Professional Documents
Culture Documents
⌐½ƒ₧Θ ƒΘ¥ΩƒΩ Ñ½δ ƒΘáδƒ
⌐½ƒ₧Θ ƒΘ¥ΩƒΩ Ñ½δ ƒΘáδƒ
رسائل المإام
الشهيد حسن البنا
بـــراءة
ونحب مإع هذا أنآ يعلم قومإنا – و كل المسلمين قومإنا – أنآ دعوة
الخوانآ المسلمين دعوة بريئة نزيهة ،قد تسامإت في نزاهتها حتى
جاوزت المطامإع الشخصية ،واحتقرت المنافع المادية ،وخلفت
وراءها الهواء والغراض ،ومإضت قدمإا في الطريق التي رسمها
الحق تبارك وتعالى للداعين إليه :
َ سِبيِلي أ َد ْ ُ
ن ات ّب َعَِني
مإ ِ عو إ َِلى اللهِ ع ََلى ب َ ِ
صيَرةٍ أَنا وَ َ ل هَذ ِهِ َ)قُ ْ
ن( )يوسف. (108: م ْ ْ َ
كي َشرِ ِ ن ال ُمإ َ
مإا أَنا ِنآ اللهِ وَ َ
حا َ سب ْ َ
وَ ُ
فلسنا نسأل الناس شيئا ،و ل نقتضيهم مإال ول نطالبهم بأجر ،ول
نستزيد بهم وجاهة ،ول نريد مإنهم جزاء ول شكورا ،إنآ أجرنا في
ذلك إل على الذي فطرنا.
عـاطــفة
و نحب أنآ يعلم قومإنا أنهم احب إلينا مإن أنفسنا ،و أنه حبيب إلى
هذه النفوس أنآ تذهب فداء لعزتهم إنآ كانآ فيها الفداء ،و أنآ
تزهق ثمنا لمجدهم و كرامإتهم و دينهم و آمإالهم إنآ كانآ فيها الغناء،
و مإا أوقفنا هذا الموقف مإنهم إل هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا
و مإلكت علينا مإشاعرنا ،فأقضت مإضاجعنا ،و أسالت مإدامإعنا ،و
إنه لعزيز علينا جد عزيز أنآ نرى مإا يحيط بقومإنا ثم نستسلم للذل
أو نرضى بالهوانآ أو نستكين لليأس ،فنحن نعمل للناس في سبيل
الله أكثر مإما نعمل لنفسنا ،فنحن لكم ل لغيركم أيها الحباب ،و
لن نكونآ عليكم في يوم مإن اليام.
وكم نتمنى – لو تنفع المنى – أنآ تتفتح هذه القلوب على مإرأى و
مإسمع مإن أمإتنا ،فينظر إخواننا هل يرونآ فيها إل حب الخير لهم و
الشفاق عليهم و التفاني في صالحهم ؟
وهل يجدونآ إل ألما مإضنيا مإن هذا الحال التي وصلنا إليها ؟ و لكن
حسبنا أنآ الله يعلم ذلك كله ،و هو وحده الكفيل بالتأييد الموفق
للتسديد ،بيده أزمإة القلوب و مإفاتيحها ،مإن يهد الله فل مإضل له و
مإن يضلل الله فل هادي له و هو حسبنا و نعم الوكيل .أليس الله
بكاف عبده؟
أصناف أربعة
و كل الذي نريده مإن الناس أنآ يكونوا أمإامإنا واحدا مإن أربعة :
مإؤمإـن :
إمإا شخص آمإن بدعوتنا و صدق بقولنا و أعجب بمبادئنا ،و رأى فيها
خيرا اطمأنت إليه نفسه ،و سكن له فؤاده ،فهذا ندعوه أنآ يبادر
بالنضمام إلينا و العمل مإعنا حتى يكثر به عدد المجاهدين و يعلوا
بصوته صوت الداعين ،و ل مإعنى ليمانآ ل يتبعه عمل ،و ل فائدة
في عقيدة ل تدفع صاحبها إلى تحقيقها و التضحية في سبيلها ،و
كذلك كانآ السابقونآ الولونآ مإمن شرح الله صدورهم لهدايته
فاتبعوا أنبيائه و آمإنوا برسالته و جاهدوا فيه حق جهاده ،و لهؤلء
مإن الله أجزل الجر و أنآ يكونآ لهم مإثل ثواب مإن اتبعوهم ل ينقص
ذلك مإن أجورهم شيئا.
مإتـردد :
نفـعي :
وإمإا شخص ل يريد أنآ يبذل مإعونته إل إذا عرف مإا يعود عليه مإن
فائدة و مإا يجره هذا البذل له مإن مإغنم فنقول له :حنانيك ليس
عندنا مإن جزاء إل ثواب الله إنآ أخلصت ،و الجنة إنآ علم فيك خيرا
،أمإا نحن فمغمورونآ جاها فقراء مإال ،شأننا التضحية بما مإعنا و
بذل مإا في أيدينا ،و رجاؤنا رضوانآ الله سبحانه و تعالى و هو نعم
المولى و نعم النصير ،فإنآ كشف الله الغشاوة عن قلبه و أزاح
كابوس الطمع عن فؤاده فسيعلم أنآ مإا عند الله خير و أبقى ،و
سينضم إلى كتيبة الله ليجود بما مإعه مإن عرض الحياة الدنيا لينال
ثواب الله في العقبى ،و مإا عندكم ينفد و مإا عند الله باق ,و إنآ
كانت الخرى فالله عني عمن ل يرى لله الحق الول في نفسه و
مإاله و دنياه و آخرته و مإوته و حياته ,و كذلك كانآ شأنآ قوم مإن
أشباهه حين أبوا مإبايعة رسول الله صلى الله عليه و سلم إل أنآ
يجعل لهم المإر مإن بعده ,فما كانآ جوابه صلى الله عليه و سلم إل
أنآ أعلمهم أنآ الرض لله يورثها مإن يشاء مإن عباده ,و العاقبة
للمتقين
مإتحامإـل :
و إمإا شخص أساء فينا ظنه و أحاطت بنا شكوكه ،فهو ل يرانا إل
بالمنظار السود القاتم ،و ل يتحدث عنا إل بلسانآ المتحرج
المتشكك ،و يأبى إل أنآ يلج في غروره و يسدر في شكوكه و يظل
مإع أوهامإه ،فهذا ندعو الله لنا و له أنآ يرينا الحق حقا و يرزقنا
اتباعه و الباطل باطل و يرزقنا اجتنابه ،و أنآ يلهمنا و إياه الرشد ،
ندعوه إنآ قبل الدعاء و نناديه إنآ أجاب النداء و ندعو الله فيه و هو
أهل الرجاء ،و لقد أنزل الله على نبيه الكريم في صنف مإن الناس
:
ك ل تهدي مإ َ
ن يَ َ
شاُء( )القصص: مإ ْ
دي َ
ه ي َهْ ِ ت وَل َك ِ ّ
ن الل َ حب َب ْ َ
نأ َْ ْ َْ ِ )إ ِن ّ َ
. (56
وهذا سنظل نحبه و نرجو فيئه إلينا و اقتناعه بدعوتنا ،و إنما شعارنا
مإعه مإا أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه و سلم مإن قبل :
)اللهم اغفر لقومإي فإنهم ل يعلمونآ(.
نحب أنآ يكونآ الناس مإعنا واحدا مإن هؤلء ،و قد حانآ الوقت الذي
يجب فيه على المسلم أنآ يدرك غايته و يحدد وجهته ،و يعمل لهذه
الوجهة حتى يصل إلى غايته المنشودة ،أمإا تلك الغفلة السادرة و
الخطرات اللهية و القلوب الساهية و النصياع العمى و اتباع كل
ناعق فما هو مإن سبيل المؤمإنين في شيء .
فــنـاء
و نحب أنآ يعلم قومإنا إلى جانب هذا أنآ هذه الدعوة ل يصلح لها إل
مإن حاطها مإن كل جوانبها و وهب لها مإا تكلفه إياه مإن نفسه و
مإاله و وقته و صحته ،قال تعالى :
َ َ
شيَرت ُك ُ ْ
م م وَع َ ِ جك ُ ْ م وَأْزَوا ُ وان ُك ُ ْ
خ َ م وَإ ِ ْ م وَأب َْناؤ ُك ُ ْ نآ آَباؤ ُك ُ ْ كا َ نآ َ ل إِ ْ )ق ُ ْ
َ
ضوْن ََهان ت َْر َ
ُ ساك ِمإ َ ها وَ َساد َ َنآ ك َ َ شوْ َ خ َ جاَرة ٌ ت َ ْ ها وَت ِ َ مو َ ل اقْت ََرفْت ُ ُ وا ٌ َ مإ
وَأ ْ
ْ َ
ي
حّتى ي َأت ِ َ صوا َ سِبيل ِهِ فَت ََرب ّ ُ جَهاد ٍ ِفي َ سول ِهِ وَ ِ ن اللهِ وََر ُ مإ َم ِ ب إ ِل َي ْك ُ ْ ح ّ أ َ
ن( )التوبة. (24: م ال ْ َ دي ال ْ َ َ
قي َ س ِفا ِ قوْ َ ه ل ي َهْ ِ مإرِهِ َوالل ُ ه ب ِأ ْ الل ُ
فهي دعوة ل تقبل الشركة إذ أنآ طبيعتها الوحدة فمن استعد لذلك
فقد عاش بها و عاشت به ،و مإن ضعف عن هذا العبء فسيحرم
ثواب المجاهدين و يكونآ مإع المخلفين و يقعد مإع القاعدين ،و
عّزةٍن أَ ِ مؤ ْ ِ
مإِني َ
َ
يستبدل الله لدعوته به قومإا آخرين )أذ ِل ّةٍ ع ََلى ال ْ ُ
كة لئ ِم ٍ ذ َل ِ َ نآ ل َوْ َ
مإ َ خاُفو َل اللهِ َول ي َ َ سِبي ِ
نآ ِفي َ
دو َ جاه ِ ُن يُ َ
ري َكافِ ِع ََلى ال ْ َ
شاُء( )المائدة. (54: ن يَ َ ل اللهِ ي ُؤ ِْتيهِ َ
مإ ْ فَ ْ
ض ُ
وضــوح
نحن ندعو الناس إلي )مإبدأ( ..مإبدأ واضح مإحدود مإسلم به مإنهم
جميعا ً ،هم جميعا ً يعرفونه ويؤمإنونآ به ويدينونآ بأحقيته ويعلمونآ
أنآ فيه خلصهم وإسعادهم وراحتهم ...مإبدأ أثبتت التجربة وحكم
التاريخ صلحيته للخلود وأهليته لصلح الوجود .
إيمانانآ
والفرق بيننا وبين قومإنا بعد اتفاقنا في اليمانآ بهذا المبدأ أنه
عندهم إيمانآ مإخدر نائم في نفوسهم ل يريدونآ أنآ ينزلوا علي
حكمه ول أنآ يعملونآ بمقتضاه ،علي حين أنه إيمانآ مإلتهب مإشتعل
قوي يقظ في نفوس الخوانآ المسلمين .ظاهرة نفسية عجيبة
نلمسها ويلمسها غيرنا في نفوسنا نحن الشرقيين أنآ نؤمإن بالفكرة
إيمانا يخيل للناس حين نتحدث إليهم عنا أنها ستحملنا علي نسف
الجبال وبذل النفس والمال واحتمال المصاعب ومإقارعة الخطوب
حتى ننتصر بها أو تنتصر بنا ،حتى إذا هدأت ثائرة الكلم وانفض
نظام الجمع نسي كل إيمانه وغفل عن فكرته ،فهو ل يفكر في
العمل لها ول بحدث نفسه بأنآ يجاهد أضعف الجهاد في سبيلها ،بل
إنه قد يبالغ في هذه الغفلة وهذا النسيانآ حتى يعمل علي ضدها
وهو يشعر أو ل يشعر ؟ أولست تضحك عجبا ً حين تري رجل ً مإن
رجال الفكر والعمل والثقافة في ساعتين اثنتين مإتجاورتين مإن
ساعات النهار مإلحدا ً مإع الملحدين وعابدا ً مإع العابدين ! .
دعــــوات
وإذنآ سأعود إلي أول كلمتي فأقول إنآ دعوة الخوانآ المسلمين
دعوة مإبدأ ،وفي الشرق والغرب اليوم دعوات ومإبادئ وفكر
ومإذاهب وآراء ومإنازع كلها تتقسم عقول الناس وتتنازع ألبابهم ،
وكل مإنها يزينه أهله ويقوم بالدعاية له أبناؤه وأتباعه وعشاقه
ومإريدوه ،ويدعونآ له المزايا والمحاسن ويبالغونآ في هذا الدعاء
مإا يبرزه للناس جميل ً خلبا ً رائعا ً .
دعاة
والدعاة اليوم غيرهم بالمإس فهم مإثقفونآ مإجهزونآ مإدربونآ
أخصائيونآ -ول سيما في البلد الغربية -حيث تختص بكل فكرة
كتيبة مإدربة توضح غامإضها وتكشف عن مإحاسنها وتبتكر لها وسائل
النشر وطرائق الدعاية ،وتتلمس لها في نفوس الناس أيسر
السبل وأهونها وأقربها إلي القتناع والتباع .
وســـائـل
و وسائل الدعاية النآ غيرها بالمإس كذلك ,فقد كانت دعاية
المإس كلمة تلقى في خطبة أو اجتماع أو كلمة تكتب في رسالة أو
خطاب ,أمإا النآ فنشرات و مإجلت و جرائد و رسالت و مإسارح و
خيالت و حاك و مإذياع ,و قد ذلل ذلك كله سبل الوصول إلى
قلوب الناس جميعهم ,نساء و رجال في بيوتهم و مإتاجرهم و
مإصانعهم و مإزارعهم
لهذا كانآ مإن واجب أهل الدعوة أنآ يحسنوا تلك الوسائل جميعا
حتى يأتي عملهم بثمرته المطلوبة
و مإالي و لهذا الستطراد ؟ سأعود مإرة ثانية فأقول إنآ العالم النآ
في حال تخمة بالدعوات مإا بين سياسية و قومإية و وطنية و
اقتصادية و عسكرية و سلمية ,فأين دعوة الخوانآ المسلمين مإن
هذا المزيج المركب كله ؟
ل تؤاخذني بهذا الستطراد فقد أخذت على نفسي أنآ اكتب في
كما أتحدث ,و أنآ أتناول مإوضوعي بهذا اللونآ مإن ألوانآ الكتابة في
غير تكلف ول عناء ,و إنما أريد أنآ يفهمني كما الناس أنا و يصل
كلمإي إلى نفوسهم خاليا مإن التزويق و التقسيم.
إســلمإـنا
اسمع يا أخي :دعوتنا دعوة أجمع مإا توصف به أنها ) إسلمإية ( و
لهذه الكلمة مإعنى واسع غير ذلك المعنى الضيق الذي يفهمه
الناس ،فإنا نعتقد أنآ السلم مإعنى شامإل ينتظم شؤونآ الحياة
جميعا ،و يفتي في كل شأنآ مإنها و يضع له نظامإا مإحكما دقيقا ،و ل
يقف مإكتوفا أمإام المشكلت الحيوية و النظم التي ل بد مإنها
لصلح الناس .فهم بعض الناس خطأ أنآ السلم مإقصور على
ضروب مإن العبادات أو أوضاع مإن الروحانية ،و حصروا أنفسهم و
أفهامإهم في هذه الدوائر الضيقة مإن دوائر الفهم المحصور.
و لكنا نفهم السلم على غير هذا الوجه فهما فسيحا واسعا ينتظم
شؤونآ الدنيا و الخرة ،و لسنا ندعي هذا ادعاء أو نتوسع فيه مإن
أنفسنا ،و إنما هو مإا فهمناه مإن كتاب الله و سيرة المسلمين
الولين ،فإنآ شاء القارئ أنآ يفهم دعوة الخوانآ بشيء أوسع مإن
كلمة إسلمإية فليمسك بمصحفه و ليجرد نفسه مإن الهوى و الغاية
ثم يتفهم مإا عليه القرآنآ فسيرى في ذلك دعوة الخوانآ.
أجل :دعوتنا إسلمإية ،بكل مإا تحتمل الكلمة مإن مإعانآ ،فافهم
فيها مإا شئت بعد ذلك و أنت في فهمك هذا مإقيد بكتاب الله و سنة
رسوله و سيرة السلف الصالحين مإن المسلمين ،فأمإا كتاب الله
فهو أساس السلم و دعامإته و أمإا سنة نبيه فهي مإبينة الكتاب و
شارحته و أمإا سيرة السلف الصالح فهم رضوانآ الله عليهم مإنفذو
أوامإره و الخذونآ بتعاليمه و هم المثل العملية و الصورة الماثلة
لهذه الوامإر و التعاليم.
الوطنية
افتتن كثير مإن الناس بدعوة الوطنية تارة و القومإية تارة أخرى و
بخاصة في الشرق حيث تشعر الشعوب الشرقية بإساءة الغرب
إليها إساءة نالت مإن عزتها و كرامإتها و استقللها و أخذت مإن مإالها
و مإن دمإها و حيث تتألم هذه الشعوب مإن هذا النير الغربي الذي
فرض عليها فرضا ,فهي تحاول الخلصا مإنه بكل مإا في و سعها
مإن قوة و مإنعة و جهاد و جلد ,فانطلقت ألسن الزعماء و سالت
انهار الصحف ,و كتب الكاتبونآ و خطب الخطباء و هتف الهاتفونآ
باسم الوطنية و جلل القومإية
حسن ذلك و جميل و لكن مإن غير الحسن وغير الجميل أنك تحاول
إفهام الشعوب الشرقية و هي مإسلمة أنآ ذلك في السلم بأوفى
وأزكى و أسمى و أنبل مإما هو في أفواه الغربيين و كتابات
الوروبيين أبوا ذلك عليك و لجوا في تقليدهم يعمهونآ ,و زعموا
لك أنآ السلم مإن ناحية و هذه الفكرة مإن ناحية أخرى ،و ظن
بعضهم أنآ ذلك مإما يفرق وحدة المإة و يضعف رابطة الشباب
هذا الوهم الخاطئ كانآ خطرا على الشعوب الشرقية مإن كل
الوجهات و بهذا الوهم أحببت أنآ أعرض هنا إلى مإوقف الخوانآ
المسلمين و دعوتهم مإن فكرة الوطنية و ذلك الموقف الذي
ارتضوه لنفسهم و الذي يريدونآ و يحاولونآ أنآ يرضاه الناس مإعهم
.
وطنية الحنين
إنآ كانآ دعاة الوطنية يريدونآ بها حب هذه الرض ،وألفتها والحنين
إليها والنعطاف حولها ،فذلك أمإر مإركوز في فطر النفوس مإن
جهة ،مإأمإور به في السلم مإن جهة أخرى ،وإنآ بلل الذي ضحى
بكل شيء في سبيل عقيدته ،ودينه هو بلل الذي كانآ يهتف في دار
الهجرة بالحنين إلى مإكة في أبيات تسيل رقة وتقطر حلوة:
وإنآ كانوا يريدونآ أنآ مإن الواجب العمل بكل جهد في تحرير الوطن
مإن الغاصبين وتوفير استقلله ،وغرس مإبادئ العزة والحرية في
نفوس أبنائه ،فنحن مإعهم في ذلك أيضا وقد شدد السلم في ذلك
أبلغ التشديد ،فقال تبارك وتعالىَ) :وللهِ ال ْعِّزة ُ وَل َِر ُ
سول ِهِ
نآ( )المنافقونآ ، (8:ويقول: مو َ ن ل ي َعْل َ ُ
قي َ ن ال ْ ُ
مَنافِ ِ ن وَل َك ِ ّ مؤ ْ ِ
مإِني َ وَل ِل ْ ُ
سِبيل ً( )النساء. (141: ن َ مإِني َ ن ع ََلى ال ْ ُ
مؤ ْ ِ ري َ ه ل ِل ْ َ
كافِ ِ ل الل ُ جع َ َ
ن يَ ْ )وَل َ ْ
وطنية المجتمع
وإنآ كانوا يريدونآ بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد،
وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مإصالحهم ،فذلك
نوافقهم فيه أيضا ويراه السلم فريضة لزمإة ،فيقول نبيه صلى
الله عليه وسلم ) :وكونوا عباد الله إخوانا( ,ويقول القرآنآ الكريم:
ْ َ
خَبال ً وَ ّ
دوا م ل ي َأُلون َك ُ ْ
م َ دون ِك ُ ْن ُمإ ْ
ة ِ ذوا ب ِ َ
طان َ ً خ ُ مإُنوا ل ت َت ّ ِنآ َ )َيا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
خفي صدورهُ َ مإا ع َن ِتم قَد بدت ال ْبغْضاُء مإ َ
م أك ْب َُر قَد ْ
ُ ُ ُ ْ مإا ت ُ ْ ِ
م وَ َواه ِهِ ْ ن أف ْ َ
ِ ْ ّ ْ ْ َ َ ِ َ َ َ
نآ( )آل عمرانآ. (118: ُ
قلو َ م ت َعْ ِ ُ
نآ كن ْت ُ ْ
ت إِ ْ
م اليا ِ ُ َ
ب َي ّّنا لك ُ
وطنية الفتح
وإنآ كانوا يريدونآ بالوطنية فتح البلد وسيادة الرض فقد فرض
ذلك السلم ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح ،فذلك
ن للهِ(
دي ُ
نآ ال ّ ة وَي َ ُ
كو َ نآ فِت ْن َ ٌ حّتى ل ت َ ُ
كو َ قوله تعالى) :وََقات ُِلوهُ ْ
م َ
)البقرة.(193:
وطنية الحزبية
حدود وطنيتنا
أمإا وجه الخلف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة
وهم يعتبرونها بالتخوم الرضية والحدود الجغرافية ,فكل بقعة فيها
مإسلم يقول ) ل إله إل الله مإحمد رسول الله ( وطن عندنا له
حرمإته و قداسته و حبه و الخلصا له و الجهاد في سبيل خيره ,و
كل المسلمين في هذه القطار الجغرافية أهلنا و إخواننا نهتم لهم و
نشعر بشعورهم و نحس بإحساسهم .
غاية وطنيتنا
هذه واحدة .والثانية أنآ الوطنيين فقط ،جل مإا يقصدونآ إليه
تخليص بلدهم فإذا مإا عملوا لتقويتها بعد ذلك اهتموا بالنواحي
المادية كما تفعل أوربا النآ ،أمإا نحن فنعتقد أنآ المسلم في عنقه
أمإانة عليه أنآ يبذل نفسه ودمإه ومإاله في سبيل أدائها تلك هداية
البشر بنور السلم ,و رفع علمه خفاقا في كل ربوع الرض ,ل
يبغي بذلك مإال و ل جاها و سلطاننا على أحد و ل استعبادا لشعب ,
و إنما يبغي وجه الله وحده و إسعاد العالم بدينه و إعلء كلمته ,و
ذلك مإا حدا بالسلف الصالحين رضوانآ الله عليهم إلى هذه الفتوح
القدسية التي أدهشت الدنيا و أربت على كل مإا عرف التاريخ مإن
سرعة و عدل ونبل و فضل .
وحدة :
و أحب أنآ أنبهك إلى سقوط ذلك الزعم القائل إنآ الجري عن هذا
المبدأ يمزق وحدة المإة التي تتألف مإن عناصر دينية مإختلفة ,فإنآ
السلم و هو دين الوحدة و المساواة كفل هذه الروابط بين الجميع
ن لَ ْ
م ذي َ ن ال ّ ِه َع َ ِ
م الل ُ مإا دامإوا مإتعاونين على الخير ) ,ل ي َن َْهاك ُ ُ
س ُ
طوا م وَت ُقْ ِنآ ت َب َّروهُ ْ
مأ ْ ن د َِيارِك ُ ْ
مإ ْ م ِجوك ُ ْخرِ ُ
م يُ ْن وَل َ ْ قات ُِلوك ُ ْ
دي ِ
م ِفي ال ّ يُ َ
ن( )الممتحنة , (8:فمن أين يأتي طي َس ِ ق ِم ْ ْ
ب ال ُ ح ّه يُ ِ
نآ الل َ إ ِل َي ْهِ ْ
م إِ ّ
التفريق إذًا؟
أفرأيت بعد كيف أننا مإتفقونآ مإع أشد الناس غلوا في الوطنية في
حب الخير للبلد و الجهاد في سبيل في سبيل تخليصها و خيرها و
ارتقائها ,و نعمل و نؤيد كل مإن يسعى في ذلك بإخلصا ,بل أحب
أنآ تعلم أنآ مإهمتهم إنآ كانت تنتهي بتحرير الوطن و استرداد مإجده
فإنآ ذلك عند الخوانآ المسلمين بعض الطريق فقط أو مإرحلة مإنه
واحدة و يبقى بعد ذلك أنآ يعملوا لترفع راية الوطن السلمإي على
كل بقاع الرض و يخفق لواء المصحف في كل مإكانآ .
القـومإـية
و النآ سأتحدث إليك عن مإوقفنا مإن مإبدأ القومإية :
قومإية المجد
قومإية المإة
وإذا قصد بالقومإية أنآ عشيرة الرجل وأمإته أولى الناس بخيره وبره
وأحقهم بإحسانه وجهاده فهو حق كذلك ،ومإن ذا الذي ل يرى أولى
الناس بجهوده قومإه الذين نشأ فيهم ونما بينهم؟
عليه وإنآ عالوا به كل مإركب لعمري لرهط المرء خير بقية
القومإية الجاهلية
أمإا أنآ يراد بالقومإية إحياء عادات جاهلية درست ،وإقامإة ذكريات
بائدة خلت وتعفية حضارة نافعة استقرت ،والتحلل مإن عقدة
السلم ورباطه بدعوى القومإية والعتزاز بالجنس ،كما فعلت بعض
الدول في المغالة بتحطيم مإظاهر السلم والعروبة ،حتى السماء
وحروف الكتابة وألفاظ اللغة ،وإحياء مإا اندرس مإن عادات جاهلية،
فذلك في القومإية مإعنى ذمإيم وخيم العاقبة وسيئ المغبة ،يؤدي
بالشرق إلى خسارة فادحة يضيع مإعها تراثه وتنحط بها مإنزلته
ويفقد أخص مإميزاته وأقدس مإظاهر شرقه ونبله ،ول يضر ذلك
م ل يَ ُ
كوُنوا ومإا ً غ َي َْرك ُ ْ
م ثُ ّ ل قَ ْ
ست َب ْد ِ ْ نآ ت َت َوَل ّ ْ
وا ي َ ْ دين الله شيئا ) :وَإ ِ ْ
َ
م( )مإحمد. (38: مإَثال َك ُ ْ
أ ْ
قومإية العدوانآ
وأمإا أنآ يراد بالقومإية العتزاز بالجنس إلى درجة تؤدي إلى انتقاصا
الجناس الخرى والعدوانآ عليها والتضحية بها في سبيل عزة أمإة
وبقائها ،كما تنادي بذلك ألمانيا وإيطاليا مإثل ،بل كما تدعي كل أمإة
تنادي بأنها فوق الجميع.فهذا مإعنى ذمإيم كذلك ليس مإن النسانية
في شيء ،ومإعناه أنآ يتناحر الجنس البشري في سبيل وهم مإن
الوهام ل حقيقة له ول خير فيه.
دعامإتانآ
خواصا العروبة:
ولسنا مإع هذا ننكر خواصا المإم ومإميزاتها الخلقية ،فنحن نعلم أنآ
لكل شعب مإميزاته وقسطه مإن الفضيلة والخلق ،ونعلم أنآ
الشعوب في هذا تتفاوت وتتفاضل ،ونعتقد أنآ العروبة لها مإن ذلك
النصيب الوفى والوفر ،ولكن ليس مإعنى هذا أنآ تتخذ الشعوب
هذه المزايا ذريعة إلى العدوانآ ،بل عليها أنآ تتخذ ذلك وسيلة إلى
تحقيق المهمة السابقة التي كلفها كل شعب ،تلك هي النهوض
بالنسانية ،ولعلك لست واجدا في التاريخ مإن أدرك هذا المعنى مإن
شعوب الرض كما أدركته تلك الكتيبة العربية مإن صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم .
رباط العقيدة
قسم اعتقد مإا اعتقدوه مإن دين الله و كتابه و آمإن ببعثه و رسوله و
مإا جاء به ،و هؤلء تربطنا بهم أقدس الروابط ،رابطة العقيدة و
هي عندنا أقدس مإن رابطة الدم و رابطة الرض ,فهؤلء هم قومإنا
ن إليهم ونعمل في سبيلهم و نذود عن حماهم و القربونآ الذين نح ّ
نفتديهم بالنفس و المال ,في أي أرض كانوا و مإن أية سللة
انحدروا .
مجوك ُ ْخرِ ُم يُ ْن وَل َ ْ دي ِم ِفي ال ّ قات ُِلوك ُ ْ
م يُ َ ن لَ ْ ن ال ّ ِ
ذي َ ه عَ ِ م الل ُ ) – 2ل ي َن َْهاك ُ ُ
مإن ديارك ُ َ
ن,طي َس ِ ق ِ م ْب ال ْ ُح ّ ه يُ ِ
نآ الل َ طوا إ ِل َي ْهِ ْ
م إِ ّ س ُ ق ِ م وَت ُ ْ نآ ت َب َّروهُ ْمأ ْ ِ ْ َِ ِ ْ
ُ ُ َ ُ ُ ّ
م
ن د َِيارِك ْ مإ ْ
م ِ جوك ْ خَر ُ ن وَأ ْدي ِ
م ِفي ال ّ ن َقات َلوك ْ ذي َ ن ال ِ ه عَ ِ م الل ُ ما ي َن َْهاك ُ ُإ ِن ّ َ
م( )الممتحنة. (9-8: ّ َ ُ َ َ
نآ ت َوَلوْهُ ْ مأ ْ جك ْ خَرا ِوَظاهَُروا ع َلى إ ِ ْ
نجمع ول نفرق
اعلم ـ فقهك الله ـ أول :أنآ دعوة الخوانآ المسلمين دعوة عامإة ل
تنتسب إلى طائفة خاصة ،ول تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلونآ
خاصا ومإستلزمإات وتوابع خاصة ،وهي تتوجه إلى صميم الدين
ولبه ،وتود أنآ تتوحد وجهة النظار والهمم حتى يكونآ العمل أجدى
والنتاج أعظم وأكبر ،فدعوة الخوانآ دعوة بيضاء نقية غير مإلونة
بلونآ ،وهي مإع الحق أينما كانآ ،تحب الجماع ،وتكره الشذوذ وإنآ
أعظم مإا مإني به المسلمونآ الفرقة والخلف ،وأساس مإا انتصروا
به الحب والوحدة .ولن يصلح آخر هذه المإة إل بما صلح به أولها،
هذه قاعدة أساسية وهدف مإعلوم لكل أخ مإسلم ،وعقيدة راسخة
في نفوسنا ،نصدر عنها وندعو إليها.
الخلف ضروري
ونحن مإع هذا نعتقد أنآ الخلف في فروع الدين أمإر ل بد مإنه
ضرورة ،ول يمكن أنآ نتحد في هذه الفروع والراء والمذاهب
لسباب عدة :مإنها اختلف العقول في قوة الستنباط أو ضعفه،
وإدراك الدلئل والجهل بها والغوصا على أعماق المعاني ،وارتباط
الحقائق بعضها ببعض ،والدين آيات وأحاديث ونصوصا يفسرها
العقل والرأي في حدود اللغة وقوانينها ،والناس في ذلك جد
مإتفاوتين فل بد مإن خلف.
ومإنها سعة العلم وضيقه ،وإنآ هذا بلغه مإا لم يبلغ ذاك والخر شأنه
كذلك ،وقد قال مإالك لبي جعفر :إنآ أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم تفرقوا في المإصار وعند كل قوم علم ،فإذا حملتهم
على رأي واحد تكونآ فتنة.
ومإنها اختلف الطمئنانآ القلبي إلى الرواية عند التلقين لها ،فبينما
نجد هذا الراوي ثقة عند هذا المإام تطمئن إليه نفسه وتطيب بالخذ
به ،تراه مإجروحا عند غيره لما علم عن حاله.
ومإنها اختلف تقدير الدللت فهذا يعتبر عمل الناس مإقدمإا على
حبر الحاد مإثل ،وذاك ل يقول مإعه به ،وهكذا..
نعتذر لمخالفينا:
نعتقد هذا فنلتمس العذر لمن يخالفوننا في بعض الفرعيات ،ونرى
أنآ هذا الخلف ل يكونآ أبدا حائل دونآ ارتباط القلوب وتبادل الحب
والتعاونآ على الخير ،وأنآ يشملنا وإياهم مإعنى السلم السابغ
بأفضل حدوده ،وأوسع مإشتملته ،ألسنا مإسلمين وهم كذلك؟
وألسنا نحب أنآ ننزل على حكم اطمئنانآ نفوسنا وهم يحبونآ ذلك؟
وألسنا مإطالبين بأنآ نحب لخواننا مإا نحب لنفسنا؟ ففيم الخلف
إذنآ؟ ولماذا ل يكونآ رأينا مإجال للنظر عندهم كرأيهم عندنا؟ ولماذا
ل نتفاهم في جو الصفاء والحب إذا كانآ هناك مإا يدعو إلى التفاهم؟
هؤلء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانآ يخالف بعضهم
بعضا في الفتاء فهل أوقع ذلك اختلفا بينهم في القلوب؟ وهل
فرق وحدتهم أو فرق رابطتهم؟ اللهم ل ومإا حديث صلة العصر في
قريظة ببعيد.
وإذا كانآ هؤلء قد اختلفوا وهم أقرب الناس عهدا بالنبوة وأعرفهم
بقرائن الحكام ،فما بالنا نتناحر في خلفات تافهة ل خطر لها؟ وإذا
كانآ الئمة وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله قد اختلف
بعضهم مإع بعض وناظر بعضهم بعضا ،فلم ل يسعنا مإا وسعهم؟ وإذا
كانآ الخلف قد وقع في أشهر المسائل الفرعية وأوضحها كالذانآ
الذي ينادى به خمس مإرات في اليوم الواحد ،ووردت به النصوصا
والثار ،فما بالك في دقائق المسائل التي مإرجعها إلى الرأي
والستنباط؟
وثم أمإر آخر جدير بالنظر ،إنآ الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا إلى
)الخليفة( وشرطه المإامإة ،فيقضي بينهم ويرفع حكمه الخلف ،أمإا
النآ فأين الخليفة؟ وإذا كانآ المإر كذلك فأولى بالمسلمين أنآ
يبحثوا عن القاضي ،ثم يعرضوا قضيتهم عليه ،فإنآ اختلفهم مإن
غير مإرجع ل يردهم إل إلى خلف آخر.
إلـى العـلج
يا أخي :اعلم و تعلم أنآ مإثل المإم في قوتها و ضعفها و شبابها و
شيخوختها و صحتها و سقمها مإثل الفراد سواء بسواء ,فالفرد
بينما تراه قويا مإعافى صحيحا سليما ,فإذا بك تراه قد انتابته العلل
دت بنيته القوية المإراض و اللم ,و ل و أحاطت به السقام و ه ّ
يزال يشكو و يئن حتى تتداركه رحمة الله تبارك و تعالى بطبيب
مإاهر و نطاسي بارع يعلم مإوطن العلة و يحسن تشخيصها حتى و
يتعرف مإوضع الداء و يخلص في علجه ,فإذا بك بعد حين ترى هذا
المريض و قد عادت إليه قوته و رجعت إليه صحته ,ربما كانآ بعد
هذا العلج خيرا مإن قبله .
قل مإثل هذا في المإم تمامإا ,تعترضها حوادث الزمإن بما يهدد
كيانها و يصدع بنيانها و يسري في مإظاهر قوتها سريانآ الداء ,و ل
يزال يلح عليها و يتشبث بها حتى ينال مإنها فتبدو هزيلة ضعيفة
يطمع فيها الطامإعونآ و ينال مإنها الغاصبونآ فل تقوى على رد
غاصب و ل تمنع مإن مإطامإح طامإح ,و علجها إنما يكونآ بأمإور ثلثة
:مإعرفة مإوطن الداء ,و الصبر على آلم العلج ,و النطاسي الذي
يتولى ذلك حتى يحقق اله على يديه الغاية و يتمم الشفاء و الظفر .
العــراض
و قد علمتنا التجارب و عرفتنا الحوادث أنآ داء هذه المإم الشرقية
مإتشعب المناحي كثير العراض قد نال مإن كل مإظاهر حياتها ,
فهي مإصابه في ناحيتها السياسية بالستعمار مإن جانب أعدائها ,و
الحزبية و الخصومإة و الفرقة و الشتات مإن جانب أبنائها ,و في
ناحيتها القتصادية بانتشار الربا بين كل طبقاتها و استيلء الشركات
الجنبية على مإواردها و خيراتها ,و هي مإصابة مإن الناحية الفكرية
بالفوضى و المروق و اللحاد يهدم عقائدها و يحطم المثل العليا
في نفوس أبنائها ,و في ناحيتها الجتماعية بالباحية في عاداتها و
أخلقها و التحلل مإن عقدة الفضائل ورثتها عن الغر الميامإين مإن
أسلفها و بالتقليد الغربي يسري في مإناحي حياتها سريانآ لعاب
الفاعي فيسمم دمإائها و يعكر صفو هنائها و بالقوانين الوضعية
التي ل تزجر مإجرمإا و ل تؤدب مإعتديا و ل ترد ظالما ,و ل تغني يومإا
مإن اليام غناء القوانين السماوية التي وضعها خالق الخلق و مإالك
الملك و رب النفوس و بارئها ,و بفوضى في سياسة التعليم و
التربية تحول دونآ التوجيه الصحيح لنشئها و رجال مإستقبلها و
حملة أمإانة النهوض بها ,و في ناحيتها النفسية بيأس قاتل و خمول
مإميت و جبن فاضح و ذلة حقيرة و خنوثة فاشية و شح و أنانية تكف
اليدي عن البذل و تقف حجابا دونآ التضحية و تخرج المإة مإن
صفوف المجاهدين إلى اللهين اللعبين .
ومإاذا يرجى مإن أمإة اجتمعت على غزوها كل هذه العوامإل بأقوى
مإظاهرها و أشد أعراضها :الستعمار و الحزبية ,و الربا و
الشركات الجنبية ,و اللحاد و الباحية و فوضى التعليم و التشريع
,و اليأس و الشح ,و الخنوثة و الجبن ,و العجاب بالخصم إعجابا
يدعو إلى تقليده في كل مإا صدر عنه و بخاصة في سيئات أعماله .
إنآ داء واحدا مإن هذه الدواء يكفي لقتل أمإم مإتظاهرة ,فكيف و
قد تفشت جميعا في كل أمإة على حدة ؟ لول مإناعة و حصانة و
جلدة و شدة في هذه المإم الشرقية التي جاذبها خصومإها حبل
العداء مإن بعيد ,و دأبوا على تلقيحها بجراثيم هذه المإراض زمإنا
طويل حتى باضت و أفرخت ,لول ذلك لعفت آثارها و لبادت مإن
الوجود ,و لكن يأبى الله ذلك و المؤمإنونآ .
أمإل و شعور
أحب أنآ تعلم يا أخي أننا لسنا يائسين مإن أنفسنا و أننا نأمإل خيرا
كثيرا و نعتقد أنه ل يحول بيننا و بين النجاح إل هذا اليأس ،فإذا قوي
المإل في نفوسنا فسنصل إلى خير كثير إنآ شاء الله تعالى ،لهذا
نحن لسنا يائسين و ل يتطرق إلى قلوبنا و الحمد لله.
و كل مإا حولنا يبشر بالمإل رغم تشاؤم المتشائمين ،إنك إذا دخلت
على مإريض فوجدته تدرج مإن كلم إلى صمت ومإن حركة إلى
سكونآ شعرت بقرب نهايته و عسر شفائه و استفحال دائه ،فإذا
انعكس المإر وأخذ يتدرج مإن صمت إلى كلم و مإن همود إلى
حركة شعرت بقرب شفائه و تقدمإه في طريق الصحة والعافية .و
لقد أتى على هذه المإم الشرقية حين مإن الدهر جمدت فيه حتى
مإلها الجمود وسكنت حتى أعياها السكونآ و لكنها النآ تغلي غليانا
بيقظة شامإلة في كل مإناحي الحياة ،وتضطرم اضطرامإا بالمشاعر
الحية القوية و الحاسيس العنيفة .و لول ثقل القيود مإن جهة
والفوضى في التوجيه مإن جهة أخرى لكانآ لهذه اليقظة أروع الثار،
و لن تظل هذه القيود قيودا أبد الدهر فإنما الدهر قلب ،و مإا بين
طرفة عين و انتباهتها يغير الله مإن حال إلى حال ،و لن يظل الحائر
حائرا فإنما بعد الحيرة هدى و بعد الفوضى استقرار ،ولله المإر
مإن قبل ومإن بعد .
لهذا لسنا يائسين أبدا ,و آيات الله تبارك و تعالى و أحاديث رسوله
صلى اله عليه و سلم وسنته تعالى في تربية المإم وإنهاض
الشعوب بعد أنآ تشرف على الفناء ,و مإا قصه علينا في كتابه ,
كل ذلك ينادينا بالمإل الواسع ,و يرشدنا إلى طريق النهوض و لقد
علم المسلونآ – لو يتعلمونآ . -
سى مإو َن ن َب َأ ِ ُ مإ ْك ِ ن ,ن َت ُْلو ع َل َي ْ َ ِ مِبي ب ال ْ ُ ت ال ْك َِتا ِ ك آَيا ُ )طسم ,ت ِل ْ َ
َ
جعَ َ
ل ض وَ َ عل ِفي الْر ِ نآ َ نآ فِْرع َوْ َ نآ ,إ ِ ّ مإُنو َ قوْم ٍ ي ُؤ ْ ِ حق ّ ل ِ َ نآ ِبال ْ َوَفِْرع َوْ َ
َ ف َ َ
م
ساءَهُ ْ
حِيي ن ِ َ ست َ ْ م وَي َ ْ ح أب َْناءَهُ ْ م ي ُذ َب ّ ُ مإن ْهُ ْ ة ِ ف ًطائ ِ َ ضع ِ ُ ست َ ْشَيعا ً ي َ ْ أهْل ََها ِ
َ
فوا ِفي ضع ِ ُ
ست ُ ْ نا ْ ذي َ ن ع ََلى ال ّ ِ م ّ نآ ن َ ُريد ُ أ ْ ن ,وَن ُ ِ دي َ س ِ ف ِ ن ال ْ ُ
م ْ مإ َنآ ِ ه َ
كا َ إ ِن ّ ُ
َ َ َ
ض
م ِفي الْر ِ ن ل َهُ ْمك ّ َ ن ,وَن ُ َ وارِِثي َ م ال ْ َ جعَل َهُ ُ ة وَن َ ْ م ًم أئ ِ ّ جعَل َهُ ْ ض وَن َ ْ الْر ِ
نآ( )القصص: حذ َُرو َ كاُنوا ي َ ْ مإا َ م َ مإن ْهُ ْما ِ جُنود َهُ َ نآ وَ ُ مإا َ ها َ نآ وَ َ وَن ُرِيَ فِْرع َوْ َ
. (6-1
تقرأ هذه الية الكريمة فترى كيف يطغى الباطل في صولته و يعتز
بقوته ،و يطمئن إلى جبروته و يغفل عن عين الحق التي ترقبه،
حتى إذا فرح بما أوتي أخذه الله أخذ عزيز مإقتدر ،و أبت إرادة الله
إل أنآ تنتصر للمظلومإين و تأخذ بناصر المهضومإين المستضعفين
فإذا الباطل مإنهار مإن أساسه و إذا الحق قائم البنيانآ مإتين الركانآ
وإذا أهله هم الغالبونآ ،وليس بعد هذه الية الكريمة وأمإثالها مإن
آيات كتاب الله عذر في اليأس والقنوط لمإة مإن أمإم السلم تؤمإن
بالله ورسوله وكتابه .فمتى يتفقه المسلمونآ في كتاب الله ؟
أمإا الوسيلة التي وعدتك الكلم عليها فهي أركانآ ثلثة تدور عليها
فكرة الخوانآ:
أولها_ المنهاج الصحيح :وقد وجده الخوانآ في كتاب الله و سنة
رسوله و أحكام السلم حين يفهمها المسلمونآ على وجهها غضة
نقية بعيدة عن الدخائل و المفتريات فعكفوا على دراسة السلم
على هذا الساس دراسة سهلة واسعة مإستوعبة.
هذا مإا أردت أنآ أتحدث به إليك عن دعوتنا و هو تعبير له تعبير ،و
أنت يوسف هذه الحلم ،فإنآ راقك مإا نحن عليه فيدك مإع أيدينا
لنعمل سويا في هذا السبيل و الله و لي توفيقنا و هو حسبنا و نعم
الوكيل فنعم المولى و نعم النصير.
رأيت ذلك مإرات و لمسته مإن عدة مإواقف ,و اعتقد أنآ السر فيه
ل يعدوا أحد أمإرين :
إمإا أنآ الذي يقيس به كل مإنا و مإا يسمع عنه مإختلف ,فيختلف تبعا
لذلك الفهم و الدراك ,و إمإا أنآ يكونآ القول في ذاته مإلتبسا
غامإضا و إنآ اعتقد قائله أنه واضح مإكشوف .
المقياس
و أنا أريد في هذه الكلمة أنآ أكشف للناس عن دعوة الخوانآ
المسلمين و غايتها و مإقاصدها و أساليبها و وسائلها في صراحة و
وضوح و في بيانآ و جلء ,و أحب أول أنآ أحدد المقياس الذي
نقيس به هذا التوضيح ,و سأجتهد في أنآ يكونآ القول سهل
مإيسورا ل يتعذر فهمه على قارئ يحب أنآ يستفيد ,و أظن أنآ أحدا
مإن المإة السلمإية جميعا ل يخالفني في أنآ يكونآ هذا المقياس هو
كتاب الله نستقي مإن فيضه و نستمد مإن بحره و نرجع إلى حكمه .
إنآ القرآنآ الكريم كتاب جامإع جمع الله فيه أصول العقائد و أسس
المصالح الجتماعية ,و كليات الشرائع الدنيوية ,فيه أوامإر وفيه
نواه ,فهل عمل المسلمونآ بما في القرآنآ فاعتقدوا و أيقنوا بما
ذكر الله مإن المعتقدات ,و فهموا مإا أوضح لهم مإن الغايات ؟ و هل
طبقوا شرائعه الجتماعية و الحيوية على تصرفاتهم في شؤونآ
حياتهم ؟ إنآ انتهينا مإن بحثنا أنهم كذلك فقد وصلنا مإعا إلى الغاية ,
و إنآ تكشف البحث عن بعدهم عن طريق القرآنآ و إهمالهم
لتعاليمه و أوامإره فاعلم أنآ مإهمتنا أنآ نعود بأنفسنا و بمن تبعنا إلى
هذا السبيل
طيرِ
قَنا ِ ن َوال ْ َ
ساء َوال ْب َِني َ ن الن ّ َ مإ َ
ت ِ وا ِ ب ال ّ
شهَ َ ح ّس ُ ن ِللّنا ِ )ُزي ّ َ
َ
ث مإةِ َوالن َْعام ِ َوال ْ َ
حْر ِ سوّ َ م َ ل ال ْ ُ ضةِ َوال ْ َ
خي ْ ِ ف ّب َوال ْ ِن الذ ّهَ ِ قنط ََرةِ ِ
مإ َ م َال ْ ُ
ب( )آل عمرانآ(14: ن ال ْ َ
مآَ ِ س ُح ْ عند َه ُ ُ ه ِ مإَتاع ُ ال ْ َ
حَياةِ الد ّن َْيا َوالل ُ ك َ ذ َل ِ َ
وبين أنآ قومإا آخرين شأنهم في الحياة إيقاد الفتن و إحياء الشرور ,
أولئك الذين قال الله فيهم:
ه ع ََلى َ
مإا شهِد ُ الل َ ه ِفي ال ْ َ
حَياةِ الد ّن َْيا وَي ُ ْ ك قَوْل ُ ُ
جب ُ َ
مإن ي ُعْ ِ س َ ن الّنا ِ مإ َ) وَ ِ
سد َ فِي َِها َ ّ صام ِ ,وَإ ِ َ ْ َ َ ْ َ
ف ِ
ض ل ِي ُ ْ
سَعى ِفي الْر ِ ذا ت َوَلى َ خ َ ِفي قلب ِهِ وَهُوَ ألد ّ ال ِ
ساد َ( )البقرة(205-204: ف َ ب ال َ ح ّ َ
ل َوالله ُل ي ُ ِ س َ ث َوالن ّ ْ ك ال ْ َ
حْر َ وَي ُهْل ِ َ
تلك مإقاصد مإن مإقاصد الناس في الحياة نزه الله المؤمإنين عنها و
برأهم مإنها و كلفهم مإهمة أرقى ,و ألقى على عاتقهم واجبا أسمى
ذلك الواجب هو :هداية الناس إلى الحق ,و إرشاد الناس جميعا
إلى الخير ,و إنارة العالم كله بشمس السلم فذلك قوله تبارك و
تعالى :
م َوافْعَُلوا ال ْ َ َ
خي َْر دوا َرب ّك ُ ْ دوا َواع ْب ُ ُ ج ُس ُمإُنوا اْرك َُعوا َوا ْ نآ َ ذي َ)َيا أي َّها ال ّ ِ
لجعَ َ مإا َ م وَ َ جت ََباك ُ ْ جَهاد ِهِ هُوَ ا ْ حق ّ ِ دوا ِفي اللهِ َ جاه ِ ُ نآ ,وَ َ حو َ فل ِ ُم تُ ْ ل َعَل ّك ُ ْ
َ
ن
سِلمي َ م ْ م ال ْ ُماك ُ ُ س ّم هُوَ َ هي َ م إ ِب َْرا ِة أِبيك ُ ْمإل ّ َ
ج ّحَر ٍ ن َ مإ ْ ن ِ دي ِ م ِفي ال ّ ع َل َي ْك ُ ْ
داء شه َ َكوُنوا ُ م و َت َ ُ دا ع َل َي ْك ُ ْ شِهي ً ل َ سو ُ نآ الّر ُ كو َ ذا ل ِي َ ُ ل وَِفي هَ َ مإن قَب ْ ُ ِ
م ُ َ َ َ َ
ولك ْ مإ ْموا ِباللهِ هُوَ َ ص ُ صلة َ َوآُتوا الّزكاة َ َواع ْت َ ِ موا ال ّ س فأِقي ُ ع َلى الّنا ِ
صيُر( )الحج.(78-77: م الن ّ ِ موَْلى وَن ِعْ َ م ال ْ َ فَن ِعْ َ
و مإعنى هذا أنآ القرآنآ الكريم يقيم المسلمين أوصياء على البشرية
القاصرة ,و يعطيهم حق الهيمنة و السيادة على الدنيا لخدمإة هذه
الوصاية النبيلة و إذا فذلك مإن شأننا ل مإن شأنآ الغرب و لمدنية
السلم ل لمدنية المادة .
وصاية المسلم تضحية ل استفادة
ثم بين الله تبارك و تعالى أنآ المؤمإن في سبيل هذه الغاية قد باع
لله نفسه و مإاله فليس له فيها شيء و إنما هي وقف على نجاح
هذه الدعوة وإيصالها إلى قلوب الناس و ذلك قوله تعالى :
َ َ ن َأن ُ
ة(
جن ّ َ نآ ل َهُ ُ
م ال َ وال َُهم ب ِأ ّ
مإ َ
م وَأ ْ
سهُ ْ
ف َ مإِني َ ن ال ْ ُ
مؤ ْ ِ مإ َ ها ْ
شت ََرى ِ نآ الل َ
)إ ِ ّ
)التوبة.(111:
و ومإن ذلك نرى المسلم يجعل دنياه وقفا على دعونه ليكسب
آخرته جزاء تضحيته
و مإن هنا كانآ الفاتح المسلم أستاذا يتصف بكل مإا يجب أنآ يتحلى
به الستاذ مإن نور و هداية و رحمة و رأفة ,وكانآ الفتح السلمإي
فتح تمدين و تحضير و إرشاد و تعليم ,و أين هذا مإا يقوم به
الستعمار الغربي النآ ؟
و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ) :تعس عبد الدينار ,
تعس عبد الدرهم ,تعس عبد القطيفة(
مإصادر غايتنا
تلك هي الرسالة التي يريد الخوانآ المسلمونآ أنآ يبلغوها للناس و
أنآ تفهمها المإة السلمإية حق الفهم ,و تهب لنفاذها في عزم و
في مإضاء ,لم يبتعها الخوانآ ابتداعا ,و لم يختلقوها مإن أنفسهم ,
و إنما هي الرسالة التي تتجلى في كل آية مإن آيات القرآنآ الكريم ,
و تبدوا في غاية الوضوح في كل حديث مإن أحاديث الرسول
العظيم صلى الله عليه و سلم و تظهر في كل عمل مإن أعمال
الصدر الول الذين هم المثل العلى لفهم السلم و إنفاذ تعاليم
السلم ,فإنآ شاء المسلمونآ في أنآ يقبلوا هذه الرسالة كانآ ذلك
دليل اليمانآ و السلم الصحيح ,و إنآ رأوا فيها حرجا أو غضاضة
فبيننا و بينهم كتاب الله تبارك و تعالى ,حكم عدل و قول فصل
يحكم بيننا و بين إخواننا و يظهر الحق لنا أو علينا
خي ُْر ال ْ َ َ
حين( )العراف: فات ِ ِ ت َ مإَنا ِبال ْ َ
حقّ وَأن َ ن قَوْ ِ )َرب َّنا افْت َ ْ
ح ب َي ْن ََنا وَب َي ْ َ
.(89
استطراد
يتساءل كثير مإن إخواننا الذين أحببناهم مإن كل قلوبنا و وقفنا
لخيرهم و العمل لمصلحتهم الدنيوية و الخروية جهودنا و أمإوالنا و
أرواحنا ،و فنينا في هذه الغاية ،غاية إسعاد أمإتنا و إخواننا ،عن
أمإوالنا و أنفسنا.
و إني أجيب هؤلء بأنآ الدعوات الدينية عمادها اليمانآ قبل المال ،
و العقيدة قبل العراض الزائلة ،و إذا وجد المؤمإن الصحيح و جدت
مإعه وسائل النجاح جميعا ،و إنآ في مإال الخوانآ المسلمين القليل
الذي يقتطعونه مإن نفقاتهم و يقتصدونه مإن ضرورياتهم و مإطالب
بيوتهم و أولدهم ،و يجودونآ به طيبة نفوسهم سخية به قلوبهم ،يود
أحدهم لو كانآ له أضعاف أضعاف فينفقه في سبيل الله ،فإذا لم
يجد بعضهم شيئا تولوا و أعينهم تفيض مإن الدمإع حزنا أل يجدوا مإا
ينفقونآ .في هذا المال القليل و اليمانآ الكبير و لله الحمد و العزة
بلغ لقوم عابدين و نجاح للعامإلين الصادقين ,و إنآ الله الذي بيده
حق ُم َ
كل شيء ليبارك في القرش الواحد مإن قروش الخوانآ ,و )ي َ ْ
ت( )البقرة.(276: صد ََقا ِ
ه الّربا وَي ُْرِبي ال ّ
الل ُ
نآ(
فو َ
ضع ِ ُ م ال ْ ُ
م ْ ه اللهِ فَُأول َئ ِ َ
ك هُ ُ ج َ
نآ وَ ْ
دو َ
ري ُ ن َز َ
كاةٍ ت ُ ِ مإ ْ
م ِمإا آت َي ْت ُ ْ
) وَ َ
)الروم. (39:
نحن و السياسة
و يقول قوم آخرونآ إنآ الخوانآ المسلمين قوم سياسيونآ و
دعوتهم سياسية و لهم مإن وراء ذلك مإآَرب أخرى .و ل ندري إلى
مإتى تتقارض أمإتنا التهم و تتبادل الظنونآ و تتنابز باللقاب ،و تترك
يقينا يؤيده الواقع في سبيل ظن توحيه الشكوك.
أجل أجل يا أخي :هذا نداء ربك إليك ,فلبيك اللهم لبيك ,و حمدا و
شكرا لك لنحصي ثناء عليك ,أنت ولي المؤمإنين و نصير العامإلين
و المدافع عن المظلومإين الذين حوربوا في بيوتهم و أخرجوا مإن
ديارهم ,عز مإن لجأ إليك و انتصر مإن احتمى بحماك
أجل أجل يا أخي :تعال نستمع مإعا إلى صوت القرآنآ الكريم ,و
نطرب بتلوة اليات البينات ,و نسجل جمال هذه العزة في
صحائف ذلك الكتاب المطهر .
ن(
حي َ ب وَهُوَ ي َت َوَّلى ال ّ
صال ِ ِ ل ال ْك َِتا َ ه ال ّ ِ
ذي ن َّز َ ي الل ُ
نآ وَل ِي ّ َ
) – 4إ ِ ّ
)لعراف.(196:
مإُنوا
نآ َ نآ ,ال ّ ِ
ذي َ حَزُنو َ
م يَ ْ ف ع َل َي ْهِ ْ
م َول هُ ْ نآ أ َوْل َِياَء اللهِ ل َ
خوْ ٌ َ
) – 6أل إ ِ ّ
نآ( )يونس.(63-62: قو َ وَ َ
كاُنوا ي َت ّ ُ
َ ) – 7ذ َل َ َ
مإوَْلى ل َهُ ْ
م( نل َ
ري َ نآ ال ْ َ
كافِ ِ مإُنوا وَأ ّ
نآ َ مإوَْلى ال ّ ِ
ذي َ ه َنآ الل َ
ك ب ِأ ِّ
)مإحمد.(11:
ألست ترى في هذه اليات البينات أنآ الله تبارك و تعالى ينسبك
إلى نفسه و تمنحك فضل وليته و يفيض عليك مإن فيض عزته ؟
و في الحديث الشريف الذي يرويه المختار صلى الله عليه و سلم
عن ربه فيما مإعناه ) :يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامإة :يا بني
آدم جعلت نسبا وجعلتم نسبا فقلتم فلنآ ابن فلنآ وقلت " :إنآ
أكرمإكم عند الله أتقاكم " فاليوم أرفع نسبى وأوضع نسبكم(
لهذا أيها الخ الكريم فضل السلف الصالح أنآ يرفعوا نسبتهم إلى
الله تبارك و تعالى ,ويجعلوا أساس صلتهم ومإحور أعمالهم تحقيق
هذه النسبة الشريفة فينادي أحدهم صاحبه قائل:
في حين يجيب الخر مإن سأله عن أبيه أتميمي هو أم قيسي :
وكل شعب فقد هذه الصفات الربعة ،أو على القل فقدها قواده
ودعاة الصلح فيه ،فهو شعب عابث مإسكين ،ل يصل إلى خير ،ول
يحقق أمإلً ،وحسبه أنآ يعيش في جو مإن الحلم والظنونآ
شْيئا ً( )يونس. (36: ن ال ْ َ
حق ّ َ مإ َ نآ الظ ّ ّ
ن ل ي ُغِْني ِ والوهام) :إ ِ ّ
هذا هو قانونآ الله تبارك وتعالى وسنته في خلقه ولن تجد لسنة
الله تبديلً:
)يوشك المإم أنآ تداعى عليكم كما تداعى الكلة إلى قصعتها فقال
قائل :ومإن قِل ّةٍ نحن يومإئ ٍ
ذ؟ قال :بل أنتم يومإئذ ٍ كثيٌر ،ولكنكم غثاٌء
ن الّله مإن صدور عدوكم المهابة مإنكم ، كغثاء السيل ،ولينزع ّ
ن الّله في قلوبكم الوهن ,فقال قائل :يا رسول الله ومإا
ّ وليقذف ّ
ب الدنيا وكراهية الموت( الوهن ؟ قال :ح ّ
أولست تراه قد بين أنآ سبب ضعف المإم و ذلة الشعوب وهن
نفوسها و ضعف قلوبها و خلء أفئدتها مإن الخلق الفاضلة و صفات
الرجولة الصحيحة ,و إنآ كثر عددها و زادت خيراتها و ثمراتها
لو آمإن الشرق بحقه و غير مإن نفسه و اعتنى بقوة الروح و عني
بتقويم الخلق ,لتته وسائل القوة المادية مإن كل جانب و عند
صحائف التاريخ الخبر اليقين
يعتقد الخوانآ المسلمونآ هذا تمام العتقاد ,و هم لهذا دائبونآ في
تطهير أرواحهم و تقوية نفوسهم و تقوية أخلقهم ,و هم لهذا
يجاهدونآ بدعوتهم و يريدونآ الناس على مإبادئهم و يطالبونآ المإة
بإصلح النفوس و تقويم الخلق .
و لقد كشف القرآنآ عن هذا المعنى في كثير مإن آياته ,بل إنه
ضرب مإثل تطبيقيا خالدا واضحا كل الوضوح صادقا كل الصدق في
قصة بني إسرائيل ,تلك القصة الرائعة التي ترسم لكل أمإة يائسة
طريق التكوين .
المنهاج واضح
يعتقد الخوانآ المسلمونآ أنآ الله تبارك و تعالى حين أنزل القرآنآ و
أمإر عباده أنآ يتبعوا مإحمدا و رضي لهم السلم دينا ,و وضع في
هذا الدين القويم كل الصول اللزمإة لحياة المإم و نهضتها و
إسعادها ,و ذلك مإصداق قول الله تبارك و تعالى :
أرأيت كيف اعتبر السلم تطلع هذا الشخص إلى الثناء و المدح و
هما مإن طبائع النفوس شركا خفيا يجب أنآ يتنزه عنه و يسمو
بشرف الغاية النبيلة عنه ؟ و هل هناك أخلص مإن أنآ ينسى النسانآ
نفسه في سبيل غايته ؟ و هل تظن أنآ رجل يشترط عليه دينه أنآ
يتجرد مإن نفسه و يكبت عواطفها و مإيولها و أهواءها حتى يكونآ
جهاده خالصا لله وحده ,يفكر بعد هذا في أنآ يجاهد لعصبية أو
يغزو لجنس أو قومإية ؟ ..اللهم ل .
إنآ ذلك المغلوب الذي شاء له القدر أنآ يسعد بالسلم و يهتدي به ,
مإا ترك بلده و أرضه لجنبي عنه يتحكم فيها و يسخره تسخير العبد
الذليل ,و يستأثر دونه بخيراتها ,و لكنه ترك مإا ترك لنه يخلطه
بنفسه و يمزجه بروحه و يناديه بإخلصا :لك مإا لنا و عليك مإا علينا
,وكتاب الله تبارك و تعالى يفصل بيننا ,فكلهما فني في غايته و
حى في سبيل مإبدئه ,و ترك مإا ترك ليعم النسانية نور الله ,و ض ّ
تسطع عليها شمس القرآنآ الكريم ,و في ذلك تمام إسعادها و
كمال رقيها لو كانوا يعلمونآ .
طريق طويلة
أرجو أنآ تكونآ هذه الكلمات المتتاليات في بيانآ دعوة الخوانآ
المسلمين قد كشفت للقراء عن غايتهم ,و أبانت لهم و لو إلى حد
مإا عن مإناهجهم في السير إلى هذه الغاية ,و قد تحدثت مإن قبل
إلى إخواننا الغيورين على السلم و مإجده حديثا طويل هو أشبه
بهذه الكلمات التي رآها القراء تحت عنوانآ ) :إلى أي شيء ندعو
الناس (
و لقد أصغى إلى مإن حدثتهم إصغاء مإشكورا ,و كنا نتفهم القول
تباعا أول فأول ,حتى خرجنا مإن المحادثة مإقتنعين تمامإا بشرف
الغاية و نجاح الوسيلة ,و كم كانت دهشتي عظيمة حين رأيت
مإنهم شبه إجماع على أنآ هذه السبيل مإع التسليم بنجاحها طويلة ,
و أنآ التيارات الجارفة الهدامإة في البلد قوية ,مإما يجعل اليأس
يدب إلى القلوب و القنوط يستولي على النفوس ,و حتى ل يجد
القراء الكرام هذا الشعور الذي وجده أولئك المتحدثونآ مإن قبل ,
أحببت أنآ تكونآ هذه الكلمات مإفعمة بالمإل ,فياضة باليقين في
النجاح إنآ شاء الله ,و لله المإر مإن قبل و مإن بعد ,و سأحصر
الموضوع في نظرتين إيجابيتين :
نظرة اجتماعية
يقول علماء الجتماع إنآ حقائق اليوم هي أحلم المإس ,و أحلم
اليوم هي حقائق الغد ,و تلك نظرة يؤيدها الواقع و يعززها الدليل
و البرهانآ ,بل هي مإحور تقدم النسانية و تدرجها مإدارج الكمال ,
فمن ذا الذي كانآ يصدق أنآ يصل العلماء إلى مإا وصلوا إليه مإن
المكتشفات و المخترعات قبل حدوثها ببضع سنين ,بل إنآ
أساطين العلم أنفسهم أنكروها لول عهدهم بها ,حتى أثبتها الواقع
و أيدها البرهانآ ,و المثل على ذلك كثيرة ,و هي مإن البداهة بحيث
يكفينا ذلك عن الطالة بذكرها .
نظرة تاريخية
وإنآ نهضات المإم جميعًا ،إنما بدأت على حال مإن الضعف يخّيل
للناظر إليها ،أنآ وصولها إلى مإا تبتغي ضرب مإن المحال.
ومإع هذا الخيال ،فقد حدثنا التاريخ أنآ الصبر والثبات والحكمة
والناة وصلت بهذه النهضات الضعيفة النشأة ،القليلة الوسائل،
إلى ذروة مإا يرجوه القائمونآ بها ،مإن توفيق ونجاح ،ومإن ذا الذي
دق أنآ الجزيرة العربية وهي تلك الصحراء الجافة المجدبة كانآ يص ّ
تنبت النور والعرفانآ ،وتسيطر بنفوذ أبنائها الروحي والسياسي
على أعظم دول العالم؟ ومإن ذا الذي كانآ يظن أنآ أبا بكر صاحب
القلب الرقيق اللّين ،وقد انتقض الناس عليه ،وحار أنصاره في
أمإرهم ،يستطيع أنآ يخرج في يوم واحد أحد عشر جيشًا ،تقمع
وم المعوج ،وتؤدب الطاغي وتنتقم مإن المرتدين، العصاة وتق ّ
وتستخلص حق الله في الزكاة مإن المانعين؟ .ومإن ذا الذي كانآ
يصدق أنآ هذه الشيعة الضئيلة المستترة مإن بني علي و العباس
تستطيع أنآ تقلب ذلك الملك القوي الواسع الكناف مإا بين عشية
وضحاها ,و هي مإا كانت في يوم مإن اليام إل عرضة للقتل و
التشريد و النفي و التهديد ؟ .ومإن ذا الذي كانآ يظن أنآ صلح
الدين اليوبي يقف العوام الطوال ،فيرد ّ مإلوك أوروبا على
أعقابهم مإدحورين ،مإع توافر عددهم وتظاهر جيوشهم ،حتى اجتمع
عليه خمسة وعشرونآ مإلكا ً مإن مإلوكهم الكابر؟
ذلك في التاريخ القديم ،وفي التاريخ الحديث أروع المثل على ذلك،
فمن كانآ يظن أنآ الملك عبد العزيز آل سعود ،وقد نفيت أسرته
سلب مإلكه ،يسترد هذا الملك ببضعة وعشرين رجلً، وشّرد أهله و ُ
ثم يكونآ بعد ذلك أمإل ً مإن آمإال العالم السلمإي في إعادة مإجده
وإحياء وحدته؟ ومإن كانآ يصدق أنآ ذلك العامإل اللماني) هتلر (
يصل إلى مإا وصل إليه مإن قوة 1النفوذ و نجاح الغاية ؟
هل هناك طريق أخرى؟
و ثم نظرتانآ سلبيتانآ تحدثانآ النتيجة بعينها و توجهانآ قلب الغيور
إلى العمل توجيها صحيحا .
أولهما :أنآ هذه الطريق مإهما طالت فليس هناك غيرها في بناء
النهضات بناء صحيحا و قد أثبتت التجربة صحة هذه النظرية .
الواجب أول
و ثانيتهما :أنآ العامإل يعمل لداء الواجب أول ,ثم للجر الخروي
ثانيا ,ثم للفادة ثالثا ,و هو إنآ عمل فقد أدى الواجب ,و فاز
بثواب الله مإا في ذلك مإن شك ,مإتى توفرت شروطه ,و بقيت
الفادة و أمإرها إلى الله ,فقد تأتي فرصة لم تكن في حسابه تجعل
عمله يأتي بأبرك الثمرات ,على حين إنه إذا قعد عن العمل فقد
لزمإه إثم التقصير ,و ضاع مإنه أجر الجهاد و حرم الفادة قطعا ,
فأي الفريقين خير مإقامإا و أحسن نديا ؟ و قد أشار القرآنآ الكريم
إلى ذلك في صراحة و وضوح في الية الكريمة :
َ م ت َعِ ُ ُ
مإعَذ ّب ُهُ ْ
م م أوْ ُ ُ
مإهْل ِكهُ ْ ه ُ مإا الل ُ نآ قَوْ ًظو َ م لِ َ مإن ْهُ ْ
ة ّمإ ٌ
تأ ّ )وَ إ ِذ َ َقال َ ْ
سوا ْ َ
مإا ما ن َ ُ نآ ,فَل َ ّ قو َ م ي َت ّ ُ م وَل َعَل ّهُ ْمإعْذ َِرة ً إ َِلى َرب ّك ُ ْ دا َقاُلوا ْ َ دي ً ش ِ ذاًبا َ عَ َ
موا ْ ن ظ َل َُ ّ َ ّ َ ْ
ذي َخذ َْنا ال ِ سوِء وَأ َ ن ال ّ نآ ع َ ِن ي َن ْهَوْ َذي َ ذ ُك ُّروا ب ِهِ أن َ
جي َْنا ال ِ
نآ( )العراف.(165-164: قو َ س ُف ُ كاُنوا ْ ي َ ْما َ س بِ َ ب ب َِئي ٍ ذا ٍب ِعَ َ
قصة أمإة تتكونآ
ضعف
نحن النآ أمإام جبار مإتكبر يستعبد عباد الله و يستضعفهم و
يتخذهم خدمإا و حشما و عبيدا و خول ,و بين شعب مإن الشعوب
الكريمة المجيدة استعبده ذلك الطاغية الجبار ,ثم أراد الله تبارك
تعالى أنآ يعيد لهذا الشعب المجيد حريته المسلوبة و كرامإته
المغصوبة و مإجده الضائع و عزه البائد ,فكانآ أول شعاع مإن
فجر حرية هذا الشعب إشراق شمس زعيمه العظيم )مإوسى (
على الوجود طفل رضيعا :
نآ
نآ ,إ ِ ّ مإُنو َ قوْم ٍ ي ُؤ ْ ِ حق ّ ل ِ َنآ ِبال ْ َ
سى وَفِْرع َوْ َ مإو َ
مإن ن ّب َإ ِ ُ ك ِ)ن َت ُْلوا ع َل َي ْ َ
ف َ َ َ
م
مإن ْهُ ْ
ة ّ ف ً
طائ ِ َ ضع ِ ُ ست َ ْ شي ًَعا ي َ ْل أهْل ََها ِ جعَ َض وَ َ
عل ِفي الْر ِ نآ َ فِْرع َوْ َ
َ يذ َب َ
ريد ُ أنآ ن ,وَن ُ ِ دي َ س ِ ف ِ ن ال ْ ُ
م ْ مإ َ
نآ ِ كا َ ه َم إ ِن ّ ُ
ساءهُ ْحِيي ن ِ َ
ست َ ْ م وَي َ ْ
ح أب َْناءهُ ْ ُ ّ ُ
فوا في ال َرض ونجعل َه َ
جعَل َهُ ُ
م ة وَن َ ْ
م ً
م أئ ِ ّْ ِ ََ ْ َ ُ ْ ِ ضع ِ ُ
ست ُ ْا ْ نذي َن ع ََلى ال ّ ِ م ّ نّ ُ
َ
ض( )القصص.(5-3: م ِفي الْر ِ ل َهُ ْ ن ّ
مك َ وارِِثين وَن ُ َال ْ َ
زعامإة
و نحن بعد هذا أمإام هذا الزعيم و قد بلغ أشده و استوى ,و تولته
العناية اللهية ,بعد أنآ أنفت نفسه الظلم و عافت الضيم ,ففر
بنفسه و هرب بحريته ,حيث اصطنعه الله لنفسه و حمله عبء
رسالته ,و أسند إليه خلصا شعبه ,فآَب مإملوءا باليمانآ مإؤيدا
باليقين ,يواجه ذلك الجبار فيطلب إليه أنآ يعيد إلى شعبه حريته
و يترك له كرامإته و يؤمإن به و يتبعه .و مإا أروع ذلك التهكم المر
اللذع حين يحكي القرآنآ الكريم قول الرسول العظيم
ل( )الشعراء.(22: سَراِئي َ ة تمنها ع َل َ َ )وَت ِل ْ َ
ت ب َِني إ ِ ْ نآ ع َّبد ّ يأ ْ ّ م ٌ َ ُ َّ ك ن ِعْ َ
أيها الجبار المتحكم في عباد الله ل عبادك ,هل مإن النعمة التي
تذكرنا بها و الجميل الذي تسديه إلي أنآ تستعبد شعبي و تحقر
أمإتي و تمتهن قومإي ؟ إنها صيحة الحق دوت مإن فم النبي
الكريم فزلزلت عرش الجبار و هزت مإلكه :
َ َ ْ
مإعََنا ب َِني
ل َس ْ نآ أْر ِ ن,أ ْ مي َ ب ال َْعال َ ِ ل َر ّ سو ُ قول إ ِّنا َر ُ نآ فَ ُ )فَأت َِيا فِْرع َوْ َ
ل َ ,قا َ َ
ن, سِني َ ك ِ مرِ َ ن عُ ُ مإ ْ ت ِفيَنا ِ دا وَل َب ِث ْ َ ك ِفيَنا وَِلي ً م ن َُرب ّ َل أل َ ْ سَراِئي َ إِ ْ
ذا وأناَ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ّ َ َ َ ْ
ن قال فعَلت َُها إ ِ ً َ ََ ري َ ن الكافِ ِ مإ َ ت ِ ت وَأن َ ت فعْلت َك الِتي فعَل َ وَفَعَل َ
حك ْ ً
ما ب ِلي َرّبي ُ م فَوَهَ َ فت ُك ُ ْ خ ْما ِ م لَ ّمإنك ُ ْت ِ فَرْر ُ ن ,فَ َ ضاّلي َ ن ال ّ مإ َِ
ن( )الشعراء.(21-16: سِلي َ
مْر َ ْ
ن ال ُ مإ َ جعَلِني ِ َ وَ َ
صراع
و نحن النآ نشهد غضبة القوة على الحق كيف تثور عليه و تنتقم
مإنه و تعذب أهله و تقهر مإناصريه ,ثم كيف يصبر أهل الحق على
كل ذلك ,و كيف يعللهم رؤساؤهم بالمإال الحلوة و المإاني
العزبة حتى ل يجد الخور إلى نفوسهم سبيل :
عو َ
دوا ِفي ْ س ُ ف ِ ه ل ِي ُ ْمإ ُ سى وَقَوْ َ نآ أت َذ َُر ُ
مإو َ مإن قَوْم ِ فِْر َ َ مل ُ ِل ال ْ َ
)وََقا َ
م وَإ ِّنا َ قت ّ ُ َ َ
ض وَي َذ ََرك َوآل ِهَت َك َقا َ َ
ساءهُ ْ حِيـي ن ِ َ ست َ ْم وَن َ ْ ل أب َْناءهُ ْ سن ُ َل َ الْر ِ
صب ُِروا ْ إ ِ ّ
نآ ست َِعيُنوا ِباللهِ َوا ْ مإهِ ا ْ قوْ ِسى ل ِ َ مإو َ ل ُ نآ َ ,قا َم َقاه ُِرو َ فَوْقَهُ ْ
ْ ْ َ
ن(قي َ مت ّ ِ
ة ل ِل ُ عَباد ِهِ َوالَعاقِب َ ُ ن ِ مإ ْ
شاء ِ مإن ي َ َض للهِ ُيورِث َُها َ الْر َ
)العراف. (128-127:
إيمانآ
و مإا أروع أنآ نشهد ذلك النموذج الخالد مإن الثبات و الصبر ,و
الستمساك بعروة الحق ,و الستهانة بكل شيء حتى الحياة في
سبيل اليمانآ و العقيدة مإن أتباع هذا الزعيم الذين آمإنوا بدعوته ,
و قد تحدوا هذا الجبار في استهانة و استماتة :
َ
مإّنا ب َِرب َّنا ضي هَذ ِهِ ال ْ َ
حَياة َ الد ّن َْيا ,إ ِّنا آ َ ق ِ
ما ت َ ْض إ ِن ّ ٍَ ت َقامإا أن َ )َفاقْ ِ
ض َ
َ َ َ َ فَر ل ََنا َ
قى( خي ٌْر وَأب ْ َ ه َحرِ َوالل ُ س ْن ال ّ مإا أك َْرهْت ََنا ع َلي ْهِ ِ
مإ َ خطاَياَنا وَ َ ل ِي َغْ ِ
)طه. (73-72:
انتصار
فإذا رأينا كل ذلك رأينا عاقبته في القسم الخامإس و مإا أدراك مإا
هي ؟ فوز و فلح و انتصار و نجاح و بشرى تزف إلى المهضومإين
,و أمإل يتحقق للحالمين ,و صيحة الحق المبين تدوي في آفاق
الرض :
م( )طه. (80: ُ ُ َ َ سَراِئي َ
ن ع َد ُوّك ْ
مإ ْ
جي َْناكم ّ
ل قد ْ أن َ )َيا ب َِني إ ِ ْ
حيـم ِ
ن الّر ِ
مــ ِ
ح َ
ســـم ِ اللهِ الّر ْ
ِبـ ْ
قد أجبنا في الرسالة السابقة )إلى أي شئ ندعو الناس(عن سؤال
يتردد كثيرا علي أفواه كثير مإن الناس ,فهم كانوا يسألونآ دائما
كلما دعاهم داع إلى تشجيع )جماعة الخوانآ المسلمونآ( والي أي
شيء تدعو جماعة الخوانآ المسلمونآ؟ وأحسبني أوضحت مإبادئ
هذه الدعوة بما يجعل الجواب علي هذا السؤال واضحا ل لبس فيه
ول غموض ,وأظنني أجملت لهؤلء السائلين مإبادئ هذه الدعوة
في الكلمة الولى ثم فصلتها في الكلمات التي تلتها فلم يبق عذر
للذي يريد أنآ يتعرف حقيقة دعوة الخوانآ إجمال وتفصيل .
مإؤسسـات ومإشـاريع
يعتقد كثير مإن إخواننا أنآ الجماعة العملية هي التي تقوم بعمل
المشروعات العامإة النافعة وتترك في مإقرها أثرا ً خالدا ً مإن
المؤسسات المفيدة .وسنجاريهم في هذا المقال ،ونزنآ "جماعة
الخوانآ المسلمين " بهذا الميزانآ ،ولنا في الكلمات التالية إنآ
شاء الله تعالى مإيزانآ آخر ـ نزنآ به جماعتنا ونقدر به الجهود
العملية ـ قد يكونآ في باب نهضات المإم أصح تقديرا ً وأدق تعبيرا ً
مإن مإيزانآ اليوم ،وكل ً وعد الله الحسنى .
انتشرت فكرة الخوانآ المسلمين فيما يزيد علي خمسين بلدا ً مإن
بلدانآ القطر المصري وقامإت في كل بلد مإن هذه البلدانآ تقريبا ً
بمشروع نافع أو مإؤسسة مإفيدة ،فأنت تراها في السماعيلية قد
أسست مإسجد الخوانآ المسلمين ونادي الخوانآ المسلمين
وأنشأت مإعهد حراء السلمإي لتعليم البنين ومإدرسة أم المؤمإنين
..
وفي شبراخيت قد أسست كذلك مإسجد الخوانآ ونادي الخوانآ
ومإعهد حراء ،وأقامإت بجوار هذه العمارة الفخمة دارا ً للصناعة
يتعلم فيها طلبه المعهد الذين ل يستطيعونآ إتمام التعليم وتريد
الجمعية أنآ تهيئ لهم سبيل الحياة العملية بتخريجهم صناعا ً
مإثقفين وعمال ً مإهذبين ..
وفي مإحمودية البحيرة قامإت بمثل ذلك ،فأنشأت مإنسجا ً للنسيج
والسجاد إلى جوار مإعهد تحفيظ القرآنآ بدار نادي الخوانآ
المسلمين الرحيب ..وفي المنزلة دقهلية مإعهد لتحفيظ القرآنآ
ظهرت ثمرته رغم قصر المدة ،وها هو يقدم لنا حفاظا ً مإتقنين في
هذه الفترة الوجيزة التي أنشئ فيها ..وقل مإثل ذلك أو بعضه ـ ول
لزوم للتكرار ـ في كل شعبة مإن شعب الخوانآ المسلمين
المنتشرة في أنحاء القطر المصري مإن إدفو إلى السكندرية ..
وفي كثير مإن جمعيات الخوانآ المسلمين تجد لجانا ً تطوعت
للمصالحات بين الفراد والسر المتخاصمة ,يجري الله علي يديها
خيرا ً كثيرا ً ويحل بها مإن المشاكل مإا شغل القضاء مإدة طويلة ..
وفي كثير مإنها لجانآ للصدقات تتفقد البائسين والمعوزين في
المواسم والعياد وغيرها ,وتحاول بذلك القيام بواجب رعاية هؤلء
شرين عنهم مإن ناحية أخري .. مإن جهة ورد غائلة ذئاب المب ّ
وفي كثير مإنها لجانآ للوعظ والتذكير في المجتمعات التي ل يظن
أنآ تكونآ مإجامإع وعظ كالمقاهي والندية العامإة وحفلت الفراح
والتعزية ونحوها ..
وفي كثير مإنها ول سيما في النواحي القروية لجانآ تطوعت
للشراف علي المرافق العامإة في القرية مإن ترمإيم المساجد
وتنظيف الشوارع وإضاءة الطرقات والسعي في إيجاد المشافي
المتنقلة ،ومإا إلى ذلك مإن كل مإا يعود علي القرية بفائدة في دينها
ودنياها ..
وفي كثير مإنها لجانآ لمحاربة العادات الفاسدة والجهالت
المنتشرة في البيئات البعيدة عن مإناهل العلم كالزار ونحوه ،وإلي
جانبها لجانآ لحياء السنن والفرائض التي نسيها الناس بالعمل ل
بالقول :كجمع زكاة الحبوب في مإخزنآ خاصا وتوزيعها بمعرفة
الجماعة علي المستحقين بدونآ مإحاباة ول تحيز ،كما فعلت ذلك
دائرة الخوانآ ببرمإبال القديمة مإثلً..
وفي القاهرة أنشئت "جريدة الخوانآ المسلمين " السبوعية ،ولم
تمض فترة وجيزة قليلة حتى وجدت إلى جانبها "مإطبعة الخوانآ
المسلمين " وكل ذلك في وقت لم يتجاوز عامإًا..
ولقد كانآ لجماعة الخوانآ المسلمين في حركة التبشير الخيرة بل
في كل وقت عمل جليل في دفع خطر التبشير عن المستضعفين
والفقراء وأبناء المإة ،فبيوت الخوانآ ليوائهم ،ودور صناعاتهم
مإستعدة لتعليمهم ،ومإدارسهم ترحب قبولهم ولجانهم تحذر الناس
مإن شرور هؤلء المضللين الذين يخادعونآ الناس عن عقائدهم
ويستغلونآ الفقر والمرض في إضللهم وإذللهم .
تلك بعض آثار جماعة الخوانآ المسلمين العملية ،ول أذكر لك
الدروس والمحاضرات والخطب والمقالت والوفود والرحلت
والمجامإع والزيارات ،فلعل هذه في عرف الناس وسائل قولية ،
وقد قلنا حتى مإللنا القول وتكلمنا حتى سئمنا الكلم ولم يبق إل أنآ
نعمل .
ولعلك تعجب حين تعلم أنآ جماعة الخوانآ المسلمين التي قامإت
بهذه العمال العظيمة لم تأخذ إعانة حكومإية مإرة مإن المرات ،
ولم تستعن بمال هيئة مإن الهيئات اللهم إل خمسمائة جنيه تبرعت
بها شركة قناة السويس للجماعة بمناسبة عمارة المسجد
والمدرسة بالسماعيلية .
وإنآ الناس ليتقولونآ كثيرا ً ،وليظنونآ وبعض الظن إثم ،ولينطقونآ
بما ليس لهم به علم ،ومإا علينا في ذلك مإن بأس .وحسبنا أنآ
يعلم الله أنآ ذلك بتوفيقه وأنها أمإوال الخوانآ الخاصة أنفقت
بإخلصا فأثمرت وبوركت وآتت أكلها كل حين بإذنآ ربها وحسبنا أنآ
نقول لهم في عبارة صريحة واضحة نتحدى بها كل إنسانآ وكل هيئة
وكل شخص كائنا ً مإن كانآ :أنآ جماعة الخوانآ المسلمين لم
تستعن في مإشروعاتها بغير أعضائها ،وهي بذلك جد فخورة تجد
لذة التضحية ونشوة الفرح بالنفاق في سبيل الله .
ولعلك تعجب كذلك إذا علمت أنآ الشتراك المالي في جماعة
الخوانآ المسلمين اختياري
ل إجباري ،وأنآ العضو الذي يتخلف عن دفع الشتراك ل ينقض ذلك
وته شيئا ً ،ومإع أنآ هذا نص صريح في القانونآمإن حقوق أخ ّ
الساسي للجماعة فانآ الخوانآ ـ جزاهم الله خيرا ـ يبادرونآ إلى
التضحية في سبيل الله إذا دعاهم إليها داعي الواجب ويأتونآ في
ذلك بالعجب العاجب ،وأسمع أحدثك .
في بناء مإسجد السماعيلية ،دعاهم رئيسهم إلى التبرع فقام أحد
العضاء الصناع وتبرع بجنيه ونصف بعد ثلثة أيام ،هو صانع فقير
أنى له بهذا المبلغ ؟ أراد أنآ يقترض فأبت نفسه وخشي الممالطة
..حاول الحصول على هذا المبلغ مإن غير هذا الباب فلم يجد
السبيل مإيسرة..لم يبق أمإامإه إذا إل أنآ يبيع دراجته التي يركبها مإن
مإحل عمله ومإن مإحل عمله إلى مإنزله وبينهما ستة كيلو مإترات !
وفعل ً أنفذ الفكرة وأحضر المبلغ في نهاية الموعد تمامإا ً فجمع بين
الوفاء بموعده والقيام بتبرعه..
ولحظ رئيس الخوانآ أنه صار يتأخر عن درس العشاء ول يدركه إل
بشق النفس ،وسأله عن ذلك فلم يجب ،فأجاب عنه صديق عرف
سره وأخبر الرئيس أنه باع عجلته ليفي بتبرعه وأصبح يعود علي
رجليه فيتأخر عن الدرس ،وأكبر الرئيس والخوانآ هذه الهمة
وحيوا فيه هذه الريحية وأقروا تبرعه كما هو واكتتبوا له في دراجة
جديدة خير مإن دراجته لتكونآ عنده ذكرى العجاب بهذا الوفاء .
ت بصلة إلى نفوس السابقين الولين بمثل هذه النفوس التي تم ّ
مإن رجال السلم الغّر الميامإين نهضت فكرة الخوانآ المسلمين ،
ونجحت مإؤسساتهم وتمت مإشروعاتهم .
إنهم فقراء ولكنهم كرمإاء ،إنهم قليلو المال ولكنهم أسخياء
النفوس ،فهم يجودونآ بالكثير مإن هذا القليل فيكونآ كثيرا ً وتباركه
نعمة الله فيأتي بالخير العميم .ولعلي بهذه الناحية قد كشفت ناحية
غمضت علي بعض الذين رأوا جهود الخوانآ فلم يجدوا يجدوا
لنجاحهم سرا ً إل أنآ يتهموهم باستجداء الهيئات وخدمإة المصالح
والغراض ،وهم والحمد لله مإن ذلك براء .
وأمإا بعد ،فهي صفحة مإن صفحات جهاد الخوانآ المسلمين
زنوا الجماعة بميزانآ العملي نتقدم بها إلى الذين يريدونآ أنآ ي ِ
المؤسسات والمشروعات .والخوانآ دائبونآ في أنآ تصبح هذه
الصفحة صفحات يتألف مإنها إنآ شاء الله تبارك وتعالى كتاب مإن
أعمال الخير البريئة النزيهة الخالصة لوجه الله تبارك وتعالى .
ولعلهم بذلك يفكرونآ في تشجيع هذه الجماعة الماضية قدمإا إلى
غايتها تعتمد على ربها وتثق بصدق وعده وهناك صفحه أخرى
سنتحدث عنها إنآ شاء الله .
إعــداد الرجـال
رأيت في المقال السابق أنآ "جماعة الخوانآ المسلمين" كانت
في طليعة الجمعيات المنتجة مإن حيث المشروعات العامإة
والمؤسسات النافعة ..مإن مإساجد ومإدارس ،ولجانآ خير وبر ،
ودروس ومإحاضرات وخطب وعظات ،وأندية يتناوبها القول
والفعل .
ولكن المإم المجاهدة التي تواجه نهضة جديدة وتجتاز دور انتقال
خطير ،وتريد أنآ تبني حياتها المستقبلة على أساس مإتين يضمن
للجيل الناشئ الرفاهة والهناءة ،وتطالب بحق مإسلوب وعز
مإغصوب ،في حاجة إلى بناء آخر غير هذه البنية ...
إنها في مإسيس الحادة إلى بناء النفوس وتشييد الخلق وطبع
أبنائها على خلق الرجولة الصحيحة ،حتى يصمدوا لما يقف في
طريقهم مإن عقبات ويتغلبوا علي مإا يعترضهم مإن مإصاعب.
إنآ الرجل سر حياة المإم ومإصدر نهضاتها وإنآ تاريخ المإم جميعا ً
إنما هو تاريخ مإن ظهر بها مإن الرجال النابغين القوياء النفوس
والرادات .وإنآ قوة المإم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها في إنتاج
الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة .وإني اعتقد ـ
والتاريخ يؤيدني ـ أنآ الرجل الواحد في وسعه أنآ يبني أمإة إنآ
صحت رجولته ،وفي وسعه أنآ يهدمإها كذلك إذا توجهت هذه
الرجولة إلى ناحية الهدم ل ناحية البناء ..
وإنآ المإم تجتاز أدوار مإن الحياة كتلك الدوار التي يجتازها الفراد
علي السواء :فقد ينشأ هذا الفرد بين أبوين مإترفين آمإنين ناعمين
فل يجد مإن مإشاغل الحياة مإا يشغل باله ويؤلم نفسه ول يطالب
بما يرهقه أو يضنيه ،وقد ينشأ الفرد الخر في ظروف عصبيه وبين
أبوين فقيرين ضعيفين فل يطلع عليه فجر الحياة حتى تتكدس علي
رأسه المطالب وتتقاضاه الواجبات مإن كل جانب وسبحانآ مإن
قسم الحظوظ فل عتاب ول مإلمإسة .
وقد شاءت لنا الظروف أنآ ننشأ في هذا الجيل الذي تتزاحم المإم
فيه بالمناكب وتتنازع البقاء أشد التنازع وتكونآ الغلبة دائما ً للقوي
السابق ..
وشاءت لنا الظروف كذلك أنآ نواجه نتائج أغاليط الماضي ونتجرع
مإرارتها ،وأنآ يكونآ رأب الصدع وجبر الكسر ،وإنقاذ أنفسنا وأبنائنا
،واسترداد عزتنا ومإجدنا ،وإحياء حضارتنا وتعاليم ديننا ..
وشاءت لن الظروف كذلك أنآ نخوض لجة عهد النتقال الهوج ،
حيث تلعب العواصف الفكرية والتيارات النفسية والهواء
الشخصية بالفراد وبالمإم وبالحكومإات وبالهيئات وبالعالم كله ،
وحيث يتبلل الفكر وتضطرب النفس ويقف الربانآ في وسط اللجة
يتلمس الطريق ويتحسس السبيل وقد اشتبهت عليه العلم
وانطمست أمإامإه الصور ووقف علي رأس كل طريق داع يدعوا
إليه في ليل دامإس مإعتكر وظلمات بعضها فوق بعض ،حتى ل تجد
كلمة تعبر بها عن نفسية المإم في مإثل هذا العهد أفضل مإن
"الفوضى" ..
كذلك شاءت لنا ظروفنا أنآ نواجه كل ذلك وأنآ نعمل على إنقاذ
المإة مإن الخطر المحدق بها مإن كل ناحية .
وإنآ المإة التي تحيط بها ظروف كظروفنا ،وتنهض لمهمة كمهمتنا
،وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها ،ل ينفعها أنآ تتسلى
بالمسكنات أو تتعلل بالمإال والمإاني .وإنما عليها أنآ تعد نفسها
لكفاح طويل عنيف وصراع قوي شديد :بين الحق والباطل وبين
النافع والضار وبين صاحب الحق وغاصبه وسالك الطريق وناكبه
وبين المخلصين الغيورين والدعياء المزيفين .وأنآ عليها أنآ تعلم
أنآ الجهاد مإن الجهد ،والجهد هو التعب والعناء ،وليس مإع الجهاد
راحه حتى يضع النضال أوزاره وعند الصباح يحمد القوم السرى .
وليس للمإة عدة في هذه السبيل الموحشة إل النفس المؤمإنة
والعزيمة القوية الصادقة والسخاء بالتضحيات والقدام عند
مات وبغير ذلك تغلب علي أمإرها ويكونآ الفشل حليف أبنائها. المل ّ
ومإع أنآ ظروفنا هي مإا علمت ..فإنآ نفوسنا ل تزال تلك النفوس
الرخوة اللينة المترفة الناعمة التي تجرح خديها خطرات النسيم
ويدمإى بنانها لمس الحرير .وفتياتنا وفتياننا هم عدة المستقبل
ومإعقد المإل ل يزال حظ أحدهم أو إحداهن مإظهرا فاخرا ً أو أكلة
طيبة أو حلة أنيقة أو مإركبا ً فارها ً أو وظيفة وجيهة أو لقبا ً أجوف ،
وإنآ اشترى ذلك بحريته وإنآ أنفق عليه مإن كرامإته وإنآ أضاع في
سبيله حق أمإته .
وهل رأيت أولئك الشبانآ الذين تنطق وجوههم بسمات الفتوة
وتلوح على مإحياهم مإخايل النشاط ويجرى في قسماتهم مإاء
الشباب المشرق الرقراق وهم يتألمونآ على أبواب رؤساء
المصالح والدواوين بأيديهم طلبات الوظائف ؟ وهل رأيتهم
يتوسلونآ بالصغير والكبير ويرجونآ الحقير والمإير ويوسطونآ حتى
سعاة المكاتب وحجاب الوزارات في قضايا المأرب وقبول
الطلبات ؟
هل تظن ـ يا عزيزي القارئ ـ أنآ هذا الشباب إذا أسعفه الحظ
وتحقق له المإل التحق بوظيفة مإن هذه الوظائف الرسمية يفكر
يومإا ً مإن اليام في تركها أو التخلي عنها في سبيل عزة أو كرامإة
وإنآ سيم الخسف وسوء العذاب ؟
نفوسنا الحالية في حاجة إلى عل ج كبير وتقويم شامإل وإصلح
يتناول الشعور الخامإد والخلق الفاسد والشح المقيم .وإنآ المإال
الكبيرة التي تطوف برؤوس المصلحين مإن رجالت هذه المإة ،
والظروف العصيبة التي نجتازها تطالبنا بإلحاح بتجديد نفوسنا وبناء
أرواحنا بناًء غير هذا الذي أبلته السنونآ وأخلقته الحوادث وذهبت
اليام بما كانآ فيه مإن مإناعة وقوة ،وبغير هذه التقوية الروحية
والتجديد النفسي ل يمكن أنآ نخطو إلى المإام خطوة .
إذا علمت هذا وكنت مإعي أنآ هذا المقياس أصح وأدق في نهضات
المإم والشعوب فاعلم أنآ الغرض الول الذي ترمإى إليه جمعيات
الخوانآ المسلمين )التربية الصحيحة ( :تربية المإة على النفس
الفاضلة والخلق النبيل السامإي ،وإيقاظ ذلك الشعور الحي الذي
يسوق المإم إلى الذود على كرامإتها والجد في استرداد مإجدها
وتحمل كل عنت ومإشقة في سبيل الوصول إلى الغاية ..
ولعلك تسأل بعد هذا :ومإا الوسائل التي اتخذها الخوانآ
المسلمين لتجديد نفوسهم وتقويم أخلقهم ؟ وهل جرب الخوانآ
هذه الوسائل ؟ وإلى أي مإدى نجحت تجربتهم ؟
ومإوعدنا الكلمات التالية انآ شاء الله .
مإنزلة الصــلة
قد علمت ـ أعزك الله ـ أنآ الخوانآ المسلمين رأوا في السلم
أفضل الوسائل لتهذيب نفوسهم وتجديد أرواحهم وتزكية أخلقهم ،
فاقتبسوا مإن نوره عقيدتهم واغترفوا مإن فيضه مإشربهم .وأنت
جد عليهم بأنآ مإنزلة الصلة مإن السلم مإنزلة الرأس مإن الجسد ,
فهي عماده ودعامإته وركنه وشعيرته ومإظهره الخالد وآيته الباقية ,
وهى مإع ذلك قرة العين وراحة الضمير وأنس النفس وبهجة القلب
والصلة بين العبد والرب ,والمرفأة تصعد برقيها أرواح المحبين
إلى أعلى عليين فتنعم بالنس وترتع في رياض القدس وتجتمع لها
أسباب السعادة مإن عالمي الغيب والشهادة .
وتلك بارقة تسطع في نفس مإن قدح زنادها ،وحلوة يستشعرها
مإن تذوق شهدها ،وهل رأيت بربك أعزب وأحلى وأروع وأجلى مإن
مإظهر ذلك الخاشع العابد الراكع الساجد القانت آناء الليل يحذر
الخرة ويرجو رحمة ربه وقد نامإت العيونآ وهدأت الجفونآ
واطمأنت الجنوب في المضاجع وخل كل حبيب بحبيبه ونادى مإنادى
العارفين مإن المحبين :
وبكاؤهن لغير فقدك باطل سهر العيونآ لغير وجهك ضائع
آه يا أخي ،إنآ مإوقفا ً واحدا ً مإن هذه المواقف أنفع للقلب وأفعل
في النفس وأذكى للروح مإن ألف عظة قولية وألف رواية تمثيلية
وألف مإحاضرة كلمإية ،وجرب تر ،ولمإر مإا كانآ ذلك في لسانآ
كاُنوا قَِليل ًنَ , سِني َح ِمإ ْ
ك ُ ل ذ َل ِ َ م َ
كاُنوا قَب ْ َ القرآنآ آية الحسانآ ) ,إ ِن ّهُ ْ
َ
نآ( )الذريات-16: فُرو َ ست َغْ ِ
م يَ ْ حارِ هُ ْس َ نآ ,وَِبال ْ جُعو َ مإا ي َهْ َل َ ن الل ّي ْ ِ
مإ َ
ِ
. . (18
َ ُ َ ً ً
م
ي لهُ ْ ف َ
خ ِ
مإا أ ْس َف ٌ ولمإر مإا كانآ أجر هؤلء سنيا خفيا َ) ,فل ت َعْل ُ
م نَ ْ
َ
نآ( )السجدة ، (17:ألم يكن مُلو َ
كاُنوا ي َعْ َ ما َ جَزاًء ب ِ َن َ ن قُّرةِ أع ْي ُ ٍ مإ ِْ
عملهم خفيا كذلك ،وهل تصلح الخلوات في حضرة الرقباء؟ وهل ً
يلذ لمحب في غير خلوة نجاء ؟ وهل جزاء الحسانآ إل الحسانآ ؟
ولقد حدثوا أنآ أبا القاسم الجنيد رؤي بعد وفاته فقيل له :مإا فعل
الله بك ؟ فقال :طاحت الشارات وفنيت العبارات وغابت العلوم
وضاعت الرسوم ومإا نفعنا إل ركيعات كنا نركعها في جوف الليل .
ل تستغرب ـ أيها القارئ الكريم ـ فما نفع القلب خير مإن خلوة
يدخل بها مإيدانآ فكره ،ومإا تزكت النفس بأفضل مإن ركعات
خاشعات تجلو القلوب وتقشع صدأ الذنوب وتغسل درنآ العيوب
وتقذف في القلب نور اليمانآ وتثلج الصدر ببرد اليقين .
والمسلمونآ في هذا العصر أمإام الصلة طرائق قدد وطوائف بدد:
فمنهم قوم أضاعوها وأهملوها وتركوها وجهلوها ،وإذا ذكرتهم
ووا رؤوسهم ورأيتهم يصدونآ بأمإرها أو خضت مإعهم في شأنها ل ّ
وهم مإستكبرونآ ويحسبونه هينا ً وهو عند الله عظيم .
داها ويصفه ول أحب أنآ أقول أنآ مإنهم مإن ينهي عنها ويحقر مإن أ ّ
بالرجعية والتأخر والجمود والتقهقر ،وانك لتسمع مإن هؤلء
وأشباههم أذى كثيرا ً ومإزاعم غريبة وكلمإا تعجب مإنه وتندهش له
م
ن هُ ْ ن ,ال ّ ِ
ذي َ صّلي َ ل ل ِل ْ ُ
م َ وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى ) :فَوَي ْ ٌ
نآ( )الماعونآ.(5-4:هو َ
سا ُم َ
صلت ِهِ ْ
ن َ
عَ ْ
وإنه ليزداد عجبك ويتضاعف اندهاشك حين تعلم أنآ مإن الذين
يعملونآ لدعوة السلم ،ويتصدرونآ كراسي الدفاع في القضية
السلمإية ،مإن يهمل أمإر الصلة ويصغر مإن شأنها كأنآ النبي لم
يصرح بأنها عماد الدين وفريضة المؤمإنين ،وكأنهم لم يسمعوا قوله
صلى الله عليه وسلم )ليس بين العبد والشرك إل ترك الصلة فإذا
تركها فقد أشرك( .
ولسنا نحاول أنآ نقنع هؤلء بما هو أوضح مإن الصبح وأجلي مإن
الضوء وأظهر مإن الشمس ،ولكنا نسأل الله لنا ولهم كمال الهداية
وتمام التوفيق .
ونحن بعد هؤلء أمإام صنفين مإن المسلمين :
الغالبية العظمي والكثرة الساحقة ،وهؤلء يؤدونآ صلة آلية
مإيكانيكية ورثوها عن آبائهم واعتادوها بمرور اليام وكر العوام ل
يتعرفونآ أسرارها ول يستشعرونآ آثارها ،وحسب أحدهم أنآ يلفظ
الكلمات ويأتي بالحركات ويسرد الهيئات ثم ينصرف مإعتقدا ً أنه
أدي الفريضة وأقام الصلة وخلص مإن العقوبة ونال الثواب ..
هذا وهم ل حقيقة له .وليست هذه القوال والفعال مإن الصلة إل
جسما روحه الفهم وقوامإه الخشوع وعماده التأثر ،وقد ورد في
الحديث )إنما الصلة تمسكن وتواضع وتضرع وتأوه..الخ ( )ورد
مإن رواية الترمإذى والنسائي(.
ولهذا رأيت أكثر الناس ل ينتفعونآ بصلتهم ول ينتهونآ بها عن
الفحشاء والمنكر ،مإع أنها لو كملت لثمرت تزكية النفس وتطهير
القلب ولمنعت صاحبها اقتراف الثام وغشيانآ المحارم .
وصنف ثاني مإن الناس ـ وهو قليل نادر ـ فهم هذه المعاني مإن
أسرار الصلة فهو جاد في تحقيقها عامإل علي استكمالها ،يصلي
بخشوع وتدبر واطمئنانآ وتفكر ،ويخرج مإن صلته وقد تذوق حلوة
العبادة وتأثر بمشاعر الطاعة واستنار بنور الله الذي يتجلى به علي
مإن وصلوا نفوسهم بجلل مإعرفته .وفي الحديث ) :مإن صلي
صلة لوقتها وأسبغ وضوءها وأتم ركوعها وسجودها وخشوعها
عرجت وهي بيضاء مإصفرة تقول حفظك الله كما حفظتني ومإن
صلها لغير وقتها ولم يسبغ وضوءها ولم يتم ركوعها ول سجودها
ول خشوعها عرجت وهي سوداء مإظلمة تقول ضيعك الله كما
ضيعتني ،حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق
فيضرب بها وجهه(.
ولهذا تفاوتت درجات الناس واختلفت ثوابهم وإنآ اتحدت الصلة
شكل ومإظهرا ً وقول وفعل ً .
ولهذا كانت عناية السلف الصالحين رضوانآ الله عليهم عظيمة
بإحضار قلوبهم في صلواتهم وتمام خشوعهم في عباداتهم .ولهذا
م
صلت ِهِ ْ
م ِفي َ ن هُ ْ
ذي َ كانآ أول وصف وصف به المؤمإنونآ ) :ال ّ ِ
نآ( )المؤمإنونآ. (2: شُعو َ خا َِ
علم الخوانآ المسلمونآ هذا فأخذوا أنفسهم به وحاولوا أنآ يدرجوا
عليه وكانآ أهم مإظهر مإن مإظاهرهم العملية :أنآ يحسنوا الصلة ،
وهم يعتقدونآ أنهم بهذا يسلكونآ أقرب السبل إلى تجديد النفوس
َ
نآ
صلةِ إ ِ ّ صب ْرِ َوال ّ
ست َِعيُنوا ِبال ّمإُنوا ا ْ
نآ َ وتطهير الرواح َ) ,يا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
ن( )البقرة. (153: ري َ
صاب ِ ِ
مإعَ ال ّ
ه َ الل َ
ً
فيا أيها الخ المسلم :تفهم ذلك جيدا ،وكن مإثال الحسانآ في
صلتك ،واعتقد أنآ أول الخطوات العملية فيها بيننا أنآ نحسن
الصلة والزكاة.
هما فريضتانآ ،جعلهما الله سياج الملة ومإظهر الشريعة ,وقرنآ
بينهما في كثير مإن آيات كتابه الكريم تنبيها ً علي عظيم فضلهما
وإظهارًالجللة قدرهما :هما الصلة والزكاة ..فبالولي صلح مإا
بينك وبين الله ،وبالثانية صلح مإابينك وبين الخلق .وهل في الوجود
إل خالق ومإخلوق ؟ فإذا صلح شأنه مإعهما فقد بلغت غاية الصلح
ووصلت إلى ذروة السعادة .
الــزكاة
ولئن كانت الصلة مإطهرة النفس وتصفية الروح ،فإنآ الزكاة
خذ ْ مإ َ
ة ت ُط َهُّرهُ ْ
م صد َقَ ًم َ وال ِهِ ْ
مإ َ
نأ ْ مإطهرة المال وتصفية الكسب ْ ِ ُ ) :
م( )التوبة(103: َ
ن لهُ ْ سك َ ٌ
ك َ صلت َ َ نآ َ م إِ ّل ع َل َي ْهِ ْ ص ّ م ب َِها وَ َ وَت َُز ّ
كيهِ ْ
ولقد جعل الله تبارك وتعالى الصلة والزكاة مإظهر اليمانآ ودليل
صحة العقيدة ،وأشار القرآنآ في الية الكريمة ) :فَإ ِ ْ
نآ َتاُبوا
َ
ن( )التوبة, (11: دي ِم ِفي ال ّ وان ُك ُ ْ
خ َ وا الّز َ
كاة َ فَإ ِ ْ صلة َ َوآت َ ُمإوا ال ّ وَأَقا ُ
وهو بمفهومإه يدل علي أنآ مإن قصر في أداء الصلة والزكاة فليس
مإن الخوانآ في الدين .
وكانآ هذا المعني هو الذي فهمه أبو بكر رضي الله عنه حين قاتل
مإانعي الزكاة وأقره عليه صحابة رسول الله وأطلق علي كثير مإمن
مإنعوا الزكاة )المرتدونآ( :روي الستة عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال ) :لما توفي النبي ،وكفر مإن كفر مإن العرب ،قال عمر
لبي بكر رضي الله عنهما :كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله
) :أمإرت أنآ أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل الله ،فمن قالها فقد
عصم مإني مإاله ونفسه إل بحقه وحسابه علي الله تعالى(؟ فقال
أبو بكر :والله لقاتلن مإن فرق بين الصلة والزكاة ،فإنآ الزكاة
حق المال .والله لو مإنعوني عقال ً كانوا يؤدونها إلى رسول الله
لقاتلتهم علي مإنعها .قال عمر :فوالله مإا هو إل أنآ رأيت أنآ الله
شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق( .وفي رواية عقال ً
)والعناق النثي مإن ولد المعز ،والعقال الحبل الذي تقيد به
الدابة( .
فانظر يا رعاك الله كيف عبر أبو هريرة رضي الله عنه عن مإانعي
الزكاة بقوله ) :كفر مإن كفر( ،وكيف رأي أبو بكر أنآ مإنع الزكاة
هدم للدين يستوجب قتال مإانعها وأنآ شهد أنآ ل إله إل الله ،وكيف
أقر عمر رأي أبي بكر وعرف أنه الحق .
ولقد توعد الله ورسوله مإانعي الزكاة أشد الوعيد ،فقال تبارك
لسِبي ِ قون ََها ِفي َ ف ُة َول ي ُن ْ ِ ض َ ف ّ ب َوال ْ ِ نآ الذ ّهَ َن ي َك ْن ُِزو َذي َ وتعالى َ) :وال ّ ِ
َ
وى م فَت ُك ْ َجهَن ّ َمى ع َل َي َْها ِفي َنارِ َ ح َ م يُ ْ
ب أِليم ٍ ,ي َوْ َ ذا ٍ م ب ِعَ َشْرهُ ْ اللهِ فَب َ ّ
ذوُقوا َ
مإا م فَ ُ سك ُ ْ
ف ِ م لن ْ ُ مإا ك َن َْزت ُ ْذا َ م هَ َ م وَظ ُُهوُرهُ ْ جُنوب ُهُ ْ م وَ ُجَباهُهُ ْ ب َِها ِ
نآ( )التوبة ، (35-34:وفي الحديث أنآ رسول الله صلي ْ
م ت َكن ُِزو َ ك ُن ْت ُ ْ
الله عليه وسلم قال ) :مإن آتاه الله مإال ً فلم يؤد زكاته مإثل له يوم
القيامإة شجاعا ً أقرع له زبيبتانآ يطوقه يوم القيامإة يأخذ بلهزمإتيه
يقول أنا كنزك ( ,والشجاع القرع هو الثعبانآ الخطر واللهزمإتانآ
هما الشدقانآ .
وفي الحديث كذلك ):ويل للغنياء مإن الفقراء يوم القيامإة ،يقولونآ
:ربنا ظلمونا حقوقنا التي جعلت لنا فيقول الله تبارك وتعالى
وعزتي وجللي لدنينكم ولبعدنهم(.
وإنما كانآ ذلك كذلك لنآ الزكاة نظام المشروعات وقوام العمال
النافعة وتقويم الفطرة الشحيحة ..تعود السخاء وتدرب علي
القصد وتطبع القلوب علي الحب وتدعو النفوس إلى اللفة وتنزع
الغلل والحقاد ،وتدعو إلى التعاونآ والتساند في الخيرات وتجنب
أصول الشرور والمفاسد ،وتخمد نار الثورات والفتن ..وكل امإرئ
يولي الجميل مإحبب ،ومإن وجد الحسانآ قيدا تقيدا .
والزكاة مإهمة مإن مإهمات الحاكم :عليه القيام بجمعها ،وتنظيم
تحصيلها والشراف علي إنفاقها في مإصارفها التي جعل الله لها .
ولو أنآ الحكومإات السلمإية عنيت بشأنآ الزكاة لكانت لها مإوردا ً
حلل ً طيبا ً يغنيها عن الضرائب الجائرة والمكوس الظالمة ولحيت
بذلك فريضة ضائعة وركنا ً مإهمل مإن أركانآ السلم .فأمإا إذا نسيت
الحكومإات السلمإية واجبها حيال الزكاة جمعا ً وإعطاًء ،فإنآ على
الفراد أنآ يقومإوا بإحياء هذه الشعيرة وإعادة هذه الفريضة وإخراج
حق الله لعيال الله ،فمن قصر في ذلك فإثمه على نفسه وجريرته
على عنقه وجزاؤه أليم عند ربه .
وها أنت ترى أنآ أفراد المسلمين تغافلوا عن حق الله في
أمإوالهم ولم يخروا نصيب الفقراء مإن إيرادهم ،مإما قطع العلئق
وأكثر الجرائم ولوث النفوس وزاد أحقادها وأضغانها .
رأى الخوانآ المسلمونآ ذلك فأرادوا أنآ يكونوا الرعيل الول
يضربونآ للناس المثل عمليا ً في إحياء هذا الركن ،ويبدءونآ
بأنفسهم فيخرجونآ زكاة أمإوالهم طيبة بها نفوسهم ،فإذا نجحوا
في ذلك كانوا حجة على المقصرين ودليل ً للراغبين ودعاة
للقاعدين .
وقد سبقت إلى الخير في هذا الشأنآ برمإبال القديمة مإن أعمال
مإديرية الدقهلية بالقطر المصري ،فجمعت الزكاة وصرفتها في
مإصارفها التي جاءت بها الية الكريمة :
ّ
مؤ َل َ
فةِ ْ َ
ن ع َلي َْها َوال ُمإِلي َ ْ
ن َوالَعا ِ قَراِء َوال ْ َ ت ل ِل ْ ُ
صد ََقا ُ
كي ِ
سا ِ م َ ف َ ما ال ّ )إ ِن ّ َ
لسِبي ِن ال ّ ْ َ قُُلوب ُهُ ْ
ل اللهِ َواب ْ ِ سِبي ِ ن وَِفي َ مإي َ ب َوالَغارِ ِ م وَِفي الّرقا ِ
م( )التوبة.(60: كي ٌح ِ
م َ ه ع َِلي ٌ
ن اللهِ َوالل ُ مإ َ
ة ِ
ض ًري َ فَ ِ
ولقد كنت عظيم الشفاق شديد الخوف مإن انقسام الوحدة
وانصداع الكلمة ،لنآ في المسلمين النآ خصال تحول دونآ
اجتماعهم على مإثل هذا الخير ،ول سيما إذا اتصل بالمادة والمال
فما بالك إذا كانآ المشروع مإن أساسه مإاليا ً ؟ كنت أخشى على
إخوانآ برمإبال شح الغنياء وغلهم أيديهم عن العطاء ..وتهم
الظنيين الذين يخلقونآ لكل شيء عيبا ً ولو كانآ هو الكمال مإجسما ً
،فيلمزونآ المطوعين بالرياء ويلمزونآ الجامإعين بالمحاباة ..
وجشع الخذين الذين يود أحدهم أنآ لو كانآ مإا جمع له كله ليس مإن
غيره مإن مإنصب ..والعادات المتوارثة التي درجنا عليها والتي
تجعل كل بيت مإمن بقيت فيهم بقية مإن المحافظة على إخراج
الزكاة يفضل أنآ يشرف بنفسه على صرف زكاة مإاله ول يؤثر
بذلك غيرة مإهما كانآ في هذا اليثار مإن فائدة .
كنت أخشى على إخوانآ برمإبال هذه المعوقات الربعة وهي
واضحة مإلموسة في مإجتمعاتنا مإما يبكي ويؤسف ولكن إخوانآ
برمإبال وأهل برمإبال كانوا أرفع مإن ذلك وأسمي فقرت بهم العين
وسعدت بهم النفس واطمأنآ بعملهم القلب وأثبتوا للناس أنآ
الطهارة ـ إنآ خالطت نفوسهم ـ والثقة ـ إنآ تبودلت بينهم ـ كفيلتانآ
بتذليل كل عقبة .
لقد كانآ أغنياء برمإبال أرفع مإن أنآ يمتنعوا عن أداء حق الله إذ
داعي الزكاة بهم أهابا ..ولقد كانآ فقراء برمإبال أرفع مإن أنآ تمتد
أعينهم إلى حقوق إخوانهم فما هو إل أنآ وصل إلى كل مإنهم مإا
قسم له مإن الزكوات المجموعة حتى سرت نفسه ولهج لسانه
بالدعاء للمزكين وللمنظمين ..ولقد كانآ إخوانآ برمإبال أحكم
وأحزم بتوفيق الله تعالى مإن أنآ يدعو للتهم مإجال وللظنة شبهة .
فتكونت مإنهم لجنة أولي لعمل الكشوف بالمستحقين أخذ عليها
العهد والميثاق أل تحابي ول تجامإل ول تفشي سرا ول تظهر عورة
ثم تلتها لجنه أخرى للفحص عن هذه الكشوف ومإراجعتها والتثبت
مإن صحتها ثم لجنه ثالثة لتقدير النصبة المستحقة لكل مإن تثبت
حاجته واستحقاقه ثم لجنه رابعه لمراجعة هذا التقدير وإقراره ثم
لجنه خامإسه للقيام بالتوزيع عمليا .وكانآ هذا النظام الدقيق
الموفق مإدعاة إلى العجاب والفرح مإن كل مإن شاهدوه أو علموا
به أو رأوا آثاره الرضية في نفوس برمإبال وجيرانآ برمإبال ..وكانآ
أهل برمإبال بعد ذلك أكبر مإن العادات وأسمي مإن القيود فاتبعوا
الرشد وأثاروا التعاونآ وضربوا في ذلك أروع المثل في تحقيق
أمإنية كنا نحلم بها مإن زمإن بعيد .
أفلست ترى أيها القارئ بعد هذا البيانآ أنآ الخوانآ المسلمين قوم
عمليونآ ...وأفل يري الخوانآ المسلمونآ في ذلك تحقيقا ً لمإالهم
فيعملوا علي أنآ نسمع في القريب عن هذه الخطوات الموفقة في
صلة َ َوآُتوا الّز َ َ
موا ِباللهِ
ص ُ
كاة َ َواع ْت َ ِ موا ال ّ بقية الشعب النشيطة )فَأِقي ُ
صيُر( )الحج.(78: موَْلى وَن ِعْ َ
م الن ّ ِ م ال ْ َ ولك ُ ْ
م فَن ِعْ َ مإ ْ
هُوَ َ
الجهـاد عّزنــا
مإر السبوع الفائت ولم أناج القراء الكرام فيه بهذه الخطرات التي
تمليها العاطفة ويفيض بها القلب عن جهود الخوانآ المسلمين .ول
أكتم القراء الكرام أني وجدت لذلك ألم الحرمإانآ ووخز الضمير ل
لننا نحب أنآ نرائي الناس بعملنا أو نظهرهم علي جهودنا ,فقد
يعلم الله أنآ الخوانآ المسلمين يعملونآ وهم يبتغونآ وجه الله
ويريدونآ بذلك رضوانه ول ينتظرونآ مإن أحد جزاء ول شكورا ,
ويعتقدونآ أنهم إنما يقومإونآ ببعض مإا يوجبه السلم علي أبنائه ول
يزالونآ بعد مإقصرين .وإنما نحب أنآ نبلغ الناس دعوتنا ونحدد لهم
وجهتنا ونكشف عن حقيقتنا ،لعلنا نجد مإنهم أعوانا على الخير
وهداة إلى البر فيتضاعف النفع ويقرب المدى وتدنو الغاية ويتحقق
مإا نرجو مإن إصلح شامإل وإنقاذ عاجل .
وإنآ كل يوم يمضي ل تعمل فيه المإة عمل ً للنهوض مإن كبوتها
يؤخرها أمإدا ً طويل ً .وإنآ في دعوة الخوانآ لو فقهها الناس لمنقذا ً
،وإنآ في مإنهاجهم لو اتبعته المإة لنجاحا ً ,وإنآ في جهودهم لو
أعينوا عليها لمإل ً ،ومإا النصر إل مإن عند الله العزيز الحكيم .
وبعد فقد ورد في الصحيح مإا مإعناه أنآ مإعاذا ً eكانآ يسير مإع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال له ) :إنآ شئت يا مإعاذ حدثتك
برأس هذا المإر وذروة السنام مإنه .إنآ رأس هذا المإر ل إله إل
الله وحده ل شريك له وأنآ مإحمدا ً عبده ورسوله ،وإنآ قوام هذا
المإر إقامإة الصلة وإيتاء الزكاة وإنآ ذروة السنام مإنه الجهاد في
سبيل الله .إنما أمإرت أنآ أقاتل الناس حتى يقيموا الصلة ويؤتوا
الزكاة ويشهدوا أنآ ل إله إل الله وحده ل شريك له وأنآ مإحمدا ً
عبده ورسوله ،فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دمإاءهم
وأمإوالهم إل بحقها وحسابهم علي الله عز وجل ,والذي نفس
مإحمد بيده مإا شحب وجه ول أغبرت قدم في عمل تبتغي به
درجات الجنة بعد الصلة المفروضة كجهاد في سبيل الله ،ول أثقل
مإيزانآ عبد كداّبه تنفق )أي تموت( في سبيل الله أو يحمل عليها
في سبيل الله(.
ذلك تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للسلم وهو أعرف الناس
بالسلم وإنآ الخوانآ المسلمين ل يحملونآ الناس علي غير السلم
ومإبادئ السلم ،ول ينهجونآ إل مإناهج السلم وشعاب السلم .
وقد حدثتك عنهم في الصلة والزكاة ومإا يريدونآ مإن أنفسهم ومإن
الناس حيالها ،وهي قوام المإر ودعامإته .فلتحدث إليك النآ عن
الخوانآ المسلمين المجاهدين ،ومإاذا يريدونآ مإن أنفسهم ومإن
الناس حيال الجهاد في سبيل الله وهو مإن السلم ذروة السنام .
مإن الجهاد في السلم أيها الحبيب :عاطفة حيه قويه تفيض حنانا ً
إلى عز السلم ومإجده ،وتهفو شوقا ً إلى سلطانه وقوته ،وتبكي
حزنا ً علي مإا وصل إليه المسلمونآ مإن ضعف ومإا وقعوا فيه مإن
مإهانة ،وتشتعل ألما ً علي هذا الحال الذي ل يرضي الله ول يرضي
مإحمدا ً عليه الصلة والسلم ول يرضي نفسا ً مإسلمة وقلبا ً مإؤمإنا ً
.و)مإن لم يهتم بأمإر المسلمين فليس مإنهم( كما ورد في الحديث
الصحيح .
إنآ كانآ في القلب إسلم لمثل هذا يذوب القلب مإن كمد
وإيمانآ
ومإن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أنآ يحملك هذا الهم الدائم
والجوى اللحق علي التفكير الجدي في طريق النجاح وتلمس
سبيل الخلصا وقضاء وقت طويل في فكرة عميقة تمحص بها
سبل العمل وتتلمس فيها أوجه الحيل لعلك تجد لمإتك مإنفذا أو
تصادف مإنقذا ً ،ونية المرء خير مإن عمله والله يعلم خائنة العين
ومإا تخفي الصدور .
ومإن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أنآ تنزل عن بعض وقتك
وبعض مإالك وبعض مإطالب نفسك لخير السلم وبني المسلمين
..فإنآ كنت قائدا ً ففي مإطالب القيادة تنفق ،وإنآ كنت تابعا ً ففي
مإساعدة الداعين تفعل ،وفي كل خير ,وكل وعد الله الحسني ,
ن
مإ َم ِ حوْل َهُ ْ ن َ مإ ْ دين َةِ وَ َ م ِ ل ال ْ َ ِ نآ ل َهْكا َمإا َ والله تبارك وتعالى يقول ) َ
َ
ل اللهِ َول ي َْرغ َُبوا ب ِأن ْ ُ خل ّ ُ َ ال َع َْرا
سهِ ف ِ ن نَ ْم عَ ْ سه ِ ْف ِ سو ِ ن َر ُ ْ فوا ع َ نآ ي َت َ َبأ ْ ِ
ك بأ َنهم ل يصيبهم ظ َ ٌ
ل اللهِ َول سِبي ِ ة ِفي َ ص ٌ
م َ خ َ مإ ْ
ب َول َ ص ٌ مأ َول ن َ َ َ ُ ِ ُُ ْ ذ َل ِ َ ِ ّ ُ ْ
ُ
ب ل َهُ ْ
م ب ِهِ ن ع َد ُوّ ن َْيل ً ِإل ك ُت ِ َ مإ ْ
نآ ِفاَر َول ي ََناُلو َ ظ ال ْك ُ ّ طئا ً ي ُِغي ُ مإوْ ِ نآ َ ي َط َأو َ
َ
ة
ق ًف َنآ ن َ َقو َ ف ُن َ ,ول ي ُن ْ ِ سِني َ ح ِ م ْجَر ال ْ ُ ضيعُ أ ْ ه ل يُ ِ نآ الل َ ح إِ ّ صال ِ ٌ ل َ م ٌ عَ َ
ه
م الل ُ جزِي َهُ ُ م ل ِي َ ْ ب ل َهُ ْ نآ َواِديا ً ِإل ك ُت ِ َ قط َُعو َ صِغيَرة ً َول ك َِبيَرة ً َول ي َ ْ َ
نآ( )التوبة. (121-120: ُ َ َ
ملو َ مإا كاُنوا ي َعْ َ ن َ س َ ح َ أ ْ
ومإن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أنآ تأمإر بالمعروف وأنآ
تنهي عن المنكر ،وأنآ تنصح لله ورسوله ولكتابه ولئمة المسلمين
وعامإتهم ،وأنآ تدعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه
ومإا ترك قوم التناصح ال ذلوا ومإا أهملوا التآَمإر بالمعروف والتناهي
ل ع ََلى سرائي َ ن ب َِني إ ِ ْ مإ ْ فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ن ال ّ ِ عن المنكر ال خذلوا ) ,ل ُعِ َ
كاُنوا نآ َ , دو َ كاُنوا ي َعْت َ ُ وا وَ َ ص ْ ما ع َ َ ك بِ َ م ذ َل ِ َ مإْري َ َ
ن َ سى اب ْ ِ عي َ داوُد َ وَ ِ نآ َ سا ِ لِ َ
نآ( )المائدة-78: فعَلو َُ كاُنوا ي َ ْ مإا َ س َ َ ُ
مإن ْك َرٍ فَعَلوه ُ لب ِئ ْ َ ن ُ نآ ع َ ْ ل ي َت ََناهَوْ َ
. (79
و مإن الجهاد في سبيل الله ايها الحبيب :انآ تتنكر لمن تنكر لدينه
وانآ تقاطع مإن عادي الله ورسوله فل يكونآ بينك وبينه صله ول
مإعامإله ول مإؤاكله ول مإشاربه وفي الحديث ) :إنآ أول مإا دخل
النقص علي بني اسرائيل انة كانآ الرجل يلقى الرجل فيقول :يا
هذا اتق الله ودع مإا تصنع فانه ل يحل لك ثم يلقاه مإن الغد وهو
علي حاله فل يمنعه ذلك أنآ يكونآ أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلو
ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض(.
ً
ومإن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أنآ تكونآ جنديا لله تقف
له نفسك ومإالك ل تبقي علي ذلك مإن شئ .فإذا هدد مإجد السلم
وديست كرامإة السلم ودوي نفير النهضه لستعادة مإجد السلم
ن
مإ َ شت ََرى ِ ها ْ نآ الل َ كنت أول مإجيب للنداء وأول مإتقدم للجهاد ) ,إ ِ ّ
َ َ ن أ َن ْ ُ
ة( )التوبة , (111:وفي م ال ْ َ
جن ّ َ نآ ل َهُ ُ م ب ِأ ّ وال َهُ ْ مإ َ
م وَأ ْ سه ُ ْف َ مإِني َمؤ ْ ِال ْ ُ
الحديث) :مإن مإات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مإات علي شعبة
مإن النفاق( رواه مإسلم وأبو داود والنسائي .وبذلك يتحقق مإا يريد
الله مإن نشر السلم حتى يعم الرض جميعا ً .
ومإن الجهاد في سبيل الله أيها الحبيب :أنآ تعمل علي إقامإة مإيزانآ
العدل وإصلح شئونآ الخلق وانصاف المظلوم والضرب علي يد
الظالم مإهما كانآ مإركزه وسلطانه .
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلي
الله عليه وسلم قال ) :أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطانآ أو
أمإير جائر( رواه أبو داود والبخاري بمعناه ،وعن جابر رضي الله
عنه :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ) :سيد الشهداء حمزة
بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمإام جائر فأمإره ونهاه فقتله( رواه
ابن مإاجه باسناد صحيح .
ومإن الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى انآ لم توفق إلى شئ مإن
ذلك كله :أنآ تحب المجاهدين مإن كل قلبك وتنصح لهم بمحض
رأيك وقد كتب الله لك بذلك الجر وأخلك مإن التبعة .ول تكن غير
س ع ََلى ذلك فيطبع علي قلبك ويؤاخذك أشد المؤاخذة ) :ل َي ْ َ
ج
حَر ٌ نآ َ قو َ ف ُمإا ي ُن ْ ِ نآ َ دو َ ج ُن ل يَ ِ ذي َ ضى َول ع ََلى ال ّ ِ مْر َ فاِء َول ع ََلى ال ْ َ ضع َ َال ّ
فوٌر ه غَ ُ ل َوالل ُ سِبي ٍ ن َ مإ ْن ِ سِني َ ح ِ م ْ مإا ع ََلى ال ْ ُ سول ِهِ َ حوا للهِ وََر ُ ص ُ ذا ن َ َ إِ َ
َ َ َ
مل ُك ُ ْ
م ح ِ مإا أ ْ جد ُ َ تلأ ِ م قُل ْ َ مل َهُ ْ ح ِ ك ل ِت َ ْ مإا أت َوْ َ ذا َ ن إِ َ ذي َ م َ ,ول ع ََلى ال ّ ِ حي ٌ َر ِ
َ َ
مانآ ,إ ِن ّ َ
قو َ ف ُمإا ي ُن ْ ِ
دوا َ ج ُ حَزنا ً أل ي َ ِ مإِع َ ن الد ّ ْ َ مإ
ض ِ ُ في
م تَ ِ
وا وَأع ْي ُن ُهُ ْع َل َي ْهِ ت َوَل ّ ْ
َ َ ْ
مإعَكوُنوا َ نآ ي َ ُ
ضوا ب ِأ ْ م أغ ْن َِياُء َر ُ ك وَهُ ْ ست َأذ ُِنون َ َ ن يَ ْ ذي َل ع ََلى ال ّ ِ سِبي ُ ال ّ
نآ( )التوبة. (93-91: مو َ َ
م ل ي َعْل ُ م فَهُ ْ ُ
ه ع َلى قُلوب ِهِ ْ َ ف وَطب َعَ الل ُ َ وال ِ ِ خ َال ْ َ
وبعد فهذه بعض مإراتب الجهاد في السلم ودرجاته فأين الخوانآ
المسلمونآ مإن هذه الدرجات؟
فأمإا أنهم مإحزونونآ لما وصل اليه المسلمونآ آلمونآ ،فعلم الله أنآ
أحدهم يجد مإن ذلك مإا يذيب لفائف قلبة وينال مإن أعماق نفسة
ويحز في قرارة فؤادة ويمنعة في كثير مإن الحايين النس بأهله
وإخوانه والمتعة بكل مإا في الوجود مإن لذة وجمال .
وأمإا انهم يفكرونآ في سبيل الخلصا ،فعلم الله أنه مإا مإن فكرة
تحتل أفكارهم ومإا مإن خطة تستهوى عواطفهم ومإا مإن شانآ
يشغل عقولهم كهذا الشانآ الذي مإلك عليهم رؤوسهم وقلوبهم
واستبد مإنهم بشعورهم وتفكيرهم.
وأمإا أنهم يبذلونآ في هذا السبيل وقتا ومإال ،فحسبك أنآ تزور ناديا
مإن أنديتهم لترى عيونا أذبلها السهر ووجوها أشحبها الجلد وجسومإا
أضناها النصب وأخذ مإنها العياء على أنها فتّية بإيمانها قوية
بعقيدتها ،وشبابا يقضونآ ليلهم إلى مإا بعد انتصافه مإكبين على
المكتب أو عاكفين على المناضد وأترابهم في لهوهم وأنسهم
ومإتعتهم وسمرهم .ورب عين ساهرة لعين نائمة وإنما نحتسب
ذلك عند الله ولنمتن به ) ,بل الله يمن ع َل َيك ُ َ
نآ
ما ِ لي َم لِ ِداك ُ ْ نآ هَ َمأ ْ ْ ْ ُ َ ُ ّ َ ِ
ن( )الحجرات. (17: صاد ِِقي َ م َ نآ ك ُن ْت ُ ْإِ ْ
فإذا سألت عن المال الذي ينفق علي دعوتهم فما هو إل مإالهم
القليل يبذلونه في سخاء ورضاء وراحة وطمأنينة .وإنهم ليحمدونآ
الله إذ ترقت تضحيتهم بالمال مإن درجة السخاء بكماليات العيش
إلى درجة القتصاد مإن ضرورياته وإنفاق مإا يقتصد في سبيل
نآ( )الحشر(9: حو َ فل ِ ُم ْ م ال ْ ُ ك هُ ُسهِ فَُأول َئ ِ َ ف ِ ح نَ ْ ش ّن ُيوقَ ُ مإ ْ الدعوة ) ,وَ َ
,مإا أسعدنا أنآ يقبل الله مإنا ذلك وهو مإنه وإليه .
وأمإا أنهم يأمإرونآ بالمعروف وينهونآ عن المنكر :فقد بدأوا في
ذلك بأنفسهم ثم بأسرهم وبيوتهم ثم بإخوانهم وأصدقائهم وهم
يتذرعونآ في ذلك بالصبر والناه والحكمة والموعظة وهل تري
جريدتهم هذه إل مإظهرا ً مإن مإظاهر المإر بالمعروف والنهي عن
المنكر؟ وهل تري عظاتهم وأقوالهم إل سبيل ً في هذه السبيل ؟
وأمإا مإا بقي مإن درجات الجهاد فواجب الجماعة فعلي الجماعة أنآ
تجيب ,وإنآ الخوانآ المسلمين في ذلك الرعيل الول ل يدخرونآ
وسعا ً ول يحتجزونآ جهدا ً ،وهم يعلمونآ مإنزلة ذلك مإن السلم
ويعلمونآ أنآ النبي صلى الله عليه وسلم قال ) :مإن لقي الله بغير
اثر مإن جهاد لقي الله وفيه ثلمة( رواه الترمإذي وابن مإاجه .وهم
يسألونآ الله أنآ يوفقهم إلى لقائه وليس بهم ثلمات .وقد قال الله
ن( )النساء(84: مإِني َ مؤ ْ ِ ض ال ْ ُ حّر ِ ك وَ َ س َ ف َ ف ِإل ن َ ْ تعالى لنبيه ) :ل ت ُك َل ّ ُ
،وإنا لنرجوا أنآ نكونآ بذلك قد أبلغنا الجماعة ،وأنآ يكونآ هذا
الصوت قد وصل إلى نفوسهم فوجد مإنها خصوبة يزداد بها عدد
دوا ِفيَناجاهَ ُ
ن َ العامإلين وتنتظم مإعها صفوف المجاهدين )َوال ّ ِ
ذي َ
ن( )العنكبوت.(69: سِني َ
ح ِ معَ ال ْ ُ
م ْ ه لَ َ سب ُل ََنا وَإ ِ ّ
نآ الل َ ل َن َهْد ِي َن ّهُ ْ
م ُ
حــق القرآنآ
مإا رأيت ضائعا ً أشبه بمحتفظ به ول مإهمل ً أشبه بمعني بشأنه مإن
القرآنآ الكريم في أمإتنا هذه :أنزل الله القرآنآ الكريم كتابا ً مإحكما ً
ن
ن ب َي ْ ِ
مإ ْ
ل ِونظامإا ً شامإل ً وقوامإا ً لمإر الدين والدنيا ) ,ل ي َأ ِْتيهِ ال َْباط ِ ُ
ميد ٍ( )فصلت. (42: ح ِ
كيم ٍ َ
ح ِ
ن َ
مإ ْ
ل ِزي ٌ خل ْ ِ
فهِ ت َن ْ ِ ن َ
مإ ْ
ي َد َي ْهِ َول ِ
وأعتقد انآ أهم الغراض التي تجب علي المإة السلمإية حيال
القرآنآ الكريم ثلثة مإقاصد :
أولها :الكثار مإن تلوته ،والتعبد بقراءته ،والتقرب إلى الله تبارك
وتعالى به ..
وثالثها :جعله أساسا ً لحكام الدنيا مإنه تستمد وعلي مإواده الحكيمة
تطبق .
تلك أهم المقاصد والغراض التي أنزل الله لها كتابه وأرسل به نبيه
وتركه فينا مإن بعده واعظا ً مإذكرا ً وحكما ً عدل ً وقسطاسا ً
مإستقيما ً .ولقد فهم السلف رضوانآ الله عليهم هذه المقاصد
فقامإوا بتحقيقها خير قيام ,فكانآ مإنهم مإن يقرأ القرآنآ في ثلث
ومإنهم مإن يقرأه في سبع ومإنهم مإن يقرأه في أقل مإن ذلك أو أكثر
.ولقد كانآ بعضهم إذا شغل عن ورده مإن القرآنآ نظر في
المصحف وقرأ بعض اليات الكريمة وقال :حتى ل أكونآ مإمن
اتخذوا هذا القرآنآ مإهجورا ً .فكانآ القرآنآ ربيع قلوبهم وورد
عباداتهم يتلونه آناء الليل وأطراف النهار .ورضي الله عن الخليفة
الثالث الذي لم يسل المصحف والحصار علي بابه والسيف علي
عنقه
ويرحم الله ذلك الذي لم يجد في رثائه مإن أنآ يقول :
عن شهر كامإل فضل عن السنين والعوام .ول أحب أنآ أطيل
عليك بما أشرقت به كتب السير واستنارت بضوء سناه صحائف
كتب التاريخ .وهم حينما أرادوا أنآ يستنبطوا أحكام دين الله كانآ
القرآنآ أول المصادر ،ومإا الول إذنآ انآ لم يكن كتاب الله ؟ وها
أنت ترى أنآ المصطفي صلى الله عليه وسلم قد أقر مإعاذا حين
سأله بم يحكم ،فقال بكتاب الله وبدأ به ثم ثنا بالسنة المطهرة.
وقد علمت أنآ عمر رضي الله عنه حظر علي كثير مإن الصحابة
الكرام أنآ يحدثوا الناس ـ وهم حديثوا عهد بالسلم ـ بالحاديث
والوقائع حتى يفقهوهم في كتاب الله أول ويقفوهم علي حلله
وحرامإه .وقد علمت كذلك أنآ الئمة مإن صدور التابعين وتابعيهم
بإحسانآ أمإثال سعيد بن المسيب مإا كانوا يسمحونآ للناس بتدوين
فتاويهم حذر النصراف بأقوالهم عن كتاب الله .ولقد مإزق سعيد
الصحيفة مإن يد مإن دّونآ إفتاءه وقال :تأخذ كلمإي وتدع كتاب الله
ثم تذهب تقول قال سعيد قال سعيد ! عليك بكتاب الله وسنة
رسوله .
أفلست ترى مإن هذا وغيره أنآ السلف الصالحين رضوانآ الله
عليهم قد جعلوا كتاب الله تعالى أصل الصول التي يستنبطونآ مإنها
دين الله وأحكامإه .
ومإا كانت أحكام الدنيا عندهم ال وفق مإا يأمإر به ونزول ً علي حكمه
..حقوق تؤدى وحدود تقام وأحكام تنفذ وأوامإر تسري ل إلغاء
ولتعطيل ول تعليل ول تأويل .
كذلك كانآ ،يوم كانآ السلم غضا ً طريا ً ،وثمر الدين بالغا ً جنيا ً ،
ويوم فهم المسلمونآ حكمة وجود القرآنآ بينهم كما علمهم رب
مإَباَر ٌ
ك ل ِي َد ّب ُّروا آَيات ِهِ ك ُب أ َن َْزل َْناه ُ إ ِل َي ْ َ
القرآنآ ونبي القرآنآ ) ,ك َِتا ٌ
َ ُ
صا.(29: ب( ) ّ وَل ِي َت َذ َك َّر أوُلو الل َْبا ِ
ثم دالت تلك الدولة ،وذهب مإاكانآ للقرآنآ علي عقول الناس
وألبابهم مإن صولة ،وسرت في ألسنتهم وعقولهم لوثة العجمة ،
فإذا هم في ناحية والقرأنآ في ناحية أخرى وبين الناحيتين بعد
المشرقين :
فأمإا التعبد بتلوة القرآنآ وقرائته آناء الليل وأطراف النهار فالنذر
اليسير مإنا مإن عني بذلك وعمل عليه ..وأمإا بقية المتعبدين فلهم
فيما وضعوا لنفسهم ووضع لهم شيوخهم مإن أوراد وأحزاب
ً
ووظائف وصلوات مإا تركوا به كتاب الله وأحلوه مإحله حفظا و
اهتمامإا ً وتعبدا ً وتلوة ً وترديدا ً وتكرارا ً .
ومإا نحرم تلوة الوراد الصحيحة ،ول نحول بين الناس والدعية
والحزاب التي ل تخالف ظاهر الشريعة .ولكن نقول لهم :كتاب
الله أولى أول ً ،رتبوا على أنفسكم مإنه أحزابا ً تصل قلوبكم به
وتربط أرواحكم بفيضه وإشراقه ،ثم اذكروا الله بعد ذلك بما
شئتم مإن الصيغ التي تنطبق علي أحكام الدين .أمإا أنآ تهملوا
القرآنآ جملة وتجعلوا عبادتكم كلها مإما وضعتم لنفسكم أو وضع
غيركم لكم فترك لكتاب الله ،وإهمال لحقوقه .
وأمإا استنباط الحكام مإنه فقد وقع الناس في جهالة بكتاب الله
تجعل بينهم وبين ذلك حجابا ً كثيفا ً وسدا ًُ مإنيعا ً ،مإما اضطرهم إلى
القناعة بالملخصات والرضا بالتعليقات وقصر هممهم عن السمو
إلى مإا هو أرقي مإن ذلك مإن الغايات .
كانآ القرآنآ فيما مإضى زينة الصلوات فأصبح اليوم زينة الحفلت ،
وكانآ قسطاس العدالة في المحاكم فصار سلوة العابثين في
المواسم وكانآ واسطة العقد في الخطب والعظات فسار بواسطة
العقد في الحلى والتميمات ,أفلست مإحقا ً حين قلت :مإا رأيت
ظ به مإن كتاب الله ! تناقض عجيب في هذا ضائعا ً أشبه لمحتف ٍ
الموقف مإنا أمإام القرآنآ :أننا نعظمه ،مإا في ذلك شك ..ونذوذ
عنه ،مإا في ذلك شك ..ونقترب إلى الله به مإا في ذلك شك ،
ولكن ياقوم :أخطأتم طريق التعظيم وتنكبتم سبيل الذود عنه
وضللتم عن جادة التقرب إلى الله به .
أليس مإن الضاعة لكتاب الله أنآ ترى المراكز التي كانآ القرآنآ
يعفي مإنها عددا ً عظيما ً مإن القرعة العسكرية صارت اليوم خلوا ً
مإمن يحفظه ويتقدم للمعافاه به ؟
أوليس مإن الضاعة لكتاب الله أنآ ترى الطالب يدخل الزهر
الشريف وهو يحفظه لنآ ذلك شرط دخوله ،ثم يخرج مإنه وقد
نسيه لنآ القرآنآ لم يشترط في إجازته بنهاية مإدة تعليمه .فتراه
إنآ خرج ليكونآ إمإامإا ً يصلى بالناس قصر بهم ،وإنآ كانآ واعظا ً
استند إلى فقهاء الريف الحافظين في عظاته ودروسه ،وإنآ كانآ
مإحامإيا ً أو قاضيا ً لجأ إلى المصحف في تصحيح اليات التي
ة أضعنا كتاب الله وكأنه بيننايستشهد بها مإن كتاب الله ! إننا حقيق ً
كتاب أثري ل يسري مإفعوله ول ينفذ حكمه ،وهذا في الحقيقه
أصل مإا أصابنا مإن بلء وشر .
وإذا علمت هذا أيها القارىء الكريم ..فاعلم أنآ الخوانآ المسلمين
يحاولونآ في جد أنآ يعودوا هم أول ً إلى كتاب الله ،يتعبدونآ بتلوته
ويستنيرونآ في تفهم أقوال الئمة العلم بأياته ويطالبونآ الناس
بإنفاذ أحكامإه ويدعونآ الناس مإعهم إلى تحقيق هذا الغاية التي هى
أنبل غايات المسلم في الحياة ,ولله المإر مإن قبل ومإن بعد .
وأنت إذا رجعت بذاكرتك إلى تاريخ الفرق السلمإية ،وإلي الدوار
التي سبقت ،وقارنت قيام الدولة العباسية في الشرق ،ثم إلى
نهضة الدول الحديثة الوربية مإن فرنسا وايطاليا وروسيا وتركيا ـ
سواء في الدور الول وهو دور تكوين الوحدات وتأسيس
الحكومإات أو في هذا الدور وهو دور تكوين المبادىء ومإناصرة
النظريات ـ لرأيت ذلك يخضع إلى مإناهج مإعروفة الخطوات تؤدى
إلى النتيجة الحتمية التي تعمل لها المإة .
ذلك مإا أشك فيه كثيرا ً ،فإني ألحظ أنآ خلق التسرع المركوز في
طباعنا ،وسرعة التأثر وهياج العواطف الذي يبدو فينا واضحا ً ،
وغيرهما مإن أسباب اجتماعية وغير اجتماعيه ..جعلت نهضتنا
فورات عاطفية تشتد وتقوى بقوة المؤثر الوقتي وشدته ثم تخمد
وتزول كأنآ لم يكن شىء .ولئن كانت الغاية التي نعمل لها جميعا ً
واضحة مإعروفة للكثيرين فأنا واثق مإن أمإرين يلزمإانآ هذه
المعرفة :
والمإر الثاني :أنآ الصلة مإنقطعة تمامإا ً بين السابق اللحق ..يصل
السابق إلى نصف الطريق فإذا جاء اللحق لم يتبعه لنقطاع الصلة
بينهم ،فيبدأ طريقا ً جيدا ً قد يصل فيه إلى مإقدار مإا وصل سابقه
وقد يقصر عنه وقد يسبق قليل ً ،ولكنه على كل حال ل يصل
بالمإانة إلى النهاية لنآ أعمار الفراد قصيرة بالنسبة لعمار
النهضات والشعوب .
ونحن نتصور أنآ الواحد يستطيع أنآ يحقق للمإة كل مإا تبتغي ،وهى
فكرة خيالية وخدعة نفسية عاطفية يجب أنآ تزول مإن نفس كل
عامإل حتى ينتفع بها عمل سلفه .
وأمإا بعد ،فبهذه الكلمة تنتهي تلك السلسلة المجملة مإن الحديث
عن الخوانآ المسلمين العمليين .وأرجو أنآ يكونآ لها أثرها
المنشود في نفس قرائنا الكرام ،فيؤازروا أولئك القوم الذين
وقفوا كل شيء في سبيل الله والدعوة ،وينضموا إليهم ليساهموا
مإعهم في هذه النهضة الموفقة ،التي يكسب العامإل فيها كل يوم
نصرا ً جديدا ً ،إنآ لم يؤده إلى الفتح فسيؤدي إليه مإن بعده بفضل
مإجهوده إنآ شاء الله :
نآ
دو َ
ست َُر ّ
نآ وَ َ مؤ ْ ِ
مإُنو َ ه َوال ْ ُسول ُ ُ م وََر ُمل َك ُ ْ ه عَ َ سي ََرى الل ُمُلوا فَ َ ل اع ْ َ )وَقُ ِ
نآ( )التوبة(105: ملو َ ُ م ت َعْ َ ُ
ما كن ْت ُ ْم بِ َ ُ
شَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُك ْ
ب َوال ّ ْ إ َِلى َ
عال ِم ِ الغَي ْ ِ
.
أ ـ الربانية .
ب ـ التسامإي بالنفس النسانية .
ج ـ تقرير عقيدة الجزاء .
د ـ إعلنآ الخوة بين الناس .
هـ ـ النهوض بالرجل و المرأة جميعا ,و إعلنآ التكافل و المساواة
بينهما ,و تحديد مإهمة كل مإنهم تحديدا دقيقا .
و ـ تأمإين المجتمع بتقرير حق الحياة و الملك و العمل و الصحة و
الحرية و العلم و المإن لكل فرد و تحديد مإوارد الكسب .
ز ـ ضبط الغريزتين :غريزة حفظ النفس ,و حفظ النوع ,و تنظيم
مإطالب الفم و الفرج
ح ـ الشدة في مإحاربة الجرائم الصلية .
ط ـ تأكيد وحدة المإة و القضاء على كل مإظاهر الفرقة و أسبابها .
ي ـ إلزام المإة الجهاد في سبيل مإبادئ الحق التي جاء بها النظام .
ك ـ اعتبار الدولة مإمثلة للفكرة و قائمة على حمايتها ,و مإسؤولة
عن تحقيق أهدافها في المجتمع الخاصا ,و إبلغها للناس جميعا .
فالمسلم مإطالب بأداء هذه الوجبات ,و النهوض بها كما فصلها
النظام القرآني ,و عليه أل يقصر في شيء مإنها ,و قد ورد ذكرها
جميعا في القرآنآ ,و بينتها بيانا شافيا أعمال النبي و أصحابه و الذين
اتبعوهم بإحسانآ في بساطة و وضوح ,كل عمل فيها أو عدة أعمال
تقوي و تركز أو عدة مإبادئ مإن النظريات السابقة التي جاء هذا
النظام لتحقيقها و إفادة الناس بنتائجها و آثارها .
وقد اتصلت بغيرها مإن المإم ،ونقلت كثيرا ً مإن الحضارات ،ولكنها
تغلبت بقوة إيمانها ومإتانة نظامإها عليها جميعا ً ،فعربتها أو كادت ،
واستطاعت أنآ تصبغها وأنآ تحملها على لغتها ودينها بما فيهما مإن
روعة وحيوية وجمال ،ولم يمنعها أنآ تأخذ النافع مإن هذه الحضارات
جميعا ً ،مإن غير أنآ يؤثر ذلك في وحدتها الجتماعية أو السياسية .
) هـ ( إلى القوة مإن جديد :و لكن هذا العدوانآ الصارخ و الستهتار
بالعهود و المواثيق أحرج الصدور و أثار النفوس ,فهبت هذه المإم
تطالب باستقللها و تجاهد لسترداد حريتها و مإجدها ,و اشتعلت
فيها الثورات لهذا المعنى ,فثارت تركيا و ثارت مإصر و ثارت
العراق و سوريا و تكررت الثورات في فلسطين و الريف في بلد
المغرب ,و عمت اليقظة في النفوس كل مإكانآ ,و وصلت شعوب
السلم بذلك إلى بعض الحقوق ,فاستقلت تركيا في حدودها
الجديدة ,و اعتبرت مإصر و العراق دولتين مإستقلتين ,و قامإت في
الحجاز و نجد دولة السعوديين ,و حافظت اليمن و إيرانآ و
أفغانستانآ على وضعياتها ,المستقلة ,و قاربت سوريا أنآ تسلب
العتراف باستقللها ,و لفتت فلسطين أنظار العالم إليها بكفاحها ,
و خطا المسلمونآ و ل شك خطوات طيبة و أنآ كانت قليلة و بطيئة
نحو الهداف الكريمة التي قصدوها مإن استعادة حريتهم و استرداد
مإجدهم و بناء دولتهم ,و لئن اتجهت هذه الخطوات إلى المعنى
القومإي الخاصا و طالبت كل أمإة بحقها في الحرية كأمإة مإستقلة ,
و تعمد كثير مإن العامإلين لهذه النهضة أنآ يغفل فكرة الوحدة فإنآ
مإصير هذه الخطوات سيكونآ و ل شك التجمع و عودة المإة
السلمإية كدولة مإتحدة تضم شتات شعوب العالم السلمإي و ترفع
راية السلم و تحمل دعوته ,فليس في الدنيا أمإة يجمعها مإا يجمع
المسلمونآ مإن وحدة اللغة و الشتراك في المصالح المادية و
الروحية و التشابه في اللم و المإال .
و امإتد أمإام الوربيين رواق العلم و انفسح مإجال الختراع و الكشف ,
و ضعفت الماكينة النتاج و وجهت الحياة وجهة صناعية ,و سار ذلك
نشأة جنبا إلى جنب مإع
الدولة القوية و امإتداد سلطانها إلى كثير مإن البلد و القطار ,
فأقبلت الدنيا على هذه المإم الوربية و جبيت إليها ثمرات كل شيء
,و تدفقت عليها المإوال مإن كل مإكانآ ,فكانآ طبيعيا بعد ذلك أنآ
تقوم الحياة الوربية و الحضارة الوربية على قاعدة إقصاء الدين عن
مإظاهر الحياة الجتماعية و بخاصة الدولة و المحكمة و المدرسة و
طغيانآ النظرية المادية و جعلها المقياس في كل شيء ...و تبعا
لذلك صارت مإظاهر هذه الحضارة مإظاهر مإادية بحتة تهدم مإا جاءت
به الديانآ السماوية ،وتناقض كل المناقضة تلك الصول التي قررها
السلم الحنيف ،وجعلها أساسا ً لحضارته التي جمعت بين الروحانية
والمادية جميعها ،ومإن أهم الظواهر التي لزمإت المدنية الوروبية:
- 1بلد بلغ هذا التأثر مإبلغا عظيما يصل إلى القلوب و المشاعر ,
كما غير الوضاع و المظاهر ,و مإن هذه البلد تركيا و مإصر ,فقد
انحسر ظل الفكرة السلمإية في هذه البلد عن كل الوضاع
الجتماعية ,و طوردت الفكرة السلمإية لتقبع في المساجد و الزوايا
و الربط و التكايا .
- 2بلد تأثرت بهذه الحضارة في أوضاعها و مإظاهرها الرسمية ,و
لكنها لم تتغلب فيها على المشاعر القلبية كإيرانآ و بلد المغرب و
شمال أفريقيا .
- 3بلد لم تتأثر بهذه الحضارة فيها إل طبقة خاصة مإن المثقفين و
الحكام دونآ العامإة و الدهماء كسوريا و العراق و الحجاز و كثير مإن
أجزاء الجزيرة العربية و بقية مإمالك السلم .
و مإع هذا فالموجة تمتد بسرعة البرق لتصل إلى مإا لم تصل إليه بعد
مإن النفوس و الطبقات و الوضاع .
ولقد استطاع خصوم السلم أنآ يخدعوا عقلء المسلمين وأنآ يضعوا
ستارا ً كثيفا ً أمإام أعين الغير مإنهم ،بتصوير السلم نفسه تصويرا ً
قاصرا ً في ضروب مإن العقائد والعبادات والخلق ،إلى جانب
مإجموعة مإن الطقوس والخرافات والمظاهر الجوفاء ،وأعانهم على
هذه الخديعة :جهل المسلمين بحقيقة دينهم ،حتى استراح كثير مإنهم
إلى هذا التصوير واطمأنوا إليه ورضوا به ،وطال عليهم في ذلك
المإد ،حتى صار مإن العسير أنآ نفهم أحدهم أنآ السلم نظام
اجتماعي كامإل يتناول كل شؤونآ الحياة.
نستطيع بعد ذلك أنآ نقول :إنآ الحضارة الغربية بمبادئها المادية ،قد
انتصرت في هذا الصراع الجتماعي على الحضارة السلمإية،
بمبادئها القويمة الجامإعة للروح والمادة مإعا ً في أرض السلم نفسه،
وفي حرب ضروس ،مإيدانها نفوس المسلمين ،وأرواحهم وعقائدهم
وعقولهم ،كما انتصرت في الميدانآ السياسي والعسكري ،و ل عجب
في هذا ،فإنآ مإظاهر الحياة ل تتجزأ ،والقوة قوة فيها جميعًا،
والضعف ضعف فيها جميعا ً كذلك) :وت ِل ْ َ َ
س(
ن الّنا ِ داوِل َُها ب َي ْ َ
م نُ َ
ك الّيا ُ َ
)آل عمرانآ , (140:وإنآ كانآ مإبادئ السلم وتعاليمه ظلت قوية في
ذاتها فياضة بالخصب والحياة ،جذابة أخاذة بروعتها وجمالها ،وستظل
كذلك ،لنها الحق ولن تقوم الحياة النسانية كامإلة فاضلة بغيرها،
ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِّنا ل َ ُ
ه ح ُولنها مإن صنع الله وفي حياطته) :إ ِّنا ن َ ْ
َ َ ْ حافِ ُ
َ
م ُنوَره ُ وَلوْ كرِه َ نآ ي ُت ِ ّ
ه ِإل أ ْ نآ( )الحجر) , (9:وَي َأَبى الل ُظو َ لَ َ
نآ( )التوبة. (32: ال ْ َ
كافُِرو َ
يـقـظـة :و كما كانآ لذلك العدوانآ السياسي أثره في تنبيه المشاعر
القومإية ,كانآ لهذا الطغيانآ الجتماعي أثره في انتعاش الفكرة
السلمإية ,فارتفعت الصوات مإن كل مإكانآ تطالب بالرجوع إلى
السلم و تفهم أحكامإه و تطبيق نظامإه ,و لبد أنآ يأتي قريبا ذلك
اليوم الذي تندك فيه صروح هذه المدنية المادية على رؤوس أهلها ,
و حينئذ يشعرونآ بسعير الجوع الروحي تشتعل به قلوبهم و أرواحهم
و ل يجدونآ الغذاء و الشفاء و الدواء إل في تعاليم هذا الكتاب الكريم
:
عظ َ ٌ َ
دورِ
ص ُ
ما ِفي ال ّ فاٌء ل ِ َش َم وَ ِ ن َرب ّك ُ ْمإ ْ
ة ِ مإوْ ِ
م َجاَءت ْك ُ ْس قَد ْ َ )َيا أي َّها الّنا ُ
حوا ك فَل ْي َ ْ
فَر ُ مت ِهِ فَب ِذ َل ِ َح َ
ل اللهِ وَب َِر ْ ض ِف ْ ن ,قُ ْ
ل بِ َ مإِني َ ة ل ِل ْ ُ
مؤ ْ ِ م ٌح َ
هدىً وََر ْ وَ ُ
نآ( )يونس.(58-57: مُعو َ ج َ ما ي َ ْمإ ّ
خي ٌْر ِ
هُوَ َ
) ب ( أهدافنا العامإة :مإاذا نريد أيها الخوانآ ؟ أنريد جمع المال وهو
ظل زائل ؟ أم سعة الجاه وهو عرض حائل ؟ أم نريد الجبروت في
الرض :إنآ الرض لله يورثها مإن يشاء مإن عباده العراف .ونحن
نل جعَل َُها ل ِل ّ ِ
ذي َ خَرة ُ ن َ ْ داُر ال ِ ك ال ّ نقرأ قول الله تبارك وتعالي )ت ِل ْ َ
َ
ن( )القصص.(83: قي َ مت ّ ِة ل ِل ْ ُ
سادا ً َوال َْعاقِب َ ُض َول فَ َ دو َ ُ ً
نآ ع ُلوّا ِفي الْر ِ ري ُ
يُ ِ
شهد الله أننا ل نريد شيئا مإن هذا ومإا لهذا عملنا ول إليه دعونا ، ً
ولكن اذكروا دائما أنآ لكم هدفين أساسيين :
- 1أنآ يتحرر الوطن السلمإي مإن كل سلطانآ أجنبي وذلك حق
طبيعي لكل إنسانآ ،ل ينكره إل ظالم جائر أو مإستبد قاهر .
- 2أنآ تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلمإية حرة تعمل بأحكام
السلم وتطبق نظامإه الجتماعي وتعلن مإبادئه القويمة وتبلغ دعوته
الحكيمة الناس ،ومإا لم تقم هذه الدولة فإنآ المسلمين جميعا ً
آثمونآ مإسؤولونآ بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في
إقامإتها وقعودهم عن إيجادهم .ومإن العقوق للنسانية في هذه
الظروف الحائرة أنآ تقوم فيها دولة تهتف بالمبادئ الظالمة وتنادي
بالدعوات الغاشمة ول يكونآ في الناس مإن يعمل لتقوم دولة الحق
والعدالة والسلم .
نريد تحقيق هذين الهدفين في وادي النيل وفي بلد العروبة وفي
كل أرض أسعدها الله بعقيدة السلم :دين وجنسية وعقيدة توحد
بين جميع المسلمين .
) ح ( عوامإل النجاح :ومإن الحق أيها الخوانآ أنآ نذكر أمإام هذه
العقبات جميعا ً أننا ندعو بدعوة الله وهي أسمي الدعوات ،وننادي
بفكرة السلم وهي أقوي الفكر ،ونقدم للناس شريعة القرآنآ وهي
ة( )البقرة: صب ْغَ ً ة الله ومإ َ
ن اللهِ ِ مإ َ
ن ِ س ُ
ح َ نأ ْ ِ َ َ ْ صب ْغَ َ
أعدل الشرائع ِ ) ,
, (138وأنآ العالم كله في حاجة إلى هذه الدعوة وكل مإا فيه يمهد
لها و يهيئ سبيلها ،وأننا بحمد الله براء مإن المطامإع الشخصية
بعيدونآ عن المنافع الذاتية ،ول نقصد إل وجه الله وخير الناس ول
نعمل إل ابتغاء مإرضاته ،وإننا نترقب تأييد الله ونصره الله فل غالب
َ له ) :ذ َل َ َ
م(مإوَْلى ل َهُ ْنل َ ري َ نآ ال ْ َ
كافِ ِ مإُنوا وَأ ّ نآ َ مإوَْلى ال ّ ِ
ذي َ ه َ نآ الل َ
ك ب ِأ ِّ
)مإحمد . (11:فقوة دعوتنا وحاجة إليها ونبالة مإقصدنا وتأييد الله إيانا
هي عوامإل النجاح التي ل تثبت أمإامإها عقبة ول يقف في طريقها
غال ِب ع ََلى أ َمإره ول َك َ
نآ(
مو َس ل ي َعْل َ ُ ن أك ْث ََر الّنا ِ ْ ِ ِ َ ِ ّ ه َ ٌ عائق َ) :والل ُ
)يوسف. (21:
10ـ وصـــيـة
أيها الخوانآ المسلمونآ ،اسمعوا :
أردت بهذه الكلمات أنآ أضع فكرتكم أمإام أنظاركم فلعل ساعات
عصيبة تنتظرنا يحال فيها بيني وبينكم إلي حين ؛ فل أستطيع أنآ
أتحدث مإعكم أو أكتب إليكم ،فأوصيكم أنآ تتدبروا هذه الكلمات وأنآ
تحفظوها إذا استطعتم وأنآ تجتمعوا عليها ،وإنآ تحت كل كلمة
لمعاني جمة.
ً ً
أيها الخوانآ :أنتم لستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة
مإوضعية لغراض مإحدودة المقاصد .ولكنكم روح جديد يسري في
قلب هذه المإة فيحييه بالقرآنآ ،ونور جديد يشرق فيسدد ظلم
المادة بمعرفة الله ،وصوت داو يعلو مإرددا ً دعوة الرسول صلي الله
عليه وسلم ومإن الحق الذي ل غلو فيه أنآ تشعروا أنكم تحملونآ هذا
العبء بعد أنآ تخلي عنه الناس .
إذا قيل إلم لكم تدعونآ ؟ ...فقولوا ندعو إلي السلم الذي جاء به
مإحمد صلي الله عليه وسلم والحكومإة جزء مإنه والحرية فريضة مإن
فرائضه ،فإنآ قيل لكم هذه سياسة ! فقولوا هذا هو السلم ونحن ل
نعرف هذه القسام .
وإنآ قيل لكم أنتم دعاة ثورة ،فقولوا نحن دعاة حق وسلم نعتقده
ونعتز به ،فإنآ ثرتم علينا ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذنآ الله أنآ
ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين .وإنآ قيل لكم إنكم
ما حد َه ُ وَك َ َ
فْرَنا ب ِ َ مإّنا ِباللهِ وَ ْ
تستعينونآ بالشخاصا والهيئات فقولوا ) :آ َ
جوا في عدوانهم فقولوا : ن( )غافر , (84:فإنآ ل ّ كي َ
شرِ ِ مإ ْ ك ُّنا ب ِهِ ُ
ن( )القصص. (55: م ل ن َب ْت َِغي ال ْ َ
جاه ِِلي َ م ع َل َي ْك ُ ْسل ٌ ) َ
واجــبات
أيها الخوانآ ..
ـ آمإنوا بالله واعتزوا بمعرفته والعتماد عليه والستناد إليه ،فل
تخافوا غيره ول ترهبوا سواه .وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه .
ـ وترقبوا بعد ذلك نصر الله وتأييده .والفرصة آتية ل ريب فيها ,
شاُء وَهُوَ ال ْعَ ِ
زيُز ن يَ َ
مإ ْ
صُر َ
صرِ اللهِ ي َن ْ ُ
نآ ,ب ِن َ ْ
مإُنو َ ح ال ْ ُ
مؤ ْ ِ فَر ُ
مإئ ِذ ٍ ي َ ْ
)وَي َوْ َ
م( )الروم. (5-4: حي ُ الّر ِ
وفقنا الله وإياكم لما يحبه و يرضاه ،وسلك بنا وبكم مإسالك الخيار
المهتدين ،وأحيانا ً حياة العزاء السعداء وأمإاتنا مإوت المجاهدين
والشهداء إنه نعم المولي ونعم النصير .
مإقدمإــة
حيـم ِ
ن الّر ِ
مـ ِ
ح َ
ســم ِ اللهِ الّر ْ
ِبـ ْ
أيها الخوانآ :
كنت أود أنآ نظل دائما نعمل ول نتكلم ,وأنآ نكل العمال وحدها
الحديث عن الخوانآ وخطوات الخوانآ ,وكنت أحب أنآ تتصل
خطواتكم اللحقة بخطواتكم السابقة في هدوء وسكونآ مإن غير
هذا الفاصل الذي نحدد به جهاد عشر سنوات مإضت لنستأنف
مإرحلة أخرى مإن مإراحل الجهاد الدائب في سبيل تحقيق فكرتنا
السامإية .
ولكنكم أردتم هذا ,وأحببتم أنآ تسعدونا بهذا الجتماع الشامإل
فشكرا لكم ,و ل بأس أنآ ننتهز هذه الفرصة الكريمة فنستعرض
نتائجنا ,ونراجع فهرس أعمالنا ,ونستوثق مإن مإراحل طريقنا
ونحدد الغاية والوسيلة فتتضح الفكرة المبهمة ,و تصحح النظرة
الخاطئة ,و تعلم الخطوة المجهولة ,وتتم الحلقة المفقودة ,
ويعرف الناس الخوانآ المسلمين على حقيقة دعوتهم ,مإن غير
لبس ول غموض .
ل بأس بهذا ,ول بأس بأنآ يتقدم إلينا مإن وصلته هذه الدعوة و مإن
سمع أو قرا هذا البيانآ ,برأيه في غايتنا و وسيلتنا و خطواتنا فنأخذ
الصالح مإن رأيه ,و ننزل على الحق مإن مإشورته ,فإنآ الدين
النصيحة لله و لرسوله ولكتابه ولئمة المسلمين وعامإتهم .
و لقد أخذت أفاتح كثيرا مإن كبار القوم في وجوب النهوض و العمل
و سلوك طريق الجد و التكوين ,فكنت أجد التثبيط أحيانا و
التشجيع أحيانا و التريث أحيانا ,و لكني لم أجد مإا أريد مإن الهتمام
بتنظيم الجهود العملية ,و مإن الوفاء أذكر في هذا المقام المرحوم
أحمد باشا تيمور أفسح الله له في جنته ,فما رأيته إل مإثال للهمة
المتوثبة و الغيرة المتوقدة ,و مإا تحدثت إليه في شأنآ مإن شؤونآ
المإة العامإة إل وجدت العقل الكامإل و الستعداد التام و اللمام
الشامإل و ترقب ساعة العمل ,فرحمه الله و أجزل مإثوبته .
و ليت وجهي شطر الصدقاء و الخوانآ مإمن جمعني و إياهم عهد
الطلب و صدق الود و الشعور بالواجب ,فوجدت استعدادا حسنا ,
و كانآ أسرعهم إلى مإشاركتي عبء التفكير و أكثرهم اقتناعا
بوجوب العمل في إسراع و همة ,الخوانآ الفضلء :أحمد أفندي
السكري ,و الخ المفضال المرحوم الشيخ حامإد عسكرية اسكنه
الله فسيح جنته ,و الخ الشيخ أحمد عبد الحميد وكثير غيرهم .
و كانآ عهد و كانآ مإوثق أنآ يعمل كل مإنا لهذه الغاية ,حتى يتحول
العرف العام في المإة إلى وجهة إسلمإية صالحة .
ليس يعلم أحد إل الله كم مإن الليالي كنا نقضيها نستعرض حال
المإة ،ومإا وصلت إليه في مإختلف مإظاهر حياتها ،ونحلل العلل
والدواء ،ونفكر في العلج وحسم الداء ,ويفيض بنا التأثر لما وصلنا
إليه إلى حد البكاء ,وكم كنا نعجب إذ نرى أنفسنا في مإثل هذه
المشغلة النفسانية العنيفة و الخليونآ هاجعونآ يتسكعونآ بين
المقاهي و يترددونآ على أندية الفساد و التلف ,فإذا سألت
أحدهم عما يحمله على هذه الجلسة الفارغة المملة قال لك :أقتل
الوقت ,و مإا دري هذه المسكين أنآ مإن يقتل وقته إنما يقتل نفسه
,فإنما الوقت هو الحياة .
كنا نعجب لهؤلء الناس و كثير مإنهم مإن المثقفين ,و مإن هم أولى
مإنا بحمل هذا العبء ,ثم يقول بعضنا لبعض :أليس هذا داء مإن
أدواء المإة و لعله أخطرها ,أل ّ تفكر في مإرضها و أل ّ تعمل لعلج
نفسها .
و لهذا و أمإثاله نعمل و لصلح هذا الفساد ,وقفنا أنفسنا فنتعزى و
نحمد الله على أنآ جعلنا مإن الداعين إليه العامإلين لدينه .
و عمل الزمإن عمله فتفرقنا نحن الربعة فكانآ أحمد أفندي
السكري بالمحمودية ,و كانآ المرحوم الشيخ حامإد عسكرية
بالزقازيق ,و كانآ الشيخ أحمد عبد الحميد بكفر الدوار ,و كنت
بالسماعيلية أذكر قول الشاعر :
) ( 3و إلى جانب هذا أيضا يعتقد الخوانآ المسلمونآ أنآ السلم
كدين عام انتظم كل شؤونآ الحياة في كل الشعوب و المإم لكل
العصار و الزمإانآ ,جاء أكمل و أسمى مإن أنآ يعرض لجزئيات هذه
الحياة و خصوصا في المإور الدنيوية البحتة ,فهو إنما يضع القواعد
الكلية في كل شأنآ مإن هذه الشؤونآ ,و يرشد الناس إلى الطريق
العملية للتطبيق عليها و السير في حدودها .
و لضمانآ حق الصواب في هذا التطبيق أو تحريهما على القل ,
عني السلم عناية تامإة بعلج النفس النسانية و هي مإصدر النظم
و مإادة التفكير و التصوير و التشكل ,فوصف لها مإن الدوية
الناجعة مإا يطهرها مإن الهوى و يغسلها مإن أضرار الغرض و الغاية
و يهديها إلى الكمال و الفضيلة ,و يزجرها عن الجور القصور
العدوانآ ,و إذا استقامإت النفس و صفت فقد أصبحت كل مإا يصدر
عنها صالحا جميل ,يقولونآ إنآ العدل ليس في نص القانونآ و لكنه
في نفس القاضي ,و قد تأتي بالقانونآ الكامإل العادل إلى القاضي
ذي الهوى و الغاية فيطبقه تطبيقا جائرا ل عدل مإعه ,و قد تأتي
بالقانونآ الناقص و الجائر إلى القاضي الفاضل العادل البعيد عن
الهواء و الغايات فيطبقه تطبيقا فاضل عادل فيه كل الخير و البر و
الرحمة و النصاف و مإن هنا كانت النفس النسانية مإحل عناية
كبرى في كتاب الله ,و كانت النفوس الولى التي صاغها هذا
السلم مإثال الكمال النساني ,و لهذا كله كانت طبيعة السلم
تساير العصور و المإم ,و تتسع لكل الغراض و المطالب ,و لهذا
أيضا كانآ السلم ل يأبى أبدا الستفادة مإن كل نظام صالح ل
يتعارض مإع قواعده الكلية و أصوله العامإة .
ل أحب أيها أنآ استرسل في هذا البيانآ فذلك باب و اسع و حسبنا
هذه اللمامإة الموجزة تلقي ضوءا على هذا المعنى للفكرة
السلمإية في نفوس الخوانآ المسلمين .
وهكذا نري أنآ شمول مإعني السلم قد أكسب فكرتنا شمول ً لكل
مإناحي الصلح ،ووجه نشاط الخوانآ إلي كل هذه النواحي ،وهم
في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دونآ غيرها
يتجهونآ إليها جميعا ً ويعلمونآ أنآ السلم يطالبهم بها جميعا ً .
ومإن هنا كانآ كثير مإن مإظاهر أعمال الخوانآ يبدو أمإام الناس
مإتناقضا ً ومإا هو بمتناقض .
فقد يري الناس الخ المسلم في المحراب خاشعا ً مإتبتل ً يبكي
ويتذلل ،وبعد قليل سكونآ هو بعينه واعظا ً مإدرسا ً يقرع الذانآ
بزواخر الوعظ ،وبعد قليل تراه نفسه رياضيا ً أنيقا ً يرمإي بالكرة أو
يدرب علي العدو أو يمارس السباحة ،وبعد فترة يكونآ هو بعينه
في مإتجره أو مإعمله يزاول صناعته في أمإانة وفي إخلصا .هذه
مإظاهر قد يراها الناس مإتنافرة ل يلتئم بعضها ببعض ،ولو علموا
أنها جميعا ً يجمعها السلم ويأمإر بها السلم ويحض عليها السلم
لتحققوا فيها مإظاهر اللتئام ومإعاني النسجام ،ومإع هذا الشمول
فقد اجتنب الخوانآ كل مإا يؤخذ علي هذه النواحي مإن المآَخذ
ومإواطن النقد والتقصير.
كما اجتنبوا التعصب لللقاب إذ جمعهم السلم الجامإع حول لقب
واحد هو الخوانآ المسلمونآ.
- 4التدرج في الخطوات
وأمإا التدرج والعتماد على التربية ووضوح الخطوات في طريق
الخوانآ المسلمين ،فذلك أنهم اعتقدوا أنآ كل دعوة لبد لها مإن
مإراحل ثلث :مإرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها
إلى الجماهير مإن طبقات الشعب ،ثم مإرحلة التكوين وتخير النصار
وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف مإن بين هؤلء المدعوين ،ثم بعد
ذلك كله مإرحلة التنفيذ والعمل والنتاج ،وكثيرا ً مإا تسير هذه
المراحل الثلث جنبا ً إلى جنب نظرا ً لوحدة الدعوة وقوة الرتباط
بينها جميعًا ،فالداعي يدعو ،وهو في الوقت نفسه يتخير ويربي،
وهو في الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك .
في حدود هذه المراحل سارت دعوتنا ول تزال تسير ،فقد بدأنا
بالدعوة فوجهناها إلى المإة في دروس مإتتالية وفي رحلت
مإتلحقة وفي مإطبوعات كثيرة وفي حفلت عامإة وخاصة ،وفي
جريدة الخوانآ المسلمين الولى ثم في مإجلة النذير السبوعية ،ول
زلنا ندعو ،وسنظل كذلك ،حتى ل يكونآ هناك فرد واحد لم تصله
دعوة الخوانآ المسلمين على حقيقتها الناصعة ،وعلى وجهها
الصحيح ،ويأبى الله إل أنآ يتم نوره ،وأظن أننا وصلنا في هذه
المرحلة إلى درجة نطمئن عليها وعلى اطراد السير فيها ،وصار مإن
ألزم واجباتنا أنآ نخطو الخطوة الثانية ،خطوة الختيار والتكوين
والتعبئة .
مإصارحة
أيها الخوانآ المسلمونآ وبخاصة المتحمسونآ المتعجلونآ مإنكم :
اسمعوها مإني كلمة عالية داوية مإن فوق هذا المنبر في مإؤتمركم
هذا الجامإع :إنآ طريقكم هذا مإرسومإة خطواته مإوضوعة حدوده .
ولست مإخالفا ً هذه الحدود التي اقتنعت كل القتناع بأنها أسلم
طريق للوصول ،أجل قد تكونآ طريقا ً طويلة ولكن ليس هناك
غيرها .إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب ،
فمن أراد مإنكم أنآ يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل
أوانها فلست مإعه في ذلك بحال ،وخير له أنآ ينصرف عن هذه
الدعوة إلي غيرها مإن الدعوات .ومإن صبر مإعي حتى تنمو البذرة
وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك علي
الله ،ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين :إمإا النصر والسيادة ،وإمإا
الشهادة والسعادة .
و أستطيع بعد هذا البيانآ أنآ أجلي لكم مإوقفنا مإن نظام الحكم
الدستوري عامإة ,و مإن الدستور المصري خاصة :
الواقع أيها الخوانآ :أنآ الباحث حين ينظر إلى مإبادئ الحكم
الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل
أنواعها ,وعلى الشورى واستمداد السلطة مإن المإة وعلى
مإسئولية الحكام أمإام الشعب و مإحاسبتهم على مإا يعملونآ مإن
أعمال ,وبيانآ حدود كل سلطة مإن السلطات هذه الصول كلها
يتجلى للباحث أنها تنطبق كل النطباق على تعاليم السلم ونظمه
وقواعده في شكل الحكم .
و إذا تقرر هذا فإنآ مإن نصوصا مإن الدستور المصري مإا يراه
الخوانآ المسلمونآ غامإضا مإبهما يدع مإجال واسعا للتأويل و
التفسير الذي تمليه الغايات و الهواء ,فهي في حاجة إلى وضوح و
إلى تحديد و بيانآ ...هذه واحدة ,و الثانية :هي أنآ طريقة التنفيذ
التي يطبق بها الدستور ,و يتوصل بها إلى جني ثمرات الحكم
الدستوري في مإصر ,طريقة أثبتت التجارب فشلها و جنت المإة
مإنها الضرار ل المنافع ,فهي في حاجة شديدة إلى تحوير و إلى
تعديل يحقق المقصود و يفي بالغاية .
و حسبنا أنآ نشير هنا إلى قانونآ النتخاب ,و هو وسيلة اختيار
النواب الذين يمثلونآ المإة و يقومإونآ بتنفيذ دستورها و حمايته ,و
مإا جره هذا القانونآ على المإة مإن خصومإات و حزازات ,و مإا
أنتجه يشهد به الواقع الملموس ,و لبد أنآ تكونآ فينا الشجاعة
الكافية لمواجهة الخطاء و العمل على تعديلها .
إنآ الخ صالح أفندي عشماوي قد أراد أنآ يعبر في مإقاله الول عن
وجهة النقد التي يراها الخوانآ فاحتد و اشتد ,و لما نبهناه إلى أنآ
هذا ليس مإوقفنا في الواقع ,فنحن نسلم بالمبادئ الساسية
للحكم الدستوري باعتبارها مإتفقة بل مإستمدة مإن نظام السلم ,
و إنما ننقد البهام و طرائق النفاذ ,أراد أنآ يعبر عن ذلك و يقر
المإر في وضعه الطبيعي بالنسبة للخوانآ فتساهل و لنآ ,و هو
في كل الموقفين مإأجور ,فالخير أراد ,و نية المرء خير مإن عمله ,
و نحن نشكر الذين أخذوا على الخ صالح أفندي هذا الموقف ,و ل
يضره فيما أعتقد أنآ يستفيد مإن هذا التنبيه فيؤثر العتدال في كل
حال ,و أعتقد أنه ل مإجال لقول بعد هذا البيانآ ,أمإا المإثلة
التفصيلية و الدلة الوافية و وصف طرائق العلج و الصلح ففي
رسالة خاصة إنآ شاء الله .
لخوانآ المسلمونآ و القانونآ
قدمإت أنآ الدستور شيء و القانونآ شيء آخر ,و قد أبنت مإوقف
الخوانآ مإن الدستور ,و أبين لحضراتكم النآ مإوقفهم مإن القانونآ
.
إنآ السلم لم يجئ خلوا ً مإن القوانين ،بل هو قد أوضح كثيرا ً مإن
أصول التشريع وجزئيات الحكام ،سواء أكانت مإادية أم جنائية،
تجارية أم دولية ،والقرآنآ والحاديث فياضة بهذه المعاني ،وكتب
الفقهاء غنية كل الغنى بكل هذه النواحي ،وقد اعترف الجانب
أنفسهم بهذه الحقيقة ،وأقرها مإؤتمر لهاي الدولي أمإام مإمثلي
المإم مإن رجال القانونآ في العالم كله .
وإذا كانآ الله ورسوله قد حرم الزنا وحظر الربا ومإنع الخمور
وحارب الميسر وجاء القانونآ يحمى الزانية و الزاني ويلزم بالربا
ويبيح الخمر وينظم القمار فكيف يكونآ مإوقف المسلم بينهما ؟
أيطيع الله ورسوله ويعصى الحكومإة وقانونها والله خير وأبقى ؟ أم
يعصى الله ورسوله ويطيع الحكومإة فيشقى في الخرة والولى ؟
نريد الجواب على هذا مإن رفعة رئيس الحكومإة و مإعالي وزير
العدل و مإن علمائنا الفضلء الجلء .
أمإا الخوانآ المسلمونآ فهم ل يوافقونآ على هذا القانونآ أبدا ول
يرضونه بحال وسيعملونآ بكل سبيل على أنآ يحل مإكانه التشريع
السلمإي العادل الفاضل في نواحي القانونآ ولسنا هنا في مإقام
الرد على مإا قيل في هذه الناحية مإن شبهات أو مإا يعترض سبيلها
مإن توهم العقبات ولكننا في مإقام بيانآ مإوقفنا الذي عملنا وسنعمل
عليه مإتخطين في سبيله كل عقبة مإوضحين كل شبهة حتى ل تكونآ
فتنة ويكونآ الدين كله لله .
إنآ السلم قد فرضها فريضة لزمإة ل مإناصا مإنها وأنآ يعمل كل
إنسانآ لخير بلده وأنآ يتفانى في خدمإته ,و أنآ يقدم أكثر مإا
يستطيع مإن الخير للمإة التي يعيش فيها وأنآ يقدم في ذلك القرب
فالقرب رحما وجوارا حتى أنه ل يجز أنآ تنقل الزكوات أبعد مإن
مإسافة القصر – إل لضرورة – إيثارا للقربين بالمعروف فكل
مإسلم مإفروض عليه أنآ يسد الثغرة التي هي عليها وأنآ يخدم
الوطن الذي نشأ فيه ومإن هنا كانآ المسلم أعمق الناس وطنية لنآ
ذلك مإفروض عليه مإن رب العالمين وكانآ الخوانآ المسلمونآ
بالتالي أشد الناس حرصا على خير وطنهم وتفانيا في خدمإة قومإهم
,وهم يتمنونآ لهذه البلد العزيزة المجيدة كل عزة ومإجد وكل تقدم
ورقى ,وكل فلح ونجاح ,و قد انتهت إليها رياسة المإم السلمإية
بحكم ظروف كثيرة تضافرت على هذا الوضع الكريم ,و إنآ حب
المدينة لم يمنع رسول الله أنآ يحن إلى مإكة و أنآ يقول لصيل ,و
قد أخذ يصفها )يا أصيل دع القلوب تقر( و أنآ يجهل بلل يهتف في
قرارة نفسه :
ثم إنآ السلم الحنيف نشأ عربيا و وصل إلى المإم عن طريق
العرب ,و جاء كتابه بلسانآ عربي مإبين ,و توحدت المإم باسمه
على هذا اللسانآ يوم كانآ المسلمونآ مإسلمين ,و قد جاء في الثر
:إذا ذل العرب ذل السلم ,و قد تحقق هذا المعنى حين دال
سلطانآ العرب السياسي و انتقل المر مإن أيديهم إلى غيرهم مإن
العاجم و الديلم و مإن إليهم ,فالعرب هم عصبة السلم و حراسه
.
و أحب هنا أنآ ننوه إلى أنآ الخوانآ المسلمين يعتبرونآ العروبة ,
كما عرفها النبي ,فيما يرويه ابن كثير عن مإعاذ بن جبل رضي الله
عنه ) :أل إنآ العربية اللسانآ ,أل إنآ العربية السانآ( .
ومإن هنا كانت وحدة العرب أمإرا لبد مإنه لعادة السلم وإقامإة
دولته وإعزاز سلطانه ,ومإن هنا وجب على كل مإسلم أنآ يعمل
لحياء الوحدة العربية وتأييدها ومإناصرتها ،وهذا مإوقف مإجموعة
البحث مإن الوحدة العربية .
بقي علينا أنآ نحدد مإوقفنا مإن الوحدة السلمإية ,و الحق أنآ
السلم كما هو عقيدة وأنه قضى على الفوارق النسبية بين الناس
خوَة ٌ( )الحجرات(10:
نآ إ ِ ْ
مإُنو َ ما ال ْ ُ
مؤ ْ ِ فالله تبارك وتعالى يقول ) :إ ِن ّ َ
,والنبي صلى الله عليه وسلم قال) :المسلم أخو المسلم(
والمسلمونآ تتكافأ دمإاؤهم ويسعى بذمإتهم أدناهم وهم يد على
سواهم .
وطنا الشام فيها و وادي النيل سيانآ ولست أدرى سوى السلم لي
يقول بعض الناس :إنآ ذلك يناقض تيار الفكرة السائدة في العالم
فكرة التعصب للجناس و اللوانآ ,و العالم النآ تجربة مإوجة
القومإيات الجنسية ,فكيف تقفونآ أمإام هذا التيار ,و كيف
تخرجونآ على مإا اتفق عليه الناس ؟
و جواب ذلك أنآ الناس يخطئونآ و أنآ نتائج خطئهم في ذلك ظاهرة
مإلموسة في إقلق راحة المإم و تعذيب ضمائر الشعوب مإما ل
يحتاج إلى برهانآ ,و ليست مإهمة الطبيب أنآ يجاري المرضى و
لكن أنآ يعالجهم و أنآ يهديهم سواء السبيل ,و تلك مإهمة السلم و
مإن وصل دعوته بالسلم .
و يقول آخرونآ :إنآ ذلك غير مإمكن و العمل له عبث ل طائل مإن
تحته و مإجهود ل فائدة مإنه ,و خير للذين يعملونآ لهذه الجامإعة أنآ
يعملوا لقوامإهم يخدمإوا أوطانهم الخاصة بجهودهم .
و الجواب على هذا أنآ هذه لغة الضعف و الستكانة ,فقد كانت
هذه المإم مإفرقة مإن قبل مإتخالفة في كل شيء :الدين و اللغة ,
و المشاعر و المإال و اللم ,فوحدها السلم و جمع قلوبها على
كلمة سواء ,و مإازال السلم كما هو بحدوده و رسومإه ,فإذا وجد
مإن أبنائه مإن ينهض بعبء الدعوة إليه و تجديده في نفوس
المسلمين ,فإنه يجمع هذه المإم جميعا مإن جديد كما جمعها مإن
قديم ,و العادة أهونآ مإن البتداء ,و التجربة أصدق دليل على
المإكانآ .
يهتف بعض الناس بعد هذا بالوحدة الشرقية ,و أظن أنه لم يثر
هذه النعرة في نفوس الهاتفين بها إل تعصب الغربيين لغربهم و
سوء عقيدتهم في الشرق و أبنائه ,و هم في ذلك مإخطئونآ ,و إذا
استمر الغربيونآ على عقيدتهم هذه فستجر عليهم الوبال و النكال ,
و الخوانآ المسلمونآ ل ينظرونآ إلى هذه الوحدة الشرقية إل مإن
خلل هذه العاطفة فقط ,و الشرق و الغرب عندهم سيانآ إذا
استوى مإوقفهما مإن السلم ,و هم ل يزنونآ الناس إل بهذا الميزانآ
.
و أنا في غنى بعد هذا البيانآ أنآ أقول أنه ل تعارض بين هذه
الوحدات بهذا العتبار ,و بانآ كل مإنهما يشد أزر الخرى يحقق
الغاية مإنها ,فإذا أراد أقوام أنآ يتخذوا مإن المناداة بالقومإية الخاصة
سلحا يميت الشعور بما عداها ,فالخوانآ المسلمونآ ليسوا مإعهم
و لعل هذا هو الفارق بيننا و بين كثير مإن الناس .
الخوانآ و الشبانآ
كثيرا مإا يتردد سؤال على أذهانآ الناس :مإا الفرق بين جماعة
الخوانآ المسلمين و جماعة الشبانآ ؟ و لماذا ل تكونانآ هيئة واحدة
تعملنآ على مإنهاج واحد ؟
و أحب قبل الجواب أنآ أؤكد للذين يسرهم وحدة الجهود و تعاونآ
العامإلين أنآ الخوانآ و الشبانآ و بخاصة هنا في القاهرة ,ل
يشعرونآ بأنهم في مإيدانآ مإناقشة و لكن في مإيدانآ تعاونآ قوي
وثيق ,و أنآ كثيرا مإن القضايا السلمإية العامإة يظهر فيها الخوانآ و
الشبانآ شيئا واحدا و جماعة واحدة ,إذ أنآ الغاية العامإة مإشتركة و
هي العمل لما فيه إعزاز السلم وإسعاد المسلمين ,و إنما تقع
فروق يسيرة في أسلوب الدعوة و في خطة القائمين بها و توجيه
جهودهم في كلتا الجماعتين ,و إنآ الوقت الذي ستظهر فيه
الجماعات السلمإية كلها جبهة مإوحدة غير بعيد على مإا أعتقد ,
الزمإن كفيل بتحقيق ذلك إنآ شاء الله .
خـاتـمـة
أيها الخوانآ المسلمونآ :
تقدمإت إليكم في هذا البيانآ بخلصة وافية مإوجزة عن فكرتكم في
مإظهرها الخاصا ,و اليوم كنت احب أنآ استعرض مإعكم بعض
المشاكل الجتماعية و القتصادية القائمة في المجتمع المصري ,و
إنآ شئتم فقولوا السلمإي فإنآ الداء يكونآ واحدا في الجميع ,لول
ضيق الوقت ,و لول أنآ ينحصر في واحدة هي :ضعف الخلق و
فقدانآ المثل العليا ,و إيثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامإة
,و الجبن عن مإواجهة الحقائق ,و الهروب مإن تبعات العلج ,و
الفرقة قاتلها الله ,هذا هو الداء ,و الدواء كلمة واحدة أيضا هي
ضد هذه الخلق ,هي علج النفوس أيها الخوانآ و تقويم أخلق
الشعب :
َ
ها( )الشمس. (10-9: سا َ
ن دَ ّ
مإ ْ
ب َ ها ,وَقَد ْ َ
خا َ ن َز ّ
كا َ مإ ْ
ح َ)قَد ْ أفْل َ َ
إلـي العمـــل
أيها الخوة ..
كلما وقفت هذا الموقف مإن جمهور يستمع ،سألت الله أنآ يقرب
اليوم الذي ندع فيه مإيدانآ الكلم إلي مإيدانآ العمل ،ومإيدانآ وضع
الخطط والمناهج إلي مإيدانآ النفاذ والتحقيق ،فقد طال الوقت
الذي قضيناه خطباء مإتكلمين والزمإن يطالبنا في إلحاح بالعمال
الجدية المنتجة ،والدنيا كلها تأخذ بأسباب القوة والستعداد ،ونحن
َ
قوُلو َ
نآ م تَ ُمإُنوا ل ِ َ
نآ َذي َ مإازلنا بعد في دنيا القاويل والحلم َ):يا أي َّها ال ّ ِ
َ
ه
نآ الل َ فعَُلو َ
نآ ,إ ِ ّ مإا ل ت َ ْ قوُلوا َ نآ ت َ ُعن ْد َ اللهِ أ ْ قتا ً ِ نآ ,ك َب َُر َ
مإ ْ فعَُلو َ مإا ل ت َ ْ
َ
صا( )الصف: صو ر مإ نآ يا نب م ه نَ أَ ك ً اّ ف ص ه لبي س في نآ لو ُ ت قا
َ ي ن ذي ّ ل ا ب
ٌ ُ ْ ُ َ ٌ َ ْ ُ ْ ّ َ ِ ِ َ ِ ِ َ ِ َ ُ ِ يُ ّ
ح
ِ
(4-2
وقبل أنآ أعرض إلي هذه النظرة بتزكية أو تخطئة احب أنآ الفت
النظر إلى أمإرين مإهمين :
والثاني :أنآ غير المسلمين حينما جهلوا هذا السلم ،أو حينما
أعياهم أمإر وثباته في نفوس اتباعه ،ورسوخه فت قلوب المؤمإنين
به ،واستعداد كل مإسلم لتفديتة بالنفس والمال ،لم يحول أنآ
يجرحوا في نفوس المسلمين اسم السلم ول مإظاهره وشكلياته
،ولكنهم حاولوا يحصروا مإعناه في دائرة ضيقة تذهب بكل مإافية
مإن نواح قوية عملية ،وانآ تركب للمسلمين بعد ذلك قشور مإن
اللقاب والشكال والمظهريات ل تسمن ول تغنى مإن جوع ....
فافهموا المسلمين أنآ السلم شئ والجتماع شيء أخر ،وانآ
السلم شيء والقانونآ شئ غيره ،وانآ السلم شئ ومإسائل
القتصاد ل تتصل به ،وانآ السلم شئ والثقافة العامإة سواه ،وانآ
السلم شئ يجب أنآ يكونآ بعيدا ً عن السياسة .
فحدثوني بربكم أيها الخوانآ ،إذا كانآ السلم شيئا غير السياسة
وغير الجتماع ،وغير القتصاد ،وغير الثقافة ...فما هو إذنآ ؟ ....
أم هذا اللفاظ التي هي كما تقونآ رابعة العدوية :استغفار يحتاج
إلى استغفار ..
ألهذا أيها الخوة نزل القرانآ نظامإا كامإل مإحكما مإفصل ):ت ِب َْيانا ً ل ِك ُ ّ
ل
ن( )النحل. (89:
مي َ
سل ِ ِ شَرى ل ِل ْ ُ
م ْ ة وَب ُ ْ
م ً
ح َ
هدىً وََر ْ
يٍء وَ ُ َ
ش ْ
هذا المعنى المتضائل لفكر السلم ،وهذه الحدود الضيقة التي
حددها مإعنى السلم ،هي التي حاول خصوم السلم أنآ يحصر
فيها المسلمين ،وانآ يضحكوا عليهم بأنآ يقولوا لهم بأنآ تركنا لكم
حرية الدين ،وانآ الدستور ينص على أنآ دين الدولة الرسمي هو
السلم .
السـلم الشـامإـل
أنا أعلن أيها الخوانآ مإن فوق المنبر بكل صراحة ووضوح وقوة ،
أنآ السلم شئ غير هذا المعنى الذي أراد خصومإة والعداء مإن
أبنائه أنآ يحصرونآ فيه ويقيدونآ به ،وأنآ السلم عقيدة وعبادة ،
ووطن وجنسية ،وسماحة وقوه ،وخلق ومإادة ،وثقافة وقانونآ ,
وأنآ المسلم مإطالب بحكم إسلمإه أنآ يعني بكل شؤونآ أمإته ،ومإن
لم يهتم بأمإر المسلمين فليس مإنهم .
واعتقد أنآ أسلفنا رضوانآ الله عليه مإا فهموا للسلم مإعنى غير
هذا ،فبه كانوا يحكمونآ ،وله كانوا يجاهدونآ ،وعلى قواعده كانوا
يتعلمونآ ،وفى حدوده كانوا يسيرونآ في كل شانآ مإن شؤونآ
الحياة الدنيا العملية قبل شؤونآ الخرة الروحية ،ورحم الله
الخليفة الول إذ يقول ) :لو ضاع مإني عقال بعير لوجدته في كتاب
الله(.
دعوني أيها الخوة استرسل مإعكم قليل في تقرير هذا المعنى الذي
قد يبدو مإفاجأة غريبة على قوم تعودوا إنآ يسمعوا دائما نغمة
التفريق بين السلم والسياسة ،والذي قد يدع بعض الناس يقولونآ
بعد انصرافنا مإن هذا الحفل :إنآ جماعة الخوانآ المسلمين قد
تركت مإبادئها ،وخرجت علي صفتها ،وصارت جماعة سياسية بعد
أنآ كانت جمعية دينية ،ثم يذهب كل مإتأول في ناحية مإن نواحي
التأويل مإلتمسا ً أسباب هذا النقلب في نظره ،وعلم الله أيها
السادة أنآ الخوانآ مإا كانوا يومإا ً مإن اليام غير سياسيين ،ولن
يكونوا يومإا ً مإن اليام غير مإسلمين ،ومإا فرقت دعوتهم أبدا ً بين
السياسة والدين ،ولن يراهم الناس في ساعة مإن نهار
َ َ
مال َُنا وَلك ْ
م ُ َ ه وََقاُلوا ل ََنا أع ْ َضوا ع َن ْ ُ مُعوا الل ّغْوَ أع َْر ُ س ِ
ذا َ حزبيين)وَإ ِ َ
ْ َ َ
ن( )القصص ، (55:ومإحال جاه ِِلي َ م ل ن َب ْت َِغي ال َ ُ
م ع َلي ْك ْ سل ٌ م َ مال ُك ُ ْ
أع ْ َ
أنآ يسيروا لغاية غير غايتهم أو يعملوا لفكرة سوي فكرتهم أو
ة الله ومإ َ
ن اللهِمإ َن ِس ُ
ح َنأ ْ ِ َ َ ْ صب ْغَ َ
يتلونوا بلونآ غير السلم الحنيف ِ ):
نآ( )البقرة. (138: دو َ عاب ِ ُه َ ن لَ ُ
ح ُ ة وَن َ ْصب ْغَ ًِ
السـياسـة الداخـليـة
دعوني أيها الخوة أسترسل مإعكم في تقرير هذا المعني ،فأقول
إنآ كانآ يراد بالسياسة مإعناها الداخلي مإن حيث تنظيم أمإر
الحكومإة وبيانآ مإهماتها وتفصيل حقوقها وواجباتها ومإراقبة
الحاكمين والشراف عليهم ليطاعوا إذا أحسنوا وينقدوا إذا أساءوا
...فالسلم قد عني بهذه الناحية ،ووضع لها القواعد والصول ،
وفصل حقوق الحاكم والمحكوم ،وبين مإواقف الظالم والمظلوم ،
ووضع لكل حدا ً ل يحدوه ول يتجاوزه .
وقد قرر السلم سلطة المإة وأكدها ،وأوصي بأنآ يكونآ كل مإسلم
مإشرفا ً تمام الشراف علي تصرفات حكومإته ،يقدم لها النصح
والمعونة ويناقشها الحساب ،وهو كما فرض علي الحاكم أنآ يعمل
لمصلحة المحكومإين بإحقاق الحق وإبطال الباطل فرض علي
المحكومإين كذلك أنآ يسمعوا ويطيعوا للحاكم مإا كانآ كذلك ،
فإذا انحرف فقد وجب عليهم أنآ يقومإوه علي الحق ويلزمإوه حدود
القانونآ ويعيدوه إلي نصاب العدالة ،هذه تعاليم كلها مإن كتاب الله
بن ال ْك َِتا ِ مإ َ ن ي َد َي ْهِ ِ ما ب َي ْ َ دقا ً ل ِ َ ص ّ مإ َ حق ّ ُ ب ِبال ْ َ ك ال ْك َِتا َ ):وَأ َن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ
َ ما أ َن َْز َ
جاَء َ
ك ما َ م عَ ّ واَءهُ ْ ه َول ت َت ّب ِعْ أهْ َ ل الل ُ م بِ َ م ب َي ْن َهُ ْ حك ُ ْ منا ً ع َل َي ْهِ َفا ْ مإهَي ْ ِ وَ ُ
م ُ
جعَلك ْ َ هل َ َ شاَء الل ُ َ
مإن َْهاجا وَلوْ َ ً ة وَ ِ شْرع َ ً م ِ ُ
مإن ْك ْ جعَلَنا ِ ْ ل َ ُ
حقّ ل ِك ّ ْ
ن ال َ مإ َ ِ
َ ْ ُ ُ ُ َ ُ
ت إ ِلى اللهِ خي َْرا ِ قوا ال َ ست َب ِ ُ م َفا ْ مإا آَتاك ْ م ِفي َ ن ل ِي َب ْلوَك ْ حد َة ً وَلك ِ ْ ة َوا ِ مإ ً أ ّ
َ
م
م ب َي ْن َهُ ْ حك ُ ْ نآ ا ْ نآ ,وَأ ِ فو َ خت َل ِ ُ م ِفيهِ ت َ ْ ما ك ُن ْت ُ ْ م بِ َ ميعا ً فَي ُن َب ّئ ُك ُ ْ ج ِ م َ جعُك ُ ْ مإْر ِ َ
مإا ض ع ب ن ع َ
ك نو ت ْ ف ي نآ َ أ م ه ر َ ذ ح وا م ه َ ء وا ه َ أ ع ب ت ت ول ه الل َ
ل ز نَ أ ما
ِ َ ْ َ ْ َ ُ ِ َ ْ ْ ُْ ْ ْ َ ُ َ ْ ْ ِ ّ َ ُ َ َ ْ بِ َ
َ َ َ ّ َ
ه إ ِلي ْ َ أ َن َْز َ
ضم ب ِب َعْ ِ صيب َهُ ْ نآ ي ُ ِ هأ ْ ريد ُ الل ُ ما ي ُ ِ م أن ّ َ وا َفاع ْل ْ نآ ت َوَل ْ ك فَإ ِ ْ ل الل ُ
َ
نآ م ال ْ َ
جاه ِل ِي ّةِ ي َب ُْغو َ حك ْ َ
نآ ,أفَ ُ
قو َ س ُفا ِس لَ َ ن الّنا ِ نآ ك َِثيرا ً ِ
مإ َ م وَإ ِ ّذ ُُنوب ِهِ ْ
نآ( )المائدة ، (50-48:إلي ً ْ ومإ َ
قوْم ٍ ُيوقُِنو َحكما ل ِ َن اللهِ ُمإ َن ِ س ُ ح َ نأ ْ َ َ ْ
عشر مإن اليات الكريمة التي تناولت كل مإا ذكرنا بالبيانآ
والتفصيل .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقرير سلطة المإة
وتقرير الرأي العام فيها ) :الدين النصيحة( .قالوا :لمن يا رسول
الله ؟ قال ) :لله ولرسوله ولكتابه ولئمة المسلمين و عامإتهم( ..
ويقول أيضا ً )إنآ مإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطانآ جائر( ،
ويقول كذلك )سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلي
إمإام جائر فأمإره ونهاه فقتله( ..وإلي مإئات الحاديث التي تفصل
هذا المعني وتوضحه ،وتوجب علي المسلمين أنآ يأمإروا بالمعروف
وأنآ ينهوا عن المنكر ،وأنآ يراقبوا حكامإهم ويشرفوا علي مإبلغ
احترامإهم للحق وإنفاذهم لحكام الله .
فهل كانآ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يأمإر بهذا التدخل ،
أو الشراف أو التناصح ،أو سمه مإا شئت ،وحين يحض عليه ،
ويبين أنه الجهاد الكبر ،وأنآ جزاءه الشهادة العظمي ..يخالف
تعالىم السلم فيخلط السياسة بالدين ،أم أ ،هذه هي طبيعة
السلم الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم ،وأننا في
الوقت الذي نعدل فيه بالسلم عن هذا المعني نصور لنفسنا
إسلمإا ً خاصا ً غير الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ربه .
ومإن هنا أيها الخوانآ كانآ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتكلمونآ في نظم الحكم ،ويجاهدونآ في مإناصرة الحق ،
ويحتملونآ عبء سياسة المإة ،ويظهرونآ علي الصفة التي وصفوا
أنفسهم بها )رهبانآ بالليل فرسانآ بالنهار( حتى كانت أم المؤمإنين
ديقة تخطب الناس في دقائق السياسة ،وتصور لهم عائشة الص ّ
مإواقف الحكومإات في بيانآ رائع وحجة قوية ،ومإن هنا كانت الكتيبة
التي شقت عصا الطاعة على الحجاج وحاربته وأنكرت عليه بقيادة
ابن الشعث تسمي كتيبة الفقهاء ،إذ كانآ فيها سعيد بن جبير
وعامإر الشعبي وأضرابهما مإن فقهاء التابعين وجلة علمائهم.
ومإن هنا رأينا مإن مإواقف الئمة رضوانآ الله عليهم في مإناصحة
الملوك ومإواجهة المإراء والحكام بالحق مإا يضيق بذكر بعضه فضل ً
عن كله المقام .
ومإن هنا كذلك كانت كتب الفقه السلمإي قديما ً وحديثا ً فياضة
بأحكام المإارة والقضاء والشهادة والدعاوى والبيوع والمعامإلت
والحدود والتعزيزات ،ذلك إلي أنآ السلم أحكام عملية وروحية ،
إنآ قررتها السلطة التشريعية فإنما تقوم علي حراستها وإنفاذ
السلطة التنفيذية والقضائية ،ول قيمة لقول الخطيب كل جمعة
َ َ
ب
صا ُسُر َوالن ْ َ مي ْ ِمُر َوال ْ َ خ ْ ما ال ْ َمإُنوا إ ِن ّ َ
نآ َذي َعلي المنبر)َيا أي َّها ال ّ ِ
َ
نآ(
حو َ فل ِ ُ جت َن ُِبوه ُ ل َعَل ّك ُ ْ
م تُ ْ نآ َفا ْ طا ِ شي ْ َل ال ّم ِن عَ َ مإ ْ
س ِ ج ٌ م رِ ْ
َوالْزل ُ
)المائدة ، (90:في الوقت الذي يجيز فيه القانونآ السكر وتحمي
الشرطة السكيرين وتقودهم إلي بيوتهم آمإنين مإطمئنين ،ولهذا
كانت تعاليم القرآنآ ل تنفك عن سطوة السلطانآ ،ولهذا كانت
السياسة جزءا ً مإن الدين ،وكانآ مإن واجبات المسلم أنآ يعني
بعلج الناحية الحكومإية كما يعني بعلج الناحية الروحية .
السـياسـة الخـارجـية
فإنآ أريد بالسياسة مإعناها الخارجي ،وهو المحافظة علي استقلل
المإة وحريتها ،وأشعارها كرامإتها وعزتها ،والسير بها إلي الهداف
المجيدة التي تحتل بها مإكانتها بين المإم ومإنزلتها الكريمة في
الشعوب والدول ،وتخليصها مإن استبداد غيرها بها وتدخله في
شؤونها ،مإع تحديد الصلة بينها وبين سواها تحديدا ً يفصل حقوقها
جميعا ً ،ويوجه الدول كلها إلي السلم العالمي العام وهو مإا
يسمونه )القانونآ الدولي( ..فإنآ السلم قد عني بذلك كل العناية
وأفتي فيه بوضوح وجلء ،وألزم المسلمين أنآ يأخذوا بهذه الحكام
في السلم والحرب علي السواء ،ومإن قصر في ذلك وأهمله فقد
جهل السلم أو خرج عليه .
ومإن هنا أيها الخوة رأينا أخلء المسجد ،وأنضاء العبادة ،وحفظة
الكتاب الكريم ،بل وأبناء الروابط والزوايا مإن السلف رضوانآ الله
عليهم ،ل يقنعونآ باستقلل بلدهم ،ول بعزة قومإهم ،ول بتحرير
شعوبهم ،ولكنهم ينسابونآ في الرض ،ويسيحونآ في آفاق البلد
فاتحين مإعلمين ،يحررونآ المإم كما تحرروا ،ويهدونها بنور الله
الذي اهتدوا به ،ويرشدونها إلي سعادة الدنيا والخرة ،ل يغلونآ ول
يغدرونآ ،ول يظلمونآ ول يعتدونآ ،ول يستعبدونآ الناس وقد
ولدتهم أمإهاتهم أحرارًا.
ومإن هنا رأينا عقبة بن نافع يخوض الطلسي بلبة جواده قائل ً :
)اللهم لو علمت وراء هذا البحر أرضا ً لمضيت في البلد مإجاهدا ً
في سبيلك( ،في الوقت الذي يكونآ فيه أبناء العباس الشقاء قد
دفن أحدهم بالطائف إلي جوار مإكة ،والثاني بأرض الترك مإن
أقصي الشرق ،والثالث بأفريقيا مإن أقصي المغرب ،جهادا ً في
سبيل الله وابتغاء لمرضاته .وهكذا فهم الصحابة والتابعونآ لهم
بإحسانآ أنآ السياسة الخارجية مإن صميم السلم .
الحـقوق الـدولــية
وأحب قبل أنآ أختم هذا السترسال أنآ أؤكد لحضراتكم تأكيدا ً
قاطعا ً أنآ سياسة السلم داخلية أو خارجية تكفل تمام الكفالة
حقوق غير المسلمين ،سواء أكانت حقوق دولية أم كانت حقوق
وطنية للقليات غير المسلمة ،وذلك لنآ شرف السلم الدولي
مإا
أقدس شرف عرفه التاريخ ،والله تبارك وتعالى يقول ):وَإ ِ ّ
بح ّ ه ل يُ ِ نآ الل َ واءٍ إ ِ ّ س َ م ع ََلى َ ة َفان ْب ِذ ْ إ ِل َي ْهِ ْ
خَيان َ ً ن قَوْم ٍ ِ مإ ْن ِ خافَ ّ تَ َ
ن
كي َ شرِ ِ م ْ ْ
ن ال ُ مإ َم ِ عاهَد ْت ُ ْ ن َ َ ذي ّ
ن( )لنفال ، (58:ويقول ِ):إل ال ِ َ خائ ِِنيال ْ َ
َ ظاهروا ع َل َيك ُ َ
م
م ع َهْد َهُ ْ موا إ ِل َي ْهِ ْ حدا ً فَأت ِ ّ مأ َ ْ ْ م يُ َ ِ ُ شْيئا ً وَل َ ْ م َ صوك ُ ْ ق ُ م ي َن ْ ُم لَ ْ ثُ ّ
نآ
ن( )التوبة ، (4:ويقول تعالى ):وَإ ِ ْ قي َ مت ّ ِب ال ْ ُ ح ّ ه يُ ِ نآ الل َ م إِ ّمإد ّت ِهِ ْإ َِلى ُ
م(ميعُ ال ْعَِلي ُ س ِ ه هُوَ ال ّ ل ع ََلى اللهِ إ ِن ّ ُ ح ل ََها وَت َوَك ّ ْ جن َ ْسل ْم ِ َفا ْ حوا ِلل ّ جن َ ُ َ
)لنفال.(61:
وقد كفل السلم حقوق القليات بنص قرآني هو قول الله تبارك
ن وَل َ ْ
م دي ِ
م ِفي ال ّ قات ُِلوك ُ ْ
م يُ َن لَ ْذي َن ال ّ ِ
ه َ عَ ِ
م الل ُ وتعالى ):ل ي َن َْهاك ُ ُ
بح ّه يُ ِنآ الل َ
م إِ ّ َ
سطوا إ ِلي ْهِ ُْ ق ِم وَت ُ ْنآ ت َب َّروهُ ْ
مأ ْ ن د َِيارِك ُ ْ
مإ ْ م ِجوك ُ ْخرِ ُ يُ ْ
ن( )الممتحنة. (8: طي َ
س ِ ق ِ ال ْ ُ
م ْ
هذه مإعانآ أحب أيها السادة أنآ تذيع بيننا وأنآ نذيعها في الناس ،
فإنآ كثيرين لزالوا يفهمونآ مإن مإعنى النظام السلمإي مإا ل يتفق
بحال مإع الحقيقة ،وهم لهذا ينفرونآ مإنه ويحاربونآ الدعوة إليه ،
ولو فقهوه علي وجهه لرجعوا به ولكانوا مإن أوائل أنصاره وأشدهم
تحمسا ً له وأعلهم صوتا ً في الدعوة إليه .
الحـزبيـة السـياسـية
أيها الخوة الكرام ..
بقي للسياسة مإعني آخر يؤسفني أنآ أقول أنه وحده هو المعني
الذي يرادفها ويلزمإها بغير حق في أذهانآ كثير مإنا ،ذلك هو
)الحزبية(.
وأعتقد كذلك أننا جربنا الوحدة مإرتين ,كانت كل واحدة مإنهما ألمع
نجم في تاريخ النهضة ,أمإا أولهما ففي فجر النهضة حينما برزت
المإة صفا مإتحدا تنادي بحقها وتطالب باستحقاقها في اجتماع أفزع
الغاصبين وروع المستعمرين ووهنت أمإام سلطانه قوى الظالمين ,
أمإا الثاني فحين تكوين الجبهة الوطنية التي خطت بنا خطوة مإهما
كانت قصيرة فهي إلى المإام على كل حال ,وجربنا التفرقة في
مإرات كثيرة مإن قبل ومإن بعد فما رأينا إل تمزيق الجهود ,وإحباط
العمال ,وإفساد الشؤونآ ,وإتلف الخلق ,وخراب البيوت
وتقطيع الرحام ,واستفادة الخصوم على حساب المختلفين
المتنابزين .
الحزبيـة والتدخل
وأعتقد أيها السادة أنآ التدخل الجنبي في شؤونآ المإة ,ليس له
مإن باب إل التدابر والخلف ,وهذا النظام الحزبي البغيض ,وأنه
وحونآ له مإهما انتصر أحد الفريقين فإنآ الخصوم بالمرصاد ,يل ّ
بخصمه الخر ,ويقفونآ مإنهما مإوقف القرد مإن القطتين ,ول يجني
الشعب مإن وراء ذلك إل الخسارة مإن كرامإته واستقلله وأخلقه
ومإصالحه .
إننا يا إخوانآ أمإة لم نستكمل استقللنا بعد استكمال تامإا ,ول زلنا
في الميزانآ ,ول زالت المطامإع تحيط بنا مإن كل مإكانآ ,ول سياج
لحماية هذا الستقلل والقضاء على تلك المطامإع إل الوحدة
والتكلف .
وإذا جاز لبعض المإم التي استكملت استقللها وفرغت مإن تكوين
نفسها أنآ تختلف وتتحزب في فرعيات المإور ,فإنآ ذلك ل يجوز
في المإم الناشئة أبدا ,على أننا نلحظ أنآ الحوادث العالمية قد
ألجأت المإم جميعا إلى التجرد مإن الحزبية مإطلقا ,أو البقاء على
حزبية صورية تقليدية مإع الوحدة في كل التجاهات
ل أحـزاب في مإصـر
وأعتقد كذلك أنآ هذه الحزاب المصرية الحالية أحزاب مإصنوعة
أكثر مإنها حقيقية ,وأنآ العامإل في وجودها شخصي أكثر مإنه وطني
,وأنآ المهمة والحوادث التي كونت هذه الحزاب ويجب أنآ ينتهي
هذا النظام بانتهائها.
ونآ الوفد المصري مإن المإة كلها للمطالبة بالستقلل على لقد تك ّ
أساس المفاوضة وتلك هي مإهمته ,ثم تفرع مإنه حزب الحرار
الدستوريين للخلف في أسلوب المفاوضات ,وقد انتهت
المفاوضة بأساليبها ونظمها وقواعدها فانتهت مإهمتها بذلك , ,
ونآ حزب الشعب ليجاد نظام خاصا ودستور خاصا ,وقد انتهى وتك ّ
ذلك الدستور وذلك النظام بأشكاله وأوضاعه فانتهت مإهمته هو
الخر ,وتكونآ حزب الشعب لموقف خاصا بين السراي والحزاب ,
لقد انتهت هذه الظروف جميعا ,وتجددت ظروف أخرى تستدعي
مإناهج وأعمال ,فل مإعنى أبدا لبقاء هذه الحزاب ,ول مإعنى أبدا
للرجوع على الماضي والمستقبل يلح إلحاحا صارخا بالعمل والسير
بأسرع مإا يمكن مإن الخطوات.
خـاتمــــة
وبعد أيها الخوانآ ,فهذه نظرات سيضحك لها كثير مإن الناس حين
يستمعونآ إليها ,وأولئك هم الذين يئسوا مإن أنفسهم وغفلوا عن
تأييد الله لعباده المؤمإنين ,وجهلوا أنآ هذا الذي تجهرونآ به اليوم
ليس شيئا جديدا ولكنه دعوة السلم التي جاء بها رسول الله e
وجاهد في سبيلها وعمل لها أصحابه مإن بعده ,والتي يجب على
كل مإسلم يؤمإن بالله وبرسوله وكتابه أنآ يعمل لها كما عملوا
ويجاهد في سبيلها كما جاهدوا.
مإا أنتم أيها الخوانآ فتؤمإنونآ بذلك كله و وتعتقدونآ أنآ الله غالب أ ّ
على أمإره ,وانآ الله مإعكم على ذلك البرهانآ العلمي والتطور
التاريخي والوضع الجغرافي والتأييد الرباني ,وتجدونآ البشرى في
َ
فوا ِفي ضع ِ ُ ست ُ ْ نا ْ ذي َ ن ع ََلى ال ّ ِ م ّ نآ ن َ ُ
ريد ُ أ ْ العالمين ):وَن ُ ِ قول رب
ن( )القصص , (5:واعلموا أنآ ْ َ َ َ َ
وارِِثي َ م ال َ جعَلهُ ُ ة وَن َ ْ م ً
م أئ ِ ّ
جعَلهُ ْ ض وَن َ ْ
الْر ِ
الله مإعكم ,ول أطيل عليكم في بيانآ واجبكم فإنكم لتعلمونه ,
فآَمإنوا وأخلصوا واعملوا وانتظروا ساعة الفوز وترقبوا وقت
َ
نآ
مإُنو َ ح ال ْ ُ
مؤ ْ ِ فَر ُ مإئ ِذ ٍ ي َ ْ
ن ب َعْد ُ وَي َوْ َ
مإ ْ
ل وَ ِ ن قَب ْ ُ مإ ْ مإُر ِ النتصار ..و)للهِ ال ْ
م( )الروم. (5: حي ُ زيُز الّر ِ شاُء وَهُوَ ال ْعَ ِ ن يَ َ مإ ْصُر َ صرِ اللهِ ي َن ْ ُ ,ب ِن َ ْ
والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته
حسـن البنــا
دعوة للشباب
حيـم ِ
ن الّر ِ
مـ ِ
ح َ
ِبســــــم ِ اللهِ الّر ْ
الحمد لله والصلة والسلم على سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه
ومإن واله .
َ ما أ َ ِ
مإث َْنى مإوا للهِ َ قو ُ نآ ت َ ُحد َةٍ أ ْ وا ِ م بِ َ عظ ُك ُ ْ ل إ ِن ّ َ }قُ ْ
نآ هُوَ ِإل جن ّةٍ إ ِ ْ ن ِ مإ ْ م ِ حب ِك ُ ْ صا ِ مإا ب ِ َ فك ُّروا َ م ت َت َ َ دى ث ُ ّ وَفَُرا َ
َ
سأل ْت ُك ُ ْ
م مإا َ ل َ ديد ٍ ,قُ ْ ش ِ ب َ ذا ٍ ن ي َد َيْ ع َ َ َ م ب َي ْذيٌر ل َك ُ ْ نَ ِ
جرِيَ ِإل ع ََلى اللهِ وَهُوَ ع ََلى َ َ
نآ أ ْ م إِ ْ جرٍ فَهُوَ ل َك ُ ْ نأ ْ مإ ْ ِ
م
عل ُ حقّ َ ْ
ف ِبال َ قذ ِ ُ نآ َرّبي ي َ ْ ل إِ ّ شِهيد ٌ ,قُ ْ يٍء َ ش ْ ل َ كُ ّ
مإا ي ُِعيد ُل وَ َ مإا ي ُب ْد ِئُ ال َْباط ِ ُ حقّ وَ َ جاَء ال ْ َ ل َ ب ,قُ ْ ال ْغُُيو ِ
ل ع ََلى ن َ ْ َ
نآ
سي وَإ ِ ِ ف ِ ض ّما أ ِ ت فَإ ِن ّ َ ضل َل ْ ُ نآ َ ل إِ ْ ,قُ ْ
ب{ٌ ري ٌ ميعٌ قَ ِ س ِه َ ي َرّبي إ ِن ّ ُ حي إ ِل َ ّ ما ُيو ِ ت فَب ِ َ اهْت َد َي ْ ُ
عـوامإـل النجــاح
أيها الشباب :
إنما تنجح الفكرة إذا قوي اليمانآ بها ،وتوفر الخلصا في سبيلها ،
وازدادت الحماسة لها ،ووجد الستعداد الذي يحمل على التضحية
والعمل لتحقيقها .وتكاد تكونآ هذه الركانآ الربعة :اليمانآ،
والخلصا ،والحماسة ،والعمل مإن خصائص الشباب .لنآ أساس
اليمانآ القلب الذكي ،وأساس الخلصا الفؤاد النقي ،وأساس
الحماسة الشعور القوي ،وأساس العمل العزم الفتي ،وهذه كلها
ل تكونآ إل للشباب .ومإن هنا كانآ الشباب قديما و حديثا في كل
أمإة عماد نهضتها ،وفي كل نهضة سر قوتها ،وفي كل فكرة حامإل
هدىً( )الكهف. (13: م ُ
م وَزِد َْناهُ ْ
مإُنوا ب َِرب ّهِ ْ
ةآ َ
م فِت ْي َ ٌ
رايتها) :إ ِن ّهُ ْ
ومإن هنا كثرت واجباتكم ،ومإن هنا عظمت تبعاتكم ،ومإن هنا
تضاعفت حقوق أمإتكم عليكم ،ومإن هنا ثقلت المإانة في أعناقكم .
ومإن هنا وجب عليكم أنآ تفكروا طويل ،وأنآ تعملوا كثيرا ،وأنآ
تحددوا مإوقفكم ،وأنآ تتقدمإوا للنقاذ ،وأنآ تعطوا المإة حقها كامإل
مإن هذا الشباب.
أيها الشباب:
ومإن هنا كانآ مإن واجبي أنآ أشرح لكم في وضوح مإوجز دعوة
السلم في القرنآ الهجري الرابع عشر.
ففكرتنا لهذا إسلمإية بحتة ،على السلم ترتكز ومإنه تستمد وله
تجاهد وفي سبيل إعلء كلمته تعمل ,ل تعدل بالسلم نظامإا ،ول
ترضى سواه إمإامإا ،ول تطيع لغيره أحكامإا.
فأول واجباتنا نحن الخوانآ أنآ نبين للناس حدود هذا السلم
واضحة كامإلة بينة ل زيادة فيها ول نقص بها ول لبس مإعها ،وذلك هو
الجزء النظري مإن فكرتنا ،وأنآ نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على
إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها ،وذلك هو الجزء العملي لي هذه
الفكرة.
وعمادنا في ذلك كله كتاب الله الذي ل يأتيه الباطل مإن بين يديه
ول مإن خلفه ،والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم ،والسيرة المطهرة لسلف هذه المإة ،ل نبغي مإن
وراء ذلك إل إرضاء الله وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس.
فأول مإا يدعوكم إليه أنآ تؤمإنوا بأنفسكم ،أنآ تعلموا مإنزلتكم وأنآ
تعتقدوا أنكم سادة الدنيا وإنآ أراد لكم خصومإكم الذل ،وأساتذة
العالمين وإنآ ظهر عليكم غيركم بظاهر مإن الحياة الدنيا والعاقبة
للمتقين.
إنآ العالم كله حائر يضطرب ،كل مإا فيه مإن النظم قد عجز عن
علجه ول دواء له إل السلم ،فتقدمإوا باسم الله لنقاذه ،فالجميع
في انتظار المنقذ ،ولن يكونآ المنقذ إل رسالة السلم التي
تحملونآ مإشعلها وتبشرونآ بها.
مإــاذا نريــد؟
أيها الشباب :
-4ونريد بعد ذلك الحكومإة المسلمة التي تقود هدا الشعب إلى
المسجد ،وتحمل به الناس على هدى السلم مإن بعد كما حملتهم
على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أبي بكر
وعمر مإن قبل .ونحن لهذا ل نعترف بأي نظام حكومإي ل يرتكز
على أساس السلم ول يستمد مإنه ،ول نعترف بهذه الحزاب
السياسية ،ول بهذه الشكال التقليدية التي أرغمنا أهل الكفر
وأعداء السلم على الحكم بها والعمل عليها ،وسنعمل على إحياء
نظام الحكم السلمإي بكل مإظاهره ،وتكوين الحكومإة السلمإية
على أساس هذا النظام.
-5ونريد بعد ذلك أنآ نضم إلينا كل جزء مإن وطننا السلمإي الذي
فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامإع الوروبية .ونحن
لهذا ل نعترف بهذه التقسيمات السياسية ول نسلم بهذه التفاقات
الدولية ،التي تجعل مإن الوطن السلمإي دويلت ضعيفة مإمزقة
يسهل ابتلعها على الغاصبين ،ول نسكت على هضم حرية هذه
الشعوب واستبداد غيرها بها .فمصر وسورية والعراق والحجاز
واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومإراكش وكل شبر أرض فيه
مإسلم يقول :ل إله إل الله ،كل ذلك وطننا الكبير الذي نسعى
لتحريره وإنقاذه وخلصه وضم أجزائه بعضها إلى بعض.
ولئن كانآ الرايخ اللماني يفرض نفسه حامإيا لكل مإن يجري في
عروقه دم اللمانآ ،فإنآ العقيدة إسلمإية توجب على كل مإسلم
قوي أنآ يعتبر نفسه حامإيا لكل مإن تشربت نفسه تعاليم القرآنآ .
فل يجوز في عرف السلم أنآ يكونآ العامإل العنصري أقوى في
الرابطة مإن العامإل اليماني .والعقيدة هي كل شيء في السلم،
وهل اليمانآ إل الحب والبغض؟
-6ونريد بعد ذلك أنآ تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع
التي سعدت بالسلم حينا مإن الدهر ودوى فيها صوت المؤذنآ
بالتكبير والتهليل ،ثم أراد لها نكد الطالع أنآ ينحسر عنها ضياؤه
فتعود إلى الكفر بعد السلم .فالندلس وصقلية والبلقانآ وجنوب
إيطاليا وجزائر بحر الروم ،كلها مإستعمرات إسلمإية يجب أنآ تعود
إلى أحضانآ السلم ،ويجب أنآ يعود البحر البيض والبحر الحمر
بحيرتين إسلمإيتين كما كانتا مإن قبل ,ولئن كانآ السنيور
مإوسوليني يرى مإن حقه أنآ يعيد المإبراطورية الرومإانية ،ومإا
تكونت هذه المإبراطورية المزعومإة قديما إل على أساس المطامإع
والهواء ،فإنآ مإن حقنا أنآ نعيد مإجد المإبراطورية السلمإية التي
قامإت على العدالة والنصاف ونشر النور والهداية ببن الناس.
-7نريد بعد ذلك ومإعه أنآ نعلن دعوتنا على العالم وانآ نبلغ الناس
جميعا ،وأنآ نعم بها آفاق الرض ،وأنآ نخضع لها كل جبار ،حتى ل
تكونآ فتنة ويكونآ الدين كله لله ويومإئذ يفرح المؤمإنونآ بنصر الله ،
ينصر مإن يشاء وهو العزيز الرحيم .
ليقل القاصرونآ الجبناء أنآ هذا خيال عريق ووهم استولى على
نفوس هؤلء الناس ،وذلك هو الضعف الذي ل نعرفه ول يعرفه
السلم .ذلك هو الوهن الذي قذف في قلوب هذه المإة فمكن
لعدائها فيها ،وذلك هو خراب القلب مإن اليمانآ وهو علة سقوط
المسلمين .وإنما نعلن في وضوح وصراحة أنآ كل مإسلم ل يؤمإن
بهذا المنهاج ول يعمل لتحقيقه لحظ له في السلم ،فليبحث له
عن فكرة أخرى يدين بها ويعمل لها.
لستم أضعف مإمن قبلكم مإمن حقق الله على أيديهم هذا المنهاج
فل تهنوا وتضعفوا ،وضعوا نصب أعينكم قوله تعالى:
م فََزاد َهُ ْ
م خ َ
شوْهُ ْ مُعوا ل َك ُ ْ
م َفا ْ س قَد ْ َ
ج َ نآ الّنا َ س إِ ّم الّنا ُ ل ل َهُ ُ
ن َقا َ ) ال ّ ِ
ذي َ
ل( )آل عمرانآ. (173: م ال ْوَ ِ
كي ُ ه وَن ِعْ َ
سب َُنا الل ُ
ح ْمانا ً وََقاُلوا َ ِإي َ
سنربي أنفسنا ليكونآ مإنا الرجل المسلم ،وسنربي بيوتنا ليكونآ
مإنها البيت المسلم ،وسنربى شعبنا ليكونآ مإنه الشعب المسلم؟
وسنكونآ مإن بين هذا الشعب المسلم ،وسنسير بخطوات ثابتة
إلى تمام الشوط ،والى الهدف الذي وضعه الله لنا ل الذي وضعناه
لنفسنا ،وسنصل بإذنآ الله وبمعونته ،ويأبى الله إل أنآ يتم نوره
ولوكره الكافرونآ.
ن الّرْزقِ(
مإ َ
ت ِج ل ِعَِباد ِهِ َوالط ّي َّبا ِ ة اللهِ ال ِّتي أ َ ْ
خَر َ م ِزين َ َحّر َ
ن َ
مإ ْ
ل َ)قُ ْ
)لعراف. (32:
ويخطئ مإن يظن أنآ الخوانآ المسلمين دعاة تفريق عنصري بين
طبقات المإة فنحن نعلم أنآ السلم عني أدق العناية باحترام
الرابطة النسانية العامإة بين بني النسانآ في مإثل .قوله تعالى:
سل ِهِ( )البقرة . (285:وقد حرم السلم فرقُ بي َ
ن ُر ُمإ ْحد ٍ ِ
نأ َ َْ َ )ل ن ُ َ ّ
العتداء حتى في حالت الغضب والخصومإة فقال تعالىَ) :ول
َ َ
وى(ق َ نآ قَوْم ٍ ع ََلى أل ت َعْد ُِلوا اع ْد ُِلوا هُوَ أقَْر ُ
ب ِللت ّ ْ شَنآَ ُم َمإن ّك ُ ْ
جرِ َيَ ْ
)المائدة. (8:
كما أوصى بإنصاف الذمإيين وحسن مإعامإلتهم ) :لهم مإا لنا وعليهم
مإا علينا ( .نعلم كل هذا فل ندعو إلى فرقة عنصرية ،ول إلى
عصبية طائفية .ولكننا إلى جانب هذا ل نشتري هذه الوحدة بإيماننا
ول نساوم في سبيلها على عقيدتنا ول نهدر مإن أجلها مإصالح
المسلمين ،وإنما نشتريها بالحق والنصاف والعدالة وكفى .فمن
حاول غير ذلك أوقفناه عند حده وأبنا له خطأ مإا ذهب إليه :ولله
العزة ولرسوله وللمؤمإنين.
ويخطئ مإن يظن أنآ الخوانآ المسلمين يعملونآ لحساب هيئة مإن
الهيئات أو يعتمدونآ على جماعة مإن الجماعات .فالخوانآ
المسلمونآ يعملونآ لغايتهم على هدى مإن ربهم ،وهي السلم
وأبناؤه في كل زمإانآ ومإكانآ ،وينفقونآ مإما رزقهم الله ابتغاء
مإرضاته ،ويفخرونآ بأنهم إلى النآ لم يمدوا يدهم إلى أحد ولم
يستعينوا بفرد ول هيئة ول جماعة.
أيها الشباب:
على هذه القواعد الثابتة وإلى هذه التعاليم السامإية ندعوكم جميعا.
فإنآ آمإنتم بفكرتنا ،واتبعتم خطواتنا ،وسلكتم مإعنا سبيل السلم
الحنيف ،وتجردتم مإن كل فكرة سوى ذلك ،ووقفتم لعقيدتكم كل
جهودكم فهو الخير لكم في الدنيا والخرة ،وسيحقق الله بكم إنآ
شاء الله مإا حقق بأسلفكم في العصر الول ،وسيجد كل عامإل
صادق مإنكم في مإيدانآ السلم مإا يرضى همته ويستغرق نشاطه
إذا كانآ مإن الصادقين .
حســن البنــا
متنـا
مإـهـ ّ
حيـم ِ
ن الّر ِ
مـ ِ
ح َ
ســم ِ اللهِ الّر ْ
بِ ْ
الحمد لله ,وصلى الله على سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أحييكم بتحية السلم تحية مإن عند الله مإباركة طيبة ,فسلم الله
عليكم ورحمته وبركاته.
أيها الخوانآ المسلمونآ ...
أيها الناس أجمعونآ ...
في هذا الصخب الداوي مإن صدى الحوادث الكثيرة المريرة ,التي
تلدها الليالي الحبالى في هذا الزمإانآ ,وفي هذا التيار المتدفق
الفياض مإن الدعوات التي تهتف بها أرجاء الكونآ ,وتسري بها
أمإواج الثير في أنحاء المعمورة ,مإجهزة بكل مإا يغري و يخدع مإن
المإال والوعود والمظاهر .
نتقدم بدعوتنا نحن الخوانآ المسلمونآ ...
هادئة ...
لكنها أقوى مإن الزوابع العاصفة ...
مإتواضعة ...
لكنها أعز مإن الشم الرواسي ...
مإحدودة ...
ً
لكنها أوسع مإن حدود هذه القطار الرضية جميعا ..
خالية مإن المظاهر والبهرج الكاذب ...
ولكنها مإحفوفة بجلل الحق ،وروعة الوحي ،ورعاية الله ...
مإجردة مإن المطامإع والهواء والغايات الشخصية والمنافع الفردية
،ولكنها تورث المؤمإنين بها والصادقين في العمل لها السيادة في
الدنيا والجنة في الخرة .
اسمعوها صريحة داوية ,يجلجل بها صوت الداعي الول مإن بعد
كما جلجل بها مإن قبل :
مإل ْ ُ َ
ك ه ُ ذي ل َ ُ ميعا ً ال ّ ِ ج ِ
م َ ل اللهِ إ ِل َي ْك ُ ْ سو ُ س إ ِّني َر ُ ل َيا أي َّها الّنا ُ )قُ ْ
َ
سول ِهِ
مإُنوا ِباللهِ وََر ُ ت َفآَ ِ مي ُ حِيي وَي ُ ِ ه ِإل هُوَ ي ُ ْ ض ل إ ِل َ َ ت َوالْر ِ ماَوا ِ س َ ال ّ
ُ
نآ(
دو َ مات ِهِ َوات ّب ُِعوه ُ ل َعَل ّك ُ ْ
م ت َهْت َ ُ ن ِباللهِ وَك َل ِ َ مإ ُ ي ال ّ ِ
ذي ي ُؤ ْ ِ مإ ّ
ي ال ّ الن ّب ِ ّ
)لعراف(158:
متنـا
مإـهـ ّ
مإا مإهمتنا إذا ً نحن الخوانآ المسلمين؟
أمإا إجمال :فهي أنآ نقف في وجه هذه الموجة الطاغية مإن مإدنية
المادة ,وحضارات المتع والشهوات ,التي جرفت الشعوب
السلمإية ,فأبعدتها عن زعامإة النبي وهداية القرآنآ ,وحرمإت
العالم مإن أنوار هديها ,وأخرت تقدمإه مإئات السنين ,حتى تنحسر
عن أرضنا ويبرأ مإن بلئها قومإنا ,ولسنا واقفين عند هذا الحد بل
سنلحقها في أرضها ,وسنغزوها في عقر دارها ,حتى يهتف العالم
كله باسم النبي ,وتوقن الدنيا كلها بتعاليم القرآنآ ,وينتشر ظل
السلم الوارف على الرض ,وحينئذ يتحقق للمسلم مإا ينشده ,فل
ن قَب ْ ُ َ
ن ب َعْد ُ
مإ ْل وَ ِ مإ ْمإُر ِتكونآ فتنة ويكونآ الدين كله لله و )للهِ ال ْ
زيُز شاُء وَهُوَ ال ْعَ ِ ن يَ َ مإ ْ
صُر َ صرِ اللهِ ي َن ْ ُ نآ ,ب ِن َ ْمإُنو َ مؤ ْ ِح ال ْ ُ فَر ُ مإئ ِذ ٍ ي َ ْ
وَي َوْ َ
م( )الروم. (5: حي ُ الّر ِ
هذه مإهمتنا نحن الخوانآ المسلمين إجمال.
وأمإا في بعض تفاصيلها :فهي أنآ يكونآ في مإصر أول – بحكم أنها
في المقدمإة مإن دول السلم وشعوبه – ثم في غيرها كذلك :
ـ نظام داخلي للحكم يتحقق به قول الله تبارك وتعالى :
َ َ ما أ َن َْز َ َ
نآ
مأ ْ حذ َْرهُ ْم َوا ْ واَءهُ ْه َول ت َت ّب ِعْ أهْ َ ل الل ُ م بِ َم ب َي ْن َهُ ْحك ُ ْ نآ ا ْ )وَأ ِ
ك( )المائدة. (49: ه إ ِل َي ْ َ
ل الل ُ مإا أ َن َْز َض َ ن ب َعْ ِ ك عَ ْ فت ُِنو َ يَ ْ
نحن نريد:
تضـحية
واذكروا جيدا ً أيها الخوة أنآ دعوتكم أعف الدعوات ،وأنآ جماعتكم
أشرف الجماعات ،وأنآ مإواردكم مإن جيوبكم ل مإن جيوب غيركم ،
ونفقات دعوتكم مإن قوت أولدكم ومإخصصات بيوتكم وأنآ أحدا ً
مإن الناس أو هيئة مإن الهيئات أو حكومإة مإن الحكومإات ,أو دولة
مإن الدول ..ل تستطيع أنآ تجد لها في ذلك مإنة عليكم ,ومإا ذلك
بكثير على دعوة أقل مإا يطلب مإن أهلها النفس والمال :
َ َ ن أ َن ْ ُ
ة( م ال ْ َ
جن ّ َ نآ ل َهُ ُ وال َهُ ْ
م ب ِأ ّ مإ َ
م وَأ ْ
سهُ ْ
ف َ مإِني َ ن ال ْ ُ
مؤ ْ ِ مإ َ ها ْ
شت ََرى ِ نآ الل َ
)إ ِ ّ
)التوبة. (111:
إخـلصا
اذكروا هذا جيدا ـ أيها الخوانآ ـ ل للفخر و ل للمباهاة ,ولكن
لتعلموا أنآ الله قد كتب لدعوتكم مإن اليمانآ والخلصا والفهم
والوحدة والتأييد والتضحية مإا لم يكتبه لكثير مإن الدعوات الرائجة
السوق ,العالية البوق ,الفخمة المظاهر ,وتلك الصفات هي
دعائم الدعوات الصالحة .فاجتهدوا أنآ تحرصوا عليها كامإلة ،وأنآ
تزيدوها في أنفسكم ثباتا ً وقوة ،واعلموا أنه ليس لكم في ذلك
فضل ول مإنة ) ,بل الله يمن ع َل َيك ُ َ
نآ ك ُن ْت ُ ْ
م نآ إ ِ ْ
ما ِ
لي َ داك ُ ْ
م لِ ِ نآ هَ َ
مأ ْْ ْ ُ َ ُ ّ َ ِ
صاد ِِقينَ( )الحجرات.(17:
َ
نحن و السياسة
وقد يقول بعض الناس :ومإا للخوانآ والبرلمانآ والخوانآ جماعة
دينية وهذه سبيل الهيئات السياسية؟ أليس هذا يؤيد مإا يقول
الناس مإن أنآ الخوانآ المسلمين قوم سياسيونآ ل يقفونآ عند حد
الدعوة للسلم كما يدعونآ؟
وأقول لهذا القائل في صراحة ووضوح :أيها الخ ..أمإا أنا
سياسيونآ حزبيونآ نناصر حزبا ونناهض آخر فلسنا كذلك ولن نكونه
,ول يستطيع أحد أنآ يأتي على هذا بدليل أو شبه دليل.
وأمإا أننا سياسيونآ بمعنى أننا نهتم بشئونآ أمإتنا ،ونعتقد أنآ القوة
التنفيذية جزء مإن تعاليم السلم تدخل في نطاقه وتندرج تحت
أحكامإه ،وأنآ الحرية السياسية والعزة القومإية ركن مإن أركانه
وفريضة مإن فرائضه ،وأننا نعمل جاهدين لستكمال الحرية
ولصلح الداة التنفيذية فنحن كذلك ،ونعتقد أننا لم نأت فيه بشيء
جديد ،فهذا المعروف عن كل مإسلم درس السلم دراسة صحيحة
ونحن ل نعلم دعوتنا ولنتصور مإعنى لوجودنا إل تحقيق هذه
الهداف .ولم نخرج بذلك قيد شعرة عن الدعوة إلى السلم ،
والسلم ل يكتفي مإن المسلم بالوعظ والرشاد ولكنه يحدوه دائما
ه سب ُل ََنا وَإ ِ ّ
نآ الل َ دوا ِفيَنا ل َن َهْد ِي َن ّهُ ْ
م ُ جاهَ ُ
ن َ إلى الكفاح والجهاد )َوال ّ ِ
ذي َ
ن( )العنكبوت.(69: سِني َ
ح ِ معَ ال ْ ُ
م ْ لَ َ
أمإا مإوقفنا مإن الهيئات في مإصر فصريح واضح نتحدث به ونكتب
عنه في كل الظروف والمناسبات......
نحن والحكومإات
فأمإا مإوقفنا مإن الحكومإات المصرية على اختلف ألوانها فهو
مإوقف الناصح الشفيق ,الذي يتمنى لها السداد والتوفيق ,وأنآ
يصلح الله بها الفساد ,وإنآ كانت التجارب الكثيرة كلها تقنعنا بأننا
ي.
ي مإن الخل ّ
في واد وهي في واد ,ويا ويح الشج ّ
لقد رسمنا للحكومإات المصرية المتعاقبة كثيرا مإن مإناهج الصلح ,
وتقدمإنا لكثير مإنها بمذكرات إضافية في كثير مإن الشؤونآ التي
تمس صميم الحياة المصرية ..
لقد لفتنا نظرها إلى وجوب العناية بإصلح الداة الحكومإية نفسها
باختيار الرجال وتركيز العمال وتبسيط الجراءات ومإراعاة
الكفايات و القضاء على الستثناءات ..
وإلى إصلح مإنابع الثقافة العامإة بإعادة النظر في سياسة التعليم
ومإراقبة الصحف والكتب والسينما والمسارح والذاعة ,واستدراك
نواحي النقص فيها وتوجيهها الوجهة الصالحة.
وإصلح القانونآ باستمداده مإن شرائع السلم ,ومإحاربة المنكر
ومإقاومإة الثم بالحدود وبالعقوبات الزاجرة الرادعة ..
وتوجيه الشعب وجهة صالحة بشغله بالنافع مإن العمال في أوقات
الفراغ.
فماذا أفاد كل ذلك؟ ..ل شيء ,ولقد قامإت وزارة الشؤونآ
الجتماعية لسد هذا الفراغ فماذا فعلت وقد مإضى عليها أكثر مإن
عام ونصف عام؟
مإاذا أنجزت مإن العمال ؟ ..ل شيء ,وستظل "ل شيء" هي
الجواب لكل المقترحات مإادمإنا ل نجد الشجاعة الكافية للخروج
مإن سجن التقليد والثورة على هذا الروتين العتيق ,ومإا دمإنا لم
نحدد المنهاج ولم نتخير لنفاذه الكفاء مإن الرجال ,ومإع هذا
فسنظل في مإوقف الناصحين يفتح الله بيننا وبين قومإنا بالحق وهو
خير الفاتحين.
نحن و الحزاب
أمإا مإوقفنا مإن الحزاب السياسية فلسنا نفاضل بينها ول ننحاز إلى
واحد مإنها ولكننا نعتقد أنها تتفق جميعا في عدة أمإور :
تتفق في أنآ كثيرا ً مإن رجالها قد عملوا على خدمإة القضية
السياسية المصرية ،واشتركوا فعل ً في الجهاد في سبيلها ،وفي
الوصول إلى مإا وصلت إليه مإصر مإن ثمرات هذا الجهاد الضئيلة أو
الجليلة ،فنحن في هذه الناحية ل نبخس هؤلء الرجال حقهم.
جا دقيقا ً لما يريدوتتفق كذلك في أنآ حزبا ً مإنها لم يحدد بعد ُ مإنها ً
مإن ضروب الصلح ،ولم يضع هدفا ً يرمإي إليه ،وهي لهذا ل
تتفاوت في المناهج والغراض والغايات.
وتتفق كذلك في أنها جميعا ً لم تقتنع بعد ُ بوجوب المناداة بالصلح
الجتماعي على قواعد السلم وتعاليم السلم ،ول زال أقطابها
جميعا ً يفهمونآ السلم على أنه ضروب مإن العبادات والروحانيات
ل صلة لها بحياة المإم والشعوب الجتماعية والدنيوية.
وتتفق بعد ذلك في أنها تعاقبت على حكم هذا البلد فلم تأت بجديد
دي أو ،ولم يجد الناس في ظل حكمها مإا كانوا يأمإلونآ مإن تقدم مإا ّ
ي ,ولقد كانآ لهذا أثر العملي ,فقامإت في مإصر الحكومإات غير أدب ّ
الحزبية في أحرج الظروف وأدق المواقف ,ومإنها الحكومإة
الحالية.
وإذا ً فل خلف بين الحزاب المصرية إل في مإظاهر شكلية ،
وشؤونآ شخصية ،ل يهتم لها الخوانآ المسلمونآ ،ولهذا فهم
ينظرونآ إلى هذه الحزاب جميعا ً نظرة واحدة ،ويرفعونآ دعوتهــم
ـ وهي مإيراث رسول الله ـ فوق هذا المستوى الحزبي كله ،
ويوجهونها واضحة مإستنيرة إلى كل رجال هذه الحزاب على
دروا هذه دونآ أنآ لو أدرك حضراتهم هذه الحقيقة ،وق ّ السواء ،ويو ّ
الظروف الدقيقة ،ونزلوا على حكم الوطنية الصحيحة ،فتوحدت
كلمتهم ،واجتمعوا على مإنهاج واحد ،تصلح به الحوال وتتحقق
المإال ،وليس أمإامإهم إل مإنهاج الخوانآ المسلمين ،بل هدى رب
ض َأل َ
مإا ِفي الْر ِ ت وَ َ ماَوا ِ س َ
مإا ِفي ال ّ
ه َذي ل َ ُط اللهِ ال ّ ِ
صَرا ِ العالمين ) ِ
مإوُر( )الشورى(53: ُ إ َِلى اللهِ ت َ ِ
صيُر ال ُ
ونحن ل نهاجم لننا في حاجة إلى الجهد الذي يبذل في الخصومإة
والكفاح السلبي لننفقه في عمل نافع وكفاح إيجابي وندع حسابهم
َ َ
مإا
مإا َ
فاًء وَأ ّج َ مإا الّزب َد ُ فَي َذ ْهَ ُ
ب ُ للزمإن مإعتقدين أنآ البقاء للصلح )فَأ ّ
َ مك ُ ُ
ض( )الرعد.(17: ث ِفي الْر ِ س فَي َ ْفعُ الّنا َي َن ْ َ
نحن والهيئات السلمإية
وأمإا مإوقفنا مإن الهيئات السلمإية علي اختلف نزعاتها ،فموقف
حب و إخاء وتعاونآ وولء ،نحبها ونعاونها ،ونحاول جاهدين أنآ
نقرب بين وجهات النظر ونوفق بين مإختلف الفكر توفيقا ً ينتصر به
الحق في ظل التعاونآ والحب .ول يباعد بيننا وبينها رأي فقهي أو
خلف مإذهبي ،فدين الله يسر ،ولن يشاد الدين أحد إل غلبه .ولقد
وفقنا الله إلى خطة مإثلي ،إذ نتحري الحق في أسلوب لين
يستهوي القلوب وتطمئن إليه العقول ،ونعتقد أنه سيأتي اليوم
الذي تزول فيه السماء واللقاب والفوارق الشكلية والحواجز
النظرية وتحل مإحلها وحدة عملية تجمع صفوف الكتيبة المحمدية
حيث ل يكونآ هناك إل إخوانآ مإسلمونآ ،للدين عامإلونآ وفي سبيل
ب
حْز َ مإُنوا فَإ ِ ّ
نآ ِ نآ َ ه َوال ّ ِ
ذي َ سول َ ُ
ه وََر ُ ن ي َت َوَ ّ
ل الل َ مإ ْ
الله مإجاهدونآ ) :وَ َ
نآ( )المائدة. (56: م ال َْغال ُِبو َ
اللهِ هُ ُ
كلمة حــق
نحب بعد هذا أنآ نقول كلمة صريحة لولئك الذين ل زالوا يظنونآ
أنآ الخوانآ يعملونآ لحساب شخص أو جماعة :اتقوا الله أيها
الناس ،ول تقولونآ مإا ل تعملونآ .واذكروا قول الله تعالي :
ُ
ملوا حت َ َ
قد ِ ا ْ مإا اك ْت َ َ
سُبوا فَ َ ت ب ِغَي ْرِ َ
مإَنا ِ ن َوال ْ ُ
مؤ ْ ِ مإِني َ نآ ال ْ ُ
مؤ ْ ِ ذو َن ي ُؤ ْ ُ
ذي َ)َوال ّ ِ
مإِبينا ً( )الحزاب ، (58:وقول رسول الله : e ب ُهَْتانا ً وَإ ِْثما ً ُ
)وإنآ أبغضكم إلى وأبعدكم مإني مإجلسا ً يوم القيامإة المشاؤونآ
بالنميمة المفرقونآ بين الحبة الملتمسونآ للبرءاء العيب( ،
وليعلموا تمامإا ً أنآ اليوم الذي يكونآ فيه الخوانآ المسلمونآ مإطية
لغيرهم أو أداة لمنهاج ل يتصل بمنهاجهم لم يخلق بعد .و أذكر أنني
كتبت في إحدى المناسبات خطابا ً لحد الباشوات جاء في آخره :
)والخوانآ المسلمونآ يا رفعة الباشا ل يقادونآ برغبة ول برهبة ،ول
يخشونآ أحدا ً إل الله ،ول يغريهم جاه ول مإنصب ،ول يطمعونآ في
مإنفعة ول مإال ،ول تعلق نفوسهم بعرض مإن أعراض هذه الحياة
الفانية ،ولكنهم يبتغونآ رضوانآ الله ويرجونآ ثواب الخرة ،
فّروا إ َِلى ويتمثلونآ في كل خطواتهم قول الله تبارك وتعالي ) :فَ ِ
ن( )الذريات(50: مإِبي ٌ ذيٌر ُ ه نَ ِ مإن ْ ُ
م ِ اللهِ إ ِّني ل َك ُ ْ
فهم يفرونآ مإن كل الغايات والمطامإع إلى غاية واحدة ومإقصد
واحد هو رضوانآ الله ،وهم لهذا ل يشتغلونآ في مإنهاج غير
مإنهاجهم ول يصلحونآ لدعوة غير دعوتهم ،ول يصطبغونآ بلونآ غير
ة( )البقرة(138: صب ْغَ ً ة الله ومإ َ
ن اللهِ ِ مإ َ ن ِ س ُ ح َ نأ ْ ِ َ َ ْ صب ْغَ َالسلم ِ ) :
...فمن حاول أنآ يخدعهم خدع ،ومإن أراد أنآ يستغلهم خسر ،
ومإن طمع في تسخيرهم لهواه أخفق ...ومإن أخلص مإعهم في
غايتهم ووافقهم على مإتن طريقهم سعد بهم وسعدوا به ،ورأى
فيهم الجنود البسلء والخوة الوفياء ،يفدونه بأرواحهم ويحوطونه
بقلوبهم وجهودهم ،ويرونآ له بعد ذلك الفضل عليهم........
أكتب لكم هذا يا رفعة الباشا ل رجاء مإعونة مإادية لجماعة الخوانآ
المسلمين ول رغبة في مإساعدة نفعية لحد أعضائها العامإلين ،
ولكن لدعوكم إلى صف هؤلء الخوانآ بعد دراستهم دراسة جدية
صحيحة تقنعكم بمنهاجهم وتنتج تعاونكم مإعهم في إصلح المجتمع
المصري على أساس مإتين مإن الخلق السلمإي وتعاليم السلم ..
َ
صرِ اللهِنآ ,ب ِن َ ْ
مإُنو َ ح ال ْ ُ
مؤ ْ ِ فَر ُمإئ ِذ ٍ ي َ ْ
ن ب َعْد ُ وَي َوْ َمإ ْ ن قَب ْ ُ
ل وَ ِ مإ ْمإُر ِ و )للهِ ال ْ
م( )الروم. (5-4: حي ُزيُز الّر ِ شاُء وَهُوَ ال ْعَ ِ ن يَ َ مإ ْ
صُر َ ي َن ْ ُ
بمثل هذا السلوب نخاطب الناس ,ونكتب لرفعة النحاس باشا
ومإحمد مإحمود باشا وعلي مإاهر باشا وحسين سري باشا ,وغيرهم
مإما نريد أنآ نعذر إلى الله بإبلغهم الدعوة وتوجيههم إلى مإا نعتقد
أنآ فيه الخير والصواب لهم وللناس ..
أفيقال بعد هذا أنآ الخوانآ المسلمين يعملونآ لحساب شخص أو
موه ُ ظ َ ّ
ن معْت ُ ُ س ِ ول إ ِذ ْ َ قل أم كثر ) ..ل َ ْ َ
هيئة كبر ذلك أم صغر
ن( )النور: مإِبي ٌ
ك ُذا إ ِفْ ٌ ُ
خْيرا وََقالوا هَ َ ً م َ سهِ ْف ِ ت ب ِأن ْ ُ مإَنا ُمؤ ْ ِ نآ َوال ْ ُ مإُنو َ ال ْ ُ
مؤ ْ ِ
. (12ومإعاذ الله أنآ نكونآ في يوم مإن اليام لغير السلم وتعاليم
السلم .
وكانآ أجل تلك الحوادث وأشدها خطرا وأعمقها أثرا إعلنآ الحرب
وامإتداد لهيبها إلى مإصر ,ووقوف أوربا مإعسكرين مإتناحرين يعمل
كل مإنهما على إفناء الخر وإبادته ,حتى أخفقت وسائل التهدئة
وسل الحسام بعد أنآ خرس الكلم .
إمإا أنآ إنجلترا ل تثق بنا ول تعتمد علينا ول تعتبرنا حلفاء حقيقين لها
,وحينئذ ٍ يكونآ عليها أنآ تصارحنا بذلك وأنآ تخلي أرضنا وأنآ توفر
علينا مإساعداتنا وأنآ تحلنا مإن قيود المعاهدة التي تنص على
المحالفة وترتب عليها المساعدة ,وذلك فرض مإستبعد طبعا .
وإمإا أنها تثق بنا وتعتبرنا حلفاء لها وتقدر حسن نيتنا وصدق مإعونتنا
,وقد قدمإنا البرهانآ على ذلك فعل ,فمنذ نشبت الحرب إلى النآ
والحكومإة المصرية ل تدخر وسعا في مإشاركتها سراء الحرب
وضرائها ,فعليها حينئذ ٍ أنآ تطمئنا على مإستقبلنا في هذه الحوادث
وبعدها ,فتعلن النآ بصفة رسمية المحافظة على استقلل مإصر
والسودانآ ,وأنآ بققاء القوات البريطانية في مإصر مإوقوت
بالحرب ,وتشمل هذا العلنآ بالمساعدة الفعلية لنا ,فتسمح لنا
بزيادة عدد جيشنا وبتقوية سلحنا وبإعداد شعبنا ,وحينئذ ٍ نتعاونآ
تعاونا صادقا ونحمل أعباء الحرب مإعا ونتقاسم العمال العسكرية
والمدنية ,فيحمل الجيش المصري عبء الحرب في السودانآ مإثل
حتى يطهره الله مإن العدو المغير ,وتحرس الجيوش البريطانية
الحدود الغربية حتى تضع الحرب أوزارها .هذا كلم صريح نعتقد أنه
مإن الخير أنآ يكونآ واضحا ,ول يغني مإصر شيئا أنآ تسمع ثناء
الجرائد والمجلت النجليزية وعبارات المجامإلة التي يحييها بها
الساسة البريطانيونآ ,ول عبارات التقدير التي يشكرونآ بها
المساعدة المصرية الجليلة ,وإنما ينفعها الكلم الرسمي والعمل
المنتج .إنآ مإصر ستفي مإن جانبها بالتزامإاتها التي سجلتها عليها
المعاهدة ,لنها ل تملك إل هذا ول تستطيع غيره مإاديا وأدبيا ,ولكن
تمسك الحكومإة البريطانية تمسكا جامإدا بروح المعاهدة ونصها في
وقت واحد تفسر فيه هذه النصوصا لمصلحة طرف واحد ,وفي
ظروف تعصف بالدول والشعوب والمإوال والرواح والمإم
والحكومإات والنظم والمعاهدات ,فهو تمسك إنآ رضيه الفقه
السياسي فلن يرضاه الشعب البي ,ولقد جاهدت مإصر في سبيل
استقللها ,وستجاهد في سبيل ذلك إنآ أعوزها الجهاد ,وهي ضنية
بهذا الستقلل أنآ يسلب قبل أنآ يكتمل ,ويزول قبل أنآ يتم ,ول
تريد أنآ تكونآ في حمى غيرها ,أو أنآ تظل تحت رحمة سواها مإهما
كلفها ذلك مإن التضحيات ,وإذ كانت الحكومإة البريطانية تسمع مإن
الحكومإة المصرية أو الساسة المصريين كلمإا غير هذا فإنما هي
المجامإلة الدبلومإاسية .
أمإا نحن فنصور عقائد الشعب الحقيقية على صورتها الطبيعية ,ل
نبتغي مإن وراء ذلك إل تعاونا سليما على أساس سليم .
بل إننا نريد أنآ ننتهز هذه الفرصة ,فنتقدم مإخلصين إلى الساسة
الغربيين فنلفت أنظارهم إلى فرصة سانحة لعلها إنآ أفلتت مإنهم
اليوم فلن تعود إل بعد حين ل يعلم إل الله مإداه ,وإنآ وفقوا إلى
النتفاع بها فهو الخير لهم وللعالم أجمع .
لقد ردد الساسة جميعا كلمة " النظام الجديد " ...فهتلر يريد أنآ
يتقدم للناس بنظام جديد ،وتشرشل يقول إنآ إنجلترا المنتصرة
ستحمل الناس على نظام جديد ،وروزفلت يتنبأ ويشيد بهذا النظام
الجديد ،والجميع يشيرونآ إلى أنآ هذا النظام الجديد سينظم أوروبا
ويعيد إليها المإن والطمأنينة والسلم ،فأين حظ الشرق
والمسلمين مإن هذا النظام المنشود ؟
نريد هنا أنآ نلفت أنظار الساسة الغربيين إلى أنآ الفكرة
الستعمارية إنآ كانت قد أفلست في الماضي مإرة ،فهي في
المستقبل أشد فشل ً ل مإحالة ،وقد تنبهت المشاعر وتيقظت
حواس الشعوب ،وانآ سياسة القهر والضغط والجبروت لم تأت
في الماضي إل بعكس المقصود مإنه ،وقد عجزت عن قيادة
القلوب والشعوب ،وهى في المستقبل أشد عجزا ً .
وأنآ سياسة الخداع والدهاء والمرونة السياسية إنآ هدأ بها الجو
حينا فل تلبث أنآ تهب العاصفة قوية عنيفة .وقد تكشفت هذه
السياسة عن كثير مإن الخطاء والمشكلت والمنازعات ،وهى في
المستقبل أضعف مإن أنآ توصل إلى المقصود .
إنآ حكم الجبروت والقهر قد فات ،ولن تستطيع أوروبا بعد اليوم
أنآ تحكم الشرق بالحديد والنار .وأنآ هذه النظريات السياسية
البالية لن تتفق مإع تطور الحوادث ورقى الشعوب ونهضة المإم
السلمإية ،ول مإع المبادئ والمشاعر التي ستطلع بها هذه الحرب
الضروس على الناس .
ولسنا وحدنا الذين نقول هذا ،بل هم الساسة الوروبيونآ أنفسهم ،
ونحن نضع هذه النظريات أمإام أعين الساسة البريطانيين
والساسة الفرنسيين وغيرهم مإن ساسة الدول الستعمارية ،على
أنها نصائح تنفعهم أكثر مإما هي مإطالب تنفعنا ،فليأخذوا أو ليدعوا
،وقد وط ًَنا أنفسنا على انآ نعيش أحرارا ً عظماء أو نموت أطهارا ً
كرمإاء .
ونحن ل نطمع في حق سوانا ،ول يستطيع أحد أنآ ينكر علينا حقنا.
وانآ خيرا ً لكل أمإة أنآ تعيش مإتعاونة مإع غيرها ،مإن أنآ تعيش
مإتنافسة مإع سواها حينا مإن الدهر ،يندلع بعده لهيب الثورة في
البلد المغصوبة ،وجحيم الحرب بين الدول المتنافسة
هذا كلم قد يراه الناس مإن الفراط في حسن الظن ,ولعله إلى
الخيال أقرب ,ولعل مإن الناس مإن يرى أنآ مإن الكياسة أل يقال
في مإثل هذه الظروف ,ولكني أعتقد أنآ المصارحة دائما هي
أفضل طريق للوصول ,ول ندري مإتى وكيف تتم هذه الحرب ,
ولنآ ننبه أذهانآ قومإنا إلى مإا يجب أنآ يكونآ فنبرئ بذلك ذمإتنا
ه
ونقدم نصيحتنا أولى بنا مإن أنآ نفوت الفرصة المواتية َ) ,والل ُ
سِبي َ
ل( )الحزاب.(4: دي ال ّ ل ال ْ َ
حقّ وَهُوَ ي َهْ ِ قو ُ
يَ ُ
ومإا أجل أنآ يهتدي أولئك الساسة يومإئذ بنور الله ,ويكشفوا عن
قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم غشاوة التعصب الممقوت ,ويتخذوا
السلم الحنيف الذي أخذ مإن كل شيء أحسنه أساسا لنظمهم
السياسية والمدنية والجتماعية ,فتتحقق الوحدة النسانية الروحية
التي طال عليها المإد والتي ل يحققها إل سماحة السلم وهدي
ن
مإ ِ ه َ دي ب ِهِ الل ُن ,ي َهْ ِ
مإِبي ٌب ُ
ن اللهِ ُنوٌر وَك َِتا ٌ مإ َم ِ جاَءك ُ ْ
السلم ) ,قَد ْ َ
َ
ت إ ِلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ ما ِ ُ ّ
ن الظل َ مإ َ
م ِ جه ُ ْ
خرِ ُ
سلم ِ وَي ُ ْ ل ال ّ سب ُ َ
ه ُوان َ ُ
ض َات ّب َعَ رِ ْ
قيم ٍ( )المائدة. (16-15: ست َ ِ
مإ ْ
ط ُ صَرا ٍ َ
م إ ِلى ِ ديهِ ْ
وَي َهْ ِ
حسـن البنــا
ولعل طورا آخر ينتظر هذه الدعوة حين توضع مإوضع التجربة
العملية ،وحينئذ يتم هذا الهيكل الذي تجهز له هذه اللبنات ،وحينئذ
يرى الناس أي خير سينالونآ مإن تطبيق هذه المبادئ السامإية
وتحقيق هذه الهداف العالية.
وسأتناول إنآ شاء الله خصائص هذه الدعوة ومإرامإيها ،والشبهات
التي تورد عليها والعقبات التي تحيط بها في هذا الطور الجديد ،
مإستمدا مإن الله المعونة والتوفيق.
ربانية عالمية
أخص خصائص دعوتنا أنها ربانية عالمية :
أ ـ أمإا أنها ربانية فلنآ الساس الذي تدور عليه أهدافنا جميعا ،أنآ
يتعرف الناس إلى ربهم ،وأنآ يستمدوا مإن فيض هذه الصلة
روحانية كريمة تسموا بأنفسهم عن جمود المادة الصماء وجحودها
إلى طهر النسانية الفاضلة وجمالها .نحن الخوانآ المسلمين
لنهتف مإن كل قلوبنا:
"الله غايتنا" فأول أهداف هذه الدعوة أنآ يتذكر الناس مإن جديد
هذه الصلة التي تربطهم بالله تبارك وتعالى والتي نسوها فأنساهم
َ
ن
مإ ْ
ن ِ
ذي َ م َوال ّ ِقك ُ ْ خل َ َذي َ م ال ّ ِدوا َرب ّك ُ ُ س اع ْب ُ ُ الله أنفسهم )َيا أي َّها الّنا ُ
نآ( )البقرة . (21:وهذا في الحقيقة هو المفتاح قو َ م ل َعَل ّك ُ ْ
م ت َت ّ ُ قَب ْل ِك ُ ْ
الول لمغاليق المشكلت النسانية التي أوصدها الجمود والمادية
في وجوه البشر جميعا ً فلم يستطيعوا إلى حلها سبيل ً ،وبغير هذا
المفتاح فل إصلح .
ب ـ وأمإا أنها عالمية فلنها مإوجهه إلى الناس كافه لنآ الناس في
حكمها إخوة :أصلهم واحد ،وأبوهم واحد ،ونسبهم واحد ،ل
يتفاضلونآ إل بالتقوى و بما يقدم أحدهم المجموع مإن خير سابغ
خل َ َ َ
س
ف ٍ ن نَ ْ مإ ْم ِ قك ُ ْ ذي َ م ال ّ ِقوا َرب ّك ُ ُ س ات ّ ُ وفضل شامإل )َيا أي َّها الّنا ُ
ه
قوا الل َساًء َوات ّ ُ جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ ما رِ َ مإن ْهُ َ
ث ِ جَها وَب َ ّ
مإن َْها َزوْ َخل َقَ ِ حد َةٍ وَ َ َوا ِ
م َرِقيبا ( )النساء. (1: ً ُ َ َ َ ُ ال ّ ِ
نآ ع َلي ْك ْ ه كا َ نآ الل َ م إِ ّ حا َ
نآ ب ِهِ َوالْر َ ساَءلو َ ذي ت َ َ
فنحن ل نؤمإن بالعنصرية الجنسية ول نشجع عصبية الجناس
واللوانآ ،ولكن ندعو إلى الخوة العادلة بين بنى النسانآ .
قرأت لحد زعماء الغرب أنه يقسم الجنس البشرى إلى مإبتكرين
ومإحافظين ومإخربين ،وهو يعتبر قومإه مإبتكرين ويعتبر قومإا آخرين
مإن الغربيين مإحافظين ،ويعتبرنا نحن الشرقيين ومإا إلينا عدا هذين
مإخربين ومإدمإرين ,هذا التقسيم ظالم جائر فضل عن أنه غير
صحيح بأصله ،فالجنس البشرى كله مإرده إلى دم واحد وطينه
واحدة وإنآ اختلفت البيئات والوسائط والمدارك والثقافات .وإذا
هذب النسانآ استطاع أنآ يرتقي مإن رتبته إلى أعلي مإنها بدرجة مإا
يصل إليه مإن تهذيب .وليس هناك جنس مإن بني آدم ل يمكن
إصلحه في حدود ظروفه وبيئته الخاصة به .هذا مإن جهة ,ومإن
جهة أخري فإنآ هذا الشرق الذي وضع في صف المخربين
والمدمإرين هو مإبعث المدنيات ومإشرق الحضارات ومإهبط
الرسالت ،وهو مإفيض ذلك كله علي الغرب ،ل ينكر هذا إل جاحد
مإكابر .ومإثل هذه المزاعم الباطلة إنما هي نزوات مإن غرور
النسانآ وطيش الوجدانآ ل يمكن أنآ تستقر علي أساسها نهضات
أو تقوم على قاعدتها مإدنيات ,ومإا دام في الناس مإن يشعر بمثل
هذا الشعور لخيه النسانآ فل أمإن ول سلم ول اطمئنانآ حتى يعود
الناس إلى علم الخوة فيرفعونه خفاقا ً ،ويستظلونآ بظله الوارف
المإين ،ولن يجدوا طريقا ً مإعبدة إلى ذلك كطريق السلم الذي
ُ َ
جعَل َْناك ُ ْ
م ن ذ َك َرٍ وَأن َْثى وَ َ مإ ْ
م ِ خل َ ْ
قَناك ُ ْ س إ ِّنا َيقول كتابه َ) :يا أي َّها الّنا ُ
م( )الحجرات: عن ْد َ اللهِ أ َت ْ َ
قاك ُ ْ م ِمإك ُ ْ
ل ل ِتعارُفوا إ َ
نآ أك َْر َ
ِ ّ شُعوبا ً وَقََبائ ِ َ َ َ َ
ُ
. (13ويقول نبيه ) : eليس مإنا مإن دعا إلى عصيبة ،وليس مإنا
مإن مإات علي عصيبة( رواه أحمد مإن حديث جبير بن مإطعم . e
ولهذا كانت دعوة الخوانآ المسلمين ربانية إنسانية .
بين العقلية الغيبية والعقلية العلمية
ولقد تذبذب العقل البشري مإنذ وجد النسانآ علي ظهر الرض إلى
يومإه هذا ـ وأغلب الظن كذلك حتى تتداركه هداية مإن الله ـ بين
أطوار ثلثة ،وإنآ شئت قلت بين ألوانآ ثلثة مإن ألوانآ التفكير
والتصوير :
1ـ طور الخرافة والبساطة والتسليم المطلق للغيب المجهول
والقوي الخفية البعيدة عنه .فهو ينسب إليها كل شيء ويفسر بها
كل شيء .ول يري لنفسه مإعها عمل ً ول فكرا ً ،وكثيرا ً مإا استبد
هذا الطور بالنسانآ في أدوار حياته الولي يوم عاش علي هذه
الرض يجهلها وتجهله ،ولعل أقوامإا ً مإن بني النسانآ ل يزالونآ
يعيشونآ علي هذا النحو إلى النآ .
2ـ وطور الجمود والمادية والتنكر لهذا الغيب المجهول ،والخروج
علي هذه القوي البعيدة علي حس النسانآ والتمرد علي كل مإا
يتصل إليها بسبب ،ومإحاولة تفسير مإظاهر الكونآ جميعا ً مإحاولة
مإادية صرفة وفق قوانين تجريبية اهتدي إليها النسانآ بطول تجاربه
ودوام بحثه وتفكيره .وكثيرا ً مإا طغى هذا التفكير علي العقل
النساني في هذه العصور الحديثة ،التي وصل فيها النسانآ إلى
الكشف عن كثير مإن مإجهولت الطبيعة ،وعرف فيها الكثير مإن
خواصا الكائنات ،فظن أنه واصل ل مإحالة بهذا السلوب إلى
مإعرفة مإا هناك ،وإنآ كانآ الذي يعرفه بالنسبة إلى مإا يجهله كالذرة
مإن الرمإال في الفلة الواسعة الفسيحة .
وفي هذا الدور أنكر النسانآ المادي اللوهية ومإا يتصل بها
والنبوات ومإا يمت إليها والخرة والجزاء والعالم الروحي بكل مإا
فيه ،ولم ير شيئا ً إل هذا العالم الدنى المحدود يفسر ظواهره
بحسب قوانينه المادية الصرفة .
كل هذين اللونين مإن ألوانآ التفكير خطأ صريح وغلو فاحش وجهالة
مإن النسانآ بما يحيط بالنسانآ .
ً
3ـ ولقد جاء السلم الحنيف يفصل القضية فصل ً حقا ،فيقرر حق
العالم الروحي ويوضح صلة النسانآ بالله رب الكائنات جميعا ً
وبالحياة الخرة بعد هذه الحياة الدنيا ،ويجعل اليمانآ بالله أساس
إصلح النفس التي هي مإن عالم الروح فعل ً والتي ل سبيل إلى
صلحها إل بهذا اليمانآ ,ويصف ذلك العالم الغيبي المجهول وصفا ً
يقربه إلى الذهانآ ول يتنافى مإع بدهيات العقول ،وهو مإع هذا يقرر
فضل هذا العالم المادي ومإا فيه مإن خير للناس لو عمروه بالحق
وانتفعوا في حدود الخير ،ويدعو إلى النظر السليم في مإلكوت
السماوات والرض ،ويعتبر هذا النظر أقرب إلى مإعرفة الله العلي
الكبير .هذا الموقف مإن السلم الحنيف ألزم العقل البشري لونا ً
مإن ألوانآ التفكير ،هو أكملها وأتمها وأكثرها انطباقا ً علي واقع
الحياة ومإنطق الكونآ ،وأعظمها نفعا ً لبني النسانآ :ذلك هو
الجمع بين اليمانآ بالغيب والنتفاع بالعقل .فنحن نعيش في
عالمين فعل ً ل في عالم واحد ،ونحن عاجزونآ عن تفسير كثير مإن
ظواهر الكونآ فعل ً ،عاجزونآ عن إدراك كل الحقائق الولية التي
تحيط بنا .ونحن في إدراكها ننتقل مإن مإجهول إلى مإجهول حتى
ينتهي بنا العجز إلى القرار بعظمة الله ،ونحن نشعر مإن أعماق
قلوبنا بعاطفة اليمانآ قوية مإشبوبة ،لنآ اليمانآ مإن فطرة نفوسنا
وهو لها ضرورة مإن ضرورات حياتها كالغذاء والهواء والماء
للجسام سواء بسواء .ونحن بعد ذلك نلمس أنآ المجتمع النساني
لن يصلحه إل اعتقاد روحي يبعث في النفوس مإراقبة الله والتعزي
بمعرفته ،ومإن هنا كانآ لزامإا ً علي الناس أنآ يعودوا إلى اليمانآ
بالله والنبوات وبالروح وبالحياة الخرة ،وبالجزاء فيها علي
ل ذ َّرةٍقا َ
مإث ْ َ
ل ِم ْ
ن ي َعْ َ خْيرا ً ي ََره ُ ,وَ َ
مإ ْ ل ذ َّرةٍ َ قا َ مإث ْ َ
ل ِ م ْ
ن ي َعْ َ العمال )فَ َ
م ْ
شّرا ً ي ََره ُ( )الزلزلة. (8-7: َ
كل هذا في الوقت الذي يجب عليهم فيه أنآ يطلقوا لعقولهم العنانآ
لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر هذه المادة الصماء وتنتفع
عْلما ً( )طـه: ب زِد ِْني ِ ل َر ّبما في الوجود مإن خيرات ومإيزات ) :وَقُ ْ
, (114وإلي هذه اللونآ مإن التفكير الذي يجمع بين العقليتين
الغيبية والعلمية ندعو الناس .لقد عاش الغرب أخريات أيامإه مإادي
النزعة ل يشعر بغير المادة ول يعترف بغير المادة ول يحس بوجود
غيرها حتى مإاتت في نفوس أبنائه عواطف الرحمة النسانية ،
وخبت أنواع الروحانية الربانية .وهيمن الغرب علي الدنيا بأسرها
بعلومإة ومإعارفه ومإباهجه وزخارفه وكشوفه ومإخترعاته وجنوده
وأمإواله ,وصبغ الفكر البشري في كل مإكانآ بصبغته هذه .
والنآ والدنيا كلها تكتوي بهذه النيرانآ تنبثق الدعوة مإن جانب جديد
لتهيب بالناس في الشرق والغرب مإعا ً أنآ يمزجوا المادة بالروح ,
وأنآ يؤمإنوا بالغيب والشهادة ،وأنآ يعترفوا مإن جديد إلى الله :
ن( )الذريات. (50: مإِبي ٌ
ذيٌر ُ
ه نَ ِمإن ْ ُ
م ِ فّروا إ َِلى اللهِ إ ِّني ل َك ُ ْ
)فَ ِ
إننا مإصريونآ بهذه البقعة الكريمة التي نبتنا فيها ونشأنا عليها .
ومإصر بلد مإؤمإن تلقي السلم تلقيا ً كريما ً وذاد عنه العدوانآ في
كثير مإن أدوار التاريخ وأخلص في اعتناقه و طوى عليه أعطف
المشاعر وأنبل العواطف ،وهو ل يصلح إل بالسلم ول يداوى إل
بعقاقيره ول يطب له إل بعلجه .وقد انتهت إليه بحكم الظروف
الكثيرة حضانة الفكرة السلمإية والقيام عليها فكيف ل نعمل
لمصر و لخير مإصر ؟ وكيف ل ندفع عن مإصر بكل مإا نستطيع ،
وكيف يقال إنآ اليمانآ بالمصرية ل يتفق مإع مإا يجب أنآ يدعو إليه
رجل ينادي بالسلم ويهتف بالسلم! إننا نعتز بأننا مإخلصونآ لهذا
الوطن الحبيب عامإلونآ له مإجاهدونآ في سبيل خيره ،وسنظل
كذلك مإا حيينا مإعتقدين أنآ هذه هي الحلقة الولي في سلسلة
النهضة المنشودة ،وأنها جزء مإن الوطن العربي العام ،وأننا حين
نعمل لمصر نعمل للعروبة والشرق والسلم .
وليس يضيرنا في هذا كله أنآ نعني بتاريخ مإصر القديم ,وبما سبق
إليه قدمإاء المصريين الناس مإن المعارف والعلوم .فنحن نرحب
بمصر القديمة كتاريخ فيه مإجد وفيه علم ومإعرفة .ونحارب هذه
النظرية بكل قوانا كمنهاج عملي يراد صبغ مإصر به ودعوتها إليه
بعد أنآ هداها الله بتعاليم السلم وشرح لها صدرها وأنار به
بصيرتها وزادها به شرفا ً ومإجدا ً فوق مإجدها ،وخلصها بذلك مإما
لحق هذا التاريخ مإن أوضار الوثنية وأدرانآ الشرك وعادات
الجاهلية .
ب ـ والعروبة :أو الجامإعة العربية ،لها في دعوتنا كذلك مإكانها
البارز وحظها الوافر ,فالعرب هم أمإة السلم الولي وشعبة
المتخير ،وبحق مإا قاله ) : eإذا ذل العرب ذل السلم( ولن ينهض
السلم بغير اجتماع كلمة الشعوب العربية ونهضتها ،وإنآ كل شبر
أرض في وطن عربي نعتبره مإن صميم أرضنا ومإن لباب وطننا .
فهذه الحدود الجغرافية والتقسيمات السياسية ل تمزق في أنفسنا
أبدا ً مإعني الوحدة العربية السلمإية التي جمعت القلوب علي أمإل
واحد وجعلت مإن هذه القطار جميعا ً أمإة واحدة مإهما حاول
المحاولونآ وافتري الشعوبيونآ .
ومإن أروع المعانـي في هذا السبيل مإا حدد به الرسول eمإعني
العروبـة إذ فسرها بأنها اللسانآ والسلم .
فقد روي الحافظ بن عساكر بسنده عن مإالك قول النبي ) : eيا أيها
الناس إنآ الرب واحد ,والب واحد ،والدين واحد ،وليست العربية
بأحدكم مإن أب ول أم ،وإنما هي اللسانآ فمن تكلم بالعربية فهو
عربي( .
وبذلك نعلم أنآ هذه الشعوب الممتدة مإن خليج فارس إلى طنجة
ومإراكش علي المحيط الطلسي كلها عربية تجمعها العقيدة ويوجد
بينها اللسانآ ،وتؤلفها بعد ذلك هذه الوضعية المتناسقة في رقعة
مإن الرض واحدة مإتصلة مإتشابهة ل يحول بين أجزائها حائل ،ول
يفرق بين حدودها فارق ،ونحن نعتقد أننا حين نعمل للعروبة نعمل
للسلم ولخير العالم كله .
ج ـ والشرقية :لها في دعوتنا مإكانها وإنآ كانآ المعني الذي يجمع
المشاعر فيها مإعني وقتيا ً طارئا ً ،إنما ولده وأوجده اعتزاز الغرب
بحضارته وتغاليه بمدنيته ،وانعزاله عن هذه المإم التي سماها
المإم الشرقية وتقسيمه العالم إلى شرقي وغربي ،وندائه بهذا
التقسيم حتى في قول أحد شعرائه المأثور :الشرق شرق والغرب
غرب ول يمكن أنآ يجتمعا .هذا المعني الطارئ هو الذي جعل
الشرقيين يعتبرونآ أنفسهم صفا ً يقابل الصف الغربي ،أمإا حين
يعود الغرب إلى النصاف ويدع سبيل العتداء والجحاف فتزول
هذه العصبية الطارئة وتحل مإحلها الفكرة الناشئة ،فكرة التعاونآ
بين الشعوب علي مإا فيه خيرها وارتقاؤها .
د ـ أمإا العالمية :أو النسانية فهي هدفنا السمى وغايتنا العظمي
وختام الحلقات في سلسلة الصلح .والدنيا صائرة إلى ذلك ل
مإحالة فهذا التجمع في المإم ،والتكتل في الجناس والشعوب ،
وتداخل الضعفاء بعضهم في بعض ليكتسبوا بهذا التداخل قوة ،
وانضمام المتفرقين ليجدوا في هذا النضمام أنس الوحدة ,كل
ذلك مإمهد لسيادة الفكرة العالمية وحلولها مإحل الفكرة الشعوبية
القومإية التي آمإن بها الناس مإن قبل ،وكانآ ل بد أنآ يؤمإنوا هذا
اليمانآ لتتجمع الخليا الصلية ،ثم كانآ ل بد أنآ يتخلوا عنها لتتألف
المجموعات الكبيرة ،ولتحقق بهذا التآَلف الوحدة الخيرة .وهي
خطوات إنآ أبطأ بها الزمإن فل بد أنآ تكونآ ،وحسبنا أنآ نتخذ مإنها
هدفا ً ،وأنآ نضعها نصب أعيننا مإثل ً ،وأنآ نقيم هذا البناء النساني
لبنته وليس علينا أنآ يتم البناء ،فلكل أجل كتاب .
وإذا كانآ في الدنيا النآ دعوات كثيرة ونظم كثير يقوم مإعظمها
على أساس العصبية القومإية التي تستهوي قلوب الشعوب وتحرك
عواطف المإم ،فانآ هذه الدروس القاسية التي يتلقاها العالم مإن
آثار هذه القوة الطاغية بأنآ يفنى الناس إلى الرشد ويعودوا إلى
التعاونآ والخاء .
ولقد رسم السلم للدنيا هذه السبيل فوحد العقيدة أول ،ثم وحد
النظام والعمال بعد ذلك ،وظهر هذا المعنى الساحر النيل في كل
فروعه العملية .
ً
فرب الناس واحد ،ومإصدر الدين واحد ،والنبياء جميعا مإقدسونآ
مإعظمونآ ،والكتب السماوية كلها مإن عند الله ،والغاية المنشودة
ذيصى ب ِهِ ُنوحا ً َوال ّ ِمإا وَ ّ
ن َ دي ِ
ن ال ّمإ َ
م ِشَرع َ ل َك ُ ْ اجتماع القلوب َ ) ,
ن َ َ حي َْنا إ ِل َي ْ َ َ
دي َموا ال ّ نآ أِقي ُ
سى أ ْ عي َسى وَ ِ مإو َ م وَ ُ
هي َ
صي َْنا ب ِهِ إ ِب َْرا ِ
مإا وَ ّ
ك وَ َ أوْ َ
فّرُقوا ِفيهِ( )الشورى , (13:والقرآنآ عربي وهو أساس هذا َول ت َت َ َ
الدين ،وركن الصلة أفضل القربات إلى الله ،وتلك هي الوسيلة
العملية إلى وحدة اللسانآ بعد وحدة اليمانآ .
وهذه الصلة وتلك الزكاة ،والحج والصوم إنما هي كلها تشريعات
اجتماعية يراد بها توثيق الوحدة وجع الكلمة وإزالة الفوارق
وكشف الحجب والموانع بين بنى النسانآ .
ومإن هنا كانت دعوتنا ذات مإراحل نرجو أنآ تتحقق تباعا ،وأنآ
نقطعها جميعا وأنآ نصل بعدها إلى الغاية .
نرجو أنآ تقوم في مإصر دولة مإسلمة تحتضن دعوة السلم ،
وتجمع كلمة العرب وتعمل لخيرهم وتحمي المسلمين في أكناف
الرض مإن عدوانآ كل ذي عدوانآ ،وتنشر كلمة الله وتبلغ رسالته ..
حتى ل تكونآ فتنة ويكونآ الدين كله لله.
الحمد لله والصلة والسلم على سيدنا مإحمد وعلى اله وصحبه
ومإن دعا بدعوته إلى يوم الدين ..
أيها الخوة الفضلء..
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته .وبعد ،فقد خطر لي أنآ
أشكركم على مإا تجشمتم مإن مإشقة وتحملتم مإن عناء وأنفقتم
مإن نفقة في سبيل حضوركم هذا الجتماع ،ولكنى سألت نفسي :
أليس ذلك هو أيسر مإا تقتضيه الدعوة مإن واجبات ؟ وإذا ً ففيم
الشكر ،وقديما قيل :ل شكر على واجب ،ولهذا عدلت عن أنآ
أتقدم إليكم شاكرا ،ولكن ذلك ل يحول بيني وبين أنآ أتقدم إليكم
مإبشرا ،بما أعد الله لعباده العامإلين المخلصين مإن عظيم الجر
وجزيل المثوبة مإتى عملوا واخلصوا واستجابوا لله وللرسول إذا
دعاهم لما يحييهم ،فبشراكم أيها الخوانآ ..إنكم مإا خطوتم خطوة
أو أنفقتم نفقة تبتغونآ بها إعزاز كلمة الله ونصر الدعوة والجتماع
على الحب في الله والتآَخي في الله ,إل كتب الله لكم بها ،ورفع
نآ
قو َف ُ
لكم بها في المل العلى ذكرا ،وصدق الله العظيم َ) :ول ي ُن ْ ِ
ه
م الل ُجزِي َهُ ُ ب ل َهُ ْ
م ل ِي َ ْ نآ َواِديا ً ِإل ك ُت ِ َ
قط َُعو َ
صِغيَرة ً َول ك َِبيَرة ً َول ي َ ْة َق ًف َنَ َ
نآ( )التوبة , (121:كما أني أتقدم كذلك مإهنئنا ُ َ َ
ملو َ مإا كاُنوا ي َعْ َ
ن َس َح َ أ ْ
بهذا الموسم ,مإوسم عيد الفطر ,سائل الله تبارك وتعالى أنآ
يعيده على النسانية التائهة بالهداية والتوفيق ,وإنآ كانآ عيدنا
الحقيقي يوم تنتصر دعوتنا ,وتنهض دولتنا ,وتعلو بنا كلمة الله في
أرضه ويومإئذ يفرح المؤمإنونآ بنصر الله .
أي مإعنى جليل ,وأي شعور نبيل يثيره اجتماعكم في نفس مإن
يراكم ,إذا اتصل شعوره بشعوركم ,ونفذت بصيرته إلى أعماق
نفوسكم ,فرأى أي دافع كريم استولى عليكم فدفع بكم إلى هذا
المكانآ ،ورأي أي تفكير سام بريء طهور تزدحم به في هذه
الساعات خواطركم ،وأي جلل ووقار ورحمة وسكينة ورضوانآ
تحف النآ بمجلسكم هذا وتتغشاكم في أمإاكنكم.
أمإة جديدة :
جديدة في قلوبها النقية البيضاء التي يغمرها اليمانآ واليقين جديدة
في عقولها المشرقة المستنيرة بتعاليم القرآنآ الكريم ,وهداية
رب العالمين .
جديدة في آمإالها وأمإانيها التي ل تمت إلى النانية بسبب ،ولكنها
تبقي الخير والسعادة للناس أجمعين.
جديدة في وسائلها الواضحة الصريحة العادلة الرحيمة التي تبدأ
بالحكمة والموعظة الحسنة وتنتهي بالنصاف والعدالة الرحمة ،
جعَل َُهاخَرة ُ ن َ ْ داُر ال ِ ك ال ّ وتنتظر مإثوبة ذلك في قوله تعالى ) :ت ِل ْ َ
َ
ن( قي َ مت ّ ِة ل ِل ْ ُ
سادا ً َوال َْعاقِب َ ُ
ض َول فَ َ دو َ ُ ً
نآ ع ُلوّا ِفي الْر ِ ري ُن ل يُ ِ ل ِل ّ ِ
ذي َ
)القصص.(83:
أيها الخوة الفضلء ..
اذكروا نعمة عليكم واقدروا أنفسكم واقدروا دعوتكم ،وأبشروا
فالمستقبل لكم والله مإعكم ولن يتركم أعمالكم ،وثقوا بأنكم
تمثلونآ تمثيل حقيقيا أمإة وادي النيل التي يفوق عددها ثلثين مإليونا
،ومإعها بقية المإة العربية التي تناهز سبعين مإليونا ،ومإن ورائها
العالم السلمإي الذي يبلغ ثلثمائة مإليونا مإن المسلمين ،أنتم
تمثلونآ هذه المجموعة مإن الناس تمثيل حقيقيا صحيحا قد تنكره
عليكم الجهات الرسمية والشكليات العملية ،ولكن هل يشك
مإنصف عادل في أنكم هنا في اجتماعكم هذا تختلج نفوسكم بما
تختلج به هذه النفوس جميعا مإن المشاعر؟ وتمتلئ رؤوسكم بما
تمتلئ به هذه الرؤوس جميعا مإن الفكار؟ وتنطلق ألسنتكم بما
تردده تلك اللسن مإن الكلمات؟
خّلي بين هؤلء وبين حريتهم لصافحت أيديهم أيديكم في حرارة ولو ُ
وشوق ،وضمت صدورهم صدوركم في حب ولهف ،ودّوى هتافهم
عاليا قويا مإع هتافكم :الله اكبر ولله الحمد ،وهي الخوة التي ل
تنفصم والتي جمع عليها القرآنآ قلوب المؤمإنين به في كل مإكانآ ،
خوَة ٌ( )الحجرات. (10: نآ إ ِ ْ
مإُنو َ ما ال ْ ُ
مؤ ْ ِ جلها لهم إذ يقول ) :إ ِن ّ َ
وس ّ
فيا أيها الممثلونآ الحقيقيونآ لخير أمإة أخرجت للناس اسمعوا ..
بين دورين
لقد جاء السلم الحنيف يقرر للدنيا أعدل المبادئ وأقوم الشرائع
الربانية ،ويسمو بالنفس النسانية ويقدس الخوة العالمية ،ويضع
عقيدة الخلود والجزاء دافعا إلى العمال الصالحة ومإانعا مإن
الفساد في الرض ،ويرسم الطريق العملي لذلك كله في حياة
الناس اليومإية ثم في أوضاعهم المدنية ،ويحيى على ذلك القلوب ،
ويجمع عليه المإة ،ويقيم على أساسه الدولة ،ويوجب الدعوة إليه
في الناس كلهم حتى ل تكونآ فتة ويكونآ الدين كله لله.
ومإضت على هذا حياة المسلمين حينا مإن الدهر ،علت فيها
دعوتهم ،وامإتدت دولتهم ،وتمكن سلطانهم ،وسادوا أمإم الدنيا ،
وكانوا أساتذة الناس ،ووعدهم الله على ذلك أجمل المثوبة ،
ب ن ثَ َ
وا ِ س َح ْ
ب الد ّن َْيا وَ ُ ه ثَ َ
وا َ وحقق لهم هذا الوعد َ) :فآََتاهُ ُ
م الل ُ
ن( )آل عمرانآ.(148: سِني َ ح ِ ب ال ْ ُ
م ْ ح ّ
ه يُ ِ
خَرةِ َوالل ُ
ال ِ
ثم اختلط عليهم بعد ذلك المإر ،فاتخذوا الدين طقوسا وأشكال ،
والعلم والمعرفة جدل ومإراء ،ووزعوا مإهمة الصلح لتكونآ أداة
للدنيا ووسيلة للجاه والمال ،ففسدت النفوس أول وتفرقت الكلمة
بعد ذلك ،ودالت الدولة تبعا لهذا ،وطمع في المسلمين مإن ل يدفع
عن نفسه ،فوقعوا تحت حكم غيرهم وسلطانه ،وتّغيرت تبعا لذلك
كل أوضاع حياتهم الدبية والعلمية.
وأراد المصلحونآ الغيورونآ أنآ يتداركوا المإر ،فقامإت طائفة تحاول
إصلح النفوس ،وقامإت أخرى تحاول خدمإة الشعوب ،واختصت
ثالثة نفسها بتقويم أداة الحكم ،وأطلق كل على نفسه اسما يرضاه
ووصفا يعجبه ،انتصر لمهمته ،وانتقص مإهمة غيره ،وكانآ شرط
وى كل ناحية الخرى هذا الختصاصا ـ ليكونآ نافعا مإفيدا ـ أنآ تق ّ
وتكونآ سنادا لها ،فيدفع مإن يهيمنونآ على تربية النفوس أتباعهم
إلى خدمإة المجتمعات ،وهؤلء ينبهونآ مإن مإعهم إلى أنآ صلح
المجتمع بصلح الحكم ،حتى يتآَزر الجميع على الصلح العام .
وكانآ شرط هذا الختصاصا كذلك أنآ تقوم هناك الهيئة الجامإعة
التي تأخذ بأطرافه وتجمع بين حواشيه ،وكانآ شرط هذا
الختصاصا أخيرا أنآ به الكفاء المخلصونآ ،ولكن هذا كله لم يتوفر
إل نادرا ،والنادر ل حكم له .
مإقاصد الدعوة ووسائلها العامإة
وظهرت دعوتكم أيها الخوانآ في ثنايا هذه السحب المتراكمة
جميعا ً ,فلمعت كما يلمع البرق الوامإض ,ثم أنارت كما تنير
الشمس المشرقة ,تبعث في القوم النور والحياة واليقظة بعد
طول نوم وخمود ,فكانت أغراضكم وأهدافكم هي أغراض السلم
الحنيف ومإقاصده .
1ـ تصحيح فهم المسلمين لدينهم وشرح دعوت القرآنآ الكريم
شرحا وضحا ،وعرضها عرضا كريما يوافق روح العصر ،ويكشف
عما فيها مإن روعة وجمال ،ويرد عنها الباطيل والشبهات.
2ـ ثم جمع المسلمين عمليا على مإبادئ كتابهم الكريم بتجديد أثره
البالغ القوى في النفوس .
3ـ ثم خدمإة المجتمعات وتنقيتها بمحاربة الجهل والمرض والفقر
والرذيلة ،وتشجيع البر والنفع العام في آية صورة .
4ـ ولن يستشعر أحد العزة والكرامإة ويتذوق طعم الحياة الكريمة
إل إذا شبع بطنه واستغني عن غيره ،وتوفرت له ضروريات حياته ،
وإلي ذلك نظر السلم فلم يهمل المعاني القتصادية ولم يتغافل
عن الصلح المالي ،بل إنه وضع لذلك أفضل القواعد التي تنمي
وحدة المإة أفرادا ً وجماعات ,وترفع مإستوي المعيشة وتقرب بين
الطبقات ،وتؤمإن الجميع أنفسهم وزراريهم وأولدهم ،وتضمن لهم
العدالة الجتماعية الصحيحة ،وتوفر الفرصا المتكافئة للجميع علي
السواء .
لم يحتقر السلم المال ،ولم يزهد في الثروة ولم يحرم الطيبات ,
بل اعتبر المال مإن نعم الله الواجبة الشكر ،وقال النبي ) : eنعم
المال الصالح للرجل الصالح( ،واستعاذ مإن العوز والفقر وقرنه
بالكفر فقال ) :اللهم إني أعوذ بك مإن الكفر والفقر( ،وحث بعد
ذلك علي العمل والكسب ،واعتبر ذلك قربة إلي الله تؤدي إلي
حبه ومإثوبته ومإغفرته .فقال رسول الله ) : eإنآ الله يحب المؤمإن
المحترف( كما قال ) :مإن أمإسي كال ً مإن عمل يده أمإسي مإغفورا ً
له( ،وحرم السؤال والستجداء لما في ذلك مإن مإذلة وهوانآ .
ثم أوصي بعد هذا بالمحافظة علي هذا المال والعتدال في إنفاقه
فَهاَءس َوابتغاء أفضل السبل به فقال القرآنآ الكريم َ) :ول ت ُؤ ُْتوا ال ّ
َ
ن م قَِيامإا ً( )النساء ، (5:وقال َ) :وال ّ ِ
ذي َ ه ل َك ُ ْ جعَ َ
ل الل ُ م ال ِّتي َ وال َك ُ ُ مإ َ
أ ْ
وامإا ً( )الفرقانآ: ن ذ َل ِ َ
ك قَ َ نآ ب َي ْ َ قت ُُروا وَ َ
كا َ م يَ ْ سرُِفوا وَل َ ْ قوا ل َ ْ
م يُ ْ ذا أ َن ْ َ
ف ُ إِ َ
. (67
ثم لفت النظر إلي مإنابع الثروة وأصول طرائق الكسب مإن التجارة
والزراعة والصناعة والثروات الحيوانية والمعدنية والمائية والهوائية
والقوي الكونية ،وكل ذلك واضح في كتاب الله العلي الكبير ،
وحث المسلمين علي استغللها وتثميرها والنتفاع بها وعدم الغفلة
َ َ
خَر س ّ ه َنآ الل َ
م ت ََرْوا أ ّ عنها ،جمع لهم ذلك في إشارة واضحة ) ,أل َ ْ
ه َ َ َ
ظاه َِرة ً م ُ سب َغَ ع َل َي ْك ُ ْ
م ن ِعَ َ ض وَأ ْمإا ِفي الْر ِ
ت وَ َماَوا ِ
س َ
مإا ِفي ال ّ
م َ ل َك ُ ْ
ة( )لقمانآ.(20: وََباط ِن َ ً
ثم حرم الكسب الحرام كله إلي البغضاء والشحناء وفساد
المجتمعات ،لنآ السلم حين أراد لن يوفر للفرد وسائل الحياة
والرفاهية أراد كذلك أنآ يوفر للمجتمع حياة التكافل والطمأنينة ,
ويقضي فيه علي فحش الثرة والنانية ،فحرم الربا وحرم النصب
وحرم الحتيال ,ووضع في ذلك القاعدة المعروفة مإن تقديم
المنفعة العامإة علي المنفعة الخاصة دائما ً ،فإذا تعارضت حقوق
الفرد مإع حقوق الجماعة أهدرت الحقوق الفردية وعوض عنها
أصحابها ،وأقيمت حقوق الجماعة بما يوصل للخير العام .
ولم يقف أمإر النظام القتصادي السلمإي عند هذا الحد ,ولكنه
رسم الخطط الساسية للتقريب بين الطبقات فانتقص مإن مإال
هده الغني بما يزكيه ويطهره وينقيه ويكسبه القلوب والمحامإد ,وز ّ
غبه في الصدقة والحسانآ ,وأجزل له في في الترف والخيلء ور ّ
ً ً
ذلك المثوبة والعطاء وقرر للفقير حقا مإعلومإا وجعله في كفالة
الدولة أول ً وفي كفالة القارب ثانيا ً وفي كفالة المجتمع بعد ذلك .
ثم قرر بعد هذا صور التعامإل النافع للفرد الحافظ للجماعة تقريرا ً
عجيبا ً في دقته وشموله وآثاره ونتائجه ،وأقام الضمير النساني
مإهيمنا ً عليها مإن وراء هذه الصور الظاهرية .كل هذا بعض مإا وضع
السلم مإن قواعد ينظم بها شأنآ الحياة القتصادية للمؤمإنين ،وقد
فصلت الحياة القتصادية الممسوخة التي يحياها الناس في هذه
العصر بين القتصاد والسلم ،فقمتم أنتم ومإن أهدافكم
وأغراضكم الصلح القتصادي بتنمية الثروة القومإية وحمايتها ،
والعمل علي رفع مإستوي المعيشة ،والتقريب بين الطبقات ،
ً
وتوفير العدالة الجتماعية ،والتأمإين الكامإل للمواطنين جميعا ،
وإقرار الوضاع التي جاء بها السلم في ذلك كله .
5ـ وإذا كانت هذه الهداف جميعا ً ل تتحقق إل في ظل الدولة
الصالحة وقد عرفتنا اليام ألوانآ الحكومإات التي تقوم علي غير
النظام السلمإي ,فإذا هي جميعا ً ل تزيد المإر إل شدة ،مإع أنآ
دستور بلد الذي ارتضته نظامإا ً لنفسها يعلن في المادة ) (149مإنه
) :أنآ دين الدولة السلم ولغتها الرسمية اللغة العربية ( ،فكانآ
لبد أنآ تطالبوا بحق السلم في إقامإة الحكومإة التي ترتكز علي
أصوله وأحكامإه وتعاليمه ,وشرط ذلك الحرية والستقلل الكامإل
فكانآ طبيعيا ً أنآ يكونآ مإن أهدافكم ـ كدعوة إسلمإية صحيحة كامإلة
ـ تحرير وادي النيل والبلد العربية والوطن السلمإي بكل أجزاؤه
مإن كل سلطانآ أجنبي .
6ـ ودعوة السلم الحنيف ليست قاصرة علي شعب دونآ شعب أو
كافّ ً
ة ك ِإل َ سل َْنا َ قطر دونآ قطر فإنآ الله يقول لنبيه ) : eو َ
مإا أْر َ َ َ
ذي ن َّز َ
ل ك ال ِّذيرا ً( )سـبأ ، (28:ويقول )ت ََباَر َ شيرا ً وَن َ ِس بَ ِِللّنا ِ
ذيرا ً( )الفرقانآ ، (1:ويقول : ن نَ ِ
مي َنآ ل ِل َْعال َ ِ
كو َ نآ ع ََلى ع َب ْد ِهِ ل ِي َ ُفْرَقا َ ال ْ ُ
ت إ َِلى الّنورِ( )إبراهيم ، (1:وذلك أول ما ِ ن الظ ّل ُ َ مإ َ س ِ ج الّنا َ خرِ َ)ل ِت ُ ْ
أساس روحي وعملي ،وضع في هذه الرض للوحدة العالمية التي
يهتف بها الزعماء وتمهد لها المخترعات وتتجمع عليها أفكار الرض
وتتهيأ لها الشعوب والمإم في هذه اليام ,فمن دعواتكم أيها
الخوة الحبة أنآ تساهموا في السلم العالمي وفي بناء الحياة
الجديدة للناس بإظهارهم علي مإحاسن دينكم وتجليه مإبادئه
وتعاليمه لهم وتقديمها إليهم بعد هذا الظمأ القاسي الذي التهبت به
أكبادهم في هذه الحياة المادية الميكانيكية القاسية .
تلك هي مإقاصد دعوتكم وأغراض هيئتكم ،كلها مإن السلم الحنيف
مإا ك ُّنا ل ِن َهْت َد ِيَ
ذا وَ َ داَنا ل ِهَ َ
ذي هَ َ مد ُ للهِ ال ّ ِ ح ْل تخرج عنه قيد شعرة و )ال ْ َ
َ
ه( )لعراف.(43: داَنا الل ُ نآ هَ َ
ول أ ْ لَ ْ
أمإا وسائلكم مإن هذه الغاية فهي وسائل الدعوة الولي :
1ـ نشر الدعوة للتبليغ وتربية النفوس علي هذه التعاليم عمليا ً
للتكوين.
2ـ ووضع المناهج الصالحة في شؤونآ الحياة للتوجيه والتقدم إلي
الئمة والهيئات النيابية والتنفيذية والدولية.
3ـ وفي أثناء ذلك مإن مإهمتكم إسداء الخير والمعروف للناس .
هكذا كنتم مإنذ وضع الساس الول لدعوتكم في شهر ذي القعدة
1347هـ 1928 ،م ,وعلي هذا ظللتم وثبتم وستظلونآ وتثبتونآ
حتى يحقق الله وعده إنآ شاء الله .
وصفنا
وسيقول الناس مإا مإعني هذا ومإا أنتم أيها الخوانآ ؟ أننا لم نفهمكم
بعد ،فأفهمونا أنفسكم وضعوا لنفسكم عنوانا ً نعرفكم به كما
تعرف الهيئات بالعناوين .
هل أنتم طريقة صوفية ؟ أم مإؤسسة اجتماعية ؟ أم حزب سياسي
؟ كونوا واحدا ً مإن هذه السماء والمسميات لنعرفكم بأسمائكم
وصفتكم .
فقولوا لهؤلء المتسائلين :نحن دعوة القرآنآ الحق الشامإلة
الجامإعة :
ـ طريقة صوفية نقية :لصلح النفوس وتطهير الرواح وجمع
القلوب علي الله العلي الكبير .
ـ وجمعية خيرية نافعة تأمإر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواسي
المكروب وتبر بالسائل والمحروم وتصلح بين المتخاصمين .
ـ ومإؤسسة اجتماعية قائمة :تحارب الجهل والفقر والمرض
والرذيلة في أية صورة مإن الصور .
ـ وحزب سياسي نظيف يجمع الكلمة ويبرأ مإن الغرض ويحدد الغاية
ويحسن القيادة والتوجيه .
وقد يقولونآ بعد هذا كله لزلتم غامإضين فأجيبوهم :لنه ليس في
يدكم مإفتاح النور الذي تبصروننا علي ضوئه ...نحن السلم أيها
الناس فمن فهمه على وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه
فافهموا السلم أو قولوا عنا بعد ذلك مإا تريدونآ !.
نحن ووزارة الشؤونآ الجتماعية
أيها الخوة الحبة ..
على هذا الوضع الواضح الكريم نشأت دعوتكم ودرجت ،ثم أنشئت
خلل ذلك وزارة الشؤونآ الجتماعية وكانآ مإن مإهمتها تنشيط
أعمال البر وتشجيع الهيئات الشعبية والجمعيات الخيرية وإعانتها
مإاديا وأدبيا على مإا هي بسبيله مإن عمل الخير ،ورأينا أنآ ل مإانع
مإن أنآ نتعاونآ مإعها في ذلك في الناحية التي تخصها مإن نشاطنا
واتصالنا بها على هذا الساس وأذّنا لشعب الخوانآ أنآ تتصل بها
كذلك ،واستمرت صلتنا بوزارة الشؤونآ على هذا النحو مإن التفاهم
والتعاونآ إلى النآ ،حتى صدر القانونآ رقم 49لسنة 1945م
الخاصا بتنظيم الجمعيات الخيرية والمؤسسات الجتماعية والتبرع
للوجوه الخيرية وفيه تحديد لمعنى الجمعية والمؤسسة .وبتطبيق
هذا التحديد على هيئة الخوانآ المسلمين نراه ل ينطبق عليها بحال
فل هي جمعية خيرية ول هي مإؤسسة اجتماعية وإنآ كانت تعمل
الخير وتخدم المجتمع فإنها تعتمد في ذلك أول على مإال أعضائها
وعلى مإا يجمع مإن الجمهور.
هذا مإن جهة ومإن جهة أخرى فانآ هذا ليس كل أغراضها ولم تنشأ
له خاصة .ولسنا نأبى أنآ نتعاونآ مإع وزارة الشؤونآ في الخير
وخدمإة الناس فإننا نرحب بذلك ونوده ولكننا نريد أنآ توضع المإور
في وضعها الصحيح وأل نضع أنفسنا ودعوتنا التي وقفنا لها الدم
والمال والحياة والبناء وهي عندنا أمإل المإال في مإوضع يغل يدها
ويحول بينها وبين العمل لتحقيق أغراضها والوصول إلي أهدافها .
هل يتوهم إنسانآ أنآ دعوة الخوانآ وجماعتهم تكونآ في عرف
القانونآ ومإنطق الوضاع السليمة الصحيحة ـ وهي الهيئة التي
تعمل لتنشر في الدنيا دعوة القرآنآ وتحيي أمإته وتقيم دولته
وتواجه الدنيا بتعاليمه لينعم الناس في ظله بما يحلمونآ به مإن
دي ب ِهِ ن ,ي َهْ ِ مإِبي ٌ
ب ُ ن اللهِ ُنوٌر وَك َِتا ٌ مإ َم ِجاَءك ُ ْ سعادة وسلم ) ,قَد ْ َ
َ
ت إ ِلى ما ِ ُ ّ
ن الظل َ مإ َ
م ِجه ُ ْ
خرِ ُ
سلم ِ وَي ُ ْ ل ال ّ سب ُ َه ُ وان َ ُ
ض َ
ن ات ّب َعَ رِ ْ مإ ِ ه َالل ُ
قيم ٍ( )المائدة ، (16-15:هذه ست َ ِ
مإ ْ
ط ُ صَرا ٍ م إ ِلى َِ الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَي َهْ ِ
ديهِ ْ
الهيئة أيها الخوانآ وهذا مإقصدها ـ هل يتوهم أحد أنآ تكونآ في
عرف القانونآ وفي مإنطق الوضاع كجماعة لتكفين مإوتي الفقراء
؟ وجماعة قطرة الحليب ؟ وجماعة أنصار الحسانآ ؟ وعلم الله أننا
ل نستصغر ناحية مإن نواحي البر ول ننتقص عمل ً مإن أعمال الخير
مإهما كانآ ،ولكن لكل مإقام مإقال .
ً
لهذا رأي مإكتب الرشاد أنآ يعدل النظام الساسي تعديل يوضح
أهداف الدعوة ووسائلها وضوحا ً ينص علي انفصال ناحيتي البر
والرياضة في إداراتهما وحساباتهما عن الهيئة الرئيسية لها تسهيل ً
لمهمة التعاونآ مإع وزارة الشؤونآ الجتماعية ـ إنآ شاء الله ـ مإن
جهة ومإع كل الهيئات التي تعمل لهاتين الناحيتين مإن جهة أخري .
وسيعرض عليكم مإشروع التعديل وقرار المكتب في هذا الشأنآ
ل( سِبي َ
دي ال ّ ل ال ْ َ
حقّ وَهُوَ ي َهْ ِ قو ُ
ه يَ ُ
كله في نهاية هذا الجتماع َ) ,والل ُ
)الحزاب. (4:
ومإن هنا كانآ واجبكم أكبر الواجبات وكانت تبعتكم أثقل التبعات .
انتهاز الفرصة
ثم تأكدوا بعد ذلك أنها الفرصة السانحة التي ل تعوض ،ومإاذا
تنتظرونآ بعد ذلك ،ولقد انتهت هذه الحرب الضروس وخرج مإنها
الحلفاء بنصر لم يكونوا يتوقعونه ،وسلم لهم أعداؤهم بغير قيد ول
شرط ،وعرفت حكومإاتهم وهيئاتهم وشعوبهم قيمة الوقت ،فلم
يضيعوه سدي ولم ينفقوه هباء في الجدل الفارغ والخصومإة القاتلة
والنوم العميق ،ولكنهم كانوا يحاربونآ ويرتبونآ ،حتى إذا وضعت
الحرب أوزارها ،كانآ مإؤتمر سانآ فرانسيسكو ومإؤتمر بوتسدام
ومإؤتمر وزراء الخارجية في لندنآ ولم تبق عليه إل ليال وأيام ،وفي
خلل ذلك مإقابلت واجتماعات وتصريحات وقرارات ،وخطب
ومإقالت ،وحكومإات أثر حكومإات ،وهكذا تسير الدول الكبرى
وتتأهل الدول الخرى ،في سرعة ويقظة واهتمام ،ويقرر مإصائر
العالم ويحدد مإستقبل المإم والشعوب في هذه الساعات الفاصلة
في تاريخ الناس ،فإذا وقع المإر فقلما يتغير إل بالمجهود العنيف
والدأب المخيف فما الذي تنتظرونآ ؟ والمإر أمإركم وأنتم مإوضع
البحث والتقرير ،علي مإصالحكم يشتد الجدل والخلف ،وإليها
تتجه المطامإع والمإال ،أفل ترونآ بعد هذا كله أنها ساعات لها مإا
بعدها بل أنها أحرج الساعات في تاريخنا الحديث .؟
* البلد العربية
ونطلب للبلد العربية أنآ تثق الدول الكبرى بالجامإعة العربية وأنآ
تفسح لها المجال لتقوي وتنهض ،ففي نهضتها وقوتها أكبر عامإل
يساعد علي استقرار السلم والطمأنينة في الشرق العربي ،كما
يجب أنآ يعترف لكل أمإة عربية بحقها في الحرية والستقلل
الكامإل ..فتجلو القوات الجنبية عن سوريا ولبنانآ ..وتعدل
المعاهدة العراقية بما يحقق وجهة نظر الشعب العراقي ويصدق
أمإلهم في الحلفاء ..ويعترف لشرق الردنآ بحقه حتى تقتنع
الشعوب الصغيرة بضرورة التجمع في زمإن لم تعد تصلح فيه
العزلة والنفراد ،وتكف الدول الكبرى عن المطامإع غير
المشروعة في اليمن والحجاز ..هذا في الشرق .
وفي غرب مإصر وليبيا خمسة وعشرونآ مإليونا ً مإن المسلمين في
تونس والجزائر ومإراكش ...نكبوا بالستعمار الفرنسي تحت اسم
الحماية أو الفتح الظالم أو الحتلل البغيض ،وجاهدوا عشرات
السنين وبذلوا في ذلك الضحايا غالية مإن الحريات والدمإاء فامإتلت
بهم السجونآ والمعتقلت وسالت بدمإائهم الباطح والودية وشرد
زعماؤهم وشبابهم المجاهد في كل مإكانآ ،وحاول الستعمار
الغاشم أنآ ينال مإن دينهم بالتبشير ومإن عروبتهم بالعجمة والتنصير
ومإن حريتهم بالضغط والقهر والجبروت ،فلم يفد ذلك كله شيئا ً
وثبت المجاهدونآ علي جهادهم كالرواسي الشامإخات .وجاءت
هذه الحرب الخيرة وانهزمإت فرنسا وانضمت لللمانآ وتنكرت
لحلفائها القدمإين واحتل الحلفاء إفريقيا الشمالية ،فوجدوا مإن
أبناء هذه الوطانآ أعظم المساعدة واشتركوا مإعهم اشتراكا ً فعاليا ً
في القتال في إفريقيا وفي إيطاليا وفي حملة فرنسا وثبتوا مإعهم
في أعنف المواقع وفي أحرج الساعات ،وهل كانآ جيش فرنسا
الحرة إل هؤلء البطال البواسل مإن أبناء المغرب الشهيد ،وقد
اعترف بذلك المستر تشرشل وأثني علي بطولة هؤلء المجاهدين
أطيب الثناء ،وانتهت الحرب ولم تتورع فرنسا ـ وهي لم تنس بعد
وقع أقدام المحتلين ـ عن أنآ تدك المدنآ والقرى بقذائف الطائرات
،وأنآ تقتل في الجزائر في ثورة واحدة أربعين ألفا ً مإن المدنيين ،
وأنآ تقضى علي خمس وأربعين قرية عامإرة ،ول ذنب لهؤلء إل
أنهم أرادوا أنآ يحقق الحلفاء وعودهم فقامإوا يطلبونآ الحرية
والستقلل وهما الحق الطبيعي لهم .وتريد فرنسا المناهرة في
عيونآ الناس الرمإاد ،فتدعي أنها ثورة خبز وطعام وتزعم لنفسها
حقوقا ً مإوهومإة إنآ بررتها غفلة العرب والمسلمين في الماضي
فقد مإضي ذلك الوانآ ،وستتلحق الثورات ويتنفس البركانآ ،و ها
هي مإراكش تشعل نارا ً وجحيما ً ،ول يقل عنها صدر الجزائر
وتونس لهبا ً وحميما ً ،وليس علي هذه المشاعر يبني السلم أو
يستقر المإن والطمئنانآ ،فنحن نطلب لكل هذه الوطانآ وهي
قطع مإن قلب وطننا العربي الكبير أنآ تنال حقها وأنآ تنضم
انضمامإا ً فعاليا ً إلي جامإعة الدول العربية ،وإذا كانآ هناك استفتاء
لشكل الحكومإة التي يجب أنآ تكونآ في هذه البلد فلبد أنآ يكونآ
هذا الستفتاء بإشراف مإجلس الجامإعة وأنآ تمثل فيه الدول العربية
المستقلة علي القل .
رابعا ً ـ وســائلنـا
أيها الخوة الكرام ..
ويقول الناس كذلك :ومإا وسائلكم أيها المغلوبونآ علي أمإركم
لتحقيق مإطالبكم والوصول إلي حقكم ؟ ونقول نحن في سهولة
ويسر :ومإاذا يريد مإنا الناس ؟ ولو أننا مإغلوبونآ علي أمإرنا
مإدفوعونآ عن حقنا ؟ وهل يليق بكريم أنآ يذل و يستخزى
والرسول eيقول ) :مإن أعطي الذلة مإن نفسه طائعا ً غير مإكره
نمإِني َ مؤ ْ ِ سول ِهِ وَل ِل ْ ُ فليس مإني( ؟ والله يقول َ) :وللهِ ال ْعِّزة ُ وَل َِر ُ
نآ( )المنافقونآ. (8: مو َ ن ل ي َعْل َ ُ قي َ مَنافِ ِ ن ال ْ ُ وَل َك ِ ّ
إنآ لنا سلحا ً ل يفل ول تنال مإنه الليالي واليام هو )الحق ( والحق
ه فَإ ِ َ
ذا مإغُ ُ ل فَي َد ْ َ حقّ ع ََلى ال َْباط ِ ِ ف ِبال ْ َ قذ ِ ُ ل نَ ْباق خالد والله يقول ) :ب َ ْ
نآ( )النبياء. (18: فو َ ص ُما ت َ ِ مإ ّل ِ م ال ْوَي ْ ُ هُوَ َزاه ِقٌ وَل َك ُ ُ
َ حقّ َوال َْباط ِ َ
فاءً ج َ ب ُ مإا الّزب َد ُ فَي َذ ْهَ ُ ل فَأ ّ ه ال ْ َب الل ُ ضرِ ُ ك يَ ْ ويقول) :ك َذ َل ِ َ
َ ض ك َذ َل ِ َ َ مك ُ ُ َ
ل(مإَثا َ ه ال ْ ب الل ُ ضرِ ُ ك يَ ْ ث ِفي الْر ِ س فَي َ ْ فعُ الّنا َ مإا ي َن ْ َ مإا َ وَأ ّ
لنآ ال َْباط ِ َ ل إِ ّ حقّ وََزهَقَ ال َْباط ِ ُ جاَء ال ْ َ ل َ )الرعد ، (17:ويقول ) :وَقُ ْ
هوقا ً( )السراء. (81: نآ َز ُ كا َ َ
ولنا سلح آخر بعد ذلك وهو )اليمانآ( .واليمانآ كذلك سر مإن
أسرار القوة ل يدركه إل المؤمإنونآ الصادقونآ ،وهل جاهد العامإلونآ
مإن قبل وهل يجاهدونآ مإن بعد إل باليمانآ ،وإذا فقد اليمانآ ؟ فهل
تغني أسلحة المادة جميعا ً عن أهلها شيئا ً ؟ .وإذا وجد اليمانآ فقد
وجدت السبيل إلي الوصول ،وإذا صدق العزم وضح السبيل ,
ن( )الروم ، (47:ولئن تخلي عنا جند مؤ ْ ِ
مإِني َ صُر ال ْ ُ قا ً ع َل َي َْنا ن َ ْ ح ّ نآ َ كا َ ) وَ َ
َ
ملئ ِك َةِ أّني ك إ َِلى ال ْ َ حي َرب ّ َ الرض فإنآ مإعنا جند السماء )إ ِذ ْ ُيو ِ
مإُنوا( )لنفال. (12: نآ َ ذي َ م فَث َب ُّتوا ال ّ ِ مإعَك ُ ْ َ
والمإل بعد ذلك سلح ثالث فنحن ل نيأس ول نتعجل ول نسبق
الحوادث ول يضعف مإن همتنا طول الجهاد والحمد لله رب
العالمين ،لننا نعلم أننا مإثابونآ مإتي حسنت النية وخلصت الضمائر
وهي خالصة بحمد الله ،فكل يوم يمضي تبنا فيه ثواب جديد
ه والنصر مإن وراء ذلك ل يتخلف )ك َتب الله ل َغ ْل ِب َ
نآ الل َ سِلي إ ِ ّ ن أَنا وَُر ُ ََ ّ ُ َ َ
َ
ل وَظّنوا س ُ س الّر ُ ست َي ْأ َ ذا ا ْ حّتى إ ِ َ زيٌز( )المجادلةَ ) , (21: َقَوِيّ ع َ ِ
ْ
ن
سَنا ع َ ِ شاُء َول ي َُرد ّ ب َأ ُ ن نَ َ مإ ْ ي َ ج َ صُرَنا فَن ُ ّ م نَ ْ جاَءهُ ْ م قَد ْ ك ُذ ُِبوا َ أن ّهُ ْ
ن( )يوسف , (110:ففيم اليأس و فيم القنوط .لن َ مإي
جرِ ِ م ْ ْ
قوْم ِ ال ُ ال ْ َ
َ
ح اللهِ ِإل ن َروْ ِ مإ ْ س ِ ه ل ي َي ْأ ُ يجد اليأس إلى قلوبنا سبيل ً بإذنآ الله )إ ِن ّ ُ
نآ( )يوسف. (87: كافُِرو َ م ال ْ َ قوْ ُ ال ْ َ
وسنعمل علي ضوء هذه المشاعر وسنعمل بالحق يدفعنا اليمانآ
ويحدونا المإل ،فنذيع النشرات والبيانات ونوضح للناس مإا خفي
عنهم مإن حقوقهم ونكشف لهم مإا ستر مإن ألعيب المخادعين لهم
والمغررين بهم في الداخل والخارج وسنجمع كلمة الناس علي هذا
في مإؤتمرات جامإعة في كل مإكانآ وسندعو إلي عقد مإؤتمر عربي
إسلمإي جامإع لتوحيد الجهود وتنسيق الخطط ،وسنبعث بإخواننا
في كل مإكانآ مإن البلدانآ الجنبية يثيرونآ الشعوب والحكومإات في
القضية السلمإية الوطنية فإذا لم يفد ذلك كله ولم نجد النصفة مإن
العالم الجديد الذي يريد أنآ تتركز الحياة فيه علي الطمأنينة
والسلم فسنعرف كيف نضبط أنفسنا ونضع حاجزا ً حصينا ً قويا ً
بيننا نحن المؤمإنين وبين هؤلء الظالمين المفترين ،وسيرونآ أنآ
هذا السلح السلبي سيفوت عليهم قصدهم ويعكس عليهم
عدوانهم ويرد عليهم كيدهم في نحورهم وسيعلم الذين ظلموا أي
ه
م الل ُصْرك ُ ُ
نآ ي َن ْ ُ
مإنقلب ينقلبونآ ولنا النصر في النهاية والله مإعنا ) .إ ِ ْ
م( )آل عمرانآ.(160: ب ل َك ُ ْ َفل َ
غال ِ َ
أيها الخوة الفضلء ..
إنها الساعات الفاصلة في تاريخكم ففكروا وقرروا واعملوا واثبتوا
واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحونآ والله أكبر
ولله الحمـد .
والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ،حسـن البنـا
حيـم ِ
ن الّر ِ
ِ َ
مـ
ح َ
ســم ِ اللهِ الّر ْ
بِ ْ
شدا ً
مإرَِنا َر َ
نأ ْ ئ ل ََنا ِ
مإ ْ ة وَهَي ّ ْ
م ً
ح َ ن ل َد ُن ْ َ
ك َر ْ مإ ْ
َرب َّنا آت َِنا ِ
القاهرة عاصمة الديار المصرية في رجب 1366هـ
حضرة صاحب ...
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ,فإنما حملنا على التقدم بهذه الرسالة إلى مإقامإكم الرفيع
رغبة أكيدة في توجيه المإة التي استرعاكم الله أمإرها ,ووكل
إليكم شأنها في عهدها الجديد ,توجيها صالحا يقيمها على أفضل
المسالك ,ويرسم لها خير المناهج ,ويقيها التزلزل والضطراب ,
ويجنبها التجارب المؤلمة الطويلة .
ولسنا نبغي مإن وراء ذلك شيئا إل أنآ نكونآ قد أدينا الواجب وتقدمإنا
بالنصيحة ...وثواب الله خير وأبقى .
تبعة الراعي
يا صاحب ...
إنآ الله وكل إليكم أمإر هذه المإة ,وجعل مإصالحها وشؤونها
وحاضرها ومإستقبلها أمإانة لديكم ووديعة عندكم ,وأنتم مإسؤولونآ
عن ذلك كله بين يدي الله تبارك وتعالى ,ولئن كانآ الجيل الحاضر
عدتكم ,فإنآ الجيل التي مإن غرسكم ,ومإا أعظمها أمإانة وأكبرها
تبعة أنآ يسأل الرجل عن أمإة ) :كلكم راع وكلكم مإسؤول عن
رعيته( .
وقديما قال المإام العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) :لو
عثرت بغلة بالعراق لرأيتني مإسؤول عنها بين يدي الله تبارك
وتعالى ِلم َلم أسوّ لها الطريق؟( .
ور المإام عمر بن الخطاب عظم التبعة في جملة فقال : وص ّ
)لوددت أنآ أخرج مإنها كفافا ل لي ول علي(.
مإـقدمإــات
) أ ( عهد النتقال :
وإنآ أخطر العهود في حياة المإم وأولها بتدقيق النظر عهد النتقال
مإن حال إلى حال ,إذ توضع مإناهج العهد الجديد وترسم خططه
وقواعده التي يراد تنشئة المإة عليها والتزامإها إياها ,فإذا كانت
هذه الخطط والقواعد والمناهج واضحة صالحة قويمة فبشر هذه
المإة بحياة طويلة مإديدة وأعمال جليلة مإجيدة ,وبشر قادتها إلى
هذا الفوز ,وأدلتها في هذا الخير ,بعظيم الجر وخلود الذكر
وإنصاف التاريخ وحسن الحدوثة .
ولقد شرح رسول الله هذا المعنى في كثير مإن أحاديثه ,وحث
المؤمإنين على المحافظة على قوة أبدانهم ,كما حثهم على قوة
أرواحهم ,فالحديث الصحيح يقول ) :المؤمإن القوى خير مإن
المؤمإن الضعيف( ويقول )إنآ لبدنك عليك حقا( .ولقد بين رسول
الله للمإة كثيرا مإن قواعد الصحة العامإة وبخاصة في علم الوقاية ,
وهو أفضل شطري الطب فقوله صلى الله عليه وسلم ) :نحن قوم
ل نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا ل نشبع( وتحريه فيما يشرب مإن مإاء ,
وفي الحديث ) :كانآ يستعذب الماء( ,ونهيه عن البول والتبرز في
المياه الراكدة ,وإعلنه الحجر الصحي على البلد المطعونآ وأهله ,
فل يتركونه ول ينزله غيرهم ,وتحذيره مإن العدوى وطلب الفرار
مإن المجذوم ,وأخيرا عنايته بكثير مإن فروع رياضة البدنآ كالرمإي
والسباحة والفروسية والعدو ,وحث أمإته عليها وعلى العناية بها
حتى جاء في الحديث ) :مإن تعلم الرمإي ثم نسيه فليس مإني( ,
ونهيه نهيا مإشددا عن التبتل والترهب وتعذيب الجسوم وإضوائها
تقربا إلى الله تبارك وتعالى ,وإرشاد المإة إلى جانب العتدال في
ذلك كله ,كل هذا ينطق بعناية السلم البالغة بصحة المإة العامإة
وتشديده في المحافظة عليها وإفساح صدره لكل مإا فيه خيرها
وسعادتها مإن هذا الجنب الهام.
ق ,اقَْرأ ْ وََرب ّ َ
ك مإ ْ َ
ن ع َل ٍ نآ ِسا َخل َقَ ال ِن ْ َ خل َقَ َ , ذي َ ك ال ّ ِسم ِ َرب ّ َ ْ
)اقَْرأ ِبا ْ
َ
م( )العلق(5-1: م ي َعْل َ ْ
مإا ل َ ْ
نآ َسا َ م ال ِن ْ َقل َم ِ ,ع َل ّ َ
م ِبال ْ َ ذي ع َل ّ َ م ,ال ّ ِالك َْر ُ
وأنآ رسول الله قد جعل مإن فداء المشركين في بدر أنآ يعلم
أحدهم مإن السرى عشرة مإن أبناء المسلمين القراءة والكتابة
,عمل على مإحو المإية ,ولم يسو الله بين العلماء وبين الجاهلين ,
نل ذي َ نآ َوال ّ ِ مو َ ن ي َعْل َ ُ ذي َ وي ال ّ ِ ست َ ِ ل يَ ْ ل هَ ْ فقال تبارك وتعالى ) :قُ ْ
َ ُ
ب( )الزمإر , (9:وقد وزنآ السلم مإداد ما ي َت َذ َك ُّر أوُلو الل َْبا ِ نآ إ ِن ّ َ
مو َ ي َعْل َ ُ
العلماء بدم الشهداء ,ولزم القرآنآ بين العلم والقوة في اليتين
قُهوا ِفي ف ّة ل ِي َت َ َف ٌ طائ ِ َم َ مإن ْهُ ْل فِْرقَةٍ ِ ن كُ ّ مإ ْ فَر ِ ول ن َ َ الكريمتين ) :فَل َ ْ
َ
ن
ذي َنآ َ ,يا أي َّها ال ّ ِ حذ َُرو َ م يَ ْم ل َعَل ّهُ ْجُعوا إ ِل َي ْهِ ْ ذا َر َ م إِ َمإهُ ْ ن وَل ِي ُن ْذ ُِروا قَوْ َ دي ِ ال ّ
موا َ
ة َواع ْل ُ َ
م ِغلظ ًْ ُ
دوا ِفيك ْ ج ُ ْ
فارِ وَلي َ ِ ُ ْ
ن ا لك ّ مإ َم ِ ُ ُ
ن ي َلون َك ْ ذي َ ّ ُ
مإُنوا َقات ِلوا ال ِ آ َ
ن( )التوبة. (123-122: ْ َ
قي َ مت ّ ِمإعَ ال ُ ه َنآ الل َأ ّ
ولم يفرق القرآنآ بين علم الدنيا وعلم الدين ،بل أوصى بهما
جميعا َ ،وجمع علوم الكونآ في آية واحدة ،وحث عليها وجعل العلم
بها سبيل خشيته وطريق مإعرفته ،فذلك قول الله تعالى :
مإاًء( وفي ذلك إشارة إلى الهيئة ماِء َ س َن ال ّ َ مإ
ل ِه أ َن َْز َنآ الل َ
َ
م ت ََر أ ّ
َ
) أل َ ْ
َ
جَنا ب ِهِخَر ْ والفلك وارتباط السماء بالرض ,ثم قال تعالى) :فَأ ْ
َ
وان َُها( وفي ذلك الشارة إلى علم النبات وغرائبه خت َِلفا ً أل ْ َمإ ْت ُمَرا ٍ ثَ َ
َ
وان َُهاف أل ْ َ
خت َل ِ ٌمإ ْ
مٌر ُ
ح ْض وَ ُ جد َد ٌ ِبي ٌ
ل ُ جَبا ِن ال ْ ِ
مإ َوعجائبه وكيميائه ) ,وَ ِ
سود ٌ( وفي ذلك الشارة إلى علم الجيولوجيا وطبقات ب ُ وَغ ََراِبي ُ
ف
خت َل ِ ٌ
مإ ْ َ
ب َوالن َْعام ِ ُ س َوالد َّوا ّن الّنا ِ مإ َ
الرض وادوارها وأطوارها ) ,وَ ِ
َ
ك( وفيها الشارة إلى علم البيولوجيا والحيوانآ بأقسامإه ه ك َذ َل ِ َ أل ْ َ
وان ُ ُ
مإن إنسانآ وحشرات وبهائم فهل ترى هذه الية غادرت شيئا مإن
شى الل ّ َ
ه خ َ
ما ي َ ْ
علوم الكونآ ؟ ثم يردف ذلك كله بقوله تعالى ) :إ ِن ّ َ
عَباد ِهِ ال ْعُل َ َ
ماءُ( )فاطر. (28-27: ن ِ
مإ ْ
ِ
أفلست ترى مإن هذا التركيب العجيب أنآ الله يأمإر الناس بدراسة
الكونآ ويحضهم على ذلك ,ويجعل العارفين مإنهم بدقائقه وأسراره
هم أهل مإعرفته وخشيته ؟
و ـ السلم والخلق
والمإة الناهضة أحوج مإا تكونآ إلى الخلق ..الخلق الفاضل القوي
المتين والنفس الكبيرة العالية الطموحة ،إذ أنها ستواجه مإن
مإطالب العصر الجديد مإال تستطيع الوصول إليه إل بالخلق القوية
الصادقة النابعة مإن اليمانآ العميق والثبات الراسخ والتضحية
الكثيرة والحتمال البالغ ,وإنما يصوغ هذه النفس الكامإلة السلم
وحده ،هو الذي جعل صلح النفس و تزكيتها أساس الفلح ،فقال
َ
ها( )الشمس-9: سا َ
ن دَ ّ
مإ ْ
ب َ ها ,وَقَد ْ َ
خا َ ن َز ّ
كا َ مإ ْ
ح َتعالى ) :قَد ْ أفْل َ َ
. (10
وجعل تغيير شئونآ المإم وقفا على تغير أخلقها وصلح نفوسها
م( )الرعد:
سه ِ ْ مإا ب ِأ َن ْ ُ
ف ِ حّتى ي ُغَي ُّروا َ
قوْم ٍ َ
مإا ب ِ َ
ه ل ي ُغَي ُّر َ
نآ الل َ
فقال ) :إ ِ ّ
. (11
ز ـ السلم والقتصاد
والمإة الناهضة أحوج مإا تكونآ إلى تنظيم شؤونها القتصادية ,وهي
أهم الشؤونآ في هذه العصور ,ولم يغفل السلم هذه الناحية بل
وضع كلياتها ولم يقف أمإام استكمال أمإرها ,وها أنت ذا تسمع قول
الله تبارك وتعالى في المحافظة على المال وبيانآ قيمته ووجوب
م قَِيامإا (ً َ
ه ل َك ُ ْ
ل الل ُ م ال ِّتي َ
جعَ َ وال َك ُ ُ
مإ َ
فَهاَء أ ْ الهتمام به َ) :ول ت ُؤ ُْتوا ال ّ
س َ
)النساء. (5:
ة إ َِلى
مإغُْلول َ ً
ك َل ي َد َ َ
جع َ ْ
ويقول في مإوازنة النفاق والدخل َ) :ول ت َ ْ
ط( )السراء. (29: س ِل ال ْب َ ْ
سط َْها ك ُ ّ ق َ
ك َول ت َب ْ ُ ع ُن ُ ِ
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ) :مإا عال مإن اقتصد( وهو
كما يصدق في الفرد يصدق في المإة مإع قوله صلى الله عليه
وسلم ) :نعم المال الصالح للرجل الصالح( ,وأي نظام اقتصادي
فاضل يرحب به السلم ويدعو المإة إلى تشجيعه ول يقف أبدا في
سبيله ,والفقه السلمإي مإملوء بأحكام المعامإلت المالية ,وقد
فصلها تفصيل ل يدع زيادة لمستزيد .
وبعد فإنآ المإة إذا توفرت لها هذه الدعائم مإن المإل والوطنية
والعلم والقوة والصحة والقتصاد فهي بل شك أقوى المإم
والمستقبل لها ,ول سيما إذا أضيف إلى ذلك أنها قد طهرت مإن
الثرة والعدوانآ والنانية والطغيانآ ,وأصبحت تتمنى الخير للعالم
كله ,وإنآ السلم قد كفل ذلك فل حجة لمإة تريد النهوض في
النكول عنه والعدول عن طريقه.
ثم قدس الوحدة الدينية العامإة كذلك فقضى على التعصب وفرض
على أبنائه اليمانآ بالرسالت السماوية جميعا في قوله :
عي َ
ل ما ِ س َم وَإ ِ ْ هي َ ل إ َِلى إ ِب َْرا ِ مإا أ ُن ْزِ َ مإا أ ُن ْزِ َ
ل إ ِل َي َْنا وَ َ مإّنا ِباللهِ وَ َ )ُقوُلوا آ َ
ي ُ ُ َ
مإا أوت ِ َ سى وَ َ عي َ سى وَ ِ مإو َ ي ُ مإا أوت ِ َ ط وَ َ سَبا ِ ب َوال ْ قو َ حاقَ وَي َعْ ُ س َوَإ ِ ْ
َ َ
نآ ,فَإ ِ ْ
نآ مو َ سل ِ ُمإ ْ ه ُ نل ُ ح ُم وَن َ ْمإن ْهُ ْ
حد ٍ ِنأ َ فّرقُ ب َي ْ َ م ل نُ َ ن َرب ّهِ ْ مإ ْ نآ ِ الن ّب ِّيو َ
ق
قا ٍ ش َ م ِفي ِ ما هُ ْ وا فَإ ِن ّ َ ّ
نآ ت َوَل ْ
قد ِ اهْت َد َْوا وَإ ِ ْ م ب ِهِ فَ َ مإن ْت ُ ْ
مإا آ َ ل َ مث ْ ِمإُنوا ب ِ ِ آ َ
َ ْ
ن
مإ َ ن ِ س ُ ح َ نأ ْ مإ ْة اللهِ وَ َ صب ْغَ َ
مِ , ميعُ العَِلي ُ س ِه وَهُوَ ال ّ م الل ُ فيك َهُ ُ سي َك ْ ِ
فَ َ
ة( )البقرة. (138-136: صب ْغَ ً اللهِ ِ
ثم قدس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة في غير صلف ول عدوانآ
فقال تبارك وتعالى :
َ
ه ل َعَل ّك ُ ْ
م قوا الل َ
م َوات ّ ُ ن أَ َ
خوَي ْك ُ ْ حوا ب َي ْ َ خوَة ٌ فَأ ْ
صل ِ ُ نآ إ ِ ْ
مإُنو َ ما ال ْ ُ
مؤ ْ ِ )إ ِن ّ َ
نآ( )الحجرات. (10: مو َ ح ُت ُْر َ
هذا السلم الذي بني على هذا المزاج المعتدل والنصاف البالغ ل
يمكن أنآ يكونآ أتباعه سببا في تمزيق وحدة مإتصلة ,بل بالعكس
إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أنآ كانت تستمد
قوتها مإن نص مإدني فقط .
وقد حدد السلم تحديدا دقيقا مإن يحق لنا أنآ نناوئهم ونقاطعهم ول
نتصل بهم فقال تعالى بعد الية السابقة :
ن
مإ ْم ِ جوك ُ ْ خَر ُ ن وَأ َ ْدي ِ
م ِفي ال ّ ن َقات َُلوك ُ ْ ن ال ّ ِ
ذي َ ه عَ ِ
م الل ُما ي َن َْهاك ُ ُ )إ ِن ّ َ
م َ َ ُ َ ّ ّ َ ُ َ َ ُ
م فأولئ ِك هُ ُ ن ي َت َوَلهُ ْمإ ْ
م وَ َنآ ت َوَلوْهُ ْ
مأ ْ جك ْ خَرا ِم وَظاهَُروا ع َلى إ ِ ْ د َِيارِك ْ
نآ( )الممتحنة. (9: مو َ ظال ِ ُال ّ
وليس في الدنيا مإنصف واحد يكره أمإة مإن المإم على ترضى بهذا
الصنف دخيل فيها وفسادا كبيرا بين أبنائها ونقضا لنظام شؤونها .
ذلك مإوقف السلم مإن القليات غير مإسلمة ,واضح ل غموض فيه
ول ظلم مإعه ,ومإوقفه مإن الجانب مإوقف سلم ورفق مإا استقامإوا
وأخلصوا ,فإنآ فسدت ضمائرهم وكثرت جرائمهم فقد حدد القرآنآ
مإوقفنا مإنهم بقوله :
ْ َ
دوا خَبال ً وَ ّ م َ م ل ي َأُلون َك ُ ْ دون ِك ُ ْ ن ُ مإ ْ ة ِ ذوا ب ِ َ
طان َ ً خ ُمإُنوا ل ت َت ّ ِ نآ َ )َيا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ
خفي صدورهُ َ مإا ع َن ِتم قَد بدت ال ْبغْضاُء مإ َ
م أك ْب َُر قَد ْ ُ ُ ُ ْ مإا ت ُ ْ ِم وَ َ واه ِهِ ْ ن أف ْ َ
ِ ْ ّ ْ ْ َ َ ِ َ َ َ
م( ُ ُ َ ُ ُ ُ َ
حّبون َك ْ م َول ي ُ ِ حّبون َهُ ْم أولِء ت ُ ِ ها أن ْت ُ ْ نآ َ , قلو َ م ت َعْ ِ نآ كن ْت ُ ْ
ت إِ ْ
م اليا ِ ب َي ّّنا لك ُ
)آل عمرانآ. (119-118:
فأمإا النظرة الولى :فإلى مإا وصلت إليه الحال في وطننا العزيز
مإصر مإن فساد تغلغل في كل المرافق ،وشمل كل مإظاهر الحياة
:
وكل هذه المعاني تزداد بمرور اليام ،وتتضاعف ساعة بعد ساعة ,
وتنذر ببلء مإحيط وشر مإستطير ,إنآ لم يتداركها العقلء قبل فوات
الوانآ ...
وأمإا النظرة الثانية :فإلى مإا وصلت إليه الحال في أوطاننا الغالية
العزيزة مإن بلد العروبة وأمإم السلم :
وأمإا النظرة الثالثة :فإلى مإا انحدر إليه التفكير بين زعماء العالم
وساسة الشعوب والذين أتاحت لهم المقادير أنآ يكونوا قادة الدنيا
في هذه اليام بعد الحرب العالمية الثانية .
وإنآ مإن واجبنا وفى يدنا شعلة النور وقارورة الدواء ,أنآ نتقدم
لنصلح أنفسنا وندعو غيرنا ,فإنآ نجحنا فذاك ,وإل فحسبنا أنآ
نكونآ قد بلغنا الرسالة وأدينا المإانة وأردنا الخير للناس ,ول يصح
أبدا أنآ نحتقر أنفسنا ,فحسب الذين يحملونآ الرسالت ويقومإونآ
بالدعوات مإن عوامإل النجاح أنآ يكونوا بها مإؤمإنين ,ولها مإخلصين ,
وفى سبيلها مإجاهدين ,وأنآ يكونآ الزمإن ينتظرها و العالم يترقبها
...فهل مإن مإجيب ؟
َ ما أ َ ِ
فك ُّروا دى ث ُ ّ
م ت َت َ َ مإث َْنى وَفَُرا َمإوا للهِ َ قو ُ نآ ت َ ُ
حد َةٍ أ ْوا ِ عظ ُك ُ ْ
م بِ َ ل إ ِن ّ َ)قُ ْ
ديد ٍ(ش ِ ب َ ن ي َد َيْ ع َ َ
ذا ٍ ذيٌر ل َك ُ ْ
م ب َي ْ َ نآ هُوَ ِإل ن َ ِ جن ّةٍ إ ِ ْ
ن ِ مإ ْم ِحب ِك ُ ْصا ِ مإا ب ِ َ
َ
)سـبأ. (46:
تسود مإجتمعنا اليوم حيرة ...و إذا دامإت هذه الحيرة فليس وراءها
إل الثورة ,و الثورة الهوجاء التي ل غاية لها ,ول ضابط ول نظام
ول حدود ,ول تعقيب إل الهلك و الدمإار والخسارة البالغة ,
وبخاصة في هذا العصر الذي ل يرحم والذي تتجارى بأهله الهواء
كما يتجارى الكلب بصاحبه ،وفى وطن كمصر تتطلع إليه النظار
وتتقاذفه المطامإع في الداخل والخارج .
هذا الكلم مإتفق عليه بين كل مإن يعنيهم أمإر هذا الوطن ,وإنك
لتسمعه مإن الزعماء و المفكرين كما تسمعه مإن العامإة في
مإجالسهم و المجتمعين في أنديتهم وذوى العمال في أمإاكن
عملهم ،ومإن سائق العربة إذا ركبت مإعه ,ومإن بائع الخضر إذا
تحدثت إليه ..وإذا أنكرنا ذلك أو تغافلنا عن أثره ,أو استصغرنا
نتائجه كنا كالنعامإة التي تدفن رأسها في الرمإل وتظن أنها بذلك
تخدع الصياد .
ومإن هذه الثغرة وتطبيقا لهذا القانونآ الجتماعي الذي ل يتخلف ,
تأمإل المبادئ الجديدة والدعوات الجديدة أنآ تنفذ إلى مإصر ,
وتكافح في سبيل استيلئها على النفوس المصرية والقلوب
المصرية أشد الكفاح وتسلك إلى ذلك كل سبيل مإستطاع وغير
مإستطاع ومإن هنا سمعنا كثيرا مإن هذه الصوات يتردد في الصحف
السيارة وفى المجالس والمنتديات ,فالشيوعية جادة في فرض
تعاليمها على أبناء هذا المجتمع ,والديمقراطية الستعمارية
الهزيلة تحاول مإن جانبها أنآ تقاوم هذا التيار ,ويتوسطهم قوم
داعونآ للشتراكية ,ويقف السلم العتيد المستقر في هذه القلوب
أربعة عشر قرنا ,المستولى عليها ,المؤثر فيها بجماله وجلله
وسموه وروعته ,يأبى على الجميع أنآ ينزل عن مإرتبته أو يتخلى
عن هذه القلوب التي أمإنت به وجاهدت أكرم الجهاد في سبيل
إعلئه وبقائه ورفعته وردت عنه بهذا الجهاد غارات الصليبيين
َ َ
ن ب ع ََلى أ ْ
مإرِهِ وَلك ِ ّ ه َ
غال ِ ٌ وهجمات التتار ومإكايد الصهيونية َ) :والل ُ
َ
نآ( )يوسف. (21: س ل ي َعْل َ ُ
مو َ أك ْث ََر الّنا ِ
ولك إلى مإتى هذا التطاحن بين هذه الراء و الوضاع ,وهو إنآ كانآ
اليوم صغيرا فهو لن يظل كذلك ؟!
و إلى مإتى ينظر أهل الرأي في مإصر إلى هذا الصراع في غفلة
وبله وانصراف كأنآ المإر ل يعنيهم ,وكأنه يتناول بلدا غير بلدهم
وأشخاصا غير أشخاصهم ؟! ..ل مإناصا لنا مإن أنآ نختار .
لبد مإن أنآ نختار لونآ الحياة الجديدة التي نحياها ,ولم تعد أوضاع
الحياة الجتماعية بكل نواحيها في مإصر صالحة أمإام التطور الجديد
في الخلق و الفكار وحاجات الناس ,والعاقل مإن تدبر المإر قبل
وقوعه وأعد له عدته .
ن
مإ ْ
م ِجوك ُ ْخرِ ُ ن وَل َ ْ
م يُ ْ دي ِ
م ِفي ال ّ قات ُِلوك ُ ْ
م يُ َ ن لَ ْ ن ال ّ ِ
ذي َ ه عَ ِ
م الل ُ )ل ي َن َْهاك ُ ُ
ديارك ُ َ
ن(
طي َس ِق ِم ْب ال ْ ُح ّه يُ ِ
نآ الل َ
م إِ ّطوا إ ِل َي ْهِ ْس ُ ق ِم وَت ُ ْ
نآ ت َب َّروهُ ْ
مأ ْ َِ ِ ْ
)الممتحنة. (8:
والكلم في هذا المعنى مإفروغ مإنه ,وهذا التاريخ الطويل العريض
للصلة الطيبة الكريمة بين أبناء هذا الوطن جميعا – مإسلمين وغير
مإسلمين – يكفينا مإؤونة الفاضة والسراف ,فإنآ مإن الجميل حقا
أنآ نسجل لهؤلء المواطنين الكرام أنهم يقدرونآ هذه المعاني في
كل المناسبات ,ويعتبرونآ السلم مإعنى مإن مإعاني قومإيتهم وإنآ
لم تكن أحكامإه وتعاليمه مإن عقيدتهم .
وهذا الوفاء سيحمى الوطن مإما يهدده مإن أخطار اجتماعية داهمة
,ويعيد الطمأنينة و السكينة إلى النفوس و القلوب ,لكنه يستلزم
حال تغيير التجاهات و الوضاع كلها و المجاهرة بأنآ وادي النيل هو
حامإل رسالة السلم و مإنفذها ومإبلغها فى غير مإواربة ول وهن ,
ول يغنى عن العمل الكلم .
فهل تصيخ الذانآ المغلقة إلى هذا النذير ,فتعود إلى حجر السلم
ما
ك ِفي َ مو َ حك ّ ُحّتى ي ُ َ
نآ َ ك ل ي ُؤ ْ ِ
مإُنو َ قول وعمل وتطبيقا ؟؟ )َفل وََرب ّ َ
موا سل ّ ُ
ت وَي ُ َ ضي ْ َما قَ َ حَرجا ً ِ
مإ ّ م َسه ِ ْ
ف ِ دوا ِفي أ َن ْ ُج ُ م ثُ ّ
م ل يَ ِ جَر ب َي ْن َهُ ْ
ش َ َ
سِليما ( )النساء. (65: ً تَ ْ
دعوت قومإي إلى أنآ يختاروا ،أو بعبارة أصح و أوضح ,إلى أنآ
يبروا بعهدهم مإع الله ومإع أنفسهم فيقيموا دعائم حياتنا الجتماعية
في كل مإظاهرها على قواعد السلم الحنيف ,وبذلك يسلم
مإجتمعنا مإن هذا القلق والضطرابات و البلبلة التي شملت كل
شيء ,والتي وقفت بنا عن كل تقدم ,والتي حالت بيننا وبين أنآ
نتعرف الطريق السوي إلى علج أية قضية مإن قضايانا الكثيرة
المعلقة في الداخل و الخارج ,وقلت إنه ل سبيل إلى النجاة إل هذا
التجاه عقيدة وعمل بكل مإا نستطيع مإن حزم وسرعة .
وقد يقال :كيف ذلك والحياة العصرية في العالم كله ل تقوم على
أساس الدين في أية ناحية مإن نواحيها ,وقد اصطلحت أمإم العالم
,التي بيدها اليوم مإقاليد المإور وتوجيه مإقدرات المإم والشعوب ,
على فصل الحياة الجتماعية عن العقائد الدينية ,وإقصاء الدين عن
كل مإرافق الحياة وحصره بين الضمير والمعبد ،وهى وحدها نافذة
المؤمإن التي يتصل مإنها بالله .
والذين يقولونآ هذا القول لم يعرفوا " السلم " ,ولم يدرسوا
تعاليمه وأحكامإه ,ولم يفقهوه بعد على طبيعته الصحيحة ووضعه
السليم ..مإن أنه دين ومإجتمع ,ومإسجد ودولة ,ودنيا وآخرة ،وأنه
تعرض لشؤونآ الحياة الدنيوية العلمية بأكثر مإما تعرض به للعمال
التعبدية ,وإنآ كانآ قد أقام الشطرين مإعا على دعامإة مإن سلمإة
القلب ،وحياة الوجدانآ ,ومإراقبة الله ,وطهر النفس .فالدين
على هذا جزء مإن نظام السلم ,والسلم ينظمه كما ينظم الدنيا
تمامإا .ونحن كمسلمين مإطالبونآ بأنآ يقوم ديننا ودنيانا على أساس
نآ( كما ً ل ِ َ
ح ْ القواعد السلمإية ) :ومإ َ
قوْم ٍ ُيوقُِنو َ ن اللهِ ُ
مإ َ
ن ِس ُ
ح َ
نأ َْ َ ْ
)المائدة. (50:
ومإن هنا فرق الفقهاء في النظرة التشريعية بين مإا هو مإن قواعد
أحكام المعامإلت وشؤونآ الحياة الجتماعية ,فأفسح للنظر
والجتهاد في الثانية مإا ليس في الولى حتى ل يكونآ على الناس
ريد ُ ب ِك ُ ُ
م م ال ْي ُ ْ
سَر َول ي ُ ِ ه ب ِك ُ ُ
ريد ُ الل ُ
في ذلك حرج ول مإشقة ) ,ي ُ ِ
سَر( )البقرة . (185:وتحدث للناس أقضية بقدر مإا أحدثوا مإن ال ْعُ ْ
الفجور .
وقد يقال :إنآ هذا جمود ورجوع بالعالم إلى الوراء ألف عام أو تزيد
،فكيف يعقل أننا نطبق اليوم نظما جاءت لمإة عاشت قبلنا بأربعة
عشر جيل في أرض غير أرضنا وعلى لونآ مإن الحياة غير ألوانآ
حياتنا ؟! وأين سنة التطور وقوانين التقدم والرتقاء ؟
ونقول لهؤلء كذلك إنكم أيضا لم تفهموا طبيعة السلم الحنيف ,
الذي جاء للناس فكرة سامإية تحدد الهداف العليا ,وتضع القواعد
الساسية ,وتتناول المسائل الكلية ,ول تتورط في الجزئيات ,
وتدع بعد ذلك للحوادث الجتماعية و التطورات الحيوية أنآ تفعل
فعلها وتتسع لها جميعا ول تصطدم بشيء مإنها .
وهذا تاريخ التشريع السلمإي يحدثنا أنآ ابن عمر رضى الله عنه
كانآ يفتى في الموسم في القضية مإن القضايا برأي ,ثم تعرض
عليه في الموسم التالي مإن العام القابل فيفتى برأي آخر ..فيقال
له في ذلك ,فيقول :ذاك على مإا علمنا وهذا على مإا نعلم أو كلم
هذا نحوه .
كما يحدثنا أنآ الشافعي رضى الله عنه وضع بالعراق مإذهبه القديم
,فلما تمصر وضع مإذهبه الجديد نزول على حكم البيئة ,وتمشيا مإع
مإظاهر الحياة الجديدة مإن غير أنآ يخل ذلك بسلمإة التطبيق على
مإقتضى القواعد الساسية الكلية الولى ...وأصبحنا نسمع " :قال
الشافعي في القديم .وقال الشافعي في الجديد " ونرى تغير رأى
الرجل الواحد في القضية بحسب الزمإانآ تارة – كما فعل بن عمر –
وبحسب المكانآ تارة أخرى – كما فعل الشافعي – أو بحسبهما مإعا
كما سمعنا أنآ عمر رضى الله عنه أمإر بعدم القطع في السرقة
عام المجاعة ,وجاءه رجل يشكو سرقة خدمإه فأحضرهم فأقروا
وذكروا أنآ السبب ذلك أنه ل يقوم بكفايتهم مإن طعام ومإلبس ...
الخ .فتركهم عمر قائل ) :إذا سرق خدمإك مإرة ثانية قطعت يدك
أنت ( واعتبرها شبهة تدرأ الحد ،ولحظ الظروف والملبسات ..
فهل يقال بعد هذا إنآ في الرجوع إلى النظام السلمإي رجعية
وجمودا ,وليست في الدنيا شريعة تقبل التطور ,وتساير
مإقتضيات التقدم ,وتتمتع بمعاني المرونة و السلسة والسعة
ج
حَر ٍ
ن َ
مإ ْ
م ِل ع َل َي ْك ُ ْ جع َ َه ل ِي َ ْريد ُ الل ُ مإا ي ُ ِ
كشريعة السلم الحنيف َ ) ,
نآ( )المائدة:
شكُرو َُ م تَ ْ ُ ّ
م لعَلك ْ َ ُ َ
ه ع َلي ْك ْمت َ ُ
م ن ِعْ َ ريد ُ ل ِي ُط َهَّرك ُ ْ
م وَل ِي ُت ِ ّ وَل َك ِ ْ
ن يُ ِ
. (6
وقد يقال إنآ الجهر بالعودة إلى نظام السلم مإما يخيف الدول
الجنبية و المإم الغربية ,فتتألب علينا وتتجمع ضدنا ,ول طاقة لنا
بهم ول قدرة لنا عليهم ,وهذا مإنتهى الوهن وغاية الفساد في
التقدير وقصر النظر ..وها نحن أولء نرى هذه الدول وقد
سايرناها في نظمها ,وأخذنا بألوانآ حياتها ,واتبعناها في تقاليدها ,
فهل أغنى ذلك عنا شيئا ؟! وهل دفع مإن كيدها ؟ وهل مإنعها مإن أنآ
تحتل أرضنا ،وتسلب استقللنا وتستأثر بخيرات بلدنا ،ثم تتجمع
في كل مإؤتمر أو مإجتمع دولي ضد حقوقنا وتثير المشكلت
والصعاب والعقبات في وجوهنا ,ول تتأثر إل بشيء واحد هو
ظروفها ومإصالحها فقط ،ول يعنيها بعد ذلك إل أنها نصرانية ,فقد
رأيناها في الحرب الماضية يحطم بعضها بعضا ,وكلها مإسيحية ,
وتتملق مإع هذا دول السلم وأمإمه وشعوبه ,وتتزلف إليه بمعسول
وحلو الحديث ,وهاهم أولء جميعا يناصرونآ الصهيونية اليهودية
وهى أبغض مإا تكونآ إليهم لرتباط مإصالحهم المادية وأغراضهم
الستعمارية بهذه المناصرة .وقد أصبح هذا المعنى مإعلومإا في
تصرفات كل الساسة الغربيين.
إذنآ فلن يجدينا شيئا عندهم أنآ نتنصل مإن السلم ,ولن يزيدهم
فينا بغضا أنآ نعلن التمسك به والهتداء بهديه ,وبخاصة وهم النآ
مإعسكرانآ مإختلفانآ مإتنافسانآ على المصالح المادية وحدها.
ولكن خطر التنصل مإن السلم والتنكر له عظيم على كياننا نحن ,
فما دمإنا بعيدين عن تشرب روحه وتحقيق تعاليمه ,فسنظل
حائرين فتتحطم مإعنوياتنا .مإتفرقين فتضعف قوتنا .ولو أخذنا
بالحزم وأعلناها صريحة واضحة :أننا مإعشر أمإم السلم ل
شيوعيونآ ول ديمقراطيونآ ول شئ مإن هذا الذي يزعمونآ ،ولكننا
بحمد الله مإسلمونآ ،لرتسمت أمإامإنا توا طريق الهداية والنور ،
ولجمعتنا كلمة السلم ,ووحدت بيننا وبين إخواننا جميعا في أقطار
الرض ...وفى ذلك وحده – ول شئ غيره – القوة والمنقذ أمإام
هذا العدوانآ الغربي الستعماري الجارف الذي يهددنا في كل مإكانآ
.
وخلصة هذا الكلم في إيجاز :أننا إذا لحظنا غضب الغربيين
ورضاهم في تمسكنا بالسلم أو بعدنا عنه ،فليس لهذا مإن مإعنى
إل أننا إنآ لم نتمسك بالسلم فلن نكسب رضاهم وسنخسر أنفسنا
،في حين أننا إذا تمسكنا به وتجمعنا مإن حوله واهتدينا بهديه
كسبنا أنفسنا ول شك .وكانآ هناك احتمال قوى أنآ نكسبهم أيضا
بتأثير قوة الوحدة فأي الرأيين أولى بالتباع يا أولي اللباب ؟ !
أمإا اعتراض القليات الغير مإسلمة فقد أشرنا إليه مإن قبل ول نريد
أنآ نطيل فيه القول اليوم ,فالمإر أوضح مإن أنآ يكونآ مإوضع مإراء
.
إنه ليس أمإام المإم السلمإية اليوم إل هذه الفرصة ،وإنآ الدول
الغربية تدرك هذا تمامإا ،فهي تشغلنا بأنفسنا ،وتزيدنا حيرة على
حيرة .وليس في الوقت مإتسع للتردد ,وإنآ تبعة مإن ل يعلم في
عنق مإن يعلم ،ول يصلح الناس فوضى ل سراة لهم .
فيا رئيس الحكومإة ...ويا رجال الزهر الشريف...
ويا أعضاء الجماعات والحزاب ويا ذوى الغيرة على هذا الوطن .
ويا أبناءه جميعا ...إليكم أقول :
ن إِ َ
ذا مإِني َمؤ ْ ِ ل ال ْ ُ
نآ قَوْ َ ما َ
كا َ عودوا إلى السلم تغنموا وتسلموا ) :إ ِن ّ َ
َ
معَْنا وَأط َعَْنا( عوا إَلى الله ورسول ِه ل ِيحك ُم بينه َ
قوُلوا َ
س ِ نآ ي َ ُ مأ ِْ ََ ُ ِ َ ْ َ ََُْ ْ دُ ُ ِ
)النور. (51:
أل قد بلغت ...اللهم فاشهد
ويوم حمل الفاتح المسلم سيفه على عاتقه ،وانطلق غازيا ً في
أراضى الله لم يكن يرجوا مإن وراء ذلك مإغانم دنيوية ،ولم يكن
يتطلع إلى خيرات المإم والشعوب ليستأثر بها دونها وإنآ امإتلت
يداه مإنها بغير قصد مإنه ..ولكن كانآ يؤمإن بدعوته ويحمى رسالته ،
ويحمى في العالم مإبادئ الحق والعدل والسلم وتاريخ الصدر الول
مإن أئمة المسلمين الراشدين المهديين – وهم الحجة للسلم –
يعطيك هذه الصورة بنية المعالم ،واضحة الحدود .
والسلم مإع هذا يعتبر المإة السلمإية أمإينة على رسالة الله في
أرضه ،وله في العالم مإرتبة الساتذة – ول نقول مإرتبة السيادة –
بحكم هذه المإانة ،فل يسمح لها أنآ تذل لحد ،أو تستعبد لحد ،أو
ه جع َ َ
ل الل ُ تلين قناتها لغامإز أو تخضع لغاصب مإعتدا ً أثيم ) :وَل َ ْ
ن يَ ْ
سِبيل ً( )النساء. (141:ن َ
مإِني َ ن ع ََلى ال ْ ُ
مؤ ْ ِ ري َ ل ِل ْ َ
كافِ ِ
ويوم قرر السلم هذا ،قرر الطريق العلمي لحماية هذه الحرية .
فافترض الجهاد بالنفس والمال ،وجعله فرض كفاية لتأمإين الدعوة
،وفرض عين على كل أبناء المإة لرد العدوانآ على الوطن إذ
واجهته قوات الغزاة مإن غير المسلمين ،وجعل الشهادة أعلى
مإراتب اليمانآ ,ووعد المجاهدين النصر و التأييد في الدنيا ,
والخلود والبقاء والنعيم المقيم في الخرة ،وأعلن أنآ الجهاد أفضل
ل
سِبي ِ
دوا ِفي َ جاهَ ُ جُروا وَ َ ها َ
مإُنوا وَ َنآ َ ذي َ العمال بعد اليمانآ ) ,ال ّ ِ
م ال ْ َ عن ْد َ اللهِ وَُأول َئ ِ َ فسه َ َ َ
نآ ,
فائ ُِزو َ ك هُ ُ ة ِج ًم د ََر َ م أع ْظ َ ُ م وَأن ْ ُ ِ ِ ْ وال ِهِ ْ
مإ َ
اللهِ ب ِأ ْ
م,
قي ٌ مإ ِم ُ م ِفيَها ن َِعي ٌ ت ل َهُ ْ
جّنا ٍنآ وَ َ
وا ٍ ض َ ه وَرِ ْ مإن ْ ُ
مةٍ ِ ح َم ب َِر ْ م َرب ّهُ ْ شُرهُ ْ ي ُب َ ّ
َ َ
م( )التوبة. (22-20: ظي ٌ
جٌر ع َ ِ عن ْد َه ُ أ ْ ه ِ نآ الل َ ن ِفيَها أَبدا ً إ ِ ّ دي َ خال ِ َِ
ومإع هذا فقد رحب السلم بالوسائل السلمية وإنهاء الخصومإة مإتى
نآ
أدت هذه الوسائل إلى العتراف بحق الكمال لصحابه ) ,وَإ ِ ْ
ل ع ََلى اللهِ( )لنفال . (61:ومإا خير
ح ل ََها وَت َوَك ّ ْ سل ْم ِ َفا ْ
جن َ ْ حوا ِلل ّ
جن َ ُ
َ
النبي صلى الله عليه وسلم بين أمإرين إل اختار أيسرهما مإا لم يكن
مإحرمإا ً ,ومإن السلم المفاوضة إذا أوصلت إلى الحق الكامإل ,وقد
فاوض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية ,ومإن السلم
التحاكم إذا أدى إلى هذا الحق أيضا ً .وإنآ كنا ل نعلم إنآ رسول الله
صلى الله عليه وسلم – أو أحد مإن الخلفاء الراشدين المهديين
رضي بتحكيم كافر .ولكنه مإقتضى عموم الية ,ولزم التفاق على
الخير ،الذي ل يمنعه السلم بين المسلمين وغيرهم مإتى كانآ فيه
مإصلحة لهم وليس فيه ضرر عليهم .
فإذا فشلت هذه الجهود السلمية فإنآ رأى السلم صريح في
)النبذ( الذي يتضمن إعلنآ الخصومإة ،ثم الخذ توا ً بكل وسيلة مإن
واءٍ م ع ََلى َ
س َ ة َفان ْب ِذ ْ إ ِل َي ْهِ ْ خَيان َ ً ن قَوْم ٍ ِ مإ ْن ِ خافَ ّمإا ت َ َ
وسائل الجهاد ) :وَإ ِ ّ
مل
قوا إ ِن ّهُ ْ سب َ ُ فُروا َ َ
نك َ ذي َ ّ
ن ال ِ سب َ ّح َ ن َ ,ول ي َ ْ خائ ِِني َ ب ال ْ َح ّ ه ل يُ ِنآ الل َإِ ّ
ل ْ ُ َ َ َ
خي ْ ِ ط ال َ ن رَِبا ِ مإ ْ ن قوّةٍ وَ ِ مإ ْ
م ِ ست َطعْت ُ ْ مإا ا ْم َ دوا لهُ ْ ع ّنآ ,وَأ ِجُزو َ ي ُعْ ِ
م( )لنفال. (60-58: ُ
نآ ب ِهِ ع َد ُوّ اللهِ وَع َد ُوّك ْ ت ُْره ُِبو َ
وقد وعد الله المجاهدين للحق أنآ يدافع عنهم ،وينصرهم ل مإحالة
على أعدائهم مإهما يكن عدوهم كامإل الهبة ،عظيم العدد ،مإرمإوق
العدة ،قوى الوسائل ،وعليهم أل يعبأوا بذلك ،وإنآ يعتمدوا على
ن( )الروم , (47:هذه مإِني َ صُر ال ْ ُ
مؤ ْ ِ قا ً ع َل َي َْنا ن َ ْ
ح ّ
نآ َ الله وحده ) ,وَ َ
كا َ
الحكام جميعا ً مإقررة في السلم يعرفها بتفصيل أوسع واستدلل
أقوى وأدق وأحكام كل مإن نهل مإن مإعينه ,وأخذ بحظ مإن الفقه
فيه ,وعلى ضوئها نستطيع أنآ نحل قضيتنا الوطنية التي وصلت
إلى حد مإن الرتباك ,واضطربت الذهانآ ,وإليك بيانآ بذلك :
لقد فاوضنا فلم نصل إلى شيء لتعنت النجليز وتصلبهم ومإناورتهم
.
لم يبقى إذا ً إل )النبذ على سواء( بأنآ نعلنهم بالخصومإة الصريحة
السافرة ،ونقرر في صراحة إلغاء مإا بيننا وبينهم مإن مإعاهدات
واتفاقات ,ونعلن اعتبارا أمإة وادي النيل مإعهم في حالة حرب -
ولو سلبية -وننظم حياتنا على هذا العتبار .
وعلميا ً :بتدريب الشعب كله تدريبا ً عسكريا ً حتى يأتى أمإر الله.
وتهيأ نفوس الشعب لذلك بدعاية واسعة تامإة كامإلة ،كم تفعل
المإم إذا واجهت حالة الحرب الحقيقية ،وتتغير كل الوضاع
الجتماعية على هذه الساس .
لقد سمعت عامإل فقيرا يقول حين صدرت الوامإر بخلط الخبز :
إنني مإستعد أنا وأولدي أنآ نأكل كل يوم مإرة واحدة ,إذا وثقنا مإن
أنآ هذا في سبيل الحرية والتخلص مإن النجليز ,ولكنني ساخط كل
السخط لني ل أفهم لماذا نلجأ إلى هذا الخلط ونحن بلد زراعي
أعظم مإحصوله المواد الغذائية؟!
والحق أننا ل نحار لننا ل نريد أنآ نفعل شيئا ,ونهرب مإن تبعات
العمل ,ونفر مإن ثقل التضحيات وتكاليف الكفاح ،ونلتمس اللين
والسهولة دائما ً ،ول نفكر في سواهما ,ونتصور أنآ الحرية
والستقلل يهبطانآ مإن السماء بغير عمل ,والسماء ل تمطر ذهبا
ول فضة ،ول تفيض بحرية أو استقلل ..ولو كنا جادين حقيقة في
الطلب ،لسرنا في الطريق بعد أنآ عرفنا في كلمتين اثنين )ننبذ ،
ونجاهد( ،والنصر بعد ذلك مإن عند الله .
ومإعلوم أنآ السلم كذلك قد قرر مإن باب الول أقوى مإعاني
الخوة بين المؤمإنين به والمنتسبين إليه والمعتقدين لرسالته ،حتى
ما
جعل الخوة مإعنى مإن مإعاني اليمانآ ،بل هي أكمل مإعانيه ) :إ ِن ّ َ
خوَة ٌ( )الحجرات) , (10:المسلم أخو المسلم ،ل نآ إ ِ ْ
مإُنو َ ال ْ ُ
مؤ ْ ِ
يظلمه ول يسلمه( ) ،ومإثل المؤمإنين فى توادهم وتعاطفهم
وتراحمهم كالجسد الواحد إذا إشتكى مإنه عضوا تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى( ) ,والمؤمإن للمؤمإن كالبنيانآ يشد بعضهم
بعضا( .
ويوم واجه المسلمونآ العالم كله صفا ً واحدا ً وقلبا ً واحدا ً في ظل
هذه الخوة الصادقة الحقة ،لم تلبث أمإامإهم مإمالك الروابط
الدارية أو السياسية المجردة ساعة مإن نهار ،وانهزم أمإامإهم –
بغير نظام – الروم والفرس على السواء .وكونوا إمإبراطورية
ضخمة تمتد مإن المحيط إلى المحيط ،ذات علم وحضارة ،وقوة
وإشراق .
عوا
ويوم غفلوا عن سر قوتهم ,ولم يأخذوا بهدى كتابهم َ) :ول ت ََناَز ُ
ن( )لنفال: ري َ
صاب ِ ِ
مإعَ ال ّ
ه َنآ الل َ
صب ُِروا إ ِ ّ حك ُ ْ
م َوا ْ شُلوا وَت َذ ْهَ َ
ب ِري ُ فَت َ ْ
ف َ
, (46ودب إليهم داء المإم مإن قبلهم مإن تغليب المصالح المادية
الزائلة على الخوة اليمانية الباقية … تمزقت هذه المإبراطورية
أيدي ابن سبأ ,ولعبت بها المطامإع الخارجية والداخلية ،وانتهى
أمإرها مإؤخرا ً بعد الحرب العالمية الولى إلى النهيار ،والوقوع في
أسر خصومإها مإن غير المسلمين ,الذين احتلوا أرضها ،ومإلكوا
أمإرها ,وتقاسموها فيما بينهم ،وظنوا أنه قد انتهى أمإر السلم
وختمت الحروب الصليبية أفضل ختام .
حسـن البنــا
نظام الحكم
ل الله ول تتبع أ َهْواَءهُم واحذ َرهُ َ ما أ َن َْز َ وأ َ
نآ
مأ ْْ َ ْ ْ ْ َ ُ َ َِّ ْ م بِ َ حك ُ ْ
م ب َي ْن َهُ ْ نآ ا ْ
ِ َ
ك َ
ه إ ِلي ْ َ َ
مإا أن َْز َ فت ُِنو َ
ل الل ُ ض َن ب َعْ ِ
ك عَ ْ يَ ْ
الحكومإة في السلم
يفترض السلم الحنيف الحكومإة قاعدة مإن قواعد النظام
الجتماعي الذي جاء به للناس ،فهو ل يقر الفوضى ،ول يدع
الجماعة المسلمة بغير إمإام ،ولقد قال الرسول صلى الله عليه
وسلم لبعض أصحابه ) :إذا نزلت ببلد وليس فيه سلطانآ فارحل
عنه( ,كما قال في حديث آخر لبعض أصحابه كذلك ) :إذا كنتم ثلثة
فأمإروا عليكم رجل( .
فالحاكم مإسئول بين يدي الله وبين الناس ،وهو أجير لهم وعامإل
لديهم ،ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ) :كلكم راع
وكلكم مإسئول عن رعيته( ،وأبو بكر رضى الله عنه يقول :عندمإا
ولى المإر وصعد المنبر) :أيها الناس ،كنت أحترف لعيالي فأكتسب
قوتهم ،فأنا النآ أحترف لكم ،فافرضوا لي مإن بيت مإالكم( .وهو
بهذا قد فسر نظرية العقد الجتماعي أفضل وأعدل تفسير ،بل هو
وضع أساسه ,فما هو إل تعاقد بين المإة والحاكم على رعاية
المصالح العامإة ,فإذا أحسن فله أجره ,وإنآ أساء فعليه عقابه .
ومإن حق المإة السلمإية أنآ تراقب الحاكم أدق مإراقبة ،وأنآ تشير
عليه بما ترى فيه الخير ,وعليه أنآ يشاورها وأنآ يحترم إرادتها ,
وأنآ يأخذ بالصالح مإن آراءها ,وقد أمإر الله الحاكمين بذلك فقال :
مإرِ( )آل عمرانآ . (159:وأثنى به على المؤمإنين َ ) وَ َ
م ِفي ال ْ شاوِْرهُ ْ
م( )الشورى. (38: م ُ َ
شوَرى ب َي ْن َهُ ْ مإُرهُ ْ خيرا فقال ) :وَأ ْ
ونصت على ذاك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء
الراشدين المهدين مإن بعدهم ..إذا جاءهم ,أمإر جمعوا أهل الرأي
مإن المسلمين واستشاروهم ونزلوا عند الصواب مإن آرائهم ،بل
أنهم ليندبونهم إلى ذلك ويحثونهم عليه .فيقول أبو بكر رضى الله
عنه ) :فإنآ رأيتموني على حق فأعينوني وإنآ رأيتموني على باطل
ي
فسددوني أو قومإوني( ,ويقول عمر بن الخطاب) :مإن رأى ف ّ
اعوجاجا ً فليقومإه( .
مإسؤولية الحاكم
نآ كما ً ل ِ َ
ح ْ أ َفَحك ْم ال ْجاهل ِية يبُغونآ ومإ َ
قوْم ٍ ُيوقُِنو َ ن اللهِ ُ
مإ َ
ن ِس ُ
ح َ
نأ ْ
َ َ َ ْ َ ِ ّ ِ َْ ُ َ
قدمإت في الكلمة السابقة أنآ الدعائم التي يقوم عليها نظام الحكم
السلمإي ثلث :
ولقد تحقق هذا النظام بأكمل صورة في عهد الخلفاء الراشدين بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم .فكانوا يشعرونآ
أتم الشعور بالتبعات الملقاة على كواهلهم كحكام مإسؤولين عن
رعاياهم .ويظهر ذلك في كل أقوالهم وتصرفاتهم وحسبك أنآ تقرأ
مإا قاله عمر بن الخطاب رضى الله عنه حيت ولي الخلفة ،وعمر
بن عبد العزيز حين وليها كذلك ,وجاءت سيرتاهما مإطابقتين
لقولهما ) :أيها الناس قد وليت عليكم ،ولول رجاء أنآ أكونآ خيركم
لكم ،وأقواكم عليكم ،وأشدكم اضطلعا بما ينوب مإن مإهم
مإِهما ً مإحزنا انتظار
أمإوركم ،مإا توليت ذلك مإنكم ،وكفي عمر ُ
مإوافقة الحساب ،يأخذ حقوقكم كيف أخذها ووضعها أين أضعها ،
وبالسير مإنكم كيف أسير فربى المستعانآ( ،فإنآ عمر أصبح ل يثق
بقوة و ل حيلة إنآ لم يتداركه الله عز وجل برحمته وعونه وتأييده ،
وكانآ يقول ) :لو أنآ جمل ً هلك ضياعا ً بشط الفرات لخشيت أنآ
يسأل الله عنه آل الخطاب( .
وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته ) :أمإا بعد ،فإنه ليس بعد
نبيكم صلى الله عليه وسلم نبي ,ول بعد الكتاب الذي أنزل عليه
كتاب ,أل مإا أحل الله عز وجل إلى يوم القيامإة ،ومإا حرم الله
حرام إلى يوم القيامإة ،أل لست يقاض ولكنني مإنفذ ،أل إني لست
بخيركم ولكنى رجل مإنكم غير أنآ الله جعلني أثقلكم حمل ً( .
وقدمإت إليه مإراكب الخلفة بعد دفن سليمانآ بن عبد الملك فأمإر
بتأخيرها ،وركب بغلته وعاد إلى مإنزله ،فدخل عليه مإوله مإزاحم
فقال :يا أمإير المؤمإنين لعلك مإهتم؟ فقال ) :بمثل هذا المإر الذي
نزل بي اهتممت ،إنآ ليس مإن أمإة مإحمد في مإشرق ول مإغرب
أحد إل له قبلي حق يحق علي أداؤه إليه ،غير كاتب إلي فيه ول
طالبه مإني( .
كما كانت إرادتها مإحترمإة مإقدرة ،فما كانآ أبو بكر يمضى في
الناس أمإرا ً إل بعد أنآ يستشيرهم وخصوصا ً فيما ل نص فيه ،
وكذلك كانآ عمر بن الخطاب ،فقد جعل الخلفة مإن بعده شورى
في الستة اللذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم
راض .
وقلت في الكلمة السابقة أيضا إننا نقلنا هذا النظام النيابي ،الذي
تعيش حكومإتنا في ظله ،عن أوربا ،فإلى أي مإدى ينطبق على
السلم ؟ ومإا الذي أفدناه مإنه مإنذ طبق في عهده الخير في بلدنا
إل النآ ,وهي مإدة تبلغ ربع قرنآ مإن الزمإانآ تقريبا ؟
وعلى هذا فليس في قواعد هذا النظام النيابي مإا يتنافى مإع
القواعد التي وضعها السلم لنظام الحكم ،وهو بهذا العتبار ليس
بعيدا ً عن النظام السلمإي ول غريبا عنه ,وبهذا العتبار يمكن أيضا ً
أنآ نقول في اطمئنانآ إنآ القواعد الساسية التي قام عليها
الدستور المصري ل تتنافى مإع قواعد السلم ،وليست بعيدة مإن
النظام السلمإي ول غريبة عنه ,بل إنآ واضعي الدستور المصري
رغم أنهم وضعوه على أحدث المبادئ والراء الدستورية وأرقاها ،
فقد توخوا فيه أل يصطدم أي نص مإن نصوصه بالقواعد السلمإية ،
فهي إمإا مإتمشية مإعها صراحة كالنص الذي يقول ) :دين الدولة
السلم( أو قابلة للتفسير الذي يجعلها ل تتنافى مإعها كالنص الذي
يقول ) :حرية العتقاد مإكفولة(.
وأحب أنآ أنبه هنا إلى الفرق بين الدستور وبين القوانين التي تسير
عليها المحاكم إذ أنآ كثيرا ً مإن هذه القوانين يتنافى صراحة مإع مإا
جاء به السلم ،وذلك بحث أخر سنعرض له في مإوضعه إنآ شاء
الله .
الــوزارة
فأمإا عن مإسؤولية الحاكم فإنآ الصل فيها في النظام السلمإي أنآ
المسؤول فيها هو رئيس الدولة كائنا مإن كانآ ،له أنآ يتصرف ،
وعليه أنآ يقدم حساب تصرفه للمإة ،فإنآ أحسن أعانته ،وإنآ أساء
قومإته ،ول مإانع في السلم في أنآ يفوض رئيس الدولة غيره في
مإباشرة هذه السلطة وتحمل هذه المسؤولية ،كما عرف ذلك في
)وزارات التفويض( في كثير مإن العهود السلمإية ،ورخص الفقهاء
المسلمونآ في ذلك وأجازوه مإا دام فيه مإصلحة ،والقاعدة في
مإثل هذه المإور رعاية المصلحة العامإة ،قال الماوردي في كتاب
الحكام السلطانية ) :والوزارة على ضربين ،وزارة تفويض ،
ووزارة تنفيذ ،فأمإا وزارة التفويض فهو أنآ يستوزر المإام مإن
يفوض إليه تدبير المإور برأيه ،وإمإضاءها على مإقتضى اجتهاده ،
وليس يمتنع جواز هذه الوزارة ،قال تعالى حكاية عن نبيه عليه
خي , نآ أ َ ِ ن أ َهِْلي َ ,
هاُرو َ ل ِلي وَِزيرا ً ِ
مإ ْ جعَ ْ الصلة والسلم َ) :وا ْ
ري( )طـه . (32-29:فإذا جاز ذلك َ ْ شد ُد ْ ب ِهِ أ َْزِري ,وَأ َ ْ
ا ْ
مإ ِ
ه ِفي أ ْشرِك ُ
في النبوة كانآ في المإامإة أجوز .لنآ مإا وكل إلى المإام مإن تدبير
المإة ل يقدر على مإباشرة جميعها إل باستنابة ،ونيابة الوزير
المشارك له في التدبير أصح في تنفيذ المإور في تفرده بها
ليستظهر بها على نفسه ،وبها يكونآ أبعد مإن الزلل وأمإنع مإن
الخلل( .
والصل في هذه المسؤولية في النظام النيابي ،أنآ المسؤول هو
الوزارة مإسؤولية على رئيس الدولة ،وقد جرى على هذا الدستور
المصري والدستور النجليزي ،فصرح كل مإنهما بمسؤولية الوزارة
،وإخلء رئيس الدولة مإن كل مإسؤولية واعتباره ل يخطئ ،واعتبار
ذاته مإصونة ل تمس .
} فأمإا العامإل الول فملخصه أنآ دستورنا على الرغم مإن دقته
وضبط عباراته ،قد وقع في نفس الغموض الذي وقعت فيه دساتير
أسبق مإنه ،وترك أهم نقطة في الحكم النيابي دونآ أنآ يحددها
التحديد الكافي ،ونعني بها سلطة الوزراء وصلتهم بالشعب مإمثلة
في نوابه مإن جهة ،وإشراقهم على مإا يؤدى إليه مإن خدمإات مإن
طريق المصالح والدارات مإن جهة أخرى .كما أجمل إجمال ً مإخل ً
في بيانآ مإوقفهم مإن رئيس الدولة و مإليك البلد ،واكتفى بأنآ
يصوغ هنا في عبارات تصلح لكل مإا يراد مإنها ,وواضح أنآ الوزارة
هي العمود الفقري لهيكل النظام النيابي الجديد وحلقة التصال
بين التشريع والتنفيذ ومإبعث الحياة والحركة في نظام يراد به
احترام سلطة الشعب مإع تصريف شؤونآ الدولة تصريفا ً مإحكما َ
سريعا ً .وإذا مإا رجعنا إلى الدستور وجدنا أنآ مإا جاء به مإتصل بهذه
النقطة الحساسة ل يكاد يتجاوز ثلثة أسطر كلها غموض وعموم ,
فيقرر في المادة ) : 29أنآ السلطة التنفيذية يتولها الملك في
حدود هذا الدستور( ,وفي المادة ) : 48الملك يتولى سلطته
بواسطة وزرائه( ,وفي المادة ) : 49الملك يعين وزراءه
ويقيلهم( ,وفي المادة ) : 57مإجلس وزرائه هو المهيمن على
مإصالح الدولة( ,وفي المادة ) : 61الوزراء مإسؤولونآ مإتضامإنونآ
لدى مإجلس النواب عن السياسة العامإة للدولة ,وكل مإنهم
مإسؤول عن أعمال وزارته( ,وفي المادة ) : 63أوامإر الملك –
شفهية أو كتابية – ل تخلي الوزراء مإن المسؤولية على أية حال( {ٌ
تلك تقريبا جملة النصوصا المتصلة بهذا الموضوع ,ول نظن أنآ
فيها مإا يكفي مإطلقا لحل أي مإشكل مإن المشاكل التي أشرنا إليها
.
وقد أفاضا بعد ذلك في الشرح والتمثيل بما يفصل مإا تقدم مإن هذه
المعاني ..والمهم أنآ هذه النقطة وهي لب المإر تحتاج على إيضاح
واستقرار ,وهي القاعدة الولى مإن قواعد )النظام السلمإي( أو
النيابي على السواء ,و بغير ذلك ل يمكن أنآ تستقيم المإور أو
تسلم .
وحـدة المإـــة
َ ما أ َن َْز َ
ما
م عَ ّ واَءهُ ْ ه َول ت َت ّب ِعْ أهْ َ ل الل ُ م بِ َم ب َي ْن َهُ ْحك ُ ْ
َفا ْ
مإن َْهاجا ً وَل َوْ
ة وَ ِشْرع َ ً م ِ جعَل َْنا ِ
مإن ْك ُ ْ ل َ حقّ ل ِك ُ ّ ن ال ْ َمإ َ ك ِ جاَء َ َ
ُ
حد َة ًة َوا ِ مإ ً
مأ ّ جعَل َك ُ ْه لَ َ شاَء الل ُ َ
وأمإا عن وحدة المإة فقد أبنت أنآ السلم الحنيف يفترضها افتراضا ً
,ويعتبرها جزءا ً أساسيا ً في حياة المجتمع السلمإي ل يتساهل فيه
بحال ,إذ أنه يعتبر الوحدة قرين اليمانآ )إنما المؤمإنونآ أخوة ً( ,
كما يعتبر الخلف والفرقة قرين الكفر كما فال تعالى َ) :يا أ َي َّها
ال ّذين آمإنوا إنآ تطيعوا فَريقا ً مإن ال ّذي ُ
م ب َعْد َ دوك ُ ْ ن أوُتوا ال ْك َِتا َ
ب ي َُر ّ ِ َ ِ َ ِ ِ َ َ ُ ِ ْ ُ ِ ُ
ن( )آل عمرانآ . (100:أي بعد وحدتكم مإتفرقين كما ري َ م َ
كافِ ِ مان ِك ُ ْ
ِإي َ
قال رسول الله ) : eل ترجعوا بعدى كفارا ً يضرب بعضكم وجوه
بعض( فعبر بكلمة الكفر على الفرقة والخلف وأنآ يضرب بعضهم
وجوه بعض .
وأعتقد أنآ الحكم النيابي – برلمانيا وغير برلماني -ل يأبى هذه
الوحدة ,وبخاصة إنآ كانآ لونآ الحياة الجتماعية واحدا ً في أصوله
واتجاهاته العامإة ,كما هو شأنآ المإة السلمإية جميعا ً في هذه
اليام ,وإنما لزمإت الحزبية والفرقة والخلف هذا النظام النيابي
في أوربا وغيرها ,لنها نشأت على أنقاضها ,وكانت الخلفات
المتكررة الدامإية بين الشعوب وحكامإها هي السبب في نشأته فعل ً
مإع تباين المشارب واختلف الراء ...أمإا المإم السلمإية فقد
حماها الله مإن ذلك كله ,وعصمها بوحدة السلم وسماحته مإن هذا
التبلبل والضطراب .
ومإع هذا فإنآ الحكم النيابي في أعرق مإواطنه لم يقم على هذه
الحزبية المسرفة ,فليس في إنجلترا إل حزبانآ هما اللذانآ يتداولنآ
فيها المإر ,وتكاد تكونآ حزبيتهما داخلية بحتة ,وتجمعهما دائما
المسائل القومإية المهمة ,فل تجد لهذه الحزبية أثرا البتة ,كما أنآ
أمإريكا ليس فيها إل حزبانآ كذلك ل نسمع عنهما شيئا إل في
مإواسم النتخابات ,أمإا فيما عدا هذا فل حزبية ول أحزاب ,والبلد
التي تطورت في الحزبية وأسرفت في تكوين الحزاب ذاقت وبال
أمإرها في الحرب والسلم على السواء ,وفرنسا أوضح مإثال لذلك.
الحزاب المصرية
لقد انعقد الجماع على أنآ الحزاب المصرية هي سيئة هذا الوطن
الكبرى ,وهي أساس الفساد الجتماعي الذي نصطلي بناره النآ ,
وأنها ليست أحزابا حقيقية بالمعنى الذي تعرف به الحزاب في أي
بلد مإن بلد الدنيا ,فهي ليست أكثر مإن سلسلة انشقاقات أحدثتها
خلفات شخصية بين نفر مإن أبناء هذه المإة ,اقتضت الظروف في
يوم مإا أنآ يتحدثوا باسمها وأنآ يطالبوا بحقوقها القومإية ,كما انعقد
الجماع على أنآ هذه الحزاب ل برامإج لها ول مإناهج ,ول خلف
بينها في شيء أبدا إل في الشخصيات ,وآية ذلك واضحة فيما تعلن
مإن بيانات خارج الحكم وفيما تطلع به مإن خطب العرش داخل
الحكم ,وبما أنآ الحزاب هي التي تقدم الشيوخ و النواب ,وهي
التي تسّير دفة الحكم في الحياة النيابية فإنآ مإن البديهي أل
يستقيم أمإر الحكم وهذا حال مإن يسّيرونآ دفته .
وهذا الكلم الذي انعقد إجماع المإة عليه ,أعلنه شيوخ ونواب
وفقهاء ودستوريونآ في صراحة ووضوح ,ومإن قرأ مإا كتبه علوبة
باشا في كتابه )مإبادئ وطنية( ,أو الستاذ حسن الجداوي في كتابه
)عيوب الحكم في مإصر( أو غيرهما مإن الكتاب ,رأى صدق مإا
نقول ,وحسبنا هنا أنآ ننقل فقرة مإن كتاب الفقيه الدستوري
الستاذ سيد صبري )مإبادئ القانونآ الدستوري( عن الحزاب
المصرية قال ) :والواقع أنه لم يعد لغلب الحزاب السياسية في
مإصر برنامإج يدافع عنه أنصاره ,بل أصبح كل حزب عبارة عن وزير
سابق له أنصار ومإريدونآ ,ولهذه النتيجة أهميتها ,فإنآ النتخاب لن
يقوم على المفاضلة بين البرامإج ,فقد أصبحت واحدة للجميع ,بل
سيقوم على الثقة بالشخاصا أو المفاضلة بينهم ,وستكونآ
النتخابات شخصية ل حزبية بالمعنى المفهوم لدى الشعوب الغربية
,وبديهي أنآ بقاء الحزاب على هذا المنوال يقسم البلد شيعا
وأحزابا ويثير الشقاق والمنازعات بين الفراد والسر بل سبب
مإفهوم ول أساس مإعقول(.وإذا أضيف إلى هذا أنآ مإصر بلدا مإحتل
إلى النآ ,وأنآ الذي يستفيد مإن هذه الفرقة هم المحتلونآ
الغاصبونآ فقط ,وأنه إذا استسيغ الخلف – وهو غير مإستساغ
بحال – في أمإة مإن المإم ,فإنآ أمإة وادي النيل هي أحوج مإا تكونآ
إلى أكمل مإعاني الوحدة لتتجمع قواها في نضال الستقلل وفي
عمل الصلح الداخلي ,إذا أضيف هذا كله كانآ المإر أخطر مإن أنآ
يهمل أو يستهانآ به .
حل الحزاب المصرية
ول أدري إذا كانآ المإر كذلك فل أدري مإا الذي يفرض على هذا
الشعب الطيب المجاهد المناضل الكريم هذه الشيع والطوائف مإن
الناس التي تسمي نفسها الحزاب السياسية؟
إنآ المإر خطير ,ولقد حاول المصلحونآ أنآ يصلوا إلى وحدة ولو
مإؤقتة لمواجهة هذه الظروف العصيبة التي تجتازها البلد ,فيئسوا
وأخفقوا ,ولم يعد المإر يحتمل أنصاف الحلول ,ول مإناصا بعد النآ
مإن أنآ تحل هذه الحزاب جميعا وتجمع قوى المإة في حزب واحد
يعمل لستكمال استقللها وحريته ,ويضع أصول الصلح الداخلي
العام ,ثم ترسم الحوادث بعد ذلك للناس طرائق في التنظيم في
ظل الوحدة التي يفرضها السلم.
فهؤلء جميعا ً يصح أنآ تشملهم عبارة "أهل الحل والعقد" .
ولقد رتب النظام النيابي الحديث طريق الوصول إلى أهل الحل
والعقد بما وضع الفقهاء الدستوريونآ مإن نظام النتخابات وطرائقه
المختلفة ،والسلم ل يأبى هذا التنظيم مإا دام يؤدى إلى اختيار
أهل الحل والعقد ،وذلك مإيسور إذا لوحظ في أي نظام مإن نظم
تحديد النتخاب صفات أهل الحل والعقد ،وعدم السماح لغيرهم
بالتقدم للنيابة عن المإة .
أنآ مإجلس نواب سنة 1936ل تمثل قراراته – مإع أنها صحيحة
ونافذة بحكم القانونآ – إل %10.75مإن هيئة الناخبين .
فكيف يقال بعد هذا إنآ ذلك تعبير عن رأي المإة وتمثيل لها تمثيل
صحيحا؟!
تعديل وإصلح
ل بد مإن تعديل وإصلح لقانونآ النتخاب ،ومإن وجوه هذا الصلح
الضرورة :
وعلى كل حال فأبواب الصلح والتعديل كثيرة ،هذه نماذج مإنها ،
وإذا صدق العزم وضح السبيل ،والخطأ كل الخطأ في البقاء على
هذا الحال والرضا به ،والنصراف عن مإحاولة الصلح.
الواقع الحالي
ما
س بِ َ
ن الّنا ِ حك ُ َ
م ب َي ْ َ حقّ ل ِت َ ْب ِبال ْ َ ك ال ْك َِتا َ إ ِّنا أ َن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ
صيما ً
خ ِ ن َخائ ِِني َن ل ِل ْ َ
ه َول ت َك ُ ْ ك الل ُ أ ََرا َ
عرضت في الكلمات السابقة لدعائم الحكم الصالح الثلث في
النظام السلمإي أو النيابي على السواء ,وهي :
– 1مإسؤولية الحاكم
– 2ووحدة المإة
– 3واحترام إرادتها
ضعف الحكومإات
ل يجادل أحد في أنآ الحكومإات المتعاقبة قد ضعفت عن أداء
واجبها ،وفقد مإعظم هيبتها في النفوس كحكومإة ,بسبب هذا
التجريح بالحق وبالباطل الذي تمليه الروح الحزبية البحتة ،وبسبب
هذا العجز الناتج عن عدم تحديد المسؤولية والضطلع بها كامإلة
غير مإنقوصة ،ولول أنآ النفوس في مإصر مإطبوعة بطابع الطاعة
والستسلم ،والعمال تسير بطريق روتيني ل تجديد فيه ول ابتكار
..لتعطل كل شئ ،ولعجز الدولب الداري المضطرب عن أنآ
ينهض بحاجات الشعب أو أنآ يؤدى للناس عملً.
هيبة القانونآ
ول شك أنآ سلطانآ القانونآ قد تزعزع وفقد مإعظم احترامإه كذلك ،
بسبب هذه الستثناءات والمحسوبيات والحيل المتكررة ،والعتداء
أحيانا ً بنسخ القانونآ لغرض شخصي ..ولو أنآ هذا النسخ بقانونآ
في ظاهر المإر ,ولكن الدوافع تكونآ مإعروفة دائما ً ول تخفي على
أحد ،فيعمل ذلك عمله في النفوس وينال مإن هيبة القانونآ
واحترام النظام .
حزبية عمياء
ول شك أنآ نار الخصومإة والحقد قد اضطرب في نفوس الحاكمين
والمحكومإين على السواء ،بفعل هذه الحزبية الخاطئة ,التي لم
نفهمها نحن في مإصر في يوم مإن اليام على أنها خلف في الرأي
ل يفسد للود قضية ,بل فهمناها عداوة وبغضاء تتعدى النظر في
المصالح العامإة إلى المقاطعة في كل الشؤونآ عامإة وخاصة ,
وإلى أنآ نرى الحق في جانب خصومإنا الحزبيين باطل ,والباطل
في جانب أنصارنا الحزبيين حقا ,ونصدر مإن هذا الشعور في كل
تصرفاتنا وصلتنا ,ويستفحل هذا الداء ويستشري حتى في أحرج
المواقف ,فل نستطيع أنآ نوحد صفوفنا في أي مإوقف قومإي مإهما
يكن يتوقف عليه إصلح أمإرنا ومإستقبل بلدنا .
حسـن البنــا
النظام القتصادي
تمـهـيد
كتبت تحت عنوانآ )مإشكلتنا الداخلية في ضوء النظام السلمإي(
عدة كلمات سالفة بينت فيها أنآ نظام الحكم السلمإي يعتمد على
قواعد ثلث :
أ ـ مإسؤولية الحاكم
وإنآ مإن حسن الحظ أنآ هذه هي أيضا دعائم النظام النيابي
الحديث الذي اخترناه لنفسنا ,كما بينت أننا لم نطبق هذا النظام
ول ذاك تطبيقا صحيحا ,وبذلك اضطربت المإور تبعا لذلك ,فإنآ
هذا المر اصل ومإا عداه تابع له ) :أل وإنآ في الجسد مإضغة إذا
صلحت صلح الجسد كله ,وإذا فسدت فسد الجسد كله ,أل وهي
القلب ( ,الحكومإة ول شك قلب الصلح الجتماعي كله ,فإذا
فسدت أوضاعها فسد المإر كله وإذا صلحت صلح المر كله ...وقد
أهبت بالقائمين أنآ يبادروا بالصلح ,وأنآ يعودوا إلى السلم
الحنيف جماع الخير ليهتدوا بهديه ويسيروا على ضوئه ,وبغير ذلك
ل يمكن أنآ نظفر بالصلح الحقيقي .
وهنا أتناول )وضعنا القتصادي( بمثل هذا البيانآ ،رجاء أنآ تجد هذه
الكلمات المخلصة آذانا ً مإصغية ،وقلوبا ً واعية ،تستشعر الخطر
وتعمل على تلفيه ،مإن قبل أنآ يستشري الداء ،ويعز الدواء ،
ويتسع الخرق على الراقع ...ول يحرك النفوس ويثير الخواطر ،
ويؤلم المشاعر شئ كالضائقة المالية ،تأخذ بخناق الجماهير
فتحول بينهم وبن الحصول على ضروريات الحياة فضل ً عن
كماليتها ..ول أزمإة أعنف مإن أزمإة الرغيف ،ول عضة أقوى مإن
عضة الجوع والمسغبة ..ول حاجة أشد مإن حاجة القوت ،وطالب
القوت مإا تعدى .دخلت الجارية على مإحمد بن الحسن الشيباني
صاحب أبي حنيفة ،فقالت :يا سيدي فني الدقيق .فقال :قاتلك
الله ! أذهبت مإن رأسي أربعين مإسألة.
واقعنا القتصـادي
وهناك حقائق ل يستطيع أحد أنآ ينكرها أو يتجاهلها مإنها :
غنى الطبيعة
إنآ هذا البلد ليس فقيرا ً ،بل لعله أغنى بلد الله تبارك وتعالى
بخيراته الطبيعية ،وثرواته المختلفة مإن زراعية ومإائية وحيوانية
ومإعدنية ،ونيله العجيب ،وواديه الخصيب ،ومإا شئت مإن فضل
طواالله تبارك وتعالى على مإصر وأهل مإصر مإنذ القدم ) :اهْب ِ ُ
َ
سأل ْت ُ ْ
م( )البقرة. (61: مإا َ
م َنآ ل َك ُ ْ
صرا ً فَإ ِ ّ
مإ ْ
ِ
فساد اقتصادي
ومإنها أنآ الجانب الذين احتلوا هذا الوطن بغفلة مإن أهله ,وتساهل
مإن حكامإه ,وظلم مإن غاصبيه ,أسعد حال مإن أهله وبنيه ,وأنهم
قد وضعوا أيديهم على أفضل مإنابع الثروات فيه ,شركات أو أفرادا
,فالصناعة والتجارة ,والمنافع العامإة ,والمرافق الرئيسية ,كلها
بيد هؤلء الجانب حقيقة ,أو الجانب الذين اتخذوا مإن الجنسية
المصرية شعارا ومإازالوا يحنونآ بعد إلى أوطانهم ويؤثرونها بأكبر
أرباحهم .. ,وإنآ كثيرا مإازال ينظر إلى المواطن المصري ,والعامإل
المصري ,والحاكم المصري نظرة ل تقدير فيها ول إنصاف.
تخبط اقتصادي
ومإنها وهو الهم ،أننا في وسط هذا المعترك الحاد الصاخب
العنيف بين المبادئ القتصادية ،مإن رأسمالية أو اشتراكية أو
شيوعية ،لم نحدد لونا ً نصبغ به حياتنا القتصادية ,في وقت تحتم
فيه التحديد ،وتعقدت فيه المإور ،بحيث لم تعد تنفع فيها أنصاف
الحلول ،ولم يعد يجدي إل الوضوح الكامإل ،وتحديد الهداف
تحديدا ً دقيقا ً ،والسير إليها في قوة وعزيمة .
وهذه الوضاع ،وإنآ امإتزجت بها المعاني السياسية ،إل أنها في
أغلب صورها ودوافعها ونتائجها تعاليم وأوضاع اقتصادية ،ولهذا ل
بد لنا مإن أنآ نختار لونا ً مإن هذه اللوانآ أو مإن غيرها إنآ استطعنا ،
لنعيش في حدود وضع مإعلوم له خصائصه ومإميزاته ،يحدد أهدافنا
الرئيسية ،ويرسم لنا طريق العمل للوصول إلى هذه الهداف .
إلى الســلم
وأعتقد أنه ل خير لنا في واحد مإن هذه النظم جميعا ً ،فلكل مإنها
عيوبه الفاحشة ،كما له حسناته البادية ،وهى نظم نبتت في غير
أرضنا لوضاع غير أوضاعنا ،ومإجتمعات فيها غير مإا في مإجتمعنا ...
فضل ً عن أنآ بين أيدينا النظام الكامإل الذي يؤدى إلى الصلح
الشامإل في توجيهات السلم الحنيف ،ومإا وضع للقتصاد قواعد
كلية أساسية لو علمناها وطبقناها تطبيقا ً سليما ً ،لنحلت مإشكلتنا
،ولظفرنا بكل مإا في هذه النظم مإن حسنات ،وتجنبنا كل مإا فيها
مإن سيئات ،وعرفنا كيف يرتفع مإستوى المعيشة وتستريح كل
الطبقات ،ووجدنا أقرب الطرق إلى الحياة الطيبة .
والذي ينظر في تعاليم السلم ،يجد فيه هذه القواعد مإبينة في
القرآنآ الكريم والسنة المطهرة وكتب الفقه السلمإي بأوسع بيانآ
.
ومإا ورد في ذم الدنيا والمال والغنى والثروة إنما يراد به مإا يدعو
إلى الطغيانآ والفتنة والسراف ,ويستعانآ به على الثم والمعصية
والجور وكفرانآ نعمة الله ،وفى الحديث )نعم المال الصالح
ُ َ َ
موالك ُمإ َ
فَهاَء أ ْ للرجل الصالح( ،وفى الية الكريمة َ) :ول ت ُؤ ُْتوا ال ّ
س َ
م قَِيامإا ً( )النساء. (5:
ه ل َك ُ ْ ال ِّتي َ
جعَ َ
ل الل ُ
وفى ذلك الشارة إلى أنآ المإوال قوام العمال ،وقد نهى رسول
الله eعن إضاعة المال في غير وجهه ،فقال ) :إنآ الله ينهاكم عن
قيل وقال ،وكثرة السؤال ،وإضاعة المال( كما أنآ مإن مإات
مإدافعا عن مإاله فهو شهيد كما جاء في الحديث ) :مإن مإات دونآ
عرضه فهو شهيد ،ومإن مإات دونآ مإاله فهو شهيد (...الحديث .
وأكثر مإن الحث على النفاق في وجوه الخير والترغيب في ذلك ،
ن والذى ،وتقرير طريق التعاونآ والقرض وذم البخل والرياء والم ّ
الحسن ابتغاء مإرضاة الله تبارك وتعالى ورجاء مإا عنده ) :وَت ََعاوَُنوا
نآ( )المائدة. (2: وى َول ت ََعاوَُنوا ع ََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ ع ََلى ال ْب ِّر َوالت ّ ْ
ق َ
الضمانآ الجتماعي
وقرر الضمانآ الجتماعي لكل مإواطن ،وتأمإين راحته ومإعيشته
كائنا ً مإن كانآ ،مإادام مإؤديا ً لواجبه ،أو عاجزا ً عن هذا الداء بسبب
قهري ل يستطيع أنآ يتغلب عليه .ولقد مإر عمر على يهودي يتكفف
الناس ،فزجره واستفسر عما حمله على السؤال ،فلما تحقق مإن
عجزه رجع على نفسه باللئمة وقال له ) :مإا أنصفناك يا هذا ،أخذنا
مإنك الجزية قويا ً وأهملناك ضعيفا ً ،افرضوا له مإن بيت المال مإا
يكفيه(.
وهذا مإع إشاعة روح الحب والتعاطف بين الناس جميعا ً .
مإسؤولية الدولة
وأعلن مإسؤولية الدولة عن حماية هذا النظام ,وعن حسن
التصرف في المال العام ,تأخذه بحقه وترفه بحقه ,وتعدل في
جبايته , ,ولقد قال عمر مإا مإعناه ) :إنآ هذا المال مإال الله ,وأنتم عباده
,وليصلن الراعي بأقصى الرض قسمه مإن هذا المال وإنه ليرعى في غنمه ,
ومإن غ َ ّ
لغ ّ
ل في النار(.
استقلل النقد
ذكرنا بعض الصول التي يقوم عليها النظام القتصادي السلمإي ,
والروح التي تمليها علينا تلك الصول ,التي تنتج مإع التطبيق
الصحيح وضعا اقتصاديا سليما ليس أفضل مإنه ,فهي توجب
استقلل نقدنا ,واعتماده على رصيد ثابت مإن مإواردنا ومإن ذهبنا ,
ل على أذونات الخزانة البريطانية ودار الضرب البريطانية والبنك
الهلي البريطاني – وإنآ كانآ مإقره مإصر – وتأمإل الية الكريمة :
م قَِيامإا ً( )النساء(5: َ
ه ل َك ُ ْ
ل الل ُ م ال ِّتي َ
جعَ َ وال َك ُ ُ
مإ َ
فَهاَء أ ْ )َول ت ُؤ ُْتوا ال ّ
س َ
.
ومإن أفظع التغرير بهذا الشعب ,أنآ يسلم جهوده ومإنتجاته نظير
أوراق ل قيمة لها إل بالضمانآ النجليزي ,وإنآ مإصر إذا حزمإت
أمإرها ,وأحكمت تصرفاتها ,ستصل ول شك إلى هذا الستقلل ...
ولقد انفصلنا عن الكتلة السترلينية ,وفكرنا في تأمإيم البنك الهلي
,وطالبنا بالديونآ التي لنا على النجليز ,وكل هذه ونحوها
مإشروعات تؤمإن النقد المصري ...فماذا فعل الله بها؟ ومإاذا
أعددنا العدة لنقاذها؟
لعل مإن المفارقات أنآ أكتب هذه الكلمات في الوقت الذي يذاع
فيه أنآ المفاوضات بين مإصر وإنجلترا حول الرصدة السترلينية
باءت أو قاربت أنآ تبوء بالفشل ,لتعنت النجليز وتمسكهم بأل
يدفعوا لمصر عن سنة 1948أكثر مإن 12مإليونا ,في الوقت
الذي تطلب فيه مإصر طلبا مإتواضعا هو 18مإليونا.
ولم يحدث في تاريخ الدول الراقية فيما نعلم أنآ بنكا يستغل قرارا
مإن وزير هذا الستغلل الشائن ,كما فعل ذلك البنك الهلي بقرار
مإن وزير المالية غير الموقع عليه مإن أحد في يونيو سنة , 1916
فيصدر بمقتضاه مإن الوراق مإا يشاء .
تمصير الشركات
كما توجب هذه الصول الهتمام الكامإل بتمصير الشركات ,
وإحلل رؤوس المإوال الوطنية مإحل رؤوس المإوال الجنبية كلما
أمإكن ذلك ,وتخليص المرافق العامإة – وهي أهم شيء للمإة – مإن
يد غير أبنائها ,فل يصح بحال أنآ تكونآ الرض والبناء والنقل والماء
والنور والمواصلت الداخلية والنقل الخارجي حتى الملح و الصودا
..في يد شركات أجنبية تبلغ رؤوس أمإوالها وأرباحها المليين مإن
الجنيهات ,ل يصيب الجمهور الوطني ول العامإل الوطني مإنها إل
البؤس والشقاء والحرمإانآ .
كم كنا نربح لو أنآ مإشروع خزانآ أسوانآ تحقق فعل مإنذ سنة 1937
,وكم كنا نحتاج ونعرى لو لم يلهم الله طلعت حرب -عليه
الرضوانآ – أنآ يتقدم بمشروعات )المحلة( .
الصناعـة
والتحول إلى الصناعة فورا ً مإن روح السلم الذي يقول نبيه ) : eإنآ
الله يحب المؤمإن المحترف( ) ,مإن أمإسى كال ً مإن عمل يده
أمإسى مإغفورا ً له( .والذي أثنى كتابه على داود وسليمانآ بهذا
التقدم الصناعي ،وذكر لنا مإن دقائق الرقى فيه مإا أعجز البشر ،
واستغل قوى الجن والشيطانآ ..
حرام على المإة التي تقرأ في كتابها مإن الثناء على داود عليه
َ َ
ت وَقَد ّْر ِفي ال ّ
سْرد ِ ساب َِغا ٍل َم ْ نآ اع ْ َديد َ ,أ ِ ح ِ ه ال ْ َ
السلم ) :وَأل َّنا ل َ ُ
صيٌر( )سـبأ ، (11-10:وتقرأ : مُلو َ
نآ ب َ ِ ما ت َعْ َ صاِلحا ً إ ِّني ب ِ َ مُلوا َ َواع ْ َ
َ ْ َ َ
م م فَهَ ْ
ل أن ْت ُ ْ ُ
سك ْ ن ب َأ ِ
مإ ْ
م ِ ُ
صن َك ْ ح ِ م ل ِت ُ ْ ُ
س لك ْ ة لُبو ٍ صن ْعَ َ )وَع َل ّ ْ
مَناه ُ َ
نآ( )النبياء , (80:ثم ل يكونآ فيها مإصنع للسلح . شاك ُِرو َ َ
شهٌْر حَها َ شهٌْر وََرَوا ُ ها َ ح غ ُد ُوّ َ نآ الّري َ ما َ سل َي ْ َثم تقرأ في كتابها ) :وَل ِ ُ
ْ َ
ن
مإ ْنآ َرب ّهِ وَ َ ن ي َد َي ْهِ ب ِإ ِذ ْ ِل ب َي ْ َم ُ ن ي َعْ َمإ ْن َ ج ّ ن ال ِ مإ َ قط ْرِ وَ ِ ن ال ْ ِ سل َْنا ل َ ُ
ه ع َي ْ َ وَأ َ
يزغ ْ مإنهم ع َ َ
شاُء مإا ي َ َه َ نآ ل َ ُمُلو َ سِعيرِ ,ي َعْ َ ب ال ّ ذا ِ ن عَ َ مإ ْه ِ مإرَِنا ن ُذ ِقْ ُ نأ ْ ْ َ ِ ِ ُْ ْ
ملوا آ َ
ل ُ ت اع ْ َ سَيا ٍ دورٍ َرا ِ ب وَقُ ُ وا ِ ج َ ْ
نآ كال ََ فا ٍ ج َ ل وَ ِ ماِثي َ ب وَت َ َ حاِري َ مإ َن َ مإ ِْ
شكرا ( )سـبأ .. (13-12:ثم ل يكونآ فيها مإسبك عظيم ,ول ً ْ داوُد َ ُ َ
مإصنع كامإل للدوات المعدنية .
ْ َ
س( )الحديد:مإَنافِعُ ِللّنا ِ
ديد ٌ وَ َ س َ
ش ِ ديد َ ِفيهِ ب َأ ٌ ثم تقرأ ) :وَأن َْزل َْنا ال ْ َ
ح ِ
.. (25ثم تهمل مإا عندها مإن هذا المعدنآ هذا الهمال ،وهو مإن
أجود النواع ويكفي العالم مإائتي عام كما قدر الخبراء ...
تنظيم الضرائب
وتوجب علينا روح السلم في تشريعه القتصادي ،أنآ نبادر بتنظيم
الضرائب الجتماعية ،وأولها الزكاة ،وليس في الدنيا تشريع فرض
الضريبة على رأس المال ل على الربح وحده كالسلم ،وذلك
لحكم جليلة مإنها :مإحاربة الكنز وحبس المإوال عن التداول ،ومإا
جعلت المإوال إل وسيلة لهذا التداول الذي يستفيد مإن ورائه كل
الذين يقع في أيديهم هذا المال المتداول ..
وإنما جعل السلم مإصارف الزكاة اجتماعية بحتة لتكونآ سببا ً في
جبر النقص والقصور الذي ل تستطيع المشاعر النسانية
والعواطف الطيبة أنآ تجبره ،فيطهر بذلك المجتمع ويزكو ،وتصفو
خذ ْ مإ َ
م ب َِها(
كيهِ ْ ة ت ُط َهُّرهُ ْ
م وَت َُز ّ صد َقَ ً
م َ
وال ِهِ ْ
مإ َ
نأ ْالنفوس وتسمو ْ ِ ُ ) :
)التوبة. (103:
مإحاربة الربا
ويوجب علينا روح السلم أنآ نحارب الربا حال ً ،ونحرمإه ونقضي
على كل تعامإل على أساسه ) :أل وإنآ الربا مإوضوع ،وأول ربا أبدأ
به ربا عمى العباس بن عبد المطلب( وصدق رسول الله .
هذه كلها واجبات لبد أنآ تنهض بأعبائها حال ً ..فإلى العمل .
خـاتمـة
وبعد ...
فهنا نحن قد رأينا مإما تقدم كيف أننا لم نسر على نظام اقتصادي
مإعروف ل نظريا ً ول عمليا ً ،وأنآ هذا الغموض والرتجال قد أ ّ
ديا بنا
إلى ضائقة أخذت بمخانق الناس جميعا ً .
وليس الشأنآ أنآ نرتجل الحلول ،ونواجه الظروف ،بالمخدرات
والمسكنات التي يكونآ لها مإن رد الفعل مإا ينذر بأخطر العواقب ،
ولكن المهم في أنآ ننظر إلى المإور نظرة شامإلة مإحيطة ،وأنآ
نردها إلى أصل ثابت تستند إليه ،وترتكز علي .وليس ذلك المإر إل
)النظام السلمإي( الشامإل الدقيق ،وفيه خير السداد .
لقد أتاح الله لنا مإن أسباب اليسر القتصادي ،والنجاح المادي مإا
لم يتجه لغيرنا مإن المإم والشعوب ،فهذه الرابطة الوثيقة مإن
اللغة والعقيدة والمصلحة والتاريخ بيننا وبين أمإم العروبة والسلم ،
وهى بحمد الله أغنى بلد الله في أرضه ،أخصبها تربة ،وأعدلها
جوا ً ،وأكثرها خيرات ،وأثراها بالمواد الولية وبالخامإات مإن كل
شئ ..
ول يكلفنا المإر أكثر مإن أنآ نعزم ونتقدم ،ونقوي الصلة ،ونحكم
الرابطة ،ونوالي البعثات والدراسات ،ونحاول بكل سبيل إنشاء
أسطول تجارى ،ونشيع روح الوحدة والتعاونآ بيننا وبين أمإم
العروبة وشعوب السلم .
لقد صبر الشعب المصري صبرا ً طويل ً على هذه الحياة الجافية
القاسية ،وهذا الحرمإانآ العجيب الذي ل يصبر عليه آدمإي إل
بمعجزة مإن مإعجزات اليمانآ ،ومإن نظر إلى العامإل المصري
والفلح المصري ومإن إليهما مإن عامإة الشعب المصري ،أخذه
العجب مإما يشاهد مإن فاقة وصبر .
لقد أخجلني أحد الخوانآ الهنود وقد قدم مإن إنجلترا ,حين عاد مإن
جولة قصيرة في القاهرة ،يقول لي :لقد كنا نظن أنآ مإا تنشره
الصحف في إنجلترا مإن سوء حالة الشعب المصري ،وانخفاض
مإستوى مإعيشته ،مإجرد دعاية يراد بها الح ّ
ط مإن كرامإته ولكنى
قضيت هذه الفترة القصيرة في القاهرة وزرت بعض أحياء عامإتها
فأسفت لما رأيت فخجلت لقوله هذا ,ولكنني رددت عن نفسي
وعن الشعب بقولي له :سل هذه الجرائد التي تنشر ,أليس هذا
البؤس مإن مإظالم الحتلل؟
إنآ المإر جد ٌ ل هزل فيه ،وقد بلغ غايته ،ووصل إلى مإداه ،ول بد
مإن علج حاسم وسريع ،ولن نجده كما قلت إل في طب السلم
الحنيف وعلجه
فيا رئيس الحكومإة ،ويا رؤساء الهيئات والجماعات ،ويا مإن يعنيهم
أمإر الطمأنينة والسلم في هذا الوطن ..
حسـن البنــا
رسالة التعاليم
مإـقـدمإـة
- 6وكل أحد يؤخذ مإن كلمإه ويترك إل المعصوم صلى الله عليه
وسلم ,وكل مإا جاء عن السلف رضوانآ الله عليهم مإوافقا للكتاب
والسنة قبلناه ,و إل فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالتباع ،ولكنا
ل نعرض للشخاصا ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح ,ونكلهم
إلى نياتهم وقد أفضوا إلى مإا قدمإوا .
- 9وكل مإسألة ل ينبني عليها عمل فالخوض فيها مإن التكلف الذي
نهينا عنه شرعا ,ومإن ذلك كثرة التفريعات للحكام التي لم تقع ,
والخوض في مإعاني اليات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها
العلم بعد ،والكلم في المفاضلة بين الصحاب رضوانآ الله عليهم
ومإا شجر بينهم مإن خلف ,ولكل مإنهم فضل صحبته وجزاء نيته
وفي التأول مإندوحة .
ويتصل بالجماعة فيها كل مإن أراد مإن الناس مإتى رغب المساهمة
في أعمالها ووعد بالمحافظة على مإبادئها ,وليست الطاعة التامإة
لزمإة في هذه المرحلة بقدر مإا يلزم فيها احترام النظم و المبادئ
العامإة للجماعة .
والدعوة فيها خاصة ل يتصل بها إل مإن استعد استعدادا تامإا حقيقيا
لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات ,وأول بوادر هذا
الستعداد كمال الطاعة .
الثبــات
وأريد بالثبات :
أنآ يظل الخ عامإل مإجاهدا في سبيل غايته مإهما بعدت المدة
وتطاولت السنوات والعوام ,حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز
نمإ َ
بإحدى الحسنيين ,فإمإا الغاية وإمإا الشهادة في النهاية ِ ) ,
ه
حب َ ُضى ن َ ْ ن قَ َ مإ ْ
م َ ه ع َل َي ْهِ فَ ِ
من ْهُ ْ دوا الل َ
عاهَ ُ مإا َصد َُقوا َ ل َ جا ٌ ن رِ َ مؤ ْ ِ
مإِني َ ال ْ ُ
ديل ً( )الحزاب , (23:والوقت عندنا مإا ب َد ُّلوا ت َب ْ ِ
ن ي َن ْت َظ ُِر وَ َ
مإ ْ
م َ مإن ْهُ ْ
وَ ِ
جزء مإن العلج ,والطريق طويلة المدى بعيدة المراحل كثيرة
العقبات ,ولكنها وحدها التي تؤدي إلى المقصود مإع عظيم الجر
وجميل المثوبة .
وذلك أنآ كل وسيلة مإن وسائلنا الستة تحتاج إلى حسن العداد
قوُلو َ
نآ وتحين الفرصا ودقة النفاذ ,وكل ذلك مإرهونآ بوقته )وَي َ ُ
ريبا ً( )السراء. (51: نآ ي َ ُ َ
نآ قَ ِ كو َ سى أ ْ ل عَ َ مإَتى هُوَ قُ ْ َ
التجــرد
أريد بالتجرد:
أنآ تتخلص لفكرتك مإما سواها مإن المبادئ والشخاصا ،لنها
ة الله ومإ َ
ن اللهِ مإ َن ِ س ُ ح َ نأ ْ ِ َ َ ْ صب ْغَ َ أسمى الفكر وأجمعها و أعلها ِ ) :
ُ
م
هي َ ة ِفي إ ِب َْرا ِ سن َ ٌ ح َ سوَة ٌ َ مأ ْ ت ل َك ْ
ُ ة( )البقرة) , (138:قَد ْ َ
كان َ ْ صب ْغَ ًِ
نآ
دو ِ ن ُ مإ ْ نآ ِدو َ ما ت َعْب ُ ُ مإ ّ م وَ ِ ُ
مإن ْك ْ م إ ِّنا ب َُرآُء ِ مإهِ ْ
قوْ ِ ُ
ه إ ِذ ْ َقالوا ل ِ َ مإعَ ُ
ن َ ذي َ ّ
َوال ِ
ً َ ْ ْ ُ ُ َ
حّتى ت ُؤ ْ ِ
مإُنوا ضاُء أَبدا َ داوَة ُ َوالب َغْ َ م العَ َ دا ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ُم وَب َ َ
فْرَنا ب ِك ْاللهِ ك َ
ن كل ََ مإل ِ ُ َ َ
نآ ل َ َ َ حد َه ُ ِإل قَوْ َ
مإ َك ِ مإا أ ْ ك وَ َ فَر ّ ست َغْ ِ م لِبيهِ ل ْ هي َل إ ِب َْرا ِ ِباللهِ وَ ْ
صيُر( ْ َ
ك أن َب َْنا وَإ ِلي ْ َ َ َ ْ
ك ت َوَك ّلَنا وَإ ِلي ْ َ َ
يٍء َرب َّنا ع َلي ْ َ ن َ
م ِ ك ال َ ش ْ مإ ْ اللهِ ِ
)الممتحنة. (4:
والناس عند الخ الصادق واحد مإن ستة أصناف :مإسلم مإجاهد ,
أو مإسلم قاعد ،أو مإسلم آثم ،أو ذمإي مإعاهد ،أو مإحايد ،أو
مإحارب ,و لكل حكمه في مإيزانآ السلم ,وفى حدود هذه
القسام توزنآ الشخاصا و الهيئات ،ويكونآ الولء أو العداء .
الخـوة
وأريد بالخوة :
أنآ ترتبط القلوب والرواح برباط العقيدة ،والعقيدة أوثق الروابط
وأغلها ،والخوة أخت اليمانآ ،والتفرق أخو الكفر ،وأول القوة :
قوة الوحدة ،ول وحدة بغير حب ,وأقل الحب :سلمإة الصدر ,
م
نآ ب ِهِ ْ م وَل َوْ َ
كا َ سه ِ ْ ف ِ نآ ع ََلى أ َن ْ ُ
وأعله :مإرتبة اليثار ) ,وَي ُؤ ْث ُِرو َ
ْ َ َ ُ
نآ( )الحشر. (9: حو َ فل ِ ُم ْم ال ُ سهِ فَأولئ ِك هُ ُ ف ِ ح نَ ْ ن ُيوقَ ُ
ش ّ مإ ْ
ة وَ َ
ص ٌ
صا َ
خ َ
َ
والخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه مإن نفسه ،لنه إنآ لم يكن
بهم ،فلن يكونآ بغيرهم ،وهم إنآ لم يكونوا به كانوا بغيره ) ,وإنما
يأكل الذئب مإن الغنم القاصية( ) ,والمؤمإن للمؤمإن كالبنيانآ ،يشد
ض( بعضه بعضا ً() .وال ْمؤ ْمإنونآ وال ْمؤ ْمإنات بعضه َ
م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ َ ُ ِ ُ َ َ ُ ِ َ ُ َْ ُ ُ ْ
)التوبة , (71:وهكذا يجب أنآ نكونآ .
الثقــة
و أريد بالثقة :
اطمئنانآ الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلصه اطمئنانا عميقا
حّتى
نآ َ
مإُنو َك ل ي ُؤ ْ ِينتج الحب والتقدير والحترام والطاعة َ) ,فل وََرب ّ َ
ما حَرجا ً ِ
مإ ّ م َ سهِ ْ ف ِدوا ِفي أ َن ْ ُ ج ُ
م ل يَ ِ م ثُ ّ
جَر ب َي ْن َهُ ْ
ش َ ما َك ِفي َ مو َحك ّ ُيُ َ
سِليما ( )النساء. (65: ً موا ت َ ْ ّ
سل ُ ت وَي ُ َ
ضي ْ َقَ َ
والقائد جزء مإن الدعوة ،ول دعوة بغير قيادة ،وعلى قدر الثقة
المتبادلة بين القائد والجنود تكونآ قوة نظام الجماعة ،وإحكام
خططها ،ونجاحها في الوصول إلى غايتها ,وتغلبها على مإا
م َ َ
ف( )مإحمد-20: مإعُْرو ٌ ل َة وَقَوْ ٌ طاع َ ٌ يعترضها مإن عقبات )فَأوَْلى ل َهُ ْ
. (21
وللقيادة في دعوة الخوانآ حق الوالد بالرابطة القلبية ,و الستاذ
بالفادة العلمية ,والشيخ بالتربية الروحية ,والقائد بحكم السياسة
العامإة للدعوة ,ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا ,والثقة بالقيادة
هي كل شيء في نجاح الدعوات .
ولهذا يجب أنآ يسأل الخ الصادق نفسه هذه السئلة ليتعرف على
مإدى ثقته بقيادته :
– 1هل تعرف إلى قائده مإن قبل و درس ظروف حياته ؟
– 2هل اطمأنآ إلى كفايته وإخلصه ؟
– 3هله هو مإستعد لعتبار الوامإر التي تصدر إليه مإن القيادة في
غير مإعصية طبعا قاطعا ل مإجال فيها للجدل ول للتردد ول للنتقاصا
ول للتحوير مإع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟
– 4هل هو مإستعد لنآ يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة
والصواب ,إذا تعارض مإا أمإر به مإع مإا تعلم في المسائل الجتهادية
التي لم يرد فيها نص شرعي ؟
– 5هل هو مإستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة ؟
وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مإصلحته الخاصة
ومإصلحة الدعوة العامإة .
بالجابة على هذه المإثلة وأشباهها يستطيع الخ الصادق أنآ يطمئن
على مإدى صلته بالقائد ,وثقته به ,والقلوب بيد الله يصرفها كيف
ت
ف َمإا أ َل ّ ْ
ميعا ً َ
ج ِ
ض َ َ
مإا ِفي الْر ِ ت َ ق َ م ل َوْ أ َن ْ َ
ف ْ ن قُُلوب ِهِ ْ يشاء )وَأ َل ّ َ
ف ب َي ْ َ
م( )لنفال. (63: كي ٌ
ح ِزيٌز َ
ه عَ ِ
م إ ِن ّ ُ ه أ َل ّ َ
ف ب َي ْن َهُ ْ ن الل َم وَل َك ِ ّن قُُلوب ِهِ ْ
ب َي ْ َ
واجـبـات الخ العامإــل
أيها الخ الصادق :
إنآ إيمانك بهذه البيعة يوجب عليك أداء هذه الواجبات حتى تكونآ
لبنة قوية في البناء :
– 1أنآ يكونآ لك ورد يومإي مإن كتاب الله ل يقل عن جزء ,واجتهد
أل تختم في أكثر مإن شهر ,ول في أقل مإن ثلثة أيام .
– 2أنآ تحسن تلوة القرآنآ و الستماع إليه والتدبر في مإعانيه ,
وأنآ تدرس السير المطهرة و تاريخ السلف بقدر مإا يتسع له وقتك ,
و أقل مإا يكفي في ذلك كتاب )حماة السلم( ,و إنآ تكثر مإن
القراءة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ,وأنآ تحفظ
أربعين حديثا على القل ولتكن الربعين النووية ,وأنآ تدرس رسالة
في أصول العقائد و رسالة في فروع الفقه .
– 3أنآ تبادر بالكشف الصحي العام وانآ تأخذ في علج مإا يكونآ
فيك مإن أمإراض ,وتهتم بأسباب القوة و الوقاية الجسمانية وتبتعد
عن أسباب الضعف الصحي .
– 4أنآ تبتعد عن السراف في قهوة البن والشاي ,ونحوها مإن
المشروبات المنبهة ,فل تشربها إل لضرورة ,وأنآ تمتنع بتاتا عن
التدخين .
– 5أنآ تعني بالنظافة في كل شيء في المسكن و الملبس و
المطعم و البدنآ و مإحل العمل ,فقد بني الدين على النظافة .
– 6أنآ تكونآ صادق الكلمة فل تكذب أبدا .
– 7أنآ تكونآ وفيا بالعهد والكلمة و الوعد ,فل تخلف مإهما كانت
الظروف .
– 8أنآ تكونآ شجاعا عظيم الحتمال ,وأفضل الشجاعة الصراحة
في الحق وكتمانآ السر ,والعتراف بالخطأ والنصاف مإن النفس
ومإلكها عند الغضب .
- 9أنآ تكونآ وقورا تؤثر الجد دائما ,ول يمنعك الوقار مإن المزاح
الصادق و الضحك في تبسم .
– 10أنآ تكونآ شديد الحياء دقيق الشعور ,عظيم التأثر بالحسن و
القبح ,تسر للول و تتألم للثاني ,و أنآ تكونآ مإتواضع في غير ذلة
ول خنوع ول مإلق ,وأنآ تطلب أقل مإن مإرتبتك لتصل إليها .
– 11أنآ تكونآ عادل صحيح الحكم في جميع الحوال ,ل ينسيك
الغضب الحسنات ول تغضي عين الرضا عن السيئات ,ول تحملك
الخصومإة على نسيانآ الجميل ,وتقول الحق ولو كانآ على نفسك
أو على أقرب الناس إليك وإنآ كانآ مإّرا .
– 12أنآ تكونآ عظيم النشاط مإدربا على الخدمإات العامإة ,تشعر
بالسعادة والسرور إذا استطعت أنآ تقدم خدمإة لغيرك مإن الناس ,
فتعود المريض وتساعد المحتاج و تحمل الضعيف وتواسي
المنكوب و لو بالكلمة الطيبة ,وتبادر دائما إلى الخيرات .
– 13أنآ تكونآ رحيم القلب كريما سمحا تعفو وتصفح و تلين
وتحلم وترفق بالنسانآ و الحيوانآ ,جميل المعامإلة حسن السلوك
مإع الناس جميعا ,مإحافظا على الداب السلمإية الجتماعية فترحم
الصغير وتوقر الكبير و تفسح في المجلس ,ول تتجسس ول تغتاب
ول تصخب ,وتستأذنآ في الدخول والنصراف ..الخ .
– 14أنآ تجيد القراءة و الكتابة ,وأنآ تكثر مإن المطالعة في
رسائل الخوانآ وجرائدهم و مإجلتهم ونحوها ,و أنآ تكونآ لنفسك
مإكتبة خاصة مإهما كانت صغيرة ,وأنآ تتبحر في علمك و فنك إنآ
كنت مإن أهل الختصاصا ,وانآ تلم بالشؤونآ السلمإية العامإة
إلمامإا يمكنك مإن تصورها و الحكم عليها حكما يتفق مإع مإقتضيات
الفكرة .
– 15أنآ تزاول عمل اقتصاديا مإهما كنت غنيا ,وأنآ تقدم العمل
الحر مإهما ضئيل ,وأنآ تزج بنفسك فيه مإهما كانآ كانت مإواهبك
العملية .
– 16أل تحرصا على الوظيفة الحكومإية ,و أنآ تعتبرها الضيق
أبواب الرزق ول ترفضها إذا أتيحت لك ,ول تتخل عنها إل إذا
تعارضت تعارضا تامإا مإع واجبات الدعوة .
– 17أنآ تحرصا كل الحرصا على أداء مإهنتك مإن حيث الجادة
والتقانآ وعدم الغش و ضبط الموعد .
قك ,وأنآ تؤدي حقوق الناس – 18أنآ تكونآ حسن التقاضي لح ّ
كامإلة غير مإنقوصة بدونآ طلب ,ول تماطل أبدا .
– 19أنآ تبتعد عن الميسر بكل أنواعه مإهما كانآ المقصد مإن
ورائها ,وتتجنب وسائل الكسب الحرام مإهما كانآ وراءها مإن ربح
عاجل .
– 20أنآ تبتعد عن الربا في جميع المعامإلت وأنآ تطهر مإنه تمامإا .
– 21أنآ تخدم الثروة السلمإية العامإة بتشجيع المصنوعات
والمنشآَت القتصادية السلمإية ,وأنآ تحرصا على القرش فل يقع
في يد غير إسلمإية مإهما كانت الحوال ,ول تلبس ول تأكل إل مإن
صنع وطنك السلمإي .
– 22أنآ تشترك في الدعوة بجزء مإن مإالك ,تؤدي الزكاة الواجبة
فيه ,وانآ تجعل مإنه حقا مإعلومإا للسائل والمحروم مإهما كانآ دخلك
ضئيل .
– 23أنآ تدخر للطوارئ جزءا مإن دخلك مإهما قل ,وأل تتورط في
الكماليات أبدا .
– 24أنآ تعمل مإا استطعت على إحياء العادات السلمإية و إمإاتة
العادات العجمية في كل مإظاهر الحياة ,ومإن ذلك التحية و اللغة
والتاريخ والزي والثاث ,ومإواعيد العمل والراحة ,والطعام و
الشراب ,والقدوم والنصراف ,والحزنآ والسرور ..الخ ,وأنآ
تتحرى السنة المطهرة في ذلك .
– 25أنآ تقاطع المحاكم الهلية وكل قضاء غير إسلمإي ,والندية
والصحف و الجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك
السلمإية مإقاطعة تامإة .
– 26أنآ تديم مإراقبة الله تبارك وتعالى ,وتذكر الخرة وتستعد لها
,وتقطع مإراحل السلوك إلى رضوانآ الله بهمة وعزيمة ,وتتقرب
إليه سبحانه بنوافل العبادة ومإن ذلك صلة الليل وصيام ثلثة أيام
مإن كل شهر على القل ,والكثار مإن الذكر القلبي واللساني ,و
تحّري الدعاء في المذكور في كل الحوال .
– 27أنآ تحسن الطهارة وأنآ تظل على وضوء غالب الحيانآ .
– 28أنآ تحسن الصلة وتواظب على أدائها في أوقاتها ,وتحرصا
على الجماعة والمسجد مإا أمإكن ذلك .
– 29أنآ تصوم رمإضانآ و تحج البيت إنآ استطعت إليه سبيل ,
وتعمل على ذلك إنآ لم تكن مإستطيعا النآ ذلك .
– 30أنآ تستصحب دائما نية الجهاد و حب الشهادة وأنآ تستعد
لذلك مإا وسعك الستعداد .
– 31أنآ تجدد التوبة والستغفار دائما وأنآ تتحرز مإن صغائر الثام
فضل عن كبارها ,وأنآ تجعل لنفسك ساعة قبل النوم تحاسبها فيها
على مإا عملت مإن خير أو شر ,وأنآ تحرصا على الوقت فهو الحياة
فل تصرف جزءا مإنه مإن غير فائدة ,وأنآ تتورع عن الشبهات حتى
ل تقع في الحرام .
– 32أنآ تجاهد نفسك جهادا عنيفا حتى يسلس قيادتها لك ,وأنآ
تغض طرفك وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة في نفسك ,
وتسمو بها دائما إلى الحلل الطيب ,وتحول بينها وبين الحرام مإن
ذلك أيا كانآ .
– 33أنآ تتجنب الخمر والمسكر والمفتر وكل مإا هو مإن هذا القبيل
كل الجتناب .
– 34أنآ تبتعد عن أقرانآ السوء و أصدقاء الفساد و أمإاكن
المعصية و الثم .
– 35أنآ تحارب أمإاكن اللهو فضل عن أنآ تقربها ,وأنآ تبتعد عن
مإظاهر الترف و الرخاوة جميعا .
– 36أنآ تعرف أعضاء كتيبتك فردا فردا مإعرفة تامإة ,وتعرفهم
نفسك مإعرفة تامإة كذلك ,وتؤدي حقوق أخوتهم كامإلة مإن الحب
والتقدير والمساعدة واليثار وأنآ تحضر اجتماعاتهم فل تتخلف عنها
إل بعذر قاهر ,وتؤثرهم بمعامإلتك دائما .
– 37أنآ تتخلى عن صلتك بأية هيئة أو جماعة ل يكونآ التصال بها
في مإصلحة فكرتك وخاصة إذا أمإرت بذلك .
– 38أتعمل على نشر دعوتك في كل مإكانآ وأنآ تحيط القيادة
علما بكل ظروفك ول تقدم على عمل يؤثر فيها جوهريا إل بإذنآ ,
وأنآ تكونآ دائم التصال الروحي و العملي بها ,وأنآ تعتبر نفسك
دائما جنديا في الثكنة تنتظر الوامإر .
خـاتمـة
أيها الخ الصادق :
هذه مإجمل لدعوتك ,وبيانآ مإوجز لفكرتك ,وتستطيع أنآ تجمع
هذه المبادئ في خمس كلمات:
)الله غايتنا ,و الرسول قدوتنا ,و القرآنآ شرعتنا ,و الجهاد سبيلنا
,و الشهادة أمإنيتنا( .
و أنآ تجمع مإظاهرها في خمس كلمات أخرى :
البساطة ,والتلوة ,والصلة ,والجندية ,والخلق .
فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم ,وإل ففي صفوف القاعدين مإتسع
للكسالى و العابثين .
وأعتقد أنك إنآ عملت بها وجعلتها أمإل حياتك وغاية غايتك ,كانآ
جزاؤك العزة في الدنيا والخير والرضوانآ في الخرة ,وأنت مإنا
ونحن مإنك ,وإنآ انصرفت عنها وقعدت عن العمل لها فل صلة بيننا
وبينك ,وإنآ تصدرت فينا المجالس وحملت أفخم اللقاب وظهرت
بيننا بأكبر المظاهر ,وسيحاسبك الله على قعودك أشد الحساب ,
فاختر لنفسك ونسأل الله لنا ولك الهداية و التوفيق .
َ ) يا أ َيها ال ّذين آمإنوا هَ ْ َ
ب أِليم ٍ : ن عَ َ
ذا ٍ مإ ْ
م ِجيك ُ ْ م ع ََلى ت ِ َ
جاَرةٍ ت ُن ْ ِ ل أد ُل ّك ُ ْ ِ َ َ ُ َ َّ
سول ِهِ نآ ِباللهِ وََر ُ مإُنو َ ) ( 1ت ُؤ ْ ِ
ُ َ ُ ُ َ ُ َ
م
خي ٌْر لك ْ م َ م ذ َل ِك ْ سك ْ ف ِ م وَأن ْ ُ وال ِك ْ مإ َل اللهِ ب ِأ ْ سِبي ِ نآ ِفي َ دو َ جاه ِ ُ ) ( 2وَت ُ َ
نآ :
مو َ َ
م ت َعْل ُ نآ ك ُن ْت ُ ْإِ ْ
ُ
م ذ ُُنوب َك ْ
م ُ
فْر لك ْ َ - 1ي َغْ ِ
ة ِفي َ
ن طي ّب َ ً َ ُ ْ
ساك ِ َ مإ َحت َِها الن َْهاُر وَ َ ن تَ ْ مإ ْ ري ِ ج ِ ت تَ ْ جّنا ٍ م َ خلك ْ - 2وَي ُد ْ ِ
مظي ُ ْ
فوُْز العَ ِ ْ
ك ال َ نآ ذ َل ِ َ ت ع َد ْ ٍ جّنا ِ َ
ُ
ن اللهِ مإ َ صٌر ِ حّبون ََها ن َ ْ خَرى ت ُ ِ - 3وَأ ْ
ن. مإِني َ مؤ ْ ِ شرِ ال ْ ُ ب وَب َ ّ ري ٌ ح قَ ِ - 4وَفَت ْ ٌ
َ َ
م
مإْري َ َ ن َ سى اب ْ ُ عي َ ل ِ ما َقا َ صاَر اللهِ ك َ َ كوُنوا أن ْ َ مإُنوا ُ نآ َ ذي َ َيا أي َّها ال ّ ِ
ل ال ْحواريونآ نح َ صاِري إ َِلى اللهِ َقا َ ل ِل ْحواريين مإ َ
صاُر اللهِ ن أن ْ َ َ َ ِ ّ َ َ َْ ُ ن أن ْ َ َ َ ِّ َ َ ْ
مإُنوانآ َ ذي َ ّ
ة فأي ّد َْنا ال ِ َ ف ٌ َ
ت طائ ِ َ فَر ْ َ
سرائيل وَك ََ ن ب َِني إ ِ ْ مإ ْ ة ِ ف ٌ طائ ِ َ ت َ َفآَ َ
مإن َ ْ
حوا َ َ
ن( )الصف. (14-10: ري َ ظاه ِ ِ صب َ ُ م فَأ ْ ع ََلى ع َد ُوّه ِ ْ
والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته
نظام السر
حيم ِ
ن الّر ِ
م ِ
ح َ
سم ِ اللهِ الّر ْ
بِ ْ
الحمد لله والصلة والسلم على رسوله ومإن واله
الســـرة
يحرصا السلم على تكوين أسر مإن أهله يوجههم إلى المثل العليا
ويقوي روابطهم ,ويرفع أخوتهم مإن مإستوى الكلم و النظريات
إلى مإستوى الفعال والعمليات ,فاحرصا يا أخي أنآ تكونآ لبنة
صالحة في هذا البناء السلم .
وأركانآ هذا الرباط ثلثة فاحفظها واهتم بتحقيقها حتى ل يكونآ هذا
تكليفا ل روح فيه :
أيها الخوانآ :في الواجبات التي بين أيديكم إنآ وعيتموها والعمال
التي بين أيديكم إنآ اتبعتموها مإا يكفل تحقيق هذه الركانآ ,
فراجعوا دائما واجبات الخ التعاوني ,وليحاسب كل مإنكم نفسه
على إنفاذها ,ثم ليحرصا كل أخ على الجتماعات المحددة مإهما
كانت أعذاره ,ثم ليبادر كل مإنكم إلى تسديد مإا عليه لصندوق
أسرته ,حتى ل يتخلف عن الواجبات مإتخلف ,فإذا أديتم هذه
الواجبات الفردية و الجتماعية و المالية ,فإنآ هذا النظام سيتحقق
ول شك ,وإذا قصرتم فيها فسيتضاءل حتى يموت ,وفي مإوته أكبر
خسارة لهذه الدعوة ,وهي اليوم أمإل السلم والمسلمين .
رسالة العقائد
بسم الله الرحمن الرحيم
مإقدمإـــات
- 1تعريف العقائد :
العقائد :هي المإور التي يجب أنآ يصدق بها قلبك ,و تطمئن إليها
نفسك ,و تكونآ يقينا عندك ,ل يمازجه ريب ,و ل يخالطه شك .
)إني مإع شعوري بنقص ذاتي أحس في الوقت نفسه بوجود ذات كامإلة ,و
أراني مإضطرا للعتقاد بأنآ هذا الشعور قد غرسته في ذاتي تلك الذات
الكامإلة المتحلية بجميع صفات الكمال ,و هي :الله (
فهو يثبت في كلمإه هذا ضعف نفسه و نقصها ,و وجود الله و كماله ,
و يعترف بأنآ شعوره و إحساسه هبه مإن الله له و فطرة فيه ,
س ع َل َي َْها( )الروم. (30:
ت الل ّهِ ال ِّتي فَط ََر الّنا َ)فِط َْر َ
- 2وقال إسحاق نيوتن العالم النجليزي الشهير ,و مإكتشف قانونآ
الجاذبية :
كوا في الخالق فإنه مإما ل يعقل أنآ تكونآ المصادفات وحدها )ل تش ّ
هي قائدة هذا الوجود( .
- 3وقال هرشل الفلكي النجليزي :
)كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدامإغة القوية على وجود خالق أزلي ل
حد لقدرته و ل نهاية ,فالجيولوجيونآ و الرياضيونآ و الفلكيونآ و الطبيعيونآ قد
تعاونوا على تشييد صرح العلم ,و هو صرح عظمة الله وحده( .
- 4وقال لينيه ,كما نقله عنه كامإيل فلمإريونآ الفرنسي في كتابه المسمى
)الله في الطبيعة( :
)إنآ الله الزلي البدي العالم بكل شيء و المقتدر على كل شيء ,قد تجلى لي
ببدائع صنعه حتى صرت مإندهشا مإبهوتا ,فأي قدرة و أي حكمة و أي ,و أي
إبداع أبدعه في مإصنوعاته ! سواء في أصغر الشياء أو أكبرها ! إنآ المنافع التي
نستمدها مإن هذه الكائنات تشهد بعظمة رحمة الله الذي سخرها لنا ,كما أنآ
كمالها و تناسقها ينبئ بواسع حكمته ,وكذلك حفظها عن التلشي و تجددها يقر
بجماله و عظمته ( .
- 5و يقول هوبرت سبنسر النجليزي في هذا المعنى في رسالته في التربية :
)العلم يناقض الخرافات ,و لكنه ل يناقض الدين ,يوجد في شيء كثير مإن العلم
الطبيعي الشائع روح الزندقة ,ولكن العلم الذي تجاوز المعلومإات السطحية ,و
رسب في اعماق الحقائق ,براء مإن هذه الروح ,العلم الطبيعي ل ينافي الدين ,
و التوجه للعلم الطبيعي عبادة صامإتة و اعتراف صامإت بنفاسة الشياء التي
تعاين و تدرس ,ثم بقدرة خالقها ,فليس ذلك التوجه تسبيحا شفهيا ,بل هو
دعى ,إنما هو احترام أثمرته تضحية الوقت و مإ ّ
تسبيح عملي ,و ليس باحترام ُ
التفكير و العمل ,و هذا العلم ل يسلك طريق الستبداد في تفهيم الناس
استحالة إدراك السبب الول و هو الله ,و لكنه ينهج بنا النهج الوضح في تفهيمنا
الستحالة ,بإبلغنا جميع أنواع الحدود التي ل يستطاع اجتيازها ,ثم يق بنا في
رفق و هوادة عند هذه النهاية ,و هو بعد ذلك يرينا بكيفيةٍ ل تعادل صغر العقل
النساني إزاء ذلك الذي يفوت العقل , (...ثم أخذ يضرب المإثلة على مإا يقول
فقال ) :إنآ العالم الذي يرى قطرة الماء فيعلم أنها تتركب مإن الكسجين و
اليدروجين بنسبة خاصة ,بحيث لو اختلفت هذه النسبة لكانت شيئا آخر غير
الماء ,يعتقد عظمة الخالق و قدرته و حكمته و علمه الواسع بأشد و أعظم و
أقوى مإن غير العالم الطبيعي الذي ل يرى فيها إل أنها قطرة مإاء فحسب ,
وكذلك العالم الذي يرى قطعة البَرد فيرى تحت مإجهره مإا فيها مإن جمال
الهندسة و دقة التقسيم ,ل شك انه يشعر بجمال الخالق و دقيق حكمه أكبر مإن
ذلك الذي ل يعلم عنها إل أنها مإطر تجمد مإن شدة البرد( .
و أقوال علماء الكونآ في ذلك ل تقع تحت حصر ,و فيما ذكرناه الكفاية ,وإنما
استشهدنا بذلك حتى يعلم شبابنا أنآ دينهم مإؤيد مإن عند الله تبارك و تعالى ,ل
م آَيات َِنا ِفي ريهِ ْسن ُ ِ
يزيده العلم إل قوة و ثباتا و تأييدا ,مإصداقا لقول الله تعالى َ ) :
ُ َ فسهم حتى يتبين ل َهم أ َنه ال ْحق أ َول َم يك ْف برب َ َ َ
يٍء
ْ َ
ش لّ ك لى َ ع ه
ك أن ّ ُ الَفا ِ
ق وَِفي أن ْ ُ ِ ِ ْ َ ّ َ َ َ ّ َ ُ ْ ّ ُ َ ّ َ ْ َ ِ ِ َ ّ
َ
شِهيد ٌ( )فصلت. (53:
آيات الصفات و أحاديثها
وردت في القرآنآ الكريم آيات و في السنة المطهرة أحاديث ,توهم بظاهرها
مإشابهة الحق تبارك و تعالى لخلقه في بعض صفاتهم ,نورد بعضها على سبيل
في بذكر مإا ورد فيها مإن القوال ,و الله نسأل أنآ يوفقنا إلى بيانآ
المثال ,ثم نق ّ
وجه الحق في هذه المسألة ,التي طال فيها جدل الناس و نقاشهم في هذا
العصر ,و أنآ يجنبنا الزلل ,و يلهمنا الصواب ,و هو حسبنا و نعم الوكيل .
نماذج مإن آيات الصفات :
ل َوال ِك َْرام ِ( جل ِ ذو ال ْ َ ك ُه َرب ّ َ ج ُ قى وَ ْ نآ ,وَي َب ْ َ ن ع َل َي َْها َفا ٍ مإ ْ ل َ -1قال الله تعالى ) :ك ُ ّ
)الرحمن. (27-26:
و مإثلها كل آية ورد فيها لفظ الوجه مإضافا إلى الحق تبارك وتعالى .
ُ َ مإّرة ً أ ُ ْ
حى , مإا ُيو َ ك َ مإ َ حي َْنا إ َِلى أ ّ خَرى ,إ ِذ ْ أوْ َ ك َ مإن َّنا ع َل َي ْ َقد ْ َ -2قال الله تعالى ) :وَل َ َ
ْ ْ ْ ْ ْ َ
خذ ْه ُ ع َد ُوّ ِلي ل ي َأ ُح ِ سا ِ
م ِبال ّ قهِ الي َ ّ م فَلي ُل ِ ت َفاقْذ ِِفيهِ ِفي الي َ ّ نآ اقْذ ِِفيهِ ِفي الّتاُبو ِ أ ِ
صن َعَ ع ََلى ع َي ِْني( )طـه(39-37: ت ع َل َي ْ َ َ
ه وَأل ْ َ
مإّني وَل ِت ُ ْ ة ِ حب ّ ًمإ َك َ قي ْ ُ وَع َد ُوّ ل َ ُ
حي إَلى نو َ ُ
ن َفل ت َب ْت َئ ِ ْ
س مإ َن قَد ْ آ َ ك ِإل ّ َ
مإ ْ مإ َن قَوْ ِ مإ ْ
ن ِ مإ َ ن ي ُؤ ْ ِ هَ ل َ ْح أن ّ ُ ُ ٍ وقال تعالى ) :وَأو ِ َ ِ
م
موا إ ِن ّهُ ْ ن ظ َل َ ُ ذي َ خاط ِب ِْني ِفي ال ّ ِ حي َِنا َول ت ُ َ ك ب ِأع ْي ُن َِنا وَوَ ْ فل ْ َ صن َِع ال ْ ُ نآ َ ,وا ْ فعَُلو َ كاُنوا ي َ ْ ما َ بِ َ
نآ( )هود. (37-36: ُ
مإغَْرقو َ ُ
و مإثلها كل آية ورد فيها لفظ العين مإضافا إلى الله تبارك وتعالى .
َ
مديهِ ْ ه ي َد ُ اللهِ فَوْقَ أي ْ ِ نآ الل َ ما ي َُباي ُِعو َ ك إ ِن ّ َ ن ي َُباي ُِعون َ َ ذي َ نآ ال ّ ِ -3قال الله تعالى ) :إ ِ ّ
جرا ً عاهَد ع َل َيه الله فَسيؤ ِْتيه أ َ َ َ ما ي َن ْك ُ ُ ن ن َك َ َ
ِ ْ َ ُ َ ْ ُ ما َ َ ن أوَْفى ب ِ َ مإ ْ سهِ وَ َ ف ِ ث ع َلى ن َ ْ ث فَإ ِن ّ َ م ْ فَ َ
ظيما ً( )الفتح. (10: عَ ِ
ما َقاُلوا ب َ ْ َ
داه ُ ل يَ َ م وَل ُعُِنوا ب ِ َ ديهِ ْ ت أي ْ ِ ة غ ُل ّ ْ مإغُْلول َ ٌ ت ال ْي َُهود ُ ي َد ُ اللهِ َ وقال تعالى ) :وََقال َ ِ
شاُء( )المائدة. (64: ف يَ َ فقُ ك َي ْ َ نآ ي ُن ْ ِسوط ََتا ِ مإب ْ ُ َ
َ َ م ي ََرْوا أ َّنا َ َ
نآ( كو َ مإال ِ ُ م ل ََها َ ديَنا أن َْعامإا ً فَهُ ْ ت أي ْ ِ مل َ ْ ما ع َ ِ مإ ّ م ِ قَنا ل َهُ ْ خل َ ْ و قال تعالى ) :أوَل َ ْ
)ّيـس. (71:
كافري َ
نمإ ْ ن وَ َ مإِني َ مؤ ْ ِ نآ ال ْ ُ دو ِ ن ُ مإ ْ ن أوْل َِياَء ِ نآ ال ْ َ ِ ِ َ مإُنو َ مؤ ْ ِ خذ ِ ا ل ْ ُ -4قال الله تعالى ) :ل ي َت ّ ِ
َ
ه
س ُ ف َ ه نَ ْ م الل ُ ُ
حذ ُّرك ُ قاة ً وَي ُ َ م تُ َ مإن ْهُ ْ قوا ِ نآ ت َت ّ ُ يٍء ِإل أ ْ ش ْ ن اللهِ ِفي َ مإ َ
س ِ ك فَل َي ْ َ ل ذ َل ِ َفع َ ْ يَ ْ
صيُر( )آل عمرانآ. (28: ِ َ ِ م ْ ل ا ه الل لى َ وَإ ِ
ُ َ
ي
مإ َ ذوِني وَأ ّ خ ُ س ات ّ ِ ت ِللّنا ِ ت قُل ْ َ م َءأن ْ َ مإْري َ َ ن َ سى اب ْ َ عي َ ه َيا ِ ل الل ُ وقال تعالى ) :وَإ ِذ ْ َقا َ
ت ُ َ نآ أُقو َ َ َ ُ َ نآ اللهِ َقا َ َ
نآ كن ْ ُ حق ّ إ ِ ْ س ِلي ب ِ َ مإا لي ْ َ ل َ نآ ِلي أ ْ مإا ي َكو ُ حان َك َ سب ْ َل ُ دو ِ ن ُ مإ ْن ِإ ِلهَي ْ ِ
َ َ
م عل ُ ت َ ك أن ْ َ ك إ ِن ّ َ س َ ف ِ مإا ِفي ن َ ْ م َ سي َول أع ْل َ ُ ف ِ مإا ِفي ن َ ْ م َ ه ت َعْل َ ُمت َ ُ قد ْ ع َل ِ ْ ه فَ َ قُل ْت ُ ُ
ب( )المائدة. (116: ال ْغُُيو ِ
وى( )طـه(5: ست َ َ شا ْ ْ م ُ َ
ن ع َلى العَْر ِ ح َ -5قال الله تعالى ) :الّر ْ
و مإثلها كل آية تنسب الستواء على العرش إلى الله تبارك وتعالى .
فظ َ ً
ة ح َم َ ل ع َل َي ْك ُ ْ س ُ عَباد ِهِ وَي ُْر ِ قاه ُِر فَوْقَ ِ -6قال الله تعالى ) :وَهُوَ ال ْ َ
فّر ُ َ
نآ( )النعام: طو َ م ل يُ َ سل َُنا وَهُ ْ ه ُر ُ ت ت َوَفّت ْ ُ موْ ُ م ال ْ َ حد َك ُ ُ جاَء أ َ ذا َ حّتى إ ِ َ َ
. (61
َ َ َ
ذاض فَإ ِ َ م الْر َ ف ب ِك ُ ُ س َ خ ِ نآ ي َ ْ ماِء أ ْ س َ ن ِفي ال ّ مإ ْ م َ مإن ْت ُ ْ و قال تعالى َ) :ءأ ِ
موُر( )الملك. (16: ي تَ ُ هِ َ
صعَد ُ َ
ميعا إ ِلي ْهِ ي َ ْ ً ج ِ ْ ّ
ريد ُ العِّزة َ فل ِلهِ العِّزة ُ َ َ ْ نآ ي ُ ِ ن كا ََ مإ ْ و قال تعالى َ ) :
مت لهُ َْ َ
سي ّئا ِ نآ ال ّ مكُرو َ ُ ن يَ ْ ذي َ ّ
ه َوال ِ َ
ح ي َْرفعُ ُ صال ِ ُ ل ال ّ م ُ ب َوال ْعَ َ م الط ّي ّ ُ ال ْك َل ِ ُ
ك هُوَ ي َُبوُر( )فاطر. (10: ُ
مإك ُْر أول َئ ِ َ ب َ عَ َ
ديد ٌ وَ َ ش ِ ذا ٌ
مإما يؤخذ مإنه نسبة الجهة لله تبارك و تعالى .
ه ِفي م الل ُ ه لعَن َهُ َُ َ
سول ُ ه وََر ُ نآ الل َ ذو َ ن ي ُؤ ْ ُ ذي َ نآ ال ّ ِ -7قال الله تعالى ) :إ ِ ّ
ً ً َ
مإِهينا ( )الحزاب. (57: ذابا ُ م عَ َ خَرةِ وَأع َد ّ ل َهُ ْ الد ّن َْيا َوال ِ
جَها فَن َ َ َ ّ
ن
مإ ْ
خَنا ِفيهِ ِ ف ْ ت فَْر َ صن َ ْح َ نآ الِتي أ ْ مَرا َ ع ْ ة ِ م اب ْن َ َ مإْري َ َ وقال تعالى ) :وَ َ
ن( )التحريم: قان ِِتي َ ْ
ن ال َ مإ َت ِ كان َ ْ ت َرب َّها وَك ُت ُب ِهِ وَ َ ما ِ ت ب ِك َل ِ َ صد ّقَ ْ حَنا وَ َ ُرو ِ
. (12
فا ً مل َ ُ َ
ص ّ ك َ ك َوال ْ َ جاَء َرب ّ َ ض د َك ّا ً د َك ّا ً ,وَ َ ت الْر ُ ذا د ُك ّ ِ كل إ ِ َ وقال تعالى َ ) :
فا ً( )الفجر. (22-21: ص ّ َ
نماذج مإن أحاديث الصفات
وردت في الحاديث الشريفة ألفاظ كالتي في اليات السابقة ,
مإنسوبة إلى الله تبارك وتعالى :كالوجه و اليد و نحوهما ,فنكتفي
باليات عن ذكرها ,و ورد في أحاديث كثيرة ألفاظ أخرى مإن هذا
القبيل مإنسوبة إلى ذات الله تبارك تعالى نورد بعضها ,فمن ذلك :
-1عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال) :خلق الله آدم على صورته ،طوله ستونآ ذراعا ً ،فلما خلقه
قال :اذهب فسلم على أولئك -نفر مإن الملئكة جلوس -فاستمع مإا
يحيونك ،فإنها تحيتك وتحية ذريتك ،فقال :السلم عليكم ،فقالوا:
السلم عليك ورحمة الله ،فزادوه :ورحمة الله ،فكل مإن يدخل
الجنة على صورة آدم ،فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى النآ( رواه
البخاري و مإسلم .
-2عن أنس بن مإالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال )ل تزال جهنم يلقى فيها وتقول :هل مإن مإزيد حتى يضع رب
العزة فيها قدمإه ,فينزوي بعضها إلى بعض وتقول :قط قط ,بعزتك
وكرمإك ,ول يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا،
فيسكنهم فضل الجنة( رواه البخاري و مإسلم .
-3عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ) :لله أشد فرحا بتوبة أحدكم ،مإن أحدكم بضالته ،إذا
وجدها( رواه البخاري و مإسلم .
أول :اتفق الفريقانآ على تنزيه الله تبارك وتعالى عن المشابهة لخلقه .
ثانيا :كل مإنهما يقطع بأنآ المراد بألفاظ هذه النصوصا في حق الله تبارك
وتعالى غير ظواهرها التي وضعت لها هذه اللفاظ في حق المخلوقات ،وذلك
مإترتب على اتفاقهما على نفي التشبيه .
ثالثا :كل مإن الفريقين يعلم أنآ اللفاظ توضع للتعبير عما يجول في النفوس ،
أو يقع تحت الحواس مإما يتعلق بأصحاب اللغة وواضعيها ،وأنآ اللغات مإهما
اتسعت ل تحيط بما ليس لهلها بحقائقه علم ،وحقائق مإا يتعلق بذات الله تبارك
وتعالى مإن هذا القبيل ،فاللغة أقصر مإن أنآ تواتينا باللفاظ التي تدل على هذه
الحقائق ،فالتحكم في تحديد المعاني بهذه اللفاظ تغرير .
وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل ،وانحصر الخلف
بينهما في أنآ الخلف زادوا تحديد المعنى المراد حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه
إلى ذلك حفظا لعقائد العوام مإن شبهة التشبيه ،وهو خلف ل يستحق ضجة ول
إعناتا .
ونحن نعتقد أنآ رأي السلف مإن السكوت وتفويض علم هذه
المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالتباع ،حسما لمادة
التأويل والتعطيل ،فإنآ كنت مإمن أسعده الله بطمأنينة اليمانآ ،
وأثلج صدره ببرد اليقين ،فل تعدل به بديل ،ونعتقد إلى جانب هذا
أنآ تأويلت الخلف ل توجب الحكم عليهم بكفر ول فسوق ،ول
تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم وبين غيرهم قديما وحديثا ،
وصدر السلم أوسع مإن هذا كله .
وقد لجأ أشد الناس تمسكا برأي السلف ،رضوانآ الله عليهم ،إلى
التأويل في عدة مإواطن ،وهو المإام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
،مإن ذلك تأويله لحديث ) :الحجر السود يمين الله في أرضه(
وقوله صلى الله عليه وسلم ):قلب المؤمإن بين إصبعين مإن أصابع
الرحمن( وقوله صلى الله عليه وسلم ) :إني لجد نفس الرحمن
مإن جانب اليمن( .
وقد رأيت للمإام النووي رضي الله عنه مإا يفيد قرب مإسافة
الخلف بين الرأيين مإما ل يدع مإجال للنزاع والجدال ،ول سيما وقد
قيد الخلف أنفسهم في التأويل بجوازه عقل وشرعا ،بحيث ل
يصطدم بأصل مإن أصول الدين .
قال الرازي في كتابه ) أساس التقديس ( ) :ثم إنآ جوزنا التأويل
اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلت على التفصيل ،وإنآ
لم نجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى ،فهذا هو القانونآ
الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات ،وبالله التوفيق ( .
وخلصة هذا البحث أنآ السلف والخلف قد اتفقا على أنآ المراد
غير الظاهر المتعارف بين الخلق ،وهو تأويل في الجملة ،واتفقا
كذلك على أنآ كل تأويل يصطدم بالصول الشرعية غير جائز ،
فانحصر الخلف في تأويل اللفاظ بما يجوز في الشرع ،وهو هين
كما ترى ،وأمإر لجأ إليه بعض السلف أنفسهم ،وأهم مإا يجب أنآ
تتوجه إليه همم المسلمين النآ توحيد الصفوف ،وجمع الكلمة مإا
استطعنا إلى ذلك سبيل ،والله حسبنا ونعم الوكيل.
حسـن البنــا
رسالة الجهاد
جَهاد ِهِ
حق ّ ِ
دوا ِفي اللهِ َ
جاه ِ ُ
وَ َ
الجهاد فريضة على كل مإسلم
بسـم الله الرحمن الرحيم
فرض الله الجهاد على كل مإسلم فريضة لزمإة حازمإة لمإناصا مإنها
ول مإفر مإعها ،ورغب فيه أعظم الترغيب ،وأجزل ثواب
المجاهدين والشهداء ،فلم يلحقهم في مإثوبتهم إل مإن عمل بمثل
عملهم ومإن اقتدي بهم في جهادهم .ومإنحهم مإن المإتيازات
الروحية والعملية في الدنيا والخرة مإا لم يمنح سواهم ،وجعل
دمإاءهم الطاهرة الذكية عربونآ النصر في الدنيا وعنوانآ الفوز
والفلح في العقبى ،وتوعد المخلفين القاعدين بأفظع العقوبات ،
ورمإاهم بأبشع النعوت والصفات ووبخهم علي الجبن والقعود ،
ونعني عليهم الضعف والتخلف ،وأعد لهم في الدنيا خزيا ً ل يرفع
إل إنآ جاهدوا ،وفي الخرة عذابا ً ل يفلتونآ مإنه ولو كانآ لهم مإثل
أحد ذهبا ً ،واعتبر القعود والفرار كبيرة مإن أعظم الكبائر وإحدى
الموبقات المهلكات .
ولست تجد نظامإا ً قديما ً أو حديثا ً دينيا ً أو مإدنيا ً ،عني بشأنآ الجهاد
والجندية واستنفار المإة ،وحشدها كلها صفا ً واحدا ً للدفاع بكل
قواها عن الحق ،كما تجد ذلك في دين السلم وتعاليمه ،وآيات
القرآنآ ،وأحاديث الرسول العظيم eفياضة بكل هذه المعاني
السامإية ،داعية بأفصح عبارة وأوضح أسلوب إلي الجهاد والقتال
والجندية وتقوية وسائل الدفاع والكفاح بكل أنواعها مإن برية
وبحرية وغيرها علي كل الحوال والملبسات .
خَرةِ نآ ال ْ َ
حَياة َ الد ّن َْيا ِبال ِ شُرو َ ن يَ ْ ذي َل اللهِ ال ّ ِ سِبي ِل ِفي َ ) – 4فَل ْي ُ َ
قات ِ ْ
جرا ً َ َ
ف ن ُؤ ِْتيهِ أ ْ
سوْ َ ب فَ َ
ل أوْ ي َغْل ِ ْ ل اللهِ فَي ُ ْ
قت َ ْ سِبي ِ
ل ِفي َ قات ِ ْ ن يُ َ
مإ ْ
وَ َ
ظيما ً( سورة النساء اليات ابتداء مإن , 78 – 71فارجع إليها في عَ ِ
المصحف الكريم لترى كيف يحض الله المسلمين على الحذر ,
ومإمارسة القتال في جيوش او عصابات فرادى كما يقتضيه الحال ,
وكيف يوبخ القاعدين والجبناء والمخلفين والنفعيين ,وكيف يستثير
الهمم لحماية الضعفاء وتخليص المظلومإين ,وكيف يقرنآ القتال
بالصلة والصوم ويبين أنآ مإثلهما مإن أركانآ السلم ,وكيف يفند
شبهات المترددين ويشجع الخائفين أكبر تشجيع على خوض
المعامإع ومإقابلة الموت بصدر رحب وجنانآ جريء ,مإبينا لهم
أنالموت سيدركهم ل مإحالة وأنهم إنآ مإاتوا مإجاهدين فسيعوضونآ
عن الحياة أعظم العوض ول يظلمونآ فتيل مإن نفقة أو تضحية .
– 5سورة النفال كلها حث على القتال وحض على الثبات فيه ,
وبيانآ لكثير مإن احكامإه ,ولهذا اتخذها المسلمونآ الولونآ نشيدا
حربيا يتلونه إذا اشتد الكرب وحمي الوطيس ,وحسبك مإنها قول
ط
ن رَِبا ِ ن قُوّةٍ وَ ِ
مإ ْ مإ ْ
م ِ ست َط َعْت ُ ْ مإا ا ْ م َ دوا ل َهُ ْ ع ّالله تبارك وتعالى ) :وَأ َ ِ
م( إلى قوله تعالى َ) :يا أ َي َّها نآ ب ِهِ ع َد ُوّ اللهِ وَع َد ُوّك ُ ْ ل ت ُْره ُِبو َ خي ْ ِال ْ َ
نآ
صاب ُِرو َ َ نآ
شُرو َع ْم ِ مإن ْك ُ ْ
ن ِ ْ نآ ي َك ُ
ل إِ ْ ِ ن ع ََلى ال ْ ِ
قَتا َ مإِني ض ال ْ ُ
مؤ ْ ِ حّر ِ ي َالن ّب ِ ّ
َ ن كَ َ ّ ً ْ َ
م
فُروا ب ِأن ّهُ ْ ذي َ
ن ال ِ مإ َة ي َغْل ُِبوا ألفا ِ مإائ َ ٌ
م ِ مإن ْك ُ ْ
ن ِ نآ ي َك ُ ْ
ن وَإ ِ ْمإائ َت َي ْ ِ
ي َغْل ُِبوا ِ
نآ( . قُهو َ ف َ م ل يَ ْ قَوْ ٌ
– 6سورة التوبة وكلها كذلك حث على القتال وبيانآ لحكامإه ,
وحسبك مإنها قول الله تبارك وتعالى في قتال المشركين الناكثين :
)َقاتُلوهم يعذ ّبهم الل َ
فش ِ م ع َل َي ْهِ ْ
م وَي َ ْ صْرك ُ ْم وَي َن ْ ُ
خزِه ِ ْ ديك ُ ْ
م وَي ُ ْ ه ب ِأي ْ ِ
ُ ِ ُ ْ َُ ُْ ُ
ن
مإ ْ َ
ه ع َلى َ ب الل ُ م وَي َُتو ُ ُ ُ َ
ب غي ْظ قلوب ِهِ ْ َ ن ,وَي ُذ ْه ِ ْ مإِني َ دوَر قَوْم ٍ ُ
مإؤ ْ ِ ص ُُ
م( . كي ٌح ِم َ ه ع َِلي ٌشاُء َوالل ُيَ َ
محّر َ مإا َ نآ َ مإو َ حّر ُخرِ َول ي ُ َ نآ ِباللهِ َول ِبال ْي َوْم ِ ال ِ مإُنو َ ن ل ي ُؤ ْ ِ ذي َ )َقات ُِلوا ال ّ ِ
ُ
حّتى ب َ ن أوُتوا ال ْك َِتا َ ذي َ ن ال ّ ِمإ َ
حق ّ ِن ال ْ َنآ ِدي َديُنو َ ه َول ي َ ِ سول ُ ُ ه وََر ُ الل ُ
نآ( ,ثم إعلنآ النفير العام في صاِغُرو َ م َ ن ي َد ٍ وَهُ ْ ة عَ ْ جْزي َ َ ْ ُ
ي ُعْطوا ال ِ
قال ً ً
فافا وَث ِ َ خ َفُروا ِ آيات داوية صارخة ختامإها قوله تعالى ) :ان ْ ِ
َ م وَأ َن ْ ُ َ
نآ ك ُن ْت ُ ْ
م م إِ ْ خي ٌْر لك ُ ْ م َ ل اللهِ ذ َل ِك ُ ْ سِبي ِم ِفي َ سك ُ ْف ِ وال ِك ُ ْ مإ َ
دوا ب ِأ ْ جاه ِ ُ وَ َ
نآ( ,ثم تنديد صارخ بموقف القاعدين الجبناء النذال , مو َ َ
ت َعْل ُ
وحرمإانآ لهم مإن شرف الجهاد أبد البدين في قوله تعالى :
ف رسول الله وك َر ُ َ خل ّ ُ
دوا جاه ِ ُ
نآ ي ُ َ هوا أ ْ ِ َ ِ خل َ َ ُ ِ م ِ قعَد ِه ِ ْ م ْنآ ب ِ َفو َ م َ ح ال ْ ُ )فَرِ َ
َ َ
ل َناُر حّر قُ ْ فُروا ِفي ال ْ َ ل اللهِ وََقاُلوا ل ت َن ْ ِ سِبي ِ م ِفي َ سه ِ ْ ف ِ م وَأن ْ ُ وال ِهِ ْ مإ َ
ب ِأ ْ
كوا ك َِثيرا ً كوا قَِليل ً وَل ْي َب ْ ُ ح ُ نآ ,فَل ْي َ ْ
ض َ قُهو َ ف َ كاُنوا ي َ ْ حّرا ً ل َوْ َ شد ّ َ م أَ َ جهَن ّ َ َ
ممإن ْهُ ْ فةٍ ِ َ
ه إ ِلى طائ ِ َ َ جعَك الل َُ نآ َر َ َ
نآ ,فإ ِ ْ سُبو َ ْ
ما كاُنوا ي َك ِ َ جَزاًء ب ِ َ َ
ُ َ ً َ َ َ ْ َ ْ
ي
مإعِ َقات ِلوا َ ن تُ َ ي أَبدا وَل ْ مإعِ َ
جوا َ خُر ُ ن تَ ْ قل ل ْ ْ جف ُ خُرو ِ ست َأذ َُنوك ل ِل ُ َفا ْ
مإعَ ال ْ َ َ م ِبال ْ ُ
ن( اليات . في َ خال ِ ِ دوا َ مإّرةٍ َفاقْعُ ُ ل َ قُعود ِ أوّ َ ضيت ُ ْم َر ِ ع َد ُوّا ً إ ِن ّك ُ ْ
ثم إشادة بموقف المجاهدين وعلى راسهم سيدهم الكريم صلى
الله عليه وسلم وبيانآ أنآ هذه هي مإهمته المطهرة وسنة أصحابه
همإعَ ُ
مإُنوا َنآ َ ذي َ ل َوال ّ ِسو ُن الّر ُ َ
تعالى ) :لك ِ ِ الغر الميامإين في قوله
م َ ُ
ت وَأولئ ِ َ ْ َ َ ُ
م وَأولئ ِ َ م وَأ َن ْ ُ َ
ك هُ ُ خي َْرا ُ
م ال َك لهُ ُ سه ِ ْ
ف ِ وال ِهِ ْ مإ َ
دوا ب ِأ ْ جاهَ ُ َ
ن ِفيَها َ َ َ ْ
دي َ
خال ِ ِحت َِها الن َْهاُر َ ن تَ ْمإ ْ
ري ِ ج ِ ت تَ ْ جّنا ٍ
م َه لهُ ْ نآ ,أع َد ّ الل ُ حو َ فل ِ ُم ْال ُ
م( . ظي ُ ْ
فوُْز العَ ِ ْ
ك ال َ ذ َل ِ َ
ثم بيعة بعد ذلك جامإعة مإانعة ل تدع عذرا لمعتذر في قوله تعالى :
َ َ ن أ َن ْ ُ
ة م ال ْ َ
جن ّ َ نآ ل َهُ ُ وال َهُ ْ
م ب ِأ ّ مإ َ
م وَأ ْ
سه ُ ْ
ف َ مإِني َ ن ال ْ ُ
مؤ ْ ِ مإ َ ها ْ
شت ََرى ِ نآ الل َ
)إ ِ ّ
قا ً ِفي الت ّوَْراةِ عدا ً ع َل َي ْهِ َ
ح ّ قت َُلو َ
نآ وَ ْ قت ُُلو َ
نآ وَي ُ ْ ل اللهِ فَي َ ْ
سِبي ِ
نآ ِفي َ قات ُِلو َ يُ َ
ُ َ ْ
مشُروا ب ِب َي ْعِك ُ ن اللهِ َفا ْ
ست َب ْ ِ ن أوَْفى ب ِعَهْد ِهِ ِ
مإ َ مإ ْ
نآ وَ َ
قْرآ ِ
ل َوال ُ جي ِ َوال ِن ْ ِ
م( . ظي ُ ْ
فوُْز العَ ِ ْ َ
م ب ِهِ وَذ َل ِك هُوَ ال َذي َباي َعْت ُ ْ ال ّ ِ
– 7سورة القتال ,وتصور سورة بأكملها تسمى سورة القتال في
كتاب الله الحكيم ,وأنآ أساس الروح العسكرية كما يقولونآ أمإرانآ
:الطاعة والنظام ,وقد جمع الله هذا الساس في آيتين مإن كتابه ,
فأمإا الطاعة ففي هذه السورة في قوله تعالى :
ل ال ّذين آمإنوا ل َول نزل َت سورة ٌ فَإ َ ُ
ة
م ٌحك َ َمإ ْ سوَرة ٌ ُت ُ ذا أن ْزِل َ ْ ِ ْ ُّ ْ ُ َ قو ُ ِ َ َ ُ )وَي َ ُ
ك ن َظ ََر نآ إ ِل َي ْ َ َ
ض ي َن ْظ ُُرو َ
مإَر ٌ م َ ن ِفي قُُلوب ِهِ ْ ذي َ َت ال ّ ِ
ل َرأي ْ َ وَذ ُك َِر ِفيَها ال ْ ِ
قَتا ُ
ف فَإ ِ َ
ذا مإعُْرو ٌ ل َة وَقَوْ ٌ طاع َ ٌ مَ , ت فَأوَْلى ل َهُ ْ موْ ِ ن ال ْ َ ي ع َل َي ْهِ ِ
مإ َ ش ّمغْ ِ ال ْ َ
َ
م( خْيرا ً ل َهُ ْنآ َ ه لَ َ
كا َ صد َُقوا الل َ مإُر فَل َوْ َ م ال ْ ع ََز َ
ب
ح ّ
ه يُ ِ
نآ الل َ
وأمإا النظام ففي سورة الصف في قوله تعالى ) :إ ِ ّ
َ
صا( .صو ٌ مإْر ُ
نآ َ فا ً ك َأن ّهُ ْ
م ب ُن َْيا ٌ ص ّ
سِبيل ِهِ َ قات ُِلو َ
نآ ِفي َ ن يُ َ ال ّ ِ
ذي َ
– 8سورة الفتح ,وهي أيضا كلها في غزوة مإن غزوات رسول الله
صلى الله عليه وسلم ,وفي الشادة بموقف رائع مإن مإواقف
الجهاد العزيز ,تحت ظل الشجرة المباركة ,حتى أعطيت بيعة
الثبات والموت ,فاثمرت السكينة السكينة والفتح فذلك قوله
جَرةِ
ش َت ال ّ ح َ ن إ ِذ ْ ي َُباي ُِعون َ َ
ك تَ ْ مؤ ْ ِ
مإِني َ ن ال ْ ُ
ِ ه عَي الل ُ ض َ قد ْ َر ِ تعالى ) :ل َ َ
ريبا ً( . َ َ
م فَْتحا ً قَ ِم وَأَثاب َهُ ْ ة ع َل َي ْهِ ْ
كين َ َ
س ِ ل ال ّ م فَأن َْز َمإا ِفي قُُلوب ِهِ ْ فَعَل ِ َ
م َ
هذا يااخي بعض المواضع التي ورد فيها ذكر الجهاد ,وبيانآ فضله
وحث المؤمإنين عليه وتبشير أهله بالثواب الجزيل والجزاء الجميل
,وكتاب الله مإملوء بمثلها فتصفحه وتدبر مإا جاء فيه مإن هذا الباب
,تر العجب العجيب ,وتدهش لغفلة المسلمين عن اغتنام هذا
الثواب .
- 30عن أبي عمرانآ قال :كنا بمدينة الروم فأخرجوا الينا صفا
عظيما مإن الروم فخرج اليهم مإن المسلمين مإثلهم أو أكثر،
وعلى أهل مإصر عقبة بن عامإر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد
فحمل رجل مإن المسلمين على صف مإن الروم حتى دخل عليهم
فصاح الناس وقالوا سبحانآ الله يلقي بيده إلى التهلكة ،فقام أبو
أيوب النصاري فقال :ياأيها الناس إنكم لتأولونآ هذه الية هذا
التأويل؛ وانما نزلت هذه الية فينا مإعشر النصار لما أعز الله
السلم وكثر ناصروه .فقال بعضنا لبعض سرا دونآ رسول الله
صلى الله عليه وسلم :إنآ أمإوالنا قد ضاعت وانآ الله قد أعز
السلم وكثر ناصروه فلو أقمنا في أمإوالنا فأصلحنا مإا ضاع مإنها،
فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد علينا
مإاقلنا )وأنفقوا في سبيل الله ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة(
فكانت التهلكة القامإة على المإوال واصلحها وتركنا الغزو .فما
زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم .
رواه الترمإذي
ولحظ يا أخي أنآ أبا أيوب حين يقول هذا كانآ في سن كبيرة قد
جاوزت الشباب والكهولة ,ومإع هذا فقلبه وروحه و إيمانه مإثال
للفتوة القوية بتأييد الله وعزة السلم .
- 31وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال ) :مإن مإات ولم يغز ،ولم يحدث به نفسه ،
مإات على شعبة مإن النفاق( .رواه مإسلم وأبو داود ونظائره كثيرة
.
كذلك وفي تفصيل أحكام القتال ,أكثر مإن أنآ يحيط به مإجلد كبير ,
وندلك على كتاب )العبرة فيما ورد عن الله ورسوله في الغزو
والجهاد والهجرة( للسيد حسن صديق خانآ وهو خاصا بذلك البحث
,وكتاب )مإشارع الشواق إلى مإصارع العشاق مإثير الغرام إلى دار
السلم( ومإا جاء في كتب الحديث كلها في باب الجهاد ترى الكثير
الطيب .
وفي كتاب البحر ) :امإرأة مإسلمة سبيت بالشرق وجب علي أهل
المغرب تخليصها مإا لم تدخل حصونهم وحرزهم (.
والثاني -يدخلونآ بلدة لنا فيلزم أهلها الدفع بالممكن وإنآ أمإكن
تأهب لقتال وجب الممكن حتى علي فقير وولد ومإدين وعبد بل
إذنآ(.
ب ـ إذا نزل الكفار ببلدة تعين علي أهله قتالهم ودفعهم .
قال أبو عبد الله )يعني المإام بن حنبل( ل أعلم شيئا ً مإن العمل بعد
الفرائض أفضل مإن الجهاد ،وغزوة البحر أفضل مإن غزوة البر .
قال أنس بن مإالك ) : eنام رسول الله eثم استيقظ وهو يضحك ،
قالت أم حرام :فقلت :مإا يضحكك يا رسول الله ؟ قال ) :ناس
مإن أمإتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ،يركبونآ ثبج هذا البحر
مإلوكا ً علي السرة أو مإثل الملوك علي السرة ( مإتفق عليه ،ومإن
تمام الحديث أنآ أم حرام سألت النبي eأنآ يدعو الله لها لتكونآ مإن
هؤلء فدعا لها ،فعمرت حتى ركبت البحر في أسطول المسلمين
الذي فتح جزيرة قبرصا ومإاتت بها ودفنت فيها ،وهناك مإسجد
ومإشهد ينسب إليها رحمها الله ورضي الله عنها(.
فها أنت ذا تري مإن ذلك كله كيف اجمع أهل العلم مإجتهدين
ومإقلدين ،سلفيين وخلفيين ،علي أنآ الجهاد فرض كفاية علي
المإة السلمإية ،لنشر الدعوة ،وفرض عين لدفع هجوم الكفار
عليها .
ولعل مإن تمام هذا البحث أنآ أذكر لك أنآ المسلمين في أي عصر
مإن عصورهم ،قبل هذا العصر المظلم الذي مإاتت فيه نخوتهم ،لم
يتركوا الجهاد ولم يفرطوا فيه حتى علمائهم والمتصوفة مإنهم
والمحترفونآ وغيرهم ،فكانوا جميعا ً علي أهبة الستعداد ،كانآ عبد
الله بن المبارك الفقيه الزاهد مإتطوعا ً في أكثر أوقاته بالجهاد ،
وكانآ عبد الواحد بن زيد الصوفي الزاهد كذلك ،وكانآ شقيق
البلخي شيخ الصوفية في وقتها يحمل نفسه وتلمإذته علي الجهاد .
وعن شداد بن الهادي رضي الله عنه :أنآ رجل ً مإن العراب جاء
فآَمإن بالنبي صلى الله عليه وسلم ،فكانت غزاة غنم فيها النبي
صلى الله علية وسلم شيئا فقسم وقسم له .فقال :مإا هذا :
فقال ) :قسمته لك( .فقال :مإا على هذا اتبعتك ،ولكنى اتبعتك
على إنآ أرمإى إلى ههنا ـ وأشار بيده حلقه ـ بسهم فأمإوت فادخل
الجنة .قال ) :إنآ تصدق الله يصدقك( .فلبثوا قليل ثم نهضوا في
قتال العدو فأتى به النبي مإحمول قد أصابه سهم حيث اشار ،فقال
النبي صلى الله عليه وسلم :اهو هو ؟ قالوا :نعم .قال )صدق
الله فصدقه( ,ثم كفن في جبه النبي صلى الله عليه وسلم ثم
قدمإه فصلى عليه .فكن مإما ظهر مإن صلته ) :اللهم هذا عبدك
خرج مإا مإهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا شهيد على ذلك(.
أخرجه أبو داود .
وعن أبي هريرة ) eأنآ رجل ً قال :يا رسول الله رجل يريد الجهاد
في سبيل الله وهو يبتغي عرضا ً مإن الدنيا فقال ) :ل أجر له( .
فأعادها عليه ثلثا ً كل ذلك يقول ) :ل أجر له( أخرجه أبو داود .
وعن أبي مإوسى eقال ) :سئل رسول الله eعن الرجل يقاتل
شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟
قال ) :مإن قاتل لتكونآ كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله(
أخرجه الخمسة .
وأنت إذا قرأت وقائع الصحابة رضوانآ الله عليهم ومإسالكهم في
البلد التي فتحوها ،رأيت مإبلغ عزوفهم عن المطامإع والهواء
وانصرافهم لغايتهم الساسية الصلية ،وهي إرشاد الخلق إلي
الحق حتى تكونآ كلمة الله هي العليا ورأيت مإبلغ الخطأ في
اتهامإهم رضوانآ الله عليهم بأنهم إنما كانوا يريدونآ الغلب علي
الشعوب والستبداد بالمإم والحصول علي الرزاق .
عن بريدة رضى الله عنه قال ) :كانآ لرسول الله صلى الله عليه و
سلم إذا أمإر المإير على جيش أو سريره أوصاه في خاصاته بتقوى
الله تعالى ومإن مإعه مإن المسلمين خيرا ثم قال) :اغزوا بسم الله
في سبيل الله ،قاتلوا مإن كفر بالله ،أغزوا ولتغلوا ول تغدروا ول
تمثلوا ول تقتلوا وليدا( رواه مإسلم .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ) :إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه( أخرجه الشيخانآ .
وعن ابن مإسعود رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ) :أعف الناس قتلة أهل اليمانآ( أخرجه أبو داود .
وعن عبد الله بن يزيد النصاري رضى الله عنه قال ):نهى رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن النهب و المثله ( أخرجه البخاري .
خـاتمـة
أيهـا الخـوة :
إنآ المإة التي تحسن صناعة الموت ،وتعرف كيف تموت الموتة
الشريفة ،يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في
الخرة ,ومإا الوهن الذي أذلنا أل حب الدنيا وكراهية الموت ،
فاعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم
الحياة .
واعلموا أنآ الموت لبد مإنه وأنه ل يكونآ إل مإرة واحدة ،فانآ
جعلتموها فى سبيل الله كانآ ذلك ربح الدنيا وثواب الخرة ،ومإا
يصيبكم إل مإا كتب الله لكم ،و تدبروا جيدا ً قول الله تبارك وتعالى
شى َ ة ن َُعاسا ً ي َغْ َ ل ع َل َيك ُم مإن بعد ال ْغَ َ م أ َن َْز َ
ممإن ْك ُ ْ
ة ِ ف ً
طائ ِ َ مإن َ ً
مأ َّ ْ ْ ِ ْ َْ ِ ) :ث ُ ّ
َ َ
جاه ِل ِي ّةِن ال ْ َحق ّ ظ َ ّ
نآ ِباللهِ غ َي َْر ال ْ َ م ي َظ ُّنو َ
سهُ ْف ُ
م أن ْ ُ ة قَد ْ أهَ ّ
مت ْهُ ْ ف ٌ وَ َ
طائ ِ َ
لإ ّ َ َ
نآ ِفي فو َ خ ُه للهِ ي ُ ْ مإَر ك ُل ّ ُنآ ال ْ ِ يٍء قُ ْ ش ْ ن َ مإ ْ
مإرِ ِ ن ال ْ مإ َ ل ل ََنا ِ نآ هَ ْ قوُلو َ يَ ُ
ْ
مإا قُت ِلَنايٌء َ ش ْ مإرِ َ َ
ن ال ْ مإ َنآ لَنا َِ َ
نآ لوْ كا َ َ قولو َُ َ
نآ لك ي َ ُ َ دو َ مإا ل ي ُب ْ ُ م َ سهِ ْ ف ِأ َن ْ ُ
ل إ َِلىقت ْ ُم ال ْ َ
ب ع َل َي ْهِ ُ ن ك ُت ِ َ ذي َ م ل َب ََرَز ال ّ ِ م ِفي ب ُُيوت ِك ُ ْ ل ل َوْ ك ُن ْت ُ ْ هاهَُنا قُ ْ َ
م ُ ُ
مإا ِفي قُلوب ِك ْ ص َ ح َم ّ م وَل ِي ُ َ ُ
دورِك ْ ص ُ مإا ِفي ُ ه َ ي الل ُ م وَل ِي َب ْت َل ِ َ جعِهِ ْ ضا ِ مإ َ َ
دورِ( )آل عمرانآ. (154: ص ُ ّ ال تِ ذاَ ب
ٌ ِ م لي
ِ َ ع ه
َ ُوالل
حسـن البنــا
الرواية والسناد
مإا السناد؟ ..ومإا المتن؟
تقرأ الحديث الشريف فيطالعك أول مإا يطالعك "السند" وهو :سلسلة
الرواة الذين نقل عنهم هذا الحديث مإن لدنآ رسول الله إلى أنآ انتهى
إلى أحد الحفاظ المشهورين كمالك أو البخاري أو مإسلم رضي الله
عنهم.
والسناد :رفع الحديث إلى قائله.
وقال ابن جماعة :المحدثونآ يستعملونآ السند والسناد لشيء واحد .
وأمإا المتن :فهو ألفاظ الحديث نفسها .
ومإعرفة السند هي الساس عند المحدثين في الحكم على درجة
الحديث إذ إنآ عماد الصحة أو الضعف عندهم درجة الرازي مإن الصدق ،
ودرجة روايته مإن الوضوح والثقة .
ولهذا كانت عنايتهم بالسانيد عظيمة ،نشأ عنها علم مإصطلح الحديث
بلواحقه مإن علم الرجال والنساب والكنى والسماء والجرح والتعديل .
السناد مإن خصائص المإة السلمإية:
ولم يؤثر عن أمإة مإن المإم العناية برواة أخبارها وكتبها ،ومإأثورات
أنبيائها كما عرف ذلك عن هذه المإة السلمإية التي عنيت بهذه الناحية
أتم العناية ،حتى إنآ اهتمامإها بالسانيد والرواة لم يقف عند حد العلوم
الشرعية ،بل تعداها إلى العلوم الدبية والخبار التاريخية وغيرها ،وإنآ
كانآ في الحديث النبوي ومإا إليه أدق وأوضح .
قال أبوعلي الجياني ) :خص الله تعالى هذه المإة بثلثة أشياء لم يعطها
مإن قبلها :السناد ،والنساب ،والعراب(.
وقال ابن حزم :
)نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي "صلى الله عليه وسلم" مإع التصال
خص الله به المسلمين دونآ سائر الملل ،وأمإا مإع الرسال والعضال
فيوجد في كثير مإن اليهود ،ولكن ل يقربونآ فيه مإن مإوسى قربنا مإن
مإحمد "صلى الله عليه وسلم" ،بل يقفونآ بحيث يكونآ بينهم وبين
مإوسى أكثر مإن ثلثين عصرا ..ول يمكن أنآ يبلغوا إلى صاحب نبي ول
إلى تابع له(.
وقد أثر عن السلف في الحث على العناية بالسناد أقوال كثيرة :
قال ابن المبارك) : .السناد مإن الدين ،لول السناد لقال مإن شاء مإا
يشاء(.
دث الزهري يومإا بحديث فقلت :هاته بل وقال سفيانآ بن عيينة ) :ح ّ
إسناد ،فقال الزهري :أترقى السطح بل سلم ؟(.
وقال الثوري ) :السناد سلح المؤمإن(.
وقال أحمد بن حنبل ) :طلب السناد العالي سنة عن السلف ؟ لنآ
أصحاب عبد الله كانوا يرحلونآ مإن الكوفة إلى المدينة فيتعلمونآ مإن
عمر ويسمعونآ مإنه(.
وقال مإحمد بن أسلم الطوسي ) :قرب السناد قرب أو قربة إلى الله
تعالى(.
وقال مإحمد بن سيرين ) :إنآ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونآ
دينكم( ..وقال) :لم يكونوا يسألونآ عن السناد ،فلما وقعت الفتنة
قالوا سموا لنا رجالكم ،فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ،وينظر
إلى أهل البدع فل يؤخذ حديثهم(.
وحكى الوزاعي عن سليمانآ بن مإوسى قال) :لقيت طاووسا فقلت:
حدثني فلنآ كيت وكيت قال :إنآ كانآ صاحبك " "....فخذ عنه( .
أنواع التحمل ودرجاته:
وكما كانوا يتحرونآ حال الراوي كانوا يعنونآ كذلك بالطريقة التي تلقى
بها عن شيخه .
وطرق التلقي تختلف في السلوب وفى الرتبة .ومإنها :
- 1السماع مإن لفظ الشيخ إمإلء مإن حفظه ،أو تحديثا مإن كتابه .
- 2قراءة الطالب على الشيخ .
- 3سماع الطالب على الشيخ بقراءة غيره.
- 4المناولة مإع الجازة كأنآ يدفع له الشيخ أصل سماعه ،أو فرعا
مإقابل به ويقول له :أجزت لك روايته عنى .
- 5الجازة المجردة عن المناولة ،ولها أنواع كثيرة مإفصلة في كتب
الفن.
- 6المناولة مإن غير إجازة بأنآ يناوله الكتاب مإقتصرا على قوله هذا
سماع ول يقول اروه عني ،ول أجزت لك روايته.
قيل :تجوز الرواية بهذه المناولة ..والصحيح عندهم عدم الجواز .
ومإثلها:
- 7العلم :كأنآ يقول :هذا الكتاب مإن مإسموعاتي مإن غير أنآ يأذنآ له
في روايته عنه.
- 8الوصية :كأنآ يوصى بكتاب عند سفره أو مإوته ..والرجح عدم جواز
الرواية به .
- 9الوجادة :كأنآ يجد حديثا أو كتابا بخط شيخ مإعروف ل يرويه الواحد
عنه بسماع ول إجازة فله أنآ يقول :وجدت أو قرأت بخط فلنآ.
وفى مإسند المإام أحمد كثير مإن ذلك مإن رواية ابنه عنه.
قال النووي) :وأمإا بالوجادة فعن المعظم أنه ل يجوز وقطع البعض
بوجوب العمل بها عند حصول الثقة (..قال ) :وهذا هو الصحيح الذي ل
يتجه في هذه الزمإانآ غيره(.
أقدم إجازتين مإأثورتين :
ا -إجازة أبي خيثمة لزكريا بن يحيى :
جاء في شرح ألفية العراقي نقل عن المإام أبي الحسن مإحمد بن أبي
الحسين بن الوزانآ قال ) :ألفيت بخط أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير
بن حرب الحافظ الشهير صاحب يحيى بن مإعين وصاحب التاريخ مإا
مإثاله" :قد أجزت لبى زكريا يحيى بن مإسلمة أنآ يروي عنى مإا أحب
مإن كتاب التاريخ الذي سمعه مإني أبو مإحمد القاسم بن الصبح ومإحمد
بن عبد العلى كما سمعاه مإنى ،وأذنت له في ذلك ولمن أحب مإن
أصحابه ،فإنآ أحب أنآ تكونآ الجازة لحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك
بكتابي هذا" وكتب أحمد بن خيثمة بيده في شوال سنة ست وسبعين
ومإائتين(.
- 2إجازة حفيد بن شيبة للخلل
وكذلك أجاز حفيد يعقوب بن شيبة وهذه نسختها فيما حكاه الخطيب:
يقول مإحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ) :قد أجزت لعمر بن أحمد
الخلل وابنه عبد الرحمن بن عمر ولختنه على بن الحسن جميع مإا فاته
مإن حديثي مإما لم يدرك سماعه مإن المسند وغيره ،وقد أجزت ذلك
لمن أحب عمر ،فليرووه عنى إنآ شاءوا .وكتبت لهم ذلك بخطى في
صفر سنة اثنتين وثلثين وثلثمائة(.
دقة التحري وسعة مإعرفة أئمة الفن بأحوال الرواة:
وإنآ مإا أثر عن أئمة رواية الحديث في دقة تحريهم عن أقوال الرواة
وسعة مإعرفتهم بكل مإا يتصل بهم مإن شئونآ خاصة أو عامإة لمما يقضي
مإنه العجب.
ولقد كانوا يتحرجونآ مإن الرواية حتى عن الثقات لتوهم الشبهة في
بعض تصرفاتهم المتصلة بالرواية.
ول تثبت صفة التقدم والحفظ لحد مإن رجال الحديث حتى يكونآ قد
حفظ مإتن الحديث وألفاظه وسنده حفظا تامإا ،ثم ألم بمعرفة رجاله
وأحوالهم فردا فردا ،ثم أضاف إلى ذلك العلم بطرق روايته المختلفة .
وهذا المإام مإسلم بن الحجاج يحدثنا في مإقدمإة صحيحه عن شيء مإن
هذا فيقول شارحا مإنهاجه في الرواية :
)ثم إنا إنآ شاء الله مإبتدئونآ في تخرج مإا سألت وتأليفه على شريطة
سوف أذكرها لك وهو :
أنا نعمد إلى جملة مإا أسند مإن الخبار عن رسول الله "صلىالله عليه
وسلم" ,فنقسمها على ثلثة أقسام وثلث طبقات مإن الناس ,فأمإا
القسم الول :فإنا نتوخى أنآ نقدم الخبار التي هي أسلم مإن العيوب
مإن غيرها ،وأنقى مإن أنآ يكونآ ناقلوها أهل استقامإة في الحديث
وإتقانآ لما نقلوا .
فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف مإن الناس أتبعناها أخبارا يقع في
أسانيدها بعض مإن ليس بالموصوف بالحفظ والتقانآ كالصنف المقدم
قبلهم ،على أنهم وإنآ كانوا فيما وصفنا دونهم فإنآ اسم الستر والصدق
وتعاطى العلم يشملهم :كعطاء بن السائب ،ويزيد بن أبي زياد ،وليث
بن أبي سليم وأضرابهم مإن حمال الثار ونقال الخبار .فهم وإنآ كانوا
بما وصفنا مإن العلم والستر عند أهل العلم مإعروفين ،فغيرهم مإن
أقرانهم مإمن عندهم مإا ذكرنا مإن التقانآ والستقامإة في الرواية
يفضلونهم في الحال والمرتبة ،لنآ هذا عند أهل العلم درجة رفيعة ،
وخصلة سنيه ,أل ترى أنك إذا وازنت هؤلء الثلثة الذين سميناهم :
عطاء ،ويزيد ،وليثا بمنصور بن المعتمر ،وسليمانآ العمش ،
وإسماعيل بن أبى خالد في إتقانآ الحديث والستقامإة فيه وجدتهم
مإباينين لهم ل يدانونهم ،ل شك عند أهل العلم بالحديث في ذلك للذي
استفاض عندهم مإن صحة حفظ مإنصور والعمش وإسماعيل وإتقانهم
لحديثهم ،وأنهم لم يعرفوا مإثل ذلك مإن عطاء ويزيد وليث.
وفي مإثل مإجرى هؤلء إذا وازنت بين القرانآ كابن عونآ ،وأيوب
السختياني مإع عوف بن أبي جميلة وأشعث الحراني وهما صاحبا الحسن
وابن سيرين ،كما أنآ ابن عونآ وأيوب صاحباهما إل أنآ البونآ بينهما وبين
هذين بعيد في كمال الفضل ,وصحة النقل ,وإنآ كانآ عوف وأشعث
غير مإدفوعين عن صدق وأمإانة عند أهل العلم..
فعلى نحو مإا ذكرنا مإن الوجوه نؤلف مإا سألت مإن الخبار عن رسول
الله "صلى الله عليه سلم".
فأمإا مإا كانآ مإنها عن قوم هم عند أهل الحديث مإتهمونآ أو عند الكثر
مإنهم ،فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مإسور أبي جعفر
المدائني ،وعمرو بن خالد ،وعبد القدوس الشامإي ،ومإحمد بن سعيد
المصلوب ،وغياث بن إبراهيم ،وسليمانآ بن عمرو أبي داود النخعي ،
وأشباههم مإمن اتهم بوضع الحاديث ،وتوليد الخبار ,وكذلك مإن
الغالب على حديثه المنكر أو الغلط ،أمإسكنا أيضا عن حديثهم(.
ـ ومإن أمإثلة التورع في الرواية حتى عن الثقات مإا رواه مإسلم بعد ذلك
عن أبي الزناد عن أبيه قال) :أدركت بالمدينة مإائة كلهم مإأمإونآ مإا يؤخذ
عنهم الحديث ،يقال :ليس مإن أهله(.
وإذا رجعت إلى كتب الرجال والعلل والجرح والتعديل أدهشك مإا ترى
مإن ذلك .
جودة الحفظ وسرعته ودقته وكثرته :
ولقد اشتهر الكثير مإن أئمة الحديث بسرعة الحفظ وجودته ،ودقته
وكثرته حتى كانوا أعاجيب الدنيا في هذه المعاني.
ومإنهم أبو عبد الله مإحمد بن إسماعيل البخاري الذي روي عنة في ذلك
الغرائب المدهشة مإنذ كانآ غلمإا حتى لقي ربه.
ولقد حدث عن نفسه فيما رواه الفريري :
)قال :ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب".
قلت :وكم أتى عليك إذ ذاك؟.
فقال :عشر سنين أو أقل ,ثم خرجت مإن الكتاب فجعلت أختلف إلى
الداخلي وغيره فقال يومإا فيما كانآ يقرأ للناس :سفيانآ عن أبى الزبير
عن إبراهيم .فقلت :إنآ أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم ..فانتهرني .
فقلت له :ارجع إلى الصل إنآ كانآ عندك .
فدخل فنظر فيه ثم رجع فقال :كيف هو يا غلم ؟
فقلت :هو الزبير وهو ابن عدى عن إبراهيم.
فأخذ القلم وأصلح كتابه وقال لي :صدقت.
فقال له إنسانآ :ابن كم حين رددت عليه؟
فقال :ابن إحدى عشرة سنة.
قال :فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع
.وعرفت كلم هؤلء ـ يعنى أصحاب الرأي(.
وقال حامإد بن إسماعيل وآخر) :كانآ البخاري يختلف مإعنا إلى السماع
وهو غلم ،فل يكتب ،حتى أتى على ذلك أيام فكنا نقول له .فقال :
إنكما قد أكثرتما علي فاعرضا علي مإا كتبتما ،فأخرجنا إليه مإا كانآ عندنا
،فزاد على خمسة عشرة ألف حديث ،فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى
جعلنا نحكم كتبنا مإن حفظه .ثم قال :أترونآ أني أختلف هدرا وأضيع
أيامإي؟ فعرفنا أنه ل يتقدمإه أحد(.
وقال مإحمد بن أبي حاتم :سمعت سليم بن مإجاهد يقول ) :كنت عند
مإحمد بن سلم البيكندي فقال لي :لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ
سبعين ألف حديث .قال :فخرجت في طلبه فلقيته ،فقلت :أنت الذي
تقول :أنا أحفظ سبعين ألف حديث؟
فقال :نعم وأكثر ،ول أجيئك بحديث عن الصحابة أو التابعين إل عرفت
مإولد أكثرهم ووفاتهم ومإساكنهم.
ولست أروي حديثا مإن حديث الصحابة أو التابعين إل ولي في ذلك أصل
أحفظه حفظا مإن كتاب الله أو سنة رسول الله "صلى الله عليه
وسلم"(.
ومإن ذلك الحادثة المشهورة التي يرويها ابن عدي فيقول :
)سمعت عدة مإشايخ يحكونآ أنآ البخاري قدم بغداد ،فاجتمع أصحاب
الحديث ،فعمدوا إلى مإائة حديث فقلبوا مإتونها وأسانيدها ،وجعلوا مإتن
هذا لسناد هذا ،وإسناد هذا لمتن هذا " ودفعوا إلى كل واحد عشرة
أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس ،فاجتمع الناس ،وانتدب
أحدهم ،فقام وسأله عن حديث .فقال :أل أعرفه .فسأله عن آخر.
فقال :ل أعرفه .حتى فرغ مإن العشرة .وفعل مإثل ذلك مإع مإن بقي مإن
المشايخ ،ل يزيدهم على قوله :ل أعرفه.
حتى إذا فرغوا ،التفت إلى الول فقال :أمإا حديثك الول فإسناده كذا
وكذا ،والثاني كذا وكذا ،والثالث إلى آخر العشرة ،فرد ّ كل مإتن إلى
إسناده .وفعل بالثاني مإثل ذلك إلى أنآ فرغ ..فأقر له الناس بالحفظ
والتقدم(.
اختلف درجات الحديث باختلف مإراتب الرواة:
وبهذا الختلف في درجات الرواة ،وقوة السانيد ،اختلفت مإراتب
الحديث ،وقوة الحتجاج بها ،ووضع لكل مإنها اسم ووصف يكشف عن
درجته.
فالصحيح ،والحسن ،والضعيف ،ومإا إلى ذلك مإن أوصاف وألقاب
للحاديث ،إنما مإرده وأصله هذا الختلف في طبقات الرواة.
ونرجو أنآ نوفق في الكلمة التالية إلى التعرض لهذه الناحية بالذات حتى
نضع بين يدي القراء الكرام مإن الذين لم يتصلوا بهذه الدراسات خلصة
مإوجزة واضحة لترجمة هذه الصطلحات ليسهل عليهم التصال بهذه
الكتب والفنونآ إذا وجدوا الوقت والرغبة.
لواحـــق
- 1هل توجب صحة الحديث القطع به؟
للعلماء في هذه المسألة ثلثة أقوال:
أ -الوجوب مإطلقا .وقد ذهب إلى ذلك ابن طاهر المقدسي .
ب -عدم الوجوب لجواز الخطإ والنسيانآ على الثقة ,وعزاه النووي في
التقريب للكثرين والمحققين ،وأنهم قالوا :إنه يفيد الظن مإا لم يتواتر.
قال في شرح مإسلم) :أنآ ذلك شأنآ الحاد ،ول فرق في ذلك بين
الشيخين وغيرهما ,وتلقى المإة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما
فيهما مإن غير توقف على النظر فيه ،بخلف غيرهما ،فل يعمل به حتى
ينظر فيه ،ويوجد فيه شروط الصحيح ,ول يلزم مإن إجماع المإة على
العمل بما فيهما القطع بأنه كلم النبي "صلى الله عليه وسلم"(.
جـ -تخصيص الوجوب بما رواه الشيخانآ أو أحدهما ,وهو اختيار ابن
الصلح .وأضاف إليه ابن حجر المشهور المسلسل بالئمة.
قال أبو إسحاق السفراييني :أهل الصنعة مإجمعونآ على أنآ الخبار التي
اشتمل عليها الصحيحانآ مإقطوع بصحة أصولها ومإتونها ،ول يحصل
الخلف فيها بحال ،وإنآ حصل فذلك خلف في طرقها ورواتها.
قال :فمن خالف حكمه خبرا مإنها ,وليس له تأويل سائغ للخبر ،نقضنا
حكمه لنآ هذه الخبار تلقتها المإة بالقبول.
واستثنى ابن الصلح مإن المقطوع بصحته في الصحيحين مإا تكلم فيه
مإن أحاديثها.
وقال ابن حجر في شرح النخبة) :الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم
خلفا لمن أبى ذاك(.
قال ) :وهو أنواع :مإنها مإا أخرجه الشيخانآ في صحيحيهما مإما لم يبلغ
التواتر ،فإنه احتف به قرائن مإنها :
ـ جللتهما في هذا الشأنآ ،وتقدمإهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
ـ وتلقى العلماء لكتابيهما بالقبول ,وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة
العلم مإن مإجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر.
إل أنآ هذا مإختص بما لم ينتقده أحد مإن الحفاظ ,وبما لم يقع التجاذب
بين مإدلوليه حيث ل ترجيح ،لستحالة أنآ يفيد المتناقضانآ العلم
بصدقهما مإن غير ترجيح لحدهما على الخر ,ومإا عدا ذلك فالجماع
حاصل على تسليم صحته(.
- 2وإذا صح الحديث فقد وجب العمل به ،وإنآ لم يخرجه الشيخانآ ،ول
يترك العمل به لرأي ول تقليد إمإام ول يوهم إجماع.
قال ابن القيم في إعلم الموقعين:
)والذي ندين الله عليه ،ول يسعنا غيره ،أنآ الحديث إذا صح عن رسول
الله "صلى الله عليه وسلم" ،ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه ،أنآ
الفرض علينا وعلى المإة الخذ بحديثه ،وترك مإا خالفه ،ول نتركه
لخلف أحد مإن الناس ،كائنا مإن كانآ ،ل راويه ول غيره.
إذ مإن الممكن أنآ ينسى الراوي الحديث ،ول يحضره وقت الفتيا ،أو
يفطن لدللته على تلك المسألة ،أو يتأول فيه تأويل مإرجوحا ،أو يكونآ
في ظنه مإا يعارضه ول يكونآ مإعارضا في نفس المإر ،أو يقلد غيره في
فتواه بخلفه لعتقاده أنه أعلم مإنه ،وأنه إنما خالفه لما هو أقوى مإنه.
ولو قدر انتفاء ذلك كله ـ ول سبيل إلى العلم بانتفائه ول ظنه ـ لم يكن
الراوي مإعصومإا ولم توجب مإخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب
سيئاته حسناته ،وبخلف هذا الحديث الواحد ل يحصل له ذلك ...
كانآ المإام أحمد إذا وجد النص أفتى بموجبه ،ولم يلتفت إلى مإا خالفه ،
ول مإن خالفه كائنا مإن كانآ ،ولذا لم يلتفت إلى خلف عمر رضي الله
عنه في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس ،ول إلى خلفه في التيمم
للجنب لحديث عمار ..وهذا كثير جدا ,ولم يكن يقدم على الحديث
الصحيح عمل ول رأيا ول قياسا ,ول قول صاحب ،ول عدم علمه
بالمخالف الذي يسميه كثير مإن الناس إجماعا ،ويقدمإونه على الحديث
الصحيح(.
ـ وقال الشعراني في الميزانآ:
)فإنآ قلت :فما أصنع في الحاديث التي صحت بعد مإوت إمإامإي ولم
يأخذ بها؟..
فالجواب :ينبغي لك أنآ تعمل بها ،فإنآ إمإامإك إنآ ظفر بها ،وصحت
عنده لربما كانآ أمإرك بها .فإنآ ،الئمة كلهم أسرى في يد الشريعة ,
ومإن فعل ذلك فقد حاز الخير بكلتا يديه.
ومإن قال :ل أعمل بالحديث إل إنآ أخذ به إمإامإي ،فاته خير كثير ،كما
عليه كثير مإن المقلدين لئمة المذاهب ،وكانآ الولى لهم العمل بكل
حديث صيح بعد إمإامإهم ـ تنفيذا لوصية الئمة ،فإنآ اعتقادنا فيهم أنهم
إنآ عاشوا وظفروا بتلك الحاديث التي صحت بعدهم ،لخذوا بها ،
وعملوا بها ،وتركوا كل قياس كانوا قاسوه ،وكل قول كانوا قالوه.
وقد بلغنا مإن طرق صحيحة أنآ المإام الشافعي أرسل يقول للمإام أحمد
بن حنبل :إذا صح عندكم حديث ,فأعلمونا به لنأخذ به ونترك كل قول
قلناه قبل ذاك ،أو قاله غيرنا ،فإنكم أحفظ للحديث ،ونحن أعلم به(.
.وقال في الرد على مإن زعم أنآ المإام أبا حنيفة رضى الله عنه يقدم
القياس على الحديث مإا نصه:
)ويحتمل أنآ الذي أضاف إلى المإام أبي حنيفة أنه يقدم القياس على
النص ،ظفر بذلك في كلم مإقلديه الذين يلزمإونآ العمل بما وجدوه عن
إمإامإهم مإن القياس ويتركونآ الحديث الذي صح بعد مإوت المإام .
فالمإام مإعذور ،وأتباعه غير مإعذورين .وقولهم :إنآ إمإامإنا لم يأخذ بهذا
الحديث ل ينهض حجة ،لحتمال أنه لم يظفر به أو ظفر به لكن لم يصح
عنده .
وقد تقدم قول الئمة كلهم :إذا صح الحديث فهو مإذهبنا .وليس لحد
مإعه قياس ول حجة إل طاعة الله وطاعة رسوله ،بالتسليم له(.
ـ وقال ابن عابدين الدمإشقي في شرح المنظومإة المسماة بعقود رسم
المفتى) :صح عن أبي حنيفة أنه قال :إذا صح الحديث فهو مإذهبي( .
ونقل فيها عن العلمإة قاسم أنه قال في رسالته المسماة "رفع الشتباه
عن مإسالة المياه") :لما مإنع علماؤنا رضى الله عنهم مإن كانآ له أهلية
النظر مإن مإحض تقليدهم على مإا رواه الشيخ المإام العالم العلمإة أبو
إسحاق إبراهيم بن يوسف قال :حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه
الله تعالى أنه قال :ليس لحد أنآ يفتى بقولنا مإا لم يعرف مإن أين
قولنا؟ تتبعت مإآَخذهم ،وحصلت مإنها بحمد الله تعالى على الكثير ،ولم
أقنع بتقليد مإا في صحف كثير مإن المحدثين(.
وقال في رسالة أخرى) :وإني ولله الحمد ،لقول كما قال الطحاوي
لبن حربويه :ل يقلد إل عصي أو غبي(.
- 3يجب أنآ تفهم ألفاظ الحديث على طبيعتها ودللتها مإن غير غلو في
التأويل ،ول تقصير دونآ المراد.
ـ قال ابن القيم في كتاب الروح:
)ينبغي أنآ يفهم عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" مإن غير غلو ول
تقصير ،فل يحمل كلمإه مإال يحتمله ،ول يقصر به عن مإراده ،ومإا
قصده مإن الهدى والبيانآ ,وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه مإن
الضلل عن الصواب مإال يعلمه إل الله ,بل سوء الفهم عن الله ورسوله
أصل كل بدعة وضللة نشأت في السلم ،بل هو أصل كل خطإ في
الصول والفروع ،ول سيما إذا أضيف إليه سوء القصد ,فيتفق سوء
الفهم في بعض الشياء مإن المتبوع مإع حسن قصده ،وسوء القصد مإن
التابع ،فيا مإحنة الدين وأهله ,والله المستعانآ ..ومإا أوقع القدرية
والمرجئة ،والخوارج ،والمعتزلة ،والجهمية ،والروافض ،وسائر
طوائف أهل البدع إل سوء الفهم عن الله ورسوله "صلى الله عليه
وسلم" حتى صار الدين بأكثر أيدي الناس هو مإوجب هذه الفهام..
والذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم ومإن تبعهم عن الله ورسوله
فمهجور ل يلتفت إليه ،ول يرفع هؤلء به رأسا(.
فلّني المالكي في كتابه "إيقاظ الهمم": ـ وقال الشيخ علم الدين ال ُ
)نرى بعض الناس إذا وجد حديثا يوافق مإذهبه ،فرح به ،وانقاد له وسلم
,وإنآ وجد حديثا صحيحا سالما مإن النسخ والمعارض ،مإؤيدا لمذهب
غير إمإامإه ،فتح له باب الحتمالت البعيدة ،وضرب عنه الصفح ،
والعارض ،ويلتمس لمذهب إمإامإه أوجها مإن الترجيح مإع مإخالفته
للصحابة والتابعين والنص الصريح ,وإنآ شرح كتابا مإن كتب الحديث ،
صرف كل حديث خالف رأيه ,وإنآ عجز عن ذلك كله ادعى النسخ بل
دليل ،أو الخصوصية ،أو عدم العمل به ،أو غير ذلك مإما يحفر ذهنه
العليل ,وإنآ عجز عن ذلك كله ادعى أنآ إمإامإه اطلع على كل مإروي أو
جله ،فما ترك هذا الحديث الشريف إل وقد اطلع على طعن فيه برأيه
المنيف ,فيتخذ علماء مإذهبه أربابا ،ويفتح لمناقبهم وكرامإاتهم أبوابا ،
ويعتقد أنآ كل مإن خالف ذلك لم يوافق صوابا ،وإنآ نصحه أحد مإن
علماء السنة اتخذه عدوا ولو كانوا قبل ذلك أحبابا ,وإنآ وجد كتابا مإن
كتب إمإامإه المشهورة ،قد تضمن نصحه ،وذم الرأي والتقليد ،وحّرض
على اتباع الحاديث المشهورة نبذه وراء ظهره وأعرض عن نهيه وأمإره
،واعتقده حجرا مإحجورا.(....
- 4ومإن الحكمة والكياسة في التحديث تحري المصلحة والمناسبات
في الرواية فل يحدث بكل صحيح كل أحد.
ـ روى الشيخانآ عن مإعاذ رضي الله عنه قال) :كنت ردف النبي "صلى
الله عليه وسلم" على حمار .قال" :يا مإعاذ ،هل تدري مإاحق الله على
عباده؟ ومإا حق العباد على الله؟" قلت :الله ورسوله أعلم ,قال" :فإنآ
حق الله على العباد أنآ يعبدوه ول يشركوا به شيئا وحق العباد على الله
أل يعذب مإن ل يشرك به شيئا" .قلت :يا رسول الله ،أفل أبشر به
الناس .قال" :ل تبشرهم ،فيتكلوا".(..
ـ وفي رواية لهما عن أنس) :أنآ النبي "صلى الله عليه وسلم" وهو ردفه
قال" :مإا مإن أحد يشهد أنآ ل إله إل الله ،وأنآ مإحمدا رسول الله صدقا
مإن قلبه ,إل حرمإه الله على النار" ,قال :يا رسول الله ,أفل أخبر به
الناس فيستبشروا .فقال" :إذنآ يتكلوا" ...فأخبر بها مإعاذ عند مإوته
تأثما(
ـ وروى البخاري تعليقا عن علي رضي الله عنه قال) :حدثوا الناس بما
تعرفونآ ,أتحبونآ أنآ يكذب الله ورسوله(.
ـ وروى مإسلم عن ابن مإسعود قال) :مإا أنت مإحدث قومإا حديثا ل تبلغه
عقولهم كانآ لبعضهم فتنة(.
ـ وقال الحافظ ابن حجر) :ومإمن كره التحديث ببعض دونآ بعض :
أحمد في الحاديث التي ظاهرها الخروج على المإير ,ومإالك في
أحاديث الصفات ,وأبو يوسف في الغرائب..
ومإن قبلهم أبو هريرة ,كما روي عن في الجرابين ...وأنآ المراد مإا يقع
مإن الفتن ونحوه عن حذيفة.
وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصه العرنيين ,لنه اتخذها
وسيلة إلى مإا كانآ يتعمده مإن المبالغة في سفك الدمإاء بتأويله الواهي(.
وضابط ذلك أنآ يكونآ ظاهر الحديث يقوي البدعة ,وظاهره في الصل
غير مإراد فالمإساك عنه عند مإن يخشى عليه الخذ بظاهره مإطلوب.
وصلى الله علي سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه وسلم
حسـن البنــا
المناجاة
َ
ب َلـك ُ ْ
م(... ج ْ
ســـت َ ِ ل َرب ّك ُ ُ
م اْدعــوِنى أ ْ ) وََقـا َ
مإـقدمإـة
حيـم ِ
ن الّر ِ
مـ ِ
ح َ
سـم ِ اللهِ الّر ْ
بِ ْ
الحمد لله رب العالمين ،والصلة والسلم على سيدنا مإحمد إمإام
المتقين ،وعلى آله وصحبه ومإن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم
الدين ..وبعد:
فلما كانآ مإن أوراد الخوانآ المسلمين أنآ يجتمعوا ليلة في السبوع
على تعارف وإخاء وذكر ودعاء ،أحببت أنآ أتقدم إليهم بهذه المذكرة
الموجزة في فضل القيام والدعاء والستغفار ومإا ينحو هذا المنحي..
وفى بعض أدعية مإأثورة مإختارة لعل فيها تذكرة بالداب المسنونة
وإرشادا إلى الكيفيات المطلوبة ،ولم أقصد بذلك الستيعاب
والحصر ،وإنما قصدت التذكير والتمثيل ،ومإا بين العبد ومإوله أدق
مإن أنآ يحصر في كتاب ,والله أسأل لي لهم كمال الخلصا وحسن
الهداية والتوفيق وصلى الله على سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه
وسلم.
فضل قيام الليل ووقت السحر
يا أخي :لعل أطيب أوقات المناجاة أنآ تخلو بربك والناس نيام
والخليونآ هجع ،وقد سكن الكونآ كله وأرخى الليل سدوله وغابت
نجومإه ،فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مإولك ،
فتأنس بحضرته ويطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ،وتبكى
مإن خشيته وتشعر بمراقبته ،وتلح في الدعاء وتجتهد في الستغفار ،
وتفضي بحوائجك لمن ل يعجزه شيء ،ول يشغله شيء عن شيء ،
إنما أمإره إذا أراد شيئا أنآ يقول له كن فيكونآ ،وتسأله لدنياك وآخرتك
وجهادك ودعوتك وآمإالك وأمإانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ،
ومإا النصر إل مإن عند الله العزيز الحكيم.
ولهذا يا أخي وردت اليات الكثيرة والحاديث المتواترة في فضل هذه
الساعات وتزكية تلك الوقات وندب الصالحين مإن العباد إلى أنآ
يغتنموا مإنها ثواب الطاعات ،ولهذا يا أخي حرصا السلف الصالحونآ
على أل يفوتهم هذا الفضل العظيم فهم في هذه الوقات تائبونآ
عابدونآ حامإدونآ ذاكرونآ راكعونآ ساجدونآ يبتغونآ فضل مإن الله
ورضوانا ويزدادونآ يقينا وإيمانا ويسألونآ الله مإن فضله وهو أكرم
مإسئول وأفضل مإأمإول.
فمن اليات القرآنية قوله تعالى:
ُ ن أ َهْ
نآ
دو َ ج ُس ُ م يَ ْل وَهُ ْت اللهِ آَناَء الل ّي ْ ِ ة ي َت ُْلو َ
نآ آَيا ِ
ْ
ة َقائ ِ َ
م ٌ مإ ٌ
بأ ّ ِ ل ال ْك َِتا
ِ مإ ْ
ـ ) ِ
من ْك َرِ ْ
ن ال ُ ْ ْ ,ي ُؤ ْ ِ
نآ ع َ ِ
ف وَي َن ْهَوْ َ
معُْرو ِ نآ ِبال َمإُرو َ
خرِ وَي َأ ُ نآ ِباللهِ َوالي َوْم ِ ال ِ مإُنو َ
خي ْرٍ ن َ مإ ْ فعَُلوا ِ مإا ي َ ْ ن ,وَ َ حي َ صال ِ ِ ن ال ّ مإ َ ك ِ ت وَُأول َئ ِ َ خي َْرا ِ نآ ِفي ال ْ َ عو َ سارِ ُ وَي ُ َ
ن( )آل عمرانآ. (115-113: قي َ مت ّ ِ ْ
م ِبال ُ ه ع َِلي ٌ فُروه ُ َوالل ُ ْ
ن ي ُك َ فَل َ ْ
ن ِفيَها دي َ خال ِ ِ حت َِها ال َن َْهاُر َ ن تَ ْ مإ ْ ري ِ ج ِ ت تَ ْ جّنا ٌ م َ عن ْد َ َرب ّهِ ْ وا ِ ق ْ ن ات ّ َ ذي َ ـ )ل ِل ّ ِ
َ
قوُلو َ
نآ ن يَ ُ ذي َ صيٌر ِبال ْعَِباد ِ ,ال ّ ِ ه بَ ِ ن اللهِ َوالل ُ مإ َ نآ ِ وا ٌ ض َ مإط َهَّرة ٌ وَرِ ْ ج ُ وَأْزَوا ٌ
نصاد ِِقي َ ن َوال ّ ري َ صاب ِ ِ ب الّنارِ ,ال ّ ذا َ فْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنا وَقَِنا ع َ َ مإّنا َفاغ ْ ِ َرب َّنا إ ِن َّنا آ َ
حارِ( )آل عمرانآ. (17-15: َ ْ ْ َوال ْ َ
س َ ن ِبال ْ ري َ ف ِ ست َغْ ِ م ْ ن َوال ُ قي َ ف ِ من ْ ِ ن َوال ُ قان ِِتي َ
نآ ال ْ َ َ
نآ قُْرآ َ
نآ جرِ إ ِ ّ ف ْ ل وَقُْرآ َ ق الل ّي ْ ِ ِ سس إ َِلى غ َ َ ِ م
ش ْ ك ال ّ صلة َ ل ِد ُُلو ِ ـ )أقِم ِ ال ّ
َ ة لَ َ جد ْ ب ِهِ َنافِل َ ً
ك نآ ي َب ْعَث َ َ سى أ ْ ك عَ َ ل فَت َهَ ّ ن الل ّي ْ ِ مإ َ شُهودا ً ,وَ ِ مإ ْ نآ َ كا َ جرِ َ ف ْ ال ْ َ
مودا ً( )السراء. (79-78: ح ُ مإ ْ قامإا ً َ مإ َ ك َ َرب ّ َ
َ
م خاط َب َهُ ُ ذا َ ونا ً وَإ ِ َ ض هَ ْ نآ ع َلى الْر ِ
شو َ َ م ُ ن يَ ْ ذي َ ن ال ّ ِ م ِ ح َ عَباد ُ الّر ْ ـ ) وَ ِ
جدا ً وَقَِيامإا ً( )الفرقانآ: س ّ م ُ نآ ل َِرب ّهِ ْ ن ي َِبيُتو َ ذي َ سلمإا ً َ ,وال ّ ِ نآ َقاُلوا َ جاه ُِلو َ ال ْ َ
. (64-63
م
مد ِ َرب ّهِ ْ ح ْ حوا ب ِ َ سب ّ ُ جدا وَ َ ً س ّ خّروا ُ ذا ذ ُكُروا ب َِها َ ّ ن إِ َ ذي َ ّ
ن ِبآَيات َِنا ال ِ مإ ُ ما ي ُؤ ْ ِ ـ )إ ِن ّ َ
وفا ً خ ْ م َ نآ َرب ّهُ ْ عو َ جِع ي َد ْ ُ ضا ِ م َ ن ال َ ْ َ ْ
ُ م عَ ِ جُنوب ُهُ ْ جافى ُ نآ ,ت َت َ َ ست َكب ُِرو َ م ل يَ ْ وَهُ ْ
ن قُّرةِ مإ ْ م ِ ي لهُ ْ َ ف َ خ ِ مإا أ ْ س َ ف ٌ م نَ ْ َ
نآ َ ,فل ت َعْل ُ قو َ ف ُ م ي ُن ْ ِ ما َرَزقَْناهُ ْ مإ ّ معا وَ ِ ً وَط َ َ
َ
نآ( )السجدة. (17-15: مُلو َ كاُنوا ي َعْ َ ما َ جَزاًء ب ِ َ ن َ أع ْي ُ َ ٍ
ة َرب ّهِ م َ ح َ جو َر ْ خَرة َ وَي َْر ُ حذ َُر ال ِ جدا ً وََقاِئما ً ي َ ْ سا ِ ل َ ت آَناَء الل ّي ْ ِ ن هُوَ َقان ِ ٌ مإ ْ ـ )أ ّ
ما ي َت َذ َك ُّر ُأولوُ نآ إ ِن ّ َ مو َ َ
ن ل ي َعْل ُ ذي َ ّ
نآ َوال ِ مو َ َ
ن ي َعْل ُ ذي َ وي ال ِّ ست َ ِ ل يَ ْ ل هَ ْ قُ ْ
ال َلَبابِ( )الزمإر. (9: ْ
كاُنوا قَب ْ َ
ل م َ م إ ِن ّهُ ْ م َرب ّهُ ْ مإا آَتاهُ ْ ن َ ذي َ خ ِ نآ ,آ ِ ت وَع ُُيو ٍ جّنا ٍ ن ِفي َ قي َ مت ّ ِ نآ ال ْ ُ ـ )إ ِ ّ
َ
م حارِ هُ ْ س َ نآ ,وَِبال ْ جُعو َ مإا ي َهْ َ ل َ ن الل ّي ْ ِ مإ َ كاُنوا قَِليل ً ِ نَ , سِني َ ح ِ مإ ْ ك ُ ذ َل ِ َ
نآ( )الذريات. (18-15: فُرو َ ست َغْ ِ يَ ْ
ن مد ِ َرب ّ َ َ ك فَإ ِن ّ َ حك ْم ِ َرب ّ َ
مإ َ م ,وَ ِ قو ُ ن تَ ُ حي َ ك ِ ح ْ ح بِ َ سب ّ ْ ك ب ِأع ْي ُن َِنا وَ َ صب ِْر ل ِ ُ ـ )َوا ْ
جوم ِ( )الطور. (49-48: ه وَإ ِد َْباَر الن ّ ُ ح ُ سب ّ ْ ل فَ َ الل ّي ْ ِ
قص مإنه قَِليل ً ,أوَ َ ل ,قُم ِ الل ّي ْ َ َ
ْ ه أ و ِ ان ْ ُ ْ ِ ْ ُ ف ُ ص َ ل ِإل قَِليل ً ,ن ِ ْ مإ ُ مّز ّ ـ )َيا أي َّها ال ْ ُ
ل ال ْ ُ َ
نآ ت َْرِتيل ً ,إ ِّنا قْرآ َ نآ ت َْرِتيل ً ,أوْ زِد ْ ع َل َي ْهِ وََرت ّ ِ قْرآ َ ل ال ْ ُ زِد ْ ع َل َي ْهِ وََرت ّ ِ
َ َ
م ِقيل ً( طئا ً وَأقْوَ ُ شد ّ وَ ْ يأ َ ل هِ َ ة الل ّي ْ ِ شئ َ َ نآ َنا ِ قيل ً ,إ ِ ّ ول ً ث َ ِ ك قَ ْ قي ع َل َي ْ َ سن ُل ْ ِ َ
)المزمإل. (6-1:
َ ُ ّ ُ َ َ
نمإ َة ِ ف ٌ ه وَطائ ِ َ ه وَث ُلث َ ُ ف ُ ص َ ل وَن ِ ْ ي اللي ْ ِ ن ث ُلث َ ِ مإ ْ م أد َْنى ِ قو ُ م أن ّك ت َ ُ َ ك ي َعْل َ ُ نآ َرب ّ َ ـ )إ ِ ّ
َ َ َ ّ
م ُ
ب ع َلي ْك ْ صوه ُ فََتا َ ح ُ ن تُ ْ نآ ل ْ مأ ْ ل َوالن َّهاَر ع َل ِ َ قد ُّر اللي ْ َ ه يُ َ مإعَك َوالل ُ َ ن َ ذي َ ال ّ ِ
ن ال ْ ُ ُ
نآ( )المزمإل. (20: قْرآ ِ مإ َ سَر ِ مإا ت َي َ ّ َفاقَْرأوا َ
م
مإن ْهُ ْ ك َول ت ُط ِعْ ِ حك ْم ِ َرب ّ َ صب ِْر ل ِ ُ زيل ً َ ,فا ْ نآ ت َن ْ ِ قْرآ َ ك ال ُ ْ َ
ن ن َّزلَنا ع َلي ْ َ ْ ح ُ ـ )إ ِّنا ن َ ْ
هَ ّ َ ً آِثما ً أ َوْ ك َ ُ
جد ْ ل ُ س ُ ل َفا ْ ن اللي ْ ِ مإ َ صيل ً ,وَ ِ ك ب ُك َْرة ً وَأ ِ م َرب ّ َ س َ فورا َ ,واذ ْك ُرِ ا ْ
ويل ً( )النسانآ. (26-23: ه ل َْيل ً ط َ ِ ح ُ سب ّ ْ وَ َ
ومإن الحاديث الشريفة:
ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنآ رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
قال) :ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى
ثلث الليل الخر فيقول :مإن يدعوني فأستجيب له مإن يسألني
فأعطيه مإن يستغفرني فأغفر له( .رواه البخاري ومإالك ومإسلم
والترمإذي وغيرهم.
وفي رواية مإسلم) :أنآ الله يمهل حتى إذا ذهب الثلث الول مإن
الليل نزل إلى سماء الدنيا فيقول أنا الملك فمن الذي يدعوني(.
ـ وعن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله "صلى
الله عليه وسلم" يقول) :أقرب مإا يكونآ الرب عز وجل مإن العبد في
جوف الليل ،فإنآ استطعت أنآ تكونآ مإمن يذكر الله في تلك الساعة
فكن( رواه أبو داود والترمإذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح
والحاكم على شرط مإسلم.
ـ عن أبي أمإامإة قال :قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ ..قال
)جوف الليل الخير ودبر الصلوات( رواه الترمإذي وقال حديث حسن
صحيح.
ـ عن بلل رضي الله عنه قال :قال رسول الله "صلى الله عليه
وسلم") :عليكم بقيام الليل ،فإنه دأب الصالحين قبلكم ,وقربة إلى
الله تعالى ,ومإنهاة عن الثم ،وتكفير للسيئات ،ومإطردة للداء عن
الجسد( .أخرجه الترمإذي.
ـ وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال :قام النبي صلى الله عليه
غفر لك مإا تقدم مإن ذنبك ومإاوسلم حتى تورمإت قدمإاه فقيل له :قد ُ
تأخر ..قال) :أفل أكونآ عبدا شكورا( .أخرجه الخمسة إل أبا داود.
ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت) :كانآ رسول الله "صلى الله عليه
وسلم" ل يدع قيام الليل ،وكانآ إذا مإرض أو كسل صلى قاعدا(.
أخرجه أبو داود.
ـ وعن ابن مإسعود رضي الله عنه قال :ذكر عند النبي صلى الله عليه
وسلم رجل ،فقيل :مإا زال نائما حتى أصبح ،مإا قام إلى الصلة ،فقال:
)ذلك رجل بال الشيطانآ في أذنه(.أخرجه الشيخانآ والنسائي.
ـ وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه أنآ رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال) :نعم الرجل عبد الله لو كانآ يصلي بالليل( ,فكانآ يداوم
بعده على قيام الليل ..قال نافع مإوله) :كانآ يصلي بالليل فيقول يا
نافع أسحرنا؟ فأقول ل ,ثم يقول يا نافع أسحرنا؟ فأقول نعم فيقعد
ويستغفر الله تعالى حتى يطلع الفجر( ..أسحرنا :دخلنا في وقت
السحر والظاهر أنآ ذلك بعد أنآ كبر وكف بصره رضي الله عنه.
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال) :أفضل الصلة بعد المكتوبة
قيام الليل( .رواه مإسلم.
ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاصا رضي الله عنه قال رسول الله
"صلى الله عليه وسلم") :مإن قام بعشر آيات لم يكتب مإن الغافلين ،
ومإن قام بمائة آية كتب مإن القانتين ،ومإن قام بألف آية كتب مإن
المقنطرين( رواه ابو داود.
وله في رواية أخرى عن عبد الله بن حبيش قال سئل رسول الله صلى
الله عليه وسلم أي العمال افضل؟ ..قال) :طول القيام(.
ـ وعن عائشة رضي الله عنها) :كانت صلة رسول الله صلى الله عليه
وسلم مإن الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع بركعتي الفجر فتلك
ثلث عشرة ركعة( ..أخرجه الستة وهذا لفظ مإسلم.
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :إذا قام أحدكم مإن الليل فليفتتح صلته بركعتين خفيفتين(
أخرجه مإسلم وأبو داود وزاد أبو داود) :ثم ليطول بعد ذلك مإا شاء(.
ومإا روي أنآ عمر رضى الله عنه كانآ يمر بالية مإن ورده بالليل فيتأثر
بها ،ويحسب في المرضى . .
ـ وأنآ عبد الله بن مإسعود رضي الله عنه كانآ إذا هدأت العيونآ ،قام
فيسمع له بالقرآنآ دوي كدوي النحل ...وكانآ ذلك دأب الصحابة جميعا
رضوانآ الله عليهم . . .وسئل الحسن :مإا بال المتهجدين مإن أحسن
الناس وجوها؟ قال لنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا مإن نوره.
ل كثيرة فلم ت في مإنزل الشافعي رضي الله عنه ليا ٍ ـ وقال الربيع :ب ّ
يكن ينام مإن الليل إل يسيرا وكانآ ذلك دأب الئمة رضوانآ الله عليهم
ب َ
س َ ح ِ م َكذلك ...وتل مإالك بن دينار في ورده قول الله تعالى) :أ ْ
َ
ت
حا ِصال ِ َمُلوا ال ّ
مإُنوا وَع َ ِ
نآ َ كال ّ ِ
ذي َ م َ جعَل َهُ ْ
نآ ن َ ْ
تأ ْ سي َّئا ِحوا ال ّ جت ََر ُ
نا ْ ال ّ ِ
ذي َ
نآ( )الجاثـية ، (21:فأخذ يرددها مو َ حك ُ ُمإا ي َ ْ
ساَء َ م َ مات ُهُ ْمإ َ
م وَ َ
حَياهُ ْمإ ْ
واًء َ
س ََ
حتى أصبح ...وقال المغيرة بن حبيب رافقت مإالك بن دينار ليلة فقام
إلى الصلة فقبض على لحيته فخنقته العبرة فجعل يقول :اللهم حّرم
شيبة مإالك على النار ،إلـهي قد علمت ساكن الجنة مإن ساكن النار
فأي الرجلين مإالك وأي الدارين دار مإالك؟ فلم يزل ذلك قوله حتى
طلع الفجر.
ـ ورئي الجنيد بعد مإوته فقيل له مإا فعل الله بك يا أبا القاسم؟ فقال:
)بليت الرسوم ،وغابت العلوم ،وانمحت العبارات ،وطاحت
الشارات ومإا نفعنا إل ركيعات ،كنا نركعها في جوف الليل(.
ـ ومإن وصايا لقمانآ لبنه) :يا بني ..ل يكونن الديك أكيس مإنك ،ينادى
بالسحار وأنت نائم(.
ـ ولقد كانوا رضوانآ الله عليهم يجدونآ في كثرة القيام وحلوة
المناجاة أنسا وراحة تنسيهم عناء الجسام وتعب القدام ...قال أبو
سليمانآ الداراني رضي الله عنه) :أهل الليل في ليلهم أروح مإن أهل
اللهو في لهوهم ولول قيام الليل مإا أحببت البقاء في الدنيا ،ولو عوض
الله أهل الليل مإن ثواب أعمالهم مإا يجدونآ مإن اللذة لكانآ ذلك أكثر
مإن هذه العمال( .....
ـ وقال بعضهم) :ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم الخرة إل مإا يجده
أهل القيام في قلوبهم مإن حلوة المناجاة( ...وقال مإحمد بن المنكدر
رضى الله عنه) :مإا بقي مإن لذات الدنيا إل ثلث :قيام الليل ولقاء
الخوانآ والصلة في الجماعة( ...وقال بعض الصالحين) :مإنذ أربعين
سنة مإا أحزنني شيء إل طلوع الفجر( ...وقال بعضهم) :إنآ الله تعالى
ينظر بالسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها نورا فترد الفوائد على
قلوبهم ثم تنتشر مإنها إلى قلوب الغافلين(.
ي كرم الله وجهه للمتقين) :أمإا الليل فصافونآ ـ ومإن وصف عل ّ
أقدامإهم تالونآ لجزاء القرآنآ يرتلونه ترتيل ،يحزنونآ به أنفسهم
ويستثيرونآ دواء دائهم ،إذا مإروا بآَية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا
وتطلعت نفوسهم إليها شوقا ً وظنوا أنها نصب أعينهم ،وإذا مإروا بآَية
فيها تخويف أصغوا إليها مإسامإع قلوبهم وظنوا أنآ زفير جهنم وشهيقها
في أصول آذانهم فهم حانونآ على أوساطهم مإفترشونآ لجباههم
وأكفهم وأطراف أقدامإهم ل يرضونآ مإن أعمالهم القليل ول يستكثرونآ
الكثير فهم لنفسهم مإتهمونآ ومإن أعمالهم مإشفقونآ(.
ـ قال ابن الحاج في المدخل) :وفى قيام الليل مإن الفوائد جملة-:
فمنها أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق اليابس مإن
الشجرة ..ومإنها أنه ينور القلب ..ومإنها أنه يحسن الوجه ..ومإنها أنه
يذهب الكسل وينشط البدنآ ..ومإنها أنآ مإوضعه تراه الملئكة مإن
السماء يتراءى مإثل الكوكب الدري لهل الرض ،ونفحة مإن نفحات
القيام مإن الليل تعود على صاحبها بالبركات والنوار والتحف التي
يعجز عنها الوصف ,قال صلى الله عليه وسلم "إنآ لله نفحات
فتعرضوا لنفحات الله"(.
كذلك كانوا -أيها الخ -فاسلك سبيلهم وانهج نهجهم أولئك الذين هدى الله
ممه في فبهداهم اقتده ،ول تجعل قيامإك قاصرا على ليلة الجتماع بإخوانك بل ع ّ
جميع لياليك مإا استطعت ،فإنآ أحب العمال إلى الله أدومإها وإنآ قل ,واعلم أنه
مإما يعينك على قيام الليل ،إخلصا النية واستحضار العزيمة وتجديد التوبة والبعد
بالنهار عن المعصية والتبكير بالنوم والقيلولة إنآ استطعت ,واستعن الله يعنك
وتقرب إليه يقربك واسأله مإن فضله يعطك.
فضـل الدعـاء والسـتغفار
قد وردت اليات والحاديث بفضل الستغفار والدعاء ونحن نذكرك بطرف مإن
ذلك:
فأمإا اليات الكريمة فمنها قول الله تعالى:
جيُبوا ِلي ست َ ِ نآ فَل ْي َ ْ عا ِ ذا د َ َ داِع إ ِ َ ب د َع ْوَة َ ال ّ جي ُ بأ ِ
ُ
ري ٌ عَباِدي ع َّني فَإ ِّني قَ ِ ك ِ سأ َل َ َ ذا َ ـ )وَإ ِ َ
نآ( )البقرة. (186: دو َ ش ُ م ي َْر ُ ّ
مإُنوا ِبي لعَلهُ ْ َ وَل ْي ُؤ ْ ِ
نمإ ْم وَ َ فُروا ل ِذ ُُنوب ِهِ ْ ست َغْ َ ه َفا ْ م ذ َك َُروا الل َ سهُ ْ ف َ موا أ َن ْ ُ ة أوْ ظ َل َ ُ
ش ً َ ح َ ذا فَعَُلوا َفا ِ ن إِ َ ذي َ ـ )َوال ّ ِ
نآ ,أول َئ ِ َُ
مجَزاؤ ُهُ ْ ك َ مو َ م ي َعْل َ ُ مإا فَعَُلوا وَهُ ْ صّروا ع ََلى َ م يُ ِ ه وَل َ ْ ب ِإل الل ُ فُر الذ ُّنو َ ي َغْ ِ
ن( ْ َ َ
مإِلي َ جُر الَعا ِ مأ ْ ن ِفيَها وَن ِعْ َ دي َ خال ِ ِ حت َِها الن َْهاُر َ ن تَ ْ مإ ْ ري ِ ج ِ ت تَ ْ جّنا ٌ م وَ َ ن َرب ّهِ ْ مإ ْ فَرة ٌ ِ مإغْ ِ َ
)آل عمرانآ. (136-135:
يٍء ع َِليما ً( )النساء. (32: ـ )وا َ
ش ْ ل َ نآ ب ِك ُ ّ كا َ ه َ نآ الل َ ضل ِهِ إ ِ ّ ن فَ ْ مإ ْ ه ِ سأُلوا الل َ َ ْ
حيما ً( فورا ً َر ِ َ
ه غَ ُ جد ِ الل َ ه يَ ِ فرِ الل َ ست َغْ ِ م يَ ْ ه ثُ ّ س ُ ف َ م نَ ْ سوءا ً أوْ ي َظ ْل ِ ْ ل ُ م ْ ن ي َعْ َ مإ ْ ـ )و َ َ
)النساء.(110 :
َ
ض ب َعْد َ دوا ِفي الْر ِ س ُ ف ِ ن َ ,ول ت ُ ْ دي َ معْت َ ِ ب ال ْ ُ ح ّ ه ل يُ ِ ة إ ِن ّ ُ في َ ً خ ْ ضّرعا ً وَ ُ م تَ َ عوا َرب ّك ُ ْ ـ )اد ْ ُ
ن( )لعراف-55: نيِ س
ِ ِ ٌ ِ َ ُ ْ ِ َ ح م ْ ل ا ن مإ ب ري َ ق ه الل تِ ّ َ ْ َ َ م ح ر نآ إ ً ا مع َ ََ ط و ً ا وف ُ ْ خَ ه عو ُ صل َ َ ْ
د وا ها ح
ِ إِ ْ
. (56
مإا َ َ مإا َ
نآ( )لنفال: فُرو َ ست َغْ ِ م يَ ْ م وَهُ ْ مإعَذ ّب َهُ ْ ه ُ نآ الل ُ كا َ م وَ َ ت ِفيهِ ْ م وَأن ْ َ ه ل ِي ُعَذ ّب َهُ ْ نآ الل ُ كا َ ـ )و َ َ
. (33
ش( ت ُ ْ ن وَل َوْ ك َرِه َ ال ْ َ ن لَ ُ ـ )َفاد ْ ُ
ذو العَْر ِ جا ِ نآ َ ,رِفيعُ الد َّر َ كافُِرو َ دي َ ه ال ّ صي َ خل ِ ِ مإ ْ ه ُ عوا الل َ
)غافر.(15-14:
َ
خُلو َ
نآ سي َد ْ ُعَباد َِتي َ ن ِ نآ ع َ ْ ست َك ْب ُِرو َ ن يَ ْ ذي َ نآ ال ّ ِ م إِ ّ ب ل َك ُ ْ ج ْ ست َ ِ عوِني أ ْ م اد ْ ُ ل َرب ّك ُ ُ ـ )وََقا َ
ن( )غافر. (60: دا ِ َ ري خِ م َ جهَن ّ َ َ
َ
ه ي َعْل َ ُ
م ت َوالل ُ مإَنا ِ مؤ ْ ِ ن َوال ْ ُ مإِني َ مؤ ْ ِ ك وَل ِل ْ ُ فْر ل ِذ َن ْب ِ َ ست َغْ ِ ه َوا ْ ه ِإل الل ُ ه ل إ ِل َ َ م أن ّ ُ ـ )َفاع ْل َ ْ
م( )مإحمد. (19: واك ُْ مإث ْ َ م وَ َ قل ّب َك ُ ْ مإت َ َ ُ
مد ِد ْك ُ ْ
م مإد َْرارا ً ,وَي ُ ْ م ِ ماَء ع َل َي ْك ُ ْ س َ ل ال ّ س ِ فارا ً ,ي ُْر ِ نآ غ َ ّ كا َ ه َ م إ ِن ّ ُ ست َغْفُِروا َرب ّك ُ ْ تا ْ قل ْ ُ ـ )فَ ُ
م أن َْهارا ً( )نوح. (12: َ ل ل َك ُْ جع َ ْ ي و ت نا ج م ُ ك َ ل لْ َ
ْ َ ّ ٍ ََ ْ وا ٍ َ َ َ َ َ ْ َ
ع ج ي و ن ني ِ ب و ل مإ َ ب ِأ ْ
وابا ً( )النصر. (3: نآ ت َ ّ كا َ ه َ فْره ُ إ ِن ّ ُ ست َغْ ِ ك َوا ْ مد ِ َرب ّ َ ح ْ ح بِ َ سب ّ ْ ـ )فَ َ
ومإن الحاديث الشريفة:
ـ عن ابن عمر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :مإن فتح له مإنكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ،ومإا
سئل الله تعالى شيئا أحب إليه مإن أنآ يسأل العافية ،وإنآ الدعاء ينفع
مإما نزل ومإما لم ينزل ،ول يرد القضاء إل الدعاء ,فعليكم عباد الله
بالدعاء( .رواه الترمإذي.
ّ
صلى سول اللهِ َ ه قال :قال َر ُ عن ُ
ه َ
ضي الل ُ
ـ وعن عبادة بن الصامإت َر ِ
سّلم) :مإا على الرض مإسلم يدعو الله تعالى بدعوة إل آتاه ه ع ََليهِ وَ َالل ُ
الله إياها أو صرف عنه مإن السوء مإثلها ،مإا لم يدع بإثم أو قطيعة
رحم( رواه الترمإذي.
ـ وعن النعمانآ بن بشير رضي الله عنه أنآ رسول الله صلى الله عليه
َ
ب
ج ْ ست َ ِ
عوِنى أ ْ ل َرب ّك ُ ُ
م اد ْ ُ وسلم قال) :الدعاء هو العبادة ثم قرأ }وََقا َ
م ( ٌ{..أخرجه أبو داود. ل َك ُ ْ
ه ع ََليهِصّلى الل ُ سول اللهِ َ ه قال :قال َر ُ عن ُ
ه َ
ضي الل ُـ وعن أنس َر ِ
سّلم) :ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا نقطع وَ َ
( أخرجه الترمإذي.
وفي رواية عن ثابت البناني مإرسل) :حتى يسأله الملح و شسع نعله
إذا نقطع(.
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنآ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال) :مإن لم يسأل الله يغضب عليه( واه الترمإذي.
ـ عن ابن مإسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :سلوا الله تعالى مإن فضله فإنآ الله يحب أنآ ُيسأل وأفضل
العبادة انتظار الفرج( .رواه الترمإذي.
ـ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :مإا مإن عبد مإسلم يدعو لخيه بظهر الغيب إل قال الملك ولك
بمثل( أخرج مإسلم و أبو داود وزاد )إل قالت الملئكة آمإين ولك بمثل(.
ـ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم) :مإا أصر مإن استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مإرة(
أخرجه أبو داود والترمإذي.
ـ عن آخر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)إنه ليغانآ عل قلبي حتى استغفر الله في اليوم مإائة مإرة( أخرجه
مإسلم وأبو داود.
ـ وفي رواية لمسلم) :توبوا إلى ربكم فوالله إني لتوب في اليوم مإائة
مإرة(.
ـ وللبخاري والترمإذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) :والله إني لستغفر الله
وأتوب إليه في اليوم سبعين مإرة(.
ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال) :إنآ العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإنآ هو
جزع واستغفر وتاب صقل قلبه ،وإنآ عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه،
كاُنوامإا َ م َ نآ ع ََلى قُُلوب ِهِ ْ
ل َرا َ وهو الرانآ الذي ذكر الله تعالىَ ) :
كل ب َ ْ
نآ{ٌ( أخرجه الترمإذي وقال حسن صحيح والنسائي وغيرهما. ي َك ْ ِ
سُبو َ
آداب الدعـاء
ومإن آداب الدعاء مإا جاءت به اليات الكريمة مإن التضرع والخشية والسكونآ
وحسن الدب مإع الحق تبارك وتعالى ،وقد أشارت إلى ذلك الحاديث الصحيحة
فمن هذه الداب:
ـ رفع بطن اليدين حين الدعاء ...فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال :قال
رسول الله "صلى الله عليه وسلم" )ل تستروا الجدر ومإن نظر في كتاب أخيه
بغير إذنه فإنما ينظر في النار سلوا الله ببطونآ أكفكم ول تسألوه بظهورها
فإذا فرغتم فامإسحوا بها وجوهكم( أخرجه أبو داود.
ـ وحضور القلب وتيقن الجابة ...فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" )ادعوا الله وأنتم مإوقنونآ
بالجابة واعلموا أنآ الله تعالى ل يستجيب دعاء مإن قلب غافل له(
رواه الترمإذي.
ـ واستفتاح الدعاء بحمد الله والثناء عليه والصلة والسلم على رسول الله وأنآ
تتخلله الصلة والسلم على رسول الله ويختم بها كذلك ...فعن فضالة بن أبي
عبيد رضي الله عنه قال :سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" رجل يدعو في
ل هذا( ثم دعاه فقال) :إذا صلى أحدكمج َ
صلته ولم يصل على النبي فقال) :ع َ ِ
فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعد بما شاء( أخرجه
أصحاب السنن.
ـ وعن عمر رضي الله عنه قال :قال رسول الله "صلى الله عليه
وسلم" )الدعاء مإوقوف بين السماء والرض ل يصعد حتى يصلى
علي فل تجعلوني كقدح الراكب صلوا علي أول الدعاء ووسطه
وآخره( أخرجه الترمإذي مإوقوفا على عمر ورفعه رزين.
ـ ومإنها أنه يختم دعاءه بآَمإين ...فعن أبي مإصبح القرائي عن أبي
زهير النميري رضي الله عنه قال) :خرجنا مإع النبي ذات ليلة فأتينا
على رجل قد ألح في المسألة فوقف رسول الله يسمع مإنه فقال:
"أوجب إنآ ختم" فقيل بأي شيء يختم يا رسول الله قال" :بآَمإين" ,
وانصرف فقيل للرجل يا فلنآ ,قل آمإين ،وأبشر( رواه أبو داود.
ـ ومإنها الهدوء وعدم رفع الصوت بالدعاء ....فعن أبي مإوسى رضي
الله عنه قال كنا في سفر فجعل الناس يجأرونآ بالتكبير ,فقال
النبي "صلى الله عليه وسلم") :أيها الناس أرفقوا على أنفسكم
فإنكم ل تدعونآ أصم ول غائبا إنكم تدعونآ سميعا بصيرا وهو مإعكم ،
والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم مإن عنق راحلته( رواه الخمسة إل
النسائي.
ـ ومإنها أنآ يختار جوامإع الكلم أي الدعوات الجامإعات للخير ...فعن
عائشة رضي الله عنها قالت) :كانآ رسول الله صلى الله عليه وسلم
يستحب الجوامإع مإن الدعاء ،ويدع مإا سوى ذلك(.
ـ ومإنها التكرير ثلثا في الدعاء والستغفار ...فعن ابن مإسعود رضي الله عنه
قال) :كانآ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أنآ يدعو ثلثا ويستغفر ثلثا(.
وقد ورد أنه أمإرهم في بعض الحوال أنآ يستغفروا سبعين مإرة.
ـ ومإنها أل يتعجل الجابة ...فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال :قال
رسول الله "صلى الله عليه وسلم") :يستجاب لحدكم مإا لم يعجل ,
يقول قد دعوت ربى فلم يستجب لي( أخرجه الستة إل النسائي.
ـ ومإنها أنآ ل يدعو على نفسه ول على ولده ول على مإاله بسوء ...
فعن جابر رضي الله عنه قال :قال رسول الله "صلى الله عليه
وسلم") :ل تدعوا على أنفسكم ول تدعوا على أولدكم ول تدعوا
على خدمإكم ول تدعوا على أمإوالكم ل توافق مإن الله ساعة نيل
فيها عطاء فيستجيب لكم( رواه أبو داود.
ـ ومإنها أنآ يبدأ بنفسه إذا دعا لغيره ...فعن أبي بن كعب رضي الله
عنه قال) :كانآ النبي إذا دعا لحد بدأ بنفسه( رواه الترمإذي.
أوقات الدعاء
ومإن الوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء:
ـ بين الذانآ والقامإة ...فعن أنس رضي الله عنه قال :قال رسول
الله "صلى الله عليه وسلم") :ل يرد الدعاء بين الذانآ والقامإة( ,
قيل مإاذا نقول يا رسول الله؟ قال) :سلوا الله العافية في الدنيا
والخرة( .أخرجه أبو داود والترمإذي.
ـ وفي السجود ...ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنآ
رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال) :أقرب مإا يكونآ العبد مإن
ربه وهو ساجد ،فأكثروا الدعاء( أخرجه مإسلم وأبو داود والنسائي.
ـ وفى السفر والمظلمة ...فعنه أيضا أنآ رسول الله "صلى الله عليه
وسلم" قال) :ثلث دعوات مإستجابات ل شك في إجابتهن :دعوة
المظلوم ,ودعوة المسافر ،ودعوة الوالد على ولده( أخرجه أبو
داود والترمإذي.
وعن عمرو بن العاصا رضي الله عنه قال :قال رسول الله "صلى
الله عليه وسلم") :مإا مإن دعوة أسرع إجابة مإن دعوة غائب لغائب(
رواه الترمإذي وأبو داود أيضا.
ـ عند النداء والصف وتحت المطر ...فعن سعد رضي الله عنه قال:
قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم") :ثنتانآ ل تردانآ الدعاء :عند
النداء ،وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا( أخرجه مإالك وأبو داود ,
وزاد في رواية )تحت المطر(.
فاجتهد -يا أخي -أنآ تلح في الدعاء ،وأنآ تكثر في الستغفار في
كل وقت وبخاصة في هذه الوقات ،وفي جوف الليل ..ووقت
السحر فلعلك تصادف ساعة مإن رضوانآ الله وفيض نفحاته ،فتكونآ
مإن المفلحين في الدنيا والخرة.
نماذج مإن الدعوات
مإن القرآنآ الكريم:
ب الّنارِ( )البقرة. (201: ذا َ ة وَقَِنا ع َ َ سن َ ًح َ خَرةِ َ ة وَِفي ال ِ سن َ ً ح َ ـ )َرب َّنا آت َِنا ِفي الد ّن َْيا َ
ْ
ه ع ََلى مل ْت َ ُ
ح َ ما َ صرا ً ك َ َ ل ع َل َي َْنا إ ِ ْ م ْ ح ِ خط َأَنا َرب َّنا َول ت َ ْ سيَنا أ َوْ أ َ ْ نآ ن َ ِخذ َْنا إ ِ ْ ؤا ِـ )َرب َّنا ل ت ُ َ
َ َ َ َ ْ
تمَنا أن ْ َ ح ْ فْر لَنا َواْر َ ْ
ف ع َّنا َواغ ِ ة لَنا ب ِهِ َواع ْ ُ َ
مإا ل طاق َ ملَنا َ ح ّ ن قَب ْل َِنا َرب َّنا َول ت ُ َ مإ ْن ِ ذي َ ال ّ ِ
ن( )البقرة.(286: ري َ
كافِ ِ قوْم ِ ال ْ َ صْرَنا ع ََلى ال ْ َ ولَنا َفان ْ ُ مإ ْ
َ
ت ال ْوَ ّ َ ن ل َد ُن ْ َ
ب( )آل ها ُ ك أن ْ َ ة إ ِن ّ َ م ً ح َ ك َر ْ مإ ْ ب ل ََنا ِ ـ )َرب َّنا ل ت ُزِغ ْ قُُلوب ََنا ب َعْد َ إ ِذ ْ هَد َي ْت ََنا وَهَ ْ
عمرانآ. (8:
صْرَنا ع ََلى ال ْ َ َ َ
قوْم ِ مإَنا َوان ْ ُ دا َ ت أقْ َ مإرَِنا وَث َب ّ ْ سَرافََنا ِفي أ ْ فْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنا وَإ ِ ْ ـ )َرب َّنا اغ ْ ِ
ن( )آل عمرانآ. (147: ري َ كافِ ِال ْ َ
فْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنا ـ )ربنا إننا سمعنا مإناديا ً ينادي ل ِليما َ
مإّنا َرب َّنا َفاغ ْ ِ م َفآَ َ مإُنوا ب َِرب ّك ُ ْ نآ آ ِ نآ أ ِْ َ ِ َ َّ َِّ َ ِ ْ َ ُ َ ِ َُ ِ
َ َ َ وَك َ ّ
م
خزَِنا ي َوْ َ سل ِك َول ت ُ ْ مإا وَع َد ْت ََنا ع َلى ُر ُ مإعَ الب َْرارِ َ ,رب َّنا َوآت َِنا َ سي َّئات َِنا وَت َوَفَّنا َ فْر ع َّنا َ
ميَعاد َ( )آل عمرانآ. (194-193: ف ال ْ ِ خل ِ ُك ل تُ ْ مإةِ إ ِن ّ َ
قَيا َ ال ْ ِ
ن( )لعراف: ري َ س ِ خا ِ ن ال ْ َ مإ َن ِ كون َ ّ مَنا ل َن َ ُ ح ْم ت َغْفِْر ل ََنا وَت َْر َ نآ ل َ ْ سَنا وَإ ِ ْ ف َ مَنا أ َن ْ ُـ )َرب َّنا ظ َل َ ْ
. (23
وال ِد َيّ فْر ِلي وَل ِ َ عاءِ َ ,رب َّنا اغ ْ ِ ل دُ َ قب ّ ْن ذ ُّري ِّتي َرب َّنا وَت َ َ مإ ْ
صلةِ وَ ِ م ال ّ قي َ مإ ِ جعَل ِْني ُ با ْ ـ )َر ّ
ب( )إبراهيم. (41-40: سا ُ ح َ ْ
م ال ِ قو ُ م يَ ُ ن ي َوْ َ مإِني َ مؤ ْ ِ وَل ِل ْ ُ
طانا ً سل ْ َ ك ُ ن ل َد ُن ْ َ مإ ْ ل ِلي ِ جع َ ْ ق َوا ْ صد ْ ٍ ج ِ خَر َ مإ ْ جِني ُ خرِ ْ ق وَأ َ ْ صد ْ ٍ ل ِ خ َ مإد ْ َ خل ِْني ُ ب أ َد ْ ِ ـ )َر ّ
صيرا ً( )السراء. (80: نَ ِ
شدا ً( )الكهف.(10: مإرَِنا َر َ ة وهَيئ ل َنا مإ َ ن ل َد ُن ْ َ
نأ ْ م ً َ ّ ْ َ ِ ْ ح َ ك َر ْ مإ ْـ )َرب َّنا آت َِنا ِ
ن ال ّ َ َ
ن( )النبياء.(87: مي َ ظال ِ ِ مإ َ ت ِ ك إ ِّني ك ُن ْ ُ حان َ َ سب ْ َ ت ُ ه ِإل أن ْ َ نآ ل إ ِل َ َ ـ )أ ْ
مإامإا ً( )الفرقانآ: َ ـ )ربنا هَب ل َنا مإ َ
ن إِ َ قي َ جعَل َْنا ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ ن َوا ْ جَنا وَذ ُّرّيات َِنا قُّرة َ أع ْي ُ ٍ ن أْزَوا ِ ْ َ ِ ْ َ َّ
. (74
ن
ري َ خ ِق ِفي ال ِ صد ْ ٍ نآ ِ سا َل ِلي ل ِ َ جع َ ْ ن َ ,وا ْ حي َ صال ِ ِقِني ِبال ّ ح ْ كما ً وَأ َل ْ ِ ح ْ ب ِلي ُ ب هَ ْ ـ )َر ّ
جن ّةِ الن ِّعيم ِ( )الشعراء. (85-83: ِ ْ ََ ِ َة َ ث ر و ن مإ ني ِ ْ ل جع َ َ ,وا ْ
ن
ذي َ ل ِفي قُُلوب َِنا ِغل ً ل ِل ّ ِ جع َ ْ نآ َول ت َ ْ ما ِ لي َ قوَنا ِبا ِ سب َ ُن َ ذي َ وان َِنا ال ّ ِ خ َ فْر ل ََنا وَل ِ ْ ـ )َرب َّنا اغ ْ ِ
م( )الحشر. (10: حي ٌ ف َر ِ ؤو ٌ َ
مإُنوا َرب َّنا إ ِن ّك َر ُ آ َ
ت َول ت َزِد ِ مإَنا ِ مؤ ْ ِ ن َوال ْ ُ مإِني َمؤ ْ ِ مإنا ً وَل ِل ْ ُ مإؤ ْ ِ
ي ُ ل ب َي ْت ِ َخ َ ن دَ َ م ْ وال ِد َيّ وَل ِ َ فْر ِلي وَل ِ َ ب اغ ْ ِ ـ )َر ّ
ن ِإل ت ََبارا ً( )نوح.(28: ظال ِ ِ َ
مي ال ّ
في التحميد والثناء على الله يبارك وتعالى:
ـ عن بريدة رضي الله عنه قال :سمع النبي صلى اله عليه وسلم رجل يقول:
)اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي ل إله إل أنت الحد الصمد الذي لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد( ..فقال صلى الله عليه وسلم) :والذي نفسي
بيده لقد سأل الله باسمه العظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى(
أخرجه أبو داود والترمإذي.
ـ وعن أنس رضي الله عنه قال :دعا رجل فقال :رجل فقال) :اللهم إني أسألك
بأنآ لك الحمد ل إله إل أنت المنانآ بديع السموات والرض ذو الجلل والكرام يا
حي يا قيوم( فقال النبي صلى الله عليه وسلم ) :أتدرونآ بما دعا الرجل؟( قالوا:
الله ورسوله أعلم ..قال) :لقد سأل الله باسمه العظم الذي إذا دعي به أجاب
وإذا سئل به أعطى( أخرجه أصحاب السنن.
في الصلة والسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم:
ـ عن أبي مإسعود النصاري رضي الله عنه قال :أتانا رسول الله صلى
الله عليه وسلم ونحن في مإجلس سعد بن عبادة ,فقال له بشير بن
سعد :أمإرنا الله تعالى أنآ نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي
عليك؟ قال) :قولوا :اللهم صل على مإحمد وعلى آل مإحمد كما صليت
على آل إبراهيم وبارك على مإحمد وعلى آل مإحمد كما باركت على آل
إبراهيم في العالمين إنك حميد مإجيد والسلم كما قد علمتم( .أخرجه
الستة إل البخاري.
ـ وعن ابن مإسعود رضي الله عنه قال :إذا صليتم على رسول الله
فأحسنوا الصلة فإنكم ل تدرونآ لعل ذلك يعرض عليه فقالوا له:
فعلمنا قال) :قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك علي سيد المرسلين
وإمإام المتقين وخاتم النبين مإحمد عبدك ورسولك إمإام الخير وقائد
الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مإقامإا مإحمودا يغبطه به الولونآ
والخرونآ ,اللهم صل على مإحمد وعلى آل مإحمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مإجيد ,اللهم بارك على مإحمد
وعلى آل مإحمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد
مإجيد( رواه ابن مإاجه مإوقوفا بإسناد حسن.
ـ )اللهم داحي المدحوات وداعم الممسوكات ،وجابل القلوب على
فطرتها شقيها وسعيدها ,اجعل شرائف صلواتك ،ونوامإي بركاتك
على مإحمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما انغلق ،
والمعلن الحق بالحق( مإن نهج البلغة.
دعاء رسول الله في التهجد:
ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :كانآ رسول الله "صلى الله
عليه وسلم" إذا قام مإن الليل يتهجد قال) :اللهم ربنا لك الحمد أنت
قيوم السموات والرض ومإن فيهن ،ولك الحمد أنت نور السموات
والرض ومإن فيهن ،ولك الحمد أنت مإالك السموات والرض ومإن
فيهن ،ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ,ولقاؤك حق ،وقولك
حق ،والجنة حق ،والنار حق ،والنبيونآ حق ،ومإحمد حق ،والساعة
حق ،اللهم لك أسلمت وبك آمإنت وعليك توكلت ،وإليك أنبت ,وبك
خاصمت ,وإليك حاكمت ،فاغفر لي مإا قدمإت ومإا أخرت ،ومإا
أسررت ومإا أعلنت ،ومإا أنت أعلم به مإنى ،أنت المقدم وأنت
المؤخر ،ل إله إل أنت( أخرجه الستة وهذا لفظ الشيخين.
ي كرم الله وجهه:
مإن مإناجاة أمإير المؤمإنين عل ّ
أخبر أبو عبد الله مإنصور بن سكبانآ التستري قال :أخبرنا مإحمد بن
الحسن بن غراب قال :حدثنا القاضي مإوسى بن إسحاق قال حدثنا
أبو عبد الله مإحمد بن أبي شيبة قال حدثنا مإحمد بن فضيل عبد الله
ي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول في مإناجاته: السدي كانآ عل ّ
)إلـهي :لول مإا جهلت مإن أمإري ،مإا شكوت عثراتي ولول مإا ذكرت
مإن الفراط مإا سحت عبراتي ..إلـهي :فامإح مإثبتات العثرات
بمرسلت العبرات ،وهب كثير السيئات لقليل الحسنات ..إلـهي :إنآ
كنت ل ترحم إل المجد في طاعتك ،فأنى يلتجئ المخطئونآ؟ وإنآ
كنت ل تكرم إل أهل الحسانآ ،فأنى يصنع المسيئونآ؟ وإنآ كانآ ل
يفوز يوم الحشر إل المتقونآ فكيف يستغيث المذنبونآ؟ ..إلـهي:
أفحمتني ذنوبي وانقطعت مإقالتي فل حجة لي ول عذر فأنا المقّر
بجرمإي ،والمعترف بإساءتي والسير بذنبي المرتهن بعملي ..إلـهي:
فصل على مإحمد وعلى آل مإحمد وارحمني برحمتك وتجاوز عني ،
اللهم إنآ صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك
أمإلي ..إلـهي :كيف أنقلب بالخيبة عندك مإحرومإا ،وظني بجودك أنآ
تقبلني مإرحومإا ،فإني لم أسلط على حسن ظني بك قنوط اليسين
فل تبطل صدق رجائي لك بين المإلين ..إلـهي :عظم جرمإي إذ كنت
المتطالب به ..إلـهي :إنآ أوحشتني الخطايا مإن مإحاسن لطفك ،فقد
آنسني اليقين بمكارم عطفك ..إلـهي :إنآ أمإاتتني الغفلة عن
الستعداد للقائك ،فقد أنبهتني المعرفة بكريم آلئك ..إلـهي :لو لم
تهدني إلى السلم ،مإا اهتديت ،و لو لم تطلق لساني بدعائك مإا
دعوت .ولو لم تعرفني حلوة نعمتك مإا عرفت ولو لم يتبين لي
شديد عقابك مإا استجرت ..إلـهي :إنآ أقعدني التخلف عن السير مإع
البرار ،فقد أقامإتني الثقة بك على مإدارج الخيار ..إلـهي :نفسي
أعززتها بتأييد إيمانك كيف تذلها بين أطباق نيرانك ..إلـهي :كل
مإكروب فإليك يلتجئ وكل مإحزونآ فإليك يرتجي ..إلـهي :سمع
العابدونآ بجزيل ثوابك فخشعوا ,وسمع المذنبونآ بسعة غفرانك
فطمعوا حتى ازدحمت عصائب العصاة ببابك ،وعج مإنهم إليك العجيج
والضجيج بالدعاء في بلدك ..إلـهي :أنت دللتني على سؤالك الجنة
قبل مإعرفتها ،فأقبلت النفس بعد العرفانآ على مإسألتها أفتدل على
خير بالسؤال ثم تمنعه؟ وأنت الكريم المحمود في كل مإا تصنعه يا ذا
الجلل والكرام ..إلـهي :إنآ كنت غير مإستأهل لما أرجو مإن رحمتك
فأنت أهل أنآ تجود على المذنبين بفضل سعتك ..إلـهي :نفسي قائمة
بين يديك ,وقد أظلها حسن التوكل عليك ,فاصنع بي مإا أنت أهله ،
وتغمدني برحمة مإنك ..إلـهي :شهد جناني بتوحيدك وانطلق لساني
بتمجيدك ودلني القرآنآ على فضل جودك ،فكيف ل يتحقق رجائي
بحسن مإوعدك؟ ..إلـهي :كأني بنفسي وقد اضطجعت في حفرتها
وانصرف عنها المشيعونآ مإن عشيرتها ,ورحمها المعادي لها في
الحياة عند صرعتها ،ولم يخف على الناظرين إليها ذل فاقتها ،قالت
الملئكة :غريب نأى عنه القربونآ ،وبعيد جفاه الهلونآ ،وخذله
المؤمإلونآ ،نزل بنا قريبا فأصبح في اللحد غريبا ،وقد كنت في دار
الدنيا داعيا ورحمتك إياي في هذا اليوم راجيا فأحسن ضيافتي وكن
أشفق علي مإن أهلي وقرابتي ..إلـهي :سترت علي في الدنيا ذنوبا
فلم تظهرها فل تفضحني يوم ألقاك على رءوس العالمين بها ،
واسترها علي يا أرحم الراحمين هنالك ..إلـهي :مإسكنتي ل يجبرها إل
عطاؤك وأمإنيتي ل يفيها إل نعاؤك ..إلـهي :أستوفقك لما يدنيني مإنك ،
وأعوذ بك مإما يصرفني عنك ..إلـهي :أحب المإور إلى نفسي وأعودها
علي مإنفعة مإا استرشدتها بهدايتك إليه ،ودللتها برحمتك عليه
فاستعملها بذلك عني إذ أنت أرحم بها مإني ،يا أنيس كل غريب آنس
في القبر وحشتي وارحم وحدتي ,ويا عالم السر والخفى ،ويا كاشف
الضر والبلوى ،كيف نظرك لي مإن بين ساكني الثرى؟ وكيف صنيعك
لي في دار الوحشة والبلى؟ قد كنت بي لطيفا في حياتي ،فل تقطع
برك عني بعد وفاتي ,يا أفضل المنعمين في آلئه وأكرم المتفضلين
في نعمائه كثرت عندي أياديك فعجزت عن إحصائها وضقت ذرعا في
شكري للمسائل بجزائها ،فلك الحمد على مإا أوليت ،ولك الشكر
على مإا أبليت ،يا خير مإن دعاه داع وأفضل مإن رجاه راج ،يا حنانآ يا
مإنانآ يا ذا الجلل والكرام ،يا حي يا قيوم ،يا مإن له الخلق والمإر ،
تباركت يا أحسن الخالقين ,يا رحيم يا قدير يا كريم صل على مإحمد
وآله الطيبين ..آمإين( مإلخصا مإن كتاب لطائف أخبار الل.
مإن مإناجاة ابن عطاء الله السكندري:
)إلـهي :كيف تكلني إلى نفسي ،وقد توكلت لي؟ وكيف أضام وأنت
الناصر لي ؟ أم كيف أخيب وأنت الحفي بي؟ ها أنا أتوسل إليك
بفقري إليك ..إلـهي :كلما أخرسني لؤمإي أنطقني كرمإك؟ كلما
أيستني أوصافي أطمعتني مإننك ..إلـهي :مإن كانت مإحاسنه مإساوي
،فكيف ل تكونآ مإساويه مإساوي؟ مإن كانت حقائقه دعاوى ،فكيف
ل تكونآ دعاويه دعاوى؟ ..مإتى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟
أو مإتى بعدت حتى تكونآ الثار هي التي توصل إليك ؟! ..عميت عين
ل تراك عليها رقيبا ،وخسرت صفقة عبد لم يجعل له مإن حبك
نصيبا ..إلـهي :هذا ذلي ظاهر بين يديك ،وهذا حالي ل يخفى عليك ،
مإنك أطلب الوصول إليك ،وبك أستدل عليك ,اهدني بنورك إليك ،
وأقمني بصدق العبودية بين يديك ..إلـهي :عّلمني مإن علمك
المخزونآ ,وصّني بسر اسمك المصونآ ,بك أنتصر فانصرني ،
وعليك أتوكل فل تكلني ،وإياك أسأل فل تخّيبني ،وفى فضلك أرغب
فل تحرمإني ،ولجنابك أنتسب فل تبعدني ،وببابي أقف فل تطردني..
إلـهي :تقدس رضاك أنآ تكونآ له علة مإنك ،فكيف تكونآ له علة
مإني ،أنت الغني بذاتك عن أنآ يصل إليك النفع ،فكيف ل تكونآ غنيا
عني؟ أنت الذي أشرقت النوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك
ووجدوك ،وأنت الذي أزلت الغيار عن قلوب أحبابك حتى لم يحبوا
سواك ،و لم يلجئوا إلى غيرك ,أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم
العوامإل وأنت الذي هديتهم حتى استبانت لهم المعالم .فإذا وجد
مإن فقدك ومإا الذي فقد مإن وجدك؟ لقد خاب مإن رضي دونك بدل
ولقد خسر مإن بغى عنك مإتحول ..إلـهي كيف يرجى سواك ،وأنت
مإا قطعت الحسانآ؟ وكيف يطلب مإن غيرك وأنت مإا بدلت عادة
المإتنانآ؟ يا مإن أذاق أحباءه حلوة مإؤانسته فقامإوا بين يديه مإتملقين
،ويا مإن ألبس أولياءه مإلبس هيبته فقامإوا بعزته مإستعزين أنت
الذاكر مإن قبل الذاكرين ،وأنت البادئ بالحسانآ مإن قبل توجه
العابدين ،وأنت الجواد بالعطاء مإن قبل طلب الطالبين ،وأنت
الوهاب ثم أنت لما وهبتنا مإن المستعرضين ..إلـهي :اطلبني برحمتك
حتى أصل إليك واجذبني بمنتك حتى أقبل عليك ..إلـهي :إنآ رجائي ل
ينقطع عنك وإنآ عصيتك كما أنآ خوفي ل يزامإلني وإنآ أطعتك..
إلـهي :قد دفعتني العوالم إليك وقد أوقفني علمي بكرمإك عليك..
إلـهي :كيف أخيب وأنت أمإلي؟ أم كيف أهانآ وعليك مإتكلي؟ يا مإن
أحتجب في سرادقات عزه عن أنآ تدركه البصار يا مإن تجلى بكمال
بهائه فتحققت عظمة السرار كيف وأنت الظاهر؟ أم كيف تغيب
وأنت الرقيب الحاضر؟( انتهى بتصرف.
مإن دعوات السيد أحمد الرفاعي:
)اللهم صل على سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم فارج
الهم كاشف الغم مإجيب دعوة المضطرين ،رحمـن الدنيا والخرة
ورحيمهما ،أنت ترحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة مإن سواك ل إله
إل أنت يا رب كل شيء ,سبحانك ل إله إل أنت ,يا وارث كل شيء
ي يا
يا حي يا قيوم يا ذا الجلل والكرام يا أرحم الراحمين يا عل ّ
عظيم يا صمد يا فرد يا واحد يا أحد يا مإن بيده الخير وهو على كل
شيء قدير ،نسألك توكل خالصا عليك ورجوعا في كل الحوال إليك
واعتمادا على فضلك واستنادا لبابك يا عالم السر والنجوى ،يا
كاشف الضر والبلوى ،يا مإن تضرع إليه قلوب المضطرين وتعول
عليه همم المحتاجين ،نسألك اللهـم بمعاقد العز مإن عرشك ،
ي العلى ،وبكلماتك وبمنتهى الرحمة مإن كتابك ،وباسمك العل ّ
التامإات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر ،وبإشراق وجهك ،أنآ تصلي
فنا بألطافك الخفية على سيدنا مإحمد وآله وصحبه وذريته ،وأنآ تح ّ
حتى نرفل بحلل المإانآ مإن خوارق الحدثانآ ،وعلئق الكوانآ
وإشراك الحرمإانآ وغوائل الخذلنآ ،ودسائس الشيطانآ وسوء النية
وظلمة الخطية ,اللهم امإنحني قلبا ل ينصرف في آمإاله إل إليك ،
ولّبـا ل يعول في أحواله إل عليك ،وقلبني على بساط المعرفة بقوة
دت به عبادك الصالحين . التوحيد واليقين ،وأيدني بك لك بما أي ّ
اللهم اسلك بي طريق نبيك المصطفى سيد المقربين الحباب ،
وأوزعني أنآ أشكر نعمتك باتباعه عليه الصلة والسلم بطريقة الحق
والصواب ..اللهـم إني أعوذ بك مإن علم ل ينفع ،وعمل ل يرفع ،
وقلب ل يخشع ،ودعاء ل يسمع ..ربنا آتنا مإن لدنك رحمة وهيئ لنا
مإن أمإرنا رشدا ..اللهـم حققني بحقيقته الصديقية ،وأذقني حلوة
اليقين بصدق النية ،وخالص الطوية ول تكلني لنفسي ،ول لحد مإن
خلقك طرفة عين يا أرحم الراحمين ،ول حول ول قوة إل بالله العلي
العظيم ،وسلم على المرسلين والحمد لله رب العالمين( .مإن
حزب الوسيلة بتصرف.
السباب :
ويزعج هذا التجاه كثيرا مإن الحكومإات والدول الغربية التي عاشت
طوال القرونآ الماضية في عقلية الذي ل يعرف عن السلم إل
التعصب والجمود ,ول يرى في المسلمين إل شعوبا مإستضعفة
للتسخير وأوطانا خصبة للستعمار ,وأخذوا يتوجسونآ مإن هذه الحركة
ويذهبونآ في تفسيرها وتأويلها كل مإذهب ,فمن قائل أنها نتيجة قيام
الهيئات المتطرفة والجماعات المتعصبة ،ومإن قائل أنها رد فعل
للضغط السياسي والقتصادي الذي شعرت به هذه المإم السلمإية
في هذه العصار ،ومإن قائل إنها وسيلة يتوصل بها بعض طلب الحكم
والجاه إلى الظهور والمنصب ..وكل هذه السباب فيما نعتقد بعيدة
عن الحقيقة كل البعد ،وهذا التجاه ليس إل نتيجة لعوامإل ثلثة فيما
نرى:
إفلس الغرب:
أولها ـ إفلس الصول الجتماعية التي قامإت عليها حضارة المإم
الغربية فحياة الغرب التي قامإت على العلم المادي والمعرفة الولية
والكشف والختراع وإغراق أسواق العالم بمنتجات العقول واللت لم
تستطع أنآ تقدم للنفس النسانية خيطا مإن النور ،أو بصيصا مإن المإل
أو شعاعا مإن اليمانآ .ولم ترسم للرواح القلقة أي سبيل للراحة
والطمئنانآ ،وليس النسانآ آلة مإن اللت ,ولهذا كانآ طبيعيا أنآ يتبرم
بهذه الوضاع المادية البحتة وأنآ يحاول الترفيه عن نفسه ،ولم تجد
الحياة الغربية المادية مإا ترفه به عنه إل الماديات أيضا مإن الثام
والشهوات والخمور والنساء والحفال الصاخبة والمظاهر المغرية
التي تلهى بها حينا ,ثم ازداد بها بعد ذلك جوعا على جوع وأحس
بصرخات روحه تنطلق عالية تحاول تحطيم هذا السجن المادي ,
والنطلق في الفضاء واسترواح نسمات اليمانآ والعزاء.
كمال السلم:
وثانيها ـ وهو العامإل اليجابي في الموضوع ـ اكتشاف المفكرين مإن
رجال السلم مإا في أصوله وقواعده مإن سمو ورقي وصلحية
واكتمال ,وأنها أكمل وأدق وأفضل وأشمل وأجمع مإن كل مإا كشفت
عنه الفلسفات الجتماعية والعقول المصلحة إلى النآ ,وقد كانآ
المسلمونآ غفلوا عن ذلك حينا مإن الدهر فلما كشف الله عن بصائر
مإفكريهم ،وقارنوا مإا عندهم مإن قواعد دينهم الجتماعية بما يتحدث
عنه كبار الجتماعيين وأساطين وجهابذة المفكرين ،ووجدوا البونآ
شاسعا والفرق بعيدا عن كنوز هذا الميراث الضخم وبين مإا يلهو به
هؤلء ,لم يملكوا أنفسهم مإن أنآ ينصفوا عقولهم وتاريخهم وشعوبهم
،وأنآ ينادوا بنفاسة هذا الميراث ،وأنآ يهيبوا بهذه المإم الغافلة
إسلمإية وغير إسلمإية أنآ تستفيد مإن هذا الرشاد الرباني الكريم وأنآ
تنهج نهج هذا الصراط السوي المستقيم.
طبيعة التطور:
وثالثها ـ طبيعة التطور الجتماعي بعد حربين طاحنتين اشتركت فيهما
دول العالم جميعا ،وتناولت النفوس والوضاع والشعوب والفراد ،
ونبتت بعدهما طائفة مإن المبادئ الصلحية والنظم الجتماعية ،
وقامإت على أساسها دول ونهضت بتطبيقها ،ثم لم يمض كبير وقت
حتى تناولتها يد التبديل والتغيير أو الهدم والتدمإير ،والمفكرونآ مإن
المسلمين ينظرونآ ويرقبونآ ويوازنونآ ويرجعونآ إلى مإا بين أيديهم مإن
كتاب ربهم وهو مإشرق ،ومإن سنة نبيهم وهى بينة ،ومإن تاريخهم وهو
مإجيد ،فل يرونآ لنظام مإن هذه النظم حسنة مإن الحسنات إل وجدوا
أنها مإقررة في نظامإهم السلمإي الجتماعي ,وأنهم سبقوا إليها
فتحدثوا عنها أو عملوا بها ،ول يرونآ لنظام مإن هذه النظم سيئة مإن
السيئات إل وجدوا أنآ نظامإهم السلمإي الجتماعي قد حذر مإنها
واحتاط لها ووصف طريق الوقاية مإن نتائجها وآثارها ,سادت العالم
حينا مإن الدهر هذه النظم الديمقراطية وانطلقت الحناجر في كل
مإكانآ تسبح وتقدس بما جاء به هذا النظام الديمقراطي مإن حرية
للفراد وللشعوب على السواء ،ومإن إنصاف للعقل النساني بحرية
التفكير ،وللنفس النسانية بحرية العمل والرادة ،وللشعوب بأنآ
تكونآ مإصدر السلطات ،وجاء النصر في الحرب العالمية الولى مإعززا
لهذه الفكار مإتوجا إياها بإكليل الغار ،ثم لم يلبث الناس أنآ تبينوا أنآ
حريتها الجتماعية لم تسلم مإن الفوضى ,وأنآ حريتها الفردية لم تأخذ
الحيطة مإن الباحية ،وأنآ سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع مإن كثير
مإن الديكتاتوريات المستورة التي تضيع مإعها التبعات ول تحدد فيها
الختصاصات ،إلى غير ذلك مإن المثالب والعيوب التي أدت إلى
تفكك المإم والشعوب ,وتخلخل نظام الجماعات والبيوت ومإهدت
لقيام النظم ا لدكتاتورية.
فقامإت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ,وأخذ كل مإن
مإوسوليني وهتلر بيد شعبه إلى الوحدة والنظام والنهوض والقوة
والمجد ,وسرعانآ مإا خطا هذا النظام بهاتين المإتين في مإدارج
الصلح في الداخل والقوة والهيبة في الخارج ,وبعث في النفوس
المإال الخالدة وأحيا الهمم والعزائم الراكدة ,وجمع كلمة المختلفين
المتفرقين على نظام وإمإام ،وأصبح الفوهرر أو الدوتشي إذا تكلم
أحدهما أو خطب تفزعت الفلك والتفت الدهر.
ثم مإاذا ؟ ..ثم تكشف المإر عن أنآ هذا الجهاز القوي المتماسك الذي
فنيت فيه إرادات الفراد في إرادات الزعماء أخطأ حين أخطئوا ،
فطغى بطغيانهم وانحرف بانحرافهم وهوى بسقوطهم ,وانتهى كل
شيء وأصبح حصيدا كأنآ لم يغن بالمإس بعد أنآ بذل العالم في حربه
الثانية المليين مإن زهرة الشباب والقناطير المقنطرة مإن المإوال
والعتاد.
ولمع نجم الشتراكية والشيوعية بعد ذلك ,وزاد في هذا البريق
واللمعانآ مإعني الفوز والنتصار ،وتقدمإت روسيا السوفيتية إلى
الميدانآ الجتماعي تبشر بدعوتها ,وتدل على الدنيا بنظامإها الذي
تبدل في ثلثين عامإا عدة مإرات ،وأخذت دول الديمقراطيات أو
بعبارة أدق دول الستعمار القديمة البالية أو الجديدة الطامإعة تعد
العدة لتوقف هذا التيار ،والصراع يقوى ويشتد تارة في العلنية
وأخرى في الخفاء ،والدول والمإم والشعوب الحائرة على مإفترق
الطرق ل تدري أين السبيل ،ومإنها أمإم السلم وشعوب القرآنآ ,
والمستقبل في ذلك كله بيد الله والحكم للتاريخ والبقاء للصلح على
كل حال.
هذا التطور الجتماعي وهذا الصراع العنيف القوي أيقظ همم
المفكرين مإن المسلمين فأخذوا يوازنونآ
ويقارنونآ ,وانتهوا بعد الموازنة إلى نتيجة صحيحة سليمة هي التخلص
مإن كل هذه الوضاع ووجوب عودة شعوبهم وأمإمهم إلى السلم.
النظم الثلثة في الصلة
قلت ذات مإرة مإداعبا للسامإعين في إحدى المحاضرات ـ وكانت
خطوة مإوفقة كل التوفيق والحمد لله ـ إنآ هذه الصلة السلمإية التي
نؤديها في اليوم خمس مإرات ليست إل تدريبا يومإيا على نظام
اجتماعي عملي ,امإتزجت فيه مإحاسن النظام الشيوعي بمحاسن
النظام الديمقراطي بمحاسن النظام الدكتاتوري ،فعجبوا وقالوا:
كيف كانآ ذلك؟ ..فقلت :أفضل مإا في النظام الشيوعي مإن حسنات
تدعيم مإعنى المساواة والقضاء على الفوارق والطبقات ,ومإحاربة
العتزاز بالملكية التي يكونآ عنها هذا التفاوت ..وهذه المعاني كلها
يستحضرها المسلم ويشعر بها تمامإا ,وتتركز في نفسه إذا دخل
المسجد لنه يستشعر لول دخوله أنآ هذا المسجد لله ،ل لحد مإن
خلقه ،وأنه سواء العاكف فيه والباد ،ل صغير فيه ول كبير ول أمإير ول
حقير ول فوارق ول طبقات ،فإذا صاح المؤذنآ) :قد قامإت الصلة ..
قد قامإت الصلة( ,استوى هذا الجمع خلف إمإامإه كالبنيانآ المرصوصا
,فل يركع أحد حتى يركع المإام ول يسجد حتى يسجد ول يأتي بحركة
أو سكونآ إل تابعا له ومإقتديا به ومإقلدا إياه ،وهذا هو أفضل مإا في
النظام الدكتاتوري :الوحدة والنظام في الرادة والمظهر على السواء
،ولكن هذا المإام مإقيد هو نفسه بتعاليم الصلة ودستورها ،فإذا
انحرف أو أخطأ في تلوة أو عمل كانآ للصبي الصغير وللرجل الكبير
وللمرأة المصلية خلفه ،كانآ لكل واحد مإن هؤلء الحق كل الحق أنآ
ينبهه إلى خطئه وأنآ يرده ،إلى الصواب في أثناء الصلة ,وكانآ على
المإام كائنا مإن كانآ أنآ ينزل على هذا الرشاد وأنآ يعدل عن خطئه
إلى الحق والصواب ،وليس في الديمقراطية أروع مإن هذه الحسنات
..فماذا بقى بعد ذلك لهذه النظم مإن فضل على السلم؟! ..وقد
جمع مإحاسنها جميعا واتقى بهذا المزج البديع كل مإا فيها مإن سيئات
خِتلفا ً ك َِثيرا ً( )النساء. (82:
دوا ِفيهِ ا ْ عن ْد ِ غ َي ْرِ اللهِ ل َوَ َ
ج ُ ن ِ
مإ ْ
نآ ِ )وَل َوْ َ
كا َ
ل مإبرر للنزعاج:
والغربيونآ كما قلت ـ ومإعهم الذين ل يعلمونآ ـ ينزعجونآ أشد
النزعاج لهذا التجاه ويرونه مإن الخطورة بحيث تجب عليهم مإحاربته
بكل سبيل ,لنه ليس أكثر في عرفهم مإن انتصار للمبادئ الرجعية ,
وتجميع للمإم الهمجية حولها ضد مإبادئ الحضارة والمدنية وشعوب
العلم والعرفانآ والنظام .وهذا وهم عريق في الخطأ ,وظلم صارخ
للحقائق الواضحة وضوح الشمس في وضح النهار ,ومإهمتنا في هذه
الكلمات أنآ نصل مإعهم إلى أمإرين:
أولهما:إثبات سمو أصول النظام الجتماعي السلمإي وفضلها على
كل مإا عرف الناس تلك الصول التي مإنها:
ا -الخاء النساني ـ والقضاء على روح الكراهية والتعصب.
- 2السلم ـ وخطأ الذين ل يعلمونآ في فهم مإشروعية الجهاد.
– 3الحرية ـ وخطأ الذين يتهمونآ السلم بإباحة الرق ومإصادرة
الحريات.
- 4العدل الجتماعي ـ وفيه بيانآ رأي السلم في نظام الحكم
والطبقات.
- 5الحياة الطيبة ـ وفيه بيانآ الخطأ في فهم حقيقة الزهد.
– 6السرة ـ وفيه الكلم على حقوق المرأة والتعدد والطلق.
- 7العمل والكسب ـ وفيه الكلم على أنواع الكسب والخطأ في فهم
التوكل.
- 8العلم ـ وفيه خطأ مإن يتهمونآ النظام السلمإي بتشجيع الجهالة
والخمول.
- 9النظام وتقدير الواجب ـ وفيه خطأ مإن يظنونآ في طبيعة السلم
النقص والهمال.
- 10التدّين ـ وفيه حقيقة اليمانآ بالله والفضيلة والجزاء.
وثانيهما:إثبات أنآ مإن الخير للنسانية كلها أنآ يتجه المسلمونآ إلى
العودة لدينهم وأنآ ذلك سيكونآ أكبر دعائم السلم على الرض ,وأنآ
الدافع في ذلك ليس التعصب العمى ولكن القتناع التام بفضل مإا
جاء به السلم وانطباقه تمام النطباق على أرقى مإا كشف عنه
التفكير العقلي السليم مإن قواعد الجتماع الصالحة ,ودعائم نظمه
القوية الثابتة.
سِبي َ
ل( دي ال ّ
حقّ وَهُوَ ي َهْ ِ ْ قو ُ
ل ال َ ه يَ ُ
)َوالل ُ
وبنو إسرائيل أمإة مإوسى أمإة كريمة مإفضلة مإا استقامإت وآمإنت )َيا
م ع ََلى َ َ
ضل ْت ُك ُ ْم وَأّني فَ ّ ت ع َل َي ْك ُ ْ ي ال ِّتي أن ْعَ ْ
م ُ ل اذ ْك ُُروا ن ِعْ َ
مت ِ َ سرائي َب َِني إ ِ ْ
ن( )البقرة , (122:وأمإة عيسى عليه السلم أمإة فاضلة طيبة مي َال َْعال َ ِ
ْ
ة(
ة وََرهَْبان ِي ّ ً م ًح َ
ة وََر ْن ات ّب َُعوه ُ َرأفَ ً
ذي َ ب ال ّ ِ
جعَل َْنا ِفي قُُلو ِ مإا أخلصت )وَ َ
)الحديد. (27:
والتعامإل بين المسلمين وبين غيرهم مإن أهل العقائد والديانآ إنما
يقوم على أساس المصلحة الجتماعية والخير النساني ) ,ل ي َن َْهاك ُ ُ
م
خرجوك ُم مإن ديارك ُ َ
نآ
مأ ْ ْ ِ ْ َِ ِ ْ م يُ ْ ِ ُ ن وَل َ ْ دي ِ م ِفي ال ّ قات ُِلوك ُ ْ م يُ َ ن لَ ْ
ذي َ ن ال ّ ِ ه عَ ِ الل ُ
ن
ه عَ ِ م الل ُ ما ي َن َْهاك ُ ُ
ن ,إ ِن ّ َ طي َ س ِ ق ِ م ْب ال ْ ُ ح ّ ه يُ ِنآ الل َ م إِ ّ طوا إ ِل َي ْهِ ْس ُ ق ِ م وَت ُ ْ ت َب َّروهُ ْ
ظاهَُروا ع ََلى م وَ َ َ
ن د َِيارِك ُ ْ مإ ْم ِ جوك ُ ْ خَر ُ ن وَأ ْ دي ِ م ِفي ال ّ ن َقات َُلوك ُ ْ ذي َ ال ّ ِ
م ال ّ ُ
م فَأول َئ ِ َ َ
نآ( )الممتحنة-8: مو َ ظال ِ ُ ك هُ ُ ن ي َت َوَل ّهُ ْ مإ ْم وَ َ نآ ت َوَل ّوْهُ ْ مأ ْ جك ُ ْ خَرا ِ إِ ْ
. (9
السلم شريعة السلم ودين المرحمة مإا في ذلك شك ,ل يخالف هذا
إل جاهل بأحكامإه أو حاقد على نظامإه أو مإكابر ل يقتنع بدليل ول
يسلم ببرهانآ ,اسم السلم نفسه مإشتق مإن صميم هذه المادة مإادة
السلم ,والمؤمإنونآ بهذا الدين لم يجدوا لنفسهم اسما أفضل مإن
يكونوا المسلمين )مإل ّ َ َ
لن قَب ْ ُ مإ ْ ن ِ مي َ سل ِ ِ
م ْم ال ْ ُ ماك ُ ُس ّ م هُوَ َ هي َ ة أِبيك ُ ْ
م إ ِب َْرا ِ ِ
س( َ م وَت َكوُنوا ُ ُ ُ َ ً ل َ سو ُ ذا ل ِي َ ُ
وَِفي هَ َ
داَء ع َلى الّنا ِ شه َ َ شِهيدا ع َلي ْك ْ نآ الّر ُ
كو َ
)الحج. (78:
ه َ َ َ
جهَ ُ م وَ ْ سل َ نأ ْ مإ ْ
وحقيقة هذا الدين ولبه السلم لرب العالمين )ب َلى َ
لله وهُو مإحسن فَل َ َ
نآ( حَزُنو َ م يَ ْ م َول هُ ْ ف ع َل َي ْهِ ْ خوْ ٌ عن ْد َ َرب ّهِ َول َ جُره ُ ِ هأ ْ ُ ِ َ َ ُ ْ ِ ٌ
ن( َ ْ َ َ م َقا َ َ َ )البقرة) , (112:إ ِذ ْ َقا َ
مي َ ب الَعال ِ ت ل َِر ّ م ُ سل ْ لأ ْ سل ِ ْ هأ ْ ه َرب ّ ُلل ُ
ن( )النعام. (71: َ ْ ُ
مي َ ب الَعال ِ م ل َِر ّ سل ِ َمإْرَنا ل ِن ُ ْ
)البقرة) , (131:وَأ ِ
وتحية أهل السلم فيما بينهم السلم عليكم ورحمة الله بركاته ـ
وختام الصلة عندهم سلم على اليمين وسلم على اليسار وسلم في
المإام إنآ كانوا يصلونآ خلف إمإام كأنهم يبدءونآ أهل الدنيا مإن كل
نواحيها بالسلم بعد أنآ فارقوها بخواطرهم لحظات انصرفوا فيها
لمناجاة الله الملك العلم.
وقد نزل القرآنآ الكريم في ليلة كلها سلم تحف به مإلئكة السلم
خي ٌْر قد ْرِ َ ة ال ْ َ قد ْرِ ,ل َي ْل َ ُ ة ال ْ َ مإا ل َي ْل َ ُ ك َ مإا أ َد َْرا َ قد ْرِ ,وَ َ )إ ِّنا أ َن َْزل َْناه ُ ِفي ل َي ْل َةِ ال ْ َ
ة والروح فيها بإذ ْنآ ربهم مإن ك ُ ّ َ مإ َ
مإرٍ , لأ ْ ملئ ِك َ ُ َ ّ ُ ِ َ ِ ِ ِ َ ّ ِ ْ ِ ْ ل ال ْ َ شهْرٍ ,ت َن َّز ُ ف َ ن أل ْ ِ ِ ْ
جرِ( )سورة القدر( . ف ْ ْ
مإطلِع ال َ َ ْ حّتى َ ي َ م هِ َ سل ٌ َ
م سل ه
ّ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ ٌ َ ن و َ قْ ل ي م و ي م ه ُ ت ي ح
ِ َ ت ) السلم تحية عباده به الله يلقى مإا وأفضل
ريما ً( )الحزاب. (44: وأ َع َد ل َه َ
جرا ً ك َ ِ مأ ْ َ ّ ُ ْ
وخير مإا يستقبل الملئكة به الصالحين مإن عباد الله في جنة السلم
م فَن ِعْ َ
م صب َْرت ُ ْ ما َ م بِ َ م ع َل َي ْك ُ ْ سل ٌ بَ , ل َبا ٍ ن كُ ّ مإ ْ م ِ نآ ع َل َي ْهِ ْ خُلو َ ة ي َد ْ ُ ملئ ِك َ ُ )َوال ْ َ
دارِ( )الرعد , (24-23:والجنة نفسها اسمها دار السلم )ل َهُ ْ
م قَبى ال ّ عُ ْ
نآ( )النعام, (127: ملو َ ُ ما كاُنوا ي َعْ َ َ م بِ َ م وَهُوَ وَل ِي ّهُ ْ عن ْد َ َرب ّهِ ْ سلم ِ ِ داُر ال ّ َ
قيم ٍ( ست َ ِ مإ ْ ط ُ صَرا ٍ شاُء إ ِلى َِ ن يَ َ مإ ْ دي َ سلم ِ وَي َهْ ِ دارِ ال ّ َ
عو إ ِلى َ ه ي َد ْ ُ )َوالل ُ
)يونس. (25:
مل ِكُ ه ِإل هُوَ ال َْ ذي ل إ ِل ََ ه ال ِّ والله تبارك وتعالى اسمه السلم )هُوَ الل ُ
م( )الحشر(23: سل ُ س ال ّ دو ُ ق ّ ال ْ ُ
نآ
ولن يتأخر المسلم عن الستجابة لدعوة السلم ولن يردها أبدا )وَإ ِ ْ
نآ
م ,وَإ ِ ْ ميعُ ال ْعَِلي ُ س ِ ه هُوَ ال ّ ل ع ََلى اللهِ إ ِن ّ ُ ح ل ََها وَت َوَك ّ ْ جن َ ْ سل ْم ِ َفا ْ حوا ِلل ّ جن َ ُ َ
ْ ذي أي ّد َ َ َ ّ سب َ َ عو َ َ
ن(مإِني َ مؤ ْ ِ صرِهِ وَِبال ُ ك ب ِن َ ْ ه هُوَ ال ِ ك الل ُ ح ْ نآ َ ك فَإ ِ ّ خد َ ُ نآ ي َ ْ دوا أ ْ ري ُ يُ ِ
مإنا ً َ َ ْ َ ُ
مإؤ ْ ِ
ت ُ س َ مل ْ سل َ م ال ّ قى إ ِلي ْك ُ ُ ن أل َ م ْ قولوا ل ِ َ )لنفالَ) , (62-61:ول ت َ ُ
م ك َِثيَرة ٌ( )النساء. (94: مإَغان ِ ُ حَياةِ الد ّن َْيا فَعِن ْد َ اللهِ َ ض ال ْ َ نآ ع ََر َ ت َب ْت َُغو َ
وليست في الدنيا شريعة دينية ول نظام اجتماعي فرض السلم تدريبا
عمليا واعتبره شعيرة مإن شعائره وركنا مإن أركانه كما فرض السلم
رياضة النفس على السلم بالحرام في الحج ،فمتى أهل المسلم به
فقد حرم عليه مإنذ تلك اللحظة أنآ يقص ظفرا أو يحلق شعرا أو
يقطع نباتا أو يعضد شجرا أو يقتل حيوانا أو يرمإى صيدا أو يؤذى أحدا
بيد أو لسانآ حتى ولو وجد قاتل أبيه وجها لوجه لما استطاع أنآ يمسه
ج( )البقرة , (197:فهو ح ّ ل ِفي ال ْ َ دا َ ج َ سوقَ َول ِ ث َول فُ ُ بشيء )َفل َرفَ َ
بهذا الحرام قد أصبح سلما لنفسه سلما لغيره مإن إنسانآ أو حيوانآ
أو نبات.
والسلم دين الرحمة ,فهي قرين السلم في تحية المسلمين ,ونبي
السلم إنما أرسله الله رحمة للعالمين ,وشعار المسلم الذي يردده
حيم ِ( ,والوصية بين ن الّر ِ م ِ ح َ سـم ِ اللهِ الّر ْ قبل كل قول أو عمل )ب ِ ْ
صب ْرِ وا ِبال ّ ص ْ وا َ مإُنوا وَت َ َ نآ َ ذي َ ّ
ن ال ِ مإ َ نآ ِ كا َ م َ المؤمإنين الصبر والمرحمة )ث ُ ّ
وتواصوا بال ْمرحمة ُ ,أول َئ ِ َ َ
من َةِ( )البلد. (18-17: مي ْ َ ب ال ْ َ حا ُ ص َ كأ ْ ََ َ َ ْ ِ َ ْ َ َ ِ
و آيات القرآنآ الكريم وأحاديث الرسول مإحمد eوأعماله وتصرفاته
كلها تدل على سمو مإنزلة الرحمة بين الخلق التي يأمإر بها هذا
الدين.
لقد فتحت أبواب الجنة وشملت مإغفرة الله تعالى ومإنته رجل سقى
كلبا يلهث يأكل الثرى مإن العطش .روى البخاري ومإسلم وغيرهما
عن أبي هريرة قال) :قال رسول الله eفي " :بينما رجل يمشي
بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج وإذا
كلب يلهث يأكل الثرى مإن العطش فقال الرجل :لقد بلغ هذا الكلب
مإن العطش مإثل الذي كانآ بلغ مإني فنزل البئر فمل خفه مإاء ثم
أمإسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله تعالى له فغفر له"
قالوا يا رسول الله :وإنآ لنا في البهائم أجرا؟ قال" :في كل كبد
رطبة أجر"(
وفتحت أبواب النار لمإرأة حبست هرة وقست عليها ,روى البخاري
ومإسلم أنآ ابن عمر قال :قال رسول الله ) : eدخلت امإرأة النار في
هرة ربطتها فل هي أطعمتها ول هي تركتها تأكل مإن خشاش الرض(.
ومإن قبل أنآ تنشأ جمعيات الرفق بالحيوانآ في أوربا أو غيرها ،كانآ
الرفق بالحيوانآ شعار الدين السلمإي ووصية النبي eلكل مإسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ) :eلتتخذوا
ظهور دوابكم مإنابر إنما سخرها الله لكم لتبلغوا إلى بلد لم تكونوا
بالغيه إل بشق النفس وجعل لكم الرض فعليها فاقضوا حاجتكم(
رواه أبو داود.
وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال) :كنا مإع
رسول الله eفي سفر فرأينا حمرة مإعها فرخانآ لها فأخذناها فجاءت
الحمرة تعرش فلما جاء رسول الله eقال" :مإن فجع هذه بولدها ،
ردوا ولدها إليها" .ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال" :مإن أحرق
هذه؟" قلنا نحن قال " :إنه ل ينبغي أنآ يعذب بالنار إل رب النار"(
أخرجه أبو داود أيضا.
وروى ابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه
نهى عن ركض الفرس إل لحاجة وأنه كتب إلى صاحب السكك أل
يحملوا أحدا بلجام ثقيل ول ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة ـ وكتب
إلى حيانآ بمصر أنه بلغني أنآ بمصر إبل نقالت يحمل على البعير مإنها
ألف رطل فإذا أتاك كتابي هذا فل أعرفن أنه يحمل على البعير اكثر
مإن ستمائة رطل.
وإنما سمي الفسطاط "مإصر القديمة" بذلك لنآ فسطاط عمرو بن
العاصا حين الفتح اتخذت مإن أعله حمامإة عشا لها فلم يشأ عمرو أنآ
يهيجها بتقويضه فتركه وتتابع العمرانآ مإن حوله فكانت مإدينة
الفسطاط.
ومإا ذلك كله إل أثرا مإن آثار الرحمة التي يشيعها السلم في نفوس
المؤمإنين ،فهو ول شك دين الرحمة ،وهو ول شك دين السلم.
وإذا كانآ السلم دين السلم ودين الرحمة فما مإوقفه مإن فكرة
الحرب والقتال والجهاد ؟ وهل انتشر بالسيف كما يقول عنه كثير مإن
خصومإه الذين لم يعرفوه أو تعمدوا أنآ يتجاهلوه؟ وهل انفرد دونآ
غيره مإن الديانآ بمشروعية القتال؟ هذه هي رؤوس الموضوعات
التي سنعالجها مإختصرة في هذه الكلمات التالية.
السـلم والحــرب
أ ـ الحرب ضرورة اجتماعية :
القاعدة الساسية التي وضعها السلم للحياة هي ول شك الطمأنينة
والسلم والستقرار ،ولكن السلم مإع هذا دين يواجه الواقع ول يفر
مإنه ،ومإا دامإت في الدنيا نفوس لها أهواء ونوازع ومإطامإع ،ومإا دام
هناك هذا النامإوس الذي يطبق على الفراد والجماعات على السواء ،
نامإوس تنازع البقاء ،فلبد إذنآ مإن الشتباك والحرب ،وحين تكونآ
الحرب لردع المعتدي وكف الظالم ونصرة الحق والنتصاف للمظلوم
تكونآ فضيلة مإن الفضائل وتنتج الخير والبركة والسمو للناس ،وحين
تكونآ تحيزا وفسادا في الرض واعتداء على الضعفاء تكونآ رذيلة
اجتماعية وتنتج السوء والشر والفساد في الناس .ومإن هنا جاء
ول د َفْعُ السلم يقرر هذا الواقع ويصوره ،فيقول القرآنآ الكريم) :وَل َ ْ
ل ع ََلى فسد َ ِ َ
ض ٍ ذو فَ ْ ه ُ ن الل َ ض وَل َك ِ ّ ت الْر ُ ض لَ َ َ م ب ِب َعْ ٍ ضه ُ ْ س ب َعْ َ اللهِ الّنا َ
ول د َفْعُ الل ّهِ ن( )البقرة , (251:كما يقول في آية أخرى) :وَل َ ْ مي َ ال َْعال َ ِ
جد ُ ي ُذ ْك َُر ِفيَها سا ِ مإ َ
ت وَ َ وا ٌ صل َ َ
مإعُ وَب ِي َعٌ وَ َ وا ِص َ ت َ مإ ْ ض ل َهُد ّ َم ب ِب َعْ ٍ ضه ُ ْس ب َعْ َ الّنا َ
ن
ذي َ زيٌز ,ال ّ ِ ق َوِيّ ع َ ِ ه لَ َ
نآ الل َ صُره ُ إ ِ ّ ن ي َن ْ ُمإ ْ ه َنآ الل ُ صَر ّ م اللهِ ك َِثيرا ً وَل َي َن ْ ُ س ُا ْ
َ َ
ف معُْرو ِ مإُروا ِبال ْ َ كاة َ وَأ َ وا الّز َ صلة َ َوآت َ ُ مإوا ال ّ ض أَقا ُ م ِفي الْر ِ مإك ّّناهُ ْنآ َ إِ ْ
مإورِ( )الحج. (41-40: ُ َ ْ
ة ال ُ عاقِب َ ُ من ْكرِ َوللهِ َ ن ال ُ وا ع َ ِ وَن َهَ ْ
وبذلك كانت أولى نظرات السلم إلى الحرب أنها ضرورة اجتماعية
أو شر ل بد مإنه إل لما يرجى مإن ورائه مإن خير على حد قول الشاعر
العربي:
ذرعا وإنآ تلقه بالشر ينحسـم والشر إنآ تلقه بالخيـر ضقت بـه
والناس إنآ ظلموا البرهانآ واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا مإن
السلم
ب ـ أغراض الحرب في السلم :
وفى الوقت الذي يقرر السلم فيه هذا الواقع يحرم الحرب ويسمو
بها ول يدعو إليها أو يشجع عليها إل لهذه الغراض الساسية السامإية
العالية الحقة:
- 1رد العدوانآ والدفاع عن النفس والهل والمال والوطن والدين ,
ن ل اللهِ ال ّ ِ
ذي َ سِبي ِ وفي ذلك يقول القرآنآ الكريم) :وََقات ُِلوا ِفي َ
ن( )البقرة , (190:وكانت دي َ ب ال ْ ُ
معْت َ ِ ح ّ ه ل يُ ِ نآ الل َ دوا إ ِ ّم َول ت َعْت َ ُ قات ُِلون َك ُ ْيُ َ
نآ ُ
أول آية مإن آيات القتال نزلت وفيها الذنآ به قول الله تعالى) :أذ ِ َ
م لَ َ َ
ديٌر( )الحج(39: ق ِ صرِه ِ ْه ع ََلى ن َ ْ نآ الل َ موا وَإ ِ ّ م ظ ُل ِ ُ قات َُلو َ
نآ ب ِأن ّهُ ْ ن يُ َذي َ ل ِل ّ ِ
ن
في َ
ضع َ ِ ست َ ْ
م ْل اللهِ َوال ْ ُ سِبي ِ نآ ِفي َ قات ُِلو َم ل تُ َ مإا ل َك ُ ْ
،وفى الية الثالثة) :وَ َ
) (..النساء , (75:وروى مإسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال ) :جاء رجل إلى النبي eفقال :يا رسول الله أرأيت إنآ عدي
على مإالي؟ قال" :فانشد بالله" ،قال :فإنآ أبوا علي؟ قال" :فانشد
بالله" ،قال :فإنآ أبوا علي؟ قال" :فانشد بالله" ،قال فإنآ أبوا علي؟
ت ففي النار"(. قال " :فقاتل ،فإنآ قُِتلت ففي الجنة ،وإنآ قََتل َ
وروي أبو داود و الترمإذي والنسائي وابن مإاجة عن سعد بن يزيد
رضي الله عنه قال سمعت رسول الله eيقول) :نآ قتل دونآ مإاله
فهو شهيد ومإن قتل دونآ دمإه فهو شهيد ومإن قتل دونآ دينه فهو شهيد
ومإن قتل دونآ أهله فهو شهيد(.
وروى البخاري والترمإذي عن عبد الله بن عمرو بن العاصا رضي الله
عنهما قال سمعت رسول الله eيقول) :مإن أريد مإاله بغير حق فقاتل
فقتل فهو شهيد(.
- 2تأمإين حرية الدين والعتقاد للمؤمإنين الذين يحاول الكافرونآ أنآ
نك عَ ِ سَألون َ َ يفتنوهم عن دينهم وفى ذلك يقول القرآنآ الكريم )ي َ ْ
فٌر ل اللهِ وَك ُ ْ سِبي ِ ن َ صد ّ ع َ ْ ل ِفيهِ ك َِبيٌر وَ َ ل قَِتا ٌ ل ِفيهِ قُ ْ حَرام ِ قَِتا ٍ شهْرِ ال ْ َ ال ّ
َ َ َ
ن
مإ َ ة أك ْب َُر ِ عن ْد َ اللهِ َوال ْ ِ
فت ْن َ ُ ه أك ْب َُر ِ مإن ْ ُ
ج أهْل ِهِ ِ خَرا ُ حَرام ِ وَإ ِ ْ جد ِ ال ْ َ س ِ م ْ ب ِهِ َوال ْ َ
حّتى ل م َ ل( )البقرة , (217:ويقول في آية أخرى) :وََقات ُِلوهُ ْ قت ْ ِ ال ْ َ
ن(مي َ ظال ِ ِ نآ ِإل ع ََلى ال ّ وا َفل ع ُد َْوا َ نآ ان ْت َهَ ْ ن للهِ فَإ ِ ِ دي ُ نآ ال ّ كو َ ة وَي َ ُ نآ فِت ْن َ ٌ كو َ تَ ُ
)البقرة. (193:
-3حماية الدعوة حتى تبلغ إلى الناس جميعا ويتحدد مإوقفهم مإنها
تحديدا واضحا ,وذلك أنآ السلم رسالة اجتماعية إصلحية شامإلة
تنطوي على أفضل مإبادئ الحق والخير والعدل وتوجه إلى الناس
جميع كما قال الله تبارك وتعالى لنبي السلم مإحمد ) : eوَ َ
مإا
ذيرا ً( )سـبأ , (28:فل بد أنآ تزول َ
شيرا ً وَن َ ِ س بَ ِ ة ِللّنا ِ كافّ ً ك ِإل َ سل َْنا َ أْر َ
مإن طريقها كل عقبة تمنع مإن إبلغها ول بد أنآ يعرف مإوقف كل فرد
وكل أمإة بعد هذا البلغ ،وعلى ضوء هذا التحديد تكونآ مإعامإلة السلم
وأهله للناس :فالمؤمإنونآ إخوانهم ,والمعاهدونآ لهم عهدهم ,وأهل
الذمإة يوفى لهم بذمإتهم ,والعداء المحاربونآ ومإن تخشى خيانتهم
ينبذ إليهم فإنآ عدلوا عن خصومإتهم فيها وإل حوربوا جزاء اعتدائهم
حتى ل يكونوا عقبة في طريق دعوة الحق أو مإصدر تهديد وخيانة
لهلها ل إكراها لهم على قبول الدعوة ول مإحاولة لكسب إيمانهم
ي( )البقرة، (256: ن ال ْغَ ّ مإ َ شد ُ ِ ن الّر ْ ن قَد ْ ت َب َي ّ َ دي ِ بالقوة )ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
واليات والحاديث ناطقة بذلك مإفضلة إياه في مإثل قول الله تعالى:
واٍء( )لنفال, (58: س َم ع ََلى َ ة َفان ْب ِذ ْ إ ِل َي ْهِ ْ خَيان َ ً ن قَوْم ٍ ِ مإ ْن ِ خافَ ّ مإا ت َ َ )وَإ ِ ّ
قات ِ ْ
ل ن يُ َ مإ ْخَرةِ وَ َ حَياة َ الد ّن َْيا ِبال ِ ْ
نآ ال َ شُرو َ ن يَ ْ ذي َ ّ
ل اللهِ ال ِ سِبي ِ ل ِفي َ قات ِ ْ )فَل ْي ُ َ
ظيما ً( )النساء: َ قت ْ َ
جرا ً ع َ ِ ف ن ُؤ ِْتيهِ أ ْ سوْ َ ب فَ َ ل أوْ ي َغْل ِ ْ ل اللهِ فَي ُ ْ َ سِبي ِ ِفي َ
خرِ َول نآ ِباللهِ َول ِبال ْي َوْم ِ ال ِ مإُنو َ ن ل ي ُؤ ْ ِ ذي َ , (74وقوله تعالى )َقات ُِلوا ال ّ ِ
ُ
ن أوُتوا ذي َ ن ال ّ ِ مإ َ حق ّ ِ ن ال ْ َ نآ ِدي َ ديُنو َ ه َول ي َ ِ سول ُ ُ ه وََر ُ م الل ُ حّر َ مإا َ نآ َ مإو َ حّر ُ يُ َ
نآ( )التوبة، (29:وقوله صاِغُرو َ م َ ن ي َد ٍ وَهُ ْ ة عَ ْ جْزي َ َ طوا ال ْ ِ حّتى ي ُعْ ُ ب َ ال ْك َِتا َ
قات ُِلو َ
نآ فُروا ي ُ َ ن كَ َ ذي َ ل اللهِ َوال ّ ِ سِبي ِ نآ ِفي َ قات ُِلو َ مإُنوا ي ُ َ نآ َ ذي َ تعالى ) :ال ّ ِ
نآ نآ َ شي ْ َ نآ ك َي ْد َ ال ّ شي ْ َ قات ُِلوا أوْل َِياَء ال ّ َ ت فَ َ طا ُ ل ال ّ
كا َ طا ِ نآ إ ِ ّ طا ِ غو ِ سِبي ِ ِفي َ
ضِعيفا ( )النساء.(76: ً َ
وروى البخاري ومإسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :قال
رسول الله ) :eأمإرت أنآ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنآ ل إله إل الله
وأنآ مإحمدا رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك
عصموا مإنى دمإاءهم وأمإوالهم إل بحق السلم وحسابهم على الله(.
- 4تأديب ناكثي العهد مإن المعاهدين أو الفئة الباغية على جماعة
المؤمإنين التي تتمرد على أمإر الله وتأبى حكم العدل والصلح وفى
م وَط َعَُنوا َ
ن ب َعْد ِ ع َهْد ِه ِ ْ مإ ْ م ِ مان َهُ ْ نآ ن َك َُثوا أي ْ َ ذلك يقول القرآنآ الكريم) :وَإ ْ
فر إ ِنهم ل أ َيمانآ ل َهم ل َعل ّهم ينتهونآ ,ألَ َ
ْ َ َ ُ ْ َ ُ ْ ََُْ َ ة ال ْك ُ ْ ِ ِ ّ ُ ْ م َ قات ُِلوا أئ ِ ّ م فَ َ ِفي ِدين ِك ُ ْ
م أ َوّ َ
ل ُ
م ب َد َأوك ُ ْ ل وَهُ ْ سو ِ ج الّر ُ خَرا ِ موا ب ِإ ِ ْ م وَهَ ّ مان َهُ ْ
َ
ومإا ً ن َك َُثوا أي ْ َ نآ قَ ْ قات ُِلو َ تُ َ
ُ
ن اقْت َت َلوا مإِني َ مؤ ْ ِ ن ال ُ ْ مإ َ نآ ِ فَتا ِ َ
نآ طائ ِ َ مإّرةٍ( )التوبة , (13:ويقول) :وَإ ِ ْ َ
حّتى غي ب ت تي ّ ل ا لوا ُ ت قا َ َ ف رى خ ُ ل ا لى َ ع ما ه دا ح إ ت غ ب نآ إ َ ف ما ه ني ب حوا ل ص فَأ َ
َ ِ َْ ِ ِ َ ْ َ ُ
ْ َ ْ ْ َ َ َ ََُْ َ ْ ُ ِ
نآ إ طوا ُ س ْ قتفيَء إَلى أ َمإر الل ِه فَإنآ َفا َِءت فَأ َصل ِحوا بينهما بال ْعدل وأ َ
ِ ّ ِ ََُْ َ ِ َ ْ ِ َ ْ ُ ْ ِ ِ ْ ْ ِ ِ َِ
ن( )الحجرات.(9: ُ ِ ِ َطي س ْ ق م ْ ل ا ب َ ُ ِ ّ ح ي ه الل
- 5إغاثة المظلومإين مإن المؤمإنين أينما كانوا والنتصار لهم مإن
جُروا ها َ مإُنوا وَ َ نآ َ ذي َ نآ ال ّ ِ الظالمين ,وفى ذلك يقول القرآنآ الكريم )إ ِ ّ
ُ
صُروا أول َئ ِكَ م وَأ َن ْ ُ َ
ن آوَْوا وَن َ َ ذي َ ل اللهِ َوال ّ ِ سِبي ِ م ِفي َ سه ِ ْ ف ِ وال ِهِ ْ مإ َدوا ب ِأ ْ جاهَ ُ وَ َ
ن ُ َ َ ّ َ
مإ ْ م ِ ن َولي َت ِهِ ْ مإ ْ م ِ مإا لك ْ جُروا َ م ي َُها ِ مإُنوا وَل ْ نآ َ ذي َ ض َوال ِ م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ ضه ُ ْ ب َعْ ُ
َ
صُر ِإل ع َلى م الن ّ ْ ُ
ن فَعَلي ْك ُ َ ُ َ
دي ِ م ِفي ال ّ صُروك ْ ست َن ْ َ نآ ا ْ جُروا وَإ ِ ِ حّتى ي َُها ِ يٍء َ ش ْ
صيٌر( )لنفال. (72: نآ ب َ ِ ملو َ ُ ما ت َعْ َ ه بِ َ مإيَثاقٌ َوالل ُ م ِ م وَب َي ْن َهُ ْ ُ
قَوْم ٍ ب َي ْن َك ْ
ج ـ تحريم الحرب لغير ذلك مإن الغراض:
فكل مإا سوى هذه الغراض النسانية الصلحية الحقة مإن المقاصد
المادية أو النفعية فإنآ السلم ل يجيز الحرب مإن أجلها بحال مإن
الحوال وذلك واضح كل الوضوح في إضافة السلم القتال أو الجهاد
دائما إلى سبيل الله فل تزد واحدة مإن هاتين الكلمتين في بحث مإن
البحوث السلمإية إل مإقرونة بهذا السبيل ,على أنآ القرآنآ الكريم قد
صرح بتحريم كل قتال لغير هذه الغراض المشروعة وأكدت هذا
التحريم أحاديث النبي مإحمد eوسجل التاريخ ذلك لصحابه الذين لم
يريدوا بقتالهم شيئا أبدا إل وجه الله وتحقيق المقاصد المتقدمإة كلها
َ
ذا مإُنوا إ ِ َ
نآ َ ذي َ أو بعضها وفي ذلك يقول القرآنآ الكريمَ) :يا أي َّها ال ّ ِ
تس َ م لَ ْ سل َ م ال ّ قى إ ِل َي ْك ُ ُ ن أ َل ْ َ قوُلوا ل ِ َ
م ْ ل اللهِ فَت َب َي ُّنوا َول ت َ ُ سِبي ِ
م ِفي َ ضَرب ْت ُ َْ
م ُ َ َ
م كِثيَرة ٌ كذ َل ِك كن ْت ُ ْ َ مإَغان ِ ُ حَياةِ الد ّن َْيا فَعِن ْد َ اللهِ َ ْ
ض ال َ نآ ع ََر َ ً
مإنا ت َب ْت َُغو َ مإؤ ْ ِ
ُ
خِبيرا (ًنآ َملو َ ُ ما ت َعْ َ نآ ب ِ َ َ
ه كا َ نآ الل َ م فَت َب َي ُّنوا إ ِ ّ ُ َ
ه ع َلي ْك ْن الل ُ م ّل فَ َ ن قَب ْ ُ مإ ْ ِ
ن حّتى ي ُث ْ ِ َ َ ُ َ َ
خ َ سَرى َ هأ ْ نآ ل ُ نآ ي َكو َ يأ ْ نآ ل ِن َب ِ ّمإا كا َ )النساء , (94:ويقولَ ) :
م, َ
كي ٌ ح ِ زيٌز َ ه عَ ِ خَرة َ َوالل ُ ريد ُ ال ِ ه يُ ِض الد ّن َْيا َوالل ُ نآ ع ََر َ دو َ ري ُض تُ ِِفي الْر ِ
م( )لنفال:ظي ٌ
ب عَ ِ م عَ َ
ذا ٌ ما أ َ َ
خذ ْت ُ ْ سك ُ ْ
م ِفي َ سب َقَ ل َ َ
م ّ ن اللهِ َ
مإ َ
ب ِ لَ ْ
ول ك َِتا ٌ
. (68-67
وأخرج الخمسة عن أبى مإوسى رضي الله عنه قال) :سئل رسول
الله eعن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في
سبيل الله؟ فقال" :مإن قاتل لتكونآ كلمة الله هي العليا فهو في
سبيل الله"(.
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه )أنآ رجل قال :يا رسول
الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغى عرضا مإن الدنيا فقال:
"ل أجر له" ،فأعاد عليه ثلثا كل ذلك يقول" :ل أجر له"(.
ولقد تأثر أصحاب النبي حتى العراب مإنهم بهذا السمو في الغرض
مإن القتال حتى روى النسائي عن شداد بن الهادي رضي الله عنه )أنآ
رجل مإن العراب جاء فآَمإن بالنبي ثم قال :أهاجر مإعك ,فأوصى
النبي eبه بعض أصحابه فكانت غزاة غنم النبي فيها شيئا فقسم
وقسم له فقال :مإا هذا .فقال "قسمته لك" قال :مإا على هذا اتبعتك
ولكنى اتبعتك على أنآ أرمإى إلى ههنا -وأشار بيده إلى حلقه بسهم -
فأمإوت فأدخل الجنة فقال" :إنآ تصدق الله يصدقك" فلبثوا قليل ثم
نهضوا في قتال العدو فأتى به النبي مإحمول قد أصابه سهم حيث
أشار فقال النبي" :أهو هو؟" قالوا :نعم قال" :صدق الله فصدقه"
ثم كفن في جبة النبي ثم قدمإه فصلى عليه فكانآ مإما ظهر مإن
صلته" :اللهم إنآ هذا عبدك خرج مإهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا
شهيد على ذلك"(.
وصحف التاريخ فياضة بمثل هذه الزهادة مإنهم في عرض الحياة الدنيا
وغنائم الفتح وأنآ غرضهم مإن الجهاد لم يكن شيئا إل إعلء كلمة الله
وحماية دعوته في الناس.
د ـ إيثار السلم كلما أمإكن ذلك والتشجيع عليها:
فالمسلم ل يحارب إل مإكرها على القتال بعد استنفاد وسائل
المسالمة جميعا ,وحين تلوح بارقة أمإل في السلم يوجب عليه
السلم أنآ ينتهزها وأل يدع الفرصة تفلت مإن يده وعليه أنآ يعمل
على إطفاء نار الحرب مإا استطاع إلى ذلك سبيل ,وفى ذلك يقول
ل ع ََلى اللهِ إ ِن ّ ُ
ه هُوَ ح ل ََها وَت َوَك ّ ْ سل ْم ِ َفا ْ
جن َ ْ حوا ِلل ّ
جن َ ُ
نآ َ
القرآنآ الكريم) :وَإ ِ ْ
م( )لنفال ، (61:وروى أبو داود عن الحارث بن مإسلم ميعُ ال ْعَِلي ُ
س ِ
ال ّ
عن أبيه قال) :بعثنا رسول الله eفي سرية فلما بلغنا المغار "أي
مإكانآ المغارة" استحثثت فرسي فسبقت أصحابي فتلقاني أهل الحي
بالرنين فقلت لهم" :قولوا ل إله إل الله تحرزوا" فقالوها فلمإني
أصحابي وقالوا :حرمإتنا الغنيمة فلما قدمإنا على رسول الله eأخبروه
سن لي مإا صنعت ثم قال لي "أمإا إنآ الله بالذي صنعت فدعاني فح ّ
قد كتب لك لكل إنسانآ مإنهم كذا وكذا مإن الجر" وقال" :أمإا إني
سأكتب لك بالوصاة بعدي" ففعل وختم عليه ودفعه إلي"(.
هـ ـ الرحمة في الحرب ومإراعاة أعلى آدابها النسانية:
فإذا كانت الحرب ول بد فإنآ المسلم يضرب فيها أروع المثل على
الرحمة والتفضل ومإراعاة أعلى آدابها النسانية فإذا رجحت كفة
المسلمين على أعدائهم وظهرت الغلبة لهم فإنآ عليهم بحق القرآنآ
أنآ يكفوا عن القتل ويكتفوا بالسر ليمنوا على السير بعد ذلك بحريته
أو يفتدوا به مإثله مإن أساراهم فيحسنوا إلى إنسانين مإن عباد الله
ب
ضْر َ فُروا فَ َ ن كَ َ ذي َم ال ّ ِ ذا ل َ ِ
قيت ُ ُ وفى ذلك يقول القرآنآ الكريم) :فَإ ِ َ
حّتىداًء َ
مإا فِ َ ً
مإن ّا ب َعْد ُ وَإ ِ ّ
مإا َ دوا ال ْوََثاقَ فَإ ِ ّ م فَ ُ
ش ّ موهُ ْ ذا أ َث ْ َ
خن ْت ُ ُ حّتى إ ِ َ
ب َ الّرَقا ِ
َ
ها( )مإحمد , (4:وأمإا الرقّ فسيأتي تفصيل الكلم ب أوَْزاَر َ حْر ُضعَ ال ْ َ
تَ َ
عنه في بحث آخر ،وحسبنا النآ أنآ نقول إنه مإعنى مإن مإعاني الرحمة
التي شرعها السلم في الحرب فأبدل حكم العدام وهو القتل بحكم
السجن المؤبد وهو الرق بعد السر ثم جعل لهذا السجن بعد ذلك
عدة مإنافذ يستطيع السير فيها أنآ يسترد حريته بكل سهولة ل يبيح
السلم الرق بحال مإن الحوال إل في هذا الموقف والذي تتجسم فيه
مإعاني الرحمة والحسانآ.
والمسلم فئ قتاله ،ل يغدر ول يفجر ول يفسد ول يتلف ول ينهب مإال
ول يقتل امإرأة ول طفل
ول شيخا كبيرا وليتبع مإدبرا ول يجهز على جرحى ول يمثل بقتيل ول
يسيء إلى أسير ول يتعرض لمسالم أو رجل دين ول يقصد أنآ يضرب
وجها أو يقتل صبي.
أخرج أبو داود عن ابن مإسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله e
) :أعف الناس ِقتلة أهل اليمانآ( .وأخرج البخاري عن عبد الله بن
يزيد النصاري قال) :نهى رسول الله eعن النهبى والمثلة(.
وأخرج الشيخانآ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله
) :eإذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه(.
وأخرج أبو داود عن أبى يعلى قال) :غزونا مإع عبد الرحمن بن خالد
بن الوليد فأتى بأربعة أعلج مإن العدو فأمإر بهم فقتلوا صبرا بالنبل
فبلغ ذلك أبا أيوب النصاري رضي الله عنه فقال" :سمعت رسول
الله eينهى عن قتل الصبر فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة مإا
صبرتها" فبلغ ذلك عبد الرحمن فأعتق أربع رقاب(.
وأخرج الستة ،إل النسائي ،عن ابن عمر قال) :وجدت امإرأة مإقتولة
في بعض مإغازي رسول الله eفنهى رسول الله eعن قتل النساء
والصبيانآ(.
وأخرج مإسلم وأبو داود والترمإذي عن بريدة رضى الله عنه قال :
مإر المإير على جيش أو سرية أوصاه في )كانآ رسول الله eإذا أ ّ
خاصته بتقوى الله تعالى ومإن مإعه مإن المسلمين خيرا ثم قال:
"اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا مإن كفر بالله اغزوا ول تغلوا
ول تغدروا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدا"(.
وكانت هذه الوصية شعار الخلفاء والمإراء ،يوصونآ بها دائما قواد
الجيوش حين يبعثونآ بهم إلى القتال ,أوصى أبو بكر أسامإة رضي
الله عنه فقال) :ل تخونوا ول تغدروا ول تمثلوا ،ول تقتلوا طفل ول
شيخا كبيرا ول امإرأة ,ول تعقروا نخل ول تحرقوه ,ول تقطعوا شجرة
مإثمرة ,ول تذبحوا شاة ول بقرة ول بعيرا إل للكل ،وسوف تمرونآ
بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامإع فدعوهم ومإا فرغوا أنفسهم له
،وسوف تقدمإونآ على قوم فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها
مإثل
العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقا( ,ثم قال) :اندفعوا باسم الله(.
فهل رأت الساحات والميادين أرق مإن هذه الفئدة وألين مإن هذه
القلوب؟
و ـ الوفاء بالعهود والمواثيق والشروط:
فإذا كانت هدنة ومإوثق وعهد وصلح وشرط فالسلم يشدد في
مإلحظة ذلك والمحافظة على صورته ومإعناه أدق المحافظة ويتوعد
الخالفين مإن أبنائه إنآ غدروا ولم يفوا بأشد الوعيد ,واليات
والحاديث في ذلك واضحة مإحكمة ل تدع مإجال لباحة نقض العهد
بالخيانة فيه وقت القوة وعده قصاصة ورق عند إمإكانآ الخروج عليه
بالحيلة ،وفى ذلك يقول القرآنآ الكريم) :وَأ َوُْفوا ب ِعَهْد ِ اللهِ إ ِ َ
ذا
َ
فيل ً م كَ ِ ه ع َل َي ْك ُ ْ م الل َ جعَل ْت ُ ُ ها وَقَد ْ َ كيد ِ َ نآ ب َعْد َ ت َوْ ِ ما َ ضوا الي ْ َ ق ُ م َول ت َن ْ ُ عاهَد ْت ُ ْ َ
ن ب َعْد ِ قُوّةٍ َ
ت غ َْزلَها ِ
مإ ْ ض ْ ق َ ّ َ
نآ َ ,ول ت َكوُنوا كالِتي ن َ َ ُ فعَلو َ ُ مإا ت َ ْ م َ َ
ه ي َعْل ُ نآ الل َ إِ ّ
ُ َ ُ ُ َ ُ ُ َ أ َن ْكاثا ت َت ّ ِ
ً َ
ما
مإةٍ إ ِن ّ َنأ ّ مإ ْ ي أْرَبى ِ ة هِ َ مإ ٌ نآ أ ّ نآ ت َكو َ مأ ْ خل ً ب َي ْن َك ْ م دَ َ مان َك ْ نآ أي ْ َ ذو َ خ ُ
نآ( )النحل: فو َ خت َل ِ ُم ِفيهِ ت َ ْ مإا ك ُن ْت ُ ْ
مإةِ َ قَيا َ م ال ْ ِ م ي َوْ َ ن ل َك ُ ْ ه ب ِهِ وَل َي ُب َي ّن َ ّ م الل ُ ي َب ُْلوك ُ ُ
شْيئا ً وَل َ ْ
م م َ صوك ُ ْ ق ُ م ي َن ْ ُ م لَ ْ ن ثُ ّ كي َشرِ ِ م ْ ن ال ْ ُ مإ َ م ِ عاهَد ْت ُ ْ ن َ َ ذي ِ) , (92-91إل ال ّ ِ
َ ظاهروا ع َل َيك ُ َ
ب
ح ّ ه يُ ِ نآ الل َ م إِ ّ مإد ّت ِهِ ْم إ َِلى ُ م ع َهْد َهُ ْ موا إ ِل َي ْهِ ْ حدا ً فَأت ِ ّ مأ َ ْ ْ يُ َ ِ ُ
نآ ال ْعَهْد َ َ َ
ؤول ً( س ُ مإ ْ نآ َ كا َ ن( )التوبة) , (4:وَأوُْفوا ِبال ْعَهْد ِ إ ِ ّ قي َ مت ّ ِ ال ْ ُ
)السراء. (34:
وأخرج أبو داود عن صفوانآ بن سليم عن عدة مإن أبناء الصحابة عن
هدا أو آبائهم رضي الله عنهم أنآ رسول الله eقال) :مإن ظلم مإعا َ
انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ مإنه شيئا بغير طيب نفسه فأنا
حجيجه يوم القيامإة(.
)قال أهل سمرقند لعامإلهم سليمانآ بن أبي السري :إنآ قتيبة غدر بنا
وظلمنا وأخذ بلدنا ,وقد أظهر الله العدل والنصاف فأذنآ لنا فليفد
مإنا وفد إلى أمإير المؤمإنين ـ وهو يومإئذ عمر بن عبد العزيز ـ يشكونآ
ظلمإتنا فإنآ كانآ لنا حق أعطيناه ,فإنآ بنا إلى ذلك حاجة ،فأذنآ لهم
فوجهوا مإنهم قومإا إلى عمر ،فلما علم عمر ظلمإتهم كتب إلى
سليمانآ يقول له" :إنآ أهل سمرقند قد شكوا إلي ظلما أصابهم ،
وتحامإل مإن قتيبة عليهم حتى أخرجهم مإن أرضهم ،فإذا أتاك كتابي
هذا فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمإرهم ،فإنآ قضى لهم
فأخرجهم إلى لمعسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أنآ يظهر عليهم قتيبة"
,فاجلس لهم سليمانآ "جميع بن حاضر" القاضي ،فقضى أنآ يخرج
عرب سمرقند إلى مإعسكرهم وينابذوهم على سواء فيكونآ صلحا
جديدا أو ظفرا عنوة .فقال أهل السند :بل نرضى بما كانآ ول نجدد
حربا ،لنآ أهل الرأي مإنهم قالوا :قد خالطنا هؤلء القوم وأقمنا مإعهم
وأمإنونا وأمإناهم فإنآ عدنا إلى الحرب ل ندرى لمن يكونآ الظفر ،وإنآ
لم يكن لنا نكونآ قد اجتنبنا عداوة في المنازعة ،فتركوا المإر على مإا
كانآ عليه ورضوا ولم ينازعوا( ..وهذا مإنتهى المبالغة في تقصى
العدل والوفاء بالعهد.
ز ـ الجزية:
ولسنا نحب أنآ تمر هذه الكلمات عن مإوقف السلم مإن الحرب قبل
أنآ نتناول أمإر الجزية بكلمة توضح مإعناها والمقصود مإنها وتكشف عن
حكمتها وكيف أنها أبلغ مإعاني النصاف والمرحمة التي جاء بها السلم
فنقول:
الجزية ضريبة كالخراج تجبى على الشخاصا ل على الرض والكلمة
عربية مإشتقة مإن الجزاء لنها تدفع نظير شيء هو الحماية والمنعة ،
أو العفاء مإن ضريبة الدم والجندية ،وذهب بعض العلماء إلى أنها
فارسية مإعربة وأصلها "كزيت" ومإعناها الخراج الذي يستعانآ به على
الحرب .وقال إنآ كسرى هو أول مإن وضع الجزية وعلى هذا فهي
نظام في الضريبة نقله السلم عن الفارسية ولم يبتكره.
ولقد قرر السلم ضريبة الجزية على غير المسلمين في البلد التي
يفتحها نظير قيام الجند السلمإي بحمايتهم وحراسة أوطانهم والدفاع
عنها في الوقت الذي قرر فيه إعفاءهم مإن الجندية ,فهي "بدل
نقدي" لضريبة الدم ،وإنما سلك السلم هذه السبيل ولجأ إليها مإع
غير المسلمين مإن باب التخفيف عليهم والرحمة بهم وعدم الحراج
لهم حتى ل يلزمإهم أنآ يقاتلوا في صفوف المسلمين فيتهم بأنه إنما
يريد لهم الموت والستئصال والفناء والتعريض لمخاطر الحرب
والقتال ،فهي في الحقيقة "امإتياز في صورة ضريبة" وفى الوقت
نفسه احتياط لتنقية صفوف المجاهدين مإن غير ذوى العقيدة
الصحيحة والحماسة المؤمإنة البصيرة ومإقتضى هذا أنآ غير المسلمين
مإن أبناء البلد التي تدخل تحت حكم السلم إذا دخلوا في الجند أو
تكفلوا أمإر الدفاع أسقط المإام عنهم الجزية ,وقد جرى العمل على
هذا فعل في كثير مإن البلد التي فتحها خلفاء السلم ،وسجل ذلك
قواد الجيوش السلمإية في كتب ومإعاهدات ل زالت مإقروءة في كتب
التاريخ السلمإي ومإنها:
- 1كتاب خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا حين دخل الفرات وأوغل
فيه وهذا نصه) :هذا كتاب مإن خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا
وقومإه ,إني عاهدتكم على الجزية والمنعة فلك الذمإة والمنعة ومإا
مإنعناكم فلنا الجزية وإل فل( كتب سنة اثنتي عشرة في صفر.
- 2وفى حمص رد المإراء بأمإر أبي عبيدة مإا كانوا أخذوه مإن الجزية
مإن أهلها ومإا إليها حين جلوا عنها ليتجمعوا لقتال الروم وقالوا لهل
البلد إنما) :رددنا عليكم أمإوالكم لنه قد بلغنا مإا جمع لنا مإن الجموع
وإنكم قد اشترطتم أنآ نمنعكم وإنا ل نقدر على ذلك النآ وقد رددنا
عليكم مإا أخذنا مإنكم ونحن لكم على الشرط ومإا كانآ بيننا وبينكم إنآ
نصرنا الله عليهم( ،فكانآ جواب أهل هذه البلد) :ردكم الله علينا
ونصركم عليهم فلوا كانوا هم لم يردوا علينا شيئا وأخذوا كل شيء ،
لوليتكم وعدلكم أحب إلينا مإما كنا فيه مإن الظلم والغشم( ،وكذلك
فعل أبو عبيدة نفسه مإع دمإشق حين كانآ يتجهز لليرمإوك.
- 3كتاب العهد الذي كتبه سويد بن مإقرنآ أحد قواد عمر رضي الله
عنهما لرزبانآ وأهل دهستانآ وسائر أهل جرجانآ ونصه) :هذا كتاب
سويد بن مإقرنآ لرزبانآ صول بن رزبانآ وأهل دهستانآ وسائر أهل
جرجانآ أنآ لكم الذمإة وعلينا المنعة على أنآ عليكم مإن الجزاء في كل
سنة على قدر طاقتكم على كل حال ومإن استعنا به مإنكم فله جزاؤه
"أي جزيته" في مإعونته عوضا عن جزائه ،ولهم المإانآ على أنفسهم
وأمإوالهم ومإللهم وشرائعهم ول يغير شيء مإن ذلك( شهد سواد بن
قطبة وهند بن عمر وسماك بن مإخرمإة وعتيبة بن النهاس وكتب في
سنة 18هـ -الطبري.
- 4كتاب عتبة بن فرقد أحد عمال عمر بن الخطاب وهذا نصه) :هذا
مإا أعطى عتبة بن فرقد عامإل عمر بن الخطاب أمإير المؤمإنين أهل
أذربيجانآ سهلها وجبلها وحواشيها وشعارها وأهل مإللها كلهم المإانآ
على أنفسهم وأمإوالهم ومإللهم وشرائعهم على أنآ يؤدوا جزية على
قدر طاقتهم ،ومإن حشر مإنهم في سنة "أي جند مإنهم في سنة"
وضع عنه جزاء تلك السنة ومإن أقام فله مإثل مإن أقام مإن ذلك( ـ
الطبري.
- 5العهد الذي كانآ بين سراقة عامإل عمر وبين شهر براز وقد كتب
به سراقة إلى عمر فأجازه واستحسنه وهذا نصه) :هذا مإا أعطى
سراقة بن عمرو عامإل أمإير المؤمإنين عمر بن الخطاب شهر براز
وسكانآ أرمإينية والرمإن مإن المإانآ ,أعطاهم أمإانا لنفسهم وأمإوالهم
ومإلتهم أل يضاروا ول ينقضوا ،وعلى أرمإينية والبواب الطراء مإنهم
"أي الغرباء" والقناء "أى المقيمونآ" ومإن حولهم فدخل مإعهم أنآ
ينفروا لكل غارة وينفذوا لكل أمإر ناب أو لم ينب رآه الوالي صلحا
على أنآ يوضع الجزاء "أي الجزية" عمن أجاب إلى ذلك ،ومإن
استغنى عنه مإنهم وقعد فعليه مإثل مإا على أهل أذربيجانآ مإن الجزاء
فإنآ حشروا "أى جندوا" وضع ذلك عنهم( شهد عبد الرحمن بن ربيعة
وسلمانآ بن ربيعة وبكير بن عبد الله وكتب مإرضي بن مإقرنآ وشهد ـ
الطبري.
- 6أخيرا أمإر الجراجمة فيما ذكره البلذري فقال) :حدثني مإشايخ
مإن أهل إنطاكية أنآ الجراجمة مإن مإدينة على جبل لكام عند مإعدنآ
الزاج فيما بين بياس وبوقا يقال لها الجرجومإة ،وأنآ أمإرهم كانآ في
استيلء الروم على الشام وإنطاكية إلى بطريرك إنطاكية وواليها ،
فلما قدم أبو عبيدة إلى إنطاكية وفتحها لزمإوا مإدينتهم كم وهموا
باللحاق بالروم إذ خافوا علي أنفسهم فلم يتنبه المسلمونآ لهم ولم
ينبهوا عليهم ،ثم إنآ أهل إنطاكية نقضوا وغدروا فوجه إليهم أبو عبيدة
مإن فتحها ثانية وولها بعد فتحها حبيب بن مإسلمة الفهري فغزى
الجرجومإة فلم يقاتله أهلها ولكنهم بدروا بطلب المإانآ والصلح
فصالحوه على أنآ يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا ومإسالح في جبل
لكام وأل يؤخذوا بالجزية ,ودخل مإن كانآ في مإدينتهم مإن تاجر وأجير
وتابع مإن النباط وغيرهم وأهل القرى في هذا الصلح ...ولم يؤخذ
الجراجمة بالجزية قط حتى أنآ بعض العمال في عهد الواثق العباس
ألزمإهم جزية رؤوسهم فرفعوا ذلك إليه فأمإر بإسقاطها عنهم(.
وبهذا البيانآ يندفع كل مإا يوجه إلى "ضريبة الجزية" مإن نقد أو اتهام ,وتظهر
حكمة السلم ورحمة الله بعباده في تشريعاته واضحة ل غموض فيها ول
إبهام.
ح ـ الحث على دوام الستعداد وكمال الشجاعة إذا تحتم
الجهاد:
فإذا كانآ ول بد مإن الحرب لغرض مإن الغراض النسانية المشروعة
التي سبقت الشارة إليها ،فإنآ السلم يصرح بأنآ الجهاد والقتال
َ
نآ
سى أ ْ م وَع َ َ ل وَهُوَ ك ُْره ٌ ل َك ُ ْ م ال ْ ِ
قَتا ُ ب ع َل َي ْك ُ ُ فريضة على كل مإسلم )ك ُت ِ َ
َ
ه
م َوالل ُ شّر ل َك ُ ْ شْيئا ً وَهُوَ َ حّبوا َ نآ ت ُ ِ
سى أ ْ م وَع َ َ خي ٌْر ل َك ُ ْشْيئا ً وَهُوَ َ هوا َ ت َك َْر ُ
َ
نآ( )البقرة.(216: مو َ م ل ت َعْل َ ُ م وَأن ْت ُ ْ ي َعْل َ ُ
وهو حينئذ أفضل القربات إلى الله تبارك وتعالى والموت في ساحاته
"شهادة" توجب الكبار في الدنيا والجنة في الخرة ول يعفى مإنه إل
العاجزونآ عنه وعليهم أنآ يجهزوا غيرهم إنآ كانوا قادرين على ذلك
م
سهُ ْ ف َ ن أ َن ْ ُ مإِني َ مؤ ْ ِ ن ال ْ ُ
مإ َ شت ََرى ِ ها ْ نآ الل َ وأنآ يخلفوهم في أهليهم بخير )إ ِ ّ
عدا ً ُ ُ َ َ
نآ وَ ْ قت َلو َ نآ وَي ُ ْ قت ُلو َ ل اللهِ فَي َ ْ سِبي ِ نآ ِفي َ قات ُِلو َ ة يُ َ م ال ْ َ
جن ّ َ نآ ل َهُ ُ م ب ِأ ّوال َهُ ْ مإ َ
وَأ ْ
قرآنآ ومإ َ
ن اللهِ مإ َن أوَْفى ب ِعَهْد ِهِ ِ ل َوال ْ ُ ْ ِ َ َ ْ جي ِ قا ً ِفي الت ّوَْراةِ َوال ِن ْ ِ ح ّ ع َل َي ْهِ َ
م( )التوبة: ظي ُ فوُْز ال ْعَ ِ ك هُوَ ال ْ َ م ب ِهِ وَذ َل ِ َ ذي َباي َعْت ُ ْ م ال ّ ِشُروا ب ِب َي ْعِك ُ ُ ست َب ْ ِ َفا ْ
.(111
وأحاديث النبي مإحمد eفي ذلك أكثر مإن أنآ تحصر وقد باشر هو
بنفسه في أكثر مإن خمس وعشرين مإعركة كانآ فيها مإثال الشجاعة
والنجدة والبأس حتى قال فارس أصحابه علي كرم الله وجهه) :كنا
إذا اشتد البأس وحمي الوطيس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله e
فيكونآ أدنانا إلى العدو( وكذلك كانآ أصحابه رضوانآ الله عليهم
يفعلونآ ,ول يستطيع أحد أنآ يرى في هذه الحكام والخلق لمثل مإا
شرعت له مإن مإقاصد وأغراض إل أكرم مإعاني الفضيلة النسانية ,
والجود بالنفس أقصى غاية الجود ,وأجمل مإا يكونآ الحق إذا استعانآ
بالقوة ,وأفضل مإا تكونآ القوة إذا اسُتخدمإت للحق بالحق.
هل انتشرت دعوة السلم بالسيف؟
أولع خصوم السلم في كل عصر وبخاصة في هذا العصر بتوجيه هذه
التهمة إلى السلم ،والسلم مإنها براء ,فهو لم يكره الناس على
اليمانآ بالسيف ولم يضعه على رقابهم ليشهدوا بشهادته أو يدينوا
بعقيدته فهذه التهمة باطلة مإن وجوه عدة:
- 1باطلة بشهادة التاريخ:الذي يحدثنا بأنآ النبي مإحمدا ً eمإكث بمكة
المكرمإة ثلث عشرة سنة يدعو إلى دينه كانآ فيها مإضطهدا أشد
الضطهاد حتى مإن أهله وعشيرته وأقرب الناس إليه ومإع ذلك فقد
احتمل وصبر وصابر وكانآ يمر على النفر مإن أصحابه والسرة مإن
المؤمإنين به يعذبونآ أشد العذاب فل يزيد على أنآ يقول لهم) :صبرا
آل ياسر إنآ مإوعدكم الجنة( ,ومإع هذا فقد آمإن بالسلم السابقونآ
الولونآ الثابتونآ مإن أبنائه وأبرهم به في عهد النبي eوبعد وفاته
أعمق اليمانآ وآمإن النصار وهم أهل المدينة بالنبي eبمجرد أنآ
تحدث مإعهم في الموسم وتوافدوا إليه يبايعونه في كل عام حتى
كانت بيعة العقبة وعلى أثرها كانت الهجرة وكل ذلك ورسول الله eل
يقابل أهل العدوانآ بسيف ول عصا ولكن يصبر ويحتسب ويقول:
)اللهم اغفر لقومإي فإنهم ل يعلمونآ( ومإا جاء الذنآ بالقتال إل في
السنة الثانية مإن الهجرة بعد أنآ كثر خصوم السلم مإن المشركين
واليهود وتألبوا عليه وأخذوا يتحرشونآ به ويكيدونآ له فأنزل الله هذه
اليات المحكمة وفيها أروع صور الذنآ بالقتال لنبل المقاصد
َ ُ
م
صرِه ِ ْ ه ع ََلى ن َ ْ نآ الل َ موا وَإ ِ ّ م ظ ُل ِ ُ قات َُلو َ
نآ ب ِأن ّهُ ْ ن يُ َذي َ نآ ل ِل ّ ِ
والغراض )أذ ِ َ
َ ن أُ ْ
ول ه وَل َ ْ قوُلوا َرب َّنا الل ُ نآ ي َ ُ
حقّ ِإل أ ْ م ب ِغَي ْرِ َن د َِيارِه ِ ْمإ ْ جوا ِ خرِ ُ ذي َديٌر ,ال ّ ِ
ق ِلَ َ
جد ُسا ِ مإ َت وَ َ وا ٌ صل َ َ
مإعُ وَب ِي َعٌ وَ َ وا ِ
ص َ ت َ مإ ْض ل َهُد ّ َم ب ِب َعْ ٍ ضه ُ ْ
س ب َعْ َ د َفْعُ اللهِ الّنا َ
قوِيّ َ
هل َ نآ الل َ صُره ُ إ ِ ّن ي َن ْ ُمإ ْ
ه َ نآ الل ُ صَر ّ َ ً
م اللهِ ك َِثيرا وَلي َن ْ ُ س ُي ُذ ْك َُر ِفيَها ا ْ
زيٌز( )الحج. (40-39: عَ ِ
والتاريخ يحدثنا عن أصحاب رسول الله eأنهم فتحوا البلد بأخلقهم
وحسن مإعامإلتهم قبل أنآ يفتحوها بسيوفهم وعدتهم وعددهم ،فل
يتصور أنآ عددا قليل مإن هؤلء العرب يدك عرش كسرى ويدك مإلك
قيصر ويرث هذه المإبراطوريات الضخمة في هذا العدد مإن السنين
بمجرد القوة ،ول يعقل أنآ ثمانية آلف جندي يفتحونآ إقليما شاسعا
كمصر وينشرونآ فيها دينهم ولغتهم و آدابهم وثقافتهم وعقيدتهم
بالكراه والجبروت ،ولكن بحسن الحدوثة وجميل العمل ،وها نحن
قد رأينا فيما تقدم كيف أنآ كثيرا مإن أهل هذه البلد كانوا يتمنونآ
عودة العرب إليهم بعد جلئهم فكيف يقال بعد هذا إنآ السلم قام
على السيف وانتشر بالسيف.
- 2وباطلة بآَيات القرآنآ الكريم:التي تقرر حرية العقيدة وتقول في
ي(ن ال ْغَ ّ مإ َ شد ُ ِ ن الّر ْ ن قَد ْ ت َب َي ّ َ دي ِ وضوح وصراحة) :ل إ ِك َْراه َ ِفي ال ّ
ن شاَء فَل ْي ُؤ ْ ِ
مإ ْ ن َ م ْ م فَ َ ن َرب ّك ُ ْ مإ ْ حق ّ ِ ل ال ْ َ )البقرة , (256:كما تقول) :وَقُ ِ
َ َ ً فْر إ ِّنا أ َع ْت َد َْنا ِلل ّ شاَء فَل ْي َك ْ ُ
سَراد ِقَُها وَإ ِ ْ
نآ م ُ حاط ب ِهِ ْ ن َنارا أ َ مي َ ظال ِ ِ ن َ مإ ْ وَ َ
تساَء ْ ب وَ َ شَرا ُ س ال ّ جوه َ ب ِئ ْ َ وي الوُ ُْ ش ِ ل يَ ْ مه ْ ِ ْ
كال ُ ماٍء َ ست َِغيُثوا ي َُغاُثوا ب ِ َ يَ ْ
َ
جاَر َ
ك ست َ َ نا ْ كي َ شرِ ِ م ْ ن ال ْ ُ مإ َ حد ٌ ِ نآ أ َ فقا ً( )الكهف (29:كما تقول) :وَإ ِ ْ مإْرت َ َ ُ
نآ( مو َ ل ع ي ل م و َ ق م ه نَ أ ب ك َ ل َ ذ ه ن مإ ْ أ مإ ه غ ل بَ أ م ُ ث ه الل م َ
كل ع م س ي تى ح ه ر ج فَأ َ
َْ ُ َ ِ ّ ِْ ُ َ َ َ ُ ِ ِ ُّ ْ ْ ٌ ْ َ ِ ْ ُ َ ّ َ ْ َ َ
)التوبة , (6:فهو يلزم المؤمإنين إنآ استجار بهم أحد المشركين أنآ
يبلغوه الدعوة ويوضحوا له مإقاصد السلم ثم يحرسوه حتى يصل إلى
مإأمإنه ويتركوه ليسلم عن رغبة واقتناع ل عن خوف ورهبة وإكراه..
- 3وباطلة لنآ قواعد السلم ومإا جرى عليه العمل به مإنها تأباها كل
الباء:فأساس اليمانآ في السلم الفكر والنظر والطمئنانآ القلبي
َ
لخ ِ ما ي َد ْ ُ مَنا وَل َ ّ سل َ ْ ن ُقوُلوا أ ْ مإُنوا وَل َك ِ ْ م ت ُؤ ْ ِ ل لَ ْ مإّنا قُ ْ بآ َ ت ال َع َْرا ُ )َقال َ ِ
م( )الحجرات ، (14:وأساس المؤاخذة في السلم نآ ِفي قُُلوب ِك ُ ْ ما ُ لي َا ِ
بلوغ -الدعوة على وجه يدعو إلى النظر ،والتقليد في اليمانآ ليس
أساسا صحيحا له فضل عن الكراه عليه حتى قال بعض العلماء
المتأخرين في مإنظومإة فنية:
إيمانه لم يخل مإن ترديد إذ كل مإن قلد في التوحيد
وقول المكره في السلم مإردود عليه ول يؤاخذ على عمله ،فالدين
الذي يعتبر العقل والحرية أساسا للعتقاد والمسئولية ل يمكن أنآ
يقال فيه إنه يقوم على السيف وينتشر به ،وإنآ كانآ قد شرع الحرب
والقتال لما تقدم مإن الغراض التي ل يعترض عليها إل واهم أو مإكابر
ن قُُلوب ُهُ ْ
م مإُنوا وَت َط ْ َ
مئ ِ ّ نآ َ ذي َ ,وعلمإة اليمانآ الحق الطمئنانآ إليه ) ،ال ّ ِ
َ
ت
حا ِ صال ِ َ مُلوا ال ّ مإُنوا وَع َ ِ نآ َ ذي َ ب ,ال ّ ِ قُلو ُ ن ال ْ ُ مئ ِ ّب ِذ ِك ْرِ اللهِ أل ب ِذ ِك ْرِ اللهِ ت َط ْ َ
ب( )الرعد. (29-28: مإآَ ٍ ن َ س ُ ح ْ م وَ ُ طوَبى ل َهُ ْ ُ
هل السلم وحده هو الذي أوصى بالسيف لحماية الحق؟
وليس السلم وحده هو الذي أشار إلى القتال والحرب والجهاد
كوسيلة لحماية الحق ،بل إنآ الشرائع
السابقة واللحقة كلها جاءت بذلك..
فأسفار التوراة التي يتداولها اليهود اليوم طافحة بأنباء القتال والجهاد
والحرب والتخريب والتدمإير والهلك والسبي ،وهى تقرر شريعة
القتال والحرب ولكن في أبشع صورها فقد جاء في سفر التثنية في
الصحاح العشرين مإنه عدد 10ومإا بعده مإا يأتي بنصه) :حين تقرب
مإن مإدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح ،فإنآ أجابتك إلى الصلح
وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكونآ لك بالتسخير ويستعبد
لك ،وإنآ لم تسالمك بل عملت مإعك حربا فحاصرها ،وإذا دفعها
الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ،وأمإا النساء
والطفال والبهائم وكل مإا في المدينة فتغنمها لنفسك ،وتأكل غنيمة
أعدائك التي أعطاك الرب إلهك ،هكذا تفعل بجميع المدنآ البعيدة
مإنك جدا والتي ليست مإن مإدنآ هؤلء المإم هنا ،وأمإا مإدنآ هؤلء
الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فل تبقي مإنها نسمة مإا ,بل
تحرمإها تحريما ـ الحيثيين والمإوريين والكنعانيين والفيرزيين والحويين
واليوسيين كما أمإرك الرب إلهك(.
وفى إنجيل مإتى المتداول بأيدي المسيحيين في الصحاح العاشر عدد
25ومإا بعده يقول) :ل تظنوا أني جئت للقى سلمإا على الرض بل
سيفا ,فإنني جئت لفرق النسانآ ضد ابنه والبن ضد أبيه والكنة ضد
حماتها ..وأعداء النسانآ أهل بيته ،مإن أحب أبا أو أمإا اكثر مإني فل
يستحقني ،ومإن أحب ابنا أو ابنة اكثر مإني فل يستحقني ،ومإن ل
يأخذ صليبه ويتبعني فل يستحقني ،مإن وجد حياته يضيعها ،ومإن أضاع
حياته مإن أجلى يجدها(.
والقانونآ الدولي العصري قد اعترف بالظروف والحوال التي تشرع
فيها الحرب ووضع لها قواعدها ونظمها.
ومإا جاء به السلم في هذا الباب أفضل وأدق وأرحم وأبر بالسلم مإن
كل هذا ،فلماذا تتوجه إليه الشبهات وليس غيره سبيل إلى السلم؟
سلم ِ سب ُ َ
ل ال ّ ه ُوان َ ُ
ض َن ات ّب َعَ رِ ْمإ ِ
ه َ دي ب ِهِ الل ُ ن ,ي َهْ ِ
مإِبي ٌ ب ُ
)اللهِ ُنوٌر وَك َِتا ٌ
قيم ٍ(ست َ ِ
مإ ْ
ط ُ
صَرا ٍ م إ ِلى َِ ديهِ ْ َ
ت إ ِلى الّنورِ ب ِإ ِذ ْن ِهِ وَي َهْ ِ ما ِ ُ ّ
ن الظل َ مإ َم ِجه ُ ْ
خرِ ُ
وَي ُ ْ
)المائدة. (16:
أنآ يكونآ سيدا تتفجر الحكمة مإن جنبيه ،وتنطوي السيادة في برديه ،
كما كانآ عبد الله بن عباس بتأثير أمإه أم الفضل بنت الحارث الهللية.
وحري بمن يطرق سمعه لول مإرة تلك الغاني الخليعة والترنيمات
الغثة التي يداعب بها أمإهات هذا العصر أبناءهن أنآ ينشأ مإاجنا خليعا
فاتر الهمة ضعيف النفس ..
الم أستاذ العالم والمرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها ،
فلجل أنآ نصلح المنزل يجب أنآ نصلح الم التي هي روحه وقوامإه..
ثانيا ـأنآ يحرصا البوانآ على أنآ يكونا خير قدوة لبنهما في احترام
شعائر الدين والمسارعة إلى أداء فرائضه وبخاصة أمإامإه وعند حضوره
يؤدونآ الصلة ويقصونآ عليه مإن نبإ الصالحين ،فأيقظ غرائزه في هذه
السن غريزة التقليد ،والمثل العلى أمإامإه أبواه ومإن يحيط به مإن
ذويه ،فعليهم أنآ يكونوا كما كتب عمر بن عتبة لمؤدب ولده) :ليكن
أول إصلحك لولدي إصلحك لنفسك فإنآ عيونهم مإعقودة بعينك
فالحسن عندهم مإا صنعت والقبيح عندهم مإا تركت(.
ثالثا ـأنآ يضع كل مإن الوالدين نصب عينه أنآ يشبع أبناءه بروح الدين
والشعور السلمإي في كل الفرصا المناسبة يتحدث إليهم عن عظمته
ورجاله وفائدته وأسراره ،ويصطحبهم إلى المساجد والمنتديات
الدينية ويشعرهم المخافة مإن الله تعالى وهيبته باستخلصا العبر مإن
الحوادث ،وأنآ يعنى بتحفيظهم شيئا مإن كلم الله وكلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
رابعا ـأنآ يحول البوانآ دونآ تسرب الكتب الهازلة والصحف الماجنة
إلى ابنهما ل بالمنع والتهديد فإنآ ذلك مإما يزيد شغفه بها وإقباله عليها
ولكن بصرفه إلى كتب نافعة مإغرية وإثارة الميل فيه إلى هذه الناحية
الصالحة..
وهنا أذكر شدة حاجتنا إلى كتب في القصص العام السلمإي للطفال
تجمع بين تشويقهم إلى المطالعة ومإلءمإتها لمداركهم وقواهم العقلية
وتزويدهم بالشعور السلمإي ،والقصص السلمإي غني بذلك مإن سير
الصحابة والتابعين وأمإثالهم رضوانآ الله عليهم..
وأذكر كذلك ضرورة احتواء المنزل على مإكتبة مإهما كانت يسيرة إل
أنآ كتبها تختار مإن كتب التاريخ السلمإي وتراجم السلف وكتب
الخلق والحكم والرحلت السلمإية والفتوح ونحوها ..ولئن كانت
صيدلية المنزل ضرورية لدواء الجسام ،فالمكتبة السلمإية في
المنزل ضرورية لصلح العقول..
ومإا أجمل أنآ أذكر هنا قول سعد بن أبى وقاصا رضي الله عنه) :إننا
لنرّوي أبناءنا مإغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نرّويهم
السورة مإن القرآنآ(
أمإا واجب جمعيات الشبانآ المسلمين في ذلك فهو إيجاد هذه الروح
في الشعوب السلمإية وتشجيعها بكل وسائل المإكانآ ،ومإن هذه
الوسائل:
- 1درس نظام المنازل والسر السلمإية لتعرف أوجه النقص
وأسبابه وأوجه الكمال ووسائلها وذلك مإن برنامإج اللجنة الجتماعية
التي نصت عليها اللئحة الداخلية.
- 2حمل العضاء أول على ذلك وإقناعهم بأنآ هذا مإن أهم الغراض
التي ترمإي إليها الجمعية والتي تؤدي إلى تكوين نشء إسلمإي فاضل ،
ثم هم بعد ذلك يقومإونآ بدعوة غيرهم - 3 .الكثار مإن المحاضرات في
شئونآ السرة والطفل وتوزيع النشرات لترويج هذه الدعاية.
- 4تأليف اللجانآ لتصنيف الكتب القصصية اللزمإة لخلق هذه الروح
في نفوس الطفال ،وفي الجمعيات بحمد الله مإن يمكنهم ذلك
بسهولة لو وجهوا له شيئا مإن عناياتهم ووهبوا له جزا مإن أوقاتهم وهو
مإن واجب اللجنة العلمية المذكورة في اللئحة.
5ـ مإطالبة الوزارة بإصلح مإناهج تعليم البنات ومإدارس المعلمات
والكثار مإن التعليم الديني وتراجم شهيرات النساء المسلمات ونحو
ذلك مإما يتصل به والهتمام بهذا المإر اهتمامإا يتناسب مإع جليل
خطره.
6ـ إنشاء مإدارس لتعليم البنات وهذا يكونآ طبعا بعد أنآ يشتد ساعد
الجمعيات ويقوى ،وتجد المعاونة مإن أغنياء المإة وسراتهم.
وأراني هنا مإضطرا إلى القول بأنآ جمعيات الشبانآ المسلمين لم
تحقق هذه الغاية إلى الحد المأمإول مإنها ،ولهذا يرجع ذلك إلى أنها في
بدء التكوين وإلى أنآ مإاليتها مإحدودة ل تتسع لذلك إل أنآ الواجب أنآ
تهتم بكل وسيلة مإمكنة حتى تتمكن في النهاية مإن كل الوسائل..
والله ولي التوفيق.
المدرســة
وهي العامإل الثاني مإن عوامإل التربية وهو أهمها وأبلغها أثرا في حياة
الطفل إذ تقوم بالقسم العظم مإن تربيته وهو التعليم والثقافة العقلية
،فيجب أنآ نوجه إليها العناية بالصلح حتى تؤدي إلى الغاية المنشودة.
وإذا قلنا المدرسة فإنما نعنى أمإرين مإهمين ل يفترق أحدهما عن
الخر:
أولهما :مإناهج التعليم التي هي بمثابة الغذاء العقلي للتلميذ..
والثاني :المعلم الذي يقوم بتوصيل هذا النداء إلى العقل..
ولصلح المدرسة يجب العناية التامإة بإصلح هذين..
ولصلح المعلم عدة وسائل:
أيسرها وأقربها إلى التحقيق مإطالبة الوزارة بإصلح مإناهج مإدارس
المعلمين بأنواعها وجعلها غنية بالتعليم الديني والتاريخ السلمإي
وفلسفة العقائد وأسرار التشريع ونحو ذلك..
يلي هذه الوسيلة أنآ تقوم جمعيات الشبانآ المسلمين بفتح فصول
ليلية وفى الجازات الطويلة كإجازة الصيف مإثل لمن يحب مإن
المعلمين وطلبة مإدارس المعلمين مإن العضاء وغيرهم أنآ يدرس
فيها هذه المواد على أيدي كبار حضرات العضاء المستطيعين لذلك.
يلي هذه الوسيلة وسيلة أخرى تحول دونها عقبات كثيرة وتغنى عنها
الوسيلة الولى إذا تحققت ..ذلك أنآ تقوم جمعيات الشبانآ المسلمين
بإنشاء مإدارس لتخريج مإعلمي الدين والخلق واللغة العربية ،
والعقبات التي تحول دونآ ذلك قلة المال وعدم اعتراف الحكومإة
بإجازات هذه المدارس وشهاداتها وحينئذ يكونآ هذا النوع مإن المعلمين
قاصرا على مإدارس جمعيات الشبانآ على اختلف أنواعها..
ويذكرني ذلك نظام اليسوعيين في مإبدأ أمإرهم ...فقد تألفت
جمعياتهم لنصرة البابا ،وبث الكثلكة في النفوس ،ورأوا أنآ خير
وسيلة لذلك هي إصلح التعليم فأنشأوا مإدارسهم على طبقات
مإختلفة :مإنها البتدائي والثانوي والعالي ,بهذين كانآ جل اعتنائهم ,
وانفصلوا عن كل نظام للتعليم إذ ذاك مإنفردين بنظم إدارية وفنية
خاصة ،واضطرهم ذلك إلى تكوين مإعلمي هذه المدارس تكوينا خاصا
ينتج مإا ترمإي إليه جماعاتهم مإن الغايات..
وقد لقوا في مإبدأ أمإرهم نجاحا عظيما ،وكانت مإدارسهم تعد بالمئين
،ول تزال آثارهم في الجهاد لدعوتهم باقية إلى النآ.
فإذا لم توافق الحكومإة على العناية بالتعليم الديني في مإدارسها طبق
مإا تريد جمعيات الشبانآ وطبق مإا ينتج الغاية السلمإية المطلوبة ،
وتمكنت جمعيات الشبانآ مإن سلوك هذا الطريق الستقللي في
شئونآ التعليم فإنها تكونآ أبرك وأنفع خطوة يتيمن بها العالم السلمإي
ويرجو مإن ورائها الفتح والظفر والرجوع إلى حظيرة دينه القويم..
وقريب مإن هذه الفكرة مإا كانآ مإن إنشاء جماعة المصلحين في عهد
الستاذ المإام رحمه الله لمدرسة دار الدعوة والرشاد ،فقد كانت
الغاية مإنها تخريج مإعلمين يعظونآ الشعب ويرشدونه مإستقلين عن
سلطة الحكومإة والقيود الرسمية ،فأمإاتها البخل مإن ناحية وخمود
الهمم وضعف الثبات مإن ناحية أخري ،ولسنا نريد بذلك أنآ نتعرض ـ
لنها حققت الغاية أو لم تحقق ـ فليس هذا مإن قصدنا على أنها لم
تطل مإدتها حتى يتمكن الباحث مإن الحكم ،ولكن الذي نريد أنآ نصل
إليه أنآ فكرة الستقلل بالتعليم عن النظام الحكومإي فكرة خامإرت
الكثيرين مإن زعماء الصلح فليس بدعا أنآ نعرض لها اليوم وقد تكونآ
الظروف النآ أشد مإلءمإة لهذه الغاية مإن ذي قبل..
فهل تتمكن جمعيات الشبانآ المسلمين مإن سلوك هذا السبيل؟
عجزت أل تحاول فكرة تخصيص المعلمين وطلبة المعلمين والوعاظ
بفصول يتزودونآ فيها بالعلوم السلمإية التي تعينهم على تحقيق
الغاية؟ وهل تعجز مإع ذلك عن السعي لدى ولة المإور في إصلح
مإناهج التعليم وبخاصة في مإصر لما فيها مإن حركة الصلح العلمي
السانحة؟
نظنها ل تعجز عن هذين ،ونأمإل أنآ نراها في سبيل تحقيقها قريبا..
كل مإا تقدم سقناه بمناسبة وجوب إصلح المعلم الذي هو نصف
المدرسة ..أمإا إصلح المنهج وهو النصف الثاني فيجب أنآ يقرنآ
بتوفير الحصص الكافية لفروع الدين مإن الفقه وأسراره والعقائد
وأدلتها والتاريخ السلمإي والسيرة واللغة العربية إذ هي وسيلة فهم
القرآنآ وتدبره وهو أساس هذا الدين وروحه وإظهار العناية بهذه
المادة عناية ظاهرة وجعلها مإادة أساسية.
فإذا كانت المدارس مإستقلة عن المدارس الحكومإية أضيف إلى هذا
المواد مإواد المنهج الحكومإي حتى تحقق بذلك أمإل التلميذ في التقدم
إلى الشهادات الرسمية ،ويكونآ مإثلها في ذلك مإثل مإدارس التبشير
التي تباري مإدارس الحكومإة في العلوم الرسمية بعد حذف مإال لزوم
له مإنها ،وتحقق مإع هذا غايتها الدينية بإجبار التلمإيذ على دراسة الدين
والقيام بشعائره...
ولما كانآ للروح العام أبلغ الثر في نفس الطفل وتكوينه الخلقي ول
سيما في المدارس البتدائية والسنوات الولى مإن الثانوي حيث يغلب
على الناشئ التقليد ،وجب أنآ يكونآ هذا الروح دينيا فاضل ،ووسائل
ذلك :أنآ يكونآ الهتمام بالدين واحترامإه وتشجيع مإن يبدو عليهم حبه
والعمل به شعار كل مإوظفي المدرسة مإن إداريين وفنيين ،وإشعار
التلمإيذ بذلك ,وإلزامإهم أداء الفروض بدار المدرسة ,وإعداد مإسجد
خاصا بهم تقام به الشعائر كالذانآ والقامإة يقوم بها التلمإيذ أنفسهم ،
ويقابلها أساتذتهم بالمإتثال والحترام والخشوع ،فيشب التلميذ على
ذلك ويقلدهم فيه.
بعد هذا يمكننا أنآ نتصور المدرسة التي ننشدها في التعليم الولي أو
البتدائي مإدرسة كامإلة المعدات على طراز أبنية المدارس المإيرية ،
يلحق بها مإسجد يتناسب مإع عددها وأهميتها وظروفها الخاصة ،تدرس
فيها المواد الرسمية زائدا عليها الدين وتوابعه يقوم بتدريس ذلك مإعلم
ومإدير على قدم في الدين والخلق وضلعة في علومإها والتمسك
بآَدابها يسودها روح عام ديني فاضل..
ومإثل ذلك قل في المدارس الثانوية والعالية والفنية والصناعية ونحوها
مإع مإراعاة الغاية الخرى في كل..
أمإا الذي يقوم بالشراف العام على هذه المدارس فهي جمعيات
الشبانآ المسلمين طبعا ،والحذر مإن أنآ تتحول الغاية تدريجا ويتغلب
العرف والتيار العادي على هذه المدارس المنشأة لغاية خاصة فتجاري
غيرها ويضيع المقصد مإن إنشائها..
فهذه "الجمعية الخيرية السلمإية" كانآ القصد الول مإن إنشاء
مإدارسها تحقيق هذه الغاية بنصها وبتوالي الزمإانآ والدارات أصبحت
النآ ول فرق بينها وبين المدارس الحكومإية واندثر ذلك المقصد
الشريف الذي مإن أجله أنشئت هذه المدارس وله ألفت الجمعية
وعليه أسست ،والزمإن قّلب ،ول يلدغ المؤمإن مإن جحر مإرتين..
وأمإا إذا لم تتمكن الجمعية مإن هذا فل أقل مإن أنآ تبذل الجهد لدى
الحكومإات وجمعيات التعليم في تحقيق هذه الوسائل بعضها أو كلها
على قدر الممكن ،ويكونآ ذلك جهد المقل وحيلة العاجز والمإر بيد
الله ويسرنا أنآ نرى فرع السكندرية يعلن عن فتح فصول جديدة
للتلمإيذ في عطلة الصيف ونرجو أنآ يكونآ المهم لديه انتهاز هذه
الفرصة في تشجيع الروح الدينية.
وكذلك أنشأ بعض فروع فلسطين مإكاتب ومإدارس للتعليم الديني
فكانت خطوة نرجو أنآ تستمر في طريق الرقي والكثرة والتشجيع..
البيئـة
وهي العامإل الثالث مإن عوامإل التربية ويجب أنآ نعني بشأنها لما لها
مإن عظيم الثر في نفس الطفل وخلقه كذلك ,وتشمل البيئة:
-1الخوانآ والصدقاء:
يجب أنآ نرشد الناشئ إلى مإصاحبة الخيار ونبين له فضيلة ذلك ونزعه
،ونحول بينه وبين مإخالطة الشرار مإع شرح مإا يستهدف له مإن
الخطر إذا صاحبهم وعرف بصداقتهم ،وعلينا أنآ نفهم الباء ذلك
بالنشرات والمحاضرات والرشادات وبكل وسيلة مإمكنة ..وقد أرشد
الرسول صلي الله عليه وسلم إلي ذلك بحديثه المشهور) :مإثل
الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد :ل
يعدمإك مإن صاحب المسك إمإا أنآ تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد
يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد مإنه ريحا خبيثة(.
مإعَ
ك َ س َف َصب ِْر ن َ ْكما أرشد إليها القرآنآ الكريم في قول الله تعالىَ) :وا ْ
م َ
ه َول ت َعْد ُ ع َي َْناك ع َن ْهُ ْ جهَ ُنآ وَ ْ دو َري ُ يَيُ ِش ّ داةِ َوال ْعَ ِ
م ِبال ْغَ َنآ َرب ّهُ ْ
عو َ ن ي َد ْ ُذي َال ّ ِ
ن ذ ِك ْرَِنا َوات ّب َعَ هَ َ
واه ُ ه عَ ْفل َْنا قَل ْب َ ُن أغ ْ َ
مإ ْحَياةِ الد ّن َْيا َول ت ُط ِعْ َ ة ال ْ َريد ُ ِزين َ َ تُ ِ
مإُره ُ فُُرطا ( )الكهف. (28:ً َ َ
نآ أ ْ
وَكا َ
حيـم ِ
ن الّر ِ
مـ ِ
ح َ
ِبســم ِ اللهِ الّر ْ
الحمد لله رب العالمين ,وصلى الله على سيدنا مإحمد أفضل
الذاكرين ،وسيد الشاكرين ،وإمإام المرسلين وخاتم النبيين وقائد الغر
المحجلين ،وعلى آله وأصحابه أجمعين ،ومإن سلك طريقهم إلى يوم
الدين..
- 1الذكر في كل حال:
وبعد :فاعلم يا أخي ـ رزقني الله وإياك حسن التوفيق ـ أنآ لكل إنسانآ
غاية أساسية مإن حياته تدور عليها أفكاره وتتجه نحوها أعماله ،وتتركز
حولها آمإاله وهى التي يسمونها "المثل العلى" ومإتى سمت هذه
الغاية وعلت صدرت بصورة مإن الجمال الروحي ،وحذت به إلى
الكمال دائما حتى يأخذ فيه بالنصيب الذي قدر له.
والسلم ،وقد جاء لصلح نفوس البشر وتزكيتها والعلو بها إلى مإنتهى
الكمال الممكن لها ،أوضح للنسانية جميعا الغاية القصوى ،وحدا بها
نحو المثل العلى ،وكانآ هذا المثل هو )قدس حضرة الله جل وعل( ،
ن(
مإِبي ٌ
ذيٌر ُ
ه نَ ِ
مإن ْ ُ
م ِفّروا إ َِلى اللهِ إ ِّني ل َك ُ ْ
والية الكريمة تقول ) :فَ ِ
)الذريات. (50:
وإذ عرفت هذا أيها الخ الكريم فل نستغرب بعد ,أنآ يكونآ المسلم
ذاكرا لله على كل حال ،وأنآ تؤثر عن النبي eوهو أعرف الخلق بربه ـ
تلك الصيغ الرائعة البليغة مإن الذكر والدعاء.
والشكر والتسبيح والتحميد في كل الحوال صغيرها وكبيرها وعظيمها
وحقيرها ،فقد كانآ النبي eيذكر الله على كل أحواله ,ول تعجب إذا
طالبنا الخوانآ المسلمين أنآ يستنوا بسنة نبيهم ويقتدوا به e
نآ ل َك ُ ْ
م فيحفظوا هذه الذكار ويتقربوا بها إلى العزيز الغفار) :ل َ َ
قد ْ َ
كا َ
ُ
خَر وَذ َك ََر الل َ
ه م ال ِ ه َوال ْي َوْ َ
جو الل َ
نآ ي َْر ُ ن َ
كا َ م ْ
ة لِ َ
سن َ ٌ
ح َ
سوَة ٌ َ
ل اللهِ أ ْ
سو ِ
ِفي َر ُ
ك َِثيرا ً( )الحزاب. (21:
- 2فضل الذكر والذاكرين:
وقد ورد المإر بالذكر والكثار مإنه وبيانآ فضله وفضل الذاكرين في
كثير مإن آيات القرآنآ الكريم وأحاديث الرسول العظيم , eوحسبك أنآ
تما ِ سل ِ َم ْن َوال ْ ُ مي َ سل ِ ِم ْنآ ال ْ ُ
كانآ خاتمة المراتب في قوله تعالى) :إ ِ ّ
ت َ
صاد ِقا ِ ن َوال ّ صاد ِِقي َ ت َوال ّ قان َِتا ِ ن َوال ْ َ ت َوال ْ َ
قان ِِتي َ مإَنا ِ ن َوال ْ ُ
مؤ ْ ِ مإِني َ َوال ْ ُ
مؤ ْ ِ
ن
صد ِّقي َ مت َ َ ت َوال ْ ُ شَعا ِ خا ِ ن َوال ْ َ شِعي َ خا ِ ت َوال ْ َصاب َِرا ِ ن َوال ّ ري َصاب ِ َِوال ّ
ت َ
حافِظا ِ ْ
م َوال َ جه ُ ْ ن فُُرو َ ظي َحافِ ِ ْ
ت َوال َ ما ِ صائ ِ َن َوال ّ مي َصائ ِ ِ
ت َوال ّ صد َّقا ِمت َ َ َوال ْ ُ
ظيما ً( َ َ
جرا ً ع َ ِفَرة ً وَأ ْ
مإغْ ِ م َه ل َهُ ْ
ت أع َد ّ الل ُذاك َِرا ِ ه ك َِثيرا ً َوال ّ
ن الل َري َ َوال ّ
ذاك ِ ِ
)الحزاب. (35:
ُ
مإُنوا اذ ْكُروا ّ َ
نآ َذي َوقد أمإر الله به المؤمإنين في قوله تعالىَ) :يا أي َّها ال ِ
َ
صيل ً( )الحزاب. (42-41: حوه ُ ب ُك َْرة ً وَأ ِ كرا ً ك َِثيرا ً ,وَ َ
سب ّ ُ ه ذِ ْالل َ
وقد وردت الحاديث الكثيرة في فضل الذكر ..قال رسول الله eفيما
يرويه عن ربه )أنا عند ظن عبدي بي وأنا مإعه إذا ذكرني ،فإنآ ذكرني
في نفسه ذكرته في نفسي ،وإنآ ذكرني في مإل ذكرته في مإل خير
مإنهم( مإتفق عليه مإن حديث أبي هريرة.
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أنآ رجل قال :يا رسول الله :إنآ
شرائع السلم قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به ،قال) :ل
يزال لسانك رطبا مإن ذكر الله عز وجل( .رواه الترمإذي وقال :حديث
حسن.
- 3آداب الذكر:
واعلم يا أخي أنآ الذكر ليس المقصود به الذكر القولي فحسب بل إنآ
التوبة ذكر ،والتفكر مإن أعلى أنواع الذكر ،وطلب العلم ذكر ،وطلب
الرزق إذا حسنت فيه النية ذكر ،وكل أمإر راقبت فيه ربك وتذكرت
نظره إليك ورقابته فيه عليك ذكر ,ولهذا كانآ العارف ذاكرا على كل
حالته.
ول بد ليكونآ للذكر أثره في القلب مإن مإراعاة آدابه وإل كانآ مإجرد
ألفاظ ل تأثير فيها .وقد ذكروا له آدابا كثيرة أهمها وأولها بالرعاية:
ا -الخشوع والتأدب ،واستحضار مإعاني الصيغ ،ومإحاولة التأثر بها ،
ومإلحظة مإقاصدها وأغراضها.
-2خفض الصوت مإا أمإكن ذلك مإع اليقظة التامإة والهمة الكامإلة حتى
ل يؤثر على غيره.
وقد أشارت الية الكريمة إلى هذه الداب فقال تعالىَ) :واذ ْك ُْر َرب ّكَ
ل َول صا ِ ل ِبال ْغُد ُوّ َوال َ ن ال ْ َ
قوْ ِ مإ َ نآ ال ْ َ
جهْرِ ِ دو َة وَ ُ
ف ً ضّرعا ً وَ ِ
خي َ ك تَ َ س َ
ف ِ ِفي ن َ ْ
ن( )لعراف. (205: ْ
ن الَغافِِلي َ مإ َ
ن ِ ت َك ُ ْ
- 3مإوافقة الجماعة إنآ كانآ الذكر مإع جماعة فل يتقدم عليهم ول
يتأخر عنهم ول يبني على قراءتهم ،بل إنآ حضر وقد بدءوا ابتدأ مإعهم
مإن أول صيغة ثم قضى مإا فاته بعد انتهائه ،وإنآ تأخر عنهم في أثناء
القراءة قرأ مإا فاته وأدركهم ،ول يبني على قراءتهم أصل ،لئل يكونآ
بذلك قد حرف القراءة وغير الصيغ ،وذلك حرام اتفاقا.
- 4النظافة في الثوب والمكانآ ،ومإراعاة المإاكن المحترمإة والوقات
المناسبة ،حتى يكونآ ذلك أدعى إلى اجتماع همته ،وصفاء قلبه ،
وخلوصا نيته.
- 5النصراف في خشوع وأدب ،مإع اجتناب اللغط واللهو الذي يذهب
بفائدة الذكر وأثره.
فإذا لحظ هذه الداب فإنه سينتفع بما قرأ ويجد أثر ذكره حلوة في
قلبه ،ونورا لروحه ،وانشراحا في صدره ،وفيضا مإن الله ،إنآ شاء
الله تعالى..
- 4الذكر في جماعة:
ورد في الحاديث مإا يشعر باستحباب الجتماع على الذكر ففي
الحديث الذي يرويه مإسلم ) :ل يقعد قوم يذكرونآ الله عز وجل إل
حفتهم الملئكة وغشيتهم الرحمة ،ونزلت عليهم السكينة ،وذكرهم
الله فيمن عنده(.
وكثيرا مإا ترى في الحاديث أنه eخرج على جماعة وهم يذكرونآ الله
في المسجد فبشرهم ولم ينكر عليهم .والجماعة في الطاعات
مإستحبة في ذاتها ،ول سيما إذا ترتب عليها كثير مإن الفوائد مإثل :
تآَلف القلوب ،وتقوية الروابط وقضاء الوقات فيما يفيد ،وتعليم
المإي الذي لم يحسن التعلم وإظهار شعيرة الله تعالى.
نعم إنآ الجماعة في الذكر تكره إذا ترتب عليها مإحظور شرعي
كالتشويش على مإصل ،أو لغو وضحك ،أو تحريف للصيغ ،أو بناء على
قراءة غيره ،أو نحو ذلك مإن المحظورات الشرعية ،فحينئذ تمنع
الجماعة في الذكر لهذه المفاسد ل للجماعة في ذاتها ،وخصوصا إذا
كانآ الذكر في جماعة بالصيغ المأثورة الصحيحة كما في هذه الوظيفة
فحبذا لو اجتمع الخوانآ على قراءتها صباحا ومإساء في ناديهم أو في
مإسجد مإن المساجد مإع اجتناب هذه المكروهات ومإن فاتته الجماعة
فيها فليقرأها مإنفردا ول يفرط في ذلك.
الخاتمة:
وبعد :فإلى الخوانآ المسلمين نتوجه بهذه الوظيفة ،ومإا هي بخاصة
بهم ولكنها للمسلمين عامإة ،لعل فيها إعانة لهم على طاعة الله تبارك
وتعالى ..وهى تقرأ صباحا مإن الفجر إلى الظهر ،ومإساء مإن العصر
إلى مإا بعد العشاء فرادى وجماعة ,ومإن فاتته كلها فل يفوتنه بعضها
حتى ل يعتاد إهمالها وتضييعها.
والورد القرآني في الوقت المناسب ليل أو نهارا ،ومإا بعدهما مإن
الدعية والذكار يقرأ عند مإناسباته.
ونسأل الله لنا ولهم حسن التوفيق وكمال الهداية ،ونسألهم أل
يحرمإونا صالح دعواتهم في الخلوة والجلوة ،وصلى الله على سيدنا
مإحمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حسن البنـا،المرشد العام للخوانآ المسلمين
القسم الرابع ـ الدعية المأثورة في حالت مإختلفة في غير أحوال اليوم والليلة
أول ـ دعاء الستخارة الشرعية:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :كانآ رسول الله صلى الله
عليه وسلم يعلمنا الستخارة في المإور كلها كما يعلمنا السورة مإن
القرآنآ .يقول) :إذا هم أحدكم بالمإر فليركع ركعتين مإن غير الفريضة ،
ثم ليقل :اللهم أني أستخيرك بعلمك ،وأستقدرك بقدرتك ،وأسألك
مإن فضلك العظيم ،فانك تقدر ول أقدر ،وتعلم ول أعلم ،وأنت علم
الغيوب .اللهم إنآ كنت تعلم أنآ هذا المإر خير لي في ديني ومإعاشي
وعاقبة أمإري "أو قال :عاجل أمإري وآجله" فاقدره لي ،ويسره لي.
ثم بارك لي فيه ..وإنآ كنت تعلم أنآ هذا المإر شر لي في ديني
ومإعاشي وعاقبة أمإري "أو قال :عاجل أمإري وآجله" ،فاصرفه عني ،
واصرفني عنه ،واقدر لي الخير حيث كانآ ،ثم أرضني به( .قال:
)ويسمى حاجته باسمها( .رواه البخاري.
ثانيا ـ صلة الحاجة:
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال :خرج علينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال) :مإن كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى
أحد مإن بني آدم ,فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ,ثم
ليثن على الله ,وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل :ل
إله إل الله الحليم الكريم ,سبحانآ الله رب العرش العظيم ,الحمد
لله رب العالمين ,أسألك مإوجبات رحمتك ,وعزائم مإغفرتك ,
والغنيمة مإن كل بر ,والسلمإة مإن إثم ,ل تدع لي ذنبا إل غفرته ,ول
هما إل فرجته ,ول حاجة هي لك رضا إل قضيتها يا أرحم الراحمين ,ثم
در( .أخرجه الترمإذيليسأل مإن أمإر الدنيا والخرة مإا شاء فإنه ُيق ّ
والنسائي وابن مإاجة.
ثالثا ـ مإن أدعية السفر:
يقول المقيم للمسافر) :أستودع الله دينك وأمإانتك وخواتيم عملك ,
وأقرأ عليك السلم( رواه الترمإذي والنسائي مإن حديث عبد الله بن
عمر.
ثم يوصيه فيقول) :عليك بتقوى الله ،والتكبير على كل شرف ,اللهم
اطو له البعد ،وهونآ عليه السفر( رواه الترمإذي والنسائي مإن حديث
أبي هريرة.
ثم يدعو له بقوله) :زودك الله التقوى ,وغفر ذنبك ,ويسر لك الخير
حيثما كنت( أخرجه الترمإذي والنسائي مإن حديث أنس.
ويقول المسافر للمقيم) :أستودعك الله الذي ل تضيع ودائعه( .رواه
الطبراني مإن حديث أبي هريرة.
ثم يدعو الله بقوله) :اللهم بك أصول وبك أجول وبك أسير( ) ,اللهم
إنا نسألك في سفري هذا البر والتقوى ،ومإن العمل مإا ترضى ،اللهم
هونآ علينا سفرنا هذا ،واطو عنا بعده ,اللهم أنت الصاحب في السفر
والخليفة في الهل ,اللهم إني أعوذ بك مإن وعثاء السفر وكآَبة
ن وزادالمنظر وسوء المنقلب في المال والهل والولد( .وإذا َرجع قاله ّ
فيهن) :آيبونآ تائبونآ عابدونآ لربنا حامإدونآ( رواه أحمد والبزار ومإسلم
وغيرهم مإن حديث علي وابن عمر وعبد الله بن سرجس وغيرهم.
فإذا بدأ الركوب قال) :بسم الله( ,فإذا استوى على مإركبه قال:
)الحمد لله الذي سخر لنا هذا ومإا كنا له مإقرنين وإنا إلى ربنا
لمنقلبونآ( رواه أبو داود والترمإذي مإن حديث علي رضي الله عنه.
رابعا ـ مإن أدعية الظواهر الكونية:
– 1إذا رأى المطر قال) :اللهم صيبا نافعا( مإرتين أو ثلثة رواه ابن
أبي شيبة مإن حديث عائشة ,فإذا كثر المطر وخاف ضرره قال:
)اللهم حوالينا ول علينا ,اللهم على الكام والظراب وبطونآ الودية
ومإنابت الشجر( رواه البخاري مإن حديث أنس.
– 2إذا سمع الرعد والصواعق قال) :اللهم ل تقتلنا بغضبك ول تهلكنا
بعذابك ,وعافنا قبل ذلك( رواه الترمإذي والحاكم في المستدرك مإن
حديث عبد الله بن عمر.
– 3إذا رأى الهلل قال) :الله أكبر ,اللهم أهله علينا باليمن واليمانآ
والسلمإة والسلم والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله( ) ,هلل
خير ورشد( ثم يقول ثلثا) :اللهم أني أسألك مإن خير هذا الشهر ,
وخير القدر ,وأعوذ بك مإن شره( .رواه الدارمإي والترمإذي والطبراني
وغيرهم مإن حديث عبد الله بن عمر وغيره.
خامإسا ـ مإن أدعية الزواج والولد:
– 1يقول لمن تزوج) :بارك الله لكما ,وبارك عليكما ,وجمع بينكما
في خير( رواه البخاري ومإسلم والربعة مإن حديث انس وأبي هريرة.
ذنآ في أذنه حين ولدته ..رواه أبو داود والنسائي. – 2إذا أتي بمولود أ ّ
– 3تعويذ الطفال) :أعيذك بكلمات الله التامإة ,مإن كل شيطانآ
وهامإة ,ومإن كل عين لمإة( رواه البخاري مإن حديث ابن عباس.
– 4إذا أفصح الصبي فليعلمه ل إله إل الله ,وإذا أثغر فليأمإره بالصلة.
أخرجه ابن السني مإن حديث عبد الله بن عمر.
سادسا ـ مإن أدعية المرئيات:
– 1إذا رأى مإا يحب قال) :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات(.
وإذا رأى مإا يكره قال) :الحمد لله على كل حال( .رواه الحاكم وابن
مإاجة مإن حديث عائشة.
– 2إذا رأى وجهه في المرآة قال) :اللهم كما حسنت خلقي فحسن
خلقي وحرم وجهي على النار ,الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله ,
وكرم صورة وجهي فأحسنها وجعلني مإن المسلمين( رواه ابن حبانآ
وابن مإردوية ,والطبراني مإن حديث عبد الله بن مإسعود وعائشة
وأنس.
– 3إذا رأى باكورة ثمرة أو فاكهة قال) :اللهم بارك لنا في ثمرنا ,
وبارك لنا في مإدينتنا ,وبارك لنا في صاعنا ,وبارك لنا في مإدنا ,اللهم
كما أريتنا أوله فأرنا آخره( ثم يعطيه أصغر مإا يكونآ عنده مإن الصبيانآ.
رواه مإسلم والترمإذي مإن حديث أبي هريرة.
– 4إذا رأى أخاه المسلم يضحك قال) :أضحك الله سنك( رواه
البخاري ومإسلم مإن حديث سعد بن أبي وقاصا.
سابعا ـ مإن أدعية السلم والتحية:
– 1إذا ب ُّلغ عن أحد سلمإا رده على المبلغ والمسّلم مإعا .أخرجه
النسائي وابن القطانآ مإن حديث أنس في سلم خديجة.
– 2إذا قال له إنسانآ إني أحبك ,قال) :أحبك الله الذي أحببتني له(
رواه أبو داود والنسائي وابن حبانآ مإن حديث أنس.
– 3إذا قيل له كيف أصبحت ,قال) :أحمد الله إليك( أو قال) :بخير
أحمد الله( رواه أحمد والطبراني مإن حديث عبد الله بن عمر وأنس.
– 4إذا صنع إليه أحد مإعروفا قال) :جزاك الله خيرا( رواه الترمإذي
مإن حديث أسامإة.
ثامإنا ـ مإن أدعية عوارض الحياة:
– 1إذا أصابه الكرب أو الهم أو الغم أو الحزنآ يقول) :ل إله إل الله
ظيم ،سبحانه تبارك الله رب العالمين( ) ,توكلت على الكريم الع ِ
الحي الذي يموت( ) ,الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك
في الملك ولم يكن له ولي مإن الذل وكّبره تكبيرا( ) ,اللهم رحمتك
أرجو فل تكلني إلى نفسي طرفة عين ،وأصلح لي شأني كله ,ل إله
إل أنت( ) ,يا حي يا قيوم ،برحمتك أستغيث( ) ,ل إله إل أنت سبحانك
إني كنت مإن الظالمين( ) ,اللهم إني عبدك ،وابن أمإتك ،ناصيتي
ي قضاؤك ،أسألك بكل اسم هو لك ي حكمك ،عدل ف ّ ضف ّ بيدك ،مإا ٍ
ً ّ
سميت به نفسك ،أو أنزلته في كتابك ،أو علمته أحدا مإن خلقك ،أو
استأثرت به في علم الغيب عندك ،أنآ تجعل القرآنآ العظيم ربيع قلبي
،ونور بصري ،وجلء حزني ،وذهاب همي( )ل حول ول قوة إل
بالله( ...رواه النسائي وابن حبانآ مإن حديث علي ,والحاكم مإن حديث
أبي هريرة وعبد الله بن مإسعود ,والترمإذي مإن حديث سعد بن أبي
وقاصا ,وأحمد والبزار مإن حديث ابن مإسعود.
– 2إذا وقع له مإا ل يختاره فليقل) :قدر الله ومإا شاء فعل ,ول يقول
لو ,فإنآ لو تفتح باب الشيطانآ( رواه النسائي مإن حديث أبي هريرة.
– 3إنآ غلبه أمإر فليقل) :حسبنا الله ونعم الوكيل( .رواه أبو داود مإن
حديث عوف بن مإالك.
– 4إنآ أصابته مإصيبة قال) :إنا لله وإنا إليه راجعونآ ,اللهم عندك
أحتسب مإصيبتي ,فأجرني فيها وأبدلني مإنها خيرا( .رواه الترمإذي
والحاكم مإن حديث أبي سلمة.
– 5إذا استصعب عليه شيء قال) :اللهم ل سهل إل مإا جعلته سهل ,
وأنت تجعل الحزنآ إذا شئت سهل( رواه ابن حبانآ مإن حديث أنس.
– 6إذا غضب قال) :أعوذ بالله مإن الشيطانآ الرجيم( رواه البخاري
ومإسلم مإن حديث سليمانآ بن صرد.
– 7إذا ابتلي بالدين قال) :اللهم اغنني بحللك عن حرامإك ,واغنني
بفضلك عمن سواك( رواه الترمإذي والحاكم مإن حديث علي.
تاسعا ـ مإن أدعية المرض والوفاة:
– 1إذا اشتكى وضع يده على مإوضع اللم مإن جسده ثم قال) :بسم
الله "ثلث مإراث" ,أعوذ بعزة الله وقدرته مإن شر مإا أجد
وأحاذر"سبع مإرات"( رواه مإسلم مإن حديث عثمانآ بن أبي العاصا.
– 2إذا عاد مإريضا قال) :اللهم أذهب البأس رب الناس ,اشف وأنت
الشافي ,ل شفاء إل شفاؤك ,شفاًء ل يغادر سقما( ويمسح بيده عليه
ويطيب خاطره ..رواه البخاري مإن حديث عائشة.
– 3وفي العزاء يسلم ويقول) :إنآ لله مإا أخذ وله مإا أعطى ,وكل
شيء عنده بأجل مإسمى ,فلتصبر ولتحتسب( رواه البخاري.
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مإعاذ يعزيه في ابنه:
)بسم الله الرحمن الرحيم ،مإن مإحمد رسول الله إلى مإعاذ بن جبل:
سلم عليك ،فإني أحمد الله إليك الذي ل إله إل هو .أمإا بعد :فأعظم
الله لك الجر ،وألهمك الصبر ،ورزقنا وإياك الشكر ،فإنآ أنفسنا
وأمإوالنا وأهلينا وأولدنا مإن مإواهب الله عز وجل الهنية وعواريه
المستودعة ،نمتع بها إلى أجل مإعدود ,ويقبضها إلى وقت مإعلوم ،ثم
افترض علينا الشكر إذا أعطى ،والصبر إذا ابتلى ،وكانآ ابنك مإن
مإواهب الله الهنية وعواريه المستودعة ,مإتعك الله به في غبطة
وسرور وقبضه مإنك بأجر كثير ،الصلة والرحمة والهدى إنآ احتسبت ،
فاصبر ،ول يحبط جزعك أجرك فتندم ،واعلم أنآ الجزع ل يرد مإيتا ول
يدفع حزنا ،ومإا هو نازل فكانآ قد ،والسلم( .رواه الحاكم وابن
مإردويه.
– 4وفي صلة الجنازة يدعو للميت بقوله) :اللهم اغفر له وارحمه ,
وعافه واعف عنه ,واكرم نزله ,ووسع مإدخله ,واغسله بالماء والثلج
والبرد ،ونقه مإن الخطايا كما نقيت الثوب البيض مإن الدنس ،وأبدله
دارا ً خيرا ً مإن داره ,وأهل ً خيرا ً مإن أهله ,وزوجا ً خيرا ً مإن زوجه ,
وأدخله الجنة ,وأعذه مإن عذاب القبر ومإن عذاب النار( .رواه مإسلم
مإن حديث عوف بن مإالك.
– 5في زيارة القبور يقول) :السلم على أهل الديار مإن المؤمإنين
والمسلمين ,ويرحم الله المستقدمإين مإنكم والمستأخرين ,وإنا إنآ
شاء الله بكم لحقونآ ,أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع ,اللهم ل تحرمإنا
أجرهم ,ول تضلنا بعدهم( رواه مإسلم والنسائي وابن مإاجة وابن
السني.
– 3ورد المحاسبة:
وهو استعراض أعمال اليوم ساعة النوم ,فإنآ وجد الخ خيرا فليحمد
الله ,وإنآ وجد غير ذلك فليستغفر وليسأل ربه ثم يجدد التوبة وينام
على أفضل العزائم.
وصلى الله على سيدنا مإحمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
حسـن البنــا