Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 62

‫سـوريــة‬

‫مواجهة التشظﻲ!‬
‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية خالل العام ‪2015‬‬
‫شباط ‪2016‬‬
‫فهرس‬

‫بيان المسؤولية‪:‬‬
‫هذا التقرير عمل �أجنزه املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات بدعم من املكتب القطري لربنامج الأمم املتحدة الإمنائي‬
‫يف �سورية‪� .‬إن التحليل والتو�صيات ال�سيا�ساتية الواردة يف هذا التقرير ال تعك�س بال�ضرورة �آراء برنامج الأمم املتحدة‬
‫الإمنائي‪� ،‬أو �أع�ضاء املجل�س التنفيذي لربنامج الأمم املتحدة الإمنائي‪� ،‬أو الدول الأع�ضاء يف الأمم املتحدة‪.‬‬
‫صورة الغالف‪Ryann Cooley – Cooleystudio.com :‬‬
‫حقوق النشر © ‪ 2016‬المركز السوري لبحوث السياسات‪ ،‬دمشق ‪ -‬سورية‬
‫شباط ‪2016‬‬

‫‪scpr-syria.org‬‬ ‫‪info@scpr-syria.org‬‬ ‫لالستفسار أو التعليق‪:‬‬


‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫‪ .04‬كلمة شكر‬
‫‪ .06‬الملخّص التنفيذي‬
‫املحتويات‬
‫‪ .09‬المق ّدمة‬

‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬


‫‪ .12‬التدمير المتواصل لالقتصاد‬
‫‪ .25‬سياسات تقليص الطلب‬
‫‪ .29‬الخسائر االقتصادية اإلجمالية‪ 255 :‬مليار دوالر أميركي‬
‫‪ .31‬تخفيض العجز وتفاقم الركود‬
‫‪ .33‬انهيار في أسعار الصرف‬
‫‪ .34‬كلفة المعيشة‪ :‬ارتفاع غير قابل لالحتمال‬
‫‪ .35‬عمال للعنف‬
‫‪ .37‬اقتصاد متشظ‬

‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬


‫‪ .39‬التشظي السكاني‬
‫‪ .41‬انهيار في سجل التنمية البشرية‬
‫‪ .43‬سياسات اإلفقار‬
‫‪ .46‬التعلّم وتدهور رأس المال البشري‬
‫‪ .48‬تدهور النظام الصحي‬

‫ثالثاُ‪ :‬في مواجهة التشظي!‬


‫‪ .51‬نحو التشظي‬
‫‪ .52‬تفاقم التشظي‬
‫‪ .52‬مواجهة التشظي‬
‫‪ .55‬خالصة موجزة‬

‫الملحق‬
‫‪ .58‬المنهجية‬
‫‪ .60‬المراجع‬

‫‪03‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫كلمة شكر‬

‫التقرير من �إجناز املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ ،‬بالتعاون مع برنامج الأمم املتحدة الإمنائي‪.‬‬ ‫هذا‬
‫وهو جزء من �سل�سلة تقارير ّ‬
‫تغطي فرتات ربعية وتبحث يف �أثر الأزمة على التنمية يف �سورية‪.‬‬

‫مت �إعداد التقرير من قبل فريق املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ :‬ربيع ن�صر وزكي حم�شي وجاد الكرمي‬
‫جباعي ونبيل مرزوق وخلود �سابا‪ .‬ويث ّمن املركز عالي ًا املراجعة واملقرتحات العميقة لكل من �سمري العيطة‬
‫وعمر �ضاحي‪ .‬وا�ستند التقرير �إىل ورقة خلفية عن ال�صناعة التي �أعدها ف�ؤاد حلّ ام‪ ،‬كما ُيقدر املركز تعاون‬
‫وم�ساهمة منال فوعاين يف �إجناز هذا التقرير‪ .‬وي�شكر املركز �صادق الأمني جلهوده اال�ستثنائية يف ت�صميم‬
‫التقرير‪ ،‬كما ي�شكر �سرى اجلندي على ترجمة التقرير‪.‬‬

‫يو ّد املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات ب�أن يعرب عن امتنانه للدعم الكبري من قبل العديد من الباحثني‬
‫قدموا �إ�سهاماتهم �إىل هذا التقرير‪.‬‬
‫واخلرباء الذين ّ‬

‫‪04‬‬
SCPR-SYRIA.ORG

05
‫مواجهة التشظي!‬
‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫املل ّخص التنفيذي‬


‫هذا التقرير هو الجزء الخامس من سلسلة التقارير‪ ،1‬التي تهدف إىل متابعة تطور‬
‫األزمة العامة والنزاع املسلّح‪ ،‬يف سورية‪ ،‬وتقييم آثارهام يف الحياة االجتامعية‬
‫واالقتصادية للسوريني‪ .‬يغطّي هذا التقرير عام ‪ ،2015‬ويتضمن تحليل املركز‬
‫السوري لبحوث السياسات وتقديراته‪ ،‬التي خلصت إىل ما ييل‪:‬‬

‫•يقدر حجم خ�سارة الناجت املحلي الإجمايل منذ‬ ‫اآلثار االقتصادية‬


‫بداية الأزمة مببلغ ‪ 163.3‬مليار دوالر �أمريكي‪ ،‬علماً‬
‫�أن ‪ 49.7‬مليار دوالر �أمريكي منها قد تكبدها‬ ‫•ازداد ت�شظي االقت�صاد ال�سوري‪ ،‬عام ‪ ،2015‬عما‬
‫االقت�صاد يف عام ‪ 2015‬وحده‪ .‬كما ُيقدر حجم‬ ‫كان عليه يف الأعوام ال�سابقة‪ ،‬جراء هيمنة قوى‬
‫االنكما�ش يف الناجت املحلي الإجمايل بن�سبة ‪%4.7‬‬ ‫الت�سلط وقيامها ببناء كيانات اقت�صادية «م�ستقلة»‬
‫يف عام ‪ 2015‬مقارنة بالعام ال�سابق‪� ،‬إذ بلغ‬ ‫خا�صة بكل منها‪ ،‬وحتويل املوارد خلدمة م�صاحلها‬
‫االنكما�ش ن�سبة ‪ %7.9‬يف الربع الأول‪ ،‬و‪ %1.8‬يف‬ ‫و�أهدافها‪ ،‬وتقدمي احلوافز لأتباعها �ضمان والئهم‪،‬‬
‫الربع الثاين و‪ %6.2‬يف الربع الثالث‪ ،‬ون�سبة ‪%4.4‬‬ ‫على ح�ساب احتياجات النا�س وتطلعاتهم‪.‬‬
‫يف الربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة لها يف‬
‫عام ‪.2014‬‬ ‫•�إن غياب الإطار الوطني للحوار‪ ،‬الذي يجمع كل ال�سوريني‬
‫لتجاوز الأزمة‪ ،‬فاقم من حالة الت�شظي االقت�صادي‬
‫•يبني الرتكيب الهيكلي للناجت املحلي الإجمايل‬ ‫واالجتماعي وعزز االقت�صادات القائمة على العنف‪.‬‬
‫ارتفاع ح�صة القطاع الزراعي من الناجت �إىل‬
‫‪ %28.7‬يف عام ‪ 2015‬مقارنة مبا كانت عليه عام‬ ‫•بات م�ستقبل النمو لالقت�صاد ال�سوري قامت ًا‪ ،‬يف ظل‬
‫‪ .)%17.4( ،2010‬كما �شهدت ح�صة اخلدمات‬ ‫االنهيار املتمادي والتدمري املمنهج ملقوماته الب�شرية واملادية‬
‫احلكومية من الناجت املحلي الإجمايل تراجع ًا يعك�س‬ ‫وم�ؤ�س�ساته‪� ،‬إ�ضافة �إىل تبديد معظم الرثوة الوطنية‪.‬‬
‫حتو ًال يف ال�سيا�سات احلكومية من حماولة حتفيز‬
‫الطلب يف ال�سوق املحلية �إىل عملية تقلي�ص للإنفاق‬ ‫•قدر حجم اخل�سائر االقت�صادية منذ بداية النزاع‬
‫العام غري الع�سكري‪.‬‬ ‫حتى نهاية العام ‪ 2015‬بنحو ‪ 254.7‬مليار دوالر‬
‫�أمريكي‪ .‬وتت�ضمن هذه اخل�سائر خ�سارة الناجت‬
‫•تراجع متو�سط �إنفاق الأ�سرة �إىل م�ستوى غري‬ ‫املحلي الإجمايل (‪ ،)%64.1‬وت�ضرر خمزون ر�أ�س‬
‫‪ .1‬التقارير السابقة ( الكارثة السورية‬
‫م�سبوق عاك�س ًا املعاناة ال�شديدة للأ�سر ال�سورية‪ ،‬يف‬ ‫املال (‪ ،)%26.4‬والإنفاق الع�سكري الإ�ضايف‬
‫(حزيران‪ ،)2013 ،‬حرب على التنمية‬ ‫جميع �أنحاء البالد‪ .‬فقد انكم�ش اال�ستهالك‬ ‫للحكومة (‪ ،)%5.7‬والإنفاق الع�سكري للمجموعات‬
‫(تشرين األول‪ ،)2013 ،‬هدر‬ ‫اخلا�ص خالل عام ‪ 2015‬بن�سبة ‪ %0.7‬يف الربع‬ ‫امل�سلحة (‪ ،)%2.3‬والإنتاج غري الر�سمي للنفط‬
‫اإلنسانية (أيار‪ ،)2014‬االغتراب‬ ‫الأول‪ ،‬و‪ %0.9‬يف الربع الثاين‪ ،‬و‪ %3.3‬يف الربع‬ ‫والغاز(‪ .)%1.5‬ويقدر جمموع اخل�سائر االقت�صادية‬
‫والعنف (آذار ‪ ،))2015‬متوفرة‬
‫باللغتين العربية واإلنكليزية على‬ ‫الثالث‪ ،‬و‪ %5.9‬يف الربع الرابع‪ ،‬مقارنة بالأرباع‬ ‫مبا يعادل ‪ %468‬من الناجت املحلي الإجمايل لعام‬
‫موقع المركز السوري لبحوث‬ ‫املقابلة لها يف عام ‪ .2014‬وقد ترافق تراجع دخل‬ ‫‪ 2010‬بالأ�سعار الثابتة‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الرتاجع يف الطلب الفعال‪� ،‬إ�ضافة �إىل االنخفا�ض‬ ‫الأفراد وبالتايل قدرتهم على تغطية احتياجاتهم‪،‬‬
‫الكبري يف قيمة العملة املحلية‪ ،‬ومع ذلك بقي العجز‬ ‫‪2015‬‬ ‫مع ارتفاع م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك خالل عام‬
‫التجاري �ضخم ًا يف عام ‪� 2015‬إذ بلغ ‪ %27.6‬من‬ ‫بنحو ‪ %19.8‬يف الربع الأول‪ ،‬و‪ %3.9‬يف الربع الثاين‪،‬‬
‫الناجت املحلي الإجمايل‪ .‬الأمر الذي و�ضع االقت�صاد‬ ‫وا�ستمر هذا االجتاه يف الن�صف الثاين من العام ‪ 2015‬مع‬
‫ال�سوري يف حالة من االنك�شاف وا�ستهالك‬ ‫زيادة يف م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك تبلغ ‪ %23.2‬مقارنة‬
‫لالحتياطيات الأجنبية‪ ،‬وبالتايل تراكم عبء الديون‬ ‫بالن�صف املقابل من عام ‪.2014‬‬
‫امللقاة على كاهل الأجيال القادمة‪.‬‬
‫ شهد عام ‪ 2015‬تراجع ًا كبير ًا‬ ‫•�شهد عام ‪ 2015‬تراجع ًا كبري ًا يف اال�ستهالك العام‬
‫•تراجع عجز املوازنة من ‪ %41.2‬يف عام ‪� 2014‬إىل‬ ‫في االستهالك العام بلغ‬ ‫بلغ ‪ %33.1‬مقارنة بعام ‪ ،2014‬كما تراجعت‬

‫‪%33.1‬‬
‫‪ %28.1‬يف عام ‪ 2015‬مما يعك�س ا�سرتاتيجية‬ ‫ح�صته من الناجت املحلي الإجمايل من ‪ %46.5‬يف‬
‫احلكومة يف زيادة الإيرادات العامة من خالل تطبيق‬ ‫عام ‪� 2013‬إىل ‪ %31.6‬يف عام ‪ ،2015‬الأمر الذي‬
‫�سيا�سة «تر�شيد الدعم» التي خَ فَّ�ضت الدعم‬ ‫يعك�س �سيا�سات احلكومة يف خف�ض الدعم‪ ،‬الذي‬
‫مقارنة بعام ‪2014‬‬
‫تخفي�ض ًا كبري ًا‪� .‬إال �أن هذه اال�سرتاتيجية � َّ‬
‫أ�ضرت‬ ‫�ساهم يف زيادة �أ�سعار املواد الغذائية واخلدمات‬
‫باالقت�صاد و�أ�سهمت يف تعميق الركود‪ ،‬لأنها رفعت‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬
‫من تكلفة الإنتاج املحلي وزادت ال�ضغوط الت�ضخمية‪،‬‬
‫ف�أدت �إىل تراجع قيمة العملة املحلية‪.‬‬ ‫عرف اال�ستهالك «�شبه العام» ب�أنه فئة �إنفاق جديدة‪،‬‬
‫• ُي َّ‬
‫لي�ست عامة ولي�ست خا�صة‪ ،‬تتم يف املناطق اخلارجة‬
‫•ارتفع معدل البطالة من ‪ %14.9‬يف عام ‪� 2011‬إىل‬ ‫عن �سيطرة احلكومة والتي ت�سيطر عليها قوى �أمر‬
‫‪ %52.9‬يف نهاية عام ‪ 2015،‬فبلغ عدد العاطلني عن‬ ‫واقع ا�ستحوذت على ال�سلطة يف هذه املناطق وتقوم‬
‫العمل ‪ 2.91‬مليون �شخ�ص‪ ،‬منهم ‪ 2.7‬مليون فقدوا‬ ‫ب�إنفاق ا�ستهالكي على الأجور وال�سلع واخلدمات‪ .‬وقد‬
‫عملهم خالل الأزمة‪ ،‬مما يعني فقدان م�صدر رئي�سي‬ ‫ارتفع ن�صيب هذا اال�ستهالك من الناجت املحلي‬
‫للدخل والت�أثري يف معي�شة ‪ 13.8‬مليون �شخ�ص‪ .‬ومن‬ ‫الإجمايل من ‪ %2.1‬يف عام ‪� 2012‬إىل ‪ %13.2‬عام‬
‫التو�سع يف‬
‫امل�ؤ�سف �أن بع�ض فر�ص العمل نتجت من ّ‬ ‫‪ 2015‬مما يعك�س ت�صاعد النزاع وا�شرتاك �أعداد �أكرب‬
‫اقت�صاديات العنف‪ ،‬التي ُيقدر �أنها وظفت حواىل‬ ‫من الفاعلني يف املعارك الدائرة‪.‬‬
‫‪ %17‬من ال�سكان الن�شيطني اقت�صادي ًا‪.‬‬
‫•ت�ضرر اال�ستثمار العام ب�شكل حاد خالل الأزمة‪� ،‬إذ‬
‫�أعطت احلكومة الأولوية لتغطية الإنفاق الع�سكري‬
‫ودفع الأجور العامة‪ .‬وخالل العام ‪ ،2015‬انخف�ضت‬
‫اآلثار االجتماعية‬ ‫اال�ستثمارات العامة بن�سبة ‪ %15‬يف الربع الأول‪،‬‬
‫و‪ %23‬يف الربع الثاين‪ ،‬ونحو ‪ %36‬يف الربع الثالث‪،‬‬
‫•ا�ستمرت تداعيات الأزمة بتمزيق الدميغرافية‬ ‫و‪ %35.7‬يف الربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة لها‬
‫ال�سورية من خالل النزوح‪ ،‬والهجرة‪ ،‬واللجوء‪،‬‬ ‫يف عام ‪ .2014‬وبلغ اال�ستثمار «�شبه العام» ن�سبة‬
‫وتزايد عدد الوفيات والإ�صابات الناجمة عن النزاع‪.‬‬ ‫�ضئيلة ‪ %0.05‬من الناجت املحلي الإجمايل يف عام‬
‫وقد �أدى ذلك �إىل تفريغ البلد من ال�سكان‪ ،‬حيث‬ ‫‪ ،2012‬ثم ارتفعت هذه الن�سبة �إىل ‪ %0.24‬عام‬
‫تراجع عددهم من ‪ 21.80‬مليون �شخ�ص يف داخل‬ ‫‪ 2013‬وبلغت ‪ %0.42‬عام ‪ ،2014‬ونحو ‪%0.41‬‬
‫البالد يف عام ‪� 2010‬إىل ‪ 20.44‬مليون �شخ�ص‬ ‫فقط يف عام ‪.2015‬‬
‫بحلول نهاية العام ‪ .2015‬مع العلم �أنه يف حال عدم‬
‫حدوث الأزمة لو�صل �إجمايل عدد ال�سكان �إىل‬ ‫‪%5‬‬ ‫•تراجع اال�ستثمار اخلا�ص يف عام ‪ 2015‬بن�سبة‬
‫‪ 25.59‬مليون ن�سمة‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬تراجع عدد ال�سكان‬ ‫مقارنة بعام ‪ ،2014‬لي�شكل مع اال�ستثمار العام ما‬
‫بن�سبة ‪ %21‬مقارنة بعددهم املقدر يف حال عدم‬ ‫ن�سبته ‪ %9.2‬فقط من الناجت املحلي الإجمايل‪ ،‬وهذا‬
‫حدوث الأزمة‪.‬‬ ‫�أقل من املعدل الطبيعي لالهتالك ال�سنوي يف‬
‫انخفضت الصادرات‬ ‫خمزون ر�أ�س املال‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل �صايف‬
‫•ا�ضطر نحو ‪ %45‬من ال�سكان �إىل مغادرة �أماكن‬ ‫في عام ‪2015‬‬ ‫ا�ستثمار �سلبي يف عام ‪.2015‬‬
‫�سكنهم بحث ًا عن الأمان �أو الظروف املعي�شية الأف�ضل‬
‫يف �أماكن �أخرى‪ ،‬مع نهاية العام ‪� .2015‬إذ بلغ عدد‬
‫الأ�شخا�ص النازحني داخلي ًا حوايل ‪ 6.36‬مليون ن�سمة‬
‫علم ًا �أن العديد منهم ا�ضطر �إىل النزوح مرات عديدة‪.‬‬
‫‪%20‬‬
‫مقارنة بعام ‪2014‬‬
‫• انخف�ضت ال�صادرات يف عام ‪ 2015‬بن�سبة ‪،%20.9‬‬
‫و‪ ،%27.3‬و‪ ،%33.0‬و‪ %35.7‬يف الربع الأول والثاين‬
‫والثالث والرابع على التوايل مقارنة بالأرباع املقابلة‬
‫ويقدر عدد الالجئني الذين غادروا البالد بحواىل ‪3.11‬‬ ‫من العام ‪ .2014‬كما انكم�شت الواردات بن�سبة ‪%29‬‬
‫مليون �شخ�ص كما هاجر منها نحو ‪ 1.17‬مليون‪.‬‬ ‫مقارنة مبا كانت عليه العام ‪ 2014‬وذلك ب�سبب‬

‫‪07‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫التمدر�س‪ ،‬يف جميع امل�ستويات التعليمية‪ ،‬بحلول‬ ‫•يف خالل العام ‪ 2015‬ازداد عدد الالجئني ال�سوريني‬
‫نهاية العام ‪ 2015‬تراجع ًا حاد ًا يف ر�أ�س املال‬ ‫الذين متكنوا من الو�صول �إىل �أوروبا بطرق �شرعية‬
‫الب�شري‪ ،‬وق ُّدرت اخل�سارة يف �سنوات التمدر�س‬ ‫�أو غري �شرعية‪ ،‬وقد ارتبط ذلك بتزايد �أعداد‬
‫بحواىل ‪ 24.5‬مليون �سنة‪ ،‬والذي تقدر تكلفتها‬ ‫الأ�شخا�ص الذين غرقوا يف البحر �أو تعر�ضوا‬
‫بحوايل ‪ 16.5‬مليار دوالر �أمريكي التي ت�شكل خ�سارة‬ ‫للإ�ساءة من قبل الع�صابات و�شبكات اجلرمية‬
‫يف ر�أ�س املال الب�شري املرتبط بالتعليم‪.‬‬ ‫املنظمة‪ .‬لقد قاد حتدي اللجوء �إىل �أوروبا �إىل‬
‫ازدياد االهتمام الدويل وتكثيف اجلهود ال�سيا�سية‬
‫•تعترب اخل�سائر يف الأرواح نتيجة النزاع امل�سلح من‬ ‫يقدر معدل الفقر العام بنحو‬ ‫بغية ت�سريع حل الأزمة ال�سورية‪ .‬لكن هذا االهتمام‬
‫الآثار الوا�ضحة واملبا�شرة والأكرث كارثية للأزمة‬ ‫ال يزال مقت�صر ًا على تخفيف �أزمة اللجوء على‬
‫امل�ستمرة يف �سورية‪ .‬فمع نهاية عام ‪ ،2015‬من‬
‫املتوقع �أن ي�صل معدل الوفيات �إىل حواىل ‪10‬‬
‫بالألف‪ ،‬وعدد اجلرحى �إىل نحو ‪ 1.88‬مليون ن�سمة‪،‬‬
‫‪%85.2‬‬
‫عام ‪ 2015‬مقارنة بنحو‬
‫الدول «الغربية»‪ ،‬ويتجاهل جذور الأزمة والأو�ضاع‬
‫الإن�سانية التي �أدت �إىل مغادرة ال�سكان‪.‬‬
‫‪ %83.5‬عام ‪2014‬‬
‫�أي �إن ما يقارب ‪ %11.5‬من ال�سكان يف �سورية �إما‬ ‫•مع ا�ستمرار النزاع امل�سلح والركود االقت�صادي‬
‫قتلى �أو جرحى نتيجة للنزاع امل�سلح‪ .‬ومع الأخذ بعني‬ ‫والدمار‪ ،‬يقدر معدل الفقر العام بنحو ‪ %85.2‬عام‬
‫االعتبار تدهور النظام ال�صحي واخلدمات‬ ‫‪ 2015‬مقارنة بنحو ‪ % 83.5‬عام ‪ .2014‬وبلغت ن�سبة‬
‫ال�صحية‪ ،‬تواجه �سورية كارثة �إن�سانية تتجلى يف‬ ‫من يعي�شون يف فقر �شديد ‪ %69.3‬من ال�سكان‪ ،‬وهم‬
‫الرتاجع الكبري يف متو�سط العمر املتوقع عند الوالدة‬ ‫غري قادرين على ت�أمني احلد الأدنى من احتياجاتهم‬
‫من ‪� 70.5‬سنة يف عام ‪� 2010‬إىل ما يقدر بـ ‪55.4‬‬ ‫الأ�سا�سية الغذائية وغري الغذائية‪ .‬كما بات نحو‬
‫�سنة يف ‪.2015‬‬ ‫‪ %35‬من ال�سكان يعي�شون يف فقر مدقع‪ ،‬غري‬
‫قادرين على ت�أمني احلد الأدنى من احتياجاتهم‬
‫•جتذر الت�شظي‪ ،‬الذي يعترب حالة من التمزق احلاد‬ ‫الغذائية الأ�سا�سية‪ .‬ويتفاوت م�ستوى الفقر بني‬
‫يف البنى ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‬ ‫املحافظات ويزداد الو�ضع �سوء ًا يف مناطق النزاع‬
‫والثقافية‪ ،‬والذي تت�سبب به خمتلف قوى الت�سلط‬ ‫واملناطق املحا�صرة‪.‬‬
‫الداخلية واخلارجية التي تعمل على �إخ�ضاع النا�س‬
‫مما يدفع غالبيتهم �إىل التحرك �ضد م�صاحلهم‬ ‫•وكان �أثر النزاع امل�سلح يف املكونات الثالثة لدليل‬
‫وخالف ًا لتطلعات جمتمعهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬برزت احلاجة‬ ‫التنمية الب�شرية يف عام ‪ 2015‬م�شابه ًا لعام ‪،2014‬‬
‫�إىل منوذج تنموي جديد يقوم على حق جميع‬ ‫�إذ ا�ستمر تدهور الدليل �إىل م�ستويات منخف�ضة‬
‫ال�سوريني يف العي�ش الكرمي‪ ،‬وهذا ي�ستلزم م�شاركة‬ ‫جد ًا‪ .‬ت�شري الإ�سقاطات �أن دليل التنمية الب�شرية‬
‫حقيقية وفعالة جلميع قوى املجتمع من �أجل حتقيق‬ ‫ل�سورية كان �سريتفع من ‪ 0.631‬يف عام ‪� 2010‬إىل‬
‫التحول التنموي املطلوب والقائم على ر�ؤية م�شرتكة‬ ‫‪ 0.653‬بحلول نهاية العام ‪ ،2015‬بافرتا�ض عدم‬
‫ومتفق عليها‪.‬‬ ‫حدوث الأزمة‪ ،‬وتكون �سورية يف جمموعة الدول ذات‬
‫«التنمية الب�شرية املتو�سطة»‪� .‬إال �أن الأزمة ت�سببت يف‬
‫•ويتطلب النموذج التنموي اجلديد عقد ًا اجتماعي ًا‬ ‫تدهور دليل التنمية الب�شرية من ‪ 0.631‬يف عام‬
‫جديد ًا مبني ًا على العدالة واحرتام وكرامة الإن�سان‬ ‫‪� 2010‬إىل ‪ 0.443‬مع نهاية ‪ ،2015‬ما و�ضعها بني‬
‫و�شخ�صيته القانونية‪ ،‬وبناء منظومة تفكك مقومات‬ ‫جمموعة الدول ذات «التنمية الب�شرية املنخف�ضة»‬
‫العنف‪ ،‬وتعزز الت�ضامن االجتماعي‪� .‬إ�ضافة �إىل‬ ‫و�أدى �إىل تراجع ترتيب �سورية العاملي على الدليل‬
‫احلاجة مل�ؤ�س�سات م�ساءلة‪ ،‬و�شفافة‪ ،‬وم�ستقلة‪،‬‬ ‫من املركز ‪� 121‬إىل املركز ‪ 173‬من بني ‪ 187‬بلد ًا‪.‬‬
‫وت�ضمينية تعمل على حتقيق الأولويات التنموية‬
‫لل�سوريني بناء على ر�ؤيتهم‪.‬‬ ‫•يواجه التعليم �صعوبات هائلة مع و�صول ن�سبة‬
‫الأطفال غري امللتحقني بالتعليم الأ�سا�سي من‬
‫�إجمايل عدد الأطفال يف هذه الفئة العمرية �إىل‬
‫‪ %45.2‬خالل العام الدرا�سي ‪ .2015-2016‬الأمر‬
‫الذي �سيرتك �أثر ًا �سلبي ًا على م�ستقبل البالد‪ .‬وقد‬
‫�ساهمت عدة عنا�صر ذات �صلة مبا�شرة بالنزاع �إىل‬

‫‪%45.2‬‬
‫نسبة األطفال غير الملتحقين‬
‫فقدان فر�ص التعليم والتمدر�س للأطفال‪ ،‬على نحو‬
‫متفاوت بني املناطق املختلفة من البالد‪ .‬وت�شمل هذه‬
‫العنا�صر خوف الأهل على �أبنائهم‪ ،‬والظروف‬
‫بالتعليم األساسي خالل‬ ‫الأمنية ال�صعبة‪ ،‬وعمالة الأطفال‪ ،‬وتدمري البنية‬
‫العام الدراسي ‪2015-2016‬‬ ‫التحتية التعليمية وتعطيلها‪ .‬ومتثل خ�سارة فر�ص‬

‫‪08‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫املق ّدمة‬
‫شهدت األزمة السورية‪ ،‬يف عام ‪ ،2015‬مزيدا ً من التعقيد مع زيادة التدخالت‬
‫الخارجية والتوسع الكبري يف العمليات العسكرية األجنبية املبارشة‪ ،‬التي أُعلن‬
‫أنها ضد داعش (تنظيم الدولة اإلسالمية يف العراق والشام) والجامعات اإلرهابية‬
‫األخرى‪ .‬وترافق ذلك مع توسع املؤسسات املرتبطة بالعنف والتي تُستخدم‬
‫كأدوات لتعزيز نفوذ قوى التسلط الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫املتعلقة بناجت القطاعات االقت�صادية قبل الأزمة‬ ‫تم تدويل تداعيات األزمة ال�سورية مع تزايد القلق من‬
‫بالأ�سعار احلقيقية‪ ،‬وخا�صة قطاع ال�صناعة‬ ‫تدفق الالجئني‪ ،‬بو�صفه خطر ًا على ا�ستقرار الدول‬
‫التحويلية وقطاع التمويل والعقارات‪ .‬ت�ؤكد نتائج هذه‬ ‫امل�ستقبلة‪ ،‬ال بو�صفه كارثة �إن�سانية‪ ،‬وارتفاع وترية‬
‫التعديالت �أن ما اعتُرب �إ�صالح ًا يف العقد املا�ضي‬ ‫التهديدات الإرهابية يف جميع �أنحاء العامل‪ ،‬وزيادة‬
‫كان �شكلي ًا‪ ،‬و�أن االقت�صاد ال�سوري كان قائم ًا على‬ ‫العبء االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي على‬
‫الريع بد ًال من الإنتاجية‪.‬‬ ‫البلدان املعنية ب�صورة مبا�شرة �أو غري مبا�شرة بهذه‬
‫الأزمة‪ .‬الأمر الذي دفع املجتمع الدويل �إىل تكثيف‬
‫وكما هو احلال يف التقارير ال�سابقة من هذه ال�سل�سلة‪،‬‬ ‫جهوده لإيجاد حل للنزاع من خالل التفاو�ض‪ ،‬ولكن‬
‫ال يتبنى مفهوم‬ ‫يطبق هذا التقرير �إطار ًا حتليلي ًا �شام ً‬ ‫بثقل خارجي غالب ًا ما يهمل �أولويات ال�سوريني‪ ،‬ويركز‬
‫التنمية ال�شاملة‪ ،‬التي حمورها الإن�سان‪ .‬وي�ستخدم‬ ‫على حتقيق التوازن يف مكا�سب قوى الت�سلط امل�شاركة‬
‫هذا الإطار الطرق الكم ّية والكيفية احلديثة بغية تقييم‬ ‫يف النزاع‪.‬‬
‫�آثار الأزمة‪ .‬يط ّبق التقرير منهجية تقوم على مقارنة‬
‫«�سيناريو الأزمة»‪� ،‬أو امل�ؤ�شرات الفعلية التي ظهرت‬ ‫قام املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات ب�إعداد هذا‬
‫خالل الأزمة‪ ،‬بـــ «ال�سيناريو اال�ستمراري»‪� ،‬أو امل�ؤ�شرات‬ ‫التقرير بدعم من برنامج الأمم املتحدة الإمنائي‪.‬‬
‫‪  .2‬تشمل المصادر األساسية للبيانات‬
‫التي كانت �ستتحقق لو مل حتدث الأزمة‪ .‬وي�شتمل‬ ‫ويهدف التقرير �إىل تقدير وتوثيق وحتليل الآثار‬ ‫في هذا التقرير المؤسسات‬
‫التقرير على عدد من م�ؤ�شرات الأداء االقت�صادي‬ ‫االجتماعية واالقت�صادية الكارثية للنزاع امل�سلح‬ ‫الرسمية‪ ،‬ووكاالت األمم المتحدة‪،‬‬
‫الكلي واالجتماعي‪ ،‬التي مت جمعها وتقديرها ا�ستناد ًا‬ ‫الدائر يف �سورية‪ .‬وي�ستخدم التقرير نتائج م�سح حالة‬ ‫ومخرجات تقرير الحالة التنموية في‬
‫�إىل امل�صادر املتاحة وبالت�شاور مع عدد من اخلرباء؛‬ ‫ال�سكان الذي نُفذ عام ‪ ،2014‬من �أجل ح�ساب �أكرث‬ ‫سورية الذي سينشر الحقاً‪ .‬وفض ًال‬
‫عن ذلك‪ ،‬فقد أجريت مقابالت مع‬
‫كما ي�ستخدم التقرير العديد من النماذج‪ ،‬مثل‬ ‫دقة للم�ؤ�شرات الدميوغرافية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬ ‫مجموعة من الخبراء والمختصين‬
‫الربجمة املالية �ضمن �إطار تنموي �شامل‪.‬‬ ‫عدل التقرير بع�ض امل�ؤ�شرات‬ ‫واالقت�صادية ‪ .‬وقد ّ‬
‫‪2‬‬
‫المستقلين‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫«يطبق هذا التقرير إطارا ً تحليلياً شامالً‬


‫يتبنى مفهوم التنمية الشاملة‪ ،‬التي‬
‫محورها اإلنسان‪ .‬ويستخدم هذا اإلطار‬
‫الطرق الكم ّية والكيفية الحديثة‬
‫بغية تقييم آثار األزمة»‬

‫خالل درا�سة احلركة ال�سريعة وامل�ستمرة لل�سكان‬ ‫كما يت�ضمن التقرير حتليل التطورات االقت�صادية‬
‫والتي تعيد ر�سم اخلارطة الدميغرافية لل�سكان يف‬ ‫واالجتماعية يف كل من املناطق اخلا�ضعة ل�سيطرة‬
‫�سورية‪ .‬ويدر�س هذا الق�سم حالة الفقر يف العام‬ ‫احلكومة واملناطق اخلارجة عن �سيطرتها‪ .‬وميكن‬
‫‪� ،2015‬إ�ضافة �إىل ر�صده لتدهور م�ؤ�شر التنمية‬ ‫ا�ستخدام نتائج التحليل الواردة يف هذا التقرير ك�أداة‬
‫الب�شرية‪ ،‬كما يركّز على �أثر الأزمة يف ر�أ�س املال‬ ‫دعم وم�ساعدة يف بناء البدائل التي تك�سر دائرة‬
‫الب�شري من خالل زيادة احلرمان من التعليم املنا�سب‬ ‫العنف والت�شظي باجتاه عملية تنموية قائمة على‬
‫والتدهور امل�ستمر يف النظام ال�صحي واخلدمات‬ ‫احرتام كرامة الإن�سان وحقوقه‪.‬‬
‫ال�صحية‪ .‬ويربز الق�سم الثالث ق�ضية الت�شظي والذي‬
‫يعرفه التقرير كعملية �شرذمة ومتزيق للبنى ال�سيا�سية‬ ‫يركّز الق�سم الأول من التقرير على �أثر النزاع امل�سلح‬
‫واالقت�صادية واالجتماعية والثقافية �ضمن املجتمع‬ ‫يف املقومات الأ�سا�سية لالقت�صاد با�ستخدام البيانات‬
‫وبني املجتمعات من دول املختلفة‪ .‬وميثل الت�شظي‬ ‫االقت�صادية املُقدرة للن�صف الأول من عام ‪2015‬‬
‫نتيجة للعنف امل�سلح وما رافقه من حتوالت اقت�صادية‬ ‫والتي كانت متوقعة للن�صف الثاين من العام ذاته‪.‬‬
‫واجتماعية خطرية‪ .‬متثل حالة متزق االقت�صاد‬ ‫ويركز هذا التقرير على الرتكيب الهيكلي للناجت‬
‫وتدمري الن�سيج االجتماعي‪ ،‬وتفاقم حالة اال�ستقطاب‬ ‫املحلي امل�ستمر يف التدهور‪� ،‬إ�ضافة �إىل حجم اخل�سائر‬
‫خ�صائ�ص �أ�سا�سية للت�شظي احلاد يف البالد‪ .‬فقد‬ ‫االقت�صادية وارتفاع عجز املوازنة العامة‪ ،‬و�أداء �سعر‬
‫ا�ستغلّت قوى الت�سلط حالة العنف واالغرتاب لفر�ض‬ ‫ال�صرف‪ ،‬وارتفاع الأ�سعار‪ ،‬وت�ش ّوه �سوق العمل‪ ،‬وحجم‬
‫ثقافة اخلوف‪ ،‬واال�ستقطاب‪ ،‬واالنق�سام؛ وخلقت كل‬ ‫البطالة‪ .‬كما ي�سلّط التقرير ال�ضوء على احلاجة �إىل‬
‫من هذه القوى كيانها اخلا�ص امل�ستقل الذي ي�ستغل‬ ‫و�ضع �إطار جديد للبدائل التنموية با�ستخدام مقاربة‬
‫موارد املجتمعات املحلية ويهدر وعيها‪ ،‬مما ي�سهل‬ ‫قائمة على املعرفة النقدية لتجاوز حالة االقت�صاد‬
‫توجيهها ملحاربة «الآخر» وت�أكيد هيمنتها وت�سويغها‪.‬‬ ‫املت�شظي‪ ،‬الذي تهيمن عليه القوى امل�سلحة املعنية‬
‫وبالتايل‪ ،‬ف�إن مواجهة الت�شظي وجذوره و�آثاره‪ ،‬هو‬ ‫بت�أجيج النزاع امل�سلح يف �سورية‪.‬‬
‫�ضرورة لوقف النزيف احلا�صل ولتحقيق عملية‬
‫التنمية ال�شاملة التي حمورها الإن�سان‪.‬‬ ‫ويركّز الق�سم الثاين على الأثر االجتماعي للأزمة من‬

‫‪10‬‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار‬
‫االقتصادية‬
‫لألزمة‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫يحلّل التقرير الوضع االقتصادي الحايل يف سورية‪ ،‬ويش ّخص دينامياته خالل‬
‫األزمة‪ ،‬مستخدماً أحدث الرباهني ومسلطاً الضوء عىل حالة االقتصاد املتشظي‬
‫واملقسم‪ ،‬والذي تهيمن عليه قوى التسلّط املتقاتلة‪ ،‬إذ تقوم كل واحدة من‬
‫ّ‬
‫هذه القوى بإعادة بناء الكيانات واملقومات االقتصادية املستقلة الخاصة‬
‫بها والتي يتم فيها تحويل املوارد لخدمة أهدافها وقمع احتياجات الناس‬
‫وتطلعاتهم‪.‬‬

‫للربجمة املالية‪ .‬ولتقدير اخل�سائر االقت�صادية‪ ،‬اعتمد‬ ‫تبقى هناك دائم ًا روابط بني هذه االقت�صاديات املت�شظية‬
‫التقرير منهجية املقاربة بني «�سيناريو الأزمة»‪ ،‬وهو‬ ‫من خالل الو�سطاء و�شبكات اجلرمية املنظمة‬
‫تقدير الناجت املحلي الإجمايل الفعلي‪ ،‬وبني «ال�سيناريو‬ ‫املرتبطة بالعنف‪ ،‬والتي تعمل على تلبية م�صالح‬
‫اال�ستمراري» الذي ميثل تقدير ًا للناجت املحلي‬ ‫النخب من جميع الأطراف‪ .‬وي�أتي هذا التقرير‬
‫الإجمايل خالل الفرتة ذاتها لو مل حتدث الأزمة‪.‬‬ ‫ا�ستمرار ًا للجهود ال�سابقة التي انطلقت يف عام ‪2012‬‬
‫بهدف توثيق التبعات االقت�صادية للنزاع وفهمها‪،‬‬
‫التدمير المتواصل لالقتصاد‬ ‫الهدامة يف جميع جوانب التنمية الب�شرية‬
‫وحتليل �آثاره ّ‬
‫واالقت�صادية يف �سورية‪.‬‬
‫تابع االقت�صاد ال�سوري انكما�شه خالل الربعني الأولني‬
‫من عام ‪ .2015‬و�أ�شارت الإ�سقاطات �إىل مزيد من‬ ‫قُدرت اخل�سائر االقت�صادية يف هذا الق�سم خالل‬
‫الرتاجع يف الن�صف الثاين من العام ذاته‪ .‬وجتدر‬ ‫الن�صف الأول من ‪ ،2015‬واعتُمدت الإ�سقاطات‬
‫الإ�شارة �إىل �أنه يف عام ‪� 2014‬سجل االنكما�ش ‪%15.2‬‬ ‫لتقدير اخل�سائر خالل الن�صف الثاين من العام ذاته‪،‬‬
‫مقارنة بعام ‪ 2013‬الذي �شهد �أي�ض ًا ن�سبة قيا�سية‬ ‫�إ�ضافة �إىل حتديث التقديرات عن �سنوات الأزمة‬
‫لالنكما�ش االقت�صادي ال�سنوي خالل الأزمة و�صلت‬ ‫ال�سابقة‪ .‬وي�شخّ �ص هذا الق�سم كذلك النمو‪/‬الرتاجع‬
‫�إىل ‪ %36.5‬مقارنة بعام ‪ .2012‬لقد ا�ستمر االنكما�ش‬ ‫االقت�صادي يف خمتلف القطاعات‪ ،‬والرتكيب الهيكلي‬
‫يف الناجت املحلي الإجمايل يف عام ‪ ،2015‬ولكن بدرجة‬ ‫لالقت�صاد‪ ،‬وم�صادر النمو االقت�صادي‪ ،‬وال�سيا�سة‬
‫�أقل من تلك لل�سنوات ال�سابقة من الأزمة‪� ،‬إذ كان‬ ‫املالية وبنية املوازنة العامة‪ ،‬وتقلبات الأ�سعار و�سعر‬
‫ُيتوقع �أن ينخف�ض الناجت املحلي الإجمايل يف العام‬ ‫ال�صرف‪ ،‬والتجارة‪ ،‬وحالة �سوق العمل‪ ،‬و�آثار‬
‫‪ 2015‬بنحو ‪ %4.7‬مقارنة بعام ‪� .2014‬أ�شارت‬ ‫ال�سيا�سات العامة يف االقت�صاد‪ .‬ويتّبع التقرير‬
‫التقديرات ربع ال�سنوية �إىل �أن االنكما�ش بلغ ‪ %7.9‬يف‬ ‫حدث‬‫املنهجيات املطبقة يف التقارير ال�سابقة و ُي ّ‬
‫الربع الأول‪ ،‬و‪ %1.8‬يف الربع الثاين مقارنة بالأرباع‬ ‫التقديرات الربعية بحيث تعك�س الديناميكية احلقيقية‬
‫‪ .3‬معدالت النمو السنوي مذكورة‬
‫ذاتها من العام ‪2014‬؛ كما �أ�شارت الإ�سقاطات �إىل‬ ‫للقطاعات يف جميع املناطق ال�سورية خالل الأعوام‬
‫لألعوام ‪ ،2011‬و‪ ،2012‬و‪2013‬‬ ‫انكما�ش بن�سبة ‪ %6.2‬يف الربع الثالث و ‪ %4.4‬يف‬ ‫‪� ،2014 ،2013 ،2012 ،2011‬إ�ضافة �إىل تقدير الو�ضع‬
‫و‪ 2014‬ومع ّدالت نمو ‪ 2015‬تم‬ ‫الربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة لها من العام‬ ‫االقت�صادي خالل الربعني الأولني من عام ‪ 2015‬مع‬
‫حسابها على أساس ربعي للربع‬ ‫‪ .2014‬وت�شري تقديرات «ال�سيناريو اال�ستمراري»‪� ،‬أي‬ ‫�إ�سقاطات للربعني الثالث والرابع من العام ذاته ‪ .‬وقد‬
‫‪3‬‬
‫األول والثاني‪ ،‬وإسقاطات للربع‬
‫الثالث والرابع مقارنة مع الربع ذاته‬ ‫يف حال مل تندلع الأزمة‪� ،‬أن �سورية كانت �ستحقق‬ ‫مت ذلك من خالل ا�ستخدام امل�ؤ�شرات الكمية البديلة‪،‬‬
‫من عام ‪.2014‬‬ ‫معدل منو �سنوي ًا يف الناجت املحلي الإجمايل ال�سنوي‬ ‫وحتليل املو�سمية‪ ،‬والإ�سقاطات االقت�صادية‪ ،‬ومنوذج‬

‫‪12‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الربع الأول و ‪363‬مليار لرية �سورية يف الربع الثاين‪.‬‬ ‫يبلغ ‪ %6.1‬يف عام ‪ ،2011‬و‪ %5.4‬يف عام ‪،2012‬‬
‫‪313‬‬ ‫وق ُِّدر �أن ت�صل خ�سارة الناجت املحلي الإجمايل �إىل‬ ‫و‪ %5.5‬يف عام ‪ ،2013‬و‪ %4.9‬يف عام ‪ .2014‬وكان‬
‫مليار لرية �سورية و‪ 320‬مليار لرية �سورية يف الربع‬ ‫ميكن �أن تُظهر زيادة قدرها ‪ %5.8‬يف الربع الأول من‬
‫الثالث والرابع من العام ‪ ،2015‬على التوايل‪.‬‬ ‫عام ‪ ،2015‬و‪ %5.6‬يف الربع الثاين‪ ،‬وما يقارب ‪%5.7‬‬
‫يف كل من الربع الثالث والرابع مقارنة بالأرباع ذاتها‬
‫تبلغ هذه اخل�سارة نحو ثالثة �أ�ضعاف الناجت املحلي‬ ‫من العام ‪.2014‬‬
‫الإجمايل ل�سورية يف العام ‪ ،2010‬و�سبعة �أ�ضعاف الناجت‬
‫املحلي الإجمايل املُ ّ‬
‫قدر للعام ‪ 2015‬على �أ�سا�س �سيناريو‬ ‫ويبني «ال�سيناريو اال�ستمراري» �أن الناجت املحلي‬
‫الأزمة ( ال�شكل رقم ‪ .)1‬ويعادل جمموع اخل�سائر يف‬ ‫الإجمايل ل�سورية يف العام ‪ 2015‬كان �سينمو مبعدل‬
‫الناجت املحلي الإجمايل حتى نهاية عام ‪ 2015‬بالأ�سعار‬ ‫‪ %30.8‬مقارنة بعام ‪ 2010‬يف حال مل حتدث الأزمة‪.‬‬
‫اجلارية ‪ 163.3‬مليار دوالر �أمريكي‪ ،‬وبلغت هذه اخل�سائر‬ ‫وبالتايل‪ ،‬ف�إن خ�سارة الناجت املحلي الإجمايل املرتاكمة‬
‫‪ 12.5‬مليار دوالر �أمريكي يف الربع الأول من العام ‪،2015‬‬ ‫يف االقت�صاد ال�سوري ب�سبب الأزمة‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫و‪ 13.8‬مليار دوالر �أمريكي يف الربع الثاين‪ ،‬وقدرت بنحو‬ ‫الفر�صة االقت�صادية ال�ضائعة‪ُ ،‬يقدر حتى نهاية عام‬
‫‪ 11.6‬مليار دوالر �أمريكي يف الربع الثالث و�إىل ‪ 11.7‬مليار‬ ‫‪ 2015‬بـ ‪ 4159‬مليار لرية �سورية بالأ�سعار الثابتة لعام‬
‫دوالر �أمريكي يف الربع الرابع من العام ‪.2015‬‬ ‫‪� ،2000‬إذ بلغت اخل�سارة ‪ 304‬مليار لرية �سورية يف‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬الناتج املحيل اإلجاميل «سيناريو األزمة» والخسارة الرتاكمية‬


‫للناتج باألسعار الثابتة لعام ‪ 2000‬مبليارات اللريات السورية (‪)2015-2010‬‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪4500‬‬

‫‪4000‬‬

‫‪3500‬‬

‫مليارات اللريات ال�سورية‬


‫‪3000‬‬

‫‪2500‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪1500‬‬

‫‪1000‬‬

‫‪500‬‬

‫‪0‬‬

‫الناجت املحلي الإجمايل (�سيناريو الأزمة)‬ ‫خ�سارة الناجت املحلي الرتاكمية‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪2015 ،‬‬

‫‪13‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫الشكل ‪ :2‬التوزيع النسبي لخسائر الناتج املحيل اإلجاميل خالل‬


‫األعوام ‪ ،2014 ،2013 ،2012 ،2011‬و‪ 2015‬حسب القطاعات‪.‬‬
‫امل�صدر‪:‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪2015 ،‬‬

‫النقل واالتصاالت‬

‫‪%14‬‬
‫املرافق‬

‫‪%3‬‬ ‫الزراعة‬

‫‪%11‬‬
‫املال والتأمني‬
‫والعقارات‬

‫‪%6‬‬ ‫االستخراجية‬

‫‪%15‬‬
‫التجارة‬

‫‪%23‬‬

‫‪14‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫اخل�سارة‪� ،‬أما قطاع النقل واالت�صاالت فقد خ�سر ‪585‬‬ ‫�إن القطاعات الرئي�سية التي ت�ساهم يف خ�سائر الناجت‬
‫مليار لرية �سورية �أي ما ن�سبته ‪ %14.1‬من اخل�سارة‪ ،‬وفقد‬ ‫املحلي الإجمايل املرتاكمة حتى نهاية عام ‪ 2015‬هي‪:‬‬
‫قطاع الزراعة ‪ 483‬لرية �سورية م�شك ًال ‪ %11.6‬من‬ ‫التجارة الداخلية‪ ،‬التي فقدت ‪ 967‬مليار لرية �سورية ومتثل‬
‫اخل�سارة‪ .‬وبلغت خ�سائر القطاع املايل والعقاري ‪ 236‬مليار‬ ‫‪ %23.2‬من �إجمايل اخل�سائر املرتاكمة للناجت املحلي‬
‫لرية �سورية �أو ما يعادل ‪ %5.7‬من اخل�سارة الإجمالية‬ ‫الإجمايل‪ ،‬وقطاع اخلدمات احلكومية الذي بلغت خ�سائره‬
‫للناجت املحلي الإجمايل ( ال�شكل ‪� .)2‬إن الهيكلية القطاعية‬ ‫‪ 660‬مليار لرية �سورية �أي ما ن�سبته ‪ %15.9‬من �إجمايل‬
‫خل�سائر الناجت املحلي الإجمايل خالل العام ‪ 2015‬مل تتغري‬ ‫خ�سائر الناجت‪ .‬كما فقد قطاع ال�صناعات اال�ستخراجية‬
‫كثري ًا عن النمط امل�سجل يف ال�سنوات ال�سابقة‪.‬‬ ‫‪ 630‬مليار لرية �سورية ت�شكل ‪ %15.2‬من �إجمايل‬

‫البناء والتشييد‬

‫‪%4‬‬
‫الخدمات‬ ‫التحويلية‬
‫االجتامعية‬

‫‪%4‬‬ ‫‪%4‬‬

‫الخدمات الحكومية‬

‫‪%16‬‬

‫‪15‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫ال�صناعة التحويلية ‪ 3.51‬مرة‪ ،‬وخ�سائر قطاع املال‬ ‫يو�ضح ال�شكل (‪ )3‬حجم اخل�سائر الفادحة يف الناجت‬
‫والت�أمني والعقارات ‪ 3.40‬مرة‪ ،‬وخ�سائر ال�صناعة‬ ‫املحلي الإجمايل ح�سب القطاعات مقارنة بالناجت املحلي‬
‫اال�ستخراجية ‪ 3.39‬مرة (ال�شكل ‪ .)3‬وكان قطاع املنظمات‬ ‫الإجمايل احلقيقي لكل قطاع يف العام ‪ .2010‬تظهر‬
‫غري احلكومية هو القطاع الوحيد الذي ازدادت ح�صته‬ ‫النتائج حتى نهاية عام ‪� ،2015‬أن اخل�سائر يف قطاع‬
‫�أثناء الأزمة �إال �أن م�ساهمته الإجمالية يف الناجت املحلي‬ ‫املرافق العامة بلغت ‪ 3.65‬مرة حجم الناجت املحلي‬
‫الإجمايل طفيفة جد ًا‪.‬‬ ‫الإجمايل للقطاع يف العام ‪ ،2010‬بينما بلغت خ�سائر‬
‫الشكل ‪ :3‬الخسارة املرتاكمة يف الناتج املحيل اإلجاميل حسب القطاع حتى‬
‫نهاية العام ‪ ،2015‬والناتج املحيل اإلجاميل الحقيقي للقطاع يف العام ‪2010‬‬
‫(باألسعار الثابتة لعام ‪ 2000‬مبليارات اللريات السورية)‪.‬‬
‫‪967‬‬

‫‪630‬‬ ‫‪660‬‬
‫‪585‬‬
‫‪483‬‬

‫‪154‬‬
‫‪240‬‬ ‫‪186‬‬ ‫‪297‬‬
‫‪136‬‬
‫‪236‬‬
‫‪160‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪207‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪52‬‬
‫‪44‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪59‬‬
‫‪37‬‬
‫الزراعة‬

‫االستخراجية‬

‫التحويلية‬

‫البناء والتشييد‬

‫التجارة‬
‫املرافق‬

‫النقل‬
‫واالتصاالت‬

‫والعقارات‬

‫الخدمات‬
‫الحكومية‬
‫املال والتأمني‬

‫الخدمات‬
‫االجتامعية‬

‫اخل�سائر املرتاكمة للناجت لنهاية ‪2015‬‬ ‫الناجت املحلي ‪2010‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪2015 ،‬‬

‫�إيجابية خالل الن�صف الأول من العام ‪ ،2015‬وا�ستمر‬ ‫ا�ستمر تدهور الناجت املحلي الإجمايل لعدد من القطاعات‬
‫النمو الإيجابي حتى نهاية العام ‪� .2015‬أما قطاع اخلدمات‬ ‫خالل الربع الأول والثاين من العام ‪ 2015‬مقارنة بالأرباع‬
‫االجتماعية فقد �أظهر تراجع ًا طفيف ًا يف الربع الأول من‬ ‫نف�سها من العام ‪ ،2014‬وظل مفتوح ًا على مزيد من‬
‫عام ‪� ،2015‬إال �أن التقديرات ت�شري �إىل حتقيقه زيادة‬ ‫التدهور يف الربعني الثالث والرابع‪ .‬وت�شمل هذه القطاعات‬
‫طفيفة خالل الربع الثاين و�إمكانية زيادة �أخرى يف الربعني‬ ‫املرافق العامة والنقل واالت�صاالت وال�صناعة اال�ستخراجية‬
‫الثالث والربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة لعام ‪2014‬‬ ‫واخلدمات احلكومية وال�صناعة التحويلية‪ .‬ولكن قطاعي‬
‫(اجلدول ‪.)1‬‬ ‫الزراعة واملنظمات غري احلكومية �شهدا معدالت منو‬

‫‪16‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الجدول ‪ :1‬الناتج املحيل اإلجاميل بحسب القطاع ‪ 2015-2010‬واآلثار‬


‫املقدرة لألزمة مبليارات اللرية السورية (باألسعار الثابتة لعام ‪)2000‬‬
‫التعدين‪/‬لصناعات‬

‫النقل و االتصاالت‬

‫التجارة الداخلية‬

‫البناء والتشييد‬
‫املال و التأمني‬

‫املرافق العامة‬
‫املنظامت غري‬
‫اإلجاميل لغري‬
‫الناتج املحيل‬

‫الناتج املحيل‬
‫االستخراجية‬

‫االستخراجية‬
‫االجتامعية‬

‫والعقارات‬

‫الصناعات‬
‫الحكومية‬

‫الحكومية‬

‫التحويلية‬
‫الخدمات‬

‫الخدمات‬
‫اإلجاميل‬

‫الصناعة‬

‫الزراعة‬
‫‪1385‬‬ ‫‪1385‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪207‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪297‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪186‬‬ ‫‪240‬‬ ‫الفعيل ‪2010‬‬

‫‪1284‬‬ ‫‪1470‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪224‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪201‬‬ ‫‪310‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪185‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪1365‬‬ ‫‪1549‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪243‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪212‬‬ ‫‪323‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪185‬‬ ‫‪276‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪1451‬‬ ‫‪1635‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪223‬‬ ‫‪337‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪184‬‬ ‫‪290‬‬ ‫‪2013‬‬

‫السيناريو االستمراري (اإلسقاط)‬


‫‪1531‬‬ ‫‪1714‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪234‬‬ ‫‪352‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪293‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪2015‬‬
‫‪363‬‬ ‫‪408‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪32‬‬
‫الربع ‪1‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪488‬‬ ‫‪534‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪158‬‬
‫الربع ‪2‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪379‬‬ ‫‪425‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪49‬‬
‫الربع ‪3‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪399‬‬ ‫‪445‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪69‬‬
‫الربع ‪4‬‬

‫‪1172‬‬ ‫‪1339‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪215‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪158‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪167‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪912‬‬ ‫‪998‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪126‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪231‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪616‬‬ ‫‪634‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪2013‬‬

‫سيناريو ااألزمة (التوقعات)‬


‫‪528‬‬ ‫‪538‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪2015‬‬
‫‪102‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪15‬‬
‫الربع ‪1‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪169‬‬ ‫‪171‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪75‬‬
‫الربع ‪2‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪110‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪23‬‬
‫الربع ‪3‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪123‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪33‬‬
‫الربع ‪4‬‬

‫‪112‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪452‬‬ ‫‪551‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪835‬‬ ‫‪1001‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪230‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪1003‬‬ ‫‪1177‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪189‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪266‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪174‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪2014‬‬
‫أثر األزمة‬

‫‪2015‬‬
‫‪261‬‬ ‫‪304‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪17‬‬
‫الربع ‪1‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪320‬‬ ‫‪363‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪83‬‬
‫الربع ‪2‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪270‬‬ ‫‪313‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪26‬‬
‫الربع ‪3‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪276‬‬ ‫‪320‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪36‬‬
‫الربع ‪4‬‬

‫‪3529‬‬ ‫‪4159‬‬ ‫‪-21‬‬ ‫‪167‬‬ ‫‪660‬‬ ‫‪236‬‬ ‫‪585‬‬ ‫‪967‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪630‬‬ ‫‪483‬‬ ‫املجموع‬
‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪.2015 ،‬‬
‫* الإ�س��قاطات‬

‫‪17‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫املح�صول ال يزال يعاين من �صعوبات عديدة منها‬ ‫يعترب قطاع الزراعة �أحد املقومات الأ�سا�سية‬
‫انعدام الأمن لطرق النقل والتنقل بني �أ�سواق‬ ‫لالقت�صاد يف �سورية‪ ،‬وقد زادت �أهميته خالل‬
‫الإنتاج واال�ستهالك التي تهيمن عليها الأطراف‬ ‫الأزمة نظر ًا لدوره يف توفري الأمن الغذائي‬
‫املتقاتلة املختلفة‪ ،‬مما انعك�س �سلب ًا على املزارعني‬ ‫واحلفاظ على احلد الأدنى من ال�شروط املعي�شية‬
‫الذين ا�ضطروا �إىل اخل�ضوع ل�شروط الو�سطاء‬ ‫لآالف الأ�سر ال�سورية‪ ،‬التي ت�شارك ب�شكل مبا�شر‬
‫والقوى املتحاربة من حيث الت�سعري و�أ�سواق البيع‪.‬‬ ‫�أو غري مبا�شر يف الأن�شطة الزراعية‪� .‬إال �أن هذا‬
‫كما �شهد الربع الثاين زيادة ملحوظة يف �إنتاج‬ ‫ال مع ا�ستمرار النزاع‬ ‫القطاع �شهد تدهور ًا هائ ً‬
‫حقق الناتج المحلي اإلجمالي‬ ‫البطاطا بلغت ‪ %180‬مقارنة بعام ‪،2014‬‬ ‫امل�سلح الذي �أثّر �سلب ًا يف الإنتاج الزراعي من‬
‫للقطاع الزراعي نمو ًا سنوي ًا‬ ‫وتراجع ًا يف �إنتاج ال�شوندر ال�سكري‪ ،‬الذي عانى‬ ‫خالل تدمري نظم الري ونهب �أدواته‪ ،‬و�صعوبة‬
‫إيجابي ًا بنسبة‬
‫ال من تدهور كبري يف م�ستوى الإنتاج يف العام‬ ‫�أ�ص ً‬ ‫الو�صول �إىل الأرا�ضي يف العديد من املناطق‪،‬‬

‫‪%7.5‬‬
‫مقارنة بناتج القطاع في‬
‫‪ .2014‬وقدر �أن ي�شهد الربعان الثالث والرابع‬
‫ارتفاع ًا يف �إنتاج املحا�صيل الزراعية الرئي�سية‪،‬‬
‫من ذلك‪ ،‬على �سبيل املثال‪ ،‬ارتفاع �إنتاج الزيتون‬
‫وعدم تو ّفر م�ستلزمات الإنتاج‪ ،‬وال �سيما الأ�سمدة‬
‫والبذور والوقود‪ ،‬والنقل الآمن للمنتجات الزراعية‬
‫�إىل الأ�سواق‪ ،‬وعدم توفر القوى العاملة‪ .‬ونتيجة‬
‫عام ‪2014‬‬ ‫بن�سبة ‪ %35‬مقارنة بالعام ال�سابق‪� .‬إال �أن قطاع‬ ‫‪4‬‬
‫لذلك‪ ،‬انكم�ش الناجت املحلي الإجمايل الزراعي‬
‫الرثوة احليوانية ا�ستمر يف الرتاجع خالل عام‬ ‫بن�سبة ‪ %19.4‬يف عام ‪ 2014‬مقارنة بعام ‪،2013‬‬
‫‪ ،2015‬عك�س الإنتاج النباتي‪ ،‬ولكن بوترية �أبط�أ‬ ‫و ُيعزى ‪ %69.5‬من هذا االنكما�ش �إىل الرتاجع يف‬
‫مقارنة بعام ‪� ،2014‬إذ قدر االنخفا�ض يف القيمة‬ ‫الإنتاج النباتي‪� ،‬أما الن�سبة الباقية املقدرة بـ‬
‫امل�ضافة للأغنام بن�سبة ‪ %5‬والأبقار‪%12.4‬‬ ‫‪ %30.5‬فتعود �إىل تراجع الإنتاج احليواين‪.‬‬
‫مقارنة بالعام ال�سابق‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن‬
‫�أغلب الإنتاج احليواين يتم على م�ستوى الأ�سرة‬ ‫�شهدت �سورية يف عام ‪ 2015‬ظروف ًا مناخية جيدة‬
‫حيث نهبت �أو خربت معظم م�شاريع املا�شية‬ ‫لعبت دور ًا هام ًا يف زيادة �إنتاجية الأرا�ضي‬
‫املتو�سطة والكبرية‪.‬‬ ‫الزراعية‪ ،‬وبلغت ح�صة قطاع الزراعة من الناجت‬
‫املحلي الإجمايل ‪ %14.7‬يف الربع الأول من عام‬
‫مل يرتافق النمو الإيجابي للإنتاج النباتي يف عام‬ ‫‪ ،2015‬ثم ‪ %44‬يف الربع الثاين الذي يعترب فرتة‬
‫‪ 2015‬مع القدرة على جتاوز العقبات املفرو�ضة‬ ‫الذروة ال�سنوية للإنتاج الزراعي‪ ،‬وقُدرت بن�سبة‬
‫�أمام املزارعني من حيث نقل منتوجاتهم‬ ‫‪ %21‬و‪ %26.2‬يف الربعني الثالث والرابع على‬
‫وت�سويقها‪ .‬وت�شمل هذه العقبات انعدام الأمن‬ ‫التوايل؛ وبالتايل‪ ،‬ف�إن ح�صة القطاع الزراعي من‬
‫وغياب الأمان مع ا�ستمرار النزاع امل�سلح وهيمنة‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل بلغت ‪ %28.7‬يف عام‬
‫القوى املختلفة‪ .‬وما زال ا�ستمرار العمليات‬ ‫‪ 2015‬مقارنة بـــ ‪ %25.4‬يف العام ال�سابق‪ .‬وعلى‬
‫الع�سكرية وعمليات النهب وال�سلب من العقبات‬ ‫الرغم من ا�ستمرار النزاع امل�سلح‪� ،‬أ�شارت‬
‫الرئي�سية التي ت�ؤثر �سلب ًا يف موجودات القطاع‬ ‫التقديرات والإ�سقاطات �إىل �أن الناجت املحلي‬
‫الزراعي‪ ،‬مبا يف ذلك املوا�شي التي �شهدت منواً‬ ‫الإجمايل للقطاع الزراعي عام ‪ 2015‬حقق منو ًا‬
‫�سالب ًا يف عام ‪ُ .2015‬ي�ضاف �إىل ذلك العقبات‬ ‫�سنوي ًا �إيجابي ًا للمرة الأوىل منذ عام ‪ ،2011‬بن�سبة‬
‫املتعلقة بال�صعوبات املالية وزيادة تكلفة‬ ‫‪ %7.5‬مقارنة بناجت القطاع يف عام ‪ .2014‬ويعزى‬
‫م�ستلزمات الإنتاج وعدم وجود �سيا�سات منا�سبة‪،‬‬ ‫حت�سن الإنتاج النباتي‪،‬‬‫هذا النمو ب�شكل كامل �إىل ّ‬
‫الأمر الذي منع العديد من املزارعني من �إعادة‬ ‫�إذ تراجعت املنتجات احليوانية خالل عام ‪.2015‬‬
‫تفعيل عملية الإنتاج الزراعي‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن‬
‫التح�سن يف القطاع الزراعي عام ‪ ،2015‬مقارنة‬ ‫ّ‬ ‫نتيجة للظروف املناخية اجليدة ارتفع �إنتاج‬
‫بالعام ال�سابق‪ ،‬يعود ب�شكل رئي�سي �إىل الظروف‬ ‫املحا�صيل الرئي�سية؛ فقد �شهد الربع الأول من‬
‫املناخية اجليدة ال �إىل تطور عملية الإنتاج والبيئة‬ ‫عام ‪ 2015‬ارتفاع ًا يف �إنتاج احلم�ضيات‪ ،‬وهو‬
‫امل�ؤ�س�ساتية‪.‬‬ ‫املح�صول الرئي�سي خالل هذا الربع‪ ،‬بلغ حواىل‬
‫‪ %3‬مقارنة بعام ‪ .2014‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن‬
‫تختلف �آليات عمل القطاع الزراعي بني املناطق‬ ‫هذا املح�صول ا�ستفاد من �أن الغالبية العظمى من‬
‫املختلفة من البالد وذلك وفق ًا للظروف الأمنية‬ ‫زراعته تقع يف �أماكن م�ستقرة ن�سبي ًا يف‬
‫‪ .4‬تم تحديث الناتج المحلي اإلجمالي‬ ‫والقواعد التي ت�ضعها القوى امل�سيطرة على هذه‬ ‫حمافظتي الالذقية وطرطو�س‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫للقطاع الزراعي وخاصة في شقه‬ ‫املناطق‪ .‬وقد �أعاق هذا الت�شظي املزارعني من‬ ‫ال�شروط املناخية الأف�ضل‪ .‬و�شهد الربع الثاين من‬
‫الحيواني باالستفادة من مسح‬ ‫الو�صول �إىل الأ�سواق بحرية و�أجربهم على قبول‬ ‫العام زيادة يف �إنتاج القمح بن�سبة ‪ %19‬مقارنة‬
‫حالة السكان المنفذ عام ‪2014‬‬
‫والمستخدم في تقرير سينشر الحق ًا‬ ‫ال�شروط املجحفة للجماعات املهيمنة‪ ،‬مما �أدى‬ ‫بعام ‪ ،2014‬ويعزى ذلك ب�شكل رئي�سي للهطوالت‬
‫حول حالة اإلنسان في سورية‪.‬‬ ‫�إىل �إفقار متزايد للعاملني يف الزراعة‪ ،‬كما �أدت‬ ‫املطرية اجليدة خالل هذا الربع‪ .‬لكن هذا‬

‫‪18‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫�إىل �إغالق عدد هائل من امل�ؤ�س�سات و�إفال�س‬ ‫املق�سمة وامل�ش ّوهة �إىل انعدام‬
‫ّ‬ ‫ال�سوق الزراعية‬
‫بع�ضها وهذا ما �أجرب رجال الأعمال والعمال‬ ‫الأمن الغذائي يف العديد من مناطق البالد‪،‬‬
‫امل�ؤهلني على الهجرة ونقل �أعمالهم واالنتقال مع‬ ‫وخا�صة مناطق النزاع واملناطق املحا�صرة‪ .‬وقد‬
‫خرباتهم �إىل بلدان �أخرى؛ ومن املتوقع �أن ي�ؤثر‬ ‫�س ّهل ذلك ح�صول االنتهازيني املحليني والأجانب‪،‬‬
‫هذا الأمر �سلب ًا على ر�أ�س املال الب�شري يف �سورية‪،‬‬ ‫واملدعومني من �أطراف القتال املختلفة‪ ،‬على‬
‫وعلى �أي خطة للتنمية امل�ستقبلية‪ .‬و�شهد هذا‬ ‫ثروات �ضخمة من خالل ال�سيطرة على عملية‬
‫القطاع‪ ،‬منذ بداية الأزمة‪ ،‬انكما�ش ًا م�ستمر ًا‬ ‫ا�سترياد املواد الغذائية �أو تهريبها‪ ،‬وهذا �أحد‬
‫وتراجع ًا �سنوي ًا يف ناجته املحلي الإجمايل بن�سبة‬ ‫اجلوانب املظلمة القت�صاديات العنف‪ .‬من جهة‬
‫‪ %12.6‬يف عام ‪ ،2011‬و‪ %46.4‬يف عام ‪،2012‬‬ ‫�أخرى �سعت بع�ض املنظمات الدولية �إىل تقدمي‬
‫و‪ %17.8‬يف عام ‪ ،2013‬و‪ %0.5‬يف عام ‪.2014‬‬ ‫م�ساعدات غذائية للمحتاجني‪ ،‬لكن هذه املحاوالت‬
‫وجتدر الإ�شارة �أن املركز ال�سوري لبحوث‬ ‫عانت من النفوذ ال�سلبي لقوى الت�سلط يف توزيع‬
‫ال�سيا�سات قام بتعديل الناجت املحلي الإجمايل‬ ‫امل�ساعدات‪� ،‬إ�ضافة �إىل غياب نظام ر�صد وتقييم‬
‫لقطاع ال�صناعة التحويلية بالأ�سعار الثابتة لعام‬ ‫كفء يف هذه املنظمات‪.‬‬
‫‪ 2000‬للفرتة بني ‪ 2001‬و ‪ ،2010‬مما �أدى �إىل‬
‫تغيري جوهري يف ناجت ال�صناعة التحويلية لعام‬ ‫تدهور قطاع الصناعة التحويلية خالل الأزمة التي‬
‫‪ ،2010‬والذي ي�ستخدم ك�أ�سا�س لتقدير خ�سائر‬ ‫ت�سببت يف دمار وا�سع النطاق للمن�ش�آت واملعدات‬
‫القطاع يف الأزمة (الإطار ‪.)1‬‬ ‫ال�صناعية والبنية التحتية نتيجة املواجهات‬
‫امل�سلحة وعمليات ال�سلب والنهب‪ ،‬الأمر الذي �أدى‬

‫اإلطار ‪ :1‬تعديل الناتج املحيل اإلجاميل لقطاع الصناعة التحويلية‬


‫باألسعار الثابتة لعام ‪( 2000‬بني ‪ 2001‬و‪)2010‬‬
‫كان يتم احتساب الناتج املحيل اإلجاميل للقطاع الخاص الصناعي باألسعار الثابتة‬
‫لعام ‪ 2000‬بني عامي ‪ 2001‬و ‪ 2010‬يف املكتب املركزي لإلحصاء باستخدام ُمك ّمش‬
‫القطاع العام الصناعي‪ ،‬علامً أن أسعار السلع يف القطاع العام كانت شبه ثابتة‬
‫تقريباً خالل هذه الفرتة‪ .‬وبالتايل‪ ،‬أدّت هذه الطريقة يف الحساب إىل املبالغة يف‬
‫تقدير الناتج املحيل اإلجاميل الحقيقي لقطاع الصناعة التحويلية الخاص‪ .‬وقد أعاد‬
‫املركز السوري لبحوث السياسات حساب الناتج املحيل اإلجاميل للقطاع الخاص‬
‫الصناعي باستخدام معامل ُمك ّمش معدل‪ ،‬وهو متوسط امل ُك ّمش لكل القطاع‬
‫الخاص االقتصادي باستثناء قطاعي الصناعة التحويلية واملال والتأمني والعقارات‪.‬‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬بلغ الناتج املحيل اإلجاميل الحقيقي لقطاع الصناعة التحويلية يف‬
‫عام ‪ 2010‬حواىل ‪ 44‬مليار لرية سورية بدالً من الرقم السابق البالغ ‪ 118‬مليار لرية سورية‪.‬‬
‫وقد أدى ذلك إىل تخفيض وسطي معدل النمو السنوي لقطاع الصناعة التحويلية‬
‫بني عامي ‪ 2001‬و‪ 2010‬من ‪ %15‬إىل ‪ ،%4‬وتبعاً لذلك تبدّلت قصة النمو االقتصادي‬
‫يف الفرتة السابقة لألزمة مع تراجع وسطي معدل منو الناتج املحيل اإلجاميل‬
‫السنوي بني عامي ‪ 2001‬و‪ 2010‬من ‪ %5.1‬إىل ‪ ،%4.5‬كام أصبح قطاع الصناعة‬
‫التحويلية مساهامً بشكل طفيف يف النمو االقتصادي خالل هذه الفرتة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫للقطاع اخلا�ص با�سترياد املازوت مبا�شرة‪ ،‬لكن‬ ‫وخالل عام ‪ ،2015‬طر�أ انخفا�ض على خمرجات‬
‫عدم وجود م�ؤ�س�سات تت�سم بال�شفافية والكفاءة‬ ‫قطاع ال�صناعة التحويلية بعد ت�سجيل حت�سن طفيف‬
‫فر�ض �سعر ًا احتكاري ًا له تتحكم به ر�أ�سمالية‬ ‫يف الن�صف الثاين من عام ‪� .2014‬إذ انكم�ش الناجت‬
‫املحا�سيب‪.‬‬ ‫املحلي الإجمايل لهذا القطاع بن�سبة ‪ %5.1‬يف الربع‬
‫الأول وبنحو‪ %10.1‬يف الربع الثاين مقارنة مع‬
‫غالبية رجال الأعمال غري را�ضني عن العديد من‬ ‫الأرباع املقابلة لها من عام ‪ .2014‬وتُظهر‬
‫املرا�سيم التي �أ�صدرتها احلكومة لتن�شيط القطاع‬ ‫مع نهاية عام ‪ 2015‬يقدر‬ ‫الإ�سقاطات مزيد ًا من االنكما�ش بن�سبة ‪ %7.6‬يف‬
‫ال�صناعي‪ .‬مثل �إعالن احلكومة عن ا�ستعدادها‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي لقطاع‬ ‫الن�صف الثاين من العام مقارنة بالن�صف املقابل‬
‫لتعوي�ض ال�صناعيني عن �أ�ضرار البناء فقط دون‬ ‫الصناعة التحويلية بما نسبته‬ ‫من عام ‪2014‬؛ وت�شري التوقعات �أن ي�شهد قطاع‬
‫التعوي�ض عن �أ�ضرار املعدات ال�صناعية والآالت؛ وال‬
‫يتجاوز هذا التعوي�ض ن�سبة ‪ %10‬من قيمة املباين يف‬
‫امل�صانع الكبرية‪ .‬كما �أن مر�سوم �إعادة جدولة‬
‫القرو�ض يطالب ال�صناعيني بدفع ن�سبة مئوية من‬
‫‪%35.4‬‬
‫مما كان عليه في عام ‪2010‬‬
‫ال�صناعة التحويلية انكما�ش ًا �سنوي ًا بن�سبة ‪ %7.6‬يف‬
‫عام ‪ .2015‬كما تراجعت ح�صة هذا القطاع يف‬
‫الناجت املحلي الإجمايل ب�شكل طفيف من ‪ %3.1‬يف‬
‫عام ‪� 2014‬إىل نحو ‪ %3.0‬يف عام ‪ ،2015‬يف حني‬
‫مبلغ القر�ض الكامل‪ ،‬الأمر الذي ال ين�سجم مع‬ ‫كانت هذه الن�سبة ‪ %3.2‬يف عام ‪ ،2010‬و�سجلت‬
‫قدرة الكثريين منهم؛ وبالتايل‪ ، ،‬متت �إعادة جدولة‬ ‫�أقل قيمة لها يف عام ‪ 2012‬حني بلغت ‪ .%2.1‬ومع‬
‫الديون‪ ،‬حتى منت�صف عام ‪ ،2015‬لأقل من ‪ %7‬من‬ ‫نهاية عام ‪ 2015‬يقدر الناجت املحلي الإجمايل لقطاع‬
‫�إجمايل القرو�ض املمنوحة من امل�صرف ال�صناعي‬ ‫ال�صناعة التحويلية مبا ن�سبته ‪ %35.4‬مما كان‬
‫والبالغة ‪ 20.7‬مليار لرية �سورية‪� .‬إ�ضافة �إىل معاناة‬ ‫عليه يف عام ‪.2010‬‬
‫القطاع ال�صناعي من عدم اليقني و�ضعف‬
‫التناف�سية‪ ،‬نتيجة التقلبات املفاجئة لأ�سعار �صرف‬ ‫و ُيعزى الرتاجع امل�ستمر يف الناجت املحلي الإجمايل‬
‫اللرية ال�سورية مقابل العمالت الأجنبية‪ ،‬و�ضعف‬ ‫لقطاع ال�صناعة التحويلية لعدة �أ�سباب تتعلق‬
‫البنية التحتية التي ت�ضررت �إىل حد كبري ب�سبب‬ ‫بالأزمة وتعر�ضه لعمليات التدمري والنهب‪� .‬إال �أن‬
‫النزاع امل�سلح‪� ،‬إ�ضافة �إىل الفو�ضى يف �سوق التجارة‬ ‫الأو�ضاع الأمنية مل ت�شهد تدهور ًا �إ�ضافي ًا حتى الربع‬
‫اخلارجية وتدفق الب�ضائع املهربة‪.‬‬ ‫الثالث من عام ‪ 2015‬باملقارنة مع ال�سنوات ال�سابقة‬
‫من النزاع امل�سلح‪ ،‬كما �شهدت العديد من املناطق‬
‫�أ�شارت الإ�سقاطات �إىل تراجع القطاع العام‬ ‫ال�صناعية‪ ،‬مبا يف ذلك عدرا‪ ،‬وح�سيا‪ ،‬وال�شيخ جنار‬
‫ال�صناعي بن�سبة ‪ %14.9‬يف عام ‪ 2015‬مقارنة‬ ‫حت�سن ًا يف �أو�ضاعها الأمنية‪ .‬كما لوحظت قدرة‬‫ّ‬
‫بالعام ال�سابق؛ و�إىل انكما�ش قطاع تكرير النفط‬ ‫العديد من �أ�صحاب الأعمال على التك ّيف مع ظروف‬
‫العام بن�سبة ‪ .%13.8‬وب�شكل عام‪ ،‬تدهور قطاع‬ ‫الأزمة من خالل �إعادة فتح م�ؤ�س�ساتهم وا�ستئناف‬
‫ال�صناعة التحويلية‪ ،‬وبات م�شرذم ًا على �شكل ور�ش‬ ‫�أعمالهم‪ ،‬كما هي حال الور�ش ال�صغرية التي‬
‫�صغرية جمز�أة ومعزولة تعاين �ضعف ًا يف الإنتاجية‬ ‫انت�شرت يف املحافظات الأكرث �أمن ًا‪ ،‬مثل طرطو�س‬
‫والتناف�سية‪� ،‬أو على �شكل من�ش�آت �صناعية مبعرثة‬ ‫ومدينة دم�شق‪ .‬يف املقابل لعبت ال�سيا�سات‬
‫لديها م�صالح م�شرتكة مع قوى الت�سلط‪ ،‬وبالتايل‬ ‫احلكومية واالنت�شار الوا�سع للف�ساد‪� ،‬إ�ضافة �إىل‬
‫تتلقّى الدعم واحلماية منها‪.‬‬ ‫غياب الت�أكد وغياب �سلطة القانون‪ ،‬خا�صة يف‬
‫املناطق اخلارجة عن �سيطرة احلكومة‪ ،‬دور ًا رئي�سي ًا‬
‫�أدت الأزمة �إىل تدمري كبري يف قطاع الصناعة‬ ‫يف �إعاقة �أي انتعا�ش يف خمرجات قطاع ال�صناعة‬
‫االستخراجية �إال �أن هذا القطاع ما زال يعترب واحد ًا‬ ‫التحويلية‪.‬‬
‫من املحددات الرئي�سية لديناميات الأزمة كونه‬
‫م�صدر ًا للتمويل والطاقة جلميع �أطراف ال�صراع‪،‬‬ ‫ا�ستمرت احلكومة يف تطبيق ال�سيا�سات‬
‫مبا يف ذلك تنظيم «الدولة الإ�سالمية»‪ ،‬الذي يتحكم‬ ‫النيوليربالية‪ ،‬من خالل زيادة �أ�سعار ال�سلع‬
‫مبعظم �آبار النفط يف املناطق ال�شرقية‪ .‬وعلى‬ ‫الأ�سا�سية‪ ،‬مبا يف ذلك الوقود والكهرباء التي تعترب‬
‫الرغم من القيود الدولية‪ ،‬قامت �أطراف خمتلفة‬ ‫�ضرورية لل�صناعة‪ ،‬ففي الربع الثاين من عام‬
‫با�ستخراج النفط م�ستخدمة تقنيات بدائية لبيعه يف‬ ‫‪ ،2015‬ارتفع �سعر الوقود ال�صناعي (الفيول) من‬
‫الأ�سواق املحلية واخلارجية‪ ،‬وقد �أوجد ذلك �أ�سواق ًا‬ ‫تراجع قطاع الصناعة‬ ‫‪� 85‬ألف لرية �سورية للطن �إىل ‪� 112‬ألف لرية �سورية‬
‫مبعرثة لإنتاج النفط اخلام وامل�شتقات النفطية‪،‬‬ ‫االستخراجية بنسبة‬ ‫للطن‪ .‬كما �أجرب النق�ص يف توفر مادة املازوت‬
‫ولكل منها قوانينه اخلا�صة املفرو�ضة من قبل القوى‬
‫امل�سيطرة التي ميكن �أن تتعاون حتى مع حماربني يف‬
‫الطرف الآخر‪� ،‬إ�ضافة �إىل التن�سيق مع الأطراف‬
‫‪%4.8‬‬
‫مقارنةمع عام ‪2014‬‬
‫و�صعوبة نقله �أ�صحاب امل�شاريع �إىل �شرائه من‬
‫ال�سوق ال�سوداء مبتو�سط �سعر ‪ 170‬لرية �سورية للرت‬
‫الواحد‪ ،‬يف حني �أن �سعره الر�سمي يبلغ ‪ 150‬لرية‬
‫اخلارجية لت�سويق �إنتاجها من النفط وم�شتقاته‪� .‬إن‬ ‫�سورية للرت الواحد‪ .‬وكانت احلكومة قد �سمحت‬

‫‪20‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫يف الربع الثاين مقارنة بالربعني املقابلني من عام‬ ‫اال�ستمرار يف هذه الأن�شطة غري امل�شروعة يوفر‬
‫‪ ،2014‬وقدر تراجع هذا القطاع‪ ،‬خالل الن�صف‬ ‫مورد ًا مالي ًا هام ًا للجماعات امل�سلحة لتعزيز قدراتها‬
‫الثاين من عام ‪ ،2015‬بن�سبة ‪ %4.5‬مقارنة‬ ‫الع�سكرية‪ ،‬وبالتايل زيادة القمع الذي متار�سه على‬
‫بالن�صف الثاين من عام ‪2014‬؛ وترتافق هذه‬ ‫املجتمعات املحلية‪.‬‬
‫اخل�سارة يف الإنتاج مع تدمري وا�سع للبنية التحتية‬
‫واملعدات من خالل النهب والعمليات الع�سكرية‬ ‫تراجع �إنتاج النفط احلكومي تراجع ًا حاد ًا يف خالل‬
‫والغارات اجلوية التي تكثّفت خالل الن�صف الثاين‬ ‫الأزمة لي�صل يف عام ‪� 2014‬إىل حواىل ‪ %2.4‬من‬
‫من عام ‪ .2015‬ي�ضاف �إىل ذلك �أن �أن�شطة‬ ‫م�ستواه يف عام ‪ .2010‬ويف عام ‪ ،2015‬بلغ �إنتاج‬
‫ال�صناعة اال�ستخراجية يف املناطق اخلارجة عن‬ ‫النفط ‪ 9500‬برميل يومي ًا يف الربع الأول مقارنة بــ‬
‫�سيطرة احلكومة ت�ستنزف الرثوة الوطنية‪ ،‬وتت�سبب‬ ‫‪ 10800‬برميل يف الربع ذاته من عام ‪ ،2014‬و�شهد‬
‫ب�أ�ضرار كبرية يف البيئة وخمزون �آبار النفط والغاز‪.‬‬ ‫الربع الثاين زيادة طفيفة يف الإنتاج لي�صل �إىل‬
‫‪ 10400‬برميل يومي ًا مقارنة بــ ‪ 10100‬برميل يف‬
‫ت�أثّر قطاع التجارة �إىل حد كبري با�ستمرار النزاع‬ ‫الربع املقابل له من العام ال�سابق؛ ثم تراجع �إىل‬
‫أ�ضر ب�آالف املنافذ التجارية‪ ،‬كما‬
‫امل�سلح‪ ،‬الذي � ّ‬ ‫نحو ‪ 7800‬برميل يومي ًا يف الن�صف الثاين من عام‬
‫حدت الأزمة من توفر ال�سلع واخلدمات يف الأ�سواق‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2015‬مقارنة بــ ‪ 8200‬برميل يف الن�صف الثاين من‬
‫املحلية مع اختالف كبري لهذا التوفر بني املناطق‪،‬‬ ‫عام ‪ .2014‬وب�شكل عام‪ ،‬ترتبط هذه التغريات يف‬
‫فكانت املناطق املحا�صرة ومناطق ال�صراع هي‬ ‫�إنتاج النفط بالظروف الأمنية يف املناطق التي‬
‫الأكرث معانا ًة من نق�ص العديد من ال�سلع الأ�سا�سية‬ ‫تتواجد فيها �آبار النفط وخطوط نقله‪.‬‬
‫وندرتها‪ .‬ويف عام ‪ ،2015‬وعلى الرغم من الت�أثري‬
‫الإيجابي لتح�سن الإنتاج الزراعي على قطاع التجارة‬ ‫وجتدر الإ�شارة �أن هذا الإنتاج ال يت�ضمن املُ�ستخرج‬
‫الداخلية‪ ،‬ف�إن هذا القطاع ما زال يواجه حتديات‬ ‫من �آبار النفط يف املناطق اخلارجة عن �سيطرة‬
‫خطرية مبا يف ذلك الظروف الأمنية غري امل�ستقرة‬ ‫احلكومة‪ ،‬والذي ي�ستخدم جزء كبري منه يف ت�أجيج‬
‫والبنية التحتية املدمرة‪ ،‬وال�صعوبات يف نقل‬ ‫النزاع امل�سلح‪ .‬ويقدر �إجمايل �إنتاج �آبار النفط يف‬
‫الب�ضائع‪ ،‬والزيادة امل�ستمرة يف �أ�سعار ال�سلع‬ ‫هذه املناطق‪ ،‬منذ بداية الأزمة وحتى منت�صف عام‬
‫واخلدمات‪.‬‬ ‫‪ ،2015‬بنحو ‪ 55.4‬مليون برميل‪ ،‬وبنحو ‪ 68.2‬مليون‬
‫برميل بحلول نهاية العام ‪ ،2015‬مع الأخذ بعني‬
‫وقد �شهد قطاع التجارة الداخلية يف الربع الأول من‬ ‫االعتبار االنخفا�ض املحتمل لإنتاج النفط يف هذه‬
‫عام ‪ 2015‬انكما�ش ًا بن�سبة ‪ %5.3‬مقارنة بالفرتة‬ ‫املناطق خالل الربع الرابع نتيجة تكثيف ال�ضربات‬
‫نف�سها من عام ‪ ،2014‬ويف الربع الثاين‪ ،‬انعك�س‬ ‫اجلوية‪ ،‬وت�شري البيانات �أن نحو ‪ %75‬من هذا‬
‫الأداء الن�سبي الأف�ضل لقطاع الزراعة ب�شكل �إيجابي‬ ‫الإنتاج للنفط ت�سيطر عليه «الدولة الإ�سالمية»‪،‬‬
‫على القطاع التجاري وارتفع ناجته بن�سبة ‪%4.4‬‬ ‫وهذه لي�ست خ�سارة للرثوة الوطنية فح�سب‪ ،‬بل هي‬
‫مقارنة بالربع املقابل من عام ‪ ،2014‬مقدرت‬ ‫�أي�ض ًا عامل مهم لتمويل الإرهاب والعنف يف �سورية‬
‫الزيادة يف الن�صف الثاين من عام ‪ 2015‬بن�سبة‬ ‫ويف جميع �أنحاء العامل‪.‬‬
‫‪ %1.3‬مقارنة بالفرتة نف�سها من عام ‪ .2014‬ونتيجة‬
‫لذلك‪ ،‬حقق قطاع التجارة الداخلية منو ًا �سنوي ًا‬ ‫تراجع �إنتاج الغاز بن�سبة ‪ %4.1‬يف الربع الأول من‬
‫�إيجابي ًا بن�سبة ‪ %0.6‬يف عام ‪2015‬؛ يف حني‪ ،‬كان‬ ‫العام ‪ 2015‬و‪ %4.5‬يف الربع الثاين مقارنة بالربعني‬
‫هذا املعدل �سالب ًا بن�سبة ‪ %19.6‬يف عام ‪ .2014‬وال‬ ‫املقابلني لهما من العام ‪ ،2014‬ويقدر انخفا�ض‬
‫التح�سن الطفيف يف هذا القطاع بتح�سن يف‬ ‫ّ‬ ‫يرتبط‬ ‫الإنتاج خالل الن�صف الثاين بن�سبة ‪ %4.3‬مقارنة‬
‫البيئة االقت�صادية �أو امل�ؤ�س�ساتية‪ ،‬و�إمنا ُيعزى ب�شكل‬ ‫بالفرتة املقابلة من عام ‪ .2014‬ومثل النفط‪ ،‬يرتبط‬
‫رئي�سي �إىل الظروف املناخية اجليدة التي انع�شت‬ ‫�إنتاج الغاز بدرجة كبرية بالأو�ضاع الأمنية‬
‫التح�سن الن�سبي‬
‫ّ‬ ‫القطاع الزراعي‪ ،‬وبدرجة �أقل‪� ،‬إىل‬ ‫والعمليات الع�سكرية يف مناطق حقول الغاز وخطوط‬ ‫ُق ّدر إنتاج حقول الغاز في‬
‫يف الأو�ضاع الأمنية لبع�ض املناطق‪.‬‬ ‫الأنابيب‪ .‬وخالل الأزمة‪ ،‬ق ُّدر �إنتاج حقول الغاز يف‬ ‫المناطق الخارجة عن سيطرة‬
‫املناطق اخلارجة عن �سيطرة احلكومة بنحو ‪1.2‬‬
‫الحكومة بنحو‬
‫لقد �أدت العمليات الع�سكرية واحل�صار والدمار‬
‫الذي حلق بالبنية التحتية وطرق النقل �إىل تبعرث‬
‫مليار مرت مكعب‪ ،‬منذ كانون الثاين حتى منت�صف‬
‫عام ‪ ،2015‬وبنحو ‪ 1.53‬مليار مرت مكعب بحلول‬ ‫‪1.53‬‬
‫�أ�سواق التجارة الداخلية وانعزالها بع�ضها عن‬
‫بع�ض‪ ،‬وتر�سخ هذا الواقع مع احتكار العديد من‬
‫جتار احلرب للأ�سواق الداخلية بحماية قوى الت�سلط‬
‫نهاية عام ‪.2015‬‬

‫ويف املح�صلة‪ ،‬تراجع قطاع ال�صناعة اال�ستخراجية‬


‫مليار‬
‫متر مكعب بحلول نهاية‬
‫املختلفة ومبا يخدم �أهدافها‪ .‬كما �أدى غياب كل من‬ ‫بن�سبة ‪ %7.8‬يف الربع الأول من عام ‪ 2015‬و‪%1.3‬‬ ‫عام ‪2015‬‬

‫‪21‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫وبالتايل ف�إن الأداء االقت�صادي ال�سلبي ككل خالل‬ ‫�سيادة القانون وامل�ؤ�س�سات ال�شفافة �إىل انت�شار‬
‫‪ 2015‬انعك�س �سلب ًا على هذا القطاع‪ .‬كما �أن‬ ‫االقت�صاد غري املنظم وازدهار اقت�صاديات العنف‪،‬‬
‫التخريب الذي طال البنية التحتية للنقل ونهب‬ ‫مبا يف ذلك التهريب وال�سرقة‪ ،‬وا�ستفاد �صغار‬
‫املعدات قد �أثر �سلب ًا يف قدرة هذا قطاع على �أداء‬ ‫التجار وجتار التجزئة من فو�ضى ال�سوق ليبيعوا‬
‫دوره يف ربط املناطق ال�سورية ودجمها‪ .‬لقد احتكر‬ ‫ال�سلع ب�أ�سعار مرتفعة وجودة متدنية‪ .‬وجتدر الإ�شارة‬
‫من المتوقع أن يصل‬
‫االنتهازيون املتحالفون مع قوى الت�سلط املختلفة‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي لقطاع‬ ‫�إىل �أن العديد من ال�سلع ت�أتي من م�صادر غري‬
‫قطاع النقل م�ستغلني تفكك هذا القطاع ح�سب‬ ‫النقل إلى‬ ‫م�شروعة كال�سرقة والتهريب‪ .‬كما لوحظ �أن جزء ًا‬

‫‪%26.8‬‬
‫اختالف مناطق النفوذ وبالتايل �صعوبة التنقل‬ ‫كبري ًا من ال�سلع الأ�سا�سية التي ُيفرت�ض �أن توزعها‬
‫وال�شحن عرب جميع هذه املناطق‪ ،‬الأمر الذي �أ ّدى‬ ‫املنظمات الدولية جمان ًا تباع يف الأ�سواق الداخلية‬
‫�إىل زيادة كبرية يف تكلفة التنقل ونقل ال�سلع بني‬ ‫مع هام�ش ربح مرتفع‪.‬‬
‫خمتلف �أرجاء البالد‪.‬‬ ‫من قيمته في عام ‪2010‬‬
‫لقد �أدى ا�ستمرار النزاع امل�سلح �إىل انهيار كامل‬
‫�شهد قطاع االتصاالت تراجع ًا �سنوي ًا بلغ ‪ %6.2‬يف‬ ‫لقطاع السياحة الذي ال يزدهر �إال يف بيئة من‬
‫عام ‪ 2014‬مقارنة بعام ‪2013‬؛ وا�ستمر االنكما�ش‬ ‫اال�ستقرار والظروف الأمنية املنا�سبة‪ .‬وقد �شهد‬
‫خالل ‪ ،2015‬ولكن بوترية �أبط�أ‪� ،‬إذ انخف�ض الناجت‬ ‫�سجل ناجته‬‫القطاع تدهور ًا حاد ًا خالل الأزمة‪� ،‬إذ ّ‬
‫املحلي الإجمايل لهذا القطاع يف الن�صف الأول‬ ‫املحلي الإجمايل تراجع ًا �سنوي ًا بن�سبة ‪ %76‬يف عام‬
‫بن�سبة ‪ %4.7‬ويف الن�صف الثاين بن�سبة ‪%3.5‬‬ ‫‪ 2013‬و‪ %51‬يف عام ‪ ،2014‬تاله انخفا�ض �إ�ضايف‬
‫مقارنة بالفرتة املقابلة من عام ‪ ،2014‬وبالتايل تبلغ‬ ‫بن�سبة ‪ %9.1‬يف عام ‪ .2015‬ومازال العديد من‬
‫الن�سبة ال�سنوية النكما�ش القطاع ‪ %4.1‬مما يجعل‬ ‫الفنادق‪ ،‬يف املناطق الآمنة ن�سبي ًا‪ ،‬قيد الت�شغيل‬
‫قيمته تنخف�ض عام ‪� 2015‬إىل ‪ %55.8‬مما كانت‬ ‫معتمدة ب�شكل كبري على النازحني املقتدرين مالي ًا‬
‫عليه يف عام ‪ .2010‬ومن اجلدير بالذكر �أن �أ�سعار‬ ‫والهاربني من مناطق ال�صراع‪� ،‬إال �أن ذلك ال يعد‬
‫مكاملات الهواتف النقالة قد ارتفعت بحواىل ‪%20‬‬ ‫م�صدر ًا لدخل م�ستدام مع احلالة االقت�صادية‬
‫يف ني�سان من عام ‪ ،2015‬الأمر الذي حد من الطلب‬ ‫املرتدية التي ا�ستنزفت مدخرات النازحني �إ�ضافة‬
‫الفعال وبالتايل �أثّر �سلب ًا على القطاع‪.‬‬ ‫�إىل الزيادة امل�ستمرة يف �أ�سعار ال�سلع واخلدمات مبا‬
‫يف ذلك ر�سوم الإقامة‪.‬‬
‫�أدى ا�ستمرار الأزمة �إىل خلق بيئة من عدم‬
‫�سجل الناجت‬
‫اال�ستقرار املايل والتجاري؛ وبالتايل‪ّ ،‬‬ ‫ت�أثر قطاع النقل �إىل حد كبري بالأو�ضاع الأمنية‪،‬‬
‫املحلي الإجمايل لقطاع المال والتأمين والعقارات‬ ‫وتدمري و�سائل النقل‪ ،‬والبنية التحتية‪ ،‬ونق�ص‬
‫انخفا�ض ًا �سنوي ًا بن�سبة ‪ %19.6‬يف عام ‪ .2014‬ومن‬ ‫الوقود‪ ،‬وانعك�س ذلك على الناجت املحلي الإجمايل‬
‫اجلدير بالذكر �أن الناجت املحلي الإجمايل للقطاع‬ ‫للنقل الذي �شهد تراجع ًا �سنوي ًا قدره ‪ %11.1‬يف عام‬
‫قد ح�سب بالأ�سعار الثابتة لعام ‪ 2000‬للفرتة بني‬ ‫‪ 2014‬مقارنة بعام ‪ .2013‬ويف عام ‪ ،2015‬ا�ستمر‬
‫‪ 2001‬و ‪ ،2010‬على غرار قطاع ال�صناعة‬ ‫الرتاجع ولكن بوترية �أبط�أ‪ ،‬حيث انكم�ش الناجت‬
‫التحويلية‪ ،‬با�ستخدام ُمكم�ش القطاع املايل العام‪.‬‬ ‫املحلي الإجمايل لقطاع النقل بن�سبة ‪ %3.3‬يف‬
‫وبالتايل‪ ،‬قام املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‬ ‫الن�صف الأول و‪ %11.3‬يف الن�صف الثاين مقارنة‬
‫ب�إعادة ح�ساب الناجت املحلي الإجمايل احلقيقي‬ ‫بالفرتة نف�سها من عام ‪2014‬؛ وبالتايل‪ ،‬من املتوقع‬
‫اخلا�ص لقطاع املال والت�أمني والعقارات با�ستخدام‬ ‫�أن ي�صل الناجت املحلي الإجمايل لهذا القطاع �إىل‬
‫ُكم�ش‬
‫كم�ش معدل للقطاع اخلا�ص‪ ،‬وهو متو�سط امل ّ‬ ‫ُم ّ‬ ‫‪ %26.8‬من قيمته يف عام ‪ .2010‬ويعد النقل الربي‬
‫لكل القطاع اخلا�ص االقت�صادي با�ستثناء قطاعي‬ ‫امل�ساهم الرئي�سي يف قطاع النقل‪ ،‬وما زال التنقل‬
‫ال�صناعة التحويلية واملال والت�أمني والعقارات‪ .‬وبناء‬ ‫بر ًا يواجه �صعوبات كبرية نتيجة الأو�ضاع الأمنية وال‬
‫على ذلك‪ ،‬مت تعديل الناجت املحلي الإجمايل‬ ‫�سيما داخل مناطق ال�شمال وال�شمال ال�شرقي من‬
‫شهد قطاع االتصاالت تراجع ًا‬
‫احلقيقي للقطاع فبلغ يف عام ‪ 2010‬حواىل ‪69.5‬‬ ‫البالد وفيما بينها؛ �أما النقل اجلوي فيواجه‬
‫خالل ‪ 2015‬بلغ‬
‫مليار لرية �سورية بد ًال من الرقم ال�سابق والبالغ‬ ‫حتديات خطرية مبا يف ذلك التدمري الوا�سع للبنية‬
‫‪ 80.3‬مليار لرية �سورية‪.‬‬

‫يف الربع الأول من عام ‪ ،2015‬تراجع القطاع بن�سبة‬


‫‪%4.1‬‬
‫مما يجعل قيمته تنخفض إلى‬
‫التحتية ذات ال�صلة‪ ،‬وعدم وجود ال�صيانة الالزمة‬
‫للطائرات املدنية ب�سبب العقوبات؛ كما �شهدت‬
‫خدمات ال�شحن البحري واملرافئ انخفا�ض ًا ب�سيط ًا‬
‫‪ %5.3‬مقارنة بالفرتة املقابلة من عام ‪� ،2014‬إال �أن‬ ‫ب�سبب الرتاجع يف �أن�شطة التجارة اخلارجية خالل‬
‫الربع الثاين �شهد زيادة يف الناجت املحلي الإجمايل‬
‫لهذا القطاع بن�سبة ‪ %4.4‬مقارنة بالربع املقابل من‬
‫حت�سن ن�سبي يف‬
‫عام ‪ .2014‬وتُعزى هذه الزيادة �إىل ّ‬
‫‪%55.8‬‬
‫مما كانت عليه في عام ‪2010‬‬
‫عام ‪ 2015‬مقارنة بعام ‪.2014‬‬

‫يرتبط قطاع النقل بالأن�شطة االقت�صادية الأخرى‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫املبذولة لإ�صالح البنية التحتية املت�ضررة للمياه كما‬ ‫الإنتاج املحلي خالل هذه الفرتة‪ ،‬وال �س ّيما الإنتاج‬
‫�أثر نق�ص الوقود �سلب ًا على عملية �ضخ املياه من‬ ‫الزراعي‪ ،‬الأمر الذي �أعطى دفعة للأن�شطة‬
‫خالل ال�شبكات العامة؛ ونتيجة لذلك‪ ،‬ت�ضطر الأ�سر‬ ‫التجارية ذات ال�صلة‪ ،‬وهذا ما �أثّر بدوره �إيجاب ًا على‬
‫يف العديد من املناطق �إىل �شراء املياه من التجار‬ ‫اخلدمات امل�صرفية واملالية‪ .‬وا�ستمر االجتاه‬
‫الذين يتمتع غالبيتهم باحلماية من قبل اجلماعات‬ ‫الإيجابي‪ ،‬ولكن بوترية �أبط�أ‪ ،‬خالل الن�صف الثاين‬
‫الع�سكرية‪ ،‬ال �سيما يف مناطق النزاع‪� .‬إ�ضافة �إىل‬ ‫من عام ‪ ،2015‬فبلغت ن�سبة النمو ‪ %1.3‬مقارنة‬
‫ذلك‪ ،‬ي�ستخدم العديد من الأطراف املتحاربة املياه‬ ‫التح�سن يف‬
‫ّ‬ ‫بالن�صف الثاين من عام ‪� .2014‬إال �أن‬ ‫شهد إنتاج الكهرباء‬
‫وقطع �إمداداتها و�سيلة �ضغط لتحقيق مكا�سب �أمنية‬ ‫بتح�سن‬ ‫ناجت هذا القطاع خالل عام ‪ 2015‬ال يرتبط‬ ‫انخفاض ًا بلغ‬
‫ّ‬

‫‪%10.3‬‬
‫وع�سكرية غري �آبهني بالنتائج الكارثية على معي�شة‬ ‫الأداء االقت�صادي وامل�ؤ�س�ساتي‪ ،‬وبالتايل ال يتوقع‬
‫الأ�سر وحياة �أفرادها‪.‬‬ ‫ا�ستدامته خا�صة مع زيادة نفوذ وتو�سع ال�شبكات‬
‫املالية غري الر�سمية وغري امل�شروعة واملحمية من‬
‫يتطلب اال�ستثمار يف �إعادة ت�أهيل �أو بناء م�ساكن جديدة‬ ‫قوى الت�سلّط املختلفة‪.‬‬ ‫مقارنة مع عام ‪2014‬‬
‫اال�ستقرار من الناحية الأمنية �إ�ضافة �إىل التح�سن يف‬
‫الظروف االجتماعية واالقت�صادية‪ ،‬الأمر الذي مل‬ ‫لقد ت�سبب ا�ستمرار النزاع امل�سلح يف تدمري جزء‬
‫ي�شهده عام ‪ 2015‬وبالتايل ا�ستمر الت�أثري ال�سلبي على‬ ‫كبري من املمتلكات العقارية‪ ،‬مبا يف ذلك املنازل‬
‫قطاع البناء والتشييد‪ .‬ففي الن�صف الأول من العام‪،‬‬ ‫واملمتلكات التجارية‪ ،‬كما ت�سببت الأزمة ب�إتالف‬
‫�سجل الناجت املحلي الإجمايل للقطاع انخفا�ض ًا بلغ‬
‫ّ‬ ‫الوثائق العقارية يف العديد من املناطق مما يهدد‬
‫‪ %26.8‬مقارنة الفرتة املقابلة من عام ‪ ،2014‬و�شهد‬ ‫حقوق النا�س يف ملكياتهم‪ ،‬وخا�صة مع وجود‬
‫هذا الناجت تراجع ًا �سنوي ًا قدره ‪ %23.3‬يف عام ‪2015‬‬ ‫م�ؤ�س�سات �ضعيفة وفا�سدة‪ .‬وجتدر الإ�شارة �أن‬
‫مقارنة بالعام ال�سابق‪.‬‬ ‫احلكومة �أطلقت عدد ًا من امل�شاريع العقارية يف‬
‫مناطق �سيطرتها‪� ،‬إال �أن بيئة الأزمة ال ت�سمح بتنفيذ‬
‫حاولت احلكومة‪ ،‬خالل الأزمة‪ ،‬حتقيق نوع من‬ ‫م�شاريع كهذه يف امل�ستقبل القريب‪ ،‬مع العلم �أن‬
‫اال�ستقرار االقت�صادي من خالل اال�ستمرار يف دفع‬ ‫ر�أ�سمالية املحا�سيب املتحالفة مع قوى الت�سلط‬
‫�أجور القطاع العام والنفقات اجلارية‪ ،‬ما �أدى �إىل‬ ‫ت�سيطر على معظم هذه امل�شاريع‪.‬‬
‫زيادة الأهمية الن�سبية لقطاع الخدمات الحكومية‪.‬‬
‫�إال �أن هذا القطاع يواجه‪ ،‬يف ظل ا�ستمرار الأزمة‪،‬‬ ‫يواجه قطاع المرافق العامة م�صاعب كبرية نتيجة‬
‫حتديات خطرية‪ ،‬تتمثل يف ندرة الإيرادات العامة‪،‬‬ ‫النزاع امل�سلح الذي �أدى �إىل تدمري هائل يف البنية‬
‫و�إعادة تخ�صي�ص جزء كبري من املوارد املالية‬ ‫التحتية للكهرباء واملياه �إ�ضافة �إىل ما �سببته الأزمة‬
‫للإنفاق الع�سكري‪� ،‬إ�ضافة �إىل االرتفاع الكبري يف‬ ‫من نق�ص حاد يف الوقود؛ فقد �شهد �إنتاج الكهرباء‬
‫الأ�سعار الذي ي�ؤدي �إىل تراجع الأجور احلقيقية‬ ‫تراجع ًا �سنوي ًا قدره ‪ %21.6‬يف عام ‪ 2014‬مقارنة‬
‫للقطاع العام‪ .‬ويف عام ‪ ،2015‬تراجع الناجت املحلي‬ ‫بعام ‪ .2013‬و�شهد الن�صف الأول من عام ‪2015‬‬
‫الإجمايل للخدمات احلكومية بن�سبة ‪ %25.4‬يف‬ ‫انخفا�ض ًا يف �إنتاج الكهرباء بلغ ‪ %10.7‬مقارنة‬
‫الربع الأول‪ ،‬و‪ %32.5‬يف الربع الثاين مقارنة‬ ‫بالفرتة املقابلة من عام ‪ ،2014‬فبلغ االنكما�ش‬
‫بالربعني املقابلني من عام ‪ ،2014‬و�شهد هذا‬ ‫ال�سنوي ‪ %10.3‬يف عام ‪ .2015‬وجتدر الإ�شارة �إىل‬
‫القطاع يف الن�صف الثاين من العام تراجع ًا بن�سبة‬ ‫�أن جهود �صيانة قطاع الكهرباء املت�ضرر نتيجة‬
‫‪ ،%32.5‬الأمر الذي يعني انخفا�ض ًا �سنوي ًا لقطاع‬ ‫الأزمة واجهت حتديات كبرية نظر ًا للأو�ضاع‬
‫اخلدمات احلكومية بن�سبة ‪ %30.6‬يف عام ‪2015‬‬ ‫الأمنية املرتدية يف العديد من املناطق �إ�ضافة �إىل‬
‫مقارنة بعام ‪.2014‬‬ ‫العقوبات التي يحظر مبوجبها على احلكومة‬
‫ا�سترياد قطع الغيار واملعدات الالزمة لأعمال‬
‫انكم�ش قطاع الخدمات الشخصية واالجتماعية يف الربع الأول‬ ‫ال�صيانة والإ�صالح والتجديد‪ ،‬وترافق ذلك مع‬
‫من عام ‪ 2015‬ب�شكل طفيف بن�سبة ‪ %0.7‬مقارنة بالفرتة‬ ‫نق�ص حاد يف الوقود‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل‬ ‫تسبب استمرار النزاع‬
‫ذاتها من عام ‪� .2014‬إال �أنه �سجل ارتفاع ًا قدره ‪ %4.1‬يف‬ ‫انقطاعات طويلة يف التيار الكهربائي ولكن الفرتات‬ ‫املسلح يف تدمري جزء‬
‫الربع الثاين‪ ،‬وا�ستمر النمو الإيجابي للقطاع يف الن�صف‬ ‫املتفاوتة لهذه االنقطاعات بني املناطق خلقت حالة‬ ‫كبري من املمتلكات‬
‫الثاين من العام ليبلغ ‪ %2.4‬مقارنة بالفرتة ذاتها من عام‬ ‫من عدم امل�ساواة‪.‬‬ ‫العقارية‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫‪ .2014‬لقد �ساهم التح�سن الن�سبي يف �أداء قطاع الزراعة‬ ‫املنازل واملمتلكات‬
‫التجارية‪ ،‬كام تسببت األزمة‬
‫خالل عام ‪ 2015‬ب�شكل �إيجابي يف منو اخلدمات ال�شخ�صية‪،‬‬ ‫�أما قطاع املياه وال�صرف ال�صحي‪ ،‬فكان ناجته‬ ‫بإتالف الوثائق العقارية يف‬
‫كما انعك�ست الزيادة يف اخلدمات ال�صحية والتعليمية التي‬ ‫‪2014‬‬ ‫املحلي يف عام ‪ 2015‬قريب ًا من م�ستواه يف عام‬ ‫العديد من املناطق مام‬
‫تقدمها احلكومة �إ�ضافة �إىل املنظمات الوطنية والدولية‬ ‫الذي �شهد تراجع ًا �سنوي ًا بن�سبة ‪ %29.2‬مقارنة‬ ‫يهدد حقوق الناس يف‬
‫حت�سن ًا طفيف ًا يف اخلدمات االجتماعية‪.‬‬ ‫بعام ‪ .2013‬وقد �أعاقت الظروف الأمنية اجلهود‬ ‫ملكياتهم‬

‫‪23‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫وفيما يخ�ص هيكلية الناجت املحلي الإجمايل‬ ‫يوا�صل قطاع خدمات المنظمات غير الحكومية يف‬
‫القطاعية‪ ،‬ارتفعت ح�صة قطاع الزراعة لت�صل �إىل‬ ‫عام ‪ 2015‬ت�سجيل ارتفاع ن�سبي يف معدل منوه‬
‫‪ %28.7‬يف عام ‪ 2015‬مقارنة بــ ‪ %17.4‬يف عام‬ ‫ال�سنوي الذي قدر بنحو ‪ %50‬مقارنة بعام ‪.2014‬‬
‫‪ ،2010‬تليها ح�صة قطاع النقل واالت�صاالت وقطاع‬ ‫و ُيعزى ذلك �إىل االنت�شار الوا�سع لعمل منظمات‬
‫التجارة الداخلية بن�سب بلغت ‪ %16.9‬و ‪ %14.9‬على‬ ‫املجتمع املدين‪ ،‬واجلمعيات اخلريية‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‬
‫التوايل‪ ،‬كما �شهدت ح�صة قطاع اخلدمات‬ ‫الدولية‪ ،‬التي تقدم الدعم االجتماعي والإن�ساين‪.‬‬
‫احلكومية تراجع ًا ملحوظ ًا من ‪ %17.9‬يف ‪� 2014‬إىل‬ ‫وعلى الرغم من منوه الكبري‪ ،‬فح�صته من الناجت‬
‫‪ %13.1‬يف العام ‪( 2015‬ال�شكل ‪.)4‬‬ ‫املحلي الإجمايل ال تزال هام�شية‪.‬‬

‫الشكل ‪ :4‬نصيب القطاعات من الناتج املحيل اإلجاميل‬


‫خالل الفرتة ‪2010-2015‬‬

‫الزراعة‬
‫‪2015‬‬ ‫الصناعة االستخراجية‬
‫‪2014‬‬
‫الصناعات التحويلية‬
‫‪2013‬‬
‫املرافق العامة‬
‫‪2012‬‬
‫البناء والتشييد‬
‫‪2011‬‬
‫‪2010‬‬ ‫التجارة الداخلية‬
‫النقل و االتصاالت‬
‫املال و التأمني والعقارات‬
‫الخدمات الحكومية‬
‫الخدمات االجتامعية‬
‫خدمات الجمعيات‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪28.7%‬‬ ‫‪25.4%‬‬ ‫‪26.8%‬‬ ‫‪23.1%‬‬ ‫‪19.7%‬‬ ‫‪17.4%‬‬


‫‪1.8%‬‬ ‫‪1.8%‬‬ ‫‪2.9%‬‬ ‫‪8.6%‬‬ ‫‪12.5%‬‬ ‫‪13.4%‬‬
‫‪3.0%‬‬ ‫‪3.1%‬‬ ‫‪2.7%‬‬ ‫‪2.1%‬‬ ‫‪2.9%‬‬ ‫‪3.2%‬‬
‫‪3.4%‬‬ ‫‪3.5%‬‬ ‫‪3.8%‬‬ ‫‪3.4%‬‬ ‫‪2.9%‬‬ ‫‪2.7%‬‬
‫‪2.6%‬‬ ‫‪3.2%‬‬ ‫‪2.9%‬‬ ‫‪3.3%‬‬ ‫‪4.4%‬‬ ‫‪3.8%‬‬
‫‪16.9%‬‬ ‫‪16.0%‬‬ ‫‪16.9%‬‬ ‫‪18.0%‬‬ ‫‪19.6%‬‬ ‫‪21.4%‬‬
‫‪14.9%‬‬ ‫‪15.0%‬‬ ‫‪14.3%‬‬ ‫‪12.6%‬‬ ‫‪11.8%‬‬ ‫‪13.8%‬‬
‫‪5.1%‬‬ ‫‪4.8%‬‬ ‫‪5.1%‬‬ ‫‪5.4%‬‬ ‫‪5.6%‬‬ ‫‪5.0%‬‬
‫‪13.1%‬‬ ‫‪17.9%‬‬ ‫‪16.8%‬‬ ‫‪18.0%‬‬ ‫‪16.0%‬‬ ‫‪14.9%‬‬
‫‪8.4%‬‬ ‫‪7.8%‬‬ ‫‪7.1%‬‬ ‫‪5.2%‬‬ ‫‪4.5%‬‬ ‫‪4.3%‬‬
‫‪2.2%‬‬ ‫‪1.4%‬‬ ‫‪0.8%‬‬ ‫‪0.3%‬‬ ‫‪0.1%‬‬ ‫‪0.1%‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪.2015 ،‬‬

‫‪24‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫«أسفر انهيار عملية اإلنتاج إىل انكامش مصادر الدخل‬


‫التقليدية لألرس‪ ،‬وبالتايل تراجع االستهالك الخاص الحقيقي‬
‫تراجعاً كبريا ً‪ .‬كام أدى االرتفاع الحاد يف معدل التضخم‪ ،‬الذي‬
‫تباين بشكل واضح بني املناطق‪ ،‬إىل زيادة االنخفاض يف‬
‫مستوى الطلب الحقيقي»‬

‫�شهد حتو ًال جذري ًا مع تطبيق �سيا�سة «عقلنة الدعم»‬ ‫�شهدت طبيعة االقت�صاد وهيكليته حت ّو ًال �سلبي ًا خالل‬
‫الذي خفّ�ض فاتورة الدعم من خالل زيادة �أ�سعار‬ ‫عام ‪ 2015‬مقارنة بفرتة ما قبل الأزمة‪ ،‬فقد‬
‫امل�شتقات النفطية وال�سلع الأ�سا�سية؛ وت�سبب هذا يف‬ ‫تراجعت ح�صة اخلدمات احلكومية من الناجت‬
‫تدهور الطلب احلقيقي وتعميق الركود االقت�صادي‬ ‫املحلي الإجمايل‪ ،‬ما يعك�س حت ّو ًال يف ال�سيا�سات‬
‫وارتفاع حاد يف الأ�سعار �إ�ضافة �إىل الدفع باجتاه‬ ‫احلكومية من حماولة لتحفيز الطلب يف ال�سوق‬
‫املزيد من الرتاجع يف قيمة اللرية ال�سورية‪ .‬كما‬ ‫املحلية �إىل عملية تقلي�ص للإنفاق العام غري‬
‫فاقمت هذه ال�سيا�سات من تكلفة الإنتاج املحلي الذي‬ ‫الع�سكري‪ ،‬مثل دعم ال�سلع الأ�سا�سية‪ ،‬كما بات‬
‫ال من تبعات الأزمة‪ ،‬و�ساهمت يف زيادة‬ ‫يعاين �أ�ص ً‬ ‫االقت�صاد معتمد ًا �إىل حد كبري على قطاع الزراعة‬
‫الأعباء على الفقراء الذين �أ�صبحوا ي�شكلون غالبية‬ ‫املرتبط بالتغريات املناخية‪� ،‬إال �أن ح�صة قطاعات‬
‫ال�سوريني ما دفعهم التخاذ قرارات �صعبة مثل‬ ‫املنظمات غري احلكومية واخلدمات االجتماعية‬
‫الهجرة‪ ،‬واالن�ضمام �إىل �أن�شطة العنف‪ ،‬و‪�/‬أو تقلي�ص‬ ‫ا�ستمرت يف النمو ا�ستجابة لالحتياجات الإن�سانية‬
‫نفقاتهم املنخف�ضة �أ�صالً‪.‬‬ ‫املتنامية‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أنه بعد تعديل ناجت‬
‫قطاع ال�صناعة التحويلية قبل الأزمة‪ ،‬تغريت ح�صته‬
‫وقد ا�ضطرت الأ�سر �إىل االعتماد على م�صادر بديلة‬ ‫من الناجت املحلي الإجمايل ب�شكل طفيف يف عام‬
‫للدخل كاملدخرات وبيع العقارات والأ�صول لتعوي�ض‬ ‫‪ 2015‬مقارنة بعام ‪ ،2010‬على الرغم من التدهور‬
‫االنهيار يف قدرتها على اال�ستهالك‪ ،‬وقد �ساهمت‬ ‫الكبري يف م�ستواه‪.‬‬
‫التحويالت املالية والدعم املايل اخلارجي يف ت�ضييق‬
‫الفجوة بني االحتياجات والدخل املتاح‪ ،‬وي�صل هذا‬
‫الدعم عرب قنوات خمتلفة مبا فيها التحويالت من‬
‫الأقارب املغرتبني‪ ،‬والدعم الإن�ساين املقدم من‬ ‫سياسات تقليص الطلب‬
‫وكاالت الأمم املتحدة و‪�/‬أو املجتمع املدين‪.‬‬
‫�أدى ت�صاعد النزاع وخروجه عن ال�سيطرة �إىل تدمري‬
‫وللأ�سف‪ ،‬بقيت قدرة هذه امل�صادر البديلة على‬ ‫الآليات التقليدية للعملية االقت�صادية وت�شظيها �إىل‬
‫تفعيل الطلب االقت�صادي متوا�ضعة مقارنة با�ستمرار‬ ‫حد كبري يف جميع �أنحاء البالد‪ ،‬وترافق تدمري‬
‫اخل�سائر االقت�صادية اال�ستثنائية‪ .‬وجتدر الإ�شارة‬ ‫املقومات االقت�صادية خالل عام ‪ 2015‬مع �سيا�سات‬
‫�إىل �أن دور قوى العنف ميثل اجلانب املظلم يف عملية‬ ‫اقت�صادية جمتز�أة و�إجراءات غري خمططة �أثرت‬
‫الطلب؛ �إذ حولت هذه القوى املوارد لتخدم الأن�شطة‬ ‫�سلب ًا على الطلب االقت�صادي‪ .‬وقد �أ�سفر انهيار‬
‫املرتبطة بالعنف من خالل تقدمي احلوافز‬ ‫عملية الإنتاج �إىل انكما�ش م�صادر الدخل التقليدية‬
‫االقت�صادية واالجتماعية للأفراد للم�شاركة يف هذه‬ ‫للأ�سر‪ ،‬وبالتايل تراجع اال�ستهالك اخلا�ص احلقيقي‬
‫الأن�شطة التي تت�ضمن �إعادة توزيع الرثوة بالإكراه‬ ‫تراجع ًا كبري ًا‪ .‬كما �أدى االرتفاع احلاد يف معدل‬
‫عن طريق ال�سلب‪ ،‬والنهب‪ ،‬واالبتزاز‪ ،‬وال�سرقة‪،‬‬ ‫الت�ضخم‪ ،‬الذي تباين ب�شكل وا�ضح بني املناطق‪� ،‬إىل‬
‫والتهريب‪� ،‬إ�ضافة �إىل االنخراط يف النزاع امل�سلح‪.‬‬ ‫زيادة االنخفا�ض يف م�ستوى الطلب احلقيقي‪.‬‬
‫كما جريت هذه القوى معظم الدعم اخلارجي‬
‫خلدمتها‪ ،‬فتحول الدعم �إىل مورد للنزاع امل�سلح بد ًال‬ ‫حاولت �سيا�سات احلكومة‪ ،‬حتى منت�صف عام ‪،2014‬‬
‫من م�ساعدة النا�س والتخفيف من ت�أثريات ال�صراع‪،‬‬ ‫تطبيق �سيا�سات حتفيز جزئية من خالل اال�ستمرار‬
‫وبات االقت�صاد ال�سوري ثقب ًا �أ�سو َد ميت�ص املوارد‬ ‫يف دفع الأجور وفاتورة الدعم‪ ،‬مع تراجع الإنفاق‬
‫املحلية واخلارجية للحفاظ على ا�ستدامة ال�صراع‪.‬‬ ‫اال�ستثماري العام �إىل احلد الأدنى‪� .‬إال �أن عام ‪2015‬‬

‫‪25‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫الربع الرابع مقارنة بالربعني املقابلني من عام ‪.2014‬‬ ‫ُي�سلط التقرير ال�ضوء على ثالثة �أنواع من الطلب‪� ،‬أولها‬
‫وتراجعت الأجور احلقيقية يف القطاع العام ب�سبب‬ ‫الإنفاق اخلا�ص من قبل الأ�سر‪ ،‬والثاين الإنفاق العام‬
‫ارتفاع الأ�سعار املت�أثرة بتطبيق �سيا�سات «عقلنة الدعم»‪،‬‬ ‫للحكومة‪ ،‬والثالث ميثل �إنفاق قوى الأمر الواقع يف‬
‫فقد ُعك�ست هذه ال�سيا�سات االقت�صادية منذ منت�صف‬ ‫املناطق اخلارجة عن �سيطرة احلكومة والذي يختلف‬
‫عام ‪ 2014‬يف حماولة لزيادة املوارد املالية عن طريق‬ ‫عن الإنفاق اخلا�ص والعام‪� ،‬إذ ُيخ�ص�ص جزء من هذا‬
‫شهد العام ‪ 2015‬تراجع ًا كبير ًا‬
‫في االستهالك العام بنسبة‬ ‫زيادة الأ�سعار؛ �إال �أنها خلقت �ضغوط ًا ت�ضخمية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫الإنفاق للمجال الع�سكري وينفق اجلزء الآخر على‬
‫�ساهمت يف تدهور �أ�سعار �صرف اللرية ال�سورية مقابل‬ ‫اخلدمات؛ وي�سمي التقرير هذه ال�شريحة من الطلب‬

‫‪%33.1‬‬
‫مقارنة بعام ‪2014‬‬
‫العمالت الأجنبية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تراجعت ح�صة‬
‫اال�ستهالك العام من الناجت املحلي الإجمايل �إىل ‪%31.6‬‬
‫يف عام ‪ 2015‬بعد �أن كانت قد بلغت ‪ %46.5‬يف عام‬
‫�إنفاق «�شبه عام»‪ ،‬كما ُيعترب �إجمايل الإنفاق على‬
‫اجلوانب الع�سكرية �إنفاق ًا ا�ستهالكي ًا يعك�س �إعادة‬
‫تخ�صي�ص املوارد للحفاظ على ا�ستدامة ال�صراع حتى‬
‫‪ ،2013‬يف حني �سجلت ن�سبة قدرها ‪ %26.3‬يف عام‬ ‫«الن�صر»‪.‬‬
‫‪ .2010‬و�إ�ضافة �إىل ال�سيا�سات االقت�صادية‪� ،‬أدى الركود‬
‫احلاد وا�شتداد ال�صراع �إىل خ�سائر فادحة يف املوارد مع‬ ‫‪2014‬‬ ‫لقد تراجع اال�ستهالك اخلا�ص بن�سبة ‪ %17.4‬يف‬
‫ارتفاع حاد يف الأ�سعار وبالتايل تراجع القيمة احلقيقية‬ ‫مقارنة بعام ‪ ،2013‬و�سجل انخفا�ض ًا بن�سبة ‪ %0.7‬يف‬
‫لال�ستهالك العام‪.‬‬ ‫الربع الأول من عام ‪ 2015‬و‪ %0.9‬يف الربع الثاين‪ ،‬ثم‬
‫تراجع بن�سبة ‪ %3.3‬يف الربع الثالث و‪ %5.9‬يف الربع‬
‫يع ّرف التقرير االستهالك «شبه العام» ب�أنه فئة �إنفاق‬ ‫الرابع مقارنة بالأرباع ذاتها لعام ‪ .2014‬وب�شكل عام‪،‬‬
‫جديدة لي�ست عامة ولي�ست خا�صة تتم يف املناطق‬ ‫تراجع متو�سط م�ستوى �إنفاق الأ�سرة �إىل عتبة ا�ستثنائية‬
‫اخلارجة عن �سيطرة احلكومة‪ ،‬وتتحكم بها قوى �أمر‬ ‫تعك�س املعاناة ال�شديدة التي يعي�شها النا�س يف جميع‬
‫واقع خمتلفة ا�ستحوذت على ال�سلطة يف هذه املناطق؛‬ ‫�أنحاء �سورية‪ .‬وقد قاد االقت�صاد املت�شظي والقواعد‬
‫وقد لعبت هذه اجلهات دور ال�سلطة العامة يف فر�ض‬ ‫املتفاوتة احلاكمة له باختالف املناطق‪� ،‬إىل فوارق كبرية‬
‫الأتاوات وال�ضرائب‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إعادة تخ�صي�ص‬ ‫يف امل�ستوى املعي�شي للأ�سر بني املناطق وداخل املنطقة‬
‫املوارد والدعم اخلارجي وفق ًا الحتياجاتها‪ .‬ومن الأهمية‬ ‫نف�سها‪ .‬ومن جانب �آخر‪ ،‬غنم �أمراء احلرب والنخبة‬
‫مبكان متييز هذا الإنفاق عن الإنفاق العام الذي يرتكز‬ ‫النافذة ريوع ًا و�أرباح ًا هائلة من خالل االحتكار والنهب‬
‫�أغلبه يف املناطق التي ت�سيطر عليها احلكومة‪.‬‬ ‫والأتاوى �إ�ضافة �إىل ا�ستخدامهم امل�ساعدات الإن�سانية‬
‫والدعم اخلارجي امل�س ّي�س‪.‬‬
‫بلغت تقديرات اال�ستهالك �شبه العام مبا يف ذلك‬
‫الإنفاق الع�سكري‪ ،‬يف عام ‪ 2011‬معد ًال منخف�ض ًا جداً‬ ‫و�إىل جانب الت�أثري امل�أ�ساوي لت�صعيد ال�صراع‪ ،‬ح ّملت‬
‫و�صل �إىل ‪ %0.09‬من الناجت املحلي الإجمايل‪ ،‬وارتفع‬ ‫ال�سيا�سات االقت�صادية يف عام ‪ 2015‬الأ�سر �ضغوط ًا‬
‫�إىل ‪ ،%2.1‬ثم ‪ ،%5.9‬و�إىل ‪ ،%10.1‬و‪ %13.2‬يف الأعوام‬ ‫حدت من قدرتها على �شراء و‪�/‬أو احل�صول على‬ ‫ج ّمة ّ‬
‫‪ ،2014 ،2013 ،2012‬و‪ 2015‬على التوايل (ال�شكل ‪.)5‬‬ ‫ال�سلع واخلدمات الالزمة‪ ،‬فقد �أ�ص ّرت هذه ال�سيا�سات‬
‫ويعك�س ذلك ت�صاعد ال�صراع و�إ�شرتاك عدد �أكرب من‬ ‫على حترير �أ�سعار املواد الغذائية الأ�سا�سية وامل�شتقات‬
‫الفاعلني يف النزاع امل�سلح وازدياد نفوذهم‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫النفطية وتخفي�ض فاتورة الدعم الذي كان ُيعترب من‬
‫�ساهم يف ظهور اقت�صادات مت�شظية ومبعرثة يف �سورية‬ ‫الركائز الأ�سا�سية ل�ضمان احلد الأدنى من احتياجات‬
‫مرتافقة مع �سيا�سات و�إجراءات خمتلفة تغذي العنف‬ ‫الأ�سر‪ .‬و�أجربت هذه الظروف الأ�سر على تغيري �أمناط‬
‫ب�شكل �أ�سا�سي‪ .‬ومت م�أ�س�سة التوزيع اجلديد للموارد‬ ‫ا�ستهالكها ملعظم ال�سلع احليوية واخلدمات‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫ونظام احلوافز لدعم قوى الأمر الواقع �ضد مناف�سيها‪،‬‬ ‫املواد الغذائية الأ�سا�سية‪ ،‬وال�سكن‪ ،‬واخلدمات ال�صحية‪.‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ا�ستخدام النفقات من قبل هذه القوى‬
‫ك�أدوات رئي�سية للمحافظة على �سلطاتها خالل الأزمة‪.‬‬ ‫عدل التقرير منهجية تقدير الدعم من خارج املوازنة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وخا�صة دعم امل�شتقات النفطية والكهرباء‪ ،‬وذلك‬
‫ب�إ�ضافته �إىل اال�ستهالك العام (ومت تطبيق املنهجية‬
‫«قاد االقتصاد املتشظي والقواعد‬ ‫على �سل�سلة البيانات ‪ ،)1992-2015‬كما �أ�ضيفت‬
‫الزيادة يف الإنفاق الع�سكري العام خالل الأزمة �إىل هذا‬
‫املتفاوتة الحاكمة له باختالف املناطق‪،‬‬ ‫اال�ستهالك العام‪.‬‬
‫إىل فوارق كبرية يف املستوى‬ ‫وقد �شهد العام ‪ 2015‬تراجع ًا كبري ًا يف اال�ستهالك العام‬
‫املعييش لألرس بني املناطق وداخل‬ ‫بن�سبة ‪ %33.1‬مقارنة بعام ‪2014‬؛ �إذ انخف�ض ‪%32.2‬‬
‫يف الربع الأول من العام‪ ،‬و‪ %31.5‬يف الربع الثاين‪ ،‬وقدر‬
‫املنطقة نفسها»‬ ‫االنخفا�ض بنحو ‪ %35.6‬يف الربع الثالث و‪ %33.3‬يف‬

‫‪26‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الشكل ‪( :5‬أ) االستهالك ومكوناته بأسعار عام ‪ 2000‬الثابتة (مبليارات‬


‫اللريات السورية) (ب) استهالك عام ‪ 2010‬والخسائر املرتاكمة حتى‬
‫عام ‪ 2015‬بأسعار عام ‪ 2000‬الثابتة (مبليارات اللريات السورية)‬

‫‪2010‬‬ ‫‪364‬‬ ‫‪776‬‬ ‫القطاعات‬


‫‪2011‬‬ ‫‪537 1‬‬ ‫‪633‬‬
‫عام‬
‫�شبه عام‬
‫‪2012‬‬ ‫‪469‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪555‬‬
‫خا�ص‬
‫‪2013‬‬ ‫‪295‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪430‬‬

‫‪2014‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪355‬‬


‫‪( 5‬أ)‬
‫‪2015‬‬ ‫‪163‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪346‬‬

‫‪(5‬ب)‬
‫‪2010‬‬ ‫‪364‬‬ ‫‪776‬‬ ‫القطاعات‬
‫‪2015Q4‬‬ ‫‪473 -182‬‬ ‫‪2341‬‬
‫عام‬ ‫�شبه عام‬ ‫خا�ص ‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪.2015 ،‬‬

‫و�أ�سعار ال�صرف‪ ،‬و�أدى �إىل تقل�ص حاد يف الإنفاق‬ ‫ُيعترب االستثمار حمرك االقت�صاد يف الأو�ضاع الطبيعية‪،‬‬
‫اال�ستثماري احلقيقي‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن الأفراد‪ ،‬يف‬ ‫لكنه من �أوائل املت�ضررين يف �أي �صراع‪ ،‬فاال�ستثمار‬
‫بع�ض املناطق‪ ،‬يعملون على التك ّيف مع غياب مقومات‬ ‫يحتاج �إىل بيئة من اال�ستقرار واالجتماعي واالقت�صادي‬
‫اال�ستثمار من خالل �إقامة م�شاريع �صغرية تلبية للطلب‬ ‫وال�سيا�سي والقانوين‪ .‬وقد ت�سبب النزاع امل�سلح يف �سورية‬
‫املبا�شر وق�صري الأجل‪.‬‬ ‫بت�صدع الركائز الأ�سا�سية لبيئة اال�ستثمار‪� ،‬إذ �شهدت‬
‫امل�ؤ�س�سات االقت�صادية ا�ستفحا ًال للتق�صري واخللل يف‬
‫ري مع حتول �أولويات‬‫ت�ضرر االستثمار العام ت�ضرر ًا كب ً‬ ‫الأمور املتعلقة بحقوق امللكية و�سيادة القانون وامل�ساءلة؛‬
‫احلكومة �إىل الإنفاق الع�سكري والأجور العامة‪ .‬وخالل‬ ‫فال�صراع خلق م�ؤ�س�سات مرتبطة بالعنف‪ ،‬يحكمها‬
‫عام ‪ ،2015‬انخف�ض اال�ستثمار العام بن�سبة ‪ %15.0‬يف‬ ‫اخلوف والإكراه‪� ،‬أعادت توزيع املوارد خلدمة قوى الأمر‬
‫الربع الأول‪ ،‬و‪ %23.0‬يف الربع الثاين‪ ،‬و�أ�شارت‬ ‫الواقع املتحاربة‪ .‬وتختلف هذه امل�ؤ�س�سات املت�شظية‬
‫الإ�سقاطات �إىل زيادة االنكما�ش بن�سبة ‪ %36.0‬يف الربع‬ ‫واملبعرثة‪ ،‬من حيث وظائفها و�أ�شكالها‪ ،‬اختالف ًا كبري ًا‬
‫الثالث‪ ،‬و‪ %35.7‬يف الربع الرابع مقارنة بالربعني املقابلني‬ ‫باختالف املناطق داخل البالد‪ ،‬ولكنها تت�شارك يف‬
‫من عام ‪2014‬؛ ومن املقدر �أن يبلغ اال�ستثمار العام‬ ‫معاداة التنمية والتمحور حول العنف والعمل �ضمن بيئة‬
‫بالأ�سعار الثابتة ما ن�سبته ‪ %7‬مما كان عليه عام ‪.2010‬‬ ‫غري م�ستقرة وغري �آمنة‪.‬‬

‫وقد قامت قوى الأمر الواقع يف املناطق اخلارجة عن‬ ‫لقد �أدى الدمار الهائل الذي �أ�صاب ر�أ�س املال املادي �إىل‬
‫�سيطرة احلكومة بتنفيذ م�شاريع ا�ستثمارية حمدودة‬ ‫تال�شي ثروة البالد املرتاكمة عرب الأجيال‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫للمحافظة على بع�ض اخلدمات الأ�سا�سية‪ .‬و ُق ّدر هذا‬ ‫امل�صانع والبنية التحتية واملعدات واملباين‪ .‬و�أ�سفر‬
‫االستثمار شبه العام بن�سبة ‪ %0.05‬من الناجت املحلي‬ ‫ا�ستمرار ال�صراع عن ت�شظي الأ�سواق وفقدان التوا�صل‬
‫الإجمايل يف عام ‪ 2012‬وارتفع �إىل ‪ %0.24‬يف عام‬ ‫فيما بينها‪� ،‬إ�ضافة �إىل الأثر ال�سلبي الكبري على البيئة‬
‫‪ ،2013‬و�إىل ‪ %0.42‬يف عام ‪ ،2014‬وقدرت هذه الن�سبة‬ ‫اال�ستثمارية ج ّراء فقدان جزء �ضخم من ر�أ�س املال‬
‫من المقدر أن يبلغ االستثمار‬
‫بنحو ‪ 0.41%‬فقط من الناجت املحلي الإجمايل يف عام‬ ‫الب�شري نتيجة االرتفاع الهائل لأعداد النازحني‬ ‫العام باألسعار الثابتة ما نسبته‬
‫‪ .2015‬وتعترب هذه الن�سبة منخف�ضة مقارنة باحلاجات‬ ‫والالجئني والزيادة امل�أ�ساوية يف �أعداد القتلى‬
‫اال�ستثمارية لهذه املناطق‪ ،‬لأن ال�سيا�سات والقواعد التي‬
‫تفر�ضها القوى امل�سيطرة تتمحور ب�شكل رئي�سي حول‬
‫احلفاظ على �أولوية الإنفاق الع�سكري‪.‬‬
‫واجلرحى‪ .‬كما ت�ضرر اال�ستثمار كثري ُا مع انهيار‬
‫م�ؤ�شرات االقت�صاد الكلي‪ ،‬مبا يف ذلك معدل البطالة‪،‬‬
‫والدين العام‪ ،‬والعجز التجاري‪ ،‬ومعدالت الت�ضخم‪،‬‬
‫‪%7‬‬
‫مما كان عليه عام ‪2010‬‬

‫‪27‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫امل�سلح‪ ،‬مبا يف ذلك �إغالق معظم املعابر احلدودية مع‬ ‫تراجع االستثمار الخاص يف عام ‪ 2015‬بن�سبة ‪%5‬‬
‫الأردن والعراق‪ ،‬وارتفاع حدة املعارك يف مناطق‬ ‫مقارنة بعام ‪� ،2014‬إذ انخف�ض يف الربع الأول من العام‬
‫متعددة؛ كما يعترب تطبيق ال�سيا�سات احلكومية الرامية‬ ‫بن�سبة ‪ ،%19.3‬ويف الربع الثاين بن�سبة ‪� ،%5.3‬إال �أن‬
‫حدت من‬‫�إىل حترير الأ�سعار من �أهم العقبات التي ّ‬ ‫الإ�س�سقاطات �أ�شارت �إىل ارتفاع بن�سبة ‪ %4.4‬يف الربع‬
‫اال�ستثمار اخلا�ص‪� ،‬إذ زادت التكلفة االقت�صادية للإنتاج‬ ‫الثالث‪ ،‬و‪ %0.7‬يف الربع الرابع (ال�شكل ‪ .)6‬مل ي�شهد‬
‫املحلي‪ ،‬وبالتايل �ساهمت يف تدهور اال�ستهالك الفعال‬ ‫واقع اال�ستثمار اخلا�ص حت�سن ًا يف معظم القطاعات‬
‫وانخفا�ض �أ�سعار �صرف اللرية ال�سورية وتذبذبها مقابل‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬حتى يف املناطق الآمنة ن�سبي ًا‪ ،‬وذلك‬
‫العمالت الأجنبية‪.‬‬ ‫ال�ستمرار وجود العقبات املرتبطة بالأزمة والنزاع‬

‫الشكل ‪( :6‬أ) االستثامر ومكوناته بأسعار عام ‪ 2000‬الثابتة (مبليارات اللريات السورية) (ب) استثامر عام‬
‫‪ 2010‬والخسائر املرتاكمة حتى عام ‪ 2015‬بأسعار عام ‪ 2000‬الثابتة (مبليارات اللريات السورية)‬

‫‪( 6‬أ)‬

‫‪330‬‬
‫‪325‬‬
‫ﻋﺎم‬ ‫ﺧﺎص‬
‫‪2010‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪193‬‬
‫‪2011‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪184‬‬

‫إﺟﻣﺎﻟﻲ ﺗﻛوﯾن رأس اﻟﻣﺎل‬


‫‪2012‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪79‬‬
‫‪2013‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪183‬‬
‫‪2014‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪2015‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪36‬‬

‫ﺷﺑﮫ ﻋﺎم‬ ‫اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺧزون‬

‫‪114‬‬
‫‪95‬‬
‫‪2010‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪-8‬‬

‫‪77‬‬
‫‪( 6‬ب)‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪2012‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪46‬‬
‫ﻋﺎم‬
‫‪2013‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪2014‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪144‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2014‬‬
‫‪2015‬‬
‫‪2010‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪2015Q4‬‬

‫يعتمد االقت�صاد ال�سوري �إىل حد كبري على امل�ستوردات ب�سبب‬ ‫يف عام ‪ ،2015‬بلغت قيمة �إجمايل اال�ستثمار العام واخلا�ص‬
‫ﺷﺑﮫ ﻋﺎم‬ ‫تدهور الإنتاج املحلي يف العديد من القطاعات مبا يف ذلك‬ ‫‪ %9.2‬فقط من الناجت املحلي الإجمايل‪� ،‬أي �أقل من معدل‬
‫‪2015‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫املواد الغذائية والطبية وامل�شتقات النفطية‪ .‬وقد واجهت‬ ‫االهتالك ال�سنوي الطبيعي ملخزون ر�أ�س املال‪ ،‬مما ي�ؤدي �إىل‬
‫امل�ستوردات �صعوبات كثرية‪ ،‬منها فر�ض العقوبات الدولية‬ ‫�صايف ا�ستثمار �سلبي ي�صل �إىل معدالت غري م�سبوقة �إذا �أخذ‬
‫ﺧﺎص‬ ‫على امل�ؤ�س�سات واملن�ش�آت وعلى املعامالت املالية والت�أمني‪،‬‬ ‫باالعتبار تدهور خمزون ر�أ�س املال وتدمريه نتيجة الأزمة‪.‬‬
‫مما �أعاق القدرة على ا�سترياد ال�سلع الأ�سا�سية‪ .‬وقد �أدت‬
‫‪2010‬‬ ‫‪193‬‬ ‫هذه ال�صعوبات �إىل ظهور �سوق �سوداء �ضخمة للتبادل‬ ‫انخف�ضت ال�صادرات يف عام ‪ 2015‬بن�سبة ‪ %20.9‬يف الربع‬
‫‪2015Q4‬‬ ‫‪689‬‬
‫التجاري مع �سورية الأمر الذي انعك�س ارتفاع ًا كبري ًا يف تكلفة‬ ‫الأول‪ ،‬و‪ %27.3‬يف الثاين‪ ،‬و‪ %33.0‬يف الثالث‪ ،‬و‪ %35.7‬يف‬
‫امل�ستوردات‪ ،‬و�سمح لقوى الت�سلط باحتكار جتارة ال�سلع‬ ‫الربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة لها من عام ‪.2014‬‬
‫واخلدمات الأ�سا�سية‪ .‬وت�أثر التبادل التجاري باملواقف‬ ‫واعتمد الت�صدير ب�شكل رئي�سي على بع�ض املواد اخلام‪،‬‬
‫اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﺧزون‬ ‫ال�سيا�سية املختلفة لل�شركاء التجاريني‪� ،‬إذ اعتمد كل طرف‬ ‫والأغنام والفاكهة‪ ،‬واخل�ضار؛ وجتدر الإ�شارة �إىل �أن حركة‬
‫‪-8‬‬ ‫‪2010‬‬
‫من الأطراف املتحاربة على حتالفاته لت�سهيل م�صاحله‬ ‫ال�صادرات ت�أثرت �سلب ًا نتيجة �إغالق العديد من املعابر‬
‫التجارية امل�شروعة وغري امل�شروعة‪ .‬وعالوة على ما �سبق‪� ،‬أدى‬ ‫احلدودية �إ�ضافة �إىل ا�ستمرار املعارك واحتدامها يف بع�ض‬
‫‪-287‬‬ ‫‪2015Q4‬‬
‫تعقيد ال�صراع �إىل ظهور بع�ض احلاالت املتناق�ضة ط ّورت‬ ‫املناطق‪ .‬وكان ل�سيا�سات التحرير االقت�صادي الأخرية �آثار‬
‫فيها الأطراف املتحاربة عالقات تعاون اقت�صادي فيما بينها!‬ ‫ج ّمة على الت�صدير ب�سبب االرتفاع الكبري يف تكلفة الإنتاج‬
‫إﺟﻣﺎﻟﻲ ﺗﻛوﯾن رأس اﻟﻣﺎل‬ ‫املحلي‪ ،‬الذي يعاين �أ�ص ًال من عقبات كثرية‪ ،‬مما �ساهم يف‬
‫‪2010‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫و�سجلت امل�ستوردات خالل عام ‪ 2015‬انكما�ش ًا بن�سبة‬
‫ّ‬ ‫زيادة ال�ضغوط الت�ضخمية وبالتايل انهيار يف �أ�سعار �صرف‬
‫مقارنة بعام ‪ 2014‬وذلك ب�سبب الرتاجع يف الطلب الف ّعال‪،‬‬ ‫اللرية ال�سورية‪ ،‬الأمر الذي رفع بدوره تكلفة الواردات من‬
‫‪2015Q4‬‬ ‫‪992‬‬
‫�إ�ضافة �إىل تدهور �سعر �صرف اللرية ال�سورية مقابل العمالت‬ ‫املدخالت الو�سيطة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫والتحديات امل�شرتكة‪ ،‬الراهنة واملحتملة‪ ،‬التي تواجه التنمية‪.‬‬ ‫الأجنبية‪ .‬وال يزال العجز التجاري كبري ًا‪ ،‬على الرغم من‬
‫تراجعه الن�سبي عام ‪� ،2015‬إذ بلغ ‪ %27.6‬من الناجت املحلي‬
‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬ت�شري الإ�سقاطات �إىل �أن خ�سائر الناجت‬ ‫الإجمايل مقارنة بن�سبة ‪ %38.9‬يف عام ‪.2014‬‬
‫املحلي الإجمايل حتى نهاية عام ‪ 2015‬بلغت ‪ 163.3‬مليار‬
‫دوالر �أمريكي‪ ،‬منها ‪ 49.7‬مليار دوالر �أمريكي خ�سائر عام‬ ‫لقد ازداد انك�شاف االقت�صاد ال�سوري على العامل اخلارجي‬
‫‪ 2015‬وذلك باملقارنة بني �سيناريو الأزمة وال�سيناريو‬ ‫من خالل االعتماد‪ ،‬على امل�ستوردات املم ّولة بالقرو�ض‬
‫اال�ستمراري‪ .‬ويعترب التقرير الزيادة يف الإنفاق الع�سكري‬ ‫والت�سهيالت املالية اخلارجية‪ .‬كما �أن طبيعة ال�صراع املمتدة‬
‫احلكومي والإنفاق الع�سكري للجماعات امل�سلحة خ�سارة‬ ‫وامل�ستمرة �أدت �إىل تدمري القدرة التناف�سية لالقت�صاد‬
‫اقت�صادية و�إعادة تخ�صي�ص املوارد من �أن�شطة �إنتاجية �إىل‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وق ّو�ضت �أ�س�س الرثوة والإنتاجية التي تراكمت على‬
‫عمليات تدمريية‪ ،‬خا�صة �أن الإنفاق الع�سكري ملختلف‬ ‫مدى عقود‪ .‬و�سبب هذا االنك�شاف االقت�صادي تفاقم ًا يف عجز‬
‫الأطراف هو جزء من الناجت املحلي الإجمايل الفعلي‪ .‬وت�شري‬ ‫ميزان املدفوعات‪ ،‬الذي ا�ستهلك االحتياطيات الأجنبية‬
‫الإ�سقاطات حتى نهاية عام ‪� 2015‬إىل �أن الزيادة يف الإنفاق‬ ‫وغريها من الوفورات واملدّخرات‪ ،‬وراكم ديون ًا �ضخمة �ستقع‬
‫الع�سكري للحكومة بلغت ‪ 14.5‬مليار دوالر �أمريكي‪� ،‬أما‬ ‫على كاهل الأجيال القادمة‪.‬‬
‫الإنفاق الع�سكري للجماعات امل�سلحة فيقدر بنحو ‪ 6‬مليار‬
‫دوالر �أمريكي خالل الأزمة ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫يف عام ‪� ،2015‬ش ّكل �إجمايل اال�ستهالك ‪ %112.6‬من الناجت‬
‫املحلي الإجمايل‪ ،‬مما يدل على تراجع كبري يف الإدخار‬
‫ت�سبب ال�صراع ب�أ�ضرار ج ّمة �أ�صابت الأن�شطة االقت�صادية‬ ‫املحلي الذي ُيقدّر بناق�ص ‪ %12.6‬من �إجمايل الناجت املحلي؛‬
‫والرثوة املرتاكمة يف البالد‪ ،‬وقد ا�ستفاد هذا التقرير يف‬ ‫كما �ش ّكلت امل�ستوردات ‪ %39‬من الناجت املحلي الإجمايل‪ ،‬يف‬
‫ح�ساب خمزون ر�أ�س املال من م�سح حالة ال�سكان الذي �أجري‬ ‫حني �ش ّكلت ال�صادرات ‪ %11.4‬منه‪� .‬إن االعتماد على الدعم‬
‫يف عام ‪ ،2014‬وت�ض ّمن �س�ؤا ًال مف�ص ًال عن الأ�ضرار التي‬ ‫اخلارجي لتمويل التجارة والعجز يف ميزان املدفوعات يزيدان‬
‫وقعت على البنية التحتية‪ ،‬واملباين‪ ،‬واملن�ش�آت‪ ،‬وامل�صانع؛‬ ‫االقت�صاد ه�شا�شة‪ ،‬ويهددان �إمكانية التعايف والتنمية‬
‫وبالتايل‪ ،‬متكن التقرير من �إعادة تقومي خمزون ر�أ�س املال‬ ‫امل�ستقبلية‪.‬‬
‫املت�ضرر على م�ستوى املنا�إىلطق‪ .‬وتُقدّر اخل�سائر يف خمزون‬
‫ر�أ�س املال بنحو ‪ 137.8‬مليار دوالر �أمريكي بالأ�سعار اجلارية‬
‫حتى نهاية عام ‪ ،2015‬كما ُيقدّر حجم خمزون ر�أ�س املال‬
‫الفعلي يف عام ‪ 2015‬مبا ن�سبته ‪ %32.8‬مما كان ميكن �أن‬ ‫الخسائر االقتصادية اإلجمالية‪:‬‬
‫يكون عليه يف «ال�سيناريو اال�ستمراري» (ال�شكل ‪ .)7‬وتت�ألف‬ ‫‪ 254.7‬مليار دوالر أميركي‬
‫اخل�سارة يف خمزون ر�أ�س املال من ثالثة مكونات‪ ،‬الأول هو‬
‫تراجع اال�ستثمارات ال�صافية والذي يعادل ‪ 47‬مليار دوالر‬ ‫�ش ّكل ت�صميم الإطار التحليلي لتقدير اخل�سائر االقت�صادية‬
‫�أمريكي‪ ،‬و�سبق ح�سابها يف تقدير خ�سائر الناجت املحلي‬ ‫خالل الأزمة حتدي ًا دفع فريق البحث‪ ،‬العامل على هذه‬
‫الإجمايل‪ .‬واملكون الثاين هو خمزون ر�أ�س املال املعطل الناجت‬ ‫ال�سل�سلة من التقارير لر�صد �آثار الأزمة ال�سورية‪� ،‬إىل مراجعة‬
‫عن توقف �إ�سهام ر�أ�س املال املادي يف �إنتاج ال�سلع واخلدمات‬ ‫م�ستمرة للمعطيات وتطوير م�ستمر للمنهجية بغية الو�صول‬
‫والقيمة امل�ضافة‪ ،‬ويبلغ ‪ 23.5‬مليار دوالر �أمريكي وهو كذلك‬ ‫�إىل الطرق الأكرث دقة‪ ،‬وينطبق ذلك على ح�ساب اخل�سائر يف‬
‫مت�ضمن يف ح�ساب خ�سارة الناجت املحلي الإجمايل‪ .‬واملكون‬ ‫الق�ضايا االجتماعية وم�ؤ�شرات التنمية الب�شرية‪� ،‬إن تطوير‬
‫الثالث هو خمزون ر�أ�س املال املدمر كلي ًا �أو جزئي ًا نتيجة‬ ‫منهجيات البحث عامل حا�سم يف فهم ديناميات الأزمة‬
‫النزاع امل�سلح‪ ،‬وي�شمل ذلك امل�ؤ�س�سات العامة واخلا�صة‬ ‫املتغرية‪.‬‬
‫واملعدات والأبنية ال�سكنية وغري ال�سكنية املدمرة‪ .‬ومل ي�ؤخذ‬
‫هذا املك ّون بعني االعتبار يف تقدير خ�سائر الناجت املحلي‬ ‫يقدم التقرير التقديرات والإ�سقاطات للقيمة امل�ضافة الفعلية‬
‫الإجمايل‪ ،‬وبالتايل ينبغي �إ�ضافته �إىل اخل�سائر االقت�صادية‬ ‫(�أي �سيناريو الأزمة) والقيمة امل�ضافة التي كان ميكن �أن‬
‫الإجمالية‪ .‬ويقدر خمزون ر�أ�س املال املدمر بـنحو ‪ 67.3‬مليار‬ ‫تتحقق يف حال عدم حدوث الأزمة (�أي ال�سيناريو‬
‫دوالر �أمريكي‪.‬‬ ‫اال�ستمراري) وذلك لكافة الأن�شطة االقت�صادية ويف جميع‬
‫املناطق ال�سورية التي تقع حتت ال�سيطرة احلكومية �أو‬
‫و�أخري ًا اعتُرب اال�ستخدام غري الر�سمي للنفط والغاز خ�سارة‬ ‫خارجها‪ ،‬على �أ�سا�س ربع �سنوي‪ .‬كما يقدر التقرير اخل�سائر‬ ‫‪ .5‬سينشر المركز السوري لبحوث‬
‫السياسات في الفترة القادمة‬
‫لرثوات البالد‪� ،‬إذ �أ�صبح جزء ًا من �آلة العنف‪ .‬وتُظهر‬ ‫اعتماد ًا على امل�ؤ�شرات الكمية لتجنب التقلبات ال�شديدة يف‬ ‫سلسلة من التقارير التي تتطرق‬
‫التقديرات �أن �إ�سقاطات الإنتاج غري الر�سمي للنفط والغاز‬ ‫الأ�سعار و�أ�سعار �صرف العمالت الأجنبية‪ .‬ومن الوا�ضح �أن‬ ‫بشكل أساسي إلى االختالف‬
‫ت�صل �إىل ‪ 5.2‬مليار دوالر حتى نهاية عام ‪� ،2015‬إال �أن جزء ًا‬ ‫االقت�صاد ال�سوري �أ�صبح يف حالة �شديدة من عدم التجان�س‪،‬‬ ‫وعدم المساواة بين المناطق في‬
‫من هذه اخل�سارة الذي ُيثل �سعر بيع النفط يف ال�سوق‬ ‫وذلك من حيث الظروف‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬واجلهات الفاعلة‬ ‫جميع أرجاء سورية‪.‬‬
‫‪ .6‬تم الحساب باستخدام نتائج كوليير‬
‫ال�سوداء قد مت �إدراجه يف �إنفاق اجلماعات امل�سلحة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫وال�سيا�سات املطبقة يف خمتلف املناطق ؛ ومع ذلك‪ ،‬كان من‬
‫‪5‬‬
‫وهوفلر باإلضافة إلى حسابات المركز‬
‫يف خ�سائر الناجت املحلي الإجمايل‪ ،‬ما يجعل �صايف اخل�سارة‬ ‫الأهمية مبكان ر�سم ال�صورة العامة لالقت�صاد الإجمايل‬ ‫السوري لبحوث السياسات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫‪1.00‬‬
‫‪0.98‬‬

‫الشكل ‪( :7‬أ) املستوى املقدر ملخزون رأس املال‪ ،‬من ‪ 2010‬حتى‬


‫الربع الرابع من ‪ 2015‬باألسعار الثابتة (‪( ،)1 = 2010‬ب) توزيع خسائر‬
‫مخزون رأس املال حسب مكوناته مباليني الدوالرات األمرييك‬
‫‪0.76‬‬

‫‪0.70‬‬
‫)ب(‬ ‫)أ(‬
‫‪0.64‬‬

‫‪0.58‬‬

‫الفاقد من‬
‫صافي االستثمار‬ ‫معطل‬ ‫متضرر‬ ‫‪0.53‬‬
‫‪0.50 0.51‬‬
‫‪%34‬‬ ‫‪%17‬‬ ‫‪%49‬‬ ‫‪0.46‬‬
‫‪0.48‬‬
‫‪0.45‬‬
‫‪0.44 0.44‬‬
‫‪0.43‬‬

‫‪46996‬‬ ‫‪23458‬‬ ‫‪67334‬‬


‫‪2015Q4‬‬

‫‪2015Q3‬‬

‫‪2015Q2‬‬

‫‪2015Q1‬‬

‫‪2014Q4‬‬

‫‪2014Q3‬‬

‫‪2014Q2‬‬

‫‪2014Q1‬‬

‫‪2013Q4‬‬

‫‪2013Q3‬‬

‫‪2013Q2‬‬

‫‪2013Q1‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2010‬‬
‫امل�ص��در‪ :‬ح�س��ابات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات بن��اء عل��ى (ن�ص��ر‪ ،‬وحم�ش��ي ‪ :2012b‬تقدي��رات خمزون ر�أ���س املال ال�س��وري ‪.)2010-1965‬‬

‫اخل�سائر االقت�صادية الإجمالية ‪ 254.7‬مليار دوالر �أمريكي‬ ‫نتيجة الإنتاج غري الر�سمي للنفط والغاز يبلغ ‪ 3.6‬مليار دوالر‬
‫مع نهاية عام ‪( 2015‬اجلدول ‪ .)2‬وت�شكل خ�سارة الناجت‬ ‫�أمريكي ت�ضاف �إىل جمموع اخل�سائر االقت�صادية‪.‬‬
‫املحلي الإجمايل ‪ %64.1‬من �إجمايل اخل�سائر‪ ،‬بينما ي�سهم‬
‫خمزون ر�أ�س املال املت�ضرر بـ ‪ %26.4‬منها‪ ،‬يف حني ت�ش ّكل‬ ‫وبالتايل‪� ،‬أ�سفر النزاع امل�سلح يف �سورية عن خ�سائر اقت�صادية‬
‫الزيادة يف الإنفاق الع�سكري للحكومة ‪ ،%5.7‬والإنفاق‬ ‫�إجمالية تقدر مببلغ ‪ 6483‬مليار لرية �سورية بالأ�سعار الثابتة‬
‫الع�سكري للجماعات امل�سلحة ‪ ،%2.3‬والإنتاج غري الر�سمي‬ ‫لعام ‪� ،2000‬أي ما يعادل ‪ %468‬من الناجت املحلي الإجمايل‬
‫للنفط والغاز ‪ %1.5‬من �إجمايل اخل�سائر االقت�صادية‪.‬‬ ‫لعام ‪ 2010‬بالأ�سعار الثابتة‪� .‬أما بالأ�سعار اجلارية‪ ،‬فقد بلغت‬

‫الجدول ‪ :2‬الخسائر اإلقتصادية اإلجاملية مباليني الدوالرات األمرييك (باألسعار الجارية)‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2013‬‬
‫املجموع‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬
‫الربع ‪4‬‬ ‫الربع ‪3‬‬ ‫الربع ‪2‬‬ ‫الربع ‪1‬‬ ‫الربع ‪4‬‬ ‫الربع ‪3‬‬ ‫الربع ‪2‬‬ ‫الربع ‪1‬‬ ‫الربع ‪4‬‬ ‫الربع ‪3‬‬ ‫الربع ‪2‬‬ ‫الربع ‪1‬‬

‫الخسارة اإلقتصادية‬
‫‪254.7‬‬ ‫‪14.0‬‬ ‫‪13.9‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪14.8‬‬ ‫‪15.4‬‬ ‫‪15.3‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪14.7‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫‪15.3‬‬ ‫‪17.8‬‬ ‫‪18.5‬‬ ‫‪49.9‬‬ ‫‪12.1‬‬
‫اإلجاملية (مليار دوالر)‬
‫خسارة الناتج املحيل‬
‫‪163.3‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪13.8‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪11.8‬‬ ‫‪13.4‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪10.8‬‬ ‫‪8.4‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫‪21.4‬‬ ‫‪5.4‬‬
‫اإلجاميل (مليار دوالر)‬
‫أرضار مخزون رأس‬
‫‪67.3‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪1.0‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪6.4‬‬ ‫‪8.1‬‬ ‫‪23.7‬‬ ‫‪5.7‬‬
‫املال (مليار دوالر)‬
‫زيادة اإلنفاق العسكري‬
‫‪14.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪0.9‬‬
‫الحكومي (مليار دوالر)‬
‫اإلنفاق العسكري‬
‫‪6.0‬‬ ‫‪0.53‬‬ ‫‪0.48‬‬ ‫‪0.77‬‬ ‫‪0.48‬‬ ‫‪0.54‬‬ ‫‪0.45‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪0.34‬‬ ‫‪0.50‬‬ ‫‪0.26‬‬ ‫‪0.29‬‬ ‫‪0.15‬‬ ‫‪0.58‬‬ ‫‪0.02‬‬ ‫للجامعات املسلحة‬
‫(مليار دوالر)‬
‫خسارة الرثوات‬
‫‪5.2‬‬ ‫‪0.27‬‬ ‫‪0.41‬‬ ‫‪0.45‬‬ ‫‪0.37‬‬ ‫‪0.63‬‬ ‫‪0.84‬‬ ‫‪0.47‬‬ ‫‪0.39‬‬ ‫‪0.35‬‬ ‫‪0.38‬‬ ‫‪0.34‬‬ ‫‪0.34‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫(احتياطيات النفط‬
‫والغاز) (مليار دوالر)‬
‫عائدات النفط‬
‫‪1.7‬‬ ‫‪0.09‬‬ ‫‪0.14‬‬ ‫‪0.14‬‬ ‫‪0.14‬‬ ‫‪0.16‬‬ ‫‪0.21‬‬ ‫‪0.16‬‬ ‫‪0.14‬‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪0.13‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬
‫للجامعات املسلحة‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبحوث ال�سيا�س��ات‬


‫* الإ�س��قاطات‬

‫‪30‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫عام ‪� ،2015‬إذ تبنت احلكومة ا�سرتاتيجية لزيادة الإيرادات‬ ‫تخفيض العجز وتفاقم الركود‬
‫العامة من خالل �سيا�سة «عقلنة الدعم» التي خف�ضت الدعم‬
‫ب�شكل كبري من خالل حترير �أ�سعار ال�سلع الأ�سا�سية‪ ،‬مثل‬ ‫ال�سيا�سة املالية هي الأداة الرئي�سية لل�سيا�سة االقت�صادية يف‬
‫اخلبز و�أ�سعار امل�شتقات النفطية‪ ،‬وترافق ذلك مع انخفا�ض‬ ‫�سورية وتعك�س‪� ،‬إىل حد كبري‪ ،‬الأولويات االجتماعية‬
‫حاد يف �أ�سعار النفط العاملية‪ .‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬زادت احلكومة‬ ‫واالقت�صادية للبلد‪ .‬ا�ستخدمت احلكومة املوازنة العامة خالل‬
‫�إيراداتها ب�شكل ملحوظ من خالل زيادة ال�ضرائب غري‬ ‫الأزمة للحفاظ �أو ًال على الإنفاق الع�سكري الذي نقل املوارد‬
‫املبا�شرة مثل �ضريبة اال�ستهالك‪ ،‬والتح�صيل اجلمركي‪ ،‬كما‬ ‫من الأن�شطة الإنتاجية �إىل عمليات تدمري‪ ،‬وثاني ًا ملواجهة‬
‫رفعت قيمة عدد من الر�سوم‪ ،‬كر�سوم ال�سيارات‪ ،‬والر�سوم‬ ‫الركود العميق والرتاجع احلاد يف الطلب االقت�صادي من‬
‫العقارية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تراجع العجز احلكومي ب�شكل كبري‪،‬‬ ‫خالل زيادة الإنفاق العام على الرواتب والأجور واال�ستمرار يف‬
‫وقد بد�أت احلكومة يف بع�ض احلاالت‪ ،‬مثل رفع �أ�سعار‬ ‫دعم امل�شتقات النفطية‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬واملواد الغذائية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫امل�شتقات النفطية‪ ،‬بجني «الأرباح»‪ ،‬وقد ا�ستطاعت هذه‬ ‫وترافق ذلك مع تراجع كبري يف اال�ستثمارات العامة نظر ًا‬
‫ال�سيا�سة تخفي�ض الإنفاق العام ب�شكل ملحوظ‪.‬‬ ‫لتحويل املوارد وتغري �أولويات الإنفاق �إ�ضافة �إىل ال�صعوبات‬
‫التي تعرت�ض تنفيذ اال�ستثمارات �ضمن بيئة تفتقد الأمان‪.‬‬
‫ويف عام ‪ ،2015‬بلغ الإنفاق العام ن�سبة ‪ %16.9‬من الناجت‬
‫املحلي الإجمايل اجلاري‪ ،‬يف حني بلغت هذه الن�سبة ‪ %23.4‬يف‬ ‫�أدّى ت�صاعد الأزمة �إىل �إ�ضعاف الدور التقليدي لل�سيا�سة‬
‫عام ‪ .2014‬وتراجع الإنفاق العام املت�ضمن الدعم من خارج‬ ‫املالية يف العديد من املناطق داخل البالد‪ ،‬خا�صة �أن مناطق‬
‫املوازنة والزيادة املتوقعة يف الإنفاق الع�سكري احلكومي‬ ‫خمتلفة �أ�صبحت خارج �سيطرة احلكومة وتعمل وفق قواعد‬
‫من‪ %47.5‬من الناجت املحلي الإجمايل اجلاري يف عام ‪2014‬‬ ‫اقت�صاد �سيا�سي جديدة؛ وبالتايل‪ ،‬ف�إن هذه املناطق مل تت�أثر‬
‫�إىل ‪ 33.5%‬يف عام ‪ .2015‬ويعك�س هذا الرتاجع الكبري‬ ‫مبا�شرة بال�سيا�سة املالية للحكومة‪ ،‬مما �أدّى �إىل تخفيف‬
‫�سيا�سات احلكومة اجلديدة حيث انخف�ضت فاتورة الدعم على‬ ‫العبء على املوازنة العامة‪ ،‬وباملقابل تدهور دور ال�سيا�سة‬
‫ال�سلع من ‪ %14‬من الناجت املحلي الإجمايل اجلاري يف عام‬ ‫املالية يف االقت�صاد‪.‬‬
‫‪� 2014‬إىل ‪ %5.6‬يف عام ‪ ،2015‬كما تراجعت ن�سبة الأجور‬
‫والرواتب من ‪ %16‬يف عام ‪� 2014‬إىل ‪ %11.4‬يف عام ‪،2015‬‬ ‫تخ�ضع املناطق اخلارجة عن �سيطرة احلكومة لقوى �أمر واقع‬
‫و�سجلت الزيادة يف الإنفاق الع�سكري ما ن�سبته ‪ %13.2‬من‬ ‫غري متجان�سة‪ ،‬عملت على ع�سكرة االقت�صاد وتخ�صي�ص‬
‫الناجت املحلي الإجمايل اجلاري يف كل من عامي ‪ 2014‬و‪.2015‬‬ ‫معظم املوارد املتاحة للحفاظ على قدرتها يف ا�ستمرار‬
‫ال�صراع‪ ،‬كما ا�ستخدمت �سلطتها لإعادة توزيع املوارد وفر�ض‬
‫وقد �أدت �سيا�سة «عقلنة الدعم» �إىل تراجع الإنفاق العام على‬ ‫�أ�شكال جديدة من ال�ضرائب والأتاوى والر�سوم‪ .‬وعالوة على‬
‫الدعم وتخفي�ص عجز املوازنة العامة �إال �أن ذلك �س ّبب زيادة‬ ‫ما �سبق‪ ،‬مت توجيه الإيرادات املحلية واخلارجية ب�شكل رئي�سي‬
‫يف تكلفة الإنتاج املحلي وال�ضغوط الت�ضخمية‪ ،‬وبالتايل‪،‬‬ ‫خلدمة الإنفاق الع�سكري مع حد �أدنى من الإنفاق للحفاظ على‬
‫تدهورت قيمة العملة الوطنية‪ .‬لقد �أ�ض ّرت هذه ال�سيا�سة‬ ‫اخلدمات الأ�سا�سية يف هذه املناطق؛ وقد �سمى التقرير هذا‬
‫باالقت�صاد ف�أ�سفرت عن انخفا�ض الطلب املحلي وزيادة تكلفة‬ ‫النوع من الإنفاق «�شبه عام» وقام بتحليله يف الق�سم ال�سابق‪.‬‬
‫الإنتاج والواردات الأمر الذي �ساهم يف تعميق االنكما�ش‬
‫(ال�شكل ‪.)8‬‬ ‫�شهدت ال�سيا�سة املالية حتو ًال منذ عام ‪ 2014‬وا�ستمر خالل‬

‫الشكل ‪ :8‬اآلثار املبارشة وغري املبارشة لسياسة «عقلنة الدعم»‬

‫ارتفاع أسعار املستوردات‬


‫ارتفاع مؤرش‬ ‫انخفاض أسعار‬
‫مبا يف ذلك أسعار‬
‫ارتفاع عجز‬
‫أسعار املستهلك‬ ‫الرصف‬ ‫املشتقات النفطية‬ ‫املوازنة‬

‫سياسة ”عقلنة‬ ‫ارتفاع تكاليف‬ ‫تدهور يف الطلب‬ ‫انخفاض يف‬


‫الدعم“‬ ‫اإلنتاج‬ ‫الفعال‬ ‫اإليرادات العامة‬

‫انكامش‬
‫انخفاض عجز‬ ‫ارتفاع إضايف يف‬
‫ارتفاع الفقر‬
‫امل�ص��در‪ :‬املرك��ز ال�س��وري لبحوث‬ ‫املوازنة‬ ‫الفقر والبطالة‬
‫ال�سيا�س��ات‪.2016 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫العامة احلقيقية‪ .‬وقد �سجلت ن�سبة الإيرادات من‬ ‫ومن جانب الإيرادات‪ ،‬عملت احلكومة على حت�صيل‬
‫الناجت املحلي الإجمايل اجلاري تراجع ًا من ‪ %6.2‬يف‬ ‫املزيد من الإيرادات اال�سمية من خالل زيادة الر�سوم‬
‫عام ‪� 2014‬إىل ‪ %5.4‬يف عام ‪.2015‬‬ ‫وال�ضرائب وخا�صة ال�ضرائب غري املبا�شرة‪ ،‬و�شكل‬
‫ال �إ�ضافي ًا لزيادة تكلفة الإنتاج املحلي‬
‫ذلك عام ً‬
‫وباملح�صلة‪ ،‬تراجع عجز املوازنة‪ ،‬كن�سبة من الناجت‬ ‫والواردات‪� .‬إال �أن احلكومة مل تطبق �ضريبة مبا�شرة‬
‫املحلي الإجمايل اجلاري‪ ،‬من ‪ %17.2‬يف عام ‪� 2014‬إىل‬ ‫فعالة على الأعمال يف القطاع اخلا�ص‪ ،‬التي من‬
‫‪ %11.5‬يف عام ‪2015‬؛ يف حني تراجع العجز مع الدعم‬ ‫املفرت�ض �أن تكون �أكرث عد ًال‪ ،‬وذلك نظر ًا لغياب‬
‫من خارج املوازنة من ‪� %28.0‬إىل ‪ %14.9‬خالل الفرتة‬ ‫امل�ؤ�س�سات القادرة على حماربة الف�ساد ومواجهة‬
‫نف�سها‪ .‬وتراجع العجز الإجمايل املت�ضمن الدعم من‬ ‫ف�ضلت احلكومة‬ ‫ر�أ�سمالية املحا�سيب؛ وعلى العك�س‪ّ ،‬‬
‫خارج املوازنة والزيادة الإنفاق الع�سكري من ‪%41.2‬‬ ‫اتباع الطريقة الأ�سهل لزيادة الإيرادات من خالل‬
‫من الناجت املحلي الإجمايل اجلاري يف عام ‪� 2014‬إىل‬ ‫خف�ض الدعم وزيادة ال�ضرائب غري املبا�شرة والر�سوم‪،‬‬
‫‪ %28.1‬يف عام ‪.2015‬‬ ‫الأمر الذي �أدى �إىل تراجع يف الإنفاق والإيرادات‬

‫الجدول ‪ :3‬اإليرادات‪ ،‬والنفقات‪ ،‬والعجز يف امليزانية الحكومية (نسبة مئوية من‬


‫الناتج املحيل اإلجاميل الجاري)‪2015-2010 ،‬‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2015‬‬


‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬
‫الربع الرابع‬ ‫الربع الثالث‬ ‫الربع الثاين‬ ‫الربع األول‬

‫‪5.4‬‬ ‫‪4.9‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪7.7‬‬ ‫‪6.2‬‬ ‫‪7.4‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪19.3‬‬ ‫‪24.1‬‬ ‫اإليرادات‬

‫‪0.6‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫اإليرادات النفطية‬

‫اإليرادات الرضيبية‬
‫‪3.1‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪9.9‬‬
‫غري النفطية‬

‫اإليرادات غري الرضيبية‬


‫‪1.8‬‬ ‫‪1.6‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪6.7‬‬
‫غري النفطية‬

‫‪16.9‬‬ ‫‪16.5‬‬ ‫‪19.3‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫‪21.9‬‬ ‫‪23.4‬‬ ‫‪23.3‬‬ ‫‪27.3‬‬ ‫‪28.7‬‬ ‫‪27.2‬‬ ‫النفقات‬

‫‪15.0‬‬ ‫‪13.8‬‬ ‫‪16.6‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪21.1‬‬ ‫‪20.8‬‬ ‫‪20.5‬‬ ‫‪23.1‬‬ ‫‪21.4‬‬ ‫‪17.9‬‬ ‫اإلنفاق الجاري‬

‫‪11.4‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫‪12.7‬‬ ‫‪8.9‬‬ ‫‪16.1‬‬ ‫‪16.0‬‬ ‫‪14.6‬‬ ‫‪16.0‬‬ ‫‪14.2‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫األجور والرواتب‬

‫‪1.2‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫السلع والخدمات‬

‫‪0.2‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.2‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.6‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫مدفوعات الفوائد‬

‫‪2.2‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪4.0‬‬ ‫‪5.0‬‬ ‫‪4.8‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫اإلعانات والتحويالت‬

‫‪1.9‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪1.2‬‬ ‫‪0.8‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪7.3‬‬ ‫‪9.2‬‬ ‫اإلنفاق التنموي‬

‫‪-11.5‬‬ ‫‪-11.6‬‬ ‫‪-13.2‬‬ ‫‪-8.6‬‬ ‫‪-14.3‬‬ ‫‪-17.2‬‬ ‫‪-15.9‬‬ ‫‪-15.6‬‬ ‫‪-9.4‬‬ ‫‪-3.0‬‬ ‫رصيد املوازنة‬

‫مع الدعم من خارج‬


‫‪-14.9‬‬ ‫‪-14.7‬‬ ‫‪-17.0‬‬ ‫‪-11.3‬‬ ‫‪-19.1‬‬ ‫‪-28.0‬‬ ‫‪-25.1‬‬ ‫‪-28.5‬‬ ‫‪-26.5‬‬ ‫‪-11.4‬‬
‫املوازنة‬

‫مع الدعم من خارج‬


‫‪-28.1‬‬ ‫‪-27.9‬‬ ‫‪-30.2‬‬ ‫‪-24.5‬‬ ‫‪-32.3‬‬ ‫‪-41.2‬‬ ‫‪-41.4‬‬ ‫‪-39.5‬‬ ‫‪-28.1‬‬ ‫‪-11.4‬‬ ‫املوازنة والزيادة يف‬
‫اإلنفاق العسكري‬

‫امل�ص��در‪ :‬املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪2015 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫املحلية وتدهور الطلب املحلي �سي�ؤثران �سلب ًا يف القدرة‬ ‫يف عام ‪ ،2015‬زاد العجز الكبري يف املوازنة العامة من‬
‫على االحتفاظ بالدين عند هذا امل�ستوى‪.‬‬ ‫الدين العام اال�سمي؛ �إال �أن االرتفاع احلاد يف الأ�سعار‬
‫املحلية خفّ�ض القيمة احلقيقية للدين املحلي من ‪%115‬‬
‫بوجه عام‪ ،‬متكنت ال�سيا�سة املالية العامة خالل عام‬ ‫من الناجت املحلي الإجمايل اجلاري يف عام ‪� 2014‬إىل‬
‫‪ 2015‬من خف�ض الدعم على ال�سلع وبالتايل العجز يف‬ ‫‪ %93‬يف عام ‪ .2015‬يف املقابل‪ ،‬زاد عبء الدين العام‬
‫املوازنة العامة؛ ولكنها‪ ،‬يف الوقت نف�سه‪� ،‬أ�ض ّرت بالطلب‬ ‫اخلارجي مع تراجع قيمة العملة‪ ،‬ويبني ال�شكل ‪� 9‬أن‬
‫االقت�صادي وزادت تكلفة الإنتاج ورفعت الأ�سعار‪،‬‬ ‫الدين اخلارجي ارتفع من ‪ %47‬من الناجت املحلي‬
‫وبالتايل‪ ،‬زادت من الفقر وعدم امل�ساواة‪ .‬ومن اجلدير‬ ‫الإجمايل اجلاري يف عام ‪� 2014‬إىل ‪ %63‬يف عام‬
‫بالذكر �أن الأداء يف �إدارة املوازنة العامة‪ ،‬ومع ا�ستمرار‬ ‫‪ .2015‬وبالتايل �ساهم التمويل بالعجز املرتافق مع‬
‫الأزمة‪� ،‬أ�صبح �أ�ضعف من حيث ال�شفافية والكفاءة‬ ‫حترير �أ�سعار ال�سلع يف تغيري الرتكيب الهيكلي للدين‬
‫وامل�ساءلة‪.‬‬ ‫العام؛ �إال �أن اخل�سارة الناجتة عن زيادة التكاليف‬

‫الشكل ‪ :9‬الدين اإلجاميل بحسب املك ّونني املحيل والخارجي (كنسبة مئوية من‬
‫الناتج املحيل اإلجاميل)‪2015-2010 ،‬‬

‫‪162‬‬
‫‪156‬‬

‫‪126‬‬ ‫�إجمايل الدين‬


‫‪115‬‬
‫‪97‬‬
‫الناجت املحلي‬
‫‪93‬‬ ‫‪93‬‬
‫‪83‬‬ ‫الدين اخلارجي‬
‫‪63‬‬
‫‪47‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪45‬‬
‫‪29‬‬
‫‪24‬‬
‫‪17‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪.2015 ،‬‬

‫ومع نهاية الربع الأول من عام ‪ ،2015‬تراجع‬ ‫انهيار في أسعار الصرف‬


‫و�سطي �سعر �صرف اللرية ال�سورية مقابل الدوالر‬
‫الأمريكي يف ال�سوق غري الر�سمية بن�سبة ‪%15.3‬‬ ‫تابع امل�صرف املركزي يف عام ‪ 2015‬تدخله املبا�شر‬
‫مقارنة باملعدل الو�سطي ال�شهري امل�سجل يف كانون‬ ‫وغري املبا�شر يف �سوق القطع الأجنبي‪ ،‬لكن ت�أثري هذا‬
‫الأول ‪ 2014‬و�سجل الرتاجع ن�سبة ‪ %15.5‬يف‬ ‫التدخل بقي حمدود ًا يف منع املزيد من تدهور اللرية‬
‫ال�سوق الر�سمية‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن الربع‬ ‫ال�سورية‪ ،‬فقد جفّف النزاع امل�سلح امل�ستمر م�صادر‬
‫الأول من عام ‪� 2015‬شهد ارتفاع ًا يف �أ�سعار ال�سلع‬ ‫القطع الأجنبي مبا يف ذلك ال�صادرات‪ ،‬وال�سياحة‪،‬‬
‫الأ�سا�سية مبا يف ذلك اخلبز‪ ،‬والطاقة‪ ،‬ما �أثّر �سلب ًا‬ ‫واال�ستثمار الأجنبي املبا�شر‪ .‬و�أ�ص ّر امل�صرف املركزي‬
‫على �سعر ال�صرف‪ .‬وخالل الربع الثاين من عام‬ ‫على اال�ستمرار يف عمليات بيع العمالت الأجنية‬
‫‪� ،2015‬أدى تزايد حدة العمليات الع�سكرية يف‬ ‫م�ستخدم ًا لذلك احتياطياته من القطع‪ ،‬والدعم املايل‬
‫العديد من املناطق �إىل املزيد من الرتاجع يف قيمة‬ ‫اخلارجي‪� ،‬إ�ضافة �إىل التحويالت املالية‪ .‬وقد نفذ يف‬
‫اللرية ال�سورية‪ ،‬ففي حزيران انخف�ض املعدل‬ ‫عام ‪ 2015‬عدد ًا من عمليات البيع ل�شركات ال�صرافة‬
‫الو�سطي ل�سعر �صرف اللرية مقابل الدوالر‬ ‫املحلية من �أجل تخفيف �آثار الأزمة على �سعر �صرف‬
‫امل�سجل يف �آذار من عام‬‫ّ‬ ‫الأمريكي مقارنة مب�ستواه‬ ‫اللرية ال�سورية‪� ،‬إال �أن هذه العمليات ت�ستنزف موارد‬
‫‪ 2015‬بن�سبة ‪ %17‬يف ال�سوق غري الر�سمية وبن�سبة‬ ‫العمالت الأجنبية ال�شحيحة �أ�ص ً‬
‫ال دون �أن متنع من‬
‫‪ %10.3‬يف ال�سوق الر�سمية‪.‬‬ ‫ا�ستمرار تدهور قيمة العملة املحلية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫الشكل ‪( :10‬أ) سعر الرصف الرسمي وغري الرسمي من كانون الثاين ‪ 2013‬حتى كانون‬
‫األول ‪ 2015‬باللرية سورية لكل دوالر أمرييك‪( ،‬ب) سعر الرصف االسمي والحقيقي يف‬
‫الفرتة من آذار ‪ 2011‬وحتى كانون األول ‪ 2015‬باللرية السورية لكل دوالر أمرييك‬
‫‪300‬‬

‫)ب(‬ ‫‪250‬‬ ‫)أ(‬


‫‪400‬‬

‫‪200‬‬ ‫‪350‬‬

‫‪300‬‬
‫‪150‬‬
‫‪250‬‬

‫‪100‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪150‬‬
‫‪50‬‬
‫‪100‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪50‬‬
‫‪12_15‬‬
‫‪11_15‬‬
‫‪10_15‬‬
‫‪9_15‬‬
‫‪8_15‬‬
‫‪7_15‬‬
‫‪6_15‬‬
‫‪5_15‬‬
‫‪4_15‬‬
‫‪3_15‬‬
‫‪2_15‬‬
‫‪1_15‬‬
‫‪12_14‬‬
‫‪11_14‬‬
‫‪10_14‬‬
‫‪9_14‬‬
‫‪8_14‬‬
‫‪7_14‬‬
‫‪6_14‬‬
‫‪5_14‬‬
‫‪4_14‬‬
‫‪3_14‬‬
‫‪2_14‬‬
‫‪1_14‬‬
‫‪12_13‬‬
‫‪11_13‬‬
‫‪10_13‬‬
‫‪9_13‬‬
‫‪8_13‬‬
‫‪7_13‬‬
‫‪6_13‬‬
‫‪5_13‬‬
‫‪4_13‬‬
‫‪3_13‬‬
‫‪2_13‬‬
‫‪1_13‬‬
‫‪12_12‬‬
‫‪11_12‬‬
‫‪10_12‬‬
‫‪9_12‬‬
‫‪8_12‬‬
‫‪7_12‬‬
‫‪6_12‬‬
‫‪5_12‬‬
‫‪4_12‬‬
‫‪3_12‬‬
‫‪2_12‬‬
‫‪1_12‬‬
‫‪12_11‬‬
‫‪11_11‬‬
‫‪10_11‬‬
‫‪9_11‬‬
‫‪8_11‬‬
‫‪7_11‬‬
‫‪6_11‬‬
‫‪5_11‬‬
‫‪4_11‬‬
‫‪3_11‬‬
‫‪2_11‬‬
‫‪1_11‬‬

‫‪12_15‬‬
‫‪11_15‬‬
‫‪10_15‬‬
‫‪9_15‬‬
‫‪8_15‬‬
‫‪7_15‬‬
‫‪6_15‬‬
‫‪5_15‬‬
‫‪4_15‬‬
‫‪3_15‬‬
‫‪2_15‬‬
‫‪1_15‬‬
‫‪12_14‬‬
‫‪11_14‬‬
‫‪10_14‬‬
‫‪9_14‬‬
‫‪8_14‬‬
‫‪7_14‬‬
‫‪6_14‬‬
‫‪5_14‬‬
‫‪4_14‬‬
‫‪3_14‬‬
‫‪2_14‬‬
‫‪1_14‬‬
‫‪12_13‬‬
‫‪11_13‬‬
‫‪10_13‬‬
‫‪9_13‬‬
‫‪8_13‬‬
‫‪7_13‬‬
‫‪6_13‬‬
‫‪5_13‬‬
‫‪4_13‬‬
‫‪3_13‬‬
‫‪2_13‬‬
‫‪1_13‬‬
‫�سعر ال�صرف احلقيقي‬ ‫�سعر ال�صرف الإ�سمي‬ ‫ال�سعر غري الر�سمي‬ ‫ال�سعر الر�سمي‬

‫امل�ص��در‪ :‬م�ص��رف �س��ورية املرك��زي وح�س��ابات املرك��ز ال�س��وري لبحوث ال�سيا�س��ات‬

‫الر�سمي وغري الر�سمي خالل عام ‪� 2015‬شهدت ارتفاع ًا‬ ‫ويف خالل الربع الثالث من عام ‪ ،2015‬ا�ستمر الرتاجع‬
‫ملحوظ ًا‪ ،‬مما حفز �أكرث للتعامل بالقطع الأجنبي يف ال�سوق‬ ‫احلا ّد يف �سعر ال�صرف ب�سبب العديد من العوامل مبا يف‬
‫ال�سوداء‪ ،‬ويعك�س هذا الأمر عدم فعالية ال�سيا�سات النقدية‪.‬‬ ‫ذلك حماوالت ا�ستبدال اللرية ال�سورية باللرية الرتكية و‪/‬‬
‫�أو الدوالر الأمريكي يف بع�ض املناطق اخلارجة عن‬
‫ال�سيطرة احلكومية؛ الأمر الذي ميثل �أحد �أوجه ت�شظي‬
‫االقت�صاد‪ .‬ويف �أيلول تراجع املعدل الو�سطي ال�شهري ل�سعر‬
‫كلفة المعيشة‪ :‬ارتفاع غير قابل لالحتمال‬ ‫�صرف اللرية مقابل الدوالر الأمريكي مقارنة مب�ستواه يف‬
‫�شهر حزيران بن�سبة ‪ %10.7‬يف ال�سوق غري الر�سمية حيث‬
‫�أ�صدر املكتب املركزي للإح�صاء بيانات م�ؤ�شر �أ�سعار‬ ‫و�صل �سعر �صرف اللرية ال�سورية ‪ 332‬مقابل الدوالر‬
‫امل�ستهلك حتى �أيار من عام ‪� ،2015‬إال �أن هذه البيانات مل‬ ‫الأمريكي الواحد‪ ،‬وبن�سبة ‪ %5.9‬يف ال�سوق الر�سمية حيث‬
‫تعك�س ب�شكل كامل �أثر زيادة �أ�سعار ال�سلع الأ�سا�سية التي‬ ‫بلغ �سعر �صرف اللرية ال�سورية ‪ 250‬مقابل الدوالر‬
‫حدثت يف كانون الثاين‪ .‬وبالتايل‪ ،‬قام املركز ال�سوري‬ ‫الأمريكي الواحد‪ .‬وتوا�صل الرتاجع يف قيمة العملة خالل‬
‫لبحوث ال�سيا�سات ب�إعادة ح�ساب البيانات الر�سمية مل�ؤ�شر‬ ‫الربع الرابع من عام ‪ 2015‬مع ا�ستمرار الأزمة و�سيا�سة‬
‫�أ�سعار امل�ستهلك حتى �أيار ‪ 2015‬وتقديره للأ�شهر ال�سبعة‬ ‫احلكومة يف زيادة �أ�سعار ال�سلع واخلدمات الأ�سا�سية‪.‬‬
‫�سجل م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك‬
‫املتبقية من العام‪ .‬وقد ّ‬ ‫و�أ�شارت التقديرات �إىل �إمكانية تراجع املعدل الو�سطي‬
‫ارتفاع ُا حاد ًا خالل الربع الأول من عام ‪ 2015‬بلغ ‪%19.8‬‬ ‫ال�شهري ل�سعر �صرف اللرية مقابل الدوالر الأمريكي يف‬
‫يف �آذار مقارنة ب�شهر كانون الأول من عام ‪ .2014‬وقد ت�أثر‬ ‫ال�سوق غري الر�سمية بن�سبة ‪ %13.1‬مقارنة مب�ستواه يف‬
‫هذا االرتفاع بالزيادة يف �أ�سعار الوقود بن�سبة ‪،%56‬‬ ‫�شهر �أيلول‪ ،‬وبن�سبة ‪ %10.5‬يف ال�سوق الر�سمية‪.‬‬
‫واخلبز بن�سبة ‪ ،%40‬والغاز املنزيل بن�سبة ‪ .%45‬وا�ستمر‬
‫هذا االرتفاع خالل الربع الثاين ولكن بوترية �أبط�أ‪� ،‬إذ زاد‬ ‫ومع نهاية عام ‪ ،2015‬ت�شري الإ�سقاطات �إىل انخفا�ض �سنوي‬
‫م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك بن�سبة ‪ %3.9‬يف حزيران مقارنة‬ ‫يف قيمة اللرية ال�سورية قدره ‪ %45.5‬يف ال�سوق غري‬
‫مب�ستواه يف �آذار ‪ .2015‬وبينت الإ�سقاطات �أن م�ؤ�شر �أ�سعار‬ ‫الر�سمية ليبلغ �سعر �صرف اللرية ال�سورية ‪ 382‬مقابل‬
‫امل�ستهلك �شهد زيادة �أخرى بن�سبة ‪ %23.2‬يف الن�صف‬ ‫الدوالر الأمريكي الواحد‪ ،‬وبن�سبة ‪ %36.2‬يف ال�سوق‬
‫الثاين من عام ‪ 2015‬حتى كانون الأول مقارنة مب�ستواه‬ ‫الر�سمية لي�صل �سعر �صرف اللرية ال�سورية �إىل ‪ 279‬للدوالر‬
‫�سجله يف حزيران ( ال�شكل ‪ .)11‬وعالوة على ما‬ ‫الذي ّ‬ ‫الأمريكي الواحد ( ال�شكل ‪�( 10‬أ))‪ .‬يف حني‪ ،‬ترافق تراجع‬
‫�سبق‪ ،‬من املالحظ �أن الأ�سعار يف مناطق النزاع واملناطق‬ ‫قيمة �سعر �صرف اللرية ال�سورية مع ا�ستقرار ن�سبي يف �سعر‬
‫املحا�صرة تكون �أعلى بكثري‪ ،‬مما يحقق هوام�ش ربح كبرية‬ ‫ال�صرف احلقيقي ب�سبب ارتفاع الأ�سعار املحلية ( ال�شكل ‪10‬‬
‫لتجار احلرب الذين يحتكرون الأ�سواق يف هذه املناطق‪.‬‬ ‫(ب))‪ .‬ومن اجلدير بالذكر‪� ،‬أن الفجوة بني �سعري ال�صرف‬

‫‪34‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الشكل رقم ‪ :11‬مؤرش أسعار املستهلك يف سورية (كانون الثاين ‪ 2013‬إىل‬


‫كانون األول ‪)100 = 2005( )2015‬‬
‫‪1000‬‬

‫‪900‬‬

‫‪800‬‬

‫‪700‬‬

‫‪600‬‬

‫‪500‬‬

‫‪400‬‬

‫‪300‬‬

‫‪200‬‬

‫‪100‬‬

‫‪0‬‬
‫‪12_15‬‬
‫‪11_15‬‬
‫‪10_15‬‬

‫‪12_14‬‬
‫‪11_14‬‬
‫‪10_14‬‬

‫‪12_13‬‬
‫‪11_13‬‬
‫‪10_13‬‬
‫‪9_15‬‬
‫‪8_15‬‬
‫‪7_15‬‬
‫‪6_15‬‬
‫‪5_15‬‬
‫‪4_15‬‬
‫‪3_15‬‬
‫‪2_15‬‬
‫‪1_15‬‬

‫‪9_14‬‬
‫‪8_14‬‬
‫‪7_14‬‬
‫‪6_14‬‬
‫‪5_14‬‬
‫‪4_14‬‬
‫‪3_14‬‬
‫‪2_14‬‬
‫‪1_14‬‬

‫‪9_13‬‬
‫‪8_13‬‬
‫‪7_13‬‬
‫‪6_13‬‬
‫‪5_13‬‬
‫‪4_13‬‬
‫‪3_13‬‬
‫‪2_13‬‬
‫‪1_13‬‬
‫رفع �أ�سعار اخلبز‬ ‫رفع �أ�سعار امل�شتقات النفطية‬
‫امل�ص��در‪ :‬املكت��ب املرك��زي للإح�ص��اء وح�س��ابات امل�ؤلف�ين حت��ى �أي��ار ‪� ،2015‬إ�س��قاطات امل�ؤلف�ين م��ن حزي��ران وحت��ى كانون الأول ‪2015‬‬

‫امل�ؤ�س�سات التي حاولت تقدمي الدعم لهم تعاين �أ�ص ً‬


‫ال‬ ‫وت�شري الإ�سقاطات لعام ‪� 2015‬إىل زيادة �سنوية يف م�ؤ�شر‬
‫من �ضعف الأداء‪ ،‬ومن هيمنة اجلهات امل�سلحة التي‬ ‫�أ�سعار امل�ستهلك قدرها ‪ %53.4‬مقارنة بن�سبة ‪ %25.8‬يف‬
‫عام ‪ .2014‬ويعود ذلك �إىل عدة عوامل‪ ،‬منها ت�سارع تراجع‬
‫�أ�ساءت ا�ستخدام امل�ساعدات الإن�سانية وح ّولتها �إىل‬ ‫قيمة اللرية ال�سورية‪ ،‬وال�سيا�سات احلكومية الرامية �إىل‬
‫�أداة �ضغط وابتزاز لتعزيز �سلطاتها على النا�س‬ ‫حترير �أ�سعار ال�سلع الأ�سا�سية وزيادتها‪ ،‬يف حماولة ل�سد‬
‫ولت�أجيج �آليات العنف‪.‬‬ ‫عجز املوازنة‪� ،‬إ�ضافة �إىل ندرة العديد من ال�سلع واخلدمات‬
‫نتيجة الأو�ضاع الأمنية‪ .‬وبوجه عام‪� ،‬شهد عام ‪2015‬‬
‫مل ُيبقِ احتدام ال�صراع والركود االقت�صادي �سوى‬ ‫ارتفاع ًا كبري ًا يف تكاليف املعي�شة الذي انعك�س مزيد ًا من‬
‫فر�ص عمل قليلة متاحة للأفراد مبا يف ذلك الفر�ص‬ ‫التدهور يف معي�شة الأ�سر‪ ،‬وال �س ّيما الأ�سر الأ�ش ّد فقر ًا‬
‫التي يوفرها القطاع العام داخل مناطق ال�سيطرة‬ ‫والذين �أ�صبحوا غري قادرين على تلبية حاجاتهم الأ�سا�سية‪.‬‬
‫احلكومية‪ ،‬مما يتيح لأ�سر العاملني م�صدر ًا للدخل‬
‫ي�ساعدهم ولو جزئي ًا على مواجهة ظروف الأزمة‬
‫واحلفاظ على احلد الأدنى للبقاء على قيد احلياة‪.‬‬
‫وجتدر الأ�شارة �إىل �أن العمل يف القطاع العام عانى من‬ ‫عمال للعنف‬
‫عقبات عديدة مبا يف ذلك انخفا�ض الإنتاجية‪ ،‬وارتفاع‬
‫معدل البطالة املقنّعة‪ ،‬وتراجع نوعية الأ�شغال العامة‪،‬‬ ‫حاولت الأ�سر يف �سورية التكيف مع واقع النزاع‪� ،‬إال �أن‬
‫وتدهور الدخل احلقيقي ب�سبب الزيادة الهائلة يف‬ ‫طول فرتة الأزمة �أدى �إىل ظهور الكثري من العقبات‬
‫الأ�سعار‪� ،‬إ�ضافة �إىل �أن احل�صول على عمل حكومي‬ ‫ا�ستنزفت الأ�سر وحالت دون ح�صولهم على احلد‬
‫لي�س متاح ًا لكثريين ممن يحتاجون �إليه خالل الأزمة‪.‬‬ ‫الأدنى من مقومات احلياة الكرمية؛ ومن هذه العقبات‬
‫عدم اال�ستقرار املكاين‪ ،‬وفقدان املمتلكات واملعدات‬
‫ويف عام ‪ ،2015‬وفّر املو�سم الزراعي اجليد ن�سبي ًا‪،‬‬ ‫وفر�ص العمل‪� ،‬إ�ضافة �إىل االرتفاع يف تكاليف املعي�شة‪.‬‬
‫نتيجة الظروف املناخية املنا�سبة‪ ،‬بع�ض ًا من فر�ص‬ ‫وبالتايل‪� ،‬أُجرب العديد من النا�س على والبحث عن‬
‫العمل يف القطاع الزراعي‪ ،‬كما �أن العمل يف الزراعة‬ ‫الدعم الإن�ساين واالعتماد على دعم جمتمعهم املحلي‪،‬‬
‫ي�ساهم يف مواجهة انعدام الأمن الغذائي الذي �أ�صبح‬ ‫والأقارب الذين يعي�شون يف اخلارج‪ ،‬والقطاع العام‪،‬‬
‫حتدي ًا رئي�سي ًا للعديد من الأ�سر ال�سورية‪.‬‬ ‫والوكاالت الدولية‪� .‬سببت هذه امل�شقة للكثريين �شعوراً‬
‫بالعار ي�ؤذي كرامتهم‪ ،‬مع الأخذ بعني االعتبار �أن‬

‫‪35‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫املنظم‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن م�شاركة الإناث يف قوة‬ ‫ويف بيئة الأزمة‪ ،‬بات «القطاع» الوحيد الذي �شهد منو ًا‬
‫العمل تراجعت ب�شكل حاد كونهن من ال�ضحايا املبا�شرين‬ ‫كبري ُا هو العنف‪ ،‬الأمر الذي �أعاد هيكلة االقت�صاد على‬
‫للنزاع امل�سلح‪.‬‬ ‫�أ�سا�س الأن�شطة املرتبطة به‪ .‬وعملت قوى الت�سلط على‬
‫جتنيد النا�س ب�شكل مبا�شر لينخرطوا يف الأعمال‬
‫قام التقرير مبراجعة م�ؤ�شرات �سوق العمل خالل �سنوات‬ ‫الع�سكرية‪� ،‬أو ب�شكل غري مبا�شر من خالل «تنظيم» عمل‬
‫الأزمة باالعتماد على نتائج م�سح حالة ال�سكان الذي �أجري‬ ‫الأن�شطة غري القانونية مثل التهريب‪ ،‬واالحتكار‪ ،‬وال�سرقة‪،‬‬
‫يف عام ‪( 2014‬املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪،)2016 ،‬‬ ‫والنهب‪ ،‬وجتارة الأ�سلحة‪ ،‬واالجتار بالب�شر؛ وقد بلغت‬
‫وقد تغري تقدير عدد ال�سكان يف �سورية وفق ًا للم�سح‪ ،‬الأمر‬ ‫ن�سبة العاملني يف هذه الأن�شطة غري امل�شروعة عام ‪2014‬‬
‫الذي �ساعد على �إعطاء �صورة �أكرث دقة وتف�صي ًال عن‬ ‫نحو ‪ %17‬من ال�سكان النا�شطني اقت�صادي ًا داخل �سورية‬
‫م�ؤ�شرات وبيئة العمل يف خمتلف املناطق يف �سورية‪.‬‬ ‫(املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪.)2016 ،‬‬

‫فكان من املتوقع �أن ينخف�ض معدل الت�شغيل ب�شكل طفيف‬ ‫ر ّكزت الإ�صدارات ال�سابقة من هذا التقرير على االنت�شار‬
‫من ‪ %23.5‬يف ‪� 2014‬إىل ‪ %22.2‬مع نهاية عام ‪2015‬؛‬ ‫الهائل لل�شبكات املرتبطة بالعنف املنظم والعابرة للحدود‪،‬‬
‫كما ارتفعت ن�سبة البطالة من ‪ %48.9‬يف الربع الأول من‬ ‫التي خلقت �شبكة من امل�صالح اجلديدة داخل �سورية‬
‫عام ‪� 2014‬إىل ‪ %52.2‬مع نهاية ذلك العام لت�صل �إىل‬ ‫وخارجها‪ ،‬ومع احتدام النزاع �أ�صبحت هذه ال�شبكات �أكرث‬
‫‪ %52.7‬يف عام ‪ .2015‬وميكن تف�سري انخفا�ض وترية‬ ‫نفوذ ًا فا�ستحوذت على مزيد من التمويل وال�سطوة‪ .‬ويتم‬
‫تدهور ن�سبة البطالة يف عام ‪ ،2015‬على الرغم من‬ ‫م�أ�س�سة عمل هذه ال�شبكات وتقدمي احلوافز لها وللعاملني‬
‫ا�ستمرار الركود االقت�صادي‪ ،‬من خالل احلفاظ على جزء‬ ‫بها من خالل و�ضع قواعد وت�شريعات �سيا�سية‪،‬‬
‫كبري من الت�شغيل يف القطاع العام بغ�ض النظر عن‬ ‫واجتماعية‪ ،‬واقت�صادية جديدة‪ ،‬الأمر الذي يدمي‬
‫الإنتاجية �إ�ضافة �إىل ازدهار الأعمال املرتبطة بالعنف‪.‬‬ ‫ال�صراع‪ ،‬وي�سيء للنا�س‪ ،‬و ُيع ّمق �إح�سا�سهم باالغرتاب‪.‬‬

‫وباملقارنة بني «ال�سيناريو اال�ستمراري» و«�سيناريو الأزمة»‪،‬‬ ‫وفر�ضت قوى الت�سلط الداخلية واخلارجية املختلفة‪ ،‬داخل‬
‫ت�شري النتائج �إىل �أن �سوق العمل يخ�سر ‪ 3.52‬مليون‬ ‫املناطق اخلا�ضعة ل�سيطرتها‪� ،‬شروط ًا وظروف عمل غري‬
‫فر�صة عمل مع نهاية عام ‪( 2015‬ال�شكل ‪)12‬؛ وباملقارنة‬ ‫متجان�سة وخمتلفة لكنها متتلك �سمات م�شرتكة من حيث‬
‫بني «�سيناريو الأزمة» وم�ؤ�شرات عام ‪ ،2010‬تبلغ خ�سارة‬ ‫انعدام فر�ص العمل‪ ،‬وغياب ظروف العمل الالئقة‪،‬‬
‫�سوق العمل ‪ 2.69‬مليون فر�صة عمل‪.‬‬ ‫وتراجع الأجور احلقيقية‪ ،‬وانت�شار قطاع اخلدمات غري‬

‫الشكل ‪ :12‬أثر األزمة عىل سوق العمل (باآلالف)‬


‫معدل‬
‫البطالة‬
‫‪2011 14.9%‬‬

‫‪2012 33.6%‬‬

‫‪2013Q1 36.0%‬‬

‫‪2013Q2 39.4%‬‬

‫‪2013Q3 43.2%‬‬

‫‪2013Q4 47.1%‬‬

‫‪2014Q1 48.9%‬‬

‫‪2014Q2 50.1%‬‬

‫‪2014Q3 51.2%‬‬

‫‪2014Q4 52.2%‬‬

‫‪2015Q1 52.7%‬‬
‫‪2015Q4‬‬

‫‪2015Q3‬‬

‫‪2015Q2‬‬

‫‪2015Q1‬‬

‫‪2014Q4‬‬

‫‪2014Q3‬‬

‫‪2014Q2‬‬

‫‪2014Q1‬‬

‫‪2013Q4‬‬

‫‪2013Q3‬‬

‫‪2013Q2‬‬

‫‪2013Q1‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2015Q2 52.6%‬‬

‫‪2015Q3 52.8%‬‬ ‫عاطل ع��ن العمل‬ ‫م�ش��تغل‬


‫‪2015Q4 52.9%‬‬
‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات ا�س��تناد ًا �إىل م�س��وح الق��وى العامل��ة ( ‪ )2011 – 2006‬املكت��ب املرك��زي للإح�ص��اء‬

‫‪36‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫«فرضت قوى التسلط الداخلية والخارجية املختلفة‪ ،‬داخل املناطق‬


‫الخاضعة لسيطرتها‪ ،‬رشوطاً وظروف عمل غري متجانسة ومختلفة‬
‫لكنها متتلك سامت مشرتكة من حيث انعدام فرص العمل‪ ،‬وغياب‬
‫ظروف العمل الالئقة‪ ،‬وتراجع األجور الحقيقية‪ ،‬وانتشار قطاع‬
‫الخدمات غري املنظم»‬

‫الت�شظي عام ‪ 2015‬من خالل ال�سعي ال�ستخدام‬ ‫مل ينعك�س فقدان فر�ص العمل على العمال فقط بل على‬
‫عمالت خمتلفة داخل �سورية �إ�ضافة �إىل اختالف‬ ‫�أ�سرهم �أي�ض ًا؛ وبافرتا�ض تطبيق ن�سبة الإعالة نف�سها‬
‫العالقات االقت�صادية مع دول اجلوار ح�سب املناطق‬ ‫لعام ‪� ،2010‬أي ‪� 4.13‬أ�شخا�ص لكل فرد عامل‪ ،‬ف�إن ‪13.8‬‬
‫وتطبيق �أنظمة حوافز غري متجان�سة فيما بينها‪.‬‬ ‫مليون �سوري فقدوا م�صدر رزقهم وعملهم‪ ،‬منهم ‪9.5‬‬
‫وتتمثل اخل�صائ�ص امل�شرتكة الوحيدة بني جميع‬ ‫مليون �شخ�ص ما زالوا داخل البالد‪.‬‬
‫املناطق يف االفتقار �إىل الأمن‪ ،‬وتخ�صي�ص كل‬
‫املوارد ل�صالح ال�صراع‪ ،‬وخلق فر�ص عمل مرتبطة‬
‫بالعنف‪ ،‬وفر�ض ال�سلطة بالقوة‪ .‬ب�شكل عام‪ ،‬عانت‬
‫الر�شد‬
‫جميع املناطق يف �سورية من غياب ُ‬ ‫اقتصاد متشظ‬
‫االقت�صادي الهادف �إىل احلفاظ على مقومات‬
‫االقت�صاد مع احرتام حقوق الإن�سان وكرامته‪.‬‬ ‫لقد �أ�سفر النزاع عن تدمري هائل يف البنية واملقومات‬
‫وامل�ؤ�س�سات االقت�صادية ل�سورية‪ ،‬كما �أ ّدت �إىل ن�ضوب‬
‫فقد االقت�صاد �سيادته ون�سج اقت�صاد العنف القائم‬ ‫ر�أ�س املال املادي والب�شري واالجتماعي �إ�ضافة �إىل‬
‫عالقاته يف جميع �أنحاء العامل من خالل البلدان و‪�/‬أو‬ ‫الأثر ال�سلبي الكبري على حوكمة االقت�صاد و�إدارته؛‬
‫ال�شبكات املنظمة املرتبطة بالعنف‪ ،‬مما ك�شف‬ ‫�إال �أنه ميكن �إيجاز ت�أثريات �أخرى للأزمة على‬
‫االقت�صاد ب�شكل كامل لت�ستفيد منه جميع القوى‬ ‫االقت�صاد ال�سوري بالنقاط التالية‪:‬‬
‫با�ستثناء ال�شعب ال�سوري؛ ويف �سياق االنك�شاف‬
‫االقت�صادي الكامل‪ ،‬ركّز الدعم اخلارجي املقدم �إىل‬ ‫•مت تغيري البنية االقت�صادية وحتويلها خلدمة‬
‫خمتلف اجلهات الفاعلة على الأن�شطة املرتبطة بالعنف‪.‬‬ ‫�أهداف و�أولويات خمتلف قوى الت�سلط التي تقوم‬
‫ب�إعادة تخ�صي�ص املوارد يف العنف والأن�شطة‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬ت�شظت القطاعات االقت�صادية‬ ‫املتعلقة به‪ ،‬وترافق ذلك مع غياب �سيادة القانون‪،‬‬
‫الرئي�سية و�أخذت تواجه �صعوبات كبرية من حيث‬ ‫وحقوق امللكية‪ ،‬وامل�ساءلة‪� ،‬إ�ضافة �إىل تفاقم‬
‫�إعادة تفعيلها وا�ستدامة عملها‪ .‬فالقطاع الزراعي‬ ‫الف�ساد‪ .‬وخلقت هذه البيئة االقت�صادية اجلديدة‬
‫يعتمد �إىل حد كبري على مياه الأمطار مما يزيد من‬ ‫غيت من �سلوك الفاعلني‬ ‫فاعلني جدد ًا و‪�/‬أو ّ‬
‫حالة عدم اليقني لكثري من العاملني يف هذا القطاع‬ ‫ً‬
‫ال�سابقني لي�صبحوا جزءا من قواعد اللعبة‬
‫والذين باتوا يعي�شون بالفعل يف حالة من الفقر املدقع‪،‬‬ ‫اجلديدة التي تفر�ض الهيمنة بالقوة‪ ،‬وتقوم ببناء‬
‫�أما قطاع التجارة‪ ،‬فيغلب عليه الطابع غري النظامي‬ ‫اقت�صاد �سيا�سي جديد يحافظ على ا�ستدامة‬
‫وعانى الكثري من الت�شوهات االقت�صادية نتيجة هيمنة‬ ‫النزاع‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬غابت الفعالية‬
‫الأن�شطة املرتبطة بالعنف‪ .‬وترافق ذلك مع تراجع‬ ‫والإن�صاف ك�أهداف لل�سيا�سة االقت�صادية‪ ،‬كما‬
‫كبري يف دور قطاع اخلدمات احلكومية التحفيزي يف‬ ‫قامت ال�سلطات بالت�ضحية بالأهداف التنموية‬
‫مواجهة انهيار الطلب وتدهور الإنتاج‪ ،‬نتيجة �سيا�سة‬ ‫الرئي�سية و‪� /‬أو بالإجنازات التنموية ال�سابقة‬
‫احلكومة بالتخلي عن دعم امل�شتقات النفطية وال�سلع‬ ‫خلدمة ديناميكيات التنمية العك�سية‪.‬‬
‫الغذائية الأ�سا�سية مما �أ�سفر عن زيادة تكلفة الإنتاج‬
‫وبالتايل ارتفاع الأ�سعار وتدهور �سعر �صرف العملة‬ ‫•�أفرز النزاع امل�سلح العديد من قوى الأمر الواقع‬
‫الوطنية‪ .‬وقد �أ�ض ّرت هذه ال�سيا�سة الواقع االقت�صادي‬ ‫التي ت�ستخدم الإكراه‪ ،‬واخلوف‪ ،‬والع�صبية لب�سط‬
‫ال ودفعت �إىل مزيد من الركود‪ ،‬كما زادت‬ ‫املرتدي �أ�ص ً‬ ‫ال�سيطرة يف مناطق تواجدها‪ ،‬وبالتايل بات‬
‫عبء الأزمة على الفقراء الذين يعانون للحفاظ على‬ ‫االقت�صاد ال�سوري مت�شظي ًا من حيث املوارد والقوى‬
‫معي�شتهم يف مثل هذه الظروف‪.‬‬ ‫احلاكمة والقواعد الناظمة للعمل‪ .‬وتعزز هذا‬

‫‪37‬‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار‬
‫االجتامعية‬
‫لألزمة‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫وبالرغم من �أن ال�سوريني يعي�شون املعاناة منذ‬ ‫التشظي السكاني‬


‫خم�س �سنوات‪ ،‬ف�إن االهتمام العاملي بحقوق الإن�سان‬
‫وحتقيق الكرامة له�ؤالء الالجئني قد تكثّف فقط‬ ‫�أثر ا�ستمرار النزاع امل�سلح ب�شكل كارثي على الو�ضع‬
‫عندما بد�أت �آثار الأزمة تطال املجتمعات يف البلدان‬ ‫الدميوغرايف يف �سورية‪ ،‬فاملهاجرون والالجئون‪،‬‬
‫املتقدمة ب�شكل مبا�شر‪ ،‬و�أ�صبح الهدف هو التخفيف‬ ‫والوفيات املرتبطة بالنزاع تُفرغ البلد من ال�سكان‪،‬‬
‫من حدة اللجوء بدل معاجلة �أ�سباب نزوح ال�سكان‪.‬‬ ‫وبالتايل تغيري الرتكيبة ال�سكانية ب�شكل وا�ضح‪.‬‬
‫مع نهاية عام ‪ 2015‬يصل عدد‬ ‫وتعر�ض مئات الآالف من ال�سكان‪ ،‬وال �سيما من‬
‫السكان داخل سورية إلى‬
‫وال تزال تداعيات الأزمة تت�سبب بت�شتيت �سكان‬ ‫املعيلني الذكور‪� ،‬إىل القتل �أو الإ�صابة �أو االعتقال �أو‬
‫�سورية من خالل التهجري والنزوح‪ ،‬واللجوء‪،‬‬
‫والهجرة‪ ،‬وتزايد �أعداد الوفيات والإ�صابات الناجمة‬
‫عن النزاع‪ .‬ففي حني بلغ عدد �سكان �سورية قد‬
‫‪ 21.80‬مليون ن�سمة عام ‪ ،2010‬ف�إن التقديرات‬
‫‪20.21‬‬
‫مليون نسمة‬
‫االختطاف مما ت�سبب ب�إحلاق ال�ضرر الكبري يف‬
‫الظروف املعي�شة لأ�سرهم‪ .‬لقد �أجربت الظروف‬
‫وات�ساع نطاق انعدام الأمن‬‫االقت�صادية غري املحتملة ّ‬
‫لدى املاليني من ال�سوريني‪ ،‬الذين �أعيد توطينهم‬
‫ت�شري �إىل �أن العدد انخف�ض �إىل ‪ 20.44‬ن�سمة‬ ‫داخل البالد �أو خارجها‪� ،‬إىل االعتماد كلي ًا على‬
‫وتبي الإ�سقاطات �أنه‬ ‫بحلول منت�صف عام ‪ّ ،2015‬‬ ‫امل�ساعدات الإن�سانية املحلية والدولية‪ ،‬الأمر الذي‬
‫مع نهاية عام ‪ 2015‬ي�صل عدد ال�سكان �إىل ‪20.21‬‬ ‫ي�سيء �إىل كرامة الإن�سان وحقوقه يف احلياة‬
‫مليون ن�سمة‪� .‬سجل النمو ال�سكاين معد ًال �سالب ًا‬ ‫الالئقة‪.‬‬
‫خالل عام ‪ 2015‬بلغ ‪ %1.8‬يف الربع الأول‪ ،‬و‪%1.7‬‬
‫يف الربع الثاين‪ ،‬و‪ %1.8‬يف الربع الثالث‪،‬و‪ %2‬يف‬ ‫ويف عام ‪ ،2015‬ازداد عدد الالجئني ال�سوريني‬
‫الربع الرابع مقارنة بالأرباع املقابلة من عام ‪.2014‬‬ ‫الذين متكنوا من الو�صول �إىل �أوروبا‪� ،‬سواء بطرق‬
‫ووت�شري تقديرات «ال�سيناريو اال�ستمراري»‪� ،‬أي يف‬ ‫�شرعية �أو غري �شرعية‪ ،‬وترافق ذلك مع تزايد‬
‫حال عدم حدوث الأزمة‪� ،‬إىل �أن �إجمايل عدد‬ ‫�أعداد الالجئني الذين غرقوا يف البحر �أو تعر�ضوا‬
‫ال�سكان كان �سي�صل لـما يقارب ‪ 25.59‬مليون ن�سمة‬ ‫للإ�ساءة من قبل الع�صابات الإجرامية‪ .‬لقد �أثارت‬
‫مع حلول نهاية عام ‪2015‬؛ وباملقارنة مع «�سيناريو‬ ‫ق�ضية الالجئني خماوف عاملية انعك�ست مبحاولة‬
‫الأزمة»‪ ،‬وبالتايل يبلغ الرتاجع يف عدد ال�سكان نحو‬ ‫ت�سريع اجلهود الرامية �إىل حل الأزمة ال�سورية‬
‫‪( %21‬الإطار ‪.)2‬‬ ‫واحلد من �آثارها ال�سلبية على املجتمعات الدولية‪.‬‬

‫اإلطار ‪ :2‬تعديل عدد سكان سورية قبل وخالل األزمة‬


‫راجع املركز السوري لبحوث السياسات املؤرشات الدميوغرافية يف سورية ملرحلة ما قبل األزمة‪ ،‬وقام بإعادة‬
‫حساب العدد اإلجاميل للسكان باستخدام معدل وفيات‪ ،‬وجداول حياة‪ ،‬ومعدالت خصوبة محدثة؛ وقد تم‬
‫مراجعة هذه املؤرشات‪ ،‬إضافة إىل تقدير عدد املهاجرين‪ ،‬باالستناد إىل تحليل سجالت األحوال املدنية‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬أعيد النظر يف معدل النمو السكاين بني عامي ‪ 2005‬و‪ 2010‬فتبني أن عدد السكان نحو‬
‫‪ 21.79‬مليون نسمة يف عام ‪ 2010‬عوضاً عن الرقم الرسمي والبالغ ‪ 20.87‬مليون نسمة (املركز السوري‬
‫لبحوث السياسات‪ .)2016 ،‬وتعتمد املؤرشات الدميوغرافية لسورية بني عامي ‪ 2011‬و‪ 2014‬عىل مسح حالة‬
‫السكان الذي أجري يف عام ‪ 2014‬والذي غطى جميع املناطق السورية؛ وتتضمن هذه املؤرشات معدل النمو‬
‫السكاين‪ ،‬ومعدل الوفيات‪ ،‬ومعدل الوالدات‪ ،‬والعدد املقدّر للمهاجرين والالجئني‪ .‬أظهرت نتائج املسح أن‬
‫عدد سكان سورية يف عام ‪ 2014‬بلغ نحو ‪ 23.91‬مليون نسمة منهم ‪ 2.13‬مليون الجئ و‪ 1‬مليون مهاجر‪ ،‬كام قُدّر‬
‫وسطي معدل النمو السنوي للسكان بني عامي ‪ 2011‬و‪ 2014‬بنحو ‪ .%2.3‬وتم حساب إسقاطات املؤرشات‬
‫الدميوغرافية لنهاية عام ‪ 2015‬استنادا ً إىل مسح حالة السكان لعام ‪.2014‬‬

‫‪39‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫ارتفعت �أعداد املهاجرين غري الالجئني‪ ،‬خالل عام‬ ‫ومع نهاية الربع الأول من عام ‪ ،2015‬وا�ستناد ًا �إىل م�سح‬
‫‪ ،2015‬ولكن بوترية �أبط�أ مقارنة بال�سنوات الأوىل من‬ ‫حالة ال�سكان لعام ‪ ،2014‬بلغ العدد الإجمايل لالجئني‬
‫النزاع‪ ،‬ف�أغلبية القادرين على ال�سفر والراغبني فيه‬ ‫ال�سوريني حواىل ‪ 2.58‬مليون �شخ�ص‪ ،‬وخالل الربع الثاين‬
‫غادروا بالفعل‪ .‬ومن الأ�سباب الرئي�سية للزيادة‬ ‫ازداد عدد الالجئني ال�سوريني بنحو ‪� 164.000‬شخ�ص‪.‬‬
‫الكبرية يف الهجرة خالل �سنوات الأزمة كان تدهور‬ ‫وكان من املتوقع �أن يزداد عددهم خالل الن�صف الثاين‬
‫أدى استمرار األزمة إلى‬ ‫الو�ضع االجتماعي واالقت�صادي‪ ،‬واالنت�شار الوا�سع‬ ‫من العام ب�سبب احتدام العمليات الع�سكرية ال �سيما يف‬
‫مغادرة حوالى‬ ‫للعنف‪ ،‬وانعدام الأمن‪ ،‬والأهم من ذلك‪ ،‬تال�شي‬ ‫املناطق ال�شمالية من البالد‪ ،‬لتبلغ هذه الزيادة ‪177.000‬‬
‫الأمل يف التو�صل �إىل حل عادل ومن�صف للنزاع‪ .‬ومع‬ ‫�شخ�ص خالل الربع الثالث‪ ،‬و‪� 187.000‬شخ�ص خالل‬
‫‪%45‬‬
‫من السكان أماكن إقامتهم‬
‫قدر العدد الإجمايل‬‫حلول نهاية عام ‪ُ ،2015‬ي ّ‬
‫للمهاجرين بحواىل ‪ 1.17‬مليون �شخ�ص ‪ ،‬منهم‬
‫‪7‬‬

‫‪� 112.000‬شخ�ص هاجروا خالل عام ‪2015‬؛ وتُظهر‬


‫الربع الرابع‪ ،‬وبالتايل‪ُ ،‬ق ّدر �أن ي�صل العدد الإجمايل‬
‫لالجئني �إىل ‪ 3.11‬مليون �شخ�ص يف نهاية العام ‪.2015‬‬
‫األصلية‬ ‫نتائج م�سح حالة ال�سكان‪� ،‬أن حوايل ‪ %32‬من‬ ‫لقد �أظهرت نتائج م�سح حالة ال�سكان �أن تركيا هي الدولة‬
‫املهاجرين توجهوا �إىل لبنان‪ ،‬و‪� %18‬إىل تركيا‪،‬‬ ‫امل�ستقبلة الرئي�سية لالجئني ال�سوريني‪� ،‬إذ بلغت ن�سبة من‬
‫و‪� %16‬إىل دول اخلليج‪.‬‬ ‫جل�أ �إليها حواىل ‪ %37.5‬من �إجمايل عدد الالجئني وذلك‬
‫يف منت�صف عام ‪ .2014‬وت�أتي لبنان يف املرتبة الثانية‪� ،‬إذ‬
‫يف نهاية عام ‪ ،2015‬ق ُّدر عدد النازحني داخل �سورية‬ ‫ا�ستقبلت نحو ‪ %35.6‬من الالجئني ال�سوريني‪ ،‬وتوجه نحو‬
‫بنحو ‪ 6.36‬مليون �شخ�ص مقارنة بــ ‪ 5.65‬مليون يف‬
‫‪8‬‬
‫‪ %14.1‬منهم �إىل الأردن‪ ،‬و‪� %4.8‬إىل م�صر‪ ،‬و‪� %4.6‬إىل‬
‫ُبي نتائج م�سح حالة ال�سكان �أن‬‫نهاية عام ‪ .2014‬وت ّ‬ ‫العراق (املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ .)2016 ،‬وقدر‬
‫الن�ساء ي�شكلن نحو ‪ %57‬من النازحني‪ ،‬ويعي�ش‬ ‫�أن الن�سبة املئوية لتوزّع الالجئني ال�سوريني يف الدول‬
‫‪ %48.2‬منهم يف بيوت م�ست�أجرة‪ ،‬وحواىل ‪ %30‬متت‬ ‫املجاورة �ست�شهد تغيري ًا خالل عام ‪2015‬؛ مع توجه املزيد‬
‫ا�ست�ضافتهم من قبل الأقارب والأ�صدقاء‪ ،‬بينما يقيم‬ ‫من الالجئني �إىل تركيا القريبة جغرافي ًا من املنطقة‬
‫‪ %13.5‬يف مراكز �إيواء ر�سمية وغري ر�سمية‪ .‬وتُظهر‬ ‫ال�شمالية والتي ت�شهد احتدام ًا للنزاع امل�سلح‪ .‬كما قدر �أن‬
‫النتائج �أن حواىل ‪ %80‬من النازحني تزيد فرتة‬ ‫تنخف�ض ن�سبة الالجئني يف لبنان نتيجة لقرار احلكومة‬
‫نزوحهم على ال�سنة‪ ،‬علم ًا �أن طول فرتة النزوح تزيد‬ ‫اللبنانية يف ت�شرين الأول ‪ 2014‬اخلا�ص بحظر تدفق‬
‫من تعقيد العالقات بني النازحني واملجتمعات امل�ضيفة‬ ‫الالجئني ال�سوريني با�ستثناء احلاالت احلا�صلة على‬
‫داخل �سورية‪� ،‬إال �أن نحو ‪ %63‬من النازحني يف�ضلون‬ ‫موافقة وزارة ال�ش�ؤون االجتماعية‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن‬
‫‪ .7‬قدر الباحثون عدد المهاجرين غير‬
‫الالجئين باالعتماد على نتائج مسح‬
‫العودة �إىل مناطق �إقامتهم الأ�صلية يف حني ُيف�ضل‬ ‫عدد ًا متزايد ًا من الالجئني ال�سوريني اجته �إىل �أوروبا يف‬
‫حالة السكان المنفذ عام ‪2014‬‬ ‫‪ %33‬منهم اال�ستقرار يف �أماكن �أخرى غري مناطقهم‬ ‫عام ‪2015‬؛ �إال �أنه يتم املبالغة يف تقدير عددهم من قبل‬
‫مع األخذ بعين االعتبار التغيرات‬ ‫الأ�صلية‪ .‬ومن حيث توزع النازحني ح�سب املحافظات‪،‬‬ ‫اجلهات املختلفة‪ ،‬حيث تظهر البيانات �أن العدد الإجمايل‬
‫التي حدثت عام ‪ 2015‬من حيث‬ ‫ُبي �أن �أعلى ن�سبة للنازحني من‬
‫الوضع األمني والحالة االقتصادية‬
‫ف�إن نتائج امل�سح ت ّ‬ ‫لطالبي اللجوء للمرة الأوىل من �سورية يف دول الـ ‪ 28‬يف‬
‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫�إجمايل ال�سكان ُ�سجلت يف القنيطرة وبلغت ‪،%45‬‬ ‫االحتاد الأوروبي‪ ،‬قد بلغ حوايل ‪� 73.000‬شخ�ص خالل‬
‫‪ .8‬المصدر السابق‬ ‫تلتها درعا بن�سبة ‪ ،%43‬ثم ريف دم�شق بنحو ‪.%38‬‬ ‫الن�صف الأول من ‪( 2015‬يورو�ستات‪.)2015 ،‬‬

‫الشكل ‪ :13‬تركيبة إجاميل سكان سورية «االستمراري» حسب توزع الفئات‬


‫املرتبط بالنزاع خالل الفرتة ‪2015-2011‬‬
‫الربع الرابع ‪2015‬‬

‫الربع الثالث ‪2015‬‬

‫الربع الثاني ‪2015‬‬

‫الربع األول ‪2015‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪%100‬‬ ‫‪%90‬‬ ‫‪%80‬‬ ‫‪%70‬‬ ‫‪%60‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪% 40‬‬ ‫‪% 30‬‬ ‫‪% 20‬‬ ‫‪% 10‬‬ ‫‪%0‬‬

‫الوفي��ات املرتبط��ة بالنزاع‬ ‫املهاجرون‬ ‫الالجئون‬ ‫النازحون‬ ‫امل�س��تقرون‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات بن��اء عل��ى نتائ��ج م�س��ح حالة ال�س��كان‪2014 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الب�شرية (برنامج الأمم املتحدة الإمنائي‪ )2013 ،‬مع الأخذ‬ ‫‪%45‬‬ ‫�أدى ا�ستمرار الأزمة والنزاع امل�سلح �إىل مغادرة حواىل‬
‫بعني االعتبار املدخالت املعدّلة‪.‬‬ ‫من ال�سكان يف �سورية �أماكن �إقامتهم الأ�صلية بحث ًا عن‬
‫ال�سالمة والأمان‪ ،‬وذلك حتى نهاية ‪2015‬؛ نحو ‪ %60‬من‬
‫ي�ستخدم التقرير دليل التنمية الب�شرية لقيا�س م�ستوى التنمية‬ ‫ه�ؤالء املغادرين ا�ستمروا يف البقاء داخل �سورية كنازحني‪ ،‬يف‬
‫الب�شرية ومقارنتها عرب الزمن والبلدان‪ ،‬على الرغم من �أن‬ ‫حني ‪ %29‬باتوا الجئني يف اخلارج‪ ،‬و‪ %11‬هاجروا �إىل بلدان‬
‫هذا الدليل ال يعك�س جميع جوانب التنمية‪ ،‬مثل تو�سيع �أو‬ ‫�أخرى (ال�شكل ‪� 13‬أعاله)‪� .‬أدت حركة ال�سكان الناجمة عن‬
‫ت�ضييق اخليارات الإن�سانية‪ ،‬وال �سيما يف جمال التنمية‬ ‫النزاع امل�سلح �إىل ت�شتيت الأ�سر و�إىل �إنتاج جمتمعات تزداد‬
‫الثقافية وامل�ؤ�س�ساتية‪ ،‬الأمر الذي حاول التقرير تغطيته يف‬ ‫ت�شظي ًا مع ا�ستمرار النزاع‪� .‬إال �أن هذه املعاناة والكارثة‬
‫�أق�سام �أخرى‪ .‬وقد مت تطبيق مقاربة املقارنة بني قيمة الدليل‬ ‫الإن�سانية التي يعي�شها ال�شعب ال�سوري يتم ا�ستغاللها من قبل‬
‫يف «ال�سيناريو اال�ستمراري» وقيمته يف «�سيناريو الأزمة»‬ ‫قوى الت�سلط املحلية والدولية امل�شاركة يف النزاع امل�سلح‪،‬‬
‫بغر�ض قيا�س ت�أثري الأزمة يف حالة التنمية الب�شرية يف البالد‪.‬‬ ‫وا�ستخدامها �أداة لتحقيق مكا�سب مالية‪ ،‬و�سيا�سية‪ ،‬وع�سكرية‪.‬‬

‫�شهدت الأبعاد الثالثة لدليل التنمية الب�شرية واملتمثلة بال�صحة‪،‬‬


‫والتعليم‪ ،‬والدخل تدهور ًا كبري ًا خالل الأزمة‪ ،‬ففي نهاية عام‬
‫‪ ،2015‬تراجع دليل ال�صحة بن�سبة ‪ %30.3‬مقارنة بعام ‪،2010‬‬ ‫انهيار في سجل التنمية البشرية‬
‫�إذ ت�شري جداول احلياة املحدثة لفرتة ما قبل الأزمة واجلداول‬
‫اجلديدة املبنية على نتائج م�سح حالة ال�سكان لفرتة الأزمة‪� ،‬إىل‬ ‫ت�شري املراجعة ال�شاملة مل�ؤ�شرات التنمية الب�شرية التي �أجراها‬
‫تراجع متو�سط العمر املتوقع عند الوالدة من ‪� 70.5‬سنة عام‬ ‫املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات لفرتة ما قبل الأزمة �إىل‬
‫‪� 2010‬إىل ‪� 55.4‬سنة عام ‪ .2015‬الأمر الذي �أدى �إىل تراجع‬ ‫�ضرورة مراجعة بع�ض امل�ؤ�شرات املُ�ستخدمة مثل متو�سط‬
‫ترتيب دليل ال�صحة يف �سورية‪ ،‬وبا�ستخدام نتائج دليل التنمية‬ ‫العمر املتوقع عند الوالدة‪ ،‬ومعدالت االلتحاق بالتعليم (املركز‬
‫الب�شرية لعام ‪ ،2010‬من املركز ‪� 106‬إىل املركز ‪ 174‬من �أ�صل‬ ‫ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ .)2016 ،‬لذلك يعيد التقرير‬
‫‪ 195‬دولة‪ ،‬وو�ضع �سورية بني الدول الأ�سو�أ يف العامل من حيث‬ ‫احلايل احت�ساب دليل الأمم املتحدة للتنمية الب�شرية ملا قبل‬
‫ال ُبعد ال�صحي يف دليل التنمية الب�شرية (ال�شكل ‪.)14‬‬ ‫الأزمة با�ستخدام املنهجية ذاتها املتبعة يف تقارير التنمية‬

‫الشكل ‪( : :14‬أ) مك ّون الصحة ضمن دليل التنمية البرشية لسورية‪( ،2016-2005 ،‬ب) ترتيب سورية‬
‫يف دليل الصحة (باستخدام نتائج دليل التنمية البرشية لعام ‪ ،2010‬من أصل ‪ 195‬دولة)‬
‫)ب(‬ ‫)أ(‬ ‫‪0.85‬‬
‫‪174‬‬ ‫‪0.8‬‬

‫‪0.75‬‬

‫‪0.7‬‬

‫‪0.65‬‬
‫‪106‬‬
‫‪0.6‬‬

‫‪0.55‬‬

‫‪0.5‬‬

‫‪0.45‬‬
‫ال�س��يناريو اال�س��تمراري‬
‫‪0.4‬‬
‫�س��يناريو الأزمة‬ ‫‪0.35‬‬
‫‪2016q4‬‬
‫‪2016q3‬‬
‫‪2016q2‬‬
‫‪2016q1‬‬
‫‪2015q4‬‬
‫‪2015q3‬‬
‫‪2015q2‬‬
‫‪2015q1‬‬
‫‪2014q4‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2005‬‬

‫‪2016‬‬ ‫‪2011‬‬

‫امل�ص��ادر‪ :‬تقري��ر التنمي��ة الب�ش��رية حت��ى ع��ام ‪ 2011‬وتقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات (لدلي��ل التنمي��ة الب�ش��رية ب�ين ‪)2016-2012‬‬

‫م�ستويات التعليم الأعلى �إىل انخفا�ض يعادل ‪ %24.6‬يف‬ ‫ويف نهاية عام ‪ ،2015‬انخف�ض دليل التعليم بن�سبة‬
‫متو�سط �سنوات التمدر�س مقارنة ب ـ «ال�سيناريو‬ ‫‪ %34.3‬مقارنة بعام ‪ 2010‬نتيجة تدهور معدالت‬
‫اال�ستمراري»‪ .‬وبالنتيجة‪ ،‬انخف�ض ترتيب �سورية عام‬ ‫االلتحاق باملدار�س واالنخفا�ض يف �سنوات التمدر�س‪� .‬إن‬
‫‪ ،2015‬يف دليل التعليم من ‪� 124‬إىل ‪ 173‬من �أ�صل ‪187‬‬ ‫ما يقرب من ن�صف الأطفال يف �سن التعليم الأ�سا�سي‬
‫دولة‪( .‬ال�شكل ‪.)15‬‬ ‫خارج املدر�سة منذ عام ‪ ،2014‬كما �أدى الت�س ّرب يف‬

‫‪41‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫الشكل رقم ‪( :15‬أ) مك ّون التعليم ضمن دليل التنمية البرشية لسورية‪( ،2016-2005 ،‬ب) ترتيب‬
‫سورية يف دليل التعليم (باستخدام ترتيب دليل التنمية البرشية لعام ‪ ،2010‬من أصل ‪ 187‬دولة)‬
‫)أ(‬
‫‪0.60‬‬
‫)ب(‬
‫‪0.55‬‬
‫‪173‬‬

‫‪0.50‬‬

‫‪124‬‬
‫‪0.45‬‬

‫‪0.40‬‬

‫‪0.35‬‬
‫ال�س��يناريو اال�س��تمراري‬

‫�س��يناريو الأزمة‬ ‫‪0.30‬‬


‫‪2016q4‬‬
‫‪2016q3‬‬
‫‪2016q2‬‬
‫‪2016q1‬‬
‫‪2015q4‬‬
‫‪2015q3‬‬
‫‪2015q2‬‬
‫‪2015q1‬‬
‫‪2014q4‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2005‬‬
‫‪2016‬‬ ‫‪2011‬‬

‫امل�ص��ادر‪ :‬تقري��ر التنمي��ة الب�ش��رية حت��ى ع��ام ‪ 2011‬وتقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات (لدلي��ل التنمي��ة الب�ش��رية ب�ين ‪)2016-2012‬‬

‫‪129‬‬ ‫ويف عام ‪ ،2015‬تراجع دليل الدخل بن�سبة ‪ %24.3‬مقارنة بالعام ‪ ،2010‬وبالتايل تراجع ترتيب �سورية يف دليل الدخل من املرتبة‬
‫�إىل املرتبة ‪ 164‬من �أ�صل ‪ 190‬دولة (ال�شكل ‪ .)16‬ويعك�س هذا االنخفا�ض يف دخل الفرد‪ ،‬الركود وتبدد الرثوة خالل النزاع‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪( :16‬أ) مؤرش الدخل يف دليل التنمية البرشية لسورية‪( ،2016-2005 ،‬ب) مرتبة سورية‬
‫عىل دليل الدخل (باستخدام تراتبية ‪ ، 2010‬من مجموع ‪ 190‬دولة)‬
‫‪0.65‬‬
‫‪164‬‬
‫)ب(‬ ‫)أ(‬
‫‪0.60‬‬

‫‪129‬‬ ‫‪0.55‬‬

‫‪0.50‬‬

‫‪0.45‬‬

‫‪0.40‬‬

‫ال�س��يناريو اال�س��تمراري‬ ‫‪0.35‬‬

‫�س��يناريو الأزمة‬
‫‪0.30‬‬
‫‪2016q4‬‬
‫‪2016q3‬‬
‫‪2016q2‬‬
‫‪2016q1‬‬
‫‪2015q4‬‬
‫‪2015q3‬‬
‫‪2015q2‬‬
‫‪2015q1‬‬
‫‪2014q4‬‬
‫‪2013‬‬
‫‪2012‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪2010‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2006‬‬
‫‪2005‬‬

‫‪2016‬‬ ‫‪2011‬‬

‫امل�ص��ادر‪ :‬تقري��ر التنمي��ة الب�ش��رية حت��ى ع��ام ‪ 2011‬وتقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات (لدلي��ل التنمي��ة الب�ش��رية ب�ين ‪)2016-2012‬‬

‫‪42‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫‪� 2010‬إىل ‪ 0.443‬يف الربع الرابع من عام ‪ ،2015‬الأمر‬ ‫لقد كان �أثر النزاع امل�سلح على املكونات الثالثة لدليل‬
‫الذي يجعل �سورية بني جمموعة الدول ذات «التنمية‬ ‫التنمية الب�شرية عام ‪ 2015‬مماث ًال لأثره عام ‪ 2014‬حيث‬
‫الب�شرية املنخف�ضة»‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬خ�سر دليل التنمية‬ ‫ا�ستمرت هذه ااملكونات يف م�ستواها املنخف�ض جد ًا‪ .‬وقد‬
‫الب�شرية ل�سورية ‪ %29.8‬من قيمته مقارنة بالعام ‪،2010‬‬ ‫�أظهرت نتائج «ال�سيناريو اال�ستمراري» �أن دليل التنمية‬
‫ونحو ‪ %32‬من قيمة دليل التنمية الب�شرية الذي كان من‬ ‫الب�شرية ل�سورية كان لريتفع من ‪( 0.631‬بعد ت�صحيح‬
‫املمكن حتقيقها حتى نهاية عام ‪ .2015‬تراجع ترتيب �سورية‬ ‫تقديرات ما قبل الأزمة) يف ‪� 2010‬إىل ‪ 0.653‬بحلول نهاية‬
‫يف دليل التنمية الب�شرية الإجمايل‪ ،‬وبا�ستخدام نتائج دليل‬ ‫عام ‪ 2015‬ما ي�ضع �سورية �ضمن جمموعة الدول ذات‬
‫التنمية الب�شرية لعام ‪ ،2010‬من املرتبة ‪� 121‬إىل املرتبة ‪173‬‬ ‫«التنمية الب�شرية املتو�سطة»‪� ،‬إال �أن «�سيناريو الأزمة» ُيبني‬
‫من جمموع ‪ 187‬دولة (ال�شكل ‪.)17‬‬ ‫الرتاجع يف دليل التنمية الب�شرية ل�سورية من ‪ 0.631‬يف‬

‫الشكل رقم ‪( :17‬أ) دليل التنمية البرشية لسورية‪( ،2016-2005 ،‬ب) ترتيب سورية يف دليل التنمية‬
‫البرشية (باستخدام تراتبية العام ‪ ،2010‬من أصل ‪ 187‬دولة)‬

‫)ب(‬ ‫)أ(‬
‫‪0.70‬‬
‫‪173‬‬
‫‪0.65‬‬

‫‪0.60‬‬

‫‪121‬‬
‫‪0.55‬‬

‫‪0.50‬‬

‫‪0.45‬‬

‫ال�س��يناريو اال�س��تمراري‬ ‫‪0.40‬‬

‫�س��يناريو الأزمة‬
‫‪0.35‬‬
‫‪2016q4‬‬

‫‪2016q3‬‬

‫‪2016q2‬‬

‫‪2016q1‬‬

‫‪2015q4‬‬

‫‪2015q3‬‬

‫‪2015q2‬‬

‫‪2015q1‬‬

‫‪2014q4‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2016‬‬ ‫‪2011‬‬

‫امل�ص��ادر‪ :‬تقري��ر التنمي��ة الب�ش��رية حت��ى الع��ام ‪ 2011‬وتقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات (لدلي��ل التنمي��ة الب�ش��رية ب�ين ‪)2016-2012‬‬

‫سياسات اإلفقار‬ ‫تقاربت امل�ساهمة الن�سبية ملكونات دليل التنمية الب�شرية يف‬
‫تراجع امل�ؤ�شر العام خالل الأزمة حتى العام ‪ ،2015‬حيث‬
‫وكما هو احلال يف الإ�صدارات ال�سابقة من هذا‬ ‫�ساهم الرتاجع يف دليل التعليم بن�سبة ‪ %39‬من الرتاجع‬
‫التقرير‪ ،‬مت ا�ستخدام خطوط الفقر الوطنية لتقدير‬ ‫الذي �سجله دليل التنمية الب�شرية الإجمايل‪ ،‬علم ًا �أن معدل‬
‫وقيا�س �شدة الفقر وانت�شاره على امل�ستوى الوطني‬ ‫الت�س ّرب عام ‪ 2015‬بلغ نحو ‪ %45‬يف التعليم الأ�سا�سي‪.‬‬
‫وح�سب املحافظات‪ .‬وت�ستند الإ�سقاطات امل�ستخدمة يف‬ ‫و�أ�سهم �ضعف �أداء دليل ال�صحة بتدهور كبري يف دليل‬
‫التقرير �إىل م�سوح دخل ونفقات الأ�سرة‪ ،‬كما تطبق‬ ‫التنمية الب�شرية‪ ،‬ويعود ذلك �إىل الزيادة الدراماتيكية يف‬
‫منهجية املقارنة بني ال�سيناريو اال�ستمراري و�سيناريو‬ ‫عدد الوفيات املبا�شرة وغري املبا�شرة املرتبطة بالنزاع‬
‫الأزمة للنمو احلقيقي يف اال�ستهالك اخلا�ص للفرد يف‬ ‫امل�سلح‪ ،‬حيث بلغت هذه امل�ساهمة حواىل ‪ %33‬من الفرق بني‬
‫الفرتة الواقعة بني ‪ 2010-2015‬من خالل تقنية‬ ‫قيمة دليل التنمية الب�شرية يف «ال�سيناريو اال�ستمراري» وقيمته‬
‫املحاكاة على م�ستوى الأ�سر‪.‬‬ ‫وفق «�سيناريو الأزمة» يف الربع الرابع من عام ‪2015‬؛ بينما‬
‫�أ�سهم الرتاجع الكبري يف الدخل خالل الأزمة بن�سبة ‪ %28‬من‬
‫�إجمايل التدهور يف دليل التنمية الب�شرية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫وانهيار يف �سعر �صرف اللرية ال�سورية‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل‬ ‫ا�ستمر الركود االقت�صادي عام ‪ ،2015‬كما احتدم النزاع‬
‫زيادة تكاليف املعي�شة بالن�سبة ملعظم ال�سوريني انعك�ست‬ ‫امل�سلح ود ّمر اجلزء الأكرب من ثروة البالد‪ ،‬والبنية‬
‫�سلب ًا على معي�شتهم‪ ،‬وال�سيما الفقراء منهم‪ .‬ومع نهاية عام‬ ‫التحتية‪ ،‬واملن�ش�آت‪ ،‬وامل�صادر الطبيعية؛ كما �أعاق النزاع‬
‫‪ ،2015‬بات معظم ال�سوريني يعي�شون يف حالة فقر‪ ،‬ويعانون‬ ‫ديناميكيات االقت�صاد التقليدية وذلك بتجفيف الأن�شطة‬
‫من حرمان متعدد الأبعاد ال يقت�صر فقط على البعد املرتبط‬ ‫الإنتاجية وفر�ص العمل‪ ،‬و�إفراغ البالد من ر�أ�س املال‬
‫بالفقر املادي ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫الب�شري‪� .‬إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ف�إن اقت�صاد العنف قد �أعاد‬
‫توزيع الدخل والرثوة الوطنية مل�صلحة قوى الت�سلط‬
‫على افرتا�ض عدم وجود تغيري يف توزع الإنفاق �ضمن كل‬ ‫واجلهات التي ت�سعى للح�صول على الريع من خالل و�سائل‬
‫‪ .9‬استخدمت ثالثة مؤشرات لقياس‬
‫انتشار وشدة وعمق الفقر من‬ ‫التغي يف هيكل الأ�سعار بني املحافظات‬ ‫حمافظة‪ ،‬ومع �أخذ ّ‬ ‫مبا�شرة وغري مبا�شرة منها ال�ضرائب‪ ،‬واالحتكار‪ ،‬والنهب‪،‬‬
‫االنفاق االستهالكي‪ ،‬وتتض ّمن هذه‬ ‫مقارنة بالعام ‪ ،2009‬ت�شري التقديرات �إىل �أن معدل الفقر‬ ‫واالجتار بالب�شر‪ ،‬والتهريب‪ .‬دفعت هذه العوامل‪� ،‬إ�ضافة‬
‫المؤشرات‪“ :‬الفقر المدقع” بناء‬ ‫الإجمايل يبلغ ‪ %85.2‬مع نهاية ‪ 2015‬مقابل ‪ %83.5‬يف عام‬ ‫�إىل فقدان الأ�سر م�صادر الدخل‪ ،‬وزيادة الأ�سعار‪ ،‬ونق�ص‬
‫على خط الفقر الغذائي الذي يشير‬
‫إلى عدم قدرة األسر على تأمين‬
‫‪ ،2014‬و‪ %73.3‬يف عام ‪ .2013‬وعلى م�ستوى املناطق‪ ،‬كانت‬ ‫ال�سلع واخلدمات الأ�سا�سية‪ ،‬معظم ال�شعب ال�سوري �إىل‬
‫الحد األدنى من الغذاء األساسي؛‬ ‫املحافظات‪ ،‬التي �شهدت نزاع ًا مكثف ًا ولها معدالت فقر‬ ‫العي�ش يف حالة من الفقر والكفاح للح�صول على ما ي�سد‬
‫و”الفقر الشديد” بناء على خط‬ ‫و�سجلت حمافظة‬‫مرتفعة تاريخي ًا‪ ،‬الأكرث معاناة من الفقر؛ ّ‬ ‫رمق العي�ش‪.‬‬
‫الفقر األدنى الذي يشير إلى عدم‬ ‫الرقة �أعلى معدل فقر و�صل �إىل ‪ %91.6‬من ال�سكان تليها‬
‫قدرة األسر على تأمين الحد األدنى‬
‫من السلع الغذائية وغير الغذائية‬ ‫حمافظات �إدلب‪ ،‬ودير الزور‪ ،‬وحم�ص‪ ،‬وريف دم�شق التي‬ ‫�شهد عام ‪ 2015‬حتو ًال يف ال�سيا�سات االقت�صادية نحو املزيد‬
‫األساسية؛ و”الفقر اإلجمالي” بناء‬ ‫تعاين �أي�ض ًا من معدالت مرتفعة من الفقر العام‪ .‬وب�شكل عام‪،‬‬ ‫من النيوليربالية من خالل الزيادة الكبرية يف �أ�سعار اخلبز‪،‬‬
‫على خط الفقر األعلى الذي يشير‬ ‫�سجل �أقل‬
‫ارتفع الفقر ب�شكل حاد يف جميع املحافظات‪ ،‬لكنه ّ‬ ‫واملواد الغذائية الأ�سا�سية‪ ،‬وامل�شتقات النفطية �إ�ضافة �إىل‬
‫إلى عدم قدرة األسر على تأمين‬
‫الحد األدنى من السلع والخدمات‬ ‫معدالته يف ال�سويداء بن�سبة بلغت ‪ %77.2‬وتلتها الالذقية‬ ‫زيادة الر�سوم وال�ضرائب غري املبا�شرة‪� .‬أدت هذه‬
‫الالزمة لحياة كريمة‪.‬‬ ‫(اخلارطة ‪.)1‬‬ ‫ال�سيا�سات‪ ،‬التي بد�أت منذ عام ‪� ،2014‬إىل رفع الأ�سعار‬

‫الخارطة رقم ‪ :1‬نسبة انتشار الفقر اإلجاميل يف سورية حسب املحافظات (‪)2015 – 2014‬‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪0.772‬‬ ‫‪0.747‬‬
‫‪0.798‬‬ ‫‪0.769‬‬
‫‪0.820‬‬ ‫‪0.804‬‬
‫‪0.824‬‬ ‫‪0.805‬‬
‫‪0.824‬‬ ‫‪0.806‬‬
‫‪0.831‬‬ ‫‪0.807‬‬
‫‪0.843‬‬ ‫‪0.814‬‬
‫‪0.855‬‬ ‫‪0.837‬‬
‫‪0.862‬‬ ‫‪0.846‬‬
‫‪0.869‬‬ ‫‪0.853‬‬
‫‪0.869‬‬ ‫‪0.856‬‬
‫‪0.901‬‬ ‫‪0.884‬‬
‫‪0.905‬‬ ‫‪0.895‬‬
‫‪0.916‬‬ ‫‪0.896‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات بن��اء عل��ى م�س��وح دخ��ل ونفق��ات الأ�س��رة لع��ام ‪ ،2009‬املكتب املرك��زي للإح�صاء‬

‫ال�شديد يف حمافظات دير الزور (‪ ،)%80.9‬والرقة‬ ‫ومن �ضمن ال�سكان الفقراء من يعانون من الفقر‬
‫(‪ ،)%80.3‬و�إدلب (‪ ،)%79.5‬واحل�سكة (‪.)%75.8‬‬ ‫ال�شديد‪� ،‬أي غري القادرين على ت�أمني احتياجاتهم‬
‫وكانت �أدنى معدالت الفقر ال�شديد يف املناطق من البالد‬ ‫الأ�سا�سية للبقاء‪ ،‬ومت حتديدهم با�ستخدام خط الفقر‬
‫التي كانت الأقل ت�أ ّثر ًا مبا�شرة بالعمليات الع�سكرية‪.‬‬ ‫الوطني عند احلد الأدنى‪ .‬و ُق ّدرت ن�سبة من يعانون من‬
‫وهكذا‪� ،‬شهدت كل من الالذقية وال�سويداء �أدنى ن�سبة‬ ‫الفقر ال�شديد بحواىل ‪ %69.3‬من �إجمايل ال�سكان يف‬
‫من الفقر ال�شديد‪ ،‬والذي �أ ّثر على ‪ %53.1‬و ‪ %54.1‬من‬ ‫نهاية عام ‪ 2015‬مقارنة مع ‪ %66.5‬يف عام ‪،2014‬‬
‫ال�سكان على التوايل‪( .‬اخلارطة ‪)2‬‬ ‫و�سجلت �أعلى ن�سب من الفقر‬ ‫و‪ %51.6‬يف عام ‪2013‬؛ ُ‬

‫‪44‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الخارطة رقم ‪ :2‬نسبة انتشار الفقر الشديد يف سورية بحسب املحافظة (‪)2015 – 2014‬‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪0.53‬‬ ‫‪0.50‬‬
‫‪0.54‬‬ ‫‪0.51‬‬
‫‪0.57‬‬ ‫‪0.52‬‬
‫‪0.64‬‬ ‫‪0.61‬‬
‫‪0.65‬‬ ‫‪0.62‬‬
‫‪0.67‬‬ ‫‪0.63‬‬
‫‪0.69‬‬ ‫‪0.66‬‬
‫‪0.70‬‬ ‫‪0.67‬‬
‫‪0.70‬‬ ‫‪0.67‬‬
‫‪0.74‬‬ ‫‪0.72‬‬
‫‪0.76‬‬ ‫‪0.73‬‬
‫‪0.80‬‬ ‫‪0.78‬‬
‫‪0.80‬‬ ‫‪0.78‬‬
‫‪0.81‬‬ ‫‪0.79‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات بن��اء عل��ى م�س��وح دخ��ل ونفق��ات الأ�س��رة لع��ام ‪ ،2009‬املكتب املرك��زي للإح�صاء‬

‫ت�ؤثر هذه الظروف يف قدرة جميع فئات ال�شعب ال�سوري على‬ ‫�شهدت �سورية قبل الأزمة معدالت فقر منخف�ضة ن�سبي ًا‬
‫العي�ش الآن ويف امل�ستقبل‪ ،‬و�إال �أن الأكرث معاناة هم الأطفال‬ ‫وم�ستوى متو�سط ًا من عدم امل�ساواة‪� ،‬إال �أن �إ�سقاطات خطوط‬
‫الذين ُحرموا من كفاية الغذاء املنا�سب والظروف ال�صحية‬ ‫الفقر الوطنية ب ّينت �أن النزاع جعلها واحدة من �أكرث البلدان‬
‫املالئمة‪ .‬لقد �أدت الأزمة �إىل �إ�ضعاف قدرات النا�س‪ ،‬الأمر‬ ‫حرمان ًا يف العامل‪ .‬لقد حرم النزاع ال�سكان يف �سورية من‬
‫الذي له نتائج حالية وم�ستقبلية خطرية على نوعية حياة‬ ‫الأمن الغذائي وجعلهم عر�ضة للمعاناة من الفقر املدقع الذي‬
‫ال�سكان يف جميع مناطق البالد‪ .‬ويف عام ‪� ،2015‬سجلت‬ ‫كانت ن�سبته ‪ %0.07‬يف عام ‪ 2010‬لتُقدّر بـ ‪ %35.1‬يف عام‬
‫حمافظات دير الزور‪ ،‬و�إدلب‪ ،‬واحل�سكة �أعلى معدالت الفقر‬ ‫‪ .2015‬منذ عام ‪� ،2013‬أي بعد �سنتني من بدء الأزمة‪� ،‬شهدت‬
‫املدقع‪ ،‬حيث ي�صعب على الأ�سر احل�صول على االحتياجات‬ ‫ن�سبة الفقر املدقع ارتفاع ًا هائ ًال وتفاقم �أثره مع الزيادة يف‬
‫الغذائية الأ�سا�سية املطلوبة للحفاظ على احلياة؛ ويف نف�س‬ ‫�أ�سعار املواد الغذائية يف ‪ 2014‬و‪ 2015‬والتي �أ�ضعفت قدرة‬
‫�سجلت الأ�سر يف املناطق الأكرث �أمن ًا مثل دم�شق‪،‬‬
‫الوقت ّ‬ ‫النا�س على ا�ستهالك غذاء ي�ؤمن لهم م�صادر كافية من‬
‫والالذقية‪ ،‬وال�سويداء �أدنى معدالت الفقر املدقع‪.‬‬ ‫ال�سعرات احلرارية‪ ،‬علم ًا �أن الفقر الغذائي ُي�ص ّعب على‬
‫(اخلارطة ‪)3‬‬ ‫الأ�سرة تلبية حاجاتها غري الغذائية‪.‬‬

‫الخارطة رقم ‪ :3‬نسبة انتشار الفقر املدقع يف سورية حسب املحافظات (‪)2015 – 2014‬‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪0.194‬‬ ‫‪0.167‬‬
‫‪0.195‬‬ ‫‪0.170‬‬
‫‪0.204‬‬ ‫‪0.192‬‬
‫‪0.242‬‬ ‫‪0.218‬‬
‫‪0.268‬‬ ‫‪0.253‬‬
‫‪0.289‬‬ ‫‪0.259‬‬
‫‪0.320‬‬ ‫‪0.291‬‬
‫‪0.362‬‬ ‫‪0.316‬‬
‫‪0.366‬‬ ‫‪0.337‬‬
‫‪0.373‬‬ ‫‪0.340‬‬
‫‪0.385‬‬ ‫‪0.359‬‬
‫‪0.421‬‬ ‫‪0.374‬‬
‫‪0.534‬‬ ‫‪0.512‬‬
‫‪0.554‬‬ ‫‪0.502‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات بن��اء عل��ى م�س��وح دخ��ل ونفق��ات الأ�س��رة لع��ام ‪ ،2009‬املكتب املرك��زي للإح�صاء‬

‫‪45‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫بالتعليم نحو ‪ %45.2‬من الأطفال يف �سن الدرا�سة‪ ،‬ومن‬ ‫�إن دعم ال�شعب ال�سوري‪ ،‬الذي يعاين م�شقة العي�ش‪ ،‬يغدو‬
‫املتوقع �أن ت�شهد ال�سنة الدرا�سية ‪ 2015-2016‬نف�س‬ ‫عملية معقدة نتيجة حلالة اال�ستقطاب ال�شديدة للنزاع‪ .‬وال‬
‫معدالت االلتحاق باملدار�س للعام احلايل‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن‬ ‫ميكن الق�ضاء على الفقر من خالل امل�ساعدات الإن�سانية‬
‫ما يقرب من ن�صف الأطفال تقريب ًا الذين هم يف �سن‬ ‫وحدها‪ ،‬بل يعترب ت�صميم ودعم ا�سرتاتيجية تنموية �شاملة‬
‫الدرا�سة غري ملتحقني باملدر�سة‪ ،‬ولهذا الأمر ت�أثري‬ ‫عام ًال �أ�سا�سي ًا مل�ساعدة ال�سكان يف التغلب على حالة الفقر‬
‫كارثي على ر�أ�س املال الب�شري احلايل وامل�ستقبلي للبلد‪.‬‬ ‫بطريقة م�ستدامة‪� .‬إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ف�إن حتدي ًا تواجهه‬
‫شهدت فرص التعليم‬ ‫امل�ساعدات الإن�سانية احلالية يكمن يف �أن �أولوية جميع‬
‫لقد �ساهمت عوامل عدة مرتبطة بالنزاع يف فقدان‬ ‫انخفاضاً دراماتيكياً مع‬ ‫�أطراف النزاع هي دعم العنف واملعارك على ح�ساب‬
‫عدم التحاق ماليني‬
‫فر�ص التعليم والتع ّلم وااللتحاق للأطفال؛ وتختلف �شدة‬ ‫األطفال مبدارسهم‬
‫االحتياجات الإن�سانية‪ .‬حيث ت�ستخدم �أطراف النزاع‬
‫هذه العوامل باختالف املناطق‪ .‬وقد �أظهرت نتائج م�سح‬ ‫أو عدم متكنهم من‬ ‫و�صول ال�سكان للغذاء واملاء ك�أحد �أدوات احلرب مما‬
‫حالة ال�سكان �أن الأ�سباب التي دفعت �إىل عدم االلتحاق‬ ‫الوصول إليها‬ ‫�ضاعف معاناة وفقر ال�سكان‪.‬‬
‫تتوزع كما يلي‪ :‬نحو ‪ %35‬من الأطفال غري امللتحقني‬
‫وهم يف �سن الدرا�سة ال يلتحقون باملدار�س ب�سبب خوف‬ ‫تعاين م�ؤ�س�سات املجتمع املدين العاملة يف املجال الإن�ساين‬
‫الأهل والظروف الأمنية ال�صعبة‪ ،‬ونحو ‪ %21‬منهم‬ ‫من �ضعف كبري يف حوكمتها؛ كما تواجه منظمات الأمم‬
‫تُعزى �أ�سباب عدم التحاقهم �إىل �صعوبات مالية �إ�ضافة‬ ‫املتحدة �صعوبات ناجتة عن النزاع يف جمال تقدمي‬
‫�إىل الزيادة يف معدالت ت�شغيل الأطفال كو�سيلة للت�أقلم‬ ‫امل�ساعدات �إىل م�ستحقيها‪� ،‬إال �أن هذه املنظمات تعاين‬
‫مع ظروف الأزمة وخا�صة بالن�سبة للأ�سر التي فقدت‬ ‫�أي�ض ًا من �ضعف نظام الر�صد والتقييم‪ ،‬والتكاليف الإدارية‬
‫معيليها‪ ،‬ونحو ‪ %19‬لأ�سباب مرتبطة بدمار وتعطل‬ ‫ال�ضخمة‪� ،‬إ�ضافة �إىل هيمنة رغبات و�أهداف املانحني على‬
‫البنية التحتية للتعليم وفقدان نظام التعليم الكثري من‬ ‫خطتها و�أن�شطتها‪ .‬وبالتايل‪ ،‬بات من ال�ضروي بناء‬
‫كوادره التعليمية والطالب نتيجة موجات اللجوء والنزوح‬ ‫ا�سرتاتيجية تنموية وب�شكل ت�شاركي تعزز �صمود ال�سوريني‬
‫والهجرة‪� ،‬إ�ضافة �إىل تعر�ضهم للقتل واالختطاف‬ ‫وتبني م�ؤ�س�سات فعالة تعمل على التخفيف من ح ّدة الفقر‬
‫(املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪.)2016 ،‬‬ ‫واحلرمان‪.‬‬

‫لقد �شهدت فر�ص التعليم انخفا�ض ًا دراماتيكي ًا مع عدم‬


‫التحاق ماليني الأطفال مبدار�سهم �أو عدم متكنهم من‬
‫الو�صول �إليها‪ .‬وي�ؤثر هذا احلرمان من الفر�ص التعليمية‬ ‫التع ّلم وتدهور رأس المال البشري‬
‫على جيل كامل من الأطفال الذين ُيج ّردون من �إمكانية‬
‫تطوير القدرات واملوارد التي يحتاجون �إليها من �أجل‬ ‫�أ�سفر ا�ستمرار النزاع امل�سلح عن نتائج كارثية ومبا�شرة‬
‫م�ستقبل مثمر‪ ،‬كما �أن الزيادة يف معدل عدم الإلتحاق‬ ‫على التعليم من حيث االلتحاق بالتعليم وتدهور يف ر�أ�س‬
‫باملدار�س ي�ؤثر �سلب ًا يف وظائف �أخرى للمدر�سة �أهمها‬ ‫املال الب�شري‪ .‬كما �أثرت الأزمة على التعليم ب�شكل غري‬
‫االندماج الثقايف واالجتماعي (بالنتاين‪)2012 ،‬؛ الأمر‬ ‫مبا�شر وطويل الأمد من خالل جهود قوى الت�سلط‬
‫الذي يعمل على متزيق االن�سجام االجتماعي ويفاقم‬ ‫املتورطة يف النزاع لإحداث تغيريات ملمو�سة يف مهمة‬
‫الإق�صاء االجتماعي واال�ستقطاب داخل املجتمع‪.‬‬ ‫امل�ؤ�س�سات التعليمية وتوجيهها للتحري�ض على العنف‬
‫ون�شر الكراهية �ضد «الآخر»‪ .‬يوجد العديد من الأمثلة‬
‫يكر�س التفاوت الوا�سع يف معدالت االلتحاق باملدار�س‬ ‫التي تُبني كيفية ا�ستخدام التعليم لت�أجيج النزاع‬
‫بني خمتلف املناطق حالة من عدم امل�ساواة؛ فخالل‬ ‫وا�ستمراره (هاربر‪ ،)2002 ،‬فا�ستعمال التعليم الر�سمي‬
‫العام الدرا�سي ‪�ُ 2014-2015‬س ّجل �أعلى معدل لعدم‬ ‫وغري الر�سمي كجزء من الآلة الدعائية ميكن �أن يت�سبب‬
‫الإلتحاق يف الرقة ودير الزور ليبلغ حواىل ‪ ،%95‬ويعود‬ ‫ب�أ�ضرار هائلة عرب ت�شويه التاريخ‪ ،‬واال�ستخدام ال�سيئ‬
‫هذا التدهور الكبري يف معدالت عدم االلتحاق باملدار�س‬ ‫للمناهج لأغرا�ض �سيا�سية‪ ،‬وتقييد االلتحاق باملدار�س‪،‬‬
‫يف هذه املنطقة للقرار الذي اتخذته ما يدعى تنظيم‬ ‫وتعميق عدم امل�ساواة يف فر�ص التعليم (بو�ش‬
‫الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش»‪ ،‬ب�إغالق‬ ‫و�سالتريايل‪.)2000 ،‬‬
‫املدار�س‪ .‬ويف حلب بلغت ن�سبة عدم االلتحاق باملدار�س‬
‫نحو ‪ ،%74‬يليها ريف دم�شق بن�سبة ‪ %49‬ثم �إدلب‬ ‫راجع هذا التقرير ح�ساب التقديرات ال�سابقة ملعدالت‬
‫بحواىل ‪%48‬؛ ويعك�س هذا الو�ضع ا�ستمرار احتدام‬ ‫في العام الدراسي‬ ‫عدم التحاق (عدم احل�ضور) من هم يف �سن الدرا�سة‬
‫‪ ،2014-2015‬حيث تخلف عن‬
‫العمليات الع�سكرية يف هذه املناطق‪ .‬بينما كان الو�ضع يف‬ ‫االلتحاق بالتعليم نحو‬ ‫بالتعليم ا�ستناد ًا �إىل م�سح حالة ال�سكان وتقديرات‬
‫املحافظات الآمنة خمتلف ًا‪ ،‬حيث كان معدل عدم‬ ‫اخلرباء‪ .‬و�أظهرت النتائج �أن ‪ %42.7‬من الأطفال يف‬
‫الإلتحاق ملن هم يف �سن املدر�سة منخف�ض ًا ليبلغ حواىل‬
‫‪ %0‬يف طرطو�س‪ ،‬و‪ %16‬يف دم�شق‪ ،‬و‪ %17‬يف الالذقية‬
‫(ال�شكل ‪.)18‬‬
‫‪%45.2‬‬
‫من األطفال في سن الدراسة‬
‫�سن الدرا�سة مل يلتحقوا مبدار�سهم يف العام الدرا�سي‬
‫‪ ،2013-2014‬وقد تفاقمت هذه الن�سبة يف العام‬
‫الدرا�سي ‪ ،2014-2015‬حيث تخلف عن االلتحاق‬

‫‪46‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الشكل رقم ‪ :18‬معدالت االلتحاق ملن هم يف سن املدرسة بحسب املحافظات‬


‫‪120%‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪80%‬‬

‫‪60%‬‬

‫‪40%‬‬

‫‪20%‬‬

‫‪0%‬‬
‫القنيط��رة‬ ‫ال�سويداء‬ ‫درعا‬ ‫الرقة‬ ‫طرطو�س‬ ‫دير الزور‬ ‫احل�سكة‬ ‫ادلب‬ ‫الالذقية‬ ‫حماة‬ ‫حم�ص‬ ‫ريف دم�ش��ق‬ ‫حلب‬ ‫دم�شق‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬

‫امل�ص��در‪ :‬تقدي��رات املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات و�إ�س��قاطاته بن��ا ًء عل��ى بيان��ات وزارة الرتبي��ة والتعلي��م‪.‬‬

‫من �سنوات التمدر�س من الناجت املحلي الإجمايل‪ ،‬ف�إن قيمة‬ ‫ترافق التفاوت بني املناطق مع عدم امل�ساواة يف الفر�ص‪،‬‬
‫كل �سنة من �سنوات التمدر�س تُقدر بنحو ‪680‬دوالر �أمريكي‬ ‫فقد ُحرم الأطفال النازحون والالجئ�ؤن يف �أحيان كثرية من‬
‫للطالب الواحد ‪ .‬ويف الربع الرابع من عام ‪ ،2015‬كان من‬ ‫‪10‬‬
‫امل�صادر والفر�ص التعليمية املالئمة �سواء داخل البلد �أو‬
‫املقدر �أن يبلغ الفاقد من «�سنوات التمدر�س» مقارنة ب ـ‬ ‫خارجها‪ .‬فحتى يف املناطق امل�ستقرة ن�سبي ًا‪ ،‬كثري ًا ما ُيجرب‬
‫«ال�سيناريو اال�ستمراري» نحو ‪ 10.7‬مليون �سنة بالن�سبة‬ ‫الأطفال على العمل للم�ساعدة يف �إعالة �أ�سرهم التي تعاين‬
‫للتعليم الأ�سا�سي خالل الأزمة‪ ،‬وتقدر تكلفة هذه اخل�سارة يف‬ ‫من احلرمان والتدهور االقت�صادي‪ ،‬ويف هذا ال�سياق‬
‫‪  .10‬المنهجية التي اتبعها المركز‬
‫ر�أ�س املال الب�شري بحواىل ‪ 7.2‬مليار دوالر �أمريكي‪2.1 ،‬‬ ‫انخرط بع�ضهم يف �أن�شطة غري م�شروعة مرتبطة بالعنف‪.‬‬ ‫السوري لبحوث السياسات في‬
‫مليار دوالر �أمريكي منها خالل عام ‪ 2015‬وحده‪ .‬وتقدر‬ ‫وفاقمت الظروف الأمنية وقوى التطرف يف بع�ض املناطق‬ ‫احتساب قيمة كل عام مدرسي‬
‫اخل�سارة يف م�ستويات التعليم كافة مقارنة بال�سيناريو‬ ‫من تعميق عدم امل�ساواة بني اجلن�سني‪ ،‬حيث امتنعت العديد‬ ‫تقوم على تقدير مع ّدل وسطي‬
‫بين العامين ‪ 2006‬و‪2010‬‬
‫اال�ستمراري بنحو ‪ 24.5‬مليون �سنة‪ ،‬وتقدر تكلفة هذه‬ ‫من الأ�سر عن �إر�سال بناتها �إىل املدار�س نتيجة انعدام‬ ‫من خالل تقسيم الناتج المحلي‬
‫اخل�سارة بنحو ‪ 16.5‬مليار دوالر �أمريكي‪ 4.6 ،‬مليار دوالر‬ ‫الأمن واخلوف‪ ،‬كما ُمنع يف بع�ض مناطق البالد على‬ ‫اإلجمالي باألسعار الجارية على‬
‫�أمريكي منها يف عام ‪ 2015‬وحده‪ .‬وت�شري الإ�سقاطات �أن‬ ‫الفتيات االلتحاق باملدار�س‪.‬‬ ‫العدد اإلجمالي لسنوات التمدرس‪.‬‬
‫و�سطي �سنوات التمدر�س يف الربع الرابع من عام ‪2015‬‬
‫وقد كانت القيمة الناتجة هي ‪680‬‬
‫دوالر ًا أميركي ًا لكل سنة تمدرس‪،‬‬
‫تراجع �إىل ‪ 5.3‬وفق �سيناريو الأزمة بينما كان لي�صل �إىل ‪6.8‬‬ ‫يقي�س التقرير �أي�ض ًا الفاقد يف ر�أ�س املال الب�شري من خالل‬ ‫ومن ث ّم ط ّبق هذا الرقم على‬
‫ح�سب ال�سيناريو اال�ستمراري (ال�شكل ‪.)19‬‬ ‫خ�سارة �سنوات التمدر�س‪ .‬وبنا ًء على احت�ساب ح�صة كل عام‬ ‫مع ّدل التسرّب‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪( :19‬أ) متوسط سنوات التمدرس‪( ،‬ب) التكلفة املرتاكمة املقدرة لسنوات‬
‫التمدرس املفقودة‬
‫ملي��ارات الدوالرات‬
‫‪18‬‬
‫‪16,491‬‬
‫)ب(‬ ‫)أ(‬
‫‪16‬‬ ‫‪7.00‬‬

‫‪6.80‬‬
‫‪14‬‬
‫‪11,877‬‬ ‫‪6.60‬‬
‫‪12‬‬
‫‪6.40‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪6.20‬‬
‫‪7,617‬‬ ‫‪6.00‬‬
‫‪7,195‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪5.80‬‬
‫‪5,069‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5.60‬‬
‫‪3,897‬‬
‫‪3,119‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5.40‬‬

‫‪5.20‬‬
‫‪1,440‬‬ ‫‪1,155‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5.00‬‬
‫‪287‬‬
‫‪2015Q4‬‬

‫‪2015Q3‬‬

‫‪2015Q2‬‬

‫‪2015Q1‬‬

‫‪2014-Q4‬‬

‫‪2014-Q3‬‬

‫‪2014-Q2‬‬

‫‪2014-Q1‬‬

‫‪2013-Q4‬‬

‫‪2013-Q3‬‬

‫‪2013-Q2‬‬

‫‪2013-Q1‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬

‫كاف��ة م�س��تويات التعلي��م‬ ‫التعلي��م الأ�سا�س��ي‬ ‫ال�س��يناريو اال�س��تمراري‬ ‫�س��يناريو الأزمة‬

‫امل�ص��در‪ :‬املرك��ز ال�س��وري لبح��وث ال�سيا�س��ات‪2015 ،‬‬

‫‪47‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية لألزمة‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫للرعاية ال�صحية‪ ،‬ورافق ذلك انهيار ال�صناعة الدوائية‪،‬‬ ‫�أ ّثر ا�ستمرار النزاع امل�سلح �سلب ًا على البنية التحتية‬
‫�إ�ضافة �إىل انتقال ووفاة الكثريين من الكادر ال�صحي‪.‬‬ ‫التعليمية مبا يف ذلك املباين واملعدات‪ ،‬فقد بلغت الأ�ضرار‬
‫وخالل عام ‪ ،2015‬قامت �سلطات الأمر الواقع املبعرثة يف‬ ‫على �إجمايل املباين التعليمية نحو ‪ %28‬يف منت�صف العام‬
‫كافة �أنحاء البالد ب�إن�شاء م�ؤ�س�ساتها ذات احلوكمة‬ ‫‪ 2014‬وذلك بناء على نتائج م�سح حالة ال�سكان‪ ،‬وكان من‬
‫ال�ضعيفة واالرتباط الوثيق بالعنف‪ .‬لقد �أثرت هذه‬ ‫املتوقع �أن ت�صل �إىل حواىل ‪ %35‬بحلول نهاية العام ‪2015‬‬
‫امل�ؤ�س�سات الهزيلة �سلب ًا على جممل النظام واخلدمات‬ ‫مع الأخذ باالعتبار تكثيف العمليات الع�سكرية يف بع�ض‬
‫ال�صحية‪� ،‬إذ �أن احلوكمة ال�ضعيفة ت�ؤدي �إىل ن�ضوب موارد‬ ‫�سجل‬
‫املناطق‪ .‬وتتفاوت هذه الن�سبة بني املحافظات حيث ّ‬
‫اخلدمات ال�صحية‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬انهيار القطاع ال�صحي‬ ‫�أعلى قيمة لها يف حلب تليها حم�ص‪ ،‬يف حني ُ�سجلت �أدنى‬
‫(�سو�سا‪.)2013 ،‬‬ ‫قيمة لها يف ال�سويداء وطرطو�س امل�ستقرتان ن�سبي ًا‪ .‬كما‬
‫�أظهرت نتائج امل�سح �أن الأ�ضرار التي حلقت بالتجهيزات‬
‫يعترب فقدان احلياة الناجم عن النزاع الأثر املبا�شر‬ ‫التعليمية بلغت نحو ‪ %35‬من �إجمايل التجهيزات يف‬
‫والوا�ضح والأكرث م�أ�ساوية ال�ستمرار الأزمة يف �سورية‪.‬‬ ‫منت�صف عام ‪ ،2014‬و‪ %43‬مع نهاية العام ‪� .2015‬أما من‬
‫وتُبني نتائج م�سح حالة ال�سكان‪ ،‬الذي �أجري يف منت�صف‬ ‫حيث الكادر التعليمي فقد عانى هذا الكادر من النزوح‬
‫‪� ،2014‬أن ‪ %1.4‬من ال�سكان فقدوا حياتهم‪ %11.4 ،‬منهم‬ ‫الق�سري كما تعر�ض بع�ضهم للقتل �أو الإ�صابة �أو االختطاف‬
‫�أطفال؛ ما رفع معدالت الوفيات من ‪ 4.4‬بالألف العام‬ ‫�أو االعتقال (املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪.)2015 ،‬‬
‫‪ ،2010‬لت�صل �إىل ‪ 10.9‬بالألف عام ‪( 2014‬املركز‬
‫ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ .)2016 ،‬وبحلول نهاية العام‬ ‫�أ�سفر ت�شظي النظام التعليمي وتفككه بني املناطق املختلفة‬
‫‪ ،2015‬ي�صل عدد اجلرحى �إىل ‪ 1.88‬مليون �شخ�ص ‪ ،‬كما‬
‫‪11‬‬
‫للبالد عن غياب الإ�شراف الفعال‪ ،‬الأمر الذي �أدى �إىل و�ضع‬
‫ُيقدر �أن حواىل ‪ %11.5‬من ال�سكان تقريب ًا داخل �سورية‬ ‫مناهج جديدة تُ�ستخدم لتعزيز القيم والعادات التي تخدم‬
‫تعر�ضوا للقتل‪� ،‬أو الإ�صابة‪� ،‬أو الت�ش ّوه نتيجة النزاع امل�سلح‪.‬‬ ‫وجهة نظر القوى املختلفة‪ .‬ومت خالل الأزمة �إقحام الأطفال‬
‫يف العنف وحرمانهم من تطوير مهاراتهم احلياتية والتعليمية‬
‫وتو�ضح ال�صورة الوبائية ل�سكان �سورية قبل الأزمة �أن‬ ‫الأ�سا�سية‪ ،‬وراوح هذا احلرمان بني حظر االلتحاق باملدار�س‬
‫الأمرا�ض غري املنقولة كانت ال�سبب الرئي�سي ملرا�ضة‬ ‫وتعزيز �أفكار الكراهية �ضد «الآخر»‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن‬
‫ووفيات البالغني (املكتب املركزي للإح�صاء‪)2009 ،‬؛‬ ‫عدد ًا حمدود ًا من منظمات املجتمع املدين تقوم مببادرات‬
‫وخالل الأزمة‪ُ ،‬يتوقع �أن ُي�سهم انهيار املحددات‬ ‫تهدف �إىل توفري التعليم املالئم من خالل تقدمي �أن�شطة‬
‫االجتماعية لل�صحة‪ ،‬وفقدان الأمان‪ ،‬واالغرتاب‬ ‫التع ّلم الأ�سا�سية والدعم النف�سي للأطفال وال�شباب يف‬
‫االجتماعي‪ ،‬وتزايد التوتر وعدم اليقني يف زيادة الإ�صابة‬ ‫مناطق النزاع وبني ال�سكان النازحني داخلي ًا‪.‬‬
‫بالأمرا�ض غري املنقولة وخا�صة تلك املتعلقة بحاالت القلب‬
‫والأوعية الدموية‪ ،‬وال�سكري‪ ،‬والأمرا�ض العقلية‪ .‬و�أدى‬ ‫توفرت مناهج التعليم البديلة حلواىل ‪ %13‬من �إجمايل‬
‫تدهور البنية التحتية للقطاع ال�صحي وخا�صة مراكز‬ ‫عدد ال�سكان يف منت�صف العام ‪ ،2014‬وترتكز يف حلب‪،‬‬
‫الرعاية ال�صحية الأولية‪� ،‬إىل تعطل �آليات الر�صد الدقيق‬ ‫وريف دم�شق‪ ،‬وحم�ص التي �شهدت تكثيف ًا للعمليات‬
‫واملتابعة‪ ،‬الأمر الذي �ساهم ب�شكل كبري يف تراجع الو�ضع‬ ‫الع�سكرية (املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪،)2016 ،‬‬
‫ال�صحي بني الذين يعانون من الأمرا�ض املزمنة‪ .‬ومن‬ ‫وكان من املتوقع �أن ال تتغري هذه الن�سبة ب�شكل ملحوظ‬
‫املتوقع �أن تزداد معاناة القطاع ال�صحي مع تقييد احلركة‬ ‫خالل عام ‪ 2015‬مع الأخذ بعني االعتبار حظر جميع‬
‫للمر�ضى‪ ،‬والطواقم الطبية‪ ،‬و�صعوبة احل�صول على‬ ‫�أ�شكال التعلم والتدري�س‪ ،‬با�ستثناء املتطرفة منها‪ ،‬يف‬
‫الأدوية وخا�صة يف مناطق النزاع واملناطق املحا�صرة‪.‬‬ ‫العديد من املناطق وال �سيما تلك التي تهيمن عليها الدولة‬
‫الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش»‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬يتم‬
‫ت�شري بيانات وزارة ال�صحة ومنظمة ال�صحة العاملية‪،‬‬ ‫ا�ستغالل النظام التعليمي من قبل جميع قوى الت�سلط‬
‫كمزودين للخدمات ال�صحية‪� ،‬إىل ا�ستخدام متزايد‬ ‫املتورطة يف النزاع خللق ثقافة اخلوف‪ ،‬واال�ستقطاب‪،‬‬
‫للمراكز ال�صحية العامة لتقدمي خدمات العيادات‬ ‫والكراهية �ضد الآخر‪� .‬إن �ضياع ر�أ�س املال الب�شري احلايل‬
‫اخلارجية واحل�صول على الأدوية للأمرا�ض املزمنة وغري‬ ‫واملحتمل وال�صراع على الهوية يف جميع �أنحاء البالد يجعل‬
‫املنقولة‪ .‬وقد �أظهرت نتائج م�سح حالة ال�سكان‪� ،‬أن حواىل‬ ‫م�ستقبل �سورية‪ ،‬ككيان وطني‪ ،‬حمبط ًا و�سوداوي ًا‪.‬‬
‫ن�صف ال�سكان �أ�شار �إىل �أن ن�سبة الإ�صابة بالأمرا�ض‬
‫املزمنة تراوح بني ‪ %10-20‬من ال�سكان مقارنة باملعدل‬
‫الوطني ال�سابق قبل الأزمة والذي بلغ ‪ .%10‬وتعترب هذه‬
‫النتائج ذات �أهمية كبرية ل�سببني رئي�سيني‪ ،‬الأول �أنها‬ ‫تدهور النظام الصحي‬
‫تعك�س احلالة ال�صحية من وجهة نظر امل�ستفيدين من‬
‫‪  .11‬يفترض هذا التقرير معد ًال لجرحى‬ ‫اخلدمة‪ ،‬ال من وجهة نظر مقدميها‪ ،‬وبالتايل متثل‬ ‫�أثر النزاع امل�سلح على النظام ال�صحي ب�شكل كارثي‪ ،‬فقد‬
‫مقابل كل قتيل يبلغ ‪4:1‬‬ ‫االحتياجات ال�صحية الفعلية‪ .‬وال�سبب الثاين كونها‬ ‫حلقت �أ�ضرار كبرية باملرافق الطبية والبنية التحتية‬

‫‪48‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫هذه امل�ساعدات‪ .‬يتمظهر قهر واغرتاب املجتمعات املحلية‬ ‫�أ�سا�سية يف �إبراز �ضرورة التدخل يف حاالت الأمرا�ض غري‬
‫با�ستئثار ال�سيطرة على اخلدمات العامة من قبل قوى‬ ‫املنقولة واملزمنة‪� ،‬إذ عادة ما تهمل هذه احلاالت عند‬
‫الت�سلط‪ ،‬وبالتايل تغيري �شكل وهيكلية هذه اخلدمات‪.‬‬ ‫حتديد �أولويات التدخل الإن�ساين‪.‬‬
‫وجتلى ذلك يف عدد من املناطق منها الرقة ودير الزور‬
‫وحلب وادلب وذلك من خالل التدين الكبري يف توفر‬ ‫بوجه عام‪ ،‬تتزايد معدالت الإعاقة اجل�سدية مع ارتفاع‬
‫اخلدمات ال�صحية و�إمكانية الو�صول �إليها منذ �أوخر عام‬ ‫معدالت الوفيات واملرا�ضة‪ ,‬فقد �أظهرت نتائج م�سح حالة‬
‫‪ ،2014‬وخالل الربع الأول من عام ‪ ( 2015‬منظمة‬ ‫ال�سكان �أن معدالت الإعاقة تراوح بني ‪ %2-5‬حلواىل‬
‫ال�صحة العاملية‪ ،‬وزارة ال�صحة‪ ،‬و وزارة التعليم العايل‪،‬‬ ‫‪ %34‬من ال�سكان �أي بزيادة هائلة قدرها ‪ %130‬مقارنة‬
‫‪� 2015‬أ وب)‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل وجود العديد من‬ ‫مبعدالت ما قبل اندالع النزاع‪ .‬وقد �سجلت �أعلى هذه‬
‫العوائق والقيود على الو�صول وا�ستخدام اخلدمات‬ ‫املعدالت يف مناطق النزاع امل�سلح والتي ت�شهد احتدام ًا‬
‫ال�صحية من قبل ال�سكان حتى يف املناطق التي تتواجد‬ ‫للعنف‪ ،‬حيث �أن هذه املناطق هي الأكرث حرمان ًا من‬
‫فيها اخلدمات الفنية‪ ،‬ويت�ضمن ذلك العوائق املالية‬ ‫الرعاية ال�صحية وتعاين من عوائق كبرية حتول دون‬
‫والأمنية‪ ،‬والعقبات املرتبطة بافتقاد العدالة‬ ‫و�صول املر�ضى‪ ،‬والطواقم الطبية‪ ،‬وامل�ساعدات الإن�سانية‬
‫والتمييز(املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪.)2016 ،‬‬ ‫�إىل حمتاجيها‪.‬‬

‫�شهد الن�صف الأول من عام ‪ 2015‬انهيار القطاع ال�صحي‬ ‫و ُيعزى ارتفاع حاالت مرا�ضة الأطفال خالل الأزمة �إىل‬
‫يف �إدلب واحل�سكة نتيجة احتدام ال�صراع بني الأطراف‬ ‫عدد من العوامل �أهمها فقدان البنية التحتية ل�شبكات‬
‫املتحاربة (منظمة ال�صحة العاملية‪ ،‬ووزارة ال�صحة‪،‬‬ ‫ال�صرف ال�صحي‪ ،‬وتدهور ظروف ال�سكن والنزوح‪،‬‬
‫ووزارة التعليم العايل‪ .)a2015 ،‬وقد بلغ �إجمايل‬ ‫وفقدان الرعاية ال�صحية الأولية‪ ،‬و�صعوبة التنقل‪ .‬وجتري‬
‫امل�ست�شفيات خارج اخلدمة ‪ 31‬م�ست�شفى يف متوز من‬ ‫العديد من املحاوالت لتح�سني معدالت تغطية اللقاحات‬
‫العام ‪ ،2015‬مقارنة ب ‪ 19‬م�ست�شفى بحلول كانون الثاين‬ ‫يف البلد‪ .‬ومن املفرت�ض �أن تكون ه�شا�شة الأطفال‬
‫‪( 2015‬منظمة ال�صحة العاملية‪ ،‬ووزارة ال�صحة‪ ،‬ووزارة‬ ‫املتزايدة حيال الأمرا�ض املنقولة من �أولويات التدخل‬
‫التعليم العايل‪ .)a2015 ،‬و�شهدت �أ�شهر ني�سان‪ ،‬و�أيار‪،‬‬ ‫لقطاع ال�صحة العامة‪ ،‬خا�صة �أن املياه امللوثة و�شروط‬
‫وحزيران من عام ‪ 2015‬عنفا هائ ًال ا�ستهدف‬ ‫ال�سكن ال�سيئة تنت�شر على نحو متزايد يف البالد‪،‬‬
‫امل�ست�شفيات والعيادات ال�صحية‪ ،‬فمع منت�صف عام‬ ‫خ�صو�ص ًا مع نزوع الأطراف املتحاربة �إىل ا�ستهداف املياه‬
‫‪ُ ،2015‬قتل نحو ‪ 645‬من العاملني ال�صحيني‪� ،‬أكرثهم‬ ‫والبنية التحتية وا�ستخدامها ك�أداة للحرب‪ .‬و�أثرت الأزمة‬
‫�أطباء �صحة تعر�ضوا لهجوم مبا�شر عليهم �أو على‬ ‫ب�شكل كبري على الأمن الغذائي يف البالد‪ ،‬حيث ت�شري‬
‫م�ؤ�س�سات اخلدمات ال�صحية ( تقارير ال�صحة الأولية‪،‬‬ ‫البيانات �إىل تدهور حاد يف توافر الغذاء‪ ،‬وجودته‪،‬‬
‫‪ .)2015‬ويف هذا ال�سياق‪ ،‬تزايد هروب العاملني يف‬ ‫و�سهولة الو�صول �إليه يف معظم �أنحاء البالد (املركز‬
‫القطاع ال�صحي من البالد‪ ،‬وتبني �أحدث البيانات �أن هذا‬ ‫ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪ .)2016 ،‬وترافق الفقر‬
‫الت�أثري كان ب ّين ًا على �أطباء الطوارئ الذين من املتوقع �أن‬ ‫املدقع‪ ،‬املقدر بـ ‪ ،%35.1‬مع فقدان الأ�سر �إمكانية‬
‫يكونوا الأكرث ا�ستهداف ًا من قبل الأطراف املتحاربة ‪.‬‬ ‫اال�ستفادة من �شبكات الأمان االجتماعي ونزوح ال�سكان‬
‫ويرت ّكز وجود الأطباء الأخ�صائيني يف املحافظات الأكرث‬ ‫بفعل ت�صاعد العنف‪ ،‬الأمر الذي من �ش�أنه زيادة حاالت‬
‫�أمن ًا‪ ،‬بينما ُ�س ّجل غياب كبري للموارد الب�شرية يف املناطق‬ ‫�سوء التغذية بني الأطفال‪ ،‬خا�صة �أولئك الذين تقل‬
‫ال�شمالية وال�شمالية ال�شرقية من البالد‪ .‬وجتدر الإ�شارة‬ ‫�أعمارهم عن خم�س �سنوات‪ ،‬وبالتايل تعري�ضهم ملخاطر‬
‫�إىل �أن امل�ست�شفيات واملراكز ال�صحية العاملة كانت‬ ‫�صحية طويلة الأمد وت�أثري ذلك ال�سلبي على التنمية‬
‫عر�ضة للتعطل واالنقطاع عن العمل ب�سبب تعر�ض البنية‬ ‫امل�ستقبلية ‪.‬‬
‫التحتية للخطر يف جميع �أنحاء البالد‪ ،‬خا�صة �أن غالبية‬
‫امل�ست�شفيات تعتمد على مواردها اخلا�صة يف ت�أمني‬ ‫�إن ت�شظي حوكمة امل�ؤ�س�سات وتبعرث تواجدها وقدراتها‬
‫الطاقة واملياه مثل م�شايف دير الزور‪ ،‬واحل�سكة‪ ،‬وحلب‪.‬‬ ‫ي�ؤثر ب�شكل كبري على القطاع ال�صحي يف خمتلف �أرجاء‬
‫البالد‪ ،‬وينعك�س ذلك بفقدان اخلدمات وامل�ؤ�س�سات‬
‫�أدى ت�شظي النظام ال�صحي ك�شبكة للخدمة العامة �إىل‬ ‫العامة القدرة نتيجة ا�ستغاللها وا�ستخدامها من قبل‬
‫غياب كبري للخدمات ال�صحية التي يحتاجها ال�سكان‬ ‫�أطراف النزاع ك�أدوات حرب يف مناطق النزاع‪� ،‬أو‬
‫ب�شدة‪ .‬كما �أن غياب املعلومات عن الو�ضع ال�صحي وعن‬ ‫�إ�ضعاف قدراتها وتدهور خدماتها يف املناطق الآمنة‬
‫البدائل التي يتم ا�ستخدامها‪� ،‬إ�ضافة �إىل هيمنة‬ ‫ن�سبي ًا‪ .‬وي�شمل �أثر الت�شظي القطاع اخلا�ص الذي كان‬
‫م�ؤ�س�سات �ضعيفة فا�سدة‪� ،‬أ�سفر عن تراجع الدعم‬ ‫ُيعترب مزود ًا للخدمات ال�صحية وخا�صة للعمليات‬
‫االجتماعي لل�سكان املعر�ضني للمخاطر على نحو متزايد‪،‬‬ ‫اجلراحية االختيارية وخدمات رعاية الأمومة قبل الأزمة‬
‫وا�ستبداله بالدعم الأقل كفاءة املقدم من املنظمات‬ ‫( املكتب املركزي للإح�صاء‪ .)2010 ،‬وتزداد حالة‬
‫املحلية والدولية‪.‬‬ ‫الت�شظي مع تعدد مقدمي امل�ساعدات الإن�سانية وت�سيي�س‬

‫‪49‬‬
‫ثالثاً‪:‬‬
‫يف مواجهة‬
‫التشظي!‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫يُع ّرف التقرير مفهوم التشظي بأنه عملية متزق حاد يف البنى االجتامعية‬
‫واالقتصادية والسياسية والثقافية ضمن املجتمع الواحد أو بني املجتمع‬
‫وبقية املجتمعات عىل الصعيد العاملي‪ ،‬وتتبلور هذه العملية يف رشذمة‬
‫املؤسسات القامئة الرسمية وغري الرسمية مبا يف ذلك انحالل السيادة وتعدد‬
‫القوى القابضة عىل السلطة وتبديد رأس املال االجتامعي والثقايف‪ ،‬وتشتت‬
‫االقتصاد الوطني؛ ويشكل العنف الخارج عن السيطرة القاسم املشرتك‬
‫للمجتمعات التي تعاين من هذه الظاهرة‪.‬‬

‫مما �سهل عمليات �إخ�ضاع الأفراد واملجتمعات املحلية من‬ ‫�ساهمت الكثري من العوامل الداخلية واخلارجية يف‬
‫خالل الهجرة �إىل اخلارج �أو جلوئهم �إىل الالمباالة �أو‬ ‫الو�صول �إىل حالة الت�شظي‪� ،‬أدت مبجملها �إىل فو�ضى يف‬
‫التماهي باملت�سلط‪.‬‬ ‫القيم والعالقات وامل�صالح‪.‬‬

‫لقد �أدى الت�صميم على ا�ستمرار قوى الت�سلط املحلية‬ ‫بالن�سبة للعوامل الداخلية‪� ،‬شكلت الأنظمة اال�ستبدادية‬
‫ب�شكلها ووظيفتها احلالية �إىل تفاقم حالة الإحباط خا�صة‬ ‫املعتمدة على اجلي�ش واال�ستخبارات والإيديولوجية‬
‫مع تو�سع نفاذ الأفراد �إىل املعلومات من خالل ثورة‬ ‫والإعالم (النقيب‪ )1996 ،‬وعلى توزيع الريع االقت�صادي‬
‫االت�صاالت‪ ،‬وما ارتبط بها من قدرات على التن�سيق وبناء‬ ‫يف نظام قائم على احلوافز يخدم ا�ستمرار ال�سلطة‪،‬‬
‫�أمناط جديدة من العالقات االجتماعية‪ .‬ترافق ذلك مع‬ ‫عائق ًا �أمام تعبري املجتمعات عن طموحاتها وم�صاحلها‬
‫م�شاريع �إ�صالح جمتز�أة بعيدة عن الإ�صالح امل�ؤ�س�سي‪،‬‬ ‫وت�سخري الإمكانيات املجتمعية لتحقيق تنمية �إن�سانية‪ .‬وقد‬
‫مما زاد من التفاوت وقلل من القدرة على �أخذ املبادرة‬ ‫�أدى اال�ستبداد ال�سيا�سي دور ًا حموري ًا يف هدر القدرات‬
‫حملي ًا وحتديد الأولويات املنا�سبة‪.‬‬ ‫التنموية من خالل الإق�صاء ال�سيا�سي واحتكار ال�سلطة‬
‫وا�ستخدام العنف املمنهج وال�سيطرة على املوارد املادية‬
‫لكن قوى الت�سلط املحلية لي�ست معزولة عن نظريتها‬ ‫وغري املادية وت�سخري عملية التن�شئة االجتماعية والتلقني‬
‫الدولية‪ ،‬بل هي تابعة لقوى الت�سلط الدولية �أو لبع�ض‬ ‫عرب امل�ؤ�س�سات املجتمعية الر�سمية وغري الر�سمية مبا‬
‫منها‪ ،‬ويف هذا الإطار نورد عدد ًا من التناق�ضات على‬ ‫فيها الدينية والتعليمية والأهلية والأ�سرية مبا ي�ضمن‬
‫ال�صعيد الدويل الذي يدفع باجتاه حالة الت�شظي‪:‬‬ ‫القبول املجتمعي حلالة الظلم والتفاوت القائمة (دويت�ش‪،‬‬
‫‪ .)2005‬كما �أدى التحالف بني اال�ستبداد ال�سيا�سي‬
‫‪-‬التناق�ض الأول هو بني القيم املعيارية التي تطرحها‬ ‫والقوى التقليدية املحافظة �إىل تعمق االغرتاب واخل�ضوع‬
‫�شرعة حقوق الإن�سان والتي تتبناها ظاهري ًا كل دول‬ ‫على نطاق وا�سع وتغييب �إمكانية التغيري التجاوزي‬
‫العامل‪ ،‬والقيم الو�ضعية التي يتم تنفيذها والقائمة على‬ ‫(بركات‪.)2006 ،‬‬
‫اقت�صاد ال�سوق واعتبار امل�صلحة الذاتية الفردية‬
‫كم�صلحة وحيدة عقالنية‪ .‬فعلى �سبيل املثال مت و�ضع‬ ‫�إن ا�ستمرار االختناق امل�ؤ�س�ساتي الذي �أعاق التطور‬
‫�أهداف الألفية امل�ستدامة للعام ‪ 2030‬والتي تركز على‬ ‫املجتمعي‪ ،‬و�سع الفجوة بني املجتمع وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬مبا فيها‬
‫ق�ضية العدالة‪ ،‬بينما تت�ضمن �أهداف احلوكمة والتنمية‬ ‫م�ؤ�س�سات املجتمع املدين والأهلي‪ ،‬وغدت قوى الت�سلط‬
‫االقت�صادية لنف�س الأهداف �سيا�سات ومفاهيم تزيد‬ ‫امللحلية (اال�ستبداد والع�صبية والتطرف) متخارجة مع‬
‫من التفاوت‪� ،‬أي �أن طبيعة اقت�صاد ال�سوق املبنية على‬ ‫املجتمع‪ ،‬مما قاد �إىل ظاهرة اغرتاب عميقة عن الدولة‬
‫التفاوت ال ميكن �أن تخفف التفاوت يف نف�س الوقت‪.‬‬ ‫وعن امل�ؤ�س�سات املجتمعية غري الر�سمية (وقد تو�سعنا يف‬
‫وعلى الرغم من االنتقادات الوا�سعة لل�سيا�سات‬ ‫ظاهرة االغرتاب يف التقرير ال�سابق)‪ .‬لقد ارتبط‬
‫االقت�صادية العاملية بعد الأزمة املالية العاملية الأخرية‬ ‫االختناق امل�ؤ�س�ساتي ب�ضعف الإنتاجية وامل�شاركة وانت�شار‬
‫مل يحدث تغيري يذكر يف العالقات االقت�صادية الدولية‪.‬‬ ‫الف�ساد ور�أ�سمالية املحا�سيب وتدهور ا�ستقاللية الق�ضاء‬

‫‪51‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثالثاً‪ :‬في مواجهة التشظي!‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫املناطق‪ .‬كما حلل التقرير ق�ضية الت�شظي االقت�صادي‬ ‫‪-‬التناق�ض الثاين هو بني تبني �شرعة حقوق الإن�سان‬
‫وخ�سارته للعديد من مقوماته الرئي�سية مبا يف ذلك ر�أ�س‬ ‫و�سيادة ثقافة القوى املهيمنة دولي ًا‪ ،‬مثل الرتويج ملفهوم‬
‫املال وفر�ص الت�شغيل واملوارد والأمن واال�ستقرار و�شبكات‬ ‫الفو�ضى اخلالقة‪ ،‬التي تقوم على تفكيك بع�ض القيم‬
‫العالقات االقت�صادية املنتجة وب�شكل متفاوت‪ .‬مما �أدى �إىل‬ ‫واملعايري املجتمعية املت�سقة مع حقوق الإن�سان‪ .‬لقد �أدى‬
‫ظهور عدة اقت�صاديات يف البالد مع ظروف وم�ؤ�س�سات‬ ‫غياب القيم الإن�سانية يف كثري من مناذج التناحر‬
‫وقيود خمتلفة‪ ،‬بني بع�ضهم البع�ض ومع العامل اخلارجي‪.‬‬ ‫الدويل �إىل غياب البعد الأخالقي وا�ستخدام التنوع‬
‫الثقايف و�سيلة ل�شرذمة املجتمعات وتفتيتها‪.‬‬
‫لقد انحرفت البنى املت�شظية عن م�سار حقوق الإن�سان‬
‫والتنمية امل�ستدامة وزرعت القهر والتدمري والعنف‬ ‫‪-‬التناق�ض الثالث يكمن يف �سلوك قوى الت�سلط الدولية التي‬
‫وجذبت دو ًال مت�سلطة و�أفراد وجمتمعات مغرتبة‪ ،‬كما‬ ‫تتحالف مع قوى ت�سلط حملية م�ضرة مب�صالح املجتمعات‬
‫عززت الع�صبيات التي يتم تطويعها لإثارة الغرائز‬ ‫وال�شعوب‪ ،‬كما تقوم بتغيري املعايري املتبعة يف العالقات‬
‫وتدمري ر�أ�س املال االجتماعي والثقايف‪� .‬إن الت�شظي يف‬ ‫الدولية ح�سب ما تراه منا�سب ًا‪ .‬ومتثل «ا�سرائيل» مثا ًال‬
‫�سورية �أ�صبح ثقب ًا �أ�سود ًا يح ّول املوارد املحلية والدولية‬ ‫�صارخ ًا على االحتالل والقهر ون�شر الفكر املتطرف‬
‫املادية والب�شرية �إىل حمركات تخريب وفو�ضى ميكن �أن‬ ‫واال�ستهتار بحقوق الإن�سان بدعم دويل‪ .‬كما �أن االحتالل‬
‫تدوم ملراحل قادمة �إذا مل تتم مواجهته قبل �أن يرت�سخ‬ ‫املبا�شر للعراق‪ ،‬يف القرن احلادي والع�شرين!‪ ،‬ون�شر‬
‫كم�ؤ�س�سات قابلة لال�ستمرار‪.‬‬ ‫الفو�ضى فيه هو منوذج �آخر على الت�سلط العاملي‪.‬‬

‫من خالل م�سح حالة ال�سكان نالحظ الأمثلة الكثرية على‬


‫حالة الت�شظي مثل تراجع االتفاق على ر�ؤية وطنية‬
‫موحدة‪ ،‬تراجع الثقة‪ ،‬تف�شي العنف واخلطف والنهب‪،‬‬ ‫تفاقم التشظي‬
‫ت�شرذم القوى الفاعلة يف املناطق اجلغرافية‪ ،‬االنخراط‬
‫يف العنف‪ ،‬التحاجز اجلغرايف‪ ،‬ت�شرذم القوى امل�سلحة‬ ‫قاد االختناق امل�ؤ�س�س�ساتي �إىل تفجر احلراك املجتمعي يف‬
‫وال�سيا�سية (املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪)2016 ،‬‬ ‫عدة دول عربية بداية بتون�س مرور ًا مب�صر ثم يف �سورية‬
‫التي دفعت ثمن ًا مرعب ًا للحراك‪� ،‬إذ تغولت قوى الت�سلط‬
‫الر�سمية وغري الر�سمية لتجر البالد �إىل مواجهة م�سلحة‬
‫عنيفة‪ ،‬ح�شد لها �إقليمي ًا ودولي ًا‪ .‬وبد ًال من �إحداث حتول‬
‫مواجهة التشظي‬ ‫م�ؤ�س�ساتي نحو قيم احلرية والكرامة والعدالة‪� ،‬أ�صبح‬
‫العنف هو حمور البنى ال�سيا�سية واالجتماعية‬
‫يعد هذا الق�سم من التقرير معياري ًا‪ ،‬فهو ي�ستند �إىل نتائج‬ ‫واالقت�صادية‪ ،‬ومت اال�ستثمار يف الع�صبيات ثقافي ًا ومالي ًا‬
‫هذا التقرير ونتائج م�شاريع بحثية �أخرى‪ ،‬لكنه يركز على‬ ‫مما �أفرز طغيان ًا و�إرهاب ًا متوح�ش ًا عابر ًا للحدود‪.‬‬
‫و�ضع مالمح عامة للم�ستقبل بنا ًء على ر�ؤية معيارية‬
‫مرغوبة‪ ،‬ويتطلب كل من هذه املالمح عم ًال بحثي ًا وحوارياً‬ ‫لقد ت�شظى املجتمع ال�سوري بني قوى �سيا�سية تابعة‬
‫معمق ًا للو�صول �إىل بدائل قادرة على جتاوز الكارثة‬ ‫ومت�سلطة مدعومة من قوى �إقيلمية ودولية‪ ،‬ال متيل �إىل‬
‫القائمة وامل�ستمرة‪.‬‬ ‫العدالة واحلرية‪ ،‬مما �ضرب القوة املجتمعية التكاملية يف‬
‫ال�صميم و�شوه الر�ؤية امل�شرتكة لل�سوريني حول م�ستقبلهم‪.‬‬
‫�إن مواجهة الت�شظي تنطلق من ت�شكيل ر�ؤية وطنية تقوم‬ ‫وظهر �شكل جديد للم�ؤ�س�سات قائم على العنف وي�ستخدم‬
‫على جتاوز جذور الأزمة القائمة مبا فيها االختناق‬ ‫اخلوف والق�سر ك�أدوات للهيمنة و ُي�سخر الب�شر للقتال‬
‫امل�ؤ�س�ساتي املحلي والت�سلط الدويل‪ ،‬ويتطلب ذلك اعتبار‬ ‫العبثي وتعظيم الكراهية ورف�ض الآخر‪.‬‬
‫النا�س الالعب الرئي�سي يف م�ستقبل �سورية و�إنهاء الأزمة‬
‫بعد �أن مت تهمي�شهم من قبل قوى الت�سلط‪ ،‬كما ت�ستدعي‬ ‫لقد بني التقرير جوانب متعددة للت�شظي خالل الأزمة‬
‫هذه املواجهة احلاجة للعمل على منوذج تنموي جديد‬ ‫م�ؤ�س�سي ًا واجتماعي ًا واقت�صادي ًا‪ .‬حيث فر�ض كل من �أطراف‬
‫يتجاوز التفاوت والتهمي�ش الذي عانى منه ال�سوريون‪.‬‬ ‫النزاع قواعده و�سيا�ساته يف �أماكن �سيطرته‪ ،‬ومت انتهاك‬
‫�سيادة البالد بالتعاون مع قوى الت�سلط اخلارجية‪ .‬وو�ضح‬
‫وخل�صت درا�سة حول �سيناريوهات الأزمة ال�سورية‬ ‫التقرير التدهور الذي حلق بر�أ�س املال الب�شري‪ ،‬حيث �أجرب‬
‫(املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪� ،)2013 ،‬إىل �أن‬ ‫الكثري من ال�سكان على مغادرة منازلهم بحث ًا عن مالذ �آمن‬
‫�سيناريو املفاو�ضات بثقل خارجي هو الأكرث احتما ًال‪،‬‬ ‫تاركني بع�ض �أفراد عائالتهم و�أعمالهم وممتلكاتهم‪ .‬وعانى‬
‫ال حيث‬ ‫�أما املفاو�ضات بثقل داخلي فهي الأكرث تف�ضي َ‬ ‫الكثري من الأطفال حرمان ًا من التعليم الأ�سا�سي بينما‬
‫من املتوقع �أن يكون ال�سيناريو الأقرب �إىل امل�سار الذي‬ ‫فر�ض على بع�ضهم �أنظمة تعليمية بديلة‪ .‬وت�ضرر القطاع‬
‫يقود للر�ؤية املرغوبة مل�ستقبل �سورية‪ .‬وجتدر الإ�شارة‬ ‫ال�صحي ب�شكل كبري وتفاوتت كفاءة اخلدمات ال�صحية بني‬

‫‪52‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫•م�شاركة فعالة يف �سوق العمل لل�شباب والإناث‬ ‫�إىل �أن هذه القيم واملبادىء مت حتديدها بناء على‬
‫والنازحني واملهاجرين واملعوقني وبقية الفئات املهم�شة‪.‬‬ ‫ت�صور ر�ؤية �سورية امل�ستقبل التي �أُعدت ب�شكل ت�شاركي‬
‫مع عدد كبري من اخلرباء ال�سوريني يف داخل البالد‬
‫•تفكيك بنى االقت�صاد العنفي والريعي باجتاه اقت�صاد‬ ‫وخارجها‪ .‬وت�شتمل الر�ؤية على جمموعة من الغايات‬
‫ت�شاركي ي�ضمن رفاهية ال�سكان‪ .‬وحتويل الفاعلني يف‬ ‫مثل العدالة وامل�ساواة واحرتام الإن�سان وقيم احلرية‬
‫العنف والف�ساد �إىل القطاعات املنتجة بتكاتف املجتمع‬ ‫والأخالق والتكامل احل�ضاري وتعزيز الإبداع واالبتكار‬
‫وامل�ؤ�س�سات احلديثة املتكونة‪.‬‬ ‫والثقافة واملعرفة باالعتماد على م�ؤ�س�سات ت�ضمينية‬
‫وفعالة‪( .‬املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪.)2013 ،‬‬
‫•ت�شاركية اقت�صادية على امل�ستوى املحلي والقطاعي‬
‫باجتاه تعاون �أكرب يف بناء امل�ؤ�س�سات االقت�صادية‬ ‫وبالتايل ف�إن اخلروج من الأزمة هو ا�ستعادة لدور املجتمع‬
‫وخا�صة املرتبطة ب�إعادة التكوين ومبا ي�ضمن عودة‬ ‫وو�ضع ت�صورات ت�شاركية لبنى اقت�صادية واجتماعية‬
‫ال�سكان �إىل بالدهم ومناطقهم وتوفري فر�ص‬ ‫وثقافية و�سيا�سية جديدة تتجاوز �آثار الت�شظي وتعيد بناء‬
‫عادلة لهم‪.‬‬ ‫امل�ؤ�س�سات على �أ�س�س الت�شاركية وامل�ساءلة‪ .‬ومن املحاور‬
‫التي ميكن الرتكيز عليها يف التح�ضري للبنى اجلديدة‪:‬‬
‫•النمو الت�ضميني مبا يت�ضمن من ا�ستثمار للموارد مع‬
‫ت�شغيل القوى الب�شرية وتخفيف الفقر واحلرمان‬ ‫مقاربة اقتصادية‪:‬‬
‫والتفاوت مبختلف �أبعاده املكانية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫يف املدى الق�صري‬
‫•م�أ�س�سة وتفعيل اقت�صاد املجتمع املدين الذي يدعم‬
‫•الإنتاجية العالية ودور املعرفة والتكنولوجيا املبني على‬ ‫فر�ص مت�ساوية يف امللكية ويف اال�ستثمار ويفر�ض وجود‬
‫اال�ستثمار يف ر�أ�س املال الدميغرايف (التعليم والتعلم‬ ‫رقابة جماعية ناجتة عن �شراكة اجلميع يف‬
‫وال�صحة) �إ�ضافة �إىل تطوير بيئة متكينية وا�ستثمارية‬ ‫اال�ستثمارات‪ .‬ي�ساهم هذا االقت�صاد ب�شكل فعال يف‬
‫ت�سمح للجميع بامل�شاركة يف الإنتاج االقت�صادي‪.‬‬ ‫الإ�سراع برتميم البنية التحتية واخلدمات الأ�سا�سية‬
‫و�إ�شراك �أبناء املجتمع‪.‬‬
‫•تطوير بنية حتتية متطورة مب�شاركة املجتمعات املحلية‬
‫املحيطة بها لتكوين �أقطاب تنموية ت�أخذ بعني االعتبار‬ ‫•�سيا�سات فعالة وم�ساءلة لتخفيف الفقر وفق �أولويات‬
‫�آثار الأزمة وحاجات ال�سكان والبعد البيئي‪.‬‬ ‫املناطق الأكرث حرمان ًا‪ ،‬وتخفي�ض التفاوت يف امل�شاركة‬
‫واحلوافز االقت�صادية بني �أفراد املجتمع واملناطق‪،‬‬
‫مقاربة اجتامعية‬ ‫�إ�ضافة �إىل �ضرورة جلم وتفكيك م�ؤ�س�سات العنف‬
‫و�شبكات جتار احلرب‪.‬‬
‫يف املدى الق�صري‬
‫•ترميم الن�سيج االجتماعي ووقف �أدوات ن�شر التفرقة‬ ‫•خلق فر�ص عمل من خالل برامج عمل عامة تخدم‬
‫والكراهية والتع�صب‪.‬‬ ‫جذب القوة الب�شرية للعمل املنتج وت�ساعد يف �إدماج‬
‫الفئات املهم�شة واملت�ضررة من الأزمة يف �أن�شطة‬
‫•�إعادة االعتبار لقيم التعاون والت�آزر وامل�شاركة الطوعية‬ ‫اقت�صادية تخدم ا�سرتاتيجية اخلروج من الأزمة‪.‬‬
‫واال�ستثمار يف الظواهر الإيجابية يف الت�ضامن وح�سن‬
‫الوفادة‪.‬‬ ‫•حت�سني م�ستويات املعي�شة من خالل تنويع م�صادر الدخل‬
‫و�إدارة تنموية �شفافة للم�ساعدات وتطوير �إمكانيات‬
‫•برامج ال�سكن امل�ؤقت ومواجهة النزوح والتهجري وتقدمي‬ ‫التعاون املجتمعي وبناء الثقة لتجاوز الآثار ال�سلبية‬
‫البيئة املنا�سبة والآمنة للعمل والتوا�صل اجلماعي‬ ‫للأزمة وتر�شيد �سيا�سات توفري خدمات الطاقة‬
‫وامل�شاركة االقت�صادية لتقليل حوافز النزوح واللجوء‬ ‫واالت�صال وال�سكن يف حدود �إمكانيات املجتمعات املحلية‪.‬‬
‫والهجرة‪.‬‬
‫•تعزيز الإنتاج املحلي يف كافة القطاعات وتوفري م�صادر‬
‫•تن�شيط اجلمعيات ومنظمات املجتمع املدين و�إقامة‬ ‫متويل متنوعة لت�أمني ا�ستيعاب الطاقات الب�شرية‬
‫�شبكات فعالة فيما بينها ملواجهة الظواهر االجتماعية‬ ‫لل�سكان يف العملية الإنتاجية‪� ،‬إ�ضافة �إىل تفعيل‬
‫ال�سلبية التي جنمت عن الأزمة‪.‬‬ ‫�سيا�سات ا�ستقرار الأ�سعار واحلد من الغالء‪.‬‬

‫•ال�سعي �إىل بناء ج�سور الثقة بني الفئات امل�ستقطبة‬ ‫يف املدى اال�سرتاتيجي‬
‫بناء على احلقوق‪.‬‬ ‫•ا�ستقاللية وفعالية وعدالة ال�سيا�سة االقت�صادية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثالثاً‪ :‬في مواجهة التشظي!‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫«قاد االختناق املؤسسسايت إىل تفجر الحراك املجتمعي يف عدة‬


‫دول عربية بداية بتونس مرورا ً مبرص ثم يف سورية التي دفعت مثناً‬
‫مرعباً للحراك‪ ،‬إذ تغولت قوى التسلط الرسمية وغري الرسمية لتجر‬
‫البالد إىل مواجهة مسلحة عنيفة‪ ،‬حشد لها إقليمياً ودولياً»‬

‫ويتت�ضمن ذلك احلد من التلوث‪.‬‬ ‫•تعزيز القيم الثقافية امل�شرتكة باالنطالق من اعتبار‬
‫املرجعيات الثقافية مت�ساوية‪.‬‬
‫• مقاربة م�ؤ�س�سية‬
‫•توفري احلماية االجتماعية من خالل ت�أمني اخلدمات‬
‫يف املدى الق�صري‬ ‫ال�صحية والتعليمية للجميع دون حتيز �أو متييز‪.‬‬
‫•تفعيل دور امل�ؤ�س�سات القائمة مبا يخدم اخلروج من‬
‫الأزمة‪.‬‬ ‫•احرتام حق احلياة ووقف القتل ومعاجلة امل�صابني‬
‫واجلرحى دون متييز‪.‬‬
‫•تو�سيع امل�شاركة للجميع ن�ساء ورجا ًال بع�ض النظر عن‬
‫خلفياتهم ال�سيا�سية واالجتماعية والثقافية‬ ‫•توفري ال�شروط التي تعيد للأفراد والأ�سر ال�شعور‬
‫واالقت�صادية‪.‬‬ ‫بالأمان وتفكيك العوامل والقوى التي تر�سخ ثقافة‬
‫اخلوف والقهر‪.‬‬
‫•رفع م�ستوى امل�ساءلة والنزاهة يف الق�ضايا العامة‪.‬‬
‫•توفري مرن لفر�ص التعليم جلميع ال�سوريني ودون متييز‬
‫•تطوير �أدوات احلل ال�سيا�سي الداخلي من خالل‬ ‫وال�سعي لتوفري الفر�ص التعليمية املنا�سبة لل�سوريني يف‬
‫تطوير ر�ؤية م�شرتكة على م�ستوى البالد للخروج من‬ ‫اخلارج‪ ،‬مع تطوير جودة التعليم مبا يتفق مع متطلبات‬
‫الأزمة‪.‬‬ ‫التنمية والع�صر‪.‬‬

‫•تفكيك البنى امل�ؤ�س�سية والقوى الفاعلة املرتبطة بالعنف‪.‬‬ ‫يف املدى اال�سرتاتيجي‬
‫•بناء عقد اجتماعي قائم على ثقافة املواطنة والعدالة‬
‫يف املدى اال�سرتاتيجي‬ ‫والهوية الوطنية اجلامعة‪.‬‬
‫•بناء الدولة التنموية التي تلعب دورها كام ً‬
‫ال يف حماية‬ ‫•العدالة والإن�صاف حق للجميع من خالل اال�ستثمار يف‬
‫وتطوير امل�ؤ�س�سات وتعمل على اطالق القطاعات‬ ‫امكانيات جميع ال�سوريني‪.‬‬
‫احليوية كاملعرفة والبحث واالنتاج الثقايف والتقانة‬
‫وتقوم باال�ستثمار يف �أي قطاع ميثل �أولوية للمجتمع‪.‬‬ ‫•تعزيز الت�ضامن والإن�سجام االجتماعي وتر�سيخ القيم‬
‫الإيجابية كالثقة واحرتام الآخر والعمل اجلماعي والتطوعي‪.‬‬
‫•بناء امل�ؤ�س�سات الكفء من خالل تعزيز قيم العمل‬
‫وامل�ساءلة وتعزيز دور املجتمع املدين واملجال�س املنتخبة‬ ‫•املعرفة �صلب التناف�سية والنمو َّ‬
‫املطرد وت�ستند اىل‬
‫الرقابية والق�ضاء‪.‬‬ ‫ر�أ�س مال ب�شري مم ّكن يف مناخ من احلرية الفكرية‬
‫وتوفري الفر�ص وتطوير قدرات االنتاج املحلي يف �سورية‬
‫•اال�ستقاللية ال�سيا�سية والتنموية هي حجر الزاوية‬ ‫من خالل اال�ستفادة من اال�سهامات املعرفية‪.‬‬
‫للبداية فالأولويالت التنموية التي تو�ضع بناء على ر�ؤية‬
‫�سورية‪ ،‬تختلف جذري ًا عن �أولويات الدول املت�سلطة‬ ‫•اال�ستثمار يف العافية ال�صحية للجميع‪.‬‬
‫دولي ًا‪ ،‬ويف اال�ستقاللية حفاظ حلرية املجتمع والأفراد‬
‫يف �إدارة خياراتهم ومواردهم‪.‬‬ ‫•احلفاظ على املوارد ك�أ�سا�س للحفاظ على املجتمع‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫خالصة موجزة‬
‫لقد أسفر استمرار النزاع املسلح عن تدمري النسيج االجتامعي واالقتصادي للبلد‬
‫مع توسع التدخالت الدولية التي عمقت االستقطاب بني السوريني‪ .‬وأخذت‬
‫حالة التشظي تتعمق مع قيام كل واحدة من قوى التسلط املتقاتلة بإعادة‬
‫بناء مؤسساتها وكياناتها املستقلة والتي يتم فيها تخصيص املوارد الثقافية‪،‬‬
‫واالجتامعية‪ ،‬واالقتصادية لخدمة أهدافها دون اعتبار لحاجات الناس وتطلعاتهم‪.‬‬

‫توجيه هذه املبالغ من اخلدمات العامة �إىل خدمة‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬مت تدمري مقومات التنمية الب�شرية‬
‫احلرب‪ .‬و ُيقدر الإنتاج غري الر�سمي لل�صناعات‬ ‫وامتهان حقوق الإن�سان وكرامته‪ ،‬مما �شكّل بيئة‬
‫اال�ستخراجية من النفط والغاز بحواىل ‪ 5.2‬مليار‬ ‫تهيمن فيها م�ؤ�س�سات العنف املعادية للتنمية وتدفع‬
‫دوالر �أمريكي حتى نهاية العام ‪� ،2015‬إال �أن جزء ًا‬ ‫الأجيال احلالية وامل�ستقبلية �إىل مزيد من‬
‫من هذه اخل�سارة �أُدرجت فعلي ًا يف نفقات‬ ‫ال�صراعات‪ ،‬وبالتايل مزيد من الفقر والب�ؤ�س‪.‬‬
‫اجلماعات امل�سلحة �ضمن خ�سارة الناجت املحلي‬
‫الإجمايل‪ ،‬مما يجعل �صايف خ�سائر هذا الإنتاج نحو‬ ‫يبني هذا التقرير ا�ستمرار االقت�صاد ال�سوري‬
‫‪ 3.6‬مليار دوالر �أمريكي تُ�ضاف �إىل �إجمايل‬ ‫بالرتاجع لت�صل اخل�سائر االقت�صادية الإجمالية‬
‫اخل�سائر وت�شكل ‪ %1.5‬من �إجمايل اخل�سائر‬ ‫حتى نهاية عام ‪� 2015‬إىل ‪ 254.7‬مليار دوالر‬
‫االقت�صادية‪.‬‬ ‫�أمريكي‪ ،‬وتُعادل هذه اخل�سارة ‪ %468‬من الناجت‬
‫املحلي الإجمايل لعام ‪ 2010‬بالأ�سعار الثابتة لعام‬
‫وخالل عام ‪ ،2015‬ازداد اعتماد االقت�صاد �إىل حد‬ ‫‪ .2000‬وتبلغ اخل�سارة يف الناجت املحلي الإجمايل‬
‫كبري على خمرجات الزراعة املتقلبة مع الظروف‬ ‫‪ 163.3‬مليار دوالر �أمريكي لت�شكل ‪ %64.1‬من‬
‫املناخية‪ .‬لقد تغريت هيكلية الناجت املحلي‬ ‫�سجل الناجت تراجع ًا بـ‬
‫�إجمايل اخل�سارة‪ ،‬حيث ّ‬
‫الإجمايل‪ ،‬فا�ستحوذ القطاع الزراعي على ح�صة‬ ‫‪ %36.5‬يف عام ‪ ،2013‬و‪ %15.2‬يف عام ‪،2014‬‬
‫متزايدة من الناجت بلغت ‪ %28.7‬يف عام ‪2015‬‬ ‫و‪ %4.7‬يف عام ‪ .2015‬بينما بلغت اخل�سارة يف‬
‫مقارنة بــ ‪ %17.4‬يف عام ‪ .2010‬وانخف�ضت ح�صة‬ ‫خمزون ر�أ�س املال نتيجة للأ�ضرار والدمار ‪67.3‬‬
‫اخلدمات احلكومية من الناجت املحلي الإجمايل عام‬ ‫مليار دوالر �أمريكي‪� ،‬أي ما يعادل ‪ %26.4‬من‬
‫‪ ،2015‬على عك�س االجتاه الإيجابي الذي �سجلته‬ ‫اخل�سائر االقت�صادية الإجمالية؛ يف حني بلغت ن�سبة‬
‫خالل العام ال�سابق‪ ،‬الأمر الذي يعك�س حتو ًال يف‬ ‫النفقات الع�سكرية الإ�ضافية نتيجة الأزمة ‪ %8‬من‬
‫ال�سيا�سات احلكومية من حماولة حتفيز الطلب يف‬ ‫هذه اخل�سارة تت�ضمن ‪ 14.5‬مليار دوالر زيادة يف‬
‫ال�سوق املحلية �إىل تخفي�ض الإنفاق العام غري‬ ‫الإنفاق الع�سكري للحكومة و‪ 6‬مليار دوالر �أمريكي‬
‫الع�سكري مثل الدعم على ال�سلع الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫�إنفاق ع�سكري للجماعات امل�سلحة‪ ،‬ويجري �إعادة‬

‫‪55‬‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫ثالثاً‪ :‬في مواجهة التشظي!‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫«يف خضم هذا الدمار االقتصادي واالجتامعي‪ ،‬تستمر مختلف‬


‫قوى التسلط الداخلية والخارجية يف ترسيخ حالة االغرتاب‬
‫والتشظي مام يدفع غالبية األفراد إىل التحرك ضد‬
‫مصالحهم وخالفاً لتطلعات مجتمعهم»‬

‫تبني املقارنة مع ال�سيناريو اال�ستمراري‪� ،‬أن �سورية‬ ‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬تبنت احلكومة �سيا�سة تقلي�ص‬
‫خ�سرت حواىل ‪ 3.5‬مليون فر�صة عمل مع نهاية عام‬ ‫الإنفاق العام على الدعم مما انعك�س زيادة كبرية‬
‫‪2015‬؛ وخ�سرت ‪ 2.69‬فر�صة عمل باملقارنة مع عام‬ ‫يف �أ�سعار املواد الغذائية الأ�سا�سية وامل�شتقات‬
‫‪ .2010‬و�أ�سفر النزاع امل�سلح عن �أ�ضرار �شديدة‬ ‫النفطية‪ ،‬وانخفا�ض يف عجز املوازنة العامة من‬
‫على التنمية الب�شرية‪ ،‬فبلغ معدل الوفيات يف عام‬ ‫‪ %17.2‬عام ‪� 2014‬إىل ‪ %11.5‬عام ‪ 2015‬كن�سبة‬
‫‪ 2015‬حواىل ‪ 10‬بالألف‪ ،‬وانخف�ض متو�سط العمر‬ ‫من الناجت املحلي الإجمايل احلايل‪� .‬إال �أن هذه‬
‫املتوقع عند الوالدة �إىل ‪� 55.4‬سنة‪� ،‬أما معدل عدم‬ ‫ال�سيا�سة االقت�صادية زادت من تكلفة الإنتاج املحلي‬
‫الإلتحاق بالتعليم ملن هم يف �سن املدر�سة فقد و�صل‬ ‫ورفعت ال�ضغوط الت�ضخّ مية‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬انخف�ضت‬
‫�إىل ‪%45.2‬؛ وبالتايل‪ ،‬ومع نهاية عام ‪،2015‬‬ ‫أ�ضرت هذه ال�سيا�سة باالقت�صاد‬
‫قيمة العملة‪ .‬لقد � ّ‬
‫خ�سرت �سورية ‪ %29.8‬من قيمة دليل التنمية‬ ‫ومبعي�شة النا�س‪ ،‬و�ساهمت يف زيادة عدد الأفراد‬
‫الب�شرية مقارنة مع عام ‪.2010‬‬ ‫الذين يعي�شون يف حالة الفقر‪ ،‬حيث و�صلت ن�سبة‬
‫الفقر العام �إىل ‪ %85.2‬مع نهاية عام ‪2015‬‬
‫ويف خ�ضم هذا الدمار االقت�صادي واالجتماعي‪،‬‬ ‫باملقارنة مع ‪ %73.3‬يف العام ‪� ،2013‬أما ن�سبة‬
‫ت�ستمر خمتلف قوى الت�سلط الداخلية واخلارجية يف‬ ‫ال�سكان الذين يعي�شون يف حالة من الفقر املدقع‬
‫تر�سيخ حالة االغرتاب والت�شظي مما يدفع غالبية‬ ‫فقد بلغت ‪ %35.1‬حيث تكافح الأ�سر لتلبية احلد‬
‫الأفراد �إىل التحرك �ضد م�صاحلهم وخالف ًا‬ ‫الأدنى من احتياجاتها الغذائية الأ�سا�سية للبقاء‬
‫لتطلعات جمتمعهم‪ .‬ومن هنا تربز احلاجة �إىل و�ضع‬ ‫على قيد احلياة ‪.‬‬
‫منوذج تنموي جديد يقوم على اعتماد حق جميع‬
‫ال�سوريني يف العي�ش الكرمي‪ ،‬الأمر الذي يتطلب‬ ‫�أدى ا�ستمرار النزاع �إىل انخفا�ض عدد �سكان‬
‫م�شاركة حقيقية وفعالة جلميع قوى املجتمع من �أجل‬ ‫�سورية من ‪ 21.8‬مليون يف عام ‪� 2010‬إىل ‪20.21‬‬
‫حتقيق التحول التنموي املطلوب بناء على ر�ؤية‬ ‫مليون ن�سمة مع نهاية عام ‪ .2015‬وي�شري ال�سيناريو‬
‫م�شرتكة ومتفق عليها‪ .‬يتطلب ذلك �سيا�سة اقت�صادية‬ ‫اال�ستمراري �إىل �أن جمموع ال�سكان كان �سي�صل �إىل‬
‫م�ستقلة تفكك مقومات العنف واالقت�صاد الريعي‬ ‫‪ 25.59‬ن�سمة يف عام ‪ 2015‬لو مل ين�ش�أ النزاع‪،‬‬
‫باجتاه بناء اقت�صاد منتج ومنو ت�ضميني‪ .‬كما يحتاج‬ ‫وبالتايل‪ ،‬ف�إن عدد ال�سكان انخف�ض بن�سبة ‪%21‬‬
‫النموذج اجلديد �إىل العمل على عقد اجتماعي جديد‬ ‫باملقارنة بني �سيناريو الأزمة وال�سيناريو‬
‫يقوم على العدل ويعترب املعرفة حمرك ًا للتنمية‪ ،‬كما‬ ‫اال�ستمراري‪ .‬وكان من املتوقع‪ ،‬يف نهاية عام ‪،2015‬‬
‫يركز على متكني ر�أ�س املال الب�شري يف بيئة ت�سمح‬ ‫�أن يبلغ عدد الالجئني ‪ 3.11‬مليون �شخ�ص بالإ�ضافة‬
‫بالتفكري احلر والتوزيع العادل للفر�ص؛ �إ�ضافة �إىل‬ ‫�إىل ‪ 1.17‬مليون من الذين هاجروا بحث ًا عن العمل‬
‫احلاجة �إىل م�ؤ�س�سات م�ساءلة‪ ،‬و�شفافة‪ ،‬وم�ستقلة‪،‬‬ ‫واحلياة الآمنة‪ .‬وا�ضطر حواىل ‪ 6.36‬مليون ن�سمة‬
‫وت�ضمينية تعمل على حتقيق الأولويات التنموية‬ ‫ممن بقي يف �سورية �إىل النزوح داخلي ًا بعيد ًا عن‬
‫لل�سوريني بناء على ر�ؤيتهم‪ ،‬مع الأخذ بعني االعتبار‬ ‫ديارهم ب�سبب العنف‪ ،‬واخلوف‪ ،‬والرتهيب‪،‬‬
‫�أن هذه الأولويات تختلف عن تلك املوجودة يف الدول‬ ‫والت�شرد‪ .‬ترافق ذلك مع خ�سارة نحو ‪ 13.8‬مليون‬ ‫ّ‬
‫املهيمنة واملتقدمة‪.‬‬ ‫�شخ�ص من �سورية امل�صدر الأ�سا�سي للدخل‪ ،‬حيث‬

‫‪56‬‬
‫امللحق‬
‫مواجهة التشظي!‬
‫الملحق‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ ‫‪2015‬‬

‫الأرباع الأربعة من العام ‪ ،2015‬مع الناجت املحلي‬ ‫المنهجية‬


‫الإجمايل يف الأرباع املقابلة لها من العام ‪.2014‬‬
‫ت�أخذ هذه ال�سل�سلة من التقارير‪ ،‬املعتمدة على التحليل‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬ف�إن الربجمة املالية امل�ستخدمة يف‬ ‫ربع ال�سنوي‪ ،‬بعني االعتبار عامل املو�سمية بغية تقدير‬
‫التقرير هي نظام متكامل من احل�سابات االقت�صادية‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل الربعي يف �سورية‪ ،‬وحتديد ًا‬
‫الكلية التي ت�شمل احل�سابات القومية‪ ،‬وميزان‬ ‫للقطاع الزراعي الذي يتغري من مو�سم �إىل �آخر‪ .‬وقد‬
‫تقدم‬
‫املدفوعات‪ ،‬واحل�سابات املالية والنقدية‪ ،‬وهي ّ‬ ‫ا�ستعملت مو�سمية الإنتاج الزراعي يف العام ‪2011‬‬
‫املعلومات املطلوبة لتقييم �أثر الأزمة على االقت�صاد‬ ‫مقيا�س ًا معياري ًا للنمط املو�سمي للإنتاج الزراعي‪.‬‬
‫ال�سوري واخليارات املتاحة لتعديل ال�سيا�سات‪ .‬كما �أن‬ ‫ويعتمد تقدير النمو‪ /‬االنكما�ش احلقيقي يف الناجت‬
‫هذه الأداة توفّر �أي�ض ًا �إطار ًا لتحليل ال�سيا�سات‪،‬‬ ‫املحلي الإجمايل خالل الأعوام ‪ 2012‬و‪ 2013‬و‪2014‬‬
‫وتت�ض ّمن عدد ًا من االختبارات الرئي�سية‪ ،‬وقد �ض ّمن‬ ‫و‪ 2015‬على مقاربة الناجت من ناحية العر�ض الكمي يف‬
‫املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات تقديرات خمزون‬ ‫خمتلف القطاعات االقت�صادية‪ .‬وتواجه هذه املقاربة‬
‫ر�أ�س املال‪ ،‬والفقر املادي على م�ستوى الأ�سرة‪ ،‬و�أداء‬ ‫ثالثة حتديات رئي�سية يف �سورية‪� :‬أو ًال‪ ،‬ت�صد ُر‬
‫�سوق العمل‪ ،‬يف الإطار التحليلي الكلي‪ .‬وقد اختريت‬ ‫احل�سابات القومية عادة الناجت ال�سنوي ملختلف‬
‫�أداة الربجمة املالية على ح�ساب مناذج ال�سال�سل‬ ‫الن�شاطات االقت�صادية ل�سنة حمددة يف الن�صف‬
‫الزمنية االقت�صادية الكلية ومنوذج التوازن العام‪ ،‬مبا‬ ‫الثاين من ال�سنة التالية؛ وثاني ًا‪ ،‬مل ي�سبق‬
‫�أن هذه النماذج ال ت�أخذ بعني االعتبار التح ّوالت‬ ‫للإح�صائيات الر�سمية �أن ن�شرت ناجت ًا حملي ًا �إجمالي ًا‬
‫املتغيات االقت�صادية بطريقة كفوءة‪.‬‬ ‫الدراماتيكية يف ّ‬ ‫ربعي ًا؛ وثالث ًا‪ ،‬هناك غياب للم�سوح والبيانات الثانوية‬
‫كما �أن منوذج الربجمة املالية يعك�س بكفاءة �أكرب‬ ‫نتيجة �صعوبة �إجراء هذا النوع من العمل يف الظروف‬
‫الو�ضع احلايل لالقت�صاد ال�سوري يف وقت تع�صف به‬ ‫ال�سائدة‪.‬‬
‫تغيات دراماتيكية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫زادت ديناميكيات الأزمة من حاجة خمتلف اجلهات‬
‫ويف ما يخ�ص مك ّونات الناجت املحلي الإجمايل من‬ ‫حمدثة للو�ضع االقت�صادي‪ .‬وبغية‬ ‫املعنية �إىل تقديرات ّ‬
‫جانب الطلب‪ ،‬ف�إن عنا�صر اال�ستهالك واال�ستثمار‬ ‫التغي‬
‫التحديات ال�سابقة‪ ،‬ا�ستعمل التقرير ّ‬ ‫ّ‬ ‫التغلّب على‬
‫احلكوميني ت�ستند �إىل تقديرات ملك ّونات املوازنة‬ ‫يف كميات الإنتاج يف ال�سلع واخلدمات الأ�سا�سية‬
‫التغيات‬
‫العامة‪ّ � ،‬أما اال�ستثمار اخلا�ص فيقدر بوا�سطة ّ‬ ‫كم�ؤ�شرات غري مبا�شرة على النمو‪/‬االنكما�ش يف‬
‫يف الإنتاج اخلا�ص يف القطاعات احلقيقية‪ّ � ،‬أما‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل لكل قطاع‪ .‬فعلى �سبيل املثال‪،‬‬
‫ال�صادرات وامل�ستوردات فقدرت با�ستعمال منوذج‬ ‫التغيات يف �إنتاج املحا�صيل الرئي�سية‬
‫ا�ستعملت ّ‬
‫اجلاذبية ل�سورية والذي يتم تدقيق نتائجه من خالل‬ ‫كم�ؤ�شر غري مبا�شر لتقدير منو القطاع الزراعي‪ ،‬بينما‬
‫كميات امل�ستوردات وال�صادرات عرب املوانئ‪( .‬حم�شي‬ ‫التغيات يف الإنتاج اليومي من الغاز والنفط‬ ‫ا�ستعملت ّ‬
‫و�آخرون‪.)2013 ،‬‬ ‫لتقدير النمو‪ /‬االنكما�ش يف قطاع ال�صناعة‬
‫اال�ستخراجية‪ ،‬كما مت تثقيل القطاعات الفرعية وفق‬
‫ي�ستند تقدير خمزون ر�أ�س املال ومعدالت االهتالك‬ ‫م�ستواها وح�صتها من الإنتاج يف ال�سنة ال�سابقة‪ .‬ويف‬
‫�إىل تقرير املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات لعام‬ ‫حاالت عديدة‪ ،‬طبقت مناذج اقت�صادية قيا�سية‬
‫‪( 2013‬املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‪� 2013 ،‬أ)‪،‬‬ ‫لتقدير الناجت املحلي الإجمايل‪ .‬وقد ت�شاور الفريق مع‬
‫وحتت�سب اخل�سارة الإجمالية يف خمزون ر�أ�س املال‬ ‫التحديات‬
‫ّ‬ ‫جمموعة خرباء يف كل قطاع بغية ت�شخي�ص‬
‫ا�ستناد ًا �إىل اخل�سائر يف الأبنية ال�سكنية (با�ستعمال‬ ‫الرئي�سية التي يواجهها هذا القطاع‪ ،‬والتدقيق يف‬
‫حمدثة)‪ ،‬واخل�سائر يف الأبنية غري ال�سكنية‪،‬‬
‫تقديرات ّ‬ ‫موثوقية تقديرات الناجت املحلي الإجمايل‪ .‬وقورنت‬
‫يف حني قدرت خ�سائر املعدات والأدوات با�ستعمال‬ ‫معدالت النمو ال�سنوي لإجمايل الناجت املحلي يف‬

‫‪58‬‬
‫‪SCPR-SYRIA.ORG‬‬

‫الأ�سرة)‪ ،‬ا�ستطاع التقرير تقدير معدالت الفقر يف �سورية‬ ‫معدل ر�أ�س املال �إىل الناجت‪ .‬وتت�ألف هذه اخل�سارة من‬
‫حتى كانون الأول ‪� 2015‬ضمن خمتلف املحافظات‪.‬‬ ‫ثالثة مك ّونات رئي�سية هي‪ :‬االنخفا�ض يف �صايف‬
‫اال�ستثمارات نتيجة للأزمة؛ ور�أ�س املال املعطل الذي‬
‫يجدر بالذكر �أن تقدير اخل�سائر يف الناجت املحلي‬ ‫يعك�س التوقف يف عملية االنتاج؛ والأ�ضرار اجلزئية‬
‫الإجمايل‪ ،‬وخمزون ر�أ�س املال‪ ،‬والت�شغيل‪،‬‬ ‫والإجمالية التي حلقت مبخزون ر�أ�س املال‪ .‬املك ّون‬
‫وم�ؤ�شرات الفقر هي الفرق بني «�سيناريو الأزمة»‬ ‫الأخري غري مت�ض ّمن يف خ�سارة الناجت املحلي‬
‫(امل�ؤ�شرات احلقيقية) و«ال�سيناريو اال�ستمراري»‬ ‫الإجمايل‪ ،‬وبالتايل فقد �أ�ضيف �إىل اخل�سارة‬
‫الذي ي�شمل امل�ؤ�شرات كما لو �أن الأزمة مل حت�صل‪.‬‬ ‫االقت�صادية الإجمالية‪.‬‬
‫وهذا ي�ساعد يف تقدير اخل�سائر املبا�شرة والفر�ص‬
‫املفقودة نتيجة النزاع‪.‬‬ ‫ومت ح�ساب الناجت املحلي الإجمايل بالأ�سعار اجلارية‬
‫با�ستعمال تقديرات ُمفّ�ض الناجت املحلي الإجمايل‬
‫ي�ستخدم التقرير نتائج ومنهجية تقرير قيد االنتهاء‬ ‫والتي تعتمد ب�صورة رئي�سية على م�ؤ�شر �أ�سعار‬
‫للمركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات عن حالة‬ ‫امل�ستهلك‪ .‬وخالل عام ‪� ،2015‬أ�صدر املكتب املركزي‬
‫ال�سكان يف �سورية املبني على �أ�سا�س م�سح �شامل‬ ‫لالح�صاء م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك حتى �شهر �أيار‪� ،‬إال‬
‫�أجري يف منت�صف عام ‪ 2014‬و�شمل جميع مناطق‬ ‫�أن هذا امل�ؤ�شر مل يعك�س ارتفاع الأ�سعار ال�سلع‬
‫البالد‪ .‬وق�سم امل�سح �سورية �إىل ‪ 698‬منطقة درا�سة‬ ‫الأ�سا�سية وخا�صة االرتفاع الذي ح�صل يف �شهر كانون‬
‫وجمع من كل منطقة ثالثة ا�ستبيانات من خالل‬ ‫الثاين من العام‪ ،‬لذلك قام املركز ال�سوري لبحوث‬
‫مقابلة ثالثة �أ�شخا�ص مفتاحيني �ضمن معايري‬ ‫ال�سيا�سات ب�إعادة ح�ساب م�ؤ�شر �أ�سعار امل�ستهلك حتى‬
‫حمددة تلتزم ال�شمولية وال�شفافية‪ ،‬كما ا�ستخدم‬ ‫�أيار ‪� 2015‬إ�ضافة �إىل ح�ساب �إ�سقاطات هذا امل�ؤ�شر‬
‫امل�سح منهجية ر�صد وتقييم للعمل امليداين ت�ضمن‬ ‫للأ�شهر ال�سبعة الباقية مع الأخذ بعني االعتبار‬
‫الت�أكد من �صحة الإجابات‪ ،‬و�شارك يف امل�سح نحو‬ ‫االرتفاع الكبري لأ�سعار ال�سلع واخلدمات الأ�سا�سية‪.‬‬
‫‪� 300‬شخ�ص من باحثني وخرباء ومربجمني‪.‬‬ ‫و�ضمن �إطار منوذج الربجمة املالية الذي يربط بني‬
‫القطاع احلقيقي‪ ،‬واملوازنة العامة والقطاع اخلارجي‪،‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬قام املركز ال�سوري بتعديل امل�ؤ�شرات‬ ‫يقدر‬
‫والقطاع النقدي‪ ،‬والتوظيف والفقر‪ ،‬ف�إن التقرير ّ‬
‫الدميوغرافية خالل الأزمة‪ ،‬وت�شمل هذه امل�ؤ�شرات‬ ‫ومعدالت البطالة حتى الربع‬ ‫عدد الوظائف املفقودة‪ّ ،‬‬
‫العدد الإجمايل لل�سكان والالجئني واملهاجرين‬ ‫الرابع من العام ‪ ،2015‬با�ستعمال مرونة الت�شغيل‬
‫�إ�ضافة �إىل ح�ساب العمر املتوقع عند الوالدة‪،‬‬ ‫بالن�سبة �إىل الناجت املحلي الإجمايل‪.‬‬
‫ومعدالت الوالدات والوفيات واخل�صوبة ومعدل‬
‫النمو ال�سكاين‪ .‬ومن اجلدير بالذكر �أن التقرير‬ ‫قدر التقرير بنود املوازنة العامة باالعتماد على‬
‫ي�ستخدم العدد الإجمايل املعدل لل�سكان قبل‬ ‫القرارات احلكومية املرتبطة بالإنفاق العام من حيث‬
‫الأزمة حيث قام املركز ب�إعادة ح�ساب عدد‬ ‫الأجور‪ ،‬والدعم‪ ،‬واال�ستثمارات العامة‪ ،‬يف حني �أن‬
‫ال�سكان با�ستخدام ال�سجالت احليوية وتعدادات‬ ‫تقديرات الإيرادات اعتمدت على انتاج النفط‪،‬‬
‫ال�سكان الوطنية‪ .‬كما ا�ستفاد املركز من نتائج هذا‬ ‫والتح�صيل ال�ضريبي‪ ،‬و�أداء امل�ؤ�س�سات اململوكة من‬
‫امل�سح يف ح�ساب ت�أثري الأزمة على ر�أ�س املال‬ ‫الدولة‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فقد احت�سب التقرير العجز املايل‬
‫والعديد من القطاعات االقت�صادية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫الذي عك�س زيادة يف الدين العام‪.‬‬
‫تقدير عدد من امل�ؤ�شرات املتعلقة بال�صحة‬
‫والتعليم والت�شغيل (وقد التنويه للم�سح عند‬ ‫بالن�سبة للفقر‪ ،‬وبا�ستعمال خطوط الفقر الوطنية‬
‫ا�ستخدامه يف الن�ص)‪.‬‬ ‫(ا�ستناد ًا �إىل �أبحاث الفقر من م�سوح دخل ونفقات‬

‫‪59‬‬
!‫مواجهة التشظي‬
‫الملحق‬ ‫تقرير يرصد آثار األزمة السورية‬ 2015

‫املراجع‬
‫المراجع باإلنكليزية‬
Alnaqeeb. K, (1996): “Authoritarian State in the Contemporary Arab Levant”, Center for Arab Unity Studies, Beirut.

Acemoglu. D, Johnson. S, Robinson. J, (2005): “Institutions as the Fundamental Cause of Long-run Growth” In
Handbook of Economic Growth, ed. Philippe Aghion and Stephen N. Durlauf. Amsterdam: Elsevier.

Ballantine, J. H., & Hammack, F. M. (2012). “The sociology of education: A systematic analysis” (7th edition). Upper
Saddle River, NJ: Prentice Hall. cited by: A Primer on Social Problems (v. 1.0)

Bush, K. and Salterelli, D. (2000): ”The Two Faces of Education in Ethnic Conflict: Towards a Peacebuilding
Education for Children”, UNICEF INNOCENTI RESEARCH CENTRE, August.

Canuto. O, Giugale. M, (2010): “The Day After Tomorrow: A Handbook on the Future of Economic Policy in the
Developing World”, World Bank.

Central Bureau of Statistics in Syria (1963-2011): Statistical Abstracts, Household Income and Expenditure
Surveys, Labour Force Surveys, Household Health Surveys.

Central Bank of Syria (2000-2011): Quarterly Statistical Bulletins.

Collier. P, Hoeffler. A, (2004) “Greed and Grievance in Civil War”, Oxford Economic Papers, 56, pp. 563-95.

DASP 2.2 (2012): Distributive Analysis State Package, by Abdelkrim Araar, Jean-Yves Duclos, Université Laval.
PEP, CIRPÉE and World Bank.

Deutsch. Morton, (2005): “Maintaining Oppression” Beyond Intractability. Eds. Guy Burgess and Heidi
Burgess. Conflict Information Consortium, University of Colorado, Boulder. Posted: March <http://www.
beyondintractability.org/essay/maintaining-oppression>.

Eurostat. (2015): “Asylum Quarterly Report”, third quarter 2015.

Garfinkel. M, Skaperdas. S, (2006): “Economics of Conflict: An Overview”(April), prepared for inclusion in T.


Sandler and K. Hartley (eds.), Handbook of Defense Economics, Vol. 2 (chapter 3).

Groot. O, Brück. T, Bozzoli. C, (2009): “Estimation of the Economic Costs of Conflict”, DIW Berlin, Department of
International Economics, Discussion Papers: 948, Berlin, (November).

Hoeffler. A, Reynal-Querol. M, (2003): “Measuring the Costs of Conflict”, Centre for the Study of African
Economies, (March).

Ismail, R. (2013): “Institutions in Syria”, unpublished working paper, Syrian Center for Policy Research.

Justino. P, (2009): “The Impact of Armed Civil Conflict on Household Welfare and Policy Responses”. MICROCON
Research Working Paper 12, Brighton: MICROCON.

Mehchy. Z, Nasser. R, Schiffbauer. M, (2013): “Trade Determinants and Potentials of Syria: Using Gravity Model:
With an Estimation of Syrian Crisis Impact on Exports”, Submitted to the 19th Annual Economic Research Forum
(ERF) Conference.

Nasser. R, (2008): “Could New Growth Cross-country Empirics Explain the Single Country Growth of Syria during
1965-2004?” Arab Planning Institute, working paper 0802.

Nasser. R, Mehchy. Z, (2012): “Determinants of Labour Force Participation In Syria (2001 – 2010)”, Submitted
to the Labour and Human Development Theme of the 18th Annual Economic Research Forum (ERF) Conference
2012.

Nasser. R, Mehchy. Z, (2012): “Role of Economic Factors in Political Movement: The Syrian Case”, Arab Planning
institute. Kuwait.

North. D, (1990): “Institutions, Institutional Change and Economic Performance”, Cambridge: Cambridge

60
SCPR-SYRIA.ORG

University Press.

Physicians for Hum Rights (2015): “Anatomy of a Crisis a Map of Attacks on Health Care in Syria”. Accessed on
Line: www.s3.amazonaws.com/PHR_syria_map/methodology.pdf

Rodrik. D, (2007):”One Economics, Many Recipes. Globalization, Institutions and Economic Growth”, Princeton
University Press.

Sen. A, (1999): “Development as Freedom”, Oxford: Oxford University Press.

Sousa. C, (2013): “Political Violence, Collective Functioning and Health: a Review of the Literature”. Medicine,
Conflict, and Survival. 29:3, 169-197. Published August, 22, 2013.

StataCorp. (2013): Stata Statistical Software: Release 12.1. College Station, TX: StataCorp LP.

Syrian Center for Policy Research, (2013a): “The Socioeconomic Roots and Impacts of the Syrian Crisis”. SCPR,
Damascus.

Syrian Center for Policy Research, (2013b): “The Syrian Catastrophe “. UNRWA, SCPR, June.

Syrian Center for Policy Research, (2013c): “Alternative Solutions for Syrian Crisis”, a research paper presented in
the Conference “Towards a Strategic Solution to the Syrian Crisis, Beirut June 2013.

Syrian Center for Policy Research, (2013d): “War on Development “. UNRWA, UNDP, SCPR, October.

Syrian Center for Policy Research, (2014): “Squandering Humanity “. UNRWA, UNDP, SCPR, May.

Syrian Center for Policy Research, (2015): “Alienation and Violence “. UNRWA, UNDP, SCPR, March.

Syrian Center for Policy Research, (2016): “Human Development in Syria”, forthcoming report.

The World Bank (2015): World Development Indicators 2015 database.

Todaro, M. (2011): “Economic Development”, Pearson Education.

UN (2015): “Fight against Sexual Violence in Conflicts Reaches ‘New Juncture’, Security Council Told”. Security
Council Meeting Coverage. 7428 Meeting. Accessed on Line:

http://www.un.org/press/en/2015/sc11862.doc.htm

UNDP (2010): “Human Development Report”, New York: UNDP.

UNDP (2015): “Human Development Report”, New York: UNDP.

UNHCR (2014): “Women Alone: the Fight for Survival by Syrian Refugees Women”. Accessed on Line: http://www.
refworld.org/pdfid/53be84aa4.pdf

WHO, MoH, and MoHE (2015a): “HeRAMS Report January-June, 2015: Public Hospitals in Syria”. WHO in
collaboration with MoH and MoHE.

WHO, MoH, and MoHE (2015b): “HeRAMS Report January-June, 2015: Public Health Centers in Syria”. WHO in
collaboration with MoH and MoHE.

‫المراجع بالعربية‬
.‫ بريوت‬،‫ مركز درا�سات الوحدة العربية‬،»‫ «املجتمع العربي املعا�صر‬:)2006( ‫ حليم‬،‫بركات‬
.‫ دم�شق‬،‫ املركز ال�سوري لبحوث ال�سيا�سات‬،‫ ورقة عمل قيد الن�شر‬،»‫ «الت�شظي‬:)2015( ‫ جاد الكرمي‬،‫جباعي‬
‫ الطبعة‬،‫ املركز الثقايف العربي‬،»‫ درا�سة حتليلية نف�سية اجتماعية‬،‫ «الإن�سان املهدور‬:)2005( ‫ م�صطفى‬،‫حجازي‬
.‫ بريوت‬،‫الأوىل‬
،‫ «تقرير تقييم منت�صف املدة للخطة اخلم�سية العا�شرة‬:)2009( ‫هيئة التخطيط والتعاون الدويل‬
.‫ دم�شق‬،‫ غري من�شور‬،»2006-2010

61
info@scpr-syria.org
scpr-syria.org

You might also like