين يذهبون إلى‬
‫معرض الكتاب الدولي وال يخرج إال بكتابين وهو‬
‫يجلس يومين كاملين وهو يدور على هذه الكتب‬
‫نعم قد يكون لقلة ذات اليد ال يستطيع أن‬
‫يشتري أو أشياء أخرى لكنه لم يمنعه هذا أن‬
‫أ‬ ‫ًا‬ ‫أ‬
‫يتعرف على الكتب وأنا ألكون صريحًا معكم أرى‬
‫قصورًا صريحًا عند طلبة العلم في معرفة الكتب‬
‫كثير من الطلبة يرى نفسه تجاوز مرحلة البداية‬
‫وهو من المتوسطين تجد أنه ال يستطيع أن يذكر‬
‫في المذهب الحنبلي إال كتابين مثًال اسم الكتاب‬
‫واسم المؤلف أو في أصول الفقه مثًال أو في‬
‫النحو أوفي اللغة أو في العقيدة ‪ ،‬ينظر ما هي‬
‫كتب اللغة ما هي كتب النحو بخاصة‪ ،‬ما هي‬
‫كتب الصرف ما هي كتب األصول ما هي كتب‬
‫التفسير‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية عندما تكلم عن‬
‫مسألة الرؤية قال‪ :‬إني راجعت مئة تفسير‪ .‬كيف‬
‫تكونت هذه الحصيلة إال بسبب هذا السن الطويل‬
‫والعمر المديد في متابعة الكتب ومعرفتها‬
‫والحرص على الحصول عليها وكيف يكّو ن الشاب‬
‫هذه الملكة‪ .‬معرفة الكتب كما قلت من خالل‬
‫زيارة المكتبات‪ ،‬من خالل زيارة المعارض‪ ،‬من‬
‫خالل زيارة المكتبات الخاصة في المساجد‬
‫يذهب ويجلس فيها يقرأ ويتأمل الكتاب ويتعرف‬
‫عليه ويعرف ما فيه حتى تتكون عنده ملكة‬
‫معرفة الكتب‪.‬‬
‫أيضًا من فوائدها أنها تفيدك في مسألة اقتناص‬
‫أفضل الكتب وما الذي يغني عن كتاب آخر؛ هذا‬
‫يغني عن هذا وهذا يغني عن هذا‪ ،‬يفيدك في‬
‫معرفة الصلة والعالقة بين الكتب‪ ،‬فمثًال كتاب‬
‫التعليق الكبير للقاضي أبي يعلى محمد بن‬
‫الحسين اإلمام الحنبلي المشهور له كتاب التعليق‬
‫الكبير في الخالف بين األئمة جاء ابن الجوزي ـ‬
‫رحمه اهلل تعالى ـ فألف كتابا وقال في مقدمته‪:‬‬
‫إنني سئلت أن أذكر الحكم على هذه األحاديث‬
‫الموجودة في كتاب القاضي أبي يعلى وأسانيدها‬
‫وما هي من صحتها ومن ضعفها وما المشهور‬
‫فيها وما الذي ليس له أصل فماذا فعل؟ ألف كتابا‬
‫اسمه التحقيق في أحاديث التعليق‪ ،‬التحقيق البن‬
‫الجوزي‪ ،‬والتعليق للقاضي أبي يعلى ثم قام‬
‫وأسند األحاديث التي استطاع أن يسندها لكل‬
‫حديث ذكره القاضي أبي يعلى بذكره عن أبي‬
‫هريرة عن زيد ذكر إسناده إلى نفسه انتهى من‬
‫الكتاب‪ ،‬جاء بعده ابن عبد الهادي ـ رحمه اهلل‬
‫تعالى ـ فلما رآه وجد ابن الجوزي ضعيف في‬
‫مسألة التصحيح والتضعيف وهناك بعض‬
‫األحادي المعللة‪ ،‬ما ذا فعل؟ ألف كتابًا اسمه‬
‫تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق‪ ،‬تواصل بين‬
‫الكتب؛ لما يأتي طالب العلم ويشتري التنقيح ما‬
‫يدري ما أصله أو يشتري التحقيق وال يدري ما‬
‫الكتب التي خدمته مثًال‪ ،‬ال بد أن يكون طالب‬
‫العلم عنده تواصل مع الكتب معرفة القرابة بين‬
‫كل كتاب ما الكتاب الذي استفاد من اآلخر‪ ،‬لّم ا‬
‫آتي إلى مقدمة ابن الصالح أعرف العالقة بين‬
‫الكتب يقرب لهذا الكتاب إن سميناها صلة أكثر‬
‫من مئة كتاب كلها تدور حوله تدور على هذه‬
‫المقدمة‪ ،‬طالب العلم لما يريد أن يشتري هذا‬
‫الكتاب فيعرف التواصل بين هذه الكتب ما ذا‬
‫يفعل؟ يقتني األفضل ويقتني األشمل ويقتني‬
‫أ‬
‫الذي بعضه يغني عن غيره‪ ،‬لّم ا تأتي إلى مقدمة‬
‫ابن الصالح مثًال وترى أنها جمعت أكثر كتب‬
‫الخطيب البغدادي مثًال لما تأتي إلى المقدمة‬
‫فترى أنها قد ُش رحت استفدت صلة‪ ،‬ترى أنها قد‬
‫اختصرت‪ ،‬شرحها العراقي وشرحها ابن حجر في‬
‫كتابه النكت‪ ،‬يأتي الواحد ويشتري كتاب النكت‬
‫البن الصالح ويقول عندي شرح لمقدمة ابن‬
‫الصالح‪ .‬ال ‪ ،‬الكتاب ليس مكتمًال بشرح المقدمة‪،‬‬
‫أنت عندك نقص وأنت ال تدري‪ ،‬لكن لو كنت‬
‫تعرف الكتب استطعت أن تشتري كتابًا شرح‬
‫المقدمة كاملة لما تأتي إلى الوجيز البن أبي‬
‫السري الحنبلي مختصر في الفقه الحنبلي وتأتي‬
‫وتشتري شروحه وتأتي إلى كتاب شرح العزيز‬
‫علي بن البهاء الحنبلي وتظن أنك اقتنيت كتابًا‬
‫كامًال في شرح الوجيز وهو غير كامل لما تأتي‬
‫وتشتري صحيح البخاري ثم تنظر في المكتبة‬
‫فتجد فتح الباري شرح صحيح البخاري البن‬
‫رجب الحنبلي ثم تقول‪ :‬الحمد هلل عندي شرح‬
‫لصحيح البخاري هذا غير كامل‪ ،‬يعني طالب‬
‫العلم لما يأتي فقط وليس عنده تواصل مع‬
‫الكتب ومعرفة لها عند الشراء قد ال يشري‬
‫األفضل فليس معنى هذا فقط أنك تشتري‬
‫الكتاب وال تعرف الذي عندك وإنما ال بد أن تعرف‬
‫الكتب وتعرف محتوياتها كما قلت‪ :‬ال تالزم بين‬
‫معرفة الكتب وبين امتالكها وشرائها‪.‬‬
‫الوصية الرابعة‪ :‬ابدأ بأصول الكتب والعلوم‪.‬‬
‫هذه من الوصايا النافعة والمهمة؛ عندما تشتري‬
‫كتابًا وتكّو ن مكتبة ابدأ مباشرة بأصول العلوم‬
‫التفسير يكون عندك كتابًا ثم تنظر إلى هذا‬
‫الكتاب ما الذي تشتري منه؟ اشتر األصل اشتر‬
‫الكتاب الذي تعتقد أنك ستنتفع منه انتفاعًا‬
‫عظيمًا ‪ ،‬لّم ا تأتي إلى الفقه اشتر األصل الذي تظن‬
‫أنه سينفعك ويفيدك لما تأتي إلى الحديث اشتر‬
‫الكتب التي تحس أنك ستنتفع بها مثل الكتب‬
‫الستة‪ ،‬ال تدخل في التفسير معك أربعة آالف أو‬
‫خمسة آالف وتجعلها كلها في علم التفسير ثم‬
‫تقول سأنتظر سنة سنتين حتى يتكون عندي‬
‫نقود هذا ليس من المنهجية الصحيحة حاول أن‬
‫تكّو ن مكتبة في أصول العلوم خذ في النحو‪ ،‬خذ‬
‫في اللغة؛ المعاجم‪ ،‬خذ في الفقه‪ ،‬خذ في‬
‫التفسير خذ في األصول خذ في الحديث فإذا ما‬
‫جاءتك أي مسألة وإذا عندك من الكتب ما يفيدك‬
‫كذلك أضف إلى ذلك الكتب التي تدرسها عند‬
‫شيوخك بمعنى أنا أدرس اآلن زاد المستقنع عند‬
‫الشيخ نعم من األهمية بمكان أن تسأل الشيخ ما‬
‫الكتب التي ستنفعني في دراسة هذا الكتاب‬
‫بمعنى أنك تأتي إلى الشيخ وتقول أنا واهلل عندي‬
‫الزاد وأحضر درسك لكن ما هي الكتب التي‬
‫ستعينني على فهم الكالم ومراجعة المسائل‬
‫فيذكر لك كتابًا أو كتابين أو ثالثة تراجع بها‬
‫وتحّض ر منها وتفيد وتزيد منها كذلك لو كان عند‬
‫درس في العقيدة الواسطية معك المتن تأتي إلى‬
‫الشيخ وتحضر‪ .‬الشيخ ال يذكر لك كل شيء‬
‫أ‬
‫فتأتي إلى الشيخ تقول ما هي الكتب التي‬
‫تنصحني أن أقتنيها من أجل أن أزيد في‬
‫المعلومة وفي الفائدة فيذكر لك شرح فالن‬
‫وشرح فالن ثم تقتنيها وتذهب بها معك فإذا ما‬
‫انتهى الدرس رجعت إلى هذه الكتب واستفدت‬
‫وزدت وقيدت ونقحت‪ .‬هذه من أوائل ما يجب‬
‫على طالب العلم أن يعتني به عند شراء الكتب‬
‫أصول العلوم كذلك ما يدرسه عند الشيوخ أنت‬
‫تدرس عند الشيخ اآلجرومية مباشرة أسأل ما‬
‫هي أفضل الشروح لهذا المتن أيضًا ما هي الكتب‬
‫التي قد تساعد في فهم هذا المتن وهكذا تأتي‬
‫إلى التفسير فإذا بك قد كونت مكتبة قليلة في‬
‫التفسير فإذا بدأ الشيخ في الفقه وزاد كتابًا أو‬
‫كتابين أو ثالثة فإذا بك قد أضفت إلى المكتبة‬
‫كتابًا أو كتابين وإذا بدأ في علم الحديث أو‬
‫المصطلح وبدأ في النخبة فقال اشتر كتاب كذا‬
‫وكذا إذًا أضفت معلومة وكتابًا إلى هذا تجد أنك‬
‫قد بدأت تكّو ن مكتبة ليس فقط تكوين وتجمعها‬
‫وإنما كتابًا مع المراجعة والمذاكرة والمدارسة‬
‫رجعت إليه والكتب التي عندك قد رجعت إليها‬
‫وقرأت أغلبها واستفدت منها لكن المالحظ من‬
‫بعض طلبة العلم أن يحضر للشيخ وليس عنده‬
‫في بيته أي كتاب يساعده‪ ،‬تجد عنده كتب‬
‫عظيمة جدًا لكن ليس عنده كتاب يفيده في هذا‬
‫المتن الذي يدرسه على شيوخه وهذا أيضًا من‬
‫القصور‪.‬‬
‫الوصية الخامسة‪ :‬االستشارة عند شراء الكتب‪.‬‬
‫على طالب العلم أن ال يعتد بنفسه يدخل المكتبة‬
‫ويشتري ما الح له ونظر إليه دون أن يعرف‬
‫الكتاب دون أن يعرف طبعات الكتاب دون أن‬
‫يعرف ما يغني عنه هذا الكتاب دون أن يعرف‬
‫هل حقق الكتاب أم لم يحقق؟ ولهذا من الخطأ‬
‫الذي نراه ندخل بعض المكتبات فتجد بعض‬
‫الناس يشتري طبعة وبجانبها الطبعة التي‬
‫تساويها بوزنها نقودًا ‪ ،‬لكن لّم ا كان جاهًال ال‬
‫يستطيع أن يمّي ز بين الجيد والرديء والنسخ‬
‫العتيقة والنسخ الجيدة والنسخ المحافظ عليها‬
‫المراجعة والمحققة من أناس لهم باع طويل في‬
‫هذا ال يدري‪ ،‬ومن قرأ كتاب اإلنصاف للمرداوي‬
‫رأى شيئًا عجيبا في إمامة هذا الرجل علي بن‬
‫سليمان المرداوي عجيب عندما أراد أن يشرح‬
‫المقنع أول ما فعل امتالك نسخ المقنع أول ما‬
‫فعل ولهذا تجد العشرات من المراجع في أثناء‬
‫الكتاب ويقول هذه نسخة مقروءة على الشيخ‬
‫ابن قدامه وهذه النسخة منقولة من الشارح وقد‬
‫رأيت في نسخة أخرى عندما يأتي إلى مسألة‬
‫ويجد فيها اختالف نسخ في المقنع يرجع إلى‬
‫األصول وينظر حتى يكون ما كتبه صحيحًا وال‬
‫يهتم بأن معه المقنع وال يدري وش النسخة التي‬
‫معه هل قال ابن قدامه وعليه يضمن مثله‪ ،‬أو‬
‫قال‪ :‬ويضمن قيمته كما في باب الغصب قال في‬
‫النسخة مقروءة على ابن قدامه ويضمن مثله‬
‫وفي نسخة أخرى للشارح ويضمن قيمته‪ .‬وقس‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫على ذلك أشياء كثيرة عندما تقرأ له رحمه اهلل‬
‫تعالى ـ في اإلنصاف يتجلى لك العناية الفائقة‬
‫عنده في حرصه على امتالك النسخ الصحيحة‬
‫النسخ العتيقة النسخ التي عندما يقرأها طالب‬
‫العلم يتأكد أن هذا هو كالم المؤلف ليس فيه‬
‫تزوير وال تستغربوا هذا الكالم عنه في زمن كثر‬
‫فيه الكذب والدجل في طباعة الكتب نرى أشياء‬
‫مخجلة جدًا وال يخفاكم مثل هذا دون أن نضرب‬
‫أمثلة التزوير وإدخال بعض النصوص في الكتاب‬
‫وهذا ليس جديدًا ولكنه كثير وإال اآلن في كتب‬
‫شيخ اإلسالم ـ رحمه اهلل تعالى ـ بعض ما دس‬
‫في كتبه من المتصوفة ومن المخالفين فكيف‬
‫بطالب يدخل المكتبة فيشتري الكتب دون أن‬
‫يستشير هناك أناس يتخصصون في الطبعات‬
‫يعرفون المحققين يعرف المحقق الجيد والمحقق‬
‫الرديء يعرف المحقق الذي ال يعتني بالنسخة‬
‫الخطية وكم من أناس يطبع صورة في أول‬
‫الكتاب لنسخة خطية وهو ما نظر إليها وال رآها‬
‫وال يعرف كم عدد صفحاتها وإنما هو الكذب من‬
‫أناس معروفين في هذا لكن لما تأتي الكتاب‬
‫وتجد عليه تحقيق فالن فإذا هو ثقة مشهور‬
‫بالعناية والدقة ‪ ،‬وهذا ال يمكن إال باالستشارة‬
‫تستشير طالب العلم عن أفضل الطبعات ال تقول‬
‫واهلل ما يحتاج‪ .‬استشر في أفضل الطبعات‬
‫وأفضل المحققين‪.‬‬
‫الوصية السادسة‪ :‬إياك وكتب أهل البدع‪.‬‬
‫السيما طالب العلم المبتدئ والسيما من لم تتميز‬
‫أهل بدعته حتى اآلن من المعاصرين مثًال أشد ما‬
‫على طالب العلم انتكاسة أن يقتني كتب أهل‬
‫البدع ولهذا إذا أردت أن تشتري كتابًا فاسأل عن‬
‫كتب العلماء األئمة المعروفين الذين ال يؤثرون‬
‫على عقيدتك ألن لكل صاحب بدعة؛ بدعته أخاذة‬
‫صاحب شبهة ولوال شبهة هذه البدعة لما ظل هذا‬
‫العالم الكبير المتأهل لكنها أخاذة آتي أريد أن‬
‫أشتري شرحا لكتاب التوحيد أو شرح العقيدة‬
‫الواسطية مثًال ال أذهب إلى شخص ما تمّي ز‬
‫ويكون عنده أشعرية فيلبس علي في بعض‬
‫األشياء نعم أو عنده بدعة أخرى فيؤثر على في‬
‫هذا فأحرص على أن أقتني كل كتاب صاحبه‬
‫معروف بالسالمة من البدعة ولهذا أئمة الدعوة ـ‬
‫رحمهم اهلل ـ في الدرر السنية وغيرها عندما‬
‫يأتون في التفاسير للكالم عن آية يقول وقال‬
‫بعض المفسرين إذا قال وقال بعض المفسرين إذ‬
‫هي إلى الزمخشري ما يميزه ـ رحمه اهلل ـ يخاف‬
‫أن يغش الطالب يخاف أن يغش ألنه طبعًا هو‬
‫معروف بمعرفته اللغوية وثرائه اللغوي ومعرفته‬
‫لمناسبة اآليات هذا شيء مشهور عنه رحمه اهلل‬
‫الزمخشري نعم لكن صاحب بدعة اعتزال وأمره‬
‫مشهور بين الناس فتجد هذا اإلمام النجدي‬
‫يقول‪ :‬وقال بعض المفسرين وبعضهم ال يسميه‬
‫حتى من المفسرين يقول‪ :‬وقال بعض الناس فإذا‬
‫رجعت إلى الزمخشري فإذا هو بالنص‪ ،‬يعني أن‬
‫طالب العلم كلما رأى الزمخشري يقول‪ :‬هذا عالم‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫كبير الزم أقتني كتبه هذا يضره‪ .‬نعم المتأهل‬
‫الذي يستطيع أن يدفع الشبهة‪ .‬المتأهل العالم‬
‫الكبير يشتري كتبه ما فيه إشكال‪ .‬ولهذا مما‬
‫يساعد في فهم هذه القضية أن صاحب البدعة‬
‫عندما يتكلم عن بدعته ال يجابهك بها مباشرة‬
‫أحيانًا يتفنن في إلقائها؛ يلقيها بطريقة تجعلك‬
‫كأنك أنت الذي فهمتها والمؤلف ما انتبه لها‬
‫فتتبناها لتنسب إليك مثل فتقول أنا اهلل الذي‬
‫عرفتها وصلت إلى هذا وهذا واهلل مشاهد‬
‫معروف والشبهة أخاذة وانظر إلى شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية وأختم بهذه القصية البن القيم ـ رحمه‬
‫اهلل ـ في إعالم الموقعين يقول ابن القيم رحمه‬
‫اهلل‪ :‬أنفع ما استفدته من شيخ اإلسالم فائدة‬
‫(تخّي ل ابن القيم يحصر الفوائد بفائدة من شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية ـ ابن تيمية من يستطيع أن‬
‫يحصر فوائده كل فائدة أعظم من األخرى) ولهذا‬
‫قال ابن القيم رحمه اهلل جلست مع شيخ اإلسالم‬
‫جلست أذكر له الشبه كيف ترد على كذا ماذا‬
‫تقول في كذا شبه اعتراضات وشيخ اإلسالم‬
‫يجيب فلما انتهى ماذا قال شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية قال البن القيم‪ :‬ال يكن قلبك مثل األسفنجة‬
‫تمتص الشبه أنت اآلن حافظها وعارضها‬
‫واستطرادك لها كأنها محفوظة أمام عينيك وهذه‬
‫هي المشكلة ال يكن قلبك مثل األسفنجة فتتشرب‬
‫لكل شبهة وإنما اجعل قلبك كالزجاجة قلبك‬
‫داخل الزجاجة حصين ينظر إلى الشبه من‬
‫الخارج دون أن تدخل إلى الشبه التي يراها ال‬
‫تستطيع أن تدخل عليه ومحمي منها لكن‬
‫األسفنجة مهما عصرتها تريد أن تخرج هذه الشبه‬
‫لو أخذنا صابون ووضعناه في األسفنجة فإنك‬
‫تعصر وتعصر صابون تعجز تنقيها فوصيتي لطلبة‬
‫العلم أن يقتنوا الكتب الخالية من هذا‪ ،‬نحاول‬
‫دائمًا أن نسأل‬
‫الوصية السابعة‪ :‬اهتم بالمكتباب االلكترونية‪.‬‬
‫وطالب العلم المبتدئ ينقصه الكثير من النقود قد‬
‫ال يستطيع أن يشتري كتب البحث أو الكتب‬
‫الموسوعية الكبيرة بسبب قلة ذات اليد بفضل‬
‫اهلل علينا في هذا الزمن أن وجدت هذه المكتبات‬
‫االلكترونية هذه البرامج الموسوعية وبسعر زهيد‬
‫جدًا تجد فيها مكتبات كاملة متكاملة قد تجلس‬
‫طول عمرك ما أسست هذه المكتبة وبسعر جيد‬
‫مقارنة بالكتب التي موجودة فيها فاحرص أنك‬
‫تسأل عن هذه المكتبات ‪ ،‬لما تأتي للتفاسير تجد‬
‫فيها أكثر من عشرين تفسير تأتي إلى المسانيد‬
‫فإذا بها أكثر من خمسين مسند تأتي إلى الصحاح‬
‫فإذا بها أكثر من عشرين تأتي إلى السنن فإذا بها‬
‫أكثر من عشرة تأتي إلى التراجم فإذا به الثقات‬
‫فيه أربعة كتب والضعفاء كذا كتاب فتسهل‬
‫عملية الجمع وأيضًا أخذ المكان‪ ،‬فاحرص أن‬
‫تتعلم للجهاز والطريقة التعامل معه بما أنت‬
‫بحاجة إليه كثير من الشباب قد ال يعرف التعامل‬
‫مع جهاز الحاسب وهذا سينقصه شيء كثير جدًا‬
‫باالستفادة من هذه المكتبات وهذه المكتبات‬
‫أ‬ ‫ًا‬
‫االلكترونية خدمة عظيمة جدًا ال يمكن أن تنكرها‬
‫وأذكر أنه قبل تقريبًا أظن إن لم أكن واهمًا عشر‬
‫سنوات أو اثنا عشرة سنة سمعت عن هذه‬
‫المكتبات وأنا أقرأ في السير فإذا الذهبي ـ رحمه‬
‫اهلل تعالى ـ تكلم عن رجل من الرجال قال ليس له‬
‫في ابن ماجه إال حديثين وهو شيخ لشيخ ابن‬
‫ماجه وأنت من خالل الكتب الموجودة ال‬
‫تستطيع أن تذهب وتتعرف على هاتين الروايتين‬
‫أبدًا إال من كان حافظ باإلسناد وهذا ال يوجد في‬
‫زمننا هذا انقرضوا فكيف تعرف ما هي أحاديث‬
‫فالن شيخ شيخ ابن ماجه ال أحد يستطيع أبدًا‬
‫إال حافظ أو تجرد تمسك الكتاب من القطاعة‬
‫إلى القطاعة لتتعرف على أحاديث شيخ شيخ‬
‫ابن ماجه ال يوجد أي كتاب حتى في األطراف‬
‫وال يوجد كتاب يدلك على أحاديث هذا الرجل‬
‫في ابن ماجه وجلست بعد فترة فإذا بأحد‬
‫المشايخ تكلم عن الحاسب وأهميته التي فيه‬
‫وأول ما خرج في ذلك الزمن أذكر (حرف) في‬
‫الكتب الستة وذكرت له أني واهلل حريص على‬
‫معرفة أحاديث فالن عند ابن ماجه وال أستطيع‬
‫أن أصل إليه إال بالجرد والحصيلة قليلة ليست‬
‫بكبير فائدة قال إن البرنامج يستطيع أن يخرج‬
‫لك هذه الفائدة اتفقنا في الليل وذهبنا إليه في‬
‫منزله فدخلنا على البرنامج فكتبنا اسم الرجل‬
‫هذا شيخ شيخ ابن ماجه وأخرج لنا ثالثة‬
‫أحاديث‪ .‬الذهبي ـ رحمه اهلل ـ ‪ :‬يقول ليس له إال‬
‫حديثين والجهاز أخرج لهذا الرجل ثالثة أحاديث‬
‫فهو وهم من الذهبي ـ رحمه اهلل تعالى ـ فهذا‬
‫حقيقة مفيدة جدًا للتعامل مع البرامج ال تقل هذا‬
‫يضعف الطلب ال تعتمد عليها ال في النقل وال في‬
‫العزو وال في القراءة وإنما هي مساندة ومفيدة‬
‫في سرعة الوصول إلى الفائدة في اختصار‬
‫الوقت لك وكل شيء له مصالح ومفاسد الشك‪،‬‬
‫ولكن اعتقد أن مصالح هذه البرامج أعظم بكثير‬
‫من مفاسدها ليس بقليل وإنما بكثير‪ .‬أختم بهذ‬
‫الوصية ثم نفتح المجال إن كان أحد عنده سؤال‬
‫أو مداخلة ‪.‬‬
‫الوصية الثامنة ‪ :‬معرفة أوقات شراء الكتب‪.‬‬
‫من األهمية بمكان أن يكون طالب العلم يعرف‬
‫أوقات شراء الكتب ليس كل وقت تشتري الكتاب‬
‫هناك مجال للحصول على الكتاب يكون أقل هناك‬
‫مجال للحصول على الكتاب يكون أقل هناك‬
‫مجال لمعرفة أن هناك كتاب سيخرج أفضل من‬
‫هذا الكتاب فاسأل كم من الناس يشتري كتابًا‬
‫بمئتين ريال وبعد يومي سيأتي معرض كتاب‬
‫سيشتريه بمئة وعشرين ريال ثم من الناس‬
‫يشتري كتابًا غير محقق لو استشار لو أخبر طالب‬
‫العلم بأن هناك من يحقق هذا الكتاب سيخرج‬
‫بعد أشهر دون أن يحتاج إلى شراءه اآلن فيعرف‬
‫أوقات شراء الكتاب من األهمية بمكان أن يكون‬
‫طالب العلم يسأل متى يشتري الكتب أو هل‬
‫هناك وقت يأتي لشراء الكتاب أو هل هناك طبعة‬

‫أ‬ ‫أ‬
‫ستخرج أفضل لهذا الكتاب فيكون قد حاز أفضل‬
‫ما يكون‪.‬‬
‫هذه الوصايا قلتها من طرف الذهن يعني أفدت‬
‫بها إخوتي فمن استفاد منها فالحمد هلل ومن لم‬
‫يجد فيها شيئًا فليعذرنا وكما قلت إن لم يكن في‬
‫هذه الدورة فقط إال حث الناس على الحرص‬
‫على الكتاب لكفى حث الناس على شراء الكتب‬
‫وإحياء مبدأ التعرف على الكتاب والتعرف على‬
‫المكتبات ورفعة مكانة المكتبات في نفس طالب‬
‫العلم إن لم يكن فيه إال هذا الشيء لكان كافيًا‬
‫يحرص أن يكون هذا الكتاب عنده غاليًا جدًا‬
‫وثمينًا ويكون عنده أغلى من كل شيء حتى إن‬
‫أحد األئمة ـ رحمه اهلل ـ قال‪ :‬إن الكتاب إن لم‬
‫يكن إيثاره عندك أشد إيثارًا من األعرابي للبن‬
‫حصانه من ولده فلم تكن أنت حريص على‬
‫الكتاب يقول إن األعرابي عنده حصان ويزهد في‬
‫اللبن عن عياله ألجل عيال الفرس ونحن نحمد‬
‫اهلل لسنا بحاجة إلى كل هذا الكتب متيسرة ودور‬
‫التوزيع موجودة والثمن ليس بكثير في أكثر‬
‫الكتب المهمة لطالب العلم علينا جميعًا أن‬
‫نتواصى في هذا الشيء في معرفة الكتب في‬
‫الحرص عليها في متابعتها في رفعتها في نفوسنا‬
‫في الحرص على أن يكون هذا الكتاب هو‬
‫الدعامة الحقيقة للحصول على العلم أسأل اهلل‬
‫تعالى في ختام هذه الكلمة القصيرة أن يوفقنا‬
‫وإياكم لما فيه الخير والصالح وأن يزيدنا من‬
‫العلم والعمل الصالح وأن يزيدنا من العلم‬
‫والرشاد وأن ينفع بما نقول وبما نسمع وصلى اهلل‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫واهلل أعلم‬
‫‪ 11210‬زائر‬
‫‪07/05/2011‬‬
‫‪admin‬‬

‫‪Powered by: MktbaGold 6.6‬‬

‫نسخة كاملة | اتصل بنا‬

You might also like