‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫اﻟﺪآﺘﻮر آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬
‫ﻗﺴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻤﺼﺎرف‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫آﻠﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ واﻟﺪراﺳﺎت‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻴﺮﻣﻮك ‪ /‬ارﺑﺪ‪ /‬اﻷردن‬

‫اﻟﻤﻠﺨﺺ‬
‫ﺗﻬ ﺪف ه ﺬﻩ اﻟﺪراﺳ ﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻜﺸ ﻒ ﻋ ﻦ ﺑﻌ ﺾ ﺟﻮاﻧ ﺐ ﺣﻜﻤ ﺔ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم‪،‬ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪،‬ﻧﻈﺮًا ﻟﻤﺎ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ أهﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ‪،‬وذﻟﻚ ر ّدًا ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺘﺮﻳﺎت واﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ‪.‬‬
‫وﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ هﺬا اﻟﻬ ﺪف ﺑ ﻴّﻦ اﻟﺒﺤ ﺚ اﻵﺛ ﺎر اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ ﻟﻨﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻧ ﺎﻗﺶ‬
‫أﺑ ﺮز اﻻﺗﻬﺎﻣ ﺎت اﻟﻤﻮﺟﻬ ﺔ ﻟﻬ ﺬا اﻟﻨﻈﺎم‪،‬ﻣﺜ ﻞ ﻗﻀ ﻴﺔ ﺗﻔﻀ ﻴﻞ اﻟ ﺬآﻮر ﻋﻠ ﻰ اﻹﻧ ﺎث ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬وﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻴﺮاث وﻣﺎ ﻗﺪ ﺗ ﺆدي إﻟﻴ ﻪ ﻣ ﻦ ﻓﻘ ﺪ ﻣﻴ ﺰات اﻹﻧﺘ ﺎج‬
‫اﻟﻜﺒﻴﺮ‪ ،‬وﻏﻴﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻬﺎﻣﺔ ‪.‬‬
‫ﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ اﻟﺒﺤﺚ إﻟ ﻰ أن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﺜ ﺮوة ﺑﺸ ﻜﻞ ﻳﺠﻤ ﻊ ﺑ ﻴﻦ‬
‫اﻟﻌﺪاﻟ ﺔ واﻟﻜﻔﺎءة‪،‬ﻓﺎﻹﺳ ﻼم ﻻ ﻳﺮﺿ ﻰ ﺑﺘﻔﺘﻴ ﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴ ﺔ إﻟ ﻰ ﺣ ﺪود ﻏﻴ ﺮ اﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ‪،‬آﻤﺎ أن ﻣﻴ ﺰات‬
‫اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻷآﺜﺮﻳﺔ‪،‬وهﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﺮﻩ اﻹﺳﻼم‪،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ أن‬
‫اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﺘﺮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺴﺎوئ ﺧﻄﻴﺮة‪،‬ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼ ﺎﻟﺢ ﻓ ﻲ اﻟﺸ ﺮﻳﻌﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪.‬‬
‫وﻣ ﻦ ﺟﻬ ﺔ أﺧ ﺮى ﻓ ﺈن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم ﻣ ﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸ ﻜﻞ ﻗ ﻮي ﺑﻨﻈ ﺎم اﻟﻨﻔﻘﺎت‪،‬وه ﺬا ﻣ ﺎ‬
‫ﻳﻔﺴﺮ‪،‬زﻳﺎدة ﻧﺼﻴﺐ اﻟﺬآﻮر ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺎث‪،‬آﻤﺎ ﻳﻔﺴﺮ زﻳﺎدة ﻧﺼﻴﺐ اﻷﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء‪،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ‬
‫ﺣﻜﻢ أﺧﺮى ﻋﺪﻳﺪة ‪.‬‬

‫‪295‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻳﺨ ﺎﻟﻒ اﻹﺳ ﻼم اﻟ ﻨﻈﻢ اﻟﻮﺿ ﻌﻴﺔ ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﻳ ﺪ أﻧﺼ ﺒﺔ اﻟﻮرﺛ ﺔ‪،‬اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣ ﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘ ﻪ ﻓ ﻲ ﻧﻈﺮﺗ ﻪ إﻟ ﻰ اﻟﻤ ﺎل‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ وﺳﻴﻠﺔ وﻟﻴﺲ ﻏﺎﻳﺔ‪،‬وﻓﻲ ﻧﻈﺮﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرهﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻘ ﺎ ﻣﻄﻠﻘ ًﺎ ﻟﻠﻔﺮد‪،‬وإﻧﻤ ﺎ ه ﻲ وآﺎﻟ ﺔ‬
‫وأﻣﺎﻧ ﺔ واﺳ ﺘﺨﻼف‪،‬ﻓﺘﺤﺪﻳﺪ أﻧﺼ ﺒﺔ اﻟﻮرﺛ ﺔ ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم ﻳﻨﺒﺜ ﻖ ﻣ ﻦ ه ﺬﻩ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ‪،‬آﻤ ﺎ ﻳﻨﺴ ﺠﻢ ﻣ ﻊ اﻟﻨﻈ ﺎم‬
‫اﻟﻤﺎﻟﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬ﻓﻲ ﺳﻌﻴﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻋﺪاﻟﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ‪،‬وآﻔﺎءة اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻮارد ‪.‬‬
‫وﻗ ﺪ واﺟ ﻪ ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ اﻋﺘﺮاﺿ ﺎت ﺷ ﺪﻳﺪة‪،‬ﻣﻦ ﻗﺒ ﻞ آﺜﻴ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻤﺘ ﺄﺛﺮﻳﻦ ﺑ ﺎﻟﻨﻈﻢ‬
‫اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬اﻟﺪاﻋﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎواة‪،‬واﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ‪،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺬآﺮ ﻣﺜ ﻞ ﺣ ﻆ اﻷﻧﺜﻴ ﻴﻦ؟ وﻟﻤ ﺎذا ﻻ‬
‫ﻳﺘﺴ ﺎوى ﻧﺼ ﻴﺐ اﻟ ﺬآﺮ ﻣ ﻊ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻷﻧﺜ ﻰ ؟ وﻟﻤ ﺎذا ﺗﻌﻄ ﻰ اﻷم أﻗ ﻞ ﻣ ﻦ اﺑﻨﻬ ﺎ وه ﻲ اﻟﺘ ﻲ ﺣﻤﻠﺘ ﻪ ﺗﺴ ﻌﺔ‬
‫ﺷﻬﻮر‪،‬وﺿﺤﺖ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻲ واﻟﻨﻔﻴﺲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ وراﺣﺘﻪ وﺳﻌﺎدﺗﻪ ؟‬
‫وﻟﻤﺎذا ﻧﺘﺒﻊ هﺬا اﻟﻨﻈﺎم وهﻮ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻜﻔﺎءة وﻓﻘﺪ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺧ ﻼل ﺳ ﻌﻴﻪ اﻟﻤﺴ ﺘﻤﺮ‬
‫ﻟﺘﻔﺘﻴﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺸﺠﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص ؟‬
‫إن ه ﺬﻩ اﻟﺘﺴ ﺎؤﻻت وﻏﻴﺮه ﺎ آﺜﻴﺮ‪،‬ﻳﻄﻠﻘﻬ ﺎ أﻋ ﺪاء اﻹﺳ ﻼم ﺑ ﻴﻦ اﻟﻔﻴﻨ ﺔ واﻷﺧ ﺮى‪،‬وﻳﻔﺘﻦ ﺑﻬ ﺎ دﻋ ﺎة اﻟﺘﺤ ﺮر‬
‫وﺿﻌﺎف اﻹﻳﻤﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ‪،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﺮدﻳﺪ هﺬﻩ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت دون وﻋﻲ أو وﺟﻞ ‪(١).‬‬
‫وﻳﺤﺎول هﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت‪،‬ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪،‬رﻏﻢ أن أﻧﺼﺒﺔ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ‬
‫اﻷﺣﻜ ﺎم اﻟﺘﻌﺒﺪﻳ ﺔ‪،‬اﻟﺘﻲ ﻳﺠ ﺐ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﻬ ﺎ دون أدﻧ ﻰ ﺗﺮدد‪،‬وذﻟ ﻚ دﻓﻌ ًﺎ ﻟﻠﺘﻬﻤ ﺔ واﻟﺮﻳﺒ ﺔ ﻣ ﻦ ﻧﻔ ﻮس‬
‫اﻟﻤﺘﺸﻜﻜﻴﻦ‪،‬وﺗﺜﺒﻴﺘًﺎ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ‪.‬‬
‫وﺳﻮف ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ‪،‬ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول ‪ :‬ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺁﺛﺎرﻩ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮرﺛﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول ‪ :‬ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ وﺁﺛﺎرﻩ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ‪:‬‬

‫وﺳﻮف ﻳﺘﻀﻤﻦ هﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ ﻣﻄﻠﺒﻴﻦ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻋﺎم ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻵﺛﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻋﺎم ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪:‬‬
‫وﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻋﻴﻦ ‪:‬‬

‫‪296‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻔﺮع اﻷول ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻤﻴﺮاث ‪:‬‬

‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ -:‬ﺁﻳﺎت اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁن اﻟﻜﺮﻳﻢ ‪:‬‬
‫اﻟﻔﺮع اﻷول ‪ :‬ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﻤﻴﺮاث ‪:‬‬
‫اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ‪ :‬ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎح " اﻟﻤﻴﺮاث أﺻﻠﻪ ﻣﻮراث‪،‬اﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﻮاو ﻳﺎء ﻟﻜﺴﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬ ﺎ‪ ..،‬ﺗﻘ ﻮل‬
‫ورﺛ ﺖ أﺑﻲ‪،‬وورﺛ ﺖ اﻟﺸ ﻲء ﻣ ﻦ أﺑﻲ‪،‬أرﺛ ﻪ ﺑﺎﻟﻜﺴ ﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ‪،‬ورﺛ ًﺎ ووراﺛ ًﺔ وإرﺛ ﺎً‪ .. ،‬وﺗﻘ ﻮل أورﺛ ﻪ اﻟﺸ ﻲء‬
‫أﺑﻮﻩ‪،‬وهﻢ ورﺛﺔ ﻓﻼن‪،‬وورﺛﻪ ﺗﻮرﻳﺜﺎً‪ ..،‬وﺗﻮارﺛﻮﻩ آﺎﺑﺮا ﻋﻦ آﺎﺑﺮ " )‪(٢‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ‪ :‬اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺸﻲء ﻣﻦ ﺷﺨﺺ إﻟﻰ ﺷﺨﺺ أو ﻣ ﻦ ﻗ ﻮم إﻟ ﻰ ﻗﻮم‪،‬ﻓﻬ ﻮ أﻋ ﻢ ﻣ ﻦ أن ﻳﻜ ﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺎل‪،‬أو ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ‪،‬أو ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ واﻟﺸﺮف )‪. (٣‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺻﻄﻼح اﻟﻔﻘﻬﻲ ‪ :‬ﻓﻴﻌﺮف اﻟﻤﻴﺮاث ﺑﺄﻧﻪ " ﻗﻮاﻋﺪ ﻣ ﻦ اﻟﻔﻘ ﻪ واﻟﺤﺴ ﺎب ﻳﻌ ﺮف ﺑﻬ ﺎ اﻟﻤﺴ ﺘﺤﻘﻮن‬
‫ﻟﻠﺘﺮآﺔ وﻧﺼﻴﺐ آﻞ ﻣﺴ ﺘﺤﻖ " وﻳﺴ ﻤﻰ ﻋﻠ ﻢ اﻟﻔﺮاﺋﺾ‪،‬واﻟﻔ ﺮاﺋﺾ ه ﻲ اﻟﺴ ﻬﺎم أو اﻷﻧﺼ ﺒﺔ اﻟﻤﻘ ﺪرة ﻟﻜ ﻞ‬
‫وارث )‪. (٤‬‬
‫وﻓﻲ داﺋﺮة ﻣﻌﺎرف اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﺈن اﻟﻤﻴﺮاث هﻮ " ﺣﻠﻮل اﻷﺷﺨﺎص اﻷﺣﻴﺎء ﻓﻲ اﻣﺘﻼك ﻣﻤﺘﻠﻜ ﺎت‬
‫اﻷﻣﻮات " )‪. (٥‬‬
‫وﻗﺪ ﺗﻜﻔﻞ اﷲ ‪ -‬ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ -‬ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ أﻧﺼﺒﺔ اﻟﻮرﺛﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪًا دﻗﻴﻘﺎً‪،‬وﻟﻢ ﻳﺘﻨ ﺎول اﻟﻘ ﺮﺁن اﻟﻜ ﺮﻳﻢ أﻣ ﺮا ﻣ ﻦ‬
‫اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ آﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺎﻟﻤﻴﺮاث‪،‬ﻟﻤ ﺎ ﻟ ﻪ ﻣ ﻦ أهﻤﻴ ﺔ ﺑﺎﻟﻐ ﺔ‪،‬ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﺰﻳ ﻎ اﻟﻨﻔ ﻮس وﺗﺘﻼﻋ ﺐ‬
‫اﻷهﻮاء‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻳﺤﺮم أﺻﺤﺎب اﻟﺤﻘﻮق ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ‪.‬آﻤﺎ أن اﷲ ‪ -‬ﻋﺰ وﺟﻞ ‪ -‬هﻮ اﻟﺬي ﺧﻠﻖ اﻟﺒﺸﺮ وه ﻮ‬
‫وﺣﺪﻩ اﻟﻌﻠ ﻴﻢ ﺑﻤ ﺎ ﻳﺼ ﻠﺢ ﻟﻬ ﻢ وﻣ ﺎ ﻳﻀ ﺮهﻢ‪،‬ﻟﺬﻟﻚ اﻗﺘﻀ ﺖ ﺣﻜﻤﺘ ﻪ اﻟﺒﺎﻟﻐ ﺔ أن ﻳﺸ ﺮع ه ﺬﻩ اﻷﻧﺼ ﺒﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐ ﺔ‬
‫اﻟﺪﻗﺔ‪،‬ﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ‪.‬‬
‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﺁﻳﺎت اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁن اﻟﻜﺮﻳﻢ ‪:‬‬
‫وﻗﺪ ﻧﺰﻟﺖ اﻵﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻴﻦ أﺣﻜﺎم اﻟﻤﻴﺮاث ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ‪،‬آﻤﺎ هﻮ ﻣﻨﻬﺞ اﻟﻘﺮﺁن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺗﻬﻴﺌﺔ اﻟﻨﻔﻮس ﻟﺘﻘﺒﻞ‬
‫اﻷﺣﻜﺎم وﺗﻄﺒﻴﻘﻬ ﺎ ﺑﺴ ﻬﻮﻟﺔ وﻳﺴ ﺮ‪،‬ﻓﻘﺪ آ ﺎن اﻟﻌ ﺮب ﻓ ﻲ اﻟﺠﺎهﻠﻴ ﺔ ﻳﻌ ﺪّون ﺳ ﺒﺐ اﻟﻤﻴ ﺮاث ه ﻮ اﻟﻘ ﺪرة ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻘﺘ ﺎل واﻟﻐﺰو‪،‬ﻟ ﺬﻟﻚ آ ﺎﻧﻮا ﻳﻮرﺛ ﻮن اﻷﺑﻨ ﺎء اﻷآﺒ ﺮ ﻓ ﺎﻷآﺒﺮ‪،‬وﻻ ﻳﻮرﺛ ﻮن اﻟﻨﺴ ﺎء أو اﻟﺼ ﻐﺎر‪،‬ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻟ ﺖ‬
‫ﺁﻳ ﺎت اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬ﻗ ﺎﻟﻮا ﺑﺎﺳ ﺘﻬﺠﺎن واﺳ ﺘﻐﺮاب " ﺗﻌﻄ ﻰ اﻟﻤ ﺮأة اﻟﺮﺑ ﻊ أو اﻟﺜﻤﻦ‪،‬وﺗﻌﻄ ﻰ اﻻﺑﻨ ﺔ‬
‫اﻟﻨﺼﻒ‪،‬وﻳﻌﻄﻰ اﻟﻐﻼم اﻟﺼﻐﻴﺮ‪ .‬وﻟﻴﺲ ﻣﻦ هﺆﻻء أﺣﺪ ﻳﻘﺎﺗﻞ اﻟﻘﻮم‪،‬وﻻ ﻳﺤﻮز اﻟﻐﻨﻴﻤ ﺔ ! اﺳ ﻜﺘﻮا ﻋ ﻦ ه ﺬا‬
‫اﻟﺤﺪﻳﺚ‪،‬ﻟﻌﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪ -‬ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ‪ -‬ﻳﻨﺴﺎﻩ‪،‬أو ﻧﻘﻮل ﻟﻪ ﻓﻴﻐﻴﺮ ! ‪(٦) "..‬‬
‫وﻗﺪ ﺟﺎء ﺗﻔﺼﻴﻞ أﺣﻜ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻓ ﻲ ﺛ ﻼث ﺁﻳ ﺎت ﻃﻮﻳﻠ ﺔ ﻣ ﻦ آﺘ ﺎب اﷲ اﻟﻌﺰﻳﺰ‪،‬ﺣﻴ ﺚ ﻗ ﺎل اﷲ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ ﻓ ﻲ‬
‫ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء " ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ اﷲ ﻓﻲ أوﻻدآﻢ ﻟﻠﺬآﺮ ﻣﺜﻞ ﺣﻆ اﻷﻧﺜﻴﻴﻦ‪ ،‬ﻓﺈن آﻦ ﻧﺴﺎء ﻓﻮق اﺛﻨﺘ ﻴﻦ ﻓﻠﻬ ﻦ ﺛﻠﺜ ﺎ ﻣ ﺎ‬
‫ﺗﺮك‪،‬وإن آﺎﻧﺖ واﺣﺪة ﻓﻠﻬﺎ اﻟﻨﺼﻒ‪،‬وﻷﺑﻮﻳﻪ ﻟﻜﻞ واﺣ ﺪ ﻣﻨﻬﻤ ﺎ اﻟﺴ ﺪس ﻣﻤ ﺎ ﺗ ﺮك إن آ ﺎن ﻟ ﻪ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن ﻟ ﻢ‬
‫ﻳﻜﻦ ﻟﻪ وﻟ ﺪ وورﺛ ﻪ أﺑ ﻮاﻩ ﻓﻸﻣ ﻪ اﻟﺜﻠﺚ‪،‬ﻓ ﺈن آ ﺎن ﻟ ﻪ أﺧ ﻮة ﻓﻸﻣ ﻪ اﻟﺴ ﺪس‪،‬ﻣﻦ ﺑﻌ ﺪ وﺻ ﻴﺔ ﻳﻮﺻ ﻰ ﺑﻬ ﺎ أو‬
‫دﻳﻦ‪،‬ﺁﺑﺎؤآﻢ وأﺑﻨﺎؤآﻢ ﻻ ﺗﺪرون أﻳﻬﻢ أﻗﺮب ﻟﻜﻢ ﻧﻔﻌﺎ‪،‬ﻓﺮﻳﻀ ﺔ ﻣ ﻦ اﷲ‪،‬إن اﷲ آ ﺎن ﻋﻠﻴﻤ ًﺎ ﺣﻜﻴﻤ ًﺎ ‪*(١١)*.‬‬

‫‪297‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫وﻟﻜﻢ ﻧﺼﻒ ﻣﺎ ﺗﺮك أزواﺟﻜﻢ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻦ وﻟﺪ‪،‬ﻓﺈن آﺎن ﻟﻬﻦ وﻟﺪ ﻓﻠﻜﻢ اﻟﺮﺑﻊ ﻣﻤﺎ ﺗﺮآﻦ‪،‬ﻣﻦ ﺑﻌﺪ وﺻ ﻴﺔ‬
‫ﻳﻮﺻ ﻴﻦ ﺑﻬ ﺎ أو دﻳﻦ‪،‬وﻟﻬ ﻦ اﻟﺮﺑ ﻊ ﻣﻤ ﺎ ﺗ ﺮآﺘﻢ إن ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟﻜ ﻢ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن آ ﺎن ﻟﻜ ﻢ وﻟ ﺪ ﻓﻠﻬ ﻦ اﻟ ﺜﻤﻦ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﺗﺮآﺘﻢ‪،‬ﻣﻦ ﺑﻌﺪ وﺻﻴﺔ ﺗﻮﺻﻮن ﺑﻬﺎ أو دﻳﻦ‪،‬وإن آﺎن رﺟ ﻞ ﻳ ﻮرث آﻼﻟ ﺔ أو اﻣ ﺮأة وﻟ ﻪ أخ أو أﺧ ﺖ ﻓﻠﻜ ﻞ‬
‫واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴﺪس‪،‬ﻓﺈن آﺎﻧﻮا أآﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟ ﻚ ﻓﻬ ﻢ ﺷ ﺮآﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺜﻠ ﺚ‪،‬ﻣﻦ ﺑﻌ ﺪ وﺻ ﻴﺔ ﻳﻮﺻ ﻰ ﺑﻬ ﺎ أو دﻳ ﻦ‬
‫ﻏﻴﺮ ﻣﻀﺎر‪،‬وﺻﻴﺔ ﻣﻦ اﷲ‪،‬واﷲ ﻋﻠﻴﻢ ﺣﻠﻴﻢ ‪ "*(١٢)* ".‬ﻳﺴﺘﻔﺘﻮﻧﻚ ﻗ ﻞ اﷲ ﻳﻔﺘ ﻴﻜﻢ ﻓ ﻲ اﻟﻜﻼﻟ ﺔ‪ ،‬إن اﻣ ﺮؤ‬
‫هﻠﻚ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ وﻟﺪ وﻟ ﻪ أﺧ ﺖ ﻓﻠﻬ ﺎ ﻧﺼ ﻒ ﻣ ﺎ ﺗﺮك‪،‬وه ﻮ ﻳﺮﺛﻬ ﺎ إن ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟﻬ ﺎ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن آﺎﻧﺘ ﺎ اﺛﻨﺘ ﻴﻦ ﻓﻠﻬﻤ ﺎ‬
‫اﻟﺜﻠﺜﺎن ﻣﻤﺎ ﺗﺮك‪،‬وإن آﺎﻧﻮا أﺧﻮة رﺟﺎﻻ وﻧﺴ ﺎء ﻓﻠﻠ ﺬآﺮ ﻣﺜ ﻞ ﺣ ﻆ اﻷﻧﺜﻴ ﻴﻦ‪ ،‬ﻳﺒ ﻴﻦ اﷲ ﻟﻜ ﻢ أن ﺗﻀ ﻠﻮا‪،‬واﷲ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻴﻢ *)‪) *(١٧٦‬اﻟﻨﺴﺎء‪،‬اﻵﻳﺎت‪( ١٧٦ ،١٢ ،١١،‬‬
‫وﻣﻦ هﺬﻩ اﻵﻳﺎت ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ أهﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﺮوض اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﻢ اﻵﻳ ﺎت واﻟ ﺬﻳﻦ ه ﻢ ﻣﻮﺿ ﻊ اﻟﺒﺤ ﺚ‬
‫ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺪراﺳﺔ آﻤﺎ ﻳﻠﻲ)‪: (٧‬‬
‫‪-١‬ﻣﻴﺮاث اﻟﺒﻨﺖ ‪ :‬ﺗﺮث اﻟﺒﻨﺖ ﻧﺼﻒ اﻟﺘﺮآﺔ إن آﺎﻧﺖ وﺣﺪهﺎ‪،‬وﺗﺮث اﻟﺜﻠﺜ ﻴﻦ إن آ ﺎن ﻣﻌﻬ ﺎ ﺑﻨ ﺖ أﺧ ﺮى‬
‫أو أآﺜﺮ‪،‬آﻤ ﺎ ﺗ ﺮث ﻧﺼ ﻒ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻟ ﺬآﺮ ﻣ ﻊ أﺧﻴﻬ ﺎ ﺗﻌﺼ ﻴﺒًﺎ ﺑﻌ ﺪ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻔ ﺮوض ‪ .‬وﺗﺆﺧ ﺬ ه ﺬﻩ‬
‫اﻷﺣﻜ ﺎم ﻣ ﻦ ﻗﻮﻟ ﻪ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ " ﻳﻮﺻ ﻴﻜﻢ اﷲ ﻓ ﻲ أوﻻدآ ﻢ ﻟﻠ ﺬآﺮ ﻣﺜ ﻞ ﺣ ﻆ اﻷﻧﺜﻴ ﻴﻦ ﻓ ﺈن آ ﻦ ﻧﺴ ﺎء ﻓ ﻮق‬
‫اﺛﻨﺘﻴﻦ ﻓﻠﻬﻦ ﺛﻠﺜﺎ ﻣﺎ ﺗﺮك‪،‬ﻓﺈن آﺎﻧﺖ واﺣﺪة ﻓﻠﻬﺎ اﻟﻨﺼﻒ " ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﻣﻴﺮاث اﻷب ‪ :‬وﻳﺮث ﺳﺪس اﻟﺘﺮآﺔ ﻣﻊ وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ‪،‬آﻤﺎ ﻳﺮث اﻟﺒﺎﻗﻲ ﺑﻌﺪ أﺻﺤﺎب اﻟﻔﺮوض ﺗﻌﺼﻴﺒًﺎ‬
‫ﻋﻨﺪ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ‪،‬ﻓﻴﺮث اﻟﺜﻠﺜﻴﻦ ﻣﻊ اﻷم‪،‬آﻤﺎ ﻳ ﺮث اﻟﺘﺮآ ﺔ آﻠﻬ ﺎ إذا اﻧﻔ ﺮد ‪ .‬ﻳ ﺪل ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻗﻮﻟ ﻪ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ " وﻷﺑﻮﻳﻪ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴﺪس ﻣﻤﺎ ﺗﺮك إن آﺎن ﻟﻪ وﻟﺪ‪،‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟ ﻪ وﻟ ﺪ وورﺛ ﻪ أﺑ ﻮاﻩ‬
‫ﻓﻸﻣﻪ اﻟﺜﻠﺚ‪،‬ﻓﺈن آﺎن ﻟﻪ أﺧﻮة ﻓﻸﻣﻪ اﻟﺴﺪس " ‪.‬‬
‫‪-٣‬ﻣﻴﺮاث اﻟﺰوج ‪ :‬ﻳﺮث ﻧﺼﻒ اﻟﺘﺮآﺔ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺰوﺟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓ ﺎة ﻓ ﺮع وارث‪،‬وﻳ ﺮث رﺑ ﻊ اﻟﺘﺮآ ﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد اﻟﻔﺮع اﻟﻮارث‪،‬ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ " وﻟﻜ ﻢ ﻧﺼ ﻒ ﻣ ﺎ ﺗ ﺮك أزواﺟﻜ ﻢ إن ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟﻬ ﻦ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن‬
‫آﺎن ﻟﻬﻦ وﻟﺪ ﻓﻠﻜﻢ اﻟﺮﺑﻊ ﻣﻤﺎ ﺗﺮآﻦ " ‪.‬‬
‫‪-٤‬ﻣﻴ ﺮاث اﻟﺰوﺟ ﺔ ‪ :‬وﺗ ﺮث اﻟﺮﺑ ﻊ إذا ﻟ ﻢ ﻳﻮﺟ ﺪ اﻟﻔ ﺮع اﻟ ﻮارث‪،‬واﻟﺜﻤﻦ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ وﺟ ﻮد اﻟﻔ ﺮع‬
‫اﻟﻮارث‪،‬ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " وﻟﻬﻦ اﻟﺮﺑﻊ ﻣﻤﺎ ﺗﺮآﺘﻢ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻜﻢ وﻟﺪ‪،‬ﻓﺈن آﺎن ﻟﻜ ﻢ وﻟ ﺪ ﻓﻠﻬ ﻦ اﻟ ﺜﻤﻦ ﻣﻤ ﺎ‬
‫ﺗﺮآﺘﻢ " ‪.‬‬
‫‪-٥‬ﻣﻴﺮاث اﻷﺧﻮة ﻷم ‪ -:‬وهﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺘﺮآﻮن ﻣﻊ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻓﻲ اﻷم ﻓﻘ ﻂ‪،‬وﻻ ﻳﺮﺛ ﻮن إﻻ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻜﻼﻟ ﺔ‬
‫أي ﻋ ﺪم وﺟ ﻮد اﻟﻔ ﺮع اﻟ ﻮارث وﻻ اﻷﺻ ﻞ اﻟﻮارث‪،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ " وإن آ ﺎن رﺟ ﻞ ﻳ ﻮرث آﻼﻟ ﺔ أو‬
‫اﻣﺮأة وﻟﻪ أخ أو أﺧﺖ ﻓﻠﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴ ﺪس‪،‬ﻓﺈن آ ﺎﻧﻮا أآﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ذﻟ ﻚ ﻓﻬ ﻢ ﺷ ﺮآﺎء ﻓ ﻲ اﻟﺜﻠ ﺚ "‬
‫ﻓﻬﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻷﺧﻮة ﻷم ﺑﺈﺟﻤﺎع اﻟﻌﻠﻤﺎء‪،‬وﻳﻌﻄﻰ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴﺪس‪،‬ﻓﺈن آ ﺎﻧﻮا اﺛﻨ ﻴﻦ‬
‫ﻓﺄآﺜﺮ ﻓﻬﻢ ﺷﺮآﺎء ﻓﻲ اﻟﺜﻠﺚ‪،‬ﻳﺸﺘﺮآﻮن ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎوي ﺳﻮاء آﺎﻧﻮا ذآﻮرا أم إﻧﺎﺛًﺎ أم ذآﻮرًا وإﻧﺎﺛًﺎ ‪.‬‬
‫‪-٦‬ﻣﻴﺮاث اﻷﺧﺖ اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ‪ -:‬ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻳﺴﺘﻔﺘﻮﻧﻚ ﻗﻞ اﷲ ﻳﻔﺘﻴﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻜﻼﻟﺔ‪،‬إن اﻣﺮؤ هﻠﻚ ﻟﻴﺲ ﻟ ﻪ وﻟ ﺪ‬
‫وﻟﻪ أﺧ ﺖ ﻓﻠﻬ ﺎ ﻧﺼ ﻒ ﻣ ﺎ ﺗ ﺮك وه ﻮ ﻳﺮﺛﻬ ﺎ إن ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟﻬ ﺎ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن آﺎﻧﺘ ﺎ اﺛﻨﺘ ﻴﻦ ﻓﻠﻬﻤ ﺎ اﻟﺜﻠﺜ ﺎن ﻣﻤ ﺎ‬

‫‪298‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫ﻻ وﻧﺴﺎء ﻓﻠﻠﺬآﺮ ﻣﺜﻞ ﺣﻆ اﻷﻧﺜﻴﻴﻦ " وﺗﺮث اﻷﺧﺖ اﻟﺸﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﺼﻒ إذا ﻟﻢ‬ ‫ﺗﺮك‪،‬وإن آﺎﻧﻮا أﺧﻮة رﺟﺎ ً‬
‫ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺤﺠﺒﻬﺎ أو ﻳﻌﺼﺒﻬﺎ‪،‬آﻤﺎ ﺗﺮث اﻟﺜﻠﺜﻴﻦ إذا آﺎن ﻣﻌﻬﺎ أﺧﺖ ﻓﺄآﺜﺮ ‪.‬‬
‫وﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻼﺣﻆ ﻣﺪى اﻟﺪﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺤﻬﺎ اﻵﻳﺎت اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻓ ﻲ ﺗﺤﺪﻳ ﺪ أﻧﺼ ﺒﺔ اﻟﻮرﺛ ﺔ‪ ،‬ﺣﺮﺻ ًﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻜﻔﺎءة واﺳﺘﻘﺮار اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻃﻤﺄﻧﻴﻨﺘﻪ وﻗﻮﺗﻪ ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻵﺛﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪:‬‬
‫ﻳ ﺆدي ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ إﻟ ﻰ ﺁﺛ ﺎر ﺑﺎﻟﻐ ﺔ اﻷهﻤﻴ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻨ ﻮاﺣﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴ ﺔ‬
‫واﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ‪،‬آﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺳﻴﺎدة اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪،‬وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟ ﻚ ﻓﺈﻧ ﻪ ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ‬
‫ﺗﺤﻘﻴ ﻖ ﻋﺪاﻟ ﺔ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﺜﺮوات‪،‬وآﻔ ﺎءة اﺳ ﺘﺨﺪام اﻟﻤﻮارد‪،‬وﻏﻴﺮه ﺎ ﻣ ﻦ اﻵﺛ ﺎر اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ اﻟﻬﺎﻣ ﺔ‪،‬واﻟﺘﻲ‬
‫ﻧﻔﺼﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ‪-:‬‬
‫‪ -١‬ﻋﺪاﻟﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة ‪:‬‬
‫ﻳﺆدي ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟ ﻰ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﺜ ﺮوة ﺑ ﻴﻦ أآﺒ ﺮ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس‪،‬وهﻮ ﺑ ﺬﻟﻚ ﻳﻘﻠ ﻞ ﻣ ﻦ ﺣ ﺪة‬
‫اﻟﺘﻔ ﺎوت ﺑ ﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪،‬وﻳﺤ ﺪ ﻣ ﻦ ﺗﻜ ﺪس اﻟﺜ ﺮوة ﺑﻴ ﺪ اﻷﻏﻨﻴﺎء‪،‬وﻳﻤﺘ ﺎز ه ﺬا اﻟﺘﻮزﻳ ﻊ ﺑﺄﻧ ﻪ ﺗﻮزﻳ ﻊ ه ﺎدئ‬
‫)‪،(٨‬ﻳﺘﻼءم ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﻔﻄﺮة‪،‬وﻳﺸﻌﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻮزﻳﻊ ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻟﺨﺺ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺑﻮﻟﺪﻧﻎ اﻷهﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬ﺑﻘﻮﻟﻪ " إذا‬
‫اﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌًﺎ ﻳﺒﻠﻎ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻓﻴ ﻪ ‪ ٧٠‬ﺳ ﻨﺔ ﻣﺜﻼً‪،‬وﺗﺘ ﻮزع ﻓﻴ ﻪ اﻟﺜ ﺮوة ﺑ ﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠ ﻒ اﻷﻋﻤ ﺎر ﻋﻠ ﻰ‬
‫ن آ ﺎن ﻣﻌﺎﻣ ﻞ اﻟ ﺪﺧﻞ إﻟ ﻰ رأس‬ ‫ن ‪ ٧٠/١‬ﻣﻦ اﻟﺜ ﺮوة ﺳ ﺘﻨﺘﻘﻞ ﺑ ﺎﻟﻤﻮت واﻹرث آ ﻞ ﺳ ﻨﺔ‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬ ‫ﻧﺤﻮ ﻣﺘﺴﺎو‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ن اﻟﺜ ﺮوة اﻟﻤﻨﺘﻘﻠ ﺔ ﺑ ﺎﻹرث ﺗﻮﻟ ﺪ ﺣ ﻮاﻟﻲ ) ‪ (٧٠/٣‬أي ‪ %٤‬ﺗﻘﺮﻳﺒ ًﺎ ﻣ ﻦ اﻟ ﺪﺧﻞ آ ﻞ‬‫اﻟﻤ ﺎل ﻳﻘ ﺎرب )‪،(٣‬ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ن اﻟﻨﺴﺒﺔ ﺳﺘﻜﻮن أﻋﻠﻰ ﻣ ﻦ ذﻟﻚ‪،‬ﺑ ﻞ رﺑﻤ ﺎ ﺗﺒﻠ ﻎ ‪% ١٠ - ٨‬‬ ‫ﺳﻨﺔ‪،‬وﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﻤﺴﻨﻮن أﻏﻨﻰ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫‪(٩).‬‬
‫‪ -٢‬ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺣﺪة اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ‪:‬‬
‫إن اﻹﺳﻼم ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﻤﻴﻊ أﻧﻈﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺎل دوﻟﺔ ﺑﻴﻦ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻓﻘﻂ‪،‬ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻣ ﻦ‬

‫ﻣﻔﺎﺳﺪ ﺧﻄﻴﺮة‪،‬ﺗﻨﺠﻢ ﻋﻦ ﺳﻴﺎدة أﺧﻼق اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﺠﺸﻊ واﻻﺳﺘﻐﻼل‪،‬واﺳﺘﻌﺒﺎد اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن‪،‬آﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ‬

‫ﻓﻲ ﺣﺮﻣﺎن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻔﺎع ﺑﺎﻟﻤﻮارد اﻟﺘ ﻲ هﻴﺄه ﺎ اﷲ ‪ -‬ﻋ ﺰ وﺟ ﻞ ‪ -‬ﻟﻠﻨ ﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ‪،‬وﻣ ﺎ ﻳ ﺆدي‬

‫إﻟﻴﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺤﻘ ﺪ واﻟﺒﻐﻀ ﺎء واﻟﻜﺮاهﻴ ﺔ ﺑ ﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ اﻟﻐ ﺶ واﻟﻜ ﺬب واﻟﺮﺷ ﻮة وأآ ﻞ‬

‫أﻣﻮال اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ‪.‬‬

‫‪299‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫وﻳﺆدي ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة ﺑﻴﻦ أآﺒ ﺮ ﻋ ﺪد ﻣ ﻦ اﻟﻨﺎس‪،‬ﺑﻤ ﺎ ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ زﻳ ﺎدة ﻋ ﺪد‬
‫اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺣﺪة اﻟﺘﻔﺎوت اﻟﻄﺒﻘﻲ ‪.‬‬
‫‪ -٣‬زﻳﺎدة اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ واﻹﻧﺘﺎج واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻜﺴﺎد ‪.‬‬
‫إن ﻓﻲ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺜﺮوة ﺑﻴﻦ ﻋﺪد آﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻮرﺛﺔ‪،‬ﺗﻮﻓﻴﺮًا ﻟﻔﺮص ﻋﻤﻞ ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﺠﺪون ﻋﻤﻼً‪،‬آﻤ ﺎ أن‬
‫ﻓﻴﻪ زﻳﺎدة ﻟﻠﻄﻠﺐ اﻟﻜﻠﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ وﺟﻮد دﺧﻮل ﺟﺪﻳﺪة وﻗﻮة ﺷﺮاﺋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪،‬وهﺬا ﻳﺆدي إﻟﻰ زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﻠﺰم زﻳﺎدة اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاد اﻷوﻟﻴ ﺔ وﻣﺴ ﺘﻠﺰﻣﺎت اﻹﻧﺘﺎج‪،‬وه ﺬا ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ زﻳ ﺎدة‬
‫اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﺘﺸﻐﻴﻞ واﻹﻧﺘﺎج‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻜﺴﺎد ‪.‬‬
‫إن اﻟﺰﻳ ﺎدة اﻷوﻟﻴ ﺔ ﻓ ﻲ اﻻﺳ ﺘﺜﻤﺎر ﻳ ﻨﺠﻢ ﻋﻨﻬ ﺎ زﻳ ﺎدة آﺒﻴ ﺮة ﻓ ﻲ اﻟ ﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ‪،‬ﺑﻔﻌ ﻞ ﻣﻀ ﺎﻋﻒ‬
‫اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر‪،‬واﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﻞ اﻟﺤﺪي ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك‪،‬وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫ﻣﻀﺎﻋﻒ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر = ‪ - ١/١‬اﻟﻤﻴﻞ اﻟﺤﺪي ﻟﻼﺳﺘﻬﻼك‬
‫ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻤﺘﻮﻟﺪة ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻞ = اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر × اﻟﻤﻀﺎﻋﻒ‬
‫وﻣﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ أن اﻟﻤﻴ ﻞ اﻟﺤ ﺪي ﻟﻼﺳ ﺘﻬﻼك ﻋﻨ ﺪ اﻟﻔﻘ ﺮاء أو اﻟﻄﺒﻘ ﺎت اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ‬
‫أآﺒﺮ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ اﻷﻏﻨﻴﺎء‪،‬وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺰﻳﺎدة ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻔﻘﻴ ﺮة أو اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ ﺗ ﺆدي‬
‫إﻟﻰ زﻳﺎدة ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻘﻮﻣﻲ أآﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻐﻨﻴﺔ ‪(١٠) .‬‬
‫‪ -٤‬زﻳﺎدة اﻟﻜﻔﺎءة ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻤﻮارد ‪:‬‬
‫إن اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺜﺮوة إﻟﻰ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺷﺒﺎﺑﻴﺔ‪،‬ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻃﺎﻗﺎت ﻣﺘﺠﺪدة‪،‬وﻟ ﺪﻳﻬﺎ ﻃﻤﻮﺣ ﺎت وﺁﻣ ﺎل ﻏﻴ ﺮ ﻣﺤﺪودة‪،‬ﻳﺰﻳ ﺪ‬
‫ﻓ ﻲ آﻔ ﺎءة اﻻﺳ ﺘﺨﺪام‪ ،‬وﻳﻘﻠ ﻞ ﻣ ﻦ اﻟﻬ ﺪر واﻟﻔﺎﻗ ﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪،‬ﺧﺎﺻ ﺔ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﺗﻜ ﻮن ه ﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗ ﺎت ﻣﻠﺘﺰﻣ ﺔ‬
‫وﻣﻨﻀﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻟﻘﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪،‬وإﻻ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺒﺪد اﻟﺜﺮوة وﺗﻀﻴﻌﻬﺎ‪،‬وهﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث آﺜﻴﺮًا‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪،‬ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺪم اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻷﺧﻼﻗﻴﺎت واﻟﻘﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪.‬‬
‫‪ -٥‬زﻳﺎدة إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ‪:‬‬
‫إن زﻳﺎدة ﻃﻠﺐ اﻷﻏﻨﻴﺎء ﻣﻌﻨﺎﻩ زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج ﻟﻠﺴﻠﻊ اﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻴﺔ واﻟﻜﻤﺎﻟﻴ ﺔ‪،‬أﻣﺎ ﺑﻌ ﺪ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬وﺗﺨﻔﻴ ﻒ‬
‫ن اﻟﻄﻠﺐ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ واﻟﺤﺎﺟﻴﺔ‪،‬آﻤﺎ أن اﻟﻤﺸ ﺎرﻳﻊ‬ ‫ﺣﺪة اﻟﻐﻨﻰ‪،‬وﺗﻜﺪس اﻟﺜﺮوة‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﺗﻜ ﻮن ه ﻲ اﻟﻤﺸ ﺎرﻳﻊ اﻟﺼ ﻐﻴﺮة واﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ‪،‬وهﺬا ﻣﻌﻨ ﺎﻩ زﻳ ﺎدة إﻧﺘ ﺎج اﻟﺴ ﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳ ﻴﺔ واﻟﻀ ﺮورﻳﺔ‬
‫واﻟﺤﺎﺟﻴﺔ‪،‬وﻳﺆدي ذﻟﻚ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ إﻟﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺠﺰ اﻟﻤﻮازﻧﺔ‪،‬ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺨﺼ ﺺ ﻣ ﻦ‬
‫ﻧﻔﻘﺎت ﻟﺪﻋﻢ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -٦‬ﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺮواﺑﻂ اﻷﺳﺮﻳﺔ ‪:‬‬
‫ﻋﻤﻞ اﻹﺳﻼم ﻋﻠ ﻰ ﺗﻘﻮﻳ ﺔ اﻷواﺻ ﺮ ﺑ ﻴﻦ أﻓ ﺮاد اﻷﺳ ﺮة اﻟﻮاﺣ ﺪة‪،‬وﻣﻦ ذﻟ ﻚ أن ﺟﻌ ﻞ اﻟﻤ ﺎل ﻳ ﻮزع ﺑ ﻴﻦ‬
‫أﻓﺮاد اﻷﺳﺮة وﻓﻘﺎ ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻘﺮاﺑﺔ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺿﺮورة اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ واﻟﺘﻌﺎون ﺑﻴﻦ أﻓﺮاد اﻷﺳ ﺮة‪،‬ﻷن ذﻟ ﻚ ﻳ ﺆدي‬
‫إﻟﻰ زﻳﺎدة اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ واﻟﻘﻮة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻜﺎﻣﻠﻪ ‪(١١).‬‬

‫‪300‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪:‬‬

‫ن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم واﻟ ﺬي‬ ‫ﺗﻐﻨ ﻰ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﻮن آﺜﻴ ﺮا ﺑﻤﻴ ﺰات اﻹﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬وﻗ ﺎل ﺑﻌﻀ ﻬﻢ إ ﱠ‬
‫ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة‪،‬ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻋﺮﻗﻠﺔ اﻹﻧﺘ ﺎج وﺗ ﺄﺧﺮﻩ‪،‬‬
‫ﻓﻤﺎ ﻣﺪى ﺻﺤﺔ هﺬا اﻟﻘﻮل ؟ وهﻞ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻴﺰات ﻟﻺﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬هﺬا ﻣ ﺎ ﺳ ﻮف ﻧﻨﺎﻗﺸ ﻪ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻄﺎﻟ ﺐ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪-:‬‬
‫اﻷول ‪ :‬ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪:‬‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻣﺴﺎوئ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪:‬‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ :‬هﻞ ﻳﺆدي ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ إﻟﻰ ﻓﻘﺪ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ داﺋﻤًﺎ ؟‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ ‪ :‬هﻞ ﻳﺆدي ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص ؟‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول ‪ :‬ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪:‬‬
‫ﻣ ﻦ اﻟﺜﺎﺑ ﺖ ﻓ ﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳ ﺔ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ أﻧ ﻪ ﻣ ﻊ زﻳ ﺎدة اﻹﻧﺘ ﺎج ﺗﺘﺠ ﻪ اﻟﺘﻜ ﺎﻟﻴﻒ اﻟﻜﻠﻴ ﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ إﻟ ﻰ‬
‫اﻻﻧﺨﻔﺎض‪،‬وﻳﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺤ ﺪب ﻣ ﻦ أﺳ ﻔﻞ‪،‬وﻳﺮﺟﻊ اﻟﺘﻔﺴ ﻴﺮ اﻟﺤ ﺪﻳﺚ‬
‫ﻟﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺤﺪب إﻟﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ادوارد ﺗﺸﻤﺒﺮﻟﻴﻦ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻷرﺑﻌﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ هﺬا اﻟﻘﺮن‪،‬اﻟﺬي أرﺟﻊ‬
‫ﺷﻜﻞ اﻟﻤﻨﺤﻨﻰ ﻟﻤﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ وﻣﺴﺎوﺋﻪ‪(١٢).‬‬
‫ﻓﻜﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻘﻄﺔ أ ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺘﺎج ك‪،١‬وﺗﻜﻮن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ س‪،١‬وﻋﻨﺪ‬
‫زﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎج إﻟﻰ ك‪،٢‬ﺗﻨﺨﻔﺾ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ إﻟﻰ س‪ ،٢‬وﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻻﻧﺨﻔﺎض إﻟﻰ أن ﻳﺼﻞ اﻹﻧﺘﺎج‬
‫إﻟﻰ ك‪،٣‬وﺗﻜﻮن اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ ﻓ ﻲ أدﻧ ﻰ ﺣ ﺪ ﻟﻬ ﺎ وه ﻮ س‪،٣‬ﻓ ﺈذا زاد اﻹﻧﺘ ﺎج ﺑﻌ ﺪ ك‪ ٣‬إﻟ ﻰ ك‪،٤‬ﻓ ﺈن‬
‫اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ ﺗﺒﺪأ ﺑﺎﻻرﺗﻔﺎع إﻟﻰ س‪،٤‬وهﻜﺬا‬

‫‪301‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫وﻳﻘﺼﺪ ﺑﻤﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪ :‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻴﺰات اﻟﺘﻲ ﻳﺤﻘﻘﻬﺎ اﻟﻤﺸﺮوع‬

‫ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺰاﻳﺪ ﺣﺠﻢ ﻃﺎﻗﺘﻪ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪،‬وﺗﻨﻌﻜﺲ هﺬﻩ اﻟﻤﻴﺰات ﻓﻲ ﺷﻜﻞ‬
‫ﺗﻨﺎﻗﺺ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ‪،‬وﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ )‪:(١٣‬‬
‫‪ -١‬زﻳﺎدة وﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ وﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻴﻪ ﻣﻦ زﻳﺎدة إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﻞ ‪.‬‬
‫‪ -٢‬زﻳﺎدة اﻟﻤﻬﺎرة واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺎج ‪.‬‬
‫‪ -٣‬آﺒﺮ ﺣﺠﻢ اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﺁﻻت وﻣﻌﺪات أآﺒﺮ ﺣﺠﻤًﺎ‪.‬‬
‫‪ -٤‬ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ آﻔﺎءات ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ أﻋﻠﻰ ‪.‬‬
‫وﻳﻔﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم أن اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ إﻟﻰ أﻗﻞ ﺣﺪ ﻣﻤﻜﻦ‪،‬وه ﻮ اﻟﺤ ﺪ اﻟ ﺬي ﻳﺤﻘ ﻖ‬
‫اﻟﺘﻮازن ﻟﻠﻤﺸﺮوع‪،‬وﻳﺤﻘﻖ ﻟﻪ أﻗﺼﻰ رﺑﺢ ﻣﻤﻜﻦ‪،‬وﺑﺎﻹﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ اﻧﺨﻔ ﺎض اﻟﺘﻜ ﺎﻟﻴﻒ ﻓ ﺈن ﻟﻺﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮ‬
‫ﻣﻴﺰات ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ أﺑﺮزهﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ )‪: (١٤‬‬
‫ن اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺴ ﺘﻠﺰﻣﺎت‬ ‫‪ -١‬اﻟﻮﻓﻮرات اﻟﻔﻨﻴﺔ ‪ -:‬ﻓﻨﻈﺮًا ﻟﻜﺒﺮ ﺣﺠﻢ اﻹﻧﺘﺎج‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻜﻤﻴﺎت آﺒﻴﺮة ﺟﺪًا ‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫‪ -٢‬اﻟﻮﻓﻮرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ‪-:‬ﻋﻨ ﺪ ﺷ ﺮاء آﻤﻴ ﺎت آﺒﻴ ﺮة ﻣ ﻦ ﻣﺴ ﺘﻠﺰﻣﺎت اﻹﻧﺘﺎج‪،‬ﻓﺈ ّﻧ ﻪ ﻳﻤﻜ ﻦ اﻟﺤﺼ ﻮل ﻋﻠﻴﻬ ﺎ‬
‫ﺑﺴﻌﺮ أﻗﻞ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ وﺗﺤﻘﻖ اﻟﻮﻓﻮرات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ‪.‬‬
‫‪-٣‬اﻟﻮﻓﻮرات اﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻴﺔ ‪ :‬ﻳﺆدي اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ إﻟﻰ زﻳﺎدة ﻗﺪرة اﻟﻤﻨﺸ ﺄة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﻨ ﺎﻓﺲ واﻟﻤﺴ ﺎوﻣﺔ ﻓ ﻲ‬
‫ﺗﺴﻮﻳﻖ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻮﻓﻮرات اﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻴﺔ ‪.‬‬
‫‪-٤‬اﻟﻮﻓ ﻮرات اﻟﺘﻤﻮﻳﻠﻴ ﺔ ‪ :‬ﻧﻈ ﺮًا ﻟﻜﺒ ﺮ ﺣﺠ ﻢ اﻟﻤﻨﺸ ﺄة ﻓﺈ ّﻧ ﻪ ﻳﻤﻜﻨﻬ ﺎ اﻟﺤﺼ ﻮل ﻋﻠ ﻰ ﺗﻤﻮﻳ ﻞ ﺑﺸ ﺮوط أﻓﻀ ﻞ‬
‫وﺗﻜﻠﻔﺔ أﻗﻞ‪.‬‬
‫‪ -٥‬زﻳﺎدة اﻟﺠﻮدة اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ واﻟﻜﻤﻴﺔ ‪ -:‬ﻳﺘﺮاﻓﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋ ﺎدة ﻣ ﻊ زﻳ ﺎدة ﻓ ﻲ اﻟﺠ ﻮدة واﻟﻨﻮﻋﻴ ﺔ‪،‬ﻧﻈﺮًا‬
‫ﻟ ﺘﻤﻜﻦ اﻟﻌﻤ ﺎل ﻣ ﻦ اﻟﻤﻬ ﺎرات اﻟﻼزﻣ ﺔ ﻟﻺﻧﺘ ﺎج ﺑﺸ ﻜﻞ أﻓﻀ ﻞ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻗ ﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠ ﻰ زﻳ ﺎدة اﻹﻧﺘ ﺎج‬
‫وﺗﺤﺴﻴﻦ ﻧﻮﻋﻴﺘﻪ ‪.‬‬
‫‪ -٦‬ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ أﺣﺪث وﺳ ﺎﺋﻞ اﻟﺘﻘ ﺪم اﻟﺘﻜﻨﻮﻟ ﻮﺟﻲ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻳﺴ ﺘﻔﻴﺪ ﻣ ﻦ ﻣﻴ ﺰات اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴ ﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺠﻮدة اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ واﻟﻜﻤﻴﺔ‪،‬واﺧﺘﺼﺎر اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﻬﺪ واﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ‪.‬‬
‫‪ -٧‬ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻟﺒﺤ ﻮث واﻟﺘﺠ ﺎرب واﻟﺘ ﺪرﻳﺐ أآﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﻏﻴﺮهﺎ‪،‬ﻣﻤ ﺎ ﻳﻤﻨﺤﻬ ﺎ‬
‫ﻗﺪرة أآﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﺘﻘﺪم ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻣﺴﺎوئ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪:‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻴﺰات اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻳﺘﺮاﻓﻖ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ وهﻮ ﻓﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﺮاﺣﻠﻪ ﺑﺴﻠﺒﻴﺎت وﻣﺴﺎوئ ﻋﺪﻳ ﺪة‪،‬ﻣﻦ‬
‫أﺑﺮزهﺎ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻻﺣﺘﻜﺎر ‪:‬‬
‫إن اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﻜ ﺎﻟﻴﻒ ﺑﺪرﺟ ﺔ آﺒﻴ ﺮة ﻳﻤ ﻨﺢ اﻟﻤﺆﺳﺴ ﺔ ﻗ ﺪرة ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴ ﺔ واﻟﺴ ﻴﻄﺮة ﻋﻠ ﻰ اﻷﺳ ﻮاق‪،‬ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل ﺧﻔﺾ اﻷﺳﻌﺎر إﻟﻰ أدﻧﻰ ﺣﺪ ﻣﻤﻜﻦ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ إﺧﺮاج اﻟﻤﻨﺘﺠ ﻴﻦ اﻟﺼ ﻐﺎر اﻟ ﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴ ﺘﻄﻴﻌﻮن‬
‫اﻻﺳ ﺘﻤﺮار‪،‬وهﺬا ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ ﺗﻔ ﺮد اﻟﺸ ﺮآﺎت اﻟﻜﺒ ﺮى ذات اﻹﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮ ﺑﺎﻟﺴ ﻮق‪،‬وﻋﻨﺪهﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬ ﺎ رﻓ ﻊ‬
‫اﻷﺳﻌﺎر ﻣﺮة أﺧﺮى دون ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻦ أﺣﺪ ‪.‬‬
‫‪ -٢‬إﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﺮﻓﻴﺔ ‪:‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل وﺳ ﺎﺋﻞ اﻟﺪﻋﺎﻳ ﺔ واﻹﻋ ﻼن ﺗﺴ ﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸ ﺮآﺎت اﻟﻜﺒ ﺮى ﺗﺴ ﻮﻳﻖ اﻟﺴ ﻠﻊ اﻟﺘﺮﻓﻴ ﺔ واﻟﻜﻤﺎﻟﻴ ﺔ واﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺗﺤﻘﻖ أرﺑﺎﺣًﺎ أآﺒﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮهﺎ ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﺗﻐﻴﻴﺮ أذواق اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ وﻋﺎدات اﻻﺳﺘﻬﻼك ‪:‬‬
‫ﺗﺴ ﺘﻄﻴﻊ اﻟﺸ ﺮآﺎت اﻟﻜﺒ ﺮى وﺑﺎﻻﻋﺘﻤ ﺎد ﻋﻠ ﻰ ﺳﻴﺎﺳ ﺔ اﻹﻏ ﺮاق‪،‬أو ﺗﻘ ﺪﻳﻢ اﻟﻤﻌﻮﻧ ﺎت‪،‬أو وﺳ ﺎﺋﻞ اﻟﺪﻋﺎﻳ ﺔ‬
‫واﻹﻋﻼن‪،‬ﺗﻐﻴﻴﺮ أذواق اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ وأﻧﻤﺎط اﻻﺳﺘﻬﻼك وﻋﺎداﺗﻪ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﺎﻋﺘﻴﺎد اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻬﻼك ﺳ ﻠﻊ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺄﻟﻔﻮهﺎ ﻣ ﻦ ﻗﺒﻞ‪،‬ﺑﺴ ﺒﺐ رﺧ ﺺ أﺳ ﻌﺎرهﺎ‪ ،‬وﺳ ﻤﻌﺘﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ‪،‬إﺿ ﺎﻓﺔ إﻟ ﻰ ﺳ ﻠﻮك اﻟﻤﺒﺎه ﺎة واﻟﺘﻘﻠﻴ ﺪ ﻓ ﻲ‬
‫ﻣﻌﻈﻢ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪.‬‬

‫‪303‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫‪ -٤‬اﻣﺘﻬﺎن آﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻗﺘﻞ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ وأﺣﺎﺳﻴﺴﻪ ‪:‬‬

‫ﺗﺮاﻓ ﻖ اﻹﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮ ﻏﺎﻟﺒ ًﺎ ﻣ ﻊ اﻻﺳ ﺘﺨﺪام اﻵﻟ ﻲ اﻟﺤ ﺪﻳﺚ واﻟ ﺬي ﺣ ﻮل اﻹﻧﺴ ﺎن إﻟ ﻰ ﻗﻄﻌ ﺔ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴ ﺔ‬
‫ﺗﺘﺤﺮك ﻻإرادﻳ ﺎ ﺣﺮآ ﺎت ﻻ ﻣﻌﻨ ﻰ ﻟﻬ ﺎ ﺳ ﻮى أﻧﻬ ﺎ ﺟ ﺰء ﻣ ﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴ ﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪،‬وﻗ ﺪ أﺛ ﺮ ذﻟ ﻚ ﺳ ﻠﺒﻴًﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﻤﺎل وﻋ ﻮاﻃﻔﻬﻢ وإﻧﺴ ﺎﻧﻴﺘﻬﻢ وﻋﻼﻗ ﺎﺗﻬﻢ ﻣ ﻊ ﺑﻌﻀ ﻬﻢ ﺑﻌﻀ ﺎً‪،‬وﻟﻢ ﻳﺴ ﺘﻔﺪ ﻣ ﻦ ه ﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴ ﺔ ﺳ ﻮى‬
‫أﺻﺤﺎب اﻟﻤﺼﺎﻧﻊ واﻟﺸﺮآﺎت اﻟﻜﺒﺮى‪،‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪون وﺣﺪهﻢ ﻣﻦ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ اﺳﺘﻨﻔﺎذ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬ووﺻﻮل ﻣﻨﺤﻨﻰ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ إﻟﻰ أﻗﻞ ﺣﺪ ﻣﻤﻜﻦ ﻳﺒﺪأ اﻟﻤﻨﺤﻨﻰ‬
‫ﺑﺎﻟﺼ ﻌﻮد‪،‬ﻟﻴﻌﺒﺮ ﻋ ﻦ ﺗﺰاﻳ ﺪ اﻟﺘﻜ ﺎﻟﻴﻒ اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ‪،‬وﻳﺮﺟﻊ ذﻟ ﻚ إﻟ ﻰ ﻇﻬ ﻮر ﺗﻨ ﺎﻗﺺ ﻓ ﻲ اﻟﻜﻔ ﺎءة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴ ﺔ‬
‫ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻹدارﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸ ﺮوع ‪ :‬ﻓﻌﻨ ﺪ زﻳ ﺎدة ﺣﺠ ﻢ اﻟﻄﺎﻗ ﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴ ﺔ ﻟﻠﻤﺸ ﺮوع إﻟ ﻰ أﻋﻠ ﻰ ﺣ ﺪ‬
‫ﻣﻤﻜﻦ‪،‬ﻳﺼ ﺒﺢ ﻣ ﻦ اﻟﻀ ﺮوري اﺳ ﺘﺨﺪام ﻋ ﺪد أآﺒ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻼﺣﻈﻴﻦ‪،‬ﻣﻤ ﺎ ﻳﺰﻳ ﺪ ﻣ ﻦ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ‪،‬آﻤ ﺎ ﺗﻈﻬ ﺮ‬
‫ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻻﺗﺼﺎل ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﺸﺮوع‪،‬وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻜﻞ ذﻟﻚ ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ اﻟﻜﻔﺎءة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‬
‫ﻟﻺدارة وﻟﻸﻗﺴﺎم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮوع‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ‪(١٥).‬‬
‫وه ﺬا ﻣ ﺎ أآ ﺪﻩ اﻟﻌﺪﻳ ﺪ ﻣ ﻦ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﻴﻦ‪،‬ﻳﻘﻮل ﺟ ﻮرج ه ﺎﻟﻢ ﻓ ﻲ آﺘﺎﺑ ﻪ اﻟ ﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ ﻓ ﻲ وﺻ ﻔﻪ‬
‫ﻟﻠﺘﻜﻨ ﻮﻗﺮاﻃﻴﻴﻦ ‪ " :‬ﻓﻘ ﺪ ﺑ ﺎﻟﻐﻮا ﻓ ﻲ ﻣﻴ ﺰات اﻹﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮ وﻳﺒ ﺪو أﻧﻬ ﻢ ﺻ ﺪﻗﻮا أﻧ ﻪ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻤﻜ ﻦ ﺗﺨﻔ ﻴﺾ‬
‫اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﺎزدﻳﺎد ﺣﺠﻢ اﻹﻧﺘﺎج‪،‬وﻓﻲ ﻓﻮرة ﺣﻤﺎﺳﻬﻢ‪،‬ﻧﺴ ﻮا أن ﻳﺄﺧ ﺬوا ﻓ ﻲ اﻟﺤﺴ ﺒﺎن ‪ ..‬آﻴﻔﻴ ﺔ‬
‫ﺗﻮزﻳﻊ ﻧﺎﺗﺞ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺠﺎرة‪،‬آﺬﻟﻚ أﻏﻔﻠﻮا أن آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺴ ﻴﻨﺎت ﻓ ﻲ اﻟﺘﻘﺎﻧ ﺎت‬
‫اﻹﻧﺘﺎﺟﻴ ﺔ ﺗﺘﺮآ ﺰ ﻓ ﻲ ﻣﻨﺘﺠ ﺎت ذات أهﻤﻴ ﺔ ﺻ ﻐﻴﺮة ﻟ ﺪى اﻟﻤﺴ ﺘﻬﻠﻚ )ﻣﺜ ﻞ اﻟ ﺪﺑﺎﺑﻴﺲ واﻟﺰراﻳ ﺮ وأﻗ ﻼم‬
‫اﻟﺮﺻﺎص( ﺑﻴﻨﻤﺎ إﻧﺘﺎج اﻟﺒﻨﻮد اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎت اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ )اﻟﻤﺴ ﻜﻦ واﻟﻄﻌ ﺎم واﻟﻤﻠ ﺒﺲ( ﻣ ﺎ زاﻟ ﺖ‬
‫ﺗﻜﻠﻔﺘﻪ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻧﺴ ﺒﻴﺎً‪،‬وﻟﻘﺪ ﺑ ﺎﻟﻐﻮا ﻓ ﻲ اﺣﺘﻤ ﺎﻻت اﻹﻧﺘ ﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮة ﻷﻧ ﻪ ﻓ ﺎﺗﻬﻢ أﻧ ﻪ‪،‬ﻣﻊ ﻧﻤ ﻮ اﻹﻧﺘﺎج‪،‬ﺳ ﻴﺰداد‬
‫اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ اﻟﻜﻔﺎءة‪،‬وهﻮ ﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ زﻳﺎدة ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﻮﺣﺪة ‪. (١٦) (..‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻟ ﺚ ‪ :‬ه ﻞ ﻳ ﺆدي ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ إﻟ ﻰ ﻓﻘ ﺪ ﻣﻴ ﺰات‬
‫اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ؟‬
‫ﻳﺮى ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ أن ﺗﻔﺘﻴﺖ اﻟﺜﺮوة ﺑﺎﻹرث ﻓﻲ اﻷراﺿ ﻲ اﻟﺰراﻋﻴ ﺔ‪،‬ﻳﺆدي إﻟ ﻰ ﺣﻴ ﺎزات زراﻋﻴ ﺔ‬
‫ﺻﻐﻴﺮة اﻟﺤﺠﻢ‪،‬ﻏﻴﺮ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎً‪،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺒ ﺪو أن هﻨ ﺎك ﺗﻌﺎرﺿ ًﺎ ﺑ ﻴﻦ ه ﺪف اﻟﻜﻔ ﺎءة اﻹﻧﺘﺎﺟﻴ ﺔ وه ﺪف‬
‫ﻋﺪاﻟﺔ اﻟﺘﻮزﻳﻊ ‪(١٧).‬‬
‫وﻳﻤﻜﻦ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻜﻼم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ‪:‬‬
‫‪ -١‬اﺗﻀﺢ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن هﻨﺎك ﻣﺴﺎوئ آﺒﻴﺮة ﺗﻨﺠﻢ ﻋﻦ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬وﻣﻦ اﻟﻘﻮاﻋ ﺪ اﻟﺸ ﺮﻋﻴﺔ اﻟﻬﺎﻣ ﺔ أن "‬
‫درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ "‪ ،‬ﻓﺎﻻﺣﺘﻜﺎر وارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻔﺎﺳ ﺪ ﺧﻄﻴﺮة‪،‬ﻳﻌ ﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﻟﻘﻠﺔ ﻣ ﻦ اﻟﻨ ﺎس ‪ .‬ﻓﻤﻴ ﺰات‬
‫اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ‪،‬وهﻢ ﻣﻼك اﻟﻤﻨﺸﺄة اﻟﻜﺒﻴﺮة‪،‬وهﻢ وﺣﺪهﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ هﺬﻩ‬

‫‪304‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻤﻴﺰات‪،‬واﻹﺳﻼم ﻳﻬﺪف إﻟ ﻰ ﺗﺤﻘﻴ ﻖ اﻟﻤﺼ ﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻣ ﺔ ﻗﺒ ﻞ اﻟﺨﺎﺻ ﺔ‪،‬ﻓﻴﺠﺐ أن ﺗﻜ ﻮن ﻣﻨﻔﻌ ﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤ ﻊ‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد ‪.‬‬
‫‪ -٢‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﺆدي ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟ ﻰ ﺗﻔﺘﻴ ﺖ اﻟﻤﻠﻜﻴ ﺎت اﻟﻜﺒﻴ ﺮة‪ "،‬ﻓﻘ ﺪ ورد‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻵﺛﺎر " ﻻ ﺗﻌﻀﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺮاث " أي ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻗﺴﻤﺔ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ ﺗﻔﺮﻳﻘﻪ ﺿﺮر‪ ،‬آﺴﻴﻒ ﻓﻼ‬
‫ﻳﻜﺴﺮ ﻧﺼﻔﻴﻦ‪،‬وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻷرض أو اﻟﻤﺼﻨﻊ إﻟﻰ ﺣﺪود ﻏﻴﺮ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﻳﻤﻜﻦ ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺑﻴﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻮرﺛﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ‪،‬أو ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺸﺮآﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ أو اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ "‪(١٨).‬‬
‫‪ -٣‬آﻤﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻤﻠﻜﻴﺎت اﻟﻜﺒﻴ ﺮة إﻟ ﻰ أﺳ ﻬﻢ‪،‬وﺗﻮزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺟﻤﻴ ﻊ اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﻦ‪،‬وه ﺬا ﻻ ﻳ ﺆﺛﺮ‬
‫ﻓﻲ إدارة اﻟﺸﺮآﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻬﺎ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﺗﺴﺘﻤﺮ اﻟﻤﻠﻜﻴﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﺑﺸﻜﻞ اﻗﺘﺼﺎدي ‪(١٩) .‬‬
‫‪ -٤‬وﻳﺒﻘﻰ اﻟﻬﺪف اﻷآﺒﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘ ﻪ ه ﻮ ﻋﺪاﻟ ﺔ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟ ﺪﺧﻞ‪،‬وﺗﻘﻠﻴﻞ‬
‫ﺣﺪة اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪ "،‬آﻲ ﻻ ﻳﻜ ﻮن دوﻟ ﺔ ﺑ ﻴﻦ اﻷﻏﻨﻴ ﺎء ﻣ ﻨﻜﻢ " )اﻟﺤﺸ ﺮ‪،‬ﺁﻳﺔ ‪،(٧‬ﻓﺘﻮزﻳ ﻊ اﻟﻤﻴ ﺮاث‬
‫إﻟﻰ أآﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻮرﺛﺔ‪،‬ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وزﻳﺎدة اﻟﺘﺸﻐﻴﻞ واﻹﻧﺘﺎج‪ ،‬وﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ زﻳ ﺎدة اﻻﻧﺘﻌ ﺎش‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﻘﺪم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ‪.‬‬
‫وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻻﺗﻬﺎم اﻟﺬي ﻳﻮﺟﻬﻪ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ ﺻ ﺤﻴﺤﺎً‪،‬إذا اﻓﺘﺮﺿ ﻨﺎ أن اﻹﺳ ﻼم ﻻ ﻳﺠﻴ ﺰ ﺑﻴ ﻊ‬
‫اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺼﻐﻴﺮة ) ﻏﻴﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ( ﺑﻴﻦ اﻟﻮرﺛﺔ أو ﻻ ﻳﺠﻴﺰ ﻗﻴﺎم ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻮﺣ ﺪات اﻟﺼ ﻐﻴﺮة ﻓ ﻲ‬
‫اﻹدارة واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر‪،‬رﻏﻢ ﺗﻔﺘﺘﻬﺎ ﻓ ﻲ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ‪،‬وه ﺬا اﻻﻓﺘ ﺮاض ﻏﻴ ﺮ ﺻ ﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻷن اﻟﻨﻈ ﺎم اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻳﺒ ﻴﺢ‬
‫اﻟﺒﻴﻊ وﻳﻔﺘﺢ ﺑﺎب اﻟﻤﺸﺎرآﺎت واﺳﻌﺎً‪،‬آﻤﺎ أن ﻓﻴﻪ أﺣﻜﺎﻣًﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺴ ﺎﻋﺪ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺘﺠﻤﻴ ﻊ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدي ﻟﻠﻤﻠﻜﻴ ﺔ‬
‫ﻣﺜﻞ ﺣﻖ اﻟﺸﻔﻌﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻘﺎرات واﻷراﺿﻲ اﻟﻤﺘﺠﺎورة ‪(٢٠) .‬‬
‫وﻗﺪ ﻧﺺ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮآﺔ اﻹرث واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺧ ﻼل اﺟﺘﻤ ﺎع اﻟﻮرﺛ ﺔ ﻓ ﻲ ﻣﻠﻜﻴ ﺔ ﻋ ﻴﻦ ﻋ ﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬وهﺬا ﻳﺆآﺪ أن اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ اهﺘﻤﻮا ﺑﻬﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣ ﻦ ﻗﺒ ﻞ ووﺿ ﻌﻮا اﻟﺤﻠ ﻮل ﻟﻬ ﺎ‪،‬‬
‫ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ‪.‬‬
‫‪-٥‬ﻳﻌ ّﺪ اﻹﺳﻼم اﻟﻮرﺛﺔ ‪ -‬وهﻢ أوﻻد اﻟﻤﻮرث وأﻗﺮﺑﺎؤﻩ ‪ -‬أآﺜﺮ اﻟﻨﺎس ﻗﺪرة وآﻔﺎءة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﺴ ﻴﺮة‬
‫اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪،‬آﻤﺎ أﻧﻬﻢ أﺣﺮص اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮآﺔ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﺮر واﻟﺘﺒﺪﻳﺪ‪،‬ﻓﻬﺬﻩ اﻷﻣﻮال ﻗ ﺪ ﻧﻤ ﺖ‬
‫أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻬﻢ‪،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺷ ﺎرآﻮا ﺑﺼ ﻨﻌﻬﺎ وﺗﻨﻤﻴﺘﻬﺎ‪،‬ﻟ ﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧ ﻪ ﻳﺼ ﻌﺐ ﻋﻠ ﻴﻬﻢ ﺗﻀ ﻴﻴﻌﻬﺎ أو ﻗﺴ ﻤﺘﻬﺎ‬
‫ﺑﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ اﻟﻀﺮر ﺑﻬﺎ‪،‬ﻓﻼ ﻳﻜﻮن أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺳﻮى اﻟﺸ ﺮآﺔ أو اﻟﺘﺨ ﺎرج‪،‬ﻣﻦ أﺟ ﻞ اﻻﺳ ﺘﻤﺮار ﻓ ﻲ اﻹﻧﺘ ﺎج‬
‫واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻼ‬
‫‪-٦‬ﻣ ﻦ اﻟﻤﻤﻜ ﻦ أن ﻻ ﺗ ﺆدي ﻗﺴ ﻤﺔ اﻷرض إﻟ ﻰ اﻟﻀ ﺮر أو اﻟﺨﺴ ﺎرة‪،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜ ﻮن ﻋ ﺪد اﻟﻮرﺛ ﺔ ﻗﻠ ﻴ ً‬
‫ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺤﺠﻢ اﻷرض اﻟﻜﺒﻴﺮ‪،‬ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدي ذﻟﻚ إﻟﻰ زﻳﺎدة اﻟﻜﻔﺎءة واﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ‪.‬‬
‫‪-٧‬وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻓﻘﺪ أﺛﺒﺘﺖ دراﺳﺎت ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة‪،‬ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﻮن ﻏﺮﺑﻴﻮن ﻓﻲ ﺑﻠﺪان ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪،‬أن‬
‫اﻟﻤﺰارع اﻟﺼﻐﻴﺮة أآﺜﺮ آﻔﺎءة ﻣﻦ اﻟﻤﺰارع اﻟﻜﺒﻴﺮة‪،‬وأن ﻣﺘﻮﺳﻂ إﻧﺘﺎج اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻦ اﻷرض وﻣﺴﺎﺣﺔ‬
‫اﻟﻤﺰارع ﻣﺮﺗﺒﻄﺎن ارﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻋﻜﺴﻴًﺎ ‪(٢١).‬‬

‫‪305‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫‪ -٩‬آﻤﺎ أآﺪ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ ‪ -‬وهﻮ أآﺒﺮ ﺟﻬﺎز ﻣﺎﻟﻲ واﻗﺘﺼﺎدي دوﻟﻲ ‪ -‬اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺴ ﺎﺑﻘﺔ ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻗ ﺮر أن "‬
‫ﺣﻴﻮﻳﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺰارع اﻷﺳﺮ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ أﻣﺮان ﻳﺠﻠﺒﺎن اﻟﻨﻈﺮ "‪(٢٢) .‬‬
‫وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻧﺠﺪ أن اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻳﻔﻨﺪ ﻣﺎ وﺿ ﻌﺘﻪ ﺑﻌ ﺾ اﻷﻓﻜ ﺎر اﻟﻨﻈﺮﻳ ﺔ ﻣ ﻦ ﻣ ﺰاﻋﻢ اﻹﻧﺘ ﺎج‬
‫اﻟﻜﺒﻴ ﺮ وﻣﻴﺰاﺗ ﻪ ووﻓﻮراﺗﻪ‪،‬وه ﺬا ﻣ ﺎ ﻳﺰﻳ ﺪ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﻴﻦ إﻳﻤﺎﻧ ﺎً‪،‬ﺑﺨﻠﻮد اﻟﺸ ﺮﻳﻌﺔ وﺻ ﻼﺣﻴﺘﻬﺎ ﻟﻜ ﻞ زﻣ ﺎن‬
‫وﻣﻜﺎن‪،‬وﻳﺆآﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﺎز ﺑﻪ ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ‪،‬ه ﺬﻩ اﻟﻌﺪاﻟ ﺔ اﻟﺘ ﻲ‬
‫ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﻟﻜﻔﺎءة‪،‬ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻌﺎرض وﻻ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ‪.‬‬
‫‪ -١٠‬إن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺘﻀﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﺑﻘﻴﺔ أﺟﺰاء اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬وﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ أﻧﻈﻤﺔ‬
‫اﻹﺳﻼم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴ ﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳ ﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴ ﺔ واﻟﺘﺮﺑﻮﻳ ﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴ ﺔ ‪ ..‬اﻟﺦ‪،‬ﻓ ﻲ ﺗﺤﻘﻴ ﻖ اﻟﻌﺪاﻟ ﺔ واﻟﻜﻔ ﺎءة‬
‫وﺳﺎﺋﺮ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ودرء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ‪ .‬ﻓﻨﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ‬
‫ﻳﻌﻤﻞ وﺣﺪﻩ‪،‬وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﻧﻀﻤﺎم آﻞ اﻷدوات واﻟﻨﻈﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف إﻟ ﻰ ﺗﺤﻘﻴ ﻖ اﻟﺘﻜﺎﻓ ﻞ واﻟﻌﺪاﻟ ﺔ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪،‬آﻤﺎ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻜﻔﺎءة واﻻﺳﺘﺨﺪام اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻤﻮارد ‪.‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺮاﺑﻊ ‪ :‬هﻞ ﻳﺆدي ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص ؟‬
‫ﻳﺪﻋﻲ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ أن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ آﺴﺐ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻬﺪ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓﻬﻮ ﻳﺴ ﻬﻢ ﻓ ﻲ زﻳ ﺎدة‬
‫ﻋﺪم اﻟﺘﻜﺎﻓﺆ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس‪،‬وﻳﻤﻜﻦ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻜﻼم آﻤﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬
‫‪ -١‬إن اﻟﻤﺎل ﻻ ﻳﻤﻨﺢ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﻴﺰة ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺳﻮاﻩ‪،‬وإﻧﻤﺎ ﻳﻠﻘﻲ ﻋﻠ ﻰ آﺎهﻠ ﻪ واﺟﺒ ﺎت أآﺒﺮ‪،‬ﺑﺎﺳ ﺘﺨﺪام اﻟﻤ ﺎل‬
‫واﺳﺘﺜﻤﺎرﻩ ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ ‪.‬‬
‫‪ -٢‬إذا ﺳﺎوت اﻟﺪوﻟ ﺔ ﺑ ﻴﻦ اﻟﻨ ﺎس ﻓ ﻲ ﻓ ﺮص اﻟﻌﻠ ﻢ واﻟﻌﻤ ﻞ‪،‬وﻓﻲ اﻟﺤﻘ ﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت‪،‬ﻓﺈ ّﻧ ﻪ ﻻ ﻓﻀ ﻞ ﻷﺣ ﺪ‬
‫ﻋﻠ ﻰ أﺣ ﺪ إﻻ ﺑ ﺎﻟﺘﻘﻮى‪ "،‬إن أآ ﺮﻣﻜﻢ ﻋﻨ ﺪ اﷲ أﺗﻘ ﺎآﻢ "‪،‬أﻣ ﺎ اﻟﻤ ﺎل ﻓﺈ ّﻧ ﻪ وﺳ ﻴﻠﺔ وﻟ ﻴﺲ ﻏﺎﻳ ﺔ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ‬
‫ﻓﺎﻟﻔﺮص ﻣﻤﻨﻮﺣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﻌﺪاﻟﺔ ‪(٢٣) .‬‬
‫‪ -٣‬إن اﻟﻮرﺛﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﻴﻦ هﻢ أﺣﻖ اﻟﻨ ﺎس ﺑﺎﻟﺘﺮآ ﺔ‪،‬ﻷن ﻋﻠ ﻴﻬﻢ واﺟ ﺐ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﻮرث ﻟ ﻮ آ ﺎن ﻗﺒ ﻞ‬
‫ﻣﻮﺗﻪ ﻓﻘﻴﺮًا وآﺎﻧﻮا أﻏﻨﻴﺎء‪،‬وهﺬا هﻮ اﻟﺮأي اﻷرﺟﺢ ﻓﻲ ﻣﻮﺿ ﻮع اﻟﻨﻔﻘﺔ‪،‬ﻟﻘﻮﻟ ﻪ ﺗﻌ ﺎﻟﻰ " وﻋﻠ ﻰ اﻟ ﻮارث‬
‫ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ " )اﻟﺒﻘﺮة‪. (٢٣٣،‬‬
‫‪ -٤‬إن اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس أﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ وﻓﻄﺮي ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إزاﻟﺘ ﻪ ﺑ ﻴﻦ اﻟﻨ ﺎس‪،‬وهﻮ ﻣ ﻦ ﻣﻘﺘﻀ ﻰ ﺣﻜﻤ ﺔ اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪،‬ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻌﺎون اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ‪،‬وﻳﻜﻤﻠﻮا ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً‪،‬ﻓﻠﻮ آ ﺎﻧﻮا ﻣﺘﺴ ﺎوﻳﻦ ﻓ ﻲ آ ﻞ ﺷ ﻲء‪،‬ﻟﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﺣﻴ ﺎﺗﻬﻢ ﻣﺴ ﺘﺤﻴﻠﺔ ﻋﻠ ﻰ اﻷرض‪،‬ﻗ ﺎل ﺗﻌ ﺎﻟﻰ " وﻟ ﻮ ﺷ ﺎء رﺑ ﻚ ﻟﺠﻌ ﻞ اﻟﻨ ﺎس أﻣ ﺔ واﺣ ﺪة‪،‬وﻻ ﻳﺰاﻟ ﻮن‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ " )هﻮد‪ (١١٨،‬وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ " ورﻓﻊ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ درﺟﺎت " )اﻷﻧﻌ ﺎم‪ . (١٦٥،‬وﻣﻌﻨ ﻰ‬
‫ذﻟﻚ أن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث ﻟﻦ ﻳﻀﻴﻒ ﺟﺪﻳﺪًا إﻟ ﻰ ه ﺬﻩ اﻟﺤﻘﻴﻘ ﺔ اﻟﺘ ﻲ ﻻ ﻳﻤﻜ ﻦ إﻧﻜﺎرهﺎ‪،‬وإﻧﻤ ﺎ ﻳﺠ ﺐ اﻟﺘﻌﺎﻣ ﻞ‬
‫ﻣﻌﻬﺎ وﻓﻘًﺎ ﻟﻠﻀﻮاﺑﻂ واﻟﻘﻴﻢ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮرﺛﺔ ‪:‬‬

‫ﻼ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " وﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻟﻪ رزﻗﻬ ﻦ‬ ‫ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻮي ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻨﻔﻘﺎت‪،‬ﻋﻤ ً‬
‫وآﺴﻮﺗﻬﻦ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف … وﻋﻠﻰ اﻟﻮارث ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ " ) اﻟﺒﻘ ﺮة‪ ( ٢٣٣،‬ﻓﻌﻠ ﻰ آ ﻞ ﻣ ﻦ ﻳﻤﻜ ﻦ أن ﻳ ﺮث ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ إذا ﺗﺮك ﻣﺎﻻً‪،‬واﺟﺐ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠﻴ ﻪ ﻓ ﻲ ﺣﻴﺎﺗ ﻪ إذا آ ﺎن ﻣﺤﺘﺎﺟ ﺎً‪،‬وﻋﻠﻰ أﺻ ﺤﺎب اﻟﻔ ﺮوض ﺑﺸ ﻜﻞ‬
‫ﺧﺎص واﺟﺐ اﻹﻧﻔﺎق أآﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮهﻢ‪،‬وﻳﻨﺘﻘﻞ واﺟﺐ اﻹﻧﻔﺎق ﻣﻦ ﺷﺨﺺ إﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺗﺒﻌًﺎ ﻟﻤﻜﺎﻧﺘ ﻪ وأوﻟﻮﻳﺘ ﻪ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻴﺮاث ‪.‬‬
‫وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أآﺜ ﺮ ﻣ ﺎ ﻳﺜ ﺎر ﻓ ﻲ ﻣﺠ ﺎل اﻟﻤﻔﺎﺿ ﻠﺔ ﺑ ﻴﻦ اﻟﻮرﺛﺔ‪،‬اﻟﻤﻔﺎﺿ ﻠﺔ ﺑ ﻴﻦ اﻟ ﺬآﺮ واﻷﻧﺜﻰ‪،‬واﻟﻤﻔﺎﺿ ﻠﺔ ﺑ ﻴﻦ‬
‫اﻷوﻻد واﻵﺑﺎء‪،‬وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﻀﻤﻦ هﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﻤﻄﻠﺒﻴﻦ اﻟﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻟﺬآﺮ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﺜﻰ ‪:‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻷﺑﻨﺎء أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء ‪:‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻟﺬآﺮ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﻧﺜﻰ ‪:‬‬
‫ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻳﻮﺻﻴﻜﻢ اﷲ ﻓﻲ أوﻻدآﻢ ﻟﻠﺬآﺮ ﻣﺜﻞ ﺣ ﻆ اﻷﻧﺜﻴ ﻴﻦ " ) اﻟﻨﺴ ﺎء‪،‬ﺁﻳﺔ ‪ (١١‬وﻗ ﺪ أﺧ ﺬ اﻟﻔﻘﻬ ﺎء ﻣ ﻦ‬
‫ه ﺬﻩ اﻵﻳ ﺔ أن ﻧﺼ ﻴﺐ اﻟ ﺬآﺮ ﻣ ﻦ اﻟﻤﻴ ﺮاث ﺿ ﻌﻒ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻷﻧﺜ ﻰ‪ ،‬وﻟ ﻢ ﻳﺨ ﺎﻟﻒ أﺣ ﺪ ﻣ ﻦ ﻋﻠﻤ ﺎء اﻟﺴ ﻠﻒ‬
‫واﻟﺨﻠﻒ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‪،‬ﻓﻤﺎ هﻲ اﻟﺤﻜﻤﺔ وراء ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ؟‬
‫‪ -١‬إن اﻟﻨﻈ ﺎم اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻳﻜﻠ ﻒ اﻟ ﺬآﺮ ﺑﻤﻬﻤ ﺔ اﻟﻜﺴ ﺐ واﻟﻌﻤ ﻞ واﻟﺤﺼ ﻮل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺎل‪،‬وﻣﻦ ﺛ ﻢ ﻳﻜﻠﻔ ﻪ‬
‫ﺑﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔﺎق واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ‪،‬وهﺬا اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻳﻨﺴ ﺠﻢ ﻣ ﻊ ﻣ ﺎ أودﻋ ﻪ اﷲ ﻓ ﻲ اﻟ ﺬآﺮ ﻣ ﻦ ﻗ ﺪرات ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴ ﺔ‬
‫ﺗﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺜﻰ‪،‬ﻓﻬﻮ أﻗﻮى ﺟﺴﻤﺎً‪،‬وﺑﻨﻴﺘﻪ ﻣﻌﺪة ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﻜﺴﺐ‪،‬ﺑﻌﻜﺲ ﺑﻨﻴ ﺔ اﻷﻧﺜﻰ‪،‬اﻟﻤﻬﻴ ﺄة ﻟﻼﻧﺸ ﻐﺎل‬
‫ﺑﻤﻬﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤ ﺔ‪،‬هﻲ ﻣﻬﻤ ﺔ اﻷﻣﻮﻣ ﺔ‪ ،‬وﻣ ﺎ ﺗﻤ ﺮ ﺑ ﻪ ﻣ ﻦ ﻣﺮاﺣ ﻞ اﻟﺤﻤ ﻞ واﻟ ﻮﻻدة واﻹرﺿ ﺎع أو اﻟ ﺪورة‬
‫اﻟﺸﻬﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم اﻟﺤﻤﻞ ‪.‬‬
‫وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أن اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻔﺮﻏﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ واﻟﻜﺴﺐ واﻹﻧﻔﺎق‪،‬ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺎﻟﻤﺎل ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ‪،‬ﺑﻤﺎ‬
‫ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻤﺎل وﻋﺪم ﺗﻌﻄﻴﻠﻪ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻜﺴﺎد وﻳﺰﻳ ﺪ ﻣ ﻦ اﻹﻧﺘ ﺎج واﻻﻧﺘﻌ ﺎش‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ آﺎن اﻟﺮﺟﻞ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷآﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﺮاث ‪.‬‬
‫‪ -٢‬إن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﻜﻠ ﻒ ﺷ ﺮﻋًﺎ ﺑﺎﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ زوﺟﺘ ﻪ وأوﻻدﻩ اﻟﻘﺼ ﺮ‪،‬وﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎﺗ ﻪ ﻣ ﺎ ﻟ ﻢ ﻳﺘﺰوﺟﻦ‪،‬وﻋﻠ ﻰ‬
‫أﺧﻮاﺗﻪ وأﺑﻮﻳﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ اﻟﻔﻘ ﺮ واﻟﺤﺎﺟ ﺔ‪،‬أﻣﺎ اﻷﻧﺜ ﻰ ﻓﻠﻴﺴ ﺖ ﻣﻜﻠﻔ ﺔ ﺷ ﺮﻋًﺎ ﺑﺎﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ أﺣ ﺪ ‪ .‬وﻣ ﻦ‬
‫ﺟﻬ ﺔ أﺧ ﺮى ﻓ ﺎن اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﻄﺎﻟ ﺐ ﺑﺘﻘ ﺪﻳﻢ اﻟﻤﻬ ﺮ ﻋﻨ ﺪ اﻟ ﺰواج‪،‬وﻻ ﻳﻄﻠ ﺐ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺮأة ﺗﻘ ﺪﻳﻢ أي ﺷ ﻲء‬
‫ﻣﺎدي ‪.‬‬
‫‪ -٣‬إن اﻟﺮﺟﻞ أآﺜ ﺮ ﻗ ﺪرة ﻓ ﻲ اﻟﻐﺎﻟ ﺐ ﻋﻠ ﻰ ﺗﻮﻇﻴ ﻒ اﻟﻤ ﺎل واﺳ ﺘﺜﻤﺎرﻩ ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺮأة‪ ،‬ﻓﻤ ﺎ دام اﻟﺮﺟ ﻞ ﻣﻜﻠﻔ ًﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺴﺐ واﻹﻧﻔﺎق‪،‬ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻜﻮن أآﺜﺮ دراﻳﺔ وﺧﺒﺮة ﻓ ﻲ آﻴﻔﻴ ﺔ اﻟﺤﺼ ﻮل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻤ ﺎل وﺗﺜﻤﻴ ﺮﻩ أآﺜ ﺮ ﻣ ﻦ‬
‫اﻟﻤﺮأة‪،‬ﻓﻠ ﺬﻟﻚ ﻓﻬ ﻮ اﻷوﻟ ﻰ ﺑﺎﻟﺤﺼ ﻮل ﻋﻠ ﻰ اﻟﻨﺼ ﻴﺐ اﻷآﺒﺮ‪،‬ﺗﺠﻨﺒ ًﺎ ﻟﻀ ﻴﺎع اﻟﻤﺎل‪،‬ﺧﺎﺻ ﺔ وأﻧ ﻪ ﻻ‬

‫‪307‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫ﻳﺴﺘﺜﻤﺮﻩ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻘﻂ‪،‬وإﻧﻤﺎ ﻷﺧﻮاﺗﻪ ﺣﺼﺔ ﻓﻲ ﻋﻮاﺋﺪ ه ﺬا اﻻﺳ ﺘﺜﻤﺎر‪،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻠﺰﻣ ﻪ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻴﻬﻦ ﻓ ﻲ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘﺮهﻦ ‪.‬‬
‫‪-٤‬إن ﺣﺼﻮل اﻟﻤﺮأة ﻋﻠ ﻰ ﻧﺼ ﻴﺐ ﻣﻤﺎﺛ ﻞ ﻟﻠﺮﺟﻞ‪،‬ﻣﻌﻨ ﺎﻩ ﺗﻌﻄﻴ ﻞ ﻟﺠ ﺰء آﺒﻴ ﺮ ﻣ ﻦ اﻟﺜ ﺮوة‪،‬ﻷن اﻟﻤ ﺮأة ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﻦ ﺗﻮﺟﻪ هﺬا اﻟﻤﺎل ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪،‬ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ واﺟﺐ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻜﺴﺐ‪،‬آﻤﺎ أﻧﻪ ﻟ ﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬ ﺎ‬
‫واﺟﺐ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ‪ .‬وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻮﺟﻪ اﻟﻤﺮأة اﻟﻤ ﺎل ﻟﺸ ﺮاء اﻟﺤﻠﻲ‪،‬وﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺮﻏﻢ ﻣ ﻦ ﻣﺸ ﺮوﻋﻴﺔ‬
‫ﺗﺼ ﺮﻓﻬﺎ ﺑﻤﺎﻟﻬ ﺎ ﺑﻬ ﺬا اﻟﺸ ﻜﻞ‪،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳ ﺆدي ‪ -‬ﻟ ﻮ آ ﺎن ﻣﻌﻈ ﻢ اﻟﻤ ﺎل ﺑﻴ ﺪهﺎ ‪ -‬إﻟ ﻰ ﺣﺮﻣ ﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤ ﻊ ﻣ ﻦ‬
‫إﺷﺮاك هﺬا اﻟﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ‪.‬‬
‫ن ﺗﺤﺪﻳ ﺪ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻟ ﺬآﺮ ﺑﻀ ﻌﻒ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻷﻧﺜ ﻰ ﻣﻌﻨ ﺎﻩ أن ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺬآﺮ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ‬ ‫‪-٥‬وﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل‪ :‬إ ﱠ‬
‫ﻣﻀ ﺎﻋﻔﺔ‪،‬ﻓﻌﻠﻴﻪ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ ﻧﻔﺴ ﻪ وﻋﻠ ﻰ أﺧﺘ ﻪ‪ ،‬ﻓﻠ ﻮ آ ﺎن اﻟﻮرﺛ ﺔ ﻳﻨﺤﺼ ﺮون ﻓ ﻲ ذآ ﺮ‬
‫وأﻧﺜﻰ ﻓﻘﻂ‪،‬ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺬآﺮ اﻟﺜﻠﺜﺎن وﻟﻸﻧﺜﻰ اﻟﺜﻠﺚ‪،‬واﻷﻧﺜﻰ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺣ ﺪ‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻬﺎ ﻟﺸﺮاء اﻟﺤﻠﻲ أو ﺗﺪﺧﺮﻩ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺬآﺮ ﻓ ﺈن ﻋﻠﻴ ﻪ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻠﻰ أﺧﺘﻪ‪،‬وهﺬا ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺗﺸﻐﻴﻞ ﺛﻠﺚ اﻟﻤﺎل ﻣ ﻦ أﺟ ﻞ ﺗﻨﻤﻴﺘ ﻪ وﺗﺜﻤﻴﺮﻩ‪،‬ﻟﻜ ﻲ ﻳﺸ ﻜﻞ ﻣﺼ ﺪرًا‬
‫ﻟﺪﺧﻞ داﺋﻢ‪،‬وﺗﺨﺼﻴﺺ اﻟﺜﻠﺚ اﻵﺧﺮ ﻟﻺﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻠﻰ أﺧﺘﻪ وﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ‪(٢٤) .‬‬
‫‪-٦‬ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺬآﺮ واﻷﻧﺜﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻴﺮاث ﻣﻄﻠﻘﺔ‪،‬ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻮاﺿﻊ ﻳﺘﺴﺎوى ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﺬآﺮ ﻣ ﻊ‬
‫ﻧﺼﻴﺐ اﻷﻧﺜﻰ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " وﻷﺑﻮﻳﻪ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ اﻟﺴﺪس ﻣﻤﺎ ﺗﺮك‪،‬إن آ ﺎن ﻟ ﻪ وﻟ ﺪ‪،‬ﻓﺈن ﻟ ﻢ‬
‫ـﺎ ٍﻭ‬ ‫ﻳﻜ ﻦ ﻟ ﻪ وﻟ ﺪ وورﺛ ﻪ أﺑ ﻮاﻩ ﻓﻸﻣ ﻪ اﻟﺜﻠ ﺚ " )اﻟﻨﺴ ﺎء‪،‬ﺁﻳﺔ ‪ ،(١١‬وﻣﻌﻨ ﻰ اﻵﻳ ﺔ أن ﻧﺼ ﻴﺐ اﻷبﻤﺴـ‬
‫ﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷم ﻋﻨﺪ وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ‪،‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ ﻓﺈن ﻟﻸم اﻟﺜﻠﺚ وﻟﻸب اﻟﺜﻠﺜﻴﻦ ‪.‬‬
‫وﺗﺒﺪو اﻟﺤﻜﻤﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ‪،‬ﻷن اﻷﺑﻮﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ)وهﻮ اﺑ ﻦ اﻻﺑ ﻦ( ﻟﻬﻤ ﺎ ﺣ ﻖ ﻓ ﻲ‬
‫إﻧﻔﺎق اﻟﻮﻟﺪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ‪،‬هﺬا ﺑﺎﻓﺘﺮاض أن اﻟﻮرﺛﺔ هﻢ اﻷب واﻷم واﺑ ﻦ اﻻﺑ ﻦ ﻓﻘ ﻂ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻋ ﺪم وﺟ ﻮد‬
‫اﻟﻮﻟﺪ‪،‬ﻓﺈن ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻷب ﻓﻲ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ زوﺟﺘﻪ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺴﺘﻤﺮة‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ اﻟﺜﻠﺜﺎن وﻟﻸم اﻟﺜﻠﺚ ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ذآﺮ ﺑﻌ ﺾ اﻟﺒ ﺎﺣﺜﻴﻦ ﺣﻜﻤ ًﺎ أﺧ ﺮى ﻟﻬ ﺬﻩ اﻟﻤﺴ ﺎواة ﺑ ﻴﻦ اﻷب واﻷم‪،‬ﻳﻘ ﻮل اﻟﺴ ﻬﻴﻠﻲ " وﺳ ﻮﱠى اﷲ ﺑ ﻴﻦ‬
‫اﻷب واﻷم ﻓﻲ هﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻷن اﻷب‪،‬وإن آﺎن ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ‪،‬ﺑﻤﺎ آﺎن ﻳﻨﻔﻘ ﻪ ﻋﻠ ﻰ اﻻﺑﻦ‪،‬وﺑﻨﺼ ﺮﺗﻪ‬
‫ﻟﻪ واﻧﺘﻬﺎﺿﻪ ﺑﺎﻟﺬب ﻋﻨﻪ ﺻﻐﻴﺮاً‪،‬ﻓﺎﻷم أﻳﻀًﺎ ﺣﻤﻠﺘﻪ آﺮه ًﺎ ووﺿ ﻌﺘﻪ آﺮهﺎً‪،‬وآ ﺎن ﺑﻄﻨﻬ ﺎ ﻟ ﻪ وﻋﺎء‪،‬وﺛ ﺪﻳﻬﺎ‬
‫ﻟﻪ ﺳﻘﺎء‪،‬وﺣﺠﺮهﺎ ﻟﻪ ﻗﺒﺎء‪،‬ﻓﺘﻜﺎﻓﺄت اﻟﺤﺠﺘﺎن ﻣﻦ اﻷﺑﻮﻳﻦ‪،‬ﻓﺴﻮّى اﷲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪،‬ﻓﺄﻋﻄﺎهﻤﺎ ﺳﺪﺳًﺎ " )‪(٢٥‬‬
‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻷوﻻد أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺑﺎء ‪:‬‬
‫وﻳﺸﺘﻤﻞ هﺬا اﻟﻤﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮﻋﻴﻦ اﻟﺘﺎﻟﻴﻴﻦ ‪:‬‬
‫اﻟﻔﺮع اﻷول ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻻﺑﻦ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺪ واﻟﺠﺪة ‪:‬‬
‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻻﺑﻦ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻷم ‪:‬‬

‫‪308‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻔﺮع اﻷول ‪ -:‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻻﺑﻦ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﺪ واﻟﺠﺪة ‪:‬‬

‫ﻻ ‪ -:‬ﻳﻌ ّﺪ اﻷﺑﻨﺎء اﻣﺘ ﺪادا ﻟﻶﺑ ﺎء‪،‬ﻳﻜﻤﻠﻮن اﻟﻤﺴ ﻴﺮة اﻟﺘ ﻲ اﺑﺘ ﺪأهﺎ اﻵﺑ ﺎء‪،‬وهﻢ أآﺜ ﺮ اﻟﻨ ﺎس ﻣﻌﺮﻓ ﺔ ودراﻳ ﺔ‬
‫أو ً‬
‫ﺑﻜﻴﻔﻴ ﺔ إآﻤ ﺎل اﻟﻤﺴ ﻴﺮة‪،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧ ﻮن ﺷ ﺎرآﻮا ﻓ ﻲ ﺻ ﻨﻊ اﻟﺜ ﺮوة اﻟﺘ ﻲ ﺗﺮآﻬ ﺎ اﻵﺑ ﺎء‪ ،‬ﻟ ﺬﻟﻚ ﻓﻬ ﻢ أﺣ ﻖ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷآﺒﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮهﻢ‪،‬آﻤﺎ أﻧﻬﻢ أآﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﻴ ﺔ اﻟﺜ ﺮوة اﻟﺘ ﻲ ﺗﺮآﻬ ﺎ اﻵﺑﺎء‪،‬ﻟﻤ ﺎ ﻳﻤﻠﻜﻮﻧ ﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺎت ﺷﺒﺎﺑﻴﺔ ﻣﺘﺠﺪدة‪ ،‬وﻓﻲ هﺬا ﺧﺪﻣﺔ أآﺒﺮ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﻴًﺎ ‪ -:‬إن اﻷﺑﻨﺎء ﻳﻨﺘﻈﺮهﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أآﺒﺮ‪،‬آﻤﺎ أن ﻋﻠ ﻴﻬﻢ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺎت وأﻋﺒ ﺎء أآﺒ ﺮ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺑﻨ ﺎء ﻣﻘﺒﻠ ﻮن ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﻴﺎة وﻋﻤﺮ أﻃﻮل ﻏﺎﻟﺒﺎً‪،‬ﻓﻬﻢ ﻣﻘﺒﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻟ ﺰواج واﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻷﺳ ﺮة‪،‬واﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﻮاﺟﺒ ﺎت اﻟﻤﻠﻘ ﺎة‬
‫ﻋﻠﻰ رب آﻞ أﺳﺮة‪،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻷﻣﻮال وﺗﺜﻤﻴﺮهﺎ‪،‬وأﻣﺎ اﻷﺟﺪاد ﻓﻠﻴﺲ أﻣ ﺎﻣﻬﻢ ﺷ ﻲء ﻣ ﻦ‬
‫ذﻟﻚ‪،‬ﻓﻬﻢ ﻣﻘﺒﻠ ﻮن ﻋﻠ ﻰ دار اﻟﺒﻘ ﺎء‪،‬ﻓﻼ ﻳﺤﺘ ﺎﺟﻮن إﻻ ﻣ ﺎ ﻳﻘ ﻴﻢ اﻷود‪،‬وﻳﻌﻴ ﻨﻬﻢ ﻋﻠ ﻰ ﺣﺴ ﻦ اﻟﺨﺎﺗﻤ ﺔ‪،‬آﻤﺎ‬
‫أﻧﻬﻢ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﻌﻄﻒ وﺣﻨﺎن واﺣﺘﺮام ورﻋﺎﻳﺔ اﻷﺣﻔﺎد‪،‬وهﺬا أﻓﻀﻞ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ آﻞ آﻨﻮز اﻷرض ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻋﻠ ﻰ اﻷﺑﻨ ﺎء ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻷﺟ ﺪاد‪،‬آﻤﺎ أن ﻋﻠ ﻴﻬﻢ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳ ﺔ اﻟﺼ ﺤﻴﺔ‪،‬وآﻞ ذﻟ ﻚ‬
‫ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻧﻔﻘﺎت آﺒﻴﺮة‪،‬وﻟﺬﻟﻚ آﺎن ﻧﺼﻴﺐ اﻷﺑﻨﺎء أآﺒﺮ ‪.‬‬
‫اﻟﻔﺮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ‪ :‬اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻻﺑﻦ أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺰوﺟﺔ ‪:‬‬
‫‪ -١‬إن اﻟﺰوﺟﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﻠﻔﺔ ﺑ ﺄي إﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻷﺳ ﺮة‪،‬ﺑﻞ إن ﻋﻠ ﻰ أوﻻده ﺎ واﺟ ﺐ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠﻴﻬ ﺎ‪،‬إن آ ﺎن‬
‫ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎل‪،‬وإﻻ آﺎن ﻋﻠﻰ أﺑﻴﻬﺎ وأﺧﻮﺗﻬﺎ وﺑﻘﻴﺔ أهﻠﻬﺎ واﺟﺐ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻬﺎ‪،‬وﺑﻨﺎء ﻋﻠ ﻰ ذﻟ ﻚ ﻓﻬ ﻲ ﻻ‬
‫ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل ‪.‬‬
‫ن ﻧﻔﻘﺘﻬ ﺎ ﺗﺠ ﺐ ﻋﻠ ﻰ زوﺟﻬ ﺎ‪،‬وﻟﻮ ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻷوﻻده ﺎ اﻟﻨﺼ ﻴﺐ‬ ‫‪ -٢‬إن اﻟﺰوﺟﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﺰوج وﻣ ﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓ ﺈ ﱠ‬
‫ن ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻗ ﺪ ﺗﻀ ﻴﻊ ﺑ ﺰواج أﻣﻬ ﻢ ‪.‬وﻗ ﺪ ﻳﻜ ﻮن اﻷوﻻد ﻣ ﻦ زوﺟ ﺔ أﺧﺮى‪،‬ﻓﻠ ﻮ ﻟ ﻢ ﻳﻜ ﻦ ﻟﻬ ﻢ‬ ‫اﻷآﺒﺮ‪،‬ﻓﺈ ﱠ‬
‫اﻟﻨﺼﻴﺐ اﻷآﺒﺮ ﻟﻀﺎﻋﺖ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺆآﺪ ‪.‬‬
‫‪ -٣‬إن اﻟﺰوﺟﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن آﺒﻴﺮة‪،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ إﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮة‪،‬وﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ آﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠ ﻰ‬
‫ﺣﺴ ﻦ اﻟﺨﺎﺗﻤ ﺔ‪،‬ﻣﻦ رﻋﺎﻳ ﺔ أﺑﻨﺎﺋﻬ ﺎ وﻋﻄﻔﻬ ﻢ وﺗ ﻮﻗﻴﺮهﻢ‪،‬وﻻ ﺗﺤﺘ ﺎج إﻟ ﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴ ﺘﻬﻢ ﻓ ﻲ أﻣ ﻮاﻟﻬﻢ‬
‫وﻣﺸﺎرﻳﻌﻬﻢ‪،‬ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻮﻏﺮ ﺻﺪورهﻢ‪،‬وﻳﺒﺎﻋﺪ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻨﻬﻢ ‪.‬‬
‫أهﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ‪:‬‬
‫‪-١‬إن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﺣﻜﺎم ﺗﻌﺒﺪﻳﺔ ﻳﺠ ﺐ اﻟﻌﻤ ﻞ ﺑﻬ ﺎ دون ﺗ ﺮدد‪،‬وﻟﻴﺲ ه ﺬا اﻟﺒﺤ ﺚ‬
‫إﻻ ﻣﺠ ﺮد ﻣﺤﺎوﻟ ﺔ ﻹزاﻟ ﺔ اﻟﺸ ﻜﻮك ﻣ ﻦ ﻧﻔ ﻮس اﻟﻤﺘﺸ ﻜﻜﻴﻦ‪،‬وﻟﺘﺜﺒﻴﺖ اﻟﻤ ﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠ ﻰ إﻳﻤ ﺎﻧﻬﻢ‪،‬ودﺣﺾ‬
‫ﺷﺒﻬﺎت وﻣﻔﺘﺮﻳﺎت اﻟﻤﻔﺘﺮﻳﻦ واﻟﻤﻜﺬﺑﻴﻦ ‪.‬‬
‫‪-٢‬إن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻳ ﺆدي إﻟ ﻰ ﻋﺪاﻟ ﺔ ﺗﻮزﻳ ﻊ اﻟﺜﺮوة‪،‬وﺗﻘﻠﻴ ﻞ ﺣ ﺪة اﻟﺘﻔﺎوت‪،‬وزﻳ ﺎدة اﻹﻧﺘ ﺎج‬
‫واﻟﺘﺸﻐﻴﻞ‪،‬واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻜﺴﺎد‪،‬وزﻳﺎدة آﻔﺎءة اﺳ ﺘﺨﺪام اﻟﻤ ﻮارد … اﻟﺦ‪،‬ﺑﻔﺎﻋﻠﻴ ﺔ آﺒﻴ ﺮة‪،‬ﻻ ﺗﻮﺟ ﺪ‬
‫ﻓ ﻲ أي ﻧﻈ ﺎم ﺁﺧ ﺮ ﻣ ﻦ اﻷﻧﻈﻤ ﺔ اﻟﻮﺿ ﻌﻴﺔ‪،‬وﻣﻦ ﺟﻬ ﺔ أﺧ ﺮى ﻓ ﺈن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻳﻌﻤ ﻞ ﺑﺘﻀ ﺎﻓﺮﻩ ﻣ ﻊ‬

‫‪309‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫أﻧﻈﻤﺔ اﻹﺳﻼم اﻷﺧﺮى‪،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﻘﻖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻟﻤﺮﺟﻮة ﺑﺸﻜﻞ آﺎﻣﻞ‪،‬ﻓﻲ ﻇﻞ أﻧﻈﻤﺔ ﻏﻴﺮ إﺳ ﻼﻣﻴﺔ‬
‫‪.‬‬
‫إن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﺴ ﻤﺢ ﺑﻘﺴ ﻤﺔ اﻟﺘﺮآ ﺔ إﻟ ﻰ ﺣ ﺪود ﻏﻴ ﺮ اﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ‪،‬ﺑﻤﺎ ﻳﻠﺤ ﻖ اﻟﻀ ﺮر‬
‫ﺑﺎﻟﻮرﺛﺔ‪،‬وﻟﻴﺴ ﺖ آ ﻞ اﻟﻤﻠﻜﻴ ﺎت اﻟﺼ ﻐﻴﺮة أو اﻟﻤﺘﻮﺳ ﻄﺔ ﻏﻴ ﺮ اﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ‪،‬وﻗﺪ أﺛﺒﺘ ﺖ ﺑﻌ ﺾ اﻟﺪراﺳ ﺎت‬
‫اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻴ ﺔ ﻓ ﻲ ﺑﻠ ﺪان ﻏﺮﺑﻴ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟﻮﻗ ﺖ اﻟﺤﺎﺿ ﺮ‪،‬أن اﻟﻤ ﺰارع اﻟﺼ ﻐﻴﺮة أآﺜ ﺮ آﻔ ﺎءة ﻣ ﻦ اﻟﻤ ﺰارع‬
‫ن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث‬‫اﻟﻜﺒﻴﺮة‪،‬وه ﺬا ﻣ ﺎ أآ ﺪﻩ اﻟﺒﻨ ﻚ اﻟ ﺪوﻟﻲ‪،‬وﻓﻲ ه ﺬﻩ اﻟﺤﻘ ﺎﺋﻖ رد داﻣ ﻎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﻘ ﺎﺋﻠﻴﻦ‪ :‬إ ﱠ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪ ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ‪.‬‬
‫‪-٤‬إن ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻗﺪ ﺗﻌﻮد ﻋﻠ ﻰ ﻣﺎﻟ ﻚ اﻟﻤﺼ ﻨﻊ أو اﻷرض وﺣﺪﻩ‪،‬واﻹﺳ ﻼم ﻳﻬ ﺪف إﻟ ﻰ ﺗﻮزﻳ ﻊ‬
‫اﻟﺜﺮوة ﺑﻴﻦ أآﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ‪.‬‬
‫‪-٥‬إن ﻣﻴﺰات اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺒﻴ ﺮ ﺗﺘﺮاﻓ ﻖ ﻣ ﻊ ﻣﺴ ﺎوئ ﺧﻄﻴ ﺮة آﺎﻻﺣﺘﻜ ﺎر وارﺗﻔ ﺎع اﻷﺳ ﻌﺎر واﻟﺒﻄﺎﻟ ﺔ‪ ،‬ودرء‬
‫اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪،‬ﻣﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ‪.‬‬
‫‪-٦‬إن اﻟﻮرﺛﺔ اﻟﺸﺮﻋﻴﻴﻦ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن اﻟﺘﺮآﺔ‪،‬ﻟﻘﺮاﺑﺘﻬﻢ‪،‬ﻷن ﻋﻠﻴﻬﻢ واﺟﺐ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﻟﻮ آ ﺎن ﻓﻘﻴ ﺮًا‬
‫ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ‪،‬آﻤﺎ أﻧﻬﻢ أآﺜﺮ اﻟﻨﺎس ﺣﺮﺻًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮآﺔ وﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار وﺟﻮدهﺎ‪،‬وﻣﻦ هﻨ ﺎ ﻓ ﻼ ﻳﻮﺟ ﺪ ﻋ ﺪم‬
‫ﺗﻜ ﺎﻓﺆ ﻓﺮص‪،‬ﻓ ﺈذا آ ﺎن اﻷﺑﻨ ﺎء ﻳﺮﺛ ﻮن ﻋ ﻦ ﺁﺑ ﺎﺋﻬﻢ ﺟﻤﻴ ﻊ اﻟﺼ ﻔﺎت اﻟﻮراﺛﻴﺔ‪،‬وﻗ ﺪ ﻳﻜ ﻮن ﻣﻨﻬ ﺎ ﺻ ﻔﺎت‬
‫ﻣﺮﺿﻴﺔ‪،‬أﻓﻼ ﻳﺤﻖ ﻟﻬﻢ أن ﻳﺮﺛﻮا اﻟﺘﺮآﺔ ﻣﻦ ﺑﺎب أوﻟﻰ ؟‬
‫‪-٧‬إن ﻧﻈﺎم اﻟﻤﻴﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺮﺗﺒﻂ آﻠﻴﺎ ﺑﻨﻈﺎم اﻟﻨﻔﻘﺎت‪،‬وﻣﻦ هﻨﺎ آ ﺎن ﻟﻠ ﺬآﺮ ﻣﺜ ﻞ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻷﻧﺜﻴ ﻴﻦ ﻷن‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﻠﻰ أﺧﺘﻪ‪،‬وآﺎن ﻟﻸم اﻟﺜﻠﺚ وﻟﻸب اﻟﺜﻠﺜﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﻋﺪم اﻟﻮﻟﺪ‪،‬ﻷن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ‬
‫اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠ ﻰ اﻷم‪،‬وآ ﺎن ﻟﻠﻮﻟ ﺪ أآﺜ ﺮ ﻣ ﻦ ﻧﺼ ﻴﺐ اﻟﺰوﺟ ﺔ‪،‬ﻷن ﻋﻠﻴ ﻪ ﻣﺴ ﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ أﻣ ﻪ‪ ،‬وﻗ ﺪ‬
‫ﺗﺘﺰوج اﻟﺰوﺟﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى وﺗﻜﻮن ﻧﻔﻘﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ وهﻨﺎك ﺣﻜﻢ ﻋﺪﻳﺪة أﺧﺮى‪،‬ﺳ ﺒﻖ ذآﺮه ﺎ ﺑﺘﻮﺳ ﻊ‬
‫أآﺜﺮ ﻓﻲ ﺛﻨﺎﻳﺎ اﻟﺒﺤﺚ ‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫اﻟﻤﺮاﺟﻊ واﻟﻬﻮاﻣﺶ‬
‫‪ -١‬أ‪ .‬ﻣﻨ ﺎن ‪ :‬اﻻﻗﺘﺼ ﺎد اﻹﺳ ﻼﻣﻲ ﺑ ﻴﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳ ﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‪،‬ﺗﺮﺟﻤﺔ‪،‬ﻣﻨﺼ ﻮر اﻟﺘﺮآﻲ‪،‬اﻟﻤﻜﺘ ﺐ اﻟﻤﺼ ﺮي‬
‫اﻟﺤ ﺪﻳﺚ ﻟﻠﻄﺒﺎﻋ ﺔ واﻟﻨﺸ ﺮ‪،‬اﻟﻘﺎهﺮة‪،١٩٧٦،‬ص ‪ . ١٥٨-١٥٥‬وﻟﻌ ﻞ ﻣ ﻦ أﺣ ﺪث اﻟﺘﺠ ﺎوزات ﻓ ﻲ ه ﺬا‬
‫اﻟﻤﺠﺎل‪،‬ﻣﺎ ﺻﺪر ﻋﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺮاﺑﻊ ﻟﻠﻤﺮأة ﻓ ﻲ ﺑﻜ ﻴﻦ ﻋ ﺎم ‪ ،١٩٩٥‬ﻓ ﻲ اﻟﻔﻘ ﺮة )‪ ٢٧٤‬د( ﻣ ﻦ‬
‫وﺛﻴﻘ ﺔ ﺑﻜ ﻴﻦ‪ ،‬ﺣﻴ ﺚ ﻧﺼ ﺖ ه ﺬﻩ اﻟﻔﻘ ﺮة ﻋﻠ ﻰ وﺟ ﻮب ﺗﻘﺴ ﻴﻢ اﻟﻤﻴ ﺮاث ﺑ ﻴﻦ اﻟ ﺬآﻮر واﻹﻧ ﺎث ﺑﻨﺴ ﺐ‬
‫ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ‪،‬وهﺬا هﻮ ﻧﺺ اﻟﻔﻘﺮة ‪:‬‬
‫‪equal guarantee would that legislation enforce and, appropriate as , pass succession and‬‬
‫‪inheritance rights of children regardless of sex . as appropriate , pass legislation that would‬‬
‫‪guarantee the succession and inheritance rights of the girl child .‬‬
‫اﻧﻈﺮ ‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ ﻟﻴﻠﺔ‪،‬ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪،‬ﺑﺤﺚ ﻣﻘﺪم إﻟﻰ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻨﺪ‬
‫ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺮب‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزهﺮ‪ ،‬اﻟﻘﺎهﺮة‪،‬ﻣﺎﻳﻮ ‪،١٩٩٧‬ص ‪. ١١‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﺠ ﻮهﺮي ‪ :‬اﻟﺼ ﺤﺎح‪ ،‬ﺗﺤﻘﻴ ﻖ أﺣﻤ ﺪ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻐﻔ ﻮر ﻋﻄ ﺎر‪ ،‬ﻃﺒﻌ ﺔ اﻟﺸ ﺮﺑﺘﻠﻲ‪ ،‬اﻟﺮﻳ ﺎض‪ ،١٩٨٢،‬ط‪،٢‬‬
‫ص ‪. ٢٩٦-٢٩٥‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺼﺎﺑﻮﻧﻲ ‪ :‬اﻟﻤﻮارﻳ ﺚ ﻓ ﻲ اﻟﺸ ﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳ ﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺿ ﻮء اﻟﻜﺘ ﺎب واﻟﺴ ﻨﺔ‪،‬ﻃﺒﻌﺔ ﺣﺴ ﻦ‬
‫ﺷﺮﺑﺘﻠﻲ‪،‬ﻣﻜﺔ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ‪،١٩٧٩،‬ط‪. ٢،٢٩‬‬
‫‪ -٤‬أﺑﻮ اﻟﻴﻘﻈ ﺎن اﻟﺠﺒ ﻮري‪ ،‬ﺣﻜ ﻢ اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻓ ﻲ اﻟﺸ ﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳ ﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬دار ﺣﻨﻴﻦ‪،‬ﻋﻤ ﺎن‪،١٩٩٥ ،‬ص ‪-٥٧‬‬
‫‪. ٥٨‬‬
‫‪-٥‬أ ‪ .‬ﻣﻨﺎن ‪ :‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪. ١٥٥‬‬
‫‪ -٦‬اﺑﻦ آﺜﻴﺮ ‪ :‬ﺗﻔﺴﻴﺮ اﻟﻘﺮﺁن اﻟﻌﻈﻴﻢ‪ ،‬دار اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﺑﻴﺮوت‪. ٤٥٨/١٩٦٩،١،‬‬
‫‪-٧‬اﻟﺠﺒ ﻮري‪ ،‬اﻟﻤﺮﺟ ﻊ اﻟﺴ ﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪،١٤٣-٩٧‬ﻋﺒ ﺪ اﻟﻨﺎﺻ ﺮ أﺑ ﻮ اﻟﺒﺼ ﻞ ‪ :‬أﺣﻜ ﺎم اﻟﺘﺮآ ﺎت ﻓ ﻲ اﻟﻔﻘ ﻪ‬
‫واﻟﻘﺎﻧﻮن‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺣﻤﺎدة ﻟﻠﺨﺪﻣﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ‪ ،‬إرﺑﺪ‪،١٩٩٧،‬ص ‪.١٦٥ -١٣٣‬‬
‫‪-٨‬أﺣﻤﺪ اﻟﻌﺴﺎل‪،‬ﻓﺘﺤﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ‪ :‬اﻟﻨﻈ ﺎم اﻻﻗﺘﺼ ﺎدي ﻓ ﻲ اﻹﺳ ﻼم‪ ،‬دار ﻏﺮﻳ ﺐ‪ ،‬اﻟﻘ ﺎهﺮة‪،١٩٧٧ ،‬ص‬
‫‪.٥٥‬‬
‫‪ -٩‬اﻟﺰرﻗﺎ‪ ،‬أﻧﺲ ‪ :‬ﻧﻈﻢ اﻟﺘﻮزﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺠﻠﺔ أﺑﺤﺎث اﻻﻗﺘﺼ ﺎد اﻹﺳ ﻼﻣﻲ‪ ،‬اﻟﻤﺮآ ﺰ اﻟﻌ ﺎﻟﻤﻲ ﻷﺑﺤ ﺎث‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬ﺟﺪة‪،‬ﻋﺪد ‪ ،١‬ﻣﺠﻠﺪ ‪. ١٩٨٤،٢١،٢‬‬
‫‪-١٠‬ﻋﻔ ﺮ‪ ،‬ﻣﺤﻤ ﺪ ﻋﺒ ﺪ اﻟﻤ ﻨﻌﻢ ‪ :‬اﻻﻗﺘﺼ ﺎد اﻹﺳ ﻼﻣﻲ )اﻻﻗﺘﺼ ﺎد اﻟﻜﻠ ﻲ(‪ ،‬دار اﻟﺒﻴ ﺎن‪،‬‬
‫ﺟﺪة‪،١٩٨٥،‬ص‪. ١٤٩-١٤٧‬‬
‫‪-١١‬ﻋﺒﺪﻩ‪،‬ﻋﻴﺴﻰ‪،‬أﺣﻤﺪ ﻳﺤﻴﻰ ‪ :‬اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ‪ :‬دار اﻟﻤﻌﺎرف‪،‬اﻟﻘﺎهﺮة‪ ،١٩٧٧،‬ص ‪. ١٦٦‬‬
‫‪ -١٢‬ﺟﺎﻣﻊ‪،‬أﺣﻤ ﺪ ‪ :‬اﻟﻨﻈﺮﻳ ﺔ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ ) اﻟﺘﺤﻠﻴ ﻞ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدي اﻟﺠﺰﺋ ﻲ (‪،‬دار اﻟﻨﻬﻀ ﺔ‬
‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪،‬اﻟﻘﺎهﺮة‪،١٩٧٧،‬ط ‪،٤‬ص ‪. ٥٥٣‬ﻋﻦ ‪-:‬‬

‫‪311‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫‪Chamberlin , Edward Hastings : the theory of monopolestic competition , cambridge, Havard‬‬

‫‪University press, seventh edition , 1956, appendix B : the cost curve of the individual‬‬
‫‪produccer .‬‬
‫‪-١٣‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص ‪،٥٥٨ -٥٥٣‬أﺑ ﻮ ﻋﻠ ﻲ‪ ،‬ﻣﺤﻤ ﺪ ﺳ ﻠﻄﺎن‪ ،‬هﻨ ﺎء ﺧﻴ ﺮ اﻟ ﺪﻳﻦ ‪ :‬أﺻ ﻮل ﻋﻠ ﻢ‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎد‪ ،‬اﻟﻤﻄﺒﻌﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ‪،١٩٨٢،‬ص ‪. ١٢٤‬‬
‫‪-١٤‬ﻳﺴﺮي‪ ،‬ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ‪ :‬أﺳﺲ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺷﺒﺎب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬اﻹﺳ ﻜﻨﺪرﻳﺔ‪،١٩٧٨،‬ص‬
‫‪. ١٤٥‬‬
‫‪-١٥‬ﺟﺎﻣﻊ‪ ،‬أﺣﻤﺪ‪،‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪. ٥٥٦‬‬
‫‪-١٦‬ه ﺎﻟﻢ‪ ،‬ﺟ ﻮرج ‪ :‬اﻟ ﻨﻈﻢ اﻻﻗﺘﺼ ﺎدﻳﺔ‪ ،‬ﺗﺮﺟﻤ ﺔ أﺣﻤ ﺪ رﺿ ﻮان‪ ،‬ﻣﻜﺘﺒ ﺔ اﻷﻧﺠﻠ ﻮ ﻣﺼ ﺮﻳﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻘﺎهﺮة‪،١٩٧٧،‬ص ‪.٤٤‬‬
‫‪-١٧‬اﻟﺰرﻗﺎ‪ ،‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪. ٢١‬‬
‫‪-١٨‬اﻟﻤﺼﺮي‪ ،‬رﻓﻴﻖ ‪ :‬أﺻﻮل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬دار اﻟﻘﻠﻢ‪ ،‬دﻣﺸﻖ‪. ١٩٨٩،٢٤٥ ،‬‬
‫‪-١٩‬أ ‪ .‬ﻣﻨﺎن ‪ :‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪. ١٥٦‬‬
‫‪-٢٠‬اﻟﺰرﻗﺎ‪ ،‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص ‪. ٢١‬‬
‫‪-٢١‬ﺷﺎﺑﺮا‪،‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺮ ‪ :‬اﻹﺳﻼم واﻟﺘﺤﺪي اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪ ،‬اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻋﻤ ﺎن‪،١٩٩٦،‬‬
‫ص ‪ ٣٢٦‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ‪:‬‬
‫‪R.A. ni countries (1979).‬‬
‫‪R.A. Berry and W. Recline, Agrarian Structure and Productivity in developing countries‬‬
‫‪(1979), Sabrata gatak agriculture and economic development in non man gemmell, surveys in‬‬
‫‪development economics (1987) Pp. 355-6, and P. a rotopoulos and K.L. nugent, economics of‬‬
‫‪development (1976).‬‬
‫ﻼ ﻋﻦ ‪:‬‬
‫‪ -٢٢‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻧﻘ ً‬
‫) ‪( IBRD World development report (1982) pp. 81 and 91‬‬
‫‪ -٢٣‬آﻤﺎل‪ ،‬ﻳﻮﺳﻒ‪،‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻔﺮ ‪ :‬أﺻﻮل اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ‪،‬دار اﻟﺒﻴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ‪،‬ﺟ ﺪة‪،١٩٨٥،‬ص ‪٣٧٣‬‬
‫(‪.‬‬
‫ﻻ ﻟﺘﻮﺿ ﻴﺢ ﺣﻜﻤ ﺔ اﻟﺘﻔﺮﻳ ﻖ ﺑ ﻴﻦ اﻟ ﺬآﺮ واﻷﻧﺜ ﻰ ﻓ ﻲ‬ ‫‪ -٢٤‬ذآﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸ ﻴﺦ ﻣﺤﻤ ﺪ ﻋﻠ ﻲ اﻟﺼ ﺎﺑﻮﻧﻲ ﻣﺜ ﺎ ً‬
‫اﻟﻤﻴﺮاث‪،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻘ ﻮل " إﻧﺴ ﺎن ﺗ ﻮﻓﻲ وﺧﻠ ﻒ وﻟ ﺪﻳﻦ ﻓﻘ ﻂ ) ذآ ﺮًا وأﻧﺜ ﻰ (‪،‬وﺗ ﺮك ﻣﻴﺮاﺛ ًﺎ ﻟﻬﻤ ﺎ ﺛﻼﺛ ﺔ‬
‫ﺁﻻف رﻳﺎل‪،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺿ ﻮء اﻟﺸ ﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳ ﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺗﺄﺧ ﺬ اﻷﻧﺜ ﻰ )‪ (١٠٠٠‬وﻳﺄﺧ ﺬ اﻟ ﺬآﺮ ) ‪ ،(٢٠٠٠‬وإذا‬
‫آﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﺑﻮاب اﻟﺰواج‪،‬وأراد اﻟﺸﺎب أن ﻳﺘ ﺰوج‪ ،‬ﻓﺈﻧ ﻪ ﻳ ﺪﻓﻊ اﻟﻤﻬ ﺮ ﻟﺰوﺟﺘ ﻪ ‪ ..‬وﻟﻨﻔ ﺮض أن اﻟﻤﻬ ﺮ‬
‫)‪ (٢٠٠٠‬ﻓﻘﻂ‪،‬ﻓﻘ ﺪ دﻓ ﻊ آ ﻞ ﻣ ﺎ ورﺛ ﻪ ﻣ ﻦ أﺑﻴ ﻪ ﻣﻬ ﺮًا ﻟﺰوﺟﺘ ﻪ‪ ،‬ﻓﻠ ﻢ ﻳﺒ ﻖ ﻣﻌ ﻪ ﺷ ﻲء‪ ،‬ﺛ ﻢ ﻳﻜﻠ ﻒ ﺑﻌ ﺪ‬
‫اﻟ ﺰواج ﺑﻜ ﻞ اﻟﻨﻔﻘ ﺎت‪ ،‬ﻧﻔﻘ ﺎت اﻟﺴﻜﻨﻰ‪،‬واﻟﻄﻌﺎم‪،‬واﻟﺸ ﺮاب ‪ ..‬أﻣ ﺎ اﻟﺒﻨ ﺖ ﻓﺈﻧﻬ ﺎ إذا أرادت أن ﺗﺘ ﺰوج‬

‫‪312‬‬
‫آﻤﺎل ﺗﻮﻓﻴﻖ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺤﻄﺎب‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ‪-‬اﻟﻤﺠﻠﺪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ‪ -‬اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻧﻲ‪٢٠٠٢ -‬‬

‫ﺗﺄﺧ ﺬ اﻟﻤﻬ ﺮ ﻣ ﻦ زوﺟﻬ ﺎ‪،‬وﻟﻨﻔﺮض أﻧ ﻪ )‪ (٢٠٠٠‬ﻓﻬ ﻲ ﻗ ﺪ ورﺛ ﺖ )‪ (١٠٠٠‬أﻟﻔ ًﺎ ﻣ ﻦ أﺑﻴﻬﺎ‪،‬وأﺧ ﺬت‬

‫)‪ (٢٠٠٠‬أﻟﻔﻴﻦ ﻣﻬﺮًا ﻣﻦ زوﺟﻬﺎ‪ ،‬أﺻ ﺒﺢ ﻣﺠﻤ ﻮع ﻣ ﺎ ﻟ ﺪﻳﻬﺎ )‪ (٣٠٠٠‬ﺛﻼﺛ ﺔ ﺁﻻف‪،‬ﺛ ﻢ ه ﻲ ﻻ ﺗﻜﻠ ﻒ‬
‫ﺑﺈﻧﻔ ﺎق ﺷ ﻲء ﻣ ﻦ ﻣﺎﻟﻬ ﺎ ﻣﻬﻤ ﺎ آﺎﻧ ﺖ ﻏﻨﻴ ﺔ‪،‬ﻷن ﻧﻔﻘﺘﻬ ﺎ أﺻ ﺒﺤﺖ ﻋﻠ ﻰ زوﺟﻬ ﺎ‪،‬ﻓﻬﻮ اﻟﻤﻜﻠ ﻒ ﺑﺘ ﺄﻣﻴﻦ‬
‫اﻟﺴﻜﻨﻰ ﻟﻬﺎ‪،‬وﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ داﻣﺖ ﻓﻲ ﻋﺼﻤﺘﻪ‪،‬ﻓﻤﺎﻟﻬﺎ زاد‪،‬وﻣﺎﻟﻪ ﻧﻘﺺ‪،‬وﻣﺎ ورﺛﺘﻪ ﻣﻦ أﺑﻴﻬ ﺎ ﺑﻘ ﻲ‬
‫وﻧﻤﺎ‪،‬وﻣﺎ ورﺛ ﻪ ﻣ ﻦ أﺑﻴ ﻪ ذه ﺐ وﺿ ﺎع ‪ .‬ﻓﻤ ﻦ اﻟ ﺬي ﻳﻜ ﻮن أﺳ ﻌﺪ ﺣ ﺎﻻ‪،‬وأآﺜﺮ ﻣ ﺎﻻ‪،‬اﻟﻔﺘﻰ أم اﻟﻔﺘ ﺎة ؟‬
‫وﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﻨﻌﻢ وﺗﺮﻓﻪ أآﺜﺮ‪ ،‬اﻟﺬآﺮ أم اﻷﻧﺜﻰ‪،‬هﺬا هﻮ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺪﻳﻦ‪،‬ﻓﻲ ﻣﻴﺮاث اﻟﺒﻨﺎت واﻟﺒﻨﻴﻦ‬
‫" ‪ .‬اﻧﻈﺮ‪ :‬اﻟﻤﻮارﻳﺚ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪،‬ص‪. ١٧‬‬
‫وﻣﻊ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻔﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ‪،‬ﻓﺈن هﺬا اﻟﻤﺜﺎل ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻨﻪ أن وﺿﻊ اﻷﻧﺜﻰ أﺣﺴﻦ ﺣﺎﻻً‪ ،‬وأن اﻟﺬآﺮ ﻣﻈﻠﻮم‬
‫_ وﻣﻦ اﻟﻤﺆآﺪ أن ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻟﻢ ﻳﻘﺼﺪ ذﻟﻚ ‪ -‬ﻣ ﻊ أن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث اﻹﺳ ﻼﻣﻲ‪،‬ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻌﺪاﻟ ﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴ ﺔ‬
‫ﻻ ؟ وإﻧﻤ ﺎ اﻟﻤﺴ ﺄﻟﺔ ﺗﻜﻤ ﻦ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺸﺮ‪،‬ﻓﻠﻴﺴﺖ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ هﻮ اﻟﺬي ﻳﻜﺴﺐ أو ﻳﺨﺴﺮ أو ﻣ ﻦ ه ﻮ اﻷﺳ ﻌﺪ ﺣ ﺎ ً‬
‫ﻓﻲ دور آﻞ ﻣﻦ اﻟﺬآﺮ واﻷﻧﺜﻰ‪،‬وﻣﺪى اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ واﻟﺘﻌﺎون ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‪،‬ﻓﻬﺬﻩ اﻷﻧﺼﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪدهﺎ اﷲ ‪ -‬ﻋﺰ وﺟ ﻞ‬
‫‪ -‬هﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻔﻞ أن ﻳﻘﻮم آﻞ ﻣﻦ اﻟﺬآﺮ واﻷﻧﺜ ﻰ ﺑ ﺪورهﻤﺎ ﺧﻴ ﺮ ﻗﻴﺎم‪،‬آﻤ ﺎ ﺗﻜﻔ ﻞ ﺗﺤﻘﻴ ﻖ اﻟﻤﺼ ﻠﺤﺔ واﻟﺘﻘ ﺪم‬
‫ودرء اﻟﻤﻔﺴﺪة واﻟﺘﺨﻠﻒ ﻟﻬﻤﺎ وﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ‪.‬‬
‫ﻼ ﻋ ﻦ اﻟﺴ ﻬﻴﻠﻲ ﻓ ﻲ آﺘﺎﺑ ﻪ‪ :‬آﺘ ﺎب اﻟﻔ ﺮاﺋﺾ وﺷ ﺮح ﺁﻳ ﺎت‬ ‫‪ -٢٥‬أورد د‪/‬رﻓﻴ ﻖ اﻟﻤﺼ ﺮي ه ﺬا اﻟ ﻨﺺ ﻧﻘ ً‬
‫اﻟﻮﺻﻴﺔ‪،‬اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻔﻴﺼﻠﻴﺔ‪،‬ﻣﻜﺔ‪ . ١٩٨٤،‬وﻋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄن ه ﺬﻩ اﻟﺤﻜﻤ ﺔ ﻏﻴ ﺮ ﺻ ﺎﻟﺤﺔ ﻷﻧﻬ ﺎ إن آﺎﻧ ﺖ‬
‫ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻣﻨﻘﻮﺿﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺁﺧﺮ ‪ .‬ﺛﻢ ذآﺮ اﻟﺤﻜﻤ ﺔ ﻣ ﻦ اﻟﺘﺴ ﺎوي ﺑ ﻴﻦ اﻷب واﻷم‬
‫ﺑﻤ ﺎ ﻳﻔﻴ ﺪ أﻧ ﻪ ﻻ ﻳﻮﺟ ﺪ ﺗﺴ ﺎوٍ‪،‬ﺣﻴﺚ ﻳﻘ ﻮل " وﻋﻠ ﻰ ه ﺬا ﻓ ﺈن اﻷب ﻋﻨ ﺪﻣﺎ ﻳ ﺮث اﻟﺴ ﺪس ﻣﺜ ﻞ ﺣ ﻆ‬
‫اﻷم‪،‬ﻳﺒﻘﻰ أﻣﺎﻣﻪ اﺣﺘﻤﺎل ﻓﻲ أن ﻳﺼﻞ ﺣﻈﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺼﻴﺐ إﻟﻰ ﺿﻌﻒ ﺣﻆ اﻷم‪ ،‬ﺑﻞ إﻟﻰ أآﺜ ﺮ " ‪ .‬اﻧﻈ ﺮ‬
‫د‪ /‬رﻓﻴﻖ اﻟﻤﺼﺮي ‪ :‬ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﺑﻴﻦ اﻟﺬآﻮر واﻹﻧﺎث ﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻀﺎﺑﻂ واﻟﺤﻜﻤﺔ‪،‬ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌ ﺔ‬
‫اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ‪،‬اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬م ‪،٥،١٩٩٣‬ص ‪. ٥٠-٤٦‬‬
‫وهﺬا ﻳﺆآﺪ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ذآﺮﻩ ﻣﻦ أن اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق‪،‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ اﻟﻮﻟﺪ ) اﺑﻦ اﻻﺑﻦ ( ﻳﻜ ﻮن ﻟ ﻸب‬
‫ﻣﺜﻞ ﺣ ﻆ اﻷم‪،‬ﻷن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻮﻟ ﺪ واﺟ ﺐ اﻹﻧﻔ ﺎق ﻋﻠ ﻰ ﺟ ﺪﻩ وﺟﺪﺗ ﻪ‪ ،‬إذا ﻟ ﻢ ﻳﻮﺟ ﺪ ﺳ ﻮاﻩ‪ ،‬أﻣ ﺎ ﻓ ﻲ ﺣﺎﻟ ﺔ ﻋ ﺪم‬
‫وﺟﻮد اﻟﻮﻟﺪ‪،‬ﻓﺈن ﻋﻠﻰ اﻷب ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ زوﺟﺘﻪ‪ ،‬وﻣﻦ َﺛ ﱠﻢ ﻓﺈن ﻧﺼﻴﺒﻪ آﺎن ﺿﻌﻒ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻋﻠﻖ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺤﺚ د‪ /‬اﻟﻤﺼﺮي ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ اﻟﺒﺎﺣ ﺚ‬
‫ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺘﺴﺎوي ﻣﻊ أن اﻟﻌﻨﻮان اﻟﻔﺮﻋﻲ ﻣﻌﻘﻮد ﻟﺒﻴﺎن ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ " آﻤ ﺎ أآ ﺪ ﻋﻠ ﻰ أن ﻧﻈ ﺎم اﻟﻤﻴ ﺮاث ﻻ‬
‫ﺗﻔﻬﻢ ﺣﻜﻤﺘﻪ إﻻ ﺑﻔﻬﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﻨﻔﻘﺎت ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺰرﻗﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪،‬اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ص ‪. ٨٥ - ٧٩‬‬

‫‪ .‬ﺗﺎرﻳﺦ ورود اﻟﺒﺤﺚ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺸﻖ ‪.١٩٩٩/١/٢٤‬‬

‫‪313‬‬
 ‫ﻧﻈﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻤﻴﺮاث ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‬

‫‪314‬‬