Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫جريمة إنشاء موقع المنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو نشره‬

‫نصت المادة السابعة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي على أن‪ :‬يعاقب بالسجن‬
‫مدة ال تزيد على عشر سنوات وبغرامة ال تزيد على خمسة ماليين لاير أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية األتية ‪-:‬‬

‫‪ )۱‬إنشاء موقع لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب االلي أو‬
‫نشره‪ ,‬لتسهيل االتصال لقيادات تلك المنظمات‪ ,‬أو أي من أعضائها أو ترويج أفكارها أو‬
‫تمويلها‪ ,‬أو نشر كيفية تصنيع األجهزة الحارقة‪ ,‬أو المتفجرات‪ ,‬أو أي أداه تستخدم في‬
‫األعمال اإلرهابية‪"..‬‬
‫أوال ‪ :‬الركن المادي‬
‫يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بأحد فعلين ‪ :‬إنشاء موقع لمنظمات الجريمة‪،‬‬
‫فال يشترط اجتماعهما فالجريمة تقوم باإلنشاء مستقًال‪ ،‬أو النشر وحده‪ ،‬ونتناول فيما يلي‬
‫دراسة هذه الصور ‪.‬‬
‫(‪ )1‬اإلنشاء ‪ :‬هو سلوك مادي يعبر عن مضمون نفسي للجاني‪ ،‬وهو اإلفصاح عن فكرة‬
‫وشعور وإرادة ينشأ منه حدث نفسى هو التالقي بين نية صاحب السلوك ونوايا أشخاص‬
‫أخرين على هدف مشترك‪ ،‬وهو في هذه الصورة إنشاء موقع إلكتروني لمنظمة إرهابية‪.‬‬

‫وقد عرف المنظم السعودي الموقع اإللكتروني بالمادة األولى من هذا النظام بأنه ‪ :‬مكان إتاحة‬
‫البيانات على الشبكة المعلوماتية من خالل عنوان محدد‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع نطاق سريان النص بقوله " أنشئ موقع لمنظمات إرهابية ‪ ،‬ومن ثم ؛‬
‫يخرج من دائرة تجريم هذا النص كل شخص يقوم بهذا العمل منفردا أو لمصلحة نفسه‪ ،‬ذلك‬
‫أن هذا النوع من الجرائم غالبًا ما يتم تنفيذه لمصلحة منظمة إرهابية أو تنظيم ارهابي‪.‬‬
‫وقد عرف الفقه القانوني التنظيم بأنه ‪ :‬كل مجموعة من األفراد أو الزمر يلتفون حول أهداف‬
‫معينة‪ ،‬ويسعون لتحقيقها من خالل تنسق الحقوق وااللتزامات‪ ،‬أو الواجبات التي تربط بينهم‬
‫وينطبق هذا التعريف على أي تنظيم أو منظمة أيًا كان تسميته‪.‬‬

‫ويمكن لنا من خالل هذا التعريف أن نضع تعريفًا للمنظمة اإلرهابية ‪ :‬بأنها كل مجموعة من‬
‫األفراد يمارسون أنشطة ال تتفق مع المصالح العليا للمجتمع‪ ،‬أو من شأنها تعريض تلك‬
‫المصالح للخطر حتى لو لم تتعرض لذلك الخطر فعًال‪ ،‬أو كانت تلك األنشطة تهدد وحدة‬
‫المجتمع أو صفو العالقات االجتماعية بين مكوناته‪.‬‬

‫ولفظ منظمة يدل على إن ذلك الكيان غير المشروع قد تأسس بالفعل من قبل وأصبح له‬
‫أعضاء‪ ،‬وتوافر له مقوماته التي يمارس من خاللها نشاطه اإلرهابي ‪ ،‬قبل الشروع في إنشاء‬
‫الموقع اإللكتروني‪.‬‬

‫وعلى ذلك نالحظ أن هناك فروق جوهرية بين هذه التنظيمات غير المشروعة واالشتراك‬
‫باالتفاق الذي ال يعدو أن يكون مقتصرًا على الجريمة المتفق على ارتكابها في صورتها‬
‫التامة‪ ،‬أو في صورة الشروع ‪ ،‬لذلك فاالشتراك باالتفاق ال يتعدد بتعدد الجرائم‪ ،‬في حين أن‬
‫جرائم التنظيمات غير المشروعة تتعدد مع تعدد الجرائم المرتكبة تنفيذًا ألغراض التنظيم تعددًا‬
‫ماديًا‪ ،‬كما إنه يكفي في االتفاق تقابل إرادتين فقط في حين أنه يشترط في التنظيمات غير‬
‫المشروعة توافر أكثر من إرادتين ‪.‬‬

‫وتتجلى خطورة هذا النوع من الجرائم في انه إذا كان التقاء اإلرهابيين والمجرمين في مكان‬
‫ما لتعلم طرق اإلرهاب واإلجرام‪ ،‬وتبادل اآلراء واألفكار والمعلومات صعبًا في الواقع‪ ،‬فإنه‬
‫في ضوء مزايا اإلنترنت كشبكة مفتوحة وإطار مجمع السائر التطبيقات الرقمية واإلطار‬
‫األوسع للمحتوى الرقمي للمعلومات‪ ,‬وغياب قيود الجغرافيا المكانية وصعوبات وتعقيد‬
‫عمليات الرقابة هو ما يمكن ألفراد هذه التنظيمات االلتقاء من أماكن متعددة في وقت واحد‪,‬‬
‫وتبادل األحاديث واالستماع لبعضهم البعض عبر اإلنترنت‪ ,‬بل يمكن لهم إن يجمعوا أتباعًا‬
‫وانصارًا وأن ينشروا أفكارًا وأراء وأن ينفذوا خططًا ‪ ،‬وفى الواقع نجد لكل منظمة العديد من‬
‫المواقع التي تصل الي حد األالف منها حتى يضمنوا سرعة انتشار أوسع لهم‪.‬‬

‫وقد عدد المنظم أسباب إنشاء المنظمة اإلرهابية للموقع اإللكتروني فيمكن لها من خالله‬
‫ممارسة مجموعة من األنشطة كتسهيل التواصل والعمل فيما بين قيادات تلك المنظمة أو‬
‫أعضائها وهو ما يسمى " الربط الشبكي "‪ ،‬ونشر أفكارها‪ ،‬كما تشمل تلك األنشطة (‪ )۲‬جمع‬
‫األموال لتمويل النشاط اإلرهابي واستغالل الفرص الكبرى التي أتاحتها شبكة اإلنترنت في‬
‫حقل االستثمار الرقمي‪.‬‬

‫كما يمكن أن يكون الغرض من إنشاء الموقع أو نشره استغالل ضعاف النفوس أو المتعاطفين‬
‫مع هذه المنظمة وتعبئة األفراد ؛ بقصد تجنيد أعضاء منهم ضمن الجماعة‪ ،‬أو توجيههم لدعم‬
‫أنشطة مساندة للنشاط اإلرهابي‪ ،‬الذي تقوم به الجماعة أو بغرض نشر كيفية تصنيع األجهزة‬
‫الحارقة أو المتفجرات أو أي أداة تستخدم في األعمال اإلرهابية‪.‬‬

‫(‪ )۲‬النشر ‪ :‬والنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية يعنى ( االختزان الرقمي للمعلومات مع‬
‫تطويرها وبثها وتوصيلها وعرضها الكترونيًا أو رقميًا عبر شبكات بال ‪ .‬وهذه المعلومات قد‬
‫تكون في شكل نصوص أو صور‪ ،‬أو رسومات تتم معالجتها أليًا ‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك ؛ فالجريمة تقوم في حق من ينشأ الموقع للمنظمة اإلرهابية ‪ .‬وتقوم أيضًا في‬
‫حق من يقوم بنشره‪ ،‬وهو ما يعنى أن الشخص الذي يقوم بجمع المعلومات وتخزينها‬
‫وتصميمها هو من ينشأ الموقع‪ ،‬أما الشخص الذي يأخذ هذه المعلومات والتصميمات جاهزة‬
‫من أخر لبثها ونشرها‪ ،‬هو من ينشر هذا الموقع‪ ،‬وعليه فإن جريمة اإلنشاء جريمة مستقلة‬
‫عن جريمة النشر‪ ،‬وقد أفصح المنظم عن إرادته في تجريم كال السلوكين بقوله "إنشاء ‪ ...‬أو‬
‫نشره"‬

‫ليحيط كل صور السلوك اإلجرامي بالتجريم والعقاب‪ ،‬وال يوجد ما يمنع من أن يقوم مصمم‬
‫الموقع‪ ،‬أو منشئه بنشره‪ ،‬فإذا اتحدت الجريمتين في فاعل واحد وجب عقابه بعقوبة مشددة‬
‫وفقًا لحاالت تشديد العقاب الواردة بالنظام ‪.‬‬

‫ويالحظ أن هذا النوع من الجرائم هو من جرائم الخطر التي لم يشترط المنظم فيها تحقق‬
‫الضرر إلمكان العقاب عليها فهو ضرر مستقبل‪ ،‬وفي عبارة أخرى فهو ضرر في دور التكوين‬
‫ولم يتم تكوينه بعد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الركن المعنوي للجريمة‬

‫تعد جريمة إنشاء موقع لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية ‪ ،‬أو أحد أجهزة الحاسب‬
‫األلي أو نشره من الجرائم العمدية التي يلزم لقيامها توافر القصد الجنائي العام بعنصرية العلم‬
‫واإلرادة‪ ،‬وال تتطلب قصدًا جنائيًا خاصًا ‪.‬‬

‫ومن ثم ؛ يتعين إحاطة علم الفاعل بصفة هذه المنظمة وأعمالها‪ ،‬بمعنى أن يعلم أن النظام‬
‫يجرم وجود هذه المنظمة اإلرهابية في حد ذاته‪ ،‬كما يتعين عليه معرفة أن هذا الموقع من‬
‫شأنه أن يستخدم في تسهيل االتصال بقيادات تلك المنظمة أو أعضائها‪ ،‬أو ترويج ألفكارها‪ ،‬أو‬
‫أن يكون وسيلة لجمع األموال لصالحها‪ ،‬أو كيفية تصنيع األجهزة الحارقة أو المتفجرات‪ ،‬أو‬
‫أي أداة تستخدم في األعمال اإلرهابية‪.‬‬

‫وفي نظرنا نرى أن عنصر العلم يقوم بمجرد اتصال علم الجاني بنوع هذه المنظمة‪ ،‬أو‬
‫نشاطها أي مجرد علم الجاني أنه يقوم بتأسيس موقع لمنظمة إرهابية ‪.‬‬

‫أما اإلرادة فتتحقق باتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الفعل المؤثم نظامًا‪ ،‬وذلك بأن تتجه إرادته‬
‫الي تحقيق النتيجة اإلجرامية كما حددها النص النظامي‪ ،‬كما يتعين أن يكون الجاني قد باشر‬
‫نشاطه عن إرادة صحيحة واعية معتد بها قانونًا أي إرادة حرة مختارة ‪.‬‬

You might also like