معنى الأحرف السبعة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 5

‫‪ :‬معنى األحرف السبعة‬

‫‪ .‬السبعة هي العدد المعروف في اآلحاد بين الستة والثمانية‬


‫وأما األحرف فجمع حرف ‪ ،‬والحرف يطلق على معان كثيرة أتى عليها صاحب القاموس؛ إذ يقول‪:‬‬
‫الحرف من كل شيء طرفه‪ ،‬وشفيره‪ ،‬وحدّه‪ ،‬ومن الجبل أعاله المحدد‪ ،‬و واحد حروف التهجي‪ ،‬والناقة‬
‫الضامرة أوالمهزولة أوالعظيمة‪ ،‬ومسيل الماء‪ ،‬وآرام سود ببالد سليم ‪« .‬ومن الناس من يعبد هللا على‬
‫‪ .‬حرف» أي وجه واحد‬
‫وهذه اإلطالقات الكثيرة تدل على أن لفظ الحرف من قبيل المشترك اللفظي‪ ،‬والمشترك اللفظي يراد‬
‫‪.‬به أحد معانيه التي تعينها القرائن وتناسب المقام‬
‫‪ :‬آراء العلماء في تفسير األحرف السبعة‬
‫اختلف العلماء في تفسير هذه األحرف السبعة اختالفا ً ً‬
‫كثيرا‪ ،‬حتى قال ابن حيان‪ :‬اختلف أهل العلم في‬
‫معنى األحرف السبعة على خمسة وثالثين قوالً ‪ .‬وأكثر هذه اآلراء متداخل ‪ ،‬ونحن نورد هنا ماهو ذوبال‬
‫‪:‬منها‬
‫‪ ‬ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد باألحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد‪ ،‬على‬
‫معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنىمن المعاني يأتي القرآن منزالً بألفاظ على قدر‬
‫هذه اللغات لهذا المعنى الواحد‪ ،‬وحيث اليكون هناك اختالف ‪ ،‬فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر‪.‬‬
‫واختلفوا في تحديد اللغات السبع‬
‫‪ .‬فقيل ‪ :‬هي لغات قريش ‪ ،‬وهذيل‪ ،‬وثقيف ‪ ،‬وهوازن‪ ،‬وكنانة‪ ،‬وتميم‪ ،‬واليمن‬
‫وقال أبو حاتم السجستاني ‪ :‬نزل بلغة قريش‪ ،‬وهذيل‪ ،‬وتميم‪ ،‬واألزد‪ ،‬وربيعة‪ ،‬وهوازن‪ ،‬وسعد بن‬
‫‪.‬بكر‬
‫‪ .‬وروى غير ذلك‬
‫‪2- ‬وقال قوم‪ :‬إن المراد باألحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن‪ ،‬على معنى أنه‬
‫في جملته اليخرج في كلماته عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم‪ ،‬فأكثره بلغة قريش‪ ،‬ومنه ما هو بلغة‬
‫هذيل‪ ،‬أو ثقيف‪ ،‬أوهوازن‪ ،‬أو كنانة‪ ،‬أو تميم أو اليمن ؛ فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع‪.‬‬
‫وهذا الرأي يختلف عن سابقه؛ ألنه يعني أن األحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور‬
‫القرآن‪ ،‬ال أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني ‪ .‬قال أبو عبيد‪ :‬ليس المراد أن كل كلمة تقرأ‬
‫على سبع لغات‪ ،‬بل اللغات السبع مفرقة فيه‪ ،‬فبعضه بلغة قريش‪ ،‬وبعضه بلغة هذيل‪ ،‬وبعضه بلغة‬
‫هوازن‪ ،‬وبعضه بلغة اليمن‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬قال‪ :‬وبعض اللغات أسعد به من بعض وأكثر نصيبًا‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ 3- ‬وذكر بعضهم أن المراد باألحرف السبعة أوجه سبعة‪ :‬من األمر‪ ،‬والنهي‪ ،‬والحالل‪ ،‬والحرام‪،‬‬
‫والمحكم‪ ،‬والمتشابه‪ ،‬واألمثال‪.‬‬
‫فعن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال‪« :‬كان الكتاب األول ينزل من باب واحد‪ ،‬وعلى حرف واحد‪ ،‬ونزل‬
‫القرآن من سبعة أبواب‪ ،‬على سبعة أحرف‪ :‬زجر‪ ،‬وأمر‪ ،‬وحالل‪ ،‬وحرام‪ ،‬ومحكم‪ ،‬ومتشابه‪ ،‬وأمثال‪».‬‬

‫‪4- ‬وذهب جماعة إلى أن المراد باألحرف السبعة‪ ،‬وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها االختالف‪ ،‬وذلك‬
‫ضا ؛ إذ يقول في اللوائح‪:‬‬
‫هو رأى اإلمام أبي الفضل الرازي أي ً‬
‫‪:‬الكالم اليخرج عن سبعة أحرف في االختالف‬
‫‪.‬األوله‪ :‬اختالف األسماء من إفراد‪ ،‬وتثنية‪ ،‬وجمع‪ ،‬وتذكير‪ ،‬وتأنيث‬
‫‪.‬الثاني‪ :‬اختالف تصريف األفعال من ‪ :‬ماض ومضارع وأمر‬
‫‪ .‬الثالث ‪ :‬اختالف وجوه اإلعراب‬
‫‪ .‬الرابع ‪ :‬االختالف بالنقص والزيادة‬
‫‪.‬الخامس ‪ :‬االختالف بالتقديم والتأخير‬
‫‪ .‬السادس ‪ :‬االختالف باإلبدال‬
‫السابع ‪ :‬اختالف اللغات (يريد اللهجات) كالفتح واإلمالة‪ ،‬والترقيق ‪ ،‬والتفخيم ‪ ،‬واإلظهار واإلدغام ‪،‬‬
‫‪ .‬ونحو ذلك‬
‫‪ :‬القول الراجح في ذلك‬

‫بعد ذكر هذه اآلراء للعلماء نقول إن الراجح من هذه اآلراء جميعًا هو الرأى األول‪ ،‬وأن المراد‬
‫باألحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد ‪ ،‬نحو أقبل ‪ ،‬وهلم‪ ،‬وعجل‪ ،‬وأسرع‪ ،‬فهي‬
‫ألفاظ مختلفة لمعنى واحد‪ .‬وإليه ذهب سفيان بن عيينة‪ ،‬وابن جرير‪ ،‬وابن وهب‪ ،‬وخالئق‪ ،‬ونسبه ابن عبد‬
‫البر ألكثر العلماء‪ .‬ويدل عليه ماجاء في حديث أبي بكرة‪« :‬أن جبريل قال‪ :‬يا محمد‪ ،‬اقرأ القرآن على‬
‫حرف‪ ،‬فقال ميكائيل‪ :‬استزده‪ ،‬فقال‪ :‬على حرفين‪ ،‬حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف‪ ،‬فقال‪ :‬كلها شاف كاف‪،‬‬
‫مالم يختم آية عذاب بآية رحمة‪ ،‬أو آية رحمة بآية عذاب‪ ،‬كقولك‪ :‬هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل»‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها‪ ،‬وأنها معان متفق مفهومها‪،‬‬
‫‪.‬مختلف مسموعها‪ ،‬اليكون في شيء‬
‫‪* -‬ما هي اللهجات؟‪:‬‬
‫اللهجة هي مجموعة الصفات اللسانية‪ ،‬التي تنتمي إلى بيئة اجتماعية معينة‪ ،‬يشترك في هذه الصفات جميع‬
‫أفراد هذه البيئة ومحيطها‪ ،‬وهو جزء من وسط أوسع واشمل‪ ،‬وتضم عدة لهجات‪ ،‬ولكل واحدة منها‬
‫خصائصها المنفردة‪ ،‬إما قدي ًما‪ ،‬كان يطلق العرب على اللهجة لغة‪ ،‬ولم تستعمل اللهجة بمعناها‬
‫االصطالحي‪ ،‬إال حديثا فكان يقال لغة القبيلة‪ ،‬بدال من لهجة القبيلة كلغة قريش‪ ،‬لغة تميم‪ ،‬وهكذا‪ .‬وما‬
‫العالقة بين اللغة واللهجة‪ ،‬إال كالعالقة بين األصل والفرع حيث تشمل اللغة عادة على مجموع لهجات‪ ،‬لكل‬
‫منها ما يميزها عن شقيقاتها في اللهجات األخرى‪ .‬إال أنها جميعا لها صفات لغوية عامة مشتركة‪- * .‬‬
‫القرآن الكريم ومراعاة اللهجات‪:‬‬
‫وتخفيفًا على القبائل ومراعاة لهجاتها المختلفة‪ ،‬كان الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬يتلو مفردات القرآن‬
‫تيسيرا على أهل تلك القبائل في تالوته‪ ،‬وكان يحدث أن احد الصحابة يقرأ آيات‬ ‫ً‬ ‫الكريم‪ ،‬بلهجات متعددة‬
‫بلهجة سمعها من الرسول صلى هللا عليه وسلم شفاها‪ ،‬في حين قد سمع غيره نفسه اآليات‪ ،‬أو السورة كاملة‬
‫بلهجة أخرى تغاير اللهجة األولى‪ ،‬على نحو ما روى عن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬إذا سمع هشام‬
‫بن حكيم بن حزام‪ ،‬يتلو سورة الفرقان في الصالة‪ ،‬على غير ما حفظ‪ ،‬وكاد إن يأخذ بتالبيبه‪ ،‬لكنه تريث‬
‫حتى فرغ من صالته وذهب به إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ثم قال لحكيم‪" :‬اقرأ‪ ،‬فقرأ‪ ،‬فقال هكذا‬
‫أنزلت‪ ،‬ثم أقرأ عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ،-‬فقرأ‪ ،‬فقال هكذا أنزلت"‪ ،‬ثم قال‪" :‬إن القرآن نزل على سبعة‬
‫أحرف‪ ،‬فاقرءوا ما تيسر منه" وهو ال يقصد بالسبعة أحرف عددًا معينًا‪ ،‬إنما يريد كثرة الحروف واللهجات‪،‬‬
‫ً‬
‫وتسهيال على العرب‪ ،‬إن ينطقوا من كلماته بلهجاتهم‪ ،‬ما لم يمكنهم إن ينطقوه‬ ‫التي نزل بها القرآن الكريم‪،‬‬
‫بلغة قريش‪ ،‬ولهجاتها الخاصة‪ ،‬واخذ هو نفسه يصنع ذلك تيسيرا ً وتسهيالً‪ .‬كما مر معنا في حديث شريف‪،‬‬
‫ظا من معظم لهجات القبائل العربية‪ ،‬تجد فيه‬ ‫في غير هذا الموضع‪ .‬وهكذا نجد‪ ،‬أن القرآن الكريم قد ضم ألفا ً‬
‫كل قبيلة من مفرداتها وتراكيبها اللغوية التي انفردت بها دون سواها من القبائل األخرى‪.‬‬
‫* ‪ -‬الحكمة من تعدد اللهجات‪:‬‬
‫أما الحكمة في إنزال القرآن على هذه اللهجات المختلفة‪ ،‬فهي أن للعرب اللذين نزل القرآن بلسانهم يلوكون‬
‫لغات عده‪ ،‬ولهجات متباينة ويتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لغتهم األم التي درج عليها‪ ،‬ومرن لسانه‬
‫على التخاطب بها منذ نعومة أظفاره‪ ،‬وصارت جزء من سجاياه‪ ،‬واختلطت بلحمه ودمه‪ ،‬بحيث ال يمكن‬
‫االبتعاد عنها بأي حال من األحوال ولو عن طريق التعليم والتدريب‪ ،‬وبخاصة للرجل المسن والمرأة‬
‫العجوز‪ .‬فلوا كلفهم هللا تعالى‪ ،‬العدول عن لهجتهم التي فطروا عليها‪ ،‬واالنتقال عنها‪ ،‬واتباع لهجة أخرى‪،‬‬
‫لشق عليهم غاية المشقة‪ ،‬ولكان من قبيل التكليف بما ال تتطيقه طبيعتهم النفسية وطاقتهم اإلنسانية‪ .‬فاقتضت‬
‫رحمة هللا بعباده إن يخفف عليهم‪ ،‬وأن ييسر لهم حفظ كتباهم العزيز‪ ،‬وتالوة دستورهم اإللهي‪ ،‬وأن يحقق‬
‫لهم أمنية نبيهم‪ ،‬حيث أتاه جبريل عليه السالم‪ ،‬فقال له‪" :‬أن هللا يأمرك تقرئ أمتك القرآن على حرف"‪ .‬فقال‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬أسأل هللا معونته‪ ،‬فإن أمتي ال تطيق ذلك"‪ .‬وما زال رسول هللا يردد المسألة‬
‫بدال من حرف واحد‪ .‬فأخذ الرسول‬‫ويلح في الرجاء‪ ،‬حتى أذن هللا له أن يقرئ أمته على سبعة أحرف‪ً ،‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬يقرأ كل قبيلة بما يتوافق بلغتها ويناسب لهجتها‪.‬‬
‫* ‪ -‬قاعدة اللهجات أو القراءات‪:‬‬
‫كل قراءه طابقت أوجه اللغة العربية‪ ،‬ووافقت رسم أحد المصاحف المعتمدة مثل العثماني‪ ،‬أي بمعنى أن‬
‫عوا إِلَ ٰى َم ْغ ِف َرةٍ ِ ّمن َّر ِبّ ُك ْم} [آل عمران‪ ]133 :‬بحذف الواو التي‬
‫ار ُ‬
‫س ِ‬‫{و َ‬
‫تكون ثابتة ولو في بعضها‪ ،‬كقراءة‪َ :‬‬
‫ار} الواردة في الموضع‬‫قبل السين‪ ،‬فهذه القراءة ثابتة في مصحف الشامي‪ ،‬وكقراءة‪{ :‬تَجْ ِري ِمن تَحْ تِ َها ْاأل َ ْن َه ُ‬
‫األخير من سورة التوبة‪ ،‬بزيادة لفظ " من " قبل تحتها‪ ،‬فهي ثابتة في المصحف المكي‪ ،‬وهكذا‪ ...‬أو أن‬
‫تكون القراءة موافقة المصاحف العثمانية‪ ،‬وقد تكون تحقيقية كقراءة ( ملك يوم الدين ) في سورة الفاتحة‪،‬‬
‫بحذف األلف فيها‪ .‬وأن تكون ثابتة بطرق التواتر‪ ،‬وهذا أهم أركانها‪ .‬والتواتر هو ما نقله جماعة ال يمكن‬
‫تواطؤهم على الكذب‪ ،‬وعن جماعة قبلهم كذلك‪ ،‬من أول سند إلى منتهاه إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم‪* .‬‬
‫‪ -‬اللهجات أو الحروف السبعة‪ :‬وقد وقع بعض الخالف بين العلماء في ماهية الحروف السبعة وكان في ذلك‬
‫ضروب شتى من التأويل سنختار منها ما خلص عليه اإلمام أبو الفضل الرازي في "كتابه اللوائح"‪ ،‬وهو أن‬
‫المراد بهذه األحرف التي وقع فيها هذا التباين والتضاد‪ ،‬ال تخرج عن كونها سبعة لغات‪ ،‬ميزة اللهجات‬
‫العربية بعضها عن بعض‪ ،‬ونورد هنا أوجه االختالف كما جاءت في أكثر الدراسات التي تناولت هذا‬
‫الموضوع بالبحث واإلفاضة‪ ،‬وقد استوحت مادتها من الكتاب العزيز والسنة المطهرة‪ ،‬وهي بمجملها ال‬
‫تخرج عن األطر التالية‪:‬‬
‫اختالف األسماء‪ :‬من أفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث‪ ،‬مثال قوله تعالى‪{ :‬والذين هم ألمانتهم‬ ‫‪-1‬‬
‫وعهدهم راعون}‪ .‬قرء ألمانتهم باإلفراد والجمع‪ ،‬وقوله‪{ :‬يوم ال ينفع الظالمين معذرتهم} بيان التذكير‬
‫وتاء التأنيث‪.‬‬
‫اختالف تعريف األفعال‪ :‬من ماض ومضارع وأمر‪ ،‬ومثال ذلك قوله تعالى‪{ :‬فقالوا ربنا باعد بين‬ ‫‪-2‬‬
‫أسفارنا} قرئ ربنا بفتح الباء على أنه منادى وباعد بكسر العين وإسكان الدال‪ ،‬على إنه فعل أمر‪ ،‬أو‬
‫دعاء‪ ،‬وقرئ برفع ياء ربنا على أنه مبتدئ‪ ،‬وباعد بفتح العين والدال على أنه فعل ماض‪ ،‬ولجملة‬
‫خبر مبتدأ‪.‬‬
‫اختالف وجوه األعراب‪ :‬مثل قوله تعالى‪{ :‬ال تضار والدة بولدها} قرئ بنصب الراء ورفعها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫االختالف بالنقص والزيادة‪ :‬مثل قوله تعالى‪{ :‬وما عملته أيديهم} قرئ عملته بحذف الهاء وإثباتها‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وفي قوله تعالى‪{ :‬وأعد لهم جنات تجري من تحتها األنهار} قرئ بزيادة من‪.‬‬
‫االختالف في التقديم والتأخير‪ :‬مثل قوله تعالى‪{ :‬وقاتلوا وقتلوا } قرئ بتقديم قاتلوا على قتلوا‪ ،‬وقرئ‬ ‫‪-5‬‬
‫العكس‪.‬‬
‫االختالف باإلبدال‪ :‬مثل قوله تعالى‪{ :‬وانظروا إلى العظام كيف ننشزها} قرئ بالزاي المعجمة والراء‬ ‫‪-6‬‬
‫المهملة‪ ،‬ومثل قوله‪{ :‬وجعلوا المالئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} وقرئ‪{ :‬عند الرحمن}‪ ،‬ومثل‬
‫قوله تعالى‪{ :‬فتبينوا} قرئ {فتثبتوا}‪.‬‬
‫‪ -7‬اختالف اللهجات‪ :‬كالفتح واإلمالة "الكسر" أو اإلدغام واإلظهار واإلخفاء‪ ،‬والتفخيم والترقيق‬
‫والتسهيل والتحقيق‪ ،‬واإلبدال إلى غير ذلك من اللهجات‪ ،‬التي اختلفت فيها لهجات قبائل العرب‪ .‬ويؤخذ‬
‫من هذه الشروح أن جميع القراءات متساوية في األهمية‪ ،‬كونها حق وصواب‪ ،‬فمن قرأ بأي قراءة منها‪،‬‬
‫فهو على الطريق الصحيح‪ ،‬ويؤخذ هذا من قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬فأيما حرف قرءوا عليه فقد‬
‫أصابوا» [صحيح مسلم‪.]821 :‬‬
‫* ‪ -‬ما معنى حرف؟‬
‫‪ :‬يطلق لفظ حرف في اللغة على عدة أوجه‪ ،‬منها ذروة الشيء أو أعاله‪ ،‬أو على شفرة السيف أو حده‪،‬‬
‫ويطلق على حرف الهجاء‪ ،‬وعلى اللهجة‪ ،‬وهو المناسب لموضوعنا الذي نحن بصدده‪ ،‬وقد وردت آراء‬
‫كثيرة حول هذا الموضوع‪ ،‬تفسر وتفند معنى الحروف السبع أو القراءات أو اللغات السبع‪ ،‬وهي لهجات‬
‫قبائل العرب‪ ..‬على معنى أن القرآن نزل بلغة قريش‪ ،‬وبعضه بلغة كنانة‪ ،‬وأسد وهذيل و تميم وقيس‬
‫عيالن‪ ،‬وبعضه بلغة أهل اليمن‪ ،‬وتبنا هذا الرأي أبو عبيدة بن سالم وابن عطية وآخرون‪ ،‬ودليلهم على‬
‫عدم معرفة بعض الصحابة لبعض ألفاظ القرآن إال من بعض األعراب‪ ،‬لذا يقال أن كلمة فاطر الواردة‬
‫في القرآن‪ ،‬كما في قوله تعالى‪{ :‬فاطر السماوات واألرض}‪ .‬لم يكن معناها معلو ًما محددًا‪ ،‬حتى سمع‬
‫حديث أعرابي يقول في بئر له نوزع فيها‪ " :‬بئري أنا فطرتها " أي التي حفرتها وصنعتها‪ ،‬فكان هذا‬
‫الكالم موحيًا بمعنى كلمة " فاطر " أي خالق السماوات واألرض وصانعها هو هللا سبحانه وتعالى‪ .‬وهناك‬
‫لهجات كثيرة نسبة لبعض القبائل‪ ،‬فقد قالوا أن بني مازن كان يبدلون من ميما نحو قولهم مسمك بدالً من‬
‫أسمك‪ ،‬ويقولون بكة بدالً من مكة وهكذا‪- * .‬‬
‫من نتائج اختالف القراءات‪:‬‬
‫الغاية من نزول القرآن على هذه الهيئات من الحروف‪ ،‬بحسب بعض اآلراء‪ :‬التهوين والتيسير على‬
‫األمة‪ ،‬والتوسعة عليها في قراءاتها للقرآن الكريم‪ ،‬كما تدل على ذلك األحاديث النبوية الواردة في هذا‬
‫المقام‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬إثراء التفسير واألحكام الشرعية وتعدد األحرف‪ ،‬ألن تعددها يترتب عليه تعدد المعاني وتزاحمها‬
‫على سبيل اإلثراء‪ ،‬والتأكيد على مدا التعارض أو التناقض‪.‬‬
‫‪ -2‬إظهار كمال اإلعجاز بغاية اإليجاز‪ ،‬ألن كل حرف مع اآلخر بمنزلة اآلية مع اآلية‪ ،‬في داللتها‬
‫وفيما شملت عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬وتفيد بعض اختالف القراءات في فهم معان فرعية كثيرة‪ ،‬وتوجيه بعض المعاني وجهة جديدة‪،‬‬
‫ومنها استناد الفقهاء المجتهدون في استنباط أحكام فقهية مختلفة‪ ،‬وهذه الخالفات أكسبت الفقه اإلسالمي‬
‫مرونة وسعة‪ ،‬وكل ذلك جائز ومستساغ ما دامت الرواية صحيحة‪.‬‬

You might also like