Professional Documents
Culture Documents
معنى الأحرف السبعة
معنى الأحرف السبعة
معنى الأحرف السبعة
4- وذهب جماعة إلى أن المراد باألحرف السبعة ،وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها االختالف ،وذلك
ضا ؛ إذ يقول في اللوائح:
هو رأى اإلمام أبي الفضل الرازي أي ً
:الكالم اليخرج عن سبعة أحرف في االختالف
.األوله :اختالف األسماء من إفراد ،وتثنية ،وجمع ،وتذكير ،وتأنيث
.الثاني :اختالف تصريف األفعال من :ماض ومضارع وأمر
.الثالث :اختالف وجوه اإلعراب
.الرابع :االختالف بالنقص والزيادة
.الخامس :االختالف بالتقديم والتأخير
.السادس :االختالف باإلبدال
السابع :اختالف اللغات (يريد اللهجات) كالفتح واإلمالة ،والترقيق ،والتفخيم ،واإلظهار واإلدغام ،
.ونحو ذلك
:القول الراجح في ذلك
بعد ذكر هذه اآلراء للعلماء نقول إن الراجح من هذه اآلراء جميعًا هو الرأى األول ،وأن المراد
باألحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد ،نحو أقبل ،وهلم ،وعجل ،وأسرع ،فهي
ألفاظ مختلفة لمعنى واحد .وإليه ذهب سفيان بن عيينة ،وابن جرير ،وابن وهب ،وخالئق ،ونسبه ابن عبد
البر ألكثر العلماء .ويدل عليه ماجاء في حديث أبي بكرة« :أن جبريل قال :يا محمد ،اقرأ القرآن على
حرف ،فقال ميكائيل :استزده ،فقال :على حرفين ،حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف ،فقال :كلها شاف كاف،
مالم يختم آية عذاب بآية رحمة ،أو آية رحمة بآية عذاب ،كقولك :هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل»
قال ابن عبد البر :إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها ،وأنها معان متفق مفهومها،
.مختلف مسموعها ،اليكون في شيء
* -ما هي اللهجات؟:
اللهجة هي مجموعة الصفات اللسانية ،التي تنتمي إلى بيئة اجتماعية معينة ،يشترك في هذه الصفات جميع
أفراد هذه البيئة ومحيطها ،وهو جزء من وسط أوسع واشمل ،وتضم عدة لهجات ،ولكل واحدة منها
خصائصها المنفردة ،إما قدي ًما ،كان يطلق العرب على اللهجة لغة ،ولم تستعمل اللهجة بمعناها
االصطالحي ،إال حديثا فكان يقال لغة القبيلة ،بدال من لهجة القبيلة كلغة قريش ،لغة تميم ،وهكذا .وما
العالقة بين اللغة واللهجة ،إال كالعالقة بين األصل والفرع حيث تشمل اللغة عادة على مجموع لهجات ،لكل
منها ما يميزها عن شقيقاتها في اللهجات األخرى .إال أنها جميعا لها صفات لغوية عامة مشتركة- * .
القرآن الكريم ومراعاة اللهجات:
وتخفيفًا على القبائل ومراعاة لهجاتها المختلفة ،كان الرسول صلى هللا عليه وسلم ،يتلو مفردات القرآن
تيسيرا على أهل تلك القبائل في تالوته ،وكان يحدث أن احد الصحابة يقرأ آيات ً الكريم ،بلهجات متعددة
بلهجة سمعها من الرسول صلى هللا عليه وسلم شفاها ،في حين قد سمع غيره نفسه اآليات ،أو السورة كاملة
بلهجة أخرى تغاير اللهجة األولى ،على نحو ما روى عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ،إذا سمع هشام
بن حكيم بن حزام ،يتلو سورة الفرقان في الصالة ،على غير ما حفظ ،وكاد إن يأخذ بتالبيبه ،لكنه تريث
حتى فرغ من صالته وذهب به إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم ،ثم قال لحكيم" :اقرأ ،فقرأ ،فقال هكذا
أنزلت ،ثم أقرأ عمر -رضي هللا عنه ،-فقرأ ،فقال هكذا أنزلت" ،ثم قال" :إن القرآن نزل على سبعة
أحرف ،فاقرءوا ما تيسر منه" وهو ال يقصد بالسبعة أحرف عددًا معينًا ،إنما يريد كثرة الحروف واللهجات،
ً
وتسهيال على العرب ،إن ينطقوا من كلماته بلهجاتهم ،ما لم يمكنهم إن ينطقوه التي نزل بها القرآن الكريم،
بلغة قريش ،ولهجاتها الخاصة ،واخذ هو نفسه يصنع ذلك تيسيرا ً وتسهيالً .كما مر معنا في حديث شريف،
ظا من معظم لهجات القبائل العربية ،تجد فيه في غير هذا الموضع .وهكذا نجد ،أن القرآن الكريم قد ضم ألفا ً
كل قبيلة من مفرداتها وتراكيبها اللغوية التي انفردت بها دون سواها من القبائل األخرى.
* -الحكمة من تعدد اللهجات:
أما الحكمة في إنزال القرآن على هذه اللهجات المختلفة ،فهي أن للعرب اللذين نزل القرآن بلسانهم يلوكون
لغات عده ،ولهجات متباينة ويتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لغتهم األم التي درج عليها ،ومرن لسانه
على التخاطب بها منذ نعومة أظفاره ،وصارت جزء من سجاياه ،واختلطت بلحمه ودمه ،بحيث ال يمكن
االبتعاد عنها بأي حال من األحوال ولو عن طريق التعليم والتدريب ،وبخاصة للرجل المسن والمرأة
العجوز .فلوا كلفهم هللا تعالى ،العدول عن لهجتهم التي فطروا عليها ،واالنتقال عنها ،واتباع لهجة أخرى،
لشق عليهم غاية المشقة ،ولكان من قبيل التكليف بما ال تتطيقه طبيعتهم النفسية وطاقتهم اإلنسانية .فاقتضت
رحمة هللا بعباده إن يخفف عليهم ،وأن ييسر لهم حفظ كتباهم العزيز ،وتالوة دستورهم اإللهي ،وأن يحقق
لهم أمنية نبيهم ،حيث أتاه جبريل عليه السالم ،فقال له" :أن هللا يأمرك تقرئ أمتك القرآن على حرف" .فقال
النبي صلى هللا عليه وسلم" :أسأل هللا معونته ،فإن أمتي ال تطيق ذلك" .وما زال رسول هللا يردد المسألة
بدال من حرف واحد .فأخذ الرسولويلح في الرجاء ،حتى أذن هللا له أن يقرئ أمته على سبعة أحرفً ،
صلى هللا عليه وسلم ،يقرأ كل قبيلة بما يتوافق بلغتها ويناسب لهجتها.
* -قاعدة اللهجات أو القراءات:
كل قراءه طابقت أوجه اللغة العربية ،ووافقت رسم أحد المصاحف المعتمدة مثل العثماني ،أي بمعنى أن
عوا إِلَ ٰى َم ْغ ِف َرةٍ ِ ّمن َّر ِبّ ُك ْم} [آل عمران ]133 :بحذف الواو التي
ار ُ
س ِ{و َ
تكون ثابتة ولو في بعضها ،كقراءةَ :
ار} الواردة في الموضعقبل السين ،فهذه القراءة ثابتة في مصحف الشامي ،وكقراءة{ :تَجْ ِري ِمن تَحْ تِ َها ْاأل َ ْن َه ُ
األخير من سورة التوبة ،بزيادة لفظ " من " قبل تحتها ،فهي ثابتة في المصحف المكي ،وهكذا ...أو أن
تكون القراءة موافقة المصاحف العثمانية ،وقد تكون تحقيقية كقراءة ( ملك يوم الدين ) في سورة الفاتحة،
بحذف األلف فيها .وأن تكون ثابتة بطرق التواتر ،وهذا أهم أركانها .والتواتر هو ما نقله جماعة ال يمكن
تواطؤهم على الكذب ،وعن جماعة قبلهم كذلك ،من أول سند إلى منتهاه إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم* .
-اللهجات أو الحروف السبعة :وقد وقع بعض الخالف بين العلماء في ماهية الحروف السبعة وكان في ذلك
ضروب شتى من التأويل سنختار منها ما خلص عليه اإلمام أبو الفضل الرازي في "كتابه اللوائح" ،وهو أن
المراد بهذه األحرف التي وقع فيها هذا التباين والتضاد ،ال تخرج عن كونها سبعة لغات ،ميزة اللهجات
العربية بعضها عن بعض ،ونورد هنا أوجه االختالف كما جاءت في أكثر الدراسات التي تناولت هذا
الموضوع بالبحث واإلفاضة ،وقد استوحت مادتها من الكتاب العزيز والسنة المطهرة ،وهي بمجملها ال
تخرج عن األطر التالية:
اختالف األسماء :من أفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث ،مثال قوله تعالى{ :والذين هم ألمانتهم -1
وعهدهم راعون} .قرء ألمانتهم باإلفراد والجمع ،وقوله{ :يوم ال ينفع الظالمين معذرتهم} بيان التذكير
وتاء التأنيث.
اختالف تعريف األفعال :من ماض ومضارع وأمر ،ومثال ذلك قوله تعالى{ :فقالوا ربنا باعد بين -2
أسفارنا} قرئ ربنا بفتح الباء على أنه منادى وباعد بكسر العين وإسكان الدال ،على إنه فعل أمر ،أو
دعاء ،وقرئ برفع ياء ربنا على أنه مبتدئ ،وباعد بفتح العين والدال على أنه فعل ماض ،ولجملة
خبر مبتدأ.
اختالف وجوه األعراب :مثل قوله تعالى{ :ال تضار والدة بولدها} قرئ بنصب الراء ورفعها. -3
االختالف بالنقص والزيادة :مثل قوله تعالى{ :وما عملته أيديهم} قرئ عملته بحذف الهاء وإثباتها، -4
وفي قوله تعالى{ :وأعد لهم جنات تجري من تحتها األنهار} قرئ بزيادة من.
االختالف في التقديم والتأخير :مثل قوله تعالى{ :وقاتلوا وقتلوا } قرئ بتقديم قاتلوا على قتلوا ،وقرئ -5
العكس.
االختالف باإلبدال :مثل قوله تعالى{ :وانظروا إلى العظام كيف ننشزها} قرئ بالزاي المعجمة والراء -6
المهملة ،ومثل قوله{ :وجعلوا المالئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} وقرئ{ :عند الرحمن} ،ومثل
قوله تعالى{ :فتبينوا} قرئ {فتثبتوا}.
-7اختالف اللهجات :كالفتح واإلمالة "الكسر" أو اإلدغام واإلظهار واإلخفاء ،والتفخيم والترقيق
والتسهيل والتحقيق ،واإلبدال إلى غير ذلك من اللهجات ،التي اختلفت فيها لهجات قبائل العرب .ويؤخذ
من هذه الشروح أن جميع القراءات متساوية في األهمية ،كونها حق وصواب ،فمن قرأ بأي قراءة منها،
فهو على الطريق الصحيح ،ويؤخذ هذا من قول النبي صلى هللا عليه وسلم« :فأيما حرف قرءوا عليه فقد
أصابوا» [صحيح مسلم.]821 :
* -ما معنى حرف؟
:يطلق لفظ حرف في اللغة على عدة أوجه ،منها ذروة الشيء أو أعاله ،أو على شفرة السيف أو حده،
ويطلق على حرف الهجاء ،وعلى اللهجة ،وهو المناسب لموضوعنا الذي نحن بصدده ،وقد وردت آراء
كثيرة حول هذا الموضوع ،تفسر وتفند معنى الحروف السبع أو القراءات أو اللغات السبع ،وهي لهجات
قبائل العرب ..على معنى أن القرآن نزل بلغة قريش ،وبعضه بلغة كنانة ،وأسد وهذيل و تميم وقيس
عيالن ،وبعضه بلغة أهل اليمن ،وتبنا هذا الرأي أبو عبيدة بن سالم وابن عطية وآخرون ،ودليلهم على
عدم معرفة بعض الصحابة لبعض ألفاظ القرآن إال من بعض األعراب ،لذا يقال أن كلمة فاطر الواردة
في القرآن ،كما في قوله تعالى{ :فاطر السماوات واألرض} .لم يكن معناها معلو ًما محددًا ،حتى سمع
حديث أعرابي يقول في بئر له نوزع فيها " :بئري أنا فطرتها " أي التي حفرتها وصنعتها ،فكان هذا
الكالم موحيًا بمعنى كلمة " فاطر " أي خالق السماوات واألرض وصانعها هو هللا سبحانه وتعالى .وهناك
لهجات كثيرة نسبة لبعض القبائل ،فقد قالوا أن بني مازن كان يبدلون من ميما نحو قولهم مسمك بدالً من
أسمك ،ويقولون بكة بدالً من مكة وهكذا- * .
من نتائج اختالف القراءات:
الغاية من نزول القرآن على هذه الهيئات من الحروف ،بحسب بعض اآلراء :التهوين والتيسير على
األمة ،والتوسعة عليها في قراءاتها للقرآن الكريم ،كما تدل على ذلك األحاديث النبوية الواردة في هذا
المقام ،ومنها:
-1إثراء التفسير واألحكام الشرعية وتعدد األحرف ،ألن تعددها يترتب عليه تعدد المعاني وتزاحمها
على سبيل اإلثراء ،والتأكيد على مدا التعارض أو التناقض.
-2إظهار كمال اإلعجاز بغاية اإليجاز ،ألن كل حرف مع اآلخر بمنزلة اآلية مع اآلية ،في داللتها
وفيما شملت عليه.
-3وتفيد بعض اختالف القراءات في فهم معان فرعية كثيرة ،وتوجيه بعض المعاني وجهة جديدة،
ومنها استناد الفقهاء المجتهدون في استنباط أحكام فقهية مختلفة ،وهذه الخالفات أكسبت الفقه اإلسالمي
مرونة وسعة ،وكل ذلك جائز ومستساغ ما دامت الرواية صحيحة.