Professional Documents
Culture Documents
ملخص قواعد التفسير
ملخص قواعد التفسير
جامعة تعز
كمية اآلداب
(برنامج الدكتوراه)
إعداد الطالبة/
1444ه2023 -1م
ذكر بعض القواعد املتعلقة بتفسري السلف
القاعدة االولى:
"إذا اختمف السمف في تفسير اآلية عمى قولين لم يجز لمن بعدىم إحداث قول ثالث يخرج عن
قوليم"
توضيح القاعدة:
إذا اختمؼ السمؼ في معنى اآلية عمى قوليف أو أكثر ،فإف ىذا بمثابة اإلجماع منيـ عمى
بطبلف ما خرج عف أقواليـ ،ووجو ذلؾ أف تجويز القوؿ الزائد مع إمكاف ترجيحو يؤدي إلى أف األمة
بمجموعيا أخطأت في معنى اآلية ولـ تعرؼ الصواب فييا ،وىذا ممتنع؛ ألف فيو نسبة األمة إلى
أيضا القوؿ بخمو العصر عف قائـ هلل بحجتو.
الغفمة عف الحؽ وتضييعو ،كما أف فيو ً
ىذا وقد ذكر ابف تيمية أنو "إذا تأوؿ أىؿ اإلجماع اآلية بتأويؿ ونصوا عمى فساد ما عداه ،لـ
يجز إحداث تأويؿ سواه ،واف لـ ينصوا عمى ذلؾ؛ فقاؿ بعضيـ :يجوز إحداث تأويؿ ٍ
ثاف إذا لـ يكف
فيو إبطاؿ األوؿ ،وقاؿ بعضيـ :ال يجوز ذلؾ كما ال يجوز إحداث مذىب ثالث ،وىذا ىو الذي عميو
الجميور وال يحتمؿ مذىبنا غيره"(ٔ).
وىذه القاعدة جديرة بالعناية وبيا ُيعمـ بطبلف كثير مف التفسير الذي ُيدعى (التفسير العممي
تماما لما قالو السمؼ في ٍ
معاف مغايرة ً كثير مف أقواؿ أصحاب ىذا االتجاه تقرر
لمقرآف الكريـ) ،فإف ًا
اآلية ،مما يمزـ عنو نسبة جميع األمة إلى الجيؿ والخطأ في تفسير ذلؾ الموضع.
التطبيق:
َح َزاب[ ص.]ٔٔ : ك مهز ِ ِ
قاؿ تعالىُ :ج ْن ٌد َما ُىنَال َ َ ْ ُ ٌ
وم م َن ْاْل ْ
قاؿ العبلمة المفسر محمد األميف الشنقيطي -رحمو اهلل" :-يفيـ منو أنو لو تستطيع جند مف
ذليبل ،ومما يدؿ عمى أف اآلية
صاغر داخ اًر ً
ًا ميزوما
ً األحزاب االرتقاء في أسباب السماء أنو يرجع
الكريمة ُيشار فييا إلى شيء ما كاف يظنو الناس وقت نزوليا ،إبيامو -جؿ وعبل -لذلؾ الجند بمفظة
(ما) في قولو ( :جند ما) ،واشارتو إلى مكاف ذلؾ الجند أو مكاف انيزامو إشارة البعيد في قولو :
(ىنالؾ) ،ولـ يتقدـ في اآلية ما يظير رجوع اإلشارة إليو إال االرتقاء في أسباب السماوات ،فاآلية
الكريمة يفيـ منيا ما ذكرنا ،ومعموـ أنيا لـ يفسرىا بذلؾ أحد مف العمماء ،بؿ عبارات العمماء تدور
عمى أف الجند المذكور الكفار الذيف كذبوه -صمى اهلل عميو وسمـ ،-وأنو -صمى اهلل عميو وسمـ-
سوؼ ييزميـ ،وأف ذلؾ تحقؽ يوـ بدر ،أو يوـ فتح مكة ،ولكف كتاب اهلل ال تزاؿ تظير غرائبو
وعجائبو ،وغرائبو متجددة عمى مر الميالي واألياـ ...وال مانع مف حمؿ اآلية عمى ما حمميا عميو
أيضا أنو يفيـ منيا ،لما تقرر عند العمماء مف أف اآلية إف كانت تحتمؿ معاني
المفسروف وما ذكرنا ً
كميا صحيح تعيف حمميا عمى الجميع"(ٔ).
ففي ىذه اآلية لو أف قائبلً فسرىا باالحتماؿ الذي أورده الشيخ -رحمو اهلل -واقتصر عميو،
جميعا إلى الجيؿ بمعناىا ،بؿ والخطأ في فيميا ،أما
ً مردودا؛ ألنو بيذا يكوف قد نسب األمة
ً لكاف قولو
لو قاؿ :إف اآلية دلت عمى ما ذكره السمؼ؛ ومما يدخؿ في معناىا (ثـ ذكر ىذا التفسير الجديد)،
لكاف لو وجو ،واهلل أعمـ.
القاعدة الثانية:
توضيح القاعدة:
فيما ،إضافة إلى ما تشرفوا بو –يعني
عمما ،وأحسف ً قموبا ،وأكثر ً
لما كاف السمؼ أبر ً
الصحابة-مف صحبة النبي -صمى اهلل عميو وسمـ ،-والتمقي منو ،مع ما شاىدوا مف التنزيؿ ،كاف
لتفسيرىـ مف المزية ما ليس لتفسير غيرىـ ،فالناس ميما اختمفوا في التفسير فإف كبلميـ يوزف بكبلـ
السمؼ وتفسيرىـ إذ إف السمؼ أعمـ األمة بعد نبييا -صمى اهلل عميو وسمـ -بمعاني كتاب اهلل تعالى
وبالمغة التي أنزؿ فييا.
والخالصة أن التفسير الذي اعتمده السمف ال يحاكم إلى قول من ىو دونيم ،أو يحاكم إلى
قواعد المغة أو األصول.
التطبيق:
ت بِ ِو َو َى َّم بِ َها ل َْوََل أَ ْن َرأَى بُ ْرَىا َن َربّْو[ يوسؼ.]ٕٗ :
قاؿ تعالىَ :ولَ َق ْد َى َّم ْ
اليـ) الذي
كثير مف الروايات عف السمؼ في معنى ( ّ
قاؿ ابف جرير -رحمو اهلل -بعد أف ساؽ ًا
وقع مف يوسؼ -عميو السبلـ -ىنا" :وأما آخروف ممف خالؼ أقواؿ السمؼ وتأولوا القرآف بآرائيـ،
فإنيـ قالوا في ذلؾ أقو ًاال مختمفة ،"..وخبلصة ما ذكر مف األقواؿ:
ٖ -أف ذلؾ اليّـ مف قبيؿ حديث النفس الذي ال يؤاخذ عميو.
(ٔ) ينظر :جامع البيان ،الطبري ،)ٛ/ٕٚ( ،تفسير القرآن العظيم ،ابف كثير.)ٕٖٚ/ٗ( ،
4
وممف قاؿ بالقوؿ الثاني اإلماـ أبو حياف ،ومراده بياف عصمة يوسؼ عميو السبلـ ،ورأى لذلؾ
بعضا مع كونيا قادحة في
اليـ أقواؿ متكاذبة ،يناقض بعضيا ً
أف األقواؿ الواردة عف السمؼ في معنى َّ
فضبل عف المقطوع ليـ بالعصمة(ٔ).
ً بعض فساؽ المسمميف
-أف يعبر كؿ منيـ عف المراد بعبارة غير عبارة صاحبو تدؿ عمى معنى في المسمى غير المعنى
اآلخر مع اتحاد المسمى ،كما قيؿ في اسـ السيؼ :الصارـ والميند ،وذلؾ مثؿ أسماء اهلل الحسنى،
وأسماء رسوؿ اهلل -صمى اهلل عميو وسمـ ،-وأسماء القرآف.
ومثاؿ ذلؾ في التفسير :تفسيرىـ (الصراط المستقيـ) بالقرآف ،وباإلسبلـ ،أو طريؽ العبودية،
أو طاعة اهلل ورسولو ...فيؤالء كميـ أشاروا إلى ذات واحدة لكف وصفيا كؿ بصفة مف صفاتيا.
-أف يذكر كؿ منيـ مف االسـ العاـ بعض أنواعو عمى سبيؿ التمثيؿ وتنبيو المستمع عمى النوع ال
عمى سبيؿ الحد المطابؽ لممحدود في عمومو وخصوصو ،مثاؿ ذلؾ :ما نقؿ في قولو تعالى :ثُ َّم
فبعض السمؼ يقوؿ :السابؽ الذي يصمي في أوؿ الوقت ،والمقتصد الذي يصمي في أثنائو،
والظالـ لنفسو الذي يؤخر العصر إلى االصفرار.
أو يقوؿ :السابؽ والمقتصد والظالـ قد ذكرىـ اهلل في آخر سورة البقرة؛ فإنو ذكر المحسف
بالصدقة ،والظالـ بأكؿ الربا ،والعادؿ بالبيع ،فالسابؽ :المحسف بأداء المستحبات مع الواجبات ،والظالـ
آكؿ الربا ،أو مانع الزكاة ،والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة وال يأكؿ الربا ،وىذا كمو مف التعريؼ
بالمثاؿ ،ومف ىذا الباب قوليـ :نزلت ىذه اآلية في كذا.
ٕ -قد يرد ويثبت عف بعض السمؼ تفسيراف أو أكثر لآلية الواحدة مع كونيما مختمفيف ،ويكوف كؿ
مخرًجا عمى قراءة(ٔ).
واحد منيما َّ
ومف ثـ ال يعتبر ىذا مف باب االختبلؼ ،فمف ذلؾ ما جاء في تفسير قولو تعالى :لَ َقالُوا إِنَّ َما
ارنَا[ الحجر ،]ٔ٘ :فسرىا بعض السمؼ ب( ُس َّدت( ،وفسرىا آخروف ب(أُخذت) ،قاؿ قتادة
صُ ُس ّْك َر ْ
ت أَبْ َ
-رحمو اهلل" :-مف ق أر (سكرت) مشددة يعني (سدت) ،ومف ق أر (:سكرت) مخففة ،فإنو يعني:
( ُسحرت)"(ٕ).
ومف ذلؾ ما ورد في تفسير قولو تعالى :سرابيميم من قطران[ إبراىيـ ]٘ٓ :مف أنو النحاس
المذاب ،وقيؿ :ما تُينا بو األبؿ وتطمى(ٖ).
قاؿ السيوطي" :وليسا بقوليف ،وانما الثاني وىو األوؿ ىنا تفسير لقراءة (مف ٍ
قطر آف) بتنويف
(قطر) وىو النحاس ،و (آف) شديد الحر"(ٗ).
كبلما عر ًبيا كانت قواعد العربية طريقًا لفيـ معانيو ،وبدوف ذلؾ يقع الغمط
ً ولما كاف القرآف
وسوء الفيـ لمف ليس بعربي بالسميقة ،ونعني بقواعد العربية :مجموع عموـ المساف العربي ،وىي :متف
المغة ،والتصريؼ والنحو ،والمعاني والبياف ،ومف وراء ذلؾ استعماالت العرب في كبلميا ،ووجوه
مخاطباتيا.
ىذا ولعممي البياف والمعاني مزيد اختصاص بعمـ التفسير ،ألنيما وسيمة إلظيار خصائص
الببلغة القرآنية ،وما تشتمؿ عميو اآليات مف تفاصيؿ المعاني ،واظيار وجو اإلعجاز.
القاعدة األولى:
"في تفسير القرآن بمقتضى المغة ُيراعى المعنى األغمب واألشير واألفصح دون الشاذ أو القميل"
توضيح القاعدة:
لما كاف القرآف نازالً بأفصح لغات العرب وأشيرىا امتنع اإلعراض في تفسيره عف المعنى
األشير واألفصح إلى المعنى الشاذ أو النادر ،وىذه بعض األمثمة.
التطبيق:
ٔ -قاؿ تعالىََ :ل يَ ُذوقُو َن فِ َيها بَ ْر ًدا َوََل َش َرابًا [ النبأ.]ٕٗ ،
(ٔ)
،وىذا المعنى قميؿ االستعماؿ في لغة العرب ،والمشيور في فسر بعضيـ البرد ىنا بالنوـ
َّ
معنى البرد أنو ما ُيبرد حر الجسـ ،فبل ُيعدؿ عنو إلى األوؿ.
قاؿ ابف جرير" :والنوـ واف كاف يبرد غميؿ العطش ،فقيؿ لو مف أجؿ ذلؾ البرد فميس ىو
باسمو المعروؼ ،وتأويؿ كتاب اهلل عمى األغمب مف معروؼ كبلـ العرب دوف غيره"(ٕ).
ٕ -قاؿ تعالى عف التابوت :تَ ْح ِمَُّوُ ال َْم ََلئِ َكةُ[ البقرة .]ٕٗٛ:
قاؿ بعض المفسريف :أي أف المبلئكة تسوؽ الدواب التي تحممو ،وقاؿ آخروف :تحممو المبلئكة
بيف السماء واألرض حتى تضعو بيف أظيرىـ ،وقاؿ ابف جرير" :وأولى القوليف في ذلؾ بالصواب ،قوؿ
قائما بيف أظير بني إسرائيؿ ،وذلؾ أف
مف قاؿ :حممت التابوت المبلئكة حتى وضعتو في دار طالوت ً
اهلل -تعالى ذكره -قاؿ( :تحممو المبلئكة) ولـ يقؿ :تأتي بو المبلئكة ،ألف (الحمؿ) المعروؼ ىو
(ٔ) ينظر :جامع البيان ،الطبري ،)ٕٔ/ٖٓ( ،التحرير والتنوير ،ابف عاشور.)ٖٚ/ٖٓ( ،
(ٕ) جامع البيان ،الطبري.)ٖٔ/ٖٓ( ،
8
جائز في المغة أف ُيقاؿَ ( :ح َممَوُ)
مباشرة الحامؿ بنفسو حمؿ ما حمؿ ،فأما ما حممو عمى غيره واف كاف ًا
بمعنى :معونتو الحامؿ وبأف حممو كاف عف سببو ،فميس سبيمو سبيؿ ما باشر حممو بنفسو في تعارؼ
الناس إياه بينيـ وتوجيو تأويؿ القرآف إلى األشير مف المغات أولى مف توجييو إلى األنكر ما وجد إلى
ذلؾ سبيؿ"(ٔ).
القاعدة الثانية:
"قد يتجاذب المفظة الواحدة المعنى واإلعراب فيتمسك بصحة المعنى ويؤول لصحتو اإلعراب"
توضيح القاعدة:
يحصؿ في بعض المواضع أف المعنى يدعو إلى أمر واإلعراب يمنع منو ،ففي مثؿ ىذه
وينظر في تقرير اإلعراب بطريقة تتناسب مع المعنى
الحاؿ يتمسؾ بصحة المعنى ألنو األصؿ ُ
الصحيح ،واف كاف اإلعراب الذي قررناه عمى خبلؼ المتبادر أو األولى.
التطبيق:
ٔ -قاؿ تعالى :إنو عمى رجعو لقادر * يوم تبمى السرائر[ الطارؽ.]ٕ ،ٔ :
فالظرؼ الذي ىو (يوـ) إذا نظرنا إلى المعنى فإنو يقتضي أف يتعمؽ بالمصدر الذي ىو
(رجع) فيصير المعنى :إنو عمى رجعو في ذلؾ اليوـ لقادر ،إال أف اإلعراب يعارض ىذا التفسير؛
وذلؾ ألنو ال يجوز الفصؿ بيف المصدر (وىو ىنا :رجع) وبيف معمولو (وىو ىنا :يوـ) بأجنبي،
مقدر دؿ عميو المصدر ،والتقدير :يرجعو يوـ.
فعبل ًا
فيجعؿ في ىذه الحالة العامؿ فيو ً
ُ
مبلحظة :العامؿ في المغة ىو المؤثر ،وفي اصطبلح النحوييف :ما أوجب كوف آخر الكممة
عمى وجو مخصوص مف اإلعراب ،والمعموؿ في المغة :المتأثر ،وفي اصطبلح النحوييف :ما وجد فيو
القاعدة الثالثة:
توضيح القاعدة:
لقد أنزؿ اهلل القرآف بمغة العرب وىذا يعني أنو جار في ألفاظو ومعانيو ،وأساليبو عمى لساف
العرب ،قاؿ تعالى :إِنَّا َج َعَّْنَاهُ قُ ْرآنًا َع َربِيِّا[ الزخرؼ ،]ٖ :وكاف نزولو عمى أفصح العرب وىو الرسوؿ
–صمى اهلل عميو وسمـ ، -والذيف بعث فييـ ىـ أىؿ ذلؾ المساف ،فجرى الخطاب بالقرآف عمى معتادىـ
في لسانيـ ،ومف ثـ فإنو ال يصح أف ُيفيـ كتاب اهلل تعالى إال مف الطريؽ الذي نزؿ عميو ،وىو اعتبار
لغة العرب في ألفاظيا ومعانييا وأساليبيا(ٔ) ،إضافة إلى معرفة معيود األمييف في الخطاب.
وبناء عمى ما سبؽ نقوؿ :إف الشريعة ال تحتاج في فيميا وتعرؼ أوامرىا ونواىييا إلى
ً
التغمغؿ في العموـ الكونية والرياضية ،وما إلى ذلؾ ،وذلؾ ألمريف:
األوؿ :أف الذيف تمقوىا وخوطبوا بيا كانوا مف األمييف كما سبؽ.
الثاني :أنيا لو لـ تكف كذلؾ لما وسعت جميور الخمؽ مف عرب وغيرىـ ،وذلؾ أنو يصعب
عمى جميور الخمؽ االمتثاؿ ألوامرىا ونواىييا المحتاجة إلى وسائؿ عممية لفيميا أوًال ،ثـ تطبيقيا
ثانيا ،وكبلىما غير ميسور لجميور الناس المرسؿ إلييـ.
ً
وىذا كمو فيما يتعمؽ بأحكاـ التكميؼ ،ذلؾ أنو عاـ لمجميع ،ويجب أف يفيمو كؿ مكمؼ ليمكف
االمتثاؿ ،أما ِ
الع َبر والمعاني الدقيقة فيي متفاوتة ،فمنيا ما يدؽ فيمو عمى الجميور وبو يتفاضؿ
الناس ،ومنيا ما ال يكوف كذلؾ ،وأنت إذا تأممت الخطابات المتعمقة بعموـ المكمفيف تجدىا سيمة
واضحة ال غموض فييا ،فاهلل تعالى حينما ذكر دالئؿ التوحيد لفت األنظار إلى أمور يعرفيا الجميع
كالسماء واألرض والجباؿ والسحاب والنبات ،وكذلؾ فيما أخبر بو مف نعيـ الجنة فإنو ذكر أصنافًا
(ٔ) ينظر :االعتصام ،الشاطبي ،)ٕٜٖ/ٕ( ،الموافقات ،الشاطبي ،الطبري ٙٗ/ٕ(،ػ .)ٙٙ
10
ض ٍ
ود ْح َم ْن ُ ض ٍ
ود * َوطََّ ٍ اب الْيَ ِمي ِن * فِي ِس ْد ٍر َم َْخ ُ اب الْيَ ِمي ِن َما أ ْ
َص َح ُ معيودة لدييـ في الدنيا كقولو تعالىَ :وأ ْ
َص َح ُ
* و ِظ ٍّل مم ُد ٍ
ود[ الواقعة ،]ٖٓ-ٕٚ :وىكذا في المواضع األخرى مف القرآف حيث ذكر الماء ،والمبف، َ َْ
والخمر ،والعسؿ ،والنخيؿ واألعناب ،ولـ يذكر ما ال عيد ليـ بو كالموز والجوز والكمثرى ،والتفاح
ونحو ذلؾ مما يزرع في غير ببلد العرب ،وىكذا لما لفت أنظارىـ إلى عظيـ خمقو في الحيواف أمرىـ
بالنظر إلى اإلبؿ ،ولـ يذكر الفيؿ وىو أعظـ خمقًا منيا ،وذلؾ لما ذكرنا ،واهلل أعمـ(ٔ).
ٕ -يجب االقتصار في فيـ القرآف عمى كؿ ما يضاؼ عممو إلى العرب خاصة ،فبذلؾ يوصؿ إلى
عمـ ما أودع فيو مف األحكاـ الشرعية ،فمف طمبو بغير ما ىو أداة لػو ضػػؿ عف فيمو(ٖ).
ٖ -ما قالو الشاطبي –رحمو اهلل -مف أنو البد في فيـ الشريعة مف اتباع معيود األمييف في الخطاب،
فإف كاف لمعرب في لسانيـ عرؼ مستمر فبل يصح العدوؿ عنو في فيـ الشريعة واف لـ يكف ثََّـ ُعرؼ
فبل يصح أف ُيجرى في فيميا عمى ما ال تعرفو وىذا ٍ
جار في المعاني واأللفاظ واألساليب ،فمف ذلؾ
بعيدا عف التكمؼ والتصنع ،ولذلؾ إذا اشتغؿ الشاعر العربي بالتنقيح
مثبل أف العرب كانت تمقي الكبلـ ً
ً
اختمفوا في األخذ عنو ،وقد كاف األصمعي يعيب الحطيئة ،واعتذر عف ذلؾ بأف قاؿ :وجدت شعره كمو
جيدا ،فدلني عمى أنو كاف يصنعو ،وليس ىكذا الشاعر المطبوع ،إنما الشاعر المطبوع الذي يرمي
ً
الكبلـ عمى عواىنو.)ٗ(...
٘ -ينبغي أف يكوف االعتناء بالمعاني المبثوثة في الخطاب ىو المقصود األعظـ ،بناء عمى أف العرب
إنما كانت عنايتيا بالمعاني ،وانما أصمحت األلفاظ مف أجميا(ٕ).
ُ -ٙيراعى عند تقرير وبياف اآليات الدالة عمى العقائد واألحكاـ األسموب السيؿ والبعد عف الدخوؿ في
المضايؽ الصعبة ،والعبارات المعقدة.
ألف ىذه األمور تخالؼ منيج القرآف مف جية ،كما تخالؼ مقاصده مف جية أخرى ألنو نزؿ
إلصبلح البشرية ،وتيذيب الخمؽ عربيـ وعجميـ ،حضرىـ وباديتيـ ،ولذلؾ تجد أف القرآف حينما ُيذكر
الناس بآالء اهلل ال يذكرىـ إال بما تتسع لو عقوليـ ،وتحيط بو مداركيـ دوف الخوض في التفاصيؿ
الدقيقة والتحقيقات النادرة.
تعرض القرآف ألسماء اهلل وصفاتو ذكرىا بطريقة سيمة وواضحة ،يدركيا جميع البشر
وحينما َّ
بفطرتيـ ،وبمداركيـ التي أودعت في أصؿ خمقتيـ مف دوف حاجة إلى الفمسفة أو المنطؽ.
وكذلؾ األمر بالنسبة لؤلمور العممية حيث نجد أنو حدد مواقيتيا مثبلً بأمور ميسورة لكؿ أحد،
جميعا ،كالظبلؿ والشمس حاؿ زواليا أو غروبيا ،وطموع
ً فعرؼ أوقات الصموات بأمور مشاىدة لمناس
َّ
الشفؽ وغروبو(ٖ).
التطبيق:
القاعدة الرابعة:
"كل معنى مستنبط من القرآن غير جار عمى المسان العربي فميس من عموم القرآن في شيء"
توضيح القاعدة:
ىذه قاعدة عظيمة ،مبناىا عمى أف ىذا القرآف نزؿ بمغة العرب ،وعميو فإنو ُيسمؾ في فيمو
واستنباط المعاني منو مسمؾ العرب في فيميـ واستنباطيـ ،وىذه القاعدة مترتبة عمى القاعدة السابقة،
التطبيق:
أ -نماذج من عبث بعض المالحدة(:)1
ٔ-ما ادعاه مف ال خبلؽ لو مف أنو مسمى في القرآف كبياف بف سمعاف رأس الطائفة البيانية ،حيث
َّاس[ آؿ عمراف ،]۰۳۱ :وذلؾ اآلخر الذي تسمى بػ ( ِ
الك ْسؼ) زعـ أنو المراد بقولو تعالىَ :ى َذا بَيَا ٌن لَِّن ِ
الس َم ِاء َساقِطًا[ الطور.]ٗٗ :
ثـ زعـ أنو المراد بقولوَ :وإِ ْن يَ َرْوا كِ ْس ًفا ِم َن َّ
ٕ-كاف لعبيد اهلل الشيعي الممقب ب(الميدي) -حيف ممؾ إفريقية -صاحباف مف كتامة ينتصر بيما
عمى أمره ،وقد أسمى أحدىما بػ)نصر اهلل) ،واآلخر ب)الفتح( ،فكاف يقوؿ ليما أنتما المذاف ذكركما اهلل
ىكذا قالوا مع أف مادة الفعميف مختمفة ،فػ (غوي الفصيؿ) عمى وزف (فَ ِع َؿ) ،وىو يدؿ عمى
فساد في الشيء ،و(غوى) الواردة في اآلية عمى وزف (فَ َع َؿ) ،وىو يدؿ عمى خبلؼ الرشد والجيؿ
باألمر.
ٖ -عمد بعض المتكمميف مف الذيف ينفوف صفة المحبة عف اهلل تعالى إلى قولو تعالىَ :واتَّ ََخ َذ ال َّوُ
الخمة)فقير إلى رحمتو ،وال يخفى عميؾ الفرؽ بيف ) ُ يم َخَِّيل[ النساء ،]ٕٔ٘ :فقاؿ :ىو بمعنىً :ا ِ ِ
إبْ َراى َ
الخمة) وىي الفقر والحاجة.
وىي الصداقة والمحبة ،و( َ
قاؿ الشاطبي" :وىذا التفسير يحتاج إلى بياف ،فإف ىذا المعنى ال تعرفو العرب ،وال فيو مف
جيتيا وضع مجازي مناسب ،وال يبلئمو مساؽ بحاؿ".
كما زعموا أنيا دالة عمى أمور وأحواؿ الدنيا واآلخرة ،وأنيا مجمؿ كؿ مفصؿ وعنصر كؿ
موجود.
ٔ -تعميؿ بعضيـ زيادة األلؼ في أوؿ الكممة في نحوَْ :لَ ْْبَ َحنَّو[ النمؿ ،]۲۰ :وقولوَ :وَْل َْو َ
ضعُوا
ِخ ََللَ ُك ْم[ التوبة ،]ٗٚ :قالوا :زيدت األلؼ تنبييًا عمى أف المؤخر أشد في الوجود مف المقدـ عميو
ظا ،فالذبح أشد مف العذاب ،واإليضاع وىو بذؿ الجيد إليقاع التخاذؿ والخوؼ بيف رجاؿ الجيش،
لف ً
إفسادا مف زيادة الخباؿ ،وىو الفساد والضر الذي يؤدي إلى فساد الجيش واختبلؿ نظامو.
ً أشد
الزبَانِيَة[ العمؽ ،]ٔٛ :قالوا :حذفت الواو مف (سندع) ألف فيو سرعة الفعؿ
ٕ -في قولو تعالىَ :سنَ ْدعُ َّ
واجابة الزبانية ،وقوة البطش.
توضيح القاعدة:
ىذه القاعدة ليا تعمؽ بقاعدة" :تحمؿ نصوص الكتاب عمى معيود األمييف في الخطاب".
والمقصود بالقاعدة :أف بعض األلفاظ الواردة في القرآف ذات داللة عمى معنى تعارؼ عميو
أىؿ العصر الذي نزؿ فيو القرآف ،ثـ تعارؼ الناس بعد ذلؾ العصر عمى معنى آخر صار ىو مدلوؿ
تمؾ المفظة ،فبل يسوغ لمواحد مف ىؤالء أو مف غيرىـ أف يحمؿ تمؾ المفظة القرآنية عمى المعنى الذي
ُوجد عند المتأخريف ،وانما تفسر بما كاف متعارفًا لدى الجيؿ األوؿ.
التطبيق:
مف أمثمة ىذه القاعدة :أف لفظة (التأويؿ) معناىا عند السمؼ التفسير ،والعاقبة والمآؿ ،وعند
المتأخريف :صرؼ المفظ مف معناه الراجح إلى معنى مرجوح بقرينة ،فإذا أردنا تفسير ىذه المفظة في
كتاب اهلل فإننا نحمميا عمى معانييا المعروفة لدى السمؼ.
تماما لممعنى
ً وىكذا بعض األلفاظ نحو( :الحكمة) حيث إف معناىا عند السمؼ مغاير
المتعارؼ عند بعض المتأخريف ،فيي عند السمؼ :وضع الشيء في موضعو ،وعند بعض المتأخريف
بمعنى :الفمسفة.
ومف ذلؾ لفظ (المدينة والقرية) ،حيث إنيما في القرآف بمعنى واحد ،بينما تعارؼ المتأخروف
عمى أف المدينة ىي البمدة ذات العمراف الواسع ،فإذا كانت صغيرة فيي القرية ،ومف ذلؾ لفظ
(الصدقة) فيي في لغة القرآف وما تعارؼ عميو السمؼ تشمؿ الزكاة الواجبة وصدقة التطوع ،واشتير
عند بعض المتأخريف إطبلؽ الصدقة عمى ما كاف مف قبيؿ التطوع.
17
القاعدة السادسة:
توضيح القاعدة:
ىذه القاعدة مرتبطة مع قاعدة" :تحمؿ نصوص الكتاب عمى معيود األمييف في الخطاب"،
وقاعدتنا ىذه تُعنى بموضوع أخص مف موضوع القاعدة السابقة ،فالقاعدة تمؾ تدور حوؿ ضرورة
تعامبل يبعد عف التكمؼ ،بتحميؿ النصوص ما ال تحتمؿ ،وتنزيميا عمى طرائؽ
ً التعامؿ مع النصوص
في الفيـ ال عيد لمعرب بيا ،فيحصؿ بسبب ذلؾ الضبلؿ واالنحراؼ.
أما ىذه القاعدة فالمقصود منيا أف يكوف المفسر ذا دراية بأوضاع الكبلـ العربي وخصائصو،
حيث إف العرب تخاطب بالعاـ ُيراد بو ظاىره ،وبالعاـ يراد بو العاـ في وجو والخاص في وجو ،وبالعاـ
ُيراد بو الخاص ،وبالظاىر ُيراد بو غير الظاىر ،وكؿ ذلؾ ُيعرؼ مف أوؿ الكبلـ أو وسطو أو آخره،
كما تسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة والعكس ،إلى غير ذلؾ مما ىو معروؼ في لغتيا(ٔ).
فمف غفؿ عف ذلؾ وأخذ أدلة القرآف عمى مجرد ما يعطيو العقؿ فييا دوف مراعاة أوضاع المغة
زؿ فيمو وجانب الصواب(ٕ).
وخبلصة القوؿ في الفرؽ بيف القاعدتيف :أف القاعدة السابقة تدفع تكمؼ ما ال مدخؿ لو في
فيـ القرآف بحيث ال تكوف الوسائؿ في فيمو أجنبية عف لغتو ،وىذه القاعدة تنعي عمى المقصريف
تقصيرىـ في معرفة أوضاع المغة.
التطبيق:
ِ
ٔ -قاؿ تعالىَ :حتَّى إَِْا بَََّ َغ أَ ُشدَّهُ َوبَََّ َغ أ َْربَع َ
ين َسنَةً[ األحقاؼ.]ٔ٘ :
اختمؼ المفسروف في مبمغ حد األشد مف السنيف ،فقالت طائفة :ىو ثبلث وثبلثوف سنة ،وقاؿ
آخروف :ىو بموغ الحمـ.
(ٔ) ينظر :الرسالة ،الشافعي ،صٕ٘ ،الموافقات ،الشاطبي ،)ٙٙ ،ٙ٘/ٕ( ،االعتصام ،الشاطبي.)ٕٜٗ/ٕ( ،
(ٕ) ينظر :الموافقات ،الشاطبي.)ٙٗ/ٕ( ،
18
قاؿ ابف جرير -رحمو اهلل" :-وقد بينا فيما مضى األشد جمع شد ،وأنو تناىي قوتو و استوائو،
واذا كاف ذلؾ كذلؾ كاف الثبلث والثبلثوف بو أشبو مف الحمـ ،ألف المرء ال يبمغ في حاؿ حممو كماؿ
قواه ونياية شدتو ،فإف العرب إذا ذكرت مثؿ ىذا مف الكبلـ ،فعطفت ببعض عمى بعض جعمت كبل
ِ
وم أَ ْدنَى م ْن ثَُُّثَ ِي ال َّْي ِل َونِ ْ
ص َفو الوقتيف قر ًيبا أحدىما مف صاحبو ،كما قاؿ جؿ ثناؤه :إِ َّن َربَّ َ
ك يَ ْعََّ ُم أَنَّ َ
ك تَ ُق ُ
[المزمؿ ،]ٕٓ :وال تكاد تقوؿ :أنا أعمـ أنؾ تقوـ قر ًيبا مف ساعة مف الميؿ وكمو ...ال شؾ أف نسؽ
األربعيف عمى الثبلث والثبلثيف أحسف وأشبو ،إذ كاف ُيراد بذلؾ تقريب أحدىما مف اآلخر"(ٔ).
ذكر بعض األمور التي ال بد من مراعاتيا عند التفسير بالمغة والنظر في اإلعراب:
-1ال يجوز أن ُيحمل كالم ا﵀ عز وجل عمى مجرد االحتمال النحوي أو المغوي.
فإف ىذا مقاـ غمط فيو أكثر المعربيف لمقرآف؛ فإنيـ يفسروف اآلية ويعربونيا بما يحتممو تركيب
وي فيـ مف ذلؾ التركيب أي معنى اتفؽ ،وىذا غمط عظيـ يقطع السامع بأف مراد القرآف
تمؾ الجممةُ ،
غيره ،واف احتمؿ ذلؾ التركيب ىذا المعنى في سياؽ آخر ،وكبلـ آخر فإنو ال يمزـ أف يحتممو القرآف،
ومثاؿ ذلؾ قوؿ بعضيـ في قراءة مف ق أرَ :و ْاْل َْر َح ِام إِ َّن ال َّوَ َكا َن َعََّْي ُك ْم َرقِيبًا[ النساء :آية ٔ] بالجر ،أنو
ِِ ِ قَسـ ،ومثؿ قوؿ بعضيـ في قولو تعالى :وص ّّد َعن سبِ ِ ِ
يل ال َّو َوُك ْف ٌر بِو َوال َْم ْسجد ال َ
ْح َر ِام[ البقرة،]ٕٔٚ : َ َ ْ َ َ
أف المسجد مجرور بالعطؼ عمى الضمير المجرور في (بو)(ٖ).
ٍ
ومعاف معيودة ال يناسبو تفسيره بغيرىا ،وال يجوز تفسيره بغير ُعرفو رؼ خاص
"بؿ لمقرآف ُع ٌ
والمعيود مف معانيو ،فإف نسبة معانيو إلى المعاني كنسبة ألفاظو إلى األلفاظ ،بؿ أعظـ ،فكما أف
ألفاظو مموؾ األلفاظ وأجميا وأفصحيا ،وليا مف الفصاحة أعمى مراتبيا التي تعجز عنيا قُ َد ُر العالميف،
فكذلؾ معانيو أجؿ المعاني وأعظميا وأفخميا ،فبل يجوز تفسيره بغيرىا مف المعاني التي ال تميؽ بو،
-2ينبغي أن تجتنب التقادير البعيدة والمجازات المعقدة عند تفسير القرآن بالمغة واعرابو.
يب ِم َن ال ُْم ْح ِسنِين[ األعراؼ ،]٘ٙ :ذكر ابف القيـ -رحمو في قولو تعالى :إِ َّن رحم َ ِ
ت ال َّو قَ ِر ٌ َْ َ
اهلل -مسالؾ الناس في إعرابيا ،ومف ذلؾ" :المسمؾ الرابع :أنو مف باب حذؼ الموصوؼ واقامة
الصفة مقامو كأنو قاؿ :إف رحمة اهلل شيء قريب مف المحسنيف ،أو :لطؼ قريب أو بر قريب ...ثـ
ضعفو -رحمو اهلل -مف ثبلثة أوجو ،الثاني منيا ىو قولو ..." :إف الشيء أعـ المعمومات ،فإنو يشمؿ
َّ
فضبل
ً بميغا،
فصيحا ً
ً الواجب والممكف ،فميس في تقديره وال في المفظ بو زيادة فائدة يكوف الكبلـ بيا
شيئا أمر
أصبل ،إذ كونو ً
ً عف أف يكوف بيا في أعمى مراتب الفصاحة والببلغة ...وال يتضمف فائدة
معموـ عاـ ال يدؿ عمى مدح وال ذـ وال كماؿ وال نقصاف"(ٕ).
-3معرفة تصريف المفظة وارجاعيا إلى أصميا يعين في بيان المعنى الراجح من األقوال ورد
المرجوح.
إف فائدة التصريؼ ىي حصوؿ المعاني المختمفة المتشعبة عف معنى واحد ،فقولو تعالى:
َّم َحطَبًا[ الجف ،]ٔ٘ :يعني :الظالموف الجائروف. ِ ِ
َ وأ ََّما الْ َقاسطُو َن فَ َكانُوا ل َج َهن َ
ين[ الحجرات ،]ٜ :فيو بمعنى :العادليف ،وقد أدى ِِ ْسطُوا إِ َّن ال َّوَ يُ ِح ُّ
وأما قولو :وأَق ِ
ب ال ُْم ْقسط َ َ
الجيؿ بيذا الجانب بأقواـ إلى ركوب أغبلط شنيعة في التفسير ،فمف ذلؾ ما زعمو بعضيـ في معنى
اس بِِ َم ِام ِه ْم[ اإلسراء ،]ٚٔ :حيث فسر قولو( :بإماميـ) ،بأنو جمع أُـ ،وأف
قولو :يَ ْو َم نَ ْد ُعو ُك َّل أُنَ ٍ
الناس ُيدعوف يوـ القيامة بأمياتيـ ،مع أف كممة (أُـ) ال تجمع عمى إماـ.
- .4ال يجوز تحريف معاني القرآن من أجل المحافظة عمى قاعدة نحوية.
قاؿ القاسمي" :وقد ُيقدر بعض النحاة ما يقتضيو عمـ النحو ،لكف يمنع منو أدلة شرعية،
فيترؾ ذلؾ التقدير ويقدر آخر يميؽ بالشرع"(ٕ).
- 6ينبغي تجنب األعاريب التي ىي خالف الظاىر والمنافية لنظم الكالم .
حمموا نصوصو ما ال تحتمؿ ،وركبوا
وقد كثر وقوع أىؿ البدع في ىذا األمر ،حيث إنيـ َّ
الصعب مف أجؿ حمؿ نصوص القرآف عمى معاني تؤيد باطميـ ،كما وقع في ذلؾ أقواـ بسبب
التعصب المذىبي ،واليؾ نماذج مف ذلؾ:
وانما حمؿ القائؿ ليذا مذىبو الفقيي الذي يقوؿ :إف ذوي القربي ال يستحقوف الفيء لقرابتيـ
وانما لفقرىـ إف كانوا فقراء(ٕ).
ب -كاف بعض غبلة الصوفية يفسر قولو تعالىَ :م ْن َْا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع[ البقرة ]ٕ٘٘ :بمعنى بعيد كؿ
البعد عف مراد اهلل تعالى ،حيث زعـ ذلؾ القائؿ أف معناه( :مف ذؿ) أي مف الذؿ ،وأف (ذي) مف
يشؼ) المأخوذ مف (يشفع) جواب (مف) مف الشفاء ،وأف قولو:
(الذي) يقصد بيا النفس ،وأف قولوَ ( :
(عُ) المأخوذ مف كممة (يشفع) فعؿ أمر مف الوعي(ٖ).
أيضا لؤلمر
غائبا عنو مما يحس بو إنو رأيو ،وال يقاؿ ً
أمر ًوعميو ،فبل يقاؿ لمف رأى بقمبو ًا
المعقوؿ الذي ال تختمؼ فيو العقوؿ وال تتعارض فيو األمارات إنو رأي ،واف احتاج إلى فكر وتأمؿ
كدقائؽ الحساب ونحوىا"(ٔ).
وتمقيبو بػ"الصائب" ىنا أي مف جية مستنده وخمفيتو ،واف جانب الصواب في الجزئية المعينة،
لكنو طريؽ صحيح ،بؿ ىو مف الفيـ الذي يعطيو اهلل الرجؿ في كتابو.
وىذا النوع مف الرأي قاؿ بو الصحابة والتابعوف وعمموا بو ،وقد قاؿ أبو بكر -رضي اهلل عنو-
في الكبللة ":إني قد رأيت في الكبللة رًأيا فإف كاف صو ًابا فمف اهلل وحده ال شريؾ لو ،واف يؾ خطأً
فمني ومف الشيطاف واهلل منو برئ ،إف الكبللة ما خبل الولد والوالد ،فمما استخمؼ عمر -رحمة اهلل
ومف ذلؾ أف يكوف لمبعض نزعة مذىبية ،أو نِحمة بدعية فيتأوؿ القرآف عمى وفؽ رأيو ومذىبو،
فيموي أعناؽ النصوص ليدلؿ عمى نحمتو ،ومف ذلؾ التجيـ بالرأي عمى تفسير ما ال يدرؾ عممو إال
بنص مف الرسوؿ .
ىذا ولشيخ اإلسبلـ ابف تيمية -رحمو اهلل -كبلـ نفيس يمكف أف يجعؿ ضابطًا ُيعرؼ بو
التفسير المذموـ ،وىذه خبلصتو(ٕ):
ٔ -أف يكوف لممفسر اعتقاد معيف ثـ يحمؿ ألفاظ القرآف عمى معتقده فيذا يكوف قد راعى المعنى
الذي رآه مف غير نظر إلى ما تستحقو ألفاظ القرآف مف الداللة والبياف ،ويكوف ىؤالء عمى أحد
مسمكيف:
أ -تارة يسمبوف لفظ القرآف ما دؿ عميو وأريد بو.
وىذا يكثر وقوعو في بعض الطوائؼ كالرافضة والقدرية والجيمية والخوارج والباطنية.
ٕ -ما زعمو بعض الرافضة مف أف المراد بػ(البقرة) في قولو تعالى :إِ َّن ال َّوَ يَأ ُْم ُرُك ْم أَ ْن تَ ْذبَ ُحوا بَ َق َرة
[البقرة ،]ٙٚ :عائشة.
ٍ
بمعاف صحيحة في وىؤالء مثؿ كثير مف الصوفية والوعاظ والفقياء حيث يفسروف القرآف
بعض األحياف ،لكف الموضع المذكور ال يدؿ عمييا.
25
قالوا :فأحواؿ الثبلثة عند اهلل مختمفة ،وال يخفى أف اآلية ال تمت إلى ما ذكروا بصمة البتة.
ٕ -قوـ فسروا القرآف بمجرد ما يسوغ أف يريده بكبلمو مف كاف مف الناطقيف بمغة العرب ،مف غير
نظر إلى المتكمـ بالقرآف والمنزؿ عميو والمخاطب بو ،وأسباب النزوؿ ومبلبساتو ..وما إلى ذلؾ مف
األمور الضرورية لممفسر ،فيؤالء نظروا إلى مجرد األلفاظ وما يجوز عندىـ أف يريد بو العربي ،مف
غير نظر إلى ما يصمح لممتكمـ بو ،وسياؽ الكبلـ.
مثاؿ عمى ما ُن ِظر فيو إلى المفظ مع إغفاؿ داللة السياؽ وأسباب النزوؿ قولو تعالى َ :ويُنَ ّْز ُل
ت بِ ِو ْاْلَقْ َد َام[ األنفاؿ: ان َولِيَ ْربِ َ
الشيطَ ِ ِِ ِ ِ عََّي ُكم ِمن َّ ِ
ط َعََّى قَُُّوبِ ُك ْم َويُثَبّْ َ ب َع ْن ُك ْم ِر ْج َز َّ ْ
الس َماء َماءً ليُطَ ّْه َرُك ْم بو َويُ ْذى َ َْ ْ َ
ٔٔ].
قاؿ ابف جرير -رحمو اهلل" :-وقد زعـ بعض أىؿ العمـ بالغريب مف أىؿ البصرة أف مجاز
قولو( :ويثبت بو األقداـ) ،ويفرغ عمييـ الصبر وينزلو عمييـ فيثبتوف لعدوىـ ،قاؿ ابف جرير :وذلؾ
قوؿ خبلؼ لقوؿ جميع أىؿ التأويؿ مف الصحابة والتابعيف ،وحسب قوؿ خطأً أف يكوف خبلفًا لقوؿ
مف ذكرنا ،وقد بينا أقواليـ فيو ،وأف معناه :ويثبت أقداـ المؤمنيف بتمبيد المطر الرمؿ حتى ال تسوخ فيو
أقداميـ ،وحوافر دوابيـ"(ٔ).