Professional Documents
Culture Documents
مبدأ ازدواجية السلطة التنفيذية في الدساتير الجزائرية
مبدأ ازدواجية السلطة التنفيذية في الدساتير الجزائرية
*المؤلف المرسل
الملخص:
إن السلطة التنفيذية يف اجلزائر تعترب اىم سلطة من خالل ما منحها الدستور من صالحيات عرب تطور الدساتَت
اجلزائرية ،و قد دتيزت يف فًتة باألحادية ،غَت اهنا اجتهت اىل االزدواجية يف مرحلة أخرى ،ذلك ان ازدواجية
السلطة التنفيذية و ىي من آليات النظام الربدلاين دتنح دورا للحكومة يف تقاسم السلطة مع رئاسة الدولة .التجربة
اجلزائرية مل تد م طويال و مت تفريغ ىذه االزدواجية من زلتواىا ،ليصبح الوزير األول منفذا لربنامج الرئيس يف مرحلة
ما ،و رغم اإلصالحات يبقى حتقيق االزدواجية امرا شبو مستحيل مع تعديالت الدستور لسنة .2020
الكلمات المفتاحية :السلطة التنفيذية؛ الدستور؛ االزدواجية؛ الوزير األول
Abstract:
The executive power in Algeria is considered to be the most important
authority through the powers conferred on it by the constitution
through the development of Algerian constitutions, and it was
characterized at one time by unilateralism, but it had tendency to
duplication at another stage, because the duplication of executive
power, which is one of the mechanisms of the parliamentary system,
gives the government a role In sharing power with the presidency of
the state .
The Algerian experience n 'did not last long and this duplication was
emptied of its content, so much so that the prime minister became an
implementer of the president's program at one point, and despite the
reforms, achieving duplication remains almost impossible with the
amendments to the constitution for the year 2020.
.
Keywords:executive power;constitution;duplication; prime minister.
مق ّدمة:
من اىم زلاور الدساتَت مبدا الفصل بُت السلطات فهو مبدأ تقوم عليو اغلب الدساتَت الدؽلقراطية ،ولقد دأبت
الدساتَت على تفصيل مكونات واختصاصات كل سلطة ،حيث تربز السلطة التنفيذية اىل جانب السلطة
التشريعية ،مث القضائية .كما يرمي ادلبدأ اىل قيام كل سلطة بالرقابة على السلطة األخرى يف شكل توازن يؤطره
فصل تام او مرن بينها حسب احلالة.
عرفت اجلزائر نوعُت من الدساتَت ،دساتَت الربامج يف سنيت 1963و 1976مث دساتَت القانون وىذا يف
مرحلة االصالحات من خالل دستور 1989مث دستور . 1996ولقد تناولت سلتلف تلك الدساتَت ادلؤسسات
الدستورية يف النظام السياسي اجلزائري ومن بينها ادلؤسسة التنفيذية حيث يربز جليا الدور الذي حتتلو ىذه
3001 اجمللد السادص -العدد الثاًي -السنت جواى 0202
سويلن حمود -بي بادة عبد احللين هبدأ اسدواجيت السلطت التنفيذيت يف الدساتري اجلشائزيت
ادلؤسسة يف ىيكل النظام السياسي اجلزائري سواء يف مرحلة احادية السلطة التنفيذية من سنة 1963اىل سنة
، 1988او يف مرحلة االزدواجية اليت اجتو اليها ادلؤسس الدستوري بعد تعديل 1988مث كرسها يف دستور
1989مث اكد على ىذا الدور يف دستور 1996وتعديالتو .
لقد تأرجح ادلؤسس الدستوري اجلزائري يف تفعيل ازدواجية السلطة التنفيذية فًتاه تارة ينفيها ،مث ما يلبث ان
يتبناىا لفًتة مث يفرغها من زلتواىا اىل ان تصَت ازدواجية شكلية ،كما انو تأرجح أيضا يف استعمال ادلصطلح الذي
يعرب بو عمن يقود احلكومة فمرة ىو وزير اول ومرة أخرى ىو رئيس حكومة.
وتكمن أعلية البحث يف ان فكرة ازدواجية السلطة التنفيذية تساىم يف تشخيص طبيعة النظام السياسي
السائد يف البالد خصوصا ان النظام السياسي اجلزائري يستمد بعض اآلليات من النظامُت الربدلاين والرئاسي ،مث
ىي تربز مدى قوة رئيس اجلمهورية ومدى اقتسامو الصالحيات مع القطب الثاين يف السلطة التنفيذية اال وىو
رئيس احلكومة او الوزير األول حسب التسمية.
من اجل ذلك نطرح اإلشكالية التالية :ما مدى قبول المؤسس الدستوري الجزائري بمبدأ ازدواجية
السلطة التنفيذية؟ واليت تتفرع عنها عدة تساؤالت فرعية :ىل اعتمد ادلؤسس الدستوري مبدأ االزدواجية يف ىرم
السلطة التنفيذية يف مرحلة دساتَت الربامج؟ مىت ظهر ىذا ادلبدأ يف الدساتَت اجلزائرية؟ ما مدى التزام ادلؤسس
الدستوري هبذا ادلبدأ بعد ظهوره؟
وسنعتمد ادلنهج التحليلي لإلجابة على ىذه اإلشكالية من خالل ثالث زلاور نتطرق يف أوذلا اىل ازدواجية
السلطة التنفيذية قبل التعديل الدستوري ،2008ونتطرق يف احملور الثاين اىل توحيد السلطة التنفيذية يف التعديل
الدستوري 2008و مربراتو ،فيما طلصص احملور األخَت اىل بوادر الرجوع اىل ثنائية السلطة التنفيذية بُت
تعديالت .2016
يقر ادلؤسس الدستوري يف مجيع الدساتَت اجلزائري وتعديالهتا على ضرورة منح وتزويد رئيس اجلمهورية بعدة
صالحيات للنهوض مبهامو اجلسيمة ،وذلك يف الظروف العادية أو االستثنائية .فرئيس اجلمهورية يتمتع يف
احلاالت العادية مبركز إداري وسياسي سامي وزلصن ،يسمو فوق باقي ادلناصب السياسية واإلدارية يف الدولة.
ويلعب رئيس اجلمهورية الدور الرئيسي يف توجيو شؤون احلكم فيو ،بناء على ان تقلده ىذا ادلنصب كان عن
طريق انتخابات مباشرة وسرية ،صوت لو فيها أغلبية الشعب ،لذلك يعترب رئيس اجلمهورية ادلمثل األول للشعب
وادلعرب عنو والراعي دلصاحلو واحملقق ألىداف والساىر على محاية استقالل دولتو ،ويكون من الطبيعي إذن أن
يتمتع ىذا الرئيس ادلنتخب من الشعب بسلطات مهمة ،باعتباره حامي الدستور ،وغلسد وحدة األمة ،و رلسد
1
الدولة داخلها وخارجها.
3001 اجمللد السادص -العدد الثاًي -السنت جواى 0202
سويلن حمود -بي بادة عبد احللين هبدأ اسدواجيت السلطت التنفيذيت يف الدساتري اجلشائزيت
لقد عرفت اجلزائر دساتَت الربامج يف مرحلة االشًتاكية ،حيث انتهت أزمة صيف 1962بسيطرة اجلناح
العسكري ،الذي سعى إىل ارساء نظام سياسي يتالءم والدولة اجلزائرية ادلستقلة حديثا ،وىو ما ُخ ِطط لو يف ميثاق
طرابلس بإرساء دؽلقراطية شعبية .من اجل ذلك اعتمد ادلكتب السياسي على ندوة اإلطارات لتحضَت مشروع
الدستور ومل يبقى للمجلس التأسيسي سوى ادلصادقة ليعرض ادلشروع على استفتاء 08سبتمرب ويصدر دستور
.1963
سنتطرق يف ىذا ادلطلب اىل مرحلتُت :مرحلة تشخيص السلطة يف دستور 1963مث نعرج على توحيد السلطة
التنفيذية يف دستور 1976
برزت جبهة التحرير الوطٍت حزب الطليعة الواحد فكان ذلا دور كبَت يف تسيَت ىذه ادلرحلة ،وكان دور احلزب
قويا لسببُت ،أوذلما مرتبط بالدور الريادي جلبهة التحرير كحزب قاد الثورة التحريرية خالل فًتة وجود االحتالل
الفرنسي ،فاكتسب شرعية ثورية امتد مفعول تأثَتىا لعقود ،وثانيا وجود بيئة إيديولوجية شجعت على تبٍت خيار
احلزب الواحد ،وىذا ما دفع إىل إعطاء ىذه ادلكانة ادلتميزة للحزب .
وكانت ادلؤسسة التنفيذية أحادية بناء على نص ادلادة " :39تسند السلطة التنفيذية إىل رئيس الدولة الذي
ػلمل لقب رئيس اجلمهورية .وىو ينتخب دلدة مخس سنوات عن طريق االقًتاع ال ـعــام ادلباش ــر والسري بعد تعيينو
من طرف احلزب " .كما يتوىل رئيس اجلمهورية حتديد سياسة احلكومة وتوجيهها ،كما يقوم بتسيَت وتنسيق
السياسة الداخلية واخلارجية للبالد طبقا إلرادة الشعب اليت غلسدىا احلزب ،ويعرب عنها اجمللس الوطٍت .
ان ىذه ادلرحلة كانت مصَتية ،وكان على القيادة السياسية يف البالد مراعات رلموعة من االعتبارات؛ أوذلا
الصراعات اليت ظهرت بُت اخوة السالح ،مث الوضع العام الذي تعيشو البالد من تفشي الفقر واجلهل وكذا تربص
العدو اخلارجي .وجاءت رلموعة من االحداث ادلتسارعة لتفرض وقف العمل بالدستور لتتشخص السلطة بيد
الرئيس .مل يدم االمر طويال اىل قامت رلموعة من الضباط بانقالب على السلطة الشرعية يوم 19جوان 1965
ودخلنا مرحلة رللس الثورة الذي كان رئيسو اىم مؤسسة يف تلك ادلرحلة وىذا من خالل اجلمع بُت قيادة رللس
الثورة من جهة وقيادة رللس الوزراء من جهة أخرى وكان ػلوز رلموعة من الصالحيات ادلهمة يف تسيَت اجلهاز
التنفيذي.
مرحلة دستور 1976وىنا ظهر مصطلح "الوظيفة التنفيذية" عوض السلطة التنفيذية ،حسب نص ادلادة
: 104يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية رئيس اجلمهورية ،وىو رئيس الدولة .فكان تكريسا ألحادية السلطة
التنفيذية أيضا بالرغم من ان ادلؤسس الدستوري ادلادة :113منح رئيس اجلمهورية سلطة تعيُت أعضاء احلكومة
كما منحو سلطة تعيُت وزيرا أول.
ولعل ورود منصب الوزير األول إىل جانب رئيس اجلمهورية يف اجلهاز التنفيذي توحي بوجود سلطة تنفيذية
برأسُت ،لكنها جاءت دون أن تتضمن النصوص اليت احتوهتا أي إشارة إىل وجود ثنائية حقيقية يف السلطة
التنفيذية .ودستور 1976حُت منح لرئيس اجلمهورية حق تعيُت وزير اول اقر كذلك ان يكون مسؤوال أمامو
مبعية نائب رئيس اجلمهورية واعضاء احلكومة .ويعد النظام الربدلاين الذي يقوم على ثنائية السلطة التنفيذية ،اول
من استعمل لقب الوزير األول ،نظرا الن ادللك غَت مسؤول سياسيا ،فكان ىو من يتحمل تلك ادلسؤولية ،لكن
مقابل ذلك أسندت لو سلطات حقيقية كرئيس الجتماعات رللس احلكومة .
وؽلكن القول ان احداث اكتوبر 88تشكل حلقة اساسية يف تطور النظام السياسي يف اجلزائر ذلك اهنا
اجربت السلطة على االجتاه اىل االصالحات كان من أبرزىا االجتاه اىل ثنائية السلطة التنفيذية من خالل تعديل
يف 03نوفمرب 88والذي مل يكن يف مستوى التطلعات بالرغم من انو جاء مبصطلح يوحي بوجود ثنائية يف
اجلهاز التنفيذي وىو مصطلح "رئيس احلكومة" .وحسب نص ادلادة :113فإن رئيس احلكومة يضبط برنامج
حكومتو ،وينسقو وينفذه .وىو مسؤول أمام اجمللس الشعيب الوطٍت.
كما منح نص التعديل رئيس احلكومة االضطالع باختصاصات تنظيمية يف اطار تنفيذ القوانُت ،ىكذا مت
تكريس مبدا عدم تركيز السلط ة التنظيمية يف يد واحدة ،على غرار الدستور الفرنسي ،مبا يدعم الفاعلية االدارية
للسلطة التنفيذية .وكان ىذا االختصاص التنظيمي التنفيذي ينسحب اىل القرارات الصادرة عن رئيس الدولة
والتشريعات الصادرة عن رللس الدولة خالل الفًتة االنتقالية ،مبعٌت تقاسم السلطة التنظيمية بُت رئيس الدولة
ورئيس احلكومة ،دتاشيا مع الدستور.
ؽلكن القول ان ازدواجية السلطة التنفيذية ظهرت يف النظام الربدلاين يف بريطانيا كمحاولة للتوفيق ما بُت رغبتُت
متناقضتُت ،وعلا اإلبقاء على ظلط احلكم القدمي الذي ساد لفًتات طويلة من سيطرت ادللك ،وبُت إحداث تغيَت
ضلو معايشة ادلبادئ اليت تتطلبها الدؽلقراطية ،وىي إسناد احلكم للشعب ،بإدراج آليات جديدة يتم من خالذلا
إتاحة تعدد اآلراء عن طريق األحزاب السياسية.2
سنتطرق يف ىذا ادلطلب اىل إرساء ازدواجية السلطة التنفيذية يف دستور 1989مث نستعرض اقرار مبدأ االزدواجية
يف السلطة التنفيذية عند ظهور دستور .1996
و كما قلنا سابقا اول ظهور لثنائية السلطة التنفيذية يف اجلزائر جاء بتعديل دستور 1976سنة 1988ولقد
استمر ادلؤسس الدستوري اجلزائري يف اعتماد ىذا ادلبدأ كذلك يف كل من دستوري 1989و ، 1996و كما
سبق القول يعد ىذا ادلبدأ أحد مقومات النظام الربدلاين ،وعالوة على ذلك كان رئيس احلكومة يتمتع باستقالل
نسيب عن رئيس اجلمهورية ،وىذا من خالل مشاركتو ادلعتربة يف النشاط احلكومي ،ودتتعو ببعض األدوات اليت
تساعده على القيام بتلك ادلهمة.3
ان واضعوا دستور 4 1989كانوا يتجهون ضلو بناء نظام دستوري ىجُت ،يكيفو بعض الفقهاء بأنو نظام شبو
رئاسي ،يقوم على ثنائية السلطة التنفيذية ،بالتأسيس لرئاسة اجلمهورية ورئاسة احلكومة ،كمؤسستُت داخل
السلطة التنفيذية ،يتمتعان باختصاصات دستورية قد تتداخل أحيانا ،مقابل أحادية السلطة التشريعية مبجلس
شعيب وطٍت ،5ورئيس احلكومة يتوىل تعيينو رئيس اجلمهورية وينهي مهامها ،وكان ىذا النص الدستوري بداية
التحول التدرغلي عن النهج االشًتاكي ادلعتمد منذ االستقالل كخيار اسًتاتيجي .6
وقد حدد ادلؤسس الدستوري اجملال التنظيمي لكل من قطيب السلطة التنفيذية يف دستور 1989بقولو" :
يوقع رئيس اجلمهورية ادلراسيم الرئاسية ...ويوقع رئيس احلكومة ادلراسيم التنفيذية 7".فتم التمييز بذلك بُت
ادلراسيم الرئاسية اليت قد تكون تنظيمية وىم رلال التنظيم ادلستقل ،او خاصة بتعيُت ادلسئولُت واالطارات السامية
يف الدولة من جهة ،ومن جهة ثانية ادلراسيم التنفيذية الصادرة عن رئيس احلكومة واليت قد تكون ىي االخرى
تنظيمية يف إطار تنفيذ القوانُت والتنظيمات الرئاسية .8كما ؼلتار رئيس الـحكومة أعضاء حكومتو ويقدم لرئيس
الـجمهورية الذي يعينهم .ويضبط رئيس الـحكومة برنامج حكومتو ،ويعرضو يف رللس الوزراء .وبعد ذلك يقدمو
إىل الـمجلس الشعيب الوطٍت للـموافقة عليو عن طريق مناقشة عامة ،وىنا ويـمكن رئيس الـحكومة أن يكيف
برنارلو يف ضوء ىذه الـمناقشة.
من خالل ما سبق يظهر ذلك وجود ازدواجية حقيقية يف السلطة التنفيذية .وىناك اختصاص آخر برز فيو
رئيس احلكومة وىو اختصاص التعيُت ،حيث جاء ليمنح لو رلاال واسعا يف ىذا االختصاص من خالل ادلرسوم
الرئاسي 44-89والذي حدد رلال التعيُت لرئيس اجلمهورية و منح االختصاص يف ما بقي من الوظائف ادلدنية
لرئيس احلكومة حسب ما جاء يف نص ادلادة 05منو.9
الفرع الثاني :اقرار مبدأ االزدواجية في السلطة التنفيذية عند ظهور دستور 1669
جاء دستور سنة - 10 1996والذي يعتربه الكثَت من ادلالحظُت رلرد تعديال لدستور 1989من حيث
اجلانب ادلوضوعي -لسد عديد الثغرات اليت ظهرت فيما قبلو ،امام العجز عن إجاد مرجعية دستورية وقانونية
لشرعنة اإلجراءات ،الالزمة دلواجهة األزمة متعددة األبعاد ،اليت دخلتها اجلزائر خاصة يف شقها االمٍت .11كما
واصل ادلؤسس الدست وري نفس التوجو يف ازدواجية السلطة التنفيذية وتعزيز مركز رئيس اجلمهورية ،يف مقابل رئيس
احلكومة الذي منح لو بعض الصالحيات األخرى ،حيث جاء يف نص ادلادة 85منو انو ؽلارس زيادة على
السلطات اليت ختوذلا إياه صراحة أحكام أخرى يف ال ّدستور ،الصالحيات اآلتية:
ّ
وزع الصالحيات بُت أعضاء احلكومة مع احًتام األحكام ال ّدستورية،
-1ي ّ
- 2يرأس رللس احلكومة،
يعُت يف وظائف ال ّدولة دون ادلساس بأحكام ادلادتُت 77و 78السابقيت ال ّذكر.
ّ -5
- 6يسهر على حسن سَت اإلدارة العمومية.
لقد أضيفت الصالحية األخَتة ادلتعلقة بسهره على حسن سَت اإلدارة العمومية حبكم دتوقعو يف اجلهاز
التنفيذي .اىل جانب ذلك ؽلكن للحكومة ان تقدم إىل رللس األمة بيانا عن السياسة العامة ،بعد إقرار ازدواجية
السلطة التشريعية.
فادلؤسس ال دستوري كان صرػلا يف قبول مبدأ االزدواجية يف السلطة التنفيذية مبؤسستُت :رئاسة اجلمهورية اىل
جانب رئاسة احلكومة.
سنعرض اىل مظاىر توحيد السلطة التنفيذية يف التعديل الدستوري 2008مث نتطرق اىل مربرات ذلك.
بعد سنة 1999عرفت العالقة بُت الوزير األول ورئيس اجلمهورية نوع من التنازع والتداخل ،وىذا يف حتديد
رلال عمل كل منهما ، 15ولعل أبرزىا ما وقع مع رئيس احلكومة السابق امحد بن بيتور مث مع نظَته علي بن
فليس ،وعلى إثر ذلك جاء التعديل الدستوري لسنة 2008ليحدث قطيعة مع الفًتة ادلاضية ،حيث مت التخلي
حىت عن حال ة التوازن اجلد مًتاجعة ،وتبٌت ادلؤسس الدستوري موقف حاسم قائم على ىيمنة طرف وخضوع
اخر .16ولعل أبرز مظاىر توحيد السلطة التنفيذية يف التعديل الدستوري 2008تتجسد يف رلموعة من العناصر
نتطرق ذلا يف النقاط التالية:
ان اىم ما يالحظ يف نص التعديل الدستوري ىو استعمال مصطلحات دالة على أحادية السلطة التنفيذية من
جهة مث على ارتباط الوزير األول بالرئيس ،ونورد أعلها كما يلي:
-استبدلت عبارة (وظيفة رئيس احلكومة) بـ عبارة (وظيفة الوزير األول) وذلك ما نصت عليو ادلادة 13من
قانون .19 / 08
وبالتايل اتضح أكثر دور الوزير األول وادلتمثل يف تنفيذ برنامج رئيس اجلمهورية وذلك من خالل وضع سلطط
عمل حلكومتو وىذا حسب ادلادة 79ادلعدلة مبوجب القانون .19 / 08
وادلؤسس الدستوري اجلزائري يف ىذه ادلرحلة كان يرمي اىل تقوية سلطة الرئيس ،لذا فضل اللجوء اىل ادوات
النظام شبو الرئاسي أكثر ،وىو ما كان يلمح لو الرئيس يف كل مناسبة .وبالنظر إىل طبيعة الثنائية على مستوى
اجلهاز التنفيذي من الناحيتُت النظرية والواقعية ،صلد أن اإلقرار بوجودىا ال ينسجم بالضرورة مع الواقع خصوصا
يف ىذه ادلرحلة ،شلا يطرح استفهاما كبَتا يرتبط مبدى وجود ازدواجية حقيقية يف السلطة التنفيذية من عدمو.17
الفرع الثاني :غياب مجلس الحكومة الذي كان يرأسه رئيس الحكومة
ختلى النص عن ىيئة رللس احلكومة الذي كان سابقا يرقى اىل رللس وزراء بًتأسو من قبل الرئيس ،وحسب
ادلادة 77ف 06فإنو ؽلكن لرئيس اجلمهورية أن يفوض جزءاً من صالحياتو للوزير األول لرئاسة اجتماعات
احلكومة واليت كانت من اختصاص رئيس مجهورية فقط .وىنا يظهر ان الوزير األول يفوض فقط فليس صاحب
اختصاص اصيل.
أما الفقرة 07من نفس ادلادة 77فقد أعطت لرئيس اجلمهورية إمكانية تعيُت نائباً أو عدة نواب للوزير األول
هبدف مساعدتو يف شلارسة وظائفو وإمكانية إهناء مهامهم .وىو ما يفيد ان الوزير األول ىو منسق للطاقم
احلكومي ورئيس اجلمهورية ىو احملور األساسي يف السلطة التنفيذية.
الفرع الثالث :وجوب موافقة الرئيس عند توقيع الوزير األول للمراسيم التنفيذية
وإضافة دلا سبق ،فإن من آثار التعديل الدستوري لسنة 2008على مؤسسة رئاسة احلكومة ،إلزامية موافقة
رئيس اجلمهورية عند توقيع الوزير األول على ادلراسيم التنفيذية ، 18األمر الذي يؤكد أكثر ىيمنة وسلطة رئيس
اجلمهورية على الوزير األول؛ فالتوقيع على ادلراسيم التنفيذية يستوجب ادلوافقة ادلسبقة لرئيس اجلمهورية؛ مبعٌت أن
اختصاص الوزير األول مقيد ومعلق ،فال يكون للمراسيم التنفيذية أثر إال بعد موافقة رئيس اجلمهورية.
يالحظ ان ىذا التعديل قد زاد من تقييد سلطات الوزير األول ،حيث يتبُت مدى اجتاه ادلؤسس الدستوري
اجلزائري إىل توحيد السلطة التنفيذية ،بعد أن كشف ان طبيعة السلطة التنفيذية ىي ثنائية شكلية ،ورمبا أصبح
الوزير األول موظف ضمن مؤسسة الرئاسة فقط .وىنا يثور اإلشكال حول احلل الدستوري يف حال وجود أغلبية
بردلانية معارضة لسياسة الرئيس .19ان اجتاه الرئيس اىل ادراج ىذه التعديالت كان كواكبها وجود قوة بردلانية
تسانده ،وىي اليت كانت تسمى التحالف الرئاسي .ويف ظل تلك ادلعطيات والنظام االنتخايب ادلعتمد كان من
ادلستحيل صعود معارضة قوية اىل الربدلان ،وان وقع ذلك فهناك الثلث الضامن على مستوى رللس االمة.
بعد ىذا التعديل كان لرئيس اجلمهورية سلطة تعيُت وعزل الوزير األول اىل جانب االختصاصات القوية األخرى
اليت ؽلتلكها و ىو ما غلعل زلور النظام داخل الدولة ،والوزير األول يتحول من عنصر اعتدال للنظام ،إىل عنصر
اخلاضع والتابع إلرادة رئيس اجلمهورية ،وىو ما يعد خروجا عن األصول والقواعد ادلتعلقة بثنائية السلطة التنفيذية،
ان مل نقل انو هتميش لدور الوزير األول.20
السياسية
مشل التعديل الدستوري لسنة 2008مخسة زلاور وىي :محاية رموز الثورة اجمليدة وترقية احلقوق ّ
للمرأة ودتكُت الشعب من حرية اختيار حكامو وكذا إعادة تنظيم السلطة التنفيذية الذي اخذ أكرب حيز يف
التعديل ،وسنتطرق اىل مربرات التعديل حسب كل جهة صرحت بو كما يلي:
لقد تطرق رئيس اجلمهورية اول مرة اىل قضية تعديل الدستور يوم 28اكتوبر مبناسبة افتتاح السنة القضائية
2009_2008وشلا جاء يف خطابو "إن الدساتَت ىي نتاج جهد بشري قابل للتطوير والتحسُت ،وىي تعبَت
عن إرادة الشعب يف مرحلة معينة من تارؼلو ،جتسيداً لفلسفتو ورؤيتو احلضارية للمجتمع الذي ينشده ،فلكل
دستور إذن ،ظروفو وأسبابو وأبعاده اليت يرمي إليها يف تأسيس وتنظيم اجملتمع والدولة ،وكافة العالقات واآلليات
الدستورية ادلتعلقة بنظام احلكم وشلارستو ،وتكريس احلقوق واحلريات الفردية واجلماعية للمواطن".21
اما من حيث اآللية اليت اعتمدىا فهو برر جلوءه اىل طريق الربدلان دون االستفتاء الشعيب 22لكون " إدخال
تعديالت دستورية استعجاليو "و "نظرا لثقل االلتزامات وتراكم األولويات وادلواعيد االنتخابية خاصة تلك ادلتعلقة
بانتخاب أعضاء اجمللس الشعيب الوطٍت وجتديد اجملالس الشعبية البلدية والوالئية" كما ان الرئيس كان ػلظى بأغلبية
بردلانية سواء من قوى التحالف يف الغرفة السفلى او الثلث الضامن 23يف الغرفة العليا.
تناول الرئيس زلاور التعديل حيث جاء يف الفقرة الثانية من كلمتو السابقة :إعادة تنظيم وتدقيق وتوضيح
الصالحيات والعالقات بُت مكونات السلطة التنفيذية واضاف يف مرحلة اخرى "من اجل دتكُت الشعب من
شلارسة حقو ادلشروع يف اختيار من يقود مصَته ،وأن غل ّدد الثقة فيو بكل سيادة" يف إشارة اىل فتح العهدة
الرئاسية .و ىناك من رآه تلميح اىل تقليص سلطات الوزير األول ،و ان كان ىناك من يرى ان إلغاء منصب
رئيس احلكومة و تعويضو بالوزير األول متعلق باختالل دستوري يف ىندسة مؤسسات السلطة التنفيذية .24
اما بالنسبة لرئيس احلكومة يف تلك الفًتة السيد امحد أوػلِت فبمناسبة تقدؽلو دلشروع التعديل الدستوري يوم
12نوفمرب 2008امام الربدلان بغرفتيو رلتمعتُت فقد حاول تربير التعديل من خالل عدة زلاور نوجزىا من
خالل تدخلو :
يهدف ىذا ادلشروع اىل تعزيز حق الشعب السيد يف اختيار من يتوىل مصَته.
ان استبدال وظيفة رئيس احلكومة بوظيفة الوزير األول من شأنو ان يضفي ادلزيد من الوضوح واالنسجام
على ادلكونات الوظيفية للسلطة التنفيذية ...وهبدف ازالة االلتباس الذي يعًتي مهمة احلكومة.
ان تعديل الدستور فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية سوف يوفر للربدلان ظروفا انسب دلمارسة الرقابة على
25
احلكومة.
اما مقرر جلنة الشؤون القانونية واحلريات فقد تناول ه االخر مربرات التعديل عند مناقشتو وكان من مجلة ما
اورده ان ىذا التعديل جاء كثمرة للتحوالت العميقة اليت شهدهتا اجلزائر على سلتلف االصعدة مؤكدا انو ال ؽلس
باحلري ات واحلقوق وال بالتوازنات االساسية للسلطات ومنو فان فتح العهدة سوف ؽلكن الشعب من شلارسة حقو
يف اختيار حكامو ومنو تصبح العهدة الرئاسية مفتوحة.
اما بالنسبة للراي ادلطابق للمجلس الدستوري فيمكن القول انو مل ؼلرج عن ادلعتاد ،فبعد ان قام رئيس
اجلمهورية بإخطار اجمللس الدستوري يف ،08-01-03قصد إبداء رأيو حول مشروع التعديل الدستوري تطبيقا
للمادة 176من الدستور ،صدر الرأي ادلطابق دتاشيا مع رغبة اجلميع وقد كان من خالل ما ورد فيو أن
األحكام اليت مشلها مشروع التعديل الدستوري "تقتصر على اعتماد ىيكلة جديدة داخل السلطة التنفيذية ،فإهنا
ال تؤثر البتة على صالحيات السلطات وادلؤسسات األخرى واآلليات الدستورية اليت يقوم على أساسها توازن
السلطتُت التنفيذية والتشريعية" ويبدو ىذا التربير كان منطقي لتماشيو مع إرادة التوجو بالسلطة التنفيذية ضلو
األحادية ،حيث ال يتصور قيام أحادية ذلا مشاركة رئيس احلكومة لسلطات وصالحيات إدارهتا مع رئيس
اجلمهورية .
شلا جاء فيو أيضا؛ ان الغرض من دتكُت رئيس اجلمهورية من تعيُت نائب او نواب للوزير األول وربط توقيع
ىذا األخَت على ادلراسيم التنفيذية واستبدال التسمية من رئيس للحكومة إىل وزير اول ،والتعيينات اليت غلريها اال
مبوافقة مسبقة من الرئيس ،واسناد رئاسة اجتماع رللس احلكومة للوزير األول لكن بعد تفويض من الرئيس .كل
ىذا نظر اليو اجمللس بان القصد من ورائو احداث انسجام اکرب وفاعلية أفضل ،يف حُت أن األمر من ورائو حسب
البعض ىو تقييد سلطة الوزير االول والتحكم فيما تبقى منها بالشكل ادلباشر .
يتضح جليا ان تعديل 2008جاء من اجل هتميش دور الوزير األول ،و بادلقابل تقوية سلطة الرئيس
خصوصا انو فتح العهدة الرئاسية بعد ان كانت مقيدة ،و اصبح الوزير األول منفذا لربنامج الرئيس يعينو و يعزلو
مىت رأى عدم صالحيتو للمرحلة ،اما فيما يتعلق مبسؤولية الوزير األول فأصبحت مسؤولية مضاعفة ،أي أمام
رئيس اجلمهورية ألنو ىو من يعينو ومن ينهي مهامو ،باإلضافة إىل أن الربنامج السياسي ادلطبق ىو برنامج رئيس
اجلمهورية ،فيصبح من اليسَت على ىذا األخَت أن يضحي بالوزير األول ككبش فداء يف حال فشلو يف تنفيذ
سلطط عملو اجملسد لربنامج الرئيس ،ويف ىذا غطاء حقيقي للسلطة ادلباشرة اليت ؽلارسها ىذا األخَت.
المبحث الثالث :بوادر الرجوع الى ثنائية السلطة التنفيذية بين تعديالت 2019و2020
لقد تأثرت اجلزائر مبوجة ادلطالبة باحلريات اليت اكتسحت بعض الدول العربية فيما يعرف بالربيع العريب ،وكانت
السلطة سباقة اىل الدعوة للحوار مبشاركة مجيع الفاعلُت ،وقد وعد الرئيس بتعديل الدستور مبا يتناسب مع ادلرحلة
اجلديدة .وىذا ما مت فعال من خالل التعديل الدستوري لسنة . 262016فإذا كان ىناك من يرى أن مؤسسة
رئاسة اجلمهورية تبقى أقوى مؤسسة دستورية يف البالد دلا تتمتع بو من مكانة خاصة ،جتعل رئيس اجلمهورية وىو
رئيس السلطة التنفيذية ،الفاعل األساسي يف النظام السياسي اجلزائري ،يعلو ويسمو على باقي السلطات يف
الدولة . 27
من جانب آخر فالبعض يرى تنازل من الرئيس عن بعض صالحياتو لصاحل الوزير األول ،ورمبا ىي
الصالحيات اليت انتزعها منو يف تعديل ، 2008فمن أجل ضمان سَتورة النشاط احلكومي وتنفيذ السياسة
العامة والتحكم أكثر يف كل ادلستجدات احلاصلة داخل الدولة؛ غلب أن دتنح للوزير األول بعض الوسائل
واألدوات الدستورية اليت دتكنو من ذلك .28وسنتطرق اىل بوادر تقوية مركز الوزير األول يف تعديل 2016مث نعرج
على طريقة اختيار من يقود احلكومة حسب األغلبية الربدلانية.
ابقى التعديل الدستوري التوجو اذليكلي ضلو أحادية السلطة ،حيث مل يفارق إرادة ادلؤسس يف تعديل سنة
2008يف التخلي عن منصب رئيس احلكومة ودوره الدستوري ،مبا يتماشى مع وجوب ابراز مجلة من
اإلصالحات اذليكلية يف ىرم السلطة التنفيذية كالتزام من الرئيس بالتغيَت و االستجابة لتطلعات الطبقة السياسية،
غَت انو نظم ادلركز الدستوري للوزير األول بشكل يوىم التقارب بينو وبُت مركز رئيس احلكومة سابقا29.و سنتطرق
اىل بعض األحكام اجلديدة فيو:
الفرع األول :استعادة صالحيات رئاسة مجلس الحكومة واستقاللية في توقيع المراسيم التنفيذية
الصالحيّات بُت أعضاء احلكومة يف ضل احًتام األحكام اىل جانب اختصاص الوزير األول بتوزيع ّ
ال ّدستوريّة ،و كذا سلطتو يف تطبيق القوانُت والتنظيمات و كذا السهر على حسن سَت اإلدارة العموميّة وادلرافق
العمومية ،جاء نص ادلادة 112بصالحيات جديدة للوزير األول أو رئيس احلكومة ،حسب احلالة ،كما أعاد
لو بعض الصالحيات اليت سلبت منو سابقا و ىي كالتايل :
-يوجو وينسق ويراقب عمل احلكومة ،وىو بند جديد مل يكن سابقا يعطيو نوعا من االستقاللية يف الرقابة على
احلكومة.
-يرأس اجتماعات احلكومة ،مل يكن يتمتع هبذه الصالحية اال عن طريق التفويض ،وان كان ادلؤسس الدستوري
اقر لرئيـس اجلمهورية أن يفوض للوزيـر األول أو رئيـس احلكومــة ،حسب احلالة ،بعضاً من صالحياتو .وىنا عدل
عن تفويضو لرئاسة رللس احلكومة الذي أصبح اختصاصا اصيال.
-يوقّع ادلراسيم التّنفيذيّة ،لقد كان سابقا مقيد بادلوافقة الصرػلة لرئيس اجلمهورية ليتحرر من ىذا االجراء ادلقيد.
وأصبح الوزير األول يوقع ادلراسيم التنفيذية دوظلا رجوع اىل رئيس اجلمهورية وىو ما سيمنحو نوعا من التحرر من
سيطرة الرئيس.
يعُت يف الوظائف ادلدنية للدولة اليت ال تندرج ضمن سلطة التعيُت لرئيس اجلمهورية أو
ان الوزير األول أصبح ّ
تلك اليت يفوضها لو ىذا األخَت ،ونذكر ىنا ان التفويض يف التعيُت سيمنح للوزير األول او رئيس احلكومة ىامش
من مشاركة رئيس اجلمهورية يف التعيُت .ويذكر ان سلطة الوزير األول يف التعيُت سابقا كانت مشروطة مبوافقة
رئيس اجلمهورية .كما ؽلكن اإلشارة اىل اسًتجاع الوزير األول سلطة التعيُت بعد صدور ادلرسوم الرئاسي -20
30 39حيث نضم ىذا النص رلال اختصاص الوزير األول او رئيس احلكومة يف التعيُت بطريقة سلبية ،ذلك انو
حصر رلال رئيس اجلمهورية واقر لرئيس احلكومة او الوزير األول مبا بقي من مناصب يف نص ادلادة 05منو.
غَت أن قراءة ىذا احلكم -ضمن باقي األحكام الناظمة دلركز الوزير األول يف اذليكلة الدستورية اجلديدة
للسلطة التنفيذية -يظهر غموض تربير اجمللس الدستوري ذلذا احلكم بتعزيز صاحليات الوزير األول ،بل مناقضتو
للمركز الدستوري ذلذا ادلنصب يف ظل السعي ألحادية السلطة التنفيذية ،واليت ال يعقل فيها تعزيز صاحليات الوزير
األول ومنافستو رئيس اجلمهورية ،أو على األقل استقاللو عنو ،31فنفس اجمللس قد برر تقليص صالحيات الوزير
األول يف السابق.
المطلب الثاني :تأثير األغلبية الرئاسية واألغلبية البرلمانية في تعيين هرم الحكومة
ان مركز ريس اجلمهورية يبقى األقوى يف ظل تعديالت 2016و 2020فهو القائد وادلوجو وادلهيمن على
باقي السلطات يف الدولة ،وىو األمر الذي انعكس على طبيعة ومالمح النظام السياسي اجلزائري ،الذي أصبح
يتجو أكثر ضلو النظام الرئاسوي بعدما كان أقرب للنظام الشبو الرئاسي يف ظل دستور 1996والنظام الرئاسي يف
ظل التعديل الدستوري لسنة 32.2008اما القطب الثاين يف السلطة التنفيذية فهو اقل درجة ،وؽلكن القول انو
استعاد بعض الصالحيات اال هنا ال ترقى اىل بروزه كقطب ثاين يف ىرم السلطة التنفيذية.
و ادلؤسس الدستوري فصل يف تسمية من يقود احلكومة حسب ما تسفر عليو نتائج االنتخابات الربدلانية اىل
خيارين اساسُت ،سنعرض اىل احلالتُت اليت جاء هبما نص ادلادة 103من دستور 2016مث اقرعلا ادلؤسس
الدستوري يف تعديل 2020و علا حالة األغلبية الرئاسية و حالة األغلبية الربدلانية.
جاء يف نص ادلادة 103من دستور 2016على ان يقود احلكومة وزير أول يف حال أسفرت االنتخابات
التشريعية عــن أغلبية رئاسية ،كما يقودىا رئيس حكومة ،يف حال أسفرت االنتخابات التشريعية عن أغلبية
بردلانية .وتتكون احلكومة من الوزير األول أو رئيس احلكومة ،حسب احلالة ،ومن الوزراء الذين يشكلوهنا .وىو
يعُت رئيس
نفس ما جاء يف تعديل ( 2020ادلادة )103وإذا أسفرت االنتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسيةّ ،
اجلمهورية وزيرا أول ويكلفو باقًتاح تشكيل احلكومة وإعداد سلطط عمل لتطبيق الربنامج الرئاسي الذي يعرضو
على رللس الوزراء.
ويقصد بو وجود قوة بردلانية تساند رئيس اجلمهورية سواء كانت من حزب سياسي واحد يكتسح مقاعد الغرفة
السفلى للربدلان او أحزاب سياسية متحالفة بينها او حىت ادلًتشحُت االحرار .العربة بوجود قوة بردلانية تساند
الرئيس ،وىنا سيكون من يقود احلكومة وزيرا اول استَتادا من النظام الرئاسي .والوزير األول ىنا سوف يعد سلطط
عمل لتطبيق الربنامج الرئاسي الذي يعرضو على رللس الوزراء مث اجمللس الشعيب الوطٍت ،وحبكم وجود اغلبية
بردلانية تسانده سيوافق الربدلان على ىذا ادلخطط اكيد .ويف حال مل يوافق سيقدم الوزير األول استقالتو ويعُت
الرئيس وزير اول ثان .وادلالحظ ان اجمللس الشعيب الوطٍت رلرب على ادلوافقة على سلطط عمل احلكومة يف ادلرة
الثانية واال تعرض للحل.
ويقصد بو وجود قوة بردلانية ال تساند الرئيس أي اهنا معارضة ىنا سوف يستبعد برنامج الرئيس .ويكون من
يقود احلكومة رئيس حكومة استَتادا من النظام الربدلاين ويقوم بإعداد برنامج األغلبية الربدلانية سواء كانت من
حزب سياسي واحد يكتسح مقاعد الغرفة السفلى للربدلان او أحزاب سياسية متحالفة بينها او حىت ادلًتشحُت
االحرار .يقدم رئيس احلكومة برنارلو امام رللس الوزراء الذي يوافق عليو مث يقدمو امام اجمللس الشعيب الوطٍت
الذي ػلوز فيو اغلبية ،ىذه القوة الربدلانية ستساىم يف ادلوافقة على ىذا الربنامج.
إذا كان ىذا الطرح سليم من اجلانب النظري فهو غَت شلكن التصور يف الواقع و رمبا يكون سبب ذلك امرين
اثنُت :مركز رئيس اجلمهورية الذي يستحوذ على رلال كبَت من السلطات يف احلالة العادية و االستثنائية و سلطتو
على رئيس احلكومة من جهة ،من جهة أخرى ضعف التشكيالت السياسية اليت ؽلكن ان تعارض الرئيس ،فالواقع
يوحي بوجود شبو تكتالت هترول اىل استمالة رضا الرئيس ،و قد ال نتفاجأ بوجود حتالف رئاسي اكرب من الذي
كان سابقا سيضمن اغلبية رئاسية يف الربدلان.
خاتمة:
ان مبدأ ازدواجية السلطة التنفيذية مل يكن لو موقع يف اىتمامات ادلؤسس الدستوري اجلزائري على األقل يف
مرحلة االشًتاكية ودساتَت الربامج ،ففي دستور 1963الذي مل يعمر طويال كان الرئيس ىو زلور السلطة
التنفيذية ونفس االمر واكبو ظهور دستور ، 1976غَت ان ادلؤسس الدستوري اجتو اىل استحداث ثنائية يف ىرم
السلطة التنفيذية بداية من تعديل ىذا الدستور سنة .1988ورمبا كانت األوضاع االقتصادية واالجتماعية دافعا
اىل ىذا التوجو.
لقد استمر العمل مببدأ االزدواجية بوجود رئيس مجهورية ورئيس حكومة يف دستور ،1996غَت ان تعديل
سنة 2008كان نقطة انعطاف وتنكر ادلؤسس الدستوري ذلذا ادلبدأ من اجل توحيد السلطة التنفيذية يف يد
رئيس اجلمهورية يهيمن على وزير اول بصالحيات زلدودة مل يسًتد جزء منها اال سنة ،2016وىنا عاد
مصطلح رئيس احلكومة اىل الظهور بناء على وجود اغلبية بردلاين معارضة للرئيس.
من خالل ىذا البحث ؽلكن ان نورد رلموعة من النتائج كما يلي:
-يعترب دستور 1989النص الوحيد الذي كفل وجود ثنائية حقيقية يف السلطة التنفيذية بتقسيم
الصالحيات بُت القطبُت.
-دستور 1996رغم انو اقر وجود الثنائية يف ىرم السلطة التنفيذية اال اهنا كانت مفرغة من مقوماهتا ،اذ
مل تظهر بوادر وجودىا فعليا لسيطرت الرئيس و ىيمنتو على الربدلان.
-النص الدستوري احلايل يقر بوجود الثنائية لكن حتقيقها مستبعد يف الواقع بالنظر دلركز رئيس اجلمهورية
الذي يستحوذ على رلال كبَت من السلطات يف احلالة العادية واالستثنائية وسلطتو على رئيس احلكومة
من جهة ،من جهة أخرى ضعف التشكيالت السياسية اليت ؽلكن ان تعارض الرئيس.
-ضعف اجمللس الدستوري يف القيام مبهامو خصوصا ادلطابقة الدستورية ورمبا يعود ذلك لسيطرة السلطة
التنفيذية شلثلة يف رئيس اجلمهورية عليو ،فهو من ؼلتار جزء من اعضاءه مبا فيهم الرئيس ولو سلطة تعيُت
مجيع االعضاء.
-ىناك تذبذب يف وضع اآلليات اليت تشخص النظام السياسي اجلزائري ،فهو نظام ىجُت غلمع بُت
الرئاسي والشبو رئاسي والربدلاين.
-ؽلكن االستغناء عن االزدواجية يف حتديد ىرم احلكومة على أساس " رئيس حكومة" بتعيينو من األغلبية
الربدلانية وكفى ،سواء كانت مساندة او معارضة ،وىو ما سيعطي انسجام يف عالقة احلكومة بالربدلان.
-ؽلكن للمؤسس الدستوري التوسيع من صالحيات رئيس احلكومة مبا يسمح لو التحرر من سيطرة
الرئيس ،كمنحو جزء من السلطة التنظيمية ادلستقلة.
-يف حال مل يوافق اجمللس الشعيب الوطٍت على سلطط احلكومة سيقدم الوزير األول استقالتو ويعُت الرئيس
وزير اول ثان وادلالحظ ان اجمللس الشعيب الوطٍت رلرب على ادلوافقة على سلطط عمل احلكومة يف ادلرة
الثانية واال تعرض للحل ،وىو يظهر ىيمنة للرئيس على اجمللس ،وىنا ؽلكن ختفيفها باقًتاح التعديل
ادلناسب على ادلخطط واجتماع الغرفتُت لتمريره.
-يستحسن تشكيل احملكمة الدستورية مبا يوفر نوع من التوازن بُت جهات االقًتاح لألعضاء غَت انو
يست حسن إغلاد صيغة النتخاب الرئيس بدل تعيينو والًتكيز على عنصر الكفاءة ،من اجل منح ىذه
ادلؤسسة استقاللية أكرب.
الهوامش:
-1عبد العايل حاحة .آمال يعيش دتام .ادلركز القانوين لرئيس اجلمهورية يف ظل التعديل الدستوري لسنة ،2016رللة العلوم القانونية والسياسية
جامعة الوادي ،اجلزائر ،اجمللد ،7العدد ،3أكتوبر ،2016ص 75
-2سامية مسري .انتفاء ازدواجية السلطة التنفيذية يف األنظمة السياسية ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية والسياسية ،كلية احلقوق جامعة اجلزائر ،1اجمللد
،52العدد ،4ديسمرب ،2015ص 07
-3امحد بن مسعود .العالقة بُت الوزير األول ورئيس اجلمهورية يف اجلزائر يف ظل التعديل الدستوري لسنة ،2008رللة احلقوق والعلوم اإلنسانية
جامعة زيان عشور اجللفة ،اجلزائر ،اجمللد ،8العدد ،3سبتمرب ،2015ص 459
-4الدستور اجلزائري لسنة 1989.الصادر بادلرسوم الرئاسي رقم 89-18ادلؤرخ يف 22رجب عام 1409ادلوافق 28فرباير سنة 1989.
-5زلمد منَت حساين .حتوالت السلطة التنفيذية يف نظر االجتهاد الدستوري ،رللة القانون واجملتمع ،جامعة أمحد دراية أدرار ،اجلزائر ،اجمللد ،6
العدد ،1جوان ،2018ص 02
-6عبد احلليم مرزوقي .رػلاين امينة .الوزير األول يف النظام الدستوري اجلزائري -دراسة على ضوء التعديل الدستوري لعام ،2016رللة ادلفكر
جامعة زلمد خيضر بسكرة ،اجلزائر ،اجمللد ،14العدد ،1فيفري ،2019ص 285
-7ادلادة 116من دستور 1989
-8زلمد بودة .مالحظات قانونية على دواعي التعديل الدستوري األخَت ،2008رللة احلضارة اإلسالمية ،جامعة وىران 1امحد بن بلة ،اجلزائر،
اجمللد ،15العدد ،22ماي ،2014ص 683
-9ادلرسوم الرئاسي رقم 44-89ادلؤرخ يف 4رمضان عام 1404ادلوافق 10ابريل سنة 1989وادلتعلق بالتعيُت يف الوظائف ادلدنية والعسكرية
للدولة ،ج ر عدد 15
-10دستور 1996صادر بادلرسوم الرئاسي رقم 438-96ادلؤرخ يف 07ديسمرب 1996ادلتعلق بإصدار نص تعديل الدستور ادلصادق عليو يف
استفتاء 28نوفمرب ،1996ج ر رقم 76
-11عبد احلليم مرزوقي ،مرجع سابق ،ص 286
-12القانون رقم 08 - 19مؤرخ يف 17ذي القعدة عام 1429ا دلوافق 15نوفمرب سنة 2008يتضمن التعديل الدستوري ج ر رقم 63
-13ادلرسوم الرئاسي رقم 240-99ادلؤرخ يف 17رجب عام 1420ادلوافق 27أكتوبر سنة 1999وادلتعلق بالتعيُت يف الوظائف ادلدنية
والعسكرية ،ج ر عدد76
-14عبد العايل حاحة .آمال يعيش دتام ،مرجع سابق ،ص 75
-15امحد بن مسعود ،مرجع سابق ،ص 459
-16زلمد بودة ،مرجع سابق ،ص 683
-17سامية مسري ،مرجع سابق ،ص 07
- 18ادلادة 85ف 4من دستور 1996تعديل 2008
-19عيسى طييب .مكانة الوزير األول يف اجلزائر من خالل طبيعة سلطاتو على ضوء التعديل الدستوري ،2008رللة احلقوق والعلوم اإلنسانية جامعة
زيان عشور اجللفة ،اجلزائر ،اجمللد ،2العدد ،1جوان ،2009ص 201
-20امحد بن مسعود ،مرجع سابق ،ص 464
- 21مقتطفات من خطاب رئيس اجلمهورية عند افتتاحو للسنة القضائية 2009/2008
22
ؽلس البتّة ادلبادئ العامة اليت حتكم اجملتمع
دستوري ال ّ
ّ أي تعديل
-ينص دستور 1996يف ادلادة :176إذا ارتأى اجمللس ال ّدستوري أن مشروع ّ
للسلطات وادلؤسسات ال ّدستوريّة ،وعلّل رأيو ،أمكن رئيس بأي كيفية التوازنات األساسية ّ
ؽلس ّاجلزائري ،وحقوق اإلنسان وادلواطن وحرياهتما ،وال ّ
يتضمن التّعديل ال ّدستوري مباشرة دون أن يعرضو على االستفتاء الشعيب ،مىت أحرز ثالثة أرباع ( )4/3أصوات اجلمهورية أن يصدر القانون الذي ّ
أعضاء غرفيت الربدلان.
- 23يعُت رئيس اجلمهورية ثلث اعضاء رللس االمة حسب نص ادلادة 101من الدستور احلايل
" -24إن حقيقة إلغاء منصب رئيس احلكومة متعلقة باختالل دستوري يف ىندسة مؤسسات السلطة التنفيذية ،جعل باإلمكان حتول رئيس احلكومة
إىل منافس دلن قام بتعيينو؛ وىو رئيس اجلمهورية ،خاصة من خالل امتالكو برنامج خاص لعمل حكومتو ،وىي مكانة دستورية حتفظها األنظمة الربدلانية
لرئيس احلكومة دون غَتىا من األنظمة ،لذا جاء اإللغاء ألقلمو وتصحيح اذلندسة الدستورية للسلطة التنفيذية ،وجعل رئيس اجلمهورية السيد الوحيد
فيو" زلمد منَت حساين ،مرجع سابق ،ص 04
25اجلريدة الرمسية للمناقشات .اجمللس الشعيب الوطٍت ،السنة الثانية عدد93
-26القانون رقم 01-16ادلؤرخ يف 06مارس 2016يتضمن التعديل الدستوري ،اجلريدة الرمسية رقم 14ادلؤرخة يف 7مارس 2016
-27عبد العايل حاحة .آمال يعيش دتام ،مرجع سابق ،ص 83
-28امحد بن مسعود ،مرجع سابق ،ص 466
-29زلمد منَت حساين ،مرجع سابق ،ص 08
-30ادلرسوم الرئاسي رقم 39-20مؤرخ يف 8مجادى الثانية عام 1441ادلوافق 2فرباير سنة ،2020يتعلق بالتعيُت يف الوظائف ادلدنية والعسكرية
للدولة ،ج ر عدد ،06متمم بادلرسوم الرئاسي رقم ،122-20ج ر عدد .30
-31زلمد منَت حساين ،مرجع سابق ،ص 12
-32عبد العايل حاحة .آمال يعيش دتام ،مرجع سابق ،ص 83