Professional Documents
Culture Documents
الفرقة بين الزوجين
الفرقة بين الزوجين
المقدمة :
إن الفرقة بين الزوجين تعني انحالل عقدة النكاح ،وقد أوضح قانون األسرة الموحد أن الفرقة بين الزوجين تتم بإحدى
ثالث طرق وقد صنف هذه الطرق تبعاً إلرادة الزوجين ،فجعل الطريقة األولى بإرادة الزوج وسماها طالقاً ،والطريقة
الثانية بطلب الزوجة وموافقة الزوج مع بذل العوض من الزوجة وسماها مخالعة (خلع) والطريقة الثالثة بموجب حكم
إن الطالق بإرادة الزوج هو حل عقد النكاح بالصيغة الموضوعة له شرعاً وعرف ًا وقد اتفق المذهبان السني والجعفري
في صيغة التعريف المذكورة للطالق ،ويقع الطالق باللفظ الصريح أو الكتابة أو اإلشارة المفهومة ،والطالق إما رجعي
أو بائن ،فالطالق الرجعي ال ينهي عقد الزواج إال بانقضاء العدة ،أما الطالق البائن فإنه ينهي عقد الزواج بمجرد
وقوعه ،وهو نوعان ،بائن بينونة صغرى إذا انقضت العدة من طالق رجعي وفي هذه ال بد من عقد ومهر جديدين
للرجعة ،وبائن بينونة كبرى وهو المكمل للثالث ،وال تحل له زوجته إال إذا تزوجها غيره ودخل بها دخوالً صحيحاً ،فكل
أما الخلع ،فهو إنهاء عقد الزواج بطلب الزوجة بعوض تبذله للزوج ،ويعتبر الخلع فسخاً ولكن يوقعه القاضي بصيغة
الخلع ال الفسخ وذلك الختالف آثار الخلع عن الفسخ ،ويعتبر الخلع طالقاً بائناً بينونة كبرى ،وال يستحق الزوج بدل
الخلع إال إذا كان خلع الزوجة اختياراً منها دون إكراه أو إضرار بها ،وإال فإنه ال يستحق ما خولع عليه ويكون مستحقاً
أما التطليق أو الفسخ بحكم المحكمة فإنه يقع لمجموعة من األسباب منها التطليق لوجود علة يتعذر معها استمرار
الحياة وال يرجى منها برء أو يمكن البرء منها بعد أكثر من سنة سواء كانت العلة عقلية أو عضوية ،أما السبب اآلخر
لطلب التطليق بحكم قضائي فهو الضرر أو الشقاق فيحق للزوجة أن تطلب التطليق بسبب الضرر وللضرر عدة صور
منها تركها وهجرها دون عذر أو سبب مشروع ومنها ضربها ضرباً مبرحاً ،كما أن أحد أسباب التطليق هو عدم إنفاق
الزوج على زوجته حتى لو كان ليس له مال ظاهر ،كما يحق للزوجة طلب التطليق من زوجها إذا كان محبوساً تنفيذاً
لحكم نهائي أو كان من متعاطي المسكرات أو المخدرات ،ولم يشترط القانون مدة الحبس التي تطلب فيه الزوجة
التطليق وبالتالي يحق لها أن تطلب التطليق حتى لو كانت مدة الحبس قصيرة طالما أنه حبس تنفيذاً لحكم نهائي.
إن العالقة الزوجية تعتبر من أكثر العالقات االجتماعية قدسية وذات خصوصية عالية أحاطها الشرع والقانون بالرعاية
ووضع األحكام المقننة لها ألن آثارها ممتدة في األبناء ومتشعبة إلى األسر ،لذلك يجب أن تسود المودة والتقدير
واالحترام في كافة جوانب هذه العالقة حتى وإن قدر لها أن تنتهي ،فالزوجان عاقالن وراشدان وفي إمكانهما إنهاء
عالقتهما الزوجية بالتراضي واالتفاق دون اللجوء للقضاء والخوض في الدعاوى والمطالبات ،فليس فشالً انتهاء
العالقة الزوجية بين أي زوجين ،بل إن الفشل في طريقة إنهاء هذه العالقة إذا لم تنتهِ بالمودة والتقدير واالحترام.
آثار الفرقة وفقاً للنظام السعودي ،ورأينا الشخصي ،تقع الفرقة بين الزوجين بإردة الزوج وتسمى طالقاً ،وبإردة
التطليق لم تنص الئحة األحوال الشخصية على التطليق وإنما تركتها مدموجة مع الفسخ ،والتطليق إما أن يكون التطليق
للعـلل لكل من الزوجين طلب التطليق لعلة في اآلخر يتعذر معها استمرار الحياة الزوجية وال يرجى منها برء ،أو يرجى
بعد مضي أكثر من سنة ،عقلية كانت العلة أو عضوية ،أصيب بها قبل العقد أو بعده ،أو يكون التطليق لعدم أداء
الصداق الحال يحكم للزوجة غير المدخول بها بالتطليق لعدم أداء الزوج صداقها الحال في الحالتين التاليتين إذا لم
يكن للزوج مال ظاهر يؤخذ منه الصداق ،إذا كان الزوج ظاهر العسر أو مجهول الحال وانتهى األجل الذي حدده
القاضي ألداء الصداق الحال ولم يؤده ،ال يحكم بتطليق الزوجة بعد الدخول لعدم أداء صداقها الحال ،ويبقى دينا في
ذمة الزوج ،أو يكون التطليق للضرر والشقاق لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة
بينهما ،أو يكون لعدم اإلنفاق للزوجة طلب الطالق إذا امتنع زوجها عن اإلنفاق عليها ،أو تعذراستيفاء النفقة منه،
وليس له مال ظاهر ،ولم يثبت إعساره وال تطلق منه إال بعد إمهاله مدة يحددها له القاضي ،ال تطلق الزوجة إلعسار
الزوج إذا علمت بعسره قبل الزواج ،ورضيت بذلك ،ال تطلق الزوجة الموسرة على زوجها المعسر ،أو يكون للغياب
والفقدان للزوجة طلب الطالق بسبب غياب زوجها ،المعروف موطنه ،أو محل إقامته ،ولو كان له مال يمكن استيفاء
النفقة منه ،وال يحكم لها بذلك إال بعد إنذاره :أما باإلقامة مع زوجته ،أو نقلها إليه ،أو طالقها ،على أن يمهل ألجل
بعد الفرقة بين الزوجين تتغير أدوار ومسئوليات كل منهما في حياة اآلخر فقد يكون للفرقة آثار إيجابية في تحقيق
االستقرار والتوازن األسري من جديد في حالة تركيز كل من الوالدين على سعادة األبناء من خالل خلق بيئة مثالية
لألبناء بحل كل خالفاتهم ونزعاتهم والعمل بيد واحدة على سعادة أبناءهم ،ولكن قد يحصل العكس وينتج عن الطالق
مشاكل ال يحمد عقباها فيحسب البعض الطالق نهاية المشكلة ولكن في الحقيقة هو بداية المشكلة فتكبر المشاكل
بعد الطالق فيترتب عليها الكثير من اآلثار على الرجل والمرأة واألبناء.
تتمثل في اآلثار النفسية للرجل :سيكولوجية الرجل تختلف عن المرأة وذلك ألنه يتحكم بعاطفته ،إال أنه مع ذلك يصاب
بأعراض نفسية من الطالق مثل الحزن واآلسى والحزن والندم والتقصير ،ونظرة المجتمع إليه بأنه انفصل عن زوجته
ولماذا انفصل عنها هل هو مقصر أم فيه عيب ،وقد ال يفكر الزواج مرة أخرى ويكره النساء ،كما يكون مشغول
وخائف على أبناءه ألنهم ليس معه وإنما مع زوجته التي انفصل عنها.وتتمثل في اآلثار المالية والقانونية للرجل :بعد
مجموعة من اآلثار المالية التي تأتي نتيجة للطالق تتمثل في مؤخر الصداق وهو مبلغ ثابت في وثيقة الزواج بأنه
يستحق عند الموت أو الطالق ،ونفقة العدة وهي قد تقدر بثالثة أشهر ،والنفقة على األبناء إلى حين وصولهم سن
االعتماد على أنفسهم ففي تلك الفترة يكون عليه مصاريف السكن والدراسة واإلعاشة والصحة وهذه تعتبر أعباء مالية
عليه ال سيما إن كان من ذوي الدخل المحدود ،وعليه حقوق الحاضنة في تمكينها من السكن بصفتها حاضنة وأجرة
رضاع.
تتمثل في اآلثار النفسية للمرأة :المرأة عاطفية عكس الرجل فهي تتأثر بصورة كبيرة وقد تصاب بأمراض نفسية مثل
القلق والتوتر والحزن...الخ ،ال سيما رجوعها إلى أهلها مرة أخرى وهي مطلقة ،كما تواجه مشكلة تربية األبناء
واالعتناء بهم.
وتتمثل اآلثار المالية والقانونية للمرأة :عندما ينتقلون أبناءها معها بسبب سن الحضانة ،وعدم قيام األب بمسئوليته
تجاه أبناءه في حالة تعسفه أو إعساره ،فيقع االنفاق في هذه الحالة على المرأة ،تنحصر في اآلثار القانونية ال تستحق
المطلقة نفقة إذا كانت ناشز عن طاعته أو خرجت دون إذن زوجها.
الخاتمة
يسبب الطالق لألبناء حزن وحيرة وعدم تقبل انفصال والديهم ،وتكون حضانة األبناء عند أحد الوالدين وفي هذه
الحالة يجوز لألخر زيارة المحضون إال أن هذه الزيارة غير كافية بالنسبة لألبناء ،وتسبب هذه اآلثار النفسية في
ضعفهم من التواصل مع اآلخرين لفقدان التربية المزدوجة التي تقع على عاتق الوالدين عند عدم اندماج األسرة
واستقرارها ،وانقطاع صالت المصاهرة وتزايد الجفوة والبغضاء بين أسرة الزوج والزوجة مما ينعكس سلبا على
األبناء.
المراجع :
-1دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة ،عمر سليمان األشقر . 54/1 ،انظر ،إرواء الغليل في تخريج أحاديث
منار السبيل ،محمد ناصر الدين األلباني ،المكتب االسالمي – بيروت، .314 -311/6،م - 1985هـ1، 1415ط
-2-مقاصد الشريعة اإلسالمية ،محمد الطاهر بن عاشور (د،ن) ،ط 1 ، 1366هـ ،ص98 . :
-3دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة ،عمر سليمان األشقر 1/53. ،
-4أثر االستدالل بالمقاصد الجزئية ،عبد الناصر حمدان بيومي إبراهيم .دار الكلمة ،القاهرة ، .1175/1،م، 1115
هـ1 ، 1436ط
-5-بداية المجتهد ،ابن رشد1/81 ، ،المغنى – ابن قدامة المقدسي 579/7الحاوي الكبير،الماوردي.338/9 ،حاشية
الدسوقي ،محمد عرفة. ،