Professional Documents
Culture Documents
ملكية 1
ملكية 1
2
-2مفهوم الملكية الصناعية:
تقتضينا دراسة مفهوم الملكية الصناعية أن نقوم أوال بتعريفها ثم نبين
طبيعتها القانونية.
3
وبذلك تعد حقوق الملكية الصناعية بمعناها الواسع من أحدث الفروع
القانونية على وجه اإلطالق ،وذلك نابع من كونها وليدة التطور العلمي والثورة
التكنولوجية الحديثة والتطور االقتصادي الهائل.
5
-4الجهة المختصة بالملكية الصناعية في الجزائر:
إن الجهة المختصة بالملكية الصناعية في الجزائر هي :المعهد الوطني
الجزائري للملكية الصناعيةInstitut National Algérien de : INAPI
Propriété Intellectuelle
أنشأ بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 68-98المؤرخ في 21فبراير سنة
)1(1998الذي يوجد مقره الرئيسي بالجزائر العاصمة وله فروع بالواليات،
المعهد مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل
المالي()2
8
الفرع األول :تعريف براءة االختراع
قبل التطرق إلى التعريف ببراءة االختراع ،ال بد أن نحيط بمدلول االختراع
في حد ذاته أوال.
أوال-تعريف االختراع
إن االختراع هو وليد الفكر واإلبداع ،يأتي نتاج بذل الجهد والوقت والفكر،
فاالختراع هو جهد بشري عقلي وعلمي ،يثمر في النهاية إنجاز جديدا مفيدا
لإلنسانية ويضيف إلى رصيدها ما يسد حاجة ويحقق أمال.
واالختراع وفق ما عرفته المادة 02من األمر رقم 07-03المتعلق
ببراءات االختراع( )1هو ":فكرة لمخترع تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في
مجال التقنية"
لذلك فإن مدلول االختراع يحتوي على عنصرين ،فهو من ناحية :ثمرة
العمل والنشاط الفكري.
ومن ناحية أخرى :يجب أن يحدث هذا االختراع تغيرا جوهريا في التقنية فال
يكفي التوصل إلى اختراع لفكرة مجردة ،بل يجب أو تؤدي إلى حل مشكل
مطروح في مجال التقنية.
وانطالقا من ذلك يجب التمييز بين االختراع وبين مختلف المصطلحات ذات
الصلة به.
أ-االختراع واإلبداع:
للوهلة األولى يبدوا أن المصطلحين مترادفين ،لذلك يرى جانب من الفقه أن
لالختراع Inventionولإلبداع Innovationنفس المعنى من الناحية اللغوية غير
أنه من المتفق عليه أنهما يختلفان من الناحية االقتصادية ،وهذا راجع لكون
الجمهور يميز بين االختراعات اإلبداعية بمعنى العبقرية ،وتلك التي ال تتصف
بهذه الميزة ،أي يميز المنتجات الجديدة جذريا عن المنتجات الناجمة عن تحسينات
التكنولوجيا.
10
فبراءة االختراع هي إذن حق ملكية يتعلق بمعارف تقنية يمتلكها صاحب
البراءة ،وال يمكن أن تتحقق هذه الملكية ال بحصول المخترع على الوثيقة وبدون
البراءة يبقى االختراع مجرد معرفة فنية.
الفرع الثاني :الطبيعة القانونية لبراءة االختراع
لقد تناول العد يد من الفقهاء الطبيعة القانونية للبراءة واختلفوا في تحديدها،
فمنهم من اعتبر الحق في براءة االختراع عمال منشئا لحق المخترع Acte
،attributifفحق المخترع في احتكار استغالل اختراعه في مواجهة الكافة خالل
المدة المحددة لذلك ال يثبت له لمجرد اكتشافه البتكار معين ،إنما يثبت له بمجرد
حصوله على البراءة أما قبل الحصول على البراءة ال يعتبر المخترع صاحب حق
ملكية صناعية وإنما مجرد صاحب سر اختراع طالما أنه يحتفظ به لنفسه.
وهناك من الفقهاء من يرى بأن البراءة عقد يبرم بين كال من اإلدارة
والمخترع يقدم بمقتضاه المخترع سر اختراعه إلى الجماعة ،وتتعهد الدولة في
مقابل ذلك بمنح حق استغالل هذا االختراع لمدة زمنية محددة.
غير أن هذا الرأي انتقد من عدة جوانب منها :أن اإلدارة والمخترع مقيدان
بمضمون األحكام القانونية مما يستوجب على المخترع استيفاء كافة الشروط
القانونية المطلوبة ،ويجب على اإلدارة قبول الطلب وتسليم الشهادة متى توفرت
هذه الشروط.
كما يذهب البعض اآلخر من الفقه إلى القول بأن براءة االختراع عبارة عن
قرار إداري صادر عن الجهة المختصة بعد إتمام اإلجراءات القانونية واستيفاء
شروط صحة االختراع.
والجدير بالذكر أن هذا الرأي األخير -وعلى حسب رأينا الخاص -يوافق
النصوص واألحكام القانونية في الجزائر الخاصة بالملكية الصناعية ،ويترتب
على ذلك أن البراءة هي قرار إداري صادر عن الهيئة المختصة قانونا والمتمثلة
في المعهد الوطني للملكية الصناعية.
11
المطلب الثاني :شروط الحصول على براءة االختراع
للحص ول على براءة االختراع يجب أن تتوفر في االختراع نوعان من
الشروط :شروط موضوعية (الفرع األول) ،وأخرى شكلية (الفرع الثاني).
الفرع األول :الشروط الموضوعية
يجب أن تتوفر في االختراع شروط موضوعية حددها القانون على سبيل
الحصر وهي:
أوال :شرط الجدة
ثانيا :شرط النشاط االبتكاري
ثالثا :شرط القابلية للتطبيق الصناعي.
ولقد نصت على هذه الشروط الموضوعية المادة 3من األمر رقم 07-03
المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص على أنه ":يمكن أن تحمى بواسطة براءة
االختراع االختراعات الجديدة والناتجة عن نشاط اختراعي والقابلة للتطبيق
الصناعي".
أوال :شرط الجدة Nouveauté
هذا الشرط منصوص عليه بموجب المادة 04من األمر رقم 07-03
المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص على أنه ":يعتبر االختراع جديدا إذا لم يكن
مدرجا في حالة التقنية ،وتتضمن هذه الحالة كل ما وضع في متناول الجمهور عن
طريق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أي وسيلة أخرى عبر العالم ،وذلك قبل
يوم إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة األولوية بها".
فال يكفي لكي يحصل المخترع على براءة االختراع أن تكون الفكرة التي
بنى عليها االختراع أصلية ،بل يجب فوق ذلك أن يكون االختراع جديدا لم يسبق
ألحد استعماله أو تق ديم طلب للحصول على براءة بشأنه أو الحصول فعال على
براءة االختراع أو سبق النشر عنه ،وإال فقد االختراع شرط الجدة فال تمنح عنه
براءة االختراع.
12
فاالختراع ليس إال فكرة جديدة تسمح عند التطبيق بحل مشكلة محدودة في
مجال التكنولوجيا.
إال أن المشرع أورد استثناء على شرط الجدة بموجب الفقرة 2من المادة
04من األمر رقم 07-03المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص ":ال يعتبر
االختراع في متناول الجمهور بمجرد ما تعرف عليه الجمهور خالل االثنى عشر
شهرا التي تسبق تاريخ إيداع البراءة أو تاريخ األولوية اثر فعل قام به المودع أو
سابقة في الحق طبقا للمادة 14أدناه ،أو جراء تعسف من الغير إزاء المودع أو
إزاء سابقة في الحق".
وعليه فإنه يمكن االعتراف بالجدة رغم نشر االختراع وإطالع الجمهور
عليه وهذا في الحاالت اآلتية:
الحالة :1حالة تسجيل االختراع
الحالة :2حالة العرض في المعارض.
الحالة األولى :حالة تسجيل االختراع
يحصل الكشف عن االختراع إذا كان مسجال في دولة أجنبية ترتبط بها
الدولة المقدم إليها طلب اإليداع باتفاقية جماعية هي اتفاقية باريس ،أو اتفاقية
ثنائية ،على ان يقدم الطلب إلى دولة الحماية خالل 12شهرا من تاريخ التسجيل
األول ،وإال سقط حقه في الحماية ،وهذا ال يعد منحا لبراءة جديدة ،والدليل على
ذلك أن مدة حمايته تبدأ من تاريخ إيداعه األول.
الحالة الثانية :العرض في المعارض
فال يعتبر االختراع أنه في متناول الجمهور لمجرد عرضه في المعارض،
سواء كانت محلية أو دولية ،طالما أن صاحبه يتقدم بطلب البراءة خالل 12شهرا
التي تسبق تاريخ إيداع البراءة.
وبهذا يتمتع االختراع في هذه الحالة بحماية قانونية خالل فترة العرض،
ويجوز أن تتحول هذه الحماية إلى حماية دائمة من تاريخ عرض االختراع ،بشرط
احترام المدة القانونية المحددة.
13
ثانيا -شرط النشاط االبتكاري
فلكي توصف الفكرة بأنها اختراع بالمعنى الذي قرر القانون حمايته ،يتعين
أن تحتل الفكرة تقدما في الفن الصناعي ،وأن يجاوز هذا التقدم بوضوح الحالة
السابقة للفن الصناعي ،معنى ذلك يجب أن يكون محل االختراع فكرة أصلية في
ذاتها ناتجة عن نشاط فكري.
وقد عرفت المادة 05من األمر 07-03النشاط االختراعي على النحو
التالي " :يعتبر االختراع ناتجا عن نشاط اختراعي إذا لم يكن ناجما بداهة من حال
التقنية".
بمعنى ال يكون سهل البلوغ واإلدراك مما كان موجودا مسبقا ،فينتفي إذا
عنصر االبتكار إذا كان االختراع ممكن إدراكه من قبل خبير عادي باستعمال
مهارته وخبرته الفنية وعن طريق عملية تنفيذية بسيطة.
وتجدر اإلشارة إلى أن موضوع االبتكار هذا قد يكون إما إنتاج صناعي
جديد ،أو طريقة صناعية جديدة ،أو تطبيق جديد لطرق أو وسائل معروفة أو
تركيب جديد.
وتظهر أهمية التمييز بين هذه األنواع المختلفة لالختراع في معرفة فيما
يكمن النشاط االبتكاري في كل نوع منها من جهة ،وفي معرفة مدى الحماية
المكرسة لكل نوع منها من جهة ثانية األمر الذي يتطلب دراسة كل حالة على
حدى.
-1انتاج صناعي جديد:
أي ابتكار شيء مادي جديد له ذاتية خاصة به والتي تميزه عن غيره من
األشياء المماثلة المشابهة له والموجودة مسبقا ،كاختراع السيارات والطائرات
واآلالت الكهربائية أو االلكترونية واآلالت الموسيقية...الخ.
وتمنح البراءة لصاحب االبتكار عن االنتاج الصناعي الجديد "براءة إنتاج "
Brevet de produitوتمكنه من احتكار استغالل هذا االبتكار دون غيره،
ويمتنع بذلك على الغير إنتاجه حتى وإن كان ذلك بطريقة أخرى مختلفة وحتى ولو
14
كانت الطريقة الثانية أحسن بكثير من الطريقة األولى المعطى عنها البراءة ،لذا
تعتبر البراءة الخاصة بإنتاج صناعي جديد أقوى البراءات وأوسعها نطاق من
حيث الحماية التي تكفلها لصاحب االختراع.
15
كتطبيق في جهاز لتحضير القهوة نظام دوران الوسائل المستعمل من قبل
في آالت الغسيل أو استخدام الكهرباء وهي وسيلة معروفة في تسيير آالت الطبخ
التي كانت عادة تسير بالغاز ،أو استخدام قوة الدفع الذري في دفع السفن بدال من
البخار.....الخ.
لذا قد ينصب االبتكار ع لى استخدام وسيلة معروفة في إنتاج معروف أيضا،
ولكن الجديد هو استخدام هذه الوسيلة لتحقيق هذه النتيجة الصناعية ويمنح صاحب
ابتكار هذه التطبيقات الجديدة عنها براءة اختراع تخوله حق احتكار صنع هذا
الشيء بتطبيق هذه الطريقة ،ويمتنع بذلك على الغير من تطبيقها للوصول إلى
النتيجة الصناعية التي توصل إليها صاحب البراءة ،ولكن ال يمنع على الغير من
صنع ذات المنتوج الصناعي بتطبيق وسيلة أخرى أو باستخدام هذه الوسيلة
للوصول إلى شيء آخر غير ما توصل إليه صاحب البراءة.
كاستخدام مثال قوة الدفع الذري المستعملة في تسيير السفن واآلالت
ألغراض جديدة لم تكن معروفة من قبل كما في حالة سفن الفضاء.
-4اختراع تركيب لطرق صناعية معروفة:
يقصد بالتركيب الجديد عملية جمع أي تركيب وسائل معروفة للحصول على
نتيجة إجمالية جديدة ،أي ينحصر موضوع االختراع في هذه الحالة على مجرد
تركيب صناعي جديد لوسائل معروفة والتي لم يتم جمعها من قبل بنفس الطريقة.
مثال ذلك المركبات الكيميائية التي تنتج عن خلط عدة مواد معروفة من قبل وهذا
من اجل الحصول على مادة جديدة لها خواصها المختلفة عن كل مادة تدخل في
تكوينها.
أو اآللة الميكانيكية لبيع القهوة أو الشاي فمثل هذه اآللة عبارة عن تكوين أو
تجميع لعدة آالت معروفة من قبل مثل آلة حفظ األشياء المراد بيعها ،وآلة استيالم
النقود ،إذا يشترط في هذا التركيب الجديد ،خلق شيء جديد له ذاتيته وخواصه
المستقلة ،ومن ثم فإن مجرد خلط عدة عناصر أو وسائل صناعية معروفة ال يعتبر
تركيب جديد وهذا إذا ما احت فظ كل عنصر بخصائصه من غير أن تتداخل تلك
العناصر مع بعضها البعض.
16
ثالثا -شرط القابلية للتطبيق الصناعي
أن الفكرة األصلية لالختراع يجب أن تكون ذات تطبيق صناعي وهذا ما
نصت عليه المادة 06من األمر رقم 07-03المتعلق ببراءات االختراع ":يعتبر
االختراع قابال للتطب يق الصناعي إذا كان موضوعه قابال للصنع أو االستخدام في
أي نوع من الصناعة".
لذا ال يمكن منح براءة اختراع عن مجرد ابتكار اآلراء النظرية ،أو مجرد
اكتشاف الظواهر الطبيعية كاكتشاف الجاذبية أو الطاقة ألن مجالها نظري بحث،
بل يجب أن يترتب على استعمال االبتكار نتيجة صناعية تصلح لالستغالل في
مجال الصناعة.
وال يقتصر التطبيق الصناعي على قابلية استخدام االختراع في الصناعة
بالمعنى الضيق ،بل تنصرف كلمة الصناعة إلى المعنى الواسع الذي أشارت إليه
المادة 01من اتفاقية باريس لسنة ،1883فتشمل الصناعة الزراعية
واالستخراجية...الخ.
وبذلك يكون االختراع قابال للبراءة إذا كان موضوعه قابال للصنع أو
االستخدام في أي نوع من الصناعة.
إذا بمجرد توافر في االختراع هذه الشروط الموضوعية يكون قابال
للحصول على البراءة إال أنه هنالك من االختراعات من هي مستثناة من الحماية
الخاصة بالبراءة.
االختراعات المستثناة من الحماية الخاصة بالبراءة:
نصت المادتين 07و 08من القانون الحالي لبراءات االختراع على بعض
االقصاءات من الحماية التي جاء بها القانون في هذا المجال يمكن جمعها في
فئتين:
-1اقصاءات مؤسسة على غياب االختراع والتطبيق الصناعي.
-2اقصاءات مؤسسة على محل االبتكار.
17
-1اقصاءات مؤسسة على غياب االختراع والتطبيق الصناعي
ومن بين هذه االقصاءات:
المبادئ والنظريات واالكتشافات ذات الطابع العلمي وكذلك المناهج -
الرياضية طالما أنها مجرد أفكار علمية وظواهر طبيعية مجردة ليس لها
تطبيق عملي مثل اكتشاف قانون طبيعي كقانون الجاذبية.
الخطط والمبادئ والمناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو -
ترفيهي محض.
المناهج ومنظومات التعليم والتنظيم واإلدارة أو التسيير. -
االبتكارات ذات الطابع التزيني المحض كالزخرفة مثال إذا تدخل هذه -
األخيرة في نطاق الملكية األدبية والفنية.
-2االقصاءات المؤسسة على محل االبتكار:
في هذا النوع من االقصاءات نجد كل من:
طرق عالج اإلنسان والحيوان بالجراحة ،أو المداواة وكذلك مناهج -
التشخيص ألن احتكار استغاللها والذي يعد األثر المباشر للبراءة يؤدي
إلى استغالل المرضى وربما يودي بحياتهم.
األنواع النباتية أو األجناس الحيوانية والطرق البيولوجية التي تستخدم -
في إنتاجها مثل عمليات التلقيح واإلخصاب والتهجين.
االختراعات المضرة بالصحة وحياة األشخاص والحيوانات والنباتات أو -
البيئة كابتكار طريقة كيميائية لحفظ األطعمة تؤدي إلى اإلضرار
بالصحة أو تقتيل الفيتامينات التي تحتوي عليها.
االختراعات التي يكون نشرها أو تطبيقها مخل باألمن العام أو بالنظام -
العام واآلداب العامة كاختراع آالت للعب القمار أو آالت فتح الخزائن
الحديدية لألموال أو تزيف وتزوير النقود ...الخ.
18
الفرع الثاني :الشروط الشكلية
سبقت اإلشارة إلى الشروط الموضوعية لالختراع ،أي الشروط التي يلزم
توافرها في االختراع حتى يعد موجودا من الناحية الموضوعية ،إذ يترتب على
توافر تلك الشروط وجود فعلي لالختراع ،األمر الذي يصبح معه االختراع أهال
لالمتياز (البراءة) ،إال أن توفر تلك الشروط –بحد ذاتها -في االختراع ال تكفي
بمفردها لحفظ ح قوق صاحبه ،وإنما إلى جانب تلك الشروط ال بد لصاحب
االختراع من المبادرة إلى القيام بإجراءات معينة يترتب عليها وجود قانوني
لالختراع.
لذا يقصد بالشروط الشكلية مجموع اإلجراءات التي يجب على المخترع
القيام بها لدى الجهة المختصة للحصول على براءة االختراع (أوال) ،وكذلك
اإلجراءات التي تقوم بها اإلدارة (ثانيا).
أوال :اإلجراءات التي يقوم بها المخترع
والتي تتمثل في إيداع طلب يتضمن وصفا شامال لالختراع مع تسديد الرسوم
المستحقة
-1ايداع الطلب:
إن الخطوة األولى المتعلقة بإجراءات تسجيل االختراع لغرض الحصول
على البراءة وا كتسابها تبدأ بالطلب وهذا حسب ما تقضي به المادة 20من األمر
رقم 07-03المتعلق ببراءات االختراع ،ويتم تقديم طلب البراءة إلى المعهد
الوطني الجزائري للملكية الصناعية ،أو يرسل إليه عن طريق البريد مع طلب
إشعار باالستالم أو بأية وسيلة أخرى مناسبة تثبت االستالم( ،)1من طرف
األشخاص الذين لهم الحق في ذلك وهم المخترع نفسه ،أو من آلت إليه حقوقه(،)2
( -)1م 02من المرسوم التنفيذي رقم 275-05المؤرخ في 2005/08/02الذي يحدد كيفيات ايداع براءات االختراع
وإصدارها.
( -)2راجع في ذلك نص المادة 10من األمر رقم 07-03المتعلق ببراءات االختراع.
19
ونظرا لألهمية التي يكتسيها الطلب بالنسبة لحقوق المخترع فقد حدد القانون
محتويات ملف اإليداع كما يلي:
22
ولكن على نحو ال يشبع المصلحة العامة كان عرضة لقيد الرخصة اإلجبارية
(الفرع الثاني).
( -)1أنظمت إليها الجزائر بموجب األمر رقم 48/66المؤرخ في 1966/02/25وصادقت عليها بموجب األمر رقم
02/75المؤرخ في .1975/02/09انظر على التوالي :ج.ر المؤرخة في 1966/02/25العدد ،16ص .198
ج.ر المؤرخة في 1975/02/04العدد ،10ص .154
26
-1مبدأ المعاملة الوطنية لرعايا دول االتحاد
إذ طبقا ألحكام المادة ( )02من االتفاقية فإنه يجب على كل دولة متعاقدة أن
تمنح مواطني الدول المتعاقدة األخرى الحماية نفسها التي تمنحها لمواطنيها فيما
يتعلق بحماية الملكية الصناعية.
-2مبدأ الحق في األسبقية (أو األولوية)
إذ تقضي المادة 04من اتفاقية باريس أن كل من أودع طبقا للقانون في
إحدى دول االتحاد طلبا للحصول على براءة اختراع يتمتع هو أو خلفه فيما يخص
باإليداع في الدول األخرى بحق أسبقية خالل المدة المحددة وللمودع الحق في ذلك
خالل مهلة 12شهرا تسري اعتبارا من تاريخ إيداع الطلب األول ،وال يدخل يوم
اإليداع في احتساب هذه المدة.
-3مبدأ استقالل البراءات:
تقضي المادة 04مكرر 2من االتفاقية بأن البراءات التي يطلبها رعايا دول
االتحاد في مختلف هذه الدول تكون مستقلة عن البراءات التي منحت وتم الحصول
عليها عن نفس االختراع في دول أخرى سواء كانت هذه الدول أعضاء في االتحاد
أو غير منظمة فيه.
ثانيا :المعاهدات واالتفاقيات المكملة التفاقية باريس
وأهمها(:)1
*-معاهدة التعاون بشأن البراءات التي أبرمت بواشنطن بتاريخ
،1970/07/19وثم العمل بها بتاريخ 1978/06/01وتم تعديلها في الكثير من
المرات سنة 1984 ،1979وسنة ،2001وأنظمت إليها الجزائر بموجب
المرسوم الرئاسي رقم 92-99المؤرخ في 15أبريل 1999والذي يتضمن
المصادقة بتحفظ على معاهدة التعاون بشأن البراءات وعلى الئحتها التنفيذية ،وبدء
نفاذ المعاهدة بالنسبة للجزائر في 08مارس ،2000وتسمح هذه المعاهدة بضمان
حماية االختراع بموجب براءة في عدد كبير من البلدان في آن واحد بإيداع طلب
( -)1أقول أهمها ألنه يوجد اتفاقيات أخرى متعلقة ببراءة االختراع مثل :اتفاقية استرازبورغ لسنة 1963ولسنة ،1971
اتفاقية ميونيخ (البراءة األوروبية) ...1977الخ.
27
دولي للحصول على براءة اختراع .من تاريخ إيداع الطلب األول ،وال يدخل يوم
اإليداع في احتساب هذه المدة.
ويحق تقديم هذا الطلب الدولي من قبل أي مواطن في أي دولة متعاقدة
(عضو في المعاهدة) ،أو من قبل أي مواطن مقيم فيها.
ويقدم طلب اإل يداع الدولي بصفة أساسية إما لدى مكتب البراءات الموجود
في الدول المتعاقدة ،وإما لدى المكتب الدولي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية
Wipoفي جنيف ،ولصاحب الطلب االختيار في ذلك ،كما تقوم إدارة براءات
االختراع المختارة بإجراءات البحث الدولي.
ويخضع الطلب الدولي بعد إيداعه إلى البحث الدولي ،ويتولى هذه المهمة
أحد المكاتب الرئيسية هي :مكاتب براءات االتحاد الروسي وإسبانيا وأستراليا
والسويد والصين والنمسا والواليات المتحدة األمريكية واليابان ،والمكتب
األوروبي للبراءات.
وتطبيقا للمادة 02-15من المعاهدة فإن البحث الدولي يتم بهدف بحث الفكرة
موضوع الطلب الدولي للوقوف على مدى استيفاء االختراع موضوع الطلب
للمعايير الدولية في شأن منح البراءات.
ويخطر الطالب بتقرير البحث الدولي ،ويكون له أن يستوفي طلبه أو
يسترده ،أو أن يعدله ،وإذا لم يسحب الطلب الدولي يتعين على المكتب الدولي أن
ينشره مشفوعا بتقرير البحث الدولي ويرسله إلى كل مكتب براءات معين.
()1
*-اتفاق الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس)
تعد هذه االتفاقية أهم ما تم التوصل إليه في جولة أورجواي ،وهذا بتاريخ
،1994/04/16وأصبحت نافذة في .1995/01/01
من أهداف هذ ه االتفاقية هو تحرير التجارة العالمية عن طريق ضرورة
تشجيع الحماية الفعالة والمالئمة لحقوق الملكية الفكرية وترتكز اتفاقية تريبس على
( -)1يطلق على االتفاقية اختصارا اسم تريبس عن اسمها الكامل باللغة االنكليزية:
)Agéement on Trade related Aspect of Intellectual Proprety Rightd (TRIPS
28
المبادئ األساسية التي وردت في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لذا فهي
تكملة لها وتعزز وجودها.
وتشرف على تطبيق اتفاقية تريبس المنظمة العالمية للتجارة (،)OMC
وتحمي اتفاقية تريبس االختراعات سواء أكانت منصبة على المنتج النهائي أو
طريقة الصنع وهذا في جميع مجاالت التكنولوجيا شريطة أن تكون هذه
االختراعات جديدة وابداعية وقابلة لالستخدام في الصناعة ،وتتمتع هذه
االختراعات بالحماية ا لقانونية بغض النظر عن مكان االختراع أو المجال
التكنولوجي سواء كانت هذه المنتجات مستوردة أو منتجة محليا(.)1
ومدة الحماية لبراءات االختراع هي عشرون ( )20سنة تحسب اعتبارا من
تاريخ التقدم بطلب الحصول على البراءات(.)2
الفرع الثاني :الحماية الوطنية
خص المشرع صاحب البراءة بدعوى ذات طابع جزائي لحماية حقه
المكرس بموجب البراءة هي دعوى التقليد (أوال) ،عالوة على دعوى المنافسة
غير المشروعة (ثانيا) ذات الطابع المدني في إطار القواعد العامة ،والطابع
الجزائي في إطار القانون رقم 02-04المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات
التجارية المعدل والمتمم(.)3
أوال :دعوى التقليد
حسب ما تنص عليه المادة 61من األمر رقم 07-03المتعلق ببراءات
االختراع التي تقضي بأنه ":يعد كل عمل معتمد يرتكب حسب مفهوم المادة 56
أعاله ،جنحة تقليد.
يعاقب على جنحة التقليد بالحبس من ستة ( )06أشهر إلى سنتين ،وبغرامة
من مليونين وخمسمائة ألف دينار(2500.000دج)إلى عشرة ماليين دينار
(10.000.000دج) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".
( -)1راجع المادة 27في فقرتها األولى من اتفاقية التربس السابقة الذكر.
( -)2راجع المادة 33من االتفاقية المبينة أعاله.
( -)3ج.ر الصادرة بتاريخ ،2004/06/27عدد .41
29
وسلوك التقليد يؤخذ بالمفهوم الواسع ويتجسد في كل عمل متعمد يمس
الحقوق المحمية ببراءة اختراع دون موافقة صاحبها اذ لم يعرف القانون
الجزائري كسائر التشريعات األخرى التقليد ،ولم يضع له معيارا يقتدى به
للخوض في ميدان براءات االختراع ،وإنما اكتفى بتحديد األفعال التي تكون هذه
الجريمة فإذا ما قامت أركان جنحة تقليد االختراع محل البراءة ينشأ عنها حق
المجتمع في إنزال العقاب بالجاني ،فيتم إدانته بجنحة التقليد إما بعقوبات سالبة
للحرية أو بعقوبات مالية.
-2العقوبات المالية.
والمتمثلة في الغرامات المالية التي هي مبلغ من المال يحكم به من طرف
القاضي المختص على الشخص المدان بجرم تقليد براءة اإلختراع ،ويحكم به وفقا
للحدين األدنى واألقصى المنصوص عليه في القانون ،ومبلغ الغرامة يودع مباشرة
30
في الخزينة العامة للدولة ،وهنا يكمن الفرق بينها وبين التعويض المدني الذي
يحكم به لصالح الطرف المتضرر من الجريمة.
ومقدار الحكم بالغرامة في جنحة تقليد براءة اإلختراع مقدر بمليونين
وخمسمائة ألف دينار 2500.000دج إلى عشرة ماليين دينار 10.000.00دج
بموجب نص المادة 61من األمر رقم 07-03السابقة الذكر.
والمالحظ من خالل نص المادة أن المشرع منح للقاضي سلطة اإلختيار بين
الحكم بالعقوبات السالبة للحرية والغرامة المالية معا أو الحكم بإحدى هاتين
العقوبتين حسب سلطته التقديرية وهذا ما يفهم من لفظ" أو بإحدى هاتين العقوبتين
فقط" األمر الذي يزيد من إضعاف الطابع الردعي للعقوبة كذلك ،ويشجع المقلدين
على التقليد.
فالمقلد لن يخسر شيئا ألنه سوف يسدد مبلغ الغرامة من عائدات التقليد
ال سيما في حالة الحكم على جملة من المتهمين في جنحة التقليد بحكم واحد في
جريمة واحدة فإنه في هاته الحالة عقوبة الغرامة ال تتعدد ،ويسألون عنها على
وجه التضامن.
زيادة على ذلك فإن تقييد القاضي عند تقدير الغرامة المالية بحدين أي الحد
األدنى والحد األقصى قد ال يتماشى مع القيمة المالية لجنحة التقليد ،فكان من
األحسن على المشرع أن يربط مسألة تقدير الغرامة المالية بقيمة السلع محل التقليد
أو الحكم بغرامة تساوي قيمة السلع المقلدة وهذا كله من أجل أن تؤدي عقوبة
الغرامة وظيفتها في قمع جنحة التقليد ومنعها ،كما أن الغرامة تسمح للخزينة
بإسترداد حقوقها المالية التي تهرب المقلد من دفعها ،وهي الحقوق المقررة قانونا
لبراءة اإلختراع.
كما أغفل المشرع حالة العود في جريمة تقليد براءة االختراع كظرف
مشدد األمر الذي كان ينص عليه في القوانين السابقة ،إذ كانت تنص المادة 61من
األمر رقم 54-66المؤرخ في 3مارس 1966المتعلق بشهادات المخترعين
وإجازات االختراع على أنه ":يقع العود إلى مقارنة الجنحة إذا كان قد صدر على
المتهم خالل الخمس سنوات السابقة حكم أول بسبب إحدى الجنح المنصوص عليها
في هذا األمر ،وفي هذه الحالة تضاعف العقوبات".
31
هذا وقد ال ينصب موضوع الجريمة على واقعة التقليد لالختراع موضوع
البراءة بل ينصب على وقائع أخرى تابعة لواقعة التقليد كبيع المنتجات المقلدة أو
عرضها للبيع أو استيرادها...الخ.
وبذلك لم يكتف المشرع بتقرير العقوبة على المقلد فحسب وإنما أضاف إلى
جريمة التقليد جرائم متصلة وتابعة لها حسب ما تقضي به المادة 62من األمر رقم
07-03السابق الذكر التي تنص على أنه ":يعاقب بنفس العقوبة التي يعاقب بها
المقلد كل من يتعمد إخفاء شيء مقلد أو إخفاء عدة أشياء مقلدة أو يبيعها أو
يعرضها للبيع أو يدخلها إلى التراب الوطني".
يجوز رفع دعوى التقليد من طرف مالك البراءة أو خلفه في حالة وفاته
حسب ما تقضي به المادة 58من االمر رقم 07-03المتعلق ببراءات االختراع
التي تنص على أنه" :يمكن صاحب البراءة أو خلفه رفع دعوى قضائية ضد أي
شخص قام أو يقوم بإحدى االعمال حسب مفهوم المادة 56أعاله"
وطالما ان المنازعات الناشئة عن تقليد االختراع محل البراءة تدخل ضمن
المنازعات المتعلقة بالملكية الصناعية التي تعد من المنازعات الخاصة بالملكية
الفكرية.
وبما أن المنازعات الناشئة عن الملكية الفكرية تتمتع بنوع من الخصوصية
التي يتطلب منح النظر فيها لقضاة مختصين يتمتعون بكفاءات علمية عالية خصها
المشرع بأقطاب متخصصة على مستوى المحاكم للنظر فيها ،فبالرجوع إلى الفقرة
السادسة وما يليها من المادة 32من القانون رقم 09-08المؤرخ في 25فبراير
2008والذي يتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية التي تنص على ما يلي":
تختص األقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم للنظر دون سواها في
المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية واالفالس والتسوية القضائية والمنازعات
المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية "....أي تختص األقطاب المتخصصة
بالنظر في كل المنازعات الناشئة عن الملكية الفكرية بما فيها تلك المتعلقة
بالبراءات السيما دعاوى التقليد.
32
إال أنه وبالرجوع إلى أرض الواقع لم يتم إلى يومنا هذا تنصيب األقطاب
المتخصصة بمنازعات الملكية الفكرية االمر الذي يحيل إلى تطبيق القواعد العامة
أي الرجوع إلى نص المادة 329من قانون االجراءات الجزائية.
ثانيا-دعوى المنافسة غير المشروعة
ترفع هذه الدعوى من قبل صاحب البراءة ضد كل من يرتكب أي فعل من
أفعال التعدي على االختراع موضوع البراءة بأي صورة من الصور التي تمس
بقواعد الصدق والشرف واألمانة والعادات والتقاليد الصحيحة ،كإتباع أساليب
وطرق غير شريفة وغير مشروعة للمنافسة أو اللجوء إلى استخدام أساليب مخالفة
للقانون.
ويمكن تأسيس هذه الدعوى على نص المادتين األولى (الفقرة ،)02والمادة
العاشرة من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ،على أن حماية الملكية
الصناعية تشمل قمع المنافسة غير المشروعة.
أما بالنسبة للتشريع الجزائري فلم يكن يعرف أي تنظيم للمنافسة غير
المشروعة وال كيفية حصرها قبل صدور القانون رقم 02-04الذي يحدد القواعد
المطبقة على الممارسات التجارية ،وعليه كان اإلطار الوحيد في هذه الفقرة من
أجل وضع حد ألفعال وصور المنافسة غير المشروعة هو دعوى المسؤولية
المدنية في شقها المتعلق بالمسؤولية التقصيرية.
لكن بعد صدور القانون رقم 02-04نجد أن المشرع قد تطرق ألفعال
المنافسة غير المشروعة المتعلقة بحقوق معينة للملكية الصناعية بما فيها براءات
.
االختراع .وهذا من خالل المواد 27 ،26و 28منه
من اجل ذلك وإذا تم المساس بحق صاحب براءة االختراع عن طريق
ا لمنافسة غير المشروعة فإنه يمكنه وقف هذا المساس وفق إجراءات قانونية إما
في إطار القواعد العامة –في حالة عدم اللجوء إلى الحماية الخاصة -أو في ظل
القانون رقم 02-04المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
33
-1دعوى المنافسة غير المشروعة في إطار القواعد العامة.
تعتبر دعوى المنافسة غير المشروعة وسيلة مهمة لدفع االعتداءات الناشئة
عن حق صاحب براءة االختراع ،وتقرير التعويض عن الضرر الذي يصيبه،
وعلى إثر ذلك ،فإنه يمكن لصاحب البراءة ومن أجل وقف أفعال المنافسة غير
المشروعة إتباع الطريق التي ترسمه الحماية العامة ،والتي تتسم بطابعها المدني،
فالحق في براءة اإلختراع يستظل كغيره من الحقوق بمضلة الحماية المدنية ،إذ
يحق لصاحب البراءة أن يرفع دعوى على كل من يتعدى على حقه في اإلختراع
موضوع البراءة يطالبه فيها بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب ذلك التعدي.
فضال عما تقدم فإن لدعوى المنافسة غير المشروعة وظيفة وقائية إلى جانب
دورها في التعويض عن الضرر ،فلها نطاق أوسع إذ تمتد لتشمل التعويض عن
الضرر ،فضال عن حماية حقوق الملكية الصناعية –براءة اإلختراع-من أفعال
المنافسة غير المشروعة بالنسبة للمستقبل ،فيمكن أن ترفع وإن لم يكن هناك ضرر
متحقق أصاب صاحب البراءة ،إال أنه يوجد إحتمال لوقوعه بالمستقبل ،فضال عن
ذلك فإنه بإمكان محكمة الموضوع أن تحكم بإتخاذ اإلجراءات الكفيلة لمنع
اإلستمرار بهذه األعمال غير المشروعة ،األمر الذي يبين أن لهذه الدعوى من
الخصوصيات ما يجعلها تتميز عن دعاوي المسؤولية المدنية ،إذ دعوى المنافسة
غير المشروعة هدفها هو فرض إحترام العرف الذي ينظم حرية المنافسة .
ف دعوى المنافسة غير المشروعة تقوم على أساس النظرة القانونية القائلة بأن
كل عمل إضرار بالغير يلزم فاعله بضمان الضرر أي بالتعويض عنه ،وبالتالي
وبالرجوع للقانون المدني األمر رقم 58-75المؤرخ في 26سبتمبر 1975
المعدل بالقانون رقم 10-05المؤرخ في 2005-07-20فإنه يمكن ـتأسيس هذه
الدعوى على نص المادة 124منه التي تقضي بأنه "كل فعل أيا كان يرتكبه
الشخص بخطئه ويسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض" ،
وا لتي تعتبر األصل العام ،فدعوى المنافسة غير المشروعة تستوجب لقيامها توافر
عناصر المسؤولية من خطأ ،ضرر وعالقة السببية ،إال أننا بصدد صورة خاصة
للمسؤولية التقصيرية تتميز بخصوصية عنصر الخطأ فيها .
34
أ -اإلجراءات القضائية المتبعة في مباشرة دعوى المنافسة غير المشروعة.
إن براءة اإلختراع إلى جانب كونها تمثل حقا من حقوق الملكية الصناعية،
فهي تمثل أيضا إمتياز لصالح منافس صناعي أو تجاري ضد المنافسين األخريين،
فهي تضمن لصاحبها وضعية قانونية معينة إتجاه الزبائن ،فإذا تم المساس بأي حق
من هذه الحقوق عن طريق المنافسة غير المشروعة فإنه يستوجب وقف هذا
المساس وفق إجراءات قانونية ،فال يكفي أن يحدد المشرع مدى حقوق المتداعيين،
بل ال بد له أيضا من إيجاد الوسائل التي تمكنهم من إلزام الغير على إحترامها،
وهذه الوسائل تظهر للوجود وبأشكال مختلفة ،ولكن الدعوى تبقى أهم هذه
الوسائل ،والدعوى التي تهمنا هنا هي دعوى المنافسة غير المشروعة ،فكيف تقام
هذه الدعوى ،وماهي الجهة القضائية المختصة للفصل فيها.
-إقامة الدعوى:
عند توافر جميع عناصر المسؤولية ،يستطيع صاحب البراءة المتضرر من
أعمال المنافسة غير المشروعة أو نائبه اللجوء إلى القضاء إلقامة دعوى ضد
منافسه الذي إرتكب أي فعل من أفعال التعدي على حقه في ملكية اإلختراع
موضوع البراءة بأي صورة من الصور التي تمس بقواعد الصدق والشرف
واألمانة والعادات والتقاليد الصحيحة ،فلكل متضرر من أعمال المنافسة غير
المشروعة ،حق اإلدعاء على الفاعل إذا كان له مصلحة مشروعة ،تبعا للقواعد
العامة .
وبذلك تختلف دعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى التقليد بالنظر إلى
الجوانب التالية:
فإذا كانت دعوى التقليد ترفع أساسا بسبب اإلعتداء على حق إستئتار
إستغالل اإلختراع فإن المدعي بدعوى المنافسة غير المشروعة يضع نفسه فقط
في إطار ا لحريات العامة ،فهو يأتي إلنتقاد تصرف خصمه غير الالئق أمام
القضاء.
كما تهدف دعوى التقليد إلى تأمين الدفاع عن حق اإلستئتار الحصري
بواسطة عقوبات جزائية ألنها دعوى جزائية فإن دعوى المنافسة غير المشروعة
عادة ال تهدف إلى ذلك بل إن هدفها هو فرض إحترام العرف الذي ينظم حرية
المنافسة ،فدعوى المنافسة غير المشروعة ال تصل إلى نفس صرامة الدعوى
35
األولى ،فهي دعوى خاصة ترمي إلى ردع التصرفات غير المشروعة في إطار
مدني وفقا للقواعد العامة.
وال يمكن إقامة دعوى التقليد إال إذا توافرت شروطها الخاصة في حين أن
دعوى المنافسة غير ال مشروعة ال تتطلب نفس الشروط ،فشروطها هي شروط كل
دعوى.
-الجهة القضائية المختصة للفصل في الدعوى:
بإعتبار أن المنافسة غير المشروعة تدخل في سياق منازعات الملكية
الفكرية ،فإن اإلختصاص فيها يتعلق بتسوية المنازعات الناشئة عن التعدي على
حقوق صاحب البراءة عن طريق المنافسة غير المشروعة يعود للقطب
المتخصص في منازعات الملكية الفكرية حسب ما تقضي به المادة 32من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية
إال أنه بالرجوع إلى أرض الواقع لم يتم تنصيب هذه األقطاب المتخصصة
إلى يومنا هذا كما سبق اإلشارة اليه في دعوى التقليد األمر الذي يحيل إلى تطبيق
القواعد العامة.
ب-وسائل جبر ضرر المنافسة غير المشروعة وإيقافه.
إذا توافرت أركان المسؤولية ،وتكاملت عناصرها ،وتأكد القضاء من
وجودها ،فإن التساؤل في هذه الحالة سينصب على الوسائل التي يمكن بها جبر
الضرر الذي أصاب المنافس بسبب اإلعتداء على حقه ،فدعوى المنافسة غير
المشروعة هي دعوى تعويضية ،وتهدف إلى إيقاف الضرر الناجم عن الفعل
الضار.
*الحكم بالتعويض.
يتفق الجميع على صعوبة ودقة مسألة تقدير قيمة الضرر الناتج عن أفعال
المنافسة غير المشروعة ،فأساس التعويض عن اإلعتداء على حق المنافسة في
جوهره ،هو اإلعتداء على قيم المنافس ،سواء كانت قيما شخصية ،حيث يكون
الضرر معنويا ،وتكون ضوابط تحديده مرنة إلى حد كبير وقد يكون اإلعتداء على
قيم مادية يسهل تحديد التعويض عنها ،فيهدف التعويض إلى إصالح الضرر
المادي والمعنوي الملحق بصاحب البراءة.
36
*وقف االستمرار في المنافسة غير المشروعة.
إن الجزاء الطبيعي للمنافسة غير المشروعة هو عادة حد لألعمال التي
تشكل منافسة غير مشروعة ،وأن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل
غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية" الضرر يزال" ،وهو جزاء ذو طابع وقائي
أكثر منه جزاء عيني يحكم به حتى في حالة الضرر االحتمالي.
فإذا أثبت المدعي ارتكاب أحد األعمال المعتبرة مساسا بالحقوق الناجمة عن
براءة االختراع ،ومنها المنافسة غير المشروعة فإنه يكون للجهة القضائية
المختصة أن تقضي بمنح التعويضات المدنية ويمكنها زيادة على ذلك األمر بمنع
مواصلة هذه األعمال وال شك أن اتخاذ مثل هذه اإلجراءات إنما يرمي إلى وقف
كل أشكال االستقرار في المنافسة غير المشروعة ،إذ ال جبر للضرر طالما كان
الضرر قائما ،وبالتالي يجب أن يتحمل المنافس المسؤول عن أعماله غير
المشروعة في أدائه التنافسي نتائج انحرافه هذا.
وفضال عن ذلك ي جوز للقضاء أن يحكم بغرامة تهديدية عن كل يوم ال تنفد
فيه ما تضمنه قضاؤه ،وقد تكون هذه الغرامة تهديدية مؤقتة يقصد بها إنذار
بالردع ،وقد تكون في صوره تعويض نهائي تراعى فيه الوظيفة الرادعة ،وما ذلك
إال تطبيق للقواعد العامة.
38
كما يمكن لهم أيضا ومن أجل إتمام مهامهم طلب تدخل وكيل الجمهورية
المختص إقليميا ضمن احترام القواعد المنصوص عليها في قانون اإلجراءات
الجزائية.
فأمام كل هذه الفئات وبالرغم من توسعها إال أن المعاينات والتحقيقات ال
يمكنها أن تجني ثمارها ،وبالتالي ال يمكنها إثبات فعاليتها إال إذا تمت ممارستها من
قبل أهل االختصاص ،كالمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية فيما يخص
حاالت المنافسة غير المشروعة الخاصة ببراءات االختراع ،فمثل هذا المعهد
مكلف بتوفير الحماية لحقوق الملكية الصناعية وترقية وتنمية قدرة المؤسسات
الجزائرية لتسهيل العالقات التجارية البعيدة عن المنافسة غير المشروعة مع
حماية وإعالم الجمهور ضد المالبسات حول مصدر السلع والخدمات والمؤسسات
المتاجرة التي من شأنها توقيعه في المغالطة.
وإلثبات المخالفات يمكن لهذه الفئات المختصة تفحص كل المستندات
اإلدارية أو التجارية أو المالية أو المحاسبية ،وكذا أية وسائل مغناطسية أو
معلوماتية ،دون أن يمنعوا من ذلك بحجة السر المهني وهذا حسب ما تقضي به
المادة 50من القانون رقم 02-04المتعلق بالممارسات التجارية ( ،)1ويمكن لهم
أثناء معايناتهم القيام بحجز البضائع طبقا لألحكام المنصوص عليها في القانون
رقم 02-04السابق الذكر ،وتضاف المستندات والوسائل المحجوزة إلى محضر
الحجز أو ترجع في نهاية التحقيق(.)2
وفي األخير تثبت هذه المعاينات في محاظر تحرر في ظرف ثمانية ()08
أيام بداية من تاريخ نهاية التحقيق ،وتبلغ إلى المدير الوالئي المكلف بالتجارة التي
يرسلها إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا(.)3
ولهذه المحاضر حجية قانونية يطعن فيها بالتزوير حسب ما تقضي به المادة
58من القانون رقم 02-04الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية،
حيث تنص على أنه" :مع مراعاة أحكام المواد من 214إلى 219من قانون
اإلجراءات الجزائية ،وكذا أحكام المادتين 56و 57من هذا القانون تكون
للمحاضر وتقارير التحقيق حجية قانونية حتى يطعن فيها بالتزوير".
*المتابعة.
في حالة ما إذا تم التعدي على حق صاحب البراءة وفق صورة من صور
المنافسة غير المشروعة المنصوص عليها في القانون رقم 02-04الذي يحدد
القواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،فإن المتابعة تتم على مستوى القضاء،
حيث تنص المادة 60من نفس القانون في فقرتها األولى على أن تخضع مخالفات
أحكام هذا القانون الختصاص الجهات القضائية ،وهذا عندما تكون المخالفة
المسجلة في حدود غرامة تفوق ثالثة ماليين دينار 3000.000دج ،أما ما دون هذا
المبلغ يمكن اللجوء بخصوصها إلى طريق بديل للقضاء ،فلقد نص المشرع على
طريق بديل لوضع حد للمتابعة ويتمثل في المصالحة ،باعتبارها أحد اآلليات
الفعالة لفض النزاعات وديا والتي تكون في حالتين :
الحالة األولى :وهي التي يمكن فيها للمدير الوالئي المكلف بالتجارة أن يقبل من
األعوان االقتصاديين المخالفين بمصالحة وهذا إذا كانت المخالفة المعاينة في
حدود غرامة تقل أو تساوي مليون دينار 1.000.000دج استنادا إلى المحضر
المعد من طرف الموظفين المؤهلين.
أما عن الحالة الثانية :فهي إذا كانت المخالفة المسجلة في حدود غرامة تفوق
مليون دينار 1.000.000دج وتقل عن ثالثة ماليين دينار 3.000.000دج يمكن
الوزير المكلف بالتجارة أن يقبل من األعوان االقتصاديين المخالفين بمصالحة،
استنادا إلى المحضر الم عد من طرف الموظفين المؤهلين والمرسل من طرف
المدير الوالئي المكلف بالتجارة.
أما إذا كانت المخالفة المسجلة تفوق ثالثة ماليين دينار 3.000.000دج فإنه
يرسل المحضر المعد من طرف الموظفين المؤهلين مباشرة من طرف المدير
( )1أنظر المادة 53من القانون رقم 02-04الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات
التجارية.
40
الوالئي المكلف بالتجارة إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات
القضائية وهذا حسب الفقرة األخيرة من المادة 60من القانون 02-04السابقة
الذكر.
إضافة إلى ذلك تجدر اإلشارة هنا إلى أن إجراء المصالحة ال محل لها إذا
كنا أمام حالة العود ،حسب ما تقضي به المادة 62من القانون رقم 02-04السابق
الذكر.
ب :العقوبات المسطرة.
نص المشرع على العقوبات المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة في القانون
رقم 02-04الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية في الباب الرابع
المعنون بالمخالفات والعقوبات ،حيث تناول في الفصل األول العقوبات األصلية
المتمثلة في الغرامة ،أما في الفصل الثاني فتناول العقوبات التكميلية.
*العقوبات األصلية.
نص المشرع على عقوبة الغرامة بموجب نص المادة 38من القانون رقم
02-04السابقة الذكر فيعاقب على الممارسات التجارية غير نزيهة المخالفة
ألحكام المواد 26و 27و 28بغرامة من خمسين ألف دينار 50.000دج إلى خمسة
ماليين دينار.
وبذلك فالمشرع لم يخرج عن اإلطار العام الذي وضعه قانون العقوبات في
مادته الخامسة والتي ينص من خاللها على الغرمة التي تتجاوز 20.000كعقوبة
أصلية في مادة الجنح.
إال أنه في حالة العود فإنه وبالرجوع إلى نص المادة 11من القانون رقم
06-10السابقة الذكر ،فنجد أن المشرع نص على عقوبة أصلية سالبة للحرية
وهي الحبس من 03أشهر إلى خمس 05سنوات ،وهذا محاولة للمشرع كبح
جماح المنافسة غير المشروعة وحصرها في نطاق ضيق ،فالعود سبب لتشديد
العقوبة في حالة توافر شروطه ،وهو خير ما فعل المشرع بإعتبار أن عقوبة
الحبس هي عقوبة أصلية في مادة الجنح وهذا لمدة تتجاوز الشهرين إلى خمس
سنوات.
41
*العقوبات التكميلية.
نص المشرع على عقوبات أخرى تكميلية للعقوبات األصلية بموجب الفصل
الثاني من الباب الرابع من القانون رقم 02-04الذي يحدد القواعد المطبقة على
الممارسات التج ارية ،وعددها على التوالي في الحجز ،المصادرة ،الغلق.
الحجز:
إن مفهوم الحجز الوارد النص عليه في القانون رقم 02-04يختلف عن
مفهوم العام لل حجز وفقا لقانون اإلجراءات المدنية ذلك أنه ال يقصد من مفهوم
الحجز هنا حجز األموال بهدف التنفيذ عليها فيما بعد وإقتضاء حق طالب الحجز
من هذه األموال بل أن الغاية من الحجز هي ضبط المواد والمنتجات التي تثبت
وقوع فعل المنافسة غير المشروعة.
فحسب ما تقضي به المادة 39من القانون رقم 02-04يمكن حجز البضائع
موضوع المخالفات المنصوص عليها في أحكام المواد 10و 11و 13و 14و20
و 22و 23و 24و2( 27 26 25و )7و 28من هذا القانون ،كما يمكن حجز العتاد
والتجهيزات التي إستعملت في إرتكابها مع مراعاة حقوق الغير حسن النية.
واألمر الذي يهمنا هنا هو حجز البضائع في حالة تقليدها للمنتوج محل
براءة اإلختراع ،والذي يوقع الجمهور في الخطأ ،وحالة اإلشهار التضليلي.
المصادرة:
تعرف المصادرة بأنها نزع ملكية مال من مالكه ،وذلك إلستنزال ثمنها من
التعويضات أو الغرامات ،وهي عقوبة عينية.
فزيادة على العقوبات المالية المنصوص عليها بموجب القانون رقم 02-04
السابقة الذكر ،وذلك دائما في حالة تقليد المنتوجات محل البراءة وحالة اإلشهار
التضليلي أي في حالة خرق القواعد المنصوص عليها بموجب الفقرة الثانية
والسابعة من المادة 27والمادة 28من نفس القانون ووفقا للمادة 44منه يمكن
للقاضي أن يحكم بمصادر السلع المحجوزة.
ويعد ذلك تشددا من المشرع ،لكنه تشدد يبرره ما لبراءة اإلختراع من
حساسية تتطلب سرعة التصرف ،إذ إن قيمة براءة اإلختراع تتمثل في سمعتها،
42
فمن المعقول أن تأمر المحكمة بمصادرة البضائع واألشياء واألدوات المستخدمة
كافة في إرتكاب التعدي على براءة اإلختراع ،إذ يساعد ذلك في إنقاد سمعة البراءة
من التدهور ،لكن يبقى أن الحكم بالمصادرة أمر جوازي للمحكمة ،وهذا ما
يستشف من عبارة "يمكن للقاضي" الواردة في نص المادة 44السابقة الذكر ،إذ
لها سلطة تقديرية في هذا الخصوص.
43