Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 118

‫جامعة قرطاج‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬

‫محاض ـرات ف ـي‬

‫الشهارالعقاري‬
‫لطلبة السنة الثانية من الجازة األساسية‬
‫في القانون‬

‫األستاذة خولة محرزية حجري‬

‫السنة الجامعية ‪2023 – 2022 :‬‬


‫األستاذة محرزية حجري‬

‫الدرس الثاني‬
‫رقابة الصكوك للترسيم‬
‫ّ‬
‫املقدمة‬
‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫مهمة إشهار الحقوق بترسيمها‬ ‫ّ‬
‫العقارية ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع إلدارة امللكية‬ ‫أسند‬
‫العقاري‪ ،‬وذلك بالفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬إلدارة امللكية العقارية إدارة مركزية بتونس‬
‫العاصمة وإدارات جهوية وهي مكلفة ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬بإقامة الرسوم العقارية تنفيذا لألحكام الصادرة بالتسجيل‪ .‬وأوجب‬
‫ّ‬
‫الشرعية وذلك وفقا ملا يفرضه مبدأ‬ ‫تسمى التحقيقات‬ ‫عليها القيام بتحقيقات ّ‬
‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫ّ‬
‫الشرعية الذي يقصد به مباشرة اإلدارة لرقابتها على الصك قبل إدراجه‬
‫ّ‬
‫"يتولى مدير امللكية العقارية قبل قيامه ّ‬ ‫العقاري‪ّ .‬‬
‫بأية‬ ‫نص الفصل ‪ 306‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عملية مباشرة التحقيقات التي تقتضيها هذه املجلة"‪ .‬كما جاء بالفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫ّأما الفصل ‪ 390‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬فاقتض ى ّأنه ‪" :‬ال تقع مباشرة العملية املطلوبة إال إذا كان‬
‫الحق املراد ترسيمه أو قيده احتياطيا من الحقوق التي أقرتها هذه املجلة والتي يجب‬
‫إشهارها"‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع على سبيل الحصر‬ ‫أن عناصر التحقيق ّ‬
‫حددها‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬

‫(املبحث األول)‪ .‬كما يطرح التساؤل حول طبيعتها (املبحث الثاني) هل هي رقابة‬
‫املقدم للترسيم أم هي رقابة ّ‬
‫تمتد لألصل‪.‬‬ ‫شكلية للصك ّ‬

‫‪2‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫املبحث األول ‪ :‬نطاق الرقابة‬


‫ّ‬
‫تمتد هذه الرقابة ملسائل يمكن وصفها بالشكلية ّ‬
‫ألنها تتعلق برقابة شكل‬
‫ّ‬
‫الصك بالقباضة املالية (الفقرة‬ ‫الصك وبتحريره وبتوفر الرخص اإلدارية وتسجيل‬
‫ّ‬
‫العملية املطلوب ترسيمها (الفقرة‬ ‫األولى) ومن جهة أخرى تتثبت اإلدارة من مضمون‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬رقابة الشكل‬


‫الصك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املقدم للترسيم والتي ّ‬
‫يتوجب‬ ‫ّ‬
‫املشرع الجوانب املتعلقة بشكل‬ ‫ّبين‬
‫ّ‬ ‫الصك ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املقدم للترسيم‪ .‬وتتعلق هذه‬ ‫التأكد منها وإجراء الرقابة عليها قبل إدراج‬
‫الصك ّ‬
‫املقدم – احترام قاعدة االختصاص في التحرير –‬ ‫ّ‬ ‫املسائل باألساس ‪ :‬شكل‬
‫تسجيل الصك بالقباضة املالية – ّ‬
‫الرخص اإلدارية املستوجبة‪.‬‬
‫الصك ّ‬
‫املقدم للترسيم ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أ‪-‬شكل‬
‫ّ‬
‫نص الفصل ‪ 375‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬جديد ‪" 1‬تكون الصكوك من صنف الحجج الرسمية‬
‫واألحكام املقدمة للترسيم إلدارة امللكية العقارية أصوال أو نسخا‪ .‬وإذا كانت الصكوك‬
‫من صنف الحجج غير الرسمية يجب تقديمها أصوال‪".‬‬
‫ّ‬
‫املشرع ّ‬
‫يميز بين الصكوك من صنف‬ ‫ّ‬ ‫يستشف من قراءة هذا الفصل ّأن‬
‫الحجج الرسمية وبين الصكوك من صنف الحجج غير الرسمية‪.‬‬

‫‪ 1‬إثر تنقيحه بمقتضى القانون عدد ‪ 35‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ ،2001‬الرائد الرسمي عدد ‪ 91‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪،2001‬‬
‫ص ‪.992‬‬
‫‪3‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫‪-1‬الصكوك من صنف الحجج الرسمية واألحكام ‪ّ :‬‬
‫تقدم أصوال ونسخا‬
‫ّ‬
‫املشرع قد قصد‬ ‫جاءت عبارة الصكوك مطلقة فتؤخذ على إطالقها‪ .‬ويكون‬
‫ّ‬
‫املشرع للصكوك القضائية‬ ‫بها الصكوك االتفاقية واإلدارية والقضائية‪ .‬وقد أشار‬
‫فإن هذه الصكوك ّ‬
‫تقدم لإلدارة‬ ‫الصك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بعبارة أحكام‪ .‬ما ّ‬
‫يهم هنا ومهما كان نوع‬
‫أن طالب الترسيم بإمكانه أن ّ‬
‫يقدم ّإما األصل أو النسخة‪.2‬‬ ‫أصوال أو نسخا‪ .‬وهذا يعني ّ‬

‫وقد أصبح العمل بالنسخة ممكنا منذ تنقيح الفصل ‪ 375‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬سنة ‪ .2001‬لكن‬
‫ّ‬ ‫يبين ّ‬‫لم ّ‬
‫املشرع هل يتعلق األمر بتقديم نسخ مطابقة لألصل أم هل يمكن تقديم نسخ‬
‫عادية‪ .‬طرح هذا التساؤل أثناء مناقشة هذا الفصل في إطار مداوالت مجلس ّ‬
‫النواب‬
‫وكانت اإلجابة باعتماد النسخ املطابقة لألصل بالنسبة للحجج والنسخة التنفيذية‬
‫بالنسبة لألحكام‪.3‬‬
‫الرسمية ّ‬
‫تقدم أصوال ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫الصكوك من صنف الحجج غير‬
‫تعتبر حجة غير رسمية تلك التي لم يحررها مأمورا عموميا‪ ،‬وهي ما يصطلح‬
‫املشرع بالنسبة لهذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصنف من‬ ‫الحجة الخطية‪ .4‬أوجب‬ ‫عليه بالكتب الخطي أو‬
‫الصكوك ضرورة تقديم األصل يبدو هذا االختيار غر منطقي ‪:‬‬
‫‪ ‬من الوجهة القانونية ‪ :‬الفصل ‪ 47‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬يساوي بين النسخة واألصل‬

‫صل طالب الترسيم على أصل الحجّة أو أصل‬ ‫‪2‬إ ّ‬


‫ال أنّ هذا الخيار يبقى خيارا نظريا فقط وال يتماشى والواقع العملي فال يتح ّ‬
‫الحكم ليمكنه تقديمها‪ .‬بالنسبة للصكوك يتّضح من الفصول ‪ 26-12‬و‪ 28‬من القانون المتعلق بجدول اإلشهاد أنّه تسلّم للمعني‬
‫باألمر نسخة من األصل المض ّمن بدفتر العمل‪ .‬وتسلّم له في صورة األحكام النسخة التنفيذية عمال بالفصل ‪ 252‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫النواب‪ ،‬جلسة ‪ 19‬مارس ‪ ،2001‬ص ‪.1186‬‬ ‫‪ 3‬مداوالت مجلس ّ‬
‫وعرف الفقه الحجّة غير الرسميّة بأنّها "كل كتب ال تتوفّر فيه شروط الكتب الرسمي‬ ‫ّ‬ ‫‪ 4‬تراجع الفصول ‪ 443-442‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫ويكون متض ّمنا إمضاء الطرفين"‪ ،‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬النظريّة العامة للقانون‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬مجمع األطرش‬
‫لنشر وتوزيع الكتاب المختصّ ‪.2020 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫‪ ‬من الوجهة الو اقعية ‪ :‬عادة يحتفظ قابض التسجيل بأصل الصك وال‬
‫ّ‬
‫يسلم األطراف إلى نسخا‪.‬‬
‫ّ‬
‫النص‬ ‫وهذا قد يطرح إشكاال لطالب الترسيم‪ ،‬فقد تتمسك اإلدارة بحرفية‬
‫ّ‬
‫وتطلب منه األصل‪ .‬وسواء تعلق األمر بصكوك من صنف الحجج الرسمية أو غير‬
‫ّ‬
‫بالتثبت من‬ ‫الرسمية ّ‬
‫فإن إدارة امللكية العقارية مطالبة بمناسبة كل ّ‬
‫عملية ترسيم‬
‫قدم األصل إذا كان هو املستوجب أو النسخة فقط‪ .‬وقد رفضت‬ ‫الصك وفيما إذا ّ‬
‫ّ‬ ‫نوع‬
‫هذه اإلدارة ترسيم عقد بيع لعدم اإلدالء بالتوكيل بل بنسخة منه وأيدتها املحكمة‬
‫العقارية ملا طعن في هذا القرار أمامها‪ .‬وجاء بالحكم العقاري عدد ‪ 1359‬املؤرخ في‬
‫تم اإلدالء بنسخة ّ‬
‫مجردة من التوكيل املذكور مما يحول‬ ‫‪ 26‬مارس ‪" 2012‬وحيث ّأنه ّ‬
‫دون مباشرة العملية املطلوبة وذلك لوروده على غير الشكل املستوجب قانونا على‬
‫أن "الصكوك من صنف‬ ‫معنى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 375‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي تقتض ي ّ‬

‫الحجج غير الرسمية يجب تقديمها أصوال"‪.5‬‬


‫الصك ّ‬
‫املقدم للترسيم ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ب‪-‬احترام قاعدة االختصاص في تحرير‬
‫انجر عن عدم خضوع تحرير الصك ّ‬
‫ألية ضوابط من ذلك تحريره من قبل‬ ‫ّ‬
‫مختصين إلى رفض ترسيم العديد من الصكوك من قبل اإلدارة وتعالت األصوات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلقة بتحرير العقود ّ‬
‫املقدمة للترسيم‪ . 6‬وتتوقف سهولة‬ ‫بضرورة تنقيح القواعد‬
‫أو عسر التحقيق في تلك الصكوك وقبولها أو رفضها على حسن تحريرها‪ .7‬لذلك ّ‬
‫أقر‬
‫ّ‬
‫املشرع بمقتض ى القانون عدد ‪ 46‬الصادر في ‪ 4‬ماي ‪ 1992‬االختصاص في تحرير‬

‫‪ 5‬حكم غير منشور‪.‬‬


‫‪ 6‬بمناسبة ملتقى مائوية التسجيل العقاري المنعقد بكلية الحقوق بسوسة في نوفمبر ‪.1987‬‬
‫‪ 7‬حامد النقعاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪5‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫مكرر م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬


‫محرري العقود‬ ‫املشرع بالفصل ‪ّ 377‬‬ ‫الصكوك ّ‬
‫املقدمة للترسيم‪ ،‬حصر ّ‬
‫في ‪:‬‬
‫‪ ‬حافظ امللكية العقارية واملديرون الجهويون – أعوان اإلدارة املكلفون‬
‫بالتحرير‪.‬‬
‫‪ ‬عدول اإلشهاد‪.‬‬
‫‪ ‬املحامين املباشرين‪.‬‬
‫املشرع ّ‬
‫خير الجمع بين صنفين من املحررين ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّيتضح من هذه القائمة ّ‬
‫أن‬
‫‪ ‬الجهاز الخاص ‪ :‬عدول اإلشهاد – املحامين املتمرنين‪.‬‬
‫‪ ‬الجهاز العام ‪ :‬إدارة مللكية العقارية – ّ‬
‫محرري العقود لدى هذه اإلدارة‪. 8‬‬
‫املشرع قد فرض ضرورة تحرير الصك من قبل أشخاص ّ‬
‫معينين دون‬ ‫وما دام ّ‬
‫املحرر من قبل من ليست له صفة‪ّ .‬‬
‫قدم‬ ‫الصك ّ‬‫ّ‬ ‫سواهم ّ‬
‫فإن التساؤل يطرح حول مآل‬
‫مكرر جديد م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬وتعتبر الصكوك واالتفاقات‬ ‫املشرع اإلجابة بالفصل ‪ّ 377‬‬‫ّ‬
‫وأيدت محكمة التعقيب هذا التكريس‬ ‫املحررة من غير من ذكر باطلة بطالنا مطلقا"‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫أن أحكام الفصل ‪ 377‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬اقتضتها اعتبارات‬ ‫التشريعي مبرزة ّأنه "من الثابت ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقارية وكانت لذلك‬ ‫خاصة اجتماعية واقتصادية في اآلن ذاته لتعلقها بامللكية‬
‫ّ‬
‫التمسك بحكم‬ ‫صبغة النظام العام تختلجه وتتملك صميمه وهو ما ّ‬
‫يخول للمحكمة‬

‫‪ 8‬طرح جدال حول نجاعة السلك العمومي لتحرير العقود‪ ،‬وبيان لعدم جدواه من الناحية العملية‪ .‬وقوبل بالنقد لما فيه من‬
‫محررها‬
‫ّ‬ ‫مس بمبدأ حياد اإلدارة والفصل بين مسؤوليّة التحرير ومسؤولية الترسيم‪ ،‬يراجع الحبيب الشطي‪ ،‬الصكوك بين‬‫ّ‬
‫وتحريرها‪ ،‬دراسات في القانون العقاري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ – .145‬مح ّمد النّوري‪ ،‬تحرير الصكوك من خالل القانون‬
‫عدد ‪ 46‬لسنة ‪ ،1992‬مجلة دراسات قانونية عدد ‪ ،2002-9‬ص ‪.279‬‬
‫‪6‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫القانون بأحكامه من تلقاء نفسها وترتيب ما ّ‬
‫يتعين من اآلثار عند عدم مراعاتها‬
‫يؤدي وجوبا إلى ّ‬
‫النيل من ذلك النظام‪.9‬‬ ‫باعتبار ّ‬
‫أن ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويكون على إدارة ّ‬
‫الشكلية للصك أن تتأكد من‬ ‫امللكية العقارية في إطار رقابتها‬
‫فإنها ترفض الترسيم‪ .‬كما ّأن هذه اإلدارة‬‫بالنص وإال ّ‬
‫ّ‬ ‫تحرير الصك من قب من ذكر‬
‫ّ‬
‫املشرع على جزاء غياب التنصيصات الوجوبية التي يفترض‬ ‫ورغم عدم تنصيص‬
‫ّ‬
‫توفرها في الكتب‪ّ ،‬‬
‫فإنها ترفض ترسيم الكتب في صورة عدم احترام هذه التنصيصات‬
‫من قبل ّ‬
‫املحرر‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع أعفى العديد من العقود من قاعدة‬ ‫وتجدر املالحظة إلى ّ‬
‫أن‬
‫االختصاص في التحرير‪ ،‬فقد ورد بالفصل ‪ 377‬مكرر جديد في فقرته الثالثة ‪ :‬ال‬
‫تخضع ألحكام هذا الفصل ‪:‬‬
‫‪ +‬العقود التي تبرمها الدولة والجماعات املحلية‬
‫‪ +‬الرهون التي تبرمها املؤسسات البنكية واملالية‬
‫‪ +‬عقود التسويغ التي يجب إشهارها بالترسيم لالحتجاج بها على الغير وكذلك‬
‫عقود تجديده‪.‬‬
‫‪ +‬رفع ّ‬
‫الرهن‪.10‬‬
‫املحرر ّ‬
‫التقيد بموجبات التحرير والتي وردت بالفصل‬ ‫املشرع على ّ‬
‫ّ‬ ‫كما أوجب‬
‫يتبين ّ‬
‫أن هذه املوجبات ‪:‬‬ ‫‪ 377‬ثالثا م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وبالتأمل في أحكام هذا الفصل ّ‬

‫‪ 9‬القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 27780-2008‬المؤرخ في ‪ 25‬نوفمبر ‪ ،2009‬غير منشور‪.‬‬


‫المؤرخ في ‪26‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 10‬باإلضافة إلى ذلك تعفى عقود اإليجار المالي من هذه القاعدة وذلك بالفصل ‪ 12‬من القانون عدد ‪89‬‬
‫جويلية ‪ 1994‬المتعلّق باإليجار المالي‪ .‬وأيضا القانون عدد ‪ 4‬المؤرخ في ‪ 2‬فيفري ‪ 1998‬والمتعلق بشركات استخالص‬
‫الديون‪ ،‬كما تستثنى من القاعدة الصكوك المبرمة قبل دخول القانون عدد ‪ 46‬حيّز التنفيذ‪ .‬كما استبعدت من شكلية التحرير‬
‫المعتمد العقود التي تبرمها الشركة الوطنية العقارية في حق الدولة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫يتعلق بامل ّ‬
‫حرر ‪:‬‬ ‫‪ ‬منها ما‬
‫ّ‬
‫‪ +‬اإلسم ‪ ،‬اللقب‬
‫‪ +‬العنوان‬
‫‪ +‬املهنة‬
‫‪ +‬عدد بطاقة التعريف‬
‫‪ +‬التعريف باإلمضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ومنها ما يتعلق بعملية التحرير ‪:‬‬
‫‪ +‬االطالع على رسم امللكية‬
‫‪ +‬إعالم األطراف بالحالة القانونية للرسم قبل التحرير‬
‫‪ +‬االعتماد على البيانات الواردة برسم امللكية عند التحرير‪.‬‬
‫ّ‬
‫التأكد عند إجراء رقابتها على الصك ّ‬
‫املقدم‬ ‫وبالتالي على إدارة امللكية العقارية‬
‫للترسيم من تحرير الصك من قبل شخص من األشخاص املعنيين مع مراعاة‬
‫اإلعفاءات املوجودة – احترام موجبات تحرير العقد‪ .‬وإذا ما ّ‬
‫تبين لإلدارة عدم احترام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومخالفة القواعد املتعلقة بالتحرير سواء تعلقت باألشخاص أو بالبيانات الواجب‬
‫فإن من حقها‪ ،‬بل من واجبها رفض ترسيم الصك ّ‬
‫املقدم لها في إطار‬ ‫تضمينها في العقد ّ‬
‫ّ‬
‫الشرعية‪.‬‬ ‫الصالحيات ّ‬
‫املخولة لها طبقا ملبدأ‬

‫‪8‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬
‫الصك بالقباضة املالية ‪:‬‬ ‫ج‪ -‬مر اقبة إمضاءات األطراف وتسجيل‬
‫‪-1‬إمضاءات األطراف في العقود ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ينص الفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" : .‬إمضاءات األطراف املوضوعة أسفل الكتائب‬
‫غير الحجج الرسمية يجب أن تكون معرفا بها قبل تقديمها من طرف إحدى السلط‬
‫التالية‪ :‬رؤساء املحاكم االبتدائية وحكام النواحي‪ ،‬الوالة ومعتمديهم‪ ،‬رؤساء‬
‫البلديات‪ ،‬مدير امللكية العقارية‪ّ "...‬يتضح من هذه املقتضيات ضرورة التعريف‬
‫بإمضاءات األطراف‪ّ 11‬‬
‫ليتم قبول الترسيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫التحقق‬ ‫وبالتالي على إدارة امللكية العقارية أثناء مباشرتها ترسيم الصك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصك وتحريره من طرف مختص التأكد من وجود إمضاءات‬ ‫باإلضافة إلى شكل‬
‫أطراف العقد والتعريف بها لدى السلط املختصة التي ّ‬
‫حددها الفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫ويجب التمييز بين ‪:‬‬
‫‪-‬الحجج الرسمية ‪ :‬في هذه الحالة ّ‬
‫البد من التحقق من حصول إمضاء عدل‬
‫اإلشهاد من طرف وكيل الجمهورية بالدائرة التي بها ّ‬
‫مقر انتصابه طبق الفصل ‪19‬‬
‫من قانون عدول اإلشهاد‪.‬‬
‫الرسمية ‪ّ :‬‬
‫البد من التفريق هنا بين ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬الحجج غير‬
‫ّ‬
‫املحررة قبل القانون عدد ‪ 103‬املؤرخ في ‪ 1‬أوت ‪12 1994‬‬ ‫‪ ‬الكتائب‬
‫تخضع للفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬أي ّ‬
‫أن التعريف باإلمضاء فيها ّ‬
‫يتم من قبل الهيئات‬
‫املذكورة بالفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ 11‬في المادة المدنية‪ ،‬ليس لإلمضاء من أثر سوى إثبات تاريخ الكتب الخطي‪ ،‬يراجع الفصل ‪ 450‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ 12‬القانون عدد ‪ 103‬المؤرخ في ‪ 1‬أوت ‪ 1994‬المتعلق بتنظيم التعريف باإلمضاء واإلشهاد بمطابقة النسخ لألصل والمت ّمم‬
‫بالقانون عدد ‪ 19‬لسنة ‪ 1999‬المؤرخ في ‪ 1‬مارس ‪.1999‬‬
‫‪9‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪‬الكتائب ّ‬
‫املحررة بعد القانون عدد ‪ 103‬املؤرخ في ‪ 1‬أوت ‪  1994‬تخضع‬
‫ملقتضيات الفصل األول من هذا القانون‪.13‬‬
‫ّ‬ ‫ويفرض ّ‬
‫املشرع إجراءات خاصة في التعريف باإلمضاء‪ ،‬إذا تعلق األمر خاصة‪:‬‬
‫بشخص أمي – شخص معاق – شخص لم ّ‬
‫يعرف بإمضائه‪.‬‬
‫ّ‬
‫*األمي ‪ :‬يمكن بالرجوع إلى الفصلين ‪ 454‬م‪.‬إ‪.‬ع‪ 14 .‬و‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ 15.‬تعريف‬
‫األمي ّ‬
‫ّ‬
‫بأنه – الشخص الذي ال يحسن الكتابة وهو غير قادر على اإلمضاء أو ال‬
‫يحسنه‪.-‬‬
‫ّ‬
‫املشرع إجراءات خاصة لقيام التزامه بالفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي‬ ‫وقد ّ‬
‫حدد‬
‫ّ‬
‫نص "وإذا كان األطراف غير قادرين على اإلمضاء أوال يحسنونه تجب تالوة الكتب‬
‫ّ‬
‫ويتمتع بأهلية‬ ‫عليهم لدى إحدى السلط املذكورة بمحضر شاهد يحسن اإلمضاء‬
‫هويتهم ثبتت لديها طبق‬ ‫بأنها تعرف األطراف ّ‬
‫وأن ّ‬ ‫املختصة ّ‬
‫ّ‬ ‫التعاقد وتشهد السلطة‬
‫ّ‬
‫التشريع الجاري به العمل"‪ .16‬وفي نفس االتجاه أكدت محكمة التعقيب في القرار‬
‫أن تحرير عقد دون‬‫التعقيبي املدني عدد ‪ 65321-2011‬املؤرخ في ‪ 23‬فيفري ‪ّ 2012‬‬

‫احترام موجبات الفصل ‪ 454‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ال يضفي الشرعية وال يصحح الخلل الذي أصاب‬
‫أن الديوان الوطني للملكية العقارية كما أصبح ّ‬
‫يسمى‬ ‫تحرير العقد‪ .17‬وهذا يعني ّ‬

‫‪ 13‬جاء بالفصل األول من هذا القانون‪ ،‬تختصّ السلط التالية بالتعريف بإمضاء الخواص ‪ :‬الوالة – رؤساء البلديات –‬
‫وكواهي رؤساء البلديات ورؤساء الدوائر داخل المناطق البلدية‪.‬‬
‫‪ 14‬نصّ الفصل ‪ 454‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ ..." .‬األ ّمي الذي ال يحسن الكتابة‪."...‬‬
‫‪ 15‬ورد بالفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬وإذا كان األطراف غير قادرين على اإلمضاء أو ال يحسنونه"‪.‬‬
‫‪ 16‬نص الفصل ‪ 454‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬في نفس اإلطار "التزام األ ّمي ال يمضي حتى يتلقاه عدول أو غيرهم من المأمورين العموميين‬
‫المأذونين في ذلك"‪.‬‬
‫‪ 17‬مبادئ القرارات‪ ،‬األخبار القانونية‪ ،‬أفريل ‪ ،2012‬ص ‪.13‬‬
‫‪10‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصك ملقتضيات‬ ‫التحقق من مطابقة‬ ‫مطالب إذا تعلق األمر بالتزام شخص ّأمي من‬
‫الفصل ‪ 378‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬كما عليها ّ‬
‫التثبت من صفة املمض ي ومدى ّ‬
‫أهليته لإلمضاء‪.18‬‬
‫*الشخص املعاق ‪ :‬أضيفت بمقتض ى القانون عدد ‪ 19 66‬املؤرخ في ‪ 3‬نوفمبر‬
‫‪ 2008‬فقرة ثانية من العدد ‪ 6‬من الفصل الثالث من القانون عدد ‪ 103‬لسنة ‪1994‬‬
‫متصلة ّ‬
‫بالسمع‬ ‫املعرف بإمضائه حامال إلعاقة كبيرة ّ‬
‫ورد بها "إذا كان الشخص ّ‬
‫والنطق أو البصر أو ما شابهها ّ‬
‫فإنه ّ‬
‫يتم تحرير محضر تالوة بمحضر شاهد يحسن‬
‫ّ‬
‫ويتمتع بأهلية التعاقد يختاره املتعاقد الحامل لإلعاقة ثم تمض ي السلطة‬ ‫اإلمضاء‬
‫ّ‬
‫املختصة محضر التالوة مع الشاهد‪.‬‬
‫*الشخص الذي لم ّ‬
‫يعرف بإمضائه ‪ :‬وهو الشخص الذي أمض ى بالكتب‬
‫يعرف بإمضائه بسبب وفاته مثال أو أصبح مجهول ّ‬
‫لكنه لم ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطي ّ‬
‫املقر جاء الحل‬
‫قبل صدور مجلة الحقوق العينية في أمر صدر في ‪ 8‬فيفري ‪ 1928‬املتعلق بالتعريف‬
‫باإلمضاءات والذي أوجب حضور شاهدين يشهدان ّ‬
‫بأن اإلمضاء املوضوع أسفل‬
‫العقد هو إمضاء املعني باألمر ثم يمضيان ّ‬
‫ويعرفان بإمضائهما‪ .‬ألغي هذا األمر‬
‫بالقانون عدد ‪ 103‬سابق الذكر‪ .‬لكن هذا القانون الجديد لم يضع حال ملثل هذا‬
‫اإلشكال والذي قد يحدث‪.‬‬
‫ّ‬
‫الصك بالقباضة املالية ‪:‬‬ ‫‪-2‬تسجيل‬
‫ّ‬ ‫يعرف التسجيل ّ‬
‫بأنه "إجراء شكلي يتمثل في قيام موظف عمومي وهو‬
‫صك بسجل ّ‬
‫معد للغرض وهذا اإلجراء يصحبه عادة قبض أداء‬ ‫القابض بتسجيل ّ‬

‫‪ 18‬تعتبر الرقابة على إمضاءات األطراف من الضّمانات الها ّمة المتوفّرة للغير ألنّها تحول دون إمكانية التّدليس أو التزوير‬
‫الذي يستعمله أحد األطراف للتحيّل تجاه الغير‪.‬‬
‫‪ 19‬المتعلق بتيسير المعامالت لألشخاص الحاملين إلعاقة عضوية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫ويسمى معلوم التسجيل"‪ .20‬فإذا كان الصك من الصكوك املستوجبة للتسجيل طبقا‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجلة التسجيل والطابع الجبائي‪ ،‬فال ّبد من استيفاء الشكلية وإال ّ‬
‫فإن اإلدارة‬ ‫ألحكام‬
‫من حقها بل من واجبها رفض الترسيم‪ ،‬جاء بالحكم العقاري عدد ‪ 78‬املؤرخ في ‪22‬‬
‫أن الطاعن لم يستكمل الوثائق الناقصة كما ّأنه لم‬ ‫تبين ّ‬
‫فيفري ‪" 1997‬حيث ّ‬
‫يستجب لضرورة تسجيل الكتب بالقباضة املالية‪ ،‬وتبعا لذلك ّ‬
‫فإن القرار الصادر‬
‫بالرفض في مكانه"‪.‬‬
‫د‪-‬رقابة وجود الرخصة الدارية املستوجبة ‪:‬‬
‫يعد الترخيص اإلداري شرطا ضروريا وأساسيا ّ‬
‫لصحة بعض العمليات فال‬ ‫ّ‬

‫الرخص إلى رخص متعلقة‬ ‫تتنوع هذه ّ‬ ‫شرعية لعقد دون تلك الرخصة‪ّ . 21‬‬
‫ّ‬
‫باألشخاص‪ ،‬وأخرى متعلقة بالعقار‪.‬‬
‫املتعلقة باألشخاص فهي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّأما ّ‬
‫متنوعة منها رخصة وزير أمالك الدولة‬ ‫الرخص‬
‫والشؤون العقارية‪ ،22‬رخصة البنك املركزي‪ .23‬لكن تبقى رخصة الوالي ّ‬
‫أهمها على‬
‫اإلطالق وقد ّ‬
‫مرت هذه الرخصة بمراحل ‪:‬‬
‫‪ -‬وقع تكريسها بمقتض ى أمر ‪ 4‬جوان ‪ 24 1957‬وفرضتا في العمليات العقارية‬
‫التي يكون فيها الطرفان (البائع واملشتري) تونسيان أو تونس ي وأجنبي‪.‬‬

‫‪ 20‬للتسجيل بالقباضة المالية وظيفتان – األولى‪ ،‬جبائية وتهدف إلى توفير دخل للدولة الثانية مدنية‪ ،‬تتمثل في أنّ التسجيل‬
‫قوة االحتجاج به على الغير‪ .‬يراجع الفصل ‪ 581‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬الذي أوجب تسجيل الصك‬ ‫يكسي الصك تاريخا ثابتا ويضفي عليه ّ‬
‫بالقباضة المالية إذا تعلّق األمر بعقار غير مسجّل وذلك لالحتجاج به على الغير‪.‬‬
‫‪ 21‬الطاهر بولعابة الفاطمي‪ ،‬الوعد بالبيع ورخصة الوالية في العمليات العقارية‪ ،‬ق‪.‬ت‪ ،1972 .‬عدد ‪ ،4‬ص ‪7‬‬
‫‪ 22‬هذه الرخصة جاءت تدعيما لرخصة الوالي بمقتضى القانون عدد ‪ 20‬المؤرخ في ‪ 3‬فيفري ‪.1992‬‬
‫‪ 23‬هذه الرخصة مستوجبة إذا كان طالب الترسيم شخصا أجنبيا غير مقيم‪ ،‬يراجع محمد فريد بن تنفوس‪ ،‬العمليات العقارية‬
‫ورخصة البنك المركزي‪ ،‬ملتقى التراخيص اإلدارية‪.‬‬
‫‪ 24‬رائد رسمي‪ ،‬عدد ‪ 46‬مؤرخ في ‪ 7‬جوان ‪ ، 1957‬ص ‪.690‬‬
‫‪12‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫‪ -‬وقع بمقتض ى مرسوم مؤرخ في ‪ 21‬سبتمبر ‪ 25 1977‬إعفاء التونسيين من‬


‫الرخصة ‪ +‬تواصل العمل بها عند وجود طرف أجنبي في العملية‪.‬‬
‫‪ : N.B.‬العديد من العمليات العقارية التي أبرمت بعد أمر ‪ 4‬جوان ‪1957‬‬
‫وقبل مرسوم ‪ 21‬سبتمبر ‪ 1999‬كانت دون رخصة ‪ ‬هل ّ‬
‫تعد باطلة أم ّ‬
‫صححها‬
‫ّ‬
‫املشرع بإصداره مرسوم ‪.1977‬‬
‫‪ +‬فقه القضاء ‪ :‬تأرجح في موقفه بين اإلبطال والتصحيح‪.‬‬
‫‪ +‬إدارة امللكية العقارية ‪ :‬رفض ترسيم العقود الخالية من الرخصة‪.‬‬
‫لكن بمقتض ى القانون عدد ‪ 38‬الصادر في ‪ 27‬أفريل ‪ 1992‬واملتعلق‬
‫بالعمليات العقارية ّ‬
‫نص على سريان أحكام مرسوم ‪ 1977‬على العقود املبرمة قبل‬
‫تاريخ صدوره‪ ،‬لكن بشرط عدم صدور أحكام باتة‪ .26‬إضافة إلى ذلك توجد رخص‬
‫ّ‬
‫متعلقة بالعقار‪.27‬‬
‫يحمل على الديوان الوطني للملكية العقارية التثبت من وجود ّ‬
‫الرخصة‬
‫اإلدارية املستوجبة وفي حال غياب هذه الرخصة ّ‬
‫فإنه إضافة إلى الجزاء األصلي وهو‬
‫الرخصة‪ُ ،‬يرفض ترسيم العقد‪ ،‬وهذا الجزاء التدعيمي‬
‫التصرف الخالي من ّ‬
‫ّ‬ ‫بطالن‬
‫الهدف منه فرض محاصرة الحقة للعقد املخالف للقانون‪ .‬لكن يجب على اإلدارة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التأكد قبل رفضها الترسيم من عدم خضوع تلك الرخصة لالستثناء املتمثل في إعفاء‬
‫بعض األشخاص وبعض العمليات من الرخصة‪ ،‬من ذلك مثال األجانب الذين ترتبط‬

‫‪ 25‬رائد رسمي‪ ،‬عدد ‪ 63‬مؤرخ في ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1977‬ص ‪.2707‬‬


‫‪ 26‬وهو ما يس ّمى بالتصحيح التشريعي للعقود الباطلة‪.‬‬
‫‪ 27‬من بينها رخصة وزير الفالحة ووزير أمالك الدولة الخاصة بعمليات التفويت في األراضي الدولية ذات الصبغة الفالحية‬
‫إلى الخواص – بشأن باقي الرخص‪ ،‬محرزية الحجري‪ ،‬مبدأ شرعيّة الترسيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪13‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫تمكنهم من امتالك العقارات دون ترخيص ّ‬
‫مسبق من‬ ‫بالدهم مع تونس باتفاقيات‬
‫الوالي‪.28‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬رقابة املضمون‬
‫ّ‬
‫تتعلق هذه الرقابة باألساس بـ ‪:‬‬
‫‪ +‬موضوع العملية العقارية‬
‫ّ‬
‫الصك‪.‬‬ ‫‪ +‬أطراف‬

‫أ‪-‬موضوع العملية العقارية ‪:‬‬


‫معرف الرسم العقاري – سند ّ‬
‫امللكية‬ ‫تتأكد اإلدارة في هذا املستوى من وجود ّ‬
‫– احترام مبدأ التسلسل ّ‬
‫وصحة العملية العقارية‪.‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫معرف الرسم العقاري ‪:‬‬
‫الصك ّ‬
‫املقدم للترسيم‬ ‫ّ‬ ‫اقتض ى الفصل ‪ 377‬جديد م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬على ضرورة تضمن‬
‫معرف الرسم العقاري ويكون غياب التنصيص عليه ّ‬
‫مبررا لرفض الترسيم من اإلدارة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫وأحيانا ّ‬
‫تؤيدها املحكمة العقارية في هذا التمش ي من ذلك الحكم العقاري عدد ‪89‬‬
‫الصادر في ‪ 31‬ماي ‪ .29 1997‬لكن يالحظ بعد ذلك الحكم صدور أحكام أخرى‬
‫تجاوزت فيها املحكمة غياب التنصيص على ّ‬
‫معرف الرسم العقاري ولم تجانب اإلدارة‬
‫ّ‬
‫معللة رأيها بالقول "ال ّ‬
‫يعد عدم ذكر الرسم العقاري من األخطاء‬ ‫في رفضها الترسيم‬

‫‪ 28‬يراجع مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬تطبيق اتفاقيات اإلقامة المبرمة بين تونس والدول المغاربية‪ ،‬إلى أين ؟ مجلة المحاماة‪،‬‬
‫‪ ،2012‬عدد ‪ ،4‬ص ‪.109‬‬
‫‪ 29‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬
‫فبمجرد وضع العقد في تطابق مع بيانات الرسم‬ ‫الفادحة التي تحول دون الترسيم‬
‫العقاري يثبت ّ‬
‫وأن موضوع العقد يهم الرسم"‪.30‬‬
‫‪-2‬سند امللكية ‪:‬‬
‫نص عليها‬ ‫ّ‬
‫مسجل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫شخصية لكل مالك في عقار‬ ‫هي عبارة عن وثيقة تملك‬
‫الفصل ‪ 364‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .31.‬ويجب تقديم هذا السند لإلدارة بمناسبة علمية الترسيم وإال‬
‫ّ‬
‫فإن هذه اإلدارة يمكنها أن ترفض الترسيم‪ .‬من ذلك مثال رفض إدارة امللكية العقارية‬
‫إدراج عملية بيع لعدم اإلدالء بسند امللكية وهو ما ّأيدتها فيه املحكمة العقارية في‬
‫مؤكدة ّ‬ ‫‪ّ 32‬‬
‫أن إدراج وعد بالبيع بالرسم‬ ‫الطعن عدد ‪ 862‬املؤرخ في ‪ 24‬جانفي ‪2005‬‬
‫العقاري املسلم فيه سند يقتض ي ضرورة اإلدالء بذلك السند حتى ّ‬
‫يتم تحيينه طبقا‬
‫للمعطيات الجديدة‪.‬‬
‫‪-3‬احترام مبدأ تسلسل الترسيمات ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ينص عليه الفصل ‪ 392‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬في فقرته الثانية والثالثة‪" ،‬على أن ال يقع‬
‫عدة نقل أو اتفاقات متوالية ّ‬
‫فإن‬ ‫ترسيم هذا الحق إال إذا كان الحق العيني موضوع ّ‬

‫النقل أو االتفاق األخير ال يقع ترسيمه قبل ترسيم ما سبقه من نقل واتفاقات"‪.‬‬
‫يرتكز نظام اإلشهار العقاري على مبدأ تسلسل الترسيمات الذي يعني ّأنه ال يمكن‬
‫ّ‬
‫ترسيم حق إال إذا كان منجرا مباشرة من املالك الذي سبق ترسيمه لحقه وطالب‬
‫ّ‬ ‫الترسيم عليه إثبات العالقة التي تربط بين آخر مالك ّ‬
‫مرسم والشخص الذي يريد‬

‫‪ 30‬الحكم العقاري عدد ‪ 809‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر ‪ ،2003‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ 31‬نقح الفصل ‪ 364‬بالقانون عدد ‪ 10‬المؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ .1995‬وأصبح ينص "يسلم لكل مالك سند مطابق للبيانات‬
‫الثابتة بالرسم العقاري‪."...‬‬
‫‪ 32‬حكم عقاري غير منشور‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫الحصول على ترسيم جديد‪ .33‬وإذا وجدت اإلدارة عند تحقيقها في مطلب الترسيم ّ‬
‫أن‬
‫مبدأ التسلسل مفقود ّ‬
‫فإنها ترفض الترسيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫التحقق من ّ‬
‫صحة العملية العقارية ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ّ‬ ‫تباشر إدارة امللكية العقارية رقابتها على الصح ّ‬
‫املقدم للترسيم لتتأكد من‬
‫ّ‬ ‫صحة العملية املطلوبة‪ ،‬لكن نقاط ّ‬ ‫ّ‬
‫التثبت تختلف من عقد آلخر‪ .‬فإذا تعلق األمر‬
‫بعقد بيع فعليها إضافة إلى ّ‬
‫التثبت من مدى احترام مقتضيات الفصل ‪ 377‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫املتعلق بتحرير العقد عليها ّ‬
‫التثبت من وجود الثمن الذي يعد ركنا جوهريا على‬
‫ّ‬ ‫تبين ّ‬
‫يكيف العقد بالبيع‪ .‬وإذا ّ‬
‫أساسه ّ‬
‫أن العقد لم يذكر فيه الثمن فعليها رفض‬
‫الترسيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪-‬التحقيق املتعلق بأطراف الصك ‪:‬‬
‫جاء بالفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬يتحقق مدير امللكية العقارية من هوية األطراف‬
‫صحة الوثائق املدلى بها تأييدا ملطلب الترسم"‪ّ .‬يتضح من هذا الفصل‬
‫وأهليتهم ومن ّ‬
‫ّ‬
‫أن اإلدارة ملزمة بالتحقق من ّ‬
‫هوية األطراف وأهليتهم‪ .‬إضافة إلى ذلك إذا لم يقدم‬
‫ّ‬
‫مطلب الترسيم من قبل الطرف املعني مباشرة‪ ،‬فعلى اإلدارة التأكد من صفة الطرف‬
‫ّ‬
‫املقدم للصك‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪Charfeddine Mohamed Kamel, Les droits des tiers et les actes translatifs de propriété‬‬
‫‪immobilière, Thèse de doctorat en droit privé, 1990-1991, p. 133.‬‬
‫‪16‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫‪-1‬التحقيق في ّ‬
‫هوية األطراف ‪:‬‬
‫ّ‬
‫بالهوية وال عناصرها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املشرع في الفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬املقصود‬ ‫لم يوضح‬
‫ويمكن بالرجوع إلى الفصل ‪ 377‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي اقتض ى يجب أن يحتوي الصك ّ‬
‫املقدم‬
‫للترسيم على ما يلي ‪:‬‬
‫ّ‬
‫يتعلق بأطراف الصك ّ‬
‫يبين ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬في ما‬
‫‪-‬بالنسبة إلى الشخص الطبيعي ‪ّ :‬‬
‫هويته كما وردت بمضمون حالته ّ‬
‫املدنية أو‬
‫ّ‬
‫وجنسيته‪.‬‬ ‫ببطاقة التعريف الوطنية وحرفته ّ‬
‫ومقره‬
‫‪-‬بالنسبة إلى الشخص املعنوي‪ ،‬اسمه‪ّ ،‬‬
‫مقره االجتماعي وشكله القانوني‬
‫ّ‬
‫وهوية ممثله القانوني وعدد الترسيم بالسجل التجاري إن كان شركة وتاريخ التصريح‬
‫يسهل ّ‬
‫التعرف عليه إن كان جمعية‪.‬‬ ‫بالتكوين وعدد التأشيرة وكل بيان آخر ّ‬

‫الهوية والتي تختلف من الشخص‬ ‫املشرع ّ‬


‫حدد عناصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمكن القول ّ‬
‫بأن‬
‫الطبيعي إلى الشخص املعنوي‪.‬‬
‫*الشخص الطبيعي‪ ،‬يقدم الفصل ‪ 377‬جديد م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬عديد التنصيصات‬
‫الواجب ذكرها للتعريف ّ‬
‫بهوية الشخص الطبيعي‪ ،‬وتكمن القائدة منها في تيسير‬
‫مراقبة الصك ومباشرة التحقيقات الشرعية من اإلدارة وتتمثل هذه التنصيصات‬
‫في‪:‬‬
‫‪ -‬السم واللقب ‪ :‬من خاللهما يقع ّ‬
‫التعرف على كل متداخل في العملية بائع‬
‫– مشتري‪ ،‬واهب‪ ،‬موهوب له‪ .... ،‬وعند غيابهما لإلدارة رفض الترسيم‪ ،‬لكن املحكمة‬
‫العقارية ترى إمكانية تجاوز غيابهما‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪ -‬الحرفة ‪ّ :‬‬
‫أهمية الحرفة تكمن في التحقق في الحجر املضروب على بعض‬
‫األشخاص بحكم مهنهم من عدم إبرام عقود وبالتالي تتثبت اإلدارة من عدم خضوع‬
‫الشخص املعني للحجر‪.‬‬
‫‪ -‬الجنسية‪ :‬ييسر هذا البيان خضوع الصك املطلوب إشهاره ترخيص إداري‬
‫إذا كان أحد أطراف الصك أجنبيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املقر ‪ :‬يمكن اإلدارة من االتصال بأصحاب الحقوق لتسوية بعض‬ ‫‪-‬‬
‫الوضعيات‪.‬‬
‫ّ‬
‫*الشخص املعنوي ‪ :‬ما دامت هذه الذوات تتمتع بذمة مالية فإنه من حقها‬
‫اكتساب الحقوق وإكسابها ومنها الحقوق العينية وهي مدعوة لترسيمها وعليها تقديم‬
‫الوثائق املثبتة ّ‬
‫لهويتها‪.‬‬
‫‪ -‬السم ‪ :‬لكل شركة اسم تعرف به وقد ّ‬
‫يعبر عن نشاط الشركة وقد يرمز إلى‬
‫هوية شركات األشخاص تعرف باالسم الجماعي ‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫املقر االجتماعي ‪ :‬تكمن الغاية من وراء هذا التنصيص في تطبيق تراتيب‬
‫العرف‪ ،‬ومقر الشركة التجاري يقع بمركزها الرئيس ي وهو املحل الذي به اإلدارة‬
‫الفعلية للشركة‪.‬‬
‫‪ -‬الشكل القانوني ‪ :‬يختلف الشكل القانوني للشركة‪ 34‬وباختالفه تختلف‬
‫ّ‬
‫القواعد املنظمة لكل صنف من الشركات‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع بموجب تنقيح الفصل ‪ 377‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬سنة‬ ‫ص عليه‬ ‫ّ‬
‫الجنسية ‪ :‬ن ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪ 34‬فقد تكون شركة مفاوضة‪ ،‬شركة مقارضة‪ ،‬شركة ذات مسؤولية محدودة‪ ،‬شركة خفية اإلسم‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫هوية املمثل القانوني ‪ّ :‬‬
‫البد من ذكر ّ‬
‫هويته كاملة باعتباره هو الذي يلزم‬ ‫‪ّ -‬‬

‫الشخص املعنوي‪.‬‬
‫‪ -2‬التحقيق في أهلية األطراف ‪:‬‬
‫يلزم الفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬املراقب من التحقق من أهلية األطراف املبرمة‬
‫الصك ّ‬
‫املقدم لها‬ ‫ّ‬ ‫للصك املقدم للترسيم‪ ،‬ولتتعرف اإلدارة على الراشد من القاصر في‬
‫عليها إجراء مقارنة بين تاريخ الوالدة وتاريخ إبرام العقد‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-3‬التحقيق املتعلق بصفات األطراف ‪:‬‬
‫يقدم مطلب الترسيم في بعض األحيان ال من قبل الشخص املعني مباشرة بل‬ ‫ّ‬
‫مفوض أو ولي وفي كل هذه الحاالت تلزم اإلدارة من ّ‬
‫التثبت من وجود‬ ‫من قبل وكيل أو ّ‬
‫ّ‬
‫بالتعرف في حق الغير‪.‬‬ ‫التوكيل أو التفويض أو اإلذن‬
‫ّ‬
‫املشرع بالفصل ‪ 1104‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .35 .‬وإذا كان الوكيل هو الذي‬ ‫*التوكيل ‪ّ :‬‬
‫عرفه‬
‫يقوم باملطالبة بالترسيم بإدراج صكا بنفس الرسم فال يشترط اإلدالء بالتوكيل‬
‫مرة واحدة فقط لكن بشرط التنصيص عليه‬ ‫بمناسبة كل عملية ترسيم‪ ،‬بل يكفي ّ‬
‫ّ‬
‫بالصك وبيان تاريخه‪ .‬ويكون من حق اإلدارة رفض الترسيم في صورة عدم اإلدالء‬
‫ّ ّ‬
‫تم الطعن في قرارها ّأيدت‬ ‫بالتوكيل‪ .‬وفعال هذا ما حصل في إحدى املرات‪ ،‬وملا‬
‫أن التضارب على مستوى‬ ‫املحكمة العقارية قرار الرفض وجاء بالحكم ‪" :‬وحيث ّ‬
‫يعد مانعا قانونيا للترسيم ّ‬
‫ويتجه إجراء‬ ‫مراجع التسجيل على الحق املذكور أعاله ّ‬
‫ّ‬
‫أبحاث للتأكد من صحة التوكيل املذكور وهذا يتجاوز صالحيات إدارة امللكية‬
‫العقارية فيكون قرارها بالرفض في طريقه‪.36‬‬

‫المنوب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 35‬الذي ينصّ ‪ :‬الوكالة عقد يكلف به شخص شخصا آخر بإجراء عمل حائز في ّ‬
‫حق‬
‫‪ 36‬الحكم العقاري عدد ‪ 1317‬المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ ، 2011‬غير منشور‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يتم اللجوء إلى التفويض لتسهيل عمل الجمعيات أو الشركات‪.‬‬ ‫*التفويض ‪:‬‬
‫ويتم التنصيص على التفويض إن وجد ضمن بنود القانون األساس ي للشركة أو‬ ‫ّ‬
‫الجمعية‪ .‬ويبقى من ّ‬
‫حق اإلدارة رفض الترسيم إذا ّ‬
‫تم اإلدالء بما يثبت هذا التفويض‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالتصرف في حق الغير ‪ :‬ال يكفي إلدراج عملية صادرة في حق عديمي‬ ‫*الذن‬
‫ّ‬
‫بالتصرف‬ ‫ّ‬
‫األهلية أو املحجور عليهم إثبات التقدير أو الوالية‪ ،‬بل يجب مع ذلك اإلذن‬
‫أن ّ‬
‫الولي ال يمكنه إبرام تلك‬ ‫ينص عليه الفصل ‪ 15‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ 37.‬مما يعني ّ‬ ‫من ذلك ما ّ‬
‫العقود إال بعد الحصول على إذن من القاض ي‪ .‬ويرجع وجوب تقدير اإلذن لتقف‬
‫ّ‬
‫للمقدم بموجب ذلك اإلذن‪.‬‬ ‫اإلدارة على الصالحيات ّ‬
‫املخولة‬
‫ّ‬ ‫بناء على ما سبق في هذ املبحث يستنتج ّ‬
‫أن إدارة امللكية العقارية هي املكلفة‬
‫حددها‬‫وأن نقاط أو عناصر الرقابة ّ‬ ‫املقدمة للترسيم ّ‬
‫بإجراء الرقابة على الصكوك ّ‬

‫مكرر و‪ 377‬ثالثا‪ 389 ،‬و‪ 390‬و‪ 392‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وقد‬‫املشرع خاصة بالفصول ‪ 377‬و‪ّ 377‬‬
‫ّ‬
‫يتساءل البعض في ّ‬
‫ظل التحقيقات الواسعة التي تتوالها اإلدارة عن طبيعة ّ‬
‫الرقابة‬
‫أن هذه‬‫بصحة العقود وبالتالي تتجاور املسائل الشكلية‪ ،‬أم ّ‬
‫ّ‬ ‫فهل من شأنها ّ‬
‫املس‬
‫التثبت القانوني‪.‬‬ ‫الرقابة مهما ّ‬
‫امتدت ال تتجاوز ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 37‬جاء بالفصل ‪ 15‬م‪.‬ا‪.‬ع‪" : .‬األب المدير لكسب ابنه الصغير أو السفيه والولي وكل مدير لكسب بوجه قانوني ليس لهم أن‬
‫يتصرفوا فيما هو موكول لنظرهم بمثل بيع ومعاوضة وكراء – وغير ذلك إالّ بإذن خاص من القاضي المختص وال يعطى‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلذن إال عند الضرورة والمصلحة الواضحة‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬طبيعة ّ‬
‫الرقابة‬
‫ّ‬
‫الشرعية في كل من نظام الشهر العيني ونظام الشهر‬ ‫وقع إقرار مبدأ‬
‫الشخص ي‪ ،‬لكن نوعية الرقابة التي يرتبها هذا املبدأ تختف من بلد إلى آخر ويوجد‬
‫نظامان ‪:‬‬
‫• نظام ّ‬
‫التثبت الشخص ي ‪:‬‬
‫‪ ‬يفرض رقابة مزدوجة للصك ّ‬
‫املقدم للترسيم أي رقابة تهم الشكل واألصل‬
‫معا ‪:‬‬
‫‪ ‬معمولة في أستراليا‪.‬‬

‫• نظام التبريرالقانوني‬
‫بالتثبت من ّ‬
‫عدة نقاط شكلية وهذه النقاط‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬يقصد به ّ‬
‫أن اإلدارة تكتفي‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫عادة ما تكون ّ‬
‫محددة حصريا من قبل‬
‫‪ ‬يعود هذا النظام للقانون الروس ي الذي يحصر الرقابة في بعض العناصر‬
‫الشكلية‪.‬‬
‫كفة النظام‬‫التثبت الشخص ي أم هل يرجح ّ‬
‫فهل يتبع القانون التونس ي نظام ّ‬
‫عدة معطيات القول ّ‬
‫بأن القانون التونس ي يميل إلى‬ ‫التبرير القانوني‪ ،‬يمكن بناء على ّ‬
‫نظام ّ‬
‫التثبت القانوني‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع لنقاط الرقابة ولعناصر التحقق‪.‬‬ ‫‪ -‬املعطى األول ‪ :‬تحديد‬
‫‪ -‬املعطى الثاني ‪ّ :‬‬
‫القوة الثبوتية للترسيم‬
‫‪ -‬املعطى الثالث ‪ :‬الفهم الخاطئ للرقابة من قبل اإلدارة‬

‫‪21‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫املس من ّ‬
‫صحة العقود‪.‬‬ ‫‪ -‬املعطى الرابع ‪ :‬اإلدارة ال يمكنها ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع لنقاط الرقابة ولعناصرالرقابة ‪:‬‬ ‫‪ -‬املعطى األول ‪ :‬تحديد‬
‫املشرع هو الذي ّ‬
‫يحدد الحقوق املعنية‬ ‫ّ‬ ‫ّاتضح لنا بدراسة نطاق الرقابة ّ‬
‫أن‬
‫باإلشهار عن طريق الترسيم‪ ،‬واملسائل الخاضعة للقيد االحتياطي‪ .‬وهذا يعني ّ‬
‫أن‬
‫اإلدارة ال يمكنها ترسيم حقوق لم يرد ذكرها بنص القانون‪ .‬وال يمكنها مباشرة قيد‬
‫ّ‬
‫املشرع‪ .‬أيضا ال يمكنها مباشرة تنصيص لم‬ ‫احتياطي ملسائل لم يقع ذكرها من قبل‬
‫ّ‬
‫املشرع‪.‬‬ ‫يشر إليه‬
‫ّ‬
‫يتعلق بعناصر الرقابة فقد ّ‬ ‫ّ‬
‫تبين بعد الوقوف على هذه العناصر‬ ‫وأما فيما‬
‫ّأنها محددة بالنصوص القانونية وهو ما يعني ّ‬
‫أن إدارة امللكية العقارية وأثناء قيامها‬
‫بالرقابة على الصكوك ال يمكنها بسط رقابتها إلى عناصر لم يرد ذكرها بالنصوص‪.‬‬
‫كرسه‬ ‫لكن من جهة أخرى‪ ،‬على هذه اإلدارة عدم إغفال ّ‬
‫أي عنصر تحقيق ّ‬
‫الرقابة‬ ‫املشرع وهو ما يفهم منه ّ‬
‫أن عناصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع وال أيضا إنقاص عناصر فرضها‬
‫ّ‬
‫املشرع بما يفرضه النصوص‬ ‫ال يعود تقديرها لإلدارة‪ ،‬بل هي ّ‬
‫محددة من قبل‬
‫ّ‬
‫القانونية التي تضع النقاط الواجب التأكد منها من قبل اإلدارة قبل إدراج الصك‬
‫ّ‬
‫املشرع أدخل العديد من التنقيحات على‬ ‫املطلوب ترسيمه‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أن‬
‫ميداني التحرير والترسيم‪ ،‬وذلك ملزيد ضبط وتحديد عناصر الرقابة وكل ذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتسهيل التحقيق في الصكوك ّ‬
‫املقدمة للترسيم‪ّ .‬‬
‫املشرع‬ ‫وكل هذا يؤكد لنا ميل‬
‫الشرعية أو ما ّ‬
‫يسمى أيضا التبرير القانوني‪ .‬إذ يقتصر دور‬ ‫ّ‬ ‫التونس ي لنظام التثبتات‬
‫للصك في هذا النظام على رقابة شكلية‪ ،‬خارجية ملجموعة من‬‫ّ‬ ‫املحقق واملراقب‬
‫املشرع ّ‬
‫مسبقا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النقاط والتي ّ‬
‫يحددها‬

‫‪22‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬
‫الشرعية ‪:‬‬ ‫‪-‬املعطى الثاني ‪ :‬طبيعة قرينة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالسجل العقاري نتيجة مفادها افتراض‬ ‫يترتب عن ترسيم الحق وإدراجه‬
‫أن الترسيم يقيم قرينة على ّ‬
‫صحة ذلك الترسيم‬ ‫الشرعية في ذلك الترسيم‪ .‬أي ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وشرعيته وينبني هذا االفتراض على التحريات والتحقيقات التي تباشرها اإلدارة أثناء‬
‫ّ‬
‫ومحددة وهو ما‬ ‫لكن هذه الرقابة تبقى رقابة شكلية‬ ‫ّ‬
‫للصك املطلوب ترسيمه‪ّ .‬‬ ‫رقابتها‬
‫الشرعية وعلى ّ‬
‫القوة الثبوتية لهذا الترسيم‪ ،‬التي‬ ‫ّ‬ ‫ينعكس بالضرورة على طبيعة قرينة‬
‫وتبرر ّ‬
‫القوة‬ ‫تبقى ّ‬
‫قوة ثبوتية نسبية بما يترك املجال إلبطال الترسيم والتشطيب عليه‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫تتوصل إليها اإلدارة‪ .‬يفرض نظام التبرير‬ ‫ّ‬
‫بنسبية النتائج التي‬ ‫ّ‬
‫النسبية‬ ‫الثبوتية‬
‫القانوني على اإلدارة مراقبة مجموعة من العناصر الشكلية األساسية التي ّ‬
‫يحددها‬
‫ّ‬
‫التمعن في أصل الحقوق ومدى سالمتها من‬ ‫ّ‬
‫املشرع وهي غير مطالبة وال يمكنها أصال‬
‫ّ‬
‫بالتثبت من‬ ‫العيوب‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫فإن رقابتها تبقى رقابة خارجية تكتفي فيها اإلدارة‬
‫السالمة الظاهرية للصك ّ‬
‫املقدم للترسيم‪.‬‬
‫فإنها تبقى منقوصة وال تبلغ من‬‫وتدعمت ّ‬‫وامتدت ّ‬‫ّ‬ ‫ومهما ّ‬
‫توسعت الرقابة‬
‫القوة الثبوتية املطلقة اعتبر أحد الفقهاء ّأن "تأشيرات أمين‬ ‫العمق لدرجة تبرير ّ‬
‫تبني ّ‬
‫قوة مطلقة وليس للتسجيل إذا ّ‬
‫تم أن‬ ‫السجل ليس لها من الوجهة القانونية ّأية ّ‬
‫ّ‬
‫يغطي العيوب التي تشوب الحق فيما بين املتعاقدين‪ .‬ويكون دور هذا التسجيل ّ‬ ‫ّ‬
‫مجرد‬
‫إتمام قاعدة نسبية أثر العقود في مواجهة الغير دون أن تكون له القدرة على تغطية‬
‫العيب الذي يلحق به"‪. 38‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫إن تحقيقات إدارة امللكية العقارية مهما اتسعت تبقى نتائجها نسبية‪ .‬هذا‬
‫ّ‬
‫املكلف بمراقبة ّ‬
‫صحة السندات‬ ‫النظام أي نظام التبرير القانوني يجعل من الجهاز‬

‫‪ 38‬عفيف شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬


‫‪23‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫صحتها الظاهرية التي قد تعكس ّ‬
‫صحة السند وقد ال‬ ‫املقدمة لإلشهار يكتف بدراسة ّ‬‫ّ‬

‫الشرعية قرينة بسيطة بما يعني ّأنه يمكن مخالفتها واستبعادها‬


‫ّ‬ ‫تعكسها‪ .‬وتبقى قرية‬
‫بإقامة الدليل على عكسها‪ ،‬ويجوز لكل من ّ‬
‫تضرر من ذلك الترسيم دحض ذلك‬
‫االفتراض بطلب التشطيب على الترسيم‪.‬‬
‫املعطى الثالث ‪ :‬الفهم الخاطئ لطبيعة الرقابة من قبل الدارة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرعية بالعمومية وخاصة‬ ‫اتسمت النصوص القانونية املتعلقة بمبدأ‬
‫ّ‬
‫"يتولى مدير امللكية العقارية قبل قيامه ّ‬
‫بأية عملية‬ ‫الفصل ‪ 306‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي اقتض ى‬
‫ّ‬
‫املجلة"‪ .‬بما قد ّ‬
‫يبرر صالحيات واسعة لهذه‬ ‫مباشرة التحقيقات التي تقتضيها هذه‬
‫اإلدارة‪ .‬كما ّ‬
‫نص الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬قديم ‪" :‬ال يسوغ ملدير امللكية العقارية ما لم‬
‫يؤجل ترسيما أو تشطيبا على ترسيم‪ "...‬لم‬ ‫تكن هناك أسباب خطيرة أن يرفض أو ّ‬
‫املشرع املقصود باألسباب الخطيرة ولم يضع معايير ّ‬
‫للسبب الذي يمكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يوضح‬
‫اعتباره خطيرا‪ ،‬مما فتح الباب أمام هذه اإلدارة التي طفقت ترفض الترسيم كلما الح‬
‫وعوض‬‫لها وجود سبب اعتبرته هي بالخطير‪ .‬وحتى ملا نقح الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫مصطلح الخطير باملانع القانوني بالفصل ‪ 388‬جديد الذي نص "ال يمكن إلدارة‬
‫امللكية العقارية إال إذا كان هناك مانع قانوني أن ترفض أو تؤجل ترسيما ‪ّ ."...‬‬
‫فإن‬
‫ّ‬
‫املشرع لم يعرف املانع‬ ‫عبارة املانع القانوني تبقى هي األخرى غير دقيقة خاصة ّ‬
‫وأن‬
‫القانوني‪.‬‬
‫ّأدت العمومية في صياغة النصوص القانوني إلى الفهم الخاطئ لنظام‬
‫ّ‬
‫الشرعية وهو‬ ‫التحقيقات الشرعية‪ ،‬وحجب هذا الفهم حقيقة الذي يفرضه مبدأ‬
‫التبرير القانوني‪ .‬وبدا من جريان العمل اليومي لدى هذه اإلدارة أثناء إجراء رقابتها‬
‫على الصكوك‪ .‬والتي كانت تبالغ‪ ،‬تغالي وترفض الترسيم كما ّأنها ّ‬
‫تتوسع في فهمها‬
‫‪24‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫للنصوص القانونية‪ ،‬وإن لزم األمر تؤولها وتبطل عقود وتأمر بالتشطيب على األخرى‪.‬‬
‫والتمحص من النصوص القانونية املنظم ملبدأ الشرعية ّ‬
‫أن هذه‬ ‫ّ‬ ‫وقد كشف التأمل‬
‫تتمسك ّ‬
‫تمسكا مفرطا بنظام التحقيقات الشرعية‪ .‬وذلك في إطار فهمها‬ ‫اإلدارة كانت ّ‬
‫ّ‬
‫النص وعن‬ ‫النص دون البحث عن روح‬‫ّ‬ ‫كإدارة للنصوص والوقوف عند عبارات‬
‫ّ‬
‫النص وبدا نشاطها اليومي‬ ‫ّ‬
‫التمسك بحرفية‬ ‫ّ‬
‫املشرع‪ .‬وأوغلت اإلدارة في‬ ‫مقصد‬
‫التجاه إداري موغل في ّ‬
‫الحدة‪ ،‬تجنح إلى رفض الترسيم رغم ّ‬ ‫محتكما ّ‬
‫غيات موجب‬
‫ّ‬ ‫للرفض وتحتكم الجتهادات ّ‬
‫ضيقة وأحيانا خاطئة للنص القانوني‪ .‬وتغلب الواقع‬
‫والعرف الجاري على النص القانوني‪ّ .‬‬
‫ويعد الفصل ‪ 370‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬أبرز دليل على الفهم‬
‫الخاطئ للنص القانوني‪ .‬فرغم وضوحه فقد ّأولته اإلدارة بطريقة مخالفة ملنطوقه‪،‬‬
‫جاءت صياغة الفصل ‪ 370‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬واضحة في إجازة الترسيمات الالحقة للقيد‪ ،‬لكن‬
‫مع ذلك ّ‬
‫فإن اإلدارة تمتنع من إجراء الترسيم‪.‬‬
‫ّ‬
‫والضبابية وتغاض ى عن التوضيح ونس ي‬ ‫ّ‬
‫املشرع الذي اتبع الغموض‬ ‫وقد يالم‬
‫أن املخاطب بتلك النصوص إدارة وليس قاضيا يمكنه االجتهاد في فهم النص ومحاولة‬
‫إنطاقه وذهب الفقه للقول ّ‬
‫بأن اإلدارة ليس لها من حزم القضاء في استلهام الضمير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التصرف وسعة االطالع واستخالص ما وراء اللفظ‪.39‬‬ ‫وحسن‬
‫صحة العقود من اختصاص القضاء ‪:‬‬ ‫املعطى الرابع ‪ :‬مر اقبة ّ‬
‫يختص القاض ي املدني بمراقبة ّ‬
‫صحة العقود والنظر في أصل الحقوق‪ .‬وال‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يؤكد ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫يجوز ّ‬
‫أن الديوان‬ ‫تحل محله في هذا االختصاص‪ .‬هذا‬ ‫ألية سلطة أخرى أن‬
‫للملكية العقارية وفي إطار رقابته على الصكوك ّ‬
‫املقدمة للترسيم ال يمكنه‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬

‫‪ 39‬بوراوي سالمة‪ ،‬الرسم العقاري‪ ،‬المجلّة التونسية للقانون ‪ ،1996‬ص ‪.40‬‬


‫‪25‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫املرور أثناء نظره في مطلب الترسيم إلى البحث عن وجود الحق من عدمه‪ ،‬وعن ّ‬
‫صحة‬
‫العقد أو بطالنه‪ .‬بل عليه االكتفاء برقابة شكلية وخارجية للصك ّ‬
‫املقدم للترسيم‪.‬‬
‫صحيح ّ‬
‫أن عبارات الفصول ‪ 306‬و‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬جاءت مطلقة وعامة ومن‬
‫شأنها تحويل اإلدارة سلطات واسعة‪ .‬لكن الفقه وفقه القضاء تصدا لهذا الفهم‬
‫الخاطئ للنصوص ولحدود الرقابة‪ .‬اعتبر الفقه من جهته ّ‬
‫أن سلطات هذه اإلدارة‬
‫ّ‬
‫واألدلة وال ّ‬ ‫تبقى محدودة ّ‬
‫وأن الرقابة ّ‬
‫تتعداها إلى‬ ‫تتم وفقا لظاهر املستندات‬
‫الظروف والعناصر املوضوعية الخارجة عن الوثائق باعتبار ذلك من صالحيات‬
‫القضاء‪.40‬‬
‫أن القاض ي هو املؤهل دون غيره لرقابة ّ‬
‫صحة‬ ‫كما ّأكد عديد الفقهاء ّ‬

‫أن فقه القضاء سواء املدني أو العقاري ذهبا في ّاتجاه منع اإلدارة من‬
‫العقود‪ .41‬كما ّ‬

‫أقرت محكمة التعقيب في القرار التعقيبي املدني عدد ‪9103‬‬ ‫مراقبة ّ‬


‫صحة العقود‪ّ .‬‬
‫املؤرخ في ‪ 17‬جوان ‪ّ 42 2005‬أنه "ال يجوز مجابهة املحكمة بعمل إدارة امللكية العقارية‬
‫مختصة في معرفة ّ‬
‫صحة العقود من عدمها‬ ‫ّ‬ ‫باعتبارها تقوم بأعمال إدارية وهي غير‬
‫والتي هي من االختصاص القضائي الذي له وحده تصحيح االلتزامات أو إبطالها"‪.‬‬
‫ونفس املنحى ّاتجهت فيه املحكمة العقارية التي أوضحت بمناسبة نظرها في طعن‬
‫ضد قرارات لجان التحيين‪ّ ،‬أن "تفسير العقود وتأويلها وتحديد طبيعتها أو ترجيح‬
‫ّ‬

‫حجة على أخرى أو اعتماد قرائن الكتشاف نوايا املتعاقدين هي من املسائل‬ ‫ّ‬
‫االستحقاقية التي تخرج عن أنظار اللجان الجهوية وتدخل ّ‬
‫حيز نظر محاكم الحق‬

‫‪40‬‬
‫‪Soulmagnon Georges, La loi tunisienne du 1er juillet 1885 sur la propriété immobilière et‬‬
‫‪le régime des livres fonciers, Librairie du Recueil Sirey 1933, p. 378.‬‬
‫‪ 41‬مح ّمد الزين‪ ،‬العقد‪ ،‬مطبعة الوفاء‪ ،1993 ،‬ص ‪ .68‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬التعليق على الحكم العقاري عدد ‪،734‬‬
‫المجلة التونسية للقانون عدد ‪ ،2003‬ص ‪ .357‬أحمد بن طالب‪ ،‬التشطيب على ‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .75‬حامد النقعاوي‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ 42‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫العام التي لها وحدها حق تأويل العقود أو تفضيل كتبا على آخر‪ ،43‬كما ّبينت‬
‫املحكمة العقارية في الحكم العقاري عدد ‪ 1262‬الصادر في ‪ 31‬جانفي ‪ّ 2011‬‬
‫أن‬
‫"التصريح ببطالن العقود مسألة خارجة بطبيعتها عن مجال اختصاص إدارة امللكية‬
‫ّ‬
‫العقارية"‪ .44‬كما أكدت املحكمة العقارية ومنذ الحكم العقاري (الصادر في مادة‬
‫ّ‬
‫الطعن في قرارات إدارة امللكية العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ ).‬عدد ‪85‬‬
‫الصادر في ‪ 19‬أفريل ‪ّ 1997‬‬
‫بأنه ال يجوز لحافظ امللكية العقارية إال مراقبة الصحة‬
‫أقرت هذه املحكمة ّ‬
‫أن اإلدارة ليس‬ ‫الشكلية للكتائب املودعة بغاية الترسيم"‪ .45‬كما ّ‬
‫من اختصاصها تكييف العقود‪ .‬وجاء بالطعن عدد ‪ 606‬الصادر في ‪ 26‬ماي ‪2001‬‬
‫"وحيث ال يدخل في سلطات إدارة امللكية العقارية تكييف الصكوك ّ‬
‫املقدمة قصد‬
‫ترسيمها‪ .‬فتعتبرها كتائب تكميلية أو كتائب تكميلية أو كتائب الحقة لكتائب‬
‫أصلية‪.46"...‬‬

‫‪ 43‬الحكم عدد ‪ 9‬الصادر في ‪ 10‬جويلية ‪ ،1995‬ذكر هذا الحكم من قبل الناصر الشريف‪ ،‬دور المحكمة العقارية في إرساء‬
‫نظام اإلشهار العيني‪ ،‬ملتقى الطعون لدى المحكمة العقارية‪ ،‬نوفمبر ‪ ،1998‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 44‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪ 45‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪ 46‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪28‬‬
‫جامعة قرطاج‬

‫كلية العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية بتونس‬

‫محاض ـرات ف ــي‬

‫اإلشهار العقاري‬
‫لطلبة السنة الثانية من اإلجازة األساسية‬
‫في القانون‬

‫األستاذة خولة محرزية حجري‬

‫السنة الجامعية ‪2023 – 2022 :‬‬


‫األستاذة محرزية حجري‬

‫الدرس الثالث‬
‫واج ـ ـ ـ ـ ــب الترسي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫ّ‬
‫املقدمة‬
‫يعد اضطالع الديوان الوطني للملكية العقارية بواجب الترسيم من أوكد‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع لهذه اإلدارة بالفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪... .‬‬ ‫واجباته‪ .‬والترسيم هو مرفق عام ّ‬
‫حمله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهي مكلفة ‪ ...‬ثالثا ‪" :‬بترسيم الحقوق والتحمالت املتعلقة بالعقارات املذكورة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع بالفصول ‪-306‬‬ ‫حدد‬‫يعد الترسيم من صميم عمل هذه اإلدارة‪ .‬كما ّ‬‫وبالتالي ّ‬
‫‪ 390-389‬و‪ 392‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫النقاط واملسائل املطالبة بالتحقيق فيها قبل مباشرتها‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫بالسجل العقاري (املبحث األول)‪ .‬كما ّ‬
‫حمل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصك املطلوب إدراجه‬ ‫ترسيم‬
‫محرر العقد واألطراف بهذا الواجب (املبحث الثاني‪).‬‬

‫املبحث األول ‪:‬‬


‫ّ‬
‫املتحمل األصلي بعملية الترسيم‬ ‫امللكية العقارّية هي‬
‫إدارة ّ‬

‫مهمة ترسيم الحقوق ومباشرة‬ ‫ّ‬


‫العقارية ّ‬ ‫يندرج في صميم عمل إدارة امللكية‬
‫ويعد هذا الواجب قديما أي ّأنه وجد منذ صدور‬‫السجل العقاري‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫كل اإلشهارات على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع إلى التأكيد املتواصل على ضرورة إدراج‬ ‫املجلة العقارية سنة ‪ .1885‬وقد سعى‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري‪ .‬وألزم هذه‬ ‫لتستقر حقوق املتعاملين على‬‫ّ‬ ‫الحقوق والتسريع فيها‬
‫اإلدارة بضرورة إتمام الترسيم وعدم تأجيله في غياب املانع القانوني‪ .‬وعمال بمبدأ‬
‫فإنه ّ‬ ‫الشرعية ّ‬
‫ّ‬
‫يتحتم على السلطة املشرفة على الترسيمات بالدفاتر إجراء كل‬

‫‪2‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫أي ترسيم بحيث ّ‬
‫أن وجود هذه الرقابة أو املراقبة‬ ‫التحريات الالزمة قبل قبول ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الصحة‪.1‬‬ ‫السابقة لإلدراج يضفي على العملية صبغة‬
‫ّ‬
‫املتعلقة بالشكل واملضمون ّ‬
‫وتتمتع‬ ‫وتقوم هذه اإلدارة بجملة من التحقيقات‬
‫هذه اإلدارة بسلطة تقديرية واسعة في تقرير مآل املطالب ّ‬
‫املقدمة لها‪ .‬وبعد إجراء‬
‫التحقيقات الالزمة ّتتخذ اإلدارة القرار املناسب في شأن املطلب ّ‬
‫املقدم إليها وهذا‬
‫القرار قد يكون إيجابيا وقد يكون ّ‬
‫سلبيا‪.‬‬
‫تتم دراسة مطلب الترسيم‬‫تمر بمراحل‪ّ ،‬‬ ‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أن عملية الترسيم ّ‬
‫من املحقق واملراجع األعلى‪ .‬ثم ّ‬
‫يتم إحالة املطلب على قسم اإليداع‪ .‬واإليداع هو‬
‫ّ‬
‫سجل اإليداع املرجع‬ ‫ّ‬
‫الرسمية بما يجعل‬ ‫عملية إكساء ّ‬
‫مقرر اإلدراج الصبغة‬
‫نص الفصل‬‫للتعرف على العمليات املدرجة وتاريخ إدراجها‪ .2‬وقد ّ‬
‫األساس ي والرسمي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سجل إيداع يثبت به ملخص العمليات املقبول ترسيمها‬ ‫‪ 380‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬في فقرته الثانية‬
‫وتاريخ الترسيم‪ّ .‬‬
‫وتعد دفاتر اإليداع ضرورية في ضبط العمليات املقبولة والحق الغير‬
‫مدرج بها ال ّ‬
‫يعد مقبوال‪.3‬‬
‫ومن التنقيحات املدخلة على الترسيم هي الترسيم بالتعاقب‪ 4‬وهو إجراء جاء‬
‫املشرع ليوحد طريقة إدراج نصوص الترسيمات بالرسم العقاري جاء بالفصل‬ ‫ّ‬ ‫به‬
‫‪ 398‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫"يتم الترسيم بالرسم العقاري على التعاقب"‪ .‬وهو ما يعني إدراج جميع‬
‫الترسيمات بصورة متتالية بالرسم العقاري دون بياض أو إقحام‪.5‬‬

‫التطور التاريخي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 1‬مح ّمد كمال شرف الدين‪،‬‬
‫‪ 2‬رياض الجمل ‪ ،‬محاضرات في القانون العقاري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مجمع األطرش لنشر وتوزيع الكتاب المختص‪،2017 ،‬‬
‫ص ‪.41‬‬
‫‪ 3‬علي كحلون‪ ،‬التعليق على مجلة الحقوق العينية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.462‬‬
‫‪ 4‬والذي أضيف بمقتضى القانون عدد ‪ 35‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪.2001‬‬
‫‪ 5‬أحمد بن طالب‪ ،‬الجديد في الترسيم بالسجل العقاري من خالل قوانين ‪ 2000‬و‪ ،2001‬ملتقى جديد التحيين والترسيم‪،‬‬
‫أعمال ملتقى ماي ‪ ،2001‬ص ‪.34‬‬
‫‪3‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫سجل إيداع إلكتروني وهو ما اقتضته الفقرة‬ ‫كما أصبح بإمكان اإلدارة مسك‬
‫األخيرة من الفصل ‪ 380‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬ويمكن أن تمسك جميع السجالت املذكورة‬
‫ّ‬
‫ومدعمة أيضا‬ ‫إلكترونيا على أن تكون محفوظة في شكلها النهائي بطريقة موثوق‬
‫بإمضاء إلكتروني"‪.6‬‬
‫وسواء كان مسك سجل اإليداع مسكا يدويا أو إلكترونيا ّ‬
‫فإنه بإدراج جملة‬
‫العمليات تختم يومية اإليداع في يومها‪ .‬لكن ال تكتمل عملية اإلشهار بقبول املطلب‬
‫واإليداع ّإنما تليه مرحلة أخرى وهي مرحلة النسخ ويقصد به نقل محتوى ّ‬
‫مدونة‬
‫ّ‬
‫الترسيم على الرسم العقاري‪ .7‬وتختلف عملية النسخ حسب تعلقها بترسيمات تنسخ‬
‫صلب الرسم وأخرى تنسخ بطرة الرسم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬يقصد بالترسيمات التي تنسخ صلب الرسم‪ :‬الترسيمات املتعلقة بالعمليات‬
‫ّ‬
‫التصرفات‪.‬‬ ‫العقارية الخاضعة لشكلية الترسيم مثل البيوعات والرهون وغيرها من‬
‫‪ّ -‬‬
‫وأما الترسيمات التي تنسخ بطرة الرسم ‪ :‬تتعلق باإلصالحات املدخلة على‬
‫تنصيصات الترسيمات مثل إصالح الحالة ّ‬
‫املدنية‪ ،‬واملساحة‪.8‬‬
‫عملية النسخ ّ‬
‫تتم عملية املقابلة‪ ،‬وهي عملية تهدف إلى‬ ‫وبعد االنتهاء من ّ‬
‫مراجعة جميع املراحل رجوعا إلى الرسم العقاري املعني ّ‬
‫ومدونات الترسيم واإليداع‪.9‬‬
‫وتعتبر هذه املرحلة مرحلة مراقبة الحقة للترسيم وهي بمثابة مراجعة شاملة‪،‬‬
‫تصحيحية ونهائية يقع على إثرها خزن جميع الوثائق واالعتماد مباشرة على الرسم‬
‫العقاري‪.10‬‬

‫‪ 6‬أضيفت هذه الفقرة للفصل ‪ 380‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬بمقتضى القانون عدد ‪ 35‬لسنة ‪ 2010‬المؤرخ في ‪ 29‬جويلية ‪.2010‬‬
‫‪ 7‬يراجع دليل اإلجراءات إلدارة الملكية العقارية‪.‬‬
‫‪ 8‬يراجع الفصل ‪ 391‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬المتعلّق بإصالح األغالط المادية الصادرة عن إدارة الملكية العقاريّة‪.‬‬
‫‪ 9‬علي كحلون‪ ،‬القضاء العقاري‪ ،‬طرق فصل النزاعات العقارية‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص‪ ،2013 ،‬ص ‪.463‬‬
‫‪ 10‬نسرين محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪4‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫وكما قد ينتهي التحقيق إلى قرار إيجابي بقبول املطلب وترسيم العملية‬
‫املطلوبة‪ ،‬قد ينتهي إلى قرار سلبي يقض ي برفض مطلب اإلشهار سواء تعلق األمر‬
‫بترسيم أو قيد احتياطي أو تنصيص‪ .‬وقد يكون في رفض اإلدارة تطبيق للقانون‬
‫ّ‬
‫فتتمسك بوجود مانع قانوني منعها من قبول العملية املطلوبة وفقا ملا جاء بالفصل‬
‫‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ 11.‬وقد يكون رفض اإلدارة تعسفا منها وتمسكا سلبيا بمقتضيات مبدأ‬
‫ّ‬
‫فتتشدد وتغالي وتبالغ‪ .‬وتحسبا من إمكانية إجحاف هذه اإلدارة في رفضها‬ ‫الشرعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع ومكن من الطعن في قراراتها الصادرة برفض الترسيم أمام املحكمة‬ ‫احتاط‬
‫ّ‬
‫وتعسفها في إعمال الرقابة على‬ ‫ّ‬
‫للحد من مغاالتها‬ ‫العقارية وذلك محاولة منه‬
‫الصكوك ّ‬
‫املقدمة للترسيم‪ ،‬جاء بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬وقرار إدارة‬
‫امللكية العقارية برفض أو تأجيل ذلك يقبل الطعن لدى املحكمة العقارية‪."...‬‬

‫السعي إلتمام‬ ‫ّ‬


‫الصك واجب ّ‬ ‫املبحث الثاني ‪ :‬تحميل ّ‬
‫محرر‬
‫عملية الترسيم‬
‫‪-1‬أساس التزام ّ‬
‫املحرر ‪:‬‬
‫ّتمت املناداة بإدخال ّ‬
‫كل من يراهم في التحرير في عملية الترسيم منذ ملتقى‬
‫ّ‬
‫مائوية التسجيل العقاري‪ .12‬وجاء على لسان األستاذ البشير الفرشيش ي "‪ ...‬ثم ما‬
‫ّ‬ ‫املانع أن ّ‬
‫نحمل كل من يساهم في تحرير العقود املتعلقة بالحقوق العقارية القابلة‬
‫كل ّ‬
‫املحررين سواء‬ ‫بالسجل العقاري"‪ .13‬ويشمل هذا الواجب ّ‬
‫ّ‬ ‫للترسيم واجب إدراجها‬
‫ّ‬
‫عموميين أو خواصا‪.‬‬ ‫كانوا‬

‫صت الفقرة األولى من الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬ال يمكن إلدارة الملكية العقارية إال إذا كان هناك مانع قانوني أن ترفض‬
‫‪ 11‬ن ّ‬
‫بصفة نهائية أو تؤجل ترسيما‪.‬‬
‫‪ 12‬المنعقد سنة ‪.1987‬‬
‫‪ 13‬البشير الفرشيشي‪ ،‬الضّرر في نطاق القانون العقاري‪ ،‬مجموعة مداخالت ملتقى مائوية التسجيل العقاري‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪5‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫املشرع بمقتض ى التنقيح الذي أدخله على‬ ‫ّ‬
‫العموميون ‪ :‬أوجد‬ ‫‪ّ -‬‬
‫املحررون‬
‫ّ‬
‫بالسجل العقاري صنف جديد وهم ّ‬ ‫ّ‬
‫املحررون العموميون‪.‬‬ ‫بعض النصوص املتعلقة‬
‫ّ‬
‫"يختص بتحرير الصكوك واالتفاقات الخاضعة‬ ‫ن ّ‬
‫ص الفصل ‪ 377‬مكرر م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫للترسيم بالسجل العقاري حافظ امللكية العقارية واملديرون الجهويون‪ ،‬وكذلك‬
‫أعوان إدارة امللكية العقارية املكلفون ّ‬
‫بمهمة التحرير‪.‬‬
‫كما أسند لهذا الصنف من املحررين ّ‬
‫مهمة الترسيم‪ ،‬جاء بالفصل ‪ 377‬مكرر‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬ويجب عليه القيام باإلجراءات الالزمة للترسيم"‪ .‬ثم ّ‬
‫تم تنقيح هذا الفصل‬
‫سنة ‪ 14 2001‬وأصبح ّ‬
‫ينص "ويقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم"‪ .‬يالحظ بالتأمل في‬
‫أن صياغة الفصل سنة ‪ 1992‬كان‬ ‫صياغة الفصل سنة ‪ 1992‬وصياغته سنة ‪ّ 2001‬‬

‫فيها أكثر تأكيد على واجب الترسيم باستعمال عبارة "يجب عليه" والتي تفيد اإللزام‪.‬‬
‫ّ‬
‫املشرع بالقول "ويقوم باإلجراءات‪."...‬‬ ‫ّأما بمناسبة تنقيح ‪ 2001‬فاكتفى‬
‫تم انتقاد تكليف هؤالء املحررين بمسؤولية الترسيم‪ ،‬فهذا من شأنه ّ‬
‫املس‬ ‫ّ‬
‫من مبدأ حياد اإلدارة‪ ،‬وأيضا الفصل بين ّ‬
‫عمليتي التحرير والترسيم‪ .‬فال يمكن‬
‫حرر عن طريق ّ‬
‫املحرر العمومي التابع لها‪.‬‬ ‫منطقيا لإلدارة أن ترفض ترسيم ما ّ‬
‫ّ‬
‫الخواص ‪ :‬هم باألساس عدل اإلشهاد واملحامي ‪.‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫املحررون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع صراحة بتحرير العقود املتعلقة‬ ‫‪+‬بالنسبة لعدل اإلشهاد‪ ،‬كلفه‬
‫ّ‬
‫املسجلة‪ ،‬لكن لم يلزمه صراحة بواجب الترسيم‪ .‬يمكن بالرجوع للقانون‬ ‫بالعقارات‬
‫ّ‬
‫املنظم ملهنة عدول اإلشهاد وخاصة الفصل ‪ 20‬منه الذي اقتض ى ّأنه إذا تعلقت‬
‫مسجل ّ‬
‫فإنها تحرر مع مراعاة مقتضيات الفصلين ‪ 373‬و‪ 377‬ثالثا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحجة بعقار‬

‫‪ 14‬بمقتضى القانون عدد ‪ 35‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ 2001‬والمتعلّق بتنقيح بعض الفصول من مجلّة الحقوق العينيّة‪ ،‬الرائد‬
‫الرسمي عدد ‪ 31‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ ،2001‬ص ‪.992‬‬
‫‪6‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫ّ‬
‫املحرر بالقيام بإجراءات الترسيم وجاء في صياغة عامة‬ ‫وهذا الفصل األخير يلزم‬
‫ومطلقة وتشمل كل املحررين مهما كان صنفهم‪.‬‬
‫املشرع أن يكون محاميا مباشرا‪ ،‬مقصيا بذلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪+‬أما املحامي‪ ،‬فقد اشترط‬
‫ّ‬
‫املحررين املعني للقيام باإلجراءات الالزمة‬ ‫ّ‬
‫املتمرن‪ ،15‬وعليه مثل غيره من‬ ‫املحامي‬
‫املشرع الفرنس ي ألزم املحامي القيام بإجراءات‬‫ّ‬ ‫للترسيم‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أن‬
‫الترسيم‪ ،‬لكن بصفته وكيال قانونيا على األطراف‪.‬‬
‫وفي إطار مزيد دعمه لواجب الترسيم والتأكيد عليه حتى ترسم الحقوق ّ‬
‫تم‬
‫بموجب القانون عدد ‪ 10‬املؤرخ في ‪ 29‬جوان ‪ 2010‬تنقيح الفصل ‪ 377‬ثالثا في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصك لدى قابض املالية على‬ ‫لتنص ‪" :‬أن يتولى تسجيل‬ ‫مستوى النقطة الخامسة‬
‫نفقة متحملها وال يعفى من هذا الواجب إال إذا أثبت إنذار الطرف املعني كتابيا‪ ،‬وأن‬
‫يتولى تقديم الصك ّ‬ ‫ّ‬
‫ومؤيداته بما في ذلك سند امللكية املسلم لصاحب الحق إلى‬
‫اإلدارة الجهوية للملكية العقارية املعنية ويقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم"‪ .‬يفهم‬
‫ّ‬
‫الصك بنفسه إلدارة امللكية العقارية‬ ‫حمل ّ‬
‫املحرر تقديم‬ ‫املشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫من هذا التنقيح ّ‬
‫أن‬
‫وأن يقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم‪ .‬كما ّ‬
‫حمله وبنفس الفقرة خامسا جديد من‬
‫الفصل ‪ 377‬ثالثا واجب تسجيل الصك لدى قباضة املالية على نفقة متحملها وهو‬
‫مده باملال املطلوب ليقوم بتسجيل‬‫املحرر يطلب من الشخص املعني ّ‬
‫ّ‬ ‫ما يعني ّ‬
‫أن‬
‫املحرر باملال‪ ،‬هنا ّ‬
‫املشرع‬ ‫مد ّ‬ ‫العقد لدى القباضة املالية‪ .‬لكن ماذا لو رفض الشخص ّ‬

‫تحمل ّأية مسؤولية‪ .‬ويطرح التساؤل حول‬


‫املحرر بإنذاره كتابيا حتى يعفى من ّ‬
‫ألزم ّ‬
‫طبيعة االلتزام بالترسيم‪.‬‬

‫المتمرنين لضمان توفّر الخبرة الالزمة لحفظ حقوق المعنيين ولضمان تحرير‬
‫ّ‬ ‫المشرع أن يكون المحامي من غير‬
‫ّ‬ ‫‪ 15‬يفرض‬
‫عقود خالية من العيوب واألخطاء والقابلة للترسيم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪-2‬طبيعة التزام ّ‬
‫املحرر ‪:‬‬
‫تنقسم االلتزامات إلى التزام بتحقيق نتيجة والتزام ببذل عناية‪ .‬فإذا كان‬
‫ّ‬ ‫املدين مطالبا بالقيام بعمل محدد بموجب العقد أو القانون ّ‬
‫فإن األمر يتعلق بالتزام‬
‫بتحقيق نتيجة‪ّ .‬أما إذا كان موضوع االلتزام هو الوسيلة التي ّ‬
‫تؤدي إلى تحقيق غاية‬
‫الدائن فهذا يعني ّأنه التزام ببذل عناية وهو اإللتزام الذي يكون موضوعه الجهل أو‬
‫العمل الذي يقوم به املدين‪.16‬‬
‫فهل ّأن االلتزام بالترسيم املحمول على كاهل ّ‬
‫املحرر هو إلتزام بتحقيق نتيجة‬
‫أم هل هو التزام ببذل عناية‪.‬‬
‫ال يمكن ترجيح اعتباره إلتزاما بتحقيق نتيجة لالعتبارات التالية ‪:‬‬
‫*الترسيم‪ ،‬هو وسيلة لإلشهار‪ّ ،‬كلف بها ّ‬
‫املشرع إدارة ّ‬
‫امللكية العقارية التي يعد‬
‫ترسيم الصكوك من صميم عملها طبق الفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وألجله أنشئت هذه‬
‫املؤسسة‪.‬‬
‫*يبقى حصول الترسيم خاضع لعوامل خارجة عن إرادة ّ‬
‫املحرر فالترسيم في‬
‫أحيان عديدة يتوقف حصوله على صاحب الحق الذي عليه ّ‬
‫مد اإلدارة بالوثائق‬
‫مد ّ‬
‫املحرر أو اإلدارة بهذه الوثائق‪.‬‬ ‫املطلوبة إلتمام العملية‪ .‬فماذا لو امتنع عن ّ‬

‫ظل التنقيح املجري سنة ‪ 2010‬والذي أصبح بموجبه ملزما‬ ‫املحرر وفي ّ‬
‫أن ّ‬ ‫كما ّ‬

‫ضرورة بتقديم الصك للقباضة املالية والقيام بتسجيله على نفقة متحملها‪ .‬فماذا لو‬

‫‪ 16‬يراجع ‪:‬‬
‫‪FOSSARD (J.), La distinction des obligations de majeur et de résultat, L.G.D.J. 1925.‬‬
‫وقد ميّزت محكمة التعقيب التونسية بين اإللتزامين بقولها ‪ :‬إنّ االلتزام بتحقيق نتيجة هو االلتزام الذي ال يكون تنفيذه إالّ‬
‫بتحقيق غاية معيّنة هي مح ّل االلتزام‪ .‬في حين أنّ االلتزام ببذل عناية هو االلتزام الذي يتع ّهد بموجبه المدين ببذل جهد سعيا‬
‫للوصول إلى غرض معيّن وعلى الدائن الذي يدّعي عدم الوفاء إثبات التقصير أو اإلهمال من المدين‪ .‬القرار التعقيبي المدني‬
‫عدد ‪ 31887-2008‬المؤرخ في ‪ 5‬جانفي ‪ ،2009‬غير منشور‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫املشرع ألزم ّ‬
‫املحرر‬ ‫ّ‬ ‫مد ّ‬
‫املحرر باملال املطلوب لتسجيله ؟ هنا‬ ‫امتنع صاحب الحق عن ّ‬
‫بإنذار الطرف املعني ليعفى من هذا الواجب‪ .‬وبالتالي يمكن القول ّ‬
‫بأن هذا الواجب‬
‫الجديد هو التزام بتحقيق نتيجة ال يعفى منه إال إذا أثبت ّأنه أنذر الطرف املعني ّ‬
‫وأنه‬
‫مده باملال املطلوب‪ .‬لكن اإلنذار وعلى فرض حصوله من ّ‬
‫يتحمل مصاريفه‬ ‫امتنع عن ّ‬
‫ّ‬
‫املحرر أم طالب الترسيم‪.‬‬
‫انتقد هذا الواجب الجديد واعتبر عديم الجدوى والفائدة ومن شأنه عرقلة‬
‫ّ‬
‫املحرر من تسجيل الصك‬ ‫إجراء الترسيم ال التسريع فيه‪ .‬اقترح البعض تمكين‬
‫وتوظيف مصاريف التسجيل بالرسم العقاري‪ .‬ومثل هذا الحل من شأنه تسهيل‬
‫عملية الترسيم‪.17‬‬
‫ّ‬
‫التفص ي من واجب الترسيم بإثبات بذل الجهد املطلوب في سعيه في‬ ‫*إمكانية‬
‫ّ‬
‫الصك‪.‬‬ ‫القيام ّ‬
‫بكل اإلجراءات الالزمة واملطلوبة لترسيم‬
‫وبالتالي يمكن القول ّ‬
‫بأن التزام ّ‬
‫املحرر ينقسم إل التزامين ‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬هو التزام بتحقيق نتيجة فيما يتعلق باإلجراءات الالزمة للترسيم‪ ،‬وهو ما‬
‫وأكده فقه القضاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقرت محكمة التعقيب‬ ‫املشرع بالفصل ‪ 377‬ثالثا م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬ ‫فرضه‬
‫ّ‬
‫في القرار التعقيبي املدني عدد ‪ 12258‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ّ 18 2015‬أنه ‪" :‬إذا تعلق‬
‫ممن له النظر عن موضوع‬ ‫األمر بالقيام باإلجراءات وأعمال التنفيذ واالسترشاد ّ‬
‫العملية املطلوبة منه كتحرير الصكوك واالتفاقات الناقلة للملكية وغيرها ّ‬
‫فإن التزام‬
‫املحامي باحترام الشكليات القانونية وصيغتها واآلجال القانونية ضروري ويجب أن‬
‫تكون عنايته شديدة ويقظته حازمة ّ‬
‫ألنه يكون مسؤوال ومطالبا بتحقيق نتيجة‪."...‬‬

‫‪ 17‬علي كحلون‪ ،‬التعليق على مجلّة الحقوق العينية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.387‬‬
‫‪ 18‬غير منشور‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫‪ّ -‬أما الحصول على الترسيم فال يمكن تحميل ّ‬
‫املحرر به إذ هو يعود بالنظر‬
‫إلدارة امللكية العقارية التي يمكنها قبوله أو رفضه على ضوء تطبيقها ملبدأ الشرعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫فاملحرر يلتزم‬ ‫أن عملية الترسيم قد تتعطل العتبارات ال دخل للمحرر فيها‪.19‬‬ ‫ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫واملهم أن يبذل‬ ‫بالقيام باإلجراءات الالزمة للترسيم‪ّ ،‬‬
‫لكنه ال يلتزم بالحصول عليه‪.‬‬
‫يرسمه‪.20‬‬ ‫ّ‬
‫الصك ال أن ّ‬ ‫ّ‬
‫املحرر جهده لترسيم‬

‫‪ 19‬فوزي بالكناني ‪ ،‬دور الشكلية في رهن العقار‪ ،‬مجموعة أعمال مهداة إلى عياض بن عاشور‪ ،‬مركز النشر الجامعية‬
‫‪.2011‬‬
‫محررها وتحريرها‪ ،‬القضاء والتشريع‪ ،1993 ،‬عدد ‪ ،2‬ص ‪.183‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 20‬الحبيب الشطي‪ ،‬الصكوك بين‬
‫‪10‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫الدرس الرابع‬
‫ّ‬
‫القوة الثبوتية للترسيم اإلداري الالحق‬
‫ينشأ عن التحريات التي تقوم بها إدارة امللكية العقارية قبل مباشرة عملية‬
‫ّ‬
‫بالسجل العقاري‬ ‫لصحة الحق‪ .‬ويثبت الترسيم بمفرده الحق املدرج‬‫الترسيم افتراض ّ‬

‫عرف‬‫قوة ثبوتية للحق موضوعه‪ّ 21‬‬ ‫ويقيم قرينة قانونية على سالمته‪ .‬ويمنح الترسيم ّ‬
‫ّ‬
‫"القوة التي تتمتع بها الترسيمات كوسيلة‬ ‫القوة الثبوتية ّ‬
‫بأنها‬ ‫الفقيه "بول ديكرو" ّ‬
‫يتعلق بضمان الحقوق ّ‬ ‫ّ‬
‫املرسمة سواء بين األطراف أو تجاه الغير"‪ . 22‬في‬ ‫إثبات فيما‬
‫القوة الثبوتية للترسيم‬ ‫محمد كمال شرف الدين إلى القول ّ‬
‫بأن ّ‬ ‫حين ذهب األستاذ ّ‬
‫النظر عن‬‫املرسم بقطع ّ‬‫أن "الترسيم بالدفتر العقاري يثبت لوحده الحق ّ‬ ‫يقصد بها ّ‬
‫تعرضت محكمة التعقيب لهذا املبدأ ّ‬
‫وعرفته‬ ‫التص ّرف الذي انبنى عليه"‪ .23‬كما ّ‬
‫كاآلتي ‪" :‬ترسيم الصكوك بالرسم العقاري يثبت لوحده الحق موضوعها بغض النظر‬
‫عن صحة الصك ّ‬
‫املرسم من عدمه‪.24‬‬
‫شرعية الحق ّ‬
‫ّ‬ ‫وإن كان هذا االفتراض يعني ّ‬
‫فإنه‬ ‫أن الترسيم يقيم الدليل على‬
‫هذه القرينة تبقى بسيطة ويجوز لكل من ّ‬
‫تضرر إثبات عكسها (املبحث األول) لكن‬

‫القوة الحجية‪ ،‬عوض القوة الثبوتية معتبرا أنّ األمر يتعلّق بترجمة جملة‬
‫‪ 21‬يفضل األستاذ عبد هللا األحمدي‪ ،‬استعمال عبارة ّ‬
‫‪ la force probante‬وهي تعني اصطالحا نجاعة وسيلة إثبات‪ ،‬فهذا المصطلح مرتبط باإلثبات أو الثبت وهي الحجيّة وال‬
‫الثبوت‪ ،‬عبد هللا األحمدي‪ ،‬البيع‪ ،‬مطبعة الوفاء‪ ،‬تونس ‪ ،1997‬ص ‪.259‬‬
‫‪ 22‬يراجع ‪:‬‬
‫‪ème‬‬
‫‪DECROUX Paul, Droit foncier marocain, Tome 3 éd. La Porte, Rabat, 1972, p. 214, n°‬‬
‫‪322.‬‬
‫‪ 23‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬القيد اإلحتياطي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ 24‬في القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 14882‬المؤرخ في ‪ 7‬فيفري ‪ ،2008‬غير منشور‪ ،‬في نفس اإلطار أ ّكدت المحكمة‬
‫القوة الثبوتية للترسيم مؤاده أنّ الترسيم‬
‫بالقرار التعقيبي المدني عدد ‪ 33195-2009‬المؤرخ في ‪ 1‬أفريل ‪ 2010‬أنّ مبدأ ّ‬
‫التصرف الذي انبنى عليه‪ ،‬قرار غير منشور‪ .‬وفي نفس اإلطار القرار‬
‫ّ‬ ‫هو الذي يثبت الحق دون التفات مبدئيا إلى السند أو‬
‫التعقيبي المدني عدد ‪ 2014-17568‬المؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪ ،2015‬نزار كرمي ‪ ،‬فقه قضاء حديث‪ ،‬المغاربية لطباعة‬
‫وإشهار الكتاب‪ ،2017 ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪11‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫من جهة أخرى وفي إطار حماية الغير حسن ّ‬
‫النية تنقلب هذه القرينة إلى قرينة قاطعة‬
‫ويصبح للترسيم ّ‬
‫قوة ثبوتية مطلقة (املبحث الثاني‪).‬‬

‫املبحث األول ‪:‬‬


‫ّ‬
‫القوة الثبوتية النسبية للترسيم اإلداري الالحق‬
‫ّ‬
‫يتمتع الترسيم اإلداري الالحق أي الذي تباشره إدارة امللكية العقارية بعد‬
‫بقوة ثبوتية نسبية (الفقرة األولى) وهو ما يعني ّأنه يمكن‬
‫إقامة الرسم العقاري‪ّ ،‬‬
‫التشطيب عليه (الفقرة الثانية‪).‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تكريس ّ‬
‫قوة ثبوتية نسبية للترسيم اإلداري الالحق‬
‫أ‪-‬املفهوم ‪:‬‬
‫يمثل نظام الشهر العيني منظومة كاملة ال ّ‬
‫تتجزأ فإذا وقع املساس بأحد‬
‫مبادئها األساسية تعكر صفو النظام بأسره‪ ،‬ويوجد ترابط بين مبادئ الشهر العيني‬
‫ّ‬
‫الشرعية وال‬ ‫ومبدأ ّ‬
‫القوة الثبوتية للترسيم يستند إلى مبدأ املفعول الحفظي وإلى مبدأ‬
‫إال إذا كان الترسيم يحفظ الحق من ّ‬‫ّ‬ ‫مبرر ّ‬
‫ّ‬
‫كل مساس به وكان هذا‬ ‫للقوة الثبوتية‬
‫الترسيم واقعا بعد عمليات بحث وتمحيص‪.‬‬
‫أقرت جميع التشريعات التي ّاتبعت نظام اإلشهار العيني أن يقوم املوظف أو‬
‫ّ‬
‫القاض ي الذي يكون ساهرا على مسك دفتر امللكية بالتثبت في الصكوك ّ‬
‫املقدمة‬
‫ّ‬
‫للترسيم قبل أن يضفي عليها ترسيمه لها سلطة شرعية‪ .‬وتتمثل هذه السلطة في تلك‬
‫وتتفق جميع التشاريع على ّ‬
‫أن الترسيم‬ ‫القوة في إثبات الحق الذي يحتويه الترسيم‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع التونس ي بصفة صريحة على‬ ‫يتمتع لذاته بالقدرة على إثبات الحق‪ .‬لم ينص‬
‫قوة ثبوتية نسبية لكن تستشف هذه النتيجة من خالل أحكام‬ ‫إكساء الترسيمات ّ‬
‫‪12‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬في فقرته الثانية التي ّ‬
‫تنص "وإبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض‬
‫به الغير الذي اكتسب حقوقا على العقار عن حسن ّنية واعتمادا على الترسيمات‬
‫ّ‬
‫بالسجل"‪.‬‬ ‫الواردة‬
‫مما‬ ‫املشرع قصر الحماية على الغير حسن ّ‬
‫النية ّ‬ ‫ّ‬ ‫يفهم من هذه الفقرة ّ‬
‫أن‬
‫يجعل الترسيمات بين األطراف وتجاه الغير س ّيء ّ‬
‫النية قابلة للتشطيب واإلبطال‪ .‬وهو‬
‫ما ّ‬
‫أقرته املحكمة العقارية في الحكم العقاري عدد ‪ 1185‬املؤرخ في ‪ 29‬جوان ‪200925‬‬
‫ّ‬
‫مستمدة من القانون‪.‬‬ ‫حقه فقد أحاطه بحصانة‬ ‫أن من سعى إلى ترسيم ّ‬ ‫"مبينة ّ‬
‫ّ‬
‫ويصبح لذلك الترسيم ّ‬
‫قوة ثبوتية يواجه بها الكافة ما لم يأذن القضاء بالتشطيب‬
‫عليه وكل ترسيم يظل ّ‬
‫متمتعا بقرينة الشرعية ما لم يثبت خالف ذلك"‪.‬‬
‫الدليل على وجود الحق ويثبت الحق دون ضرورة‬ ‫تم يقيم ّ‬ ‫ّ‬
‫إن الترسيم إذا ّ‬
‫ّ‬
‫الصك الذي انبنى عليه ‪ :‬وإذا كان الترسيم يقيم الدليل على وجود الحق‬ ‫الرجوع إلى‬
‫ّ‬
‫لشرعيته نظرا‬ ‫مجرد افتراض‬ ‫صحة الحق ّ‬
‫مبنية على ّ‬ ‫أن ّ‬‫فإن ذلك يبقى نسبيا ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع على‬ ‫للتحقيقات التي يخضع لها‪ .‬لكن هذه التحقيقات تبقى ّ‬
‫محددة من قبل‬
‫سبيل الحصر‪.‬‬
‫ب‪-‬أسباب ّ‬
‫تبني ّ‬
‫قوة ثبوتية نسبية للترسيم اإلداري الالحق ‪:‬‬
‫املشرع التونس ي‪ ،‬إسناد ّ‬
‫قوة ثبوتية نسبية للترسيم اإلداري الالحق‬ ‫ّ‬ ‫اختار‬
‫ّ‬
‫لعدة أسباب أبرزها‪.‬‬
‫‪ +‬سلبيات ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة للترسيمات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ +‬متطلبات العدل واإلنصاف‪.‬‬

‫‪ 25‬حكم غير منشور‪.‬‬


‫‪13‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪ +‬طبيعة تحقيقات إدارة امللكية العقارية‪.‬‬


‫‪-‬سلبيات ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة ‪:‬‬
‫يقصد ّ‬
‫بالقوة الثبوتية املطلقة أن يكون للترسيم ّ‬
‫حجية إثباتية قطعية بشكل‬
‫يتسنى معه الدليل على ما يخالف مضمونه من بيانات وال الطعن فيه من خالل‬‫ال ّ‬
‫املشرع التونس ي ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة‬ ‫إبطاله بسعي من األطراف أو الغير‪ .26‬وقد اتبع ّ‬
‫للترسيمات املتزامنة وحكم التسجيل‪ .27‬فيما فضل اإلستغناء عنها بالنسبة‬
‫للترسيمات اإلدارية الالحقة‪ .‬وذلك لخطورة هذا النظام الذي ال يستجيب لفكرة‬
‫العدالة‪ .‬إذ ّ‬
‫يؤدي إلى تطهير الترسيم ويجعله غير قابل للطعن حتى لو كان مبنيا على‬
‫يؤدي اتباع ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة إلى تجريد البعض من‬ ‫تصرف باطل‪ ،28‬كما قد ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التحيل‪ .29‬كما يرتكز هذا النظام على اعتبار غير أخالقي‬ ‫حقوقهم بسبب أعمال‬
‫ّ‬
‫السجل‬ ‫محركا براغماتيكيا قوامه السعي إلرساء مصداقية‬ ‫محركه الوحيد ّ‬
‫واعتبر ّ‬
‫ّ‬ ‫العقاري‪ .‬وعلى خالف ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة غير املستجيبة ملتطلبات العدالة التي ال‬
‫يجب أن تحيد عنها القاعدة القانونية كلما أمكن ذلك تكريس ّ‬
‫القوة الثبوتية النسبية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتحرم متطلبات العدالة واإلنصاف‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬احترام متطلبات العدالة واإلنصاف ‪:‬‬
‫تبرر ّ‬
‫القوة الثبوتية املطلقة املمنوحة للترسيم املتزامن وحكم التسجيل‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بالسلطات الواسعة التي تتمتع بها املحكمة أثناء نظرها في مطلب التسجيل وكثرة‬

‫‪ 26‬جورج سولمانيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬


‫القوة الثبوتية المطلقة للترسيم المتزامن وحكم التسجيل بصدور المجلة العقارية سنة ‪ 1885‬وكان هذا‬
‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫كرس‬ ‫‪ّ 27‬‬
‫عوضها في‬‫ليقر في ‪ 23‬جانفي ‪ 1995‬مراجعة الحكم العقاري والتي ّ‬
‫الحكم ال يقبل الطعن بأيّة وسيلة مدّة تجاوزت القرن ّ‬
‫نوفمبر ‪ 2008‬بطعن بالتعقيب في الحكم الصادر بالتسجيل‪.‬‬
‫‪ 28‬يراجع إبراهيم أبو النجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫القوة الثبوتية للترسيمات العقارية‪ ،‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ ،2001 .‬عدد ‪ ،6‬ص ‪.135‬‬
‫‪ 29‬عبد المنعم عبود‪ّ ،‬‬
‫‪14‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫اإلشهارات التي يخضع لها مطلب التسجيل‪ .‬بينما تتولى الترسيم اإلداري الالحق‬
‫سلطة إدارية وال يمكن أن تتساوى في القوة الثبوتية ترسيمات متزامنة وحكم تسجيل‬
‫صادر عن محكمة بعد إجراء أبحاث دقيقة‪ ،‬وترسيم إداري الحق أجرته إدارة في إطار‬
‫صالحياتها ّ‬
‫املخولة لها بمقتض ى مبدأ الشرعية‪ .‬ويكون من باب اإلنصاف والعدل أن‬
‫تمكن كل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمتع الترسيم اإلداري الالحق ّ‬
‫تضرر من ذلك‬ ‫بقوة ثبوتية نسبية‬
‫الترسيم بإمكانية إبطال ّ‬
‫السند الذي انبنى عليه الترسيم‪.‬‬
‫‪-‬طبيعة تحقيقات إدارة امللكية العقارية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫وتمتد‬ ‫الصك ّ‬
‫املقدم للترسيم‬ ‫ّ‬ ‫تقوم إدارة امللكية العقارية بمباشرة رقابتها على‬
‫ّ‬
‫املشرع‪ 30‬فهي مدعوة في إطار نظام‬ ‫محددة حصرا من قبل‬ ‫هذه الرقابة‪ ،‬لعناصر ّ‬

‫التبرير القانوني إلى القيام بمجموعة من التحقيقات التي تبقى شكلية وخارجية وال‬
‫يمكنها البحث أو التمحيص عن أصل الحقوق ومدى سالمتها أو ّ‬
‫خلوها من العيوب‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما ال تلزم بالبحث في النقاط املتعلقة بأصل السند على غرار سالمة الرض ى من‬
‫جدية الثمن اعتبر « ‪ّ » Victor Gasse‬أنه إذا قدم طالب الترسيم الوثائق‬
‫عدمه أو ّ‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري من سالمتها الظاهرية‬ ‫املطلوبة وتثبت املوظف الساهر على مسك‬
‫الشرعية ّ‬
‫يعد في ّ‬
‫ظل نظام التبريرات القانونية قد طبق لحصول استكمال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن مبدأ‬
‫دراسة مختلف النقاط املبينة قانونا واملصادقة عليها من طرف املختص‪.31‬‬
‫ّ‬ ‫من جهة أخرى ّ‬
‫فإن تحقيقات هذه اإلدارة مهما اتسعت تبقى منقوصة وال‬
‫قوة ثبوتية مطلقة وفي هذا اإلطار ذهب أحد الفقهاء للقول‬ ‫يمكن أن ينتج عنها ّ‬
‫تبني ّ‬
‫قوة مطلقة وليس‬ ‫السجل ليس لها من الوجهة القانونية ّأية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن تأشيرات أمين‬

‫التعرض لعناصر الرقابة سابقا‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 30‬ت ّم‬
‫قاس‪ ، ) (Victor GASSE‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.255‬‬ ‫‪ 31‬فيكتور ّ‬
‫‪15‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫للتسجيل إذا ّ‬
‫تم أن يغطي العيوب التي تشوب الحق فيما بين املتعاقدين‪ .‬ويكون دور‬
‫هذا التسجيل ّ‬
‫مجرد إتمام قاعدة نسبية أثر العقود في مواجهة الغير دون أن تكون‬
‫له القدرة على تغطية العيب الذي يلحق به‪.32‬‬
‫الشرعية التي تقوم على ّ‬
‫صحة ووجود‬ ‫ّ‬ ‫يستنتج بناء على ما سبق ّ‬
‫أن قرينة‬
‫صحة الحق‪ .‬وهذا يعني ّأنها تهدم‬
‫الحق تبقى قرينة بسيطة قد تدحض بإثبات عدم ّ‬

‫تضرر من ترسيم إداري الحق أجرته‬ ‫بإقامة الدليل على عكسها‪ .‬ويجوز لكل من ّ‬
‫اإلدارة دحض ذلك اإلفتراض وطلب التشطيب على الترسيم‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التشطيب على الترسيم‬
‫يعرف التشطيب ّ‬
‫بأنه "تصريح مختصر أو ترسيم مضاد من نوع خاص مفاده‬
‫ّ‬
‫قانونية له بالنسبة للمستقبل"‪ 33‬أو هو‬ ‫ّ‬
‫أن الترسيم املعني وقع محوه ونزع ّ‬
‫كل آثار‬
‫أيضا إلغاء كلي أو جزئي للترسيم فنتيجة لزوال مفعوله ببطالنه أو بإبطال الحق‬
‫ّ‬
‫املرسم أو انقضائه‪.34‬‬
‫ويجب التمييز بين التشطيب عن إصالح الترسيم‪ ،‬فهذا األخير يقتصر على‬
‫األخطاء املادية الناتجة عن سهر أو غلط‪ 35‬بينما يرمي التشطيب إلى تغيير الحقائق‬
‫ّ‬ ‫املوضوعية ّ‬
‫املرسمة‪ .36‬وأيضا تمييزه عن تعديل الترسيم والذي يتمثل في تحوير تجربة‬
‫إدارة امللكية العقارية على ترسيم موجود يهدف إلى توضيح الحق ّ‬
‫املرسم بإبراز بعض‬

‫‪ 32‬عفيف شمس الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.177‬‬


‫‪33‬‬ ‫‪Charles AMBIALET, Des effets de la force marocaine, Edition Domat, Paris 1936, p. 48.‬‬
‫‪ 34‬أحمد بن طالب‪ ،‬التشطيب على الترسيم‪ ،‬مقابل سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ 35‬يراجع الفصل ‪ 391‬جديد م‪.‬ح‪.‬ع‪ – .‬يراجع أيضا أحمد بن طالب‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ 36‬يراجع محمود العنابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫أوصافه والتنصيص على بعض شروطه أو على الحالة القانونية لصاحبه‪ .37‬وبينما‬
‫فإن التشطيب ّ‬
‫يؤدي إلى إلغاء الحق‪.‬‬ ‫املرسم ّ‬
‫ال يرمي التعديل إلى إلغاء الحق ّ‬

‫ويجب التفريق بين التشطيب اإلداري أي الذي تباشره اإلدارة في بعض‬


‫الحاالت والتشطيب القضائي‪.‬‬
‫أ‪-‬التشطيب اإلداري ‪:‬‬
‫وهذا النوع تباشره اإلدارة ّإما بطلب من األطراف أو دون طلب ألي بصفة‬
‫تلقائية‪.‬‬
‫*التشطيب بطلب من األطراف ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ينص الفصل ‪ 392‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬لكل شخص أن يطلب من إدارة امللكية العقارية‬
‫ّ‬
‫مع تقديمه للوثائق التي توجب هذه املجلة تقديمها ترسيم حق عيني أو تشطيب‬
‫ّ‬
‫ترسيم‪ ."...‬يتعلق التشطيب باألساس بالحقوق العينية الوارد ذكرها بالفصل ‪12‬‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬ومثال ذلك حق االنتفاع الذي يدوم مع الشخص املمنوح له وجودا وعدما‬
‫وينتهي بانتهاء ّ‬
‫املدة أو بموت املنتفع‪ ،‬فإذا انقض ى الحق يمكن ملن ّ‬
‫يهمه األمر طلب‬
‫التشطيب‪.‬‬
‫*التشطيب الذي تباشره اإلدارة دون طلب األطراف ‪:‬‬
‫يفرض القانون على إدارة امللكية العقارية في بعض الحاالت أن تقوم‬
‫ّ‬
‫بالتشطيب على الترسيمات‪ .‬وال يتوقف ذلك على طلب األطراف‪.‬‬

‫‪ 37‬أحمد بن طالب‪ ،‬التشطيب على الترسيم‪ ،‬مقابل سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪17‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫التحفظي‬ ‫مثال ‪ : 1‬التشطيب النتهاء الصلوحية ‪ :‬التشطيب على االعتراض‬
‫بمرور عامين على ترسيمه‪ 38‬أو اإلنذار القائم مقام عقلة بمرور ثالثة أعوام‪.39‬‬
‫عرفه الفقه ّ‬
‫مثال ‪ : 2‬التشطيب بموجب التطهير‪ ،‬والذي ّ‬
‫بأنه تطهير آلي بحكم‬
‫القانون للتحمالت املثقلة على العقار‪ 40‬ويمكن أن ّ‬
‫يتم التطهير في صورة التبتيت‪،‬‬
‫حيث اقتض ى الفصل ‪ 481‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬بيع العقار باملزاد العلني يطهر ذلك العقار من‬
‫ّ‬
‫جميع االمتيازات والرهون املوظفة عليه وبصفة عامة من جميع الترسيمات املتعلقة‬
‫ّ‬
‫بالديون وتتولى إدارة امللكية العقارية بعد ترسيم محضر التبتيت ومن تلقاء نفسه‬
‫التشطيب على الترسيمات املشار إليها‪.41‬‬
‫ّ‬
‫املشرع ملسألة التشطيب بموجب التطهير في إطار اإلجراءات‬ ‫كما ّ‬
‫تعرض‬
‫الجماعية في صورة إحالة املؤسسة أو جزء منها اقتض ى الفصل ‪ 464‬م‪.‬ت‪" 42.‬خالفا‬
‫تطهر املؤسسة عند بيعها من جميع الديون‬ ‫ملقتضيات الفصل ‪ 292‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫والترسيمات السابقة بما فيها املمتازة وتنتقل ّ‬
‫ملكيتها إلى املحال له ّ‬
‫بمجرد وفائه بجميع‬
‫التزاماته ودفعه كامل الثمن ويحجز محصول البيع لفائدة الدائنين"‪ .‬وفي هذه الحالة‬
‫تبادر إدارة امللكية العقارية إلى التشطيب على هذه التحمالت فتنقض ي اآلثار القديمة‬
‫مطهرة من كل رهن أو امتياز أو ّ‬
‫أي دين آخر‪.43‬‬ ‫لإلشهار وتنتقل امللكية إلى املحال له ّ‬

‫‪ 38‬يراجع الفصل ‪ 329‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬


‫‪ 39‬يراجع الفصل ‪ 456‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬ويراجع أيضا الفصل ‪ 370‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬بخصوص القيد االحتياطي للدعوى الذي ينقضي بمرور‬
‫ثالثة أعوام‪.‬‬
‫‪ 40‬نور الدين بالسرور‪ ،‬التطهير اإلرادي للعقارات من الرهون‪ ،‬بحوث في التأمينات العينية والشخصية‪ ،‬عمل جماعي لهيئة‬
‫تدريس قانون التأمينات‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪.1999 ،‬‬
‫‪ 41‬يراجع لمزيد اإلفادة حول التشطيب بموجب التطهير‪ ،‬نسرين محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ 42‬تجدر اإلشارة إلى أنّ قانون اإلجراءات الجماعية الصادر بمقتضى القانون عدد ‪ 36‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪.2016‬‬
‫أصبحت بموجبه أحكام اإلجراءات الجماعية مدمجة بالمجلّة التجارية ولم تبق كقانون مستقلّ‪.‬‬
‫‪ 43‬لمزيد من اإلفادة ولمعرفة صور أخرى للتشطيب اإلداري يراجع محرزية الحجري‪ ،‬مبدأ شرعيّة الترسيم‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪ – .162‬نسرين محمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪18‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫ب‪-‬التشطيب القضائي ‪:‬‬


‫ظهر في التطبيق خلط وصل حد ّ‬
‫الدمج بين مفهومي اإلبطال والتشطيب‪،44‬‬
‫لكن وجب الفصل بينهما‪.‬‬
‫‪+‬إذا كان التشطيب نتيجة لبطالن الترسيم 🠠 هنا يكون التشطيب جزاء تابع‪.‬‬
‫ّ‬
‫شرعية الترسيم 🠠‬ ‫‪+‬أما إذا كان التشطيب نتيجة النقضاء الحق أو عدم‬
‫ّ‬
‫مستقل‪.‬‬ ‫التشطيب هنا جزاء‬
‫‪-1‬التشطيب كجزاء تابع ‪:‬‬
‫يمكن أن يكون التشطيب جز ًاء ّ‬
‫مدنيا تابعا أي مرتبط بجزاء أصلي ويكون‬
‫تبعيا باعتبار الدعوى ال تهدف أصالة إلى اإلذن بالتشطيب ويتأسس التشطيب على‬
‫الترسيم كجزاء مدني تابع إلبطال السند املرسم أو فسخه أو انقضائه فهو نتيجة‬
‫ّ‬
‫لفساد السند الواقع ترسيمه‪ ،45‬وهو ما أكدته محكمة التعقيب في القرار التعقيبي‬
‫"إن التشطيب على الترسيم‬ ‫املدني عدد ‪ 7701‬املؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪ 2005‬بقولها ّ‬

‫بالسجل العقاري يعتبر جز ًاء تابعا‪ .‬فهو نتيجة لفساد السند الواقع ترسيمه وبذلك‬
‫ّ‬
‫املرسم لخلل في ركن من أركان ّ‬
‫صحته تظل ممكنة‬ ‫فإن دعوى إبطال العمل القانوني ّ‬ ‫ّ‬
‫القيام بصرف النظر عن مسألة معارضة الغير بذلك الحق ّ‬
‫املرسم"‪.‬‬
‫اعتبر "أحمد بن طالب" ّأنه ال تشطيب بدون إبطال‪ 46‬وهذا يعني ّ‬
‫أن‬
‫التشطيب هو نتيجة حتمية إلبطال الصك ّ‬
‫املرسم من خالل دعوى البطالن‪ّ 47‬‬
‫ويتم‬
‫التشطيب على الترسيم كلما اعترى الصك الذي تأسس عليه الترسيم خلل فيكون‬

‫‪ 44‬محمود شمام‪ ،‬الترسيم بدفتر خانة لألمالك العقارية وإمكانية إبطاله والتشطيب عليه‪ ،‬ق‪.‬ت‪ ،1980 .‬عدد ‪ ،3‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 45‬الحبيب الشطي‪ ،‬دعوى التشطيب‪ ،‬دراسات في القانون العقاري‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،2001‬ص ‪.116‬‬
‫‪ 46‬أحمد بن طالب‪ ،‬التشطيب على الترسيم‪ ،‬مقابل سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫المشرع أجاز القيام بدعوى في إبطال الترسيم رأسا أي دون طلب بطالن الصك‪ ،‬كلما خال الترسيم‬
‫ّ‬ ‫‪ 47‬تجدر اإلشارة إلى أنّ‬
‫من تاريخه‪ ،‬يراجع الفصل ‪ 399‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫املحل وبالنسبة‬ ‫الرضا أو ّ‬
‫السبب أو‬ ‫معرضا للبطالن املطلق العقد الذي ينعدم فيه ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫للعقود الشكلية الشكل الذي يشترطه القانون ّ‬
‫لصحته ّأما إذا تعلق الخلل بافتقار‬
‫أقل ّ‬ ‫العقد لشرط يكتس ي ّ‬
‫أهمية ّ‬
‫فإنه يجازى بالبطالن النسبي‪.‬‬
‫الصك الذي انبنى عليه الترسيم ّ‬
‫ّ‬ ‫صرح القاض ي ببطالن ّ‬
‫وإذا ّ‬
‫فإنه‬ ‫السند أو‬
‫يأذن إلدارة امللكية العقارية بالتشطيب على الترسيم الذي ّ‬
‫تم بموجب ذلك السند‪.48‬‬
‫من ذلك مثال الحكم االبتدائي عدد ‪ 4999‬الصادر في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 49 1998‬والذي قضت‬
‫ّ‬
‫العقارية بالتشطيب‬ ‫الرهن واإلذن ّ‬
‫للسيد حافظ امللكية‬ ‫فيه املحكمة ببطالن عملية ّ‬
‫على ترسيم ذلك ّ‬
‫الرهن‪ .‬وقد نحت املحكمة العقارية بمناسبة نظرها في الطعن في‬
‫قرارات إدارة امللكية العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬في نفس االتجاه ّ‬
‫مقرة في‬
‫الحكم العقاري عدد ‪ 1098‬املؤرخ في ‪ 9‬جويلية ‪ّ 2007‬‬
‫أن "الترسيم استند إلى ّ‬
‫صك‬
‫معدوم وقد ثبت قضائيا عدم ّ‬
‫صحة الصك املذكور مما ال يستقيم معه اإلبقاء على‬
‫ترسيم سنده معدوما"‪.50‬‬
‫وقد ّ‬
‫يتأسس التشطيب كجزاء تابع على دعوى الفسخ‪ 51‬وإذا حكم بفسخ‬
‫العقد الذي انبنى عليه الترسيم‪ ،‬يأذن بالتشطيب كجزاء تابع لجزاء أصلي وهو‬
‫الفسخ‪ .‬كما قد ّ‬
‫يتأسس التشطيب على دعوى االنقضاء وهي الدعوى التي يقام بها‬
‫لطلب الكم بانقضاء الحق في الكل أو في البعض‪ ،‬ومثال ذلك ما ّ‬
‫نص عليه الفصل‬
‫‪ 290‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬يقع التشطيب على الرهون بتقديم كتب ممض ى من الدائن في رفع اليد‬
‫قوة ما ّاتصل به القضاء"‪.‬‬
‫أو بحكم أحرز على ّ‬

‫‪ 48‬يراجع رمزي ساسي‪ ،‬إشهار الحق العيني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬
‫‪ 49‬مجلة القضاء والتشريع ‪ 1999‬عدد ‪ ،7‬ص ‪.145‬‬
‫‪ 50‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪ 51‬هو جزاء عدم تنفيذ أحد الطرفين اللتزامه الناشئ عن عقد ملزم لجانبين ينحل بموجبه ذلك العقد ويزول بصفة رجعية‬
‫بحكم من المحكمة أو عمال بشرط فسخي في العقد‪ ،‬يراجع مح ّمد الزين‪ ،‬العقد‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫‪-2‬التشطيب كجزاء أصلي ‪:‬‬


‫الدعوى ّ‬
‫ضد قرارات اإلدارة القاضية‬ ‫توجه ّ‬
‫يقصد بالتشطيب األصلي أن ّ‬

‫وتتأسس دعوى التشطيب‬ ‫ّ‬ ‫بالترسيم دون النظر إلى الكتائب موضوع الترسيم‪.‬‬
‫عدة أسس‪.‬‬‫األصلي‪ 52‬على ّ‬

‫ويمكن مبدئيا اإلقرار بجواز التجاء كل ذي مصلحة إلى القضاء قصد‬


‫بالسجل العقاري‪ّ .53‬‬
‫فتتم ممارسة هذا‬ ‫ّ‬ ‫استصدار حكم بالتشطيب على الترسيم‬
‫يمهد إلقرار هذا الحق‪.54‬‬‫أي مطلب أو طعن ّ‬‫الحق بشكل أصلي ومستقل عن ّ‬
‫ّ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى مسألة في غاية األهمية‪ ،‬تتعلق بطبيعة دعوى التشطيب‪،‬‬
‫ّ‬
‫يختص بها القضاء‬ ‫أثارت هذه الدعوى جدال‪ ،‬اعتبرها البعض ذات طبيعة إدارية‪،‬‬
‫اإلداري‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫أن القرارات الصادرة عن هذه اإلدارة قرارات إدارية‪ ،55‬بينما ذهب‬
‫ّ‬
‫البعض إلى اعتبارها ذات طبيعة مدنية لتعلقها بحق امللكية ومسك السجل العقاري‬
‫يعود النظر فيها إلى القضاء املدني‪ .56‬وقد انعكس الجدل الفقهي حول هذه الدعوى‬
‫ّ‬
‫على فقه القضاء‪ .‬أكد القضاء اإلداري عدم اختصاصه وورد في القرار االستعجالي‬
‫أن النظر في طلب التشطيب على‬ ‫اإلداري عدد ‪ 71102‬املؤرخ في ‪ 26‬فيفري ‪ّ 2001‬‬

‫شرط سقوط الحق املدرج بالرسم العقاري موكول إلى جهاز القضاء العدلي عمال‬
‫بأحكام الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬األمر الذي ّ‬
‫يتعين معه رفضه لعدم االختصاص‪.57‬‬

‫ي إبطال وفسخ‪.‬‬‫‪ 52‬أي الدعوى التي يتسلط فيها التشطيب كجزاء مدني أصلي ومستقل عن أ ّ‬
‫‪ 53‬رياض الجمل‪ ،‬محاضرات في القانون العقاري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ 54‬آمنة اليحياوي‪ ،‬التشطيب على الترسيم بالسجل العقاري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المع ّمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.84‬‬
‫مقررات حافظ الملكية العقارية‪ ،‬مجموعة مداخالت ملتقى مائوية التسجيل العقاري ‪.1987‬‬ ‫‪ 55‬البشير التكاري‪ ،‬الطعن في ّ‬
‫مقررات حافظ الملكية العقارية‪ ،‬ملتقى الطعون لدى المحكمة العقارية‪ ،‬نوفمبر ‪ ،1998‬ص‪.54‬‬ ‫‪ 56‬الحبيب الشطي‪ ،‬الطعن في ّ‬
‫‪ 57‬فقه قضاء المحكمة اإلدارية‪ ،2001 ،‬ص ‪.469‬‬
‫‪21‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫بينما ّ‬
‫أقرت محكمة التعقيب اختصاص القضاء املدني في القرار التعقيبي‬
‫أن طلب إبطال‬ ‫املدني عدد ‪ 69492-2011‬املؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 58 2012‬مبرزة ّ‬

‫الترسيم أو التشطيب عليه يكون من اختصاص محاكم الحق العام وليس من أنظار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫استحقاقية بحتة والنعدام الصبغة اإلدارية فيه‪.‬‬ ‫املحكمة اإلدارية لتعلقه بمسألة‬
‫صرحت به محكم‬ ‫وتختص املحكمة االبتدائية بالنظر في هذه ّ‬
‫الدعوى وهو ما ّ‬ ‫ّ‬
‫السجل العقاري‪ّ ،‬‬
‫أهم‬ ‫ّ‬ ‫التعقيب‪ .59‬وتبقى مخالفة إدارة امللكية العقارية لقواعد مسك‬
‫ّ‬
‫املختصة مدى التزام‬ ‫أساس تنبني عليه دعوى التشطيب األصلي‪ .‬وتراقب املحكمة‬
‫ّ‬
‫إدارة امللكية العقارية بقواعد ومبادئ الشهر العقاري وخاصة فيما يتعلق بالشهر‬
‫العقاري‪ ،‬وقد ّ‬
‫تجسد ذلك في قضية عرفت بقضية البنك العربي التونس ي"‪ .60‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى ّأنه بمناسبة تلك القضية بكافة أطوارها وتنقلها بين املحاكم إجماع‬
‫املحاكم حول مبدأ حظر ّاتخاذ إدارة امللكية العقارية قرار في التشطيب على الترسيم‬
‫ّ‬
‫املشرع يجيز لإلدارة مباشرة‬ ‫املحددة قانونا‪ ،‬ذلك ّ‬
‫أن‬ ‫من تلقاء نفسها (وخارج الصور ّ‬
‫ّ‬ ‫بالسجل العقاري)‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫وأنه ال يمكن أن يسلط التشطيب كجزاء أصلي‬ ‫بعض التشطيبات‬
‫ّ‬
‫إال بموجب حكم قضائي‪ .‬جاء في الحكم االبتدائي عدد ‪ 69442‬املؤرخ في ‪ 27‬فيفري‬
‫تضمن اإلذن بإدراج ّ‬
‫حق‪ ...‬ولم‬ ‫نص الحكم ّ‬‫فإن ّ‬ ‫‪" 61 1990‬وحيث عالوة على كل ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫العقارية أن‬ ‫يأذن بالتشطيب على شراء البنك وبالتالي لم يكن بإمكان حافظ ّ‬
‫امللكية‬

‫‪ 58‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫‪ 59‬جاء بالقرار التعقيبي المدني عدد ‪ 36193-2009‬المؤرخ في ‪ 24‬ماي ‪" 2010‬أنّ الفصل ‪ 40‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬واضح البيان‬
‫صة اختصاصا حكميا شامال في نظر جميع الدعاوى عدا ما خرج عنها‬ ‫وصريح الداللة في اعتبار المحكمة االبتدائية مخت ّ‬
‫بنصّ خاص‪ ،‬وحيث بإنزال األحكام السالفة على صورة الحال يتبيّن أنّ التشطيب على ترسيم بالسج ّل العقاري هي دعوى‬
‫غير مقدّرة وراجعة بالنظر إلى المحكمة االبتدائية"‪ .‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪ 60‬يراجع حول أطوار هذه القضية‪ ،‬حامد النقعاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ 61‬وقعت اإلشارة إليه من قبل حامد النقعاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫يتولى التشطيب دون إذن صريح من املحكمة‪ ،‬خاصة ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن التشطيب ال يمكن أن يقع‬
‫ّ‬
‫إال بموجب حكم قضائي بات‪.62‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤكد القضاء العقاري على نفس املبدأ ّ‬
‫وأن التشطيب ال يتسلط إال بحكم‬ ‫كما‬
‫ّ‬ ‫قضائي‪ّ ،‬‬
‫وضحت املحكمة العقارية بمناسبة الطعن عدد ‪ 1064‬املؤرخ في ‪ 12‬مارس‬
‫أن طلب التشطيب على عقد البيع ال يستقيم في غياب حكم قضائي قاض‬ ‫‪ّ 2007‬‬
‫بالتشطيب على البيع ّ‬
‫املرسم ّ‬
‫بالرسم العقاري موضوع البيع‪.63‬‬
‫لئن كان يجوز التشطيب على الترسيم اإلداري الالحق من قبل كل من ّ‬
‫تضرر‬
‫الشرعية‪ ،‬قرينة بسيطة يمكن دحضها ّ‬
‫فإن األمر غير‬ ‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬على اعتبار ّ‬
‫وأن قرينة‬
‫ّ‬
‫ممكن إذا تعلق األمر بمجابهة غيرا اكتسب حقوقا على العقار عن حسن ّنية‪ ،‬فتصبح‬
‫ّ‬
‫شرعية الترسيم‪.‬‬ ‫هذه القرينة قاطعة‪ .‬وال يمكن مجابهة هذا الغير بعدم‬
‫ّ‬
‫الثبوتية املطلقة للترسيم اإلداري الالحق تجاه‬ ‫املبحث الثاني ‪ّ :‬‬
‫القوة‬
‫الغير حسن ّ‬
‫النية‬
‫القوة الثبوتية النسبية للترسيم اإلداري إلى ّ‬
‫قوة ثبوتية مطلقة‪ 64‬تجاه‬ ‫تتحول ّ‬
‫ّ‬
‫النية حماية له‪ .‬وفي الحقيقة يتعارض هذا االستثناء ّ‬
‫املقر لحماية الغير‬ ‫الغير حسن ّ‬
‫مع قاعدتين ‪:‬‬

‫‪ 62‬يراجع في ن فس الصدد‪ ،‬القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 80445‬المؤرخ في ‪ 29‬أفريل ‪ .1992‬ت ّمت اإلشارة إليه من قبل‬
‫حامد النقعاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ 63‬حكم غير منشور‪ ،‬أيضا الحكم العقاري عدد ‪ 1189‬المؤرخ في ‪ 30‬مارس ‪ ،2009‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ 64‬هناك من ذهب للقول بأنّ الحجية المطلقة للترسيم تجاه الغير حسن النيّة‪ ،‬قول مغلوط موضّحا أنّ الترسيم الذي ال يمكن‬
‫التصور غير دقيق ألنّ هذا الترسيم يبقى متمتّعا بحجيّة نسبية‬
‫ّ‬ ‫إبطاله نظرا لحسن نيّة صاحبه ويقال أنّ له حجيّة مطلقة فهذا‬
‫انجر إليه منه الحق‪ .‬عادل البراهمي‪ ،‬حصانة‬ ‫ّ‬ ‫المشرع أعفاه من التأثّر بعيب ترسيم من‬
‫ّ‬ ‫شأنه شأن ك ّل ترسيم إداري لكن‬
‫الحكم العقاري‪ :‬ثنائية المفعول التطهيري والحجيّة المطلقة‪ ،‬ق‪.‬ت‪ ،2007 .‬عدد ‪ ،7‬ص ‪.128‬‬
‫‪23‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫‪-‬القاعدة األولى ‪" :‬ما بني على باطل فهو باطل" بمعنى إذا أبطل الترسيم تبعا‬
‫املؤسس عليه فمن املبدأ أن ينسحب هذا األثر على الحق املكتسب‬ ‫السند ّ‬ ‫لبطالن ّ‬
‫ّ‬
‫بالتبعية الستناده على حق باطل‪.‬‬ ‫من الغير حسن ّ‬
‫النية‬
‫ّ‬
‫الش يء ال يعطيه"‪ّ ،‬‬
‫كرسها الفصل ‪ 551‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬الذي‬ ‫‪-‬القاعدة الثانية ‪ :‬فاقد‬
‫نص "ال يجوز لشخص أن يمنح غيره أكثر مما لنفسه من الحقوق"‪.‬‬‫ّ‬
‫حقه ّ‬
‫املرسم في حين يثبت ذلك الحق‬ ‫فالسلف الذي وقع إبطال ترسيمه يفقد ّ‬
‫ذمة الغير حسن ّ‬
‫النية الذي اكتسبه من صاحب الترسيم الواقع إبطاله‪ .‬ومع ذلك‬ ‫في ّ‬
‫املشرع مثل غيره من التشاريع هذا االستثناء لحماية الغير حسن ّ‬
‫النية بالفقرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كرس‬
‫الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬وإبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي‬
‫ّ‬
‫بالسجل"‪.‬‬ ‫اكتسب حقوقا على العقار عن حسن ّنية واعتمادا على الترسيمات الواردة‬
‫فمن هو الغير حسن ّ‬
‫النية وما هي شروط االنتفاع بالحماية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم الغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫بأنه "كل شخص ال يحمل صفة الطرف"‪ّ .65‬‬ ‫يعرف الغير بصفة عامة ّ‬‫ّ‬
‫وقدم‬
‫ّ‬ ‫"جيرار كورنو" التعريف التالي للغير ّ‬
‫بأنه "الشخص الذي لم يكن ال طرفا وال ممثال في‬
‫"محمد املالقي" ّ‬
‫ّ‬ ‫العقد وال تلزمه آثاره‪ّ .66‬‬
‫بأنه الغير عامة هو كل من كان أجنبيا‬ ‫وعرفه‬
‫التعاقد ولم يعد يشارك فيها ال بنفسه وال بواسطة من كان له نيابة‬ ‫تماما عن دائرة ّ‬

‫‪65‬‬
‫‪GHESTIN (G.), Nouvelles propositions sur un renouvellement de la distinction des parties‬‬
‫‪et des tiers, R.T.D. civil, octobre – décembre 1994, p. 777.‬‬
‫‪ 66‬جيرار كورنو‪ ،‬معجم المصطلحات القانونيّة‪ ،‬ترجمة منصور القاضي‪ ،‬المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.808‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫صحيحة عنه‪ ،‬وعليه فليس من الغير بهذا املعنى األشخاص الذين أنجز لهم الحق‬
‫من املتعاقدين وهم خلفائهم بوجه عام أو بوجه خاص‪.67‬‬
‫ّ‬
‫لكن الغير في مادة اإلشهار العقاري يختلف عن هذه التعاريف السابقة‬
‫ّ‬
‫ازدواجية هذا املفهوم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بخصوصية راجعة إلى‬ ‫ّ‬
‫ويتميز‬
‫‪-‬املفهوم ّ‬
‫املوسع ‪ :‬يكون بمقتضاه الغير جميع األشخاص الذين لم يكونوا‬
‫ّ‬
‫وتحققت لهم مصلحة في استبعاده‬ ‫ّ‬
‫املسجل‬ ‫ّ‬
‫التصرف غير‬ ‫أطرافا في العقد أو‬
‫باالستناد إلى حق عيني مترتب لهم على العقار أو إلى ّ‬
‫أي سبب غير مشروع‪.68‬‬
‫ّ‬
‫الضيق ‪ :‬يقصد به كل شخص غير املتعاقدين وورثتهما تكون بينه‬ ‫‪-‬املفهوم‬
‫التمسك بالعقد ّ‬
‫املرسم‪.69‬‬ ‫ّ‬ ‫وبين أحد املتعاقدين عالقة قانونية تجعل له مصلحة في‬
‫وقد كان الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬يستعمل هذا املصطلح في الفقرة األولى وفي‬
‫الفقرة الثانية كاآلتي ‪:‬‬
‫كل حق ال يعارض به الغير إال بترسيمه بإدارة امللكية العقارية وابتداء من‬
‫تاريخ ذلك الترسيم‪.‬‬
‫إبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي يكون حسن ّ‬
‫النية‪.‬‬
‫ّ‬
‫تتعلق الفقرة األولى باملفعول االحتجاجي للترسيم والذي ّ‬
‫عرضه املفعول‬
‫املنش ئ للترسيم منذ تنقيح ‪ّ .1992‬أما الفقرة الثانية فتتعلق بمبدأ ّ‬
‫القوة الثبوتية‬
‫للترسيم اإلداري الالحق‪ّ .‬أدت هذه االزدواجية إلى الخلط بين املفهومين‪ ،‬أحيانا في‬

‫‪ 67‬مح ّمد المالقي‪ ،‬محاضرات في شرح القانون المدني‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،2003 ،‬ص ‪.211‬‬
‫المقررة للغير بمقتضى نظام الشهر العيني‪ ،‬مجموعة أعمال الحلقة الدراسية لقوانين‬
‫ّ‬ ‫‪ 68‬إدوار عيد‪ ،‬الحقوق والضمانات‬
‫الشهر العقاري في البالد العربية‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،1973 ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪ 69‬مح ّمد خيري‪ ،‬التّعاقد في الميدان العقاري‪ ،‬المجلّة المغاربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪،1986 ،2‬‬
‫ص‪.521‬‬
‫‪25‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫ّاتجاه التوسيع بالرجوع إلى قواعد القانون املدني وخاصة االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫والربط بين الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬والفصل ‪ 241‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ . 70.‬وأحيانا أخرى في ّاتجاه‬
‫ّ‬
‫التضييق ّ‬
‫بتبني مفهوم ّ‬
‫ضيق للغير انطالقا من الفقرة الثانية للفصل ‪ 305‬وسحبها‬
‫على كامل الفصل‪.71‬‬
‫لكن ّاتضحت الرؤية بصدور القانون عدد ‪ 46‬املؤرخ في ‪ 4‬ماي ‪ 1992‬والذي‬
‫أقحم مبدأ املفعول املنش ئ من جديد في املنظومة العقارية وأصبحت عبارة الغير‬
‫موجودة بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬اقتضت ّ‬
‫أن إبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي‬
‫ّ‬
‫بالسجل‪.‬‬ ‫اكتسب حقوقا على العقار عن حسن نية واعتمادا على الترسيمات الواردة‬
‫أن الغير املعني بالحماية هو الغير الذي اكتسب الحق على العقار‬‫ّيتضح ّ‬
‫السجل العقاري‪ .‬وهذا يعني ّ‬
‫أن هذا الغير قد تثبت من وضع العقار فكان‬ ‫ّ‬ ‫استنادا إلى‬
‫هذا األخير سانحا للتعامل في شأنه‪ .‬وبالتالي اطمأن لظاهر األشياء‪.‬‬
‫يسمى بنظرية الظاهر التي تعني ّ‬
‫أن ما خرج عن‬ ‫تجد هذه املادة أساسها في ما ّ‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري وهو‬ ‫السجل العقاري ال ّ‬
‫حجية له على الغير الذي تعامل مع بيانات‬ ‫ّ‬
‫يعتقد ّأنه في إطار وضعية شرعية‪ ،‬أي يتراءى له الظاهر ّ‬
‫بأنه الحقيقة‪.72‬‬

‫‪ 70‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 13665‬المؤرخ في ‪ 13‬جانفي ‪ ،1986‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1986‬ج ‪ ،1‬ص ‪.225‬‬
‫‪ 71‬يراجع القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 7125‬المؤرخ في ‪ 2‬ماي ‪ 1983‬جاء به ‪" :‬المقصود من الغير في مجلّة الحقوق‬
‫مجرد من يدعي حقا على عقار مسجّل‬ ‫ّ‬ ‫مدون بالسج ّل العقاري ال‬
‫العينية هو مكتسب الحق على العقار باالستناد إلى ما هو ّ‬
‫غير قابل للترسيم"‪ ،‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1983‬الجزء ‪ ،II‬ص ‪.215‬‬
‫يراجع أيضا ‪ :‬رمزي ساسي‪ ،‬مفهوم الغير في اإلشهار العقاري‪ ،‬كتاب خمسون عاما من فقه القضاء المدني ‪،2009-1959‬‬
‫ص ‪.1483‬‬
‫‪ 72‬يراجع بخصوص نظرية الظاهر‪ ،‬مصطفى عبد السيد الجارحي‪ ،‬أحكام الظاهر في السج ّل العيني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫النهضة‪ ،‬القاهرة ‪ – .1988‬هاجر البرناط ‪ ،‬حماية الغير من خالل نظريّة الظاهر‪ ،‬مذكرة للحصول على شهادة الدراسات‬
‫المع ّمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪.1998 ،‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫لتقر ّ‬
‫بحق الغير في القرار‬ ‫وقد استندت محكمة التعقيب على هذه النظرية ّ‬
‫التعقيبي املدني عدد ‪ 52914‬املؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ 1997‬ورد به تأتي األحكام الخاصة‬
‫النية ‪ .‬أي الجاهل بالعيب‬ ‫ّ‬
‫املسجلة القائمة على فكرة حماية الغير حسن ّ‬ ‫بالعقارات‬
‫واملعتمد للترسيمات الظاهرة املدرجة بالرسم العقاري‪ ،‬لتفرض بقاء حق الغير رغم‬
‫بطالن ّ‬
‫صك سلفه‪.73‬‬
‫وبمراجعة فقه القضاء الصادر قبل تنقيح ‪ 4‬ماي ‪ّ 1992‬يتضح ّأنه ّ‬
‫قدم‬
‫تعريفا للغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬يمكن القول ّ‬
‫بأنه‬
‫ّ ّ‬
‫املشرع تأثر بهذه التعاريف من ذلك ما جاء بالقرار التعقيبي املدني‬ ‫استباقي وقد يكون‬
‫فإن املفهوم العام املستخلص من عموم‬ ‫املؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪ّ ..." 1986‬‬‫عدد ‪ّ 15157‬‬
‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫املدون‬ ‫املجلة يفيد ّ‬
‫أن الغير من اكتسب حقا على عقار باالستناد إلى الترسيم ّ‬
‫العقاري وقام من جهته بترسيم الحق الذي اكتسبه‪.74‬‬
‫لكن من هو الغير املعني بالحماية‪ ،‬أجابت محكمة التعقيب في القرار‬
‫التعقيبي املدني عدد ‪ 22994-2002‬املؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ 2003‬بالقول ّ‬
‫"بأن الغير‬
‫الذي عناه الفصل املذكور هو مكتسب الحق الذي يكون بالنسبة إلى البيع الرضائي‬
‫ّ‬
‫"محمد‬ ‫املشتري وبالنسبة للبيع القصري املبتت له"‪ .‬وقد نحا على هذا القرار األستاذ‬
‫كمال شرف الدين" مبرزا ّأن التوضيح الذي قدمته محكمة التعقيب بخصوص‬
‫الغير توضيح سليم فالحماية التي وضعتها الفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬ال‬
‫تخص إال شخصا واحدا وهو الخلف الخاص‪ّ ،‬‬
‫وبأن هذه الحماية توجيها الثقة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املستمدة من بيانات الرسم العقاري‪.75‬‬

‫‪ 73‬المجلّة القانونية التونسية ‪ ،2000‬ص ‪ 301‬مع تعليق لألستاذ محمد كمال شرف الدين‪.‬‬
‫‪ 74‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1986‬قسم مدني‪ ،‬ص ‪ . 235‬يراجع أيضا في نفس الصدد القرار التعقيبي المدني عدد ‪7125‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2‬ماي ‪ ،1983‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1984‬قسم مدني‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪ 75‬القرار والتعليق عليه‪ ،‬المجلة القانونية التونسية‪ ،2004 ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪27‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫املشرع أن يكون حسن‬ ‫لكن لكي ينتفع هذا الغير بالحماية ّ‬
‫املقررة له يشترط‬
‫ّ‬
‫النية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حسن ّ‬
‫النية شرط النتفاع الغير بالحماية‬
‫ّ‬
‫يعد الغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الشخص الوحيد‬
‫ّ‬
‫املستحق للحصانة واملعني بالحماية‪ .‬لكن تبقى هذه الحماية مشروطة بتوفر حسن‬
‫ّنيته من عدمها‪.‬‬
‫أ‪-‬مفهوم حسن ّ‬
‫النية ‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 558‬م‪.‬ا‪.‬ع‪" .‬األصل في كل إنسان االستقامة وسالمة ّ‬
‫النية حتى‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع على ضرورة الوفاء بااللتزامات مع تمام األمانة‬ ‫يثبت خالف ذلك"‪ .‬كما ّ‬
‫نص‬
‫كرست ّ‬
‫جل‬ ‫بالفصل ‪ 243‬م‪.‬ا‪.‬ع‪" .‬يجب الوفاء بااللتزامات مع تمام األمانة‪ ."...‬وقد ّ‬
‫التشاريع‪ .76‬هذا املبدأ في املادة املدنية‪ .‬وتعود حماية الغير حسن ّ‬
‫النية إلى القانون‬
‫ّ‬ ‫املشرع إلى حسن ّ‬
‫ّ‬ ‫الروس ي لسنة ‪ّ .77 1872‬‬
‫النية كشرط يجب توفره لينتفع‬ ‫تعرض‬
‫النية ّ‬
‫البد‬ ‫يعرفه‪ .‬وللوصول إلى تحديد تعريف شامل لحسن ّ‬ ‫الغير بالحماية دون أن ّ‬
‫تبني ّ‬
‫املشرع ملعيار‬ ‫التأمل في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬التي ّيتضح منها ّ‬
‫من ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السجل‬ ‫ذاتي وهو الجهل بالعيب ومفهوم موضوعي يتمثل في االعتماد على بيانات‬
‫العقاري‪.‬‬
‫*املعيار الذاتي ‪ :‬الجهل بالعيب‬

‫‪ 76‬تراجع مثال المادة ‪ 157‬من القانون المدني األلماني‪ ،‬المادة الثالثة من القانون السويسري‪.‬‬
‫‪77 Victor GASSE, op. cit., p. 278.‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫املشرع التونس ي حسن ّ‬
‫النية‪ . 78‬وذلك على خالف التشاريع املقارنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لم ّ‬
‫يعرف‬
‫السجل العيني املصري‪ ،‬على ّأنه "يعتبر الغير حسن ّ‬
‫النية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تنص املادة ‪ 17‬من قانون‬
‫إذا كان ال يعلم وال يستطيع أن يعلم ّ‬
‫بالسبب الذي تستند إليه الدعوى"‪ .‬كما جاء‬
‫باملادة ‪ 974‬من القانون املدني السويسري تعريف لحسن ّ‬
‫النية من خالل تحديد‬
‫نقبضها أي سوء النية "س ّيء ّ‬
‫النية هو ذلك الذي علم أو كان عليه أن يعلم بالعيوب‬
‫التي تكتنف التسجيل"‪.‬‬
‫سوملانيون"‪79‬‬
‫عرفه "جورج‬ ‫وتعددت التعاريف‪ّ ،‬‬ ‫اهتم الفقه بهذا املفهوم ّ‬
‫ّ‬
‫بالجهل من قبل الغير بالعيوب واألسباب التي ّأدت إلى بطالن الترسيم الذي وضع ثقته‬
‫فيه‪ّ .‬أما األستاذ "محمد كمال شرف الدين" فاقترح تعريفا يكون بمقتضاه حسن‬
‫صحة سند معاقده"‪ .80‬من جهة ذهب "حامد‬‫النية "الغير الذي كان يحصل عدم ّ‬‫ّ‬
‫النية "الشخص الذي يجهل بعيب ّ‬
‫السند الذي ّ‬
‫تم‬ ‫النقعاوي" إلى اعتباره حسن ّ‬
‫بموجبه الترسيم‪ .81‬وبالتالي يمكن القول ّ‬
‫بأن الغير يكون حسن ّ‬
‫النية إذا كان يجهل‬
‫ما يمكن أن يطال مباشرة أو بشكل غير مباشر الحق ّ‬
‫املرسم من أسباب بطالن‬
‫ّ‬
‫شرعيته"‪.‬‬ ‫وعيوب تمس‬
‫النية ّ‬
‫بأنه "أن يكون‬ ‫معرفا حسن ّ‬ ‫ّ‬
‫التمش ي ّ‬ ‫وقد انتهج فقه القضاء نفس‬
‫املشتري ال يعلم وقت شرائه بوجود شراء قبله"‪ ،‬وذلك في القرار التعقيبي املدني عدد‬
‫‪ 22994‬املؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ .82 2003‬وأبرزت املحكمة في القرار التعقيبي املدني عدد‬
‫أن حسن ّ‬
‫النية يعني الجهل بالعيوب أو األسباب‬ ‫‪ 3346‬املؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر ‪ّ 2006‬‬

‫تعرض إلى عنصر عدم العلم أي الجهل‪ ،‬جاء بالفصل ‪ 44‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬‫المشرع مثال عند تعريفه للحائز بشبهة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 78‬يالحظ أنّ‬
‫الحائز بشبهة هو الحائز بوجه ال يعلم عيبه‪.‬‬
‫‪ 79‬جورج سولمانيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.343‬‬
‫‪ 80‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬حقوق الغير‪ ،‬أطروحة سابقة‪( ،‬باللغة الفرنسية)‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪ 81‬حامد النقعاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫‪ 82‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫التي ّأدت إلى إبطال الترسيم الذي اعتقد ّأنه سليم – وذلك على خالف سوء ّ‬
‫النية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التي تتمثل في العلم بهذه العيوب‪ .83‬وأكدت في القرار التعقيبي املدني عدد ‪66741‬‬
‫أن املقصود بحسن ّ‬
‫النية هو "جهل ذلك الغير بالعيوب‬ ‫املؤرخ في ‪ 14‬ديسمبر ‪ّ 2012‬‬
‫املؤدية إلى إبطال الترسيم الذي اعتمد عليه في اكتساب ّ‬
‫حقه على‬ ‫أو األسباب ّ‬

‫العقار‪.84‬‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري‬ ‫*املعيار املوضوعي ‪ :‬االعتماد على بيانات‬
‫كان الفصل ‪ 305‬قديم في فقرته الثانية ّ‬
‫يكرس مفهوما شخصيا بحسن النية‪.‬‬
‫لكنه فضل بمناسبة تنقيح ‪ 4‬ماي ‪ 1992‬تنقيح هذه الفقرة وإضافة بعض‬ ‫ّ‬
‫املصطلحات وأصبحت ّ‬
‫تنص على ما يلي ‪" :‬وإبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به‬
‫الغير الذي اكتسب حقوقا على العقار عن حسن نية واعتمادا على الترسيمات‬
‫ّ‬
‫بالسجل"‪.‬‬ ‫الواردة‬
‫املشرع قرن حسن ّنية الغير باالطالع على‬
‫ّ‬ ‫يفهم من هذه األحكام الجديدة ّ‬
‫أن‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري‪ .‬ولم يعد يكتف باملفهوم الذاتي املتمثل في الجهل بالعيب‪ .‬فإذا قام‬
‫السجل العقاري قبل اكتسابه للحق وكان هذا السجل خاليا‬‫ّ‬ ‫هذا الغير باالطالع على‬
‫أي تنصيص يفيد إمكانية وجود ذلك العيب على غرار قيد احتياطي مثال ّ‬
‫فإن‬ ‫من ّ‬
‫ّ‬
‫يؤكد ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا الغير يعتبر حسن ّ‬
‫أن‬ ‫النية‪ .‬وتتعذر معارضته بإبطال الترسيم‪ .‬وهذا ما‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري هو الذي يعكس الحقيقة الظاهرية عبر البيانات املدرجة به والتي‬
‫قد تصادف الحقيقة وقد ال تصادفها‪ .85‬وبالتالي يكون املرجع في افتراض حسن ّ‬
‫النية‬

‫‪ 83‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫‪ 84‬قرار منشور‪ .‬يراجع في نفس اإلطار القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 57860-2010‬المؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ 2012‬وفيه‬
‫تعرضت محكمة التعقيب بإطناب وتدقيق لمفهوم حسن النيّة‪ .‬القرار غير منشور‪ ،‬مدرج كملحق بأطروحة محرزية الحجري‪،‬‬
‫مبدأ شرعية الترسيم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫القوة الثبوتية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬ ‫‪ 85‬عبد المنعم عبود‪ّ ،‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السجل العقاري وليس الشخص املوصوف بالغير‪ .86‬وقد أكدت محكمة‬ ‫أو سوئها هو‬
‫التعقيب ذلك في القرار التعقيبي الجزائي عدد ‪ّ 87 52914‬‬
‫أن الغير هو املعتمد‬
‫للترسيمات الظاهرة املدرجة بالرسم"‪ .‬وأيضا في القرار التعقيبي املدني عدد ‪3346‬‬
‫ّ‬
‫الضيق لحسن النية يقتض ي توفر‬ ‫املؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر ‪ 2006‬مبرزة ّ‬
‫أن املفهوم‬
‫ّ‬
‫معيار تقني إضافة إلى ما يتطلبه املفهوم الذاتي‪ ،‬لذلك تسمي هذا املفهوم باملفهوم‬
‫املوضوعي ّ‬
‫ألنه يشترط تحقيق معايير تخرج بطبيعتها عن ذات اإلنسان‪. 88‬‬
‫كما ّبينت املحكمة العقارية هذا العنصر بالقول ّ‬
‫بأن الغير هو الذي اكتسب‬
‫ّ‬
‫بالسجل‪.89‬‬ ‫حقوقا على العقار عن حسن ّنية واعتمادا على الترسيمات الواردة‬
‫ّ‬
‫ويستوجب لالعتداد بحسن ّنية الغير توفرها زمن تلقي الحق‪.‬‬
‫توفر حسن ّ‬‫ّ‬
‫النية زمن تلقي الحق‪:‬‬ ‫ب‪-‬ضرورة‬
‫املشرع الزمن الذي يعتد به لتقدير حسن ّ‬
‫النية‪ ،‬فهل هو زمن تلقي‬ ‫ّ‬ ‫لم ّ‬
‫يوضح‬
‫الحق ؟ أم هل هو زمن ترسيم الحق ؟‬
‫ّ‬ ‫اعتبر الفقه‪ّ 90‬‬
‫أن تقدير حسن ّنية الغير وتوفرها من عدمه يكون بالنظر إلى‬
‫تلقي الحق أي زمن اكتساب هذا الحق‪ .‬وهو ما يعني ّ‬
‫أن املعرفة الالحقة ال ّ‬
‫تصير‬ ‫زمن ّ‬
‫الغير سوء ّ‬
‫النية‪.‬‬

‫‪ 86‬إدوارد عيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬


‫‪ 87‬القرار التعقيبي الجزائي عدد ‪ 25914‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ ،1997‬قرار وقع ذكره سابقا في هذا الدرس‪.‬‬
‫‪ 88‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪ 89‬الحكم العقاري عدد ‪ 1059‬المؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ ،2007‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ 90‬يراجع بول ديكرو والذي يعتبر أنّ المعرفة الالحقة ال تصيّر الغير س ّ‬
‫يء النيّة‪:‬‬
‫‪Paul DECROUX, op. cit., p. 220.‬‬
‫ورمضان أبو السعود الذي اعتبر أنّه ال يشترط بقاء حسن النية بعد ذلك‪ ،‬أي بعد التعاقد‪ ،‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الوجيز في‬
‫الحقوق العينية األصلية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت ‪.1994‬‬
‫‪31‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫ولقد ساند فقه القضاء الفقه في هذا التمش ي‪ .‬أبرزت محكمة التعقيب في‬
‫القرار التعقيبي املدني عدد ‪ 58‬املؤرخ في ‪ 15‬جوان ‪ّ 1975‬‬
‫أن املراد بحسن ّ‬
‫النية أن ال‬
‫يكون املشتري وقت إبرام العقد متواطئا وأن ال يكون حين الشراء على علم بذلك‪.91‬‬
‫وال يفوت اإلشارة إلى القرار التعقيبي املدني عدد ‪ 22994‬املؤرخ في ‪ 11‬جانفي‪2003‬‬
‫‪ 92‬والذي وضحت فيه املحكمة بأكثر تدقيق الزمن الذي يعتد به لتقدير سوء ّنية‬
‫الغير بقولها "العبرة في تحديد سوء ّنية املعقب من عدمه هو زمن الشراء وليس زمن‬
‫الترسيم‪ ،‬فاملراد أن يكون املشتري ال يعلم وقت شرائه بوجود شراء قبله ملا اشتراه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّأما علمه بعد ذلك فال يعتبر معه على سوء ّنية‪ ."...‬وأكدت بمناسبة القرار التعقيبي‬
‫املدني عدد ‪ 57860-2010‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪.93 2012‬‬
‫ّ‬ ‫إن معيار زمن جهل العيوب هو نشأة العقد ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن العلم الالحق ال يؤثر على‬
‫حسن ّ‬
‫النية وسالمتها‪ .‬جاء بالقرار "أما بالنسبة ملعيار زمن جهل العيوب فاملفترض أن‬
‫يكون عند نشأة العقد واملقصود في الوقت الذي ينتقل فيه الحق وبالتالي ّ‬
‫فإن العلم‬
‫ّ‬
‫يؤثر على حسن ّ‬
‫النية وسالمتها‪."...‬‬ ‫الالحق بالعيوب ال‬
‫لكن تبقى قرينة حسن ّ‬
‫النية قرينة قابلة للدحض لذلك ال يجب دحضها كي‬
‫ينتفع الغير بالحماية‪.‬‬
‫ج‪-‬عدم دحض قرينة حسن ّ‬
‫النية ‪:‬‬
‫النية وبالتالي تنتفي الحماية للغير ويكون ذلك ّإما‬
‫قد تدحض قرينة حسن ّ‬
‫بإثبات سوء ّنية الغير (‪ )1‬أو بوجود قيد احتياطي ينزع عن الغير حسن ّنيته (‪2).‬‬

‫‪ 91‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1975‬قسم مدني‪ ،‬جزء ثاني‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫‪ 92‬قرار غير منشور‪ .‬وهو قرار سابق الذكر في العنصر المتعلق بالمعيار الذاتي‪.‬‬
‫‪ 93‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫‪-1‬إثبات سوء ّنية الغير ‪:‬‬


‫ّ‬
‫توفر حسن ّنية الغير لينتفع بالحماية ّ‬
‫املقررة بالفقرة‬ ‫لئن كان شرط ضرورة‬
‫ّ‬
‫متوقفة على عدم إقامة ّ‬ ‫الثانية من الفصل ‪ 305‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫الحجة على‬ ‫فإن هذه تبقى‬
‫علم الغير بالعيب وبالتالي تسقط عنه سوء ّنيته‪.‬‬
‫النية قرينة بسيطة وقابلة للدحض فيمكن لكل شخص‬ ‫تبقى قرينة حسن ّ‬
‫يعارض وينكر على الغير حسن ّنيته أن يثبت ّ‬
‫أن ذلك الغير كان يعلم وقت التعاقد‬
‫بالعيب وبالتالي فهو س ّيء ّ‬
‫النية‪.‬‬
‫النية ّ‬
‫عرف الفقه س ّيء ّ‬
‫ّ‬
‫بأنه "الذي كان يعرف وقت التعاقد بسبب بطالن سند‬
‫معاقده"‪ 94‬أو هو أيضا "من يعلم ومن ال يمكنه أن ال يعلم‪.95‬‬
‫وقد نحا فقه القضاء في نفس هذا املنحى‪ ،‬اعتبرت محكمة التعقيب في القرار‬
‫عدد ‪ 22994‬املؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪.96 2003‬‬
‫النية هنا‪ ،‬هل يكفي العلم البسيط‬ ‫ويطرح التساؤل التالي ‪ :‬ما املقصود بسوء ّ‬
‫تصرفات أم ّ‬
‫البد أن يكون هذا العلم مقترنا بتواطؤ بين املشتري والبائع‪.‬‬ ‫بما سبق من ّ‬
‫املشرع عن هذا التساؤل‪ّ .‬أما فقه القضاء ّ‬
‫ّ‬
‫فإنه يعرف تذبذبا‪ .‬أحيانا تكتفي‬ ‫لم يجب‬
‫املحاكم بالعلم البسيط من ذلك القرار التعقيبي املدني عدد ‪ 14215‬الصادر في ‪17‬‬
‫مارس ‪ .97 1986‬والقرار التعقيبي املدني عدد ‪ 54113-2010‬املؤرخ في ‪ 13‬ديسمبر‬

‫‪ 94‬فيكتور قاس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.282‬‬


‫‪ 95‬هذا التعريف قدّمته محكمة التعقيب في القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 1188‬المؤرخ في ‪ 18‬سبتمبر ‪ .2006‬يراجع أيضا‬
‫التعريف الذي قدمه "بول ديكرو" من أنّ الغير س ّ‬
‫يء النيّة هو الذي كان يعلم بعيوب وإخالالت ونقائص السند الذي رتب له‬
‫الحق‪.‬‬
‫"بول ديكرو"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 96‬قرار غير منشور‪ ،‬سابق الذكر في هذا الدرس‪.‬‬
‫‪ 97‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1986‬جزء أول‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪33‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫‪ .98 2011‬وجاء بإحدى حيثياته "‪...‬طاملا ثبت ّ‬
‫أن املشترين لم يكونا على حسن نية‬
‫باعتبار ّأنهما يعلمان البيع الصادر عن مورثهما‪."...‬‬
‫ّ‬ ‫وأحيانا أخرى ال تكتف املحكمة بالعلم ّ‬
‫املجرد بل تشترط توفر ركن التواطؤ‬
‫(أي االتفاق ّ‬
‫املسبق بين البائع واملشتري في ّ‬
‫مضرة الطرف اآلخر)‪ ،‬من ذلك مثال القرار‬
‫التعقيبي املدني عدد ‪ 58‬املؤرخ في ‪ 9‬جوان ‪.99 1975‬‬
‫فإن الفقه اعتبر ّأنه يجوز إثباتها ّ‬
‫بشتى‬ ‫النية‪ّ ،‬‬
‫ولئن كان يصعب إثبات سوء ّ‬
‫ّ‬
‫"محمد كمال شرف الدين" عند تعليقه على‬ ‫الوسائل وهذا ما أشار إليه األستاذ‬
‫الحكم االبتدائي عدد ‪ 94757‬املؤرخ في ‪ 22‬ماي ‪ 1996‬بقوله ّ‬
‫"إن قاعدة الفصل ‪305‬‬
‫تطبق في إطار افتراض مبدئي للشرعية تجاه من يجهل عيوب‬ ‫فقرة ثانية من م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫تأسس عليه اإلبطال أو التشطيب وال يمكن إسقاط‬ ‫السند أو الترسيم السابق الذي ّ‬
‫ّ‬
‫هذه القاعدة إال بإثبات علم العيب املتأتي بحجة مقنعة للمحكمة‪ .100‬وهو ما أكدته‬
‫محكمة التعقيب في أكثر من مناسبة من ذلك القرار التعقيبي املدني عدد ‪40646‬‬
‫املؤرخ في جويلية ‪ 1994‬الذي جاء به "حيث ّ‬
‫أن القرائن املعتمدة من طرف املحكمة‬
‫مجرد افتراضات وتخمينات ال يمكن أن تقوم دليال على سوء ّنية الطاعن إذ ّ‬
‫أن‬ ‫هي ّ‬
‫ّ‬ ‫سوء ّ‬
‫النية أمر عسير اإلثبات لتعلقه بالجوانب الخفية‪ .101‬أو ما جاء بالقرار التعقيبي‬
‫املدني عدد ‪ 57860-2010‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪" 2012‬وحيث ولئن كان سوء ّ‬
‫النية‬
‫ّ‬ ‫الخفية لألطراف املتعاقدة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتحدد بالنظر إلى‬ ‫فإنها‬ ‫أمر عسير لتعلقه بالنوايا‬
‫مالبسات تحرير العقد الناقل للملكية‪ .‬وتبرز إلى الخارج بعنصر معرفة عيوب‬

‫‪ 98‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫‪ 99‬نشرية محكمة التعقيب‪ ،‬الجزء ‪ ،II‬ص ‪.114‬‬
‫‪ 100‬الحكم والتعليق عليه من طرف األستاذ محمد كمال شرف الدين‪ ،‬المجلة القانونية التونسية ‪ ،1996‬ص ‪.370‬‬
‫‪ 101‬نشرية محكمة التعقيب لسنة ‪ ،1994‬الجزء ‪ ،I‬ص ‪.173‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلشهار العقاري‬
‫التعاقد – فمن ّ‬
‫يؤسس شراءه على عقد باطل ال يمكنه أن يستند إلى ترسيمه‬
‫ّ‬
‫بالسجل العقاري‪.102"...‬‬
‫‪-2‬وجود قيد احتياطي ينزع عن الغير حسن ّ‬
‫النية ‪:‬‬
‫وقع تعريف القيد االحتياطي ّ‬
‫بأنه ‪" :‬وسيلة مؤقتة يقع بمقتضاها تنبيه الغير‬
‫بوجود حق محتمل على العقار قد يقع ترسيمه في املستقبل ّ‬
‫ويتم بمقتضاه ومن‬
‫تاريخه حماية حقوق املستفيد منه"‪.103‬‬
‫وسيلة وقائية وتكمن الفائدة منه في حفظ‬ ‫االحتياطي‪104‬‬ ‫يمثل القيد‬
‫الحق‪ .105‬والغاية منه باألساس إعالم الغير الذي يروم التعامل على العقار وتحذيره‬
‫ّ‬
‫من وجود نزاع متعلق بذلك العقار‪.106‬‬
‫هذا يعني أن من كان له حق متنازع فيه وحصل على قيد احتياطي في شأنه‬
‫بالسجل العقاري ّ‬
‫فقوة هذا القيد تحفظ حقوقه حتى ال يقع التفريط فيها قبل النزاع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وقد أكدت محكمة التعقيب من جهتها على الدور الوقائي للقيد االحتياطي‬
‫بالقرار التعقيبي املدني عدد ‪ 6644‬الصادر في ‪ 25‬جانفي ‪ 1982‬وورد به "القيد‬
‫االحتياطي هدفه األساس ي هو حفظ حق صاحبه تجاه من يكسب حق آخر يتعارض‬
‫قضاء‪ ،‬ال ّ‬
‫ً‬
‫يترتب عنه انتقال امللكية‪،‬‬ ‫معه لحين الحسم بشأن ذلك الحق اتفاقا أو‬
‫كما ال تأثير له على انتقالها‪.107‬‬

‫‪ 102‬قرار غير منشور‪.‬‬


‫‪ 103‬فيكتور قاس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫المشرع يراجع الدرس األول المتعلق بالحقوق القابلة‬
‫ّ‬ ‫‪ 104‬بخصوص نطاق القيد والمسائل التي تقيل القيد والتي حدّدها‬
‫لإلشهار‪.‬‬
‫‪ 105‬ال يمكن للقيد نقل أو إنشاء الحق‪.‬‬
‫‪ 106‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬القيد االحتياطي‪ ،‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 107‬مجلة القضاء والتشريع ‪ ،1983‬عدد ‪ ،7‬ص ‪.86‬‬
‫‪35‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫وتجدر اإلشارة إلى ّأن وجود قيد احتياطي ال يمنع من إجراء ترسيمات الحقة‬
‫له‪ ،‬وهو ما يستنتج من مقتضيات الفصل ‪ 370‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي ّ‬
‫ينص ‪ :‬الترسيمات‬
‫الحاصلة بعد ذلك‪ ،‬ال يمكن أن يعارض بها املستفيد من القيود االحتياطية التي ّ‬
‫ترتب‬
‫ّ‬
‫حسب تواريخها‪ .‬وهو ما أكده الفقه‪ 108‬وفقه القضاء‪.109‬‬
‫أهم أثر للقيد تجاه الغير الذي ينزع عنه حسن ّ‬
‫النية التي قد يتحجج‬ ‫ويبقى ّ‬
‫بالسجل العقاري حسن ّ‬
‫النية‪ ،‬بل وتقوم في جانبه‬ ‫ّ‬ ‫بها‪ ،‬الذي يفقه ّ‬
‫بمجرد إشهار القيد‬
‫قرينة سوء ّ‬
‫النية إذا تعاقد مع علمه بوجود القيد‪ .‬وهذا ما ّ‬
‫أقرته محكمة التعقيب في‬
‫القرار التعقيبي املدني عدد ‪ 40806‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1994‬وورد بالقرار "ال يمكن‬
‫انجر له الحق من مالك العقار تم إدراج قيد احتياطي برسمه أن يستند إلى ّ‬
‫القوة‬ ‫ملن ّ‬
‫ّ‬
‫بالسجل العقاري‬ ‫ّ‬
‫بمجرد إشهار قيد احتياطي‬ ‫الثبوتية املطلقة للترسيمات إذ ّأنه‬
‫يفقد حسن ّنيته‪.110‬‬

‫‪ 108‬مح ّمد كمال شرف الدين‪ ،‬القيد االحتياطي‪ ،‬مقال سابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ 109‬مثال ذلك القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 5563‬المؤرخ في ‪ 3‬مارس ‪ ،2006‬غير منشور‪ .‬أيضا القرار التعقيبي المدني‬
‫عدد ‪ 14990‬المؤرخ في ‪ 7‬فيفري ‪ ،2008‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ 110‬نشرية محكمة التعقيب ‪ ،1994‬قسم مدني‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلشهار العقاري‬

‫الدرس الخامس‬

‫رفض الترسي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬

‫أنيط بعهدة‬

‫‪37‬‬
‫كليـة العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية بتونس‬

‫محاضرات في مادّة‬

‫الشهارالعقاري‬
‫لطلبة السنة الثانية من الجازة األساسية‬
‫في القانون‬

‫األستاذة خولة محرزية حجري‬

‫السنة الجامعية ‪2023 – 2022 :‬‬


‫األستاذة محرزية حجري‬
‫ّ‬
‫الدرس الخامس‬
‫رفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـض الترسي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم‬

‫العقارية ترسيم الحقوق ّ‬


‫والسهر على عمليات اإلشهار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬ ‫أنيط بعهدة إدارة‬
‫بالسجل العقاري واألصل أن تباشر هذه اإلدارة رقابتها على الصكوك ّ‬
‫املقدمة لها قبل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫بالسجل العقاري‪ .‬وال ّ‬
‫يحق لها أن ترفض أو ّ‬ ‫ّ‬
‫تؤجل ترسيم الحقوق إال بوجود‬ ‫إدراجها‬
‫أحد املوانع القانونية للترسيم‪ .‬وإذا رفضت اإلدارة العملية املطلوبة فاألكيد ّأن ذلك‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري‬ ‫الرفض على‬ ‫لعدة أسباب (املبحث األول) ونظرا لخطورة ّ‬ ‫يعزى ّ‬
‫تمكن من تجاوز قرار ّ‬ ‫ّ‬
‫الرفض (املبحث الثاني)‪.‬‬ ‫وجدت آليات‬
‫املبحث األول ‪ :‬أسباب رفض الترسيم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقارية ّ‬
‫ّ‬ ‫بعثت إدارة ّ‬
‫السجل العقاري‪ ،‬فهي املكلفة بمسكه‪،‬‬ ‫للسهر على‬ ‫امللكية‬
‫وهي ّ‬
‫املخول لها طبقا ملا جاء بالفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬القيام بعديد الوظائف ومنها خاصة‬
‫تتجسد باألساس في ترسيم الحقوق‪ .‬جاء بالفصل ‪316‬‬ ‫ّ‬ ‫الوظيفة اإلشهارية والتي‬
‫ّ‬ ‫مكلفة ‪ ...‬ثالثا‪ ،‬بترسيم الحقوق و ّ‬ ‫ّ‬
‫التحمالت املتعلقة بالعقارات‬ ‫م‪.‬ح‪.‬ع‪ ..." .‬وهي‬
‫ّ‬
‫املسجلة"‪.‬‬
‫الصكوك ّ‬
‫املقدمة لها وإجراء الترسيم وعدم‬ ‫ولئن كان واجبها مباشرة رقابتها على ّ‬
‫الرسوم العقارية حافظة للحقوق وضامنة الستقرار املعامالت‬ ‫تأجيله حتى تكون ّ‬
‫اإلشهارية تجاه الكافة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإنه يمكن‪ ،‬بل يكون من واجب هذه اإلدارة رفض‬ ‫وتحقق غايتها‬
‫الترسيم‪ ،‬أي عدم إجرائه‪ ،‬وأحيانا تقوم بتأجيل هذا الترسيم‪ ،‬وهو ما يستنتج من‬
‫ينص "ال يمكن إلدارة ّ‬
‫امللكية العقارية إال إذا‬ ‫أحكام الفصل ‪ 388‬في فقرته األولى الذي ّ‬
‫كان هناك مانع قانوني أن ترفض بصفة ّ‬
‫نهائية أو تؤجل ترسيما أو تشطيبا على ترسيم‬
‫ّ‬
‫قانونية ‪ ..‬يمكن بقراءة متأنية‬ ‫أو حطا من ترسيم أو تعديل ترسيم وقع طلبه بصفة‬
‫لهذا الفصل ّ‬
‫واتباع التأويل بمفهوم املخالفة إلدارة امللكية العقارية أن ترفض الترسيم‬

‫‪2‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫إذا وجد مانع قانوني (الفقرة األولى) لكن قد ترفض هذه اإلدارة في غياب املانع‬
‫ّ‬
‫الشرعية (الفقرة الثانية)‪.1‬‬ ‫القانوني ّ‬
‫تشددا وتعنتا في تطبيقها ملبدأ‬
‫الفقرة األولى ‪ّ :‬‬
‫الرفض لوجود مانع قانوني‬
‫أ‪-‬مفهوم املانع القانوني ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقارية باالستجابة إلى كل الطلبات املتعلقة‬ ‫امللكية‬ ‫املشرع إدارة‬ ‫ألزم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قانونية‪.‬‬ ‫بالترسيم أو التشطيب على الترسيم أو الحط من ترسيم يطلب منها بصفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولم يمكنها من ّ‬
‫املشرع تعريفا‬ ‫الرفض أو التأجيل إال بوجود مانع قانوني‪ .‬لكن لم يقدم‬
‫للمانع القانوني‪ .‬كما لم يقم بضبط أو تحديد هذه املوانع‪.‬‬
‫املانع لغة‪ :‬منع واملنع أن يحول بين الرجل والش يء الذي يريده‪ ،‬وهو خالف‬
‫ومتعه فامتنع عنه ّ‬ ‫الش يء منعه يمنعه منعا ّ‬ ‫ّ‬
‫وتمنع ورجل‬ ‫اإلعطاء‪ ،‬ويقال هو تحجير‬
‫ّ‬
‫املشرع‪ ،‬باملقابل‬ ‫منوع ومانع ومناع ضمني ممسك وفي التنزيل ‪ّ :‬‬
‫مناع للخير‪ . 2‬لم ّ‬
‫يعرفه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عرفه الفقه ّ‬ ‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫الصك املدلى به‬ ‫بأنه يتمثل في وجود حائل يحول دون إدراج‬
‫النواب بخصوص‬ ‫تم التساؤل أثناء مداوالت مجلس ّ‬ ‫العقاري‪ .3‬تجدر اإلشارة إلى ّأنه ّ‬
‫تتحدث‬‫هذا القانون عن املقصود باملانع القانوني وأجابت وزارة أمالك الدولة‪ ،‬وهي ّ‬
‫ّ‬
‫القانونية‬ ‫عن املوانع القانوني وأجابت وزارة أمالك الدولة‪ ،‬وهي تتحدث عن املوانع‬
‫أن الوزارة قصدت القول‬ ‫القانونية للترسيم‪ .‬هذا يعني ّإما ّ‬
‫ّ‬ ‫للتحرير وليس عن املوانع‬
‫القانونية من التحرير وإما ّ‬
‫أن الوزارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القانونية من الترسيم هي ذاتها املوانع‬ ‫ّ‬
‫بأن املوانع‬
‫وقعت في الخلط بين موانع التحرير وموانع الترسيم‪.‬‬

‫‪ 1‬كان الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬قديم ينصّ على لفظ األسباب الخطيرة والتي أثارت عديد المصاعب في التطبيق وأولته اإلدارة‬
‫في اتّجاه رفض الترسيم‪.‬‬
‫‪ 2‬جمال الدين ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪ 3‬جعفر الربعاوي ‪ ،‬الموانع الشكلية للترسيم‪ ،‬منشور بكتابة إشكاليات التحيين والتسجيل العقاري‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب‬
‫المختصّ ‪ ،2015 ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪3‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫فأي قانون يقصد بهذا‬ ‫وإن ما يجعل هذا املفهوم غير واضح عبارة "قانون" ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫العينية فقط أم كل املوانع حتى وإن كانت‬ ‫للفظـ‪ ،‬هل املوانع املوجودة بمجلة الحقوق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العينية‪.‬‬ ‫خارج مجلة الحقوق‬
‫ضيق أو ّ‬
‫موسع لعبارة املانع القانوني‪،‬‬ ‫تم األخذ بتأويل ّ‬‫تختلف اإلجابة ما إذا ّ‬
‫بأن املقصود‪ ،‬مجموعة املوانع املنصوص عليها‬ ‫ضيق القول ّ‬ ‫بناء على تأويل ّ‬
‫يمكن ً‬
‫ّ‬ ‫أن التأويل ّ‬ ‫العينية‪ .4‬في حين ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املوسع يجعل املانع ال ينحصر في مجلة‬ ‫بمجلة الحقوق‬
‫ّ‬
‫ومجالت أخرى‪ .5‬ويجوز ترجيح ّ‬ ‫العينية‪ ،‬بل يتجاوزها ّ‬
‫ّ‬
‫كفة‬ ‫لعدة قوانين‬ ‫الحقوق‬
‫بكل ّ‬
‫نص قانوني له‬ ‫التأويل ّ‬
‫املوسع ويكون املانع القانوني مجموعة املوانع املوجودة ّ‬
‫عالقة بالعملية املطلوب ترسيمها‪.‬‬
‫ب‪-‬طبيعة موانع الترسيم ‪:‬‬
‫ظل غياب تحديد دقيق وواضح ملوانع الترسيم من القول ّ‬
‫أن‬ ‫اعتبر الفقه في ّ‬
‫ّ‬ ‫عدة نصوص ّ‬ ‫ّ‬
‫تستشف من ّ‬
‫املشرع‬ ‫متفرقة والتي عادة ما استعمل فيها‬ ‫هذه املوانع‬
‫عبارات مثل ال يجوز – ال يمكن‪ّ . 6‬‬
‫وتم تقييم هذه املوانع إل ‪:‬‬
‫‪ ‬موانع مصدرها الرسم العقاري‬
‫الصك ّ‬
‫املقدم للترسيم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬موانع مصدرها‬
‫‪-1‬موانع مصدرها الرسم العقاري ‪:‬‬
‫الرسم العقاري ذاته‪ ،‬كل التنصيصات‬‫يقصد باملوانع التي يكون مصدرها ّ‬
‫املدرجة بالرسم‪ ،‬كالقيد االحتياطي أو اإلنذار القائم مقام عقلة‪ ،‬أو االعتراض‬
‫التحفظي أو التنصيص على وجود مطلب تحيين‪.‬‬

‫المشرع يفرض على اإلدارة القيام بالتحقيقات طبقا لما تقتضيه هذه المجلّة‪ ،‬يراجع الفصل ‪ 306‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 4‬باعتبار أنّ‬
‫‪ 5‬جاءت عبارة صحّة الوثائق المنصوص عليها بالفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬مطلقة‪ .‬وقد تكون صحّة من وجهة نظر القانون المدني‬
‫أو القانون التجاري‪ .‬كما وردت عبارة المانع القانوني مطلقة وهو ما يعني أنّ المقصود القانون في المفهوم الواسع بما يشمله‬
‫من فروع كالتجاري والمدني والدّولي والمرافعات‪ ،‬فبعض الموانع من الترسيم كاالعتراض التحفّظي واإلنذار القائم مقام عقلة‬
‫لم تنصّ عليهما مجلة الحقوق العينيّة بل وردا بمجلة المرافعات المدنيّة والتجارية‪.‬‬
‫‪ 6‬يراجع جعفر الربعاوي‪ ،‬الموانع الشكليّة‪ ،...‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪4‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫*التنصيص على مطلب تحيين ‪ :‬يمنع بعد التنصيص على مطلب التحيين‬
‫لدى اإلدارة إجراء ّأية عملية في موضوعه‪ ،‬طبقا ملا جاء بالفصل ‪ 13‬من قانون التحيين‬
‫امللكية العقارية ابتداء من تاريخ التنصيص على مضمون للمطلب‬ ‫ّ‬ ‫"ال يجوز إلدارة‬
‫بالرسم العقاري مباشرة ّأية ّ‬
‫عملية في موضوعه"‪ .7‬لكن لهذا املبدأ استثناء ّ‬
‫نص عليه‬
‫ّ‬ ‫املشرع خوفا من إعادة تجميد رسوم شبه ّ‬
‫ّ‬ ‫الفصل ‪ّ 14‬‬
‫محينة بأن مكن كل من له‬ ‫أقره‬
‫ّ‬
‫مصلحة طلب اإلذن بمواصلة مباشرة العملية املطلوبة بعد التحقق من عدم تعلقها‬
‫باملطلب املذكور‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫*النذار القائم مقام عقلة ‪ّ :‬‬
‫يعد اإلنذار القائم مقام عقلة واملدرج‬
‫العقاري مانعا من موانع الترسيم وذلك بصفة صريحة‪ ،‬فالفصل ‪ 453‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫يقتض ي ّأنه ال يمكن أن ُيجرى على العقار أثناء ّ‬
‫التتبعات أي ترسيم جديد‪ ،‬ويقوم هذا‬
‫ملدة ‪ 3‬سنوات‪.‬‬ ‫املنع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التحفظي أي عملية تفويت‬ ‫*االعتراض التحفظي ‪ :‬يمنع ترسيم االعتراض‬
‫نص الفصل ‪ 328‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪" .‬ال يجوز من تاريخ ترسيم االعتراض ترسيم ّ‬
‫أي‬ ‫بعده‪ّ ،‬‬
‫تفويت‪. 8‬‬
‫‪-2‬موانع مصدرها الصك املطلوب ترسيمه ‪:‬‬
‫ّ‬
‫قضائية‪ .‬ومهما كان‬ ‫ّ‬
‫تقدم للترسيم صكوك مختلفة فتكون اتفاقية‪ ،‬إدارية أو‬
‫وتنص على اإلخالالت‬‫ّ‬ ‫فإن املوانع تجد مصدرها في الصك املطلوب إدراجه‬‫نوعها ّ‬
‫ّ‬
‫املتعلقة بهذه ّ‬
‫الصكوك‪ .‬تراقب اإلدارة مدى احترام قاعدة االختصاص في التحرير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املقدم‬ ‫الوجوبية الواجب توفرها بالصك ومدى احترام شكل الصك‬ ‫والبيانات‬
‫ملقتضيات الفصل ‪ 375‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬ومن حقها رفض الترسيم إذا لم ّ‬
‫يتم احترام هذه ‪...‬‬
‫ّ‬
‫املختصة كما يضبطها‬ ‫أيضا إذا لم يعرف األطراف بإمضاءاتهم لدى إحدى السلط‬

‫‪ 7‬جاء بهذا اإلجراء قانون ‪ 2001‬لغاية إشهار مطلب التحيين وإعالم الكافة به وبالتالي فهو ينزع عن الغير حسن النيّة‪ .‬هذا‬
‫من جهة ومن جهة أخرى يؤدّي إلى انسجام عمل اإلدارة مع المحكمة العقارية التي أصبحت الجهاز الوحيد المكلّف بتحيين‬
‫الرسوم المج ّمدة‪.‬‬
‫‪ 8‬لكن هذا الفصل يضع استثناء من هذا المنع‪ ،‬يراجع الفصل ‪.328‬‬
‫‪5‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫ّ‬
‫الصك بالقباضة املالية فهذه كلها موجبات لرفض الترسيم‪.‬‬ ‫القانون أو لم يقع تسجيل‬
‫ويكون رفض اإلدارة قانونيا من جهة أخرى إذا كان هناك نقص في الوثائق املطلوب‬
‫ّ‬
‫واملتعلقة باألهلية أو الهوية أو ّأية وثيقة أخرى وفقا ملا ّ‬
‫ينص عليه الفصل‬ ‫تقديمها‬
‫ّ‬
‫‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وعموما تتأكد اإلدارة من كل عناصر الرقابة املفروضة عليها بمقتض ى‬
‫الصك من إحدى تلك النقاط كان واجبا على هذه اإلدارة رفض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص ‪ .‬وإذا خال‬
‫الترسيم أو تأجيله إن أمكن‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الرفض الناتج عن ّ‬
‫تشدد الدارة في إعمال مقتضيات مبدأ‬
‫ّ‬
‫الشرعية‬
‫ّ‬
‫امللكية العقارية إجراء عملية من العمليات املطلوب منها‬ ‫قد ترفض إدارة‬
‫إجراؤها ‪ :‬رفض إدراج حق‪ ،‬تشطيب على ترسيم‪ ،‬تسليم شهادة‪ ،‬إجراء ترسيم الحق‬
‫لقيد احتياطي‪ ،‬إلى غير ذلك من العمليات ّ‬
‫املخول لها إجراؤها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وإذ كان يسمح لهذه اإلدارة بالرفض‪ ،‬بل عليها ّ‬
‫توفر مانع حال دون‬ ‫الرفض إذا‬
‫الرفض يعود باألساس إلى ّ‬ ‫أن سبب ّ‬ ‫الترسيم‪ّ ،‬‬
‫فإنه يالحظ أحيانا ّ‬
‫تشدد هذه اإلدارة في‬
‫عدة أسباب منها بالخصوص ‪:‬‬ ‫التشدد إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرعية‪ .‬وقد يعزى‬ ‫إعمالها ملبدأ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرعية منها‬ ‫‪-‬عدم الدقة والوضوح في النصوص القانونية‪ ،‬املنظمة ملبدأ‬
‫الفصل ‪ 306‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي يوجب على اإلدارة القيام بالتحقيقات الالزمة دون بيان‬
‫تمس الجانب الشكلي للصكوك أم يمكنها النظر في األصل‬‫ملدى هذه التحقيقات هل ّ‬
‫ّ‬
‫وأهليتهم ومن‬ ‫هوية األطراف‬ ‫ّ‬
‫"يتحقق ‪ ...‬من ّ‬ ‫وأن الفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫ينص‬ ‫خاصة ّ‬‫ّ‬
‫تميزت بعدم‬ ‫صحة الوثائق املدلى بها تأييدا ملطلب الترسيم ‪ ...‬أيضا من النصوص التي ّ‬‫ّ‬
‫تتشدد وتغالي وتبالغ الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬قديم‬‫الدقة وساهمت في جعل هذه اإلدارة ّ‬
‫الرفض كلما وجدت أسباب خطيرة تحول دونها والترسيم‪،‬‬ ‫والذي كان يجيز لهذه اإلدارة ّ‬

‫‪6‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬
‫املشرع مصطلح "األسباب الخطيرة"‪ ،‬وهو ما جعله يمثل سند اإلدارة لرفض‬ ‫لم ّ‬
‫يعرف‬
‫للرفض‪.9‬‬‫كل سبب مهما كان حتى وإن لم يكن خطيرا موجبا ّ‬ ‫الترسيم‪ ،‬معتبرة ّ‬
‫أن ّ‬
‫ّ ّ‬
‫بكل دقة ووضوح‪ : 10‬وهو ما جعل اإلدارة إلى‬ ‫‪+‬عدم بيان نطاق الرقابة‬
‫اجتهادها في تطبيق هذا املبدأ‪ ،‬مثال مدت رقابتها على األحكام الصادرة بالتسجيل أو‬
‫ّ‬
‫بالسجل العقاري‪ .‬ورفضت في أكثر‬ ‫بالتحيين والتي من املفروض أن تنفذها‪ 11‬بإدراجها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬
‫الشرعية وبمقتضياته‪ .‬وهذا يتعارض مع واجب‬ ‫مرة تنفيذ تلك األحكام تعلال بمبدأ‬
‫أن موقفها ينطوي على مخاطر‬ ‫التنفيذ املنصوص عليه بالفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬أوال‪ ،‬كما ّ‬
‫ويهدد األحكام‪ .‬فمن غير املنطقي أن يكون مآل الحكم الصادر عن محكمة والذي‬ ‫ّ‬
‫املشرع وأمر بالتنفيذ الفوري له‪ 12‬يكون رهين قرار اإلدارة تنفيذه من عدم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حصنه‬
‫تنفيذه‪.13‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التمسك ّإما بالفهم‬ ‫الشرعية ‪ :‬يتجلى‬ ‫‪-‬الفهم الخاطئ لنظام التحقيقات‬
‫للنص‪ ،‬ومثال ذلك الفصل ‪ 370‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي يجيز إجراء ترسيمات الحقة‬ ‫ّ‬ ‫الخاطئ‬
‫ّ‬ ‫للقيد االحتياطي ومع ذلك ّ‬
‫فإن اإلدارة ترفض كما يتجلى الفهم الخاطئ في إثارة نقائص‬
‫بعلة عدم التطابق بين البيانات املوجودة ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرسم العقاري والعقد املراد‬ ‫عملية بيع‬
‫ترسيمه‪ .‬في حين أثبتت املحكمة بالرجوع للعقد املراد إدراجه ّ‬
‫أن البيانات الواردة به‬
‫بالرسم العقاري ّ‬
‫مطابقة ملا هو موجود ّ‬
‫وأنه كان من املمكن لهذه اإلدارة عدم إثارة مثل‬
‫الرسم العقاري من جهة أخرى‪.14‬‬ ‫تأملت في العقد من جهة وفي ّ‬ ‫النقص لو ّ‬ ‫هذا ّ‬

‫المشرع فعبارة األسباب الخطيرة‬‫ّ‬ ‫‪ 9‬اعتبر البعض أنّ الغموض في صياغة الفصل ‪ 388‬قديم م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬كان مقصودا من قبل‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫المشرع لتبرير رفض الترسيمات المعروضة على حافظ الملكية تندرج ضمن التوجّه الذي تو ّخاه‬ ‫ّ‬ ‫المعتمدة من قبل‬
‫في إعطاء رقابة مطلقة إلدارة الملكيّة العقارية دون تقييد للحفاظ على القواعد األساسيّة التي يرتكز عليها نظام الشهر العيني‪،‬‬
‫الناصر الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ – .9‬يراجع أيضا محرزية الحجري‪ ،‬مبدأ شرعيّة الترسيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪...‬‬
‫التعرض لنطاق الرقابة في الدرس األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 10‬ت ّم‬
‫‪ 11‬جاء بالفصل ‪ 316‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ ... .‬وهي مكلّفة أوال ‪ :‬بإقامة الرسوم العقارية تنفيذا لألحكام الصادرة بالتسجيل‪.‬‬
‫‪ 12‬يراجع الفصل ‪ 24‬من قانون التحيين الذي اقتضى ‪" :‬يت ّم تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين حاال‪.‬‬
‫‪ 13‬جاء بمراسلة من إدارة الملكية العقارية لرئيس المحكمة العقارية تعلمه فيها اعتزامها الرجوع في قرار قبول تنفيذ حكم‬
‫تح يين "وحيث من المفروض أن يحدد الحكم البيوعات المعنية بالنقص ويأذن بتعديلها وذلك عمال بمقتضيات الفصل ‪ 15‬من‬
‫قانون التحيين وعلى هذا األساس فإنّ الوضعية االستحقاقية للرسم أصبحت غير قانونية ويتّجه تصحيحها ولهذا الغرض فإنّ‬
‫اإلدارة تعتزم الرجوع في قرار قبول تنفيذ حكم التحيين عدد ‪ ،...‬هذه المراسلة ت ّم ذكرها من قبل مح ّمد حزّي‪ ،‬دعوى التشطيب‬
‫على الترسيم بالسج ّل العقاري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون البيئة والتعمير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪،‬‬
‫‪.2007-2006‬‬
‫‪ 14‬الحكم العقاري عدد ‪ 533‬المؤرخ في ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،2000‬غير منشور‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫ّ‬
‫مسؤولية حافظ‬ ‫كرس القانون العقاري لسنة ‪1885‬‬ ‫ّ‬
‫املسؤولية ‪ّ :‬‬ ‫‪-‬الخوف من‬
‫العقارية‪ .‬جاء بالفصل ‪ 377‬م‪.‬ا‪.‬ع‪" .‬الدفتر دار مسؤول عن ّ‬
‫الضرر الذي ينتج‬ ‫ّ‬ ‫امللكية‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫عن إغفال ما يطلب منه تقييده في ّ‬
‫امللكية إال إذا طلب منه ذلك بمحله‪ .‬كما يسأل‬ ‫صك‬
‫الصكوك ووثائق التقييد حقا أو ّ‬
‫عدة‬ ‫عن الضرر الذي ينتج عن عدم تقييده في نسخ ّ‬
‫مقيدة في ّ‬
‫الصكوك املذكورة"‪.‬‬ ‫حقوق ّ‬
‫ّ‬
‫شخصيا على‬ ‫ّ‬
‫املدنية تحمل‬ ‫ّ‬
‫املسؤولية‬ ‫استنتج الفقه من هذه املقتضيات ّ‬
‫أن‬
‫ّ‬
‫املسؤولية الشخصية للحافظ إلى‬ ‫الوظيفية‪ّ 15‬أدت‬
‫ّ‬ ‫الدفتر دار فيما ينشأ عن أخطائه‬
‫الحرص الشديد على تحقيق االنسجام الكامل بين العقد املعروض على الترسيم وما‬
‫ّ‬
‫للمسؤولية لدرجة الخوف‬ ‫ّ‬
‫وانجر عن احترام هذه اإلدارة‬ ‫ّ‬
‫السجل من بيانات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تضمنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منها تعطيل ترسيم الجانب األوفر من الكتائب املودعة واملعطلة‪ .16‬وملا صدرت مجلة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العينية ّ‬
‫بمسؤولية‬ ‫الشخصية للحافظ وتعويضها‬ ‫املسؤولية‬ ‫تم التخلي عن‬ ‫الحقوق‬
‫الدولة‪.17‬‬
‫تعد املبادئ التي يقوم عليها نظام‬ ‫‪-‬صراحة مقتضيات الشهار العقاري ‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فنية ّ‬ ‫اإلشهار العقاري آليات ّ‬
‫الخصوصية من ذاتية املبادئ حيث تعمل‬ ‫خاصة‪ .‬وتتأتى‬
‫مميز وذو طابع خصوص ي‪ .‬كما تبرز هذه‬ ‫هذه املبادئ من خالل نظام إجرائي ّ‬
‫ّ‬
‫السجل العقاري يقوم من‬ ‫أن نظام‬ ‫شمولية هذه املبادئ وهو ما يعني ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخصوصية من‬
‫ّ‬
‫الخصوصية بوحدة هذه‬ ‫ّ‬
‫الشكلية وال ش يء آخر غيرها‪ .‬وتتدعم‬ ‫بدايته لنهايته على‬
‫إال مجتمعة أي ّ‬ ‫ّ‬ ‫املبادئ ذلك ّ‬
‫أن العنصر الواحد ال‬ ‫أن مبادئ اإلشهار العقاري ال تعمل‬
‫يمكن أن يستغني عن املبدأ الذي يليه مهما كانت الصورة‪ .‬وبمعنى آخر هناك بنيان‬
‫ّ‬
‫متكامل يمثل فيه الجزء الكل‪.18‬‬

‫‪ 15‬محمود العنابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .153‬يراجع أيضا الهادي سعيّد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.467‬‬
‫والرسوم المج ّمدة‪ ،‬القضاء والتشريع‪ ،1993 ،‬عدد ‪ ،4‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 16‬فرحات الراجحي‪ ،‬المحاكم ّ‬
‫‪ 17‬تراجع الفصول ‪ 403-402‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ 18‬علي كحلون‪ ،‬نظام السج ّل العقاري‪ ،‬مجمع األطرش للتوزيع‪ ،2009 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪8‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫وهذه الصرامة والخصوصية التي يقوم عليها نظام اإلشهار العقاري‪ ،‬جعلت‬
‫الشدة جاء بالفصل ‪ 389‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫يتحقق ‪...‬‬ ‫املشرع يسبغ عمل هذه اإلدارة بش يء من ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونص الفصل ‪ 390‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬ال تقع مباشرة العملية املطلوبة إال ‪ ."...‬واقتض ى الفصل‬
‫ّ‬
‫‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪" .‬ال يمكن إلدارة ‪ .....‬إال إذا ‪ .....‬أن ‪ .19"....‬وانطالقا من فهمها الخاص‬
‫املقدمة للترسيم‪ .‬ذهب‬‫مشددة على الصكوك ّ‬ ‫للنصوص سعت اإلدارة النتهاج رقابة ّ‬ ‫ّ‬
‫مشددة وظلت تعم‬ ‫السنين إلى انتهاج رقابة ّ‬‫مر ّ‬
‫بأن هذه اإلدارة سعت على ّ‬‫الفقه للقول ّ‬
‫الشدة والصالبة على نفسها وعلى الناس معتذرة بالنصوص التي‬ ‫ّ‬ ‫ضيق من‬ ‫في إطار ّ‬
‫الرفض قبل‬ ‫تصرفها‪ ،20‬وهو ما جعل هذه اإلدارة تبحث في أسباب ّ‬ ‫وحدت من ّ‬ ‫قيدتها ّ‬
‫تصرح هذه اإلدارة وتقول "أصبح في الواقع ما كان من‬ ‫مبررات القبول ّ‬ ‫البحث في ّ‬
‫املفروض أن يكون عاديا حالة نادرة إذ ال تتجاوز نسبة ّ‬
‫امللفات املقبولة منذ الدراسة‬
‫األولى ‪ % 10‬من جملة امللفات املطلوب ترسيمها‪.21‬‬
‫الترسيم ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫انجر عن غياب جزاء يتسلط على رفض‬ ‫‪-‬غياب جزاء لرفض‬
‫ّ‬
‫امللكية‬ ‫الترسيم إلى حدود ‪ 23‬جانفي ‪ 1995‬أين وقع إقرار الطعن في قرارات إدارة‬
‫العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وجود حصانة لقرارات هذه اإلدارة وأصبح‬ ‫ّ‬
‫املبدأ رفض الترسيم واالستثناء قبوله‪ ،‬حتى ذهب البعض للقول ّ‬
‫بأنه ّ‬
‫تكون لدى إدارة‬
‫ّ‬
‫والنظرية فقه‬ ‫ّ‬
‫العقارية منذ قرن وبحكم موقعها في مفترق بين الحقيقة والواقع‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬
‫قضاء خاص بها في رفض ترسيم الحقوق‪.22‬‬
‫ّ‬ ‫والحال ّ‬
‫أن املبدأ قبول الترسيم وإجراؤه دون تأخيره إال إذا توفر مانع قانوني‪.‬‬
‫"محمد كمال شرف الدين" ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫انتقد الفقه ّ‬
‫بشدة هذا املوقف من هذه اإلدارة اعتبر‬
‫رفض القيام بالترسيم يجب أن يبقى حل استثنائي‪.23‬‬

‫‪ 19‬تراجع أيضا الفصول ‪ ... 377 – 375 – 374 – 373 – 306‬إلى غير ذلك من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ 20‬الهادي سعيّد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ 21‬إدارة الملكيّة العقارية‪ ،‬مشموالتها‪ ،‬تنظيمها‪ ،‬سيرها‪ ،‬المطبعة الرسمية ‪ ،1987‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 22‬محمد الحبيب بن عبد السالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ 23‬محمد كمال شرف الدين‪ ،‬حقوق الغير‪ ،‬أطروحة سابقة‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪9‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬تجاوز رفض الترسيم‬


‫العقارية‪ ،‬أن ّ‬
‫يتسبب في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬ ‫إن من شأن رفض ّ‬
‫عملية طولبت من إدارة‬ ‫ّ‬
‫يتسبب بطريقة غير مباشرة في جمود‬ ‫العقارية وأن ّ‬
‫ّ‬ ‫زعزعة الثقة املستوجبة في الدفاتر‬
‫البد من تجاوز رفض الترسيم‪ ،‬لذلك تتاح لصاحب الحق‬ ‫العقارية‪ .‬لذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرسوم‬
‫الرفض وهذه الطرق تنقسم‬ ‫حقه بعض الطرق لتجاوز ذلك ّ‬ ‫العيني الذي رفض ترسيم ّ‬
‫ّ‬
‫رضائية (الفقرة األولى) وطرق قضائية (الفقرة الثانية)‪.‬‬ ‫إلى طرق إر ّ‬
‫ادية أو‬
‫ّ‬
‫الرضائية لتجاوز رف الترسيم‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬الطرق‬
‫العقارية‪ّ ،‬‬
‫فإنها وبعد إجراء رقابتها ّإما أن‬ ‫ّ‬ ‫قدم مطلب ترسيم إلدارة ّ‬
‫امللكية‬ ‫إذا ّ‬
‫اإلمكانية تبقى متاحة لصاحب الحق لتفادي‬ ‫ّ‬ ‫وإما أن ترفض‪ .‬وإذا رفضت ّ‬
‫فإن‬ ‫تقبل ّ‬
‫ّ‬
‫الرفض وتجاوز اإلخالالت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالصك من قبل طالب الترسيم‪:‬‬ ‫أ‪-‬تجاوز الخالالت املتعلقة‬
‫املقدم للترسيم يكون طالب الترسيم مطالبا‬ ‫املتسربة للصك ّ‬
‫ّ‬ ‫لتفادي اإلخالالت‬
‫ّإما بإبرام كتب تكميلي أو اإلدالء بكتب مصادقة‪.‬‬
‫توضيحيا ويمكن تعريفه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأنه العقد‬ ‫ويسمى أيضا كتبا‬ ‫‪-‬الدالء بكتب تكميلي ‪:‬‬
‫تضمنه لعنصر جديد بالنسبة للعقد السابق يرتبط به كالتابع واملتبوع‪.‬‬ ‫الذي مع ّ‬
‫ّ‬
‫ويجب أن تتوفر فيه شروط عامة وأخرى خاصة‪.‬‬
‫توفر الشروط ّ‬
‫العامة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكل العقود من‬ ‫العامة ‪ :‬ضرورة‬ ‫‪+‬بالنسبة للشروط‬
‫ّ‬
‫الصك‬ ‫ّ‬
‫الصك األصلي (أي‬ ‫أهلية – رضا – محل وسبب ‪ +‬ضرورة إبرامه من أطراف‬
‫الذي رفض ترسيمه) أو ورثتهم أو من يمثلهم قانونا‪.‬‬
‫‪+‬ضرورة تناول الكتب التكميلي لنفس موضوع الكتب األصلي‪.‬‬
‫صحة الكتب األصلي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫أن الكتب التكميلي‬ ‫‪+‬بالنسبة للشروط الخاصة ‪ّ :‬‬
‫ال يمكن إبرامه لتصحيح ّ‬
‫تصرف مخالف للقانون ‪ +‬ضرورة احتواء الكتب التكميلي‬

‫‪10‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫كل كتب تكميلي وجب أن ّ‬
‫يحرر‬ ‫أن ّ‬‫على بيانات تضمن قبول الترسيم‪ .‬وهو ما يعني ّ‬
‫بحسب الظروف واملالبسات الخاصة بالعقد األصلي‪  .‬الكتب التكميلي وظيفته‬
‫إصالح اإلخالالت التي اعترت الكتب األصلي وأعاقت ترسيمه‪.‬‬
‫‪-‬الدالء بكتب مصادقة ‪ :‬تعرف املصادقة ّ‬
‫بأنها عمل قانوني بمقتضاه يتنازل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضمنيا‬ ‫لتصرف قانوني صراحة أو‬ ‫شخص بصفة آحادية عن طلب البطالن النسبي‬
‫بالتنفيذ التلقائي له‪.24‬‬
‫ّ‬
‫واملصادقة ال تقبل وال يقع اعتمادها إال إذا كانت صادرة من الشخص الذي له‬
‫يخول ّ‬
‫املشرع حق التصديق على العقد الباطل‬ ‫التمسك بإثارة البطالن‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬ ‫وحده حق‬
‫ّ‬
‫املشرع‬ ‫ّ‬
‫التصرف القانوني موضوع الترسيم ويشترط‬ ‫ألشخاص آخرين يجب تدخلهم في‬
‫ّ‬
‫الصك‬ ‫تصرفا قانونيا تلحق‬ ‫ّ‬
‫وقابليته للترسيم‪ .‬فاملصادقة ّ‬ ‫لصحة العقد‬‫ّ‬ ‫مصادقتهم‬
‫ّ‬
‫قانونيا‪.‬‬ ‫املقدم للترسيم واملهدد بالزوال والبطالن وتجعل له وجودا‬
‫ّ‬
‫الضرورية للترسيم ‪:‬‬ ‫مد الدارة بجميع الوثائق والحجج‬ ‫ب‪ّ -‬‬
‫أحيانا ترفض اإلدارة الترسيم لنقص في الوثائق ّ‬
‫املقدمة والحجج التي يجب أن‬
‫ّ‬
‫ملف الترسيم ليقبل خاصة ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن هذا الترسيم يخضع ملبادئ‪ .‬ومن أبرزها‬ ‫يتكون منها‬
‫مبدأ التسلسل الذي يوجب اإلدالء بما يفيد انجرار امللك ّية لطالب الترسيم‪ .‬وفق ما‬
‫أقر منذ سنة ‪ 2001‬ما يعرف بالترسيم‬ ‫املشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫خاصة ّ‬
‫وأن‬ ‫يفرضه الفصل ‪ 392‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منجرا‬ ‫على التعاقب والذي يستوجب لتطبيقه أن ال يقع ترسيم حق عيني إال إذا كان‬
‫ّ‬ ‫ممن سبق ترسيمه باسمه‪ .‬وإذا ما ثبت لإلدارة ّ‬ ‫مباشرة ّ‬
‫التعارض الكلي بين بيانات‬
‫والصك‪ ،‬يكون مآل املطلب الرفض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االستحقاقية‬ ‫الرسم العقاري من حيث حالته‬
‫تم ّ‬
‫مد‬ ‫الرفض هنا إمكانية تداركه فإذا ّ‬ ‫لفقدان حلقة من حلقات التسلسل‪ .‬لكن هذا ّ‬

‫‪ 24‬يراجع نبيل المجدوب‪ ،‬الطرق القانونيّة لتجاوز أسباب رفض إدراج ترسيم بالسج ّل العقاري‪ ،‬بحوث في القانون العقاري‪،‬‬
‫الجزء الثالث‪ ،2019 ،‬ص ‪.375‬‬
‫‪11‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬
‫امللكية والتي بها ّ‬
‫يتحقق مبدأ التسلسل يزول‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارة ّ‬
‫باملؤيدات املثبتة ألصل انجرار‬
‫موجب رفض الترسيم‪.25‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطرق القضائية لتجاوز رفض الترسيم‬
‫ّ‬
‫العقارية وجوبه طلبه‬ ‫يحق ملن قدم مطلب في عملية عقارية لدى إدارة ّ‬
‫امللكية‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرفض التظلم قضائيا والحصول على إذن في الترسيم‪ ،‬ويكون ذلك ّإما بالطعن في‬
‫ّ‬
‫العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪( .‬أ) أو بطلب تحيين الرسم‬ ‫قرارات إدارة ّ‬
‫امللكية‬
‫أن الرفض عائد لجمود ّ‬
‫الرسم (ب)‪.‬‬ ‫العقاري إذا ّاتضح ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪: .‬‬ ‫أ‪-‬الطعن في قرارات إدارة‬
‫العقارية وفق الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ 26.‬‬ ‫ّ‬ ‫الطعن في قرارات إدارة ّ‬ ‫ّ‬
‫ليحد‬ ‫امللكية‬ ‫جاء‬
‫ّ‬
‫الشرعية حتى‬ ‫من سلطات هذه اإلدارة‪ّ .‬‬
‫ويعد بمثابة الجزاء الذي يسلط على خرق مبدأ‬
‫نص عليه الفصل ‪ 388‬جديد م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬إثر‬ ‫ّ‬
‫التوسع في تطبيقه ّ‬ ‫ال تواصل هذه اإلدارة‬
‫تنقيحه بالقانون عدد ‪ 10‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ 1995‬ويخضع لشروط منها األصلية‬
‫ومنها اإلجرائية‪.‬‬
‫‪-1‬الشروط األصلية ‪ :‬تتمثل في ‪:‬‬
‫*ضرورة صدور قرارسلبي عن الدارة ‪:‬‬
‫يتجسد هذا القرار ّ‬
‫السلبي ّإما في ّ‬
‫الرفض النهائي إلدراج العملية املطلوبة‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫الرفض النهائي قد يكون صريحا وقد‬ ‫العملية‪ .‬وتجدر اإلشارة إل ّأن ّ‬
‫ّ‬ ‫تأجيل القيام بتلك‬
‫ّ‬
‫ضمنيا‪.27‬‬ ‫يكون‬
‫ّ‬
‫*ضرورة تعلق الرفض بإحدى العمليات العقارية املذكورة بالفصل ‪388‬‬
‫م‪.‬ح‪.‬ع‪: .‬‬

‫‪ 25‬نبيل المجدوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.381‬‬


‫طعن‪ ،‬وحول تصنيف هذا الطعن ضمن الطعون األخرى‪ ،‬يراجع محرزية الحجري‪ ،‬مبدأ‬ ‫التطور التاريخي لهذا ال ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 26‬حول‬
‫شرعيّة الترسيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪ 27‬يكون الرفض ضمنيا حين ترفض اإلدارة الردّ فتالزم الصمت وال ترد ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه العمليات تتعلق ّإما بترسيم أو تشطيب على ترسيم أو حط أو تعديل من‬
‫ّ‬
‫امللكية أو تسليم وثائق من إدارة امللكية‬ ‫ترسيم‪ .‬كما قد ّتتصل بتسليم شهادات‬
‫العقارية‪.28‬‬
‫*عدم استناد القرارإلى مانع قانوني ‪:‬‬
‫ّ‬
‫العقارية يجب أن ال يكون القرار قد‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬ ‫كي يقبل الطعن في قرارات إدارة‬
‫ّ‬
‫قضائية سلطة تقدير‬ ‫استند إلى مانع قانوني‪ .‬ويعود للمحكمة العقارية باعتبارها هيئة‬
‫ّ‬
‫قانونية املانع من عدمها‪.‬‬
‫السبب الذي رفضت ألجله اإلدارة يدخل في زمرة املوانع‬ ‫فإذا رأت املحكمة ّ‬
‫أن ّ‬
‫ّ‬ ‫القانونية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فإنها تساند اإلدارة وترفض بدورها الترسيم‪ .‬يتأكد ذلك مثال في الطعن عدد‬
‫مقرة ّ‬
‫أن قرار‬ ‫‪ 1109‬املؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 2007‬والذي ساندت فيه املحكمة اإلدارة ّ‬
‫بصك قضائي أو‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارة سليم ملا رفضت ترسيم كتب إحالة الحصص لعدم اإلدالء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتفاقي يقر ّ‬
‫الصك‪.29‬‬ ‫حل الشركة مؤكدة ضرورة اإلدالء بذلك‬
‫وجاء في حيثيات الحكم العقاري عدد ‪ 1098‬املؤرخ في ‪ 9‬جويلية ‪ّ 2007‬‬
‫"إن‬
‫ّ‬
‫الصك املذكور ّ‬
‫مما ال‬ ‫صك معدوم وقد ثبت قضائيا عدم ّ‬
‫صحة‬ ‫الترسيم قد استند إلى ّ‬
‫يستقيم معه اإلبقاء على ترسيم سنده معدوما‪.30‬‬
‫أن ال وجود ملانع قانوني يحول دون الترسيم ّ‬
‫فإنها تأذن‬ ‫ّأما إذا ّاتضح للمحكمة ّ‬
‫ّ‬
‫بالترسيم‪ ،‬من ذلك ما جاء بالطعن عدد ‪ 356‬الصادر في ‪ 29‬أفريل ‪ 2000‬إذ رفضت‬
‫مسبق ّ‬
‫ألن املشتري جزائري‬ ‫اإلدارة ترسيم عملية بيع واشترطت اإلدالء بترخيص إداري ّ‬
‫ّ‬ ‫وتمسكت بكون ّ‬‫الجنسية ّ‬
‫ّ‬
‫االتفاقية املبرمة بين تونس والجزائر ال تكون نافذة إال إذا‬
‫عومل كل األطراف باملثل ّ‬
‫وأن هذا املبدأ لم يطبق على التونسيين املقيمين بالجزائر ّ‬
‫مما‬
‫أن اإلدارة قد أخطأت في تطبيق القانون وجاء بحكمها‬ ‫يلغي تطبيقها‪ .‬اعتبرت املحكمة ّ‬
‫أقرت ّ‬
‫للرعايا الجزائريين‬ ‫ّ‬
‫االتفاقية املبرمة بالجزائر في ‪ 1963‬قد ّ‬ ‫تبين ّ‬
‫وأن‬ ‫‪" :‬حيث ّ‬

‫‪ 28‬تراجع الفصول ‪ 387-375-354-388‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬


‫‪ 29‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪ 30‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫التونسيين ومنها مجال اكتساب ّ‬


‫امللكية ّ‬
‫مما يعفي الجزائريين من‬ ‫ّ‬ ‫املعاملة باملساواة مع‬
‫ّ‬
‫الواقعية‬ ‫ّ‬
‫التمسك بمبدأ املعاملة باملثل يبقى من األمور‬ ‫مسبق ّ‬
‫وأن‬ ‫استصدار ترخيص ّ‬
‫املتمسك بها من قبل الحافظ ال تعيق تطبيق‬ ‫ّ‬ ‫التي لم يقع إثباتها‪ .‬كما ّ‬
‫أن املناشير‬
‫االتفاقيات"‪.31‬‬
‫‪-2‬الشروط الجرائية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫*القائم بالطعن ‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫يتم من قبل الشخص الذي‬ ‫الطعن ّ‬ ‫بالتأمل في الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬أن‬ ‫ّ‬ ‫ّيتضح‬
‫وجوب َه طلبه ّ‬
‫بالرفض‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تقدم لهذه اإلدارة بمطلب في الترسيم أو التشطيب على الترسيم ُ‬
‫ِ‬
‫يذكر الفصل عبارة "من له الحق فيها"‪ .‬لكن من الناحية قد يتعدد أصحاب الحقوق‬
‫الواقعة على العقار كصورة تقديم مطلب ترسيم على الشياع فهل ّ‬
‫يقدم الطعن من‬
‫جميع أصحاب الحقوق‪ ،‬أو يقدم من أحدهم فقط‪ .‬اعتبر الفقه‪ّ ،‬أنه يمكن أن يصدر‬
‫يتم إدخال ّ‬
‫بقية الورثة على معنى القواعد‬ ‫الطعن عن أحد الورثة لكن يشترط أن ّ‬
‫ّ‬
‫امللكية العقارية على قبول جميع‬ ‫ائية‪ .32‬على املستوى التطبيقي دأبت إدارة‬ ‫اإلجر ّ‬
‫ّ‬
‫وخاصة‬ ‫املطالب الصادرة عن أحد الورثة اعتمادا على مبادئ القانون العقاري‬
‫الفصلين ‪ 329‬و‪ 330‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫ّ‬
‫*طريقة الطعن ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لم ّ‬
‫املشرع الطريقة الواجب اعتمادها عند تقديم الطعن‪ ،‬بطرح تساؤل‬ ‫يبين‬
‫حول إمكانية اتباع إجراءات تقديم مطلب تسجيل أو مطلب تحيين‪ .‬لكن ال فائدة من‬
‫إثقال كاهل الشخص املعني بقرار رفض الترسيم بإجراءات ّ‬
‫معقدة‪.‬‬

‫‪ 31‬حكم غير منشور‪.‬‬


‫‪ 32‬علي كحلون‪ ،‬الطعن في قرارات ‪ ،....‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪14‬‬
‫الشهار العقاري‬
‫ويمكن أن ّ‬
‫يقدم مكتوب عادي لكتابة املحكمة العقارية بعد أن يضمن به‬
‫الطاعن البيانات التي يراها ضرورية إلبراز موضوع طلبه بما في ذلك ّ‬
‫هويته وعدد‬
‫الرسم العقاري وتاريخ الطلب الذي قدمه‪.‬‬
‫*آجال القيام ‪:‬‬
‫بالنسبة لآلجال يجب التفريق بين حالتين ‪:‬‬
‫نص الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬في فقرته الثانية "وقرار إدارة‬ ‫الرفض ّ‬
‫الصريح ‪ّ :‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ّ‬
‫العقارية برفض أو تأجيل ذلك يقبل الطعن لدى املحكمة العقارية في أجل شهر‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬
‫من تاريخ اإلعالم به"‪ .‬تطرح العبارات التالية ‪ :‬شهر – تاريخ اإلعالم – سريان األجل –‬
‫فإنه يمكن ّ‬‫التساؤل حول مدلولها‪ .‬بالنسبة لعبارة "شهر" ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪141‬‬
‫ّ‬ ‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬الذي ّ‬
‫ينص ‪" :‬الشهر ثالثون يوما كاملة"‪.‬‬
‫بأن املقصود بالشهر في الفصل ‪ 388‬هو ثالثون يوما كاملة‪ .‬وبالنسبة‬ ‫القول ّ‬
‫ّ‬
‫الثبوتية لإلعالم‬ ‫لعبارة "تاريخ اإلعالم"‪ ،‬تطرح هذه العبارة التساؤل حول الصبغة‬
‫وطريقته واملعني به‪ .‬من البديهي إقصاء فرضية اإلعالم عن طريق عدل ّ‬
‫منفذ وترجح‬
‫ّ‬
‫طريقة اإلعالم اإلدارية والتي تتمثل في التبليغ بواسطة الرسائل املضمونة الوصول‪.‬‬
‫كما اقترح الفقه إمكانية استدعاء املعني باألمر وتسليمه القرار مباشرة لقاء‬
‫توقيعه على محضر اإلستالم‪.33‬‬
‫لكن ما هو التاريخ الذي يجب اعتماده لتحديد سريان األجل الفعلي عند‬
‫القيام بالطعن وهو شهر من تاريخ اإلعالم‪ ،‬فهل سيقع اعتماد يوم إرسال املكاتبة أم‬
‫يوم بلوغ املراسلة‪ .‬ذهب الفقه إلى غياب تنصيص تشريعي إلى األخذ باألجل الثاني أي‬
‫تاريخ اإلعالم‪ .‬لكن متى يبدأ سريان األجل ؟ بالرجوع إلى الفصل ‪ 140‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬الذي ّ‬
‫ينص‪:‬‬
‫بأن بداية سريان أجل‬‫مدة األجل ال يكون معدودا منه‪ .‬يمكن القول ّ‬‫عد ّ‬
‫"يوم ابتداء ّ‬

‫‪ 33‬يراجع أحمد رزيق‪ ،‬ال ّ‬


‫طعن في أحكام المحكمة العقاريّة‪ ،‬القضاء والتشريع ‪ ،1996‬عدد ‪ ،8‬ص ‪.165‬‬
‫‪15‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫ّ‬
‫امللكية العقارية يبتدأ من اليوم املوالي من تاريخ تحقق‬ ‫الشهر للطعن في قرارات إدارة‬
‫بلوغ اإلعالم إلى صاحب الحق‪.‬‬
‫نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ ..." .‬ويعتبر‬ ‫الضمني ‪ّ :‬‬‫الرفض ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫يعبر عنه ّ‬
‫بالرفض‬ ‫امللكية العقارية بعد انقضاء ربعة أشهر رفضا"‪ .‬وهو ما ّ‬
‫سكوت إدارة ّ‬
‫يحدد ّ‬
‫املشرع بالنسبة لهاته الحالة ال أجل الطعن وال بداية سريانه‪ .‬ويكون‬ ‫الضمني‪ ،‬لم ّ‬
‫الصمت اعتماد أجل الشهر‪ .‬وهو أجل الطعن في قرار الرفض‬ ‫الحل املنطقي أمام هذا ّ‬
‫ّ‬
‫املشرع بالفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬عن بداية سريان أجل األربعة أشهر‪.‬‬ ‫الصريح‪ . 34‬ولم يجب ّ‬
‫ويمكن بالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 394‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬الذي اقتض ى "ال يعتبر تاريخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية العقارية لألوراق املراد ترسيمها"‪.‬‬ ‫العملية املطلوبة إال من تاريخ قبول مدير‬
‫الوصول إلى حل يكون بمقتضاه بداية سريان أجل أربعة أشهر انطالقا من يوم إيداع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية العقارية التي تسلم املعني وصال في الغرض‪ .‬وتبعا‬ ‫مطلب الترسيم لدى إدارة‬
‫لذلك يكون يوم إيداع املطلب وتضمينه هو املنطلق لحساب هذا األجل وعند نهايته‬
‫يحسب أجل الشهر‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-3‬البت في الطعن ‪:‬‬
‫العقارية قبل ّ‬
‫البت في الطعن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البد من أخذ رأي إدارة ّ‬
‫امللكية‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقارية قبل البت في الطعن ‪:‬‬ ‫امللكية‬ ‫*ضرورة أخذ رأي إدارة‬
‫ّ‬
‫"وتبت املحكمة في الطعن بعد‬ ‫جاء بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫امللكية العقارية"‪ .‬تجدر اإلشارة إلى ّأنه جرى العمل لدى املحكمة‬
‫ّ‬ ‫أخذ رأي إدارة‬
‫العقارية حتى قبل تنقيح الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وتكمن الفائدة من أخذ هذا الرأي قبل‬
‫البت في الطعن في تحقيق االستشارة والتنسيق بين ّ‬
‫املؤسستين‪.35‬‬ ‫ّ‬
‫بالرأي الذي ّ‬
‫تقدمه اإلدارة ؟‬ ‫أن املحكمة ملزمة ّ‬ ‫لكن‪ ،‬هل ّ‬

‫‪ 34‬وذلك إلعطاء نفس الحظوظ للصادر في حقه قرار برفض الترسيم سواء ضمنيا أو صريحا‪.‬‬
‫تخرج من المعهد األعلى‬
‫‪ 35‬يراجع لمزيد اإلفادة‪ ،‬عفاف مسعودي‪ ،‬عالقة إدارة الملكيّة العقارية بالمحكمة العقارية‪ ،‬رسالة ّ‬
‫للقضاء‪.1999-1998 ،‬‬
‫‪16‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫امية رأي هذه اإلدارة‬ ‫املشرع ّ‬


‫ألن القول بإلز ّ‬ ‫املشرع ويمكن تبرير سكوت ّ‬ ‫لم يجب ّ‬
‫للمحكمة‪ ،‬قد يوصل إلى حلقة مفزعة ويفقد هذا الطعن كل جدوى‪ .‬ذهب الفقه إلى‬
‫الطعن ّ‬‫ّ‬ ‫القول ّ‬
‫أهميته‪ .‬كما‬ ‫بأن رأي اإلدارة ال يلزم املحكمة وال يجب أن يلزمها وإال فقد‬
‫ّ‬ ‫ّأنه من الطبيعي أن يبقى ّ‬
‫مجرد رأي استشاري إن شاءت اعتمدته وإن شاءت تخلت‬
‫عنه‪.36‬‬
‫ّ‬ ‫في ّ‬
‫التطبيق صدرت عن هذه اإلدارة إجابات يتجلى منها تراجع املحكمة عن‬
‫ّ‬
‫العقارية بالرسم العقاري‪ .37‬لكن تبدو هذه‬ ‫التمسك بسبب تعطيل إدراج العملية‬ ‫ّ‬
‫اإلدارة في أحيان أخرى بالدفاع عن موقفها‪.38‬‬
‫*الحكم الصادرعن املحكمة ‪:‬‬
‫‪ ‬معفى من اإلعالم‬ ‫يكون هذا الحكم ‪:‬‬
‫‪ ‬قابل للتنفيذ الحالي‪.‬‬
‫‪-‬حكم معفى من العالم ‪ :‬تقتض ي أحكام مجلة املرافعات املدنية والتجارية أن‬
‫منفذ‪ .39‬ويخرج الحكم الصادر في الطعن في‬ ‫يتم اإلعالم باألحكام عن طريق عدل ّ‬ ‫ّ‬
‫العقارية على معنى الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬عن هذه القاعدة – وال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امللكية‬ ‫قرارات إدارة‬
‫أي نوع‪ ،‬ويبدو في ذلك مراعاة ملصلحة صاحب الحق‬ ‫ألي إعالم من ّ‬
‫يخضع هذا الحكم ّ‬
‫ّ‬
‫خصوصية يمتاز بها‬ ‫بتمكينه من إدراج ذلك الحق بأسرع وقت ممكن وهو ما يشمل‬
‫هذا الحكم خاصة ّأنه قابل للتنفيذ الحالي‪.‬‬
‫‪-‬حكم قابل للتنفيذ الحالي ‪ :‬جاء بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫املشرع التنفيذ الحالي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫"وقراراتها ‪ ...‬وهي قابلة للتنفيذ الحالي"‪ .‬لئن ّ‬
‫فإنه باملقابل‬ ‫أقر‬
‫صمت بشأن طريقة التنفيذ‪ ،‬وهو ما يجعل التساؤل ُيطرح حول مدى إمكانية اعتماد‬

‫‪ 36‬علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬


‫‪ 37‬الطعن عدد ‪ 582‬المؤرخ في ‪ 27‬جانفي ‪ 2001‬جاء به "ال مانع قانونا يحول دون الترسيم وعلى الطاعن إعادة إيداع‬
‫أصول وثائقه من جديد لدى اإلدارة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 38‬في الطعن عدد ‪ 1061‬المؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪ ،2007‬أثارت اإلدارة أسباب رفض غير متعلقة بمبدأ الشرعيّة بمناسبة أخذ‬
‫مبررة موقفها بضرورة إبرام كتب تكميلي ألنّ عبارات الكتب غير واضحة‪.‬‬‫رأيها ّ‬
‫‪ 39‬تراجع الفصول ‪ 5‬و‪ 287‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫العامة‪ .‬تستبعد هذه الطريقة لكونها ال تتناسق‬ ‫ّ‬ ‫طريقة التنفيذ املعتمدة بالقواعد‬
‫وإجراءات املحكمة العقارية‪ .40‬لذلك يطرح التساؤل حول إمكانية اعتماد اإلجراءات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مادة التسجيل العقاري‪ّ .‬‬ ‫املعمول بها في ّ‬
‫العينية‬ ‫بالتمعن في أحكام مجلة الحقوق‬ ‫يتبين‬
‫ّ‬ ‫وجود طريقتين للتنفيذ‪ّ ،‬إما التنفيذ عن طريق عدل ّ‬
‫منفذ وهي تتعلق بحاالت نادرة في‬
‫فينص عليها الفصل ‪ 353‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬وهي الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫التطبيق‪ّ .41‬‬
‫وأما الطريقة الثانية‬
‫املشرع بخصوص طريقة التنفيذ يجوز القول ّ‬ ‫ّ‬
‫بأنه ما دامت‬ ‫اإلدارية وأمام صمت‬
‫بأن تنفيذه يجب‬ ‫الغاية من الطعن تسهيل الترسيم وتجاوز الصعوبات فيجوز القول ّ‬
‫السرعة واملرونة التي تقتض ي أن يقع التنفيذ في أقرب اآلجال‪.‬‬ ‫أن يكون على غاية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪-‬سلطات املحكمة عن البت في الطعن ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّيتضح من صياغة الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫العقارية من‬ ‫املشرع مكن املحكمة‬ ‫أن‬
‫تنص الفقرة الثانية من الفصل سابق‬ ‫وموسعة عند ّبتها في الطعن‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫سلطات ّ‬
‫هامة‬
‫ّ‬ ‫الذكر ّ‬ ‫ّ‬
‫العقارية في الطعن‪ ... ،‬وتأذن عند االقتضاء بالقيام باإلجراء‬ ‫"تبت املحكمة‬
‫ّ‬ ‫املطلوب"‪ .‬يبدو ّ‬
‫أن هذه الصياغة تمكن املحكمة من التجاوز حق في حالة وجود املانع‬
‫القانوني فلفظة "عند االقتضاء" تعني إذا اقتض ى األمر ذلك‪ ،‬أي يمكن للمحكمة إذا‬
‫الرفض‬ ‫ّ‬
‫شرعية قرار ّ‬ ‫استلزم األمر ّاتخاذ اإلجراء الالزم‪ ،‬أال ّ‬
‫تتعدى هذه العبارة رقابة‬
‫متعلقا بمنح هذه املحكمة السلطة لتجاوز ّ‬ ‫ّ‬
‫كل الصعوبات والعراقيل‬ ‫ويكون األمر‬
‫وتسهيل الترسيم‪.‬‬
‫على مستوى التطبيق وجدت املحكمة العقارية نفسها تجنح في خطوات إلى‬
‫الرفض جاء بالحكم‬ ‫ّ‬
‫شرعية قرار ّ‬ ‫تسهيل الترسيم متجاوزة بذلك ّ‬
‫مجرد مراقبة‬
‫ّ‬
‫العقاري عدد ‪ 710‬املؤرخ في ‪ 13‬جويلية ‪ ،42 2002‬إذ الطلب ال يتنافى ومقتضيات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لوضعية العقارات املذكورة وكانت املطالبة‬ ‫النهائية‬ ‫القانون املتعلق بالتسوية‬
‫بالترخيص غير ذات موجب"‪ .‬كما تعلن املحكمة تجاوزها بناء على اجتهاد منها في إطار‬

‫‪ 40‬يراجع علي كحلون‪ ،‬الطعن في ‪ ،....‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫‪ 41‬وذلك عندما يكون العقار تحت يد الغير الذي يرفض الخروج رغم صدور الحكم بالتسجيل‪.‬‬
‫‪ 42‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫خولها القانون‪ .‬وهو ما حصل في الحكم العقاري عدد ‪ 1086‬املؤرخ في ‪ 28‬ماي ‪2005‬‬‫ما ّ‬
‫ّ‬
‫املتسرب عند تحويل موضوع البيع إلى أجزاء هو من قبيل‬ ‫‪ 43‬الذي ورد به "إذ الغلط‬
‫الغلطات املادية التي ترى املحكمة في نطاق اجتهادها وما ّ‬
‫خوله لها القانون من وجوب‬
‫رفعها وذلك بعد القيام بعملية احتساب األسهم‪.‬‬
‫لكن تبقى سلطات هذه املحكمة عند نظرها في الطعون محدودة وال ّ‬
‫يتعدى‬
‫املشرع بالفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬تدخل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرعية‪ .‬قرن‬ ‫األمر سوى مراقبة تطبيق مبدأ‬
‫بالرفض أو التأجيل من قبل اإلدارة بوجود "مانع قانوني" وهو ما‬ ‫ّ‬
‫العقارية ّ‬ ‫املحكمة‬
‫الطعون التي ّ‬‫ّ‬ ‫يجعل دور املحكمة ّ‬
‫تقر‬ ‫محددا مبدئيا‪ .‬يتدعم هذا القول بما جاء ببعض‬
‫الرفض‪ ،‬من ذلك‬ ‫ّ‬
‫شرعية قرار ّ‬ ‫فيها املحكمة بصفة واضحة اقتصار دورها على مراقبة‬
‫أن اختصاص‬ ‫املؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪" 44 2010‬حيث ّ‬ ‫ما جاء بالحكم العقاري عدد ‪ّ 1235‬‬
‫هذه املحكمة في مادة الطعون طبق أحكام الفصل ‪ 388‬م‪.‬ح‪.‬ع‪ .‬يقتصر على مراقبة‬
‫ّ‬
‫العقارية في صورة رفض الترسيم حال وجود مانع قانوني‬ ‫شرعية قرارات إدارة ّ‬
‫امللكية‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫يمتد اختصاص املحكمة إلى ّ‬
‫وال ّ‬
‫البت في تجاوز الصعوبات املتعلقة بترسيم الصكوك‬
‫بالرسم العقاري‪.‬‬
‫الرسم العقاري لتجاوز قرار ّ‬
‫الرفض ‪:‬‬ ‫ب‪-‬طلب تحيين ّ‬
‫تم رفض مطلب الترسيم وكان الرفض مؤسسا على حالة الرسم العقاري‬ ‫إذا ّ‬
‫فإنه يمكن للمعني أي طالب الترسيم أن يطالب بتحيين ّ‬ ‫املتصفة بالجمود‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الرسم‬
‫العقاري أو تخليصه من الجمود‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ويتضح من خالل القانون عدد ‪ّ 34‬‬
‫ّ‬
‫املشرع مكن كل ذي مصلحة من طلب‬ ‫أن‬
‫الرسم العقاري وجعله مطابقا للوضع الفعلي للعقار‪ .‬وهذه املطالبة هدفها‬‫تحيين ّ‬
‫الحصول على حل قضائي لتجاوز قرار رفض الترسيم الصادر عن اإلدارة‪ّ .‬‬
‫ويتبين من‬
‫ّ‬
‫العقارية وخاصة دائرة‬ ‫أن ّ‬
‫املشرع أسند للمحكمة‬ ‫خالل أحكام قانون ‪ 17‬أفريل ‪ّ ،2001‬‬

‫‪ 43‬حكم غير منشور‪.‬‬


‫‪ 44‬حكم غير منشور‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫األستاذة محرزية الحجري‬

‫ّ‬
‫والقانونية التي‬ ‫املجمدة صالحيات واسعة ّ‬
‫وهامة قصد تجاوز العوائق املادية‬ ‫الرسوم ّ‬ ‫ّ‬
‫الهامة املمنوحة للمحكمة غايتها األساسية هي‬‫ّأدت إلى الجمود‪ .‬وهذه الصالحيات ّ‬
‫تجاوز رفض الترسيمات وجعل الرسم ّ‬
‫مهيأ ألن تدرج به كافة العمليات دون أن تكون‬
‫الحالة التي عليها سببا في رفضها‪.‬‬
‫ج‪-‬تجاوز رفض الترسيم بالحصول على إذن من املحكمة االبتدائية ‪:‬‬
‫يمكن للتقاض ي أمام محاكم الحق العام أن يساعد على تجاوز أسباب رفض‬
‫يتم ذلك خاصة عن طريق طلب الحكم بجبر املعاقد على تيسير الترسيم (‪)1‬‬‫الترسيم‪ّ ،‬‬
‫أو عن طريق طلب التشطيب على الترسيم (‪.)2‬‬
‫‪-1‬طلب الحكم بجبراملعاقد على تيسيرالترسيم ‪:‬‬
‫ّ‬
‫يتعطل الترسيم لعدم إبقاء أحد املتعاقدين بالتزامه ّ‬
‫بمد الطرف املقابل‬ ‫أحيانا‬
‫تيسر الحصول على ترسيم صكه‪ .‬صحيح‬ ‫املؤيدات التي ّ‬
‫بكل الوثائق وتمكينه من كل ّ‬ ‫ّ‬
‫مجرد من الحق العيني ّ‬
‫ألن الحق العيني ال ينشأ إال بالترسيم‪.‬‬ ‫املرسم ّ‬‫أن الصك غير ّ‬ ‫ّ‬
‫لكنه يبقى ّ‬ ‫ّ‬
‫مرتبا اللتزام شخص ي على كاهل املعاقد اآلخر بضرورة تيسير الترسيم‬
‫وتقديم كل التسهيالت الالزمة لذلك إذا كان رفض الترسيم بسبب نقص تلك ّ‬
‫املؤيدات‬
‫والوثائق‪.‬‬
‫ويمكن أن يجد هذا االلتزام أساسه ّإما في اتفاق الطرفين‪ّ ،‬‬
‫وإما في إطار‬
‫القواعد ّ‬
‫العامة التي تقتض ي ضرورة تنفيذ االلتزامات بأمانة‪.‬‬
‫الدعاوى وتصدر حكما يقض ي بإلزام‬ ‫االبتدائية بمثل هذه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتعهد املحكمة‬
‫املعاقد بإتمام اإلجراءات املطلوبة لتسهيل الترسيم كما تقض ي ّأنه في صورة عدم‬
‫االستجابة للحكم والقيام باإلجراء املطلوب‪ّ ،‬‬
‫فإن الحكم يقوم مقام اإلجراء املطلوب‬
‫ّ‬
‫ويتم الترسيم بمقتضاه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الشهار العقاري‬

‫‪-2‬طلب التشطيب على الترسيم ‪:‬‬


‫ّ‬
‫بالسجل‬ ‫قد يرتبط رفض قبول مطلب ترسيم بوجود ترسيمات مدرجة‬
‫العقاري تحول دون ترسيم الحق‪ .‬وفي هذه الحالة يمكن لطالب الترسيم القيام بدعوى‬
‫حقه‪ .‬والتشطيب قد‬‫في التشطيب على الترسيمات املدرجة والتي تشكل عائقا لترسيم ّ‬
‫يكون جزاء تابعا إلبطال الص ّك املؤسس عليه الترسيم لخلل في ّ‬
‫تكونه‪ .‬ودعوى اإلبطال‬
‫ّ‬
‫االبتدائية‪ .‬وقد يكون كجزاء أصلي وبالتالي تكون دعوى‬ ‫تكون من أنظار املحكمة‬
‫ّ‬
‫التشطيب دعوى مستقلة أصلية‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like