Professional Documents
Culture Documents
اللإشهار في القانون العقاري
اللإشهار في القانون العقاري
الشهارالعقاري
لطلبة السنة الثانية من الجازة األساسية
في القانون
الدرس الثاني
رقابة الصكوك للترسيم
ّ
املقدمة
ّ
بالسجل مهمة إشهار الحقوق بترسيمها ّ
العقارية ّ ّ
املشرع إلدارة امللكية أسند
العقاري ،وذلك بالفصل 316م.ح.ع .إلدارة امللكية العقارية إدارة مركزية بتونس
العاصمة وإدارات جهوية وهي مكلفة :
أوال :بإقامة الرسوم العقارية تنفيذا لألحكام الصادرة بالتسجيل .وأوجب
ّ
الشرعية وذلك وفقا ملا يفرضه مبدأ تسمى التحقيقات عليها القيام بتحقيقات ّ
ّ
بالسجل ّ
الشرعية الذي يقصد به مباشرة اإلدارة لرقابتها على الصك قبل إدراجه
ّ
"يتولى مدير امللكية العقارية قبل قيامه ّ العقاريّ .
بأية نص الفصل 306م.ح.ع.
ّ ّ
عملية مباشرة التحقيقات التي تقتضيها هذه املجلة" .كما جاء بالفصل 389م.ح.ع.
ّأما الفصل 390م.ح.ع .فاقتض ى ّأنه " :ال تقع مباشرة العملية املطلوبة إال إذا كان
الحق املراد ترسيمه أو قيده احتياطيا من الحقوق التي أقرتها هذه املجلة والتي يجب
إشهارها".
ّ
املشرع على سبيل الحصر أن عناصر التحقيق ّ
حددها وتجدر اإلشارة إلى ّ
(املبحث األول) .كما يطرح التساؤل حول طبيعتها (املبحث الثاني) هل هي رقابة
املقدم للترسيم أم هي رقابة ّ
تمتد لألصل. شكلية للصك ّ
2
الشهار العقاري
1إثر تنقيحه بمقتضى القانون عدد 35المؤرخ في 17أفريل ،2001الرائد الرسمي عدد 91المؤرخ في 17أفريل ،2001
ص .992
3
األستاذة محرزية الحجري
-1الصكوك من صنف الحجج الرسمية واألحكام ّ :
تقدم أصوال ونسخا
ّ
املشرع قد قصد جاءت عبارة الصكوك مطلقة فتؤخذ على إطالقها .ويكون
ّ
املشرع للصكوك القضائية بها الصكوك االتفاقية واإلدارية والقضائية .وقد أشار
فإن هذه الصكوك ّ
تقدم لإلدارة الصكّ ،
ّ بعبارة أحكام .ما ّ
يهم هنا ومهما كان نوع
أن طالب الترسيم بإمكانه أن ّ
يقدم ّإما األصل أو النسخة.2 أصوال أو نسخا .وهذا يعني ّ
وقد أصبح العمل بالنسخة ممكنا منذ تنقيح الفصل 375م.ح.ع .سنة .2001لكن
ّ يبين ّلم ّ
املشرع هل يتعلق األمر بتقديم نسخ مطابقة لألصل أم هل يمكن تقديم نسخ
عادية .طرح هذا التساؤل أثناء مناقشة هذا الفصل في إطار مداوالت مجلس ّ
النواب
وكانت اإلجابة باعتماد النسخ املطابقة لألصل بالنسبة للحجج والنسخة التنفيذية
بالنسبة لألحكام.3
الرسمية ّ
تقدم أصوال : ّ ّ -2
الصكوك من صنف الحجج غير
تعتبر حجة غير رسمية تلك التي لم يحررها مأمورا عموميا ،وهي ما يصطلح
املشرع بالنسبة لهذا ّ
ّ ّ ّ
الصنف من الحجة الخطية .4أوجب عليه بالكتب الخطي أو
الصكوك ضرورة تقديم األصل يبدو هذا االختيار غر منطقي :
من الوجهة القانونية :الفصل 47م.ا.ع .يساوي بين النسخة واألصل
من الوجهة الو اقعية :عادة يحتفظ قابض التسجيل بأصل الصك وال
ّ
يسلم األطراف إلى نسخا.
ّ
النص وهذا قد يطرح إشكاال لطالب الترسيم ،فقد تتمسك اإلدارة بحرفية
ّ
وتطلب منه األصل .وسواء تعلق األمر بصكوك من صنف الحجج الرسمية أو غير
ّ
بالتثبت من الرسمية ّ
فإن إدارة امللكية العقارية مطالبة بمناسبة كل ّ
عملية ترسيم
قدم األصل إذا كان هو املستوجب أو النسخة فقط .وقد رفضت الصك وفيما إذا ّ
ّ نوع
هذه اإلدارة ترسيم عقد بيع لعدم اإلدالء بالتوكيل بل بنسخة منه وأيدتها املحكمة
العقارية ملا طعن في هذا القرار أمامها .وجاء بالحكم العقاري عدد 1359املؤرخ في
تم اإلدالء بنسخة ّ
مجردة من التوكيل املذكور مما يحول 26مارس " 2012وحيث ّأنه ّ
دون مباشرة العملية املطلوبة وذلك لوروده على غير الشكل املستوجب قانونا على
أن "الصكوك من صنف معنى الفقرة الثانية من الفصل 375م.ح.ع .الذي تقتض ي ّ
8طرح جدال حول نجاعة السلك العمومي لتحرير العقود ،وبيان لعدم جدواه من الناحية العملية .وقوبل بالنقد لما فيه من
محررها
ّ مس بمبدأ حياد اإلدارة والفصل بين مسؤوليّة التحرير ومسؤولية الترسيم ،يراجع الحبيب الشطي ،الصكوك بينّ
وتحريرها ،دراسات في القانون العقاري ،الجزء األول ،ص – .145مح ّمد النّوري ،تحرير الصكوك من خالل القانون
عدد 46لسنة ،1992مجلة دراسات قانونية عدد ،2002-9ص .279
6
الشهار العقاري
القانون بأحكامه من تلقاء نفسها وترتيب ما ّ
يتعين من اآلثار عند عدم مراعاتها
يؤدي وجوبا إلى ّ
النيل من ذلك النظام.9 باعتبار ّ
أن ذلك ّ
ّ ّ ويكون على إدارة ّ
الشكلية للصك أن تتأكد من امللكية العقارية في إطار رقابتها
فإنها ترفض الترسيم .كما ّأن هذه اإلدارةبالنص وإال ّ
ّ تحرير الصك من قب من ذكر
ّ
املشرع على جزاء غياب التنصيصات الوجوبية التي يفترض ورغم عدم تنصيص
ّ
توفرها في الكتبّ ،
فإنها ترفض ترسيم الكتب في صورة عدم احترام هذه التنصيصات
من قبل ّ
املحرر.
ّ
املشرع أعفى العديد من العقود من قاعدة وتجدر املالحظة إلى ّ
أن
االختصاص في التحرير ،فقد ورد بالفصل 377مكرر جديد في فقرته الثالثة :ال
تخضع ألحكام هذا الفصل :
+العقود التي تبرمها الدولة والجماعات املحلية
+الرهون التي تبرمها املؤسسات البنكية واملالية
+عقود التسويغ التي يجب إشهارها بالترسيم لالحتجاج بها على الغير وكذلك
عقود تجديده.
+رفع ّ
الرهن.10
املحرر ّ
التقيد بموجبات التحرير والتي وردت بالفصل املشرع على ّ
ّ كما أوجب
يتبين ّ
أن هذه املوجبات : 377ثالثا م.ح.ع .وبالتأمل في أحكام هذا الفصل ّ
8
الشهار العقاري
ّ
الصك بالقباضة املالية : ج -مر اقبة إمضاءات األطراف وتسجيل
-1إمضاءات األطراف في العقود :
ّ
ينص الفصل 378م.ح.ع" : .إمضاءات األطراف املوضوعة أسفل الكتائب
غير الحجج الرسمية يجب أن تكون معرفا بها قبل تقديمها من طرف إحدى السلط
التالية :رؤساء املحاكم االبتدائية وحكام النواحي ،الوالة ومعتمديهم ،رؤساء
البلديات ،مدير امللكية العقاريةّ "...يتضح من هذه املقتضيات ضرورة التعريف
بإمضاءات األطرافّ 11
ليتم قبول الترسيم.
ّ
التحقق وبالتالي على إدارة امللكية العقارية أثناء مباشرتها ترسيم الصك
ّ ّ
الصك وتحريره من طرف مختص التأكد من وجود إمضاءات باإلضافة إلى شكل
أطراف العقد والتعريف بها لدى السلط املختصة التي ّ
حددها الفصل 378م.ح.ع.
ويجب التمييز بين :
-الحجج الرسمية :في هذه الحالة ّ
البد من التحقق من حصول إمضاء عدل
اإلشهاد من طرف وكيل الجمهورية بالدائرة التي بها ّ
مقر انتصابه طبق الفصل 19
من قانون عدول اإلشهاد.
الرسمية ّ :
البد من التفريق هنا بين : ّ -الحجج غير
ّ
املحررة قبل القانون عدد 103املؤرخ في 1أوت 12 1994 الكتائب
تخضع للفصل 378م.ح.ع .أي ّ
أن التعريف باإلمضاء فيها ّ
يتم من قبل الهيئات
املذكورة بالفصل 378م.ح.ع.
11في المادة المدنية ،ليس لإلمضاء من أثر سوى إثبات تاريخ الكتب الخطي ،يراجع الفصل 450م.إ.ع.
12القانون عدد 103المؤرخ في 1أوت 1994المتعلق بتنظيم التعريف باإلمضاء واإلشهاد بمطابقة النسخ لألصل والمت ّمم
بالقانون عدد 19لسنة 1999المؤرخ في 1مارس .1999
9
األستاذة محرزية الحجري
الكتائب ّ
املحررة بعد القانون عدد 103املؤرخ في 1أوت 1994تخضع
ملقتضيات الفصل األول من هذا القانون.13
ّ ويفرض ّ
املشرع إجراءات خاصة في التعريف باإلمضاء ،إذا تعلق األمر خاصة:
بشخص أمي – شخص معاق – شخص لم ّ
يعرف بإمضائه.
ّ
*األمي :يمكن بالرجوع إلى الفصلين 454م.إ.ع 14 .و 378م.ح.ع 15.تعريف
األمي ّ
ّ
بأنه – الشخص الذي ال يحسن الكتابة وهو غير قادر على اإلمضاء أو ال
يحسنه.-
ّ
املشرع إجراءات خاصة لقيام التزامه بالفصل 378م.ح.ع .الذي وقد ّ
حدد
ّ
نص "وإذا كان األطراف غير قادرين على اإلمضاء أوال يحسنونه تجب تالوة الكتب
ّ
ويتمتع بأهلية عليهم لدى إحدى السلط املذكورة بمحضر شاهد يحسن اإلمضاء
هويتهم ثبتت لديها طبق بأنها تعرف األطراف ّ
وأن ّ املختصة ّ
ّ التعاقد وتشهد السلطة
ّ
التشريع الجاري به العمل" .16وفي نفس االتجاه أكدت محكمة التعقيب في القرار
أن تحرير عقد دونالتعقيبي املدني عدد 65321-2011املؤرخ في 23فيفري ّ 2012
احترام موجبات الفصل 454م.ا.ع .ال يضفي الشرعية وال يصحح الخلل الذي أصاب
أن الديوان الوطني للملكية العقارية كما أصبح ّ
يسمى تحرير العقد .17وهذا يعني ّ
13جاء بالفصل األول من هذا القانون ،تختصّ السلط التالية بالتعريف بإمضاء الخواص :الوالة – رؤساء البلديات –
وكواهي رؤساء البلديات ورؤساء الدوائر داخل المناطق البلدية.
14نصّ الفصل 454م.ا.ع ..." .األ ّمي الذي ال يحسن الكتابة."...
15ورد بالفصل 378م.ح.ع" .وإذا كان األطراف غير قادرين على اإلمضاء أو ال يحسنونه".
16نص الفصل 454م.ا.ع .في نفس اإلطار "التزام األ ّمي ال يمضي حتى يتلقاه عدول أو غيرهم من المأمورين العموميين
المأذونين في ذلك".
17مبادئ القرارات ،األخبار القانونية ،أفريل ،2012ص .13
10
الشهار العقاري
ّ ّ ّ
الصك ملقتضيات التحقق من مطابقة مطالب إذا تعلق األمر بالتزام شخص ّأمي من
الفصل 378م.ح.ع .كما عليها ّ
التثبت من صفة املمض ي ومدى ّ
أهليته لإلمضاء.18
*الشخص املعاق :أضيفت بمقتض ى القانون عدد 19 66املؤرخ في 3نوفمبر
2008فقرة ثانية من العدد 6من الفصل الثالث من القانون عدد 103لسنة 1994
متصلة ّ
بالسمع املعرف بإمضائه حامال إلعاقة كبيرة ّ
ورد بها "إذا كان الشخص ّ
والنطق أو البصر أو ما شابهها ّ
فإنه ّ
يتم تحرير محضر تالوة بمحضر شاهد يحسن
ّ
ويتمتع بأهلية التعاقد يختاره املتعاقد الحامل لإلعاقة ثم تمض ي السلطة اإلمضاء
ّ
املختصة محضر التالوة مع الشاهد.
*الشخص الذي لم ّ
يعرف بإمضائه :وهو الشخص الذي أمض ى بالكتب
يعرف بإمضائه بسبب وفاته مثال أو أصبح مجهول ّ
لكنه لم ّ ّ
الخطي ّ
املقر جاء الحل
قبل صدور مجلة الحقوق العينية في أمر صدر في 8فيفري 1928املتعلق بالتعريف
باإلمضاءات والذي أوجب حضور شاهدين يشهدان ّ
بأن اإلمضاء املوضوع أسفل
العقد هو إمضاء املعني باألمر ثم يمضيان ّ
ويعرفان بإمضائهما .ألغي هذا األمر
بالقانون عدد 103سابق الذكر .لكن هذا القانون الجديد لم يضع حال ملثل هذا
اإلشكال والذي قد يحدث.
ّ
الصك بالقباضة املالية : -2تسجيل
ّ يعرف التسجيل ّ
بأنه "إجراء شكلي يتمثل في قيام موظف عمومي وهو
صك بسجل ّ
معد للغرض وهذا اإلجراء يصحبه عادة قبض أداء القابض بتسجيل ّ
18تعتبر الرقابة على إمضاءات األطراف من الضّمانات الها ّمة المتوفّرة للغير ألنّها تحول دون إمكانية التّدليس أو التزوير
الذي يستعمله أحد األطراف للتحيّل تجاه الغير.
19المتعلق بتيسير المعامالت لألشخاص الحاملين إلعاقة عضوية.
11
األستاذة محرزية الحجري
ويسمى معلوم التسجيل" .20فإذا كان الصك من الصكوك املستوجبة للتسجيل طبقا ّ
ّ
مجلة التسجيل والطابع الجبائي ،فال ّبد من استيفاء الشكلية وإال ّ
فإن اإلدارة ألحكام
من حقها بل من واجبها رفض الترسيم ،جاء بالحكم العقاري عدد 78املؤرخ في 22
أن الطاعن لم يستكمل الوثائق الناقصة كما ّأنه لم تبين ّ
فيفري " 1997حيث ّ
يستجب لضرورة تسجيل الكتب بالقباضة املالية ،وتبعا لذلك ّ
فإن القرار الصادر
بالرفض في مكانه".
د-رقابة وجود الرخصة الدارية املستوجبة :
يعد الترخيص اإلداري شرطا ضروريا وأساسيا ّ
لصحة بعض العمليات فال ّ
الرخص إلى رخص متعلقة تتنوع هذه ّ شرعية لعقد دون تلك الرخصةّ . 21
ّ
باألشخاص ،وأخرى متعلقة بالعقار.
املتعلقة باألشخاص فهي ّ ّ ّأما ّ
متنوعة منها رخصة وزير أمالك الدولة الرخص
والشؤون العقارية ،22رخصة البنك املركزي .23لكن تبقى رخصة الوالي ّ
أهمها على
اإلطالق وقد ّ
مرت هذه الرخصة بمراحل :
-وقع تكريسها بمقتض ى أمر 4جوان 24 1957وفرضتا في العمليات العقارية
التي يكون فيها الطرفان (البائع واملشتري) تونسيان أو تونس ي وأجنبي.
20للتسجيل بالقباضة المالية وظيفتان – األولى ،جبائية وتهدف إلى توفير دخل للدولة الثانية مدنية ،تتمثل في أنّ التسجيل
قوة االحتجاج به على الغير .يراجع الفصل 581م.ا.ع .الذي أوجب تسجيل الصك يكسي الصك تاريخا ثابتا ويضفي عليه ّ
بالقباضة المالية إذا تعلّق األمر بعقار غير مسجّل وذلك لالحتجاج به على الغير.
21الطاهر بولعابة الفاطمي ،الوعد بالبيع ورخصة الوالية في العمليات العقارية ،ق.ت ،1972 .عدد ،4ص 7
22هذه الرخصة جاءت تدعيما لرخصة الوالي بمقتضى القانون عدد 20المؤرخ في 3فيفري .1992
23هذه الرخصة مستوجبة إذا كان طالب الترسيم شخصا أجنبيا غير مقيم ،يراجع محمد فريد بن تنفوس ،العمليات العقارية
ورخصة البنك المركزي ،ملتقى التراخيص اإلدارية.
24رائد رسمي ،عدد 46مؤرخ في 7جوان ، 1957ص .690
12
الشهار العقاري
28يراجع مح ّمد كمال شرف الدين ،تطبيق اتفاقيات اإلقامة المبرمة بين تونس والدول المغاربية ،إلى أين ؟ مجلة المحاماة،
،2012عدد ،4ص .109
29حكم غير منشور.
14
الشهار العقاري
ّ
فبمجرد وضع العقد في تطابق مع بيانات الرسم الفادحة التي تحول دون الترسيم
العقاري يثبت ّ
وأن موضوع العقد يهم الرسم".30
-2سند امللكية :
نص عليها ّ
مسجلّ ، ّ
شخصية لكل مالك في عقار هي عبارة عن وثيقة تملك
الفصل 364م.ح.ع .31.ويجب تقديم هذا السند لإلدارة بمناسبة علمية الترسيم وإال
ّ
فإن هذه اإلدارة يمكنها أن ترفض الترسيم .من ذلك مثال رفض إدارة امللكية العقارية
إدراج عملية بيع لعدم اإلدالء بسند امللكية وهو ما ّأيدتها فيه املحكمة العقارية في
مؤكدة ّ ّ 32
أن إدراج وعد بالبيع بالرسم الطعن عدد 862املؤرخ في 24جانفي 2005
العقاري املسلم فيه سند يقتض ي ضرورة اإلدالء بذلك السند حتى ّ
يتم تحيينه طبقا
للمعطيات الجديدة.
-3احترام مبدأ تسلسل الترسيمات :
ّ
ينص عليه الفصل 392م.ح.ع .في فقرته الثانية والثالثة" ،على أن ال يقع
عدة نقل أو اتفاقات متوالية ّ
فإن ترسيم هذا الحق إال إذا كان الحق العيني موضوع ّ
النقل أو االتفاق األخير ال يقع ترسيمه قبل ترسيم ما سبقه من نقل واتفاقات".
يرتكز نظام اإلشهار العقاري على مبدأ تسلسل الترسيمات الذي يعني ّأنه ال يمكن
ّ
ترسيم حق إال إذا كان منجرا مباشرة من املالك الذي سبق ترسيمه لحقه وطالب
ّ الترسيم عليه إثبات العالقة التي تربط بين آخر مالك ّ
مرسم والشخص الذي يريد
33
Charfeddine Mohamed Kamel, Les droits des tiers et les actes translatifs de propriété
immobilière, Thèse de doctorat en droit privé, 1990-1991, p. 133.
16
الشهار العقاري
-1التحقيق في ّ
هوية األطراف :
ّ
بالهوية وال عناصرها. ّ
املشرع في الفصل 389م.ح.ع .املقصود لم يوضح
ويمكن بالرجوع إلى الفصل 377م.ح.ع .الذي اقتض ى يجب أن يحتوي الصك ّ
املقدم
للترسيم على ما يلي :
ّ
يتعلق بأطراف الصك ّ
يبين : أوال :في ما
-بالنسبة إلى الشخص الطبيعي ّ :
هويته كما وردت بمضمون حالته ّ
املدنية أو
ّ
وجنسيته. ببطاقة التعريف الوطنية وحرفته ّ
ومقره
-بالنسبة إلى الشخص املعنوي ،اسمهّ ،
مقره االجتماعي وشكله القانوني
ّ
وهوية ممثله القانوني وعدد الترسيم بالسجل التجاري إن كان شركة وتاريخ التصريح
يسهل ّ
التعرف عليه إن كان جمعية. بالتكوين وعدد التأشيرة وكل بيان آخر ّ
17
األستاذة محرزية الحجري
-الحرفة ّ :
أهمية الحرفة تكمن في التحقق في الحجر املضروب على بعض
األشخاص بحكم مهنهم من عدم إبرام عقود وبالتالي تتثبت اإلدارة من عدم خضوع
الشخص املعني للحجر.
-الجنسية :ييسر هذا البيان خضوع الصك املطلوب إشهاره ترخيص إداري
إذا كان أحد أطراف الصك أجنبيا.
ّ ّ
املقر :يمكن اإلدارة من االتصال بأصحاب الحقوق لتسوية بعض -
الوضعيات.
ّ
*الشخص املعنوي :ما دامت هذه الذوات تتمتع بذمة مالية فإنه من حقها
اكتساب الحقوق وإكسابها ومنها الحقوق العينية وهي مدعوة لترسيمها وعليها تقديم
الوثائق املثبتة ّ
لهويتها.
-السم :لكل شركة اسم تعرف به وقد ّ
يعبر عن نشاط الشركة وقد يرمز إلى
هوية شركات األشخاص تعرف باالسم الجماعي .
ّ -
املقر االجتماعي :تكمن الغاية من وراء هذا التنصيص في تطبيق تراتيب
العرف ،ومقر الشركة التجاري يقع بمركزها الرئيس ي وهو املحل الذي به اإلدارة
الفعلية للشركة.
-الشكل القانوني :يختلف الشكل القانوني للشركة 34وباختالفه تختلف
ّ
القواعد املنظمة لكل صنف من الشركات.
ّ
املشرع بموجب تنقيح الفصل 377م.ح.ع .سنة ص عليه ّ
الجنسية :ن ّ -
.2001
34فقد تكون شركة مفاوضة ،شركة مقارضة ،شركة ذات مسؤولية محدودة ،شركة خفية اإلسم.
18
الشهار العقاري
هوية املمثل القانوني ّ :
البد من ذكر ّ
هويته كاملة باعتباره هو الذي يلزم ّ -
الشخص املعنوي.
-2التحقيق في أهلية األطراف :
يلزم الفصل 389م.ح.ع .املراقب من التحقق من أهلية األطراف املبرمة
الصك ّ
املقدم لها ّ للصك املقدم للترسيم ،ولتتعرف اإلدارة على الراشد من القاصر في
عليها إجراء مقارنة بين تاريخ الوالدة وتاريخ إبرام العقد.
ّ
-3التحقيق املتعلق بصفات األطراف :
يقدم مطلب الترسيم في بعض األحيان ال من قبل الشخص املعني مباشرة بل ّ
مفوض أو ولي وفي كل هذه الحاالت تلزم اإلدارة من ّ
التثبت من وجود من قبل وكيل أو ّ
ّ
بالتعرف في حق الغير. التوكيل أو التفويض أو اإلذن
ّ
املشرع بالفصل 1104م.ا.ع .35 .وإذا كان الوكيل هو الذي *التوكيل ّ :
عرفه
يقوم باملطالبة بالترسيم بإدراج صكا بنفس الرسم فال يشترط اإلدالء بالتوكيل
مرة واحدة فقط لكن بشرط التنصيص عليه بمناسبة كل عملية ترسيم ،بل يكفي ّ
ّ
بالصك وبيان تاريخه .ويكون من حق اإلدارة رفض الترسيم في صورة عدم اإلدالء
ّ ّ
تم الطعن في قرارها ّأيدت بالتوكيل .وفعال هذا ما حصل في إحدى املرات ،وملا
أن التضارب على مستوى املحكمة العقارية قرار الرفض وجاء بالحكم " :وحيث ّ
يعد مانعا قانونيا للترسيم ّ
ويتجه إجراء مراجع التسجيل على الحق املذكور أعاله ّ
ّ
أبحاث للتأكد من صحة التوكيل املذكور وهذا يتجاوز صالحيات إدارة امللكية
العقارية فيكون قرارها بالرفض في طريقه.36
المنوب.
ّ 35الذي ينصّ :الوكالة عقد يكلف به شخص شخصا آخر بإجراء عمل حائز في ّ
حق
36الحكم العقاري عدد 1317المؤرخ في 28نوفمبر ، 2011غير منشور.
19
األستاذة محرزية الحجري
ّ ّ ّ
يتم اللجوء إلى التفويض لتسهيل عمل الجمعيات أو الشركات. *التفويض :
ويتم التنصيص على التفويض إن وجد ضمن بنود القانون األساس ي للشركة أو ّ
الجمعية .ويبقى من ّ
حق اإلدارة رفض الترسيم إذا ّ
تم اإلدالء بما يثبت هذا التفويض.
ّ
بالتصرف في حق الغير :ال يكفي إلدراج عملية صادرة في حق عديمي *الذن
ّ
بالتصرف ّ
األهلية أو املحجور عليهم إثبات التقدير أو الوالية ،بل يجب مع ذلك اإلذن
أن ّ
الولي ال يمكنه إبرام تلك ينص عليه الفصل 15م.ا.ع 37.مما يعني ّ من ذلك ما ّ
العقود إال بعد الحصول على إذن من القاض ي .ويرجع وجوب تقدير اإلذن لتقف
ّ
للمقدم بموجب ذلك اإلذن. اإلدارة على الصالحيات ّ
املخولة
ّ بناء على ما سبق في هذ املبحث يستنتج ّ
أن إدارة امللكية العقارية هي املكلفة
حددهاوأن نقاط أو عناصر الرقابة ّ املقدمة للترسيم ّ
بإجراء الرقابة على الصكوك ّ
مكرر و 377ثالثا 389 ،و 390و 392م.ح.ع .وقداملشرع خاصة بالفصول 377وّ 377
ّ
يتساءل البعض في ّ
ظل التحقيقات الواسعة التي تتوالها اإلدارة عن طبيعة ّ
الرقابة
أن هذهبصحة العقود وبالتالي تتجاور املسائل الشكلية ،أم ّ
ّ فهل من شأنها ّ
املس
التثبت القانوني. الرقابة مهما ّ
امتدت ال تتجاوز ّ ّ
37جاء بالفصل 15م.ا.ع" : .األب المدير لكسب ابنه الصغير أو السفيه والولي وكل مدير لكسب بوجه قانوني ليس لهم أن
يتصرفوا فيما هو موكول لنظرهم بمثل بيع ومعاوضة وكراء – وغير ذلك إالّ بإذن خاص من القاضي المختص وال يعطى ّ
ّ
اإلذن إال عند الضرورة والمصلحة الواضحة.
20
الشهار العقاري
املبحث الثاني :طبيعة ّ
الرقابة
ّ
الشرعية في كل من نظام الشهر العيني ونظام الشهر وقع إقرار مبدأ
الشخص ي ،لكن نوعية الرقابة التي يرتبها هذا املبدأ تختف من بلد إلى آخر ويوجد
نظامان :
• نظام ّ
التثبت الشخص ي :
يفرض رقابة مزدوجة للصك ّ
املقدم للترسيم أي رقابة تهم الشكل واألصل
معا :
معمولة في أستراليا.
• نظام التبريرالقانوني
بالتثبت من ّ
عدة نقاط شكلية وهذه النقاط ّ يقصد به ّ
أن اإلدارة تكتفي
ّ
املشرع عادة ما تكون ّ
محددة حصريا من قبل
يعود هذا النظام للقانون الروس ي الذي يحصر الرقابة في بعض العناصر
الشكلية.
كفة النظامالتثبت الشخص ي أم هل يرجح ّ
فهل يتبع القانون التونس ي نظام ّ
عدة معطيات القول ّ
بأن القانون التونس ي يميل إلى التبرير القانوني ،يمكن بناء على ّ
نظام ّ
التثبت القانوني.
ّ
املشرع لنقاط الرقابة ولعناصر التحقق. -املعطى األول :تحديد
-املعطى الثاني ّ :
القوة الثبوتية للترسيم
-املعطى الثالث :الفهم الخاطئ للرقابة من قبل اإلدارة
21
األستاذة محرزية الحجري
املس من ّ
صحة العقود. -املعطى الرابع :اإلدارة ال يمكنها ّ
ّ
املشرع لنقاط الرقابة ولعناصرالرقابة : -املعطى األول :تحديد
املشرع هو الذي ّ
يحدد الحقوق املعنية ّ ّاتضح لنا بدراسة نطاق الرقابة ّ
أن
باإلشهار عن طريق الترسيم ،واملسائل الخاضعة للقيد االحتياطي .وهذا يعني ّ
أن
اإلدارة ال يمكنها ترسيم حقوق لم يرد ذكرها بنص القانون .وال يمكنها مباشرة قيد
ّ
املشرع .أيضا ال يمكنها مباشرة تنصيص لم احتياطي ملسائل لم يقع ذكرها من قبل
ّ
املشرع. يشر إليه
ّ
يتعلق بعناصر الرقابة فقد ّ ّ
تبين بعد الوقوف على هذه العناصر وأما فيما
ّأنها محددة بالنصوص القانونية وهو ما يعني ّ
أن إدارة امللكية العقارية وأثناء قيامها
بالرقابة على الصكوك ال يمكنها بسط رقابتها إلى عناصر لم يرد ذكرها بالنصوص.
كرسه لكن من جهة أخرى ،على هذه اإلدارة عدم إغفال ّ
أي عنصر تحقيق ّ
الرقابة املشرع وهو ما يفهم منه ّ
أن عناصر ّ ّ ّ
املشرع وال أيضا إنقاص عناصر فرضها
ّ
املشرع بما يفرضه النصوص ال يعود تقديرها لإلدارة ،بل هي ّ
محددة من قبل
ّ
القانونية التي تضع النقاط الواجب التأكد منها من قبل اإلدارة قبل إدراج الصك
ّ
املشرع أدخل العديد من التنقيحات على املطلوب ترسيمه .وتجدر اإلشارة إلى ّ
أن
ميداني التحرير والترسيم ،وذلك ملزيد ضبط وتحديد عناصر الرقابة وكل ذلك
ّ ّ لتسهيل التحقيق في الصكوك ّ
املقدمة للترسيمّ .
املشرع وكل هذا يؤكد لنا ميل
الشرعية أو ما ّ
يسمى أيضا التبرير القانوني .إذ يقتصر دور ّ التونس ي لنظام التثبتات
للصك في هذا النظام على رقابة شكلية ،خارجية ملجموعة منّ املحقق واملراقب
املشرع ّ
مسبقا. ّ النقاط والتي ّ
يحددها
22
الشهار العقاري
ّ
الشرعية : -املعطى الثاني :طبيعة قرينة
ّ ّ
بالسجل العقاري نتيجة مفادها افتراض يترتب عن ترسيم الحق وإدراجه
أن الترسيم يقيم قرينة على ّ
صحة ذلك الترسيم الشرعية في ذلك الترسيم .أي ّ
ّ
ّ
وشرعيته وينبني هذا االفتراض على التحريات والتحقيقات التي تباشرها اإلدارة أثناء
ّ
ومحددة وهو ما لكن هذه الرقابة تبقى رقابة شكلية ّ
للصك املطلوب ترسيمهّ . رقابتها
الشرعية وعلى ّ
القوة الثبوتية لهذا الترسيم ،التي ّ ينعكس بالضرورة على طبيعة قرينة
وتبرر ّ
القوة تبقى ّ
قوة ثبوتية نسبية بما يترك املجال إلبطال الترسيم والتشطيب عليهّ .
ّ
تتوصل إليها اإلدارة .يفرض نظام التبرير ّ
بنسبية النتائج التي ّ
النسبية الثبوتية
القانوني على اإلدارة مراقبة مجموعة من العناصر الشكلية األساسية التي ّ
يحددها
ّ
التمعن في أصل الحقوق ومدى سالمتها من ّ
املشرع وهي غير مطالبة وال يمكنها أصال
ّ
بالتثبت من العيوب ،وبالتالي ّ
فإن رقابتها تبقى رقابة خارجية تكتفي فيها اإلدارة
السالمة الظاهرية للصك ّ
املقدم للترسيم.
فإنها تبقى منقوصة وال تبلغ منوتدعمت ّوامتدت ّّ ومهما ّ
توسعت الرقابة
القوة الثبوتية املطلقة اعتبر أحد الفقهاء ّأن "تأشيرات أمين العمق لدرجة تبرير ّ
تبني ّ
قوة مطلقة وليس للتسجيل إذا ّ
تم أن السجل ليس لها من الوجهة القانونية ّأية ّ
ّ
يغطي العيوب التي تشوب الحق فيما بين املتعاقدين .ويكون دور هذا التسجيل ّ ّ
مجرد
إتمام قاعدة نسبية أثر العقود في مواجهة الغير دون أن تكون له القدرة على تغطية
العيب الذي يلحق به". 38
ّ ّ
إن تحقيقات إدارة امللكية العقارية مهما اتسعت تبقى نتائجها نسبية .هذا
ّ
املكلف بمراقبة ّ
صحة السندات النظام أي نظام التبرير القانوني يجعل من الجهاز
للنصوص القانونية ،وإن لزم األمر تؤولها وتبطل عقود وتأمر بالتشطيب على األخرى.
والتمحص من النصوص القانونية املنظم ملبدأ الشرعية ّ
أن هذه ّ وقد كشف التأمل
تتمسك ّ
تمسكا مفرطا بنظام التحقيقات الشرعية .وذلك في إطار فهمها اإلدارة كانت ّ
ّ
النص وعن النص دون البحث عن روحّ كإدارة للنصوص والوقوف عند عبارات
ّ
النص وبدا نشاطها اليومي ّ
التمسك بحرفية ّ
املشرع .وأوغلت اإلدارة في مقصد
التجاه إداري موغل في ّ
الحدة ،تجنح إلى رفض الترسيم رغم ّ محتكما ّ
غيات موجب
ّ للرفض وتحتكم الجتهادات ّ
ضيقة وأحيانا خاطئة للنص القانوني .وتغلب الواقع
والعرف الجاري على النص القانونيّ .
ويعد الفصل 370م.ح.ع .أبرز دليل على الفهم
الخاطئ للنص القانوني .فرغم وضوحه فقد ّأولته اإلدارة بطريقة مخالفة ملنطوقه،
جاءت صياغة الفصل 370م.ح.ع .واضحة في إجازة الترسيمات الالحقة للقيد ،لكن
مع ذلك ّ
فإن اإلدارة تمتنع من إجراء الترسيم.
ّ
والضبابية وتغاض ى عن التوضيح ونس ي ّ
املشرع الذي اتبع الغموض وقد يالم
أن املخاطب بتلك النصوص إدارة وليس قاضيا يمكنه االجتهاد في فهم النص ومحاولة
إنطاقه وذهب الفقه للقول ّ
بأن اإلدارة ليس لها من حزم القضاء في استلهام الضمير
ّ ّ
التصرف وسعة االطالع واستخالص ما وراء اللفظ.39 وحسن
صحة العقود من اختصاص القضاء : املعطى الرابع :مر اقبة ّ
يختص القاض ي املدني بمراقبة ّ
صحة العقود والنظر في أصل الحقوق .وال ّ
ّ
يؤكد ّ ّ ّ يجوز ّ
أن الديوان تحل محله في هذا االختصاص .هذا ألية سلطة أخرى أن
للملكية العقارية وفي إطار رقابته على الصكوك ّ
املقدمة للترسيم ال يمكنه ّ الوطني
أن فقه القضاء سواء املدني أو العقاري ذهبا في ّاتجاه منع اإلدارة من
العقود .41كما ّ
حجة على أخرى أو اعتماد قرائن الكتشاف نوايا املتعاقدين هي من املسائل ّ
االستحقاقية التي تخرج عن أنظار اللجان الجهوية وتدخل ّ
حيز نظر محاكم الحق
40
Soulmagnon Georges, La loi tunisienne du 1er juillet 1885 sur la propriété immobilière et
le régime des livres fonciers, Librairie du Recueil Sirey 1933, p. 378.
41مح ّمد الزين ،العقد ،مطبعة الوفاء ،1993 ،ص .68مح ّمد كمال شرف الدين ،التعليق على الحكم العقاري عدد ،734
المجلة التونسية للقانون عدد ،2003ص .357أحمد بن طالب ،التشطيب على ،...مرجع سابق ،ص .75حامد النقعاوي،
مرجع سابق ،ص .199
42قرار غير منشور.
26
الشهار العقاري
العام التي لها وحدها حق تأويل العقود أو تفضيل كتبا على آخر ،43كما ّبينت
املحكمة العقارية في الحكم العقاري عدد 1262الصادر في 31جانفي ّ 2011
أن
"التصريح ببطالن العقود مسألة خارجة بطبيعتها عن مجال اختصاص إدارة امللكية
ّ
العقارية" .44كما أكدت املحكمة العقارية ومنذ الحكم العقاري (الصادر في مادة
ّ
الطعن في قرارات إدارة امللكية العقارية على معنى الفصل 388م.ح.ع ).عدد 85
الصادر في 19أفريل ّ 1997
بأنه ال يجوز لحافظ امللكية العقارية إال مراقبة الصحة
أقرت هذه املحكمة ّ
أن اإلدارة ليس الشكلية للكتائب املودعة بغاية الترسيم" .45كما ّ
من اختصاصها تكييف العقود .وجاء بالطعن عدد 606الصادر في 26ماي 2001
"وحيث ال يدخل في سلطات إدارة امللكية العقارية تكييف الصكوك ّ
املقدمة قصد
ترسيمها .فتعتبرها كتائب تكميلية أو كتائب تكميلية أو كتائب الحقة لكتائب
أصلية.46"...
43الحكم عدد 9الصادر في 10جويلية ،1995ذكر هذا الحكم من قبل الناصر الشريف ،دور المحكمة العقارية في إرساء
نظام اإلشهار العيني ،ملتقى الطعون لدى المحكمة العقارية ،نوفمبر ،1998ص .24
44حكم غير منشور.
45حكم غير منشور.
46حكم غير منشور.
27
األستاذة محرزية الحجري
28
جامعة قرطاج
اإلشهار العقاري
لطلبة السنة الثانية من اإلجازة األساسية
في القانون
الدرس الثالث
واج ـ ـ ـ ـ ــب الترسي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم
ّ
املقدمة
يعد اضطالع الديوان الوطني للملكية العقارية بواجب الترسيم من أوكد ّ
ّ
املشرع لهذه اإلدارة بالفصل 316م.ح.ع... . واجباته .والترسيم هو مرفق عام ّ
حمله
ّ ّ
وهي مكلفة ...ثالثا " :بترسيم الحقوق والتحمالت املتعلقة بالعقارات املذكورة".
ّ
املشرع بالفصول -306 حدديعد الترسيم من صميم عمل هذه اإلدارة .كما ّوبالتالي ّ
390-389و 392م.ح.عّ .
النقاط واملسائل املطالبة بالتحقيق فيها قبل مباشرتها
ّ
املشرع بالسجل العقاري (املبحث األول) .كما ّ
حمل ّ ّ
الصك املطلوب إدراجه ترسيم
محرر العقد واألطراف بهذا الواجب (املبحث الثاني).
2
اإلشهار العقاري
أي ترسيم بحيث ّ
أن وجود هذه الرقابة أو املراقبة التحريات الالزمة قبل قبول ّ
ّ
ّ
الصحة.1 السابقة لإلدراج يضفي على العملية صبغة
ّ
املتعلقة بالشكل واملضمون ّ
وتتمتع وتقوم هذه اإلدارة بجملة من التحقيقات
هذه اإلدارة بسلطة تقديرية واسعة في تقرير مآل املطالب ّ
املقدمة لها .وبعد إجراء
التحقيقات الالزمة ّتتخذ اإلدارة القرار املناسب في شأن املطلب ّ
املقدم إليها وهذا
القرار قد يكون إيجابيا وقد يكون ّ
سلبيا.
تتم دراسة مطلب الترسيمتمر بمراحلّ ، تجدر اإلشارة إلى ّ
أن عملية الترسيم ّ
من املحقق واملراجع األعلى .ثم ّ
يتم إحالة املطلب على قسم اإليداع .واإليداع هو
ّ
سجل اإليداع املرجع ّ
الرسمية بما يجعل عملية إكساء ّ
مقرر اإلدراج الصبغة
نص الفصلللتعرف على العمليات املدرجة وتاريخ إدراجها .2وقد ّ
األساس ي والرسمي ّ
ّ ّ
سجل إيداع يثبت به ملخص العمليات املقبول ترسيمها 380م.ح.ع .في فقرته الثانية
وتاريخ الترسيمّ .
وتعد دفاتر اإليداع ضرورية في ضبط العمليات املقبولة والحق الغير
مدرج بها ال ّ
يعد مقبوال.3
ومن التنقيحات املدخلة على الترسيم هي الترسيم بالتعاقب 4وهو إجراء جاء
املشرع ليوحد طريقة إدراج نصوص الترسيمات بالرسم العقاري جاء بالفصل ّ به
398م.ح.عّ .
"يتم الترسيم بالرسم العقاري على التعاقب" .وهو ما يعني إدراج جميع
الترسيمات بصورة متتالية بالرسم العقاري دون بياض أو إقحام.5
6أضيفت هذه الفقرة للفصل 380م.ح.ع .بمقتضى القانون عدد 35لسنة 2010المؤرخ في 29جويلية .2010
7يراجع دليل اإلجراءات إلدارة الملكية العقارية.
8يراجع الفصل 391م.ح.ع .المتعلّق بإصالح األغالط المادية الصادرة عن إدارة الملكية العقاريّة.
9علي كحلون ،القضاء العقاري ،طرق فصل النزاعات العقارية ،مجمع األطرش للكتاب المختص ،2013 ،ص .463
10نسرين محمد ،مرجع سابق ،ص .64
4
اإلشهار العقاري
وكما قد ينتهي التحقيق إلى قرار إيجابي بقبول املطلب وترسيم العملية
املطلوبة ،قد ينتهي إلى قرار سلبي يقض ي برفض مطلب اإلشهار سواء تعلق األمر
بترسيم أو قيد احتياطي أو تنصيص .وقد يكون في رفض اإلدارة تطبيق للقانون
ّ
فتتمسك بوجود مانع قانوني منعها من قبول العملية املطلوبة وفقا ملا جاء بالفصل
388م.ح.ع 11.وقد يكون رفض اإلدارة تعسفا منها وتمسكا سلبيا بمقتضيات مبدأ
ّ
فتتشدد وتغالي وتبالغ .وتحسبا من إمكانية إجحاف هذه اإلدارة في رفضها الشرعية،
ّ ّ
املشرع ومكن من الطعن في قراراتها الصادرة برفض الترسيم أمام املحكمة احتاط
ّ
وتعسفها في إعمال الرقابة على ّ
للحد من مغاالتها العقارية وذلك محاولة منه
الصكوك ّ
املقدمة للترسيم ،جاء بالفقرة الثانية من الفصل 388م.ح.ع" .وقرار إدارة
امللكية العقارية برفض أو تأجيل ذلك يقبل الطعن لدى املحكمة العقارية."...
صت الفقرة األولى من الفصل 388م.ح.ع" .ال يمكن إلدارة الملكية العقارية إال إذا كان هناك مانع قانوني أن ترفض
11ن ّ
بصفة نهائية أو تؤجل ترسيما.
12المنعقد سنة .1987
13البشير الفرشيشي ،الضّرر في نطاق القانون العقاري ،مجموعة مداخالت ملتقى مائوية التسجيل العقاري ،ص .145
5
األستاذة محرزية الحجري
ّ
املشرع بمقتض ى التنقيح الذي أدخله على ّ
العموميون :أوجد ّ -
املحررون
ّ
بالسجل العقاري صنف جديد وهم ّ ّ
املحررون العموميون. بعض النصوص املتعلقة
ّ
"يختص بتحرير الصكوك واالتفاقات الخاضعة ن ّ
ص الفصل 377مكرر م.ح.ع.
للترسيم بالسجل العقاري حافظ امللكية العقارية واملديرون الجهويون ،وكذلك
أعوان إدارة امللكية العقارية املكلفون ّ
بمهمة التحرير.
كما أسند لهذا الصنف من املحررين ّ
مهمة الترسيم ،جاء بالفصل 377مكرر
م.ح.ع" .ويجب عليه القيام باإلجراءات الالزمة للترسيم" .ثم ّ
تم تنقيح هذا الفصل
سنة 14 2001وأصبح ّ
ينص "ويقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم" .يالحظ بالتأمل في
أن صياغة الفصل سنة 1992كان صياغة الفصل سنة 1992وصياغته سنة ّ 2001
فيها أكثر تأكيد على واجب الترسيم باستعمال عبارة "يجب عليه" والتي تفيد اإللزام.
ّ
املشرع بالقول "ويقوم باإلجراءات."... ّأما بمناسبة تنقيح 2001فاكتفى
تم انتقاد تكليف هؤالء املحررين بمسؤولية الترسيم ،فهذا من شأنه ّ
املس ّ
من مبدأ حياد اإلدارة ،وأيضا الفصل بين ّ
عمليتي التحرير والترسيم .فال يمكن
حرر عن طريق ّ
املحرر العمومي التابع لها. منطقيا لإلدارة أن ترفض ترسيم ما ّ
ّ
الخواص :هم باألساس عدل اإلشهاد واملحامي . ّ -
املحررون
ّ ّ
املشرع صراحة بتحرير العقود املتعلقة +بالنسبة لعدل اإلشهاد ،كلفه
ّ
املسجلة ،لكن لم يلزمه صراحة بواجب الترسيم .يمكن بالرجوع للقانون بالعقارات
ّ
املنظم ملهنة عدول اإلشهاد وخاصة الفصل 20منه الذي اقتض ى ّأنه إذا تعلقت
مسجل ّ
فإنها تحرر مع مراعاة مقتضيات الفصلين 373و 377ثالثا. ّ الحجة بعقار
14بمقتضى القانون عدد 35المؤرخ في 17أفريل 2001والمتعلّق بتنقيح بعض الفصول من مجلّة الحقوق العينيّة ،الرائد
الرسمي عدد 31المؤرخ في 17أفريل ،2001ص .992
6
اإلشهار العقاري
ّ
املحرر بالقيام بإجراءات الترسيم وجاء في صياغة عامة وهذا الفصل األخير يلزم
ومطلقة وتشمل كل املحررين مهما كان صنفهم.
املشرع أن يكون محاميا مباشرا ،مقصيا بذلك ّ ّ
+أما املحامي ،فقد اشترط
ّ
املحررين املعني للقيام باإلجراءات الالزمة ّ
املتمرن ،15وعليه مثل غيره من املحامي
املشرع الفرنس ي ألزم املحامي القيام بإجراءاتّ للترسيم .وتجدر اإلشارة إلى ّ
أن
الترسيم ،لكن بصفته وكيال قانونيا على األطراف.
وفي إطار مزيد دعمه لواجب الترسيم والتأكيد عليه حتى ترسم الحقوق ّ
تم
بموجب القانون عدد 10املؤرخ في 29جوان 2010تنقيح الفصل 377ثالثا في
ّ ّ ّ
الصك لدى قابض املالية على لتنص " :أن يتولى تسجيل مستوى النقطة الخامسة
نفقة متحملها وال يعفى من هذا الواجب إال إذا أثبت إنذار الطرف املعني كتابيا ،وأن
يتولى تقديم الصك ّ ّ
ومؤيداته بما في ذلك سند امللكية املسلم لصاحب الحق إلى
اإلدارة الجهوية للملكية العقارية املعنية ويقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم" .يفهم
ّ
الصك بنفسه إلدارة امللكية العقارية حمل ّ
املحرر تقديم املشرع ّ
ّ من هذا التنقيح ّ
أن
وأن يقوم باإلجراءات الالزمة للترسيم .كما ّ
حمله وبنفس الفقرة خامسا جديد من
الفصل 377ثالثا واجب تسجيل الصك لدى قباضة املالية على نفقة متحملها وهو
مده باملال املطلوب ليقوم بتسجيلاملحرر يطلب من الشخص املعني ّ
ّ ما يعني ّ
أن
املحرر باملال ،هنا ّ
املشرع مد ّ العقد لدى القباضة املالية .لكن ماذا لو رفض الشخص ّ
المتمرنين لضمان توفّر الخبرة الالزمة لحفظ حقوق المعنيين ولضمان تحرير
ّ المشرع أن يكون المحامي من غير
ّ 15يفرض
عقود خالية من العيوب واألخطاء والقابلة للترسيم.
7
األستاذة محرزية الحجري
-2طبيعة التزام ّ
املحرر :
تنقسم االلتزامات إلى التزام بتحقيق نتيجة والتزام ببذل عناية .فإذا كان
ّ املدين مطالبا بالقيام بعمل محدد بموجب العقد أو القانون ّ
فإن األمر يتعلق بالتزام
بتحقيق نتيجةّ .أما إذا كان موضوع االلتزام هو الوسيلة التي ّ
تؤدي إلى تحقيق غاية
الدائن فهذا يعني ّأنه التزام ببذل عناية وهو اإللتزام الذي يكون موضوعه الجهل أو
العمل الذي يقوم به املدين.16
فهل ّأن االلتزام بالترسيم املحمول على كاهل ّ
املحرر هو إلتزام بتحقيق نتيجة
أم هل هو التزام ببذل عناية.
ال يمكن ترجيح اعتباره إلتزاما بتحقيق نتيجة لالعتبارات التالية :
*الترسيم ،هو وسيلة لإلشهارّ ،كلف بها ّ
املشرع إدارة ّ
امللكية العقارية التي يعد
ترسيم الصكوك من صميم عملها طبق الفصل 316م.ح.ع .وألجله أنشئت هذه
املؤسسة.
*يبقى حصول الترسيم خاضع لعوامل خارجة عن إرادة ّ
املحرر فالترسيم في
أحيان عديدة يتوقف حصوله على صاحب الحق الذي عليه ّ
مد اإلدارة بالوثائق
مد ّ
املحرر أو اإلدارة بهذه الوثائق. املطلوبة إلتمام العملية .فماذا لو امتنع عن ّ
ظل التنقيح املجري سنة 2010والذي أصبح بموجبه ملزما املحرر وفي ّ
أن ّ كما ّ
ضرورة بتقديم الصك للقباضة املالية والقيام بتسجيله على نفقة متحملها .فماذا لو
16يراجع :
FOSSARD (J.), La distinction des obligations de majeur et de résultat, L.G.D.J. 1925.
وقد ميّزت محكمة التعقيب التونسية بين اإللتزامين بقولها :إنّ االلتزام بتحقيق نتيجة هو االلتزام الذي ال يكون تنفيذه إالّ
بتحقيق غاية معيّنة هي مح ّل االلتزام .في حين أنّ االلتزام ببذل عناية هو االلتزام الذي يتع ّهد بموجبه المدين ببذل جهد سعيا
للوصول إلى غرض معيّن وعلى الدائن الذي يدّعي عدم الوفاء إثبات التقصير أو اإلهمال من المدين .القرار التعقيبي المدني
عدد 31887-2008المؤرخ في 5جانفي ،2009غير منشور.
8
اإلشهار العقاري
املشرع ألزم ّ
املحرر ّ مد ّ
املحرر باملال املطلوب لتسجيله ؟ هنا امتنع صاحب الحق عن ّ
بإنذار الطرف املعني ليعفى من هذا الواجب .وبالتالي يمكن القول ّ
بأن هذا الواجب
الجديد هو التزام بتحقيق نتيجة ال يعفى منه إال إذا أثبت ّأنه أنذر الطرف املعني ّ
وأنه
مده باملال املطلوب .لكن اإلنذار وعلى فرض حصوله من ّ
يتحمل مصاريفه امتنع عن ّ
ّ
املحرر أم طالب الترسيم.
انتقد هذا الواجب الجديد واعتبر عديم الجدوى والفائدة ومن شأنه عرقلة
ّ
املحرر من تسجيل الصك إجراء الترسيم ال التسريع فيه .اقترح البعض تمكين
وتوظيف مصاريف التسجيل بالرسم العقاري .ومثل هذا الحل من شأنه تسهيل
عملية الترسيم.17
ّ
التفص ي من واجب الترسيم بإثبات بذل الجهد املطلوب في سعيه في *إمكانية
ّ
الصك. القيام ّ
بكل اإلجراءات الالزمة واملطلوبة لترسيم
وبالتالي يمكن القول ّ
بأن التزام ّ
املحرر ينقسم إل التزامين :
ّ
-هو التزام بتحقيق نتيجة فيما يتعلق باإلجراءات الالزمة للترسيم ،وهو ما
وأكده فقه القضاء ّ ّ ّ
أقرت محكمة التعقيب املشرع بالفصل 377ثالثا م.ح.ع. فرضه
ّ
في القرار التعقيبي املدني عدد 12258املؤرخ في 15نوفمبر ّ 18 2015أنه " :إذا تعلق
ممن له النظر عن موضوع األمر بالقيام باإلجراءات وأعمال التنفيذ واالسترشاد ّ
العملية املطلوبة منه كتحرير الصكوك واالتفاقات الناقلة للملكية وغيرها ّ
فإن التزام
املحامي باحترام الشكليات القانونية وصيغتها واآلجال القانونية ضروري ويجب أن
تكون عنايته شديدة ويقظته حازمة ّ
ألنه يكون مسؤوال ومطالبا بتحقيق نتيجة."...
17علي كحلون ،التعليق على مجلّة الحقوق العينية ،مرجع سابق ،ص .387
18غير منشور.
9
األستاذة محرزية الحجري
ّ -أما الحصول على الترسيم فال يمكن تحميل ّ
املحرر به إذ هو يعود بالنظر
إلدارة امللكية العقارية التي يمكنها قبوله أو رفضه على ضوء تطبيقها ملبدأ الشرعية.
ّ
فاملحرر يلتزم أن عملية الترسيم قد تتعطل العتبارات ال دخل للمحرر فيها.19 ذلك ّ
ّ
واملهم أن يبذل بالقيام باإلجراءات الالزمة للترسيمّ ،
لكنه ال يلتزم بالحصول عليه.
يرسمه.20 ّ
الصك ال أن ّ ّ
املحرر جهده لترسيم
19فوزي بالكناني ،دور الشكلية في رهن العقار ،مجموعة أعمال مهداة إلى عياض بن عاشور ،مركز النشر الجامعية
.2011
محررها وتحريرها ،القضاء والتشريع ،1993 ،عدد ،2ص .183
ّ 20الحبيب الشطي ،الصكوك بين
10
اإلشهار العقاري
الدرس الرابع
ّ
القوة الثبوتية للترسيم اإلداري الالحق
ينشأ عن التحريات التي تقوم بها إدارة امللكية العقارية قبل مباشرة عملية
ّ
بالسجل العقاري لصحة الحق .ويثبت الترسيم بمفرده الحق املدرجالترسيم افتراض ّ
عرفقوة ثبوتية للحق موضوعهّ 21 ويقيم قرينة قانونية على سالمته .ويمنح الترسيم ّ
ّ
"القوة التي تتمتع بها الترسيمات كوسيلة القوة الثبوتية ّ
بأنها الفقيه "بول ديكرو" ّ
يتعلق بضمان الحقوق ّ ّ
املرسمة سواء بين األطراف أو تجاه الغير" . 22في إثبات فيما
القوة الثبوتية للترسيم محمد كمال شرف الدين إلى القول ّ
بأن ّ حين ذهب األستاذ ّ
النظر عناملرسم بقطع ّأن "الترسيم بالدفتر العقاري يثبت لوحده الحق ّ يقصد بها ّ
تعرضت محكمة التعقيب لهذا املبدأ ّ
وعرفته التص ّرف الذي انبنى عليه" .23كما ّ
كاآلتي " :ترسيم الصكوك بالرسم العقاري يثبت لوحده الحق موضوعها بغض النظر
عن صحة الصك ّ
املرسم من عدمه.24
شرعية الحق ّ
ّ وإن كان هذا االفتراض يعني ّ
فإنه أن الترسيم يقيم الدليل على
هذه القرينة تبقى بسيطة ويجوز لكل من ّ
تضرر إثبات عكسها (املبحث األول) لكن
القوة الحجية ،عوض القوة الثبوتية معتبرا أنّ األمر يتعلّق بترجمة جملة
21يفضل األستاذ عبد هللا األحمدي ،استعمال عبارة ّ
la force probanteوهي تعني اصطالحا نجاعة وسيلة إثبات ،فهذا المصطلح مرتبط باإلثبات أو الثبت وهي الحجيّة وال
الثبوت ،عبد هللا األحمدي ،البيع ،مطبعة الوفاء ،تونس ،1997ص .259
22يراجع :
ème
DECROUX Paul, Droit foncier marocain, Tome 3 éd. La Porte, Rabat, 1972, p. 214, n°
322.
23مح ّمد كمال شرف الدين ،القيد اإلحتياطي ،مرجع سابق ،ص .85
24في القرار التعقيبي المدني عدد 14882المؤرخ في 7فيفري ،2008غير منشور ،في نفس اإلطار أ ّكدت المحكمة
القوة الثبوتية للترسيم مؤاده أنّ الترسيم
بالقرار التعقيبي المدني عدد 33195-2009المؤرخ في 1أفريل 2010أنّ مبدأ ّ
التصرف الذي انبنى عليه ،قرار غير منشور .وفي نفس اإلطار القرار
ّ هو الذي يثبت الحق دون التفات مبدئيا إلى السند أو
التعقيبي المدني عدد 2014-17568المؤرخ في 16جوان ،2015نزار كرمي ،فقه قضاء حديث ،المغاربية لطباعة
وإشهار الكتاب ،2017 ،ص .117
11
األستاذة محرزية الحجري
من جهة أخرى وفي إطار حماية الغير حسن ّ
النية تنقلب هذه القرينة إلى قرينة قاطعة
ويصبح للترسيم ّ
قوة ثبوتية مطلقة (املبحث الثاني).
اإلشهارات التي يخضع لها مطلب التسجيل .بينما تتولى الترسيم اإلداري الالحق
سلطة إدارية وال يمكن أن تتساوى في القوة الثبوتية ترسيمات متزامنة وحكم تسجيل
صادر عن محكمة بعد إجراء أبحاث دقيقة ،وترسيم إداري الحق أجرته إدارة في إطار
صالحياتها ّ
املخولة لها بمقتض ى مبدأ الشرعية .ويكون من باب اإلنصاف والعدل أن
تمكن كل من ّ ّ يتمتع الترسيم اإلداري الالحق ّ
تضرر من ذلك بقوة ثبوتية نسبية
الترسيم بإمكانية إبطال ّ
السند الذي انبنى عليه الترسيم.
-طبيعة تحقيقات إدارة امللكية العقارية :
ّ
وتمتد الصك ّ
املقدم للترسيم ّ تقوم إدارة امللكية العقارية بمباشرة رقابتها على
ّ
املشرع 30فهي مدعوة في إطار نظام محددة حصرا من قبل هذه الرقابة ،لعناصر ّ
التبرير القانوني إلى القيام بمجموعة من التحقيقات التي تبقى شكلية وخارجية وال
يمكنها البحث أو التمحيص عن أصل الحقوق ومدى سالمتها أو ّ
خلوها من العيوب.
ّ
كما ال تلزم بالبحث في النقاط املتعلقة بأصل السند على غرار سالمة الرض ى من
جدية الثمن اعتبر « ّ » Victor Gasseأنه إذا قدم طالب الترسيم الوثائق
عدمه أو ّ
ّ
السجل العقاري من سالمتها الظاهرية املطلوبة وتثبت املوظف الساهر على مسك
الشرعية ّ
يعد في ّ
ظل نظام التبريرات القانونية قد طبق لحصول استكمال ّ ّ
فإن مبدأ
دراسة مختلف النقاط املبينة قانونا واملصادقة عليها من طرف املختص.31
ّ من جهة أخرى ّ
فإن تحقيقات هذه اإلدارة مهما اتسعت تبقى منقوصة وال
قوة ثبوتية مطلقة وفي هذا اإلطار ذهب أحد الفقهاء للقول يمكن أن ينتج عنها ّ
تبني ّ
قوة مطلقة وليس السجل ليس لها من الوجهة القانونية ّأية ّ
ّ ّ
بأن تأشيرات أمين
تضرر من ترسيم إداري الحق أجرته بإقامة الدليل على عكسها .ويجوز لكل من ّ
اإلدارة دحض ذلك اإلفتراض وطلب التشطيب على الترسيم.
الفقرة الثانية :التشطيب على الترسيم
يعرف التشطيب ّ
بأنه "تصريح مختصر أو ترسيم مضاد من نوع خاص مفاده
ّ
قانونية له بالنسبة للمستقبل" 33أو هو ّ
أن الترسيم املعني وقع محوه ونزع ّ
كل آثار
أيضا إلغاء كلي أو جزئي للترسيم فنتيجة لزوال مفعوله ببطالنه أو بإبطال الحق
ّ
املرسم أو انقضائه.34
ويجب التمييز بين التشطيب عن إصالح الترسيم ،فهذا األخير يقتصر على
األخطاء املادية الناتجة عن سهر أو غلط 35بينما يرمي التشطيب إلى تغيير الحقائق
ّ املوضوعية ّ
املرسمة .36وأيضا تمييزه عن تعديل الترسيم والذي يتمثل في تحوير تجربة
إدارة امللكية العقارية على ترسيم موجود يهدف إلى توضيح الحق ّ
املرسم بإبراز بعض
أوصافه والتنصيص على بعض شروطه أو على الحالة القانونية لصاحبه .37وبينما
فإن التشطيب ّ
يؤدي إلى إلغاء الحق. املرسم ّ
ال يرمي التعديل إلى إلغاء الحق ّ
بالسجل العقاري يعتبر جز ًاء تابعا .فهو نتيجة لفساد السند الواقع ترسيمه وبذلك
ّ
املرسم لخلل في ركن من أركان ّ
صحته تظل ممكنة فإن دعوى إبطال العمل القانوني ّ ّ
القيام بصرف النظر عن مسألة معارضة الغير بذلك الحق ّ
املرسم".
اعتبر "أحمد بن طالب" ّأنه ال تشطيب بدون إبطال 46وهذا يعني ّ
أن
التشطيب هو نتيجة حتمية إلبطال الصك ّ
املرسم من خالل دعوى البطالنّ 47
ويتم
التشطيب على الترسيم كلما اعترى الصك الذي تأسس عليه الترسيم خلل فيكون
44محمود شمام ،الترسيم بدفتر خانة لألمالك العقارية وإمكانية إبطاله والتشطيب عليه ،ق.ت ،1980 .عدد ،3ص .7
45الحبيب الشطي ،دعوى التشطيب ،دراسات في القانون العقاري ،الجزء الثاني ،2001ص .116
46أحمد بن طالب ،التشطيب على الترسيم ،مقابل سابق ،ص .83
المشرع أجاز القيام بدعوى في إبطال الترسيم رأسا أي دون طلب بطالن الصك ،كلما خال الترسيم
ّ 47تجدر اإلشارة إلى أنّ
من تاريخه ،يراجع الفصل 399م.ح.ع.
19
األستاذة محرزية الحجري
ّ
املحل وبالنسبة الرضا أو ّ
السبب أو معرضا للبطالن املطلق العقد الذي ينعدم فيه ّ
ّ
ّ للعقود الشكلية الشكل الذي يشترطه القانون ّ
لصحته ّأما إذا تعلق الخلل بافتقار
أقل ّ العقد لشرط يكتس ي ّ
أهمية ّ
فإنه يجازى بالبطالن النسبي.
الصك الذي انبنى عليه الترسيم ّ
ّ صرح القاض ي ببطالن ّ
وإذا ّ
فإنه السند أو
يأذن إلدارة امللكية العقارية بالتشطيب على الترسيم الذي ّ
تم بموجب ذلك السند.48
من ذلك مثال الحكم االبتدائي عدد 4999الصادر في 2أكتوبر 49 1998والذي قضت
ّ
العقارية بالتشطيب الرهن واإلذن ّ
للسيد حافظ امللكية فيه املحكمة ببطالن عملية ّ
على ترسيم ذلك ّ
الرهن .وقد نحت املحكمة العقارية بمناسبة نظرها في الطعن في
قرارات إدارة امللكية العقارية على معنى الفصل 388م.ح.ع .في نفس االتجاه ّ
مقرة في
الحكم العقاري عدد 1098املؤرخ في 9جويلية ّ 2007
أن "الترسيم استند إلى ّ
صك
معدوم وقد ثبت قضائيا عدم ّ
صحة الصك املذكور مما ال يستقيم معه اإلبقاء على
ترسيم سنده معدوما".50
وقد ّ
يتأسس التشطيب كجزاء تابع على دعوى الفسخ 51وإذا حكم بفسخ
العقد الذي انبنى عليه الترسيم ،يأذن بالتشطيب كجزاء تابع لجزاء أصلي وهو
الفسخ .كما قد ّ
يتأسس التشطيب على دعوى االنقضاء وهي الدعوى التي يقام بها
لطلب الكم بانقضاء الحق في الكل أو في البعض ،ومثال ذلك ما ّ
نص عليه الفصل
290م.ح.ع .يقع التشطيب على الرهون بتقديم كتب ممض ى من الدائن في رفع اليد
قوة ما ّاتصل به القضاء".
أو بحكم أحرز على ّ
48يراجع رمزي ساسي ،إشهار الحق العيني ،مرجع سابق ،ص .259
49مجلة القضاء والتشريع 1999عدد ،7ص .145
50حكم غير منشور.
51هو جزاء عدم تنفيذ أحد الطرفين اللتزامه الناشئ عن عقد ملزم لجانبين ينحل بموجبه ذلك العقد ويزول بصفة رجعية
بحكم من المحكمة أو عمال بشرط فسخي في العقد ،يراجع مح ّمد الزين ،العقد ،ص .291
20
اإلشهار العقاري
وتتأسس دعوى التشطيب ّ بالترسيم دون النظر إلى الكتائب موضوع الترسيم.
عدة أسس.األصلي 52على ّ
شرط سقوط الحق املدرج بالرسم العقاري موكول إلى جهاز القضاء العدلي عمال
بأحكام الفصل 388م.ح.ع .األمر الذي ّ
يتعين معه رفضه لعدم االختصاص.57
ي إبطال وفسخ. 52أي الدعوى التي يتسلط فيها التشطيب كجزاء مدني أصلي ومستقل عن أ ّ
53رياض الجمل ،محاضرات في القانون العقاري ،الجزء الثاني ،مرجع سابق ،ص .262
54آمنة اليحياوي ،التشطيب على الترسيم بالسجل العقاري ،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المع ّمقة في القانون الخاص ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية بتونس ،2001-2000 ،ص .84
مقررات حافظ الملكية العقارية ،مجموعة مداخالت ملتقى مائوية التسجيل العقاري .1987 55البشير التكاري ،الطعن في ّ
مقررات حافظ الملكية العقارية ،ملتقى الطعون لدى المحكمة العقارية ،نوفمبر ،1998ص.54 56الحبيب الشطي ،الطعن في ّ
57فقه قضاء المحكمة اإلدارية ،2001 ،ص .469
21
األستاذة محرزية الحجري
بينما ّ
أقرت محكمة التعقيب اختصاص القضاء املدني في القرار التعقيبي
أن طلب إبطال املدني عدد 69492-2011املؤرخ في 16نوفمبر 58 2012مبرزة ّ
الترسيم أو التشطيب عليه يكون من اختصاص محاكم الحق العام وليس من أنظار
ّ ّ
استحقاقية بحتة والنعدام الصبغة اإلدارية فيه. املحكمة اإلدارية لتعلقه بمسألة
صرحت به محكم وتختص املحكمة االبتدائية بالنظر في هذه ّ
الدعوى وهو ما ّ ّ
السجل العقاريّ ،
أهم ّ التعقيب .59وتبقى مخالفة إدارة امللكية العقارية لقواعد مسك
ّ
املختصة مدى التزام أساس تنبني عليه دعوى التشطيب األصلي .وتراقب املحكمة
ّ
إدارة امللكية العقارية بقواعد ومبادئ الشهر العقاري وخاصة فيما يتعلق بالشهر
العقاري ،وقد ّ
تجسد ذلك في قضية عرفت بقضية البنك العربي التونس ي" .60وتجدر
اإلشارة إلى ّأنه بمناسبة تلك القضية بكافة أطوارها وتنقلها بين املحاكم إجماع
املحاكم حول مبدأ حظر ّاتخاذ إدارة امللكية العقارية قرار في التشطيب على الترسيم
ّ
املشرع يجيز لإلدارة مباشرة املحددة قانونا ،ذلك ّ
أن من تلقاء نفسها (وخارج الصور ّ
ّ بالسجل العقاري)ّ .
ّ
وأنه ال يمكن أن يسلط التشطيب كجزاء أصلي بعض التشطيبات
ّ
إال بموجب حكم قضائي .جاء في الحكم االبتدائي عدد 69442املؤرخ في 27فيفري
تضمن اإلذن بإدراج ّ
حق ...ولم نص الحكم ّفإن ّ " 61 1990وحيث عالوة على كل ذلك ّ
ّ
العقارية أن يأذن بالتشطيب على شراء البنك وبالتالي لم يكن بإمكان حافظ ّ
امللكية
62يراجع في ن فس الصدد ،القرار التعقيبي المدني عدد 80445المؤرخ في 29أفريل .1992ت ّمت اإلشارة إليه من قبل
حامد النقعاوي ،مرجع سابق ،ص .60
63حكم غير منشور ،أيضا الحكم العقاري عدد 1189المؤرخ في 30مارس ،2009غير منشور.
64هناك من ذهب للقول بأنّ الحجية المطلقة للترسيم تجاه الغير حسن النيّة ،قول مغلوط موضّحا أنّ الترسيم الذي ال يمكن
التصور غير دقيق ألنّ هذا الترسيم يبقى متمتّعا بحجيّة نسبية
ّ إبطاله نظرا لحسن نيّة صاحبه ويقال أنّ له حجيّة مطلقة فهذا
انجر إليه منه الحق .عادل البراهمي ،حصانة ّ المشرع أعفاه من التأثّر بعيب ترسيم من
ّ شأنه شأن ك ّل ترسيم إداري لكن
الحكم العقاري :ثنائية المفعول التطهيري والحجيّة المطلقة ،ق.ت ،2007 .عدد ،7ص .128
23
األستاذة محرزية الحجري
-القاعدة األولى " :ما بني على باطل فهو باطل" بمعنى إذا أبطل الترسيم تبعا
املؤسس عليه فمن املبدأ أن ينسحب هذا األثر على الحق املكتسب السند ّ لبطالن ّ
ّ
بالتبعية الستناده على حق باطل. من الغير حسن ّ
النية
ّ
الش يء ال يعطيه"ّ ،
كرسها الفصل 551م.ا.ع .الذي -القاعدة الثانية :فاقد
نص "ال يجوز لشخص أن يمنح غيره أكثر مما لنفسه من الحقوق".ّ
حقه ّ
املرسم في حين يثبت ذلك الحق فالسلف الذي وقع إبطال ترسيمه يفقد ّ
ذمة الغير حسن ّ
النية الذي اكتسبه من صاحب الترسيم الواقع إبطاله .ومع ذلك في ّ
املشرع مثل غيره من التشاريع هذا االستثناء لحماية الغير حسن ّ
النية بالفقرة ّ ّ
كرس
الثانية من الفصل 305م.ح.ع" .وإبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي
ّ
بالسجل". اكتسب حقوقا على العقار عن حسن ّنية واعتمادا على الترسيمات الواردة
فمن هو الغير حسن ّ
النية وما هي شروط االنتفاع بالحماية.
الفقرة األولى :مفهوم الغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع.
بأنه "كل شخص ال يحمل صفة الطرف"ّ .65 يعرف الغير بصفة عامة ّّ
وقدم
ّ "جيرار كورنو" التعريف التالي للغير ّ
بأنه "الشخص الذي لم يكن ال طرفا وال ممثال في
"محمد املالقي" ّ
ّ العقد وال تلزمه آثارهّ .66
بأنه الغير عامة هو كل من كان أجنبيا وعرفه
التعاقد ولم يعد يشارك فيها ال بنفسه وال بواسطة من كان له نيابة تماما عن دائرة ّ
65
GHESTIN (G.), Nouvelles propositions sur un renouvellement de la distinction des parties
et des tiers, R.T.D. civil, octobre – décembre 1994, p. 777.
66جيرار كورنو ،معجم المصطلحات القانونيّة ،ترجمة منصور القاضي ،المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
،1998ص .808
24
اإلشهار العقاري
صحيحة عنه ،وعليه فليس من الغير بهذا املعنى األشخاص الذين أنجز لهم الحق
من املتعاقدين وهم خلفائهم بوجه عام أو بوجه خاص.67
ّ
لكن الغير في مادة اإلشهار العقاري يختلف عن هذه التعاريف السابقة
ّ
ازدواجية هذا املفهوم. ّ
بخصوصية راجعة إلى ّ
ويتميز
-املفهوم ّ
املوسع :يكون بمقتضاه الغير جميع األشخاص الذين لم يكونوا
ّ
وتحققت لهم مصلحة في استبعاده ّ
املسجل ّ
التصرف غير أطرافا في العقد أو
باالستناد إلى حق عيني مترتب لهم على العقار أو إلى ّ
أي سبب غير مشروع.68
ّ
الضيق :يقصد به كل شخص غير املتعاقدين وورثتهما تكون بينه -املفهوم
التمسك بالعقد ّ
املرسم.69 ّ وبين أحد املتعاقدين عالقة قانونية تجعل له مصلحة في
وقد كان الفصل 305م.ح.ع .يستعمل هذا املصطلح في الفقرة األولى وفي
الفقرة الثانية كاآلتي :
كل حق ال يعارض به الغير إال بترسيمه بإدارة امللكية العقارية وابتداء من
تاريخ ذلك الترسيم.
إبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي يكون حسن ّ
النية.
ّ
تتعلق الفقرة األولى باملفعول االحتجاجي للترسيم والذي ّ
عرضه املفعول
املنش ئ للترسيم منذ تنقيح ّ .1992أما الفقرة الثانية فتتعلق بمبدأ ّ
القوة الثبوتية
للترسيم اإلداري الالحقّ .أدت هذه االزدواجية إلى الخلط بين املفهومين ،أحيانا في
67مح ّمد المالقي ،محاضرات في شرح القانون المدني ،مركز النشر الجامعي ،2003 ،ص .211
المقررة للغير بمقتضى نظام الشهر العيني ،مجموعة أعمال الحلقة الدراسية لقوانين
ّ 68إدوار عيد ،الحقوق والضمانات
الشهر العقاري في البالد العربية ،معهد البحوث والدراسات العربية ،1973 ،ص .177
69مح ّمد خيري ،التّعاقد في الميدان العقاري ،المجلّة المغاربية لقانون واقتصاد التنمية ،الدار البيضاء ،عدد ،1986 ،2
ص.521
25
األستاذة محرزية الحجري
ّاتجاه التوسيع بالرجوع إلى قواعد القانون املدني وخاصة االلتزامات والعقود،
والربط بين الفصل 305م.ح.ع .والفصل 241م.ا.ع . 70.وأحيانا أخرى في ّاتجاه
ّ
التضييق ّ
بتبني مفهوم ّ
ضيق للغير انطالقا من الفقرة الثانية للفصل 305وسحبها
على كامل الفصل.71
لكن ّاتضحت الرؤية بصدور القانون عدد 46املؤرخ في 4ماي 1992والذي
أقحم مبدأ املفعول املنش ئ من جديد في املنظومة العقارية وأصبحت عبارة الغير
موجودة بالفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع .وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من
الفصل 305م.ح.ع .اقتضت ّ
أن إبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به الغير الذي
ّ
بالسجل. اكتسب حقوقا على العقار عن حسن نية واعتمادا على الترسيمات الواردة
أن الغير املعني بالحماية هو الغير الذي اكتسب الحق على العقارّيتضح ّ
السجل العقاري .وهذا يعني ّ
أن هذا الغير قد تثبت من وضع العقار فكان ّ استنادا إلى
هذا األخير سانحا للتعامل في شأنه .وبالتالي اطمأن لظاهر األشياء.
يسمى بنظرية الظاهر التي تعني ّ
أن ما خرج عن تجد هذه املادة أساسها في ما ّ
ّ
السجل العقاري وهو السجل العقاري ال ّ
حجية له على الغير الذي تعامل مع بيانات ّ
يعتقد ّأنه في إطار وضعية شرعية ،أي يتراءى له الظاهر ّ
بأنه الحقيقة.72
70قرار تعقيبي مدني عدد 13665المؤرخ في 13جانفي ،1986نشرية محكمة التعقيب ،1986ج ،1ص .225
71يراجع القرار التعقيبي المدني عدد 7125المؤرخ في 2ماي 1983جاء به " :المقصود من الغير في مجلّة الحقوق
مجرد من يدعي حقا على عقار مسجّل ّ مدون بالسج ّل العقاري ال
العينية هو مكتسب الحق على العقار باالستناد إلى ما هو ّ
غير قابل للترسيم" ،نشرية محكمة التعقيب ،1983الجزء ،IIص .215
يراجع أيضا :رمزي ساسي ،مفهوم الغير في اإلشهار العقاري ،كتاب خمسون عاما من فقه القضاء المدني ،2009-1959
ص .1483
72يراجع بخصوص نظرية الظاهر ،مصطفى عبد السيد الجارحي ،أحكام الظاهر في السج ّل العيني ،دراسة مقارنة ،دار
النهضة ،القاهرة – .1988هاجر البرناط ،حماية الغير من خالل نظريّة الظاهر ،مذكرة للحصول على شهادة الدراسات
المع ّمقة في القانون الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.1998 ،
26
اإلشهار العقاري
لتقر ّ
بحق الغير في القرار وقد استندت محكمة التعقيب على هذه النظرية ّ
التعقيبي املدني عدد 52914املؤرخ في 25ديسمبر 1997ورد به تأتي األحكام الخاصة
النية .أي الجاهل بالعيب ّ
املسجلة القائمة على فكرة حماية الغير حسن ّ بالعقارات
واملعتمد للترسيمات الظاهرة املدرجة بالرسم العقاري ،لتفرض بقاء حق الغير رغم
بطالن ّ
صك سلفه.73
وبمراجعة فقه القضاء الصادر قبل تنقيح 4ماي ّ 1992يتضح ّأنه ّ
قدم
تعريفا للغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع .يمكن القول ّ
بأنه
ّ ّ
املشرع تأثر بهذه التعاريف من ذلك ما جاء بالقرار التعقيبي املدني استباقي وقد يكون
فإن املفهوم العام املستخلص من عموم املؤرخ في 16جوان ّ ..." 1986عدد ّ 15157
ّ
بالسجل املدون املجلة يفيد ّ
أن الغير من اكتسب حقا على عقار باالستناد إلى الترسيم ّ
العقاري وقام من جهته بترسيم الحق الذي اكتسبه.74
لكن من هو الغير املعني بالحماية ،أجابت محكمة التعقيب في القرار
التعقيبي املدني عدد 22994-2002املؤرخ في 11جانفي 2003بالقول ّ
"بأن الغير
الذي عناه الفصل املذكور هو مكتسب الحق الذي يكون بالنسبة إلى البيع الرضائي
ّ
"محمد املشتري وبالنسبة للبيع القصري املبتت له" .وقد نحا على هذا القرار األستاذ
كمال شرف الدين" مبرزا ّأن التوضيح الذي قدمته محكمة التعقيب بخصوص
الغير توضيح سليم فالحماية التي وضعتها الفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع .ال
تخص إال شخصا واحدا وهو الخلف الخاصّ ،
وبأن هذه الحماية توجيها الثقة ّ
ّ
املستمدة من بيانات الرسم العقاري.75
73المجلّة القانونية التونسية ،2000ص 301مع تعليق لألستاذ محمد كمال شرف الدين.
74نشرية محكمة التعقيب ،1986قسم مدني ،ص . 235يراجع أيضا في نفس الصدد القرار التعقيبي المدني عدد 7125
المؤرخ في 2ماي ،1983نشرية محكمة التعقيب ،1984قسم مدني ،ص .218
75القرار والتعليق عليه ،المجلة القانونية التونسية ،2004 ،ص .333
27
األستاذة محرزية الحجري
ّ
املشرع أن يكون حسن لكن لكي ينتفع هذا الغير بالحماية ّ
املقررة له يشترط
ّ
النية.
الفقرة الثانية :حسن ّ
النية شرط النتفاع الغير بالحماية
ّ
يعد الغير على معنى الفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع .الشخص الوحيد
ّ
املستحق للحصانة واملعني بالحماية .لكن تبقى هذه الحماية مشروطة بتوفر حسن
ّنيته من عدمها.
أ-مفهوم حسن ّ
النية :
ينص الفصل 558م.ا.ع" .األصل في كل إنسان االستقامة وسالمة ّ
النية حتى ّ
ّ
املشرع على ضرورة الوفاء بااللتزامات مع تمام األمانة يثبت خالف ذلك" .كما ّ
نص
كرست ّ
جل بالفصل 243م.ا.ع" .يجب الوفاء بااللتزامات مع تمام األمانة ."...وقد ّ
التشاريع .76هذا املبدأ في املادة املدنية .وتعود حماية الغير حسن ّ
النية إلى القانون
ّ املشرع إلى حسن ّ
ّ الروس ي لسنة ّ .77 1872
النية كشرط يجب توفره لينتفع تعرض
النية ّ
البد يعرفه .وللوصول إلى تحديد تعريف شامل لحسن ّ الغير بالحماية دون أن ّ
تبني ّ
املشرع ملعيار التأمل في الفقرة الثانية من الفصل 305م.ح.ع .التي ّيتضح منها ّ
من ّ
ّ ّ
السجل ذاتي وهو الجهل بالعيب ومفهوم موضوعي يتمثل في االعتماد على بيانات
العقاري.
*املعيار الذاتي :الجهل بالعيب
76تراجع مثال المادة 157من القانون المدني األلماني ،المادة الثالثة من القانون السويسري.
77 Victor GASSE, op. cit., p. 278.
28
اإلشهار العقاري
املشرع التونس ي حسن ّ
النية . 78وذلك على خالف التشاريع املقارنة. ّ لم ّ
يعرف
السجل العيني املصري ،على ّأنه "يعتبر الغير حسن ّ
النية ّ ّ
تنص املادة 17من قانون
إذا كان ال يعلم وال يستطيع أن يعلم ّ
بالسبب الذي تستند إليه الدعوى" .كما جاء
باملادة 974من القانون املدني السويسري تعريف لحسن ّ
النية من خالل تحديد
نقبضها أي سوء النية "س ّيء ّ
النية هو ذلك الذي علم أو كان عليه أن يعلم بالعيوب
التي تكتنف التسجيل".
سوملانيون"79
عرفه "جورج وتعددت التعاريفّ ، اهتم الفقه بهذا املفهوم ّ
ّ
بالجهل من قبل الغير بالعيوب واألسباب التي ّأدت إلى بطالن الترسيم الذي وضع ثقته
فيهّ .أما األستاذ "محمد كمال شرف الدين" فاقترح تعريفا يكون بمقتضاه حسن
صحة سند معاقده" .80من جهة ذهب "حامدالنية "الغير الذي كان يحصل عدم ّّ
النية "الشخص الذي يجهل بعيب ّ
السند الذي ّ
تم النقعاوي" إلى اعتباره حسن ّ
بموجبه الترسيم .81وبالتالي يمكن القول ّ
بأن الغير يكون حسن ّ
النية إذا كان يجهل
ما يمكن أن يطال مباشرة أو بشكل غير مباشر الحق ّ
املرسم من أسباب بطالن
ّ
شرعيته". وعيوب تمس
النية ّ
بأنه "أن يكون معرفا حسن ّ ّ
التمش ي ّ وقد انتهج فقه القضاء نفس
املشتري ال يعلم وقت شرائه بوجود شراء قبله" ،وذلك في القرار التعقيبي املدني عدد
22994املؤرخ في 11جانفي .82 2003وأبرزت املحكمة في القرار التعقيبي املدني عدد
أن حسن ّ
النية يعني الجهل بالعيوب أو األسباب 3346املؤرخ في 11ديسمبر ّ 2006
تعرض إلى عنصر عدم العلم أي الجهل ،جاء بالفصل 44م.ح.ع.المشرع مثال عند تعريفه للحائز بشبهةّ ،
ّ 78يالحظ أنّ
الحائز بشبهة هو الحائز بوجه ال يعلم عيبه.
79جورج سولمانيون ،مرجع سابق ،ص .343
80مح ّمد كمال شرف الدين ،حقوق الغير ،أطروحة سابقة( ،باللغة الفرنسية) ،ص .162
81حامد النقعاوي ،مرجع سابق ،ص .334
82قرار غير منشور.
29
األستاذة محرزية الحجري
التي ّأدت إلى إبطال الترسيم الذي اعتقد ّأنه سليم – وذلك على خالف سوء ّ
النية
ّ ّ
التي تتمثل في العلم بهذه العيوب .83وأكدت في القرار التعقيبي املدني عدد 66741
أن املقصود بحسن ّ
النية هو "جهل ذلك الغير بالعيوب املؤرخ في 14ديسمبر ّ 2012
املؤدية إلى إبطال الترسيم الذي اعتمد عليه في اكتساب ّ
حقه على أو األسباب ّ
العقار.84
ّ
السجل العقاري *املعيار املوضوعي :االعتماد على بيانات
كان الفصل 305قديم في فقرته الثانية ّ
يكرس مفهوما شخصيا بحسن النية.
لكنه فضل بمناسبة تنقيح 4ماي 1992تنقيح هذه الفقرة وإضافة بعض ّ
املصطلحات وأصبحت ّ
تنص على ما يلي " :وإبطال الترسيم ال يمكن أن يعارض به
الغير الذي اكتسب حقوقا على العقار عن حسن نية واعتمادا على الترسيمات
ّ
بالسجل". الواردة
املشرع قرن حسن ّنية الغير باالطالع على
ّ يفهم من هذه األحكام الجديدة ّ
أن
ّ
السجل العقاري .ولم يعد يكتف باملفهوم الذاتي املتمثل في الجهل بالعيب .فإذا قام
السجل العقاري قبل اكتسابه للحق وكان هذا السجل خالياّ هذا الغير باالطالع على
أي تنصيص يفيد إمكانية وجود ذلك العيب على غرار قيد احتياطي مثال ّ
فإن من ّ
ّ
يؤكد ّ ّ هذا الغير يعتبر حسن ّ
أن النية .وتتعذر معارضته بإبطال الترسيم .وهذا ما
ّ
السجل العقاري هو الذي يعكس الحقيقة الظاهرية عبر البيانات املدرجة به والتي
قد تصادف الحقيقة وقد ال تصادفها .85وبالتالي يكون املرجع في افتراض حسن ّ
النية
وتجدر اإلشارة إلى ّأن وجود قيد احتياطي ال يمنع من إجراء ترسيمات الحقة
له ،وهو ما يستنتج من مقتضيات الفصل 370م.ح.ع .الذي ّ
ينص :الترسيمات
الحاصلة بعد ذلك ،ال يمكن أن يعارض بها املستفيد من القيود االحتياطية التي ّ
ترتب
ّ
حسب تواريخها .وهو ما أكده الفقه 108وفقه القضاء.109
أهم أثر للقيد تجاه الغير الذي ينزع عنه حسن ّ
النية التي قد يتحجج ويبقى ّ
بالسجل العقاري حسن ّ
النية ،بل وتقوم في جانبه ّ بها ،الذي يفقه ّ
بمجرد إشهار القيد
قرينة سوء ّ
النية إذا تعاقد مع علمه بوجود القيد .وهذا ما ّ
أقرته محكمة التعقيب في
القرار التعقيبي املدني عدد 40806املؤرخ في 24أكتوبر 1994وورد بالقرار "ال يمكن
انجر له الحق من مالك العقار تم إدراج قيد احتياطي برسمه أن يستند إلى ّ
القوة ملن ّ
ّ
بالسجل العقاري ّ
بمجرد إشهار قيد احتياطي الثبوتية املطلقة للترسيمات إذ ّأنه
يفقد حسن ّنيته.110
108مح ّمد كمال شرف الدين ،القيد االحتياطي ،مقال سابق ،ص .90
109مثال ذلك القرار التعقيبي المدني عدد 5563المؤرخ في 3مارس ،2006غير منشور .أيضا القرار التعقيبي المدني
عدد 14990المؤرخ في 7فيفري ،2008غير منشور.
110نشرية محكمة التعقيب ،1994قسم مدني ،ص .256
36
اإلشهار العقاري
الدرس الخامس
أنيط بعهدة
37
كليـة العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية بتونس
محاضرات في مادّة
الشهارالعقاري
لطلبة السنة الثانية من الجازة األساسية
في القانون
2
الشهار العقاري
إذا وجد مانع قانوني (الفقرة األولى) لكن قد ترفض هذه اإلدارة في غياب املانع
ّ
الشرعية (الفقرة الثانية).1 القانوني ّ
تشددا وتعنتا في تطبيقها ملبدأ
الفقرة األولى ّ :
الرفض لوجود مانع قانوني
أ-مفهوم املانع القانوني :
ّ ّ ّ ّ
العقارية باالستجابة إلى كل الطلبات املتعلقة امللكية املشرع إدارة ألزم
ّ ّ
قانونية. بالترسيم أو التشطيب على الترسيم أو الحط من ترسيم يطلب منها بصفة
ّ ّ ولم يمكنها من ّ
املشرع تعريفا الرفض أو التأجيل إال بوجود مانع قانوني .لكن لم يقدم
للمانع القانوني .كما لم يقم بضبط أو تحديد هذه املوانع.
املانع لغة :منع واملنع أن يحول بين الرجل والش يء الذي يريده ،وهو خالف
ومتعه فامتنع عنه ّ الش يء منعه يمنعه منعا ّ ّ
وتمنع ورجل اإلعطاء ،ويقال هو تحجير
ّ
املشرع ،باملقابل منوع ومانع ومناع ضمني ممسك وفي التنزيل ّ :
مناع للخير . 2لم ّ
يعرفه
ّ ّ ّ عرفه الفقه ّ ّ
بالسجل الصك املدلى به بأنه يتمثل في وجود حائل يحول دون إدراج
النواب بخصوص تم التساؤل أثناء مداوالت مجلس ّ العقاري .3تجدر اإلشارة إلى ّأنه ّ
تتحدثهذا القانون عن املقصود باملانع القانوني وأجابت وزارة أمالك الدولة ،وهي ّ
ّ
القانونية عن املوانع القانوني وأجابت وزارة أمالك الدولة ،وهي تتحدث عن املوانع
أن الوزارة قصدت القول القانونية للترسيم .هذا يعني ّإما ّ
ّ للتحرير وليس عن املوانع
القانونية من التحرير وإما ّ
أن الوزارة ّ ّ
القانونية من الترسيم هي ذاتها املوانع ّ
بأن املوانع
وقعت في الخلط بين موانع التحرير وموانع الترسيم.
1كان الفصل 388م.ح.ع .قديم ينصّ على لفظ األسباب الخطيرة والتي أثارت عديد المصاعب في التطبيق وأولته اإلدارة
في اتّجاه رفض الترسيم.
2جمال الدين ابن منظور ،لسان العرب ،ص .97
3جعفر الربعاوي ،الموانع الشكلية للترسيم ،منشور بكتابة إشكاليات التحيين والتسجيل العقاري ،مجمع األطرش للكتاب
المختصّ ،2015 ،ص .73
3
األستاذة محرزية الحجري
فأي قانون يقصد بهذا وإن ما يجعل هذا املفهوم غير واضح عبارة "قانون" ّ ّ
ّ
العينية فقط أم كل املوانع حتى وإن كانت للفظـ ،هل املوانع املوجودة بمجلة الحقوق
ّ ّ
العينية. خارج مجلة الحقوق
ضيق أو ّ
موسع لعبارة املانع القانوني، تم األخذ بتأويل ّتختلف اإلجابة ما إذا ّ
بأن املقصود ،مجموعة املوانع املنصوص عليها ضيق القول ّ بناء على تأويل ّ
يمكن ً
ّ أن التأويل ّ العينية .4في حين ّ
ّ ّ
املوسع يجعل املانع ال ينحصر في مجلة بمجلة الحقوق
ّ
ومجالت أخرى .5ويجوز ترجيح ّ العينية ،بل يتجاوزها ّ
ّ
كفة لعدة قوانين الحقوق
بكل ّ
نص قانوني له التأويل ّ
املوسع ويكون املانع القانوني مجموعة املوانع املوجودة ّ
عالقة بالعملية املطلوب ترسيمها.
ب-طبيعة موانع الترسيم :
ظل غياب تحديد دقيق وواضح ملوانع الترسيم من القول ّ
أن اعتبر الفقه في ّ
ّ عدة نصوص ّ ّ
تستشف من ّ
املشرع متفرقة والتي عادة ما استعمل فيها هذه املوانع
عبارات مثل ال يجوز – ال يمكنّ . 6
وتم تقييم هذه املوانع إل :
موانع مصدرها الرسم العقاري
الصك ّ
املقدم للترسيم. ّ موانع مصدرها
-1موانع مصدرها الرسم العقاري :
الرسم العقاري ذاته ،كل التنصيصاتيقصد باملوانع التي يكون مصدرها ّ
املدرجة بالرسم ،كالقيد االحتياطي أو اإلنذار القائم مقام عقلة ،أو االعتراض
التحفظي أو التنصيص على وجود مطلب تحيين.
المشرع يفرض على اإلدارة القيام بالتحقيقات طبقا لما تقتضيه هذه المجلّة ،يراجع الفصل 306م.ح.ع. ّ 4باعتبار أنّ
5جاءت عبارة صحّة الوثائق المنصوص عليها بالفصل 389م.ح.ع .مطلقة .وقد تكون صحّة من وجهة نظر القانون المدني
أو القانون التجاري .كما وردت عبارة المانع القانوني مطلقة وهو ما يعني أنّ المقصود القانون في المفهوم الواسع بما يشمله
من فروع كالتجاري والمدني والدّولي والمرافعات ،فبعض الموانع من الترسيم كاالعتراض التحفّظي واإلنذار القائم مقام عقلة
لم تنصّ عليهما مجلة الحقوق العينيّة بل وردا بمجلة المرافعات المدنيّة والتجارية.
6يراجع جعفر الربعاوي ،الموانع الشكليّة ،...مرجع سابق ،ص .73
4
الشهار العقاري
*التنصيص على مطلب تحيين :يمنع بعد التنصيص على مطلب التحيين
لدى اإلدارة إجراء ّأية عملية في موضوعه ،طبقا ملا جاء بالفصل 13من قانون التحيين
امللكية العقارية ابتداء من تاريخ التنصيص على مضمون للمطلب ّ "ال يجوز إلدارة
بالرسم العقاري مباشرة ّأية ّ
عملية في موضوعه" .7لكن لهذا املبدأ استثناء ّ
نص عليه
ّ املشرع خوفا من إعادة تجميد رسوم شبه ّ
ّ الفصل ّ 14
محينة بأن مكن كل من له أقره
ّ
مصلحة طلب اإلذن بمواصلة مباشرة العملية املطلوبة بعد التحقق من عدم تعلقها
باملطلب املذكور.
ّ
بالسجل *النذار القائم مقام عقلة ّ :
يعد اإلنذار القائم مقام عقلة واملدرج
العقاري مانعا من موانع الترسيم وذلك بصفة صريحة ،فالفصل 453م.م.م.ت.
يقتض ي ّأنه ال يمكن أن ُيجرى على العقار أثناء ّ
التتبعات أي ترسيم جديد ،ويقوم هذا
ملدة 3سنوات. املنع ّ
ّ ّ
التحفظي أي عملية تفويت *االعتراض التحفظي :يمنع ترسيم االعتراض
نص الفصل 328م.م.م.ت" .ال يجوز من تاريخ ترسيم االعتراض ترسيم ّ
أي بعدهّ ،
تفويت. 8
-2موانع مصدرها الصك املطلوب ترسيمه :
ّ
قضائية .ومهما كان ّ
تقدم للترسيم صكوك مختلفة فتكون اتفاقية ،إدارية أو
وتنص على اإلخالالتّ فإن املوانع تجد مصدرها في الصك املطلوب إدراجهنوعها ّ
ّ
املتعلقة بهذه ّ
الصكوك .تراقب اإلدارة مدى احترام قاعدة االختصاص في التحرير
ّ ّ ّ
املقدم الوجوبية الواجب توفرها بالصك ومدى احترام شكل الصك والبيانات
ملقتضيات الفصل 375م.ح.ع .ومن حقها رفض الترسيم إذا لم ّ
يتم احترام هذه ...
ّ
املختصة كما يضبطها أيضا إذا لم يعرف األطراف بإمضاءاتهم لدى إحدى السلط
7جاء بهذا اإلجراء قانون 2001لغاية إشهار مطلب التحيين وإعالم الكافة به وبالتالي فهو ينزع عن الغير حسن النيّة .هذا
من جهة ومن جهة أخرى يؤدّي إلى انسجام عمل اإلدارة مع المحكمة العقارية التي أصبحت الجهاز الوحيد المكلّف بتحيين
الرسوم المج ّمدة.
8لكن هذا الفصل يضع استثناء من هذا المنع ،يراجع الفصل .328
5
األستاذة محرزية الحجري
ّ
الصك بالقباضة املالية فهذه كلها موجبات لرفض الترسيم. القانون أو لم يقع تسجيل
ويكون رفض اإلدارة قانونيا من جهة أخرى إذا كان هناك نقص في الوثائق املطلوب
ّ
واملتعلقة باألهلية أو الهوية أو ّأية وثيقة أخرى وفقا ملا ّ
ينص عليه الفصل تقديمها
ّ
389م.ح.ع .وعموما تتأكد اإلدارة من كل عناصر الرقابة املفروضة عليها بمقتض ى
الصك من إحدى تلك النقاط كان واجبا على هذه اإلدارة رفض ّ ّ
النص .وإذا خال
الترسيم أو تأجيله إن أمكن.
الفقرة الثانية :الرفض الناتج عن ّ
تشدد الدارة في إعمال مقتضيات مبدأ
ّ
الشرعية
ّ
امللكية العقارية إجراء عملية من العمليات املطلوب منها قد ترفض إدارة
إجراؤها :رفض إدراج حق ،تشطيب على ترسيم ،تسليم شهادة ،إجراء ترسيم الحق
لقيد احتياطي ،إلى غير ذلك من العمليات ّ
املخول لها إجراؤها.
ّ وإذ كان يسمح لهذه اإلدارة بالرفض ،بل عليها ّ
توفر مانع حال دون الرفض إذا
الرفض يعود باألساس إلى ّ أن سبب ّ الترسيمّ ،
فإنه يالحظ أحيانا ّ
تشدد هذه اإلدارة في
عدة أسباب منها بالخصوص : التشدد إلى ّ
ّ ّ
الشرعية .وقد يعزى إعمالها ملبدأ
ّ ّ ّ
الشرعية منها -عدم الدقة والوضوح في النصوص القانونية ،املنظمة ملبدأ
الفصل 306م.ح.ع .الذي يوجب على اإلدارة القيام بالتحقيقات الالزمة دون بيان
تمس الجانب الشكلي للصكوك أم يمكنها النظر في األصلملدى هذه التحقيقات هل ّ
ّ
وأهليتهم ومن هوية األطراف ّ
"يتحقق ...من ّ وأن الفصل 389م.ح.عّ .
ينص خاصة ّّ
تميزت بعدم صحة الوثائق املدلى بها تأييدا ملطلب الترسيم ...أيضا من النصوص التي ّّ
تتشدد وتغالي وتبالغ الفصل 388م.ح.ع .قديمالدقة وساهمت في جعل هذه اإلدارة ّ
الرفض كلما وجدت أسباب خطيرة تحول دونها والترسيم، والذي كان يجيز لهذه اإلدارة ّ
6
الشهار العقاري
ّ
املشرع مصطلح "األسباب الخطيرة" ،وهو ما جعله يمثل سند اإلدارة لرفض لم ّ
يعرف
للرفض.9كل سبب مهما كان حتى وإن لم يكن خطيرا موجبا ّ الترسيم ،معتبرة ّ
أن ّ
ّ ّ
بكل دقة ووضوح : 10وهو ما جعل اإلدارة إلى +عدم بيان نطاق الرقابة
اجتهادها في تطبيق هذا املبدأ ،مثال مدت رقابتها على األحكام الصادرة بالتسجيل أو
ّ
بالسجل العقاري .ورفضت في أكثر بالتحيين والتي من املفروض أن تنفذها 11بإدراجها
ّ ّ من ّ
الشرعية وبمقتضياته .وهذا يتعارض مع واجب مرة تنفيذ تلك األحكام تعلال بمبدأ
أن موقفها ينطوي على مخاطر التنفيذ املنصوص عليه بالفصل 316م.ح.ع .أوال ،كما ّ
ويهدد األحكام .فمن غير املنطقي أن يكون مآل الحكم الصادر عن محكمة والذي ّ
املشرع وأمر بالتنفيذ الفوري له 12يكون رهين قرار اإلدارة تنفيذه من عدم ّ ّ
حصنه
تنفيذه.13
ّ ّ ّ
التمسك ّإما بالفهم الشرعية :يتجلى -الفهم الخاطئ لنظام التحقيقات
للنص ،ومثال ذلك الفصل 370م.ح.ع .الذي يجيز إجراء ترسيمات الحقة ّ الخاطئ
ّ للقيد االحتياطي ومع ذلك ّ
فإن اإلدارة ترفض كما يتجلى الفهم الخاطئ في إثارة نقائص
بعلة عدم التطابق بين البيانات املوجودة ّ ّ
بالرسم العقاري والعقد املراد عملية بيع
ترسيمه .في حين أثبتت املحكمة بالرجوع للعقد املراد إدراجه ّ
أن البيانات الواردة به
بالرسم العقاري ّ
مطابقة ملا هو موجود ّ
وأنه كان من املمكن لهذه اإلدارة عدم إثارة مثل
الرسم العقاري من جهة أخرى.14 تأملت في العقد من جهة وفي ّ النقص لو ّ هذا ّ
المشرع فعبارة األسباب الخطيرةّ 9اعتبر البعض أنّ الغموض في صياغة الفصل 388قديم م.ح.ع .كان مقصودا من قبل
المشرع
ّ المشرع لتبرير رفض الترسيمات المعروضة على حافظ الملكية تندرج ضمن التوجّه الذي تو ّخاه ّ المعتمدة من قبل
في إعطاء رقابة مطلقة إلدارة الملكيّة العقارية دون تقييد للحفاظ على القواعد األساسيّة التي يرتكز عليها نظام الشهر العيني،
الناصر الشريف ،مرجع سابق ،ص – .9يراجع أيضا محرزية الحجري ،مبدأ شرعيّة الترسيم ،مرجع سابق ،ص ...
التعرض لنطاق الرقابة في الدرس األول.
ّ 10ت ّم
11جاء بالفصل 316م.ح.ع ... .وهي مكلّفة أوال :بإقامة الرسوم العقارية تنفيذا لألحكام الصادرة بالتسجيل.
12يراجع الفصل 24من قانون التحيين الذي اقتضى " :يت ّم تنفيذ الحكم الصادر بالتحيين حاال.
13جاء بمراسلة من إدارة الملكية العقارية لرئيس المحكمة العقارية تعلمه فيها اعتزامها الرجوع في قرار قبول تنفيذ حكم
تح يين "وحيث من المفروض أن يحدد الحكم البيوعات المعنية بالنقص ويأذن بتعديلها وذلك عمال بمقتضيات الفصل 15من
قانون التحيين وعلى هذا األساس فإنّ الوضعية االستحقاقية للرسم أصبحت غير قانونية ويتّجه تصحيحها ولهذا الغرض فإنّ
اإلدارة تعتزم الرجوع في قرار قبول تنفيذ حكم التحيين عدد ،...هذه المراسلة ت ّم ذكرها من قبل مح ّمد حزّي ،دعوى التشطيب
على الترسيم بالسج ّل العقاري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون البيئة والتعمير ،كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس،
.2007-2006
14الحكم العقاري عدد 533المؤرخ في 28سبتمبر ،2000غير منشور.
7
األستاذة محرزية الحجري
ّ
مسؤولية حافظ كرس القانون العقاري لسنة 1885 ّ
املسؤولية ّ : -الخوف من
العقارية .جاء بالفصل 377م.ا.ع" .الدفتر دار مسؤول عن ّ
الضرر الذي ينتج ّ امللكية
ّ ّ ّ عن إغفال ما يطلب منه تقييده في ّ
امللكية إال إذا طلب منه ذلك بمحله .كما يسأل صك
الصكوك ووثائق التقييد حقا أو ّ
عدة عن الضرر الذي ينتج عن عدم تقييده في نسخ ّ
مقيدة في ّ
الصكوك املذكورة". حقوق ّ
ّ
شخصيا على ّ
املدنية تحمل ّ
املسؤولية استنتج الفقه من هذه املقتضيات ّ
أن
ّ
املسؤولية الشخصية للحافظ إلى الوظيفيةّ 15أدت
ّ الدفتر دار فيما ينشأ عن أخطائه
الحرص الشديد على تحقيق االنسجام الكامل بين العقد املعروض على الترسيم وما
ّ
للمسؤولية لدرجة الخوف ّ
وانجر عن احترام هذه اإلدارة ّ
السجل من بيانات. ّ
تضمنه
ّ ّ
منها تعطيل ترسيم الجانب األوفر من الكتائب املودعة واملعطلة .16وملا صدرت مجلة
ّ ّ ّ ّ ّ
العينية ّ
بمسؤولية الشخصية للحافظ وتعويضها املسؤولية تم التخلي عن الحقوق
الدولة.17
تعد املبادئ التي يقوم عليها نظام -صراحة مقتضيات الشهار العقاري ّ :
ّ ّ فنية ّ اإلشهار العقاري آليات ّ
الخصوصية من ذاتية املبادئ حيث تعمل خاصة .وتتأتى
مميز وذو طابع خصوص ي .كما تبرز هذه هذه املبادئ من خالل نظام إجرائي ّ
ّ
السجل العقاري يقوم من أن نظام شمولية هذه املبادئ وهو ما يعني ّ
ّ ّ
الخصوصية من
ّ
الخصوصية بوحدة هذه ّ
الشكلية وال ش يء آخر غيرها .وتتدعم بدايته لنهايته على
إال مجتمعة أي ّ ّ املبادئ ذلك ّ
أن العنصر الواحد ال أن مبادئ اإلشهار العقاري ال تعمل
يمكن أن يستغني عن املبدأ الذي يليه مهما كانت الصورة .وبمعنى آخر هناك بنيان
ّ
متكامل يمثل فيه الجزء الكل.18
15محمود العنابي ،مرجع سابق ،ص .153يراجع أيضا الهادي سعيّد ،مرجع سابق ،ص .467
والرسوم المج ّمدة ،القضاء والتشريع ،1993 ،عدد ،4ص .12
16فرحات الراجحي ،المحاكم ّ
17تراجع الفصول 403-402م.ح.ع.
18علي كحلون ،نظام السج ّل العقاري ،مجمع األطرش للتوزيع ،2009 ،ص .96
8
الشهار العقاري
وهذه الصرامة والخصوصية التي يقوم عليها نظام اإلشهار العقاري ،جعلت
الشدة جاء بالفصل 389م.ح.عّ .
يتحقق ... املشرع يسبغ عمل هذه اإلدارة بش يء من ّ ّ
ّ ّ
ونص الفصل 390م.ح.ع" .ال تقع مباشرة العملية املطلوبة إال ."...واقتض ى الفصل
ّ
388م.ح.ع" .ال يمكن إلدارة .....إال إذا .....أن .19"....وانطالقا من فهمها الخاص
املقدمة للترسيم .ذهبمشددة على الصكوك ّ للنصوص سعت اإلدارة النتهاج رقابة ّ ّ
مشددة وظلت تعم السنين إلى انتهاج رقابة ّمر ّ
بأن هذه اإلدارة سعت على ّالفقه للقول ّ
الشدة والصالبة على نفسها وعلى الناس معتذرة بالنصوص التي ّ ضيق من في إطار ّ
الرفض قبل تصرفها ،20وهو ما جعل هذه اإلدارة تبحث في أسباب ّ وحدت من ّ قيدتها ّ
تصرح هذه اإلدارة وتقول "أصبح في الواقع ما كان من مبررات القبول ّ البحث في ّ
املفروض أن يكون عاديا حالة نادرة إذ ال تتجاوز نسبة ّ
امللفات املقبولة منذ الدراسة
األولى % 10من جملة امللفات املطلوب ترسيمها.21
الترسيم ّ : ّ
انجر عن غياب جزاء يتسلط على رفض -غياب جزاء لرفض
ّ
امللكية الترسيم إلى حدود 23جانفي 1995أين وقع إقرار الطعن في قرارات إدارة
العقارية على معنى الفصل 388م.ح.ع .وجود حصانة لقرارات هذه اإلدارة وأصبح ّ
املبدأ رفض الترسيم واالستثناء قبوله ،حتى ذهب البعض للقول ّ
بأنه ّ
تكون لدى إدارة
ّ
والنظرية فقه ّ
العقارية منذ قرن وبحكم موقعها في مفترق بين الحقيقة والواقع ّ
امللكية
قضاء خاص بها في رفض ترسيم الحقوق.22
ّ والحال ّ
أن املبدأ قبول الترسيم وإجراؤه دون تأخيره إال إذا توفر مانع قانوني.
"محمد كمال شرف الدين" ّ
أن ّ انتقد الفقه ّ
بشدة هذا املوقف من هذه اإلدارة اعتبر
رفض القيام بالترسيم يجب أن يبقى حل استثنائي.23
19تراجع أيضا الفصول ... 377 – 375 – 374 – 373 – 306إلى غير ذلك من م.ح.ع.
20الهادي سعيّد ،مرجع سابق ،ص .8
21إدارة الملكيّة العقارية ،مشموالتها ،تنظيمها ،سيرها ،المطبعة الرسمية ،1987ص .33
22محمد الحبيب بن عبد السالم ،مرجع سابق ،ص .171
23محمد كمال شرف الدين ،حقوق الغير ،أطروحة سابقة ،ص .132
9
األستاذة محرزية الحجري
10
الشهار العقاري
كل كتب تكميلي وجب أن ّ
يحرر أن ّعلى بيانات تضمن قبول الترسيم .وهو ما يعني ّ
بحسب الظروف واملالبسات الخاصة بالعقد األصلي .الكتب التكميلي وظيفته
إصالح اإلخالالت التي اعترت الكتب األصلي وأعاقت ترسيمه.
-الدالء بكتب مصادقة :تعرف املصادقة ّ
بأنها عمل قانوني بمقتضاه يتنازل
ّ ّ ّ
ضمنيا لتصرف قانوني صراحة أو شخص بصفة آحادية عن طلب البطالن النسبي
بالتنفيذ التلقائي له.24
ّ
واملصادقة ال تقبل وال يقع اعتمادها إال إذا كانت صادرة من الشخص الذي له
يخول ّ
املشرع حق التصديق على العقد الباطل التمسك بإثارة البطالن .وقد ّ
ّ وحده حق
ّ
املشرع ّ
التصرف القانوني موضوع الترسيم ويشترط ألشخاص آخرين يجب تدخلهم في
ّ
الصك تصرفا قانونيا تلحق ّ
وقابليته للترسيم .فاملصادقة ّ لصحة العقدّ مصادقتهم
ّ
قانونيا. املقدم للترسيم واملهدد بالزوال والبطالن وتجعل له وجودا
ّ
الضرورية للترسيم : مد الدارة بجميع الوثائق والحجج بّ -
أحيانا ترفض اإلدارة الترسيم لنقص في الوثائق ّ
املقدمة والحجج التي يجب أن
ّ
ملف الترسيم ليقبل خاصة ّ ّ
وأن هذا الترسيم يخضع ملبادئ .ومن أبرزها يتكون منها
مبدأ التسلسل الذي يوجب اإلدالء بما يفيد انجرار امللك ّية لطالب الترسيم .وفق ما
أقر منذ سنة 2001ما يعرف بالترسيم املشرع ّ
ّ خاصة ّ
وأن يفرضه الفصل 392م.ح.عّ .
ّ ّ
منجرا على التعاقب والذي يستوجب لتطبيقه أن ال يقع ترسيم حق عيني إال إذا كان
ّ ممن سبق ترسيمه باسمه .وإذا ما ثبت لإلدارة ّ مباشرة ّ
التعارض الكلي بين بيانات
والصك ،يكون مآل املطلب الرفض ّ ّ
االستحقاقية الرسم العقاري من حيث حالته
تم ّ
مد الرفض هنا إمكانية تداركه فإذا ّ لفقدان حلقة من حلقات التسلسل .لكن هذا ّ
24يراجع نبيل المجدوب ،الطرق القانونيّة لتجاوز أسباب رفض إدراج ترسيم بالسج ّل العقاري ،بحوث في القانون العقاري،
الجزء الثالث ،2019 ،ص .375
11
األستاذة محرزية الحجري
امللكية والتي بها ّ
يتحقق مبدأ التسلسل يزول ّ اإلدارة ّ
باملؤيدات املثبتة ألصل انجرار
موجب رفض الترسيم.25
الفقرة الثانية :الطرق القضائية لتجاوز رفض الترسيم
ّ
العقارية وجوبه طلبه يحق ملن قدم مطلب في عملية عقارية لدى إدارة ّ
امللكية ّ
ّ ّ
بالرفض التظلم قضائيا والحصول على إذن في الترسيم ،ويكون ذلك ّإما بالطعن في
ّ
العقارية على معنى الفصل 388م.ح.ع( .أ) أو بطلب تحيين الرسم قرارات إدارة ّ
امللكية
أن الرفض عائد لجمود ّ
الرسم (ب). العقاري إذا ّاتضح ّ
ّ ّ
امللكية العقارية على معنى الفصل 388م.ح.ع: . أ-الطعن في قرارات إدارة
العقارية وفق الفصل 388م.ح.عّ 26. ّ الطعن في قرارات إدارة ّ ّ
ليحد امللكية جاء
ّ
الشرعية حتى من سلطات هذه اإلدارةّ .
ويعد بمثابة الجزاء الذي يسلط على خرق مبدأ
نص عليه الفصل 388جديد م.ح.ع .إثر ّ
التوسع في تطبيقه ّ ال تواصل هذه اإلدارة
تنقيحه بالقانون عدد 10املؤرخ في 23جانفي 1995ويخضع لشروط منها األصلية
ومنها اإلجرائية.
-1الشروط األصلية :تتمثل في :
*ضرورة صدور قرارسلبي عن الدارة :
يتجسد هذا القرار ّ
السلبي ّإما في ّ
الرفض النهائي إلدراج العملية املطلوبة ،أو ّ
الرفض النهائي قد يكون صريحا وقد العملية .وتجدر اإلشارة إل ّأن ّ
ّ تأجيل القيام بتلك
ّ
ضمنيا.27 يكون
ّ
*ضرورة تعلق الرفض بإحدى العمليات العقارية املذكورة بالفصل 388
م.ح.ع: .
ّ
امللكية العقارية يبتدأ من اليوم املوالي من تاريخ تحقق الشهر للطعن في قرارات إدارة
بلوغ اإلعالم إلى صاحب الحق.
نصت الفقرة الثانية من الفصل 388م.ح.ع ..." .ويعتبر الضمني ّ :الرفض ّ ّ -
يعبر عنه ّ
بالرفض امللكية العقارية بعد انقضاء ربعة أشهر رفضا" .وهو ما ّ
سكوت إدارة ّ
يحدد ّ
املشرع بالنسبة لهاته الحالة ال أجل الطعن وال بداية سريانه .ويكون الضمني ،لم ّ
الصمت اعتماد أجل الشهر .وهو أجل الطعن في قرار الرفض الحل املنطقي أمام هذا ّ
ّ
املشرع بالفصل 388م.ح.ع .عن بداية سريان أجل األربعة أشهر. الصريح . 34ولم يجب ّ
ويمكن بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 394م.ح.ع .الذي اقتض ى "ال يعتبر تاريخ
ّ ّ
امللكية العقارية لألوراق املراد ترسيمها". العملية املطلوبة إال من تاريخ قبول مدير
الوصول إلى حل يكون بمقتضاه بداية سريان أجل أربعة أشهر انطالقا من يوم إيداع
ّ ّ
امللكية العقارية التي تسلم املعني وصال في الغرض .وتبعا مطلب الترسيم لدى إدارة
لذلك يكون يوم إيداع املطلب وتضمينه هو املنطلق لحساب هذا األجل وعند نهايته
يحسب أجل الشهر.
ّ
-3البت في الطعن :
العقارية قبل ّ
البت في الطعن. ّ البد من أخذ رأي إدارة ّ
امللكية ّ
ّ ّ ّ
العقارية قبل البت في الطعن : امللكية *ضرورة أخذ رأي إدارة
ّ
"وتبت املحكمة في الطعن بعد جاء بالفقرة الثانية من الفصل 388م.ح.ع.
امللكية العقارية" .تجدر اإلشارة إلى ّأنه جرى العمل لدى املحكمة
ّ أخذ رأي إدارة
العقارية حتى قبل تنقيح الفصل 388م.ح.ع .وتكمن الفائدة من أخذ هذا الرأي قبل
البت في الطعن في تحقيق االستشارة والتنسيق بين ّ
املؤسستين.35 ّ
بالرأي الذي ّ
تقدمه اإلدارة ؟ أن املحكمة ملزمة ّ لكن ،هل ّ
34وذلك إلعطاء نفس الحظوظ للصادر في حقه قرار برفض الترسيم سواء ضمنيا أو صريحا.
تخرج من المعهد األعلى
35يراجع لمزيد اإلفادة ،عفاف مسعودي ،عالقة إدارة الملكيّة العقارية بالمحكمة العقارية ،رسالة ّ
للقضاء.1999-1998 ،
16
الشهار العقاري
العامة .تستبعد هذه الطريقة لكونها ال تتناسق ّ طريقة التنفيذ املعتمدة بالقواعد
وإجراءات املحكمة العقارية .40لذلك يطرح التساؤل حول إمكانية اعتماد اإلجراءات
ّ ّ ّ مادة التسجيل العقاريّ . املعمول بها في ّ
العينية بالتمعن في أحكام مجلة الحقوق يتبين
ّ وجود طريقتين للتنفيذّ ،إما التنفيذ عن طريق عدل ّ
منفذ وهي تتعلق بحاالت نادرة في
فينص عليها الفصل 353م.ح.ع .وهي الطريقة ّ التطبيقّ .41
وأما الطريقة الثانية
املشرع بخصوص طريقة التنفيذ يجوز القول ّ ّ
بأنه ما دامت اإلدارية وأمام صمت
بأن تنفيذه يجب الغاية من الطعن تسهيل الترسيم وتجاوز الصعوبات فيجوز القول ّ
السرعة واملرونة التي تقتض ي أن يقع التنفيذ في أقرب اآلجال. أن يكون على غاية ّ
ّ ّ
-سلطات املحكمة عن البت في الطعن :
ّ ّ ّ ّيتضح من صياغة الفصل 388م.ح.عّ .
العقارية من املشرع مكن املحكمة أن
تنص الفقرة الثانية من الفصل سابق وموسعة عند ّبتها في الطعنّ . ّ سلطات ّ
هامة
ّ الذكر ّ ّ
العقارية في الطعن ... ،وتأذن عند االقتضاء بالقيام باإلجراء "تبت املحكمة
ّ املطلوب" .يبدو ّ
أن هذه الصياغة تمكن املحكمة من التجاوز حق في حالة وجود املانع
القانوني فلفظة "عند االقتضاء" تعني إذا اقتض ى األمر ذلك ،أي يمكن للمحكمة إذا
الرفض ّ
شرعية قرار ّ استلزم األمر ّاتخاذ اإلجراء الالزم ،أال ّ
تتعدى هذه العبارة رقابة
متعلقا بمنح هذه املحكمة السلطة لتجاوز ّ ّ
كل الصعوبات والعراقيل ويكون األمر
وتسهيل الترسيم.
على مستوى التطبيق وجدت املحكمة العقارية نفسها تجنح في خطوات إلى
الرفض جاء بالحكم ّ
شرعية قرار ّ تسهيل الترسيم متجاوزة بذلك ّ
مجرد مراقبة
ّ
العقاري عدد 710املؤرخ في 13جويلية ،42 2002إذ الطلب ال يتنافى ومقتضيات
ّ ّ ّ
لوضعية العقارات املذكورة وكانت املطالبة النهائية القانون املتعلق بالتسوية
بالترخيص غير ذات موجب" .كما تعلن املحكمة تجاوزها بناء على اجتهاد منها في إطار
خولها القانون .وهو ما حصل في الحكم العقاري عدد 1086املؤرخ في 28ماي 2005ما ّ
ّ
املتسرب عند تحويل موضوع البيع إلى أجزاء هو من قبيل 43الذي ورد به "إذ الغلط
الغلطات املادية التي ترى املحكمة في نطاق اجتهادها وما ّ
خوله لها القانون من وجوب
رفعها وذلك بعد القيام بعملية احتساب األسهم.
لكن تبقى سلطات هذه املحكمة عند نظرها في الطعون محدودة وال ّ
يتعدى
املشرع بالفصل 388م.ح.ع .تدخل ّ ّ
الشرعية .قرن األمر سوى مراقبة تطبيق مبدأ
بالرفض أو التأجيل من قبل اإلدارة بوجود "مانع قانوني" وهو ما ّ
العقارية ّ املحكمة
الطعون التي ّّ يجعل دور املحكمة ّ
تقر محددا مبدئيا .يتدعم هذا القول بما جاء ببعض
الرفض ،من ذلك ّ
شرعية قرار ّ فيها املحكمة بصفة واضحة اقتصار دورها على مراقبة
أن اختصاص املؤرخ في 31ماي " 44 2010حيث ّ ما جاء بالحكم العقاري عدد ّ 1235
هذه املحكمة في مادة الطعون طبق أحكام الفصل 388م.ح.ع .يقتصر على مراقبة
ّ
العقارية في صورة رفض الترسيم حال وجود مانع قانوني شرعية قرارات إدارة ّ
امللكية ّ
ّ يمتد اختصاص املحكمة إلى ّ
وال ّ
البت في تجاوز الصعوبات املتعلقة بترسيم الصكوك
بالرسم العقاري.
الرسم العقاري لتجاوز قرار ّ
الرفض : ب-طلب تحيين ّ
تم رفض مطلب الترسيم وكان الرفض مؤسسا على حالة الرسم العقاري إذا ّ
فإنه يمكن للمعني أي طالب الترسيم أن يطالب بتحيين ّ املتصفة بالجمودّ ،
ّ
الرسم
العقاري أو تخليصه من الجمود.
ّ ّ ويتضح من خالل القانون عدد ّ 34
ّ
املشرع مكن كل ذي مصلحة من طلب أن
الرسم العقاري وجعله مطابقا للوضع الفعلي للعقار .وهذه املطالبة هدفهاتحيين ّ
الحصول على حل قضائي لتجاوز قرار رفض الترسيم الصادر عن اإلدارةّ .
ويتبين من
ّ
العقارية وخاصة دائرة أن ّ
املشرع أسند للمحكمة خالل أحكام قانون 17أفريل ّ ،2001
ّ
والقانونية التي املجمدة صالحيات واسعة ّ
وهامة قصد تجاوز العوائق املادية الرسوم ّ ّ
الهامة املمنوحة للمحكمة غايتها األساسية هيّأدت إلى الجمود .وهذه الصالحيات ّ
تجاوز رفض الترسيمات وجعل الرسم ّ
مهيأ ألن تدرج به كافة العمليات دون أن تكون
الحالة التي عليها سببا في رفضها.
ج-تجاوز رفض الترسيم بالحصول على إذن من املحكمة االبتدائية :
يمكن للتقاض ي أمام محاكم الحق العام أن يساعد على تجاوز أسباب رفض
يتم ذلك خاصة عن طريق طلب الحكم بجبر املعاقد على تيسير الترسيم ()1الترسيمّ ،
أو عن طريق طلب التشطيب على الترسيم (.)2
-1طلب الحكم بجبراملعاقد على تيسيرالترسيم :
ّ
يتعطل الترسيم لعدم إبقاء أحد املتعاقدين بالتزامه ّ
بمد الطرف املقابل أحيانا
تيسر الحصول على ترسيم صكه .صحيح املؤيدات التي ّ
بكل الوثائق وتمكينه من كل ّ ّ
مجرد من الحق العيني ّ
ألن الحق العيني ال ينشأ إال بالترسيم. املرسم ّأن الصك غير ّ ّ
لكنه يبقى ّ ّ
مرتبا اللتزام شخص ي على كاهل املعاقد اآلخر بضرورة تيسير الترسيم
وتقديم كل التسهيالت الالزمة لذلك إذا كان رفض الترسيم بسبب نقص تلك ّ
املؤيدات
والوثائق.
ويمكن أن يجد هذا االلتزام أساسه ّإما في اتفاق الطرفينّ ،
وإما في إطار
القواعد ّ
العامة التي تقتض ي ضرورة تنفيذ االلتزامات بأمانة.
الدعاوى وتصدر حكما يقض ي بإلزام االبتدائية بمثل هذه ّ
ّ ّ
تتعهد املحكمة
املعاقد بإتمام اإلجراءات املطلوبة لتسهيل الترسيم كما تقض ي ّأنه في صورة عدم
االستجابة للحكم والقيام باإلجراء املطلوبّ ،
فإن الحكم يقوم مقام اإلجراء املطلوب
ّ
ويتم الترسيم بمقتضاه.
20
الشهار العقاري
21