ثقافة للمقاولة يابان مغرب

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 40

‫‪.

‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫الفصل التمهيدي‬
‫توطئه‪ :‬يعد علم االجتماع احد العلوم االنسانيه‪،‬وهو العلم الخاص بدراسه المجتمع البشري‬
‫بكل انواعه وطوائفه‪،‬بهدف معرفه طبيعه كل مجتمع وخصائصه والقوانين التي يسير عليها‬
‫كما يقوم علم االجتماع بدراسه سلوك الجماعات وانظمتها وحياة االفراد بداخلها والطرق‬
‫التي تكونت بها تلك الجماعات وكيف تطورت وما هي طبيعه العالقات بين افرادها فهو‬
‫يدرس الظواهر االجتماعيه في شموليتها بحثا عن قوانين وقواعد تتحكم فيها ‪...‬‬
‫وتعدس السيولوجيه تنظيمات احد اهم فروع علم االجتماع العام ارتبط ظهورها على وجه‬
‫التحديد بالمجتمعات الغربيه حيث شكلت هذه المجتمعات االرضيه الخصبه لميالد هذا الفرع‬
‫الجديد خصوصا بعد الحرب العالميه الثانيه وهذا الظهور لم ياتي هكذا عبثا بل كان نتيجه‬
‫عده عوامل ومراحل‪ ...‬خصوصا مرحله االزدهار الكبير الذي عرفته الدراسات واالبحاث‬
‫التي اهتمت بالمصانع والشغل فكان ازدهار هذا العلم في امريكا بسبب االهتمام بحاجيات‬
‫العمل االناره ظروف العمل‪ ...‬والعوامل التي تساعد العامل في عمله اما في اوروبا فظهور‬
‫هذا العلم ارتبط بالظروف السياسيه التي عرفتها اوروبا والمتمثله في ظهور االحزاب‬
‫السياسيه والنقابات كما ساهمت الحركات االجتماعيه العماليه في التنبيه الى المشاكل التي‬
‫تعانيها هذه مقاوله تنظيم اجتماعي تقوم باكثر من دور بالنسبه للحياه االجتماعيه فاذا تجاوزنا‬
‫مجال الشغل حيث اضحت تطالب بتحسين ظروف العمل‬
‫ولعل من اهم انواع التنظيمات نجد المقاوله التي تستدعي ابحاثا ودراسات تكشف من خاللها‬
‫على طبيعته هذا التنظيم‪...‬‬
‫المقاوله تنظيم اجتماعي تقوم باكثر من دور بالنسبه للحياه االجتماعيه فاذا تجاوزنا مجال‬
‫تشغيل سنجدها تلعب دورا في التعلم واالبتكار وانتاج القيم وتحقيق الذات بالنسبه للعاملين‬
‫فيها وكذا التاثير على نمط حياتهم‪...‬‬
‫فالمقاوله هي كيان اجتماعي تتحكم فيه روابط االجتماعيه كما ان الكيان الذي يكونها منتج‬
‫للثقافه التي تعبر عن قدرته على الفعل والعمل الجماعي الذي يهدف الى تحقيق الهدف‬
‫المشترك والتغلب على االشكاالت التي تواجهه‬
‫يشتمل الفصل التمهيدي على الجانب المنهجي وتحديد االطار العام لهذا البحث من حيث‬
‫تحديد الموضوع وطرح اشكاالته ووضع فرضياته وكذا اهميته ‪...‬‬
‫اسباب اختيار الموضوع‪ :‬كان هذا الموضوع ضمن الئحه االختيارات التي سرتها من‬ ‫‪‬‬
‫اجل انجاز هذا العمل المتواضع ولما عرضته ذلك على استاذتي الفاضله ارتات ان‬
‫يكون هذا موضوع بحثي‬
‫ساهمت عده دوافع في اختياري لهذا الموضوع‬
‫االسباب الذاتيه‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫طموحي في انشاء مقاوله‬


‫اطالعي المسبق على احدى المقاوالت‬
‫الرغبه في االستفاده‬
‫ثقافة المقاوله من المواضيع التي تثير فضولي‬
‫اسباب الموضوعيه‬ ‫‪.2‬‬
‫االسهام في اغناء المكتبه السوسيولوجيا من خالل دراسه موضوع جديد‬
‫الرغبه في التعرف اكثر على ثقافه المقاوله وكيف تسير شؤونها‬
‫موضوع ثقافة المقاولة و عالقتها باالنتاج من المواضيع الحديثة في العلوم االجتماعية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وفي علم اجتماع التنظيم والعمل بصفة خاصة كونه يرتكز على الجانب‬
‫االجتماعي واالقتصادي في نفس الوقت‬
‫موضوع الثقافة المقاوالتية محل نقاش بين مختلف الباحثين في مختلـف الحقـول‬
‫المعرفيـة‪،‬كون مواضـيعه متشابكة مع متغيرات لها عدة عالقة بمختلف الحقول‬
‫المعرفية ‪..‬‬
‫اشكاليه البحث‪ :‬البحث في موضوع المقاوله ودعنا امام مجموعه من االسئله‬ ‫‪‬‬
‫واالشكاليات ‪..‬‬
‫~اي اثر لثقافه المقاوله على الرفع من انتاجيه العمال؟‬
‫ما هي العالقه بين ثقافه المقاوله وانتاجية العمال؟‬
‫كيف تؤثر الثقافه السائده في المقاوله على الرفع من انتاجيه العمال؟‬
‫كيف يؤثر التحفيز على الزياده من انتاجيه العمال؟‬
‫فرضيه البحث‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫لقد جرت العاده بين علماء االجتماع انه البد من وضع فرضيات للموضوع محل البحث‬
‫بحيث ان هذه الفرضيات تمنح للباحث امكانيه التحقق من مسببات الظاهره المدروسه‬
‫واذا كانت الفرضيه في تعريفها البسيط مجرد احتمال قبلي قابدي تصديق والتكذيب فهي‬
‫عباره عن اجابه اوليه عن اسئله البحث عن االشكاليه المطروحه واستخالص نتائج‬
‫موضوع يلزمنا طرح فرضيات دقيقه وممنهجه عن صحتها اثناء التحليل نتائج الدراسه‬
‫الميدانيه واهم هذه الفرضيات ما يلي‪:‬‬
‫نفترض وجود اثر لثقافه المقاوله على الرفع من انتاجيه العمال‬
‫نفترض وجود عالقه بين ثقافه المقاوله وانتاجيه العمال‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫نفترض تاثير الثقافه السائده في المقاول على الرفع من انتاجيه العمال‬


‫نفترض ان التحفيز له اثر كبير على الزياده من انتاجيه العمال‬
‫مفاهيم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الثقافة اصطالحا‪ :‬تعرف الثقافة في علم االجتماع بأنها البيئة التي خلقها االنسان بما فيها‬
‫المنتجات المادية وغير المادية التي تنتقل من جيل الى آخر فهي بذلك تتضمن األنماط‬
‫الظاهرة والباطنة للسلوك المكتسب عن طريق الرموز والذي يتكون في مجتمع معين من‬
‫‪1‬‬
‫علوم ومعتقدات وفنون وقيم وقوانين وعادات وغير ذلك‪..‬‬
‫الثقافة اجرائيا‪:‬‬
‫المقاولة اصطالحا‪:‬‬
‫المقاولة هي مكان مستقل(نسبيا عن المحيط والمجتمع) منتج للضوابط التي تحكم‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬هذه الضوابط هي التي تشكل نقطة ارتكاز في التحليل االستراتيجي‬
‫‪2‬‬
‫للفعل الجماعي‬
‫المقاولة اجرائيا‪:‬‬
‫االنتاجية اصطالحا‪ :‬يمكن تعريف االنتاج على اساس االرتباط بين عنصر العمل وبين ذلك‬
‫القدر الذي تنتجه كل واحدة من وحدات هذا العنصر‪ ،‬ولذلك فان اإلنتاجية ‪ ،‬أي انتاجية‬
‫العامل هي ما ينتجه الفرد في فترة زمنية معينة‪ ،‬و انتاجية العامل هو مؤشر هام يلقي ضوءا‬
‫على ندى نجاح المنشأة أو الصناعة في استخدام مواردها الحقيقية (موارد اولية ورؤوس‬
‫اموال و أيد عاملة) و مدى فعالية استخدام عنصر العمل في عملية االنتاج‪.3‬‬
‫ثقافة المقاولة اصطالحا‪:‬‬
‫أصبح مفهوم الثقافة یشكل حیزا كبیرا في األدبیات السوسیولوجیة و التنظیمیة و المقاوالتیة‪،‬‬
‫و ذلك باعتمادها كمنهجیة عامة في العمل تقوم على الوعي بالواقع الحقیقي للمقاولة و ما‬
‫ترید الوصول إليه‪ 4،‬بمعنى المظهر الثقافي له دور التحكم في أعمال الفعل المقاوالتي‪.‬‬
‫یعتبر مفهوم الثقافة من أعقد المفاهیم حسب تعریف تایلور بأنه ذلك الكل المركب المعقد و‬
‫أن لّك ل إنسان ثقافة متمیزة كما أن لكل مجتمع ثقافة مجتمعیة تمیزه عن غیره من‬
‫المجتمعات‪.5‬‬

‫‪ 1‬أحمد زكي بدوي‪ ،‬معجم العلوم االجتماعية ‪ ،‬قسم إدارة األنشطة االجتماعية ‪ ،‬اصدار سنة ‪ ،2009‬ص‪.92 :‬‬
‫‪ 2‬جبران مسعود‪ ،‬الرائد المعجم اللغوي االحدث واالسهل‪ ،‬الطبعة ‪ ،8‬دار العلم للماليين‪(2001 ،‬مقاولة)‪..‬‬
‫‪ 3‬احمد زكي بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫‪ 4‬عبد الغني زیاني‪ ،‬سوسیولوجیا المقاولة بالمغرب‪ :‬مدخل إلى منجز لحبیب أمعمري‪ ،‬ط‪ (1.‬المغرب‪ :‬منشورات دار ما بعد الحداثة‪ ،)2015 ،‬ص‬
‫‪.67‬‬
‫‪ 5‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪68‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫فالثقافة تلعب دورا في حياة المجتمعات فهي تشكل في مفهومها العام البيئهطة العامة لألنماط‬
‫الفكرية والقيم والمعتقدات الشائعة بين مجموعة من االفراد‪ ،‬وال يهم حجم المجموعة هذا‬
‫‪6‬‬
‫سواء كانت كبيرة أم صغيرة‪ ،‬سواء كانت جزءا من المجتمع أم المجتمع بأكمله‪.‬‬
‫و ثقافة المقاولة تعرف بأنها انعكاس للثقافة العامة المحيطة و إنتاج جديد يتكون في كنف‬
‫المقاولة عبر عدة ردود أفعال توجد على كل المستويات بين أوالئك الذين ينتمون إلى التنظيم‬
‫نفسه‪.7‬‬
‫ثقافة المقاولة اجرائيا ‪:‬‬
‫التفاعالت التي تحدث داخل المقاولة المتمثلة في تبادل االفكار والخبرات والقيم والمعارف ‪،‬‬
‫و العالقات التي تنشأ داخل المقاولة كالصداقات و غيرها ‪...‬‬
‫االنتاجية اجرائيا‪:‬‬
‫العمل اصطالحا‪ :‬العمل مجهود إرادي عقلي أو بدني يتضمن التأثير على األشياء المادية‬
‫وغير المادية لتحقيق هدف اقتصادي مفيد كما انه وظيفة اجتماعية تتحقق فيها شخصية‬
‫الفرد‪.‬‬
‫وتقدير قيمة العمل من العناصر الهامة في األيديولوجية التي تسود أيه فترة‪ ،‬ألن هذا التقدير‬
‫يعكس البناء االجتماعي كما يعكس درجة القيم االجتماعية‪.‬‬
‫يقصد من الناحية السياسية الهيئات او التنظيمات التي تكون أغلبية المكونين لها من العمال‬
‫الماجورين التي تخدم مصالح الطبقة العاملة‪.8‬‬
‫العمل اجرائيا‪:‬‬
‫العالقات االنسانية‪:‬‬
‫هي تلك الجهود المبذولة لتدعيم وتنمية عالقات التفاهم والثقة وااالحترام المتبادل بين‬
‫العاملين واإلدارة بما يمكن من خلق روح إنسانية ومعنوية تدفع إلى االنتماء إلى أهداف‬
‫العمل وأدائه على مستوى من الكفاءة والفاعلية‪ ،‬وتحقيق لهم درجة من الرضا واالنتماء‬
‫واأللفة بين األفراد‪.9‬‬
‫العالقات االنسانية اجرائيا‪:‬‬
‫العامل‪:‬أي فرد يؤدي أعماال يدوية أو غير يدوية و يعمل لقاء أجر في خدمة صاحب عمل و‬
‫تحت سلطته و إشرافه‪.10‬‬
‫‪ 6‬دیفید انغلیز وجون هیوسون‪ ،‬مدخل إلى سوسیولوجیا الثقافة‪ ،‬ترجمة لما نصیر‪ ،‬ط‪ (1‬بیروت‪ :‬المركز العربي لألبحاث و دراسة السیاسات‬
‫‪ ،)،2013‬ص‪.17 ،‬‬
‫‪ 7‬عبد الغني زياني ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪8‬احمد زكي بدوي‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.236‬‬
‫‪ 9‬شهيب محمد علي ‪،‬العالقات االنسانية وعولمة السلوك ‪،‬دار النهضة العربية للنشر و التوزيع‪،‬القاهرة‪،1334،‬ص‪.10‬‬
‫‪ 10‬أحمد زكي بدوي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.448‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫العامل اجرائيا‪:‬‬
‫الصداقة اصطالحا‪ :‬عباره عن عالقة تقوم على اختيار والتقارب كما انها اجتماعية ودائمة‪،‬‬
‫ويختلف سلوك األصدقاء باختالف الجماعات والمواقف ووفقا الختالفات الشخصية‪ ،‬اما القيم‬
‫الخاصة بالصداقة فأقل اختالفا فهي تتضمن التقارب والتضامن والتنزه عن الغايات وتبادل‬
‫المعاملة واالختيار المشترك على اساس المميزات االجتماعية كالسن والنوع والطبقة‪ ،‬وتقوم‬
‫الصداقة على األلفة ولكن بدرجة اقل من الحب ومن بعض الروابط العائلية‪.‬‬
‫وتدعو الصداقة إلى النمو الشخصي واألمن ولذلك يعتبر من األمور المخجلة أن يكون الفرد‬
‫بال اصدقاء‪.11‬‬
‫الصداقة اجرائيا‪:‬‬

‫‪ 11‬احمد زكي بدوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169‬‬


‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫التأطير السوسيولوجي‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫يندرج هذا البحث ضمن سوسيولوجيا التنظيمات باعتبار المقاوله نوع من انواع‬
‫سوسيولوجيه تنظيمات‬
‫من اهم المدارس التي عالجت هذا الجانب مدرسه العالقات االنسانيه على يد مجموعه‬
‫من العلماء منهم‪ :‬جورج ايلتون مايو‪-‬ابراهام ماسلو‪ -‬فريديريك هيرز بورغ‪...‬‬
‫اهميه البحث‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تتجلى اهميه البحث بكونها مقاربه سوسيولوجيه ذات اسس نظريه واخرى تطبيقيه‬
‫لتطرقها الحد اهم انواع التنظيمات اال وهي المقاوله اعتبر اهم ركائز المقاوله االنتاج‬
‫وهذه االخيره تكون دائما مقترنه بنوعيه العالقات داخل المقاوله‬
‫وتتجلى اهميه البحث العلمي في مجال ثقافه المقاوله واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬
‫في كشف العالقه الخفيه بين الثقافه السائده في المقاوله وتاثيرها على انتاجيه العمال‪...‬‬
‫كما تهدف لدراسه ثقافه المقاوله كمتغير مستقل لهذه الدراسه وانتاجيه العمال كمتغير تابع‬
‫دراسات السابقه‪ :‬من اهم الركائز التي يعتمد عليها الباحث في تحديد موضوعه فيبدا‬ ‫‪‬‬
‫الباحث بالبحث والتمحيص في الدراسات السابقه والتي تشكل بالنسبه لباحث تراثا‬
‫هاما ومصدرا غنيا البد من االضالع الواسعي على ما قد كتب من دراسات وابحاث‬
‫حول الموضوع الذي اختاره الباحث قبل البدء فيه من اجل ان يتاكد ويبتعد عن تكرار‬
‫بحث سبقه اليه غيره فبعد ما بحثت على هذا الموضوع على شبكه المعلومات تبين لي‬
‫ان هذا الموضوع لم يتناول بشكل يجعله واضحا متجاهليا وانما تكلم فيه من هنا‬
‫وهناك‪..‬‬
‫اإلدارة الرشيقة مفاهيم و ممارسات‪ :‬الدروس المستفادة من تجربة شركة تويوتا‬
‫اليابانية‪:‬الكاتب ‪ :‬عمر مهدي ‪ .‬طيب هاشمي‬
‫سلط الضوء على أسلوب اإلدارة الرشيقة كأسلوب حديث في إدارة المؤسسات من‬
‫وجهتين مختلفتين و لكنهما متكاملتين‪ :‬من وجهة نظر مفاهيمية أين سنبرز أهم المفاهيم‬
‫المشكلة لمفهوم اإلدارة الرشيقة‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬و من جهة ثانية سنتناول اإلدارة الرشيقة‬
‫من وجهة نظر تطبيقية بمعنى من وجهة نظر ممارساتها من قبل المؤسسات حيث سنركز‬
‫بالخصوص على دراسة حالة شركة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات باعتبارها صاحبة‬
‫الفضل و الريادة في ابتكار هذا األسلوب إن على مستوى المفاهيم أو على مستوى‬
‫الممارسات محاولين في نفس الوقت إستخالص بعض الدروس و العبر المستفادة من‬
‫إدارة إحدى أهم الشركات العالمية كشركة تويوتا‪.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫إدارة و تنمية الموارد البشرية في اليابان دراسة ميدانية محافظة سايتاما اليابان إعداد‬
‫أحمد السيد كردى ‪.‬‬
‫إدارة الوقت وتأثيرها على معدل اإلنتاج دراسة ميدانية على أحد المصانع‪ :‬المؤلف‬

‫دينا محمد السعيد أبوالعال‬


‫أستاذ مساعد بکلية اآلداب ‪ -‬جامعة المنصورة‬
‫المصادر المتاحة لإلنسان‪ .‬لذلك ‪ ،‬تحاول هذه الورقة توضيح العالقة بين إدارة الوقت‬
‫وكفاءة وجودة أو نوع اإلنتاج‪ .‬كما يسلط الضوء على الضغوط التي تمارس على العمال‬
‫وكيف تؤثر على قدرتهم على العمل أكثر واإلنتاج بشكل كبير‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فإنه‬
‫يستكشف الطرق المختلفة التي يمكن ألي عامل استخدامها إلدارة وقته‪ .‬أخيًرا وليس آخًرا‬
‫‪ ،‬يدرس حقيقة أن العوامل االجتماعية والثقافية تلعب دوًرا حيوًيا في كيفية استغالل‬
‫العمال للوقت على أفضل وجه‪ .‬تحتوي الورقة البحثية الحالية على العديد من األهداف‬
‫منها‪ :‬استكشاف أهمية الوقت لعمال المصانع ‪ ،‬وتتبع أو فحص العالقة بين تنظيم الوقت‬
‫وزيادة معدالت اإلنتاج ‪ ،‬توضيح العالقة بين ضغوط العمل وقدرة العمال على العمل‬
‫أكثر وزيادة اإلنتاج ‪ ،‬وشرح العالقة بين ضغوط العمل وجودة وكفاءة اإلنتاج في‬
‫المصنع ‪ ،‬واكتشاف العالقة بين ضغوط العمل وإدارة الوقت وتأثيرها على اإلنتاج ‪،‬‬
‫وبيان األسباب الرئيسية إلضاعة الوقت داخل وخارج المصنع‪ .‬يتبع البحث منهج دراسة‬
‫الحالة وكذلك أسلوب دليل المقابلة المتعمق‪ .‬يطبق على قرية شبراهور بمحافظة الدقهلية‬
‫على عينة مكونة من ‪ 75‬فردا‪ .‬وقد اشتملت نتائجه على ما يلي‪ -1 :‬أهمية إدارة الوقت‬
‫والتي تعتبر عامًال أساسيًا يساهم في زيادة معدالت اإلنتاج‪ -2 .‬األشكال المختلفة إلضاعة‬
‫الوقت كاإلدارية والبيئية‪ -3 .‬تظهر نتائج الدراسة الميدانية أن الموضوعات تؤكد على‬
‫نقطة واحدة وهي أن عملهم أو مشاركتهم في الصناعة قد غيرت الطريقة التي ينظرون‬
‫بها إلى الوقت‪ .‬ويرجع ذلك إلى طبيعة العمل الصناعي الذي يجبرهم على احترام‬
‫المواعيد واالهتمام‬
‫األمن الوظيفى وتنمية الموارد البشرية (دراسة ميدانية على بعض المصانع بالمدينة‬
‫الصناعية بالعباسية )‬
‫المؤلف‬

‫دعاء أحمد توفيق محمد محمد‬


‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫يهدف البحث إلى الکشف عن العالقة بين عوامل األمن الوظيفى وتنميةالموارد البشرية‪.‬‬
‫ويثير فرضًا ال يوجد فرق دال إحصائيًا بين تکرارات إستجابات عينة البحث وفقًا لمتغير‬
‫األمن الوظيفى فيما يتعلق بمنظومة األجور‪ ،‬واالستمرارية فى العمل‪،‬وعادلة منظومة‬
‫الثواب والعقاب ‪،‬والمشارکة فى صنع القرار داخل المصنع کعوامل تقليدية ‪،‬و التدريب‬
‫وتحسين األداء و الجودة ‪،‬و اإلبداع کعوامل معاصرة لتحقيق األمن الوظيفى فى تنمية‬
‫الموارد البشرية (عمال المصنع )‪.‬وللتأکد من صالحية هذا الفرض يتبع البحث منهج‬
‫المسح االجتماعى بالعينة ومنهج دراسة الحالة‪ ،‬وتم اختيار العينة بطريقة عشوائية غير‬
‫منتظمة (‪78‬مفردة) باستخدام أداة اإلستقصاء ‪.‬وتطبيق منهج دراسة الحالة باستخدام دليل‬
‫مقابلة متعمقة (‪20‬حالة) ‪.‬‬
‫وتوصل البحث إلى وجود فرق دال إحصائيًا بين تکرارات إستجابات عينة‬
‫البحث فيما يتعلق بالعوامل التي تؤثر على األمن الوظيفي عند مستوى ‪ 0.01‬لصالح‬
‫اإلستجابات األکثر تکرارًا‪ .‬والتى کانت لصالح متغير موضوعية الترقى فى العمل بنسبة‬
‫‪ .%90‬و أن ‪%83‬من عينة البحث توافق على أهمية التأمين اإلجتماعى و الصحى‬
‫لتحقيق األمن الوظيفى ‪ ،‬ضد المخاطر اإلجتماعية و المرض ‪،‬و إصابات العمل ‪،‬و‬
‫العجز ‪،‬و الشيخوخة ‪،‬والبطالة‪ .‬أما تشجيع المتميزين جاء فى المرتبة الثالثة بنسبة‬
‫‪%79.5‬بينما الحرص على الجودة وتحسين األداء جاء فى المرتبة الرابعة بنسبة ‪%72‬‬
‫‪.‬‬
‫وتوصل البحث إلى ‪ :‬وجود عالقة دالة إحصائيًا بين تحقيق األمن الوظيفى ومتغير‬
‫النوع والمؤهل ومدة الخدمة عند مستوى ‪ 0.01‬حيث بلغت قيمة (ر) المحسوبة ‪0.432‬‬
‫وهي أکبر من قيمة " ر" الجدولية وهذا يدل على وجود عالقة دالة إحصائيا‪.‬لصالح‬
‫األکثر تعليمًا ‪،%74‬اإلناث ‪، %56‬زيادة مدة الخدمة ‪،%51‬األکبر سنًا ‪.%36‬وکشفت‬
‫دراسة الحالة عن وجود فروق بين اإلناث والذکور فى اإلستجابات المرتبطة باألمن‬
‫الوظيفي لصالح اإلناث‪.‬‬
‫أثر تطبيق النموذج اليابانى إلدارة الموارد البشرية على القيمة المضافة ألداء قطاع الصناعات التحويلية فى‬
‫مصر ‪ -‬دراسة ميدانية بالتطبيق على شرکات صناعة األدوية والکيماويات والمستلزمات الطبية‬

‫المؤلف‬

‫هانى محمد السعيد عبده‬


‫کلية التجارة – جامعة قناة السويس‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫يهدف هذا البحث إلى تحديد معنوية الفروق بين آراء فئات مجتمع البحث حول أبعاد‬
‫النموذج اليابانى إلدارة الموارد البشرية وحول أبعاد القيمة المضافة ألداء قطاع‬
‫الصناعات التحويلية فى مصر ‪ ،‬کما يهدف البحث بشکل أساسى إلى تحديد أثر تطبيق‬
‫أبعاد النموذج اليابانى إلدارة الموارد البشرية على القيمة المضافة ألداء قطاع الصناعات‬
‫التحويلية ‪ ،‬مع اختبار العالقة ميدانيًا بين المتغيرين فى شرکات صناعة األدوية‬
‫والکيماويات والمستلزمات الطبية فى مصر ‪.‬‬

‫ويتمثل مجتمع البحث فى أعضاء اإلدارة العليا ‪ ،‬ومديرى اإلدارات ورؤساء األقسام ‪،‬‬
‫والعاملين بالشرکات التابعة للشرکة القابضة لألدوية والکيماويات والمستلزمات الطبية‬
‫فى مصر ‪ ،‬وقد اختار الباحث (‪ )8‬شرکات منها کمجال للبحث والتطبيق من أصل (‪)11‬‬
‫شرکة أى بنسبة ‪ ، %72,73‬وقد بلغ عدد أعضاء اإلدارة العليا بالشرکات موضع‬
‫الدراسة ‪ 31‬مفردة ‪ ،‬وبالنسبة لفئة مديرى اإلدارات ورؤساء األقسام بلغ عددهم ‪67‬‬
‫مفردة ‪ ،‬أما بالنسبة لفئة العاملين فبلغ عددهم ‪ 16528‬مفردة ‪ ،‬وقد اعتمد الباحث على‬
‫أسلوب الحصر الشامل بالنسبة لفئتى أعضاء اإلدارة العليا ‪ ،‬ومديرى اإلدارات ورؤساء‬
‫األقسام ‪ ،‬أما بالنسبة لفئة العاملين فقد اعتمد الباحث على عينة عشوائية طبقية حجمها‬
‫‪ 377‬مفردة ‪.‬‬
‫وقد توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج العامة للبحث ‪ ،‬من أهمها أن هناک تراجع‬
‫فى حجم اإلستثمارات بالشرکات موضع الدراسة ‪ ،‬وأن هذه الشرکات تواجه مشکالت‬
‫عديدة من أهمها ضعف التکنولوجيا المستخدمة فى اإلنتاج ‪ ،‬وعدم القدرة على تصنيع‬
‫المادة الفعالة للدواء ‪ ،‬وضعف جهود البحوث والتطوير ‪ ،‬باإلضافة إلى اإلنخفاض الحاد‬
‫فى نسبة صادراتها من منتجات األدوية إلى الواردات ‪ ،‬وقد توصل الباحث إلى أنه يوجد‬
‫أثر معنوى إيجابى لتطبيق أبعاد النموذج اليابانى إلدارة الموارد البشرية على القيمة‬
‫المضافة ألداء الشرکات موضع الدراسة ‪ .‬وقد قدم الباحث فى ختام بحثه مجموعة من‬
‫التوصيات من أهمها ضرورة إجراء تقييم فنى شامل للشرکات والمصانع العاملة فى‬
‫قطاع الصناعات التحويلية ‪ ،‬وإنشاء هيئة عليا مستقلة لصناعة الدواء فى مصر ‪،‬‬
‫وضرورة إصدار قانون التجارب السريرية ‪ ،‬مع تعديل نظم تحليل واختبار عينات‬
‫األدوية والتى تتم بالمعامل المرکزية لوزارة الصحة ‪ ،‬ووضع استراتيجية متوازنة‬
‫لتسعير الدواء المصرى ‪ ،‬باإلضافة إلى إعداد رؤية استراتيجية شاملة للبحث العلمى‬
‫والتطوير فى قطاع صناعة األدوية ‪.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫تمثل جماعة هارفارد الرائد األول في اتجاه العالقات اإلنسانية فقد صنفها البعض من بين‬
‫الرعيل األول الذي ابتدع فكرة المسائل اإلنسانية في اإلدارة‪.‬‬
‫إن العديد من العلماء والباحثين أمثال " شارمان كروب" و " اشارثيون دور كبال"‬
‫وآخرون يؤكدون إن الدراسات التي أجريت في مصانع ها وثورن التي اشرف عليها‬
‫جماعة هارفارد بقيادة " التون مايو" الرئيس الموجه لهذه الجماعة هي التي وضعت‬
‫أساس القضايا الجوهرية في اتجاه العالقات اإلنسانية ‪ ،‬وتعتبر أفكارهم نقطة انطالق‬
‫ومصدر أساسي للدراسات االلحقة‪.‬‬

‫إن إسهامات جماعة هارفارد في حركة العالقات اإلنسانية كانت امتداد للتفسيرات التي‬
‫ظلت على مستوى االفتراض النظري ألفكار " التون مايو" ‪- ،‬ابن بلدة اديالديا بأستراليا‬
‫والذي سافر إلى الواليات المتحدة ليعمل في جامعة بنسلفانيا‪ ، -‬حيث درس مشاكل‬
‫صناعة الغزل التي تمثلت في انخفاض معدالت اإلنتاج وزيادة نسب تغيير العمال‬
‫والشكوى من التعب والهواجس المقلقة وسيادة الروح المعنوية المنخفضة بين العمال ‪،‬‬
‫ففي عام ‪ 1923‬اجرى مايو بحثا عن أسباب تغير العمال بمصنع " فيالدلفيا" ‪.‬الحظ أن‬
‫نسبة تغيير العمال في قسم الغزالين وصل إلى ‪ 250‬بالمائة بينما كانت هذه النسبة في‬
‫األقسام األخرى تتراوح ما بين ‪ 6/1‬بالمائة رغما انه يفترض إن يتقاضى عمال هذا القسم‬
‫مكافأة شهرية عند زيادة اإلنتاج عن ‪ 75‬بالمائة بمقدار معين يحسب بدقة لكنها بقية هذه‬
‫المكافآت على المستوى النظري الن اإلنتاج لم يزد مطلقا عن ذلك الحد ‪ ،‬وكانت بيئة‬
‫العمل في قسم الغزالين روتينية تسودها الضوضاء نهيك عن عدم التواصل بين العمال‬
‫في ما بينهم ‪ ،‬بين ما كان إلتون مايو في هذه المرحلة المبكرة من حياته يهتم بنزعته‬
‫الميكانيكية في دراسة سيكولوجية الفرد وظروف العمل المادية بدأ بإدخال نظام فترات‬
‫الراحة في الصباح وبعد الظهر فأفاد هذا النظام ثلث عمال القسم وظهرت نتائج طيبة‬
‫وانخفض معدل تغير العمل وتحسنت الروح المعنوية واإلنتاجية ‪.‬‬
‫فاخذ رئيس الشركة بنصائح " مايو" وأمر بتوقيف الماكينات إثناء فترة الراحة وطلب من‬
‫العمال إن يختاروا فترات راحتهم في الوقت الذي يرضونه ‪.‬‬
‫فوصل اإلنتاج الى‪36‬بالمئة ولم تزد نسبة تغيير العمل عن نسبة ‪1‬او‪ 6‬بمائة ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫وضع إلتون مايو تفسيرا لهذه النتائج مفاده ‪:‬إن سبب ردود الفعل التشاؤمية هي بسبب‬
‫التكرار الروتيني للعمل وكذلك عندما تكرر نفس الحركات لفترة طويلة ينشا عنها حاالت‬
‫من التعب العضوي مما يؤثر على الكفاية اإلنتاجية ‪ ،‬وكذاك نتيجة لظروف العمل غير‬
‫المؤمنة فيزيقيا‪.‬‬
‫فأعتقد إن فترات الراحة يمكن إن تزيل اثر هذه الحاالت باعتبارها عالجا يمكن للعمال إن‬
‫يصبو فيه هواجسهم ويروحون عن أنفسهم وينقصون من متاعبهم‪.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫وفي مؤلف مايو عن " المشكالت االجتماعية الصناعية " لوحظ انه اتخذ موقف أخر حيث‬
‫أشار إلى إن مجرد القيام بالبحث قد تبين للعمال أنهم مشكالتهم لم تكن مهملة وأن رئيس‬
‫الشركة كان محبوب عندهم خصوصا وان النظام الجديد مجرد تدليل للعمال باسم العلم‬
‫فتحول الحشد من العمال المنعزلين إلى جماعة ذات إحساس بالمسؤولية االجتماعية‬
‫عندما منحوا حق اختيار راحتهم بنفسهم وهكذا انتهى مايو إلى تبين دور جماعات العمل‬
‫وما تكونه من نضم وطقوس وقدرتها على ممارسة نفوذ كبير على سلوك أعضائه وعليه‬
‫ظلت التفسيرات المتوصل إليها على مستوى االفتراض النظري حتى جاءت جماعة "‬
‫هارفارد" للقيام ببرنامج بحوث في مصانع " هارفارد" بشيكاغو التابع لشركة " وسترن‬
‫إلكتريك" هذا المصنع الذي يضم حوالي ‪ 29000‬عامال من قوميات مختلفة و بداية‬
‫البحوث به كان عام ‪ 1927‬إلي غاية‪1932‬عالج بعض المشكالت الصناعية خاصة ما‬
‫تعلق منها بالجوانب االنسانية في محيط العمل‪.‬‬

‫الفصل النظري‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاوالت هي عصب كل تنمية اقتصادية‪ ،‬واللبنة األساسية لمعظم االقتصادات في العالم‪،‬‬


‫لذلك يحض النشاط المقاوالتي بأهمية واضحة داخل النسيج االقتصادي في كل الدول بصفة‬
‫عامة وفي المغرب بصفة خاصة‪ ،‬كما يحوز مكانة متميزة ضمن أولويات التنمية االقتصادية‬
‫و االجتماعية خاصة في ظل التحوالت االقتصادية التي يعرفها المغرب والتوجه الجديد‬
‫للدولة للمرحلة المقبلة‪.‬‬
‫المقاولة بمعناها اإلقتصادي ‪ ،‬هي وحدة إنتاجية ‪ ،‬تجمع بين مختلف عوامل اإلنتاج من موارد‬
‫بشرية مؤهلة أو غير مؤهلة ‪ ،‬و بين وسائل معلوماتية و أيضا تقنية لوجيستيكية ‪ ،‬و كذلك‬
‫موارد إقتصادية ضرورية قصد تحقيق مشاريعها ‪ ،‬من خالل إنتاج منافع مخصصة للبيع و‬
‫لإلستغالل ‪ ،‬و ذلك لجني األرباح ؛ بمعنى مغاير و أوضح ‪ ،‬إن المقاولة في األدبيات‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬هي وحدة مؤسساتية ذات الصبغة اإلنتاجية المحضة و الخالصة ‪ ،‬تنبني على‬
‫مشروع محدد سلفا من خالل إستراتيجيات تخطيطية عقالنية ‪ ،‬و سياسات تدبيرية معقلنة ‪،‬‬
‫للوصول لذات األهداف ‪ ،‬المتمثلة في تحقيق مشروع وجود المؤسسة و أيضا إنوجادها ‪ ،‬و‬
‫ذلك بإنتاج و تزويد المستهلكين و عموم المستعملين ‪ ،‬بمجموعة من الخيرات المادية‬
‫المتنوعة و العديدة ‪ ،‬أو بمختلف الخدمات الموجهة لعموم الزبناء و مختلف العمالء ؛ و‬
‫لتحقيق ذات الهدف ‪ ،‬تقوم المؤسسة المقاوالتية اإلقتصادية ‪ ،‬بتحضير و تحريك ‪ ،‬و إستهالك‬
‫مختلف الموارد التي تعبد لها ذاك الطريق الملكي نحو أهدافها ‪ ،‬و ذلك باإلرتهان على‬
‫مجموع الموارد المادية و غير المادية ‪ ،‬و على الرأسمال الثقافي المتمثل في العنصر‬
‫البشري ‪ ،‬المكتنز لمهارات و كفاءات تقنية ‪ ،‬تسمح هي األخرى ‪ ،‬بمسايرة ضوابط المقاولة‬
‫و أهدافها ‪ ،‬و حتى تمارس هذه الوحدة اإلنتاجية اإلقتصادية غاية وجودها و ماهية‬
‫إنوجادها ‪ ،‬تقوم بإحقاق شرط التنظيم و التوفيق بين مختلف هذه الموارد ‪ ،‬بغية تأمين‬
‫إستمراريتها أوال ‪ ،‬ثم بغية الرفع من مردودية اإلنتاج ثانيا ‪ ،‬ثم إكتساح األسواق ثالثا ‪ .‬لكن‬
‫إذا كان ذات التصور التقليدي بمنحاه اإلقتصادي ‪ ،‬و توجهه السوسيولوجي الكالسيكي ‪ ،‬يزج‬
‫بالمقاولة في إتجاه تقزيبي تقزيمي من كافة وظائفها المتباينة عن النسق اإلقتصادي‬
‫اإلنتاجي ؛ فإن مفهوم مؤسسة المقاولة ‪ ،‬و في مختلف سجالت العلوم اإلجتماعية‬
‫المعاصرة ‪ ،‬يقر بأنه ال يمكن النظر إليها بعين إقتصادية خالصة فقط ‪ ،‬بل إن ذات المؤسسة‬
‫هي وحدة إجتماعية بإمتياز ‪ ،‬لها تمظهرات فعال على المستوى اإلقتصادي التدبيري ‪ ،‬أي‬
‫تقوم بإنتاج خدمات معينة و سلع محددة ‪ ،‬و تتوقف حدودها في مدى تقسيمها للشغل ‪ ،‬بل في‬
‫نفس الوقت ‪ ،‬إنها مؤسسة تنتج أفكارا و قيما و تصورات ‪ ،‬تفرز عالقات إجتماعية و أنساق‬
‫الثقافات ‪ ،‬كما تشبع رغبات نفسية و حاجيات ؛هذا التعريف ينأى بنا عن مختلف التصورات‬
‫التقنية المادية للمقاولة ‪ ،‬إلى مؤسسة إجتماعية ‪ ،‬تنتج عالقات السلطة ‪ ،‬كما تنتج قيما و أنماط‬
‫سلوك ؛ فإبتداءا من الثمانينات من القرن الفائت ‪ ،‬طفا وجه جديد للمؤسسة المقاوالتية عوض‬
‫ذاك المنظور الكالسيكي لها ‪ ،‬إذ تغيرت النظرة لها و أصبحت تعتبر كيانا إجتماعيا ‪ ،‬أو‬
‫مجتمعا صغيرا قبل أن يكونا كيانا إقتصاديا ؛ أي وحدة إجتماعية ‪ ،‬منتجة لكيانات إجتماعية‬
‫تتحكم فيها روابط إجتماعية ‪ ،‬و يوجد في أحشائها فاعلون بمثابة أعضاء يتماهون في هذه‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاولة اإلجتماعية ‪ ،‬التي تشكل مجموعة إنتماء بالنسبة إليهم ؛ فالمقاولة ‪ ،‬و على هذا‬
‫األساس ال يمكن النظر إليها بمنطق تقني إقتصادي فقط ‪ ،‬أو بنظرة أذاتية تبخيسية على‬
‫أساس أنها وحدة إقتصادية تنتج فقط السلع و الخدمات ‪ ،‬و تسعى بكل الوسائل للرفع من‬
‫مردودية اإلنتاج ؛ بقدر ما أنها مؤسسة إجتماعية ثقافية ‪ ،‬تنتج بدورها ثقافتها الخاصة نتيجة‬
‫التفاعل بين مختلف مكوناتها ؛ بدءا بقواعد و ضوابط ‪ ،‬و قوانين داخلية مسطرة من طرف‬
‫اإلدارة لتنظيم سلوك األفراد ؛ أي إنها بناء إجتماعي محكم ‪ ،‬يرتبط بمجموعة من القوانين و‬
‫الضوابط التي يخضع لها مختلف الفاعلين في نطاقها كمؤسسة‬
‫المقاولة في بعدها السوسيولوجي و حتى األنتروبولوجي ‪ ،‬و أيضا في جانبها السيكولوجي ‪،‬‬
‫هي تجميع و كوكبة بين جوانب إجتماعية متمثلة في النسيج اإلجتماعي للمقاولة ‪ ،‬من‬
‫عالقات إجتماعية تنبني تارة على منطق التضامن و التأزر ‪ ،‬و تارة أخرى على منطق‬
‫التباعد و التقاطب ؛ و جوانب ثقافية متعددة و متنوعة ‪ ،‬تتجلى في مختلف األفكار و‬
‫التصورات ‪ ،‬و في مجموع القيم و العادات المعتملة داخل جماجم األفراد أو الفاعلين في‬
‫أركان المقاولة ‪ ،‬و جوانب سيكولوجية أهم ‪ ،‬متمثلة في التحفيز و الرضا النفسي للعمال‬
‫داخل المحيط المقاوالتي ‪ .‬بتعبير أخر ‪ ،‬إن ثمة عالقة ترابطية تالزمية إذن ‪ ،‬بل وجودية‬
‫بتعبير فلسفي ‪ ،‬بين ذات الثقافة و المقاولة ‪ ،‬و أن أي توجه ينحوا منحى النفي ‪ ،‬لن يكون‬
‫سوى ضربا من ضروب الترف و اإلبتذال ؛ فالمقاولة في منظار العلوم اإلجتماعية‬
‫المعاصرة ‪ ،‬تمتلك ثقافة ‪ ،‬كما تنتج سلعا و خدمات و كافة المخرجات المادية ‪ ،‬تلك الثقافة‬
‫تتمثل في مجموع المعارف و القيم ‪ ،‬و المهارات و مختلف اإلتجاهات و السلوكيات التي‬
‫تكتسبها اإلدارة العليا ‪ ،‬و تمارسها داخل المؤسسة و خارجها ‪ ،‬و التي تقدم قواعد مستقرة‬
‫لتنظيم العمل ‪ ،‬و لتنظيم سلوك العمال ؛ إن المقاولة إذن هي مكان مستقل نسبيا عن المحيط و‬
‫المجتمع منتج لضوابط تتحكم في العالقات اإلجتماعية ‪ Bernoux Philippe‬و بالتالي فإن‬
‫هذه المؤسسة ليس مجرد نصوص و قواعد قانونية ‪ ،‬و ليست كذلك نماذج و هياكل رسمية ‪،‬‬
‫بل إنها تتشكل من روابط إجتماعية معقدة و أصيلة ‪ ، Renaud Sainsaulieu‬تلك الثقافة‬
‫تتجلى في مجموع التعبيرات و اإلشارات ‪ ،‬و في مختلف الطقوس و العادات و المراسيم ؛‬
‫فالمقاولة حسب هذا المنطق إذن ‪ ،‬هي وحدة إجتماعية منتجة لقواعد و عادات ‪ ،‬و معتقدات و‬
‫تمثالت ‪ ،‬مشتركة بين األفراد المكونة لهذه الوحدة ‪ ، Maurice Thévenet‬و تظهر تلك‬
‫الثقافة في مجموعة من الرموز كاللغة المتداولة بين مختلف الفاعلين ‪ ،‬و طريقة اللباس و‬
‫أسلوب تنظيم العمل ‪ ،‬و طبيعة القيادة ‪ ،‬و نظام اإلعالم و اإلتصال ‪ ،‬و أيضا التقويم و‬
‫المكافآت و الجوائز ‪ ،‬و كيفية إدارة الوقت ‪ ،‬و حل الصراع ‪ ،‬أضف إلى ذلك جل القيم و‬
‫المعايير المرتبطة بهذه الممارسات التنظيمية ‪ .‬إن ثقافة المقاولة إذن هي مجموعة من‬
‫المعتقدات و التمثالت الخفية ‪ ،‬العيانية و غير العيانية المتجلية في الطقوس و الشعائر اليومية‬
‫كطرق الكتابة و الكالم ‪ ،‬و كيفية تحضير و قيادة اإلجتماعت ؛ هي رموز و أفكار إذن ‪،‬‬
‫يعتنقها مختلف الفاعلين في نطاق المقاولة ‪ ،‬من أدنى عامل فيها إلى أهم رئيس و مرؤوس ‪،‬‬
‫و التي يكون لها الدور األساسي في التعبير عن هوية المقاولة و تقديم صورتها الخاصة ‪ ،‬و‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫إحقاق التماهي و اإلنسجام بين أعضائها ‪ ،‬و ذلك حتى تصل المؤسسة ألهدافها الوجودية‬
‫المسطرة من قبل اإلدارة ‪ .‬بمعنى إستنتاجي ‪ ،‬لقد أضحى اآلن متفقا على أن المؤسسات‬
‫اإلقتصادية اإلنتاجية ‪ ،‬تمتلك ثقافة خاصة بها نتيجة التفاعل بين مختلف مكوناتها و‬
‫عناصرها ؛ تلك الثقافة تبدأ بمجموع المتغيرات اإلدارية و التنظيمية ‪ ،‬المهيكلة و المحددة‬
‫للنظام العام للمقاولة ‪ ،‬أي في كونها موجهة للسلوك ‪ ،‬و محددة للممارسات و مختلف‬
‫التوجهات ؛ إال أنها ال تقف عند هذه الحد ‪ ،‬بل تمتد إلى المتغيرات المشتركة من أحاسيس و‬
‫مشاعر اإلنتماء ‪ ،‬و مصطلحات و رموز ‪ ،‬تظهر من باب المثال ‪ ،‬على مستوى البذلة‬
‫الرسمية ‪ ،‬و لغة الخطاب الداخلية ‪ ،‬و طرق اإلتصال و التواصل ‪ ،‬بل حتى كيفية تنظيم و‬
‫تزين مرافق المقاولة تندرج ضمن ثقافتها ؛ زيادة على القواعد المسطرة لتوجهات األفراد ‪،‬‬
‫لتنفيذ مهامهم و إنجاز وظيفتهم ؛ و الحديث هنا عن النظام الداخلي و الهيكل التنظيمي ‪،‬‬
‫المتمثل في طرق و أساليب تقسيم النشاطات و أيضا المسؤوليات ‪ ،‬بغية ترشيد عقالني‬
‫بيروقراطي بالمعنى الفيبيري للكلمة للموارد البشرية ‪ ،‬تلك الموارد نفسها تطبعها عالقات‬
‫سلطوية تراتبية بين الرؤساء و المرؤوسين ؛ هذا من جهة أما من أخرى ‪ ،‬فإن مكونات ثقافة‬
‫المقاولة ال تنحصر في ما سبق ‪ ،‬و خاصة في الوثائق التنظيمة القانونية أو اإلستراتيجيات‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬بل تشمل أيضا األعياد و اإلحتفاالت المناسباتية ‪ ،‬زيادة على طقوس و عادات‬
‫التوظيف ؛ باإلضافة إلى بعض الطابوهات ‪ ،‬من قبيل أسرار المهنة و هفوات المدير ؛ كل‬
‫هذه المكونات باإلضافة إلى أخرى ‪ ،‬تعزز الطرح الداعي إلى تبني تصور سوسيولوجي‬
‫محض ‪ ،‬بل أنتروبولوجي أيضا ‪ ،‬و حتى سيكولوجي خالص حول المقاولة ‪ ،‬بذريعة أنه ال‬
‫يمكن النظر للمقاولة بمنظار جامد ‪ ،‬بكونها فضاء لتجميع كذا من األفراد و اآلالت ‪ ،‬و ال في‬
‫كونها ملتقى لتدفقات من المادة و مختلف الموارد األساسية ‪ ،‬من معلومات و أموال و تقانة‬
‫فحسب ؛ بل إنها كيان ثقافي ‪ ،‬و مؤسسة إجتماعية و سيكولوجيية ‪ ،‬تفرز نتيجة التفاعل‬
‫ثقافتها الخاصة ‪ ،‬كما تنتج سلعا و مختلف الخدمات ‪ ،‬و مجموع المخرجات المادية و‬
‫الالمادية ‪.‬‬

‫فما هي إذن أهم خصائص ثقافة المقاولة ؟ و ما هي مختلف أنواعها ؟ هل ذات المقاولة‬
‫تتضمن داخل أحشائها و بين ثناياها ثقافة واحدة و وحيدة فقط ؟ أم أنها تشمل هي بدورها‬
‫على أنساق من الثقافات ‪ ،‬كما هو الحال في المجتمع ؟ و ما عالقة المؤسسة المقاوالتية و‬
‫ثقافتها الخاصة بمحيطها الخارجي ؟ و ما هي حدود التالقي و نقاط التنافر بين العالمين ؟‬

‫تعد المقاولة مؤسسة إجتماعية بكامل معناها الدوركايمي ‪ ،‬شأنها شأن باقي المؤسسات‬
‫اإلجتماعية األخرى ‪ ،‬كاألسرة مثال ؛ إذ هي ـ المؤسسة ـ مجموعة من المعايير و اإللتزامات‬
‫السلوكية ‪ ،‬و القواعد الواضحة التي تميز مجتمعا بعينه ‪ ،‬و التي يتم إستدماجها من قبل‬
‫األفراد ؛ أي إن المؤسسة اإلجتماعية هي مجموعة من المعايير اإلجتماعية ‪ ،‬التي توجه و‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫تحدد في ذات الوقت ‪ ،‬دور األفراد داخل المجتمع ؛ هذه المعايير تتميز بدورها بثالث‬
‫خصائص كبري ‪ ،‬هي ‪ :‬إنها خارجية عن األفراد ‪ ،‬كما أنها ثابتة نسبيا و ال تتغير إال حسب‬
‫الظروف ‪ ،‬و أخيرا ‪ ،‬إنها تمارس نوعا من اإلكراه في حق األفراد الذين يخضعون‬
‫لمشيئتها ‪ ،‬و تحدد لهم في ذات الوقت مجموعة من السلوكات المقننة ‪ Etienne J Bloess‬؛‬
‫بمعنى مغاير ‪ ،‬إن المقاولة هي مؤسسة إجتماعية لعدة إعتبارات ؛ أولها ‪ ،‬أن األفراد‬
‫يخضعون لقواعد و توجهات معينة ‪ ،‬كالنظام الداخلي على سبيل المثال ‪ ،‬أو لباس معين أو‬
‫بزة موحدة تحمل عالمة المقاولة ‪ ،‬و أيضا منطق الخضوع للعمل الجماعي و إحترام أوقات‬
‫العمل ‪ ،‬هذه القواعد و التوجهات تعد ملزمة و قهرية ‪ ،‬أي أنها ضاغطة معنويا ‪ ،‬تمارس‬
‫سلطة رسمية ظاهرة ‪ ،‬أو غير رسمية غير عيانية ؛ سواء بوعي أو بال وعي ؛ زيادة على‬
‫كون المقاولة تنتج و تنشر معايير و قيم كالمراهنة على الجودة ‪ ،‬أي إنها تنشر نماذج من‬
‫الشعارات و القيم ‪ ،‬التي ترفعها المقاولة بغية جعل األفراد ينخرطون في ثقافتها ؛ و هنا‬
‫تتعدى المقاولة كونها مؤسسة لإلنتاج المادي آو اإلقتصادي ‪ ،‬إلى مؤسسة تنتج قيما تجعل‬
‫األفراد و الفاعلين في نطاقها يتشاركون في قيم جماعية ‪ ،‬يتبنونها نتيجة التعاقد و التوافق و‬
‫حتى اإلنسجام ؛ و بالتالي فالمقاولة هي فضاء للتنشئة اإلجتماعية و المهنية ‪ ،‬و محيط مفرو‬
‫و منتج لثقافات جماعية ‪ ،‬إذ أن محيط المقاولة ينتج روابط إجتماعية و عالقات تراتبية‬
‫سلطوية ‪ ،‬كما أن العمل الذي يتم كل يوم ينتج تضامنا جماعيا ‪ ،‬يخلق هويات مهنية ؛‬
‫باإلضافة لكون ذات الفضاء ‪ ،‬يشكل حيزا لإلندماج الثقافي بين مختلف الثقافات المعتملة في‬
‫أحشاء المقاولة ؛ و بالتالي فإن المقاولة ‪ ،‬تتوفر على كامل الخصائص الدوركايمية للمؤسسة‬
‫اإلجتماعية ‪ ،‬بدءا بكونها مؤسسة قادرة على إنتاج و إعادة إنتاج عالقات و قيم ‪ ،‬زيادة على‬
‫كونها مقاولة أسست لضمان نوع من اإلستمرارية ‪ ،‬إذ أن فعل التأسيس هو فعل تراكمي‬
‫نتوخى منه اإلستمرارية ‪ ،‬إذ تم تأسيسها لتضمن لنفسها البقاء و الديمومة ‪ ،‬كما أنها متجدرة‬
‫في التاريخ و خارجية عن األفراد ؛ و بالتالي فالمقاولة حسب هذا المنطق ‪ ،‬هي مؤسسة‬
‫إجتماعية تعكس أوال ‪ ،‬هيكلها التنظيمي من قوانين داخلية و نظم قانونية ؛ ثم تعكس ثانيا ‪،‬‬
‫صورة المؤسسة المتمثلة في قدرتها على إفراز تصورات و عادات ‪ ،‬و ضوابط تعطيها نوعا‬
‫من اإلستمرارية ؛ إن المقاولة و إنطالقا مما سبق ‪ ،‬ترتكز على مجموعة من التصورات و‬
‫الرموز و القيم و المعتقدات ‪ ،‬و القواعد التي يعيشها أفراد المجموعة الواحدة ‪ ،‬و تسمح بذلك‬
‫ببعض التقارب بين مصالح مختلف األطراف ‪ ،‬و تسهل اإلرتقاء نحو أهدافها اإلنتاجية‬
‫األساسية ‪ ،‬بمعنى أخر ‪ ،‬تعمل على تحقيق التكيف الداخلي و أيضا الخارجي ؛ إن المجموعة‬
‫القيمية السالفة الذكر ‪ ،‬ما هي إال ثقافة المؤسسة ‪ ،‬و التي ينظر إليها على أنها جزء من نسق‬
‫و نظام شامل ‪ ،‬الذي هو المؤسسة المقاوالتية ؛ فإلى جانب أنظمة تكنولوجية حديثة ‪ ،‬و‬
‫إدارية عقالنية ‪ ،‬فإن المقاولة هي مؤسسة إجتماعية ‪ ،‬تنتج ثقافة كما تنتج كل المخرجات‬
‫المادية من سلع و خدمات ‪ .‬إال أن المؤسسة نفسها ‪ ،‬تعد مجمعا للثقافات الفرعية ‪ ،‬أي أنها‬
‫تتضمن ثقافات متعددة ‪ ،‬و ليس ثقافة واحدة قائمة بذاتها ‪ ،‬فالمؤسسة المقاوالتية عبارة عن‬
‫مجموعة من الفئات و المستويات اإلجتماعية ‪ ،‬من عمال و مسيرين ‪ ،‬و من جماعات و‬
‫أشخاص مختلفين من حيث ‪ ،‬السن و التكوين ‪ ،‬البلد و األصل ‪ ،‬الجنس و التواجد المحلي ‪،‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫كل هذه الخصائص إذن ‪ ،‬باإلضافة إلى أخرى ‪ ،‬تشكل ثقافات جد مختلفة ‪ ،‬و التي تتعايش‬
‫فيما بينها داخل رحاب المؤسسة ‪ ،‬أي إن هذه األخيرة ‪ ،‬عبارة عن نسيج من جماعات فرعية‬
‫متنوعة ‪ ،‬حيث تمتلك كل جماعة قيمها ‪ ،‬عاداتها ‪ ،‬و تصوراتها الخاصة ؛ إال أن وجود تلك‬
‫الثقافات الفرعية ‪ ،‬ال يمكن إعتباره مطلقا ‪ ،‬أمرا مبرمجا من طرف إدارة المؤسسة البتة ‪ ،‬أي‬
‫تم التقعيد له عنوة من طرف هيئات المقاولة ؛ بمعنى أخر ‪ ،‬إن ذات التنوع ليس نتيجة صرفة‬
‫لمشروعية المؤسسة و ال لنواياها ‪ ،‬كما أنه ليس نتيجة خالصة إلستراتيجيات المقاولة ‪ ،‬و ال‬
‫لسياساتها الداخلية ‪ ،‬بل إنه سيرورة طبيعية لوجود و تفاعل مجموع الفاعلين فيما بينهم ‪.‬‬

‫إن المقاولة إذن و إستنادا على ما سبق ‪ ،‬تعد نسقا يضم مجموعة من األنساق الفرعية أو‬
‫الجزئية ‪ ،‬المتفاعلة في ما بينها مشكلة ثقافتها الخاصة ‪ ،‬المبنية أوال ‪ ،‬على المعطيات‬
‫اإلقتصادية و القانونية ‪ ،‬في جانبها الشكلي و الالشكلي ؛ المتمثلة في النظام الداخلي ‪ ،‬الذي‬
‫يحدد ممارسات األفراد ‪ ،‬و يؤطر توجهاتهم و سلوكاتهم ؛ زيادة على جوانب أخرى مغايرة‬
‫للمتغيرات التقنية و التكنولوجية ‪ ،‬و الحديث هنا عن الجوانب السوسيولوجية للمقاولة ‪ ،‬و‬
‫األنتروبولوجية كذلك ‪ ،‬بل و حتى السيكولوجية ؛ أي أن المقاولة ‪ ،‬تمتلك وجها أخر ال يقل‬
‫أهمية عن ذاك الوجه أو الصورة اإلنتاجية و اإلقتصادية ‪ ،‬إنه إذن الوجه اإلنساني الثقافي ‪،‬‬
‫المتجلي في مختلف الطقوس و العادات ‪ ،‬وفي مجموع الضوابط و القواعد المؤطرة‬
‫للسلوك ؛ و أيضا المتمثل في الروابط و العالقات اإلجتماعية ؛ و الجوانب النفسية التي‬
‫تتأسس عليها ذات المقاولة ‪ ،‬من تحفيز و إشباع نفسي متعلق بالترقية و التزكية ‪ ،‬و‬
‫اإلستجابة لمتطلبات العمال و األفراد ؛ إن المقاولة و إستنادا على هذا التصور ‪ ،‬تنتج‬
‫مجموعة من المعايير و القواعد الضابطة الملزمة ‪ ،‬و التي تتوكأ عليها ذات المقاولة لتنظيم‬
‫الشغل و تقسيم العمل ‪ ،‬و حل مشاكلها الداخلية المتعلقة باإلندماج ‪ ،‬و الخارجية المرتبطة‬
‫بالتكيف مع ثقافة المجتمع الكلي ؛ فالثقافة المقاوالتية إذن ‪ ،‬هي نتاج للمجتمع الصغير‬
‫للمقاولة ‪ ،‬هذه الثقافة ‪ ،‬ال يمكن حصرها فقط داخل البناء المعماري وحسب ‪ ،‬بل تمتد إلى‬
‫أحواز محيطها ‪ ،‬المتجلية في مجموع األسواق التي تتعامل معها ‪ ،‬زيادة على منافسيها ‪ ،‬و‬
‫أيضا الدولة التي تفرض معايير عليها من جهة ‪ ،‬أو تساعدها من جهة أخرى ‪ ،‬زيادة على‬
‫القوانين المنظمة للعمل و مختلف المعايير التشريعية كقانون الشغل و التجارة ‪ ،‬باإلضافة‬
‫لتفاعلها مع باقي المؤسسات التكوينية و السياسية و اإلدارية ‪ ،‬و حتى الثقافية ‪ ،‬بمعنى أخر ‪،‬‬
‫إن ثمة عالقة ترابطية أيضا بين المقاولة و محيطها الخارجي ـ المجتمع ـ و التي تستند عليها‬
‫المؤسسة المقاوالتية نفسها ‪ ،‬للترويج لمنتوجاتها و مخرجاتها المادية ‪ ،‬و إستحداث مواد‬
‫إستهالكية أخرى تستجيب لمتطلبات السوق ‪ ،‬المتماشية مع ثقافة المجتمع ؛ فإذا كان هذا‬
‫األخير ينبني على التعدد و التباين في مستويات عدة تؤطرها الثقافة ‪ ،‬فإن المقالة بإعتبارها‬
‫نسيجا و مجتمعا مصغرا ‪ ،‬فهي بدورها تتشكل من ثقافات فرعية إجتماعية متعددة ‪ ،‬و هذا‬
‫اإلختالف مرده لتعدد و تباين المجتمع نفسه أوال ‪ ،‬و للمقاولة ثانيا ‪ ،‬أي نتيجة لطبيعتها و‬
‫كذلك حجمها ‪ ،‬و أيضا عالقاتها بالمجتمع الخارجي ‪ ،‬أي إن ثقافة المقاولة المتباينة ‪ ،‬تعزى‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫من ناحية ‪ ،‬لتعدد المجتمع الخارجي الكبير ‪ ،‬ثم لخدمات المؤسسة ذاتها ‪ ،‬و أيضا لسلعها ‪،‬‬
‫وحتى لمشروعها الوجودي ‪ ،‬و مختلف الفاعلين في نطاقها ؛ بمنطق إستنتاجي إذن ‪ ،‬نقول ‪،‬‬
‫إن تصور المقاولة لم يعد ينبني على ذلك الطرح الداعي إلى إعتبارها مؤسسة إقتصادية و‬
‫حسب ‪ ،‬ميكانيكة و آلية فقط ‪ ،‬أي ‪ ،‬يزج بها في سيرورات أداتية بإعتبارها مجرد آلية‬
‫ميكانيكية ‪ ،‬تسعى من خالل إستراتيجيتها المتعددة و المتنوعة إلى اإلزدهار المادي ‪ ،‬و ذلك‬
‫من خالل نسق عقالني يعني بتدبير رشيد للموارد األساسية ‪ ،‬من أجل الرفع من مردودية‬
‫اإلنتاج و إحقاق الربح ‪ ،‬و إكتساح األسواق ؛ بل على النقيض من ذلك ‪ ،‬إن المقاولة مؤسسة‬
‫إجتماعية ثقافية صرفة ‪ ،‬تتضمن رموزا و معايير تؤكد على وجودها ‪ ،‬تكتنز عالقات‬
‫إجتماعبة تعتمل بين أروقتها ‪ ،‬و جوانب سيكولوجية متعددة ‪ ،‬تتجلى في التأثير على األفراد‬
‫و مختلف الفاعلين في محيط المؤسسة ؛ إن المقاولة إذن ‪ ،‬و بدون أدنى نقاش أو سجال ‪ ،‬هي‬
‫كيان إجتماعي ثقافي ‪ ،‬بل وحتى سيكولوجي خالص ‪ ،‬قبل أن يكون وحدة إقتصادية إنتاجية ‪،‬‬
‫همها األساس الربح ‪ ،‬و إكتساح األسواق ‪ ،‬عن طريق التدبير الحكيم و العقالني ‪.‬‬
‫المبحث االول‪ :‬المقاوله مفهومها وانواعها وابعادها‪...‬‬
‫المطلب االول‪ :‬مفهوم المقاولة‪:‬‬
‫مفهوم المقاولة من المفاهيم القديمة جدا‪ ،‬رغم أنه لم يكن بالمعنى المقصود منه في العصر‬
‫الحالي نظرا لعدة تطورات خضع لها هذا المفهوم‪.‬‬
‫فلفظ المقاولة في بداية االمر اعتمدها المشرع الفرنسي سنة ‪ 1804‬في المادة ‪ 8‬من القانون‬
‫المدني الفرنسي حيث عبر عنها ب « عقد المقاولة « و كذلك سنة ‪ 1807‬في الفصل ‪632‬‬
‫من القانون التجاري‪ ،‬حيث كانت لفظة المقاولة خالل هذه الفترة كبديل عن مصطلح النشاط‪.‬‬
‫لكن بفعل التحوالت االقتصادية و االجتماعية التي عرفها العالم اصبح اشتراك بين مصطاح‬
‫المقاولة والنشاط و بالضبط خالل القرنين ‪ 19‬و ‪ 20‬وذلك من اجل توظيف رؤوس االموال‬
‫و اليد العاملة والخدمات‪ ،‬و بالتالي فانه في منتصف القرن ‪ 20‬اصبح للمقاولة مفهوما ومعنى‬
‫في نفس الوقت‪.‬‬
‫و منه فإن المقاولة باعتبارها تشكل نواة االقتصاد الوطني فهي تتطور و تتغير حسب تغير‬
‫الظروف االقتصادية أو االجتماعية‪ ،‬مما يجعل امكانية تحديد مفهومها بشكل دقيق امرا في‬
‫‪12‬‬
‫غاية الصعوبة‬
‫المقاولة لغة‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫مصدر قاول اتفاق بين الطرفين يتعهد احدهما بان يقول لالخر بعمل معين باجر محدد في‬
‫‪13‬‬
‫مده معينه‬

‫‪https://www.lawmorocco.com/2019/09/blog-post_7.html?m=1 12‬‬
‫‪ 13‬د احمد مختار عبد الحميد ‪ ،‬مرجع سابق(ج‪ 3‬ص ‪.)1873‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاولة مصدرها قاول‪ ،‬أي اتفاق بین طرفین على القیام معا بعمل مشترك كبناء أو تجارة‪.‬‬
‫وهي تعهد ببناء أو شق طریق أو بتقدیم ما یقتضیه العمل من آالت و عمال و مواد لقاء قیمة‬
‫معینة من المال‪.14‬‬
‫المقاولة في اصطالح علماء االجتماع‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫المقاولة من المفاهيم األكثر تداوال في الحقل االقتصادي وبشكل مميز‪ ،‬إال أن علم االجتماع‬
‫حاول تقديم مقاربة لهذا المفهوم تتجاوز ذلك البعد االقتصادي التقني انطالقا من سوسيولوجيا‬
‫التنظيمات وصوال إلى سوسيولوجيا المقاوالت‪.‬‬
‫يقول‪ Bernoux:‬المقاولة هي مكان مستقل(نسبيا عن المحيط والمجتمع) منتج‬ ‫‪‬‬
‫للضوابط التي تحكم العالقات االجتماعية‪ ،‬هذه الضوابط هي التي تشكل نقطة ارتكاز‬
‫في التحليل االستراتيجي للفعل الجماعي‪.15‬‬
‫و حسب‪ R.Sainsaulieu:‬المقاولة ليست مجرد نصوص وقواعد قانونية‪ ،‬وليست‬ ‫‪‬‬
‫كذلك نماذج وهياكل رسمية‪ ،‬بل إنها تتشكل من روابط اجتماعية معقدة وأصلية‪،‬‬
‫فالمقاولة تمتلك تاريخها الخاص الذي يكونه الفاعلون االجتماعيون كرد فعل على‬
‫اإلشكاالت الداخلية والخارجية المطروحة عليها‪.‬‬
‫إن المقاولة ليست مرآة عاكسة لمحيطها لدرجة أنها تصبح مجرد إطار لثقافة هذا‬
‫المحيط‪ ،‬بل إن للمقاولة كيانها الخاص بما يحكم الممارسات الفردية والجماعية‬
‫وبتفاعل معها ويؤثر فيه‪.16‬‬
‫يعتبر تعريف ‪ E.H.Shein‬لثقافة المقاولة أكثر التعاريف انتشارا وتداوال ويعرفها بـ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫"البنية التي تتشكل من المسلمات األساسية التي تبتكرها‪ ،‬تكتشفها أو تصوغها‬
‫مجموعة معينة عندما تتعلم كيف تواجه مشاكل التكيف الخارجي واالندماج الداخلي‪،‬‬
‫وهي مسلمات أدت دورها بشكل جيد لدرجة اعتبرت معها كشيء صالح أو كشيء‬
‫يلقن لألعضاء بوضعه طريقة صحيحة في اإلدراك والتفكير واإلحساس في التعامل‬
‫مع تلك المشاكل‪"17‬‬
‫ويعرفها سامي فياض العزاوي بأنها‪" :‬مجموعة المعتقدات الخفية والظاهرة من‬ ‫‪‬‬
‫الطقوس والشعائر والرموز التي يعتنقها المشاركون‪ ،‬التي يكون لها دور أساسي في‬
‫كيفية ممارسة تلك الشعائر والطقوس واللغة والروتين والمنافسة ودرجة قبولهم‬
‫لقادتهم ومديريهم ودرجة مشاركتهم مع قيم المنظمة وقيم العمل والجودة‪"18‬‬

‫‪ 14‬جبران مسعود‪ ،‬مرجع سابق (مقاولة)‪.‬‬


‫‪ 15‬بن عيسى محمد المهدي‪ ،‬ثقافة المؤسسة‪ ،‬دراسة ميدانية للمؤسسة لالقتصادية للعمومية في الجزائر‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علم‬
‫االجتماع‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪.233-232‬‬
‫‪ 16‬لحبيب امعمري‪ ،‬للمقاولة والثقافة‪ ،‬دراسة في عملية التحديث بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في علم االجتماع‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا‪ ،‬فاس‪ ،2007-2006 ،‬القسم الثالث‪ ،‬العالقة بين التنظيم والتغيير على ضوء المعطى الثقافي‪ ،‬الفصل التاسع‪ ،‬التنظيم والثقافة‪ ،‬براديغهم‬
‫الثقافة التنظيمية ‪،‬ص ‪209‬‬
‫‪ 17‬لحبيب امعمري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬الفصل التاسع‪ ،‬التنظيم والثقافة ص ‪.221‬‬
‫‪ 18‬سامي فياض العزاوي ‪،‬ثقافة منظمات االعمال‪ ،‬دار النشر‪:‬معهد االدارة العامة الرياض سنة النشر ‪ ،2009‬ص ‪.69‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫كما نجد تعريف إل ليوجاك ‪ E.Jacques‬لثقافة المقاولة حيث اعتبرها‪" :‬طريقة‬ ‫‪‬‬
‫التفكير والسلوك االعتيادي والتقليدي وتتميز بتقاسمها واشتراكها بين أعضاء التنظيم‬
‫وتعلم تدريجيا لألعضاء الجدد بهدف قبولهم في المقاولة"‪.‬‬
‫وقد قارن عالم االجتماع ‪ R.Sainsaulieu‬مفهوم ثقافة المقاولة وذلك من خالل ثالث‬ ‫‪‬‬
‫مستويات‪:‬‬
‫‪ -‬المستوى األول‪ :‬ومن خالله تناول ‪ Sainsaulieu‬ما سماه "طرق العيش"‬
‫الخاصة بالفاعلين داخل المقاولة سواء في عالقة مع باقي الفاعلين في المقاولة أو مع‬
‫العمل نفسه‪ ،‬أي المهنة والتقنية‪ ...‬وبالتالي فإن هناك ثقافة خاصة كموارد لحياة‬
‫جماعية وانسجام واندماج اجتماعي للمقاولة وتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫‪ -‬المستوى الثاني‪ :‬وخالله أهتم ‪ Sainsaulieu‬بثقافة المقاولة‪ ،‬وأكثر تحديدا "الثقافة‬
‫الخاصة" للمقاولة من خالل ذلك الدور الذي يجب أن تلعبه في تحقيق أهداف‬
‫المقاولة‪ ،‬أي البحث عن مختلف معايير السلوكات والتصورات والقيم التي تنتج‬
‫سلوكات جماعية تمكننا من اتخاذ المخاطر والمسؤوليات في مختلف مستوياتها‬
‫التجارية‪ ،‬التقنية‪ ،‬التسييرية واالجتماعية المميزة للمقاولة العصرية‪ ،‬أي مدى امتالك‬
‫كل فاعلي المقاولة للروحوالقدرات المادية والنموذجية لتوقيع ومواجهة المخاطر‪.‬‬
‫‪ -‬المستوى الثالث‪ :‬هذا المستوى ثم تناوله من خالل تقاطع الثقافة الخاصة للمقاولة مع‬
‫ثقافة المجتمع بشكل عام‪ .‬وهنا تطرح مسألة مواجهة الثقافة الخاصة بالمقاولة مع‬
‫ثقافة المجتمع وبالتالي فإن المقاولة تكون بمثابة فضاء للتجاذب والبحث عن توافقات‬
‫‪19‬‬
‫مختلفة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التقسيمات التي تقع على المقاوالت‬
‫تقسم المقاوالت من حيث عدد المساهمين‬
‫المقاوالت الفردية‪ :‬تعتبر المقاوالت الفردية أو المشروعات الفردية من المقاوالت األكثر‬
‫تعددا وشيوعا في المغرب نظرا لبساطة تسيرها ورأس مالها الضعيف و كما أنها تلقي‬
‫تشجيعا من الدولة و المؤسسات الداعمة لتأهيل المقاولة بالمغرب و كذا بعض الجمعيات التي‬
‫تشجع على المشروعات الصغيرة ذات المر دودية المحدودة‪ .‬وهذا القسم من المقاوالت‬
‫يملكها فرد طبيعي أو ذاتي واحد و وحيد‪ .‬تندمج ذمته بذمتها‪ ،‬وهي أكثر المقاوالت انتشارا و‬
‫‪.‬أقلها مردودية و تنظيما‬

‫المقاوالت الجماعية‪ :‬المقاوالت الجماعية أو المشروعات هي ملكية جماعية ‪ ،‬وهي ال‬


‫تختلف عن المقاوالت أو المشروعات الفردية من حيث حجمها االقتصادي الذي قد يكون‬
‫أقوى و من حيث نشاطها أيضا الذي قد يكون أوسع‪ ،‬و تنتشر في المغرب في أغلبها لدا‬
‫‪.‬العائالت وتعرف انتشارا كبيرا في المغرب‬

‫‪19‬‬
‫دوني الكوش‪ ،‬مفهوم الثقافة في العلوم االجتماعية‪ ،‬ترجمة قاسم المقداد‪ ،‬منشورات اتحاد كتاب العرب‪ ،‬دمشق‪2002 ،‬ص ‪122‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاوالت أو المشروعات التي تأخذ طابع شركة‪ :‬وفي المقاوالت التي تأخذ شكل شركة‬
‫مدنية أو شكال من أشكال الشركات التجارية كشركة مساهمة أو شركة التوصية باألسهم أو‬
‫شركة ذات المسؤولية المحدودة أو شركة تضامن أو شركة التوصية البسيطة أما شركة‬
‫المحاصة فهي نوع من المقاوالت الفردية أو الجماعية على الشياع لعدم تمتعها بالشخصية‬
‫المعنوية‪ ، 21‬و يمكن القول بصيغة أخرى‪ :‬إن شركة تملك المقاولة وليس العكس شريطة أن‬
‫يتم قيد الشركة في السجل التجاري‬
‫‪:‬تقسيم المقاوالت من حيث حجمها تنقسم المقاوالت الى‬
‫المقاوالت الصغرى‪ :‬وهى المقاوالت التي يشتغل فيها عمال يصل إلى األربعة على األكثر‬
‫‪.‬وتحقق رقم معامالت صغير جدا‬

‫المقاوالت المتوسطة‪ :‬هي مقاوالت تشغل عددا متوسطا من من العمال يتراوح بين ‪ 20‬و‬
‫‪ 100.‬عامل وتحقق رقم معامالت متوسط‬

‫المقاوالت الكبرى‪ :‬وهي مقاولة تشغل أعداد كبيرة من العمال يتجاوز المائة وتحقق رقم‬
‫‪.‬معامالت مرتفع‬

‫الهولدينغ‪ :‬وهي مجموعة شركات تشمل الشركة األم وشركات تابعة لها ‪ ،‬وهنا يكون دور‬
‫‪.‬الشركة األم هو تسيير الشركات ومراقبتها‬
‫‪:‬تقسيم المقاوالت حسب النشاط االقتصادي‬
‫‪ .‬المقاولة التجارية ‪ :‬وهي الني يرتكز نشاطها االقتصادي على شراء وبيع البضائع‬

‫المقاولة الصناعية ‪ :‬وهي التي تقتني مواد أولية وتصنعها فتنتج من خاللها منتجات جاهزة‬
‫‪.‬لالستهالك مثل مقولة صناعة المالبس‬

‫المقاولة الفالحية ‪ :‬هي التي تزاول نشاطها االقتصادي بالميدان الفالحي حيث تنتج منتجات‬
‫‪.‬فالحيه كالخضر والفواكه وحبوب وغيرها‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاولة الخدماتية‪ :‬وهي مقاولة تقوم بإنتاج وبيع سلع غير محسوسة أو ما سمی بالخدمات‬
‫‪.‬النقل و الفندقة والخدمات البنكية‬

‫مقاولة المهن الحرة‪ :‬تقوم بنشاط مدنی مطابق لمهنة حرة مقننة ذات نفع عام مكاتب‬
‫الدراسات الحرة ومكاتب الموثقين و عيادة االطباء‬
‫التصنيف حسب الملكية ‪:‬‬
‫يعتمد هذا التصنيف على نوعية الجهات التي تمتلك أصول المقاولة‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫تصنف المقاوالت إلى ‪:‬‬

‫مقاوالت خاصة ‪ :‬وهي مقاوالت يملكها القطاع الخاص سواء كانت مقاولة فردية أو عائلية‬
‫أو شركة مساهمة‪.‬‬

‫مقاوالت عمومية ‪ :‬هي مقاوالت يملكها القطاع العام سواء كانت إدارة مركزية أو جماعة‬
‫ترابية‪.‬‬

‫مقاوالت شبه عمومية‪ :‬هي مقاوالت يمتلك أسهمها القطاع العام والقطاع الخاص بنسب‬
‫متفاوتة‪.‬‬
‫التصنيف حسب الجنسية‪:‬‬
‫يعتمد هذا التصنيف أصول المقاولة على معيار جنسية مالكي أصول المقاوبة ‪.‬‬

‫المقاوالت الوطنية ‪ :‬يملك أصولها مواطنون من البلد الذي تتواجد فيه المقاولة إذا كانت‬
‫المقاولة خاصة أو يملك أصولها القطاع العام إذا كانت المقاولة عمومية‪.‬‬

‫المقاوالت األجنبية‪ :‬يملك أصولها أشخاص أجانب أو قطاع عام أجنبي خاصة فيما يسمى‬
‫االستثمارات األجنبية المباشرة أو الشركات المتعددة الجنسيات‪.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المقاولة المختلطة‪ :‬يملك أصولها أشخاص أجانب ومواطنون محليون بنسل اطنون محليون‬
‫بنسب مختلفة ‪.‬‬
‫أما نشاط المقاولة فيهتم بثالث قطاعات ‪ :‬القطاع األولى ‪ :‬يهتم بالفالحة والصيد البحري‬
‫وتربية المواشي و تربية المواشي واستخراج المعادن قطاع الثاني ‪ :‬ويهتم بالصناعة‬
‫واألشغال العمومية والبناء القطاع الثالث ‪ :‬ويهتم بالنقل والتطبيب والتواصل والسياحة‬
‫والتجارة وما يرافقها من خدمات‪.20‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أبعاد المقاولة‪:‬‬
‫األبعاد االقتصادية للمقاولة‪:‬‬
‫المهمة األساسية للمقاولة هي إنتاج القيمة والتي تتمثل في الخدمات والمواد المطلوبة من‬
‫المجتمع وينتج عن هذه العملية ربح صافي لكل الذين ساهموا في العملية ‪.‬والهدف األساسي‬
‫من تلبية حاجيات المجتمع هو الرفاه االجتماعي ‪.‬فالمقاولة بهذا تحول عوامل اإلنتاج وما‬
‫شابهها إلى مواد استهالك‪.‬‬
‫كما تساهم المقاولة في تطوير النسيج االقتصادي وتحسين نوعية الحياة في المجتمعات التي‬
‫تمارس فيها أنشطتها سواء على الصعيد المحلي أو اإلقليمي أو الوطني أو الدولي والمقاولة‬
‫بهذا تسعى دائما لتحسين أدائها والقدرة على االبتكار وتحقيق الجدوى االقتصادية‪ .‬فقيمة‬
‫المقاولة تساوي قيمة اإلنتاج الذي حققته للمجتمع والمستهلكين وهي إنتاج القيمة المضافة‪.‬‬
‫االبعاد االجتماعية للمقاولة‪:‬‬
‫فباإلضافة إلى إنتاج الثروة فالمقاولة تخلق مناصب الشغل وتوسع المداخيل وبهذا تكون‬
‫المقاولة قد لعبت دورا أساسيا ومركزيا في التوازن االجتماعي إلى جانب فرص خلق الشغل‬
‫وتوزيع الدخل حيث أن المقاولة توجد مجموعات غير متجانسة وذات دوافع من اجل تنمية‬
‫على الموارد المتاحة وهذا ما تضطلع به المقاوالت الحديثة وتضطلع بدورها هذه األخيرة‬
‫بتكوين مستخدميها قصد مسايرة التطور الذي يعرفه ميدان التكنولوجيا ‪.‬فالمقاولة مطالبة‬
‫لوضع سياسة مستخدميها وذلك بضمان تطبيب المستخدمين الذين يتعرضون لحوادث الشغل‬
‫داخل المقاولة والتصريح بكل قضايا التقاعد والتامين ضد مخاطر وحوادث الشغل وخلق جو‬
‫اجتماعي عادي داخل المقاولة وذلك بفتح الحوار مع الفاعلين االجتماعيين‪.21‬‬
‫البعد القانوني للمقاولة‪:‬‬
‫إن أداء أي نظام اقتصادي مهما كانت أهميته هو نتاج عملية تقوم على استخدام اإلجراءات‬
‫الفردية والجماعية وتقييدها بالقواعد القانونية التي تسهر على تنظيمها وهيكلتها والمقاولة‬
‫عنصر اقتصادي فاعل في حاجة ماسة للقانون للدفاع عن مصالحها كما أن هذه القاعدة‬
‫‪https://www.elaasri.com/2021/09/blog-post_22.html?m=1 20‬‬
‫‪ 21‬سناء عبد الرحیم سعید‪ ،‬عبد الرضا ناصر الباوي‪" ،‬الدور االستراتیجي للمسؤولیة االجتماعیة الشاملة في تحقیق المیزة التنافسیة‬
‫المستدامة" مجلة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ 83:‬العراق ‪ 2010،‬ص ‪213.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫القانونية لها اكراهاتها بالنسبة للمقاولة عندما يتعلق األمر بواجباتها اتجاه شركائها ‪،‬فكل هذا‬
‫من اجل حماية قانونية للمقاولة التي تشتعل في محيط اقتصادي واجتماعي متقلب ويحمل‬
‫مفاجآت كثيرة تقودها إلى تام طالبة بمزيد من الحقوق ويفرض عليها واجبات‪.‬‬
‫كل فعل في حياة المقاولة له بعده القانوني ‪،‬فهناك عقود العمل وعقود التجارة المختلفة‬
‫والعالقات مع الزبناء والممولين والعمال وبراءات االختراع والعالقات مع مؤسسات الدولة‬
‫كإدارة الضرائب واإلدارات ذات الصبغة الجماعية ( صنادق التقاعد ) والمقاولة تقوم بحماية‬
‫زبنائها إذا تعلق األمر بمنافسة غير عادلة إن تقدم اقتصاد السوق ‪.‬والمقاولة احد ركائزه‬
‫األساسية هو أيضا جزء من نمو وتطور المعرفة القانونية داخل المقاوالت‪.‬والتدخل اإلداري‬
‫المصاحب له وكل هذا رفع من وثيرة التعاقد وبالتالي ضرورة اإللمام بالجانب القانوني ‪.‬‬
‫إن معرفة وفهم القانون والمصادر األساسية له أصبح أمرا أساسيا في حياة المقاوالت حقوقا‬
‫والتزامات التي يجب أن تحترم والعمل على احترامها من طرف القضاء خصوصا إذا كانت‬
‫المقاوالت من الحجم الكبير ولها امتدادات خارج ترابها الوطني ولها استراتيجيات استثمارية‬
‫مهمة ومعرفة اإلطار القانوني لكل البلدان التي تتواجد فيها‪.22‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬البنية التنظيمية داخل المقاولة‬
‫تعتبر المسألة التنظيمية داخل المقاولة المحرك األساسي والرئيسي لجميع مصالحها وذلك من‬
‫اجل تحقيق هدف واحد أال وهو استمراريتها و تحقيق أفضل النتائج تعود على كل مكوناتها‬
‫بالفائدة‪ .‬فداخل أية مقاولة هناك هيكل تنظيمي أساسي تلتقي فيه الجوانب التقنية وجوانب‬
‫اإلنتاج والعالقات البشرية باإلضافة إلى المسالة التجارية ‪ ،‬وهكذا ينبغي إضفاء الطابع‬
‫الرسمي على تنظيم وتقسيم العمل في المهام والتنسيق بينها‪.‬‬

‫والهيكل التنظيمي للمقاولة هو في حقيقة األمر انعكاس الثقافة مهيمنة داخل المقاولة ومن هنا‬
‫يمكن للمقاولة التركيز على التسلسل الهرمي أو البنية الهرمية وتحديد المسؤوليات والمهمات‬
‫واألهداف والتي تتمثل فيما يلي ‪ - :‬توحيد المصالح – إضفاء الطابع الرسمي على التقسيم –‬
‫التخصص ( تقسيم العمل )‪.‬‬

‫المركزية ( تركيز عملية صنع القرار)‬ ‫‪-‬‬

‫‪ .‬وتختلف الهياكل أو البنيات التنظيمية داخل المقاوالت حسب قوتها ومكانتها داخل قطاع‬
‫معين وعالقتها بالسوق سواء المحلية أو الدولية‪.‬‬

‫‪http://thaqaf-nafssak.blogspot.com/2015/11/blog-post.html?m=1 22‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫البنية الهرمية الهيكل الهرمی) ‪ :‬وتتميز بوحدة القيادة ( كل عامل يعتمد‬ ‫‪-‬‬
‫بتوجيهاته على رئيس واحد ومباشر)‪.‬‬
‫البنية الوظيفية ‪ :‬وتسمى أيضا البيروقراطية اآللية حسب تعبير ميتسبيرغ‬ ‫‪-‬‬
‫وتتسم هذه البنية التنظيمية بالتخصص في المهام حيث يوجد الوضوح في‬
‫التنظيم والمسؤوليات لكنها تواجه مشكل التنسيق بين مختلف العناصر المكونة‬
‫للمقاولة‪.‬‬

‫البنية حسب المشروع ‪ :‬هي بنية الوحدات وهي جد مؤقتة وتوجد بالخصوص‬ ‫‪-‬‬
‫في مقاوالت البناء والمقاوالت التي تهتم باإلحصاء أو الدراسات وكذلك‬
‫بالشركات المسؤولة عن العالقات بين مختلف الدول ‪.‬‬
‫‪ -‬البيروقراطية المهنية ‪ :‬حيث يتم تجميع الخبرات والتخصصات تحت إمرة‬ ‫‪-‬‬
‫مسؤول واحد ونجد هذا غالبا في المستشفيات حيث الخبرات متصلة‬
‫بالممارسة الطبية‪.‬‬
‫‪ -‬البنيات الالمركزية ‪ :‬ويمكن أن تكون مقتصرة على بعض القرارات التي‬ ‫‪-‬‬
‫غالبا ما تكون قريبة من واقع المقاولة في منطقة جغرافية معينة‪.23‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ثقافة المقاولة من منظور مدرسة العالقات االنسانية ‪:‬‬
‫يعتبر العنصر البشري حجر األساس في المنظمات‪ ،‬فقد القى االهتمام الكبير من قبل علماء‬
‫اإلدارة‪ ،‬وظهرت نظريات عديدة حول كيفية تحفيز المنظمات للعاملين فيها‪ ،‬لزيادة فاعليتهم‬
‫اإلنتاجية وتحقيق أهدافها‪ ،‬ولعل من أهم المدارس التي اهتمت بالعالقات اإلنسانية هي‬
‫مدرسة العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مدرسة العالقات االنسانية‪(:‬النشأة‪ -‬المفهوم – الرواد‪)..‬‬
‫في عام ‪1930‬م دعت بعض النظريات إلى إهمال العالقات االجتماعية واإلنسانية في‬
‫العمال‪ ،‬فتصدى لها مجموعة من علماء اإلدارة‪ ،‬ودعوا إلى اإلدارة العلمية التي تهدف إلى‬
‫خلق العالقات اإلنسانية بين العاملين واإلدارة؛ لتحقيق الرضا الوظيفي لديهم وزيادة‬
‫إنتاجيتهم‪ ،‬وُأطِلَق على هِذِه المجموعة اسم مدرسة العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫نشأة العالقات االنسانية‪:‬‬
‫ظهرت مدرسة العالقات اإلنسانية سنة ‪1930‬م" كرد فعل للنظريات الكالسيكية الثالث‪،‬‬
‫وهي البيروقراطية واإلدارة العلمية والتقسيم اإلداري‪ ،‬والتي افترضت أن الحوافز المادية‬
‫هي ما يهم العاملين وبالتالي إهمالها العوامل االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬وهذا النوع من الفكر‬
‫اإلداري ‪-‬التقليدي ‪-‬ساد خالل مرحلة من مراحل تطور عالقات العمل‪ ،‬كان يسيطر عليها‬
‫‪https://www.elaasri.com/2021/09/blog-post_3.html?m=1 23‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫الفكر التنظيمي العلمي الذي يهتم بترشيد األساليب والطرق والهيكل التنظيمي أكثر مما يهتم‬
‫بالعنصرالبشري‪.‬‬

‫ومن االعتبارات التي ساعدت على ظهور مدرسة العالقات اإلنسانية‪:‬‬


‫الحركة النقابية وتزايد قوتها مما أدى إلى ظهور مشكالت جديدة في العمل‪ ،‬ومن ثم‬ ‫‪-1‬‬
‫رأى اإلداريون أن قوة الحركة النقابية كانت نتيجة لفشلهم في توفير مناخ مناسب من‬
‫العالقات اإلنسانية وحاولوا العمل على تصحيح هذا الوضع‬
‫زيادة ثقافة العمال مما جعلهم يدركون مشكالت العمل‪ ،‬ويطالبون بقيادة إدارية‬ ‫‪-2‬‬
‫أفضل‪ ،‬ويستجيبون للطرق المستخدمة في العالقات اإلنسانية مثل المشاركة في‬
‫إتخاذ القرارات‪.‬‬
‫كبر حجم المشروعات أدى إلى ظهور مشكالت إنسانية جديدة‪ ،‬إذ أصبح من العسير‬ ‫‪-3‬‬
‫على اإلداري االتصال الشخصي بمعظم العاملين‪ ،‬مما أدى إلى ظهور االتصاالت‬
‫والتنظيمات غير الرسمية‪.‬‬
‫ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمع الحديث‪ ،‬مما أفسح المجال أمام اإلدارة للتركيز‬ ‫‪-4‬‬
‫على العوامل اإلنسانية خاصة وأنه قد تم إشباع الحاجات المادية األساسية‪.‬‬
‫زيادة تكاليف عنصر العمل‪ ،‬مما جعل اإلدارة تبذل جهدها لالستفادة القصوى من هذا ‪5-‬‬
‫‪24.‬العنصر‪ ،‬وكان ذلك هو األساس الذي انطلق منه فريق البحث في تجارب هوثورن‬
‫مفهوم العالقات االنسانية‪:‬‬
‫يشير مصطلح العالقات اإلنسانية إلى تفاعل العاملين في جميع أنواع المجاالت سواء كان‬
‫المجال الصناعي أو الحكومي أو التعليمي أو االجتماعي ويشاهد هذا التفاعل بصفة عامة في‬
‫موقع العمل‪ ،‬حيث يرتبط األفراد بنوع من البناء الهادف‪.‬‬
‫فالعالقات اإلنسانية" تعني كيفية التنسيق بين جهود األفراد المختلفين وخلق جو عمل يحفزهم‬
‫على األداء الجيد والتعاون في سبيل الحصول على نتائج أفضل‪ ،‬مما يترتب عليه إشباع‬
‫رغباتهم االقتصادية والنفسية واالجتماعية"‪.25‬‬
‫وتعريف آخر يشير إلى أن مفهوم العالقات اإلنسانية هو "إدماج األفراد في موقف العمل‬
‫الذي يدفعهم إلى العمل سويًا كجماعة منتجة متعاونة‪ ،‬مع ضمان الحصول على اإلشباع‬
‫االقتصادي والنفسي واالجتماعي" ‪.26‬‬
‫ويتضح من التعريفين السابقين أن للعالقات اإلنسانية أهداف ثالثة هي ‪:‬‬

‫‪ 24‬صالح الشبكي‪ ،‬العالقات االنسانية في االدارة‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة مصر ‪، 1969،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 25‬على السلمی‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي (القاهرة‪ :‬دار غريب للطباعة ‪ ،‬بدون) ص ‪. 106 - 98‬‬
‫‪ 26‬فيصل فخري مرار ‪ ،‬التنظيم االداري ‪( ،‬عمان ‪ :‬المطلعة االردنية ‪ ، 1979 ،‬ص‪. )111‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫‪ 1‬ـ تحقيق التعاون بين العاملين من خالل الميول المشتركة ‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ اإلنتاج‪ ،‬حيث أن التعاون والتنسيق بين العاملين يؤدي إلى مزيد من و اإلنتاجية ‪.‬‬
‫‪ -3‬إشباع حاجات العاملين االقتصادية‪ ،‬والسيكولوجية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬
‫وعندما تتحقق األهداف الثالثة السابقة تكون النتيجة وجود عالقات إنسانية جيدة وفعالة‬
‫ونجاح الجهد الجماعي بين العاملين لتحقيق هدف ودافع مشترك ‪.‬‬
‫رواد مدرسة العالقات االنسانية‪:‬‬
‫من أهم الرواد نجد‪:‬‬
‫روبرت أوين (‪)1858-1771‬‬ ‫‪‬‬
‫كان "روبرت اوين" مديرا ناجحا في عدة مصانع للنسيج باسكتلندا في أوائل القرن ‪ ،19‬وفي‬
‫ذلك الوقت كانت ظروف العمل والمعيشة للعاملين سيئة للغاية وساعات العمل في حدود‬
‫‪13‬ساعة يوميا مع استخدام الصبية دون العاشرة للعمل داخل المصنع ‪..‬‬

‫وكان "اوين "يرى ان وظيفة المدير هي اعادة تشكيل هذه الظروف حيث بدأ في تحسين‬
‫ظروف العمل وبناء مساكن افصل للعاملين ومتجر لبيع السلع بأثمان رخيصة كما خفض‬
‫ساعات العمل الى ‪ 10-5‬ساعات يوميا مع رفض تشغيل الصبية دون العاشرة ومن ذلك‬
‫يتضح ان روبرت "اوين" كان يهتم بالجانب اإلنساني لألفراد العاملين‪.‬بينما زمالءه المديرين‬
‫كانوا يستثمرون أموالهم في إجراء التحسينات التكنولوجية‪.‬وقد ركز "اوين" على ان أفضل‬
‫استثمار للمدير هو في العاملين أنفسهم او ما أطلق عليه "" ""اآلالت الحية """" على أساس‬
‫ان توفير ظروف عمل مناسبة لألفراد واالهتمام بهم سوف يؤدي بالضرورة الى زيادة‬
‫اإلنتاج واألرباح‪.‬‬

‫وقد حاول "اوين" توضيح فكرته من خالل مقارنة اآلالت باألفراد‪،‬حيث ذكر ان المحافظة‬
‫على اآلالت وصيانتها تؤدي الى زيادة إنتاجيتها واالحتفاظ بها في حالة عمل لمدة أطول فإذا‬
‫كان هذا القول صحيحا بالنسبة لآلالت الصماء فإنه يكون أمرا طبيعيا بالنسبة لآلالت الحية‬
‫او اآلالت اآلدمية وقد طبق "اوين" هذه األفكار داخل مصانعه وكان نتيجة هذا تحقيق أكثر‬
‫من‪ % 50‬عائدا على األموال التي كان ينفقها‪.‬‬

‫وبالرغم من ان العديد من المنظرين يعتبرون "اوين" من الكتاب السابقين على ظهور‬


‫اإلدارة العلمية‪.‬إال أن إسهاماته كانت بمثابة اإلنذار المبكر بنتائج تجارب (الهاوثورن) التي‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫سيتم اإلشارة اليها الحقا‪.‬والى جانب اهتمامه باألفراد داخل التنظيم فقد قدم مجموعة من‬
‫إجراءات العمل التي تؤدي الى زيادة اإلنتاجية‪ .‬فعلى سبيل المثال فقد تم ترتيب عمل الفرد‬
‫حسب انجازه على أساس يومي وبصورة معروفة لكل األفراد حيث اعتقد "اوين" ان هذا‬
‫اإلجراء ال يساعد المدير فقط على التعرف على مواطن الضعف بل يؤدي الى نوع من‬
‫المنافسة بين العاملين ومن ثم يزيد من رغبة األفراد على األداء المتميز‪.‬ويطبق هذا اإلجراء‬
‫في تنظيماتنا المعاصرة حيث ان اإلعالن عن أرقام المبيعات واإلنتاج في الملصقات داخل‬
‫‪27‬‬
‫الشركة يتبع نفس المبادئ السيكولوجية التي يعتمد عليها هذا اإلجراء"‬
‫التون مايو ‪)1949-1880( :‬‬ ‫‪‬‬
‫أمريكي من أصل استرالي كان أستاذا لبحوث العالقات الصناعية بكلية إدارة األعمال في‬
‫جامعة ( هارفارد ) ‪ ،‬تزعم حركة العالقات اإلنسانية من خالل ما قدمه هو وزمالءه من‬
‫مساهمات رائدة أمكن التوصل إليها من سلسلة التجارب الشهيرة في مصانع ( الهاوثورن )‬
‫التابعة لشركة ( ويسترن إلكتريك) (‪ . )1‬التي كانت تعاني من انخفاض حاد في اإلنتاجية مما‬
‫أدى الى تدهور أوضاع الشركة وأخذت الدراسة بين‪ 1932-1927‬وقد ابتدأ مايو بحثه‬
‫باختيار ست سيدات يعملن على تركيب أجزاء التليفون منطلقا بمعرفة إنتاجيتهن قبل الدراسة‬
‫وخالل الدراسة وبعد ان قام بتغيير الضوء والتهوية ومكان العمل من وقت ألخر‪ .‬وقد‬
‫أجرى تعديالت ثورية آنذاك على نظام عملهن إذ خفض ساعات العمل من ‪ 48‬ساعة‬
‫أسبوعيا الى ‪ 40‬ساعة كما خفض أيام العمل من ست أيام في األسبوع الى خمس أيام وقدم‬
‫لهن وجبة غداء مجانية‪ .‬ثم فجأة ألغى كل هذه الميزات عنهن مما أدى الى عودة إنتاجيتهن‬
‫الى ما كانت علية قبل بدء الدراسة‪ .‬ما لم يتوقعه احد لم تشتك أي من السيدات الست ولم‬
‫تتغير مالمحهن لسحب الميزات عنهم بل ارتفع إنتاجهن من ‪ 2400‬تليفون الى ‪ 3000‬خالل‬
‫أسبوع ‪.‬‬
‫ثم أجرى دراسة ثانية ألعمال التسليك الكهربائي من خالل ‪ 14‬عامال مع اثنين للفحص‬
‫النهائي ومشرف واحد‪ .‬وقد أظهرت نتائج الدراسة الجديدة بان اإلنتاج كان يزداد ويعود الى‬
‫االنخفاض دون أي عالقة مع متغيرات البحث‪ .‬واكتشف مايو انه الى جانب التنظيم الرسمي‬
‫يوجد تنظيم غير رسمي في المجموعة إذ عين العاملون رئيسا لهم يختلف عن المشرف الذي‬
‫عينته الشركة والذي لم يكن بيده أي قوة للتأثير عليهم فبينما تطلب اإلدارة العليا من المشرف‬
‫إنتاجا عاليا يقوم المشرف غير رسمي بطلب تخفيض اإلنتاج وعلى أثره يقع اللوم على‬
‫المشرف‪.‬‬

‫الحظ مايو أن النتائج الحسنة للمجموعة هي راجعة أساسا الى نوعية العالقات اإلنسانية‬
‫داخل المنظمة أكثر من الجانب المادي والحظ كذلك وجود حوار قبل كل قرار تسييري كما‬

‫‪ 27‬بلقاسم سالطنیة ‪ :‬العالقات االنسانیة في المؤسسة ‪ ،‬مجلة العلوم االنسانیة واالجتماعیة ‪،‬جامعة محمد خیضر بسكرة ‪،‬‬
‫العدد ‪ ، 05 ،‬فیفري ‪ ، 2004 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫الحظ وجود أسس ال اقتصادية إلشباع رغبات العمال حيث أنه يمكن تحفيزهم دون مقابل‬
‫مادي إذا وجدوا متعة في تحقيق أهداف المنظمة التي تصبح أهدافهم الخاصة‪.‬واعتبر أنه‬
‫يمكن أن يتخلى العامل عن أنانيته ومصالحه الشخصية و يستعمل ما يسمى بالغريزة‬
‫اإلنسانية االجتماعية وذلك بوجوده في وسط مجموعة يرتاح إليها‪.‬‬

‫حسب مايو‪ « :‬العمال يتحاكمون الى منطق العواطف أما اإلدارة فتعترف بمنطق التكاليف‬
‫والفعالية في حالة غياب حل وسط أو نقطة تقاطع بين المنطقتين تقع المنظمات في نزاع »‪.‬‬
‫لكارت رنسيس‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫عالم نفس اجتماعي كان عضوا في جمعية مهنية لشركات التامين‪ .‬أشارت دراساته التي قام‬
‫بها حول مجموعة مدراء شركات التامين الفاشلة إلى وجود عالقة قوية بين األداء واألنماط‬
‫القيادية المتبعة‪.‬الحظ "ليكرت" أن شركات التامين ذات األداء الضعيف هي التي تكون تحت‬
‫إدارة مشرفين متمركزين حول الوظيفة((يهتمون بالمهام الضيقة للوظيفة)) كما يعتبرون‬
‫مهامهم هي رقابة فقط ويجب تحقيقها بصرامة على عكس المنظمات الناجحة التي يركز فيها‬
‫على الجانب اإلنساني أي الذين يمارسون إشرافا عاما بعيدا عن التفاصيل الدقيقة ويتركون‬
‫مجاال رحبا لالبتكار‪.‬‬
‫وقد حدد" ليكرت" أربعة أنماط إدارية وهي‬
‫‪ -2-1- 1‬النمط المتسلط االستغاللي‪ ،‬المتسلط العادل‬
‫أ‪/‬النمط المتسلط االستغاللي‪:‬‬
‫ال توجد عالقة أو اتصال قوي من أعلى إلى أسفل‪.‬‬
‫القرارات تتخذ على مستوى القمة‪.‬‬
‫التحفيز يؤسس على المخاوف من العقوبات‪.‬‬
‫ب‪/‬النمط المتسلط العادل‪:‬‬
‫تكون ثقة القائد بمرؤوسيه كثقة السيد بخادمه وعليه ال يشعرون بحرية في مناقشة شؤون‬
‫الوظيفة‪.‬‬
‫يأخذ الرئيس أحيانا وفي أضيق الحدود آراء مرؤوسيه لالستعانة بها في حل المشاكل‪.‬‬
‫ال يشعر العمال بمسؤولياتهم اتجاه تحقيق أهداف المنظمة‪.‬‬
‫التحفيز يؤسس على أساس المكافآت والعقوبات‪.‬‬
‫وجود تنظيم غير رسمي يعرقل التنظيم الرسمي‪.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫‪ -2-2- 1‬النمط االستشاري‪ ،‬نمط اإلدارة الجماعية‬


‫أ‪/‬النمط االستشاري‪:‬‬
‫توجد ثقة بين الرئيس و المرؤوس غير أن األول يحتفظ بحق السيطرة على اتخاذ القرار‪.‬‬
‫اتصال جيد في االتجاهين حيث يتبادل الرئيس و المرؤوسين اآلراء واالقتراحات‪.‬‬
‫القرارات الهامة تتخذ على مستوى القمة كما أن القرارات التخصصية تتخذ على‬
‫المستويات القاعدية‪.‬‬
‫التحفيز جيد ويتم على أساس الثواب والعقاب‪.‬‬
‫ب‪/‬نمط اإلدارة الجماعية الديمقراطية‪:‬‬
‫هناك ثقة تامة بين الرئيس والمرؤوسين فيشعر العاملون بحرية مطلقة في مناقشة شؤون‬
‫العمل‪.‬‬
‫كما يسعى الرؤساء إلى االستفادة من آلراء ومقترحات مرؤوسيهم( اتصال حقيقي في‬
‫االتجاهين)‬
‫الرقابة في هذا النوع من القيادة ذاتية‪.‬حيث يحل التوجيه الذاتي محل الرقابة الرسمية‬
‫الهرمية ‪.‬‬
‫وحسب "ليكرت" فان النمط الرابع هو الذي يسمح بتحقيق اكبر األرباح وهذا بتدنية تكاليف‬
‫اإلدارة عن طريق التعاون الجيد‪.‬‬
‫كما يعترف "ليكرت" انه ليس من السهل تطبيق هذا النمط الن القيم اإلنسانية لألفراد‬
‫متطورة وممكن ان تكون متناقصة‪.28‬‬
‫نظرية بابرهام ماسلو‪:‬‬ ‫‪o‬‬
‫هو عالم نفس امريكى وضع عام ‪ 1932‬نظريته المعروفة ب" هرمية الحاجات اإلنسانية‬
‫انطلق ابراهام ماسلو في دراسته للدافعية من فرضية أن معظم الناس يحفزون من خالل‬
‫الرغبة في إشباع مجموعات محددة من الحاجات ووضع نموذجا لهرمية هذه الحاجات مبتدئا‬
‫بالحاجات األساسية في قاعدة الهرم وتليها الحاجات األخرى تباعا إلى قمة الهرم ‪ .‬ويقوم‬
‫اإلنسان وفق آلية الدافع بإشباعها بالتناوب وحسب أهمية الحاجة و ضرورتها في ما قبل‬
‫اإلشباع ‪ .‬فإشباع هذه الحاجات عملية مستمرة استمرار حياة اإلنسان وتتم بالتناوب وفق‬
‫الضرورة ‪ .‬فإشباع حاجة ال يعنى زوالها من هرمية الحاجات التي وضعها ابراهام ماسلو بل‬
‫إفساح المجال الى حاجة أخرى تبرز أهميتها بعد الحاجة المشبعة لتعود الحاجة المشبعة‬
‫عندما يحين وقتها لتعلو سلم األولويات لإلشباع وهكذا ‪ .‬وفيما يلي موجز ألهم الحاجات‬
‫الواردة فى هرمية ماسلو للحاجات اإلنسانية ‪:‬‬
‫‪ 28‬محمد عبد المولى النقس‪،‬علم االجتماع الصناعي‪،‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪ ،2005،‬ص(‪.)86-67‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫أهم الحاجات لماسلو‬


‫أوال‪:‬الحاجات الفسيولوجية أو حاجات وظائف األعضاء ‪: physiological needs‬‬
‫تهدف هذه الحاجات إلى المحافظة على حياة اإلنسان و بقائه وهى تقع ضمن هرمية ال‬
‫متناهية فى اولويات اشباعها عندما تبرز الحاجة الشباعها ومن هذه الحاجات على سبيل‬
‫المثال ال الحصر حاجة االنسان الى الهاء (اوكسجين ) و الى الماء و الطعام و الى الراحة و‬
‫النوم والى الملبس و الجنس للمحافظة على النسل و استمرار بقاء االنسان ‪...‬الخ وتحتل هذه‬
‫الحاجات عادة سلم االولويات و قاعدتها الرئيسية فى هرمية ماسلو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاجات األمن و االمان ‪: security and safety needs‬‬
‫أن حاجات األمن تتخلص فى توفير العناصر المادية التى تحمى اإلنسان من الضرر المدى و‬
‫المعنوي عليه وعلى ذويه ومن يحب وكذلك حماية حاجاته الفسيولوجية وما هو له فى هذه‬
‫الحياة ‪ .‬بناء على اقتناع اإلنسان بما يشبع له من حاجات األمن يتولد لديه_ شعور باالستقرار‬
‫و االطمئنان وهو ما يسمى بحاجات األمان وهى حاجات نفسية يحتاجها اإلنسان للحفاظ على‬
‫سلوكه و توازنه الطبيعي ‪ .‬ومثال على حاجات األمن القوانين و األنظمة و التعليمات و‬
‫اإلجراءات التي تمنع اإلنسان من االعتداء على أخيه اإلنسان مما يولد لدى الناس عند توفر‬
‫العناصر المادية ( األمن ) لتطبيق ذلك شعورا باألمان أي باالرتياح و االطمئنان‪.‬‬
‫‪-3‬الحاجات االجتماعية أو الحاجة إلى الحب و االنتماء‪:‬‬
‫و هي حاجة الفرد أن يكون مقبوال المجتمع الذي يعيش فيه و أن تتاح له فرصة في التعامل‬
‫بود و التعاون مع أفراد ذلك المجتمع و أن يتمكن من إقامة عالقات ود و محبة و مشاركة مع‬
‫اآلخرين كتكوين الصداقات و المشاركة في األعمال الجماعية و الزواج ‪..‬الخ أي أنها حاجة‬
‫اإلنسان إلى الشعور بأنه غير مرفوض و أنه منبوذ أو وحيد في بيته‪.‬‬
‫حاجات االحترام او التقدير‬ ‫‪-5‬‬
‫وتعبر هذه الحاجات من أهم األمور التي تؤثر على سلوك اإلنسان مع نفسه ومع اآلخرين و‬
‫خاصة في مجال التوازن و االستقرار النفسي و التفاعل االيجابي مع اآلخرين ‪ .‬ويمكن‬
‫تصنيف هذه الحاجات إلى‪:‬‬
‫أ)‪ -‬حاجات احترام الذات‬
‫وهى الحاجات المادية أو المعنوية أو السلوكية التي يعتبرها اإلنسان حقا له في ضوء الواقع‬
‫الذي يعيشه و أن التنازل عنها أو عدم القدرة في الحصول عليها ينقص من قيمته في نظره‬
‫أمام اآلخرين وبالتالي يهز ثقته بنفسه ‪ .‬فقدرة المرء و حقه في االستقاللية بنشاطاته وعمله و‬
‫حريته في االختيار مثال وعدم الشعور بالذنب أو ما يسمى ب "جلد الذات " هي مظاهر لهذه‬
‫الحاجات التي تؤثر على شخصية و تفاعل المرء ايجابيا مع بيئته ‪ .‬فهذه الحاجات هي إذن‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫كل ما يعزز ثقة المرء بنفسه و االعتزاز بها و االعتداد بما يعمل و االقتناع و االفتخار‬
‫بسلوكه الذات ‪.‬‬
‫ب)‪ -‬حاجات التقدير االجتماعي‬
‫على خالف حاجات احترام الذات التي ينظر المرء إليها من خالل تقويمه لسلوكه الشخصي‬
‫فان حاجات التقدير الخارجي هي تقويم المرء لسلوك اآلخرين تجاهه و كيف ينظرون إلى‬
‫سلوكه و إنجازاته أي تقدير اآلخرين للفرد من خالل االعتراف بكفاءته و إعطائه المكانة‬
‫االجتماعية المناسبة له بين أعضاء المجتمع و هي ال شك تؤثر في حاجات احترام الذات‬
‫بشكل طردي‪.‬‬
‫‪-5‬حاجات تحقيق الذات‪:‬‬
‫و هي شعور الفرد بكفاءته و مهارته و رغبته في أن تتاح له الفرصة الستغاللها و استثمارها‬
‫من خالل انجازات يتعرف بها اآلخرون في مجتمعه فهي أشبه بالدور الذي يعتقد المرء أن‬
‫عليه أن يقوم به في المجتمع إلثبات حضوره و شخصيته و بالتالي قيمته في نظر المجتمع ‪.‬‬
‫فهذه الحاجات و أن انطلقت من مشاعر و أحاسيس الفرد فإن تأكيدها يأتي من مشاعر و‬
‫أحاسيس اآلخرين تجاه ما يقدم الفرد من انجازات‪.29‬‬
‫أهداف مدرسة العالقات االنسانية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الشك أن العالقات اإلنسانیة تسعى إلى تهیئة جو عمل مناسب للفرد العامل ‪ ،‬لیتمكن من‬
‫تحقیق النتائج اإلیجابیة في مجال عمله ‪ ،‬ذلك أن العالقات اإلنسانیة قد دعمت مفهوم الرجل‬
‫االجتماعي ‪ ،‬أي أنها تنظر إلى العنصر البشري باعتباره عنصرا أسمى وأهم من عناصر‬
‫اإلنتاج في مدرسة المادیة ‪ ،‬فاإلنسان یسعى للعمل في جو تسوده العالقات الطیبة والشعور‬
‫باالنتماء‪.30‬‬
‫العالقات اإلنسانیة تسعى لتحقیق عدة أهداف هي ‪:‬‬
‫‪ 1-‬تحقیق قدر من التفاهم والوضوح بین اإلدارة والعاملین ‪ ،‬وخاصة فیما یتعلق باألهداف‬
‫وأسالیب العمل‪.‬‬
‫‪ 2-‬تنمیة المسؤولیة المتبادلة بین المنظمة والعاملین ‪ ،‬لتحقیق نتائج إیجابیة تمكن من التقلیل‬
‫من حجم المعارضة التي تنشأ بینهما "مستوى أقل من الصراع "‪.‬‬
‫كما أن كامل محمد المغربي رأى أن أهداف العالقات اإلنسانیة تتحدد في‪:‬‬
‫‪ 1-‬حفز األفراد على العمل بأعلى كفاءة ممكنة‪.‬‬

‫‪ 29‬محمد عبد المولى النقس ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.71-70‬‬


‫‪ 30‬محمد إسماعیل بالل‪ ،‬السلوك التنظیمي بین النظریة والتطبیق ‪ ،‬دار الجامعة الجدیدة ‪ ، ،2008‬ص ‪1 27.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫‪ 2-‬حفز األفراد على التعاون المثمر والبناء‪ ،‬في تحقیق األهداف المشتركة‪.‬‬
‫‪ 3-‬إشباع رغبات العامین واحتیاجاتهم االقتصادیة واالجتماعیة والنفسیة‪.31‬‬
‫مبادئ مدرسة العالقات االنسانية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫بنت نظریة العالقات اإلنسانیة مدخلها النظري على أساس جملة من المبادئ هي‪:‬‬

‫• الكرامة اإلنسانیة حیث یتم احترام شخصیة كل فرد من العاملین بالمنشأة ‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن المركز الوظیفي الذي یشغله‪.‬‬
‫• وضع الفروق الفردیة التي تقع بین العاملین في االعتبار عند التعامل معهم‪ ،‬وتوجیههم‬
‫وحل مشاكلهم ‪.‬‬
‫• المصلحة المشتركة التي تجعل الفرد میاال للتجمع والتعاون مع الغیر‪ .‬ومشاركتهم لتحقیق‬
‫هذه المصلحة‪.‬‬
‫• الحوافز فالفرد یسعى لمشاركة اآلخرین والتعاون معهم ‪.‬لكي یحصل على الحافز من وراء‬
‫‪ 1‬المشاركة أو التعاون‪:‬‬
‫• تدعیم مفهوم الرجل المحقق لذاته أي أن الفرد یكون أكثر إنتاجیة عندما یشعر بأهمیته‬
‫وعندما یتمتع بالرقابة الذاتیة عل أعماله‪.‬‬
‫• تدعیم مفهوم الرجل االجتماعي أي أن الفرد یرغب في العمل في جو یسوده العالقات‬
‫الطیبة والشعور باالنتماء‪.32‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬متطلبات فاعلية العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫احترام أراء العالمين والتحدث معهم فيما يحبونه دون إثارة كثير من الجدل العقيم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االهتمام بتجديد وإنعاش معلومات األفراد وإطالعهم على كل جديد بأسلوب متطور يختلف‬
‫عن أسلوب الحفظ والعليم النظري ومن األفضل أن يكون ذلك بطريقة المناقشة وتبادل‬
‫اآلراء‪.‬‬
‫وضع اللوائح وأساليب التنظيم التي يطبقها التنظيم بأن تكون ذات أثر طيب يساعد على رفع‬
‫الروح المعنوية للجماعة ويزيد من حماسهم مراعيًا االتي‪:‬‬
‫وضع أهداف التنظيم في لوائح وقرارات واختصاصات تناسب تخصص وكفاءة كل‬ ‫‪-‬‬
‫شخص في التنظيم‬

‫‪ 31‬كامل محمد المغربي ‪:‬السلوك التنظیمي ‪ ،‬مفاهیم وأسس سلوك الفرد والجماعة في التنظیم‬
‫األردن ‪ ،‬ط ‪ ،2004، 3،‬ص‪.57-56‬‬
‫‪ 32‬فاروق عبد اهللا فلیه‪ ،‬محمد عبد المجید‪ :‬السلوك التنظیمي في إدارة المؤسسات التعلیمیة ‪ ،‬دار المسیرة للنشر والتوزیع ‪،‬ط‪ ، 2005 ،1‬ص ‪105.‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫توضيح طريقة التنفيذ والوسائل التي يمكن استخدامها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫ربط األشخاص بعضهم ببعض بوسائل اتصاالت سليمة وتحديد العالقة بين الوظائف‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العوامل التي تسهم في تحقیق العالقات اإلنسانیة‪:‬‬

‫هناك عوامل عدة تساهم في تحقیق عالقات إنسانیة جیدة داخل التنظیم نذكر أهمها ‪:‬‬
‫لقد حظي موضوع الدافعیة للعمل باهتمام العدید من العلماء ‪ ،‬نظرا لدوره الكبیر في‬
‫تقدیم الدعم الكافي للمنظمات من أجل تحقیق الكفاءة والفعالیة المطلوبة ‪.‬‬
‫وازدادت هذه األهمیة على الخصوص بعد التطور الهائل الذي شهدته الحیاة‬
‫اإلقتصادیة ‪ ،‬واإلجتماعیة وانتشار التصنیع واشتداد المنافسة ‪ ،‬مما فرض ضرورة‬
‫البحث للحصول على میكانیزمات جدیدة للتحكم في المورد البشري وخلق الوالء‬
‫الالزم لتواصل منظمات العمل نشاطها بنفس القوة والفعالیة ‪ ،‬فكان موضوع الدافعیة‬
‫أهم الموضوعات في مجال السلوك التنظیمي وعلم نفس التنظیم‪ .‬وتعرف الدافعیة‬
‫بأنها "‬
‫الحاالت الداخلیة والخارجیة التي تحرك أداء الفرد وتوجهه نحو تحقیق هدف محدد ‪،‬‬
‫وتحافظ على استمراریته ودوامه حتى یتحقق ذلك الدافع ‪ ،‬إذا ترتبط الدافعیة ببیئة‬
‫العمل الداخلیة على استمراریته ودوامه حتى یتحقق ذلك الدافع‪.33‬‬
‫اذ ترتبط الدافعية ببيئه العمل الداخلية والخارجیة ‪ ،‬لذا تعتبر الدافعیة عامل رئیسي من‬
‫العوامل التي تدعو مدرسة العالقات اإلنسانیة إلى تحقیقها ‪ ،‬كما ترتبط الدافعیة أیضا‬
‫بحاجات األفراد‪ ،‬والتي صنفها أبراهام ماسلو حاجات الفرد إلى خمسة مستویات هي‪:‬‬
‫*المستوى األول ‪ :‬وهي الحاجات الفیزیولوجیة مثل الغداء‪،‬الحمایة ضد الظروف‬
‫المناخیة ‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬هي الحاجات التي ال یستطیع الكائن الحي االستمرار دونها‪.‬‬
‫*المستوى الثاني ‪ :‬وهي حاجات األمن والحمایة ضد األخطار الفیزیقیة واالقتصادیة‪.‬‬
‫المستوى الثالث ‪:‬و هي حاجات اإلنتماء بمعنى أن یكون مقبوال من طرف‬
‫جماعة إنسانیة ما‪ ،‬سواء كانت أسرة ‪ ،‬محیط مهني أو أي جماعة أخرى‪.‬‬
‫المستوى الرابع ‪ :‬حاجات التقدیر ‪ ،‬بمعنى أن تكون له أهمیة‬
‫المستوى الخامس ‪:‬وهي الحاجة لتحقیق الذات‪،‬وهي أسمى الحاجات على اإلطالق ‪،‬‬
‫لكن حسب ماسلو قلیلون من یصلون إلى المستویات العلیا ألنهم لم یتوصلوا إلى‬
‫إشباع حاجاتهم األولى بعد‪.34‬‬

‫‪ 33‬الهاشمي لوكیا ‪ :‬السلوك التنظیمي ‪ ،‬مخبر التطبیقات النفسیة و التربویة ‪ ،‬جامعة منثوري ‪ ،‬قسنطینة ‪،‬ج‪ ،2‬ص ‪.200‬‬
‫‪ 34‬سعد بشاينية‪:‬علم اجتماع العمل‪ ،‬األسس و النظريات و التجارب‪ ،‬منشورات جامعة منتري‪،‬قسطنطينة‪ ،2003،‬ص‪.135‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الثقافة داخل الشركات اليابانية بالمغرب‪:‬‬

‫المطلب االول‪ :‬دور المغرب في جلب االستثمارات و رفع القطاع من العشوائية‪:‬‬


‫كان المغرب وال زال يزخر بالعديد من االستثمارات االجنبية كما انه يطمح لتحقيق المزيد‬
‫منها في اطار الشراكات مع الدول االجنبية وخاصة اليابان‪ ،‬كما حضيت دينامية اإلصالح‬
‫التي تعرفها المملكة‪ ،‬بالترحيب والدعم‪ ،‬سواء على المستويين الوطني أوالدولي‪ ،‬كما تشهد‬
‫على ذلك التدفقات الكبرى لالستثمار المباشر األجنبي نحو المغرب‪ ،‬وتعكس هذه‬
‫اإلستثمارات مدى الثقة التي يحظى بها اقتصاد المغرب ومؤسساته لدى المستثمرين‬
‫األجانب‪.‬‬
‫كما ان المغرب يطمح كذلك الى الزيادة من االستثمارات األجنبية في المستقبل و هذا ما جاء‬
‫في المنتدى المنعقد بالدار البيضاء ‪،‬االربعاء ‪1‬مارس ‪.2023‬‬
‫حيث التأم رجال أعمال مغاربة ويابانيون بمدينة الدار البيضاء في إطار منتدى اقتصادي‬
‫يسعى إلى استكشاف فرص التعاون في مجاالت جديدة‪ ،‬منها الطاقات المتجددة والفالحة‬
‫والسيارات والطيران‪.‬‬
‫المنتدى جمع االتحاد العام لمقاوالت المغرب‪ ،‬والمنظمة اليابانية للتجارة الخارجية‪ ،‬والوزارة‬
‫المنتدبة المكلفة باالستثمار‪ ،‬والوكالة المغربية لتنمية االستثمارات والصادرات‪.‬‬
‫وقال ياسوشي تاكاهاشي‪ ،‬المدير العام لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية بالمغرب‪ ،‬إن‬
‫“المملكة بلد مستقر سياسيًا وله ولوج سهل إلى السوق األوروبية‪ ،‬ناهيك عن ارتباطه‬
‫باتفاقيات للتبادل الحر مع عدد من البلدان”‪.‬‬
‫وذكر تاكاهاشي‪ ،‬في كلمة ضمن المنتدى‪ ،‬أن “الشركات اليابانية استثمرت بشكل كبير في‬
‫الصناعة بالمغرب‪ ،‬خصوصًا في التجهيزات المتعلقة بالسيارات‪ ،‬حيث توفر حوالي ‪70‬‬
‫شركة يابانية حوالي ‪ 40‬ألف منصب شغل‪ ،‬لتكون اليابان أول مشغل خاص في المملكة”‪.‬‬
‫رئيس المنظمة أشار إلى أن “المغرب يتوفر على كل الشروط الستقطاب مزيد من‬
‫االستثمارات اليابانية نحو مجاالت عدة‪ ،‬مثل الطاقات المتجددة‪ ،‬خصوصًا مع طموح البالد‬
‫إلى تحقيق ‪ 80‬في المائة من حاجياتها من الطاقات المتجددة عام ‪.”2050‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫وتطمح اليابان إلى االستثمار في مجاالت جديدة بالمغرب‪ ،‬مثل الهيدروجين األخضر‬
‫واألمونياك األخضر‪ ،‬إضافة إلى تحلية مياه البحر؛ وهي كلها قطاعات توليها المملكة أهمية‬
‫كبرى وتحظى باهتمام على المستوى الدولي‪.‬‬
‫من جهته‪ ،‬استعرض محسن جزولي‪ ،‬الوزير المكلف باالستثمار وااللتقائية وتقييم السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬ما قام به المغرب من إصالحات لتحسين مناخ األعمال وتوفير منصات صناعية‬
‫تنافسية‪ ،‬إذ قال إن المملكة “تعتبر من أهم وجهات االستثمار في العالم‪ ،‬بالنظر إلى عوامل‬
‫االستقرار والديمقراطية والرؤية اإلستراتيجية الواضحة وبعيدة المدى”‪.‬‬
‫المسؤول الحكومي ذاته ذكر أن “المغرب يتوفر على موقع إستراتيجي مهم ويرتبط بأكثر‬
‫من ‪ 50‬اتفاقية تبادل حر تتيح ربط إفريقيا وأوروبا والشرق األوسط والواليات المتحدة‬
‫األميركية‪ ،‬إضافة إلى العنصر البشري الشاب والروابط االقتصادية القوية مع الدول‬
‫اإلفريقية”‪.‬‬
‫غيثة لحلو‪ ،‬نائبة رئيس االتحاد العام لمقاوالت المغرب والقنصل العام الفخري لليابان في‬
‫المغرب‪ ،‬أشارت إلى أن المبادالت التجارية بين المغرب واليابان سجلت حوالي ‪ 830‬مليون‬
‫دوالر في ‪ ،2022‬مضيفة أن هناك فرصًا لرفع هذا الرقم‪.‬‬
‫وأشارت لحلو إلى أن “هناك ضرورة لمضي البلدين نحو تطوير مشاريع استثمارية‬
‫مشتركة‪ ،‬خصوصًا في قطاع السيارات الذي يشهد تحوًال نحو التنقل الكهربائي؛ ناهيك عن‬
‫القطاع الصحي الذي تتوفر فيه اليابان على تجربة مهمة‪ ،‬إضافة إلى قطاعات البنيات التحتية‬
‫والبنوك”‪.35‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النظرية اليابانية في االدارة‪:‬‬
‫توالت االسهامات النظریة بغیة تطویر المنظمة ونظریة التنظیم ‪ ،‬فجاءت النظریة الیابانیة‬
‫الحدیثة والتي یطلق علیها نظریة ‪ J‬وهي اختصار لكلمة ‪ ، Japanese‬أي النظریة أو‬
‫األسلوب الیاباني في االدارة‪.‬‬
‫ووفقا لهذه النظریة فإن الرقابة على الموظفین تكون أساسها اجتماعي‪ ،‬باالعتماد على التنشئة‬
‫االجتماعیة ‪ ،‬من خالل تلقین الدروس ‪ ،‬وغرس القیم التنظیمیة في نفوس العاملین ‪ ،‬أما‬
‫حركیة الموظفین فتتم بشكل أفقي من وحدة تنظیمیة إلى وحدة تنظیمیة أخرى ‪ ،‬وداخل‬
‫التنظیم نفسه ولیس خارج التنظيم‪.36‬‬
‫كما أشارت هذه النظریة إلى ضرورة إقامة عالقات تعاونیة غیر رسمیة ‪ ،‬اتخاذ القرارات‬
‫بطریقة تشاوریة ‪ ،‬اعتماد أسلوب الحوار بین المدیرین والموظفین‪.37‬‬
‫‪https://www.hespress.com/%D9%85%D9% »6%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D9%85%D8%BA 35‬‬
‫‪%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A‬‬
‫‪%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA‬‬
‫‪%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-1130925.html‬‬
‫‪ 36‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬نظرية المنظمة و التنظيم‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،2010 ،4‬ص‪.291‬‬
‫‪ 37‬محمد قاسم القريوتي ‪ :‬مرجع سابق ‪.291 ،‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫كما شددت هذه النظریة على أسلوب التعاون بین العمال وتعزیز التعاون الجماعي ‪،‬‬
‫فالنظریة الیابانیة لم تنظر إلى العامل من زاویة واحدة ‪ ،‬بل كوحدة متكاملة تسهم في تحقیق‬
‫رفع االنتاج ‪،‬والذي بدوره عنصرا واحدا من بین عناصر عدیدة مكونة ومساهمة في نجاح‬
‫المنظمة ‪.‬‬

‫لكن ما تجدر اإلشارة إلیه بهذا الصدد ‪ ،‬و من خالل جملة الخصائص الممیزة لهذا النموذج ‪،‬‬
‫نشیر أنه مدخل یاباني بامتیاز مستمد من البیئة والخصوصیة المجتمعیة والثقافیة للشعب‬
‫الیاباني وال یتم تطبیقه إال على المنظمات الیابانیة فقط نظرا للطابع الیاباني المتمیز ‪ ،‬إذا ال‬
‫یمكن تطبیق هذا المدخل اإلداري خارج نطاق البیئة الیابانیة إال بعد تعدیله لیتوافق ویتالءم‬
‫مع طبیعة وظروف المجتمع أو البیئة الجديدة‪.38‬‬
‫حققت التجربة الیابانیة نجاحات كبیرة ‪ ،‬إذ شهدت تطو را من حیث االنتاج كما ونوعا ‪ ،‬كما‬
‫شهدت ثورة تكنولوجیة على مستوى أسالیب اإلنتاج ‪ ،‬األمر الذي دفع بعض الدول وخاصة‬
‫الوالیات المتحدة األمریكیة إلى محاولة تبني التجربة ‪ ،‬من خالل تطبیق مبادئ هذا المدخل‬
‫على االدارة األمریكیة ‪ ،‬إال أن هذه المحاولة بعد فترة أثبتت أن هذا النموذج هو ولید البیئة‬
‫الیابانیة ‪ ،‬التي تختلف عن خصائص البیئة األمریكیة ‪.‬‬
‫النظریة الیابانیة في االدارة مطوعة للبیئة األمریكیة (‪Z(.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعتبر هذه النظریة كرد فعل للنموذج الیاباني ‪ J‬و التي جاءت‬
‫لتتماشى وخصائص البیئة األمریكیة ‪،‬إذ یرجع هذا المدخل إلى المفكر الیاباني " ولیام أو جي‬
‫" ‪ ،‬حیث أجرى دراسة عام ‪ ، 1981‬قارن فیها بین أسالیب اإلدارة الیابانیة واألمریكیة ‪ .‬وقد‬
‫جاءت نتائج هذه الدراسة توضح الفرق على مستوى المنظمتین ‪ ،‬حیث الحظ ارتفاع‬
‫مستویات االنتاجیة في المنظمة الیابانیة على خالف األمریكیة ‪.‬‬
‫لقد حاول أو جي تفسیر هذه النتائج على ضوء الخصائص التي یتسم بها كل نموذج ‪،‬‬
‫فالمنظمات الیابانیة حسب تقدیر أو جي ‪ ،‬تولي أهمیة كبیرة للمورد البشري على مستوى هذه‬
‫المنظمات ‪ ،‬بخالف اإلدارة األمریكیة التي أهملت هذا الجانب ‪ .‬فالفروق لم تكن مادیة ‪،‬أو‬
‫تكنولوجیة ‪ ،‬بل هي فروق حول رؤیة كل منظمة للمورد البشري ‪.‬‬
‫وعلى ضوء ذلك اعتبر أو جي النظریة ‪ A‬و التي تنتمي إلیها اإلدارة األمریكیة ‪ ،‬اعتبرها‬
‫نظریة غیر سلیمة ‪ ،‬تنظر إلى العنصر البشري على أساس آلة تلبي احتیاجات اإلنتاج ‪ ،‬وهذا‬
‫ما أثر سلبا على مستویات اإلنتاجیة بالمنظمات األمریكیة‪ .‬عكس النظریة ‪ J‬التي توصف‬
‫حسب أو جي بالنظریة السلیمة نتيجة تقديرها للعنصر البشري إذ تعتبره أهم عناصر‬

‫‪ 38‬أحمد محمد غنيم‪ ،‬مداخل ادارية معاصرة لتحديدث المنظمات‪ ،‬المكتبة العصرية للنشر‪ ،‬مصر‪ ، 2004 ،‬ص‪.48‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫اإلنتاج ‪ ،‬األمر الذي ترتب علیه زیادة مستویات الوالء واالنتماء للمؤسسة مجال العمل ‪،‬‬
‫وبالتالي ارتفاع مستویات اإلنتاجیة في النموذج الیاباني‪.39‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلدارة اليابانية‪:‬‬


‫خصائص اإلدارة اليابانية‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة األبوية‪ :‬يبنى مبدأ القرار الجماعي والتعاون الوثيق والعالقة الحميمة بين العمال‬
‫والمديرين على كافة المستويات‪ ،‬من خالل االعتماد على مبدأ العامل الشريك في العمل‪،‬‬
‫وإشعاره باالستقرار طيلة حياته المهنية‪ ،‬حتى تكاد تدخل المؤسسات اليابانية الصناعية‪ ،‬فال‬
‫تميز بين المدير والمشرف والعامل من حيث زي العمل‪ .‬هذا هو التعاون الوثيق بين نقابات‬
‫العمال ورجال األعمال وبينهم وبين إدارات الدولة والتصرف العقالني على أساس أن‬
‫األفضلية المطلقة يجب أن تعطى لمصلحة اليابان العليا ودورها على المستوى الدولي‪ ،‬حيث‬
‫تكمن قوة اقتصادها كدولة تعتمد عليها األسواق العالمية بشكل كبير جدًا‪.‬‬
‫االهتمام الشمولي بالموظف‪ :‬ال يهتم المدير الياباني بالجانب العملي من حياة الموظف فقط‪،‬‬
‫بل يحرص على االهتمام بالمشاكل الخاصة لموظفيه قدر اهتمامه بمشاكل العمل‪ ،‬ويعتبر هذا‬
‫االهتمام ملزمًا‪ ،‬فهو من بين الجوانب الهامة التي تؤخذ في االعتبار عند تقييم أدائه‪ ،‬لذلك‬
‫يعقد اجتماعات خاصة لحل مشاكل موظفيه الشخصية واألسرية‪ .‬ويتم ذلك في اإلدارة‬
‫اليابانية من منطلق إنساني واٍع بأن اإلنسان كيان متكامل ال يمكن تجزئته‪ ،‬وأن كل جانب فى‬
‫حياته يؤثر في اآلخر وهو الطريق الذي بدأت تتلمسه بعض الشركات األمريكية العمالقة‪.‬‬
‫فالموظف الذي يعاني من بعض المشاكل الخاصة في حياته األسرية من المتوقع أن ينعكس‬
‫ذلك وبشكل مباشر على عمله من خالل انتظامه فى العمل واهتمامه به‪ ،‬وتركيزه على األداء‬
‫وعالقاته باآلخرين‪.‬‬
‫العمل الجماعي والتعاونى‪ :‬كل ما سبق يخلق البيئة التنظيمية العائلية ويعزز األلفة والمودة‬
‫بين العاملين بدًال من التزاحم والمنافسة الفردية ومن ثم تحجيم األنانية وتعظيم االعتقاد بقوة‬
‫الفريق أو الجماعة وهي أهم باعث بالشعور باألمن والطمأنينة واالنتماء وانعكاس ذلك الهائل‬
‫على المناخ التنظيمي وتأثيره العظيم على اإلنتاجية واستمرار نموها‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬المسؤولية الجماعية‪ :‬بالرغم من أن التنظيم الياباني يأخذ بالكثير من المبادئ‬
‫الكالسيكية في التنظيم سواء في تجميع أوجه النشاط أو فى التحديد الرأسي الواضح لعالقات‬
‫السلطة والمسؤولية‪ ،‬إال أن أهم ما يميزه هو أن تحديد السلطات والمسؤوليات ال يكون على‬
‫أساس فردي‪ ،‬وإنما على أساس جماعي‪ ،‬ومن ثم فإن وحدة البناء في التنظيم هي الجماعة‬

‫‪ 39‬إسماعیل قیرة وآخرون ‪ :‬أسس المنهجیة في العلوم اإلجتماعیة‪،‬أهمیة المفاهیم في البحث العلمي بین األطر النظریة و المحددات الواقعیة ‪ ،‬لعلي‬
‫غربي ‪ ،‬سلسلة العلوم اإلجتماعیة ‪ ،‬مطبعة البعث ‪ ،‬جامعة منثوري ‪ ،‬قسنطینة ‪ ، 1999 ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫وليس الفرد‪ .‬وطالما أن السلطة والمسؤولية تحدد على أساس الجماعة وليس على أساس‬
‫الفرد فإن المساءلة البد أن تكون على أساس جماعي‪.‬‬
‫األدوات الكمية والتقنية‪ :‬طورت اإلدارة اليابانية العديد من األدوات واالستراتيجيات لتحقيق‬
‫ذاتها ورؤيتها ونمو مؤسساتها ومن أهمها «الكايزن» و«الكايكاكو» و«هوشن كانري»‪،‬‬
‫وهي استراتيجيات يابانية للتحسين والتطوير المستمر في كافة جوانب العمل‪ ،‬الهندسية‬
‫والتطبيقية واإلدارية والتعليمية والتربوية‪.‬‬
‫تركز أول استراتيجيتين على تحسين وتطوير العمليات اليومية لتقليل الهدر في الموارد‬
‫والعمليات والوقت بهدف رفع الكفاءة ونسب الفائدة والربح‪ .‬فاستراتيجية «الكايكاكو» تعني‬
‫التحسين الجذري دفعة واحدة‪ ،‬أما «الكايزن» فهي تركز على التحسين التدريجي المستمر‪.‬‬
‫بينما استراتيجية «هوشين كانري» فهي تهدف إلى التعبير وتشكيل األهداف االستراتيجية‬
‫باإلضافة إلى التعبير عن الرؤية المستقبلية وتطوير وسائل تحولها إلى واقع‪.40‬‬
‫و هناك العديد من الخصائص التي تعتمدها اليابان‪:‬وهي اتخاذ القرار بصورة جماعية‪،‬‬
‫والتوظيف مدى الحياة‪ ،‬والتعليم والتدريب المستمر‪ ،‬وسياسة تفضيل الموظف الشامل على‬
‫المتخصص المحدود‪...‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬فلسفة العمل عند اليابان‪:‬‬
‫الرئيسية » فكر » مقاالت فلسفة العمل عند اليابانيين اإلمام محمد محمود تتميز الشعوب‬
‫اآلسيوية وخاصة اليابانيين بقوة اإلرادة والمهنية واإلخالص واالنضباط في العمل‪،‬‬
‫فألدبيات العمل عندهم ثقافة خاصة وفلسفة عميقة يتحلى بها العامل الياباني من جهة‬
‫والمؤسسات والشركات من جهة أخرى‪ ،‬يبلغ عدد ساعات العمل اإلضافي في اليابان ‪80‬‬
‫ساعة للشهر‪ ،‬وتشمل ربع العمال في اليابان وتتسبب الساعات اإلضافية في العمل إلى وفاة‬
‫أكثر من ‪ 2000‬شخص كل سنة‪ .‬في سبعينيات القرن الماضي أقدم شاب كوري جنوبي‬
‫يدعى ‪ Jeon Tae-il‬بإحراق نفسه أمام أحد مصانع النسيج احتجاجا على األوضاع المزرية‬
‫التى يعيشها العمال والظروف القاسية التى يعملون فيها‪ ،‬الشاب الذي لم يتجاوز ‪ 22‬من‬
‫عمره هتف “نحن بشر ولسنا آالت” “‪ ،”we are human not machines‬كانت تلك من‬
‫ضمن أولى الثورات العمالية التى شهدتها الدول اآلسيوية لم تكن تلك الثورة ضد الكسل‬
‫والخمول وضعف إنتاجية العامل بل كانت ضد الظروف الصعبة التي يعيشها العامل وغياب‬
‫العناية والرعاية الضرورية له‪ .‬تقوم فلسفة العمل عند اليابانيين على قاعدة أن العمل جزء‬
‫من عقيدتهم الدينية وتعاليم معلمهم وملهمهم األول “بوذا” لذلك فالعامل الياباني يشعر براحة‬
‫شديدة وانجاذب نحو العمل بشكل هيستيري‪ ،‬هذه الوضعية تسببت في خلق فجوة كبيرة بين‬
‫الحياة العملية والحياة الخاصة لليابانيين وأثرت على اإلنتاج‪ ،‬األمر الذي دفع بالحكومة‬
‫اليابانية إلى تبني سياسة جديدة أطلق عليها “إصالح نهج العمل” وتهدف إلى مواجهة ظاهرة‬

‫‪https://alwatannews.net/Opinion/article/609584/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF 40‬‬
‫‪%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-2‬‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫“كاروتشي” أو الموت من كثرة العمل‪ .‬العالقة بين الموظف والشركة العالقة بين الموظف‬
‫الياباني والشركة عالقة عميقة تمتد جذورها لتشمل االهتمام الكبير بالعامل وتوفير‬
‫مستلزمات الحياة الضرورية فالعامل هو الحجر األساس في نجاح الشركة وتطورها لذلك‬
‫تشبه هذه العالقة الروحية‪ .‬الشركات اليابانية اخترعت وسائل متعددة للحفاظ على عمالها‬
‫أوقات األزمات‪ ،‬حيث تخضع هذه الشركات عمالها للكثير من البرامج التدريبية وتقدم لهم‬
‫المكافآت كلها‪ ،‬هذا مقابل إخالص ووفاء من العمال لمؤسستهم حيث يعتبر هؤالء نجاح‬
‫المؤسسة وسام شرف لهم وهدف من أهدافهم النبيلة التى يطمحون إلى تحقيقها‪ .‬يخضع‬
‫العمال لبرامج تكوينية وتدربيية بشكل دوري لتنمية وتطوير مهاراتهم وزيادة إنتاجيتهم‪.‬‬
‫تتطور العالقة بين الشركة وعمالها لتشمل كافة مجاالت التكوين والتدريب والرعاية حيث‬
‫تحرص أغلب المؤسسات اليابانية على توفير خدمة خاصة بالصحة النفسية‪ ،‬وتوفر هذه‬
‫الوحدة استشارات دورية في مجال التربية النفسية لموظفي المؤسسات حرصا على بقاء‬
‫الموظف قادرا على تحمل مسؤولياته تجاه المؤسسة التى هو جزء منها‪ .‬في مقابل خدمات‬
‫الشركة ومسؤولياتها يتصف العامل في اليابان بمجموعة من المميزات والصفات التى‬
‫غرست فيه منذ الصغر والتى تقدس العمل وتجعله جزء من عقيدته‪ ،‬أولى تلك المميزات حب‬
‫العامل لوظيفته فهذا من أسباب نجاح العامل والمؤسسة إضافة إلى اإلخالص والمهنية‬
‫وااللتزام واالنضباط في احترام قوانين المؤسسة والحرص الدائم على نجاح أهدافها فالعامل‬
‫الياباني يشعر بأن نجاح المؤسسة في تحقيق مكاسبها هو نجاح له‪ .‬هذه الفلسفة في العمل‬
‫وهذه الثقافة التي يتحلى بها العامل الياباني هي التى ميزت المنتجات اليابانية وصنعت نجاح‬
‫منقطع النظير للشركات اليابانية التى ذاع صيتها في أنحاء المعمورة‪ .‬النظام الوظيفي وفن‬
‫إدارة األزمات في نظام التوظيف الياباني حينما تواجه الشركات أزمات مالية فإنها ال تلجأ‬
‫إلي طرد العمال وتقليص الرواتب وغير ذلك من إجراءات التقشف التى تفرضها المرحلة‪،‬‬
‫بل تعمل على مواجهتها بخلق بدائل وظيفية جديدة داخل الشركات‪ ،‬وهذا اإلجراء هو جزء‬
‫مما يعرف باإلحتياط التعبوي لمواجهة األزمة حيث يتم تحليل وضع الشركة وتحديد نقاط‬
‫الضعف ومكامن الخلل‪ ،‬وتكون هناك حلول جاهزة لتنفيذها وقت حدوث األزمة‪ .‬وألن‬
‫الشركات تراهن على قوة واجتهاد عمالها من أجل تحقيق السبق في السوق‪ ،‬فغالبا ما تلجأ‬
‫هذه الشركات إلى اختراع وسائل متعددة لالحتفاظ بعمالها وقت األزمات‪ .‬نظام الوظيفة في‬
‫اليابان يختلف اختالفا جذريا عن ماهو عليه في أوروبا وأمريكا‪ .‬يوفر نظام التوظيف في‬
‫اليابان عمر وظيفي معين للعمال ويمنحهم امتيازات خاصة وقت األزمات حيث تتجنب‬
‫الشركات اليابانية ما يعرف بـ‪ ،Dole System‬مثال في أوروبا والواليات المتحدة حينما‬
‫تواجه الشركات ضغوطات مالية فإنها تلجأ غالبا إلى تخفيض النفقات‪ .‬وفي الوقت الحالي‬
‫تلجأ هذه المؤسسات إلى ما يعرف ‪ ،Downsizing‬حيث تقوم الشركات بتقليص عدد العمال‬
‫ويلجأ هؤالء إلى التسجيل كعاطلين عن العمل لالستفادة من اإلعانة الحكومية الموجهة‬
‫للعاطلين‪ .‬اإلعانة الحكومية للعاطلين عن العمل عالية جدا حيث تصل في بعض األحيان إلي‬
‫‪ % 90‬من آخر راتب كان يقتنيه العامل‪ ،‬بالتالي مزيدا من تسريح العمال يفضي إلى مزيد‬
‫من النفقات الحكومية على العاطلين ‪ ،Dole Paymen‬وبالتالي قد يؤدي هذا الوضع إلى‬
‫‪.‬ثقافه المقاولة واثرها على الرفع من انتاجيه العمال‬

‫خلخلة نظام التوظيف وإضعافه حيث سيكون العامل مرتاح وهو يقبض ‪ %90‬من راتبه‬
‫السابق دون أي مقابل‪ ،‬وبالتالي سيختار البقاء بدون عمل‪ ،‬وبالتالي فإن نظام ‪Dole‬‬
‫‪ Payment‬ال يشجع العاطلين للبحث عن العمل كما أنه ال يشجع المستثمرين على فتح‬
‫مشاريع جديدة‪ ،‬فهذه السياسة تشكل عقبة كبيرة في وجه التنمية االقتصادية ورفع اإلنتاجية‪.‬‬
‫تعتمد ‪ Dole Payment‬على المدخالت الحكومية‪ ،‬في حالة ما إذا كان االقتصاد يعمل بشكل‬
‫جيد‪ ،‬تكون المدخالت مرتفعة وتكون اإلعانات المقدمة للعاطلين أقل بسبب توفر فرص‬
‫العمل‪ .‬لكن بالمقابل حين يشهد االقتصاد تعثر فإن النتيجة تكون صادمة حيث تنخفض‬
‫مدخالت الحكومة‪ ،‬وترتفع نسبة البطالة وترتفع معها اإلعانة الحكومية للعاطلين عن العمل‪.‬‬
‫ستكون الحكومة مضطرة لضخ المزيد من أجل استمرار االقتصاد‪ ،‬وبالتالي فإن ‪Dole‬‬
‫‪ System‬ليست بالسياسة الجيدة‪ .‬استطاع اليابانيون تصميم سياسات العمل بشكل فعال و‬
‫متميز آخذين في االعتبار ثقافة المجتمع وتقاليده‪ ،‬فقامت فلسفتهم على أن العمل مقدس وهو‬
‫جزء من ثقافتهم الروحية‪ ،‬لذلك فالعمل عن اليابانيين و إنجاز العمل بجدية وإخالص وإتقان‬
‫أمر ضروري ال مناص منه‪ ،‬بهذا الجد واالجتهاد استطاعوا تحقيق النمو والرفاه االقتصادي‬
‫وأصبحت اليابان من رواد االقتصاد العالمي‪.‬‬

You might also like