Professional Documents
Culture Documents
فلسفة الارث في الاسلامم
فلسفة الارث في الاسلامم
فلسفة الارث في الاسلامم
ان فلسفة اإلرث في اإلسالم تعتمد على مفهوم الفراغة والعدل والتوزيع العادل
للثروات والمواريث بين الورثة.
وتأتي هذه الفلسفة من المبادئ اإلسالمية األساسية التي تحكم العالقات
االجتماعية واالقتصادية في المجتمع اإلسالمي.
يدور في المجتمع المغربي اليوم حديث ساخن حول مسالة المناصفة في اإلرث
بين الرجل والمرأة أو بتعبير أدق بين أبناء المتوفى
ذكورا وإناثا ،ودعوى المناصفة تقوم على أساس أن المجتمع تغير وغاب
المقصد والمبرر الذي كان بسببه الرجل يأخذ ضعف
األنثى في حالة التعصيب ،وهذا المقصد يمثل في كون المرأة بنتا أو زوجة
أضحت تشارك في النفقة وتتحمل هي األخرى
أعباء الحياة المالية.
صحيح وحق أن آيات الميراث في القرآن الكريم قد جاء فيها قول هللا سبحانه
سورة النساء. وتعالى " للذكر مثل حظ األنثيين"
لكن كثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة في اإلسـالم ،متخـذين
من التمايز في الميراث سبيالً إلى ذلك ال يفقـهون أن توريث المـرأة على
النصـف من الرجل ليس موقفًا عا ًما وال قاعدة مطّردة في توريث اإلسالم لكل
الذكور وكل اإلناث .
فالقرآن الكريم لم يقل :يوصيكم هللا في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ
األنثيين ..إنما قال" :يوصيكم هللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين" أي أن
هذا التمييز ليس قاعدة مطّردة في كل حـاالت الميراث ،وإنما هو في حاالت
خاصة ،بل ومحدودة من بين حاالت الميراث.
بل إن الفقه الحقيقي لفلسفة اإلسالم في الميراث تكشف عن أن التمايـز في
أنصبة الوارثين والوارثات ال يرجع إلى معيار الذكورة واألنوثة وإنما لهذه
الفلسفة اإلسالمية في التوريث ِح َكم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين
جعلوا التفاوت بين الذكور واإلناث في بعض مسائل الميراث وحاالته شبهة
على كمال أهلية المرأة في اإلسالم
ان التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسـفة الميراث اإلسالمي إنما
تحكمه ثالثة امور و معايير.
اوال درجة القرابة بين الوارث ذك ًرا كان أو أنثى وبين ال ُم َورث المتوفى فكلما
اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث ..وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في
الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين.
ثانيا موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني لألجيال فاألجيال التي تستقبل
الحياة ،وتستعد لتحمل أعبائها ،عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب
األجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها ،بل وتصبح أعباؤها
مفروضة على غيرها .
وفي هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث في اإلسالم ِح َكم إلهية بالغة ومقاصد
ربانية سامية تخفى على الكثيرين.
وهى معايير ال عالقة لها بالذكورة واألنوثة على اإلطالق
ثالثا العبء المالي الذي يوجب الشرع اإلسالمي على الوارث تحمله والقيام
به حيال اآلخرين .وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا ً بين الذكر
لكنه تفـاوت ال يفـضي إلى أي ظـلم لألنثى أو انتقاص من إنصافها .بل ربما كان
العكس هو الصحيح.
اما في حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في درجة القرابة ..واتفقوا وتساووا
في موقع الجيل الوارث من تتابع األجيال مثل أوالد المتوفى ،ذكوراً وإناثا
يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث .ولذلك ،لم
يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر واألنثى في عموم الوارثين ،وإنما
حصره في هذه الحالة بالذات ،فقالت اآلية القرآنية" :يوصيكم هللا في أوالدكم
للذكر مثل حظ األنثيين " ولم تقل :يوصيكم هللا في عموم الوارثين.
والحكمة في هذا التفاوت ،في هذه الحالة بالذات ،هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة
أنثى اخرى هي زوجة مع أوالدهما بينما األنثـى الوارثة أخت الذكر إعالتها ،مع
أوالدها ،فريضة على الذكر المقترن بها .فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة
ألخيها ،الذي ورث ضعف ميراثها ،أكثر حظًّا وامتيازاً منه في الميراث.
فميراثها مع إعفائها من اإلنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ،لجبر
االستضعاف األنثوي ،ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات وتلك حكمة إلهية
قد تخفى على الكثيرين.
وإذا كانت هذه الفلسفة اإلسالمية في تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهى
التي يغفل عنها طرفا الغلو ،الديني والالديني ،الذين يحسبون هذا التفاوت
الجزئي شبهة تلحق بأهلية المرأة في اإلسالم فإن استقراء حاالت ومسائل
الميراث كما جاءت في علم الفرائض (المواريث) يكشف عن حقيقة قد تذهل
الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة في هذا الموضوع .فهذا االستقراء
لحاالت ومسائل الميراث ،يقول لنا
أي أن هناك أكثر من ثالثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ،أو أكثر منه ،أو
ترث هي وال يرث نظيرها من الرجال ،في مقابلة أربع حاالت محددة ترث فيها
المرأة نصف الرجل.
تلك هي ثمرات استقراء حاالت ومسـائل الميراث في عـلم الفرائض (المواريث)،
التي حكمتها المعايير اإلسالمية التي حددتها فلسفة اإلسالم في التوريث والتي
لم تقف عند معيار الذكورة واألنوثة ،كما يحسب الكثيرون من الذين ال يعلمون.