فلسفة الارث في الاسلامم

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫فلسفة االرث في االسالم‬

‫عبد اللطيف ايت عال‬ ‫اعداد ‪:‬‬


‫‪N° : 20003892‬‬

‫ان فلسفة اإلرث في اإلسالم تعتمد على مفهوم الفراغة والعدل والتوزيع العادل‬
‫للثروات والمواريث بين الورثة‪.‬‬
‫وتأتي هذه الفلسفة من المبادئ اإلسالمية األساسية التي تحكم العالقات‬
‫االجتماعية واالقتصادية في المجتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫يدور في المجتمع المغربي اليوم حديث ساخن حول مسالة المناصفة في اإلرث‬
‫بين الرجل والمرأة أو بتعبير أدق بين أبناء المتوفى‬
‫ذكورا وإناثا‪ ،‬ودعوى المناصفة تقوم على أساس أن المجتمع تغير وغاب‬
‫المقصد والمبرر الذي كان بسببه الرجل يأخذ ضعف‬
‫األنثى في حالة التعصيب‪ ،‬وهذا المقصد يمثل في كون المرأة بنتا أو زوجة‬
‫أضحت تشارك في النفقة وتتحمل هي األخرى‬
‫أعباء الحياة المالية‪.‬‬

‫صحيح وحق أن آيات الميراث في القرآن الكريم قد جاء فيها قول هللا سبحانه‬
‫سورة النساء‪.‬‬ ‫وتعالى " للذكر مثل حظ األنثيين"‬
‫لكن كثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة في اإلسـالم‪ ،‬متخـذين‬
‫من التمايز في الميراث سبيالً إلى ذلك ال يفقـهون أن توريث المـرأة على‬
‫النصـف من الرجل ليس موقفًا عا ًما وال قاعدة مطّردة في توريث اإلسالم لكل‬
‫الذكور وكل اإلناث ‪.‬‬
‫فالقرآن الكريم لم يقل‪ :‬يوصيكم هللا في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ‬
‫األنثيين‪ ..‬إنما قال‪" :‬يوصيكم هللا في أوالدكم للذكر مثل حظ األنثيين" أي أن‬
‫هذا التمييز ليس قاعدة مطّردة في كل حـاالت الميراث‪ ،‬وإنما هو في حاالت‬
‫خاصة‪ ،‬بل ومحدودة من بين حاالت الميراث‪.‬‬
‫بل إن الفقه الحقيقي لفلسفة اإلسالم في الميراث تكشف عن أن التمايـز في‬
‫أنصبة الوارثين والوارثات ال يرجع إلى معيار الذكورة واألنوثة وإنما لهذه‬
‫الفلسفة اإلسالمية في التوريث ِح َكم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين‬
‫جعلوا التفاوت بين الذكور واإلناث في بعض مسائل الميراث وحاالته شبهة‬
‫على كمال أهلية المرأة في اإلسالم‬
‫ان التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسـفة الميراث اإلسالمي إنما‬
‫تحكمه ثالثة امور و معايير‪.‬‬
‫اوال درجة القرابة بين الوارث ذك ًرا كان أو أنثى وبين ال ُم َورث المتوفى فكلما‬
‫اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث‪ ..‬وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في‬
‫الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين‪.‬‬
‫ثانيا موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني لألجيال فاألجيال التي تستقبل‬
‫الحياة‪ ،‬وتستعد لتحمل أعبائها‪ ،‬عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب‬
‫األجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها‪ ،‬بل وتصبح أعباؤها‬
‫مفروضة على غيرها ‪.‬‬
‫وفي هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث في اإلسالم ِح َكم إلهية بالغة ومقاصد‬
‫ربانية سامية تخفى على الكثيرين‪.‬‬
‫وهى معايير ال عالقة لها بالذكورة واألنوثة على اإلطالق‬
‫ثالثا العبء المالي الذي يوجب الشرع اإلسالمي على الوارث تحمله والقيام‬
‫به حيال اآلخرين‪ .‬وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا ً بين الذكر‬
‫لكنه تفـاوت ال يفـضي إلى أي ظـلم لألنثى أو انتقاص من إنصافها‪ .‬بل ربما كان‬
‫العكس هو الصحيح‪.‬‬
‫اما في حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في درجة القرابة‪ ..‬واتفقوا وتساووا‬
‫في موقع الجيل الوارث من تتابع األجيال مثل أوالد المتوفى‪ ،‬ذكوراً وإناثا‬
‫يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث‪ .‬ولذلك‪ ،‬لم‬
‫يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر واألنثى في عموم الوارثين‪ ،‬وإنما‬
‫حصره في هذه الحالة بالذات‪ ،‬فقالت اآلية القرآنية‪" :‬يوصيكم هللا في أوالدكم‬
‫للذكر مثل حظ األنثيين " ولم تقل‪ :‬يوصيكم هللا في عموم الوارثين‪.‬‬
‫والحكمة في هذا التفاوت‪ ،‬في هذه الحالة بالذات‪ ،‬هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة‬
‫أنثى اخرى هي زوجة مع أوالدهما بينما األنثـى الوارثة أخت الذكر إعالتها‪ ،‬مع‬
‫أوالدها‪ ،‬فريضة على الذكر المقترن بها‪ .‬فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة‬
‫ألخيها‪ ،‬الذي ورث ضعف ميراثها‪ ،‬أكثر حظًّا وامتيازاً منه في الميراث‪.‬‬
‫فميراثها مع إعفائها من اإلنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة‪ ،‬لجبر‬
‫االستضعاف األنثوي‪ ،‬ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات وتلك حكمة إلهية‬
‫قد تخفى على الكثيرين‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه الفلسفة اإلسالمية في تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهى‬
‫التي يغفل عنها طرفا الغلو‪ ،‬الديني والالديني‪ ،‬الذين يحسبون هذا التفاوت‬
‫الجزئي شبهة تلحق بأهلية المرأة في اإلسالم فإن استقراء حاالت ومسائل‬
‫الميراث كما جاءت في علم الفرائض (المواريث) يكشف عن حقيقة قد تذهل‬
‫الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة في هذا الموضوع‪ .‬فهذا االستقراء‬
‫لحاالت ومسائل الميراث‪ ،‬يقول لنا‬

‫ـ ـ ـ إن هناك أربع حاالت فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل‬


‫ـ ـ ـ وهناك حاالت أضعاف هذه الحاالت األربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما‬
‫ـ ـ ـ وهناك حاالت عشر أو تزيد ترث فيها المرأة أكثر من الرجل‬
‫ـ ـ ـ وهناك حاالت ترث فيها المرأة وال يرث نظيرها من الرجال‬

‫أي أن هناك أكثر من ثالثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل‪ ،‬أو أكثر منه‪ ،‬أو‬
‫ترث هي وال يرث نظيرها من الرجال‪ ،‬في مقابلة أربع حاالت محددة ترث فيها‬
‫المرأة نصف الرجل‪.‬‬
‫تلك هي ثمرات استقراء حاالت ومسـائل الميراث في عـلم الفرائض (المواريث)‪،‬‬
‫التي حكمتها المعايير اإلسالمية التي حددتها فلسفة اإلسالم في التوريث والتي‬
‫لم تقف عند معيار الذكورة واألنوثة‪ ،‬كما يحسب الكثيرون من الذين ال يعلمون‪.‬‬

You might also like