Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 44

‫جامعة الجزائر ‪1‬‬

‫بن يوسف بن خدة‬


‫كلية الحقوق سعيد حمدين‬
‫جامعة الجزائر ‪1‬‬

‫محاضرات في الملكية الصناعية‬


‫(براءة االختراع ‪ -‬العالمة)‬

‫مقدمة لطلبة ماستر فرع قانون األعمال‬


‫السداسي الثاني‬

‫دروس عبر الخط‬


‫عبر األرضية التعليمية عن بعد(‪(MOODLE‬‬
‫‪Coursdroit.univ-alger .dz‬‬

‫الدكتورة‪ :‬بن زايد سليمة‬


‫السنة الجامعية ‪2023-2022 :‬‬
‫مقـــدمـــــة‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫إن الملكية الصناعية هي جزء من مجموعة كاملة من الحقوق يطلق عليها‬
‫تسمية "الملكية الفكرية"‬
‫وتشكل حقوق الملكية الفكرية أرقى صور حقوق الملكية على وجه‬
‫اإلطالق‪ ،‬والسبب في ذلك بسيط كون موضوع هذه الملكية يتصل اتصاال مباشرا‬
‫بأسمى ما يملكه اإلن سان وأرقاه وهو العقل البشري في إبداعاته وقوته الخارقة في‬
‫التفكير والبحث والعلم الالمتناهي‪.‬‬
‫ويدخل في نطاق الحقوق الفكرية جميع صور اإلبداع الفكري األصيل في‬
‫المجاالت العلمية والفنية واألدبية الناتجة من وحي العقل‪ ،‬التي يمكن التعبير عنها‬
‫في صورة خلق مادي أصيل (إبداع)‪ ،‬وعليه فإن الملكية الفكرية بوجه عام هي‬
‫القواعد القانونية المقررة لحماية اإلبداع الفكري‪.‬‬
‫والملكية الفكرية شقان‪ ،‬حقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪ ،‬وحقوق الملكية‬
‫الصناعية‪ ،‬ورغم أهمية الشق األول‪ ،‬إال أن الشق الثاني هو األكثر فعالية واتصاال‬
‫بالنمو االقتصادي‪ ،‬وهو الشق الذي سنسلط عليه دراستنا‬
‫وسنركز على حقين فقط من حقوق الملكية الصناعية وهما براءة االختراع‪،‬‬
‫والعالمة نظرا ألهميتهما القانونية واالقتصادية كونهما األكثر عناية من الناحية‬
‫القانونية ألنهما غالبا ما يكونا محل اعتداءات‪ ،‬كما أنهما أكثر الحقوق تداوال من‬
‫طرف الشركات والمؤسسات والمتصالن مباشرة بالمستهلكين‪.‬غير أن هذا ال‬
‫يقصي أهمية الحقوق األخرى للملكية الصناعية‪.‬‬
‫وعليه سنتناول في هذه المقدمة‪:‬‬
‫‪ -1‬نشأة الملكية الصناعية وتطورها‬
‫‪ -2‬مفهوم الملكية الصناعية‬
‫‪ -3‬أهمية الملكية الصناعية‬
‫‪1‬‬
‫‪ -4‬الجهة المختصة بالملكية الصناعية في الجزائر‪.‬‬
‫أما مضمون الفصل األول فسيخصص لدراسة براءة االختراع أما الفصل الثاني‬
‫فسيخصص لدراسة العالمة‪.‬‬

‫‪-1‬نشأة الملكية الصناعية وتطورها‪:‬‬


‫إن نشأة الملكية الصناعية ترجع بوادرها األولى خالل العصور الوسطى إذ‬
‫كان أقدم قوانين الملكية الصناعية هو قانون براءات االختراع‪ ،‬فقد صدر أول‬
‫قانون لحماية المخترعين سنة ‪ 1472‬بمدينة فينيسيا بايطاليا‪ ،‬وقانون االحتكارات‬
‫الصادر في انكلترا عام ‪ 1623‬الخاص بحماية االختراعات‪.‬‬
‫غير أن هذه الحقوق لم يتأكد كيانها ونظامها القانوني حتى منتصف القرن‬
‫‪ ،19‬هذا التاريخ الفاصل في تطور البشرية‪ ،‬والذي يبدأ به العصر التكنولوجي‬
‫الحديث‪ ،‬أي منذ الثورة الصناعية‪ ،‬أين بدأ ظهور االختراعات الحديثة‪ ،‬واستمرار‬
‫التقدم العلمي والتكنولوجي خالل القرن ‪ ،20‬الذي ازدادت فيه حركة التجارة‬
‫الداخلية والخارجية وترتب على ذلك ظهور عالقات اقتصادية جديدة‪ ،‬فظهرت‬
‫عالقات اقتصادية داخل اقليم الدولة مثل‪ :‬العالقة بين المخترع وأصحاب‬
‫المشروعات الصناعية أو التجارية‪.‬‬
‫كما ظهرت عالقات اقتصادية جديدة على نطاق دولي مثل عالقة المخترع‬
‫بغيره في الدول األخرى‪ ،‬حيث تنتقل المنتجات عن طريق التجارة الخارجية‪.‬‬
‫وقد دفع ذلك الدول إلى تنظيم هذه العالقات الناشئة عن طريق وضع‬
‫التشريعات التي تؤكد هذه الحقوق‪ ،‬ومن ثم ترتبت على هذه النظم القانونية حقوق‬
‫مستحدثة هي حقوق الملكية الصناعية التي انتشرت أسس تشريعاتها في جميع‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-2‬مفهوم الملكية الصناعية‪:‬‬
‫تقتضينا دراسة مفهوم الملكية الصناعية أن نقوم أوال بتعريفها ثم نبين‬
‫طبيعتها القانونية‪.‬‬

‫أ‪-‬تعريف الملكية الصناعية‪:‬‬


‫إن أصل كلمة الملكية الصناعية فرنسي ‪ ،Propriété industrielle‬ومنها‬
‫انحدرت إلى اللغات األخرى كاالنكليزية وااليطالية والبرتغالية واأللمانية‪...‬الخ‬
‫وتوضح هذه القوانين في الغالب حق المالك ويقصد بها حقوق استئثار صناعي‬
‫تخول لصاحبها أن يستأثر قبل الكافة باستغالل ابتكار جديد أو عالمة مميزة‪.‬‬
‫كما تعرف على أنها‪:‬حقوق متعرف بها لصالح كل شخص على نشاطاته‬
‫االبتكارية ومنجزاته الفكرية المستعملة في الصناعة أو التجارة‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫الحقوق براءات االختراع‪ ،‬عالمات المصنع‪ ،‬والرسوم والنماذج الصناعية‪.‬‬
‫ويتضح من خالل هذه التعاريف أن حقوق الملكية الصناعية تتفرع إلى‬
‫قسمين رئيسيين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬حقوق ترد على ابتكارات جديدة ‪Création nouvelle‬‬
‫وهو الفرع الذي يتعلق باالبتكارات من حيث موضوع المنتوجات‪ ،‬أي التي‬
‫لها طابعا نفعيا وأهمها هي‪ :‬براءة االختراع‪ ،‬وقد يتعلق بابتكار جديد من حيث‬
‫شكل المنتوجات أي االبتكارات التزينية ذات الطابع الفني وهي الرسوم والنماذج‬
‫الصناعية‪ ،‬وقد تكون تلك التي تجمع بين االبتكار النفعي والشكل الفني وهي‬
‫التصميمات الشكلية للدوائر المتكاملة‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬حقوق ترد على رموز مميزة ‪Signes distinctifs‬‬
‫ومنها ما قد يتمتع بطابع السمة المميزة المادية المستعملة من الشخص لتمييز‬
‫منتوجاته عن غيرها‪ ،‬وهو ما يسمى بالحق في العالمات التجارية والصناعية‪ ،‬وما‬
‫يعني منتوجات ناشئا في مكان جغرافي معين وهي تسميات المنشأ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وبذلك تعد حقوق الملكية الصناعية بمعناها الواسع من أحدث الفروع‬
‫القانونية على وجه اإلطالق‪ ،‬وذلك نابع من كونها وليدة التطور العلمي والثورة‬
‫التكنولوجية الحديثة والتطور االقتصادي الهائل‪.‬‬

‫ب‪-‬الطبيعة القانونية لحقوق الملكية الصناعية‪:‬‬


‫إن حقوق الملكية الصناعية هي حقوق معنوية ترد على أشياء غير مادية‪،‬‬
‫وهي بهذ ا التعريف ال تدخل ضمن التقسيم التقليدي للحقوق المالية من حقوق عينية‬
‫وحقوق شخصية‪ ،‬إذ هي ليست سلطة مباشرة على شيء مادي معين بذاته‪ ،‬وإنما‬
‫هي حق يرد على شيء معنوي له قيمة مالية تمكن صاحبه من احتكار استغالله‬
‫اقتصاديا‪.‬‬
‫لذا أضاف الفقه الحديث نوعا ثالثا إلى التقسيم التقليدي للحقوق أدرجت تحته‬
‫حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬غير أن شراح القانون اختلفوا حول تحديد االصطالح‬
‫القانوني الذي يطلق على هذا النوع من الحقوق‬
‫‪-‬فهناك من أطلق عليها مصطلح حقوق الملكية المعنوية كالفقيه "جوسران"‬
‫إال أن وصف حقوق الملكية الصناعية بأنها أنواع من الملكية المعنوية لم‬
‫يلق تأييد غالبية الشراح‪ ،‬ألن هذه الحقوق المستحدثة تختلف من حيث طبيعتها عن‬
‫حق الملكية ولو قلنا بأن الملكية الصناعية ترد على أشياء غير مادية‪ ،‬ذلك أن حق‬
‫الملكية يشمل عناصر ثالثة هي‪ :‬االستعمال واالستغالل والتصرف‪ ،‬وهذه‬
‫العناصر ال تتوافر جميعها في حقوق الملكية الصناعية‪.‬‬
‫كما أن حقوق الملكية الصناعية ليست دائما حقوق مؤبدة مثل حق الملكية‬
‫فالحق في براءة االختراع أو في العالمة مثال حق مؤقت‪.‬‬
‫‪-‬أما فريق آخر من الفقهاء كالفقيه روبيه‪ ،‬فيرى أن حقوق الملكية الصناعية‬
‫تتكون من استئثار صاحب الحق باستغالل حقه قبل العمالء واالتصال بهم‪ ،‬وبذلك‬
‫يعطي الحق لصاحبه ميزة معينة في مجال المنافسة بين المنتجين فكيف الطبيعة‬
‫القانونية لحقوق الملكية الصناعية على أساس نظرية حقوق الزبائن أو العمالء‪.‬‬
‫إال أن هذا الرأي انتقد كذلك على أساس أن هذه التسمية قد تثير الخلط بين‬
‫هذا االص طالح‪ ،‬وبين حق االتصال بالعمالء وهو عنصر معنوي من عناصر‬
‫‪4‬‬
‫المحل التجاري‪ ،‬كما أنها تقتصر على حقوق الملكية الصناعية دون حقوق الملكية‬
‫األدبية والفنية‪.‬‬
‫وفي األخير يمكن القول أن حقوق الملكية الصناعية اتخذت كيانا مستقال‬
‫يتالءم وطبيعتها وأصبحت تسميتها الشائعة على نطاق دولي‪ -‬حقوق الملكية‬
‫الصناعية‪ -‬أمرا مألوفا ال يثير أية مشكلة من حيث طبيعتها‪.‬‬

‫‪-3‬أهمية الملكية الصناعية‪:‬‬


‫تحضى عناصر الملكية الصناعية بأهمية بالغة‪ ،‬فهي تعد إحدى المحركات‬
‫الضرورية لكل اقتصاد دولة‪ ،‬والدعامة التي يرتكز عليها كل تطور حضاري‬
‫ونمو اقتصادي‪ ،‬إذ تباشر وظيفة اقتصادية محظة إلى جانب وظيفتها القانونية‬
‫باعتبارها وسيلة تمييز لصاحبها‪.‬‬
‫فتتمتع براءة االختراع والعالمات والرسوم‪ ،‬والنماذج بأهمية فائقة ال تخفى‬
‫على أحد‪ ،‬وذلك نظرا للدور الفعال الذي تلعبه في التقدم االقتصادي والصناعي‬
‫ألي بلد ضف إلى ذلك الدور البارز الذي تؤديه هذه العناصر في عالم األعمال‬
‫والمشروعات االقتصادية‪ ،‬ويشهد على ذلك ظهور شركات ومؤسسات استطاعت‬
‫الوصول إلى العالمية بفضل اعتمادها على عناصر الملكية الصناعية‪.‬‬
‫فحقوق الملكية الصناعية بكافة أنواعها مترتبة على المنافسة‪ ،‬فكل مخترع‬
‫لمنتجات جديدة‪ ،‬أو عالمات تجارية إنما يسعى إلى التفوق على غيره بقصد‬
‫الوصول إلى جذب العمالء وتحقيق أكبر قدر من الربح‪.‬‬
‫ويالحظ أنه ال تظهر أهمية هذه الحقوق إال إذا اندمجت في مشروع‬
‫اقتصادي‪ ،‬فبراءة االختراع مثال ال تستغل ماليا وال يستفاد منها إال إذا أقيم مشروع‬
‫تجاري أو صناعي الستغال لها‪ ،‬أو بيعت لمشروع قائم فعال‪ ،‬األمر الذي يضمن‬
‫التطور االقتصادي‪.‬‬
‫كذلك الحال بالنسبة للحق في العالمة الصناعية والتجارية‪ ،‬إذ ال فائدة من‬
‫إعداد عالمة لتمييز نوع من المنتجات ما لم تستخدم هذه العالمة فعال لتمييز‬
‫منتجات صناعية أو تجارية في األسواق‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-4‬الجهة المختصة بالملكية الصناعية في الجزائر‪:‬‬
‫إن الجهة المختصة بالملكية الصناعية في الجزائر هي‪ :‬المعهد الوطني‬
‫الجزائري للملكية الصناعية‪Institut National Algérien de : INAPI‬‬
‫‪Propriété Intellectuelle‬‬
‫أنشأ بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 68-98‬المؤرخ في ‪ 21‬فبراير سنة‬
‫‪ )1(1998‬الذي يوجد مقره الرئيسي بالجزائر العاصمة وله فروع بالواليات‪،‬‬
‫المعهد مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل‬
‫المالي(‪)2‬‬

‫اإلدارة(‪)3‬‬ ‫يسير المعهد مدير عام بمساعدة مجلس‬


‫ويؤدي المعهد مهمة الخدمة العمومية ويمارس صالحيات الدولة فيما يتعلق‬
‫بالملكية الصناعية‬
‫ويقوم المعهد بتنفيذ السياسة الوطنية في الملكية الصناعية خصوصا السهر‬
‫على حماية الحقوق المعنوية للمبدعين في إطار القوانين والتنظيمات المعمول بها‬
‫وتتمثل المهام الرئيسية للمعهد في‪:‬‬
‫تنفيذ السياسة الوطنية في مجال الملكية الصناعية‬ ‫‪-‬‬
‫حماية الحقوق المتعلقة بالملكية الصناعية‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة طلبات حماية االختراعات وتسجيلها‬ ‫‪-‬‬
‫دراسة طلبات إيداع العالمات والرسوم والنماذج الصناعية‬ ‫‪-‬‬
‫المشاركة في تطوير ودعم اإلبداع ونشاط االبتكار‬ ‫‪-‬‬

‫(‪ -)1‬ج‪.‬ر العدد ‪ 11‬المؤرخ في ‪.1998/02/21‬‬


‫(‪ -)2‬م ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 68-98‬السابق الذكر‪.‬‬
‫(‪ -)3‬م ‪ 10‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 68-98‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫تنظيم المعهد وهياكله‪:‬‬
‫يسير المعهد مدير عام بمساعدة مجلس إدارة‪ ،‬ويتكون مجلس اإلدارة من‬
‫الوزي ر المكلف بالملكية الصناعية أو ممثله رئيسا‪ ،‬ومن ممثلي وزراء الدفاع‪،‬‬
‫الخارجية ‪ ،‬التجارة‪ ،‬الصحة العمومية‪ ،‬الفالحة والمالية‪.‬‬
‫ويعين الوزير المكلف بالملكية الصناعية أعضاء مجلس اإلدارة بقرار‪ ،‬بناء‬
‫على اقتراح من السلطات التي ينتمون إليها لمدة ثالث (‪ )03‬سنوات قابلة‬
‫للتجديد(‪.)1‬‬
‫يجتمع مجلس اإلدارة بناء على استدعاء من رئيسه في دورة عادية مرتين‬
‫في السنة ويمكنه أن يجتمع في دورة غير عادية بطلب من رئيسه أو من مدير‬
‫العام للمعهد‪ ،‬وال تصح مداوالت المجلس إال بحضور ثلثي (‪ )3/2‬أعضائه‪،‬‬
‫ويصادق على قراراته باألغلبية البسيطة لألصوات‪.‬‬

‫(‪ -)1‬م ‪ 14‬من المرسوم التنفيذي السابق الذكر‪.‬‬


‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬براءة االختراع‬
‫تحتل براءات االختراع مكانا مرموقا في الحياة االقتصادية نظرا لآلثار‬
‫المتعددة والناجمة عن استغاللها‪ ،‬وتشكل حجر الزاوية في أي تطور وتفتح في‬
‫مختلف مجاالت الحياة‪ ،‬وال شك أن أهمية موضوع براءة االختراع ازدادت في‬
‫ظل التطورا ت الهائلة الحاصلة في مجاالت التكنولوجيا المعلوماتية‪ ،‬واالبتكارات‬
‫الشيء الذي ينجم عنه ظهور وسائل جديدة ومتطورة لتبادل المعرفة بطرق سهلة‬
‫وفعالة لتنشيط دواليب االقتصاد العالمي‪ .‬كل هذه األسباب جعلت دول العالم تولي‬
‫أهمية بالغة لبراءة االختراع على غرار باقي مواضيع الملكية الصناعية‪ ،‬فخصتها‬
‫بأنظمة قانونية تحكمها وتضمن لها الحماية القانونية الالزمة‪ .‬وتبعا لذلك سنحاول‬
‫تبيان النظام القانوني لبراءة االختراع (المبحث األول)‪ ،‬قبل التطرق لآلثار‬
‫القانونية المترتبة عنها (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬النظام القانوني لبراءة االختراع‬


‫لقد استوجب التطور االقتصادي الذي وصلت إليه الدول حاليا ضرورة‬
‫تدخل المشرع من اجل ضمان حقوق األشخاص الذين توصلوا إلى اختراعات‪،‬‬
‫فمجرد اكتشاف المخترع البتكار ما ال يمنح له الحق في احتار استغالله‪ ،‬وإنما‬
‫يثبت له هذا الحق بمجرد حصوله على البراءة‪ ،‬األمر الذي يثبت أهمية هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬ولهذا يظهر من الضروري تحديد مفهوم براءة االختراع (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬والنظر في شروط اكتسابها(المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم براءة االختراع‬
‫إن مفهوم براءة االختراع يتطلب النظر في تعريف براءة االختراع (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬وتبيان طبيعتها القانونية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف براءة االختراع‬
‫قبل التطرق إلى التعريف ببراءة االختراع‪ ،‬ال بد أن نحيط بمدلول االختراع‬
‫في حد ذاته أوال‪.‬‬
‫أوال‪-‬تعريف االختراع‬
‫إن االختراع هو وليد الفكر واإلبداع‪ ،‬يأتي نتاج بذل الجهد والوقت والفكر‪،‬‬
‫فاالختراع هو جهد بشري عقلي وعلمي‪ ،‬يثمر في النهاية إنجاز جديدا مفيدا‬
‫لإلنسانية ويضيف إلى رصيدها ما يسد حاجة ويحقق أمال‪.‬‬
‫واالختراع وفق ما عرفته المادة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق‬
‫ببراءات االختراع(‪ )1‬هو‪ ":‬فكرة لمخترع تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في‬
‫مجال التقنية"‬
‫لذلك فإن مدلول االختراع يحتوي على عنصرين‪ ،‬فهو من ناحية‪ :‬ثمرة‬
‫العمل والنشاط الفكري‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ :‬يجب أن يحدث هذا االختراع تغيرا جوهريا في التقنية فال‬
‫يكفي التوصل إلى اختراع لفكرة مجردة‪ ،‬بل يجب أو تؤدي إلى حل مشكل‬
‫مطروح في مجال التقنية‪.‬‬
‫وانطالقا من ذلك يجب التمييز بين االختراع وبين مختلف المصطلحات ذات‬
‫الصلة به‪.‬‬
‫أ‪-‬االختراع واإلبداع‪:‬‬
‫للوهلة األولى يبدوا أن المصطلحين مترادفين‪ ،‬لذلك يرى جانب من الفقه أن‬
‫لالختراع ‪ Invention‬ولإلبداع‪ Innovation‬نفس المعنى من الناحية اللغوية غير‬
‫أنه من المتفق عليه أنهما يختلفان من الناحية االقتصادية‪ ،‬وهذا راجع لكون‬
‫الجمهور يميز بين االختراعات اإلبداعية بمعنى العبقرية‪ ،‬وتلك التي ال تتصف‬
‫بهذه الميزة‪ ،‬أي يميز المنتجات الجديدة جذريا عن المنتجات الناجمة عن تحسينات‬
‫التكنولوجيا‪.‬‬

‫(‪ -)1‬ج‪.‬ر العدد ‪ 44‬المؤرخ في ‪.2003/07/23‬‬


‫‪9‬‬
‫وبالتالي فإن االختراع هو كل جديد في مجال البحث والعلم قابل االستغالل‪.‬‬
‫ب‪-‬االختراع واالكتشاف‪:‬‬
‫يجب تمييز االكتشافات ‪ Les découvertes‬عن االختراعات ‪Les inventions‬‬
‫فتعرف االكتشافات بأنها اإلحساس عن طريق المالحظة بظواهر طبيعية موجودة‬
‫دون تدخل اإلنسان‪ ،‬بينما تفترض االختراعات تدخال إراديا لإلنسان باستعمال‬
‫وسائل مادية‪.‬‬
‫ومن ثمة فالعنصر الذي يميز االكتشافات عن االختراعات هو تدخل اإلنسان‬
‫الذي يضفي الطابع االختراعي على االنجاز‪.‬‬
‫ج‪-‬االختراع والرسوم والنماذج الصناعية‪:‬‬
‫ويتعلق األمر هنا بتمييز الفن الصناعي عن الفن التطبيقي‪ ،‬فالرسوم‬
‫الصناعية هي كل ترتيب وتنسيق للخطوط بطريقة فنية‪ .‬أما النماذج الصناعية فهي‬
‫كل شكل أو قالب أو هيكل يستخدم لصناعة السلع والبضائع بشكل يضفي عليها‬
‫مظهرا خاصا بها يميزها عن غيرها‪ ،‬كما هو الحال في صناعة هياكل السيارات‬
‫وزجاجات العطور وما إلى ذلك وهكذا تتميز االختراعات قبل كل شيء بطابعها‬
‫الصناعي أما الرسوم والنماذج الصناعية فيغلب عليها الطابع الفني لذا سميت بالفن‬
‫الصناعي أو الفن التطبيقي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف براءة االختراع‬
‫طبقا لما ورد في نص المادة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات‬
‫االختراع فإن براءة االختراع هي "وثيقة تسلم لحماية اختراع"‬
‫لذا تعرف براءة االختراع على أنها تلك الشهادة التي تمنحها السلطة‬
‫المختصة للمخترع إذ يستطيع بموجبها حماية اختراعه واالستفادة منه ماليا‪،‬‬
‫وتعرف هذه السلطة في القانون الجزائري بالمعهد الوطني الجزائري للملكية‬
‫الصناعية‪ ،‬إذ بموجب هذه الوثيقة أو الشهادة تثبت للمخترع حق احتكار استغالل‬
‫اختراعه ماليا لمدة محدودة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫فبراءة االختراع هي إذن حق ملكية يتعلق بمعارف تقنية يمتلكها صاحب‬
‫البراءة‪ ،‬وال يمكن أن تتحقق هذه الملكية ال بحصول المخترع على الوثيقة وبدون‬
‫البراءة يبقى االختراع مجرد معرفة فنية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لبراءة االختراع‬
‫لقد تناول العد يد من الفقهاء الطبيعة القانونية للبراءة واختلفوا في تحديدها‪،‬‬
‫فمنهم من اعتبر الحق في براءة االختراع عمال منشئا لحق المخترع ‪Acte‬‬
‫‪ ،attributif‬فحق المخترع في احتكار استغالل اختراعه في مواجهة الكافة خالل‬
‫المدة المحددة لذلك ال يثبت له لمجرد اكتشافه البتكار معين‪ ،‬إنما يثبت له بمجرد‬
‫حصوله على البراءة أما قبل الحصول على البراءة ال يعتبر المخترع صاحب حق‬
‫ملكية صناعية وإنما مجرد صاحب سر اختراع طالما أنه يحتفظ به لنفسه‪.‬‬
‫وهناك من الفقهاء من يرى بأن البراءة عقد يبرم بين كال من اإلدارة‬
‫والمخترع يقدم بمقتضاه المخترع سر اختراعه إلى الجماعة‪ ،‬وتتعهد الدولة في‬
‫مقابل ذلك بمنح حق استغالل هذا االختراع لمدة زمنية محددة‪.‬‬
‫غير أن هذا الرأي انتقد من عدة جوانب منها‪ :‬أن اإلدارة والمخترع مقيدان‬
‫بمضمون األحكام القانونية مما يستوجب على المخترع استيفاء كافة الشروط‬
‫القانونية المطلوبة‪ ،‬ويجب على اإلدارة قبول الطلب وتسليم الشهادة متى توفرت‬
‫هذه الشروط‪.‬‬
‫كما يذهب البعض اآلخر من الفقه إلى القول بأن براءة االختراع عبارة عن‬
‫قرار إداري صادر عن الجهة المختصة بعد إتمام اإلجراءات القانونية واستيفاء‬
‫شروط صحة االختراع‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن هذا الرأي األخير ‪-‬وعلى حسب رأينا الخاص‪ -‬يوافق‬
‫النصوص واألحكام القانونية في الجزائر الخاصة بالملكية الصناعية‪ ،‬ويترتب‬
‫على ذلك أن البراءة هي قرار إداري صادر عن الهيئة المختصة قانونا والمتمثلة‬
‫في المعهد الوطني للملكية الصناعية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط الحصول على براءة االختراع‬
‫للحص ول على براءة االختراع يجب أن تتوفر في االختراع نوعان من‬
‫الشروط‪ :‬شروط موضوعية (الفرع األول)‪ ،‬وأخرى شكلية (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الشروط الموضوعية‬
‫يجب أن تتوفر في االختراع شروط موضوعية حددها القانون على سبيل‬
‫الحصر وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬شرط الجدة‬
‫ثانيا‪ :‬شرط النشاط االبتكاري‬
‫ثالثا‪ :‬شرط القابلية للتطبيق الصناعي‪.‬‬
‫ولقد نصت على هذه الشروط الموضوعية المادة ‪ 3‬من األمر رقم ‪07-03‬‬
‫المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص على أنه‪ ":‬يمكن أن تحمى بواسطة براءة‬
‫االختراع االختراعات الجديدة والناتجة عن نشاط اختراعي والقابلة للتطبيق‬
‫الصناعي"‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شرط الجدة ‪Nouveauté‬‬
‫هذا الشرط منصوص عليه بموجب المادة ‪ 04‬من األمر رقم ‪07-03‬‬
‫المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص على أنه‪ ":‬يعتبر االختراع جديدا إذا لم يكن‬
‫مدرجا في حالة التقنية‪ ،‬وتتضمن هذه الحالة كل ما وضع في متناول الجمهور عن‬
‫طريق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أي وسيلة أخرى عبر العالم‪ ،‬وذلك قبل‬
‫يوم إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة األولوية بها"‪.‬‬
‫فال يكفي لكي يحصل المخترع على براءة االختراع أن تكون الفكرة التي‬
‫بنى عليها االختراع أصلية‪ ،‬بل يجب فوق ذلك أن يكون االختراع جديدا لم يسبق‬
‫ألحد استعماله أو تق ديم طلب للحصول على براءة بشأنه أو الحصول فعال على‬
‫براءة االختراع أو سبق النشر عنه‪ ،‬وإال فقد االختراع شرط الجدة فال تمنح عنه‬
‫براءة االختراع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫فاالختراع ليس إال فكرة جديدة تسمح عند التطبيق بحل مشكلة محدودة في‬
‫مجال التكنولوجيا‪.‬‬
‫إال أن المشرع أورد استثناء على شرط الجدة بموجب الفقرة ‪ 2‬من المادة‬
‫‪ 04‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع حيث تنص‪ ":‬ال يعتبر‬
‫االختراع في متناول الجمهور بمجرد ما تعرف عليه الجمهور خالل االثنى عشر‬
‫شهرا التي تسبق تاريخ إيداع البراءة أو تاريخ األولوية اثر فعل قام به المودع أو‬
‫سابقة في الحق طبقا للمادة ‪ 14‬أدناه‪ ،‬أو جراء تعسف من الغير إزاء المودع أو‬
‫إزاء سابقة في الحق"‪.‬‬
‫وعليه فإنه يمكن االعتراف بالجدة رغم نشر االختراع وإطالع الجمهور‬
‫عليه وهذا في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫الحالة ‪ :1‬حالة تسجيل االختراع‬
‫الحالة ‪ :2‬حالة العرض في المعارض‪.‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬حالة تسجيل االختراع‬
‫يحصل الكشف عن االختراع إذا كان مسجال في دولة أجنبية ترتبط بها‬
‫الدولة المقدم إليها طلب اإليداع باتفاقية جماعية هي اتفاقية باريس‪ ،‬أو اتفاقية‬
‫ثنائية‪ ،‬على ان يقدم الطلب إلى دولة الحماية خالل ‪ 12‬شهرا من تاريخ التسجيل‬
‫األول‪ ،‬وإال سقط حقه في الحماية‪ ،‬وهذا ال يعد منحا لبراءة جديدة‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك أن مدة حمايته تبدأ من تاريخ إيداعه األول‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬العرض في المعارض‬
‫فال يعتبر االختراع أنه في متناول الجمهور لمجرد عرضه في المعارض‪،‬‬
‫سواء كانت محلية أو دولية‪ ،‬طالما أن صاحبه يتقدم بطلب البراءة خالل ‪ 12‬شهرا‬
‫التي تسبق تاريخ إيداع البراءة‪.‬‬
‫وبهذا يتمتع االختراع في هذه الحالة بحماية قانونية خالل فترة العرض‪،‬‬
‫ويجوز أن تتحول هذه الحماية إلى حماية دائمة من تاريخ عرض االختراع‪ ،‬بشرط‬
‫احترام المدة القانونية المحددة‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ثانيا‪ -‬شرط النشاط االبتكاري‬
‫فلكي توصف الفكرة بأنها اختراع بالمعنى الذي قرر القانون حمايته‪ ،‬يتعين‬
‫أن تحتل الفكرة تقدما في الفن الصناعي‪ ،‬وأن يجاوز هذا التقدم بوضوح الحالة‬
‫السابقة للفن الصناعي‪ ،‬معنى ذلك يجب أن يكون محل االختراع فكرة أصلية في‬
‫ذاتها ناتجة عن نشاط فكري‪.‬‬
‫وقد عرفت المادة ‪ 05‬من األمر ‪ 07-03‬النشاط االختراعي على النحو‬
‫التالي‪ " :‬يعتبر االختراع ناتجا عن نشاط اختراعي إذا لم يكن ناجما بداهة من حال‬
‫التقنية"‪.‬‬
‫بمعنى ال يكون سهل البلوغ واإلدراك مما كان موجودا مسبقا‪ ،‬فينتفي إذا‬
‫عنصر االبتكار إذا كان االختراع ممكن إدراكه من قبل خبير عادي باستعمال‬
‫مهارته وخبرته الفنية وعن طريق عملية تنفيذية بسيطة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن موضوع االبتكار هذا قد يكون إما إنتاج صناعي‬
‫جديد‪ ،‬أو طريقة صناعية جديدة‪ ،‬أو تطبيق جديد لطرق أو وسائل معروفة أو‬
‫تركيب جديد‪.‬‬
‫وتظهر أهمية التمييز بين هذه األنواع المختلفة لالختراع في معرفة فيما‬
‫يكمن النشاط االبتكاري في كل نوع منها من جهة‪ ،‬وفي معرفة مدى الحماية‬
‫المكرسة لكل نوع منها من جهة ثانية األمر الذي يتطلب دراسة كل حالة على‬
‫حدى‪.‬‬
‫‪-1‬انتاج صناعي جديد‪:‬‬
‫أي ابتكار شيء مادي جديد له ذاتية خاصة به والتي تميزه عن غيره من‬
‫األشياء المماثلة المشابهة له والموجودة مسبقا‪ ،‬كاختراع السيارات والطائرات‬
‫واآلالت الكهربائية أو االلكترونية واآلالت الموسيقية‪...‬الخ‪.‬‬
‫وتمنح البراءة لصاحب االبتكار عن االنتاج الصناعي الجديد "براءة إنتاج "‬
‫‪ Brevet de produit‬وتمكنه من احتكار استغالل هذا االبتكار دون غيره‪،‬‬
‫ويمتنع بذلك على الغير إنتاجه حتى وإن كان ذلك بطريقة أخرى مختلفة وحتى ولو‬

‫‪14‬‬
‫كانت الطريقة الثانية أحسن بكثير من الطريقة األولى المعطى عنها البراءة‪ ،‬لذا‬
‫تعتبر البراءة الخاصة بإنتاج صناعي جديد أقوى البراءات وأوسعها نطاق من‬
‫حيث الحماية التي تكفلها لصاحب االختراع‪.‬‬

‫‪-2‬طريقة صناعية جديدة‪:‬‬


‫ويتمثل االختراع في هذه الصورة في ابتكار طرق ووسائل صنع جديدة‬
‫إلنتاج شيء موجود ومعروف من قبل‪.‬‬
‫ويقصد بالطريقة لصناعية‪ :‬القيام بعمليات متتابعة للوصول إلى صناعة‬
‫منتجات مادية أو تحقيق نتائج صناعية‪.‬‬
‫وإذا كان اإلنتاج الصناعي يتميز بتركيبته المادية‪ ،‬فإن طريقة الصنع تتميز‬
‫بشكلها ووظيفتها‪.‬‬
‫والحكمة من منح البراءة للطرق والوسائل المستخدمة تكمن في تشجيع‬
‫الوصول إلى أحسن واحدث الوسائل والطرق لرفع مستوى التقدم والرقي اإلنساني‬
‫في مناحي الحياة‪.‬‬
‫والمثال المشهور لهذا النوع من االختراع هو‪ :‬ابتكار طريقة طبع ترجمة‬
‫األفالم ا لسينمائية على ذات الفيلم بدال من عرضها على شاشة مجاورة ومنفصلة‬
‫عن الفيلم‪ ،‬أو طريقة ملء الساعة بمجرد حركة اليد‪....‬الخ‪.‬‬
‫وهذا النوع من االبتكارات هو األكثر عددا وهو من أسباب تطور الصناعة‬
‫وتمنح البراءة في هذه الصورة لصاحبها حق احتكار استغالل هذه الطريقة‬
‫المبتك رة‪ ،‬بدون أن يمنع الغير من ابتكار طرق أخرى تختلف عن هذه الطريقة‬
‫للوصول إلى نفس النتيجة المعروفة‪.‬‬
‫‪-3‬تطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة‪:‬‬
‫إن االبتكار في هذه الحالة يرد على تطبيق جديد لطرق صناعية معروفة‬
‫للوصول إلى نتيجة لم يتوقع الوصول إليها من قبل بتلك الطريقة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كتطبيق في جهاز لتحضير القهوة نظام دوران الوسائل المستعمل من قبل‬
‫في آالت الغسيل أو استخدام الكهرباء وهي وسيلة معروفة في تسيير آالت الطبخ‬
‫التي كانت عادة تسير بالغاز‪ ،‬أو استخدام قوة الدفع الذري في دفع السفن بدال من‬
‫البخار‪.....‬الخ‪.‬‬
‫لذا قد ينصب االبتكار ع لى استخدام وسيلة معروفة في إنتاج معروف أيضا‪،‬‬
‫ولكن الجديد هو استخدام هذه الوسيلة لتحقيق هذه النتيجة الصناعية ويمنح صاحب‬
‫ابتكار هذه التطبيقات الجديدة عنها براءة اختراع تخوله حق احتكار صنع هذا‬
‫الشيء بتطبيق هذه الطريقة‪ ،‬ويمتنع بذلك على الغير من تطبيقها للوصول إلى‬
‫النتيجة الصناعية التي توصل إليها صاحب البراءة‪ ،‬ولكن ال يمنع على الغير من‬
‫صنع ذات المنتوج الصناعي بتطبيق وسيلة أخرى أو باستخدام هذه الوسيلة‬
‫للوصول إلى شيء آخر غير ما توصل إليه صاحب البراءة‪.‬‬
‫كاستخدام مثال قوة الدفع الذري المستعملة في تسيير السفن واآلالت‬
‫ألغراض جديدة لم تكن معروفة من قبل كما في حالة سفن الفضاء‪.‬‬
‫‪-4‬اختراع تركيب لطرق صناعية معروفة‪:‬‬
‫يقصد بالتركيب الجديد عملية جمع أي تركيب وسائل معروفة للحصول على‬
‫نتيجة إجمالية جديدة‪ ،‬أي ينحصر موضوع االختراع في هذه الحالة على مجرد‬
‫تركيب صناعي جديد لوسائل معروفة والتي لم يتم جمعها من قبل بنفس الطريقة‪.‬‬
‫مثال ذلك المركبات الكيميائية التي تنتج عن خلط عدة مواد معروفة من قبل وهذا‬
‫من اجل الحصول على مادة جديدة لها خواصها المختلفة عن كل مادة تدخل في‬
‫تكوينها‪.‬‬
‫أو اآللة الميكانيكية لبيع القهوة أو الشاي فمثل هذه اآللة عبارة عن تكوين أو‬
‫تجميع لعدة آالت معروفة من قبل مثل آلة حفظ األشياء المراد بيعها‪ ،‬وآلة استيالم‬
‫النقود‪ ،‬إذا يشترط في هذا التركيب الجديد‪ ،‬خلق شيء جديد له ذاتيته وخواصه‬
‫المستقلة‪ ،‬ومن ثم فإن مجرد خلط عدة عناصر أو وسائل صناعية معروفة ال يعتبر‬
‫تركيب جديد وهذا إذا ما احت فظ كل عنصر بخصائصه من غير أن تتداخل تلك‬
‫العناصر مع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثالثا‪ -‬شرط القابلية للتطبيق الصناعي‬
‫أن الفكرة األصلية لالختراع يجب أن تكون ذات تطبيق صناعي وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 06‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع ‪ ":‬يعتبر‬
‫االختراع قابال للتطب يق الصناعي إذا كان موضوعه قابال للصنع أو االستخدام في‬
‫أي نوع من الصناعة"‪.‬‬
‫لذا ال يمكن منح براءة اختراع عن مجرد ابتكار اآلراء النظرية‪ ،‬أو مجرد‬
‫اكتشاف الظواهر الطبيعية كاكتشاف الجاذبية أو الطاقة ألن مجالها نظري بحث‪،‬‬
‫بل يجب أن يترتب على استعمال االبتكار نتيجة صناعية تصلح لالستغالل في‬
‫مجال الصناعة‪.‬‬
‫وال يقتصر التطبيق الصناعي على قابلية استخدام االختراع في الصناعة‬
‫بالمعنى الضيق‪ ،‬بل تنصرف كلمة الصناعة إلى المعنى الواسع الذي أشارت إليه‬
‫المادة ‪ 01‬من اتفاقية باريس لسنة ‪ ،1883‬فتشمل الصناعة الزراعية‬
‫واالستخراجية‪...‬الخ‪.‬‬
‫وبذلك يكون االختراع قابال للبراءة إذا كان موضوعه قابال للصنع أو‬
‫االستخدام في أي نوع من الصناعة‪.‬‬
‫إذا بمجرد توافر في االختراع هذه الشروط الموضوعية يكون قابال‬
‫للحصول على البراءة إال أنه هنالك من االختراعات من هي مستثناة من الحماية‬
‫الخاصة بالبراءة‪.‬‬
‫االختراعات المستثناة من الحماية الخاصة بالبراءة‪:‬‬
‫نصت المادتين ‪ 07‬و‪ 08‬من القانون الحالي لبراءات االختراع على بعض‬
‫االقصاءات من الحماية التي جاء بها القانون في هذا المجال يمكن جمعها في‬
‫فئتين‪:‬‬
‫‪-1‬اقصاءات مؤسسة على غياب االختراع والتطبيق الصناعي‪.‬‬
‫‪-2‬اقصاءات مؤسسة على محل االبتكار‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-1‬اقصاءات مؤسسة على غياب االختراع والتطبيق الصناعي‬
‫ومن بين هذه االقصاءات‪:‬‬
‫المبادئ والنظريات واالكتشافات ذات الطابع العلمي وكذلك المناهج‬ ‫‪-‬‬
‫الرياضية طالما أنها مجرد أفكار علمية وظواهر طبيعية مجردة ليس لها‬
‫تطبيق عملي مثل اكتشاف قانون طبيعي كقانون الجاذبية‪.‬‬
‫الخطط والمبادئ والمناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو‬ ‫‪-‬‬
‫ترفيهي محض‪.‬‬
‫المناهج ومنظومات التعليم والتنظيم واإلدارة أو التسيير‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االبتكارات ذات الطابع التزيني المحض كالزخرفة مثال إذا تدخل هذه‬ ‫‪-‬‬
‫األخيرة في نطاق الملكية األدبية والفنية‪.‬‬
‫‪-2‬االقصاءات المؤسسة على محل االبتكار‪:‬‬
‫في هذا النوع من االقصاءات نجد كل من‪:‬‬
‫طرق عالج اإلنسان والحيوان بالجراحة‪ ،‬أو المداواة وكذلك مناهج‬ ‫‪-‬‬
‫التشخيص ألن احتكار استغاللها والذي يعد األثر المباشر للبراءة يؤدي‬
‫إلى استغالل المرضى وربما يودي بحياتهم‪.‬‬
‫األنواع النباتية أو األجناس الحيوانية والطرق البيولوجية التي تستخدم‬ ‫‪-‬‬
‫في إنتاجها مثل عمليات التلقيح واإلخصاب والتهجين‪.‬‬
‫االختراعات المضرة بالصحة وحياة األشخاص والحيوانات والنباتات أو‬ ‫‪-‬‬
‫البيئة كابتكار طريقة كيميائية لحفظ األطعمة تؤدي إلى اإلضرار‬
‫بالصحة أو تقتيل الفيتامينات التي تحتوي عليها‪.‬‬
‫االختراعات التي يكون نشرها أو تطبيقها مخل باألمن العام أو بالنظام‬ ‫‪-‬‬
‫العام واآلداب العامة كاختراع آالت للعب القمار أو آالت فتح الخزائن‬
‫الحديدية لألموال أو تزيف وتزوير النقود ‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الشروط الشكلية‬
‫سبقت اإلشارة إلى الشروط الموضوعية لالختراع‪ ،‬أي الشروط التي يلزم‬
‫توافرها في االختراع حتى يعد موجودا من الناحية الموضوعية‪ ،‬إذ يترتب على‬
‫توافر تلك الشروط وجود فعلي لالختراع‪ ،‬األمر الذي يصبح معه االختراع أهال‬
‫لالمتياز (البراءة)‪ ،‬إال أن توفر تلك الشروط –بحد ذاتها‪ -‬في االختراع ال تكفي‬
‫بمفردها لحفظ ح قوق صاحبه‪ ،‬وإنما إلى جانب تلك الشروط ال بد لصاحب‬
‫االختراع من المبادرة إلى القيام بإجراءات معينة يترتب عليها وجود قانوني‬
‫لالختراع‪.‬‬
‫لذا يقصد بالشروط الشكلية مجموع اإلجراءات التي يجب على المخترع‬
‫القيام بها لدى الجهة المختصة للحصول على براءة االختراع (أوال)‪ ،‬وكذلك‬
‫اإلجراءات التي تقوم بها اإلدارة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلجراءات التي يقوم بها المخترع‬
‫والتي تتمثل في إيداع طلب يتضمن وصفا شامال لالختراع مع تسديد الرسوم‬
‫المستحقة‬
‫‪-1‬ايداع الطلب‪:‬‬
‫إن الخطوة األولى المتعلقة بإجراءات تسجيل االختراع لغرض الحصول‬
‫على البراءة وا كتسابها تبدأ بالطلب وهذا حسب ما تقضي به المادة ‪ 20‬من األمر‬
‫رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪ ،‬ويتم تقديم طلب البراءة إلى المعهد‬
‫الوطني الجزائري للملكية الصناعية‪ ،‬أو يرسل إليه عن طريق البريد مع طلب‬
‫إشعار باالستالم أو بأية وسيلة أخرى مناسبة تثبت االستالم(‪ ،)1‬من طرف‬
‫األشخاص الذين لهم الحق في ذلك وهم المخترع نفسه‪ ،‬أو من آلت إليه حقوقه(‪،)2‬‬

‫(‪ -)1‬م ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 275-05‬المؤرخ في ‪ 2005/08/02‬الذي يحدد كيفيات ايداع براءات االختراع‬
‫وإصدارها‪.‬‬
‫(‪ -)2‬راجع في ذلك نص المادة ‪ 10‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫ونظرا لألهمية التي يكتسيها الطلب بالنسبة لحقوق المخترع فقد حدد القانون‬
‫محتويات ملف اإليداع كما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬العريضة‪La requête :‬‬


‫وهي االستمارة التي تسلمها اإلدارة ويعلن من خاللها المخترع عن رغبته‬
‫في امتالك االختراع واستغالله بصورة شرعية بواسطة البراءة‪.‬‬
‫ب‪-‬وصف االختراع ‪La description d’invention‬‬
‫يجب أن يتضمن طلب االختراع وصفا لالختراع موضوع اإليداع‪ ،‬يحدد‬
‫المشكل التقني الذي أتى االختراع بحل له‪ ،‬ويبين مكانة هذا األخير من حالة التقنية‬
‫الصناعية وطرقة استغالله على وجه قابل للتنفيذ‪ ،‬وعلى األخص العناصر التي‬
‫ورد عليها االختراع والتي يريد صاحب الشأن حمايتها‪.‬‬
‫ويعد الوصف التفصيلي لالختراع ورقة أساسية في ملف اإليداع‪ ،‬لذا اشترط‬
‫القانون بموجب المادة ‪ 22‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع أن‬
‫يكون هذا الوصف واضحا بما فيه الكفاية وكامال حتى يتسنى لرجل المهنة تنفيذه‪.‬‬
‫ج‪-‬المطالبات ‪Les revendications‬‬
‫المطالبات وثيقة أساسية في ملف اإليداع‪ ،‬ويجب أن ترتكز على الوصف‬
‫التفصيلي‪ ،‬فالحماية القانونية ال تمنح إال لعناصر االختراع المبينة في الوصف‬
‫والمحددة في المطالب‬
‫ويجب أن تحدد المطالب بوضوح وإال أصبحت البراءة قابلة لإلبطال(‪.)1‬‬
‫‪-2‬تسديد الرسوم‪:‬‬
‫أوجبت المادة ‪ 20‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع على‬
‫مودع طلب البراءة أن يودع وثائق إثبات تسديد الرسوم‪ ،‬وإال تعرض الطلب‬
‫للرفض‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع نص المادة ‪ 53‬من االمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬


‫‪20‬‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات اإلدارة‪:‬‬
‫وهي الفحص واإلصدار والنشر‪.‬‬
‫‪-1‬الفحص‪:‬‬
‫يقوم المعهد الوطني للملكية الصناعية بدراسة وفحص الملف للتأكد من أن‬
‫إجراءات اإليداع المحددة في القانون متوفرة‪ ،‬وأن االختراع موضوع الطلب غير‬
‫مدرج في المواضيع المستبعدة من االختراع ( م ‪ 08 ،07‬من األمر رقم ‪07-03‬‬
‫المتعلق ببراءات االختراع)‪.‬‬
‫‪-2‬اإلصدار‪:‬‬
‫تصدر براءات االختراع ذات الطلبات المستوفية الشروط حسب ما تقضي‬
‫به المادة ‪ 31‬من األمر رقم ‪ 07-03‬السابق الذكر‪ ،‬وتسلم المصلحة المختصة‬
‫للطالب شهادة تثبت صحة الطلب وتمثل براءة االختراع‪.‬‬
‫‪-3‬التسجيل والنشر‪:‬‬
‫تدون براءات االختراع التي يتم تسليمها في سجل خاص لدى المعهد‬
‫الوطني للملكية الصناعية ويمكن لكل شخص بموجب القانون أن يطلع على سجل‬
‫براءات االختراع وأن يحصل على مستخرجات منه مقابل تسديد رسم محدد(‪.)1‬‬
‫كما يقوم المعهد (‪ )INAPI‬بإصدار نشرة رسمية للبراءات بصفة دورية‪،‬‬
‫تتضمن هذه النشرة خاصة وثائق وصف براءات االختراع والمطالبات‪ ،‬ويمكن‬
‫ألي شخص االطالع عليها والحصول على نسخة منها بمقابل(‪.)2‬‬

‫(‪ -)1‬المادة ‪ 32‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬


‫(‪ -)2‬راجع المواد ‪ 34‬و ‪ 35‬من األمر ‪ 07-03‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اآلثار القانونية المترتبة عن براءة االختراع‬

‫إن كل براءة اختراع تمنح لصاحبها حق احتكار أي حق مانع الستغالل‬


‫االختراع الذي تطلب من شأنه‪ ،‬األمر الذي تنص عليه المادة ‪ 11‬من األمر رقم‬
‫‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع بقولها‪ ":‬مع مراعاة المادة ‪ 14‬أدناه‪ ،‬تخول‬
‫براءة االختراع لمالكها الحقوق االستئثارية اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬في حالة ما إذا كان موضوع االختراع منتوجا‪ ،‬يمنع الغير من القيام‬
‫بصناعة المنتوج أو استعماله أو بيعه أو عرضه للبيع أو استيراده لهذه األغراض‬
‫دون رضاه‪.‬‬
‫‪-2‬إذا كان موضوع االختراع طريقة صنع‪ ،‬يمنع الغير من استعمال طريقة‬
‫الصنع واستعمال المنتوج الناتج مباشرة عن هذه الطريقة أو بيعه أو عرضه للبيع‬
‫أو استيراده لهذه األغراض دون رضاه‪.‬‬
‫لصاحب البراءة الحق كذلك في التنازل عنها أو في تحويلها عن طريق‬
‫اإلرث وإبرام عقود تراخيص"‪.‬‬
‫فيمنع بذلك على أي شخص من استغالل االختراع موضوع البراءة باي‬
‫طريقة صناعية كانت دون رخصة من المخترع‪ ،‬األمر الذي يشكل وضعية قانونية‬
‫خاصة بصاحب البراءة (المطلب األول)‪ ،‬تمكنه من االستفادة من الحماية القانونية‬
‫المكرسة له (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الوضعية القانونية لصاحب براءة االختراع‬
‫القاعدة أن البراءة يترتب عليها لصاحبها بعد منحها حق حاجز في استغالل‬
‫االختراع المقترن بها (الفرع األول)‪ ،‬إال أنه لم يقتصر المشرع الجزائري أثر‬
‫البراءة على منح حق احتكار االستغالل لصاحبها بل ألزمه باستغاللها كي يستفيد‬
‫المجتمع منها ومن آثارها االقتصادية‪ ،‬فإذا لم يقم بهذا االستغالل كلية أو قام به‬

‫‪22‬‬
‫ولكن على نحو ال يشبع المصلحة العامة كان عرضة لقيد الرخصة اإلجبارية‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الحق في احتكار استغالل االختراع محل البراءة‬


‫يت رتب على صدور البراءة لشخص معين بالذات أن ينفرد ذلك الشخص‬
‫دون غيره باستغالل االختراع‪.‬‬
‫فتخول براءة االختراع لمالكها حقوق استئثارية‪ ،‬فيكون له وحده حق‬
‫استغالل االختراع واإلفادة منه ماليا بالطرق والوسائل التي يراها صالحة لذلك‪،‬‬
‫وال يقيده في ذلك سوى أن يكون استغال له لالختراع مشروعا‪ ،‬ويمنع الغير من‬
‫استغالل هذا االختراع بأية وسيلة فيمنع من القيام بصناعة المنتوج أو استعماله أو‬
‫عرضه للبيع أو بيعه‪ ،‬وإذا كان موضوع االختراع طريقة صنع فيمنع الغير من‬
‫استعمال هذه الطريقة أو استعمال المنتوج الناتج مباشرة عن هذه الطريقة أو‬
‫بيعه(‪.)1‬‬
‫وقد حدد القانون مدة براءة االختراع ب ‪ 20‬سنة ابتداء من تاريخ إيداع‬
‫الطلب(‪ ، )2‬وبعد انقضاء هذه المدة تصبح البراءة من األمالك العمومية بمعنى يمكن‬
‫استغاللها من أي صانع ما‪ ،‬وحتى قبل انقضاء مدة ‪ 20‬سنة يمكن لصاحب البراءة‬
‫أن يتخلى عن براءته وان يجرد منها في حالة ما إذا تخلى عن التزامه المترتب‬
‫عن منح البراءة في دفع الرسوم القانونية المنصوص عليها في المادة ‪ 09‬من األمر‬
‫رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع فصاحب البراءة ملزم بدفع نوعين من‬
‫الرسوم هما‪:‬‬
‫‪-1‬رسوم التسجيل‬
‫‪-2‬رسوم اإلبقاء على سريان مفعول البراءة طيلة المدة القانونية أي ‪ 20‬سنة‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع نص المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬


‫(‪ -)2‬راجع نص المادة ‪ 09‬من األمر ‪ 07-03‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وتبرير ذلك أنه قد يكون االختراع دون قيمة أي ليس محل استغالل صناعي‬
‫مفيد ماليا‪ ،‬لذا قد يتوقف صاحب البراءة عن دفع الرسوم السنوية مما يؤدي إلى‬
‫التجريد من البراءة وسقوطها في األمالك العمومية(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الرخصة االجبارية كقيد لحق االحتكار‬
‫لم يقصر المشرع اثر البراءة على منح حق احتكار االستغالل لصاحبها بل‬
‫ألزمه باستغاللها كي يستفيد المجتمع منها‪.‬‬
‫ذلك أن النجاح االقتصادي الذي يحققه أي اختراع بالنسبة للدولة التي‬
‫أصدرت البراءة إنما يكمن في تحقيقه عمال لديها‪ ،‬إذ يؤدي االحتكار غير المقترن‬
‫باال ستغالل إلى صنع اإلنتاج في الخارج واحتكار األسواق األجنبية للبلد المانح‬
‫للبراءة لتصريف هذا اإلنتاج بأسعار مرتفعة‪ ،‬لذا فإن حق صاحب البراءة عليها‬
‫ليس بالمطلق بل هو نسبي وخاضع للرقابة‪ ،‬ولقيود قانونية عديدة‪ ،‬إذ قد تتدخل‬
‫الدولة لتنظيم هذا االستغالل في حالتين‪:‬‬
‫أوال‪-‬حالة الرخصة اإلجبارية لعدم استغالل االختراع أو لوجود نقص فيه‬
‫ثانيا‪-‬حالة الرخصة اإلجبارية للمنفعة العامة‪.‬‬
‫أوال‪-‬الرخصة اإلجبارية لعدم استغالل االختراع أو لوجود نقص فيه‬
‫فيرجع سبب منح الرخصة اإلجبارية في مثل هذه الحالة إلى عدم استغالل‬
‫البراءة من طرف مالكها أو لوجود نقص في االستغالل ال يستطيع صاحب البراءة‬
‫تداركه‪.‬‬
‫ولمنح هذه الرخصة اإلجبارية فرض القانون بعض القيود(‪:)2‬‬
‫‪-1‬يجب مرور مدة ‪ 04‬سنوات من تاريخ إيداع طلب البراءة‪ ،‬أو مدة ‪ 3‬سنوات من‬
‫تاريخ تسليم البراءة دون استغالل صاحب البراءة لالختراع‪ ،‬أو قام به ولكن على‬
‫نحو غير كافي وناقص‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع نص المادة ‪ 54‬من األمر ‪ 07-03‬السابق الذكر‪.‬‬


‫(‪ -)2‬راجع المواد من ‪ 38‬إلى ‪ 48‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪-2‬يجب على طالب الرخصة اإلجبارية أن يثبت بأنه تقدم بطلب لمالك البراءة ولم‬
‫يحصل منه على رخصة تعاقدية بشروط منصفة الستغالل براءة االختراع‪ ،‬ويجب‬
‫عليه تقديم الضمانات الضرورية والالزمة لتالفي وتدارك النقص الذي كان سببا‬
‫في منح الرخصة اإلجبارية‪.‬‬
‫‪-3‬تمنح الرخصة اإلجبارية وتسجل مقابل تعويض مناسب وبعد تسديد الرسوم‪.‬‬
‫‪-4‬ال تمنح الرخصة اإلجبارية حقوقا استئثارية‪ ،‬ويكون هدفها تموين السوق‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪-5‬يمكن لإلدارة سحب الرخصة اإلجبارية إذا زالت الشروط المبررة لمنحها‪.‬‬
‫ويمنح الرخصة اإلجبارية في هذه الحالة المعهد الوطني للملكية الصناعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرخصة االجبارية للمنفعة العامة‬
‫فهذا النوع من الرخص يمكن أن يكون في كل حالة تقتضي فيها مصلحة‬
‫الجماعة ضرورة استغالل االختراع بنفسها أو بواسطة شخص آخر غير صاحب‬
‫البراءة‪ ،‬كالتراخيص التي تقتضيها ضرورات التطور االقتصادي‪ ،‬والمحافظة‬
‫على الصحة العامة أو التي تتطلبها ضرورات الدفاع الوطني(‪ )1‬ففي مثل هذه‬
‫الحاالت يمكن للوزير المكلف بالملكية الصناعية منح رخصة إجبارية لمصلحة من‬
‫مصالح الدولة أو للغير يعين من طرف الوزير‪.‬‬

‫(‪ -)1‬المادة ‪ 55‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‪.‬‬


‫‪25‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية القانونية المكرسة بموجب براءة االختراع‬
‫إن حماية االختراعات تقتضي تقرير جزاءات مدنية وجنائية على كل من‬
‫يمس بحقوق ملكيتها بدون وجه حق‪ ،‬ومن ثمة فلصاحب براءة االختراع حق‬
‫التمتع بالحماية القانونية طيلة المدة المخولة له قانونا‪ ،‬األمر الذي كرسه المشرع‬
‫بموجب األمر رقم ‪ 07-03‬القانون الحالي لبراءات االختراع (الفرع الثاني)‪ ،‬إال‬
‫أن البراءة تتمتع أيضا بحماية دولية وفقا لالتفاقيات الدولية المنظمة لحماية حقوق‬
‫الملكية الفكرية (الفرع األول)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحماية الدولية‬
‫إن األحكام القانونية المتعلقة باالختراعات لكل دولة تحقق جزءا من الحماية‬
‫تقف عند الحدود اإلقليمية للدولة المانحة للبراءة والتي سجلت فيها تلك‬
‫االختراعات‪ ،‬هذا األمر ال يحقق رغبة المخترع في حماية اختراعه في دول‬
‫أخرى‪ ،‬مما أدى إلى التفكير في حماية دولية لالختراعات تضمن لكل مخترع حقه‬
‫في ملكية هذا االختراع وفق أطر دولية تتفق عليها جميع الدول أي ضرورة إقامة‬
‫إطار قانوني شامل ومتكامل في مجال البراءات فكانت اتفاقية باريس االتفاقية‬
‫الدولية األولى التي نظمت معظم جوانب الملكية الصناعية (أوال)‪ ،‬وكانت هنالك‬
‫معاهدات واتفاقيات مكملة لها نذكر منها‪ :‬معاهدة التعاون بشأن‬
‫البراءات(‪ ،)P.C.T‬واتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية‬
‫(تربس ‪( )TRIPS‬ثانيا)‬
‫اوال‪ :‬اتفاقية باريس‬
‫(‪)1‬‬
‫اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية المبرمة في ‪ 20‬مارس ‪1883‬‬
‫المعدلة والمتممة في الكثير من المرات‪ ،‬ولقد أتت هذه االتفاقية بعدة مبادئ‪:‬‬

‫(‪ -)1‬أنظمت إليها الجزائر بموجب األمر رقم ‪ 48/66‬المؤرخ في ‪ 1966/02/25‬وصادقت عليها بموجب األمر رقم‬
‫‪ 02/75‬المؤرخ في ‪ .1975/02/09‬انظر على التوالي ‪ :‬ج‪.‬ر المؤرخة في ‪ 1966/02/25‬العدد ‪ ،16‬ص ‪.198‬‬
‫ج‪.‬ر المؤرخة في ‪ 1975/02/04‬العدد ‪ ،10‬ص ‪.154‬‬
‫‪26‬‬
‫‪-1‬مبدأ المعاملة الوطنية لرعايا دول االتحاد‬
‫إذ طبقا ألحكام المادة (‪ )02‬من االتفاقية فإنه يجب على كل دولة متعاقدة أن‬
‫تمنح مواطني الدول المتعاقدة األخرى الحماية نفسها التي تمنحها لمواطنيها فيما‬
‫يتعلق بحماية الملكية الصناعية‪.‬‬
‫‪-2‬مبدأ الحق في األسبقية (أو األولوية)‬
‫إذ تقضي المادة ‪ 04‬من اتفاقية باريس أن كل من أودع طبقا للقانون في‬
‫إحدى دول االتحاد طلبا للحصول على براءة اختراع يتمتع هو أو خلفه فيما يخص‬
‫باإليداع في الدول األخرى بحق أسبقية خالل المدة المحددة وللمودع الحق في ذلك‬
‫خالل مهلة ‪ 12‬شهرا تسري اعتبارا من تاريخ إيداع الطلب األول‪ ،‬وال يدخل يوم‬
‫اإليداع في احتساب هذه المدة‪.‬‬
‫‪-3‬مبدأ استقالل البراءات‪:‬‬
‫تقضي المادة ‪ 04‬مكرر ‪ 2‬من االتفاقية بأن البراءات التي يطلبها رعايا دول‬
‫االتحاد في مختلف هذه الدول تكون مستقلة عن البراءات التي منحت وتم الحصول‬
‫عليها عن نفس االختراع في دول أخرى سواء كانت هذه الدول أعضاء في االتحاد‬
‫أو غير منظمة فيه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعاهدات واالتفاقيات المكملة التفاقية باريس‬
‫وأهمها(‪:)1‬‬
‫*‪-‬معاهدة التعاون بشأن البراءات التي أبرمت بواشنطن بتاريخ‬
‫‪ ،1970/07/19‬وثم العمل بها بتاريخ ‪ 1978/06/01‬وتم تعديلها في الكثير من‬
‫المرات سنة ‪ 1984 ،1979‬وسنة ‪ ،2001‬وأنظمت إليها الجزائر بموجب‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 92-99‬المؤرخ في ‪ 15‬أبريل ‪ 1999‬والذي يتضمن‬
‫المصادقة بتحفظ على معاهدة التعاون بشأن البراءات وعلى الئحتها التنفيذية‪ ،‬وبدء‬
‫نفاذ المعاهدة بالنسبة للجزائر في ‪ 08‬مارس ‪ ،2000‬وتسمح هذه المعاهدة بضمان‬
‫حماية االختراع بموجب براءة في عدد كبير من البلدان في آن واحد بإيداع طلب‬

‫(‪ -)1‬أقول أهمها ألنه يوجد اتفاقيات أخرى متعلقة ببراءة االختراع مثل‪ :‬اتفاقية استرازبورغ لسنة ‪ 1963‬ولسنة ‪،1971‬‬
‫اتفاقية ميونيخ (البراءة األوروبية) ‪ ...1977‬الخ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫دولي للحصول على براءة اختراع‪ .‬من تاريخ إيداع الطلب األول‪ ،‬وال يدخل يوم‬
‫اإليداع في احتساب هذه المدة‪.‬‬
‫ويحق تقديم هذا الطلب الدولي من قبل أي مواطن في أي دولة متعاقدة‬
‫(عضو في المعاهدة)‪ ،‬أو من قبل أي مواطن مقيم فيها‪.‬‬
‫ويقدم طلب اإل يداع الدولي بصفة أساسية إما لدى مكتب البراءات الموجود‬
‫في الدول المتعاقدة‪ ،‬وإما لدى المكتب الدولي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية‬
‫‪ Wipo‬في جنيف‪ ،‬ولصاحب الطلب االختيار في ذلك‪ ،‬كما تقوم إدارة براءات‬
‫االختراع المختارة بإجراءات البحث الدولي‪.‬‬
‫ويخضع الطلب الدولي بعد إيداعه إلى البحث الدولي‪ ،‬ويتولى هذه المهمة‬
‫أحد المكاتب الرئيسية هي‪ :‬مكاتب براءات االتحاد الروسي وإسبانيا وأستراليا‬
‫والسويد والصين والنمسا والواليات المتحدة األمريكية واليابان‪ ،‬والمكتب‬
‫األوروبي للبراءات‪.‬‬
‫وتطبيقا للمادة ‪ 02-15‬من المعاهدة فإن البحث الدولي يتم بهدف بحث الفكرة‬
‫موضوع الطلب الدولي للوقوف على مدى استيفاء االختراع موضوع الطلب‬
‫للمعايير الدولية في شأن منح البراءات‪.‬‬
‫ويخطر الطالب بتقرير البحث الدولي‪ ،‬ويكون له أن يستوفي طلبه أو‬
‫يسترده‪ ،‬أو أن يعدله‪ ،‬وإذا لم يسحب الطلب الدولي يتعين على المكتب الدولي أن‬
‫ينشره مشفوعا بتقرير البحث الدولي ويرسله إلى كل مكتب براءات معين‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫*‪-‬اتفاق الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (تريبس)‬
‫تعد هذه االتفاقية أهم ما تم التوصل إليه في جولة أورجواي‪ ،‬وهذا بتاريخ‬
‫‪ ،1994/04/16‬وأصبحت نافذة في ‪.1995/01/01‬‬
‫من أهداف هذ ه االتفاقية هو تحرير التجارة العالمية عن طريق ضرورة‬
‫تشجيع الحماية الفعالة والمالئمة لحقوق الملكية الفكرية وترتكز اتفاقية تريبس على‬

‫(‪ -)1‬يطلق على االتفاقية اختصارا اسم تريبس عن اسمها الكامل باللغة االنكليزية‪:‬‬
‫)‪Agéement on Trade related Aspect of Intellectual Proprety Rightd (TRIPS‬‬

‫‪28‬‬
‫المبادئ األساسية التي وردت في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لذا فهي‬
‫تكملة لها وتعزز وجودها‪.‬‬
‫وتشرف على تطبيق اتفاقية تريبس المنظمة العالمية للتجارة (‪،)OMC‬‬
‫وتحمي اتفاقية تريبس االختراعات سواء أكانت منصبة على المنتج النهائي أو‬
‫طريقة الصنع وهذا في جميع مجاالت التكنولوجيا شريطة أن تكون هذه‬
‫االختراعات جديدة وابداعية وقابلة لالستخدام في الصناعة‪ ،‬وتتمتع هذه‬
‫االختراعات بالحماية ا لقانونية بغض النظر عن مكان االختراع أو المجال‬
‫التكنولوجي سواء كانت هذه المنتجات مستوردة أو منتجة محليا(‪.)1‬‬
‫ومدة الحماية لبراءات االختراع هي عشرون (‪ )20‬سنة تحسب اعتبارا من‬
‫تاريخ التقدم بطلب الحصول على البراءات(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الحماية الوطنية‬
‫خص المشرع صاحب البراءة بدعوى ذات طابع جزائي لحماية حقه‬
‫المكرس بموجب البراءة هي دعوى التقليد (أوال)‪ ،‬عالوة على دعوى المنافسة‬
‫غير المشروعة (ثانيا) ذات الطابع المدني في إطار القواعد العامة‪ ،‬والطابع‬
‫الجزائي في إطار القانون رقم ‪ 02-04‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات‬
‫التجارية المعدل والمتمم(‪.)3‬‬
‫أوال‪ :‬دعوى التقليد‬
‫حسب ما تنص عليه المادة ‪ 61‬من األمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات‬
‫االختراع التي تقضي بأنه‪ ":‬يعد كل عمل معتمد يرتكب حسب مفهوم المادة ‪56‬‬
‫أعاله‪ ،‬جنحة تقليد‪.‬‬
‫يعاقب على جنحة التقليد بالحبس من ستة (‪ )06‬أشهر إلى سنتين‪ ،‬وبغرامة‬
‫من مليونين وخمسمائة ألف دينار(‪2500.000‬دج)إلى عشرة ماليين دينار‬
‫(‪10.000.000‬دج) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط"‪.‬‬

‫(‪ -)1‬راجع المادة ‪ 27‬في فقرتها األولى من اتفاقية التربس السابقة الذكر‪.‬‬
‫(‪ -)2‬راجع المادة ‪ 33‬من االتفاقية المبينة أعاله‪.‬‬
‫(‪ -)3‬ج‪.‬ر الصادرة بتاريخ ‪ ،2004/06/27‬عدد ‪.41‬‬
‫‪29‬‬
‫وسلوك التقليد يؤخذ بالمفهوم الواسع ويتجسد في كل عمل متعمد يمس‬
‫الحقوق المحمية ببراءة اختراع دون موافقة صاحبها اذ لم يعرف القانون‬
‫الجزائري كسائر التشريعات األخرى التقليد‪ ،‬ولم يضع له معيارا يقتدى به‬
‫للخوض في ميدان براءات االختراع‪ ،‬وإنما اكتفى بتحديد األفعال التي تكون هذه‬
‫الجريمة فإذا ما قامت أركان جنحة تقليد االختراع محل البراءة ينشأ عنها حق‬
‫المجتمع في إنزال العقاب بالجاني‪ ،‬فيتم إدانته بجنحة التقليد إما بعقوبات سالبة‬
‫للحرية أو بعقوبات مالية‪.‬‬

‫‪ -1‬العقوبات السالبة للحرية‪:‬‬


‫نصت على العقوبات السالبة للحرية المادة ‪ 61‬من األمر رقم ‪07-03‬‬
‫السابقة الذكر وهذا في فقرتها الثانية‪ ،‬إذن يعاقب على جنحة التقليد بالحبس من ستة‬
‫أشهرإلى سنتين‪ ،‬فعقوبة الحبس تعد عقوبة أصلية في مواد الجنح والمخالفات‪.‬‬
‫وما يالحظ على هذه العقوبة أن مدة الحبس من ستة أشهر إلى السنتين ليست‬
‫بالعقوبة الردعية التي تتماشى مع فعل التقليد‪ ،‬فهي عقوبة مخففة إذا ما قورنت‬
‫بالفعل في حد ذاته‪ ،‬فالتقليد يعد بمثابة الورم الخبيث الذي يقضي على اإلبداع‬
‫والتنمية في أي مجتمع‪ ،‬حتى أن المستثمرين يستوقفون عن تموين النشاطات‬
‫اإلختراعية بسبب إستيالء المقلدين بشكل غير شرعي على أرباحهم‪ ،‬زيادة على‬
‫ذلك تضرر المستهلكين هم أيضا نتيجة تقلص العرض للسلع األصلية‪ ،‬فهم يجدون‬
‫أنفسهم مجبرين على إستهالك سلع مقلدة ال تفي باحتياجاتهم‪ ،‬فكان من األجدر على‬
‫المشرع تشديد العقوبة السالبة للحرية لمثل هذه الجريمة التي هي في طور التحول‬
‫إلى جريمة منظمة عابرة للحدود‪.‬‬

‫‪-2‬العقوبات المالية‪.‬‬
‫والمتمثلة في الغرامات المالية التي هي مبلغ من المال يحكم به من طرف‬
‫القاضي المختص على الشخص المدان بجرم تقليد براءة اإلختراع‪ ،‬ويحكم به وفقا‬
‫للحدين األدنى واألقصى المنصوص عليه في القانون‪ ،‬ومبلغ الغرامة يودع مباشرة‬

‫‪30‬‬
‫في الخزينة العامة للدولة‪ ،‬وهنا يكمن الفرق بينها وبين التعويض المدني الذي‬
‫يحكم به لصالح الطرف المتضرر من الجريمة‪.‬‬
‫ومقدار الحكم بالغرامة في جنحة تقليد براءة اإلختراع مقدر بمليونين‬
‫وخمسمائة ألف دينار ‪2500.000‬دج إلى عشرة ماليين دينار ‪10.000.00‬دج‬
‫بموجب نص المادة ‪ 61‬من األمر رقم ‪ 07-03‬السابقة الذكر‪.‬‬
‫والمالحظ من خالل نص المادة أن المشرع منح للقاضي سلطة اإلختيار بين‬
‫الحكم بالعقوبات السالبة للحرية والغرامة المالية معا أو الحكم بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين حسب سلطته التقديرية وهذا ما يفهم من لفظ" أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط" األمر الذي يزيد من إضعاف الطابع الردعي للعقوبة كذلك‪ ،‬ويشجع المقلدين‬
‫على التقليد‪.‬‬
‫فالمقلد لن يخسر شيئا ألنه سوف يسدد مبلغ الغرامة من عائدات التقليد‬
‫ال سيما في حالة الحكم على جملة من المتهمين في جنحة التقليد بحكم واحد في‬
‫جريمة واحدة فإنه في هاته الحالة عقوبة الغرامة ال تتعدد‪ ،‬ويسألون عنها على‬
‫وجه التضامن‪.‬‬
‫زيادة على ذلك فإن تقييد القاضي عند تقدير الغرامة المالية بحدين أي الحد‬
‫األدنى والحد األقصى قد ال يتماشى مع القيمة المالية لجنحة التقليد‪ ،‬فكان من‬
‫األحسن على المشرع أن يربط مسألة تقدير الغرامة المالية بقيمة السلع محل التقليد‬
‫أو الحكم بغرامة تساوي قيمة السلع المقلدة وهذا كله من أجل أن تؤدي عقوبة‬
‫الغرامة وظيفتها في قمع جنحة التقليد ومنعها‪ ،‬كما أن الغرامة تسمح للخزينة‬
‫بإسترداد حقوقها المالية التي تهرب المقلد من دفعها‪ ،‬وهي الحقوق المقررة قانونا‬
‫لبراءة اإلختراع‪.‬‬
‫كما أغفل المشرع حالة العود في جريمة تقليد براءة االختراع كظرف‬
‫مشدد األمر الذي كان ينص عليه في القوانين السابقة‪ ،‬إذ كانت تنص المادة ‪ 61‬من‬
‫األمر رقم ‪ 54-66‬المؤرخ في ‪3‬مارس ‪ 1966‬المتعلق بشهادات المخترعين‬
‫وإجازات االختراع على أنه‪ ":‬يقع العود إلى مقارنة الجنحة إذا كان قد صدر على‬
‫المتهم خالل الخمس سنوات السابقة حكم أول بسبب إحدى الجنح المنصوص عليها‬
‫في هذا األمر‪ ،‬وفي هذه الحالة تضاعف العقوبات"‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫هذا وقد ال ينصب موضوع الجريمة على واقعة التقليد لالختراع موضوع‬
‫البراءة بل ينصب على وقائع أخرى تابعة لواقعة التقليد كبيع المنتجات المقلدة أو‬
‫عرضها للبيع أو استيرادها‪...‬الخ‪.‬‬
‫وبذلك لم يكتف المشرع بتقرير العقوبة على المقلد فحسب وإنما أضاف إلى‬
‫جريمة التقليد جرائم متصلة وتابعة لها حسب ما تقضي به المادة ‪ 62‬من األمر رقم‬
‫‪ 07-03‬السابق الذكر التي تنص على أنه‪ ":‬يعاقب بنفس العقوبة التي يعاقب بها‬
‫المقلد كل من يتعمد إخفاء شيء مقلد أو إخفاء عدة أشياء مقلدة أو يبيعها أو‬
‫يعرضها للبيع أو يدخلها إلى التراب الوطني"‪.‬‬
‫يجوز رفع دعوى التقليد من طرف مالك البراءة أو خلفه في حالة وفاته‬
‫حسب ما تقضي به المادة ‪ 58‬من االمر رقم ‪ 07-03‬المتعلق ببراءات االختراع‬
‫التي تنص على أنه‪" :‬يمكن صاحب البراءة أو خلفه رفع دعوى قضائية ضد أي‬
‫شخص قام أو يقوم بإحدى االعمال حسب مفهوم المادة ‪ 56‬أعاله"‬
‫وطالما ان المنازعات الناشئة عن تقليد االختراع محل البراءة تدخل ضمن‬
‫المنازعات المتعلقة بالملكية الصناعية التي تعد من المنازعات الخاصة بالملكية‬
‫الفكرية‪.‬‬
‫وبما أن المنازعات الناشئة عن الملكية الفكرية تتمتع بنوع من الخصوصية‬
‫التي يتطلب منح النظر فيها لقضاة مختصين يتمتعون بكفاءات علمية عالية خصها‬
‫المشرع بأقطاب متخصصة على مستوى المحاكم للنظر فيها‪ ،‬فبالرجوع إلى الفقرة‬
‫السادسة وما يليها من المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير‬
‫‪ 2008‬والذي يتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية التي تنص على ما يلي‪":‬‬
‫تختص األقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم للنظر دون سواها في‬
‫المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية واالفالس والتسوية القضائية والمنازعات‬
‫المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية‪ "....‬أي تختص األقطاب المتخصصة‬
‫بالنظر في كل المنازعات الناشئة عن الملكية الفكرية بما فيها تلك المتعلقة‬
‫بالبراءات السيما دعاوى التقليد‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫إال أنه وبالرجوع إلى أرض الواقع لم يتم إلى يومنا هذا تنصيب األقطاب‬
‫المتخصصة بمنازعات الملكية الفكرية االمر الذي يحيل إلى تطبيق القواعد العامة‬
‫أي الرجوع إلى نص المادة ‪ 329‬من قانون االجراءات الجزائية‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬دعوى المنافسة غير المشروعة‬
‫ترفع هذه الدعوى من قبل صاحب البراءة ضد كل من يرتكب أي فعل من‬
‫أفعال التعدي على االختراع موضوع البراءة بأي صورة من الصور التي تمس‬
‫بقواعد الصدق والشرف واألمانة والعادات والتقاليد الصحيحة‪ ،‬كإتباع أساليب‬
‫وطرق غير شريفة وغير مشروعة للمنافسة أو اللجوء إلى استخدام أساليب مخالفة‬
‫للقانون‪.‬‬
‫ويمكن تأسيس هذه الدعوى على نص المادتين األولى (الفقرة ‪ ،)02‬والمادة‬
‫العاشرة من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية‪ ،‬على أن حماية الملكية‬
‫الصناعية تشمل قمع المنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتشريع الجزائري فلم يكن يعرف أي تنظيم للمنافسة غير‬
‫المشروعة وال كيفية حصرها قبل صدور القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد‬
‫المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬وعليه كان اإلطار الوحيد في هذه الفقرة من‬
‫أجل وضع حد ألفعال وصور المنافسة غير المشروعة هو دعوى المسؤولية‬
‫المدنية في شقها المتعلق بالمسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫لكن بعد صدور القانون رقم ‪ 02-04‬نجد أن المشرع قد تطرق ألفعال‬
‫المنافسة غير المشروعة المتعلقة بحقوق معينة للملكية الصناعية بما فيها براءات‬
‫‪.‬‬
‫االختراع‪ .‬وهذا من خالل المواد ‪ 27 ،26‬و ‪ 28‬منه‬
‫من اجل ذلك وإذا تم المساس بحق صاحب براءة االختراع عن طريق‬
‫ا لمنافسة غير المشروعة فإنه يمكنه وقف هذا المساس وفق إجراءات قانونية إما‬
‫في إطار القواعد العامة –في حالة عدم اللجوء إلى الحماية الخاصة‪ -‬أو في ظل‬
‫القانون رقم ‪ 02-04‬المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪-1‬دعوى المنافسة غير المشروعة في إطار القواعد العامة‪.‬‬
‫تعتبر دعوى المنافسة غير المشروعة وسيلة مهمة لدفع االعتداءات الناشئة‬
‫عن حق صاحب براءة االختراع‪ ،‬وتقرير التعويض عن الضرر الذي يصيبه‪،‬‬
‫وعلى إثر ذلك‪ ،‬فإنه يمكن لصاحب البراءة ومن أجل وقف أفعال المنافسة غير‬
‫المشروعة إتباع الطريق التي ترسمه الحماية العامة‪ ،‬والتي تتسم بطابعها المدني‪،‬‬
‫فالحق في براءة اإلختراع يستظل كغيره من الحقوق بمضلة الحماية المدنية‪ ،‬إذ‬
‫يحق لصاحب البراءة أن يرفع دعوى على كل من يتعدى على حقه في اإلختراع‬
‫موضوع البراءة يطالبه فيها بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب ذلك التعدي‪.‬‬
‫فضال عما تقدم فإن لدعوى المنافسة غير المشروعة وظيفة وقائية إلى جانب‬
‫دورها في التعويض عن الضرر‪ ،‬فلها نطاق أوسع إذ تمتد لتشمل التعويض عن‬
‫الضرر‪ ،‬فضال عن حماية حقوق الملكية الصناعية –براءة اإلختراع‪-‬من أفعال‬
‫المنافسة غير المشروعة بالنسبة للمستقبل‪ ،‬فيمكن أن ترفع وإن لم يكن هناك ضرر‬
‫متحقق أصاب صاحب البراءة‪ ،‬إال أنه يوجد إحتمال لوقوعه بالمستقبل‪ ،‬فضال عن‬
‫ذلك فإنه بإمكان محكمة الموضوع أن تحكم بإتخاذ اإلجراءات الكفيلة لمنع‬
‫اإلستمرار بهذه األعمال غير المشروعة ‪ ،‬األمر الذي يبين أن لهذه الدعوى من‬
‫الخصوصيات ما يجعلها تتميز عن دعاوي المسؤولية المدنية‪ ،‬إذ دعوى المنافسة‬
‫غير المشروعة هدفها هو فرض إحترام العرف الذي ينظم حرية المنافسة ‪.‬‬
‫ف دعوى المنافسة غير المشروعة تقوم على أساس النظرة القانونية القائلة بأن‬
‫كل عمل إضرار بالغير يلزم فاعله بضمان الضرر أي بالتعويض عنه‪ ،‬وبالتالي‬
‫وبالرجوع للقانون المدني األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪1975‬‬
‫المعدل بالقانون رقم ‪ 10-05‬المؤرخ في ‪ 2005-07-20‬فإنه يمكن ـتأسيس هذه‬
‫الدعوى على نص المادة ‪ 124‬منه التي تقضي بأنه "كل فعل أيا كان يرتكبه‬
‫الشخص بخطئه ويسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض" ‪،‬‬
‫وا لتي تعتبر األصل العام‪ ،‬فدعوى المنافسة غير المشروعة تستوجب لقيامها توافر‬
‫عناصر المسؤولية من خطأ‪ ،‬ضرر وعالقة السببية‪ ،‬إال أننا بصدد صورة خاصة‬
‫للمسؤولية التقصيرية تتميز بخصوصية عنصر الخطأ فيها ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫أ ‪-‬اإلجراءات القضائية المتبعة في مباشرة دعوى المنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫إن براءة اإلختراع إلى جانب كونها تمثل حقا من حقوق الملكية الصناعية‪،‬‬
‫فهي تمثل أيضا إمتياز لصالح منافس صناعي أو تجاري ضد المنافسين األخريين‪،‬‬
‫فهي تضمن لصاحبها وضعية قانونية معينة إتجاه الزبائن‪ ،‬فإذا تم المساس بأي حق‬
‫من هذه الحقوق عن طريق المنافسة غير المشروعة فإنه يستوجب وقف هذا‬
‫المساس وفق إجراءات قانونية‪ ،‬فال يكفي أن يحدد المشرع مدى حقوق المتداعيين‪،‬‬
‫بل ال بد له أيضا من إيجاد الوسائل التي تمكنهم من إلزام الغير على إحترامها‪،‬‬
‫وهذه الوسائل تظهر للوجود وبأشكال مختلفة‪ ،‬ولكن الدعوى تبقى أهم هذه‬
‫الوسائل‪ ،‬والدعوى التي تهمنا هنا هي دعوى المنافسة غير المشروعة‪ ،‬فكيف تقام‬
‫هذه الدعوى‪ ،‬وماهي الجهة القضائية المختصة للفصل فيها‪.‬‬
‫‪-‬إقامة الدعوى‪:‬‬
‫عند توافر جميع عناصر المسؤولية‪ ،‬يستطيع صاحب البراءة المتضرر من‬
‫أعمال المنافسة غير المشروعة أو نائبه اللجوء إلى القضاء إلقامة دعوى ضد‬
‫منافسه الذي إرتكب أي فعل من أفعال التعدي على حقه في ملكية اإلختراع‬
‫موضوع البراءة بأي صورة من الصور التي تمس بقواعد الصدق والشرف‬
‫واألمانة والعادات والتقاليد الصحيحة‪ ،‬فلكل متضرر من أعمال المنافسة غير‬
‫المشروعة‪ ،‬حق اإلدعاء على الفاعل إذا كان له مصلحة مشروعة‪ ،‬تبعا للقواعد‬
‫العامة ‪.‬‬
‫وبذلك تختلف دعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى التقليد بالنظر إلى‬
‫الجوانب التالية‪:‬‬
‫فإذا كانت دعوى التقليد ترفع أساسا بسبب اإلعتداء على حق إستئتار‬
‫إستغالل اإلختراع فإن المدعي بدعوى المنافسة غير المشروعة يضع نفسه فقط‬
‫في إطار ا لحريات العامة‪ ،‬فهو يأتي إلنتقاد تصرف خصمه غير الالئق أمام‬
‫القضاء‪.‬‬
‫كما تهدف دعوى التقليد إلى تأمين الدفاع عن حق اإلستئتار الحصري‬
‫بواسطة عقوبات جزائية ألنها دعوى جزائية فإن دعوى المنافسة غير المشروعة‬
‫عادة ال تهدف إلى ذلك بل إن هدفها هو فرض إحترام العرف الذي ينظم حرية‬
‫المنافسة‪ ،‬فدعوى المنافسة غير المشروعة ال تصل إلى نفس صرامة الدعوى‬

‫‪35‬‬
‫األولى‪ ،‬فهي دعوى خاصة ترمي إلى ردع التصرفات غير المشروعة في إطار‬
‫مدني وفقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫وال يمكن إقامة دعوى التقليد إال إذا توافرت شروطها الخاصة في حين أن‬
‫دعوى المنافسة غير ال مشروعة ال تتطلب نفس الشروط‪ ،‬فشروطها هي شروط كل‬
‫دعوى‪.‬‬
‫‪-‬الجهة القضائية المختصة للفصل في الدعوى‪:‬‬
‫بإعتبار أن المنافسة غير المشروعة تدخل في سياق منازعات الملكية‬
‫الفكرية‪ ،‬فإن اإلختصاص فيها يتعلق بتسوية المنازعات الناشئة عن التعدي على‬
‫حقوق صاحب البراءة عن طريق المنافسة غير المشروعة يعود للقطب‬
‫المتخصص في منازعات الملكية الفكرية حسب ما تقضي به المادة ‪ 32‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫إال أنه بالرجوع إلى أرض الواقع لم يتم تنصيب هذه األقطاب المتخصصة‬
‫إلى يومنا هذا كما سبق اإلشارة اليه في دعوى التقليد األمر الذي يحيل إلى تطبيق‬
‫القواعد العامة‪.‬‬
‫ب‪-‬وسائل جبر ضرر المنافسة غير المشروعة وإيقافه‪.‬‬
‫إذا توافرت أركان المسؤولية‪ ،‬وتكاملت عناصرها‪ ،‬وتأكد القضاء من‬
‫وجودها‪ ،‬فإن التساؤل في هذه الحالة سينصب على الوسائل التي يمكن بها جبر‬
‫الضرر الذي أصاب المنافس بسبب اإلعتداء على حقه‪ ،‬فدعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة هي دعوى تعويضية ‪ ،‬وتهدف إلى إيقاف الضرر الناجم عن الفعل‬
‫الضار‪.‬‬
‫*الحكم بالتعويض‪.‬‬
‫يتفق الجميع على صعوبة ودقة مسألة تقدير قيمة الضرر الناتج عن أفعال‬
‫المنافسة غير المشروعة‪ ،‬فأساس التعويض عن اإلعتداء على حق المنافسة في‬
‫جوهره‪ ،‬هو اإلعتداء على قيم المنافس‪ ،‬سواء كانت قيما شخصية‪ ،‬حيث يكون‬
‫الضرر معنويا‪ ،‬وتكون ضوابط تحديده مرنة إلى حد كبير وقد يكون اإلعتداء على‬
‫قيم مادية يسهل تحديد التعويض عنها‪ ،‬فيهدف التعويض إلى إصالح الضرر‬
‫المادي والمعنوي الملحق بصاحب البراءة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫*وقف االستمرار في المنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫إن الجزاء الطبيعي للمنافسة غير المشروعة هو عادة حد لألعمال التي‬
‫تشكل منافسة غير مشروعة‪ ،‬وأن المنطق يفترض أن تحكم المحكمة بإزالة العمل‬
‫غير المشروع تأكيدا للقاعدة الفقهية" الضرر يزال"‪ ،‬وهو جزاء ذو طابع وقائي‬
‫أكثر منه جزاء عيني يحكم به حتى في حالة الضرر االحتمالي‪.‬‬
‫فإذا أثبت المدعي ارتكاب أحد األعمال المعتبرة مساسا بالحقوق الناجمة عن‬
‫براءة االختراع ‪ ،‬ومنها المنافسة غير المشروعة فإنه يكون للجهة القضائية‬
‫المختصة أن تقضي بمنح التعويضات المدنية ويمكنها زيادة على ذلك األمر بمنع‬
‫مواصلة هذه األعمال وال شك أن اتخاذ مثل هذه اإلجراءات إنما يرمي إلى وقف‬
‫كل أشكال االستقرار في المنافسة غير المشروعة‪ ،‬إذ ال جبر للضرر طالما كان‬
‫الضرر قائما‪ ،‬وبالتالي يجب أن يتحمل المنافس المسؤول عن أعماله غير‬
‫المشروعة في أدائه التنافسي نتائج انحرافه هذا‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك ي جوز للقضاء أن يحكم بغرامة تهديدية عن كل يوم ال تنفد‬
‫فيه ما تضمنه قضاؤه‪ ،‬وقد تكون هذه الغرامة تهديدية مؤقتة يقصد بها إنذار‬
‫بالردع‪ ،‬وقد تكون في صوره تعويض نهائي تراعى فيه الوظيفة الرادعة‪ ،‬وما ذلك‬
‫إال تطبيق للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪ -2‬دعوى المنافسة غير المشروعة في إطار القواعد الخاصة‪.‬‬


‫يستدعي التطرق لدعوى المنافسة غير المشروعة في ظل القانون رقم ‪-04‬‬
‫‪ 02‬الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية إلزامية تناول إجراءات‬
‫المتابعة وسيرها في ظله ضد مرتكبي التعدي على حق صاحب البراءة بموجب‬
‫المنافسة غير المشروعة ‪ ،‬قبل النظر في العقوبات المسطرة بموجبه ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬سير إجراءات المتابعة في ظل قانون القواعد المطبقة على الممارسات‬


‫التجارية‪.‬‬
‫باعتبار أن حقوق البراءات هي فئة من حقوق الملكية الصناعية التي تناولها‬
‫القانون رقم ‪ 02-04‬عند تطرقه للممارسات التجارية غير النزيهة المخالفة‬
‫لألعراف التجارية النظيفة والنزيهة‪ ،‬وبالتالي فهي تخضع إلجراءات المعاينة ‪،‬‬
‫والمتابعة المنصوص عليهما بموجب هذا القانون‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫*المعاينة‪.‬‬
‫َك َي َ‬
‫ف المشرع أفعال المنافسة غير المشروعة المخالفة ألحكام المواد ‪،26‬‬
‫‪ 28 ،27‬و‪ 29‬من القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على‬
‫الممارسات التجارية على أنها جنحة بموجب نص المادة ‪ 38‬منه التي تنص على‬
‫أنه‪ ":‬تعتبر ممارسات تجارية غير نزيهة وممارسات تعاقدية تعسفية مخالفة‬
‫ألحكام المواد ‪ 26‬و‪ 27‬و‪ 28‬و‪ 29‬من هذا القانون‪ ،‬ويعاقب عليها بغرامة من‬
‫خمسين ألف دينار ‪ 50.000‬دج إلى خمسة ماليين دينار ‪ 5000.000‬دج"‪.‬‬
‫ويتم إثبات هذه المخالفات ألحكام المواد ‪ 26‬و‪ 27‬و‪ 28‬من هذا القانون عن‬
‫طريق إجراء المعاينة التي يقوم بها أشخاص مؤهلين للقيام بالتحقيقات والمعاينات‪.‬‬
‫فالمعاينة دليل إثبات أكيد ألنها تعطي صورة مادية مباشرة للشيء موضوع‬
‫الفحص‪ ،‬وتعد إجراء بمقتضاه ينتقل المحقق إلى مكان وقوع الحادث ليشاهد بنفسه‬
‫ويجمع األدلة المتعلقة بالجريمة‪.‬‬
‫وحددت المادة ‪ 49‬من القانون رقم ‪ 02-04‬السابق الذكر من هم األشخاص‬
‫المؤهلين للقيام بالتحقيقات والمعاينة وهم على التوالي‪:‬‬
‫‪-‬ضباط وأعوان الشرطة القضائية المنصوص عليها في قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬المستخدمون المنتمون إلى األسالك الخاصة بالمراقبة التابعون لإلدارة‬
‫المكلفة بالتجارة‪.‬‬
‫‪-‬األعوان المعينون التابعون لمصالح اإلدارة الجبائية‪.‬‬
‫‪-‬أعوان اإلدارة المكلفة بالتجارة المرتبون في الصنف ‪ 14‬على األقل‬
‫المعينون لهذا الغرض‪ ،‬ويجب أن يؤدي الموظفون التابعون لإلدارة المكلفة‬
‫بالتجارة واإلدارة المكلفة بالمالية اليمين‪ ،‬وأن يفوضوا بالعمل طبقا لإلجراءات‬
‫التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪.‬‬
‫وحسب نفس المادة فإنه يجب على الموظفين المذكورين أعاله‪ ،‬خالل القيام‬
‫بمهامهم وتطبيقا ألحكام القانون رقم ‪ 02-04‬أن يبينوا وظيفتهم وأن يقدموا‬
‫تفويضهم بالعمل‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫كما يمكن لهم أيضا ومن أجل إتمام مهامهم طلب تدخل وكيل الجمهورية‬
‫المختص إقليميا ضمن احترام القواعد المنصوص عليها في قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪.‬‬
‫فأمام كل هذه الفئات وبالرغم من توسعها إال أن المعاينات والتحقيقات ال‬
‫يمكنها أن تجني ثمارها‪ ،‬وبالتالي ال يمكنها إثبات فعاليتها إال إذا تمت ممارستها من‬
‫قبل أهل االختصاص ‪ ،‬كالمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية فيما يخص‬
‫حاالت المنافسة غير المشروعة الخاصة ببراءات االختراع‪ ،‬فمثل هذا المعهد‬
‫مكلف بتوفير الحماية لحقوق الملكية الصناعية وترقية وتنمية قدرة المؤسسات‬
‫الجزائرية لتسهيل العالقات التجارية البعيدة عن المنافسة غير المشروعة مع‬
‫حماية وإعالم الجمهور ضد المالبسات حول مصدر السلع والخدمات والمؤسسات‬
‫المتاجرة التي من شأنها توقيعه في المغالطة‪.‬‬
‫وإلثبات المخالفات يمكن لهذه الفئات المختصة تفحص كل المستندات‬
‫اإلدارية أو التجارية أو المالية أو المحاسبية‪ ،‬وكذا أية وسائل مغناطسية أو‬
‫معلوماتية‪ ،‬دون أن يمنعوا من ذلك بحجة السر المهني وهذا حسب ما تقضي به‬
‫المادة ‪ 50‬من القانون رقم ‪ 02-04‬المتعلق بالممارسات التجارية (‪ ،)1‬ويمكن لهم‬
‫أثناء معايناتهم القيام بحجز البضائع طبقا لألحكام المنصوص عليها في القانون‬
‫رقم ‪ 02-04‬السابق الذكر‪ ،‬وتضاف المستندات والوسائل المحجوزة إلى محضر‬
‫الحجز أو ترجع في نهاية التحقيق(‪.)2‬‬
‫وفي األخير تثبت هذه المعاينات في محاظر تحرر في ظرف ثمانية (‪)08‬‬
‫أيام بداية من تاريخ نهاية التحقيق‪ ،‬وتبلغ إلى المدير الوالئي المكلف بالتجارة التي‬
‫يرسلها إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا(‪.)3‬‬
‫ولهذه المحاضر حجية قانونية يطعن فيها بالتزوير حسب ما تقضي به المادة‬
‫‪ 58‬من القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪،‬‬
‫حيث تنص على أنه‪" :‬مع مراعاة أحكام المواد من ‪ 214‬إلى ‪ 219‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وكذا أحكام المادتين ‪ 56‬و‪ 57‬من هذا القانون تكون‬
‫للمحاضر وتقارير التحقيق حجية قانونية حتى يطعن فيها بالتزوير"‪.‬‬

‫(‪ )1‬األمر الذي يتماشى مع نض المادة ‪ 45‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬


‫(‪ )2‬أنظر المادة ‪ 51‬من القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات‬
‫التجارية‪.‬‬
‫(‪ )3‬أنظر المواد ‪ 59 ،57 ،56 ،55‬من القانون رقم ‪ 02-04‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪-‬وتعتبر مخالفة وتوصف كمعارضة للمراقبة‪ ،‬كل عرقلة وكل فعل من شأنه‬
‫منع تأدية مهام التحقيق من طرف الموظفين المذكورين في المادة ‪ 49‬السابقة‬
‫الذكر‪ ،‬ويعاقب عليها بالحبس من ستة (‪ )06‬أشهر إلى سنتين‪ ،‬وبغرامة من مائة‬
‫ألف دينار ‪100.000‬دج إلى مليون دينار ‪1000.000‬دج أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين(‪.)1‬‬

‫*المتابعة‪.‬‬
‫في حالة ما إذا تم التعدي على حق صاحب البراءة وفق صورة من صور‬
‫المنافسة غير المشروعة المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد‬
‫القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬فإن المتابعة تتم على مستوى القضاء‪،‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 60‬من نفس القانون في فقرتها األولى على أن تخضع مخالفات‬
‫أحكام هذا القانون الختصاص الجهات القضائية‪ ،‬وهذا عندما تكون المخالفة‬
‫المسجلة في حدود غرامة تفوق ثالثة ماليين دينار ‪3000.000‬دج‪ ،‬أما ما دون هذا‬
‫المبلغ يمكن اللجوء بخصوصها إلى طريق بديل للقضاء‪ ،‬فلقد نص المشرع على‬
‫طريق بديل لوضع حد للمتابعة ويتمثل في المصالحة ‪ ،‬باعتبارها أحد اآلليات‬
‫الفعالة لفض النزاعات وديا والتي تكون في حالتين ‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬وهي التي يمكن فيها للمدير الوالئي المكلف بالتجارة أن يقبل من‬
‫األعوان االقتصاديين المخالفين بمصالحة وهذا إذا كانت المخالفة المعاينة في‬
‫حدود غرامة تقل أو تساوي مليون دينار ‪1.000.000‬دج استنادا إلى المحضر‬
‫المعد من طرف الموظفين المؤهلين‪.‬‬
‫أما عن الحالة الثانية ‪ :‬فهي إذا كانت المخالفة المسجلة في حدود غرامة تفوق‬
‫مليون دينار ‪1.000.000‬دج وتقل عن ثالثة ماليين دينار ‪3.000.000‬دج يمكن‬
‫الوزير المكلف بالتجارة أن يقبل من األعوان االقتصاديين المخالفين بمصالحة‪،‬‬
‫استنادا إلى المحضر الم عد من طرف الموظفين المؤهلين والمرسل من طرف‬
‫المدير الوالئي المكلف بالتجارة‪.‬‬
‫أما إذا كانت المخالفة المسجلة تفوق ثالثة ماليين دينار ‪3.000.000‬دج فإنه‬
‫يرسل المحضر المعد من طرف الموظفين المؤهلين مباشرة من طرف المدير‬

‫(‪ )1‬أنظر المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الوالئي المكلف بالتجارة إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات‬
‫القضائية وهذا حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 60‬من القانون ‪ 02-04‬السابقة‬
‫الذكر‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك تجدر اإلشارة هنا إلى أن إجراء المصالحة ال محل لها إذا‬
‫كنا أمام حالة العود ‪ ،‬حسب ما تقضي به المادة ‪ 62‬من القانون رقم ‪ 02-04‬السابق‬
‫الذكر‪.‬‬
‫ب ‪ :‬العقوبات المسطرة‪.‬‬
‫نص المشرع على العقوبات المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة في القانون‬
‫رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية في الباب الرابع‬
‫المعنون بالمخالفات والعقوبات‪ ،‬حيث تناول في الفصل األول العقوبات األصلية‬
‫المتمثلة في الغرامة ‪ ،‬أما في الفصل الثاني فتناول العقوبات التكميلية‪.‬‬
‫*العقوبات األصلية‪.‬‬
‫نص المشرع على عقوبة الغرامة بموجب نص المادة ‪ 38‬من القانون رقم‬
‫‪ 02-04‬السابقة الذكر فيعاقب على الممارسات التجارية غير نزيهة المخالفة‬
‫ألحكام المواد ‪ 26‬و‪ 27‬و‪ 28‬بغرامة من خمسين ألف دينار ‪50.000‬دج إلى خمسة‬
‫ماليين دينار‪.‬‬
‫وبذلك فالمشرع لم يخرج عن اإلطار العام الذي وضعه قانون العقوبات في‬
‫مادته الخامسة والتي ينص من خاللها على الغرمة التي تتجاوز ‪ 20.000‬كعقوبة‬
‫أصلية في مادة الجنح‪.‬‬
‫إال أنه في حالة العود فإنه وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 11‬من القانون رقم‬
‫‪ 06-10‬السابقة الذكر‪ ،‬فنجد أن المشرع نص على عقوبة أصلية سالبة للحرية‬
‫وهي الحبس من ‪ 03‬أشهر إلى خمس ‪ 05‬سنوات‪ ،‬وهذا محاولة للمشرع كبح‬
‫جماح المنافسة غير المشروعة وحصرها في نطاق ضيق‪ ،‬فالعود سبب لتشديد‬
‫العقوبة في حالة توافر شروطه‪ ،‬وهو خير ما فعل المشرع بإعتبار أن عقوبة‬
‫الحبس هي عقوبة أصلية في مادة الجنح وهذا لمدة تتجاوز الشهرين إلى خمس‬
‫سنوات‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫*العقوبات التكميلية‪.‬‬
‫نص المشرع على عقوبات أخرى تكميلية للعقوبات األصلية بموجب الفصل‬
‫الثاني من الباب الرابع من القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يحدد القواعد المطبقة على‬
‫الممارسات التج ارية‪ ،‬وعددها على التوالي في الحجز ‪ ،‬المصادرة ‪ ،‬الغلق‪.‬‬

‫الحجز‪:‬‬
‫إن مفهوم الحجز الوارد النص عليه في القانون رقم ‪ 02-04‬يختلف عن‬
‫مفهوم العام لل حجز وفقا لقانون اإلجراءات المدنية ذلك أنه ال يقصد من مفهوم‬
‫الحجز هنا حجز األموال بهدف التنفيذ عليها فيما بعد وإقتضاء حق طالب الحجز‬
‫من هذه األموال بل أن الغاية من الحجز هي ضبط المواد والمنتجات التي تثبت‬
‫وقوع فعل المنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫فحسب ما تقضي به المادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪ 02-04‬يمكن حجز البضائع‬
‫موضوع المخالفات المنصوص عليها في أحكام المواد ‪ 10‬و‪ 11‬و‪ 13‬و‪ 14‬و‪20‬‬
‫و‪ 22‬و‪ 23‬و‪ 24‬و‪2( 27 26 25‬و‪ )7‬و‪ 28‬من هذا القانون‪ ،‬كما يمكن حجز العتاد‬
‫والتجهيزات التي إستعملت في إرتكابها مع مراعاة حقوق الغير حسن النية‪.‬‬
‫واألمر الذي يهمنا هنا هو حجز البضائع في حالة تقليدها للمنتوج محل‬
‫براءة اإلختراع‪ ،‬والذي يوقع الجمهور في الخطأ ‪ ،‬وحالة اإلشهار التضليلي‪.‬‬

‫المصادرة‪:‬‬
‫تعرف المصادرة بأنها نزع ملكية مال من مالكه‪ ،‬وذلك إلستنزال ثمنها من‬
‫التعويضات أو الغرامات‪ ،‬وهي عقوبة عينية‪.‬‬
‫فزيادة على العقوبات المالية المنصوص عليها بموجب القانون رقم ‪02-04‬‬
‫السابقة الذكر‪ ،‬وذلك دائما في حالة تقليد المنتوجات محل البراءة وحالة اإلشهار‬
‫التضليلي أي في حالة خرق القواعد المنصوص عليها بموجب الفقرة الثانية‬
‫والسابعة من المادة ‪ 27‬والمادة ‪ 28‬من نفس القانون ووفقا للمادة ‪ 44‬منه يمكن‬
‫للقاضي أن يحكم بمصادر السلع المحجوزة‪.‬‬
‫ويعد ذلك تشددا من المشرع‪ ،‬لكنه تشدد يبرره ما لبراءة اإلختراع من‬
‫حساسية تتطلب سرعة التصرف‪ ،‬إذ إن قيمة براءة اإلختراع تتمثل في سمعتها‪،‬‬
‫‪42‬‬
‫فمن المعقول أن تأمر المحكمة بمصادرة البضائع واألشياء واألدوات المستخدمة‬
‫كافة في إرتكاب التعدي على براءة اإلختراع‪ ،‬إذ يساعد ذلك في إنقاد سمعة البراءة‬
‫من التدهور‪ ،‬لكن يبقى أن الحكم بالمصادرة أمر جوازي للمحكمة‪ ،‬وهذا ما‬
‫يستشف من عبارة "يمكن للقاضي" الواردة في نص المادة ‪ 44‬السابقة الذكر‪ ،‬إذ‬
‫لها سلطة تقديرية في هذا الخصوص‪.‬‬

‫الغلق اإلداري للمحالت التجارية‪:‬‬


‫وهذا لمدة ال تتجاوز ثالثين يوما من قبل الوالي المختص إقليميا وبناء على‬
‫إقتراح من المدير الوالئي المكلف بالتجارة وهذا حسب ما تقضي به المادة ‪ 46‬من‬
‫القانون رقم ‪ 02-04‬الذي يعدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫ويكون قرار الغلق قابال للطعن أمام القضاء‬
‫نشر الحكم‪:‬‬
‫حسب ما تقضي به المادة ‪ 48‬من القانون رقم ‪ 02-04‬السابق الذكر‪ ،‬يمكن‬
‫للوالي المختص إقليميا‪ ،‬وكذا القاضي أن يأمر على نفقة مرتكب المخالفة أو‬
‫المحكوم عليه نهائيا بنشر قراراتهما كاملة‪ ،‬أو خالصة منها في الصحافة الوطنية‬
‫أو لصقها بأحرف بارزة في األماكن التي يحددانها‪ ،‬فللمحكمة الحرية في بيان‬
‫الجرائد التي ينشر فيها الحكم‪ ،‬فالنشر في الصحف هو أنجح وسيلة ترهق المجني‬
‫عليه‪ ،‬حيث يشعر ويعلم الجمهور عن طريق النشر واإلشهار بالجريمة التي‬
‫إرتكبها‪.‬‬

‫‪43‬‬

You might also like