Professional Documents
Culture Documents
محاضرة09
محاضرة09
ﻦ ﺑﺖ ﲰﲑ
اﻟﻣرﻛز اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ﺳﻲ اﻟﺣواس -ﺑرﯾﻛﺔ
ﻗﺳم اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ
ﻣﺎدة :ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻧﻘدﯾﺔ ﻣﻌﺎﺻرة /ﻣﺣﺎﺿرة
اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ /دراﺳﺎت ﻧﻘدﯾﺔ
اﻷﺳﺗﺎذ :ﺑن ﻧﺎﺑت ﺳﻣﯾر
1
اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻔﻜ ﲄ ٔ .ﻦ ﺑﺖ ﲰﲑ
اﻟﻧﻔﻲ أو اﻟرﻓض أو اﻟﺗﻘوﯾض واﻹﻧﻛﺎر ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻧﯾﺗﺷﻪ ،ﺑل ﺑﻣﻌﻧﻰ إﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء واﻟﺗرﻛﯾب ،وﺗﺻﺣﯾﺢ اﻷﺧطﺎء،
وﻓﺿﺢ اﻷوﻫﺎم اﻟﺳﺎﺋدة.
اﻟﺗﺻــــور اﻟﻧظـــري ﻟﻠﺗﻔﻛﯾﻛﯾـــﺔ
ﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺗﯾﺎر ﻓﻠﺳﻔﻲ وأدﺑﻲ ظﻬر ﻓﻲ ﺳﺗﯾﻧﯾﺎت اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،وﻫﻲ ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟظواﻫر
اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ ﺗﺷرﯾﺣﺎ وﺗﻔﻛﯾﻛﺎ وﺗﻘوﯾﺿﺎ .وﻗد ارﺗﺑطت اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺟﺎك دﯾرﯾدا
) (Jacques Derridaاﻟذي ﺗﺄﺛر ﺑﻬﺎﯾدﺟر ،وﻫوﺳرل وﻧﯾﺗﺷﻪ .ﻛﻣﺎ اﻗﺗرﻧت اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺑﺗﺷرﯾﺢ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻠﺳﻔﺔ واﻟﻧﺻوص
اﻷدﺑﯾﺔ .ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﺟﺎك دﯾرﯾدا ﻗد ﺗﺳﻠﺢ ﺑﺎﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻟﺗﻘوﯾض اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﻠﺳﺎﻧﯾﯾنٕ ،واﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﺛﻧﺎﺋﯾﺎﺗﻬم
اﻟﻣزدوﺟﺔ ﻛﺎﻟدال واﻟﻣدﻟول ،واﻟﺻوت واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،واﻟﺳﺎﻧﻛروﻧﯾﺔ واﻟدﯾﺎﻛروﻧﯾﺔ ،واﻟﻠﻐﺔ واﻟﻛﻼم ،واﻟﺗﺿﻣﯾن واﻟﺗﻌﯾﯾن ،واﻟﻣﺣور
اﻻﺳﺗﺑداﻟﻲ واﻟﻣﺣور اﻟﺗرﻛﯾﺑﻲ...
ﻗوض ﺟﺎك درﯾدا ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟدال اﻟﺻوﺗﻲ اﻟذي ﻫﯾﻣن ﻟﺳﺎﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻘرون ﻋدة ،ﻣﻧذ وﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﻘد ّ
أﻓﻼطون إﻟﻰ ﺳوﺳﯾر ،ﻟﯾﻌوﺿﻪ ﺑﺎﻟدال اﻟﻛﺗﺎﺑﻲ وآﺛﺎرﻩ اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا ﻛﻠﻪ أن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟدال اﻟﺗﻲ ﻫﯾﻣﻧت ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ
اﻟﻐرب ﻛﺎﻧت ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻟﯾس إﻻّ.
ﻓﺈذا ﻛﺎن دوﺳوﺳﯾر ﯾرى أن اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن اﻟدال واﻟﻣدﻟول ،وﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﺳوى ﻣدﻟول واﺣد ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﺈن
ﺟﺎك درﯾدا ﯾرى أن ﻫذا اﻟﻣدﻟول ﻟﯾس واﺣدا ،ﺑل ﻫو ﻣدﻟول ﻣﺗﻌدد وﻣﺧﺗﻠف وﻣﺗﻧﺎﻗض .وﻫﻛذا ،ﺗﺣﯾل ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﺎء ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﺎن ﻣﺗﻌددة وﻻﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻌطﻲ اﻟﺣﯾوﯾﺔ ﻟﻠدال ،ﻓﺎﻟﻣﺎء ﻗد ﯾﻌﻧﻲ ﻛﺄس ﻣﺎء ،أو ﻗطرات ﻣن اﻟﻣﺎء ،أو اﻟﻣطر ،أو اﻟﺑﺣر،
أو اﻟﺑﺣﯾرة ...وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا وﺟود دﻻﻻت ﻏﯾر ﻣﺣددة وﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ﻋﻼﻣﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ ﻋﻼﻣﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﺷﻛل
ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ ﻣن اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﻣﺗﺿﺎدة واﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻣﻊ ﻧﻔﺳﻬﺎ ،وﻋﻼﻣﺔ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ .وﻣن ﺛم ،ﯾﻌﻠن دﯾرﯾدا
ﻏﯾﺎب اﻷﺻل واﻟﺟذر واﻟﺑداﯾﺔ ،ﻣﺎدام ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎص ،وﺗداﺧل اﻟﻧﺻوص ،وﺗﻌدد اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ.
إن اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻫﻲ ﺧطﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘراءة ،ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺟزﺋﯾﺎت اﻟﻣﺗﺷذرة ،وﺗﻬﺗم ﺑﻛل ﻣﺎﻫو ﻣﻌﻘد وﻣﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ
اﻟﻧص ،وﻗد اﻧﺗﻘﻠت ﻫذﻩ اﻟﻘراءة اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ إﻟﻰ اﻷدب ﺗﻧظﯾ ار وﺗطﺑﯾﻘﺎ وﺗﺄوﯾﻼ ﻣﻊ ﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﯾل)(Yale
اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﯾﺔ .وﻣن ﺛم ،ﻓﻣن اﻟﺻﻌب ﺑﻣﻛﺎن ﺗﺣدﯾد اﻟﻘراءة اﻟﺗﻘوﯾﺿﯾﺔ ﺑﺷﻛل دﻗﯾق؛ ﻧظ ار ﻟﻐﻣوض ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻻﺧﺗﻼف
ﻋﻧد دﯾرﯾدا ،وﺻﻌوﺑﺔ اﺳﺗﯾﻌﺎب دﻻﻻت ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻬﺎ اﻟﺗﺻورﯾﺔ واﻟﻧظرﯾﺔ ،واﺧﺗﻼف اﻟدارﺳﯾن واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر ﻧظرﯾﺗﻬﺎ
ﺑﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل .وﯾﻌﻠم اﻟﻣﺗﺧﺻﺻون ﻣﺎ ﺗﺛﯾرﻩ ﺗرﺟﻣﺔ ﻛﻠﻣﺔ اﻻﺧﺗﻼف ) (Différanceﻣن ﻣﺷﺎﻛل ﻣﻌﻘدة ﻓﻲ ﺗﻌﯾﯾن
دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻣن ﺛﻘﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﺧرى .ﻓﻠﯾﺳت اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ -إذاً -ﺑﺣﺛﺎ ﻋن اﻟﻣﻘﺻدﯾﺔ أو اﻟﻣﺑدع أو اﻟﻬوﯾﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ،وﻟﯾس
ﺑﺣﺛﺎ ﻋن اﻻﻧﺳﺟﺎم ،ﺑل اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻫﻲ ﺗﻠك اﻟﻘراءة اﻟﺗﻲ ﺗؤﻣن ﺑﺎﻟﻐﯾﺎب اﻟﻛﻠﻲ ﻟﻼﻧﺳﺟﺎم .اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺟوﻫر ﺗﻘوﯾض
ﻟﻠﻧص ،وﻫدم ﻟﻪ ،وﺗﻔﺟﯾر ﻟﻪٕ ،وادﺧﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺻراع اﺧﺗﻼﻓﻲ ﻣﻊ ذاﺗﻪ .اﻟﺗﻔﻛﯾك -إذًا -ﻫو إﺛﺎرة اﻟﺗﻌﺎرﺿﺎت ،وﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟذات
2
اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻔﻜ ﲄ ٔ .ﻦ ﺑﺖ ﲰﲑ
واﻟﻣوﺿوع ،وﺗﻌرﯾﺔ اﻟﺗﻔﺎوﺗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،واﻧﺗﻘﺎد اﻟﺗراﺗﺑﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟطﺑﻘﯾﺔ ،واﺳﺗﺧﻼص اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت واﻻﺧﺗﻼﻓﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗؤﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺷور اﻟﺳطﺢ ،وﻫﻲ ﻛذﻟك ﻻ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷرﯾﺢ واﻟﺷرح واﻟﺗﺄوﯾل ﻓﻘط ،ﺑل ﺗﻌﻣل ﺟﺎﻫدة ﻟرد
اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﻬﺎﻣش واﻟﻣدﻧس واﻟﻣﺧﻔﻲ واﻟﻣﻘﺻﻲ .ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺎﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻫﻲ رﻓض ﻟﻠﻬوﯾﺔ واﻷﺻول واﻟﻛﯾﻧوﻧﺔ ،وﻧﻔﻲ
ﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻷﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر.
ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻊ دوﺳوﺳﯾر ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟدال اﻟﺻوﺗﻲ ،ﻣﻊ ﺗﻬﻣﯾش اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،ﻓﺈن دﯾرﯾدا ﯾرﻛز
ﺑﺷﻛل ﺑﺎرز ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ وأطراﺳﻬﺎ اﻟﺑﺻرﯾﺔ .وﻣن ﻫﻧﺎ ،ﯾﻣﯾز روﻻن ﺑﺎرت ) (Barthesﺑﯾن اﻟﻧص اﻟﻘراﺋﻲ واﻟﻧص
اﻟﻛﺗﺎﺑﻲ ،ﻓﺎﻟﻧص اﻷول "ﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻘﺎرئ ﻓﻘط أن ﯾﻔﻬم ﺑﺷﻛل ﻣﺣدد ﺳﻠﻔﺎ .أﻣﺎ اﻟﻧص اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻬو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎرئ
ﻣﻧﺗﺟﺎ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾرﯾد" .وﻣن اﻟواﺿﺢ ،أن ﺑﺎرت ﯾﻔﺿل اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻫذا اﻟﻧص اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟرة ﻣن
اﻟداﻻت ،وﻟﯾس ﻫﯾﻛﻼ ﻣن اﻟﻣدﻟوﻻت .ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎرئ ﺗطﺑﯾق ﻋدد ﻻ ﺣﺻر ﻟﻪ ﻣن اﻟﺗﻔﺳﯾرات ﻟﻣﺛل ﻫذا اﻟﻧص.
اﻟﺳﯾـــﺎق اﻟﺗﺎرﯾﺧـــﻲ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾﻛﯾــــﺔ
رد ﻓﻌل ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،وﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟﻠﻐﺔ ،وﺗﻣرﻛز اﻟﻌﻘل ،وﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﻛل
ظﻬرت اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ 1960ﻛ ّ
ﺣﻘول اﻟﻣﻌرﻓﺔ .وأﺻﺑﺣت اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ اﺑﺗداء ﻣن ﺳﻧﺔ 1970ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ أدﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﯾﺔ ،وآﻟﯾﺔ ﻟﻠﺑﻼﻏﺔ
واﻟﺗﺄوﯾل .وﻗد ظﻬرت ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﻬﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺛﻘﺎﻓﻲ ﺧﺎص ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻘوﯾض ﻣﻘوﻻت اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،وﻫدم
اﻟﻣرﺗﻛزات اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ،ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑـ)ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ( ،وظﻬور ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺗﯾل ﻛﯾل ) ،(Tel Quelوﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﯾل
) (Yaleاﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﺗﻧدرج ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾك ﻓﻲ إطﺎر ﺣرﻛﺔ اﻟﯾﺳﺎر اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻟﺗﻘوض دﻋﺎﺋم اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ
ﺑﺎﺳم اﻟﺛورة واﻟﻬدم واﻟرﻓض واﻟﺷك واﻟﺗﻘوﯾض .ﻛﻣﺎ أن ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺟﺎك دﯾردا ﻓﻠﺳﻔﺔ ﺟﯾل اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻗواﻧﯾن اﻟﻌﻘل واﻟﻣﻧطق
واﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا أن ﻓﻠﺳﻔﺔ دﯾرﯾدا ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻋدﻣﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬدم واﻟﺗﻘوﯾضٕ ،وازاﺣﺔ اﻟﺛواﺑت اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ
اﻧﺑﻧت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،ﺗﻠك اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﺎ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣرﻛز واﻟﺑﻧﯾﺔ واﻟﻌﻼﻣﺔ واﻟﻌﻘل .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا ،أن اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ
أﺗت ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﯾﺔ اﻟﺛﺎﺋرة ﻋﻠﻰ اﻟوﻋﻲ واﻟﻌﻘل واﻟﻧظﺎم واﻻﻧﺳﺟﺎم واﻟﻛﻠﯾﺔ.
وﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ،ﻓﺈن أﻫم ﻋﺎﻣل ﻗد ﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻓراز اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻫو ﺗﻧوع اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ،
واﺧﺗﻼف ﺗﺻوراﺗﻬﺎ اﻟﻧظرﯾﺔ ،وﺗﻌدد ﺧﻠﻔﯾﺎﺗﻬﺎ اﻹﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻣﺛل :اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ ،واﻟﺳﯾﻣﯾوطﯾﻘﺎ ،واﻟﻬﯾرﻣوﻧﯾطﯾﻘﺎ،
واﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،واﻟﻔﯾﻧوﻣﯾﻧوﻟوﺟﯾﺎ...
ﻣرﺗﻛزات اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾـــﺔ أو ﻣﻘوﻻﺗﻬﺎ
ﺗﻧﺑﻧﻲ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻣرﺗﻛزات اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ:
3
اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻔﻜ ﲄ ٔ .ﻦ ﺑﺖ ﲰﲑ
-1ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗـــﻼف:
ﯾرى ﺟﺎك دﯾرﯾدا أن اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص واﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﻣﻌطﺎة ﯾﺗﺣدد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻌدد اﻟﻣدﻟوﻻت ﺑﯾن اﻟﻛﻠﻣﺎت
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا أن اﻻﺧﺗﻼف ﻣﺑدأ إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ دﯾرﯾدا ،ﻓﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺗﺗﻌدد ﺑﺗﻌدد اﻻﺧﺗﻼﻓﺎتٕ .واذا ﻛﺎن
دوﺳوﺳﯾر ﯾرى أن ﻟﻠﻣدﻟول ﻣﻌﻧﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺎ واﺣدا ،ﻓﺈن دﯾرﯾدا ﯾرى أن ﻟذﻟك اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣدﻟوﻻت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻻﻣﺗﻧﺎﻫﯾﺔ وﻣﺗﻌددة.
وﺑﻬذا ،ﯾﻛون اﻻﺧﺗﻼف ﻣﻠﻣﺣﺎ إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﺛراء اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻧص اﻷدﺑﻲ أو اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ.
وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا أن اﻻﺧﺗﻼف ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﻼﺷﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وﺗﻌدد اﻟﻣدﻟوﻻت ،ووﻓرة اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﺗﺷﺗﯾت واﻟﺗﺿﺎد
واﻟﺗﻧﺎﻗض.
-2اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘل:
ﺛﺎر ﺟﺎك دﯾرﯾدا ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ،وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﻘوﻟﺔ اﻟﻌﻘل أو اﻟﻠوﻏوس ،وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن
ﺟﺎك دﯾرﯾدا ﻣﺛل :ﻣﺎرﺗن ﻫﺎﯾدﺟر وﻧﯾﺗﺷﻪ ،ﻗد ﻋﻣﻠوا ﺟﻣﯾﻌﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘل اﻟذي ﺳﯾطر ﻷﻣد طوﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر
اﻟﻐرﺑﻲ .ﻛﻣﺎ ﻋﻣل دﯾرﯾدا ﻋﻠﻰ ﺗﻘوﯾض اﻟﻣﻧطق ،ﻣﺳﺗﺑدﻻ إﯾﺎﻩ ﺑﺎﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﻘوﯾض واﻟﻼﻋﻘل.
وﻫﻛذا ﺗﺛور ﻓﻠﺳﻔﺔ دﯾرﯾدا ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣدارس اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾد ﺑﺎﻟﻌﻘل واﻟﻣﻧطق ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ،وﯾدﻋو إﻟﻰ اﻟﺗﻘوﯾض ﻣن
أﺟل ﺗﻔﻛﯾك ﻫذا اﻟﺗﻣرﻛز اﻟذي ﺗﺣ ّﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﻐرﺑﻲ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ.
-3ﻋﻠم اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو أﺳﺑﻘﯾﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻوت:
ﯾﻌﺗﺑر ﺟﺎك دﯾرﯾدا أن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫﻲ أﺻل اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،وﻟﯾس اﻟﺻوت أو اﻟدال اﻟﺻوﺗﻲ .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا
أﺳﺑﻘﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ )اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ( ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ )اﻟﺻوت(ٕ .واذا ﻛﺎن دوﺳوﺳﯾر ﻗد أﻋطﻰ اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻠﺻوت أو اﻟﻔوﻧﯾم
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﯾﻣﺛل اﻟﻣﻧطق واﻟﻌﻘل ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ،ﻓﺈن ﺟﺎك دﯾرﯾدا ﻗد أﻋطﻰ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑرى ﻟﻠﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺗﻌدد
واﻟﺗﺷﺗت واﻻﺧﺗﻼف.
-4اﻟﺣﺿور واﻟﻐﯾﺎب:
ﯾﻧﺑﻧﻲ اﻻﺧﺗﻼف ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺣﺿور واﻟﻐﯾﺎب .ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟدوال ﺗﺣﻣل ﻣدﻟوﻻت ﺗﺗﻌدد ﺑﺎﻻﺧﺗﻼف ،ﻓﯾﺣﺿر
ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ وﯾﻐﯾب ذاك .وﺑﻬذا ﺗﺗﻧﺎﺳل اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ،وﺗﺗﻌدد اﻟﻣدﻟوﻻت ﺗواﻟدا وﺗﻼﺷﯾﺎ وﺗﻔﻛﯾﻛﺎ وﺗﺄﺟﯾﻼ وﺗﺷﺗﯾﺗﺎ .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا
ﻛﻠﻪ أن ﺛﻣﺔ وﺣدات ﺗﺣﺿر ،ووﺣدات ﺗﻐﯾب ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ .وﯾؤﻛد ﻫذا اﻧﺑﻧﺎء ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾك ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻘوﯾض،
وآﻟﯾﺔ ﺗﺷﺗﯾت اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ وﺑﻌﺛرﺗﻬﺎ.
4
اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺘﻔﻜ ﲄ ٔ .ﻦ ﺑﺖ ﲰﲑ
-5ﺗﻌدد اﻟﻠﻐﺎت واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻟﻧﺻوص:
ﯾﻌرف ﺟﺎك دﯾرﯾدا اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ أﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗؤﻣن ﺑﻠﻐﺔ واﺣدة .أي :ﺗؤﻣن ﺑﻠﻐﺎت ﻣﺗﻌددة ﻋﺑر آﻟﯾﺎت اﻻﺧﺗﻼف
واﻟﺗﻧﺎﻗض واﻟﺣوار واﻟﺗﻘوﯾض واﻟﺗﻧﺎص .وﯾﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﺗﺷدﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻟدﻻﻟﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ .وﯾﻣﻛن اﻟﻘول :إن
ﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺟﺎك دﯾرﯾدا ﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺗﻌددﯾﺔ اﺧﺗﻼﻓﯾﺔ ،ﻻ ﺗؤﻣن ﺑﻣﻧطق اﻟوﺣدة ،واﻻﻧﺳﺟﺎم ،واﻟﻛﻠﯾﺔ ،واﻟﻌرﻗﯾﺔ ،واﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ
ﺗﺄﺑﻰ ﻣﻧطق اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ واﻟﺗﻣرﻛز واﻟﺗﺛﺑﯾت...
-6اﻟﺗﺄوﯾل اﻟﻣﺗﻧﺎﻗض واﻟﻣﺧﺗﻠف:
ﯾﺳﺗﻧد اﻟﻔﻛر اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﻲ إﻟﻰ اﻟﺗﺄوﯾل اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﻧﺎﻗض ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻷدب واﻟﻧﻘد ﻛﻣﺎ ﻋﻧد
اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﯾﯾن؛ ﻷن دﯾرﯾدا ﺣﺻر اﻟﺗﻔﻛﯾك ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﻣر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻟﯾس إﻻّ .ﻓﻲ ﺣﯾن ،ﺗوﺳﻊ اﻟﺗﻔﻛﯾك ﻣﻊ
ﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﯾل ﻟﯾﺷﻣل اﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﺳﯾﻣﯾوطﯾﻘﺎ وﻗراءة اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ .وﻋﻠﯾﻪ ،ﺗﺳﺗﻌﯾن اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺑﻘراءة ﺗﻘوﯾﺿﯾﺔ ﻫﻣﻬﺎ اﻷول ﻫو
ﻛﺷف اﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت واﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ ،وﺗرﺟﯾﺢ اﻟﻬﺎﻣش ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﻛز ،واﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣدﻧس ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﻣﻘدس .وﻣن
ﺛم ،ﻓﺎﻟﻘﺎرئ ﻫو اﻟذي ﯾﻣﺎرس اﻟﻘراءة اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ .وﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن اﻟﺗﺄوﯾل ﻻ ﯾوﺟد داﺧل اﻟﻧص أو ﻓﻲ ﻣرﺟﻌﻪ ،ﺑل ﯾﻣﺎرﺳﻪ
اﻟﻘﺎرئ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻣﺗﻌﺔ ،ﻻﻛﺗﺷﺎف اﻟدﻻﻻت اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ اﺧﺗﻼﻓﺎ وﺗﻼﺷﯾﺎ وﺗﺻﺎدﻣﺎ .وﻗد ﺗﻔرع ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم
ﻋدة ﻣﺑﺎدئ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
ﯾﺟب أن ﯾﻬدم اﻟﻧص ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻬﺎوى ﻧﺳﯾﺟﻪ اﻟﺗﻌﺑﯾري.
أن اﻟﻧص ﻻ ﯾﺗﺣدث ﻋن ﻣرﺟﻌﻪ ،ﺑل إﻧﻪ ﻻ ﯾﺗﺣدث ﻋن ﻧﻔﺳﻪٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﺟرﺑﺗﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻘراءة ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدﺛﻧﺎ ﻋﻧﻪ.
أن اﻟﻧص ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘ أر ﺑﺗﺟﺎوز ﻟﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﺗواﺿﻌﻲ واﻻﺻطﻼﺣﻲ ،وﻫذﻩ اﻟﻘراءة ﻫﻲ ﻧوع ﻣن اﻟﻠﻌب اﻟﺣر .وﻋﻠﻰ
ﻫذا اﻷﺳﺎس ،ﻓﺈن ﺗﺄوﯾﻼت اﻟﻧص وﺗﻌدداﺗﻬﺎ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﻣؤﻫﻼت اﻟﻘﺎرئ ،ﻓﺎﻟﻧص ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ "ﺑﺻﻠﺔ ﺿﺧﻣﺔ ﻻ
ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺗﻘﺷﯾرﻫﺎ"ٕ ،وان اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻌﺎم وﻣﺳﺎق اﻟﻧص ﻻ أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺄوﯾل ،ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﻟﯾس اﻟوﺻول إﻟﻰ
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﻪ اﻟﻧصٕ ،واﻧﻣﺎ اﻟﻬدف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺗﻌﺔ ،وﻟذﻟك ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻠﺗﺄوﯾﻼت اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﻟﯾﺳت
إﻻ رﻛﺎﻣﺎت ﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻧﻘﺎد ﻟﻠﻧص ﻟﯾﻼﺋﻣوا ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن ﻗﯾﻣﻬم.
وﻧﻔﻬم ﻣن ﻫذا ﻛﻠﻪ ﻏﯾﺎب اﻟدﻻﻟﺔ واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ورﻓض اﻟﻣﻌطﻰ اﻟﺧﺎرﺟﻲ )ﺻﺎﺣب اﻟﻧص ،وظروﻓﻪ ،وﺳﯾﺎﻗﻪ،
وﻋﺗﺑﺎﺗﻪ ،(..واﻟﺗﺧﻧدق داﺧل اﻟﻧص ﺑﯾن اﻻﻧﻔﺗﺎح واﻻﻧﻐﻼق ،واﻟﺗﻠذذ ﺑﺎﻟﻧص ﻓﻲ أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻘراءة.
ﻟﻘد أﺻﺑﺢ اﻟﺗﻧﺎص ،وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﻊ ﺟوﻟﯾﺎ ﻛرﯾﺳﺗﯾﻔﺎ وﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﯾل اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﯾﺔ ،ﻣن أﻫم اﻟﺗﺻورات اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻏﺗﻧت ﺑﻬﺎ
اﻟﺗﻔﻛﯾﻛﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،و)ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ( ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﺗﻧﺎص ﯾﻌﺑر ﻋن ﺗﻌدد اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﺧﺗﻼف اﻟدﻻﻻت وﺗﻛرار اﻟﻧﺻوص
واﻟﺧطﺎﺑﺎت ﺗﻧﺎﺳﻼ وﺗواﻟدا.
5