الرماح

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 663

‫رماح حزب الرحٌم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬

‫تألٌف‬
‫الشٌخ اإلمام سٌدي‬
‫عمر بن سعٌد الفوتً‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬


‫فهرس كتاب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪2‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مق ٌدمة‪ُ :‬ب ذكر بعض األمور الٍب تزيد ُب اإلٲباف‪.‬‬
‫األكؿ‪.‬‬
‫فصوؿ ا‪١‬بزء ٌ‬
‫كالذب عنهم‪ ،‬كنصرىم على من ينتقصهم‪ ،‬كيريد شينهم‬
‫ٌ‬ ‫‪ُ.1‬ب إعبلمهم أف اإلجابة عن أىل هللا‬
‫ابإلنكار عليهم كعلى من ينتسب إليهم‪ ،‬كاجب على كل عآب متدين‪ ،‬كأ ٌف لو فيو أجرا عظيما‪،‬‬
‫يرد إالٌ من أراد هللا أف يطفئ نوره‪ ،‬كيعدـ النفع بعلمو كٗبؤلفاتو إف كاف من أىل التأليف‬
‫كأنو ال ٌ‬
‫لسوء أدبو‬
‫‪ُ.2‬ب ترغيب اإلخواف ُب اإلنتساب إٔب أكلياء هللا‪ ،‬كالتعلق هبم كٗبحبتهم كخدمتهم ك‪٫‬بوٮبا‪.‬‬
‫‪ُ.3‬ب إعبلمهم أف اإلعتقاد ُب أىل هللا‪ ،‬كتصديق ما يربز منهم من العلوـ كا‪٤‬بعارؼ‪ ،‬كالتسليم‬
‫‪٥‬بم ك‪٧‬ببتهم ًكاليىة‪.‬‬
‫‪ُ.4‬ب بياف بعض ا‪٢‬بجب الٍب ‪ٛ‬بنع الناس عن معرفة أكليائو ليتنبو ‪٥‬با العاقل فيخرقها كلها‪،‬‬
‫كيصل إٔب معرفتهم‪ ،‬كٗبعرفتهم يصل إليهم‪ ،‬كابلوصوؿ إليهم يصل إٔب هللا‪ ،‬كىو غاية ا‪٤‬بطلوب‪.‬‬
‫لو القلب‪ ،‬كال يتحقق‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ُ.5‬ب إعبلمهم أف زىد الكمل ليس ىو ٖبيليٌو اليدين من الدنيا‪ ،‬كإ٭با ىو ٖب ٌ‬
‫‪٥‬بم كماؿ ا‪٤‬بقاـ إالٌ بزىدىم فيها ُب أيديهم‪ ،‬ك‪ٙ‬بت تصريفهم‪ ،‬من غّب حائل ٰبوؿ بينهم كبينو‪.‬‬
‫كإعبلمهم أف إيثار الزىد مع خلو اليد رٗبا يكوف لعلة الفقد‪ ،‬أك الضعف كالعجز عن الطلب‪،‬‬
‫كأف من شرط الداعي إٔب هللا تعأب أف ال يكوف متجردا عن الدنيا ابلكلية‪ ،‬كأف من ال كسب لو‬
‫كالناس ينفقوف عليو فهو من جنس النساء‪ ،‬كليس لو ُب الرجولية نصيب‪.‬‬
‫‪ُ.6‬ب ‪ٙ‬بذيرىم كتنفّبىم عن اإلنكار على كاحد من سادتنا األكلياء كمعاداهتم‪ ،‬كاإلعبلـ أبنو ىو‬
‫عْب ا‪٥‬ببلؾ ُب الدنيا كالعقىب‪.‬‬
‫‪ُ.7‬ب ‪ٙ‬بذيرىم من اإلنكار على الناس إنكار ا‪٢‬براـ ُب األمور الٍب اختلف العلماء ُب حكمها‪.‬‬

‫‪ُ.8‬ب إعبلمهم أف هللا تعأب ٓب يوجب على أحد التزاـ مذىب معْب من مذاىب اجملتهدين‪ ،‬كأف‬
‫تربأ من ادعاء كجوب اتباعو ىو‬
‫كل كاحد من أئمة ىذه األمة رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب ٌ‬
‫كحده ُب كل مسألة من مسائل الدين دكف غّبه من األئمة‪ ،‬لعلمهم أبف اإلتباع العاـ ال ٯبب إالٌ‬
‫للمعصوـ‪.‬‬
‫‪ُ.9‬ب إعبلمهم أف اإلنكار ال ٯبوز على ا‪٢‬بقيقة إال ‪٤‬بن أحاط بعلم الشريعة‪ ،‬كفائدة إعبلمهم بو‬
‫أف ٰبَبزكا على اإلنكار العاـ‪ ،‬كيقتصركا على ما صرح الكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع األمة بو إٯبااب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪3‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ك‪ٙ‬برٲبا‪.‬‬
‫‪ُ.11‬ب إعبلمهم أف الؤب ا‪٤‬بفتوح عليو ال يتقيد ٗبذىب معْب من مذاىب اجملتهدين‪ ،‬بل يدكر‬
‫مع ا‪٢‬بق عند هللا تعأب أينما دار‪.‬‬
‫‪ُ.11‬ب إعبلمهم أف العلماء متٌفقوف على ا‪٢‬بث على ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ إبتقاء مواضعو‪.‬‬
‫‪ُ.12‬ب إعبلمهم أنو ٯبب على كل عاقل يريد ‪ٚ‬بليص نفسو من الرذائل النفسانية كالشيطانية‬
‫الردية عاجبل كآجبل‪ ،‬طلب شيخ مرشد‪ ،‬متبحر ُب العلوـ‪ ،‬عارؼ ابلعيوب كالعلل‪ ،‬انصح‪،‬‬
‫فيلقي إليو القياد‪ ،‬يتبع أكامره كال ٱبالفو ُب شيء ما‪.‬‬
‫‪ُ.13‬ب إعبلمهم أنو ال يصل السالك الناسك إٔب حضرة هللا تعأب‪ ،‬كحضرات صفاتو كأ‪٠‬بائو‪،‬‬
‫كلو ‪ٝ‬بع علوـ األكلْب‪ ،‬كصحب طوائف الناس‪ ،‬كعبد عبادة الثقلْب‪ ،‬إال على يى ىد ٍم أصحاب‬
‫اإلذف ا‪٣‬باص‪.‬‬
‫‪ُ.14‬ب إعبلمهم أنو ٯبب على كل من تعلق بو التبلميذ كا‪٤‬بريدكف لطلب الَببية كاإلرشاد‬
‫كالتعلم‪ ،‬إذا ىم ٌن هللا عليو بوجود من ىو أعلم كأكمل منو‪ ،‬أف ينسلخ عنو كيتبع ػ ىو كىم ػ ذلك‬
‫األعلم كاألكمل‪.‬‬
‫‪ُ.15‬ب إعبلمهم أف ا‪٤‬بريد إذا تص ٌدرللمشيخة‪ ،‬كأراد أف يكوف لو مريد قبل ‪ٟ‬بود بشريتو كفطامو‬
‫على يد شيخ‪ ،‬فإنو ‪٧‬بجوب ‪٧‬بب للرايسة ٓب ٯبيء منو شيء‪.‬‬
‫‪ُ.16‬ب إعبلمهم أف أكؿ قدـ يضعو ا‪٤‬بريد على ىذه الطريق الصدؽ‪.‬‬

‫الوٕب ال ييعرؼ‪ ،‬كال ييصحب‪ ،‬كال يٰبب‪ ،‬كال يٱبدـ إالٌ هللا‪ ،‬كمن كاف كذلك‬
‫‪ُ.17‬ب إعبلمهم أف ٌ‬
‫كمن ال‪ ،‬فىبلى‪ ،‬كلو صحبو أعواما كدىورا‪ ،‬كلو كاف قطبا‪ ،‬بل‬
‫انتفع بو دنيا كأخرل كلو بعد حْب‪ ،‬ى‬
‫عطبو أقرب إليو من شراؾ نعلو‪.‬‬
‫‪ُ.18‬ب إعبلمهم أف الشيخ ُب قومو كالنيب ُب أمتو‪ ،‬كأف مبايعتو كمبايعة النيب ملسو هيلع هللا ىلص لكونو انئبا عن‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫‪ُ.19‬ب ‪ٙ‬بذيرىم من ‪٨‬بالفة الشيخ بعدـ امتثاؿ أكامره حاضرا كاف أك غائبا‪ ،‬كاإلعَباض عليو سرا‬
‫كجهرا‪.‬‬
‫‪ُ.21‬ب ‪ٙ‬بذيرىم من قصد الكشوفات الكونية كالكرامات العيانية‪ ،‬كإعبلمهم أف طريقتنا ىذه‬
‫طريقة شكر ك‪٧‬ببة‪ ،‬كأىلها ال يشتغلوف ابلتشوؽ إٔب كل ما يشغل عن هللا‪ ،‬كال يلتفتوف إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪4‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الكشوفات الكونية‪ .‬فؤلجل كوهنم ‪٧‬ببوبْب ال ٰبصل ‪٥‬بم شيء منها إالٌ اندرا‪ ،‬بل احملبوبوف منهم‬
‫ال ٰبصل ‪٥‬بم شيء من ذلك لئبل يركنوا إليو فيجد الشيطاف سبيبل إٔب إغوائهم كإضبل‪٥‬بم‪ ،‬يً‬
‫فّبيهم‬
‫كأض ٌل‪ ،‬كىلك‬
‫ض ٌل ى‬
‫من األابطيل ما يكوف استدراجا ‪٥‬بم كما يقع لكثّب ‪٩‬بن ركن إٔب ذلك فى ى‬
‫كأىلك‪ ،‬نعوذ ابهلل من ا‪٣‬بسراف‪.‬‬
‫حٌب إذا أراد هللا تعأب أف يفتح عليهم بفضلو‪ ،‬يفتح على شخص من غّب شعور منو فتحا ٰبصل‬
‫بو على سعادة الدارين‪ ،‬جعلنا هللا منهم بفضلو‪ ،‬آمْب‪.‬‬
‫‪ُ.21‬ب ‪ٙ‬بذيرىم من اإلشتغاؿ ابلوقائع‪ ،‬كالركوف إليها‪ ،‬كالتشوؽ إٔب حصو‪٥‬با‪ ،‬كإعبلمهم أبف‬
‫أبقل مرتبة ‪٩‬بن رأل كيرل‪ ،‬بل أفضل‪.‬‬
‫ا‪٤‬بريد الذم ٓب ير شيئا‪ ،‬كٓب ير ُب كاقعو‪ ،‬ليس ٌ‬
‫‪ُ.22‬ب إعبلمهم أبنو ال بد لكل مريد صادؽ أف يقتصر على قدكة كاحدة ك‪ ،‬ال يلتجئ إٔب‬
‫غّبه‪ ،‬كال يزكر كاحدا من األكلياء األحياء كاألموات‪.‬‬
‫‪ُ.23‬ب إعبلمهم أبف الوالد ا‪٤‬بعنوم ػ الذم ىو الشيخ ػ أرفع رتبة‪ ،‬كأكٔب ابلرب كالتوقّب‪ ،‬كأحق‬
‫ا‪٢‬بسي‪.‬‬
‫رعاية‪ ،‬كآكد دراية‪ ،‬كأقرب حسبا‪ ،‬كأكصل سببا‪ ،‬من الوالد ٌ‬
‫‪ُ.24‬ب بياف فضل الذكر مطلقا كفوائده‪ ،‬كا‪٢‬بث عليو كالَبغيب فيو‪ ،‬من تىػ ىع ُّر و‬
‫ض لئلجتماع لو‪،‬‬
‫كا‪١‬بهر بو‪ ،‬كغّبه‪.‬‬

‫ا‪٢‬بض عليو‪ ،‬كاإلعبلـ أبنو ‪٩‬با ينبغي التمسك‬


‫‪ُ.25‬ب الَبغيب ُب اإلجتماع للذكر‪ ،‬كا‪١‬بهر بو‪ ،‬ك ٌ‬
‫بو لفضلو‪ ،‬كالرد على من ينكر على الذاكرين ‪ٝ‬باعة ‪١‬بهلو ابلكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع األمة‪.‬‬
‫‪ُ.26‬ب ذكر أصل تلقْب األذكار‪.‬‬
‫‪ُ.27‬ب إعبلمهم أف الذكر ا‪٤‬بعترب عند أىل هللا تعأب‪ ،‬الذم يكوف بو الفتح كالوصوؿ إٔب هللا‬
‫تعأب‪ ،‬ىو ا‪٤‬بأخوذ ابإلذف كالتلقْب من شيخ كاصل تتصل صحبتو كطريقتو اب‪٢‬بضرة النبوية‪ ،‬ال ما‬
‫أيخذه اإلنساف بنفسو‪.‬‬
‫‪ُ.28‬ب ذكر سندان ُب ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية التجانية‪.‬‬
‫أب٘ب خليفة من خلفاء الشيخ هنع هللا يضر‬
‫صرح ٕب مشافهة ٌ‬
‫‪ُ.29‬ب إعبلمهم أ ٌف سيدم دمحم الغإب هنع هللا يضر ٌ‬
‫كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬من ا‪٤‬بق ٌدمْب‪.‬‬
‫علي ٗبعرفة ا‪٠‬بو العظيم األعظم الكبّب للتحدث ابلنعمة‪.‬‬
‫‪ُ.31‬ب إعبلمهم أبف هللا تعأب ىم َّن َّ‬
‫‪ُ.31‬ب إعبلمهم أ ٌف األكلياء يركف النيب ملسو هيلع هللا ىلص يقظة‪ ،‬كأنو ملسو هيلع هللا ىلص ٰبضر كل ‪٦‬بلس أك مكاف أراد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪5‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٔبسده كركحو‪ ،‬كأنو يتصرؼ كيسّب حيث شاء ُب أقطار األرض كُب ا‪٤‬بلكوت كىو هبيئتو الٍب‬
‫كاف عليها قبل كفاتو ٓب يتبدؿ منو شيء‪ ،‬كأنو مغيب عن األبصار كما غيبت ا‪٤‬ببلئكة مع كوهنم‬
‫أحياء أبجسادىم‪ ،‬فإذا أراد هللا أف يراه عبد رفع عنو ا‪٢‬بجاب فّباه على ىيئتو الٍب ىو عليها‪.‬‬
‫‪ُ.32‬ب ذكر شرائط طريقتنا األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية التجانية‪ ،‬كالرد على من ينكر‬
‫شيئا منها‪.‬‬
‫‪ُ.33‬ب بياف األذكار البلزمة ُب الطريقة التجانية‪.‬‬
‫‪ُ.34‬ب ذكر بعض أذكار الطريقة غّب البلزمة الٍب يعطى بعضها ابإلذف كالتقْب للخواص من‬
‫أىل الطريقة دكف العواـ منهم‪ ،‬كبعضها ال يؤذف فيو إال ‪٣‬بواص ا‪٣‬بواص منهم‪.‬‬

‫ا‪٤‬بق ٌدمة‬

‫ُب ذكر بعض األمور الٍب تزيد ُب اإلٲباف‪.‬‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ ُب اإلبريز‪:‬‬

‫ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب القطب عبد العزيز بن مسعود هنع هللا يضر‪ ،‬يع ٌد األمور الٍب تزيد ُب اإلٲباف فقاؿ رضي هللا‬
‫التحرز عن األ ٍىٲباف ا‪٢‬بانثة‪،‬‬
‫تعأب عنو‪ :‬منها زايرة القبور‪ ،‬كمنها الصدقة هلل تعأب خالصة‪ ،‬كمنها ٌ‬
‫غض البصر عن العورات كالنظر إليها‪ ،‬كمنها التغافل عن معاصي الناس‪ ،‬ألف من ينظر ُب‬
‫كمنها ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪6‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫معاصي الناس كيتتبعها قد يبتليو هللا ابلوسواس أبف ينعم هللا على العاصي‪ ،‬كيد‪ٙ‬ب عليو النعمة‪،‬‬
‫كٯبزؿ لو العطية‪ ،‬فيقوؿ الناظر إٔب معصيتو كأف ىذا إ٭با أدرؾ ىذه النعمة ٗبعصيتو‪ ،‬فيوسوس لو‬
‫الشيطاف ُب ا‪٤‬بعصية حٌب يقع فيها‪ ،‬أك‬
‫ىيو ٍس ًو يسو على كجو آخر فيقوؿ كيف أنعم عليو ربو كىو يعصيو كحرمك كأنت تطيعو‪ ،‬ما ىذا‬
‫مقتضى ا‪٢‬بكمة‪ ،‬إٔب غّب ذلك من الوساكس الباطلة أعاذان هللا منها‬
‫قلت‪ :‬كىذا الكبلـ يشّب إٔب اآلفة الٍب ُب ‪٨‬بالطة العصاة الٍب ذكرىا صاحب االبريز حْب سأؿ‬
‫شيخو ا‪٤‬بذكور سابقا عن كبلـ الشيخ ا‪٢‬بطاب‪ ،‬ككبلـ الشيخ ا‪٤‬بواؽ ر‪ٞ‬بهما هللا تعأب‪٤ ،‬بٌا اختلفا‬
‫ُب دخوؿ ا‪٢‬بماـ مع مكشوفْب ال يستَبكف‪ ،‬فقاؿ الشيخ ا‪٢‬بطاب‪ٰ :‬برـ الدخوؿ‪ ،‬كٯبب التيمم‬
‫إف خاؼ من ا‪٤‬باء البارد‪ ،‬كقاؿ الشيخ ا‪٤‬بواؽ‪ :‬يدخل كيستَب كيغض عينو كال حرج عليو‪.‬‬
‫ٍب قاؿ إف شيخو رضي هللا تعأب عنو أجاب‪:‬‬
‫أبف الصواب مع الشيخ ا‪٢‬بطاب‪ ،‬كأما ماذكره الشيخ ا‪٤‬بواؽ ففيو آفة مع فرض التسَب‪٧ ،‬بَبزا‬
‫كفاران من النظر ُب عورة غّبه إٔب النهاية‪ ،‬كىي أف ا‪٤‬بعاصي‪ ،‬ك‪٨‬بالفة أكامر هللا تعأب ال‬
‫إٔب الغاية‪ٌ ،‬‬
‫تكوف إال مع الظبلـ الذم ب ٍيػنىو كبْب جهنم خيوط كاتصاالت‪ ،‬فجعل الظبلـ لو كالسقي من‬
‫جهنم بسببها‪ ،‬كال أحد أعرؼ بذلك من مبلئكة هللا تعأب‪ ،‬فإذا اجتمع قوـ ‪ٙ‬بت سقف ٕبماـ‬
‫عم الظبلـ ذلك ا‪٤‬بوضع فتنفر ا‪٤‬ببلئكة عنو‪،‬‬
‫مثبل على معصية‪ ،‬كظهرت ا‪٤‬بعصية من ‪ٝ‬بيعهم‪ٌ ،‬‬
‫كإذا نفرت جاء الشيطاف كجنوده‬

‫فعمركا ا‪٤‬بوضع‪ ،‬فتصّب أنوار إٲباهنم حينئذ كا‪٤‬بصابيح جاءهتا الرايح العاصفة من كل مكاف‪،‬‬
‫فَبل نورىا مرة يذىب إٔب ىذه ا‪١‬بهة كمرة إٔب ىذه ا‪١‬بهة‪ ،‬كمرة ينعكس إٔب األسفل حٌب تقوؿ‬
‫كاضمحل‪ ،‬ك‪٥‬بذا كانت ا‪٤‬بعاصي بريد الكفر كالعياذ ابهلل‪ .‬فإذا كاف ا‪٢‬بماـ كأىلو على‬
‫ٌ‬ ‫أنو انطفى‬
‫خّبا ديًٌنا فاضبل متحرزا جاء كدخلو كاستَب‪ ،‬فإنو يقع لنور‬
‫ا‪٢‬بالة الٍب كصفنا‪ ،‬كفرضنا رجبل ًٌ‬
‫إٲبانو اضطراب ابلظبلـ الذم كجده ُب ذلك ا‪٢‬بماـ‪ ،‬أل ٌف ذلك الظبلـ ضد لئلٲباف‪ ،‬فتضطرب‬
‫ش ًٌهى إليو النظر‬
‫مبلئكتو لذلك أيضا فتطمع فيو الشياطْب كتصل إليو‪ ،‬كت ى‬
‫يقوكف عليو كىويضعف بْب أيديهم‪ ،‬حٌب‬
‫ُب العورة كتغويو‪ ،‬فبل يزاؿ معهم ُب قتاؿ‪ ،‬ىك يى ٍم ي‬
‫يستحسن الشهوة‪ ،‬كيستلذ النظر للعورة‪ ،‬نسأؿ هللا السبلمة‪ .‬كلو فرضنا ‪ٝ‬باعة يشربوف ا‪٣‬بمر‬
‫كيستلذكف بو‪ ،‬كيظهركف ا‪٤‬بعاصي الٍب تكوف معو كيفحشوف فيها‪ ،‬كال ٰبَبزكف من أحد كال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪7‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٱبشونو‪ٍ ،‬ب فرضنا رجبل جاءىم كُب يده دالئل ا‪٣‬بّبات‪ ،‬فجلس بينهم كجعل يقرؤىا‪ ،‬كطاؿ‬
‫معهم ا‪١‬بلوس‪ ،‬كجلس معهم اليوـ على آخره كىو على قراءتو كىم على معاصيهم‪ ،‬فإنو ال‬
‫يذىب عليو الليل كالنهار حٌب ينقلب إليهم‪ ،‬يرجع من ‪ٝ‬بلتهم‪ ،‬للعلة الٍب ذكرانىا‪.‬‬
‫ك‪٥‬بذا يهنً ىي عن اإلجتماع مع أىل الفسق كالعصياف ألف الدـ كالشهوة فينا كفيهم إال من رحم هللا‬
‫كقليل ماىم ٍب قاؿ‪ :‬كمنها تعظيم العلماء الذين ىم ‪ٞ‬بلة الشريعة رضي هللا تعأب عنهم‪.‬‬
‫كأرغب عنو‪ :‬كلو علم‬
‫ى‬ ‫فتعظيمهم يزيد ُب اإلٲباف جعلنا هللا من الذين يعرفوف قدرىم‪ .‬قاؿ هنع هللا يضر‬
‫ب أىل كل حومة‬
‫ًب ىَ ىاك ى‬
‫العامة قدر العلماء عند هللا عزكجل ما تركوىم ٲبشوف على األرض‪ ،‬كلى ىى‬
‫الع ًآبى الذم فيهم ك‪ٞ‬بلوه على أعناقهم أىػ‪.‬‬
‫ى‬
‫قلت‪ :‬كمنها أمور ذكرىا شيخنا رضي هللا تعأب عنو أف من أراد أف يلْب قلبو فليبلزمها‪ ،‬كإ٭با‬
‫ٍت أهنا تزيد ُب اإلٲباف كوهنا تلْب القلب‪ ،‬كال يلْب القلب إال بزايدة اإلٲباف‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬إ٭با‬
‫قل ي‬
‫ا‪٤‬بومنوف الذين إذا ذكركا هللا كجلت قلوهبم كإذا تليت عليهم آايتو زادهتم إٲباان كعلى رهبم‬
‫يتوكلوف (‪ ،)1‬كىي‪:‬‬
‫كثرة ذكر ا‪٤‬بوت مع التوبة الكاملة‪ ،‬كتقصّب األمل ابستحضار ا‪٤‬بوت عند كل نفس‪ ،‬كمراقبة هللا‬
‫عزكجل عند كل حركة كسكوف ابلقلب كاللساف كاألركاف‪ ،‬كنفي الغضب مطلقا إال أف يتحقق‬
‫هلل عزكجل‪ ،‬كنفي ا‪٢‬بقد على ا‪٤‬بسلمْب مطلقا من عدك كصديق كالنصيحة ‪٥‬بم‪ ،‬كالزىد ُب الدنيا‬
‫كالفرار من ‪ٝ‬بيع كجوه الرايسة ك‪ٝ‬بيع أسباهبا‪ ،‬كترؾ ما ال يعِب من قوؿ كعمل‪ ،‬كدكاـ الصمت‬
‫إالٌ من ذكر هللا عز كجل‪ ،‬ككثرة ا‪٢‬بزف من أمر اآلخرة‪ ،‬كالبعد عن ا‪٤‬بزاح كأىلو‪ ،‬كالبعد عن‬
‫الغيبة كأىلها‪ ،‬كالتحفظ من ‪٦‬بالسة من ال تسلم ‪٦‬بالستو من دقائق الغيبة‪ ،‬كترؾ الفرح اب‪٢‬بظوظ‬
‫العاجلة‪ ،‬كترؾ ا‪٢‬بزف من فقدىا‪ ،‬كاإلنتباه كاليقظة من ًسنى ًة الغفلة بذكر هللا عز كجل كطوؿ‬
‫التفكر ُب ا‪٤‬بوت كالقرب كسائر أىوالو إٔب يوـ القيامة‪ ،‬كطوؿ التفكر ُب يوـ القيامة كضركب‬
‫أىوا‪٥‬با كمواطنها‪ ،‬كالتفكر ُب دركات جهنم كسائر أنواع عذاهبا‪ ،‬كالتفكر ُب ا‪١‬بنة كسائر أنواع‬
‫نعيمها‪ ،‬كالعزلة عن ‪٨‬بالطة الناس ‪ٝ‬بلة كتفصيبل إال من يستعاف بو على أمر الدين كتلقي‬
‫األحكاـ الشرعية‪ ،‬كالتذكّب كالوعظ كالسلوؾ‪ ،‬كعدـ اإلصغاء ‪٢‬بديث الناس كترؾ ‪٦‬بالستهم‪،‬‬
‫كصحبة الصا‪٢‬بْب الذين يعينوف على طريق اآلخرة كٰبضوف عليها‪ ،‬كإالٌ فالعزلة أكٔب إف ٓب‬
‫يوجدكا‪ ،‬كأكل ا‪٢‬ببلؿ بقدر اإلمكاف األعلى فاالعلى‪ ،‬كمبلزمة ا‪١‬بوع كالعطش ابالتوسط‪ ،‬من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪8‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫غّب إفراط كال تفريط‪ ،‬كدكاـ السهر كالتوسط‪ ،‬من غّب إفراط كال تفريط‪ ،‬كترؾ مناكلة الشهوات‬
‫‪ٝ‬بلة كتفصيبل إال أف ٯبب لضركرة ال بد منها‪ ،‬كترؾ حديث القلب ُب كل شيء إال ُب ذكر هللا‬
‫عزكجل‪ ،‬ككثرة ذكر هللا عزكجل‪ ،‬كعداكة النفس بعدـ التعويل عليها‪ ،‬كترؾ السعي ُب حظوظها‬
‫كعدـ اإلنتصار ‪٥‬با كاالنتصاؼ منها‪.‬‬

‫ٍب ذى ىك ىر رضي هللا تعأب عنو ‪ٟ‬بسة أمور‪ ،‬ىم ٍن فىػ ىعلىها يهديو هللا إليو كإٔب طريقو‪ ،‬كال شك أهنا أيضا‬
‫تزيد ُب اإلٲباف‪:‬‬
‫صر و‬
‫اط يم ٍستى ًق ويم ‪o‬‬ ‫ً ً‬ ‫أك‪٥‬با‪ :‬اإلٲباف ابهلل اإلٲباف الكامل‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬كإً َّف َّ ً َّ ً‬
‫آمنيوا إ ىٔب ى‬
‫ين ى‬
‫اَّللى ى‪٥‬بىاد الذ ى‬ ‫ى‬
‫(‪ )2‬كقاؿ‪ :‬كمن يػ ٍؤًمن ًاب ًَّ‬
‫َّلل يىػ ٍه ًد قىػلٍبىوي (‪)3‬‬ ‫ىى ٍ ي ٍ‬
‫اثنيها‪ :‬اإلانبة إٔب هللا عزكجل ابإلقباؿ عليو دكاما‪ ،‬كاإلعراض عن كل ما سواه‪ ،‬قاؿ هللا ‪o‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫تعأب‪ :‬ىكيىػ ٍهدم إًلىٍيو ىم ٍن يين ي‬
‫يب (‪)4‬‬
‫اثلثها‪٦ :‬باىدة النفس على طاعة هللا عزكجل ابجتناب نواىيو كترييضها عن أكصافها حٍب ‪o‬‬
‫اى يدكا‬ ‫َّ ً‬
‫ين ىج ى‬
‫٘بيب إٔب األكصاؼ ا‪٢‬بميدة كإقامتها هلل عزكجل على مايريده‪ ،‬قاؿ هللا عزكجل‪ :‬ىكالذ ى‬
‫َّه ٍم يسبيػلىنىا (‪)5‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فينىا لىنىػ ٍهديىػنػ ي‬
‫رابعها‪ :‬إتباعو ملسو هيلع هللا ىلص ُب كل قوؿ كعمل كحركة كسكوف‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكاتَّبًعيوهي لى ىعلَّ يك ٍم تىػ ٍهتى يدك ىف ‪o‬‬
‫(‪)6‬‬
‫اط ‪o‬‬ ‫صر و‬ ‫َّلل فىػ ىق ٍد يى ًد ً ً‬ ‫صم ًاب ًَّ‬
‫ً‬
‫م إ ىٔب ى‬ ‫ى‬ ‫خامسها‪ :‬اإلعتصاـ ابهلل عزكجل‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىم ٍن يىػ ٍعتى ٍ‬
‫يم ٍستى ًق ويم (‪.)7‬‬
‫ٍب ذكر أمورا ‪ٛ‬بنع أف يكوف للشيطاف سبيل على العبد‪ ،‬فبل شك أهنا أيضا تزيد ُب اإلٲباف‪ ،‬أل ٌف‬
‫يل بينو كبْب الشيطاف يزداد إٲبانو‪ ،‬كىي‪:‬‬ ‫ً‬
‫ىم ٍن ح ى‬
‫كجل عند اإلحساس بشره‪،‬‬ ‫عز ٌ‬ ‫كجل‪ ،‬كاإلخبلص كاإلستعاذة ابهلل ٌ‬ ‫عز ٌ‬ ‫تصحيح العبودية هلل ٌ‬
‫َّ ً‬ ‫ً‬
‫آمنيوا‬
‫ين ى‬ ‫كتصحيح اإلٲباف كالتوكل على هللا عزكجل‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬إنَّوي لىٍي ى‬
‫س لىوي يس ٍلطىا هف ىعلىى الذ ى‬
‫ىك ىعلىى ىرٌهبًً ٍم يىػتىػ ىوَّكليو ىف (‪ ،)8‬كقاؿ تعأب‪ :‬إف عبادم ليس لك عليهم سلطاف (‪ ،)9‬كقاؿ تعأب‪:‬‬
‫اف نىػزغه فىاست ًع ٍذ ًاب ًَّ‬
‫َّلل (‪،)11‬‬ ‫الش ٍيطى ً ٍ ٍ ى‬ ‫َّك ًم ٍن َّ‬
‫ىكإً َّما يىػ ٍنػ ىزغىن ى‬
‫كقاؿ‪ :‬إال عبادؾ منهم ا‪٤‬بخلصْب‪)11( .‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪9‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٍب ذكر رضي هللا تعأب عنو ثبلث أمور ‪٤‬بن أراد احملبة من هللا عزكجل‪ ،‬كال شك أ ٌف ما يوجب‬
‫‪٧‬ببة هللا للعبد يزيد إٲباان‪.‬‬
‫أ َّىكي‪٥‬با‪٧ :‬ببة العبد ربو سبحانو كتعأب‪ ،‬قاؿ‪ :‬يًٰببُّػ يه ٍم ىك يًٰببُّونىوي‪o)12( .‬‬
‫اثنيها‪ :‬إتباعو ملسو هيلع هللا ىلص ُب كل حركة كسكوف‪ ،‬كقوؿ كعمل كحاؿ‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬قي ٍل إً ٍف يك ٍنػتي ٍم يً‪ٙ‬ببُّو ىف ‪o‬‬
‫اَّللى فىاتَّبًعي ًو٘ب يٍٰببًٍب يك ٍم َّ‬
‫اَّللي (‪ )13‬اآلية‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ب‪o‬‬ ‫اَّللي يًٰب ُّ‬
‫اثلثها‪ :‬الطهارة الكاملة من كل ما سول هللا عز كجل ظاىرا ك ابطنا‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬ىك َّ‬
‫ين (‪ )14‬أىػ‪.‬‬ ‫ال يٍمطَّ ًٌه ًر ى‬
‫قلت‪ :‬ك‪ٝ‬بلة ماذكر ىنا من ا‪٣‬بصاؿ الٍب تزيد ُب اإلٲباف ‪ٟ‬بسة ك‪ٟ‬بسوف خصلة‪ ،‬فجاءت ٕبمد‬
‫هللا مطابقة عدد فصوؿ ىذا الكتاب من غّب قصد ًم ٌِب‪ ،‬كإ٭با ىي موافىقة إ‪٥‬بية كهلل ا‪٢‬بمد‪.‬‬

‫تتمة‬
‫من أراد صبلح أعمالو كاستقامتو مع هللا عز كجل فبل يتكلم إال ُب ضركرايتو كما يعنيو‪ ،‬قاؿ‬
‫صلً ٍح لى يك ٍم أى ٍع ىمالى يك ٍم (‪ ،)15‬كاعلم أف‬
‫اَّللى ىكقيوليوا قىػ ٍونال ىس ًدي ندا يي ٍ‬
‫آمنيوا اتَّػ يقوا َّ‬
‫ين ى‬
‫َّ ً‬
‫تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫كالعز من غّب عشّبة‪ً ،‬‬
‫كالغ ىُب من‬ ‫يورث العلم من غّب تعلٌم‪ ،‬كا‪٥‬بدل بغّب ىداية‪ٌ ،‬‬ ‫الزىد ُب الدنيا ٌ‬
‫غّب ماؿ‪ ،‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من أراد هللا أف أيتيو العلم من غّب تعلم كىدل بغّب ىداية فليزىد ُب‬
‫كرثو هللا ثبلث خصاؿ عزا من غّب‬
‫الدنيا"‪ ،‬كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إذا زىد العبد ُب الدنيا ٌ‬
‫عشّبة كغُب من غّب ماؿ كعلما من غّب تعلم‪ ".‬قلت‪ :‬كا‪٣‬بامس من فوائد الزىد ‪٧‬ببة هللا تعأب‬
‫للزاىد‪ ،‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص للذم سألو عن عمل ٰببو هللا عليو كٰببو الناس‪ ،‬فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إزىد ُب الدنيا‬
‫ٰببك هللا كازىد فيما عند الناس ٰببك الناس كمن أراد أف يكوف هللا معو ُب كل شيء فهو ُب‬
‫ين‬ ‫َّ ً‬ ‫ْب (‪ ،)16‬كقاؿ هللا تعأب‪ :‬إً َّف َّ‬ ‫ً‬ ‫ىف َّ‬‫أموره"‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكا ٍعلى يموا أ َّ‬
‫اَّللى ىم ىع الذ ى‬ ‫اَّللى ىم ىع ال يٍمتَّق ى‬
‫الصاب ًر ى‬
‫ين (‬ ‫ين يى ٍم يٍ‪٧‬ب ًسنيو ىف (‪ ،)17‬كقاؿ تعأب‪ :‬إً َّف َّ‬
‫اَّللى ىم ىع َّ ً‬ ‫َّ ً‬
‫اتَّػ ىق ٍوا ىكالذ ى‬
‫‪ )18‬أىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪10‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بج‪ ،‬اآلية ‪.54‬‬
‫‪.2‬سورة ٌ‬
‫‪.3‬سورة التغابن‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.4‬سورة الشورل‪ ،‬اآلية ‪.13‬‬
‫‪.5‬سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية ‪.69‬‬
‫‪.6‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.158‬‬
‫‪.7‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.111‬‬
‫‪.8‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.99‬‬
‫‪.9‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬
‫‪.11‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.211‬‬
‫‪.11‬سورة ص‪ ،‬اآلية ‪.83‬‬
‫‪.12‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪.54‬‬
‫‪.13‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬
‫‪.14‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.118‬‬
‫‪.15‬سورة األحزاب‪ ،‬اآليتاف ‪.71 ،71‬‬
‫‪.16‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.36‬‬
‫‪.17‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.128‬‬
‫‪.18‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.153‬‬

‫األكؿ‬
‫الفصل ٌ‬

‫الذب عنهم‪ ،‬كنصرىم على من يتنقصهم كيريد‬


‫ُب إعبلـ اإلخواف أف اإلجابة عن أىل هللا‪ ،‬ك ٌ‬
‫شينهم ابإلنكار عليهم كعلى من ينتسب إليهم‪ ،‬كاجب على كل عآب متدين‪ ،‬كأف لو فيو أجرا‬
‫عظيما‪ ،‬كأهنم ال يرد عليهم إال من أراد هللا أف يطفئ نوره‪ ،‬كيعدـ النفع بعلمو كٗبؤلفاتو إف كاف‬
‫من أىل التأليف لسوء أدبو‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪11‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أف مقصودان األعظم ُب‬
‫الذب عن أعراض أكلياء هللا كمن انتسب إليهم ‪٩‬بن أراد هللا‬
‫أتليف ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ ٌ‬
‫الرد على من ينكر عليهم ‪٩‬بن أراد هللا شقاكهتم كطردىم كإبعادىم‪ ،‬ألف هللا قد أمران‬
‫إسعادىم‪ ،‬ك ٌ‬
‫بذلك‪ ،‬كأمران بو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫قاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬كتعاكنوا على الرب كالتقول (‪ ،)1‬كال معاكنة على التقول أعظم من نصر‬
‫نص ىرىم فقد نصر هللا كمن نصر هللا ينصره‪ ،‬كمن خذ‪٥‬بم قد خاف‬
‫العلماء العارفْب ابهلل‪ ،‬ألف ىمن ى‬
‫هللا كرسولو‪ ،‬ك‪٥‬بذا ا‪٤‬بعُب قاؿ بعض الفضبلء من أىل هللا تعأب‪:‬‬

‫من ٓب ير العآب ا‪٤‬بقبوال ‪ ...‬اب‪٢‬بق خاف هللا كالرسوال‬


‫إذ نصره من نصره تعأب ‪ ...‬كخذلو يشوش ا‪١‬بهاال‬
‫َّ ً‬
‫ص يره هللا تعأب‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫ين‬ ‫ص ىريىم يىػ ٍن ي‬
‫كإذا كاف نصرىم من نصر هللا‪ ،‬فبل شك من نى ى‬
‫نص يرهي (‪ ،)3‬كقاؿ‪ :‬ىكىكا ىف ىح ِّقا ىعلىٍيػنىا‬ ‫نص ىر َّف َّ‬
‫اَّللي ىم ٍن يى ي‬ ‫نص ٍريك ٍم (‪ ،)2‬كقاؿ‪ :‬ىكلىيى ي‬ ‫اَّللى يى ي‬‫نص يركا َّ‬ ‫آمنيوا إً ٍف تى ي‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫ْب (‪ .)4‬كإذا كاف خذالهنم خيانة هللا كرسولو‪ ،‬فبل شك ُب أنو حراـ‪ ،‬كأنو يكوف‬ ‫ص ير ال يٍم ٍؤمنً ى‬‫نى ٍ‬
‫آمنيوا ىال ى‪ٚ‬بيونيوا َّ‬ ‫َّ ً‬
‫اَّللى‬ ‫ين ى‬‫سببا للطٌرد كالبعد عن ر‪ٞ‬بة هللا دنيا كأخرل‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫وؿ ىكى‪ٚ‬بيونيوا أ ىىم ىاانتً يك ٍم ىكأىنٍػتي ٍم تىػ ٍعلى يمو ىف (‪،)5‬‬‫الر يس ى‬
‫ىك َّ‬
‫َّ ً‬
‫ألنو قد ثبت أف عدـ نصرىم خيانة هللا كالرسوؿ‪ ،‬كقاؿ تعأب‪ :‬إً َّف الذ ى‬
‫ين ييػ ٍؤذيك ىف َّ‬
‫اَّللى ىكىر يسولىوي‬
‫الدنٍػيىا ىك ٍاآل ًخ ىرةً (‪ ،)6‬قاؿ ا‪٤‬بفسركف‪ :‬معناه أف الذين يؤذكف أكلياء هللا‪ ،‬كال شك أف‬ ‫اَّللي ًُب ُّ‬
‫لى ىعنىػ يه ٍم َّ‬
‫اإلنكار كاإلعَباض عليهم إذاية ‪٥‬بم‪.‬‬

‫ذب عن عرض أخيو ُب الغيبة كاف ح ٌقا على هللا أف‬


‫ركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد إبسناد حسن مرفوعا‪" :‬من ٌ‬
‫"من ر ٌد عن عرض أخيو ر ٌد هللا عن كجو النار يوـ‬ ‫يعتقو من النار"‪ ،‬كركل الَبمذم مرفوعا‪ :‬ى‬
‫القيامة"‪ ،‬كُب ركاية "ٍب تبل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ىكىكا ىف ىح ِّقا‬
‫ً‬
‫ْب (‪ ،")7‬كركل أبو داكد كغّبه مرفوعا‪" :‬من ‪ٞ‬بى مؤمنا من منافق آذاه بعث‬ ‫ص ير ال يٍم ٍؤمنً ى‬
‫ىعلىٍيػنىا نى ٍ‬
‫ملكا ٰبمي ‪٢‬بمو يوـ القيامة من انر جهنم"‪ ،‬كركل ابن أيب الدنيا موقوفا‪" :‬من نصر أخاه ا‪٤‬بسلم‬
‫ُب الغيبة نصره هللا ُب الدنيا كاآلخرة"‪ ،‬كركل أبو داكد مرفوعا‪" :‬ما من مسلم ٱبذؿ مسلما ُب‬
‫موضع ينتهك فيو من حرامتو كينتقص فيو من عرضو إالٌ خذلو هللا تعأب ُب موضع ٰبب فيو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪12‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫نصرتو كما من مسلم ينصر مسلما ُب موضع ينتقص فيو من عرضو كينتهك فيو من حرمتو إالٌ‬
‫ٰبب فيو نصرتو"‬
‫نصره هللا تعأب ُب موطن ٌ‬
‫قاؿ الشيخ الشعرا٘ب ُب البحر ا‪٤‬بوركد‪:‬‬
‫أً‬
‫يخ ىذ علينا العهد أف ‪٪‬بيب على أئمة الدين من العلماء كالصوفية جهدان‪ ،‬كال نصغى أبدا لقوؿ‬
‫من طعن فيهم لعلمنا أنو ما طعن فيهم إال كىو قاصرا عن معرفة مداركم‪.‬‬
‫ٍب إف الراد عليهم ال بد أف يطفئ هللا نوره‪ ،‬كيعدـ النفع ٗبؤلفاتو لسوء أدبو مع من جعلهم هللا‬
‫تعأب قدكة لعباده إٔب يوـ القيامة‪.‬‬
‫كقاؿ‪:‬‬
‫كاعلم اي أخي أنو ٓب يبلغنا قط أف أحدا من العلماء العاملْب أنو تصدل للرد عن أحد من أئمة‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬بل ينتخبوف ‪٥‬بم األجوبة ا‪٢‬بسنة جهدىم‪ ،‬كما صنع الشيخ جبلؿ الدين احمللي ُب‬
‫شرحو منهاج اإلماـ النوكم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ ،‬فيجعل كبلـ ا‪٤‬بؤلف على أحسن األحواؿ من غّب‬
‫إظهار لتوريد اإلعَباض عليو كال نع ٌقب‪ ،‬حٌب إ ٌف غالب طلبة العلم ال يشعركف اب‪١‬بواب عن‬
‫النوكم‪ .‬فرضى هللا عن أىل األدب كاإلنصاؼ‬
‫‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪:‬‬

‫ككاف ا‪٢‬بسن البصرم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ إذا بلغك عن شخص أنو أخطأ ُب مسألة فاجتمع بو‪،‬‬
‫كأعرض عليو ذلك ا‪٣‬بطأ‪ ،‬فإف أنكره فصدقو‪ ،‬فبل ٯبوز لك نسبة ذلك إليو بعد ذلك‪ ،‬كإف ٓب‬
‫٘بتمع بو فا‪ٞ‬بل كبلمو على سبعْب ‪٧‬بمبل‪ ،‬فإف ٓب تقتنع نفسك بذلك فارجع إليها ابللوـ كقل ‪٥‬با‬
‫ٰبتمل كبلـ أخيك سبعْب ‪٧‬بمبل كال ‪ٙ‬بمليو على كاحد منها أىػ‪.‬‬
‫قاؿ الشعرا٘ب‪:‬‬
‫فاعلم أنو ال ٯبوز لنا ا‪٢‬بط على كاحد من أقراننا ٗبجرد كبلـ نفسو عنو‪ ،‬بل نَببص كنتثبت‬
‫ك‪٪‬بتمع هبم كنراسلهم‪ ،‬كننظر جواب أمرىم‪ ،‬فإما أف يعَبؼ كإما أف ينكر‪ ،‬فإف اعَبؼ بذلك‬
‫رضي بو العلماء قلنا بو‪ ،‬كإف ٓب يرضوه كأنكركه ‪ٝ‬بلة‪،‬‬
‫عرفنا كجو الصواب الذم أراده‪ ،‬فإف ى‬
‫نظران ُب أمره‪ ،‬فإف رجع عنو ترضينا لرجوعو‪ ،‬كإف صمم على ا‪٣‬بطأ فهنالك ٯبوز لنا إشاعة ذلك‬
‫الكبلـ عنو شفقة منا عليو كعلى من يتبعو‪ ،‬ال بغضا لو كتشفيٌا على كجو العداكة النفسية‪.‬‬
‫عمهم ا‪٢‬بسد ككثرة الضغائن‪،‬‬
‫كىذا األمر قى َّل من يفعلو اآلف من الناس‪ ،‬فإف غالب األقراف قد ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪13‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ال يكادكف أبدا يتثبتوف ُب كبلـ ‪٠‬بعوه عن أحد من أقراهنم كأىل عصرىم‪ ،‬كذلك خوفا منو أف‬
‫يتبْب ذلك الكبلـ كذاب عنو فبل ٰبصل ‪٥‬بم غرضهم من األذل لذلك الشخص‪ ،‬فهذا سبب ترؾ‬
‫تثبتهم‪ .‬كقد صار أكثر ما يسمع اإلنساف هبذا الزماف الكذب من قلة الورع عن ا‪٣‬بوض ُب‬
‫أعراض الناس أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‬

‫كىذه طريقة ا‪٤‬بنكرين كعادهتم‪ ،‬ال ٘بد معهم إال التقصّب التاـ‪ .‬كقد كقع لبعض أكابر الفقهاء‬
‫من أشياخنا رضي هللا تعأب عنهم كبلـ معي ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪ ،‬قاؿ ٕب يوما‪ :‬اي فبلف إ٘ب أردت‬
‫نصيحتك حملبٍب فيك‪ ،‬ك‪ٛ‬باـ مودٌب إليك‪ ،‬فقلت‪ :‬اي سيدم حبا ككرامة كعلى الرأس كالعْب‪،‬‬
‫فقاؿ ٕب‪ :‬الناس كلهم على طرؼ كأنت كحدؾ على طرؼ‪ُ ،‬ب رجل علمت كشفو ككاليتو‪،‬‬
‫الناس فيو على اإلنتقاد كأنت فيو على اإلعتقاد‪ ،‬كمن احملاؿ أف تكوف كحدؾ على ا‪٢‬بق‪ ،‬ذى ىك ىر‬
‫كبلمان ًم ٍن ىذا ا‪٤‬بعُب ىذه زبدتو‪ ،‬فقلت‪ :‬اي سيدم من ‪ٛ‬باـ نصيحتك ٕب أف ٘بيبِب عما أذكره‬
‫لك‪ ،‬فإف أجبتِب عنو ‪ٛ‬بت النصيحة ككاف أجرؾ على هللا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أذكر ما شئت‪ ،‬فقلت‪ :‬اي‬
‫سيدم ألقيتم الرجل ك‪٠‬بعتم كبلمو كتباحثتم معو ُب أمر من األمور حٌب ظهر لكم ما عليو الناس‬
‫فيو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ما لقيتو قط كال رأيتو أصبل‪ ،‬فقلت لو‪ ،‬كقد طرحت ا‪٢‬بياء كا‪٢‬بشمة ‪٤‬با بيِب كبينو من‬
‫األلفة كا‪٤‬بودة‪ :‬اي سيدم ما ظهر ٕب فيكم إال أنكم عكستم الصواب‪ ،‬كطلبتم اليقْب ُب ابطن ال‬
‫ٲبكن فيو اليقْب‪ ،‬كاكتفيتم ُب ابب اليقْب ابلظن‪ ،‬بل ابلشك‪ ،‬بل ابإلفك كالباطل‪ ،‬فقاؿ ٕب‪:‬‬
‫فسر ٕب مرادؾ هبذا الكبلـ‪ ،‬فقلت‪ :‬إنكم إذا أخذًب ُب تدريس الفقو‪ ،‬كنقل‬
‫ٌ‬
‫لكم كبلـ على ا‪٤‬بدكنة أك تبصرة اللخمي أك بياف ابن رشد أك جواىر ابن شاس ك‪٫‬بوىا من‬
‫دكاكين الفقو‪ ،‬كأمكنتكم مراجعة ىذه األصوؿ‪ ،‬فإنكم ال تثقوف بنقل الواسطة حٌب تنظركىا‬
‫أبنفسكم كلو كانت الواسطة مثل ابن مرزكؽ كا‪٢‬بطاب كصاحب التوضيح ك‪٫‬بوىم‪ ،‬فهذا ابب‬
‫الظن‪ ،‬ككأنكم طلبتم فيو اليقْب حيث ٓب تكتفوا فيو بنقل العدكؿ الثقات األثبات حٌب ابشرًب‬
‫األمر أبنفسكم‪ ،‬كال ٲبكنكم اليقْب فيو أبدا كإ٭با عارضتم ظن أقول بظن أضعف منو‪ ،‬فإ ٌف نقل‬
‫الواسطة السابقة أقرب منا إليهم إٔب الصواب من جهة قرب زماهنا إٔب مؤلف الكتب السابقة‬

‫فإهنم أقرب إليهم منا ببل ريب‪ ،‬كمن جهة أف النسخ الٍب عند الواسطة من ىذه األصوؿ مركية‬
‫بطريق من طرؽ الركاايت‪ ،‬كأما ‪٫‬بن فبل ركاة عندان فيها كال نسخ صحيحة منها‪ ،‬فمن ا‪١‬بائز أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪14‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تكوف نسختكم منها زادت أك نقصت‪ ،‬فبأم يقْب ترد نقل ا‪٢‬بطاب عنها مع كجود ىذين‬
‫األمرين فيو كفقدٮبا فيك‪ .‬كأما أنكم اكتفيتم ابلظن ُب ابب اليقْب الذم ٲبكن فيو فإف ىذا‬
‫حي حاضر معك ُب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬ليس بينك كبينو مسافة‪،‬‬
‫الرجل الذم بلغك عنو ما بلغ موجود ٌ‬
‫كمعرفتو سعادة ال شقاكة بعدىا إف كفق هللا حملبتو كإلقاء القياد إليو‪ ،‬كقد أمكنك الوصوؿ إليو‬
‫حٌب تعتقد فتسعد كتربح‪ ،‬أك تنتقد فَبجع كٰبصل لك اليقْب أبحد األمرين‪ ،‬كتزكؿ ظلمة الشك‬
‫من قلبك‪ٍ .‬ب إنك قنعت ُب ىذا األمر الرابح كا‪٣‬بّب الراجح الذم نفعو ‪٧‬بقق كصاحبو موفق‬
‫بنقل الفسقة كالكذبة‪،‬ككاف من عادتك أنك ال تقنع ُب ابب الظن كالنفع القليل بنقل الثقات‬
‫األثبات حٌب تباشر األمر بنفسك‪ ،‬فهبلٌ جريت على ذلك ُب ىذا الباب الذم ىو ابب اليقْب‬
‫كالنفع الذم ىو سعادة ‪٧‬بضة‪ ،‬أليس ىذا منكم رضي هللا تعأب عنكم عكسا للصواب‪.‬‬
‫علي‬
‫فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قطعتِب اب‪٢‬بجة‪ ،‬كهللا ما ٲبكننا ا‪١‬بواب عن ىذا أبدا‪ ،‬كاشهد ٌ‬
‫أب٘ب اتئب إٔب هللا‪ٍ .‬ب قاؿ الشيخ هنع هللا يضر ػ سيدم أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ا‪٤‬بذكور ػ‪ :‬إف كاف كال ب ٌد لكم من‬
‫التقليد فقلدك٘ب ألمرين‪ ،‬أحدٮبا أنك تعلم بصّبٌب ُب األشياء‪ ،‬اثنيهما أنك تعلم أ٘ب خالطت‬
‫الرجل ا‪٤‬بذكور سنْب كثّبة حٌب علمت منو ما ٓب يعلمو غّبم‪ ،‬كأما ىؤالء الكذبة الفسقة‬
‫فأكثرىم ٓب يقلد مثلكم‪ ،‬كإ٭با اعتمادىم على التسامع الذم ال أصل لو‪ ،‬كسببو ا‪٢‬برماف‬
‫كا‪٣‬بذالف‪ ،‬فنسأؿ هللا تعأب التوفيق ٗبنو كفضلو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فما تقوؿ‬

‫شيئا آخر‪ٍ ،‬ب لقيِب فقيو آخر من أشياخ الفقيو اا‪٤‬بتقدـ‪ ،‬فقاؿ ٕب‪ :‬ذكر ٕب فبلف عنكم حجة‬
‫قاطعة لكل منازع‪ٍ ،‬ب التفت إٔب الفقيو ا‪٤‬بذكور فقاؿ‪ :‬أٓب ‪ٚ‬برب٘ب أف فبلان قاؿ لك كيت ككيت‪،‬‬
‫فقاؿ‪ :‬نعم‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬هبذا الكبلـ قطعت ظهران‬
‫ٍب قاؿ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪:‬‬
‫كىذاف الفقيهاف ٮبا رأس الطبقة من أىل العصر‪ٕ ،‬بيث أنو ال ٯباريهما أحد ُب كقتهما‪ ،‬كأما من‬
‫دكهنما من أىل اإلنكار فأكثرىم يعتمدكف على التسامع الذم ال أصل لو كما سبق‪ ،‬كأكيسهم‬
‫الذم يعتمد ُب إنكاره على قولو‪ :‬كنا نعرؼ سيدم فبلان كٓب يكن كهذا‪ ،‬يعِب أف الرجل ا‪٤‬بنكر‬
‫عليو‬
‫ليس كسيدم فبلف‪ ،‬كٓب يدر أف الزىر ألواف‪ ،‬كالنخل صنواف تسقى ٗباء كاحد كنفضل بعضها‬
‫على بعض ُب األكل إف ُب ذلك آلايت لقوـ يعقلوف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪15‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٍب قاؿ‪:‬‬
‫كقد دخلت مع الشيخ رضي هللا تعأب عنو إٔب بستاف ُب فصل الربيع‪ ،‬فنظر إٔب اختبلؼ أزىاره‬
‫إٕب كقاؿ‪ :‬من أراد أف يعرؼ اختبلؼ األكلياء كتباينهم ُب ا‪٤‬بقامات‬
‫كأنواره ساعة ٍب رفع رأسو ٌ‬
‫كاألحواؿ‪ ،‬مع كوهنم على ىدل كصواب كحبلكهتم ُب قلوب الناس‪ ،‬فلينظر إٔب اختبلؼ ىذه‬
‫األنوار كاألزىار مع حبلكهتا ُب القلوب‪ ،‬فإف كاف قولو أف سيدم فبلان الذم عرفناه ٓب يكن‬
‫كهذا حصر الر‪ٞ‬بة من هللا ُب‬
‫الوٕب الذم عرفو فقد حجر كاسعا‪ ،‬ك‪٤‬با قاؿ األعرايب الذم ابؿ ُب ا‪٤‬بسجد اللهم ار‪ٞ‬بِب كارحم‬
‫دمحما كال ترحم معنا أحدا‪ ،‬قاؿ لو ملسو هيلع هللا ىلص لقد حجرت كاسعا‪ ،‬كإف كاف قولو ذلك ظنا منو أف كل‬
‫مرحوـ ال يكوف اال مثل الذم عرفو‪ ،‬لقد سبق أهنم رضي هللا تعأب عنهم على أصناؼ شٌب‪،‬‬
‫كأيضا فهو مشَبؾ اإللزاـ فإف ىذا اإلعَباض الزـ ُب الوٕب الذم عرفو‪ ،‬فإنو ٓب يكن مثل الوٕب‬
‫الذم كاف قبلو‪ ،‬فإف اعَبض على الثالث أبنو ليس مثل الثا٘ب‪ ،‬إعَبض على الثا٘ب أبنو ليس مثل‬
‫األكؿ‬
‫ٍب قاؿ‪:‬‬

‫كإ٭با أطلت ُب ىذا الباب‪ ،‬كذكرت ىذه ا‪٤‬بناظرات الٍب كقعت لنا من الفقها ء رضي هللا تعأب‬
‫عنهم‪ ،‬حرصا على كصوؿ ا‪٣‬بّب إٔب طائفة الفقهاء كطلبة العلم‪ ،‬ك‪٧‬ببٍب فيهم كنصحي ‪٥‬بم‪ ،‬فإهنم‬
‫أقبلوا ابإلنكار على السادة األبرار األخيار األطهار‪ُ ،‬ب سائر القركف كاألعصار‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬بيع‬
‫البوادم كالقرل كاألمصار‪ ،‬كإنكارىم الٱبرج عن ىذا الذم ذكرانه ُب ىذا الباب‪ ،‬فمن كاف‬
‫منهم منصفا‪ ،‬كأتمل ما سطرانه فيو‪ ،‬رجع كظهر لو كالح كجو الصواب‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫ككثّبا ما كنت أتعرض ‪٤‬بناظرة الفقهاء ‪٥‬بذا الباب ظنٌان مُب أهنم يعتمدكف ُب إنكارىم على أمور‬
‫صحيحة‪ ،‬فلما اختربهتم كجدت األمر على ما كصفتو لك كهللا ا‪٥‬بادم الصواب‬
‫ٍب قاؿ الشيخ الشعرا٘ب ُب البحر ا‪٤‬بوركد‪:‬‬
‫كاعلم أنو قد يضع العآب ُب مؤلفو شيئا‪ ،‬أك يقرره ُب تدريسو‪ٍ ،‬ب يرجع عنو بعد ذلك أك ُب‬
‫اجمللس‪ ،‬فبل ينبغي ‪٤‬بتدين نسبتو إليو حٌب يراجعو فيو كينظر ما عنده ذلك الوقت من العلم‪ ،‬كقد‬
‫عمل ُب ىذا الباب خلق كثّب فأشاعوا عن بعض ا‪٤‬بؤلفْب أشياء رجعوا عنها‪ ،‬كحرفوا عليهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪16‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أشياء يىم متربؤف منها‪ ،‬كقد كقع ٕب ذلك ُب عدة‬
‫ى‬
‫كأ٘ب ال أعلم كال أشعر هبا‬
‫من ا‪٤‬بسائل‪ ،‬كدارت ُب مصر مدة‪ ،‬كمر العمل هبا ٌ‬
‫‪ .‬كقاؿ ُب شهية السماع‪:‬‬
‫كمنو ػ أم كمن األدب الذم ٰبصل للمتصف بو ‪ٝ‬بيع خصاؿ ا‪٣‬بّب ػ الفرار من تضعيف أقواؿ‬
‫األئمة ٗببادئ الرأم أىػ‬
‫كقاؿ ُب كشف القناع‪:‬‬
‫علي ا‪٣‬بواص من كماؿ الفقّب أف ٰبمل‬
‫كذلك ‪٤‬با فيو من سوء األدب معهم‪ ،‬كمن كبلـ سيدم ٌ‬
‫كبلـ األكابر على أحسن احملامل ‪٣‬بركجهم عن مقاـ التلبيس كالرعوانت النفسانية‪ ،‬كإف عجز‬
‫عن ا‪١‬بواب عنهم ُب قوؿ قالوه أك فعل فعلوه فليسلم ‪٥‬بم كلي يكف عن اإلنكار‪ ،‬ألف منازعهم‬
‫دقيقة على أمثالنا‪ ،‬ال سيما األئمة‬

‫مقلديهم‪.‬كأٗب ألمثالنا أف يتصدل لرد كبلمهم‪ .‬كطلب ‪ٝ‬باعة من الشيخ أيب‬


‫َّ‬ ‫اجملتهدين ككرباء‬
‫ا‪٤‬بواىب الشاذٕب أف يقرؤكا عليو ُب الفقو على مذىب الشافعي فأجاهبم‪ .‬ككاف يرل النيب صلى‬
‫هللا عليو كسلم كثّبا فحجب عن ذلك‪ ،‬فلما رآه ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬ايرسوؿ هللا ماذنيب‪ ،‬قاؿ‪ :‬قراءتك ُب‬
‫الفقو‪ ،‬قاؿ‪ :‬أليس ىو من شريعتك‪ ،‬قاؿ‪ :‬بلى‪ ،‬كلكن ٰبتاج إٔب أدب مع األئمة أىػ‬
‫‪ .‬كقد تصدل شخص للرد على اإلماـ أيب حنيفة‪ ،‬كعمل ُب ذلك كراسة كأتى هبا إٔب سيدم‬
‫عبد الوىاب الشعرا٘ب يعرضها عليو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫فطردتو كٓب أصغ إٔب قولو‪ ،‬ففارقِب‪ ،‬فوقع من سلم بيتو‪ ،‬ككاف عاليا‪ ،‬فانكسر صلبو كخرج‬
‫زركركو عن موضعو‪ .‬فهو إٔب اآلف يبوؿ كيتغوط على نفسو‪ .‬كقد أرسل ٕب مرات أف أدعوا لو‬
‫فلم أفعل أداب مع اإلماـ أيب حنيفة أف أكأب من أساء األدب معو‪ .‬فإايؾ كتضعيف أقواؿ األئمة‬
‫ٗببادئ الرأم إذا خالفوا مذىبك من غّب معرفة أدلتهم كما فهموه من ا‪٢‬بكمة‪ ،‬كشاىدكه من‬
‫األسرارا ىػ‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف ال ‪٫‬بسد أحدا من خلق هللا‪ ،‬كال نتمُب لو زكاؿ ما‬
‫أعطاه هللا من علم كجاه أك كثرة اعتقاد فيو أك ‪٫‬بو ذلك من األمور االدينية اكالدنيوية‪ ،‬ىركاب‬
‫من رائحة اإلعَباض على هللا تعأب كخوؼ مقتنا كطردان كلعننا كما كقع إلبليس‪ ،‬فإف ‪ٝ‬بيع ما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪17‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقع لو كاف أصلو ا‪٢‬بسد آلدـ عليو السبلـ كما صرحت بو اآلايت كاألخبار‪ .‬فمن حسد‬
‫العلماء كالصا‪٢‬بْب ال يستبعد أف يقع لو ما كقع إلبليس‪.‬‬
‫كُب كبلـ سيدم علي بن كفا ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬كن لؤلكلياء خادما إما لَبحم أك لتغنم أك لتسلم‪ ،‬كإايؾ‬
‫أف تكوف ‪٥‬بم حاسدا فإنو ال بد لك أف ترجم كتلعن كتطرد كلو على ‪٩‬بر األايـ‪ ،‬كإف كاف لك‬
‫عدمت النفع هبا كهبم‬
‫ى‬ ‫مؤلفات أك تبلمذة‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫كاب‪١‬بملة فجميع ما يطلبو العبد إلخوانو من خّب أك شر ٯبازيو هللا بو ىذا ضابطو أىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كال ٱبفاؾ أنو ال ٰبمل بعض ا‪١‬بهلة األغبياء من الطلبة ا‪٤‬بدعْب مرتبة العلماء ا‪٤‬بتبحرين‪،‬‬
‫مع أهنم يعقبوف ابلببلدة كسوء الفهم كعدـ زايدة العلم ما بلغوا مرتبة ا‪٤‬بتعلم‪ ،‬على الرد على‬
‫األكلياء كالعلماء إال سوء األدب الناشئ من ا‪٢‬بسد كا‪٢‬برماف‪ ،‬نسأؿ هللا السبلمة كالعافية‪ .‬فبل‬
‫شك أهنم يعاقبوف ابلببلدة كسوء الفهم‪ ،‬كعدـ زايدة العلم‪ ،‬كقساكة القلب ك‪ٝ‬بود العْب‪ ،‬كعدـ‬
‫العمل ٗبا علم‪ ،‬كا‪١‬بهل ا‪٤‬بركب كتزيْب الشيطاف ‪٥‬بم سوء أعما‪٥‬بم ليحسبوا أهنم على شيء‬
‫كٲبوتوا على ذلك‪ ،‬كحينئذ يعلموف أهنم ليسوا بشيء‪ ،‬كالذم أداه إٔب‬
‫ذلك سوء األدب مع األكلياء كالعلماء ابلرد عليهم حسدا من عند أنفسهم إلرادة إطفاء نور‬
‫اَّلل ًأبىفٍػ ىو ًاى ًه ٍم ىك َّ‬
‫اَّللي يمتً ُّم نيوًرهً ىكلى ٍو‬ ‫اإلسبلـ‪ ،‬ككمد ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كما قاؿ تعأب‪ :‬ي ًري يدك ىف لًيط ًٍفئيوا نيور ًَّ‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ىك ًرىه الٍ ىكافً يرك ىف‪)8( .‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية‪:‬‬
‫كاعلم اي أخي أنو ال ينبغي ‪٤‬بقلد اإلماـ أف يسمى ُب ‪ٝ‬باعة اإلماـ آلخر خصوصا‪ ،‬كقولو أف قاؿ‬
‫ا‪٣‬بضم كذا قلنا كذا‪ ،‬فإف حسن األدب ُب اللفظ من أخبلؽ العلماء االعاملْب‪.‬‬
‫كقد اطلعِب إنساف مرة على كتاب ُب الرد على أيب حنيفة رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬فرأيت ُب تلك‬
‫تسور ‪٫‬بو ستْب ذراعا ُب السماء‪ ،‬كلو نور كنور الشمس‪،‬‬ ‫الليلة ُب و‬
‫اإلماـ أاب حنيفة قد ٌ‬
‫ى‬ ‫كاقعة‬
‫كأجد ذلك للذم رد عليو ا٘باىو يشبهو الناموسة السوداء‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫كإذا كاف إمامنا الشافعي يقوؿ الناس كلهم عياؿ ُب الفقو على أيب حنيفة‪ ،‬فكيف يسوغ ألمثالنا‬
‫أف يتصدل للرد عليو‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪18‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫وحا ىكالَّ ًذم أ ٍىك ىح ٍيػنىا‬ ‫ع لى يكم ًمن ال ًٌدي ًن ما ك َّ ً‬
‫صى بًو ني ن‬ ‫ى ى‬ ‫ىذا فوؽ ا‪١‬بنوف بطبقات‪ ،‬فقد قاؿ تعأب‪ :‬ىش ىر ى ٍ ٍ‬
‫ين ىكىال تىػتىػ ىف َّرقيوا فً ًيو (‪ ،)9‬فأمر هللا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ك كما ك َّ ً ً ً ً‬
‫يسى أى ٍف أىق ي‬
‫يموا ال ٌد ى‬ ‫وسى ىكع ى‬
‫يم ىكيم ى‬
‫ص ٍيػنىا بو إبٍػ ىراى ى‬ ‫إًلىٍي ى ى ى ى‬
‫تعأب إبقامة الدين ال أبضجاعو ابلتكرب عن أئمتو‪ .‬كىذا األمر قد فشا ُب مقلدم ا‪٤‬بذاىب‪،‬‬
‫فَبل كل إنساف يدحض حجة غّبه حٌب ال يكاد يبقى لو ‪ٛ‬بسك بكتاب كال سنة‪ ،‬كذلك من‬
‫أقبح ا‪٣‬بصاؿ‪.‬‬
‫كإ٭با كاف البلئق هبم ا‪١‬بواب على األئمة ٌإما بعدـ اطبلعهم على ذلك الدليل الذم ظفر بو الراد‬
‫عليهم‪ ،‬كإما أبف لذلك اجملتهد منزعا ُب اإلستنباط من كجوه قواعد العربية ٱبفى على أمثالنا أىػ‪.‬‬
‫كُب حاشية الشيخ العدكم على شرح ا‪٣‬برشي‪ ،‬عند قوؿ ا‪٤‬بصنف‪ :‬كما كاف من ا‪٣‬بطأ أصلحوه‬
‫ابلتنبية ُب الشرح كا‪٢‬باشية‪:‬‬
‫إعلم أف التنبية ُب حاشية على ا‪٣‬بطأ أك النقص إ٭با يكوف من أىل الكماؿ‪ ،‬على أف اهتامهم‬
‫أنفسهم أكٔب هبم‪ ،‬كأما أىل الغباكة‪ ،‬كخصوصا أىل الزماف‪ ،‬فالواجب عليهم السكوت كما أفاد‬
‫ذلك أىل العرفاف ‪٩‬بن تقدـ ُب غابر األزماف أىػ‪.‬‬
‫كُب شرح الدرديرم على ا‪٤‬بختصر ُب ىذا احململ‪:‬‬
‫كا‪٢‬بذر من قلة األدب‪ ،‬كأف يقاؿ ىذا خطأ أك كذب أك كبلـ فاسد ال معُب لو‪ ،‬فإف قلة األدب‬
‫مع أئمة الدين ال تفيد إال الوابؿ على صاحبها دنيا كأخرل‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫ككاف سيدم علي ا‪٤‬برصفى يقوؿ‪ :‬ما قطع أىل ا‪١‬بداؿ عن الوصوؿ إٔب مقامات األكلياء‬
‫ككراماهتم إال دعواىم أهنم أعلم ابهلل منهم‪ ،‬كخوفهم على علمهم الذم ىو رايستهم أف ينسى‬
‫حْب يتبعوف طريق الفقراء‪ ،‬كىي خديعة من النفس كالشيطاف‪ ،‬فإف الفقراء ال يزيدكهنم إال علما‬
‫إٔب علمهم‪ ،‬كجبلء لقلوهبم‪ ،‬كحضورا ُب عبادهتم‪ .‬كقد كاف الشيخ عز الدين بن عبد السبلـ‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا يقوؿ‪ :‬كىل ٍب طريق غّب ما فهمناه من الكتاب كالسنة‪ ،‬كينفي طريق القوـ‪.‬‬

‫ك‪٤‬با اجتمع بسيدم أيب ا‪٢‬بسن الشاذٕب هنع هللا يضر‪ ،‬كأخذ الورد عنو‪ ،‬صار يقوؿ ما قعد على قواعد‬
‫الشريعة الٍب ال تنهدـ إال الصوفية‪ .‬قاؿ‪ :‬ك‪٩‬با يدلك على ذلك‪ ،‬ما يقع على أحدىم من‬
‫الكرامات كا‪٣‬بوارؽ كال يقع شيء منها على غّبىم‪ .‬ككذلك بلغنا عن الغزإب قبل اجتماعو‬
‫بشيخو البار عنا٘ب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪19‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ُب موضع آخر‪:‬‬
‫ك‪٠‬بعت شيخنا شيخ اإلسبلـ زكرايء يقوؿ‪ :‬كل فقيو ال ٯبتمع ابلقوـ فهو كا‪٣‬ببز ببل إداـ‪.‬‬
‫ك‪٠‬بعت سيدان عليا ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ال يكمل طالب العلم إال ابإلجتماع مع أحد‬
‫من أشياخ الطريق ليخرجو من رعوانت النفوس‪ ،‬كمن حضرات تلبيس النفوس‪ ،‬كمن ٓب ٯبتمع مع‬
‫أىل الطريق فمن ال زمو التلبيس غالبا كدعول العمل ببل علم‪ ،‬ككل من نسبو إٔب قلة العمل‬
‫أقاـ لو األدلة الٍب ال ‪ٛ‬بشي عند هللا‪ ،‬كمن شك ُب قوٕب ىذا فليجرب‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كإذا فهمت ‪ٝ‬بيع ما تقدـ‪ ،‬عرفت أنو ال يلزـ من الرد على أىل هللا فساد قو‪٥‬بم ُب نفس األمر‪.‬‬
‫قاؿ ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫أف رد العلماء على الصوفية ىو لرقة مدارؾ الصوفية عليهم ال غّب‪ ،‬فبل يلزـ من الردعليهم‬
‫فساد قو‪٥‬بم ُب نفس األمر‬
‫كما قاؿ الغزإب‪:‬‬
‫كنا ننكر على القوـ أمورا حٌب كجدان ا‪٢‬بق معهم‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬بى ٍل ىك َّذبيوا ًٗبىا ىٓبٍ يًٰبيطيوا بً ًعل ًٍم ًو ىكلى َّما‬
‫ك قى ًد‪ٙ‬به (‪ )11‬أىػ‪.‬‬ ‫سيىػ يقوليو ىف ىى ىذا إًفٍ ه‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫ىأيٍهت ٍم ىأتٍ ًكيليوي (‪ ،)11‬كقاؿ تعأب‪ :‬ىكإ ٍذ ىٓبٍ يىػ ٍهتى يدكا بو فى ى‬
‫ك‪٩‬با يًؤيد قوؿ اإلماـ الغزإب‪ ،‬قوؿ أيب القاسم ا‪١‬بنيد‪:‬‬
‫كاف عندم كقفة ُب قو‪٥‬بم يبلغ الذاكر ُب الذكر إٔب حد لو ضرب ابلسيف ٓب ٰبس إٔب أف كجد‬
‫األمر كما قالوا‪ .‬أىػ‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ ُب قواعده‪:‬‬

‫إنكار ا‪٤‬بنكر إما أف يستند الجتهاد‪ ،‬أك ‪٢‬بسم ذريعة‪ ،‬أك لعدـ التحقيق‪ ،‬أك ضعف الفهم‪ ،‬أك‬
‫لقصور العلم‪ ،‬أك ‪١‬بهل ا‪٤‬بناط‪ ،‬أك النبهاـ البساط‪ ،‬أك لوجود العناد‪ .‬فعبلمة الكل الرجوع للحق‬
‫عند تعينو إال األخّب‪ ،‬فإنو ال يقبل ما ظهر‪ ،‬كال تنضبط دعواه‪ ،‬كال يصحبو اعتداؿ ُب أمره‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫ٍب اعلم أف علم الفقو علم شريف انفع‪ ،‬إال أ ٌف التوقف معو مع كجود اإلنكار يضر صاحبو‬
‫ضررا عظيما كما تقدـ‪.‬‬
‫كلذلك قاؿ الشيخ زركؽ ُب قواعده‪:‬‬
‫كجود ا‪١‬بحد مانع من قبوؿ اجملحود أك نوعو لنفور القلب عنو‪ ،‬كالتصديق مفتاح الفتح ‪٤‬با‬
‫صدؽ بو كإف ٓب يتوجو لو إذ ال دافع لو‪ .‬فا‪٤‬بتوقف مع الفقيو يتعْب عليو ٘بويز ا‪٤‬بواىب كالفتح‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪20‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من غّب تقييد بزماف كال مكاف كال عْب‪ ،‬ألف القدرة ال تتوقف أسباهبا على شيء‪ ،‬كإال كاف‬
‫‪٧‬بركما ‪٩‬با قاـ بو جحوده‪.‬‬
‫ٍب ىو إف استند إٔب أصل معذكر‪ ،‬كإال ال عذر لو ابنكاره ما ال علم لو بو‪ ،‬فسلم تسلم كهللا‬
‫تعأب أعلم‪ .‬أىػ‬
‫كقاؿ‪:‬‬
‫اإلنتساب مشعر بعظمة ا‪٤‬بنتسب إليو‪ ،‬كا‪٤‬بنتسب فيو ُب نظر ا‪٤‬بنتسب‪ ،‬فإذا لزـ احَباـ ا‪٤‬بنتسب‬
‫أم حاؿ كاف‪ ،‬ما ٓب أيت ٗبا ينكر على التعظيم ابلنقص‪،‬‬
‫‪١‬بانب هللا أبم كجو كاف‪ ،‬كعلى ٌ‬
‫كمخالفة الشريعة صرٰبا‪ ،‬فتتعْب مراعاة نسبتو كإقامة ا‪٢‬بق عليو‪ ،‬ألف الذم تعلق بو ىو الذم‬
‫أمره‪ .‬نعم يلزـ ‪ٙ‬بقيق أمره فيو كإالٌ عاد الضرر على معارضو لقصد ىتك منتسب ‪١‬بانب عظيم‬
‫جملرد ىواه‪.‬‬
‫فمن ٍب تضرر كثّبا ‪٩‬بن يتعرض لئلعَباض على ا‪٤‬بنتسبْب ‪١‬بانب هللا كإف كانوا ‪٧‬بقْب‪ ،‬إذ ا‪٢‬بق‬
‫تعأب يغار ‪٥‬بتك جانبو‪ .‬فلزـ ‪ٙ‬بقيق ا‪٤‬بقاـ ُب النكّب‪ ،‬كتصحيح النية للغاية‪ ،‬كإال فا‪٢‬بذر ا‪٢‬بذر‬
‫كهللا تعأب أعلم‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كإ٭با حذر من اإلعَباض ‪٤‬با تقدـ من أف التنبيو على ا‪٣‬بطأ إ٭با يكوف من أىل الكماؿ‪،‬‬
‫على أف اهتامهم نفوسهم أكٔب هبم‪ ،‬كأما أىل الغباكة‪ ،‬كخصوصا أىل الزماف‪ ،‬فالواجب عليهم‬
‫السكوت كما أفاد ذلك أىل العرفاف ‪٩‬بن تقدـ ُب غابر األزماف أىػ‪.‬‬

‫كإ٭با أمر أىل الزماف ابلسكوت ألهنم يعَبضوف كال علم ‪٥‬بم‪ ،‬قاؿ صاحب الرائية‪:‬‬
‫كمن يعَبض كالعلم عنو ٗبعزؿ ‪ ...‬يرل النقص ُب عْب الكماؿ كال يدرم‬
‫كُب اإلبريز‪:‬‬
‫أم كمن يعَبض على شيخو أك على غّبه من أىل الطريقة كىو جاىل‪ ،‬فإنو يرل الكماؿ‬
‫نقصاان‪ ،‬فيقلب األمور كىو ال يدرم‪.‬‬
‫كقاؿ بعض الفضبلء‪:‬‬
‫ككم من عائب قوال صحيحا ‪ ...‬كآفتو من الفهم السقيم‬
‫كقاؿ األخضرم ُب السلم‪:‬‬
‫إذ قيل كم مزيف صحيحا ‪ ...‬ألجل كوف فهمو قبيحا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪21‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ُب شرحو‪:‬‬
‫كإ٭با ذكرت ىذا تنبيها على شياطْب الطلبة الذين ٲبرضوف الصحيح كيصححوف السقيم‪،‬‬
‫كماذلك إال لعدـ إنصافهم‪ ،‬كقلة تواضعهم‪ ،‬كعدـ مراقبتهم للجليل الذم الٱبفى عليو شيء ُب‬
‫األرض كال ُب السماء‪ ،‬كيعلم خائنة األعْب‪ .‬كا‪٤‬بؤمن يلتمس العذر ألخيو‪ ،‬كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬
‫"حسب ا‪٤‬بؤمن من الشر أف ٰبقر أخاه ا‪٤‬بسلم"‪ ،‬كيقاؿ من ضاؽ صدره‪ ،‬إتٌسع لسانو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫أكثر أىل الظاىر اإلعَباض على طرؽ أىل هللا ألهنم رأكا أف بعض من ينتسب‬
‫فإف قلت‪ :‬إ٭با ى‬
‫إليها ظهر من بعضهم فسق‪ ،‬كمن بعضهم كفر‪ ،‬كمن بعضهم زندقة‪ ،‬قلت‪ :‬ال يعَبض عليهم‬
‫شقي‪ ،‬ألف فساد الفاسد إليو يعود‪ ،‬كال يقدح ُب صبلح الصاّب‬
‫غيب‪ ،‬أك معاند ٌ‬
‫بذلك إال جاىل ٌ‬
‫شيء‪.‬‬
‫كُب القواعد الزركقية‪:‬‬
‫" يعترب الفرع أبصلو كقاعدتو‪ ،‬فإف كافق قيبًل‪ ،‬كإال ير ٌد على مدعيو إف أتمل أك أتكؿ عليو‪ .‬أف‬
‫قبل أك سلم لو إف كملت مرتبتو علما كداينة ٍب ىو غّب قادح ُب األصل ألف فساد الفاسد إليو‬
‫يعود كال يقدح ُب صبلح الصاّب شيئا‪.‬‬
‫فغبلة ا‪٤‬بتصوفة كأىل األىواؿ من األصوليْب‪ ،‬ككا‪٤‬بطعوف عليهم من ا‪٤‬بتفقهْب‪ ،‬يرد قو‪٥‬بم‪،‬‬
‫كٯبتنب فعلهم‪ ،‬كال يَبؾ ا‪٤‬بذىب ا‪٢‬بق الثابت بنسبتهم لو كظهورىم فيهم‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬

‫كقد يصد عقوؿ العموـ عن أكلياء هللا تعأب كقوع زلة ‪٩‬بن تزاي بزيهم كانتسب إٔب مثل طريقهم‪.‬‬
‫كالوقوؼ مع ىذا حرماف ‪٩‬بن كقف معو‪ ،‬كقد قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىال تى ًزير ىكا ًزىرةه ًكٍزىر أي ٍخ ىرل (‪،)12‬‬
‫فمن أين يلزـ ‪٤‬بن أساء كاحدا من ا‪١‬بنس‪ ،‬أك ظهر عليو عدـ صدقو ُب طريقو‪ ،‬أف يكوف بقية‬ ‫ً‬
‫أىل تلك الطريق كذلك‪.‬‬
‫كقد أنشدان الشيخ علم الدين لنفسو ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪:‬‬

‫إستثار الرجاؿ ُب كل أرض ‪ٙ ...‬بت سوء الظنوف قدر جليل‬


‫ما يضر ا‪٥‬ببلؿ ُب حندس الليل ‪ ...‬اسوداد السحاب كىو ‪ٝ‬بيل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪22‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪ :‬كسيأٌب ُب الباب الرابع أف ىذا كاحدا من ا‪٢‬بجب الٍب ‪ٙ‬بجب الناس عن معرفة أكلياء‬
‫هللا‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪2.‬‬


‫‪٧‬بمد‪ ،‬اآلية ‪7.‬‬
‫‪.2‬سورة ٌ‬
‫‪.3‬سورة ا‪٢‬بج‪ ،‬اآلية ‪41.‬‬
‫‪.4‬سورة الركـ‪ ،‬اآلية ‪47.‬‬
‫‪.5‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآلية ‪27.‬‬
‫‪.6‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪57.‬‬
‫‪.7‬سورة الركـ‪ ،‬اآلية ‪.47‬‬
‫‪.8‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬
‫‪.9‬سورة الشورل‪ ،‬اآلية ‪.13‬‬
‫‪.11‬سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.49‬‬
‫‪.11‬سورة األحقاؼ‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.12‬سورة فاطر‪ ،‬اآلية ‪.18‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪23‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثا٘ب‬

‫ُب ترغيب اإلخواف ُب اإلنتساب إٔب أكلياء هللا تعأب كالتعلق هبم ٗبحبتهم كخدمتهم ك‪٫‬بوٮبا‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أف التعلق أبىل هللا‪ ،‬كالليٌاذ‬
‫ٔبناهبم‪ ،‬كاإل‪٫‬بياز إليهم‪ ،‬تعلٌق ٔبنابو الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬ككقوؼ ببابو العظيم‪ ،‬ألهنم أبواب ر‪ٞ‬بة هللا تعأب‬
‫دنيا كأخرل‪ ،‬على أيديهم تنزؿ الر‪ٞ‬بة من الر‪ٞ‬بن إٔب كل مرحوـ‪ ،‬كىم الوسائل‪ ،‬كلوالىم ‪٥‬بلك‬
‫الكل‪.‬‬
‫َّ ً‬
‫نص ٍريك ٍم‬
‫اَّللى يى ي‬ ‫آمنيوا إً ٍف تى ي‬
‫نص يركا َّ‬ ‫ين ى‬ ‫كما قيل لوال الواسطة لذىب ا‪٤‬بوسوط‪ .‬قاؿ تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫الدنٍػيىا نيػ ٍؤتًًو ًم ٍنػ ىها‬ ‫(‪ ،)1‬قاؿ الَبمذم‪" :‬إف أكرمتم أكليائي أكرمتكم"‪ ،‬كقاؿ تعأب‪ :‬ىكىم ٍن يي ًر ٍد ثىػ ىو ى‬
‫اب ُّ‬
‫اب ٍاآل ًخ ىرةً نيػ ٍؤتًًو ًم ٍنػ ىها (‪)2‬‬
‫ىكىم ٍن يي ًر ٍد ثىػ ىو ى‬
‫قاؿ بعض العارفْب على طريق اإلشارة‪ " :‬ثواب الدنيا صحبة األكلياء كثواب اآلخرة صحبة ا‪٢‬بق‬
‫"‬
‫اإل ًٍٍب كالٍع ٍدك ً‬
‫اف (‪ ،)3‬قاؿ بعضهم‪:‬‬ ‫‪ ،‬كقاؿ تعأب‪ :‬ىكتىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى الً ًٌ‬
‫ٍرب ىكالتَّػ ٍق ىول ىكىال تىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى ًٍ ى ي ى‬
‫كتعاكنوا على الرب كالتقول‪ :‬كىو طاعة األكابر من السادات كا‪٤‬بشائخ‪ ،‬كال تضيعوا حظوظكم‬
‫منهم كمن معاكنتهم‪ ،‬كخدمتهم‪ ،‬كال تعاكنوا على اإلٍب‪ :‬كىو اإلشتغاؿ ابلدنيا‪ ،‬كالعدكاف‪ :‬موافقة‬
‫النفس على ىواىا كمرادىا أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ تعأب‪ :‬فىػلى ٍوىال نىػ ىف ىر ًم ٍن يك ًٌل فً ٍرقى وة ًم ٍنػ يه ٍم طىائًىفةه لًيىػتىػ ىف َّق يهوا ًُب ال ًٌدي ًن (‪ ،)4‬قاؿ ُب العرائس‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪24‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أم ليفهموا حقائق أحكاـ ا‪٤‬بعرفة كالطريقة كا‪٢‬بقيقة كالشريعة‪ٍ .‬ب قاؿ بعد كبلـ‪ :‬قاؿ سهل‪:‬‬
‫أفضل الرحلة رحلة من ا‪٥‬بول إٔب العقل‪ ،‬كمن ا‪١‬بهل إٔب العلم‪ ،‬كمن الدنيا إٔب اآلخرة‪ ،‬كمن‬
‫اإلستطاعة إٔب الت ىًربٌم من ا‪٢‬بوؿ كالقوة‪ ،‬كمن النفس إٔب التقول‪ ،‬كمن األرض إٔب السماء‪ ،‬كمن‬
‫ا‪٣‬بلق إٔب هللا تعأب‪ .‬قاؿ ا‪٤‬برتعش‪ :‬السياحة كاألسفار على ضربْب‪ ،‬سياحة لتعلم أحكاـ الدين‬
‫كأساس الشريعة‪ ،‬كسياحة آلداب العبودية كرايضة األنفس‪.‬‬
‫فمن رجع من سياحة األحكاـ قاـ بلسانو يدعوا ا‪٣‬بلق إٔب ربو‪ ،‬كمن رجع من سياحة اآلداب‬
‫كالرايضة قاـ ُب ا‪٣‬بلق يؤدهبم أبخبلقو كمشائلو‪ .‬كسياحة ىي سياحة للحق كىي رؤية أىل ا‪٢‬بق‬
‫اج يركا‬ ‫َّ ً‬
‫ين ىى ى‬
‫كالتأدب آبداهبم‪ ،‬كىذا بركتو تىػعي ٌم العباد كالببلد‪ .‬أىػ‪ .‬كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬فىالذ ى‬
‫ىكأي ٍخ ًر يجوا ًم ٍن ًد ىاي ًرًى ٍم ىكأيكذيكا ًُب ىسبًيلًي (‪ :)5‬قيل ٗبحبة الفقراء ك‪٦‬بالستهم كالتزيٌي ىبزيًٌهم‪ ،‬ألف‬
‫الفقر ىو طريق ا‪٢‬بق‪ .‬أال ترل ا‪٤‬بصطفى صلوات هللا عليو كسبلمو ‪٤‬با جلس معهم قاؿ‪" :‬احمليا‬
‫‪٧‬بياكم كا‪٤‬بمات ‪٩‬باتكم" أىػ‪.‬‬
‫َّ ً‬
‫َّار (‪ :)6‬أم ال تقتدكا اب‪٤‬برائْب‬
‫س يك ٍم الن ي‬ ‫كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬ىكىال تىػ ٍرىكنيوا إً ىٔب الذ ى‬
‫ين ظىلى يموا فىػتى ىم َّ‬
‫كا‪١‬باىلْب كقرانء السوء‪ ،‬فتمسكم نّباف البعد كحب ا‪١‬باه كالرايسة‪ ،‬كتلحقكم نّباف البدعة‬
‫كالظبلؿ‪ .‬كأيضا ال تسكنوا إٔب نفوسكم الظا‪٤‬بة ُب جهلها حقوؽ هللا سبحانو كتعأب‪ .‬قاؿ‬
‫َّ ً‬
‫الكاشا٘ب‪ :‬من ٓب يستحب ٕبكيم أك إماـ يكوف ابطبل أبدا‪ .‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىال تىػ ٍرىكنيوا إً ىٔب الذ ى‬
‫ين‬
‫َّار (‪ .)7‬كقاؿ سهل‪ :‬ال تعتمدكا ُب دينكم إالٌ السِب‪.‬‬
‫س يك ٍم الن ي‬
‫ظىلى يموا فىػتى ىم َّ‬
‫كقاؿ ‪ٞ‬بدكف القصار‪ :‬ال تصاحبوا األشرار فإف ذلك ٰبرمك صحبة األخيار‪ .‬كقاؿ علي بن‬
‫موسى الرضا عن أبيو عن جعفرقاؿ‪ :‬ال تركنوا إٔب نفوسكم فإهنا ظا‪٤‬بة‪ .‬كقاؿ سهل‪ :‬ال ٘بالسوا‬
‫أىل البدع أىػ‪.‬‬
‫اَّللى ىكابٍػتىػغيوا إًلىٍي ًو ال ىٍو ًسيلىةى (‪.)8‬‬
‫آمنيوا اتَّػ يقوا َّ‬ ‫َّ ً‬
‫كقاؿ تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫ين ى‬
‫قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪:‬‬
‫يؤخذ من ىذه اآلية على طريق أىل اإلشارة‪ ،‬كابتغوا إليو الوسيلة الٍب ال تنقطعوف هبا عن غّبه‬
‫لتتصلوا بو‪ ،‬كال كسيلة أعظم من النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كال كسيلة إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص أعظم من الصبلة عليو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كمن ‪ٝ‬بلة ما ييػ ٍبػتىغى من الوسيلة إٔب هللا تعأب‪ ،‬الشيخ الكامل‪ ،‬فإنو من أعظم الوسائل إٔب‬
‫هللا تعأب " أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪25‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كا‪٤‬برء مع من أحب‪ ،‬كمن أحب قوما فهو معهم‪ .‬ركل البخارم كمسلم عن أنس رضي هللا تعأب‬
‫عنو عن رجل سأؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص عن الساعة‪ ،‬فقاؿ‪" :‬مٌب الساعة‪ ،‬قاؿ كما أعددت ‪٥‬با‪ ،‬قاؿ ال‬
‫شيء إال أ٘ب أحب هللا كرسولو فقاؿ إنك مع من أحببت‪ .‬قاؿ أنس‪ :‬فما فى ًر ٍحنا بشيء فىػ ىر ىحنا‬
‫بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص إنك مع من أحببت‪ .‬قاؿ أنس‪ :‬فأان أحب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأاب بكر كعمر‪ ،‬كأرجو أف‬
‫أكوف معهم ًٕبيًٌيب إايىم كأف ٓب أعمل أعما‪٥‬بم‪ ".‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ٰ" :‬بشر ا‪٤‬برء على دين خليلو فلينظر‬
‫أحدكم من ٱبالل"‪.‬‬
‫فإذا علمت ىذا أيها األخ‪ ،‬فبل ‪ٚ‬بالل إالٌ من ينهضك إٔب هللا حا‪٥‬بم‪ ،‬كيى يدلٌك على هللا مقا‪٥‬بم‪،‬‬
‫ا‪٤‬بتجردكف عما سول هللا‪ ،‬ا‪٤‬بقبلوف على ا‪٤‬بؤب‪ .‬فليست اللذة إال ُب‬
‫ٌ‬ ‫كال يكوف كهذا ألىل هللا‬
‫‪٨‬باللتهم‪ ،‬كال السعادة إال ُب خدمتهم كمصاحبتهم‪ ،‬كاستغنم الوقت ُب صحبتهم‪ ،‬كاحضر دائما‬
‫معهم بقلبك كقالبك تسرم إليك زكائدىم‪ ،‬كتغمرؾ فوائدىم‪ ،‬كيصلح ظاىرؾ ابلتأدب آبداهبم‪،‬‬
‫كيشرؽ ابطنك ابلتحلي أبنوارىم‪.‬‬
‫فإف من جالسهم جانس‪ ،‬فإف جلست مع احملزكف حزنت‪ ،‬كإف جلست مع ا‪٤‬بسركر سررت‪،‬‬
‫ت إليك الغفلة‪ ،‬كإف جلست مع الذاكرين انتبهت من غفلتك‬
‫كإف جلست مع الغافلْب ىس ىر ٍ‬
‫كسرت إليك اليقظة‪ .‬فإهنم القوـ ال يشقى هبم جليسهم‪ ،‬فكيف يشقى خادمهم ك‪٧‬ببهم‬
‫كأنيسهم‪ ،‬كما أحسن ما قيل‪:‬‬

‫ٕب سادة من عزىم ‪ ...‬أقدامهم فوؽ ا‪١‬بباه‬


‫إف ٓب أكن منهم فلي ‪ُ ...‬ب ذكرىم عز كجاه‬
‫كا‪ٞ‬بد هللا أيها العاشق ‪١‬بما‪٥‬بم‪ ،‬كاحملب لطريقهم ككما‪٥‬بم‪ ،‬كقىػ َّر عينان ًهبم كتعلق أبذاي‪٥‬بم‪ ،‬كال‬
‫در‬
‫تلتفت إٔب شيء يصدؾ عن جناهبم‪ ،‬فإف طفيلي ساحتهم ال يرد‪ ،‬كعن ابهبم ال ييص ٌد‪ ،‬كهلل ٌ‬
‫قائلهم‪:‬‬

‫ىم سادٌب ىم راحٍب ىم منيٍب ‪ ...‬أىل الصفا حازكا ا‪٤‬بعإب الفاخرة‬


‫حاشا ‪٤‬بن قد حبٌهم ٍأك زارىم ‪ ...‬أف يهملوه سادٌب ُب اآلخرة‬

‫كقاؿ غّبه‪:‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪26‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كٕب بصحبتكم فضل على الناس ‪ ...‬ككل من حبكم عار على الباس‬

‫أنتم مرادم كما ُب الكوف غّبكم ‪ ...‬لوالكم ٓب تطب نفسي كأنفاسي‬


‫ال هتملو٘ب فإ٘ب عبد حضرتكم ‪٧ ...‬بلكم سادٌب مِب على الرأس‬
‫كقر عينا أيها األخ الصادؽ ُب ‪٧‬ببتهم‪ ،‬ا‪٤‬بتعلق بذيلهم‪ ،‬ا‪٤‬بنتسب إٔب حضرهتم‪،‬‬ ‫ً‬
‫ب نفسا‪ٌ ،‬‬ ‫فط ٍ‬
‫القائم ٖبدمتهم‪ .‬كليهنك الفوز اب‪٢‬بياة الطيبة كالسعادة األبدية‪ ،‬كا‪ٞ‬بد هللا على ما كفٌقك كىداؾ‬
‫للتٌعرض لنفحات موالؾ‪ .‬كُب تنبيو ا‪٤‬بغَبين للشيخ الشعرا٘ب‪:‬‬
‫ككاف أبو ىريرة يقوؿ‪" :‬يؤتى ابلعبد يوـ القيامة فيوقف بْب يدم هللا عزكجل‪ ،‬فيقوؿ هللا عز‬
‫كجل‪ :‬ىل أحببت ٕب كليا حٌب أىبك لو‪ ".‬فأحبوا اي إخوا٘ب الصا‪٢‬بْب‪ ،‬كا‪ٚ‬بذكا عندىم أايدم‪،‬‬
‫فإف ‪٥‬بم دكلة يوـ القيامة " إنتهى‪.‬‬
‫كُب الطربا٘ب‪" :‬إف لربكم ُب أايـ دىركم نفحات أال فتعرضوا ‪٥‬با لعل أف تصيبكم نفحة منها كال‬
‫تشقوف بعدىا أبدا‪ ".‬فيا فوز الذين هنضوا إليها‪ ،‬كتعرضوا ‪٥‬با‪ ،‬كاستمدكا من تلك النفحة مددا‪.‬‬

‫كإف كاف عند ذكرىم‪ ،‬كما ُب األثر ا‪٤‬بوقوؼ كا‪٣‬برب ا‪٤‬بعركؼ‪ ،‬تتنزؿ الر‪ٞ‬بات كعواطر النسمات‪،‬‬
‫فما ابلك ٗبحبتهم كخدمتهم‪ ،‬كاإل‪٫‬بياز إليهم كاللياذ هبم‪ ،‬كمصاحبتهم ك‪٨‬بالطتهم‪ ،‬كدكاـ النظر‬
‫إٔب طلعتهم البهية‪ ،‬كمنهم من إذا نظر إليك نظرة رضا تسعد سعادة ال شقاكة بعدىا أبدا‪،‬‬
‫مر على ‪ٝ‬باعة من العصاة فسلم عليهم أمنهم هللا من‬
‫كمنهم من إذا ٌ‬
‫عذابو‪ ،‬كمنهم من إذا نظر إليك تسعد كإذا نظرت إليو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا شهد لك أنك‬
‫رأيتو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا صليت خلفو تسعد‪ ،‬ك منهم من إذا أكل طعامك تسعد‪ ،‬كمنهم من‬
‫إذا شربت من مائو تسعد‪ ،‬ك منهم من إذا أكلت طعامو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا نكح منك تسعد‬
‫كإذا نكحت منهم تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا أحببتو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا ‪٠‬بعت ا‪٠‬بو تسعد‪ ،‬كمنهم‬
‫من إذا عاصرتو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا أخذت ذكره تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا خدمتو تسعد‪ ،‬كمنهم‬
‫من إذا دعوت لو تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا دعا لك تسعد‪ ،‬كمنهم من إذا شفع فيك تسعد‪ ،‬كمنهم‬
‫من يسأؿ هللا أف‬

‫يكرب جثتو ُب النار ألجل ‪ٚ‬بفيف الوعيد من هللا تعأب ٗبلئها‪ ،‬فيحملوف عن آالؼ من العصاة‬
‫عن حرقهم ابلنار‪ ،‬كمنهم من أقامو هللا ُب قضاء حوائج الناس‪ ،‬فيقضي ‪٥‬بم حوائجهم ٍب يرسلهم‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪27‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫إٔب من اشتهر ابلصبلح ُب ببلدىم ليقضوا حاجتهم ظاىرا‪ ،‬كيسَب بذلك نفسو كيكرب غّبه ‪٩‬بن‬
‫نصبىو هللا لتحمل الببلاي‬
‫ال سر لو كال برىاف‪ٍ ،‬ب يسأؿ هللا أف ٰبميو من الدعول‪ ،‬كمنهم من ٌ‬
‫كاحملن عن أىل بلده كاقليمو‪ ،‬كمع ذلك فىػ يه ٍم ينقصونو كينكركف عليو ليبل كهنارا‪ ،‬فبل يصده‬
‫اإلنكار عن ‪ٙ‬بمل الببلاي عنهم‪ ،‬فيبيت سهراف ابلضارب‪ ،‬كتناـ الناس كا‪١‬بن‬
‫كىو ال يناـ‪ ،‬كالناس يضحكوف كيلعبوف‪ ،‬كيتلذذكف ابلنساء على الفرش ال ٰبسوف بشيء ‪٩‬با‬
‫‪ٙ‬بى َّملىو عنهم ‪٩‬با كاف انزال عليهم‪ ،‬كمنهم من يي ًٌ‬
‫ريب اب‪٥‬بمة‪ ،‬كمنهم من يريب ابلنظرة‪ ،‬كمنهم من يريب‬
‫ابللقمة‪ ،‬كمنهم من يريب اب‪٣‬بلطة‪ ،‬كمنهم من يريب اب‪٣‬بلوة‪ ،‬كمنهم من يريب ابألكراد فقط‪ .‬كلوال‬
‫ت كل حالة إٔب صاحبها من الرجاؿ‪.‬‬
‫س ٍب ي‬
‫خوؼ التطويل‪ ،‬كإفشاء األسرار‪ ،‬لىنى ى‬
‫ككيف ال‪ ،‬كىم الذين اصطفاىم ا‪٢‬بق ‪٣‬بدمتو‪ ،‬كجعلهم أىبل ‪٤‬بناجاتو كحضرتو‪ ،‬كأشهدىم أنوار‬
‫‪ٝ‬بالو كإحسانو‪ ،‬كأجلسهم على بساط كمالو كامتنانو‪ ،‬كىم القوـ الذين شربوا من ‪٧‬ببتو فطابوا‪،‬‬
‫فه يم السادات كاألمراء كالسبلطْب ُب زم الفقراء‪ ،‬الذين‬
‫ك‪ٙ‬بّبت قلوهبم ُب عظمتو فغابوا‪ .‬ي‬
‫صلحوا أف يكونوا قادة ‪٣‬بليقتو‪٩ ،‬بتثلْب قائمْب ٖبدمتو على كفق حكمو كمشيئتو‪ ،‬فبل تصفو‬
‫ا‪٢‬بياة إال هبم‪ ،‬كال تطمئن القلوب إال بذكرىم‪ .‬كقاؿ بعض الشيوخ‪:‬‬
‫من أراد أف يكوف شيخا من غّب أمر هللا فهو أ‪ٞ‬بق‪ ،‬كمن أراد أف يكوف شيخا من غّب مواىب‬
‫هللا فهو ‪٦‬بنوف‪ ،‬كمن أراد أف يكوف شيخا اب‪١‬بى ًٌد كالنسب فهو جاىل‪ ،‬كمن أراد أف يكوف شيخا‬
‫ابلقبيلة كالنسب فهو كافر‪ ،‬كمن أراد أف يكوف شيخا ابلتذلل كا‪٤‬بسكنة للمخلوقات فهو‬
‫منافق‪ ،‬كمن كاف ُب ا‪٤‬بقاـ احملمود فبل يرجع إٔب ‪٨‬بالطة أىل ا‪٥‬بول‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم‪:‬‬

‫‪٨‬بالطة العمومي تذىب بنور القلب كىيبة الوجو‪ ،‬كمن مات على ‪٨‬بالطة العموـ جاء يوـ القيامة‬
‫كالقمر ا‪٤‬بكسوؼ ال نور لو‪ ،‬فليجتهد العاقل على ‪٨‬بالطة ا‪٣‬بصوص‪ .‬كُب ‪٨‬بالطة ا‪٣‬بصوص‬
‫ثبلث خصاؿ‪ ،‬اكتساب العلم‪ ،‬كصفاء القلب‪ ،‬كسبلمة الصدر‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم‪:‬‬
‫إف الوسواس أيٌب الشخص من جلساء السوء‪ .‬كقاؿ‪ :‬ما أفلح من أفلح إال ٗبجالسة من أفلح‪،‬‬
‫كال ىلك من ىلك إال ٗبجالسة من ىلك أىػ‪.‬‬
‫كجاء ُب ا‪٣‬برب‪" :‬أف هلل عبادا من نظركا إليو نظرة سعد سعادة ال يشقى بعدىا أبدا " أىػ‪ ".‬قلت‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪28‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ككيف ال يسعد شخص تعلق بقوـ جعلهم هللا نواب أنبيائو كرسلو‪ ،‬كهبم أقاـ أمر العباد‪ ،‬كهبم‬
‫رزؽ كل مرزكؽ‪ ،‬كهبم يصرؼ الببلء كالعذاب عن ا‪٣‬بلق‪ .‬قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ ،‬عند قولو تعأب‪:‬‬
‫كلوال دفاع هللا الناس بعضهم ببعض لفسدت األرض (‪:)9‬‬
‫أم كلوال دفاع هللا اب‪٤‬بومنْب كاألبرار عن الكفار كالفجار‪٥ ،‬بلكت األرض ٗبن فيها‪ ،‬كلكن هللا‬
‫يدفع اب‪٤‬بؤمن عن الكافر‪ ،‬كابلصاّب عن الفاجر‪ .‬كقد ركل ابن عمر رفعو‪" :‬أف هللا عز كجل‬
‫كم عن ابن‬
‫كر ى‬
‫ليدفع اب‪٤‬بؤمن الصاّب عن مئة أىل بيت من جّبانو الببلء ٍب قرأ ابن عمر اآلية‪ ".‬ي‬
‫عباس أنو قاؿ‪" :‬يدافع هللا ٗبن يصلي عمن ال يصلي‪ ،‬كٗبن ٰبج على من ال ٰبج‪ ،‬كٗبن يزكي‬
‫على من ال يزكي‪ ".‬كعن جابر بن عبد هللا‪" :‬أف هللا ليصلح بصبلح الرجل ا‪٤‬بسلم كلده ككلد‬
‫كلده كأىل دكيرتو كدكيرات حولو كال يزالوف ُب حفظ هللا ماداـ فيهم‪.‬‬

‫" كعن ابن مسعود‪" :‬إف هلل عز كجل ُب ا‪٣‬بلق ثبل‪ٜ‬بائة قلوهبم على قلب آدـ كهلل ُب ا‪٣‬بلق‬
‫أربعْب قلوهبم على قلب موسى كهلل ُب ا‪٣‬بلق سبعة قلوهبم على قلب إبراىيم كهلل ُب ا‪٣‬بلق ‪ٟ‬بسة‬
‫قلوهبم على قلب جربيل كهلل ُب ا‪٣‬بلق ثبلث قلوهبم على قلب ميكائيل كهلل ُب ا‪٣‬بلق كاحدا‬
‫قلبو على قلب إسرائيل إذا مات الواحد أبدؿ هللا مكانو من الثبلثة كإذا مات كاحد من الثبلثة‬
‫أبدؿ هللا مكانو من ا‪٣‬بمسة كإذا مات كاحد من ا‪٣‬بمسة أبدؿ هللا مكانو من السبعة كإذا مات‬
‫كاحد من السبعة أبدؿ هللا مكانو من األربعْب كإذا مات كاحد من األربعْب‬
‫أبدؿ هللا مكانو من الثبل‪ٜ‬بائة كإذا مات كاحد من الثبل‪ٜ‬بائة أبدؿ هللا مكانو من العامة فبهم ٰبي‬
‫كٲبيت قاؿ ألهنم يسألوف هللا إكثار األمم فيكثركف كيدعوف على ا‪١‬ببابرة فيقسموف كيستسقوف‬
‫فيسقوف كيسألوف فتنبت ‪٥‬بم األرض كيدعوف فيدفع هللا هبم أنواع الببلء" كلكن هللا ذك فضل‬
‫على الناس كلهم أكال ابإلٯباد كاثنيا ابلدفاع فهو يكف ظلم الظلمة إما بعضهم ببعض أك‬
‫ابلصا‪٢‬بْب كيسبغ عليهم غّب ذلك من ثواب نعمو الظاىرة كالباطنة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ش ىر نىًقيبنا‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ِب ىع ى‬ ‫كُب عرائس البياف‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬لىىق ٍد أى ىخ ٍذ ىان ميثىا ىؽ بىًِب إ ٍس ىرائ ى‬
‫يل ىكبىػ ىعثٍػنىا م ٍنػ يه ٍم اثٍػ ى ٍ‬
‫(‪:)11‬‬
‫أف هللا سبحانو إذا أراد أمرا عظيما من أمور الربوبية بيد عباده كببلده كضعو على أكليائو ليقوموا‬
‫بو على كفق مراده معذرة لضعف ا‪٣‬بلق‪ ،‬كنيابة عن تقصّبىم‪ .‬فإذا خرجوا من ذلك بنعوت‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪29‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الرضا ُب العبودية‪ ،‬سهل هللا ذلك بعده على العامة‪ ،‬ألف العامة خلقوا بنعوت الضعف كخلق‬
‫أكليائو بنعوت القوة‪ ،‬كُب كل أمة خلق هللا أقواما من أئمة ا‪٤‬بعارؼ كالكواشف ‪٤‬بواضع نظره‬
‫ك‪ٙ‬بمل ببلئو‪ ،‬كىم النقباء كالبدالء كالنجباء كاألكلياء كاألصفياء كاألتقياء كا‪٤‬بقربوف كالعارفوف‬
‫كا‪٤‬بوحدكف كالصديقوف كالشهداء كالصا‪٢‬بوف كاألخيار كاألبرار‪ ،‬كرئيسهم الغوث‪ ،‬كأئمتهم‬
‫ا‪٤‬بختاركف‪ ،‬كعرفاؤىم السياحوف السبعة‪ ،‬كنقباؤىم العشرة‪ ،‬ك‪٪‬بباؤىم األربعوف‪ ،‬كخلفاؤىم‬
‫السبعوف‪ ،‬كأمناؤىم الثبل‪ٜ‬بائة‪ ،‬كل كاحد منهم خلق على صورة نيب‪ ،‬كسّبة رسوؿ‪ ،‬كقلب ملك‪،‬‬
‫ال يعرفهم إال مثلهم‪ ،‬كىم ال يعرؼ حقيقتهم إال هللا‪ .‬قاؿ هللا تعأب‪" :‬أكليائي بفنائي ال يعرفهم‬
‫أحد سوام‪".‬‬
‫قاؿ أبو بكر الوراؽ‪ٓ :‬ب يزؿ ُب األمم أخيار لبدالء‪ ،‬ك أكاتد على ا‪٤‬براتب كما قاؿ هللا تعأب‪:‬‬
‫ش ىر نىًقيبنا (‪ ،)11‬كىم الذين كانوا مرجوعا إليهم عند الضركرات كالعاىات‬ ‫ِب ىع ى‬ ‫ً‬
‫ىكبىػ ىعثٍػنىا م ٍنػ يه ٍم اثٍػ ى ٍ‬
‫كا‪٤‬بصائب كما ركم عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ‪" :‬يكوف ُب ىذه األمة أربعة على خلق إبراىيم كسبعة‬
‫على خلق موسى كثبلثة على خلق عيسى ككاحد على خلق دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فهم ُب مراتبهم سادات‬
‫ا‪٣‬بلق‪.‬‬
‫" كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬ك ٍاألىرض م ىد ٍد ىان ىىا كأىلٍ ىقيػنىا فًيها رك ً‬
‫اس ىي (‪ )12‬بعد كبلـ‪ :‬فيو إشارة أخرل‬ ‫ى ٍ ى ىى‬ ‫ى ٍ ى ى‬
‫أف ركاسي األرض ىم أكلياء هللا‪ ،‬ككما أف ا‪١‬بباؿ ركاسي تتفاكت ُب صغرىا ككربىا‪ ،‬فكذلك‬
‫األكلياء تتفاكت ُب مقاماهتم كأحوا‪٥‬بم عند هللا‪ .‬فالركاسي أعظم ا‪١‬بباؿ‪ ،‬فأعظم األكلياء الغوث‬
‫كالثبلثة ا‪٤‬بختاركف كالسبعة‪ٍ ،‬ب العشرة‪ٍ ،‬ب األربعوف‪ٍ ،‬ب السبعوف‪ٍ ،‬ب الثبل‪ٜ‬بائة كىم البدالء‬
‫كاألكاتد‪ ،‬كالسبعوف النقباء‪ ،‬كاألربعوف ا‪٣‬بلفاء‪ ،‬كالعشرة العلماء‪ ،‬كالسبعة العرفاء‪ ،‬كالثبلثة أىل‬
‫ا‪٤‬بكاشف‪ ،‬كىم الركاسي‪ ،‬كالغوث ػ‬
‫أعِب القطب عليهم ػ مثلو مثل جبل قاؼ‪ .‬كاألكاتد مفزع العامة‪ ،‬كالنقباء مفزع األكاتد‪ ،‬كا‪٣‬بلفاء‬
‫مفزع النقباء‪ ،‬كالعلماء مفزع ا‪٣‬بلفاء‪ ،‬كالعرفاء مفزع العلماء‪ ،‬كأىل ا‪٤‬بكاشف مفزع العرفاء‪،‬‬
‫كالقطب مفزع الكل‪.‬‬

‫كقاؿ بعضهم‪ :‬ىم ٌد األرض بقدرتو‪ ،‬كأمسكها ظاىرا اب‪١‬بباؿ كالركاسي‪ .‬كأما الركاسي اب‪٢‬بقيقة فهو‬
‫مقاـ أكليائو ُب خلقو‪ ،‬هبم يدفع الببلء عنهم‪ ،‬كٗبكاهنم تصرؼ ا‪٤‬بكاره‪ ،‬فىػ يهم الركاسي على‬
‫ا‪٢‬بقيقة ال ا‪١‬بباؿ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪30‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمن فوقهم األكاتد‪ً ،‬‬
‫كمن فوقهم الركاسي‪.‬‬ ‫كقاؿ دمحم بن علي الَبمذم‪ :‬أف هلل عبادا ىم ا‪٤‬بفزع‪ً ،‬‬
‫فإٔب ا‪٤‬بفزع مرجع عامة العباد كمفزعهم‪ ،‬كمرجع ا‪٤‬بفزع‪ ،‬إذا ىاؿ األمر‪ ،‬إٔب األكاتد‪ ،‬كمرجع‬
‫ض ىم ىد ٍد ىان ىىا‬‫األكاتد إذا استعجل األمر إٔب الركاسي‪ ،‬كىم خاصة األكلياء‪ .‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىك ٍاأل ٍىر ى‬
‫اس ىي (‪.)13‬‬ ‫كأىلٍ ىقيػنىا فًيها رك ً‬
‫ى ٍ ى ىى‬
‫كسع رقعتها ليسّب فيها الناظر ابلعربة كاإلستعبار فيطلب فيها أماكن‬ ‫كقاؿ سهل‪ :‬ىم ٌد األرض‪ٌ :‬‬
‫األكلياء‪ ،‬كىم الركاسي الذين هبم قواـ األرض أىػ‪.‬‬
‫ات ىج ىع ىل‬ ‫اسي كأىنٍػ ىهارا كًمن يك ًل الثَّمر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬ىك يى ىو الَّذم ىم َّد ٍاأل ٍىر ى‬
‫ض ىك ىج ىع ىل ف ىيها ىرىك ى ى ن ى ٍ ٌ ى ى‬
‫ت لًىق ٍووـ يىػتىػ ىف َّك يرك ىف (‪ :.)14‬قاؿ بعضهم‪:‬‬ ‫ك ىآلاي و‬ ‫ً‬
‫ار إً َّف ًُب ىذل ى ى‬
‫ْب اثٍػنىػ ٍ ً ً‬
‫ْب ييػ ٍغشي اللٍَّي ىل النػ ى‬
‫َّه ى‬ ‫فً ىيها ىزٍك ىج ٍ ً‬
‫كىو الذم بسط األرض كجعل فيها أكاتدا من أكليائو كسادة من عبيده‪ ،‬فإليهم ا‪٤‬بلجأ‪ ،‬كهبم‬
‫الغياث‪ .‬فمن ضرب ُب األرض بقصدىم فاز ك‪٪‬با‪ ،‬كمن كاف سعيو لغّبىم خاب‪.‬‬
‫قاؿ ا‪١‬بريرم‪ :‬كاف ُب جوار ا‪١‬بنيد إنساف مصاب ُب خربة‪ ،‬فلما مات ا‪١‬بنيد ك‪ٞ‬بلنا جنازتو‬
‫حضر ا‪١‬بنازة‪ ،‬فلما رجعنا تقدـ خطوات كعبل موضعا من األرض كاستقبلِب بوجهو كقاؿ‪ :‬ايرب‬
‫دمحم ترا٘ب أرجع إٔب تلك ا‪٣‬بربة كقد فقدت ذلك السيد‪ٍ ،‬ب أنشأ يقوؿ‪:‬‬

‫فوا أسفى من فراؽ قوـ ‪ ...‬ىم ا‪٤‬بصابيح كا‪٢‬بصوف‬


‫كا‪٤‬بدف كا‪٤‬بزف كالركاسي ‪ ...‬كا‪٣‬بّب إال من السكوف‬
‫ٓب تتغّب لنا الليإب ‪ ...‬حٌب توفتهم ا‪٤‬بنوف‬
‫فكل ‪ٝ‬بر لنا قلوب ‪ ...‬ككاف ماء لنا عيوف‬
‫كقاؿ الشيخ زركؽ رضي هللا تعأب عنو ُب شرحو على ا‪٢‬بكم العطائية‪ ،‬عند قوؿ ا‪٤‬بصنف رضي‬
‫إٕب كىو اآلف على ما عليو كاف "‪:‬‬
‫هللا تعأب عنو‪ " :‬فشعاع البصّبة ٌ‬
‫أف سيدم عبد هللا بن عباد ر‪ٞ‬بو هللا تعأب نقل عن شيخو‪ ،‬أكحد أىل زمانو علما كعبادة‪ ،‬ك‪٬‬ببة‬
‫أكانو كرعا كزىادة‪ ،‬ا‪٢‬باج أ‪ٞ‬بد بن عاشر أنو قاؿ‪ :‬كليجعل ػ يعِب ا‪٤‬بريد ػ ىجّباه مطالعة كتب‬
‫التصوؼ‪ ،‬كمواالة أىلو ابلتآلف كالتعرؼ‪ .‬فبذلك تقول أنوار إٲبانو كيغنيو‪ ،‬كتنتفي عنو ُب علمو‬
‫بوظائف دينو‪ ،‬كال يقدـ على ذلك إال فرض العْب‪ ،‬كما يستجم بو خاطره من التعب‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ اتج الدين بن عطاء هللا رضي هللا تعأب عنو ُب ا‪٢‬بكم‪ :‬سبحاف من ٓب ٯبعل الدليل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪31‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على أكليائو إال من حيث الدليل عليو‪ ،‬كٓب يوصل إليهم إال من أراد أف يوصلو إليو‪ .‬أىػ‪ .‬كقاؿ‬
‫الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ رضي هللا تعأب عنو ُب شرحو على ىذا احملل‪ :‬ألهنم ال يعرفوف أحدا إال ىدلُّوهي‬
‫عليو‪ ،‬ككيف ال كىم أىل الفضل كالكماؿ‪ ،‬كأعْب ا‪٢‬بق ُب عباده بكل حاؿ‪ .‬ىم القوـ ال يشقى‬
‫هبم جليسهم‪.‬‬
‫كإذا كاف اإلٲباف بطريقتهم كالية فكيف ٗبعرفتها‪ ،‬كإذا كاف كذلك فكيف ٗبعرفتهم‪ ،‬كإذا كانت‬
‫معرفتهم كذلك فكيف ٗبحبتهم‪ ،‬كإذا كانت ‪٧‬ببتهم كذلك فكيف ٗبخالطتهم‪ ،‬كإذا كانت‬
‫‪٨‬بالطتهم كذلك فما ظنك ٖبدمتهم‪ ،‬كإذا كانت خدمتهم كذلك فما ظنك بسلوؾ منهاجهم‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬قاؿ الشيخ أبو العباس ا‪٤‬برسي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ما أصنع ابلكيمياء‪ .‬كهللا لقد‬
‫صحبت أقواما ٲبر أحدىم على الشجرة اليابسة فيشّب إليها فتثمر رماان للوقت‪ .‬فمن صحب‬
‫ىؤالء الرجاؿ ما يصنع ابلكيمياء‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬كهللا ما سار األكلياء من قاؼ إٔب قاؼ حٌب يلقوا مثلنا‪ ،‬فإذا لقوه كاف بغيتهم‪ .‬كقاؿ‬
‫أيضا‪ :‬الوٕب إذا أراد أغُب‪.‬‬

‫كقاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪ :‬إ٭با يكوف اإلقتداء بوٕب دلك هللا عليو‪ ،‬كأطلعك على ما أكدعو من‬
‫ا‪٣‬بصوصية لديو‪ ،‬فطول عنك شهود بشريتو ُب كجود خصوصيتو فألقيت إليو القياد‪ ،‬فسلك‬
‫بك سبيل الرشاد‪ ،‬كيعرفك برعوانت نفسك ككمائنها كدقائقها‪ ،‬كيدلك على ا‪١‬بمع على هللا‪،‬‬
‫كيعلمك الفرار عما سول هللا تعأب‪ ،‬كيسايرؾ ُب طريقتك حٌب تصل إٔب هللا‪ ،‬كيوقفك على‬
‫إساءة نفسك‪ ،‬كيعرفك إبحساف هللا إليك‪ ،‬كيفيدؾ معرفة نفسك كا‪٥‬بركب‬
‫منها كعدـ الركوف إليها‪ ،‬كيفيدؾ العلم إبحساف هللا إليك‪ ،‬كاإلقباؿ عليو كالقياـ بشكر آالئو‪،‬‬
‫كالدكاـ على ‪٩‬بر الساعات بْب يديو‪ .‬فإف قلت فإف من ىذا كصفو لقد دللتِب على أغرب من‬
‫عنقاء ا‪٤‬بغرب‪ ،‬فاعلم أنو ال يعوزؾ كجداف الدالْب‪ ،‬كإ٭با يعوزؾ كجود الصدؽ ُب طلبهم‪ً .‬ج َّد‬
‫يب ال يٍمضطىَّر إً ىذا ىد ىعاهي‬ ‫ً‬
‫صدقا ٘بد مرشدا‪ ،‬ك٘بد ذلك ُب آيتْب من كتاب هللا تعأب‪ :‬أ َّىم ٍن يٯب ي‬
‫ص ىدقيوا َّ‬
‫اَّللى لى ىكا ىف ىخ ٍيػ نرا ى‪٥‬بي ٍم (‪.)16‬‬ ‫(‪ ،)15‬كقاؿ تعأب‪ :‬فىػلى ٍو ى‬
‫فلو اضطررت إٔب ما يوصلك إٔب هللا اضطرار الضمآف للماء‪ ،‬كا‪٣‬بائف لؤلمن لوجدت ذلك‬
‫األـ لولدىا إذا فقدتو لوجدت الوصوؿ‬
‫أقرب إليك من طلبك‪ .‬كلو اضطررت إٔب هللا اضطرار ٌ‬
‫غّب متعذر عليك‪ ،‬كلىتىػ ىو ٌجوى ا‪٢‬ب ٌق بتيسّب ذلك إليك‪ .‬أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪32‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ الشيخ القطب الكامل سيدل دمحم بن سليماف ا‪١‬بزكٔب رضي هللا تعأب عنو‪ُ ،‬ب كتابو‪ :‬كمن‬
‫رب األرابب‪ ،‬كالعصمة من الذنوب‪،‬‬
‫فضائل خدمة األكلياء اكتساب العلوـ كاآلداب‪ ،‬كمعرفة ٌ‬
‫كالتباعد من العيوب‪ ،‬كالوصوؿ إٔب عبلـ الغيوب‪.‬‬

‫كاألخ ٌوة‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬إً َّ٭بىا ال يٍم ٍؤًمنيو ىف إً ٍخ ىوةه‬
‫كا‪٣‬بدمة أيضا إ٭با ىي النصيحة كاإلعانة كاحملبة ي‬
‫ب إً ىَّ‬ ‫ً ً‬
‫ٕب (‪ .)18‬كال ب ٌد للتابع أف يتبع ا‪٤‬بتبوع‪ ،‬كقد كاف للنيب‬ ‫(‪ ،)17‬كقاؿ‪ :‬ىكاتَّب ٍع ىسب ى‬
‫يل ىم ٍن أ ىىان ى‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص خادـ ٱبدمو‪ ،‬كىو أنس بن مالك األنصارم‪ ،‬ىك ىج ىدهي النيب ملسو هيلع هللا ىلص ابن عشرة سنْب‪ ،‬لقد كاف‬
‫لكم ُب رسوؿ هللا أسوة (‪ .)19‬حسنة‪ .‬كما قاؿ بعض ا‪٤‬بشائخ‪ :‬من ظهرت كاليتو كجبت‬
‫خدمتو‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من أتدب مع شيخو أتدب مع ربو‪ ،‬كينبغي للمريد أف يعتقد ُب شيخو‬
‫أنو يرل أحوالو كلها كما يرل األشياء ُب الزجاجة‪ ،‬ألف ا‪٤‬بريد إذا أٮبل أحواؿ قلبو كٓب يتفقدىا‪،‬‬
‫اترة ‪ٚ‬بتلج األنوار ُب قلبو‪ ،‬كاترة يدخل عليها ما يذىبها‪ .‬كا‪٤‬بريد ال ينبغي لو أف يعَبض على‬
‫شيخو‪ ،‬كمن اعَبض على شيخو فقد خرج من دائرتو‪ً ،‬‬
‫كم ٍن ىش ٍرط ا‪٤‬بريد أف يغيب ُب كماؿ‬
‫الشيخ‪ ،‬أل ٌف الشيخ رؤكؼ رحيم اب‪٤‬بريد‪.‬‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫كزج يره ر‪ٞ‬بةه‪ ،‬كلو أنو تركهم على ما ىم فيو من األىواء لفرح إبليس لعنو هللا ‪٥‬ببلكهم‪ ،‬كال يريد‬
‫ٍ‬
‫الشيخ ىبلكهم‪.‬‬
‫اب يك ُّل ىجبَّا ور‬
‫كقاؿ‪ :‬كبلـ الشيخ ر‪ٞ‬بة‪ ،‬فمن ٓب يقبل كبلمو خاب من الر‪ٞ‬بة‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىك ىخ ى‬
‫ىعنً و‬
‫يد‪ .)21( .‬كقاؿ‪ :‬طريقنا طريقة النصح ال طريقة الغش كا‪٣‬بيانة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ بعض الشيوخ ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬الشيخ الواصل حبل هللا ُب أرضو‪ ،‬فمن تعلق بو كصل‪ ،‬كأما غّب‬
‫الواصل فمن تعلق بو انقطع‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب رسالة اإلماـ القشّبم رضي هللا تعأب عنو‪٠ :‬بعت الشيخ أاب عبد الر‪ٞ‬بن السلمي ر‪ٞ‬بو هللا‬
‫يقوؿ‪٠ :‬بعت عبد هللا بن ا‪٤‬بعلم يقوؿ‪٠ :‬بعت أاب بكر الطستا٘ب يقوؿ‪ :‬إنصحبوا مع هللا‪ ،‬فإف ٓب‬
‫تطيقوا فاصحبوا مع من يصحب مع هللا لتوصلكم‬

‫كات صحبتًو إٔب صحبة هللا تعأب‪ .‬أىػ‪ .‬كقاؿ‪ُ ،‬ب ابب كصية ا‪٤‬بريدين‪ :‬كقبوؿ قلوب ا‪٤‬بشائخ‬
‫بر ي‬
‫للمريد أصدؽ شاىد لسعادتو‪ ،‬كمن رده قلب شيخ من الشيوخ فبل ‪٧‬بالة يرل غب ذلك كلو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪33‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بعد حْب‪ .‬كمن خذؿ لَبؾ حرمة الشيوخ فقد ظهر رقم شقاكتو كذلك ال ٱبطأ‪.‬‬
‫َّ ً‬
‫آمنيوا‬ ‫كقاؿ الشيخ الور٘بيِب رضي هللا تعأب عنو ُب عرائس البياف‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬ىايأىيُّػ ىها الذ ى‬
‫ين ى‬
‫اـ (‪ ،)21‬على طريق اإلشارة‪ :‬ىذا نداء ألصحاب القلوب‪ ،‬كخطاب مع‬ ‫ب ىعلىٍي يك ٍم ًٌ‬
‫الصيى ي‬
‫ً‬
‫يكت ى‬
‫طبلب خطاب ىبلؿ ا‪٤‬بشاىد ُب أقطار ‪٠‬باكات الغيوب‪ ،‬أم اي أىل اليقْب فرض عليكم‬
‫اإلمساؾ عن الكوف أصبل ألنكم ُب طلب ا‪٤‬بشاىدة‪ ،‬فواجب عليكم أف تصوموا عن مألوفات‬
‫الطبيعة ُب مقاـ العبودية‪ ،‬كما كتب على الذين من قبلكم (‪ ،)22‬أم كما كتب على ا‪٤‬برسلْب‬
‫كالنبيئْب كالعارفْب كاحملبْب من قبلكم‪ ،‬لعلكم تتقوف (‪ ،)23‬لكي ‪ٚ‬بلصوا عن رجس البشرية‪،‬‬
‫كتصلوا مقاـ األمن كالقربة‪ ،‬أايما معدكدات (‪ ،)24‬كىي أايـ زمن الدنيا‪ ،‬يغرم هبذا ا‪٣‬بطاب‬
‫أكليائو بَبؾ ا‪٤‬بطايبة كا‪٤‬بناكحة كا‪٤‬بباشرة كا‪٤‬بؤانسة كا‪٤‬ببلعبة كلذائذ العيش ُب أكل ألواف‬
‫الشهوات‪ ،‬كشرب ا‪٤‬بياه الباردات‪ ،‬كلبس الناعمات‪ ،‬أم أصربكا اي أكليائي عن شهوات‬
‫الدنيا فإهنا أايـ ستنقرض عن قريب حٌب تفطر بلقاء القد‪ٙ‬ب‪ ،‬كتعيش ُب جوار الكر‪ٙ‬ب‪ .‬فمن كاف‬
‫منكم مريضا (‪ ،)25‬أم من كاف من ا‪٤‬بنقطعْب مريضا من فرقة‪ ،‬أك على سفر (‪ .)26‬الوحشة‪،‬‬
‫أم ُب سفر الوحشة عن كصلٍب‪ ،‬فعدة من أايـ أخر (‪ ،)27‬أم فعليو تدارؾ أايـ الفطر بعد‬
‫إدراكو مقاـ القربة كا‪٤‬بشاىدة‪ ،‬كعلى الذين يطيقونو فدية (‪ ،)28‬أم على الذين يطيقوف‬
‫اإلمساؾ عن الكوف بنعت الزىد عن الدنيا أايـ حياتو‪ ،‬كٓب يعمل عمل أىل الطاعة لقلة توفيقو‬
‫كىدايتو‪ ،‬فدية كىي خدمة أكلياء هللا تعأب ببذؿ النفس كا‪٤‬باؿ‪ ،‬الذين تركوا الدنيا ألىلها‪،‬‬

‫كذلك قولو تعأب طعاـ مساكْب (‪ ،)29‬كا‪٤‬بساكْب الذين صادفوا مقاـ التكوين كٓب يبلغوا مقاـ‬
‫التمكْب‪ ،‬فمن تطوع خّبا فهو خّب لو (‪ ،)31‬أم فمن يفتدم ببذؿ نفسو كمالو ألكلياء هللا‬
‫لعجزه عن حقيقة ا‪٤‬بعاملة‪ ،‬زايدة على الواجب الذم عليو من ا‪٤‬بوجود بعد مقاساتو ُب ا‪٤‬بفقود‪،‬‬
‫فهو خّب لو من طلب الرخص‪.‬‬
‫حكى ابن عطية ُب تفسّب سورة الكهف أف كالده حدثو عن أيب الفضل ا‪١‬بوىرم‪ ،‬الواعظ‬
‫ٗبصر‪ ،‬أنو قاؿ ُب ‪٦‬بلس كعظو‪ :‬من صحب أىل ا‪٣‬بّب عادت عليهم بركتهم‪ ،‬ىذا كلب صحب‬
‫قوما صا‪٢‬بْب فكاف من بركتهم عليو أنو ذكره هللا تعأب ُب القرآف‪ ،‬كال يزاؿ يتلى على األلسنة‬
‫أبدا‪ .‬كلذالك قيل من جالس الذاكرين انتبهو من غفلتو‪ ،‬كمن خدـ الصا‪٢‬بْب ارتفع ‪٣‬بدمتو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫فإذا ىم ٌن هللا عليك أيها األخ ابإلطٌبلع على كاحد من ىذه الطائفة‪ ،‬ك‪ٛ‬بسكت أبثر تلك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪34‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األعتاب‪ ،‬فراقب حينئذ أحوالو‪ ،‬كاجتهد ُب حصوؿ مراضيو‪ ،‬كانكسر كاخضع لو ُب كل كقت‬
‫كحْب‪ ،‬فإنك ترل الَبايؽ كالشفاء فيو‪ .‬فإف قبوؿ ا‪٤‬بشائخ ترايؽ الطريق‪ ،‬من سعد بذلك ًب لو‬
‫ا‪٤‬بطلوب‪ ،‬ك‪ٚ‬بلٌص من كل تعويق‪ .‬فاجتهد أيها األخ لتشييد ىذا ا‪٤‬بعُب‪ ،‬فعسى يرل عليك من‬
‫إستحسانو ‪٢‬بالك أثرا‪ .‬قاؿ بعضهم‪:‬‬
‫ًم ٍن أشد ا‪٢‬برماف أف ٘بتمع أبكلياء هللا كال ترزؽ القبوؿ منهم‪ ،‬ما ذلك إال لسوء األدب كإالٌ فبل‬
‫ٖبل من جناهبم‪ ،‬كال نقص من جهتهم‪.‬‬
‫كما قاؿ ُب ا‪٢‬بكم‪ :‬ليس الشأف أف ترزؽ الطلب‪ ،‬كإ٭با الشأف أف ترزؽ حسن األدب‪.‬‬
‫زار بعض السبلطْب ضريح أيب يزيد هنع هللا يضر كقاؿ‪ :‬ىل ىنا أحد ‪٩‬بن اجتمع أبيب يزيد‪ ،‬فأشّب إٔب‬
‫شخص كبّب ُب السن كاف حاضرا ىناؾ‪ ،‬فقاؿ لو السلطاف‪ :‬ىل ‪٠‬بعت شيئا من كبلمو‪ ،‬فقاؿ‬
‫نعم‪ :‬قاؿ من رآ٘ب ال ‪ٙ‬برقو النار‪ ،‬فاستغرب السلطاف ذلك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كيف يقوؿ أبو يزيد ذلك‬
‫كىذا أبو جهل رأل النيب ملسو هيلع هللا ىلص كىو ‪ٙ‬برقو النار‪ ،‬فقاؿ ذلك الشيخ للسلطاف‪ :‬إف أاب جهل ٓب ىير‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كإ٭با رأل يتيم أيب طالب‪ ،‬كلو رأل رسوؿ هللا‬

‫ملسو هيلع هللا ىلص ٓب ‪ٙ‬برقو النار‪ .‬ففهم السلطاف كبلمو كأعجبو ىذا ا‪١‬بواب منو‪ ،‬أم أنو ٓب يره للتعظيم‬
‫كاإلكراـ كاعتقاد أنو رسوؿ هللا‪ ،‬كلو رآه هبذه العْب ٓب ‪ٙ‬برقو النار‪ ،‬كلكنو رآه ابإلحتقار كاعتقاد‬
‫أنو يتيم أيب طالب‪ ،‬فلم تنفعو تلك الرؤية‪.‬‬
‫كأنت اي أخي لو اجتمعت بقطب الوقت كٓب تتأدب معو‪ٓ ،‬ب تنفعك تلك الرؤية‪ ،‬بل كانت‬
‫مضرهتا أعظم عليك من منفعتها‪ .‬فإذا فهمت ىذا أيها السالك فتأدب بْب يدم الشيخ‪،‬‬
‫كاجتهد أف تسلك أحسن ا‪٤‬بسالك‪ ،‬كخذ ما عرفت ًٔب ٌود كإجتهاد‪ ،‬كاهنض ُب خدمتو كأخلص ُب‬
‫ذلك تسد مع من ساد‪.‬‬
‫كقد رأينا اف نورد ىنا قصيدة القطب الفاضل كالغوث الكامل أيب مدين ‪٤‬بناسبتها ما تقدـ‬
‫اتمة‪ ،‬فنقوؿ‪ :‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫مناسبة ٌ‬
‫ما لذة العيش إال صحبة الفقرا ىم السبلطْب كالسادات كاألمرا‬
‫كأتدب ُب ‪٦‬بالسهم ًٌ‬
‫كخل حظك مهما خالفوؾ كرا‬ ‫فاصحبهم ٌ‬
‫كاستغنم الوقت كاحضر دائما معهم كأعلم أبف الرضا ٱبص من حضرا‬
‫كالزـ الصمت إالٌ إف سئلت فقل ال علم عندم ككن اب‪١‬بهل مستَبا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪35‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كال ترل العيب إالٌ فيك معتقدا ألنٌو مبْب كلو ٓب يكن ظهرا‬
‫ط رأسك كاستغفر ببل سبب كقم على قدـ اإلنصاؼ معتذرا‬
‫كح ٌ‬
‫عما فيك جرل‬
‫كإف بدا منك عيبا فاعَبؼ كأقم كجو اعتذارؾ ٌ‬
‫ابلرفق اي فقرا‬
‫بصفحكم فسا‪٧‬بوا كخذكا ٌ‬
‫ي‬ ‫كقل عيبىػ ٍيدكم أكٔب‬
‫ضل أكٔب كىو شيمتهم فبل ‪ٚ‬بف دركا منهم كال ضررا‬
‫يى ٍم ابلتف ٌ‬
‫كابلتغِب على اإلخواف جد أبدا حسا كمعُب كغض الطرؼ إف عثرا‬
‫ٌ‬
‫كراقب الشيخ ُب أحوالو فعسى ييرل عليك من استحسانو أثرا‬
‫كق ٌدـ ا‪١‬ب ٌد كاهنض عند خدمتو عساه يرضى كحاذر أف تكن ضجرا‬
‫ففي رضاه رضا البارم كطاعتو يرضى عليك ككن ًمن تركًها ً‬
‫حذرا‬ ‫ٍ ٍ‬
‫كاعلم أب ٌف طريق القوـ دراسة كحاؿ من ي ٌدعيها اليوـ كيف ترل‬
‫عنهم خربا‬
‫مِب ي‬ ‫كأٗب ٕب برؤيتهم أك تسمع األذف ٌ‬
‫مٌب أراىم ٌ‬
‫كأٗب ‪٤‬بثلي أف يزا‪ٞ‬بهم على موارد ٓب آلف هبا كدرا‬
‫من ٕب ٌ‬
‫منهم نفرا‬ ‫ً‬ ‫يً‬
‫أحبٌهم كأداريهم كأكث يرىم ٗبهجٍب كخصوصا ي‬
‫قوـ كراـ السجااي أينما جلسوا يبقى ا‪٤‬بكاف على آاثرىم عطرا‬
‫يهدم التصرؼ من أخبلقهم طرفا حسن التآلف منهم راقِب نظرا‬
‫العز مفتخرا‬
‫ٯبر ذيوؿ ٌ‬
‫ىم ‪٩‬بٌن ٌ‬
‫كدم كأحبايب الذين ي‬
‫ىم أىل ٌ‬
‫الزاؿ مشلي هبم ُب هللا ‪٦‬بتمعا كذنبنا فيو مغفورا كمغتفرا‬
‫‪٧‬بمد خّب من أكَب ٗبا نذرا‬
‫ٍب الصبلة على ا‪٤‬بختار سيٌدان ٌ‬
‫فانظر اي أخي إٔب الشيخ أيب مدين كرفعتو ُب الطريق‪ ،‬كما قيل أنو كصل من ‪ٙ‬بت تربيتو أثنا‬
‫كالتدٕب أبغصاف شجرة معرفتو إٔب أرض ا‪٣‬بضوع‬
‫ٌ‬ ‫عشرة ألف مريد‪ ،‬فانظر إٔب ىذا التنزؿ منو‪،‬‬
‫كاإلنكسار حٌب شرع يتأسف على اإلجتماع هبذه الطائفة كيتمناه كيستبعد من نفسو حصوؿ‬
‫ذلك بقولو‪:‬‬
‫مٌب أراىم كأف ٕب برأيتهم أك تسمع األذف مِب عنهم خربا‬
‫ٍب أراد تنزال كتدليا إٔب أرض ا‪٣‬بضوع كاإلنكسار‪ ،‬حٌب أنو ٓب ير نفسو أىبل لئلجتماع أبىل‬
‫الطريق بقولو‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪36‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من ٕب كأٗب ‪٤‬بثلي أف يزا‪ٞ‬بهم ٔب موارد ٓب آلف هبا كدرا‬
‫ٍب إنو دعا أف ال يزاؿ مشلو ‪٦‬بتمعا هبم ُب هللا‪ ،‬كذنبو مغفورا كمغتفرا‪ .‬كىذا ينبئك عن فضل‬
‫صحبتهم‪ ،‬كاإلجتماع هبم كخدمتهم‪ .‬كىذا شأف العارؼ بنفسو‪ ،‬ا‪٤‬بمتلئ قلبو من معرفة ربو‬
‫ا‪٤‬بتجلي بواردات قدسو‪ ،‬ال يرل لنفسو حاال كال مقاال‪ ،‬بل يرل نفسو أقل من كل شيء‪ .‬كىذا‬
‫ىو النظر التاـ‪ .‬كما قيل‪:‬‬
‫إذا زاد علم ا‪٤‬برء زاد تواضعا كإف زاد جهل ا‪٤‬برء زاد ترفعا‬
‫كُب الغصن من ‪ٞ‬بل الثمار مثالو إف يعر من ‪ٞ‬بل الثمار ‪ٛ‬بنعا‬
‫كال يزيده ىذا اإل‪٬‬بفاض إال إرتفاعا‪ ،‬ألف الشجر ال يزيدىا ا‪٬‬بفاظها ُب عركقها إال ارتفاعا ُب‬
‫رأسها‪ .‬فتواضع أيها األخ ُب الطريق‪ ،‬كخذ ىذا األصل العظيم من ىذا العارؼ ا‪٤‬بتمكن يىػ يز ٍؿ‬
‫عنك كل تعويق‪ ،‬كاحذر أف يدب لك داء األمم‪ ،‬كىو حب الرايسة الذم منع أىل الكتاب‬
‫كغّبىم من اتباع سيد العرب كالعجم حٌب ىلكوا مع من ىلك‪ ،‬كىكذا كل شخص بعدىم‬
‫هنجهم سلك‪.‬‬

‫كىذا الداء ىو الذم دب إٔب علماء السوء من أىل ىذا العصر حٌب أعرضوا عن علماء اآلخرة‬
‫‪٤‬با سيصيبهم من هللا من مكر فضلوا كأضلوا كىلكوا‪ ،‬كنعوذ ابهلل من ا‪٣‬بسراف‪ ،‬كنسألو التوفيق‬
‫دكف ا‪٣‬بذالف‪ ،‬كابهلل التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب‪،‬‬
‫كاليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪٧‬بمد‪ ،‬اآلية ‪.7‬‬


‫‪.1‬سورة ٌ‬
‫‪.2‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.145‬‬
‫‪.3‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬
‫‪.4‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.122‬‬
‫‪.5‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.195‬‬
‫‪.6‬سورة ىود‪ ،‬اآلية ‪.113‬‬
‫‪.7‬سورة ىود‪ ،‬اآلية ‪.113‬‬
‫‪.8‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪.35‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪37‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.9‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.251‬‬
‫‪.11‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬
‫‪.11‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪.12‬‬
‫‪.12‬سورة ا‪٢‬بجر‪ ،‬اآلية ‪.19‬‬
‫‪.13‬سورة ا‪٢‬بجر‪ ،‬اآلية ‪.19‬‬
‫‪.14‬سورة الرعد‪ ،‬اآلية ‪3.‬‬
‫‪.15‬سورة النمل‪ ،‬اآلية ‪62.‬‬
‫‪٧‬بمد‪ ،‬اآلية ‪21.‬‬
‫‪.16‬سورة ٌ‬
‫‪.17‬سورة ا‪٢‬بجرات‪ ،‬اآلية ‪11.‬‬
‫‪.18‬سورة لقماف‪ ،‬اآلية ‪15.‬‬
‫‪.19‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪21.‬‬
‫‪.21‬سورة إبراىيم‪ ،‬اآلية ‪15.‬‬
‫‪.21‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪183.‬‬
‫‪.22‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪183.‬‬
‫‪.23‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪183.‬‬
‫‪.24‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.25‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.26‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.27‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.28‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.29‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬
‫‪.31‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.184‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪38‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثالث‬

‫ُب إعبلمهم أف االعتقاد ُب أىل هللا كتصديق ما يربز منهم من العلوـ كا‪٤‬بعارؼ كتسليم ك‪٧‬ببتهم‬
‫كالية‪.‬‬
‫الٰبب إالٌ ىمن‬
‫ٌ‬ ‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو أب سواء الطريق‪ :‬إعلم أ ٌف الشخص‬
‫صحتو‪ ،‬كال يكوف‬ ‫يود إالٌ من كاف بينو كبينو مؤانسة‪ ،‬كال ي ً‬
‫ص ٌدؽ بقلبو إالٌ ما يعلم ٌ‬ ‫يى‬ ‫سو‪ ،‬كال ٌ ى‬ ‫جانى ى‬
‫ذلك إالٌ ابلذكؽ ‪٩‬بٌا ذاقو‪ ،‬أك ابإلٲباف بو‪.‬‬
‫س يرهي لًلٍيي ٍس ىرل (‪.)1‬‬
‫قاؿ تعأب‪ :‬فىأ َّىما من أى ٍعطىى كاتَّػ ىقى كص َّد ىؽ ًاب ٍ‪٢‬بسُب فى ً‬
‫سنيػيى ٌ‬
‫يٍى ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ‬
‫كُب عرائس البياف‪:‬‬

‫كتربأ من الدارين ‪٤‬بشاىدة هللا ككصالو‪ ،‬ىكاتَّػ ىقى ًم ٍن رؤية‬ ‫أعطى‪ًٌ ،‬‬
‫أم بى ىذ ىؿ جهده من الكونْب‪ٌ ،‬‬
‫ف ‪ٝ‬بالو كجبللو للعارفْب‪،‬‬ ‫األعراض ٗبعارضة النفس‪ ،‬كالنظر إٔب غّبهللا‪ ،‬كص ٌدؽ اب‪٢‬بسُب بً ىك ٍش ً‬
‫ا‪٤‬بوحدين‪ ،‬كيرل ما أع ٌد هللا لو ُب األزؿ بوصولو إليو‪ ،‬كال ٯبرم على قلبو خاطر‬
‫كقربو من ٌ‬
‫ً‬
‫يس يره لليسرل‪ ،‬نس ًٌهل لو طريق الوصوؿ إليو‪ ،‬كنرفع عنو الكلفة كالتعب ُب‬
‫فسني ٌ‬
‫الشك أصبل‪ ،‬ى‬
‫العبودية‪ .‬أىػ‬
‫كجل‪" :‬من عادل ٕب كليا فقد أذنتو‬
‫عز ٌ‬‫كركل البخارم أ ٌف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ فيما يركيو عن ربو ٌ‬
‫اب‪٢‬برب"‪ .‬كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كٕب‪ ،‬اصطفيتيو ٌ‬
‫كا‪ٚ‬بذتيو كليٌا‪.‬‬ ‫ًً‬
‫كُب طىيٌو‪ :‬ىمن كأب ٕب كليٌا ألجل أنو ٌ‬
‫كُب شرح قصيدة الشيخ أيب مدين عند قولو‪ " :‬ىم أىل ك ٌدم كأحبايب"‪:‬‬
‫يود إالٌ ىمن كاف بينو كبينو مؤانسة‪ ،‬كُب ىذا الكبلـ‬ ‫فإف الشخص ال ٰبب إالٌ من ٯبانسو‪ ،‬كال ٌ‬
‫إشارة إٔب أنو رضي هللا تعأب عنو ًمن ‪ٝ‬بلتهم‪ ،‬كطينتيو من طينتهم‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كُب إ‪ٙ‬باؼ الزكى بشرح التحفة ا‪٤‬برسلو إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أقل درجات العاقل اللبيب‪ ،‬الناصح‬
‫ب ٗبا يبلغو من علوـ األسرار البارزة من أىل هللا األتقياء األبرار‪ ،‬فإهنٌم ال أيتوف‬ ‫ً‬
‫نفسو‪ ،‬أالٌ يي ىك ٌذ ى‬
‫ا‪٤‬بطهرة‪ ،‬ككيف يكوف خارج عنها كىو من نتائج اإلتًٌبىاع الكامل‪ ،‬كإ٭با‬ ‫ٗبا ىو خارج عن الشريعة ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪39‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أيتوف أبسرار‪ ،‬كحكم من أسرار الشريعة ‪٩‬با ىو خارج عن قوة الفكركالكسب ال تيناؿ إالٌ‬
‫اب‪٤‬بشاىدة‪ ،‬أك اإل‪٥‬باـ السآب من اإلحتماالت‪ ،‬أك ‪٫‬بو ذلك‪.‬‬

‫أقل من أف ال يي ىك ًٌذب أيضا بل لسرحو ُب بقعة االمكاف‪ .‬كأقل‬ ‫فالعاقل اللبيب إف ٓب ي ً‬


‫ص ٌدؽ‪ ،‬فبل ٌ‬‫يى‬
‫ص ًٌدؽ أب ٌف ما يتحقق بو أىل طريق هللا‬
‫درجة الطالب ‪٥‬بذا العلم االشريف اإلحتياطي أف يي ى‬
‫ا‪٤‬بتبعوف اتٌباعا كامبل ُب الظاىر كالباطن حق كإ ٍف ٓب يى يذقٍو‪ ،‬كإذا ىك ىجد من نفسو التصديق ا‪١‬بازـ‬
‫بذلك كاف منهم ُب مشرب من مشارهبم‪ ،‬ككاف على بيٌنة من ربٌو‪ ،‬كال ب ٌد بتلك البيٌنة يصدقهم‬
‫سره ُب الباب الثامن‬
‫كيوافقهم كإ ٍف ٓب يشعر بو‪ ،‬كذا قاؿ الشيخ‪ ،‬يعِب ابن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي ق ٌدس ٌ‬
‫كالثمانْب كا‪٤‬بائتْب‪.‬‬
‫ؤىلوف لئلنتفاع بنتائج األذكاؽ‬‫سره ُب إعجاز البياف‪ :‬ا‪٤‬بي ٌ‬
‫كقاؿ تلميذه الصدر القونوم ق ٌدس ٌ‬
‫للم ًح ٌقْب من أىل هللا كخاصتو‪ ،‬كا‪٤‬بؤمنوف‬ ‫ً‬
‫الصحيحة‪ ،‬كعلوـ ا‪٤‬بكاشفات الصرٰبة‪ ،‬ىم ا‪٤‬بيحبٌوف ي‬ ‫ٌ‬
‫رهبم‬
‫ا‪٤‬بنورة‪ ،‬كالفكرة السليمة‪ ،‬كالعقوؿ الوافرة‪ ،‬الذين يى ٍدعوف ٌ‬ ‫ً‬
‫هبم كأبحوا‪٥‬بم من أىل القلوب ٌ‬
‫كالعشي يريدكف كجهو‪ ،‬كيستمعوف القوؿ فيتٌبعوف أحسنو بصفاء الطويو كحسن إصغاء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ابلغداة‬
‫فٍب ا‪١‬بداؿ كالنزاع ك‪٫‬بوٮبا‪ ،‬متع ًٌرضْب لنفحات جود ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬مراقبْب لو‪،‬‬ ‫بعد ٌ ً ً‬
‫تطهرىم من ص ٍ‬
‫منتظرين ما يربز ‪٥‬بم من جنابو العزيز على يى ًد ىمن كصل ًمن‬
‫كر ىد بواسطة معلومة كبدكهنا‪ ،‬متل ٌقْب ٕبسن األدب‪ ،‬كازنْب لو ٗبيزاف‬‫أم رتبة من مراتب أ‪٠‬بائو‪ ،‬ى‬ ‫ٌ‬
‫احملل‪،‬‬
‫رهبم العاـ اترة ال ٗبوازين عقو‪٥‬بم‪ .‬فمثل ىذا ا‪٤‬بؤمن الصحيح اإلٲباف كالفطرة‪ ،‬الصاُب ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بصحة ما يسمع ًمن كراء س وَب رقيق اقتضاه حكم الطبع‪ ،‬كبقية الشواغل كالعوائق‬ ‫يشعر ٌ‬
‫احملل‪ ،‬كالعائقة لو عن كماؿ اإلستجبلء عن الشعور ا‪٤‬بذكور‪ .‬فهو مستع ٌد‬ ‫ا‪٤‬بستجمة ُب ٌ‬
‫للكشف‪ ،‬مؤىَّل للتٌل ٌقي‪ ،‬منتفع ٗبا يسمع‪ ،‬يم ٍرتى وق بًنيوًر اإلٲباف إٔب مقاـ العياف‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫األكؿ من ظاىر اإلخبارات الشرعية ُب‬


‫كقاؿ ُب حاشية ىذا ا‪٤‬بقاـ‪ :‬ا‪٤‬بيزاف العاـ ىو ا‪٤‬بفهوـ ٌ‬
‫كالسنة النبوية‪ ،‬كا‪٤‬بيزاف ا‪٣‬باص ما يتحقق من الكشف َّ‬
‫احملقق ابلشهود‪،‬‬ ‫الكتاب العزيز‪ٌ ،‬‬
‫كا‪٤‬بدرؾ أيضا من األسرار الشرعية من‬
‫ى‬ ‫كل احتماؿ‪،‬‬
‫السآب من ٌ‬
‫كالتعريف اإل‪٥‬بي‪ ،‬كاإل‪٥‬باـ التٌاـ ٌ‬
‫ابطن الكتاب كالسنة‪ ،‬كىو البطن ا‪٤‬بشار إليو‪ ،‬كفوقو ا‪٢‬ب ٌد كا‪٤‬بطلع‪ ،‬كال يك ٌل من قسم الباطن‪.‬‬
‫اىػ‪.‬‬
‫سره ُب الباب الثامن كالثمانْب كا‪٤‬بائتْب‪ :‬كال يسلٌم لصاحب‬
‫كقاؿ الشيخ يعِب‪ ،‬ا‪٢‬با‪ٛ‬بي ق ٌدس ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪40‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫العلم الذم ىو صاحب العلم الشريف اإلحاطي أخذ طريقو إالٌ ىم ٍن ذاؽ ما ذاقوه‪ ،‬كآمن بو‪،‬‬
‫كما قاؿ أبو يزيد ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬إذا رأيتم من يؤمن بكبلـ أىل ىذه الطريقة‪ ،‬كيسلٌم ‪٥‬بم ما يتحققوف‬
‫بو‪ ،‬فقولوا لو يدعو لكم فإنو ‪٦‬باب الدعوة‪ ،‬ككيف ال يكوف ‪٦‬باب الدعوة كا‪٤‬بسلم ُب ٕببوحة‬
‫ا‪٢‬بضرة لكنو اليعرؼ أنو فيها ‪١‬بهلو‪.‬‬
‫علم األسرار كقىبًلٍتىو كآمنت بو فأبشر‪ ،‬فإنك على‬‫س ىن عندؾ ي‬ ‫كقاؿ ُب مقدمة الفتوحات‪ :‬إذا ىح ي‬
‫الصدر إالٌ ٗبا‬
‫ي‬ ‫كشف منو ضركرة كأنت التدرم‪،‬؟ ال سبيل إالٌ ىذا إ ٍذ ال يثلج أ ًٌ‬
‫ىم ال يسكن‬
‫ً ً‬
‫أم ألنو فوؽ ظهوره من حيث الفكر‪ .‬قاؿ‪ :‬إالٌ إف أتى‬ ‫يقطع بًص َّحتو‪ ،‬كليس للعقل ىنا مدخل‪ًٌ ،‬‬
‫كأما غّب ا‪٤‬بعصوـ فبل يلت ٌذ بكبلمو إال صاحب ذكؽ‪.‬‬
‫بذلك معصوـ‪ ،‬حينئذ يثلج صدر العاقل‪ٌ ،‬‬
‫أىػ‪.‬‬
‫فا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب‪.‬‬
‫يود إالٌ من كاف بينو كبينو مؤانسة‪ ،‬كال‬ ‫ٰبب إالٌ ىمن ٯبانسو‪ ،‬كال ٌ‬ ‫قلت‪ :‬ك‪٩‬بٌا يدؿ على أف ا‪٤‬برء ال ٌ‬
‫ص َّحتو‪ ،‬كال يكوف ذلك إالٌ ابلرزؽ‪،‬؟ قولو تعأب‪ :‬ىو الَّ ًذم أىيَّ ىد ىؾ بًنىص ًرهً‬
‫ٍ‬ ‫يى‬ ‫ٌ‬ ‫ص ًٌدؽ بقلبو إالٌ ما يعلم ً ى‬ ‫يي ى‬
‫ْب قيػليوهبًً ٍم ىكلى ًك َّن َّ‬ ‫ْب قيػليوهبًً ٍم لى ٍو أىن ىف ٍق ى‬ ‫ً‬
‫ف‬‫اَّللى أىلَّ ى‬ ‫ت بىػ ٍ ى‬ ‫ض ىً‬
‫‪ٝ‬ب نيعا ىما أىلٍَّف ى‬ ‫ت ىما ًُب ٍاأل ٍىر ً‬ ‫ىكًابل يٍم ٍؤمنً ى‬
‫ْب ىكأىلَّ ى‬
‫ف بىػ ٍ ى‬
‫بىػ ٍيػنىػ يه ٍم (‪ ،)2‬كُب تفسّب ابن عطيٌة‪:‬‬
‫بسبب األلفة التشابو‪ ،‬فمن كاف من أىل ا‪٣‬بّب ألً ى‬
‫ف أشباىو‪ .‬أىػ‪.‬‬

‫كُب عرائس البياف‪ :‬أىل ى‬


‫ٌف بْب األشكاؿ ابلتجانس كاإلستئناس ألهنا من مصدر فطرة قولو خلقت‬
‫ٌف بْب األركاح ابلتجانس كاإلستئناس من جهة الفطرة ا‪٣‬باصة من قولو كنفخت فيو‬ ‫بيدم‪ ،‬كأل ى‬
‫ٌف بْب القلوب ٗبعاينة ًٌ‬
‫الصفة ‪٥‬با إبشارة قولو عليو السبلـ‪" :‬القلوب بْب إصبعْب‬ ‫من ركحي‪ ،‬كأل ى‬
‫ٌف بْب العقوؿ ٔبانسها من أصل فطرهتا الٍب قيل فيها " العقل أكؿ‬
‫من أصابع الر‪ٞ‬بن"‪ ،.‬كأل ى‬
‫مصدر من البارم "‪ ،‬كذلك قولو عليو السبلـ‪" :‬أٌكؿ من خلق هللا العقل"‪.‬‬
‫انصرؼ منو مصدر الزينة‪ ،‬كألٌف بْب األسرار ٗبطالعة األنوار‪ ،‬كاتصاؿ األنوار هبا من الغيب‪،‬‬
‫أم يشاىدكف أنوار الغيوب ٗبوافقة األشباح من حيث ٘بانس مقاماهتا ُب الطاعات‪ ،‬كرؤية‬
‫قيل ٌ‬
‫اآلايت‪ ،‬كالضفر ابلكرامات‪ ،‬كموافقة األركاح ابئتبلفها‪ ،‬ك‪٦‬بانسة مقاماهتا ُب ا‪٤‬بشاىدات‪،‬‬
‫الصفات‪.‬‬
‫كسلوكها ُب مسالك ا‪٤‬براقبات كاحملاضرات‪ ،‬كموافقة القلوب‪ ،‬من ٘بانس سّبىا ُب ٌ‬
‫فمن شاىد القدرة أيتلف ٗبن شاىد مقامو ُب القدرة‪ ،‬ككذلك مقاـ رؤية ‪ٝ‬بيع الصفات‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪41‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سناء‬ ‫ً‬
‫أنوار األفعاؿ‪ ،‬ك‪ٙ‬بصيلىها ى‬
‫ً‬
‫٘بانس إدراكها ى‬ ‫ً‬ ‫سّبىا ُب أنوار الصفات كموافقة العقوؿ ًم ٍن‬ ‫أل ٌف ى‬
‫ً‬
‫كموافقة األسرار‪ ،‬من‬ ‫ً‬
‫ا‪٥‬بداايت‪،‬‬ ‫ا‪٢‬بكميات ًم ٍن أصوؿ اآلايت كتدبُّ ًرىا‪ ،‬كت ىذ ُّك ىرىا فيو أبنوا ًر‬
‫ً‬
‫كل ًس ٌور يى ًر يد ًم ٍن مشرب ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬أك احملبٌة‪ ،‬أك‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً ً‬
‫مشارهبا م ٍن مشاىد الق ىدـ‪ ،‬كمطالعة األبد‪ .‬ك ًٌ‬ ‫ً‬
‫٘بانس‬
‫الص ٍح ًو‪ ،‬تستأنس ًٗبى ٍن يكوف شربيو ًم ٍن‬
‫الس ٍك ًر‪ ،‬أك ٌ‬ ‫الشوؽ‪ ،‬أك التوحيد‪ ،‬أك الفناء‪ ،‬أك البقاء‪ ،‬أك ُّ‬
‫كل جنس مع جنسو ر‪ٞ‬بةن منو كتلطُّفان‪.‬‬ ‫ٌف بْب ٌ‬ ‫مقامو ًم ىن األسرار‪ ،‬فسبحاف الذم أل ى‬‫ً‬

‫ائتبلؼ ىذه ا‪٤‬بؤلَّفات‪ ،‬كاستئناس ىذه ا‪٤‬بستأنىسات ُب‬ ‫ً‬ ‫قاؿ عليو السبلـ ُب بياف ما شرحنا من‬
‫مقاـ القرابت‪" :‬األركاح جنود ‪٦‬بندة فما تعارؼ منها ائتلف كما تناكر منها اختلف"‪ . .‬فاتبلؼ‬
‫ا‪٤‬بريدين إبرادة‪ ،‬كائتبلؼ احملبٌْب ابحملبٌة‪ ،‬كائتبلؼ ا‪٤‬بشتاقْب ابلشوؽ‪ ،‬كائتبلؼ العاشقْب ابلعشق‪،‬‬
‫ً‬
‫ا‪٤‬بوحدين ابلتوحيد‪ ،‬كائتبلؼ‬
‫كائتبلؼ ا‪٤‬بستأنسْب ابألنس‪ ،‬كائتبلؼ العارفْب اب‪٤‬بعرفة‪ ،‬كائتبلؼ ٌ‬
‫الكاشفْب ابلكشف‪ ،‬كائتبلؼ ا‪٤‬بشاىدين اب‪٤‬بشاىدة‪ ،‬كائتبلؼ ا‪٤‬بخاطىبْب بسماع ا‪٣‬بطاب‪،‬‬
‫كائتبلؼ الواجدين ابلوجد‪ ،‬كائتبلؼ ا‪٤‬بتف ًرسْب ً‬
‫ابلفراسة‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫كائتبلؼ ا‪٤‬بتعبًٌدين ابلعبودية‪ ،‬كائتبلؼ األكلياء ابلوالية‪ ،‬كائتبلؼ األنبياء ٌ‬
‫ابلنبوة‪ ،‬كائتبلؼ‬
‫ٍحق ًٗبىن يليو ُب مقامو‪.‬‬
‫ابلرسالة‪ .‬فكل جنس يستأنس ٔبنسو‪ ،‬كيىػل ى‬
‫ا‪٤‬برسلْب ٌ‬
‫ى‬
‫ابلنبوة‪ ،‬كقلوب الص ٌديقْب‬
‫ف بْب قلوب ا‪٤‬برسلْب ابلرسالة‪ ،‬كقلوب األنبياء ٌ‬ ‫قاؿ بعضهم‪ :‬ألَّ ى‬
‫عامة ا‪٤‬بؤمنْب اب‪٥‬بداية‪.‬‬
‫الصا‪٢‬بْب اب‪٣‬بدمة‪ ،‬كقلوب ٌ‬
‫شهداء اب‪٤‬بشاىدة‪ ،‬كقلوب ٌ‬
‫ابلصدؽ‪ ،‬كقلوب ال ٌ‬
‫ٌ‬
‫فجعل ا‪٤‬برسلْب ر‪ٞ‬بة على األنبياء‪ ،‬كجعل األنبياء ر‪ٞ‬بة على الص ٌديقْب‪ ،‬كجعل الص ٌديقْب ر‪ٞ‬بة‬
‫عامة ا‪٤‬بؤمنْب‪،‬‬
‫الصا‪٢‬بْب ر‪ٞ‬بة على ٌ‬
‫الصا‪٢‬بْب‪ ،‬كجعل ٌ‬
‫شهداء ر‪ٞ‬بة على ٌ‬
‫شهداء‪ ،‬كجعل ال ٌ‬
‫عل ال ٌ‬
‫كجعل ا‪٤‬بؤمنْب ر‪ٞ‬بة على الكافرين‪.‬‬
‫ٔبنس ًو‪،‬‬
‫ط ً‬ ‫الرسوـ لقلم آخر‪ ،‬فكلّّ مربو ه‬
‫ٌف بْب األشكاؿ‪ ،‬كغاير ٌ‬
‫كقاؿ أبو سعيد ا‪٣‬براز‪ :‬أل ى‬
‫أبىل ً ٍ‪٫‬بلتو‪ ،‬كىذا معُب قولو صلى هللا عيو كسلم‪" :‬األركاح جنود ‪٦‬بندة فما تعارؼ‬
‫س ً‬ ‫ً‬
‫كمستأن ه‬
‫منها ائتلف‪ .".‬أىػ‪.‬‬
‫علمت ًعلمان قطعيٌان ٰبصل لك بو‬
‫ى‬ ‫فهمت ‪ٝ‬بيع ما تقدـ‪ ،‬كأعطيتىو ًم ىن التٌ ٌأمل ح ٌقو‪،‬‬ ‫ى‬ ‫قلت‪ :‬كإذا‬
‫معُب ً‬
‫قوؿ الشيخ زركؽ هنع هللا يضر‪:‬‬ ‫علم ى‬
‫ي‬
‫اإلعتقاد أصل ُب كل خّب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪42‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقوؿ القشّبم‪:‬‬
‫اإلعتقاد كالية‪.‬‬

‫لكل موفَّق‪ ،‬كمن ٓب‬ ‫ً‬


‫جلي ٌ‬
‫السادات رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬كىذا ظاىر ٌ‬
‫ككذا غّبٮبا م ىن ٌ‬
‫ٯبعل هللا لو نورا فما لو من نور (‪ ،)3‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنٌو إٔب الصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع‬
‫كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة الليل‪ ،‬اآلايت ‪.7 - 5‬‬


‫‪.2‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآليتاف ‪.63 ،62‬‬
‫‪.3‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.41‬‬

‫الرابع‬
‫الفصل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪43‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب بياف بعض ا‪٢‬بجب الٍب ‪ٛ‬بنع الناس عن معرفة أكلياء هللا‪ ،‬ليتبو ‪٥‬با العاقل فيخرقها كلٌها‪،‬‬
‫كيصل إٔب معرفتهم‪ ،‬كٗبعرفتهم يصل إليهم‪ ،‬كابلوصوؿ إليهم يصل إٔب هللا تعأب‪ ،‬كىو غاية‬
‫ا‪٤‬بطلوب‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬إعلم أ ٌف ا‪٢‬بي يجب الٍب ى‪ٙ‬بٍ يجب عن‬
‫معرفة أكلياء هللا تعأب كثّبة‪ ،‬منها شهود ا‪٤‬بماثلة‪ ،‬كىو أش ٌد حجاب ٰبجب عن معرفة األكلياء‪،‬‬
‫ب هللا تعأب األكلْب عن معرفة النبيئْب‪ ،‬قاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬أى ىكا ىف لًلن ً‬
‫َّاس ىع ىجبنا أى ٍف أ ٍىك ىح ٍيػنىا‬ ‫بو ىح ىج ى‬
‫إً ىٔب ىر يج ول ًم ٍنػ يه ٍم (‪،)1‬‬
‫كقاؿ حاكيا عنهم‪ :‬قىاليوا إً ٍف أىنٍػتم إًَّال ب ى ً‬
‫آاب يؤىان (‪،)2‬‬ ‫كان ىع َّما ىكا ىف يىػ ٍعبي يد ى‬ ‫ص ُّد ى‬ ‫ش هر مثٍػلينىا تي ًري يدك ىف أى ٍف تى ي‬ ‫يٍ ى‬
‫اء يى ٍم ا ٍ‪٥‬بيىدل إًَّال أى ٍف قىاليوا أىبىػ ىع ى‬ ‫ً‬
‫وال (‪،)3‬‬ ‫ش نرا ىر يس ن‬ ‫ث َّ‬
‫اَّللي بى ى‬ ‫َّاس أى ٍف ييػ ٍؤمنيوا إً ٍذ ىج ى‬
‫كقاؿ‪ :‬ىكىما ىمنى ىع الن ى‬
‫ش هر ًمثٍػلي يك ٍم (‪ ،)4‬كقاؿ حاكيا‪ :‬ىما ىى ىذا إًَّال بى ى‬
‫ش هر‬ ‫ين ظىلى يموا ىى ٍل ىى ىذا إًَّال بى ى‬ ‫َّ ً‬
‫َّج ىول الذ ى‬ ‫ىس ُّركا الن ٍ‬ ‫كقاؿ‪ :‬ىكأ ى‬
‫ش هر ًمثٍػلي يك ٍم ىأيٍ يك يل ً‪٩‬بَّا‬
‫َّل ىعلىٍي يك ٍم (‪ ،)5‬كقاؿ‪ :‬ىما ىى ىذا إًَّال بى ى‬ ‫ً‬
‫مثٍػلي يك ٍم يي ًري يد أى ٍف يىػتىػ ىفض ى‬
‫شرا ًمثٍػلى يكم إًنَّ يكم إًذنا ى‪٣‬بى ً‬ ‫ً‬ ‫ىأتٍ يكليو ىف ًم ٍنو كي ٍشر ً‬
‫اس يرك ىف (‪ ،)6‬كقاؿ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ب ‪٩‬بَّا تى ٍش ىربيو ىف تى ٍش ىربيو ىف ىكلىئ ٍن أىطى ٍعتي ٍم بى ى ن‬‫ي ىى ى ي‬
‫شريٍ ًن ًمثٍلًنىا كقىػ ٍويم يهما لىنىا ىعابً يدك ىف (‪ ،)7‬كأخرب أهنم قالوا‪ :‬ىم ً‬ ‫ً ً‬
‫اؿ ىى ىذا‬ ‫ى ى‬ ‫حاكيا عنهم‪ :‬فىػ ىقاليوا أىنيػ ٍؤم ين لبى ى ى‬
‫ش هر ًمثٍػلينىا ىكىما‬
‫اؽ (‪ ،)8‬كقاؿ ‪٨‬بربا عنهم‪ :‬قىاليوا ىما أىنٍػتي ٍم إًَّال بى ى‬ ‫ىسو ً‬ ‫ً‬
‫اـ ىكٲبىٍشي ًُب ٍاأل ٍ ى‬ ‫وؿ ىأيٍ يك يل الطَّ ىع ى‬‫الر يس ً‬
‫َّ‬
‫ود ًابلنُّ يذ ًر‬ ‫الر ٍ‪ٞ‬بىا يف ًم ٍن ىش ٍي وء إً ٍف أىنٍػتي ٍم إًَّال تى ٍك ًذبيو ىف (‪ ،)9‬كقاؿ‪ :‬ىك َّذبى ٍ‬
‫ت ى‪ٜ‬بي ي‬ ‫ىنز ىؿ َّ‬
‫أى‬
‫اح ندا نىػتَّبًعيوي‪)11( .‬‬ ‫شرا ًمنَّا ك ً‬
‫فىػ ىقاليوا أىبى ى ن ى‬
‫قاؿ الشيخ اتج الدين بن عطاء هللا ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬
‫كأشد حجاب ٰبجب عن معرفة أكلياء هللا تعأب شهود ا‪٤‬بماثلة‪ ،‬كىو حجاب قد حجب هللا بو‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫األكلْب‪ ،‬كقاؿ سبحانو كتعأب حاكيا عنهم‪ :‬ما ى ىذا إًَّال ب ى ً‬
‫ش هر مثٍػلي يك ٍم ىأيٍ يك يل ‪٩‬بَّا ىأتٍ يكليو ىف م ٍنوي ىكيى ٍش ىر ي‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬
‫اح ندا نىػتَّبًعيوي (‪،)12‬‬ ‫شرا ًمنَّا ك ً‬ ‫ً‬
‫‪٩‬بَّا تى ٍش ىربيو ىف تى ٍش ىربيو ىف (‪ ،)11‬كقاؿ سبحانو كتعأب ‪٨‬بربا عنهم‪ :‬أىبى ى ن ى‬
‫اـ ىكٲبىٍ ًشي ًُب‬ ‫الر يس ً‬
‫وؿ ىأيٍ يك يل الطَّ ىع ى‬ ‫عز كجل عنهم‪ :‬ىم ً‬
‫اؿ ىى ىذا َّ‬ ‫كقاؿ ٌ ٌ‬
‫ً‬ ‫ٍاأل ٍ ً‬
‫كأشه ىد ىؾ‬
‫ٕب من أكليائو طول عنك بشريتو‪ ،‬ى‬ ‫ىس ىواؽ (‪ ،)13‬كإذا أراد هللا تعأب أف يع ًٌرفك ب ىوً ٌ‬
‫كجود خصوصيتو‬
‫ت نَيٍ ًن‪،‬‬‫كمنها حجاب ا‪٤‬بعاصرة‪ ،‬أل ٌف أكثر ىم ٍن عاصر كليٌا ٯبحد كاليتو‪ ،‬كينكر عليو‪ً ،‬آلفى ى‬
‫إحداٮبا كراىة غالب الناس أف يكوف ألحد من أىل عصرىم شرؼ عليهم ٗبنزلة أك إختصاص‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪44‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حسدا من عند أنفسهم‪ .‬قاؿ الشيخ عبد الوىاب الشعرا٘ب ُب أكؿ طبقاتو‪:‬‬
‫كإ٭با كاف ا‪٤‬بعَبؼ لؤلكلياء كالعلماء بتخصيص هللا ‪٥‬بم كعنايتو هبم كاصطفائو ‪٥‬بم قليبل ُب الناس‬
‫لغلبة ا‪١‬بهل بطريقهم‪ ،‬كاستيبلء الغفلة‪ ،‬ككراىة غالب الناس أف يكوف ألحدىم عليهم شرؼ‬
‫ٗبنزلة كاختصاص حسدا من عند أنفسهم‬

‫قلت‪ :‬كما ابٍػتيلً ىي هبذا ا‪٢‬بجاب أحد مثل الفقهاء الذين ٯبمدكف بعلم الفركع‪ ،‬ا‪٤‬بسمى بعلم الفقو‬
‫اصطبلحا‪ .‬قاؿ الشيخ اتج الدين بن عطاء هللا ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬
‫كلقد ابتلى هللا سبحانو ىذه الطائفة اب‪٣‬بلف‪ ،‬خصوصا أىل العلم الظاىر‪ ،‬ف ىق َّل أف ٘بد منهم ىم ٍن‬
‫معْب‪ ،‬بل يقوؿ لك‪ :‬نىػ ىع ٍم‪ ،‬نعلم أ ٌف األكلياء موجودكف‪ ،‬كلكن أين‬ ‫بوٕب ٌ‬
‫شرح هللا صدره للتٌصديق ٌ‬
‫ىم؟ فبل تذكر لو أحدا إالٌ كأخذ يدفع خصوصية هللا فيو طلق اللساف ابحتجاج عا ور من كجود‬
‫نور التصديق‪ .‬فاحذر ‪٩‬بن ىذا كصفو‪ ،‬كفً َّر منو فرارؾ من األسد‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫الثانية تقييد فضل هللا بزماف أك مكاف أك عْب‪ .‬قاؿ ا‪٤‬بواىب التونسي رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كاحذركا من قولكم ذىب األكابر كالصادقوف من الفقراء‪ ،‬فإهنم ماذىبوا حقيقة كإ٭با ىم ككنز‬
‫صاحب ا‪١‬بدار‪ ،‬كقد يعطي هللا من جاء ُب آخر الزماف ما حجبو عن أىل العصر األكؿ‪ ،‬فإف‬
‫هللا تعأب قد أعطى دمحما ملسو هيلع هللا ىلص ما ٓب يعط األنبياء قبلو‪ٍ ،‬ب ق ٌدمو ُب ا‪٤‬بدح عليهم‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ رضي هللا تعأب عنو ُب أتسيس القواعد‪:‬‬
‫النظر لؤلزمنة كاألشخاص ال من حيث أصل شرعي أمر جاىلي‪ ،‬حيث قاؿ الكفار‪ :‬لى ٍوالى نيػ ٌز ىؿ‬
‫يم (‪ ،)14‬فر ٌد هللا تعأب عليهم بقولو‪ :‬أ يىى ٍم يىػ ٍق ًس يمو ىف ىر ٍ‪ٞ‬بىةى‬ ‫ى ىذا ال يقرآ يف ىعلىى رج ول ًمن الٍ ىقريػتػ ٍ ً ً‬
‫ْب ىعظ ه‬ ‫ى ي ى ٍ ىى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫فرد هللا‬ ‫كإان عل آاثرىم مقتدكف (‪ٌ ،)16‬‬ ‫ك‪ ،‬اآلية (‪ ،)15‬كقالوا‪ٌ :‬إان كجدان آابءات على ٌأمة ٌ‬ ‫ىربًٌ ى‬
‫النظر لًعموـ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عليهم بقولو‪ :‬قي ىل أ ىىكلى ٍو ج ٍئػتي يك ٍم ًأب ٍىى ىدل ‪٩‬بَّا ىك ىج ٍد يًٍب ىعلىٍيو ى‬
‫آاب ىء يك ٍم‪ ،‬اآلية (‪ ،)17‬فلى ًزىـ ي‬
‫شخص إالٌ من حيث ما خصو هللا تعأب بو‪.‬‬ ‫و‬ ‫بوقت كال‬ ‫فضل هللا من غّب مباالة و‬
‫كاألكلياء ُب ذلك تبع لؤلنبياء‪ ،‬ألف الكرامة شاىدة ‪٤‬بعجزة‪ ،‬كالعلماء كرثة األنبياء ُب الر‪ٞ‬بة‬
‫كا‪٢‬برمة كإف تباينا ُب أصل الفضل لو‪.‬‬

‫كفيو‪ :‬كجود ا‪١‬بحد مانع من قبوؿ اجملحود أك نوعو لنفور القلب‪ ،‬كالتصديق مفتاح الفتح ‪٤‬با‬
‫ص ًٌد ىؽ بو كإف ٓب يتوجو لو إ ٍذ ال دافع‪ .‬فا‪٤‬بتوقف مع الفقو ٌ‬
‫يتعْب عليو ٘بويز ا‪٤‬بواىب كالفتح من‬ ‫ي‬
‫غّب تقييد بزماف كال مكاف كال عْب‪ ،‬ألف القدرة ال تتوقف أسباهبا على شيء كإالٌ كاف ‪٧‬بركما ‪٩‬با‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪45‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاـ بو جحوده‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كصاحب ىذا ا‪٢‬بجاب ال ينتفع أبحد من أكلياء عصره‪ .‬كُب طبقات الشعرا٘ب‪:‬‬
‫من كاف شأنو اإلنكار ال ينتفع أبحد من أكلياء هللا ُب عصره‪ ،‬ككفى بذلك خسراان مبينا‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أبو ا‪٤‬بواىب التونسي‪:‬‬
‫كإايؾ اي أخي أف ي‪ٙ‬بٍ ىرىـ احَباـ أصحاب الوقت فتستوجب الطرد كا‪٤‬بقت‪ ،‬فإ ٌف ىمن أنكر على‬
‫أىل زمانو يح ًرىـ بركة أكانو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫فلهذا قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫كمن أعرض عن أىل عصره‪ ،‬مستغنيا بكبلـ ىم ٍن تق ٌدمو ًم ىن األكلياء األموات طيبً ىع عليو بطابع‬ ‫ى‬
‫نيب زمانو كتشريعو مستغنيا بشرائع النبيٌْب الذين خلوا قبلو‪،‬‬ ‫ا‪٢‬برماف‪ ،‬ككاف مثلو كمن أعرض عن ٌ‬
‫فيسجل عليو بطابع الكفر‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كمنها حصر الوالية على اإلتٌصاؼ ابألكصاؼ الٍب ذكرىا ا‪٤‬بؤلفوف ُب كرامات األكلياء‪ ،‬كذكركا‬
‫َّخذ شيخا‪ ،‬كإذا‬
‫فيها شركط الوالية كضوابطها كقواعدىا‪ ،‬ككيف ينبغي أف يكوف الشيخ الذم ييػت ى‬
‫‪٠‬بع من ال دراية لو ابألكلياء كليا‪ ،‬ككاف ذلك السامع قد طالع تلك الكتب ا‪٤‬بؤلفة ُب كرامات‬
‫ض تلك الصورة على أكلياء‬
‫صور الوٕبَّ على ‪٫‬بو ما يسمع ُب تلك الكتب‪ ،‬فإذا ىع ىر ى‬
‫األكلياء‪ٌ ،‬‬
‫زمانو شك فيهم أ‪ٝ‬بعْب‪ .‬قاؿ ُب اإلبريز‪:‬‬

‫ص ٌور‬ ‫ً‬
‫ككم من كاحد سقط من ىذا السبب‪ ،‬فإنو إذا طالع الكتب ا‪٤‬بؤلفة ُب كرامات األكلياء ى‬
‫الوٕب على ‪٫‬بو ما يسمع ُب تلك الكتب‪ ،‬فإذا عرض تلك الصورة على أكلياء زمانو شك فيهم‬ ‫َّ‬
‫أ‪ٝ‬بعْب لً ىما يرل كيشاىد فيهم من األكصاؼ الٍب ال تكتب ُب الكتب‪ ،‬كلو أنو شاىد األكلياء‬
‫الذين يد ًٌكنى ٍ‬
‫ت كراماهتيم قبل تدكينها لوجد فيهم من األكصاؼ ما أنكره على أىل زمانو‪ .‬كقد يبلغ‬
‫ا‪١‬بهل أبقواـ إٔب إنكار الوالية عن كل موجود من أىل زمانو لً ىما استحكم ُب عقو‪٥‬بم من حصر‬
‫الوالية‪ ،‬ك‪ٙ‬بقيقها ابلضوابط‪.‬‬
‫كج ىدىا ال تطابقو‪ ،‬فينفي الوالية عنو‪ ،‬كيصّب‬ ‫فإذا ٌنزؿ تلك الضوابط على موجود من أىل زمانو ى‬
‫ٕب كلٌي ال كجود لو ُب ا‪٣‬بارج‪ ،‬كىٓب يى ٍد ًر أ ٌف الوالية ىي ‪٦‬برد اصطفاء من هللا‬ ‫ً‬
‫حاصلو أنو يؤمن ب ىوًوٌ‬
‫لعبده‪ ،‬كال يقدر على ضبطها ‪٨‬بلوؽ من ا‪٤‬بخلوقات‪ .‬قاؿ‪ :‬كقد كقع لبعض الفقهاء من أىل‬
‫العصر معنا حكاية ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪ ،‬كذلك أنو أتى ببعض كتب القوـ كىو يذكر فيو شركط الوالية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪46‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كضوابطها‪ ،‬ككيف ينبغي أف يكوف الوٕب الذم يشيخ‪ ،‬فقاؿ ٕب‪ :‬أردت منكم أف تسمعوا ًم ًٌِب ما‬
‫الوٕب‪ ،‬كقد فهمت إشارتو‪،‬‬
‫ذكره ىذا الكتاب ُب الوالية‪ ،‬كشركط ٌ‬
‫علي ما ُب ذلك الكتاب‪ .‬فإذا‬
‫كأنو أراد اإلنكار على بعض من ييشار إليو ابلوالية‪ ،‬فأراد أف يقرأ ٌ‬
‫ٍزمِب ما ُب ابطنو من اإلنكار كاإلعَباض على أكلياء هللا عز كجل‪ ،‬فقلت لو‪ :‬ال تقرأ‬
‫سلٌمتيو أل ى‬
‫أخرب٘ب عن‬
‫علي ما شئت‪ٍ .‬‬
‫علي ما ُب ىذا الكتاب حٌب ٘بيبِب عن سؤاؿ‪ ،‬فإذا أجبتِب عنو فاقرأ ٌ‬
‫ٌ‬
‫مؤلف ىذا الكتاب‪ ،‬ىل أحاط ٖبزائن هللا كعطائو كملكو العظيم‪ ،‬أك ىو كما قاؿ ا‪٣‬بضر ‪٤‬بوسى‬
‫عليو السبلـ ما نقص علمي كعلمك من علم هللا إال كما نقص ىذا العصفور بنقرتو من البحر؟‬
‫فإذا أحاط ٗبلك هللا كخزائنو فقولوه حٌب أ‪٠‬بعو منكم‪.‬‬

‫فقاؿ‪ :‬معاذ هللا أف نقوؿ ذلك‪ .‬فقلت‪ :‬كإف قلتم ىو كما قاؿ ا‪٣‬بضر ‪٤‬بوسى عليهما السبلـ‬
‫فخرجت عنو‬
‫ٍ‬ ‫فالسكوت خّب لو‪ ،‬فإ ٌف مثالو كمثل ٭بلة ‪٥‬با غي ىويٍػ هر صغّبه أتكل إليو كتسكن فيو‪،‬‬
‫ك‪ٞ‬بىلىها الفرح على أف جعلت تصيح‬ ‫فوجدت حبة القمح‪ ،‬ففرحت هبا‪ ،‬كأدخلتها ُب مسكنها‪ ،‬ى‬‫ٍ‬
‫كتنادم‪ :‬اي ‪ٝ‬بيع النمل ال مأكل إال ما عندم‪ ،‬كال خّب إال ما أان فيو‪ .‬فقلت لو‪ :‬إهنٌا تي ًتعب‬
‫حل ىقها‪ ،‬كتوجع رأسها ببل فائدة‪.‬‬
‫فإ ٌف من ًعلٍموي ًمن ًعل ًٍم هللا كنقرة العصفور من البحر‪ ،‬كيف ي ً‬
‫ص ٌح منو أف يقطع على ا‪٤‬بؤب‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ي ٍ‬
‫الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كيقوؿ لو أنو ال يرحم إال ىذا‪ ،‬كال يفتح على ىذا‪ ،‬كليس ىذا من األكلياء‪ ،‬كضوابط‬
‫الوالية ال تصدؽ على ىذا كال تطابقو؟ كإذا كاف هللا تعأب يرحم العبد كىو على الكفر فيعطيو‬
‫اإلٲباف‪ٍ ،‬ب يفتح عليو من ساعتو‪ ،‬فأم قاعدة تبقى للوالية حينئذ؟ كإذا قيل لك عن السلطاف‬
‫ا‪٢‬بادث العاجز‪ ،‬ا‪٤‬بيىو ٌٔب على الناس إنو أغُب عبده الفبل٘ب‪ ،‬كمنع ا‪٢‬بر الفبل٘ب‪ ،‬كخلع على‬
‫اليهودم الفبل٘ب كذا ككذا‪ ،‬فإنك ال تستبعده ألنك تعتقد أنو ال‬
‫ك القد‪ٙ‬ب سبحانو‬‫ك ا‪٢‬بادث‪ ،‬فكيف ‪ٛ‬بنع ا‪٤‬بىلً ى‬ ‫كنت تعتقد ىذا ُب ا‪٤‬بىلً ً‬
‫منازع لو ُب ملكو‪ ،‬كإذا ى‬
‫ًم ٍن ذلك بضوابطك كقواعدؾ‪ ،‬كإنك تعتقد أنو فعاؿ ‪٤‬با يريد‪ ،‬كأنو غالب على أمره؟ فقاؿ‬
‫الفقيو‪ :‬ىذا الذم قلتم صواب‪ .‬كهللا إنو ى‪٢‬بقّّ‪ .‬كطول كتابو كقاؿ‪ :‬إ ٍف قيلنا أ ٌف ىؤالء ا‪٤‬بؤلفْب‬
‫أحاطوا ابهلل فبئس ما قلنا‪ .‬إهنم ٓب ٰبيطوا ابلنزر منو‪ ،‬فبل ينبغي لنا أف ‪٫‬بجر على هللا بقواعدىم‪،‬‬
‫م قبل أف تكوف ىذه‬ ‫ً‬
‫مهدم يىد ى‬
‫ٌ‬ ‫كا‪٤‬بهدم ىمن ىداه هللا‪ ،‬ككم ًمن‬
‫ٌ‬ ‫فلى ٍو سكتوا لكاف خّبان ‪٥‬بم‪،‬‬
‫القواعد كالضوابط كهللا ا‪٤‬بوفق‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪47‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمنها ظنٌهم أف الوٕب موصوؼ يوصف من أكصاؼ الربوبية‪ ،‬كىو أنو يفعل ما يشاء‪ ،‬كال يلحقو‬
‫ب لو‪ ،‬أك رأكا‬
‫ستج ٍ‬
‫النبوة‪ ،‬كىو العصمة‪ ،‬كإذا رأكا كليٌا دعا كٓب يي ى‬
‫عجز‪ ،‬كبوصف من أكصاؼ ٌ‬
‫بوٕب‪ ،‬إ ٍذ لو كاف كليٌا الستجاب هللا‬
‫كل ىده على غّب طريق الشرع‪ ،‬أك مرتو ال تتقى هللا‪ ،‬قالوا ليس ٌ‬
‫أىل داره‪ .‬كُب اإلبريز‪:‬‬
‫دعاءه‪ ،‬كلو كاف كليٌا ألصلح ى‬
‫ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إ ٌف الذين ألٌيفوا ُب كرامات األكلياء رضي هللا تعأب عنهم‪ ،‬كإ ٍف‬
‫نفعواالناس ًمن حيث التعريف ابألكلياء‪ ،‬فقد ضركا هبم كثّبا من حيث اقتصركا على ذكر‬ ‫ى‬
‫ؼ‪،‬‬‫امة‪ ،‬كتصرفان على تصر و‬
‫أف الواقف على كبلمهم‪ ،‬إذا رأل كرامةن على كر و‬ ‫الكرامات‪ .‬على َّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫يعجز ُب أمر ييطلىب فيو‪ ،‬كال يصدر منو شيء من‬ ‫توىم أ ٌف الوٕب ال ً‬
‫كشف‪ٌ ،‬‬ ‫ككشفانعلى و‬
‫ٌ‬
‫ف من أكصاؼ‬ ‫وص و‬
‫موصوؼ بً ٍ‬
‫ه‬ ‫ا‪٤‬بخالفات كلو ظاىرا‪ ،‬فيقع ُب جهل عظيم ألنٌو يظن أ ٌف الوٕب‬
‫النبوة‬ ‫و‬
‫الربو بية‪ ،‬كىو أنو يفعل ما يشاء‪ ،‬كال يلحقو عجز‪ ،‬كبوصف من أكصاؼ ٌ‬
‫األكؿ من خصائص الربوبية‪ ،‬كٓب يعطو هللا لرسلو الكراـ فكيف ابألكلياء؟‬ ‫كىو العصمة‪ ،‬كاألمر ٌ‬
‫ت‬‫ىحبىػ ٍب ى‬ ‫ً‬ ‫ك ًم ٍن ٍاأل ٍىم ًر ىش ٍيءه (‪ ،)18‬كقاؿ‪ :‬إًنَّ ى‬
‫ك ىال تىػ ٍهدم ىم ٍن أ ٍ‬ ‫س لى ى‬‫قاؿ هللا تعأب لنبيٌو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬لىٍي ى‬
‫ريب اثنْب فأعطانيهما كسألتو اثنْب‬ ‫شاءي (‪ ،)19‬كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬سألت ٌ‬ ‫اَّللى يىػ ٍه ًدم ىم ٍن يى ى‬ ‫ىكلى ًك َّن َّ‬
‫ث ىعلىٍي يك ٍم ىع ىذ نااب ًم ٍن فىػ ٍوقً يك ٍم (‪ )21‬فقلت‪:‬‬ ‫فمنعنيهما‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬قيل يىو الٍ ىق ً‬
‫اد ير ىعلىى أى ٍف يىػ ٍبػ ىع ى‬ ‫ٍ ى‬
‫أعوذ بوجهك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أىك ًمن ى‪ٙ‬بٍ ً‬
‫ت أ ٍىر يجلً يك ٍم (‬ ‫ٍ ٍ‬
‫س يك ٍم ًشيىػ نعا (‪ )22‬فقلت‪ :‬أعوذ‬ ‫ً‬
‫‪ )21‬فقلت‪ :‬أعوذ بوجهك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أ ٍىك يىػلٍب ى‬
‫ض (‪ )23‬فقلت‪ :‬أعوذ‬ ‫س بىػ ٍع و‬
‫ض يك ٍم ىأبٍ ى‬ ‫يق بىػ ٍع ى‬‫بوجهك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قد سبق القضاء‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىكيي ًذ ى‬
‫بوجهك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬سبق القضاء‪".‬‬

‫ب إً َّف ابًٍِب ًم ٍن أ ٍىىلًي ىكإً َّف‬ ‫اؿ ىر ًٌ‬‫وح ىربَّوي فىػ ىق ى‬


‫كقاؿ تعأب ُب سؤاؿ نوح ‪٪‬باة ابنو من الغرؽ‪ :‬ىكىان ىدل ني ه‬
‫صالً وح فى ىبل‬
‫ك إًنَّوي ىع ىم هل غىٍيػ ير ى‬‫س ًم ٍن أى ٍىلً ى‬ ‫اؿ ىاي ني ي ً‬
‫وح إنَّوي لىٍي ى‬ ‫ْب قى ى‬ ‫ً‬
‫ىح ىك يم ا ٍ‪٢‬بىاك ًم ى‬
‫تأٍ‬ ‫ىك ٍع ىد ىؾ ا ٍ‪٢‬بى ُّق ىكأىنٍ ى‬
‫ك بً ًو ًعلٍم إًً٘ب أ ً‬
‫ك‬
‫ىعظي ى‬ ‫ه ٌ‬ ‫س لى ى‬ ‫تى ٍسأىلٍ ًن ىما لىٍي ى‬
‫وح كاًمرأىةى لي و‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫وط‬ ‫اَّللي ىمثى نبل للَّذ ى‬
‫ين ىك ىف يركا ا ٍم ىرأىةى ني و ى ٍ ى‬ ‫ب َّ‬ ‫ض ىر ى‬
‫ْب (‪ ،)24‬كقاؿ تعأب‪ :‬ى‬ ‫أى ٍف تى يكو ىف م ىن ا ٍ‪١‬بىاىل ى‬
‫اَّلل ىش ٍيػئنا (‪ ،)25‬كالناس‬ ‫اٮبىا فىػلىم يػغٍنًيا ىع ٍنػهما ًمن ًَّ‬ ‫اد ىان ص ً‬
‫ا‪٢‬بىٍ ً‬ ‫ت ىعب ىدي ًن ًمن ًعب ً‬
‫ْب فى ىخانىػتى ي ٍ ي ى ي ى ٍ‬ ‫ى‬ ‫ىكانىػتىا ى‪ٙ‬بٍ ى ٍ ٍ ٍ ى‬
‫اليوـ إذا رأكا كليا دعا كٓب يستجب لو‪ ،‬أك رأكا كلده على غّب طريق الشرع‪ ،‬كامرتو ال تتقى هللا‬
‫بوٕب إذ لو كاف كليا الستجاب هللا دعاءه‪ ،‬كلو كاف كليٌا ألصلح أىل داره‪ ،‬كال يظنوف‬
‫قالوا ليس ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪48‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أف الوٕب يصلح غّبه كىو ال يقدر على إصبلح نفسو‪.‬‬
‫اَّللى ييػ ىزٌكًي ىم ٍن يى ى‬
‫شاءي‪.‬‬ ‫ىح ود أىبى ندا ىكلى ًك َّن َّ‬ ‫ً ً‬ ‫ضل ًَّ‬
‫اَّلل ىعلىٍي يك ٍم ىكىر ٍ‪ٞ‬بىتيوي ىما ىزىكا م ٍن يك ٍم م ٍن أ ى‬ ‫قاؿ تعأب‪ :‬ىكلى ٍوىال فى ٍ ي‬
‫(‪)26‬‬
‫النبوة‪ ،‬قاؿ رضي هللا‬
‫النبوة‪ ،‬كالوالية ال تزاحم ٌ‬
‫كاألمر الثا٘ب‪ ،‬كىو العصمة‪ ،‬فهو من خصائص ٌ‬
‫تعأب عنو‪ :‬كا‪٣‬بّب الذم يظهر على يد الوٕب إ٭با ىو من بركتو عليو الصبلة كالسبلـ‪ً ،‬إذ اإلٲباف‬
‫الذم ىو السبب ُب ذلك ا‪٣‬بّب إ٭با كصل إليو بواسطة النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬أما ذات الوٕب فإهنا كسائر‬
‫الذكات‪ٖ ،‬ببلؼ األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ فإهنم يجبًلوا على العصمة‪،‬‬

‫كفي ًطركا على معرفة هللا تعأب كتقواه‪ٕ ،‬بيث أهنم ال ٰبتاجوف إٔب شرع يتبعونو‪ ،‬كال إٔب معلم نبيو‬
‫يستفيدكف منو‪ ،‬كا‪٢‬بق ساكن ُب ذكاهتم‪ ،‬كحرؼ النبوة الذم طبعوا عليو يسلك هبم ا‪٤‬بنهج‬
‫القو‪ٙ‬ب‪ ،‬كالصراط ا‪٤‬بستقيم‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كلو أف الناس الذين ألٌفوا ُب الكرامات‬
‫قصدكا إٔب شرح حاؿ الوٕب الذم كقع التأليف فيو‪ ،‬فيذكركف ما كقع لو بعد الفتح من األمور‬
‫الوٕب يدعو اترة‬ ‫ً‬
‫الناس األكلياء على ا‪٢‬بقيقة‪ ،‬فيعلموف أ ٌف ٌ‬
‫الباقية الصا‪٢‬بة‪ ،‬كاألمور الفانية‪ ،‬لى ىعل ىم ي‬
‫فيستجاب لو كمرة ال يستجاب لو‪ ،‬كيريد األمر‪ ،‬فتارة‬
‫الوٕب أبنو اترة‬
‫قضى كاترة ال يقضى‪ ،‬كما كقع لؤلنبياء كالرسل عليهم الصبلة كالسبلـ‪ .‬كيريد ٌ‬
‫يي ى‬
‫الوٕب أبمر‬
‫تظهر الطاعة على جوارحو‪ ،‬كاترة تظهر ا‪٤‬بخالفة عليها كسائر الناس‪ ،‬كإ٭با امتاز ٌ‬
‫كاحد‪ ،‬كىو ما خصو هللا تعأب بو من ا‪٤‬بعارؼ‪ ،‬كمنحو من ا‪٤‬بفتوحات‪ .‬كمع ذلك فا‪٤‬بخالفة إ ٍف‬
‫ظهرت عليو فإ٭با ىي ٕبسب ما يظهر لنا ال ُب ا‪٢‬بقيقة‪ ،‬ألف ا‪٤‬بشاىدة الٍب ىو فيها أتىب‬
‫ٍ‬
‫ا‪٤‬بنع من‬
‫النبوة‪ ،‬فإف ى‬
‫ا‪٤‬بخالفة‪ ،‬ك‪ٛ‬بنع ا‪٤‬بعصية منعا ال ينتهي إٔب العصمة حٌب تزاحم الوالية ٌ‬
‫ضي ُب األكلياء‪ ،‬فيمكن زكالو ُب‬
‫عر ٌ‬
‫ا‪٤‬بعصية ذاٌب ُب األنبياء‪ ،‬ى‬
‫كسره ما سبق‪ ،‬كىو أ ٌف خّب األنبياء من ذكاهتم‪ ،‬كخّب‬
‫األكلياء كال ٲبكن زكالو ُب األنبياء‪ٌ ،‬‬
‫األكلياء من غّب ذكاهتم‪ ،‬فعصمة األنبياء ذاتية‪ ،‬كعصمة األكلياء عرضية‪ .‬فإف العارؼ الكامل‬
‫ص ىد هبا امتحاف من شاىدىا كاختباره‪ ،‬كلذلك‬
‫إذا كقعت منو ‪٨‬بالفة فهي صورية غّب حقيقية‪ ،‬قى ى‬
‫أسرار‪ ،‬فنطلب من هللا أف يوفٌقنا لئلٲباف أبكليائو كما كفٌقنا لئلٲباف أبنبيائو عليهم الصبلة‬
‫كالسبلـ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪49‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كمن علًم سّبة النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب أكلو كشربو كنومو كيقظتو‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع أحوالو‬
‫مرة كييداؿ عليو أخرل‪ ،‬ككيف يطلب‬ ‫ً‬
‫ُب بيتو‪ ،‬كعلم سّبتو ُب حركبو كغزكاتو‪ ،‬ككيف ييداؿ لو ٌ‬
‫منو أانس قوما من أصحابو ٍب يذىبوف كيغدركف هبم كما ُب غزكة الرجيع كغزكة بئر ا‪٤‬بعونة‪،‬‬
‫كعلًم ما كقع ُب قصة ا‪٢‬بديبية كغّبىا‪ ،‬كلكل ذلك أسرار رابنية أطٍلى ىع هللا عليها نبيٌو ىانت عليو‬
‫معرفة األكلياء‪ .‬كال يستكثر ما يراه على ظواىرىم من األمور الفانية‪ ،‬كاألكصاؼ البشرية‪ ،‬كهللا‬
‫تعأب ا‪٤‬بوفق‪.‬‬
‫كمنها اإلعتقاد ا‪١‬بارم عند من ٓب يكن لو إ‪٤‬باـ ٗبعرفة مقامات األكلياء كمشاىدىم‪ ،‬كىو‬
‫يفرؽ أموالو لعباد هللا ٖبيل‪ ،‬كالبخل ٱبالف الوالية‪ ،‬فينفوف عنو‬
‫كل من رآه ال ٌ‬
‫اعتقادىم أ ٌف ٌ‬
‫الوالية بظنهم أنو ٖبيل كىو برمء منو‪ .‬قاؿ ُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫إعلم اي أخي‪ ،‬أ ٌف من األكلياء من ٓب ٯبعل هللا على يديو شيء من أرزاؽ ا‪٣‬ببلئق إلقامتو ُب‬
‫حضرة ا‪٠‬بو ا‪٤‬بانع‪ ،‬فيقوؿ الناس حاشا أف يكوف ىذا من أكلياء هللا تعأب فإف شرط الوٕب‬
‫السخاء كالكرـ‪ ،‬كلو كاف من أكلياء هللا تعأب لكاف كرٲبا سخيا‪ ،‬كذلك ال يقدح‬
‫يود أف لو جعل هللا على يديو رزقا ألحد‬
‫ُب كماؿ كالية الوٕب‪ ،‬ألنو ٓب ٲبنع ذلك ٖببل كإ٭با ىو ٌ‬
‫كأما من ٲبنع ‪٢‬بكمة فبل إٍب‬ ‫شحا كٖببل ُب الطبيعة‪ٌ ،‬‬ ‫كأعطاه لو‪ ،‬كاإلٍب إ٭با ىو ُب ح ٌق من ٲبنع ٌ‬
‫س ًٌم نفسو ٖبيبل‪.‬‬ ‫ً‬
‫عليو‪ ،‬إذ األكلياء على األخبلؽ اإل‪٥‬بية درجوا‪ ،‬كقد ‪٠‬بٌى هللا نفسو ا‪٤‬بانع كٓب يي ى‬
‫طعم لقمةن أحدا‪ ،‬أعلى ُب ا‪٤‬بقاـ ‪٩‬بٌن سفرتيو ‪٩‬بدكدةه ليبل‬ ‫كرٗبا كاف الوٕب الذم ليس لو سفرنة‪ ،‬كٓب ي ً‬
‫ي‬
‫كمل قوما ‪ٞ‬باىم هللا تعأب من مشاركة‬ ‫ً‬
‫كهنارا‪ ،‬كقد قدمنا قبل ىذا العهد قريبا أ ٌف من عباد هللا ال ٌ‬
‫ا‪٢‬بق تعأب ُب خطور‬

‫ًمنَّتً ًه ٍم على أحد من خلقو‪ ،‬فلذلك ٓب ٯبعل على أيديهم رزقا ألحد يتميٌزكف فيو على أقراهنم‬
‫خوفا أف ٱبطر على اب‪٥‬بم ا‪٤‬بنٌة على أحد منهم كلو ُب حاؿ العطاء فقط‪ ،‬كرأكا أف سبلمتهم من‬
‫مزا‪ٞ‬بة هللا تعأب ُب ا‪٤‬بنة أرجح من ذلك العطاء‪ ،‬كما ىو مشهد الكمل من ا‪٤‬ببلمتية ُب تركهم‬
‫كَب ٕبق الربوبية كزاد عليو‪ ،‬فافهم‪.‬‬
‫كثّبا من النوافل الٍب يرل العبد هبا أنو قد ٌ‬
‫كقاؿ ُب تنبيو ا‪٤‬بغَبين‪ :‬كمن أخبلقهم كثرة السخاء كا‪١‬بود‪ ،‬كبذؿ األمواؿ‪ ،‬كمواساة اإلخواف ُب‬
‫حاؿ سفرىم كُب حاؿ إقامتهم‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ ،‬قلت‪ً :‬م ٍن أ‪٠‬باء هللا تعأب ا‪٤‬بانع‪ ،‬فيمنع سبحانو‬
‫كتعأب ىمن سألو حاجة ‪٢‬بكمة ال لبخل‪ ،‬تعأب هللا عن ذلك‪ ،‬فما نيًق ىل عن بعض األكابر من أ ٍف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪50‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كجل‪ ،‬فليفهم‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫عز ٌ‬‫السائل فهو ‪٢‬بكمة ال لبخل‪ٚ ،‬بلٌقا أبخبلؽ هللا ٌ‬
‫ى‬ ‫ىمنى ىع‬
‫كمنها قبو‪٥‬بم من ا‪٣‬بلق‪ ،‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬
‫الرجل ما ييػ ٍعطىى صغير عند ا‪٣‬بلق‪ ،‬كىم ال‬ ‫ب ً‬
‫أكلياء هللا قبوي‪٥‬بم ًم ىن ا‪٣‬بلق‪ ،‬فإذا قىبً ىل‬ ‫ً‬
‫كم ٍن يح يج ً‬
‫ي‬
‫كلعل فاعل‬ ‫يكرب عندىم إالٌ من ٓب يػ ٍقبل من دنياىم‪ ،‬كمن إذا أ ً‬
‫رد عليهم‪ ،‬كأىب من القبوؿ‪ٌ .‬‬ ‫يعط ىي َّ‬ ‫ىٍ‬ ‫ى ى ىٍ‬
‫ذلك إ٭با فعلو تزكيقا كزبرجة‪ ،‬كاستئبلفا لقلوب العباد ليتوجهوا ابلتعظيم عليو‪ ،‬كلتنطق األلسن‬
‫ابلثناء عليو‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من طلب ا‪٢‬بمد من الناس يَبؾ األخذ‬
‫منهم‪ ،‬كإ٭با يعبد نفسو كىواه كليس من هللا ُب شيء‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫تزاي بًزيٌهم‪ ،‬كانتسب إٔب مثل طريقهم‪ .‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن أيضا‪:‬‬
‫كمنها كقوع زلٌة ‪٩‬بٌن ٌ‬
‫تزاي بزيٌهم‪ ،‬كانتسب إٔب مثل طريقهم‪.‬‬
‫العواـ عن أكلياء هللا تعأب كقوعي زلٌة ‪٩‬بٌن ٌ‬
‫عقوؿ ٌ‬ ‫كقد يص ٌد ى‬
‫كالوقوؼ مع ىذا حرماف ‪٤‬بن كقف معو‬
‫كقد قاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬ىكىال تى ًزير ىكا ًزىرةه ًكٍزىر أي ٍخ ىرل (‪ ،)27‬فمن أين يلزـ إذا أساء كاحد من‬
‫ا‪١‬بنس‪ ،‬أك ظهر عليو عدـ صدقو ُب طريقو‪ ،‬أف يكوف بقية أىل تلك الطريق كذلك؟ كقد أنشد‬
‫الشيخ علم الدين الصوُب بنفسو ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪:‬‬
‫إستًتىار الر ً‬
‫جاؿ ُب كل أرض ‪ٙ ...‬بت سوء الظنوف قدر جليل‬‫ٍ ي ٌ‬
‫السحاب كىو ‪ٝ‬بيل‬
‫اسوداد ٌ‬
‫ي‬ ‫ا‪٥‬ببلؿ ُب حندس الليػ ‪ ...‬ػل‬
‫يضر ى‬ ‫ما ٌ‬

‫كمنها اعتقادىم أ ٌف األكلياء ال يكونوف إالٌ ُب القفار كالصحارم‪ ،‬كال يكونوف ‪٨‬بتلطْب ابلناس‪،‬‬
‫‪٩‬بيىاثًلًي ًهم ُب األمور ا‪٤‬بباحة‪ .‬كبعضهم يعتقد كٯبوز كجود األكلياء بْب الناس لكنو يعتقد أ ٌف‬
‫الكائنْب ُب الصحارم كالكهوؼ أكمل‪ .‬كبعضهم يعتقد أف اإلنساف ال يكوف كليٌا إالٌ إذا كاف ُب‬
‫ً‬
‫ٕب قطعا‪ ،‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬‫ا‪٣‬بلوات‪ ،‬كأما إذا كاف منغمسا ُب الناس فإنو ليس ب ىوًوٌ‬
‫العلماء إذا رأكا إنساان ينتسب إٔب طريق هللا جاء من الربارم كالقفار أقبلوا عليو ابلتعظيم‬
‫ككٕب بْب أظهرىم فبل يلقوف إليو ابال‪ ،‬كىو الذم ٰبمل أثقا‪٥‬بم‪ ،‬كيدفع‬ ‫و‬
‫كالتكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كىك ٍم من بى ىدؿ ٌ‬
‫متعجبْب بو‬
‫كمثىل الوحش يدخل فيهم‪ ،‬فيحيط الناس بو ٌ‬ ‫فمثىلهم ُب ذاؾ ى‬
‫األغيار عنهم‪ .‬ى‬
‫كا‪٢‬بمر الٍب بْب أظهرىم‪ ،‬الٍب ‪ٙ‬بمل أثقا‪٥‬بم‪ ،‬ال يلتفتوف إليها‪.‬‬
‫لتخاطيط جلده‪ ،‬كحسن صورتو‪ ،‬ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪51‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنهما‪ ،‬قاؿ‪ :‬فذكرت لو‬
‫أنو كاف يتكلم مع شيخو عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫تعظيم الناس للعباد ا‪٤‬بنقطعْب ُب الكهوؼ كجزائر البحر‪ ،‬كمدحتهم كثّبا‪ ،‬كقلت أهنم انقطعوا‬
‫ى‬
‫ك٘بردكا من ‪ٝ‬بيع األغيار‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أحكي لكم حكاية‬
‫لعبادة ا‪٢‬بق سبحانو‪ٌ ،‬‬
‫فقلت‪ :‬معاذ هللا أف يقع ذلك ُب أكىامنا‪ ،‬أك‬
‫زدت فيها شيئا‪ ،‬ي‬
‫فا‪٠‬بعوىا‪ ،‬كهللا حسيب كسائلي إف ي‬
‫يهجس ُب خواطران‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كنت ذات يوـ ُب ا‪٤‬بصلٌى بباب الفتوح مع الشيخ‬
‫سيدم منصور‪ ،‬فبدا لنا أف نذىب إٔب جزيرة ُب البحر الكبّب الذم يضرب‬

‫ُب مدينة سبل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فذىبنا إليها‪ ،‬فإذا ىي جزيرة فيها قدر ميل‪ ،‬كفيها عيناف من ا‪٤‬باء العذب‪،‬‬
‫ككجدان فيها رجبل يعبد هللا تعأب كسنو ‪٫‬بو األربعْب سنة‪ ،‬كفيها بيوت منحوتة من ا‪٢‬بجر‪ ،‬كُب‬
‫كسط البيوت بيوت صغار كهيئة البيوت الصغار الٍب ُب داخل ا‪٢‬بماـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬كال أدرم ىم ٍن‬
‫ا‪٤‬بوضع بعي هد من العمراف ج ٌدا كال تبلغو السفن بوجو كال ٕباؿ‪ ،‬كقد تبلغو السفن‬
‫ى‬ ‫ى‪٫‬بىتىها‪ ،‬أل ٌف‬
‫أحياان‪ ،‬كفيها من األشجار نوع يشبو ‪ٜ‬برة اللوز إالٌ أنو ٱبالفو‪ ،‬كنوع آخر يشبو شجر التغزاز‬
‫كر هؽ عريض أخضر دائما‪.‬‬
‫ا‪٤‬بعركؼ عندان إالٌ أنو أقصر منو‪ ،‬كلو ى‬
‫فنظرت إٔب الرجل‪ ،‬كإذا قيوتيوي ذلك التمر الذم ٱبرج من ذلك النوع الشبيو ابللوز‪ ،‬كذلك الورؽ‬
‫ي‬
‫األخضر الذم ُب النوع اآلخر الشبيو ابلتغزاز‪ ،‬كىو قيوتيوي دائما‪ .‬كنظران إٔب لباسو‪ ،‬فإذا ىو قد‬
‫ىع ىم ىد إٔب قضباف ذلك النوع الشبيو ابلتغزاز‪ ،‬كىي قضبا هف ًرقىا هؽ‪ ،‬فضفر بعضها مع بعض حٌب‬
‫جعل منها مثل ا‪٢‬بزامة فاحتزـ هبا كسَب عورتو‪ ،‬كالباقي ببل سَب‪.‬‬
‫فكلٌمناه كقلنا لو‪ :‬ىك ٍم لك ُب ىذا ا‪٤‬بوضع؟ فقاؿ‪ٕ :‬ب فيو ‪٫‬بو األربعْب سنة‪ ،‬فقلنا لو‪ً :‬سن ى‬
‫ُّك كلٌها‬
‫قدر األربعْب‪ ،‬فمٌب جئتىو؟ فقاؿ‪ :‬جئتيو مع أيب كٕب ‪٫‬بو من ا‪٣‬بمس سنْب كأان صيب صغّب‪،‬‬
‫فبقيت مع أيب ‪٫‬بو ا‪٣‬بمس كالعشرين سنة حٌب مات‪ ،‬فدفنتو ىناؾ‪ ،‬فقلنا لو‪ :‬أ ًرىان قربه لنزكره‪،‬‬ ‫ي‬
‫فأراان قربه‪ ،‬فدعوان لو‪ٍ ،‬بٌ جعلٍنا نتكلم معو‪ ،‬فوجدان لسانو ثقيبل جدا لًًقلَّ ًة ‪٨‬بالطة الناس كىو‬
‫صغّب‪ ،‬ككجدانه يتكلم ابلعربية ألنو من القوـ اجملاكرين لتونس‪ ،‬كىم يتكلموف ابلعربية‪ ،‬فسألناه‬
‫عن اإلٲباف‪ ،‬فوجدانه يعرؼ هللا‪ ،‬إالٌ أنو يعتقد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪52‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪١‬بهة فنهيناه عن ذلك كبىػيَّػنَّا لو الصواب‪ ،‬ككجدانه يعرؼ رسوؿ هللا صلى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كأنو‬
‫سيٌد األكلْب كاآلخرين‪ ،‬كيعرؼ أاب بكر رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كيعرؼ فاطمة بنت الرسوؿ عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ ،‬كسألناه عن ابنها سيدان ا‪٢‬بسن فلم ‪٪‬بده يعرفو‪ ،‬كسألناه عن شهر رمضاف فما‬
‫كجدانه يعرفو‪ ،‬كذ ىكر أنو يصوـ ثبلثْب يوما كلكنها يم ىف ٌرقة ُب السنة‪ ،‬فبىػيٌػنٌا لو كجوب صوـ‬
‫عما ٰبفظ من القرآف فلم ‪٪‬بده ٰبفظ منو سول‬ ‫ً‬
‫موضعو م ىن السنة‪ ،‬كسألناه ٌ‬
‫ى‬ ‫كعيَّػنٌا لو‬
‫رمضاف‪ ،‬ى‬
‫ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب الر‪ٞ‬بن الرحيم الذين أنعمت عليهم‪ ،‬ىكذا‬
‫كجل‪ ،‬فقلنا لو‪:‬‬
‫عز ٌ‬‫ص ٌحفا‪ ،‬فقلنا‪ :‬كما عبادتك؟ قاؿ‪ :‬الركوع كالسجود هلل ٌ‬
‫القدر يم ى‬
‫ٰبفظ ىذا ى‬
‫كىل تناـ؟ فقاؿ‪ :‬أانـ عند سقوط الشمس للغركب إٔب أف يظلم ا‪٢‬باؿ‪ ،‬كما عدا ذلك كلو ركوع‬
‫كسجود‪ ،‬فقلت لو‪ :‬ىل لك أف ‪ٚ‬برج إٔب بلد اإلسبلـ كتعاشر أىلو‪ ،‬فإنك على دينهم‪ ،‬كتؤمن‬
‫لكِب ال أخرج عن‬
‫بنبيٌهم صلى هللا عليهم كسلم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬نعم أان مسلم من ‪ٝ‬بلة ا‪٤‬بسلمْب‪ٌ ،‬‬
‫موضعي ىذا حٌب أموت‪.‬‬
‫كقربنا منو عند ا‪٣‬بطاب بىػ ىع ىد منٌا لعدـ ألفو ابلناس‪ ،‬قاؿ‪ :‬كىو ال يطيق إ ٍف‬
‫قاؿ‪ :‬ككنٌا إذا كلمناه ٌ‬
‫أكل ًم ٍن طعامنا‪ ،‬كال تطيقو ذاتو لطوؿ ألفها بغّبه‪ ،‬قاؿ‪ :‬فنظران فإذا ‪٫‬بو قدر يم ٌود من الرايؿ‬
‫ى‬
‫عنده كفيو بعض ا‪٤‬بثاقيل من الذىب‪ ،‬فقلت لو‪ :‬من أين لك ىذا؟ فقاؿ‪ :‬أرابب السفن أيتوف‬
‫بعض األحياف إٔب ىذه ا‪١‬بزيرة فّبكنِب فيعطو٘ب شيئا من الرايؿ كالداننّب بقدر الزايرة كالتربؾ‪،‬‬
‫مِب معركفا فادعوا ‪٥‬بم كينصرفوف‪ ،‬فقلنا لو‪ :‬أ ٍع ًطنا ىذه الداننّب كالرايالت‪ ،‬ال حاجة‬‫كيطلبوف ٌ‬
‫لك هبا ألنك ال تنوم أف تبِب هبا دارا‪ ،‬كال أف‬

‫تتزكج هبا‪ ،‬كال أف تكتسي هبا‪ ،‬فما لك هبا من حاجة فنأخذىا ‪٫‬بن فلنا هبا حاجة‪ ،‬فأىب كقاؿ‪:‬‬
‫دراٮبي ال أعطيها لكم‪ .‬قاؿ‪ :‬كبقينا معو ساعة طويلة بقصد أف نيعلًٌ ىمو شرائع اإلسبلـ‪ٍ ،‬بٌ ٌ‬
‫كدعناه‬
‫كانصرفنا‪ .‬فلما رآان ٭بشي على ظهر ا‪٤‬باء أبرجلنا كال يصيبنا من ا‪٤‬باء شيء‪ ،‬كٓب ٰبصل لنا غرؽ‪،‬‬
‫كظن أنٌنا من الشياطْب‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كىو إٔب اآلف ُب‬
‫جعل يستعيذ ابهلل منٌا‪ٌ ،‬‬
‫مكمل سبعة كعشرين كمائة ك ألف‪.‬‬
‫ا‪٢‬بجة ٌ‬
‫جزيرتو ُب قيد ا‪٢‬بياة‪ ،‬كذلك ُب الثا٘ب من ذم ٌ‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن مبارؾ قلت‪ :‬كُب ىذه ا‪٢‬بكاية مواعظ‪ ،‬األكٔب‪ :‬معرفة النعمة ا‪٢‬باصلة لنا ُب‬
‫‪٨‬بالطة ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬فإف ذلك يوصلنا إٔب معرفة شرائع اإلسبلـ كأحواؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص كسّبتو كسّبة‬
‫أصحابو رضي هللا تعأب عنهم‪ ،‬ككيف كاف زمانو ملسو هيلع هللا ىلص كزماف أصحابو رضي هللا تعأب عنهم‪ ،‬إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪53‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫غّب ذلك من األمور الٍب يزيد هبا اإلٲباف‪ ،‬فإف ىذا الرجل ‪٤‬بٌا فاتتو ‪٨‬بالطة أىل اإلسبلـ فاتتو‬
‫أضر بو أبوه الذم قدـ بو إٔب‬
‫معرفة ىذه األحواؿ حٌب قلت لشيخنا رضي هللا تعأب عنو‪ :‬لقد َّ‬
‫ىذه ا‪١‬بزيرة كقطعو عن أىل‬
‫تعز قيمة ا‪٤‬بؤمنْب كلو كانوا‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬كلو تركو لكاف خّبا لو كأسعد بو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬صدقت‪ ،‬فهاىنا ٌ‬
‫عصاة‪ ،‬فإ ٌف معرفتهم ابلدين كشرائع اإلسبلـ ال يىػ ٍع ًد ي‪٥‬بىا شيء‪ ،‬فا‪٢‬بمد هلل على ‪٨‬بالطة أىل‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬كمزا‪ٞ‬بتهم ُب األسواؽ ك‪٫‬بوىا‪ ،‬كال سيما ا‪٤‬بزا‪ٞ‬بة ُب مواطن ا‪٣‬بّب‪ ،‬ك‪٥‬بذا يقوؿ الشيخ‬
‫موالان عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب هنع هللا يضر‪ :‬إ ٌف النظر ُب كجوه ا‪٤‬بؤمنْب يزيد ُب اإلٲباف‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬معرفة النعمة الٍب أنعم هللا هبا علينا ُب األكل كالشرب كالكسوة كالنوـ كالراحة كالنكاح‬
‫كالتناسل كغّب ذلك من النًٌعم الٍب يح ًرىم ىها ىذا ا‪٤‬بتعبًٌد‪ ،‬فإنو كما يح ًرـ معرفةي ىذه النعمة يح ًرـ‬
‫لتنعم هبذه النٌعم‪ ،‬كلشكر هللا عليها‪ ،‬ككاف شكره‬ ‫ىذه النًٌ ىع يم أيضا‪ ،‬كلو خالط أىل اإلسبلـ ٌ‬
‫يغَب بو كثّب من الناس ُب أمر‬
‫عليها موفيا كقائما بعبادتو ُب تلك ا‪١‬بزيرة طوؿ عمره‪ .‬الثالثة‪ :‬ما ٌ‬
‫ا‪٤‬بنقطعْب ُب الفلوات كا‪٣‬بلوات‪ ،‬كاعتقادىم الكماؿ فيهم‪ ،‬كأ ٌف ا‪٤‬بقاـ الذم يبلغونو ال يبلغو‬
‫األكلياء ا‪٤‬بنغمسوف ُب الناس‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كمنها ظهور الوٕب ابلسطوة كالعزة‪ ،‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬
‫فمنهم من كاف حجابو ظهوره ابلسطوة كالعزة‪ ،‬كالنفوس ال ‪ٙ‬بتمل ىم ٍن ىذا كصفو‪ .‬كسبب ظهور‬
‫غلبت عليو شهودا‪ ،‬غلبت عليو تلك‬
‫ذلك الوٕب بذلك ٘بلٌي ا‪٢‬بق عليو بو بصفة ظى ىه ىر هبا‪ ،‬فإذا ٍ‬
‫نفسو كىواه‪ .‬كمن ىذا الصنف كاف‬
‫الصفة ظهورا‪ ،‬فبل يصحبو كال يثبت معو إالٌ ىم ٍن ى‪٧‬بى ىق هللا ى‬
‫شيخنا كموالان أبو العباس رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬ال ٘بلس بْب يديو إالٌ كالرعب قد مؤل قلبك‪،‬‬
‫ً‬
‫ابلعز‪.‬‬
‫صوي هللا م ٍن نفسو كىواه فبل يستغرب ظهوره ٌ‬ ‫كم ٍن خلَّ ى‬
‫ى‬
‫كجوده‪ ،‬أفبل ترل أنو ٓب يزؿ ُب كل قطر‬
‫ا‪٤‬بلوؾ ي‬
‫فأم ملك أعظم من ىذا ا‪٤‬بلك؟ ىذا ملك أعوز ى‬
‫تذؿ ‪٥‬بم ملوؾ الزماف‪ ،‬كيعاملوهنم ابلطاعة كاإلذعاف؟‪.‬‬
‫كعصر أكلياء ٌ‬
‫كقاؿ ُب كشف القناع‪:‬‬
‫كمنها ػ يعِب ً‬
‫كم ىن الظنوف السيئة ػ مبادرتك إٔب اإلنكار على ىم ٍن تراه من العلماء كالصا‪٢‬بْب ذا‬
‫فرَّٗبا كاف حجابو عن ا‪٣‬بلق بذلك‪.‬‬ ‫عزة كسطوة‪ ،‬ي‬ ‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪54‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كٕب سَب أك أستار‪ ،‬فمنهم من يكوف سَبه بظهور العزة كالسطوة كالقهر على‬
‫كُب كبلمهم‪ :‬لكل ٌ‬
‫حسب ما يتجلى ا‪٢‬بق تعأب لقلبو‪ ،‬فيقوؿ الناس حاشا أف يكوف ىذا كليٌا كىو ُب ىذه النفس‪،‬‬
‫كغاب عنهم أ ٌف ا‪٢‬بق إذا ٘بلٌى لقلب عبد بصفة القهر كاف قهارا‪ ،‬أك بصفة اإلنتقاـ كاف منتقما‪،‬‬
‫أك بصفة الر‪ٞ‬بة كالشفقة كاف رحيما‪ ،‬كىكذا‪ٍ ،‬ب ال يصحب ذلك الوٕب أك ذلك العآب الذم‬
‫نفسو كىواه‪.‬‬
‫ظهر ٗبظهر العز كالسطوة كاإلنتقاـ من ا‪٤‬بريد كالطلبة إالٌ ىمن ى‪٧‬بى ىق هللا ى‬
‫كمنها كثرة الَبدد إٔب ا‪٤‬بلوؾ كاألمراء ُب حوائج عباد هللا‪ ،‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬
‫الَبدد إٔب ا‪٤‬بلوؾ كاألمراء ُب حوائج عباد هللا‪ ،‬فيقوؿ قصّب األدراؾ لو‬
‫كمنهم ىمن يكوف حجابو ٌ‬
‫تردده إليهم إ ٍف كاف ألجل‬
‫تردد إٔب أبناء الدنيا‪ ،‬كىذا جور من قلبو‪ ،‬بل أنظر ٌ‬
‫كاف ىذا كليٌا ما ٌ‬
‫عباد هللا ككشف الضرر عنهم‪ ،‬كتوصيل ما ال يستطيعوف توصيلو‪ ،‬مع اليأس كالزىد ‪٩‬با ُب‬
‫كالتعزز ابإلٲباف كقت ‪٦‬بالستهم‪ ،‬كأمرىم اب‪٤‬بعركؼ كهنيهم عن ا‪٤‬بنكر‪ ،‬فبل حرج على‬ ‫أيديهم‪ٌ ،‬‬
‫ىمن ىذا شأنو ألنو ًمن احملسنْب‪ ،‬كقد قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىما ىعلىى‬
‫ْب ًم ٍن ىسبًيل (‪ ،)28‬كىكذا كاف شيخ شيوخنا‪ ،‬القطب الكبّب‪ ،‬أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب‬ ‫ً‬
‫ال يٍم ٍحسنً ى‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬حٌب لقد ‪٠‬بعت الشيخ اإلماـ‪ ،‬مفٍب األانـ‪ ،‬تقي الدين دمحم بن علي‬
‫ككالٌةً األمر بًىق ٍد ًر الشيخ أيب ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو‬ ‫القشّبم يقوؿ‪ :‬ىج ٍه يل ً‬
‫الناس ي‬
‫تردده إليهم ُب الشفاعات‪.‬‬
‫كثرةي ٌ‬
‫كٯبب أف تعلم أف ىذا األمر ال يقول عليو إالٌ عبد متخلٌق ٖبلق هللا تعأب‪ ،‬قد بذؿ نفسو كأذ‪٥‬بٌا‬
‫كعلً ىم كسع ر‪ٞ‬بة هللا فعامل ابلر‪ٞ‬بة ى‬
‫عباد هللا متمثٌبل ُب قوؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬ ‫ُب مرضاة هللا‪ ،‬ى‬
‫"الرا‪ٞ‬بوف ير‪ٞ‬بهم الر‪ٞ‬بن إر‪ٞ‬بوا من ُب األرض ير‪ٞ‬بكم من ُب السماء"‪ .‬كلقد يكوف الرجل بْب‬
‫أظهرىم فبل ييػ ٍل يقوف إليو ابال‪ ،‬حٌب إذا مات قالوا لو كاف فبلف‪ ،‬كرٗبا دخل ُب طريق الرجل بعد‬
‫أكثر ‪٩‬با دخل ُب حياتو‪.‬‬
‫كفاتو ي‬
‫كمنها كوف الوٕب يمقاما ُب األسباب‪ ،‬قاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن أيضا‪ ،‬حاكيا عن الشيخ رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪:‬‬
‫ب‪ ،‬كحجايب األسباب‪.‬‬
‫كٕب يح يج ه‬
‫لكل ٌ‬
‫كمنها تصوير الوٕب ُب الذىن عند ‪٠‬باع ا‪٠‬بو قبل اإلجتماع بو‪ ،‬قاؿ ُب اإلبريز أنو ‪٠‬بع شيخو‬
‫رضي هللا تعأب عنهما يقوؿ‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪55‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إف الرجل قد يسمع ابلوٕب ُب ببلد بعيدة فيصوره لنفسو على صورة تطابق الكرامات الٍب تيػ ٍنقل‬
‫عنو‪ ،‬فإذا ىك ىج ىده على غّب تلك الصورة الٍب سبقت ُب ذىنو كقع لو شك ُب كونو ىو ذلك‬
‫ت إليو عنو‬ ‫بوٕب ُب فاس‪ ،‬كنيًقلى ٍ‬
‫الوٕب‪ٍ ،‬ب ذكر رضي هللا تعأب عنو أف رجبل من ا‪١‬بزائر ‪٠‬بع ٌ‬
‫فصوره ُب نفسو ُب صورة شيخ كبّب لو ىيئة عظيمة‪ ،‬فار‪ٙ‬بل إليو ليناؿ من أسراره‪.‬‬ ‫امات‪ٌ ،‬‬
‫كر ه‬
‫فلما كصل مدينة فاس‪ ،‬سأؿ عن دار ذلك الوٕب ف يد َّؿ عليها‪ ،‬ككاف يظن أف للوٕب ب ٌوابًْب يقفوف‬
‫الوٕب‪ ،‬فقاؿ القاصد‪ :‬ايسيدم أريد منكم أف تشاكركا على‬ ‫على ابب داره‪ ،‬فد ٌؽ البار‪ ،‬فخرج ٌ‬
‫كسرت إليو‬
‫ى‬ ‫سيدم الشيخ‪ ،‬فظن أف ا‪٣‬بارج إليو بواب‪ ،‬فقاؿ لو الوٕب‪ :‬الذم قصدتىو من ببلدؾ‪،‬‬
‫مسّبة شهر أك أكثر ىو أان ال غّبم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي سيدم أان رجل غريب‪ ،‬كجئت إٔب الشيخ بشوؽ‬
‫َّ‬
‫عظيم‪ ،‬فدل ًِب عليو ير‪ٞ‬بك هللا‪ ،‬كذلك أنو نظر إٔب ٌ‬
‫الوٕب فلم ٯبد عليو إشارة‪ ،‬كال صورة عظيمة‪،‬‬
‫فقاؿ لو ذلك الوٕب‪ :‬اي مسكْب أان ىو الذم تريد‪ ،‬فقاؿ القاصد‪ :‬أٓب أقل‬

‫لكم إ٘ب غريب‪ ،‬كطلبت منكم أف تدلٌو٘ب على الشيخ‪ ،‬كأنتم تسخركف يب‪ ،‬فقاؿ لو الوٕب‪ :‬هللا‬
‫سخ ٍران بكم‪ ،‬فقاؿ لو القاصد‪ :‬هللا حسبك‪ ،‬كانصرؼ حيث كجدهي على غّب الصورة‬ ‫بيننا إف ً‬
‫الٍب صوره ُب فكره‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كمنها كثرة الغُب كانبساط الدنيا عليو‪.‬‬
‫م أ ٌف رجبل من الصا‪٢‬بْب كاف يتعبد ُب خبلء كمعو تبلمذتو‪ ،‬ككاف عنده أسد يركبو‪ ،‬كحيٌة يقيًٌد‬
‫ير ًك ى‬
‫هبا األسد‪ ،‬ككاف لو أخ كثّب األمواؿ‪ ،‬مشيد البنياف‪ ،‬ككاف العابد ُب ا‪٣‬ببلء يرسل إٔب أخيو كيقوؿ‬
‫لو إٔب مٌب كأنت ُب الدنيا‪ ،‬كُب شغل عن هللا تعأب‪.‬‬
‫كأرسل إليو يوما بعض تبلميذه‪ ،‬فوجدكه يشتغل ُب أموالو‪ ،‬كعليو مفاخر الثياب‪ ،‬فرجعوا إٔب‬
‫شيخهم كٓب يبلغوا رسالتو‪ ،‬كقالوا لو‪ :‬ما أرسلتنا ألحد‪ ،‬فقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬إئتو٘ب ابألسد‪ .‬فركب أسده‪،‬‬
‫ا‪٢‬بي‪،‬‬
‫كجعل حيٌتو عصا يضرب هبا األسد‪ ،‬كمضى مع تبلميذه حٌب أتوه‪ .‬فبُب ‪٥‬بم بيتا إبزاء ٌ‬
‫ففعلت‪ .‬فلما رأل العابد ا‪١‬بوارم‬
‫ٍ‬ ‫كقاؿ ألىلو‪ :‬أرسلي إليهم طعاما‪ ،‬كزيٌِب ا‪١‬بوارم البلٌب ٰبملنو‪،‬‬
‫فيهن شغبل عن هللا‪.‬‬ ‫ً‬
‫سا هف‪ ،‬لوال أ ٌف ٌ‬
‫قاؿ ُب نفسو كهللا إهنن ى‪٢‬ب ى‬
‫فأرسل بعض تبلميذه إٔب األسد‪ ،‬فحمل عليهم األسد كاألسود‪ ،‬ففركا منهما‪ ،‬كمضى بنفسو‬
‫إليهما فىػ ىف ىعبلى بو ما فىػ ىعبلى ابلتبلميذ‪ ،‬فجاء أخوه فقبض ًأبيذي ًف األسد كضربو‪ ،‬كأخذ األسود كقاؿ‬
‫‪٥‬بما‪ :‬أىبًىزلَّوة كاحدةو أتخذاف أخي؟ كقاؿ ألخيو العابد‪ :‬إفتىػتىػ ٍن ى‬
‫ت ًٔبى ىوا ور ىٰبملٍن الطعاـ‪ ،‬فكيف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪56‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يصح لكم إالٌ ا‪٣‬ببلء‪ ،‬كليس الشأف ُب قتل ا‪٢‬بيٌة‪،‬‬
‫بسيدهتن؟ كقاؿ لو‪ :‬إمضي بتبلميذؾ‪ ،‬فبل ٌ‬
‫ٌ‬
‫كإ٭با الشأف ُب إمساكها كىي حيٌة‪.‬‬
‫كقاؿ ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪:‬‬

‫كقد يكوف حجاب الوٕب كثرة الغُب كانبساط الدنيا عليو‪ ،‬كقد قاؿ بعض ا‪٤‬بشايخ رضي هللا تعأب‬
‫عنهم‪ :‬كاف اب‪٤‬بغرب رجل من الزاىدين ُب الدنيا‪ ،‬كمن أىل ا‪١‬ب ٌد كاإلجتهاد‪ ،‬ككاف عيشو ‪٩‬با‬
‫يصيده من البحر‪ ،‬ككاف الذم يصيده يتصدؽ ببعضو كيتقوت ببعضو‪ .‬فأراد بعض أصحاب ىذا‬
‫الشيخ أف يسافر إٔب بلد من ببلد ا‪٤‬بغرب‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬إذا دخلت إٔب بلدة كذا‪ ،‬فاذىب‬
‫مِب السبلـ‪ ،‬كتطلب الدعاء ٕب منو‪ ،‬فإنو كٕب من أكلياء هللا تعأب‪.‬‬
‫إٔب أخي فبلف فاقرئو ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬فسافرت حٌب قدمت تلك البلدة‪ ،‬فسألت عن ذلك الرجل فدللت على دار ال تصلح إالٌ‬
‫تعجيب‪ .‬فبىػ ٍع ىد ساعة إذا‬
‫للملوؾ‪ ،‬فتعجبت من ذلك كطلبتو‪ ،‬فقيل ٕب‪ :‬ىو عند السلطاف‪ ،‬فزاد ٌ‬
‫ىو قد أتى ُب أفخر ملبس كمركب ككأنو ملك ُب موكبو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فزاد ىتع ٌجيب أكثر من األكؿ‪،‬‬
‫ابلرجوع كعدـ اإلجتماع بو‪ٍ ،‬بٌ قلت ال ٲبكنِب ‪٨‬بالفة الشيخ‪ ،‬فاستأذنت فأ ًيذ ىف ٕب‪،‬‬
‫فهممت ٌ‬
‫ي‬
‫فلما دخلت‪ ،‬رأيت ما ىالِب من العبيد ا‪٣‬بدـ كالشارة‪ ،‬فقلت لو‪ :‬أخوؾ فبلف يسلٌم عليك‪،‬‬
‫رجعت إليو فقل لو إٔب كم اشتغالك ابلدنيا‪ ،‬كإٔب‬
‫ى‬ ‫جئت ًم ٍن عنده؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬إذا‬
‫قاؿ ى‬
‫رجعت‬
‫ي‬ ‫فقلت‪ :‬كهللا ىذا أعجب‪ .‬فلما‬
‫كم إقبالك عليها‪ ،‬كإٔب مٌب ال تنقطع رغبتك فيها‪ ،‬ي‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما الذم قاؿ لك‪ ،‬قلت‪ :‬ال شيء‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫إجتمعت أبخي فبلف؟ ي‬‫ى‬ ‫للشيخ قاؿ‪:‬‬
‫ص ىد ىؽ أخي فبلف‪ ،‬ىو غسل هللا قلبىو‬‫ت عليو‪ .‬قاؿ‪ :‬فبكى طويبل‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ى‬ ‫ال ب ٌد أف تقوؿ‪ ،‬فأع ٍد ي‬
‫ًم ىن الدنيا كجعلها ُب يديو‪ ،‬كعلى ظاىره‪ ،‬كأان آخذىا من يدم‪ ،‬كعندم إليها بقااي التطلع‪.‬‬
‫كمنها غّب ما ذيكً ىر ‪٩‬بٌا يطوؿ ع ٌده‪ ،‬كُب ما ذكرانه كفاية‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنٌو للصواب‪ ،‬كإليو‬
‫سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬


‫‪.2‬سورة إبراىيم‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.3‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.93‬‬
‫‪.4‬سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪57‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.5‬سورة ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬اآلية ‪.24‬‬
‫‪.6‬سورة ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬اآليتاف ‪.34 ،33‬‬
‫‪.7‬سورة ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬اآلية ‪.47‬‬
‫‪.8‬سورة الفرقاف‪ ،‬اآلية ‪.7‬‬

‫‪.9‬سورة يس‪ ،‬اآلية ‪.15‬‬


‫‪.11‬سورة القمر‪ ،‬اآليتاف ‪24. ،23‬‬
‫‪.11‬سورة ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬اآلية ‪33.‬‬
‫‪.12‬سورة القمر‪ ،‬اآلية ‪24.‬‬
‫‪.13‬سورة الفرقاف‪ ،‬اآلية ‪7.‬‬
‫‪.14‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪31.‬‬
‫‪.15‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪32.‬‬
‫‪.16‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪23.‬‬
‫‪.17‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪24.‬‬
‫‪.18‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪128.‬‬
‫‪.19‬سورة القصص‪ ،‬اآلية ‪.56‬‬
‫‪.21‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬
‫‪.21‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬
‫‪.22‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬
‫‪.23‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬
‫‪.24‬سورة ىود‪ ،‬اآليتاف ‪.46 ،45‬‬
‫‪.25‬سورة التحر‪ٙ‬ب‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.26‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.21‬‬
‫‪.27‬سورة فاطر‪ ،‬اآلية ‪.18‬‬
‫‪.28‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪58‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل ا‪٣‬بامس‬

‫ٖبلو اليدين من الدنيا كإ٭با ىو ٖبلو القلب‪ ،‬كال يتحقق ‪٥‬بم‬


‫ُب إعبلمهم أف زىد الكمل ليس ىو ٌ‬
‫كماؿ ا‪٤‬بقاـ إال بزىدىم فيما ُب أيديهم‪ ،‬ك‪ٙ‬بت تصريفهم‪ ،‬من غّب حائل ٰبوؿ بينهم كبينو‪.‬‬
‫خلو اليدين رٗبا يكوف لًعلٌ ًة الفقد‪ ،‬كالضعف كالعجز عن الطلب‪،‬‬
‫كإعبلمهم أف إيثار الزىد مع ٌ‬
‫متجردا عن الدنيا ابلكلية‪ ،‬كأ ٌف ىمن ال كسب لو‪،‬‬ ‫ً‬
‫كأ ٌف من شرط الداعي إٔب هللا تعأب أف ال يكوف ٌ‬
‫كالناس ينفقوف عليو‪ ،‬فهو من جنس النساء كليس لو ُب الرجولية نصيب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪59‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ ُب لواقح األنوار القدسية ُب‬
‫العهود احملمدية‪:‬‬
‫ضنا من احملتاجْب‪ ،‬سواء كاف‬ ‫كل ىم ًن است ٍق ىر ى‬ ‫ً‬
‫أيخ ىذ علينا العهد العاـ من الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص أف نقرض ٌ‬
‫سننا (‪ .)1‬كأما‬ ‫ضا ىح ى‬ ‫ضوا َّ‬
‫اَّللى قىػ ٍر ن‬ ‫كجل‪ :‬ىكأىقٍ ًر ي‬
‫عز ٌ‬ ‫مشهورا ُب حسن العاملة أـ ال‪ ،‬إمتثاال لقوؿ هللا ٌ‬
‫التكسب‬ ‫كم ٍن ىنا تسارع األكابر من األكلياء إٔب‬ ‫الفقراء ففاتتهم تلك اللذة كذلك األجر‪ً ،‬‬
‫ٌ‬
‫ثواب أك غّبه‪ ،‬قاؿ‬ ‫ابلتجارة‪ ،‬كالزراعة‪ ،‬كا‪٢‬برفة‪ ،‬ليفوزكا بل ٌذة ا‪٣‬بطاب ال لً ًعلَّ وة أخرل ًمن طلب و‬
‫الص ىبلةً‬ ‫اؿ ىال تيػ ٍل ًهي ًهم ً٘بىارةه كىال بػيع ىعن ًذ ٍك ًر ًَّ‬
‫اَّلل ىكإًقى ًاـ َّ‬ ‫هللا تعأب‪ً :‬ر ىج ه‬
‫ٍ ى ى ىٍ ه ٍ‬
‫فوص يف يه ٍم ابلرجولية ألجل أكلهم‬ ‫ار (‪ٍ .)2‬‬ ‫صي‬ ‫ب فيو الٍ يقلي ي‬
‫وب ىك ٍاألىبٍ ى‬ ‫ي‬ ‫ىٍ ن‬ ‫ىكإًيتى ًاء َّ‬
‫الزىكاةً ىٱبىافيو ىف يػوما تىػتىػ ىقلَّ ً ً‬
‫كسب لو‪ ،‬كالناس‬ ‫كل ‪٧‬بتاج‪ ،‬مفهومو أ ٌف ىم ٍن ال ٍ‬ ‫من كسبهم‪ ،‬كإقراضهم من فواضل كسبهم ٌ‬
‫يينفقوف عليو‪ ،‬فهو من جنس النساء‪ ،‬كإف كاف لو ‪٢‬بية كبّبة‪ ،‬كسبحة‪ ،‬كسجادة‪ ،‬كعذبة‪ ،‬كمرفعة‪،‬‬
‫اؿ‬ ‫كشفاعات عند ا‪٢‬بكاـ‪ ،‬كغّب ذلك‪ ،‬كليس لو ُب الرجولية نصيب‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ًٌ :‬‬
‫الر ىج ي‬
‫ض ىكًٗبىا أىن ىف يقوا ًم ٍن أ ٍىم ىوا‪٥‬بًً ٍم (‪ ،)3‬قاؿ‪ :‬فعلم‬‫ض يه ٍم ىعلىى بىػ ٍع و‬ ‫َّل َّ‬
‫اَّللي بىػ ٍع ى‬ ‫قىػ َّو يامو ىف ىعلىى النًٌ ً ً‬
‫ساء ٗبىا فىض ى‬‫ى‬
‫فإايؾ اي أخي أف تنكر‬ ‫أنو ال يقدح ُب شيخ الزاكية أف يكوف اتجرا أك زارعا‪ ،‬بل ذلك أكمل لو‪ٌ .‬‬
‫على فقّب التكسب ابلتجارة‪ ،‬أك الزراعة‪ ،‬أك معاملة الناس أكاخر عمره كقد ختم عمره ٗبحبٌة‬
‫الدنيا كشهواهتا بعد أف كاف زاىدا فيها كُب أىلها‪ ،‬فرٌٗبا يكوف مشهد ذلك الفقّب ما قلناه‪ ،‬أك‬
‫ً‬
‫الكمل ليس ىو ٖبيليًٌو اليدين من الدنيا كإ٭با ىو ٌ‬
‫ٖبلو‬ ‫الصا‪٢‬بات‪ .‬فإ ٌف زىد ٌ‬ ‫غّب ذلك من النيٌات ٌ‬
‫القلب‪ ،‬كال يتحقق ‪٥‬بم كماؿ ا‪٤‬بقاـ إالٌ بزىدىم فيما ُب أيديهم ك‪ٙ‬بت تصريفهم‪ ،‬من غّب حائل‬
‫وؿ بينهم كبْب كنزه‪.‬‬
‫ىٰبي ي‬
‫كإيثار الزىد مع خلو اليدين رٌٗبا يكوف لً ًعلَّ ًة ال ىف ٍق ًد‪ ،‬فىػ ىق ٍد قالوا ًم ٍن شرط ال ٌداعي إٔب هللا أف ال‬
‫متجردا عن الدنيا ابلكليٌة أب ٍف ‪ٚ‬بلو ي يده منها‪ ،‬كذلك ألنو ٰبتاج ابلضركرة إٔب سؤاؿ‬
‫يكوف ٌ‬
‫كإما اب‪٤‬بقاؿ‪ ،‬كإذا احتاج إٔب الناس ىاف عليهم‪ ،‬كقى َّل نفعيهم بو‪ٖ ،‬ببلؼ ما إذا‬
‫الناس‪ٌ ،‬إما اب‪٢‬باؿ ٌ‬
‫كاف ذا ماؿ ييػ ٍع ًطي منو احملتاجْب ًمن مريديو كغّبىم‪.‬‬
‫كمن ال حاؿ لو كال‬ ‫ا‪٢‬باؿ الذم يٲبًيل بو قلوب ا‪٤‬بريدين إليو‪ ،‬كاف معو ي ً‬
‫ا‪٤‬باؿ يٲبيليهم بو‪ ،‬ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫فم ٍن فىػ ىق ىد ى‬
‫ى‬
‫"عز ا‪٤‬بؤمن استغناؤه عن الناس كشرفو ُب قياـ الليل" أىػ‪.‬‬
‫ماؿ ال ينفعو ا‪٤‬بقاؿ‪ ،‬كُب ا‪٢‬بديث‪ٌ :‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪60‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪ :‬كُب ا‪٢‬بديث أيضا‪" :‬أف من طلب الدنيا قليبل تعففا عن ا‪٤‬بسألة كسعيا على عيالو كتعطفا‬
‫على جاره لقي هللا تعأب ككجهو كالبدر"‪ ،‬كفيو أيضا‪" :‬أنو ملسو هيلع هللا ىلص كاف جالسا مع أصحابو ذات يوـ‬
‫فنظركا إٔب شاب ذم جلد كقوة قد بكر يسعى قالوا ايكيح ىذا لو كاف جلده كشبابو ُب سبيل‬
‫هللا فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ال‬
‫تقولوا ىذا فإنو إف كاف يسعى على نفسو ليكفها على ا‪٤‬بسئلة كيغنيها على الناس فهو ُب سبيل‬
‫هللا كإف كاف يسعى على أبوين ضعيفْب أك ذرية ضعاؼ ليغنيهم كيكفيهم فهو ُب سبيل هللا كإف‬
‫كاف يسعى تفاخرا كتكاثرا فهو ُب سبيل الشيطاف"‪ ،‬كفيو‪" :‬ألف أيخذ أحدكم حبلو فيحتطب‬
‫على ظهره خّب لو من أف أيٌب رجبل أعطاه هللا فيسألو أعطاه أك منعو"‪ ،‬كقاؿ حذيفة‪" :‬خياركم‬
‫سبٌوا الدنيا فنعمت مطية ا‪٤‬بؤمن عليها‬
‫من ٓب يدع دنياه آلخرتو كال آخرتو لدنياه"‪ ،‬كفيو‪" :‬ال تى ي‬
‫يبلغ ا‪٣‬بّب كهبا ينجو من الشر"‪ ،‬كفيو‪" :‬اليد العليا خّب من اليد السفلى‬
‫كالفار من الزحف"‪ ،‬كفيو‪" :‬أ ٌف الصحابة أثنوا عند النيب‬
‫ٌ‬ ‫"الفار من عيالو‬
‫كابدأ ٗبن تعوؿ"‪ ،‬كفيو‪ٌ :‬‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص على رجل ابلعبادة فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص فمن كاف يطعمو كيسقيو كيعلف دابتو كيكفيو ضيعنتو قالوا‬
‫‪٫‬بن اي رسوؿ هللا صلى هللا عليك كسلم فقاؿ كلكم خّب منو"‪ ،‬فقاؿ أبو سليماف الدارا٘ب رضي‬
‫هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫ص َّ‬
‫ف قدميك للعبادة كغّبؾ يقوتك‪ ،‬إ٭با الشأف أف ‪ٙ‬برز رغيفك ُب بيتك‪ٍ ،‬ب‬ ‫" ليس الشأف أف تى ي‬
‫تغلقو كتصلٌي فبل تبإب ابم دا ٌؽ للباب‪ٖ ،‬ببلؼ ىمن قاـ يصلٌي ُب بيتو كليس عنده شيء أيكلو‪،‬‬
‫كل دا ٌؽ د ٌؽ الباب يقوؿ أف معو رغيفا "‪.‬‬
‫فيصّب ٌ‬
‫كقاؿ الثورم‪ " :‬عليكم اب‪٢‬برفة‪ ،‬فإف عامة من أتى أبواب األمراء إ٭با أاتىم ‪٢‬باجة "‪.‬‬
‫صو ىف هبا كجهو عن سؤاؿ‬ ‫ً‬
‫إمساؾ الدنيا ليى ي‬
‫ي‬ ‫كقاؿ عبد هللا بن ا‪٤‬ببارؾ‪ " :‬ال يٱبٍ ًرج العب ىد من الزىد‬
‫الناس "‪.‬‬

‫الدنٍػيىا ىكًزينىػتىػ ىها (‪ " :)4‬كال ٌ‬


‫تظن اي‬ ‫كقاؿ ُب عرائس البياف‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬ىم ٍن ىكا ىف يي ًري يد ا ٍ‪٢‬بىيىا ىة ُّ‬
‫أخي أف العارؼ ا‪٤‬بتم ٌكن إذا ابشر الدنيا كزينتها ىو من ‪ٝ‬بلتهم‪ .‬إنو يريد هللا برغبة ا‪٤‬بعرفة‬
‫كالشوؽ‪ ،‬كيريد الدنيا للكفاؼ كالعفاؼ‪ ،‬يرزقو هللا حياة حسنة كطيبة أبف ٯبعل الدنيا خادمة‬
‫كيبجلو ُب أعْب ا‪٣‬بلق‪ ،‬كييوقً يع ىيبتىو ُب قلوب الناس‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬فىػلىني ٍحيًيىػنَّوي ىحيىاةن طىيًٌبىةن‬
‫لو‪ٌ ،‬‬
‫(‪ ،)5‬كقاؿ عليو السبلـ‪" :‬من أحسن فقد كقع أجره على هللا ُب عاجل الدنيا كآجل اآلخرة"‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪61‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.‬‬
‫كقاؿ لقماف إلبنو‪ " :‬اي بِب‪ٞ ،‬بلت الصخور كا‪٢‬بديد فلم أر شيئا أثقل ًم ىن ال ٌديٍ ًن‪ ،‬كأكلت‬
‫أمر ًم ىن‬
‫الطيٌب معانقة ا‪٢‬بساف فلم أر شيئا أل ٌذ من العافية‪ ،‬كذقت ا‪٤‬برارات كلٌها فلم أذؽ شيئا ٌ‬
‫ا‪٢‬باجة إٔب الناس "‪ .‬كقاؿ الشعرا٘ب‪ً " :‬م ٍن أخبلؽ السلف تقد‪ٙ‬ب ا‪٣‬بوؼ من ا‪٢‬باجة إٔب الناس‬
‫على خوؼ ا‪٢‬بساب من جهة ا‪٤‬باؿ الذم رٗبا دخلتو الشبهة "‪.‬‬
‫إٕب ًم ٍن أف أحتاج‬
‫أحب ٌ‬
‫كقاؿ سفياف الثورم‪ " :‬ألف أخلٌف عشرة آالؼ درىم أحاسب عليها‪ٌ ،‬‬
‫إٔب الناس "‪ .‬كقاؿ‪ " :‬ا‪٤‬باؿ فيما مضى يكره كأما اليوـ فهو طرس ا‪٤‬بؤمن "‪ .‬كقاؿ‪ " :‬حفظك ‪٤‬با‬
‫ُب يدؾ لتقضي بو حاجاتك أكٔب من تصدقك كطلبك ‪٤‬با ُب يد غّبؾ "‪ .‬كقاؿ‪ " :‬خصلتاف ال‬
‫يزاؿ العبد ٖبّب ما حفظهما‪ ،‬درٮبو ‪٤‬بعاشو‪ ،‬كدينو ‪٤‬بعاده "‪.‬‬
‫س ُّر‬
‫ككاف قيس بن عاص‪ ،‬مع زىده ككرعو‪ ،‬يقوؿ لبنيو‪ " :‬عليكم ابلكسب ا‪٢‬ببلؿ فإنو يى ي‬
‫كإايكم كسؤاؿ الناس فإ ٌف‬ ‫ً‬
‫العدك‪ ،‬تستغنوف بو عن سؤاؿ الناس ال سيما اللئيم‪ٌ ،‬‬
‫الصديق‪ ،‬كيي ٍكمد ٌ‬
‫ذلك كسب العاجز "‪.‬‬
‫كقيل للثورل‪ " :‬أيكوف الرجل زاىدا كيكوف لو ا‪٤‬باؿ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬إذا ابٍػتيلً ىي صرب‪ ،‬كإذا أي ٍع ًط ىي‬
‫شكر "‪.‬‬
‫إٕب من أفي أرل ُب زكااي ا‪٤‬بسجد "‪ .‬كقاؿ‪ " :‬عليكم‬
‫أحب ٌ‬
‫كقاؿ أبو قبلبة‪ " :‬ألف أيرل ُب معاشي ٌ‬
‫ابلسوؽ كالصنعة‪ ،‬فإنكم لن تزالوا كراما على إخوانكم ما ٓب ‪ٙ‬بتاجوا إليهم " أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب لواقح األنوار القدسية‪:‬‬

‫يخ ىذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف ننفق على زكجاتنا كعيالنا‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت سيٌدم‬ ‫أً‬
‫الناس دنيواي‪ ،‬فإنو خّب‬ ‫ً‬
‫اؾ ي‬ ‫أس ىع على عيالك ليبل كهنارا كلو ‪٠‬بٌ ى‬ ‫ىعليٌان ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ٍ :‬‬
‫كل ىم ٍن ٓب‬
‫كانظر ما ُب أيديهم‪ ،‬ك ُّ‬ ‫ً‬
‫وؾ صا‪٢‬با كأنت أتكل من صدقاهتم كأكساخهم‪ ،‬ه‬ ‫س ُّم ى‬
‫م ٍن أ ٍف يي ى‬
‫تكرىوي‪ ،‬مع أ ٌف تلك الكراىة ًم ٍن غّب ح ٌق‪.‬‬
‫ك شيئا ي‬ ‫ييػ ٍع ًط ى‬
‫مرة شخصا ًمن مشائخ العصر‪ ،‬كاف يتٌ ًجر ُب لبز كالقماش‪ ،‬فَبؾ‬ ‫فقد رأل سيدم علي ا‪٣‬بواص ٌ‬
‫ذلك كعمل شيخا‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬إرجع إٔب حالتك األكٔب فإهنا أرجح لك‪ ،‬كأطهر لقلبك‪ ،‬فلم‬
‫يسمع‪ ،‬فدعا الشيخ عليو ٗبحبٌة الدنيا كحرمانو منها‪ ،‬فصار بعد شه ور كذلك‪ ،‬فبل ىو يَبؾ‬
‫الدنيا‪ ،‬كال يقدر على أف أيكل منها‪ ،‬كال يتصدؽ منها‪ ،‬كال ينفق على عيالو‪ ،‬فتلف ابلكلية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪62‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٤‬بخالفة اإلرشاد‪.‬‬
‫ٍب ذكر ُب عهد آخر أ ٌف السالك إذا ىم َّن هللا عليو ابلكماؿ ُب الطريق‪ ،‬كصارت الدنيا ُب يديو ال‬
‫ُب قلبو‪ ،‬يتمُب دخو‪٥‬با ُب يده‪ ،‬كينقبض إذا أدبرت عنو‪ ،‬أل ٌف ًم ٍن كماؿ ال ٌداعي إٔب هللا من األئمة‬
‫أف تكوف الدنيا فائضة عليو‪ ،‬يطعم منها أتباعو‪ ،‬كينفق عليهم منها‪ ،‬كمن ٓب يكن كذلك فدعاؤه‬
‫الذؿ ُب طلب اللٌقمة‪ ،‬كا‪٣‬بضوع لً ىم ٍن أاته هبا من أصحابو كغّبىم‪،‬‬
‫إٔب هللا تعأب انقص‪ ،‬كيطرقو ٌ‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫لكل ىم ٍن ٓب ٰبسن إليو‪ ،‬كما سيأٌب ُب حديث من شكر عيالو كٓب يعتب‬ ‫كما أ ٌف م ٍن ال ًزمو الغيبةي ٌ‬
‫ا‪٤‬بسلمْب ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫فأشار إٔب أف الغالب على الفقّب احملتاج غيبةي ىم ٍن ٓب يطعمو ما احتاج إليو فانظر آفة احملتاج أىػ‬
‫كقاؿ ُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود‪:‬‬
‫ً‬
‫كخليًٌو اليد‪،‬‬ ‫أخذ علينا العهد أف ال نزىد ُب الدنيا ابلكلية ل ىما ىً‪٪‬ب يد ُب ٌ‬
‫الزىد من نعيم الَبؾ‪ ،‬ي‬
‫كراحة القلب‪ ،‬فتكوف كحمار الرحي الذم يبتدم من حيث ينتهي سّبه إليو‪ ،‬فيخرج من ل ٌذة‬
‫إٔب أعظم منها أك مثلها‪ ،‬كما يقع ُب ذلك العباد الذين ٓب يسلكوا على أيدم األشياخ‪ ،‬فكأهنم‬
‫كجل‪ ،‬كإ٭با نزىد ُب‬
‫عز ٌ‬‫رهبم ٌ‬
‫هبذا الزىد ما برحوا من حظوظ أنفسهم‪ ،‬كال عن حجاهبم عن ٌ‬
‫الدنيا يزىد‬
‫كجل كحده ٍب ٭بسك الدنيا ٕبذافّبىا ال نَبؾ منها‬ ‫ً‬
‫عز ٌ‬‫ب هللا ٌ‬
‫العارفْب‪ ،‬كىو أف نيعلٌق قلوبنا ٕبي ٌ‬
‫ؼ حكيم عليم‪ ،‬كنستعمل كل شيء فيما خلق‬
‫ص ُّر ى‬
‫كنتصرؼ فيها تى ى‬
‫ٌ‬ ‫شيئا إالٌ إف كاف فيو شبهة‪،‬‬
‫لو‪( .‬كإيضاح ذلك) أف هللا تعأب ىم َّن علينا أبى ٍف س ٌخر لنا ما ُب السماكات كما ُب األرض‪ ،‬كال‬
‫كل شيء ُب الوجود‪.‬‬ ‫يكمل لنا كماؿ شهود امتنانو إالٌ بشهودان اإلفتقار إٔب ٌ‬
‫ع عنك قوؿ من يقوؿ بً ىذًٌـ الدنيا على اإلطبلؽ ٗبا قلناه‪ ،‬فإف‬ ‫كد ٍ‬
‫كاعمل على ىذا الزىد‪ ،‬ى‬
‫ٍ‬ ‫فافهم‬
‫ٍ‬
‫الذـ ما حصل إالٌ من تعلق القلب ٗبحبتها دكف هللا تعأب‪ ،‬كحجاب صاحبها عن أعماؿ اآلخرة‪.‬‬
‫ٍب إنو ال يصلح ألحد أبدا اإلستغناء عن الدنيا كما ييػتىػ ىوىَّم‪ ،‬أقى ُّل ما ىنالك حاجتو إٔب ما أيكلو‬
‫ذـ نفسو مات‪ .‬قد يسئً ىل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن الزىد‬
‫كما يشربو كال يتنفس فيو من الريح‪ ،‬فإف ىم ٍن ٌ‬
‫ُب الدنيا فقاؿ‪" :‬ىو اليقْب"‬
‫‪،‬‬
‫كقد ذكران ُب رسالة األدب الكربل أف سبب الفتنة ُب الدنية اربع أشياء‪ ،‬النساء كا‪١‬باه كا‪٤‬باؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪63‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كجل‪ ،‬كيغلب حكم ‪٧‬ببٌة‬‫عز ٌ‬‫كالولد‪ ،‬كالكامل ال يهرب بشيء منها‪ ،‬بل ٰببها كلها بتحبيب هللا ٌ‬
‫الطبع كالنفس هلل تعأب‪ ،‬كقد بسطنا الكبلـ ُب مؤلفاتنا على كل كاحد منها‪ .‬فعلم أف العارؼ‬
‫يورث‬ ‫الدنيا ُب يده ال ُب قلبو‪ً ،‬‬
‫ك ذلك أ ٍف ال يبخل بشيء منها على ‪٧‬بتاج‪ ،‬كال يصرفو ‪٤‬بن ٌ‬ ‫ك‪٧‬بى ٌ‬
‫تظن اي أخي ابلعارفْب أهنم إذا أمسكوا الدنيا ٲبسكوف ٖببل‪ ،‬كإ٭با ذلك‬
‫فيو الغِب فسادا‪ .‬فبل ٌ‬
‫كجل‪.‬‬
‫عز ٌ‬‫‪٢‬بكمة ‪ٚ‬بلٌقا أبخبلؽ هللا ٌ‬
‫فاعلم اي أخي ذلك كهللا يتؤب ىداؾ أىػ‪ .‬كقاؿ‪ :‬أخذ علينا العهد أف نيػ ىعلًٌ ىم أكالدان ا‪٢‬برفة بعد‬
‫تعليمهم أمور دينهم الٍب ال بد منها‪ ،‬فإنو إف ٓب يكن بيده حرفة أكل بدينو أك بلسانو‪ ،‬كسلق‬
‫كح ىقد عليهم ُب الباطن‪ .‬كقد كاف الناس ُب الزمن ا‪٤‬باضي يي ٍك ًرموف ى‪ٞ‬بىلىةى‬
‫الناس أبلسنة حداد‪ ،‬ى‬
‫القرآف‪ ،‬كيرتٌبوف ‪٥‬بم ا‪٤‬براتب‪ ،‬كيهدكف إليهم ا‪٥‬بدااي‪ ،‬كيتف ٌقدكهنم ُب ا‪٤‬بواسم كغّبىا‪ ،‬يقولوف ‪٥‬بم‪:‬‬
‫إشتغلوا ك‪٫‬بن نكفيكم ‪ٝ‬بيع ما ‪ٙ‬بتاجوف إليو‪ ،‬فصار الفقيو اليوـ ال ٰبصل لو ما ينفقو على عيالو‬
‫حٌب يذكب قلبو من الدكراف طوؿ النهار‪ٍ ،‬ب‬
‫بعد ذلك أيكل صدقةن‪ ،‬فتىػ ىعلُّم ا‪٢‬برفة للفقيو اآلف ًم ٍن أبرؾ ا‪٤‬بصاّب كلو كانت دنية كاالدمى‬
‫علي‬
‫عن سؤاؿ الناس‪ ،‬فأعلم ذلك كهللا ٌ‬
‫كس ىع هللا عليو كاف‪ ،‬كإالٌ فتيغنيو ٍ‬
‫كا‪٢‬بجامة ك‪٫‬بوىم‪ ،‬فإ ٍف َّ‬
‫حكيم " أىػ‪.‬‬
‫بعض الناس إالٌ جهليهم ابلفرؽ بْب الزىد‬
‫ض َّر ى‬
‫علمت أنو ما ى‬
‫ى‬ ‫فهمت ‪ٝ‬بيع ماتقدـ‪،‬‬
‫ى‬ ‫قلت‪ :‬كإذا‬
‫كالَبىب‪ ،‬كبْب التوٌكل كالعجز‪ .‬قاؿ السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب الكوكب الساطع‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫ُّب‬ ‫كليس ًمن ىزى ى و‬
‫‪٧‬بتاج لو تىػ ىرى ي‬
‫كترؾ و‬‫ب ‪ٍ ...‬‬
‫ادة تىػ ىع ُّز ه‬ ‫ى ٍ ى‬
‫كقاؿ ُب شرحو‪:‬‬
‫ا‪٤‬بنهي عنو‪ ،‬كركل الَبمذم ًمن‬
‫التعمق ٌ‬‫ليس من الزىد التعزب كترؾ ما ال بد منو‪ ،‬بل ذلك من ٌ‬
‫حديث أيب ذى ٌور مرفوعا‪" :‬الزىادة ُب الدنيا ليس بتحر‪ٙ‬ب ا‪٢‬ببلؿ كال إبضاعة ا‪٤‬باؿ كالزىادة ُب‬
‫الدنيا أف ال تكوف ُب ثواب ا‪٤‬بصيبة إذا أنت أصبت هبا أرغب ‪٤‬با أبقت لك"‬
‫‪ ،‬كقاؿ أيضا‪ " :‬كا‪٤‬برء ‪٧‬بتاج إٔب أف يعرؼ فر ىؽ أموور ُب افَباقها خفاء‪ ،‬كالفرؽ بْب العجز‬
‫كالتوٌكل‪ ،‬كقاؿ ُب شرحو‪ :‬الشيء الواحد تكوف صورتو كاحدة كىو ينقسم إٔب ‪٧‬بمود كمذموـ‪،‬‬
‫فيحتاج العابد كالصوُب كسالك طريق اآلخرة إٔب معرفة الفرؽ بينهما‪ً ،‬‬
‫فم ٍن ذلك التوٌكل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪64‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالعجز‪ ،‬فالتوٌكل عمل القلب كعبوديتو اعتمادا على هللا‪ ،‬كثقة بو‪ ،‬كالتجاء إليو‪ ،‬كاجتهاده ُب‬
‫‪ٙ‬بصيلها‪ ،‬كالعجز تعطيل بكفايتو‪ ،‬كحسن اختياره لعبده إذا فرض إليو مع قيامو ابألسباب‬
‫ا‪٤‬بأمور هبا‪ ،‬كاجتهاده ُب ‪ٙ‬بصيلها‪ .‬كالعجز تعطيل األمريْب أك أحدٮبا‪ .‬إما أف يعطل السبب‬
‫عجزا عنو كيزعم ذلك توكبل‪ ،‬كإ٭با ىو عجز كتفريط كما ُب أثر عمر‪ ،‬كإما أف يقوـ ابلسبب‬
‫انظرا إليو‪ ،‬معتمدا عليو‪ ،‬غافبل عن ا‪٤‬بسبًٌب يم ٍع ًرضا عنو‪ ،‬كإف خطر ببالو ٓب يثبت معو ذلك‬
‫اتما ٕبيث يكوف قلبيو مع هللا كبدنو مع السبب "‬
‫ا‪٣‬باطر‪ ،‬كٓب يعلق قلبو تعلٌقا ٌ‬
‫أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب تبيْب احملارـ‪ " :‬كاعلم أنو ليس معُب التوٌكل ترؾ الكسب ابلبدف‪ ،‬كترؾ التدبّب ابلقلب‪،‬‬
‫ا‪١‬بهاؿ‪َّ ،‬‬
‫فإف ذلك حراـ ُب الشرع " أىػ‪.‬‬ ‫ظن ٌ‬ ‫كالسقوط على األرض كا‪٢‬بلقة ا‪٤‬بلقاة‪ ،‬كىذا ٌ‬
‫قاؿ ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫" أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف ال نشتغل بشيء من العبادات كنَبؾ الكسب‬
‫ٕبيث يضيع عيالنا كأنفسنا‪ ،‬ك‪٫‬بتاج كلٌنا إٔب سؤاؿ الناس‪.‬‬
‫كىذا العهد يقع ُب حبالتو كثّب من ا‪٤‬بتعبدين كطلبة العلم‪ ،‬فيحتاج ىم ٍن يريد العمل بو إٔب سلوؾ‬
‫األكٔب‪ ،‬أل ٌف عي يم ىر‬ ‫الطريق على يد شيخ يعلًٌمو مراتب العبادات‪ ،‬كما األكٔب منها ًٌ‬
‫ليقدمو على غّب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫فاألىم ليكوف لو‬
‫ٌ‬ ‫ابألىم‬
‫ٌ‬ ‫أعز من الدنيا كما فيها‪ ،‬كىو قصّب‪ ،‬فوجب أف يبدأ العبد‬ ‫اإلنساف ٌ‬
‫فلما ركبٌو‬ ‫األعز فاألعز‪ ،‬كلوال َّ ً‬
‫األعز فائدة‪ٌ ،‬‬
‫أف م ٍن شأف العبد ا‪٤‬بلل لى ىما كاف لو أف يشتغل بغّب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫هللا على ا‪٤‬بلل جعل لو رتبة أخرل مفضولة لينتقل إليها ٍب ىٲبى ُّل منها كذلك فينتقل إٔب ا‪٤‬بباح‪،‬‬
‫كىذا كلٌو من ر‪ٞ‬بة هللا تعأب‬

‫أم‬
‫بعباده‪ ،‬كقد كاف اإلماـ الشافعي رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬ال تشاكر ىم ٍن ليس ُب بيتو دقيق‪ٌ ،‬‬
‫ألنو مشتٌت الباؿ‪ .‬فاعلم أف حياة األبداف َّ‬
‫مقد ىمو على حياة األركاح كالقوت ابلعلم‪ ،‬ألف حياة‬
‫‪٧‬بل لظهور أفعاؿ التكليف كإقامة شعائر الدين‪ ،‬كىذا‬ ‫الركح فرع عن حياة ا‪١‬بسم من حيث أهنا ٌ‬
‫وؿ من اشتغالو ٖبّب اآلخر‪ ،‬فكيف ٗبن يضعهم ابشتغالو ابللهو‬
‫اللٌوـ ُب ح ٌق من يضيع من يىػعي ي‬
‫كاللعب ك‪٫‬بو ذلك؟ كهللا يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم‪.‬‬
‫كركل أبو داكد كالنسائي مرفوعا‪" :‬كفى اب‪٤‬برء إ‪ٜ‬با أف يضيع من يقوتو"‪ ،‬كُب ركاية النسائي‪" :‬من‬
‫عما اسَبعاه حفظو‬
‫كل ر واع ٌ‬
‫يعوؿ"‪ .‬كركل ابن حبٌاف ُب صحيحو‪" :‬أف هللا سبحانو كتعأب سائل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪65‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أك ضيٌعو حٌب يسأؿ الرجل عن أىل بيتو" كهللا أعلم أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أيضا‪:‬‬
‫ضة قط نصااب إالٌ إف يكنٌا‬
‫" أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف ال ‪٪‬بمع من الذىب كالف ٌ‬
‫نثق من أنفسنا أبان ‪٬‬برج زكاتنا‪ ،‬كإف ٓب نكن نعلم ٌأان ‪٬‬برجها كذلك اقتصران ُب ا‪١‬بمع على ما‬
‫دكف النٌصاب‪ ،‬كٰبتاج من يريد العمل هبذا العهد على كجهو إٔب‬
‫يشم للعمل بو رائحة‪ ،‬بل ٯبمع كٲبنع‪،‬‬ ‫السلوؾ الكامل على يد شيخ مرشد صادؽ‪ ،‬كإالٌ فبل ٌ‬
‫يد شيخ حٌب يفطمك عن‬ ‫ك اي أخي على ً‬ ‫فاسلي ٍ‬
‫كإف أخرج شيئا منها فهو لعلٌة قادحة ُب قبو‪٥‬با‪ٍ ،‬‬
‫‪٧‬ببٌة الدنيا‪ ،‬يعِب عن ا‪٤‬بيل إليها‪ً ،‬إذ الدنيا ال تيبغىض ُب ذاهتا‪ ،‬كإ ٌ٭با ا‪٤‬بطلوب الزىد ُب ا‪٤‬بيل إليها‬
‫ال ُب ا‪٤‬بيل لذاهتا‪ ،‬إذ لو كاف الزىد مطلواب ُب ذاهتا ‪٤‬با جاز ألحد إمساكها‪ ،‬كال قائل بذلك‪ .‬فإ ٌف‬
‫يتفرع منو ا‪٢‬بجاب‪ ،‬كالشح‪ ،‬كالبخل‪،‬‬
‫احملظور إ٭با ىو ُب إمساكها ‪٧‬ببة لذاهتا‪ ،‬إذ ىو الذم ٌ‬
‫فيمنع العب ىد ًمن إخراج زكاتو‪.‬‬

‫كقد غلط ُب ىذا األمر قوـ فَبكوا ‪ٝ‬بع الدنيا أصبل كرأسا‪ ،‬فأحتاجوا إٔب سؤاؿ الناس تعريضا‬
‫كتصرٰبا‪ ،‬كلو أهنم سلكوا على يد األشياخ حٌب يفطموىم عن ا‪٤‬بيل إليها‪١ ،‬بمعوا القناطّب من‬
‫الذىب كأنفقوىا على ا‪٤‬بساكْب‪ ،‬كحصل ‪٥‬بم خّب الدنيا كاآلخرة‪ .‬كقد يح ًك ىي أ ٌف فقّبا دخل زاكية‬
‫ٰبب للفقّب‬
‫سيدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب‪ ،‬فجلس للعبادة ليبل كهنارا كترؾ الكسب‪ ،‬ككاف الشيخ ال ٌ‬
‫عدـ الكسب‪ ،‬فقاؿ لو اي كلدم‪ًٓ :‬بى ال ‪ٙ‬بَبؼ كتقوـ بنفسك‪ ،‬كتستغِب عن ‪ٞ‬بل الناس لك‬
‫الطعاـ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي سيٌدم ‪٤‬بٌا دخلت زاكيتكم رأيت ُب تلك الطاقة بومة عمياء ال‬
‫تطيق أف تسعى مثلما تسعى الطيور‪ ،‬كرأيت صقرا أيتيها كل يوـ بقطعة ‪٢‬بم‪ ،‬يرميها ‪٥‬با ُب‬
‫جعلت نفسك‬
‫ى‬ ‫طاقتها‪ ،‬فقلت أان ٍأكٔب ابلتوٌكل على هللا ًمن ىذه البومة‪ ،‬فقاؿ لو سيدم إبراىيم‪:‬‬
‫بومة عمياء! ىبلٌ جعلتها صقرا أتكل كتطعم البومة‪ ،‬فقاؿ الفقّب‪ :‬التوبة‪ ،‬كخرج للكسب‪،‬‬
‫إنتهى‪ .‬فيحتاج الفقّب إٔب حاؿ صادؽ يرمي بو الدنيا‪ ،‬كحاؿ صادؽ أيخذىا بعد ذلك بو كهللا‬
‫غفور رحيم "‪.‬‬
‫نص العلماء أب ٌف ىمن كجد كفاية عن األسباب فاهلل قد أغناه‪ ،‬كإالٌ فبل ٯبوز ألحد أف‬
‫قلت‪ :‬قد َّ‬
‫شبع من ا‪٢‬ببلؿ مبدأي ًٌ‬
‫كل‬ ‫يقعد عن األسباب إتٌكاال على الناس كىو قادر على اإلكتساب‪ .‬كال ٌ‬
‫مر ٗبتعبًٌد فقاؿ لو‪:‬‬
‫شرؼ فكيف بو من ا‪٢‬براـ‪ .‬كقد جاء عن عيسى على نبيٌنا كعليو السبلـ أنو ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪66‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من أين أتكل؟ فقاؿ‪ :‬إ٘ب ٕب أخا يطعمِب‪ ،‬فقاؿ لو عيسى على نبينا كعليو السبلـ‪ :‬أخوؾ أعبد‬
‫كفرغك ‪٥‬با أىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ رضي هللا‬
‫أم ألنٌو ىو الذم أعانك على الطاعة‪ٌ ،‬‬
‫منك‪ٌ ،‬‬
‫تعأب عنو ُب أتسيس القواعد كاألصوؿ ك‪ٙ‬بصيل الفوائد لذكم األصوؿ‪:‬‬

‫تصرفا‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫ملك العبد ل ىما بيده م ٍن أعراض الدنيا غّب متحقق لو بل إ٭با ىو خازف لو لقصره عليو ٌ‬
‫ار كاإلسراؼ‪ ،‬حٌب ىع َّد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا‪٤‬بنجيات‪:‬‬ ‫ً‬
‫حرـ عليو اإلقػٍتى ي‬ ‫كانتفاعا دكف غّبه‪ ،‬كم ٍن ىٍبَّ ٌ‬
‫فم ٍن ىٍبَّ قاؿ لنا الشيخ‬ ‫"القصد ُب الغُب كالفقر"‪ ،‬كهنى ملسو هيلع هللا ىلص عن‪" :‬إضاعة ا‪٤‬باؿ"‪ ،‬إٔب غّب ذلك‪ً .‬‬
‫أبو العباس ا‪٢‬بضرمي نفعنا هللا بو‪ " :‬ليس الشأف من يعرؼ كيفية تفريق الدنيا فيفرقها‪ ،‬إ٭با‬
‫الشأف من يعرؼ كيفية إمساكها فيمسكها "‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ زركؽ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬كذلك إهنا كا‪٢‬بيٌة‪ ،‬ليس الشأف ُب قتلها‪ ،‬إ٭با الشأف ُب‬
‫إمساكها حيٌةن "‪ .‬كُب ا‪٢‬بديث‪" :‬ليس الزىد ُب ‪ٙ‬بر‪ٙ‬ب ا‪٢‬ببلؿ كال إبضاعة ا‪٤‬باؿ إ٭با الزىد أف تكوف‬
‫ٗبا ُب يد هللا أك ثق منك ٗبا ُب يدؾ"‬
‫‪ .‬كقاؿ الشيخ أبو مدين نفع هللا تعأب بو الدنيا‪ :‬جرادة كرأسها حبها فإذا قطع رأس ا‪١‬برادة‬
‫مات‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أبو دمحم عبد القادر نفع هللا بو‪٤ ،‬بٌا يسئً ىل عن الدنيا‪ :‬أخرجها من قلبك كاجعلها ُب‬
‫يدؾ‪ ،‬فإهنا ال تضرؾ‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫الزىد فيها ليس عن تركها فافهم " أىػ كبلـ الشيخ زركؽ‪.‬‬
‫تدؿ على أف ٌ‬
‫ككل ىذه ا‪١‬بي ىمل ٌ‬
‫ٍب قاؿ‪:‬‬
‫" الزىد ُب الشيء بػركدتيو على القلب حٌب ال يعترب ُب كجوده كال ُب عدمو‪ً ،‬‬
‫فمن ىٍبَّ قاؿ‬ ‫يي‬
‫الشاذٕب نفع هللا بو‪ :‬كهللا لقد عظمتها إذا زىدت فيها‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ زركؽ‪ :‬قلت يعِب ابلظاىر‪ ،‬أل ٌف اإلعراض عنها تعظيم ‪٥‬با كتعديب للظاىر بَبكها‪،‬‬
‫كما أشار إليو ابن العريف ُب ‪٦‬بالسو‪ ،‬كا‪٢‬بريرم ُب مقاماتو‪.‬‬
‫حب ال ٌدنيا ًم ىن‬
‫كقد قاؿ أيضا نفع هللا تعأب بو‪ :‬رأيت الص ٌديق ُب ا‪٤‬بناـ فقاؿ ٕب‪ :‬عبلمة خركج ٌ‬
‫اؿ الصحابة رضي هللا تعأب عنهم‬‫القلب بى ٍذ ي‪٥‬با عند الوجد‪ ،‬ككجود الراحة منها عند الفقد‪ ،‬ىك ىح ً‬
‫إ ٍذ ٓب ينظركا إليها عند الفقد‪ ،‬كال شغلتهم عند الوجد‪ ،‬رجاؿ ال تلهيهم ٘بارة كال بيع عن ذكر‬
‫هللا (‪ ،)6‬كما قاؿ‪ :‬ال يبيعوف كال يتٌ ًجركف‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪67‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأدب الفقراء بقولو‬
‫اء أ ٍىم ىوالى يك ٍم (‪ٌ ،)7‬‬
‫الس ىف ىه ى‬
‫أدب هللا تعأب األغنياء بقولو تعأب‪ :‬ىكىال تيػ ٍؤتيوا ُّ‬ ‫كقد ٌ‬
‫ض (‪ٍ .)8‬ب قاؿ‪ :‬كاسألوا هللا من‬ ‫اَّللي بً ًو بىػ ٍع ى‬
‫ض يك ٍم ىعلىى بىػ ٍع و‬ ‫َّل َّ‬
‫سبحانو كتعأب‪ :‬ىكىال تىػتى ىمنػ ٍَّوا ىما فىض ى‬
‫كل ما أمر هللا بو‪ ،‬فافهم " أىػ‪.‬‬ ‫فضلو (‪ ،)9‬كذلك ال يقتضي ‪ٛ‬بنيٌا كال كقتا‪ ،‬فىػلى ًزىـ التزاـ ٌ‬
‫ٍب قاؿ‪:‬‬
‫ما ذي َّـ ال لذات قد يٲبدح ال لذاتو‪ ،‬كمنو رتبة كجود ا‪٤‬باؿ كا‪١‬باه كالرائسة ك‪٫‬بو ذلك‪ ،‬ك‪٩‬با ليس‬
‫ٗبذموـ لذاتو‪ ،‬كال ‪٧‬بمود ُب ذاتو‪ ،‬بل يٰب ىمد كيي ىذ ٌـ لً ىما يعرض لو‪ .‬كلذلك ىذ ٌـ ملسو هيلع هللا ىلص الدنيا بقولو‪:‬‬
‫"الدنيا ملعونة ملعوف ما فيها"‪ ،‬كم ىد ىحها بقولو‪" :‬فنعمت مطية ا‪٤‬بؤمن"‪ ،‬كأثُب سبحانو كتعأب‬
‫على قوـ طلبوا الرائسة الدينية إذ قالوا‪ :‬كاجعلنا للمتٌقْب إماما (‪ ،)11‬فكاف ابن عمر يقوؿ‪:‬‬
‫اللهم اجعلِب للمتقْب إماما‪.‬‬
‫قاؿ مالك ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬ثواب ا‪٤‬بتقْب عظيم‪ ،‬فكيف إبمامهم‪ .‬كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أسألك ر‪ٞ‬بة أانؿ هبا‬
‫"دلَِّب على‬
‫شرؼ كراماتك ُب الدنيا كاآلخرة"‪ ،‬كقاؿ لذلك الرجل الذم قاؿ لرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ي‬
‫عمل إف عملتيو أحبِب الناس‪ ،‬قاؿ إزىد ُب الدنيا ٰببك هللا كازىد فيما ُب أيدم الناس ٰببك‬
‫الناس" ا‪٢‬بديث‪ .‬كقاؿ الص ٌديق عليو السبلـ‪ :‬إجعلِب على خزائن األرض إ٘ب حفيظ عليم‬
‫(‪ ،)11‬إٔب غّب ذلك‪.‬‬
‫فلى ًزىـ اعتبار النًٌسب ك‪ٙ‬بقيق ا‪٤‬بقاـ إابحةن كمنعان‪ ،‬كاحملاشاة أقرب لسبلمة الضعيف من ابب ضعفو‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ال ‪٣‬بىلى ول ُب ذات ا‪٢‬بكم‪ ،‬إذ األصل اإلابحة‪ ،‬كمن ىٍبَّ قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أليب ٌ‬
‫ذر‪" :‬إنك رجل‬
‫ٍت إليها كإف أي ٍع ًطيتىها من غّب مسألة أ ًيع ٍن ى‬
‫ت عليها"‪ ،‬فافهم "‬ ‫ضعيف كإنك إف تطلب اإلمارة يكٌكًل ى‬
‫أىػ‪.‬‬
‫قاؿ ُب أكؿ الكتاب‪:‬‬

‫الص ىفة فقراء ُب‬


‫أىل ُّ‬ ‫" حكم التٌابع ىك يح ٍكم ا‪٤‬بتبوع فيما تبعو كإ ٍف كاف ا‪٤‬بتبوع أفضل‪ ،‬كقد كاف ي‬
‫ِب كاألمّب‬ ‫أكؿ أمرىم حٌب صاركا ييعرفوف أبضياؼ هللا تعأب‪ٍ ،‬بٌ كاف منهم بعد ذلك الغىً ُّ‬
‫ت‪ ،‬فلم ٱبرجهم‬ ‫ت كما صربكا عنها حْب فيًق ىد ٍ‬ ‫كا‪٤‬بتسبب كالفقّب‪ ،‬لكنهم شكركا عليها حْب يك ًج ىد ٍ‬
‫الوجداف عما كصفهم موالىم بو من أهنم‪ :‬يدعوف رهبم ابلغداة كالعشي يريدكف كجهو (‪،)12‬‬
‫الدايف‪ ،‬كذلك غّب مقيٌد بفقر كال غُب‪.‬‬ ‫ً‬
‫كما أهنم ٓب ٲبيٍ ىد يحوا ابلفقداف‪ ،‬بل إبرادة كجو ا‪٤‬بلك ٌ‬
‫فافهم " إنتهى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٱبتص التصوؼ بفقر كال غُب‪ ،‬إ ٍذ أ ٌف صاحبو يريد كجو ربٌو‪،‬‬
‫كٕبسب ذلك فبل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪68‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كلذا قاؿ بعض العلماء‪:‬‬
‫سم انقع‪ ،‬كالَبايؽ انفع‪ ،‬فإف أصاهبا ا‪٤‬بغرـ الذم يعرؼ‬
‫" كا‪٢‬باصل أف ا‪٤‬باؿ كا‪٢‬بيٌة الٍب فيها ٌ‬
‫كجو اإلحَباز عن ‪٠‬بٌها الناقع‪ ،‬كطريق استخراج ترايقها النافع‪ ،‬كانت لو نعمة كإالٌ فهى عليو‬
‫فم ٍن ظفر هبا فهي نعمة‪،‬‬
‫ببلء كىبلؾ‪ .‬كأ ٌف ا‪١‬باه كالبحر الذم ‪ٙ‬بتو أصناؼ ا‪١‬بواىر كالآللئ‪ ،‬ى‬
‫كإف خاضو جاىل ىلك‪.‬‬
‫الرقية ً‪٢‬بىيَّة ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كطريق ا‪٣‬بوض ُب ٕبر ا‪١‬باه‪ ،‬فوجب ‪ٙ‬بذيرىم لئبلٌ‬
‫كأكثر الناس جاىل بطريق ٌ‬
‫فم ٍن كقف‬
‫يهلك ابسم ا‪٤‬باؿ قبل الوصوؿ إٔب ترايقو‪ ،‬كبتمساح ا‪١‬باه قبل العثور على جواىره‪ .‬ى‬
‫كمن ال فالبيػ ٍع يد‬
‫يقرب منها متقيٌا داءىا‪ ،‬كمستخرجا دكاءىا‪ ،‬ى‬ ‫ببصّبتو‪ ،‬ككماؿ معرفتو‪ ،‬فلىوي أف ٌ‬
‫كالفر يار عن مظا ٌف األخطار‪ ،‬كال تعدؿ ابلسبلمة شيئا " أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ك‪٩‬با تىػ ىق َّدـ من النقوؿ يظهر ظهوران ال غيبىار عليو أ ٌف ٌ‬
‫الزىد ُب الدنيا ابلكليٌة نيقصاف ُب ح ٌق‬
‫ال يك ٌمل من أىل هللا‪ ،‬كإ٭با كاف سبلمة للضعيف لضعفو ال لفضل ذلك ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬كلكل مقاـ رجاؿ‪،‬‬
‫علي الصعيد على شرح‬
‫كهللا يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم‪ .‬كُب حاشية الشيخ أيب ا‪٢‬بسن ٌ‬
‫ا‪٣‬برشي على ‪٨‬بتصر الشيخ خليل‪ ،‬عند قولو على مذىب اإلماـ مالك بن أنس‪( :‬قائدة)‪:‬‬

‫" ‪٩‬بٌا نيًقل عن اإلماـ أنو أكصى الشافعي عند فراقو لو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال تسكن الريف يذىب علمك‪،‬‬
‫العامة‪ ،‬كال‬
‫يستخف بك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كاكتسب الدرىم ال تكن عالة على الناس‪ٌ ،‬‬
‫كا‪ٚ‬بذ لك ذا جاه ظهرا لئبلٌ‬
‫تدخل على ذم سلطنة إالٌ كعنده من يعرفك‪ ،‬كإذا جلست عند كبّب فليكن بينك كبينو فسحة‬
‫لئبلٌ أيٌب من ىو أقرب منك إليو فيدنيو كيبعدؾ‪ ،‬فيحصل ُب نفسك شيء‪.‬‬
‫كنيقل عن سحنوف‪ :‬كجدت كل شيء ٰبتاج إٔب ا‪١‬باه حٌب العلم‪ ،‬أم فبل ب ٌد أف يكوف العآب ذا‬
‫جاه‪ .‬قاؿ بعض الشيوخ‪ :‬كىو كبلـ صدؽ‪ ،‬كقوؿ ح ٌق "‪.‬‬
‫كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بً ًو‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫يما ألمر ربٌو فيما يقدر‬ ‫ً‬
‫" أف للشيطاف لعنو هللا تعأب مكرا خفيا لصاحب ا‪٤‬باؿ‪ ،‬إذا رأل تقيٌا يمق ن‬
‫شره‪ ،‬منغمسا ُب كثّب من أمور التٌقى‪ ،‬كيراه ُب ذلك مطمئنا ٕبالو ال ينزعج‪،‬‬ ‫عليو‪ ،‬كافٌا كثّبا من ٌ‬
‫ت ىؤالء‬‫رد ٍد ى‬
‫كٱبوفو ُب قلبو إف ى‬
‫ا‪٣‬بفي‪ ،‬كيسوؽ الناس إليو لطلب العطاء هلل‪ٌ ،‬‬ ‫فيأتيو اللٌعْب ٗبكره ٌ‬
‫يفرؽ عنو ا‪٤‬باؿ‬
‫ك نعمتو‪ ،‬كال يزاؿ يستدرجو ُب مثل ىذا‪ ،‬كقص يده أف ٌ‬
‫سخط هللا عليك‪ ،‬أك سلىبى ى‬
‫يفرؽ‬
‫يكف عنو حٌب ٌ‬
‫ليذىب دينو كإٲبانو‪ ،‬فبل يزاؿ كذلك ال ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪69‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فرقو كقع التٌشويش ُب قلبو‪ ،‬فّبيد أف يينفق نفقتو الٍب كاف ينفقها ُب ساعة‬
‫‪ٝ‬بيع مالو‪ ،‬فإذا ٌ‬
‫اتساع مالو فبل ٯبد السبيل إليها‪ ،‬فيقع التشويش لو‪ ،‬كالَبكيع من أىلو طلبا ٗبا اعتادكه من‬
‫اتٌساع النفقة‪ ،‬فإف ٓب أيت هبا آؿ األمر بينو كبْب أىلو إٔب اتساع السخط كالغضب كالعداكة‪،‬‬
‫يؤدم فيو أمرا من طاعة ربٌو‪ ،‬كرٌٗبا‬
‫فيكثر عليو الضيق كالغيظ‪ ،‬فبل ٯبد كقتا يذكر فيو ربٌو‪ ،‬كال ٌ‬
‫أضاع عليو فرض الصبلة‪ ،‬فيحملو ذلك على أخذ ال ٌديٍن من الناس كإتبلفو ُب النفقة‪.‬‬

‫ٰبل بو الببلء كالويل من عدـ كجود ما يقضي بو ديٍن الناس‪ ،‬كيصبح ُب زمرة‬ ‫فىػ ىع ٍن قريب ٌ‬
‫ا‪٥‬بالكْب كقد تلف دينو كعقلو كدنياه كآخرتو‪ ،‬فهذا مراد الشيطاف منو فيما كاف ييػ ىر ًغٌبية فيو من‬
‫اإلعطاء هلل كعدـ ا‪٤‬بنع‪ ،‬فاحذر ىذا ا‪٤‬بكر‪ ،‬كفيما ذكرانه لك كفاية " أىػ‪.‬‬
‫فم ٍن حفظها‬
‫كقاؿ أيضا ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ " :‬هلل تصريف ُب بعض خلقو‪ ،‬ٯبعل ال ٌدنيا ُب أيديهم‪ ،‬ى‬
‫منهم مع احملافظة على أمر هللا تعأب فيو من غّب تضييع حفظها هللا ُب يده‪ ،‬كصانو هبا‪ ،‬كجعلها‬
‫كم ٍن ضيٌعها ًمن يده هتاكان هبا ضيعو هللا‪ ،‬كأحوجو إليها كٓب ٯبدىا‬
‫لو بركة‪ ،‬ى‬
‫" أىػ‪.‬‬
‫فلنجعل كبلـ ىذا القطب ا‪٤‬بكتوـ‪ ،‬كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‪ ،‬ختاما ‪٥‬بذا الفصل‪ ،‬ككفى بكبلمو بركة‬
‫ٍ‬
‫صحة كبلـ ىمن تق ٌدمو ًمن ساداتنا األكلياء كالعلماء رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪،‬‬
‫كحجة على ٌ‬
‫ٌ‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة ا‪٢‬بديد‪ ،‬اآلية ‪.18‬‬


‫‪.2‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.37‬‬
‫‪.3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.34‬‬
‫‪.4‬سورة ىود‪ ،‬اآلية ‪.15‬‬
‫‪.5‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.97‬‬
‫‪.6‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.37‬‬
‫‪.7‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.5‬‬
‫‪.8‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬
‫‪.9‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪70‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.11‬سورة الفرقاف‪ ،‬اآلية ‪.74‬‬
‫‪.11‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬
‫‪.12‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.52‬‬

‫السادس‬
‫الفصل ٌ‬

‫ُب ‪ٙ‬بذيرىم كتنفّبىم عن اإلنكار على كاحد من ساداتنا األكلياء كمعاداهتم‪ ،‬كاإلعبلف أبنو ىو‬
‫عْب ا‪٥‬ببلؾ ُب الدنيا كالعقىب‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ :‬إعلم أف ا‪٤‬بنكر على األكلياء‬
‫َّ ً‬
‫ساقط من عْب هللا‪ ،‬كىالك ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كأنو ُب لعنة هللا ك‪٧‬باربتو‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬إً َّف الذ ى‬
‫ين‬
‫ً‬
‫الدنٍػيىا ىك ٍاآلخ ىرةً ىكأ ى‬
‫ىع َّد ى‪٥‬بي ٍم ىع ىذ نااب يم ًهيننا (‪ ،)1‬كمعُب‬ ‫اَّللي ًُب ُّ‬
‫اَّللى ىكىر يسولىوي لى ىعنىػ يه ٍم َّ‬
‫ييػ ٍؤذيك ىف َّ‬

‫اآلية عند ا‪٤‬بفسرين‪ :‬أف الذين يؤذكف أكلياء هللا‪ .‬كركل البخارم عن أيب ىريرة هنع هللا يضر أنو قاؿ‪ ،‬قاؿ‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أف هللا تعأب قاؿ من عادل ٕب كليٌا فقد آذنتو اب‪٢‬برب"‪ ،‬كُب شرح الفشي على‬
‫األربعْب النوكية‪:‬‬
‫أ٘ب‬
‫أب٘ب ‪٧‬بارب لو عنو‪ٗ ،‬بعُب ٌ‬
‫أم أعلمتو ٌ‬ ‫أم ٌا‪ٚ‬بذه ٌ‬
‫عدكا‪ ،‬فقد آذنتو اب‪٢‬برب ٌ‬ ‫من آذل ٕب كليٌا ٌ‬
‫مهلكو‪.‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪71‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ٍبٌ قاؿ بعد كبلـ‪:‬‬
‫تنبيو‪ :‬قاؿ الفاكها٘ب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬ىمن حاربو هللا أىلكو‪.‬‬
‫كقاؿ غّبه‪ :‬إيذاء أكلياء هللا عبلمة على سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪ ،‬كأكل ال ًٌراب عافاان هللا تعأب من ذلك‪ .‬ى‬
‫فمن‬
‫كأب أكلياء هللا أكرمو هللا‪ ،‬كمن عادل أكلياء هللا أىلكو هللا‪ .‬قاؿ أبو تراب النخشي ر‪ٞ‬بو هللا‬
‫القلب ‪ٜ‬بر اإلعراض عن أىل هللا صاحبتو الوقيعة ُب أكلياء هللا‪ٍ ،‬ب ذكر تنبيها‬
‫ي‬ ‫ف‬‫تعأب‪ :‬كإذا أىلً ى‬
‫بناسب ا‪٤‬بقاـ‪.‬‬
‫األصم‪ ،‬عن ‪ٝ‬باعة من أصحاب العلم كا‪٥‬بمم‪ ،‬أ ٌف جرجيس نبيٌا من أنبياء بِب‬ ‫ٌ‬ ‫م عن حاًب‬ ‫ير ًك ى‬
‫إسرائيل كاف ُب زمانو ملك كثّب الفساد‪ ،‬م ً‬
‫ص ّّر على مظآب العباد‪ ،‬فمنع هللا تعأب عنو ا‪٤‬بطر حٌب‬ ‫ي‬
‫كالضر‪ ،‬فركب ىذا الكافر الظآب الغادر ُب عساكره حٌب أتى‬ ‫ٌ‬ ‫أشرؼ ىو كمن معو على ا‪٥‬ببلؾ‬
‫إ٘ب أ‪ٞ‬بٌلك‬
‫جرجيس‪ ،‬فوجده ُب صومعتو كىو يكثر التسبيح كالتقديس‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬اي جرجيس ٌ‬
‫رسالة إٔب ربٌك‪ ،‬فقاؿ جرجيس‪ :‬كما تلك‪ ،‬قاؿ‪ :‬أف تقوؿ لربٌك أيتينا اب‪٤‬بطر كإالٌ آذيتيو إذاية‬
‫يسمعها سائر البشر‪.‬‬

‫فدخل جرجيس ُب ‪٧‬برابو كقد خرس من خوؼ هللا عن جوابو‪ ،‬فجاء جربيل أبمر ا‪٤‬بلك ا‪١‬بليل‬
‫إ٘ب أخاؼ من هللا ذم‬
‫فقاؿ لو‪ :‬آت الرسالة الٍب معك على الوجو الذم قاؿ لك‪ ،‬فقاؿ‪ٌ :‬‬
‫ا‪١‬ببلؿ عند مقاؿ ذلك القوؿ على ما قاؿ‪ ،‬فقاؿ جربيل‪ :‬اي جرجيس قل كما قاؿ‪ ،‬ىكذا أمر‬
‫العزيز ا‪٤‬بتعاؿ‪ ،‬فقاؿ جرجيس‪ :‬أيتينا اب‪٤‬بطر كإالٌ آذيتو إذاية يسمعها سائر البشر‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‬
‫جربيل اي جرجيس ربٌك يقوؿ لك‪ :‬قل لو ٗبا تيؤذيو‪ ،‬فمضى جرجيس كأعاد الرسالة عليو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫ا‪٤‬بلك ال قدرة ٕب على إذايتو إالٌ ًمن كجو كاحد‪ ،‬ألنٌِب ضعيف كىو قوم‪ ،‬كأان عاجز كىو قادر‪،‬‬
‫كمن آذل أحبٌاءه فقد آذاه‪ .‬فجاء جربيل عليو السبلـ فقاؿ‪ :‬اي جرجيس‬
‫كإ ٌ٭با أؤذم أحبٌاءه‪ ،‬ى‬
‫ابلسحاب‪ ،‬كامتؤلت الصحارم ابلسيوؿ‬
‫قل لو ال تفعل‪ ،‬فنحن أنتيك اب‪٤‬بطر‪ٍ ،‬ب جادت السماء ٌ‬
‫رب األرابب‪ ،‬كأمر هللا تعأب النبات ُب تلك األايـ الثبلثة أف‬
‫كل جانب م ٌدة ثبلثة أايـ إبذف ٌ‬
‫من ٌ‬
‫كالزركع إٔب صدر‬
‫شمس نظر إٔب ا‪٢‬بياض مَبعة‪ ،‬كالفلوات مشرقة‪ٌ ،‬‬
‫يطلع‪ .‬فلما طلعت ال ٌ‬
‫اإلنساف طالعة‪ ،‬كالرايض مورقة‪ ،‬فركب ا‪٤‬بلك كأتى إٔب ابب جرجيس كىو ُب صومعتو يكثر من‬
‫التسبيح كالتقديس‪ ،‬كخرج إليو كقاؿ‪ :‬اي ىذا ما تريد ًم ًٌِب‪ًٓ ،‬بى ال تشتغل ٗبلكك‬
‫نيب هللا ما أتيت حراب فقد أتيت‬
‫‪ٙ‬بملِب مثل تلك الرسالة فإ ٌف فيها فضاعة‪ ،‬فقاؿ اي ٌ‬
‫عِب‪ ،‬ال ٌ‬
‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪72‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عدكه ًمن أجل كليٌو ٯبب‬
‫بصر الضعيف األعمى‪ .‬فإف ىمن عمل اإلحساف مع ٌ‬
‫سلما‪ ،‬كقد انفتح ي‬
‫كإ٘ب أريد ا‪٤‬بصا‪٢‬بة لتكوف صفقٍب رإبة‪ ،‬فقد ظهر ٕب أف أسرار‬ ‫أف تسجد ا‪١‬بباه لعظمتو‪ٌ ،‬‬
‫التوحيد الئحة‪ ،‬أان أشهد أف ال إلو إال هللا‪ ،‬كال معبود ٕب وٌق سواه‪.‬‬
‫عدك هللا‪ ،‬فمن عاداه كاف ىك ىم ٍن حاربو‪ ،‬نعوذ ابهلل‬
‫كٕب هللا ٌ‬
‫عدك ٌ‬
‫دؿ ا‪٢‬بديث اإل‪٥‬بي أف ٌ‬
‫إخوا٘ب‪ٌ :‬‬
‫تعأب من اإلنكار كا‪٢‬برماف " أىػ كبلـ الفشُب‪.‬‬
‫كُب لطائف ا‪٤‬بنن‬

‫الوٕب‪ ،‬كفخامة رتبتو‪ ،‬حٌب ينزلو ا‪٢‬ب ٌق‬ ‫فأصغ ر‪ٞ‬بك هللا إٔب ما تضمتو ىذا ا‪٢‬بديث من غزارة قدر ٌ‬
‫سبحانو كتعأب ىذه ا‪٤‬بنزلة‪ ،‬كٰبلٌو ىذه الرتبة‪ .‬فقولو ملسو هيلع هللا ىلص عن هللا تعأب‪" :‬من عادل ٕب كليا فقد‬
‫آذنتو اب‪٢‬برب"‪ ،‬ألف الوٕب خرج على تدبّبه إٔب تدبّب هللا‪ ،‬كعن انتصاره لنفسو إٔب انتصار هللا‬
‫لو‪ ،‬كعن حولو كقوتو بصدؽ التوكل على هللا عز كجل‪ .‬فقد قاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬ىكىم ٍن يىػتىػ ىوَّك ٍل‬
‫ً‬ ‫ىعلىى ًَّ‬
‫ْب (‪.)3‬‬ ‫ص ير ال يٍم ٍؤمنً ى‬
‫اَّلل فىػ يه ىو ىح ٍسبيوي (‪ ،)2‬كقد قاؿ هللا عز كجل‪ :‬ىكىكا ىف ىح ِّقا ىعلىٍيػنىا نى ٍ‬
‫كإ٭با كاف ذلك ‪٥‬بم ألهنم جعلوا هللا تعأب مكاف ٮبومهم فدفع عنهم األغيار‪ ،‬كقاـ ‪٥‬بم بوجوه‬
‫اإلنتصار‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪:‬‬
‫كٕب هللا مع هللا كولد اللٌبيؤة ُب‬
‫كلقد ‪٠‬بعت شيخنا أاب العباس رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ٌ " :‬‬
‫جحرىا‪ ،‬أتراىا اتركة كلدىا ‪٤‬بن أراد اغتيالو؟ كقد جاء ُب بعض األحاديث أنٌو صلٌى هللا عليو‬
‫فلما كجدتو حنٌت عليو‪ ،‬كألٍقمتو‬
‫كسلٌم كاف ُب بعض غزكاتو‪ ،‬كامرأة تطوؼ على كلدىا رضيع‪ٌ ،‬‬
‫متعجبْب‪ ،‬فقاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬هللا أرحم بعبده‬
‫الثدم‪ ،‬فنظر الصحابة إليها ٌ‬
‫ا‪٤‬بؤمن من ىذه بولدىا"‪.‬‬
‫كمن ىذه الر‪ٞ‬بة برز انتصار ا‪٢‬بق ‪٥‬بم‪ ،‬ك‪٧‬باربة من عاداىم‪ ،‬إذ ىم ي‪ٞ‬بٌاؿ أسراره‪ ،‬كمعادف أنواره‪،‬‬
‫آمنيوا (‪ )4‬كقاؿ هللا سبحانو لًمن آذل أكلياءه‪ :‬إً َّف‬ ‫ين ى‬
‫اَّلل كً ُّ َّ ً‬
‫ٕب الذ ى‬ ‫كقد قاؿ هللا سبحانو كتعأب‪َّ :‬ي ى‬
‫آمنيوا (‪ .)5‬غّب أف مقاتلة ا‪٢‬بق سبحانو ‪٤‬بن آذل أكلياءه ليس يلزـ أف‬ ‫َّ ً‬ ‫َّ ً‬
‫ين ى‬
‫اَّللى يي ىداف يع ىع ٍن الذ ى‬
‫تكوف معجلة لقصر م ٌدة الدنيا عند هللا‪ ،‬كألف هللا ٓب يرض الدنيا أىبل لعقوبة أعدائو كما ٓب‬
‫يرضها أىبل إلاثبة أحبٌائو‪ ،‬كإف كانت معجلة فقد تكوف قسوة ُب القلب‪ ،‬أك ‪ٝ‬بودا ُب العْب‪ ،‬أك‬
‫تعويقا عن طاعة‪ ،‬أك كقوعا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪73‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب ذنب‪ ،‬أك فَبة ُب ا‪٥‬بمة‪ ،‬أك سلب لذاذة خدمة‪ .‬كقد كاف رجل ُب بِب إسرائيل أقبل على هللا‪،‬‬
‫نيب ذلك الزماف أ ٍف‬
‫ٍب أعرض عنو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي رب كم أعصيك كال تعاقبِب‪ ،‬فأكحى هللا تعأب إٔب ٌ‬
‫قل لفبلف كم عاقبتك كٓب تشعر‪ .‬أٓب أسلبك حبلكة ذكرم‪ ،‬كلذاذة مناجاٌب؟‬
‫قاؿ ابن عطاء هللا‪ :‬كفائدة ىذا البياف أف ال ٰبكم إلنساف آذل كليٌا من أكلياء هللا تعأب‬
‫ابلسبلمة إ ٍذ ٓب ير عليو ‪٧‬بنة ُب نفسو كمالو ككلده‪ ،‬فقد تكوف ‪٧‬بنتو أكرب من أف يطلع العباد‬
‫عليها اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ابن عطاء هللا ُب لطائف ا‪٤‬بنن أيضا كصية كإرشادا‪ٌ :‬إايؾ أيٌها األخ أف تصغى إٔب الواقعْب‬
‫ُب ىذه الطائفة‪ ،‬كا‪٤‬بستهزئْب لئبلٌ تسقط من عْب هللا‪ ،‬كتستوجب ا‪٤‬بقت‪ .‬فإف ىؤالء القوـ‬
‫جلسوا مع هللا على حقيقة الصدؽ‪ ،‬كإخبلص الوفاء‪ ،‬كمراقبة األنفاس مع هللا‪ ،‬قد سلٌموا‬
‫حياء من ربوبيتو ‪٥‬بم‪،‬‬ ‫قيادىم إليو‪ ،‬كألٍ يقوا أنفسهم سلىمان بْب يديو‪ .‬تركوا اإلنتصار ألنفسهم ن‬
‫أبكَب ما يقوموف بو ألنفسهم‪ ،‬ككاف ىو احملارب عنهم لًمن حارهبم‪،‬‬ ‫ً‬
‫كاكتفوا بقيٌوميتو فقاـ ‪٥‬بم ٍ‬
‫كالغالب ‪٤‬بن غالبهم‪.‬‬
‫كلقد ابتلى هللا سبحانو ىذه الطائفة اب‪٣‬بلق‪ ،‬خصوصا أىل العلم الظاىر‪ .‬فىػ ىق َّل أ ٍف ً٘ب ىد منهم من‬
‫بوٕب يم ىع ٌْب‪ ،‬بل يقوؿ لك‪ :‬نعم نعلم إ ٌف األكلياء موجودكف‪ ،‬كلكن أين‬
‫شرح هللا صدره للتصديق ٌ‬
‫ىم؟ فبل تذكر لو أحدا إالٌ كأخذ يدفع خصوصية هللا فيو‪ ،‬طلًق اللساف ابإلحتجاج‪ ،‬عاراي من‬
‫كإايؾ من‬ ‫ً‬
‫كجود نور التصديق‪ .‬فاحذر ‪٩‬بٌن ىذا كصفو‪ ،‬كف َّر منو فر ىارؾ من األسد‪ .‬جعلنا هللا ٌ‬
‫ا‪٤‬بص ٌدقْب أبكليائو ًٗبىنًٌو ككرمو إنو على كل شيء قدير أىػ‪.‬‬
‫ين ىك ىف يركا ًُب الٍبً ىبل ًد ىمتىاعه‬ ‫ك تىػ ىقلُّ َّ ً‬
‫ب الذ ى‬‫ي‬ ‫كُب عرائس البياف ُب حقائق القرآف عند قولو تعأب‪ :‬ىال يىػغيَّرنَّ ى‬
‫ً‬
‫س ال ًٍم ىه ي‬
‫اد (‪)6‬‬ ‫اى ٍم ىج ىهن ً‬
‫َّم ىكب ٍئ ى‬
‫ي‬ ‫يل يٍبَّ ىمأ ىٍك ي‬
‫قىل ه‬
‫أم ال يعجبنٌك طواؼ ا‪٤‬بنكرين ُب البلداف لتطلب الفصاحة كالببلغة‪ ،‬كالتكلٌف ُب اآلداب‬
‫ٌ‬
‫كالزينة طلبا لصرؼ كجوه الناس كالرائسة كا‪٢‬بيل أبكلياء هللا‪ ،‬فإف أحوا‪٥‬بم مزخرفات فانية‬
‫يريدكف هبا إسقاط جاه الص ٌديقْب عند ا‪٣‬بلق‪ ،‬كأان ٔببلٕب ُب كل نفس رافع درجاهتم‪ ،‬كأزيد ُب‬
‫ملك كاليتهم‪ ،‬رغما للمنكرين كإرغاما ألنوؼ ا‪٤‬ببطلْب‪.‬‬
‫صحة أبداهنم‪ ،‬كلْب عيشهم ُب العآب‪ ،‬كتيسّب إقباؿ الدنيا‬
‫قاؿ‪ :‬كأيضا ال يغرنٌك كال يفتننٌك ٌ‬
‫إليهم ُب الببلد ٔباىهم عند العامة‪ ،‬فإهنم ٰباربونِب إبىانتهم أكليائي‪ ،‬كمبارزهتم بعداكة أحبٌائي‪،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪74‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فإف ٌأايمهم قليلة‪ ،‬كحسراهتم كثّبة عند طلوع أنوارم من شرؽ القيامة على كجوه أكليائي‪ ،‬حيث‬
‫أفضحهم عند كضوح الكتاب‪ ،‬كحضور األنبياء‬
‫ي‬ ‫رهبا (‪،)7‬‬
‫قلت‪ :‬كأشرقت األرض بنور ٌ‬
‫ي‬
‫كالشهداء‪ .‬قاؿ‪ :‬كىذا كعيد شديد ألىل زماننا‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫ْب (‪ )8‬ىذا كصف أىل‬ ‫ين ىك ىف يركا لى ٍو ىكانيوا يم ٍسل ًم ى‬
‫كفيو أيضا‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬يرىٗبىا يىػ ىو ُّد الذ ى‬
‫اإلنكار‪ ،‬الساقطْب عن طريق ا‪٢‬بق‪ ،‬يىػ ىو ٌدكف لو أهنم كانوا من ا‪٤‬بريدين كٓب يكونوا من ا‪٤‬بنكرين‪،‬‬
‫كأف يكونوا من اجملتهدين كٓب يكونوا من الكسأب البى ًط ًرين‪ ،‬كأف يكونوا من الراضْب كٓب يكونوا من‬
‫ألجل الرزؽ من ا‪٤‬بتٌهمْب‪ ،‬كأف يكونوا‬
‫الساخطْب‪ ،‬كأف يكونوا من ا‪٤‬بتوٌكلْب كٓب يكونوا بتدابّبىم ٍ‬
‫من العالًمْب كٓب يكونوا من ا‪١‬باىلْب‪ ،‬كمن ا‪٤‬بوقنْب ال من الشا ٌكْب‪ ،‬كمن العارفْب ال من‬
‫ا‪٤‬بوحدين ال من‬
‫ا‪٤‬بقلٌدين‪ ،‬كمن ٌ‬
‫ب‬ ‫ً‬
‫قلب حبيبو عن إنكارىم‪ ،‬كطيَّ ى‬ ‫ا‪٤‬ب ٌدعْب‪ ،‬كمن ا‪٤‬بخلصْب ال من ا‪٤‬بيرائْب‪ .‬إٔب أف قاؿ‪ٍ :‬ب سلٌى ى‬
‫ف‬‫كص ى‬ ‫فؤاده فقاؿ‪ :‬ذرىم أيكلوف كيتمتعوف كيلههم األمل فسوؼ يعلموف (‪ .)9‬قاؿ‪ :‬ى‬ ‫ٖبطابًو ى‬
‫أجهل‬ ‫بطوهنم‪ ،‬كشهوات فركجهم‪ ،‬كأمل ً‬
‫نفوسهم‪ ،‬لشبى ًه ًهم ابلبهائم‪ ،‬كجعلىهم‬ ‫شرهً ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ا‪٤‬بنكرين ب ى ى‬
‫منها آبما‪٥‬بم كمنازغتهم اب‪٤‬بقادير‪ ،‬ألف البهائم ال يكوف ‪٥‬با األمل‪ ،‬فقاؿ تعأب‪ :‬أ ٍيكلىئً ى‬
‫ك ىك ٍاألىنٍػ ىع ًاـ بى ٍل‬
‫ىض ُّل (‪ ،)11‬فىػ يه ٍم ال يعلموف حقائق فسادىم كجهلهم ابهلل كأبكليائو‪ ،‬فسوؼ يعلموف ما‬
‫يى ٍم أ ى‬
‫أفسدكا من أايـ الطاعات اب‪٤‬بخالفات عند‬
‫معاينة العقوبة‪ ،‬ككقوع ا‪٢‬بسرة أىػ‪.‬‬
‫احملمدية للشعرا٘ب‬
‫كُب العهود ٌ‬
‫مر يوما على ابب قوـ فوجد ز‪ٞ‬بة‬
‫أ ٌف الشيخ سراج الدين كالد شيخ اإلسبلـ صاّب البلقيِب ٌ‬
‫ىناؾ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ما ىذه الز‪ٞ‬بة؟ فقالوا لو‪ :‬شخص من أكلياء هللا تعأب يبيع ا‪٢‬بشيش‪ ،‬فقاؿ‪ :‬لو‬
‫شاشا من أكلياء‬
‫الدجاؿ حينئذ ُب مصر العتقدكه من ش ٌدة جهلهم‪ .‬كيف يكوف شخص ح ٌ‬ ‫خرج ٌ‬
‫فسلًب الشيخ ‪ٝ‬بيع ما معو حٌب الفا‪ٙ‬بة‪ .‬فتن ٌكرت عليو‬
‫كٔب‪ .‬ي‬
‫هللا تعأب؟ إ ٌ٭با ىو من ا‪٢‬برافيش‪ٍ ،‬ب ٌ‬
‫شاش‪.‬‬ ‫كنسي ما قالو ُب ح ٌق ا‪٢‬ب ٌ‬
‫أحوالو‪ ،‬كصارت الفتاكل أتٌب إليو فبل يعرؼ شيئا‪ ،‬ى‬
‫ارةً هباء الدين ثبلثة ٌأايـ‪ ،‬فدخل عليو فقّب فشكا إليو حالو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬ ‫ً‬
‫فمكث كذلك ُب مدرستو ٕبى ى‬
‫ب الناس عن أكل ا‪٢‬بشيش‪،‬‬ ‫يتو ي‬
‫أنكرت عليو‪ ،‬فإف الفقّب جلس ىناؾ ٌ‬ ‫ى‬ ‫شاش الذم‬‫ىذا من ا‪٢‬ب ٌ‬
‫كاستغفر لو يىػ ير ُّد عليك‬
‫ٍ‬ ‫فبل أيخذىا أحد من يده فيعود إٔب أكلها أبدا حٌب ٲبوت‪ ،‬فأ ٍىر ًس ٍل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪75‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فبمجرد ما أقبل الرسوؿ أنشد‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫حالك‪ .‬فأرسل لو‪،‬‬
‫‪٫‬بن ا‪٢‬برافيش ال نسكن عوإب الدكر ‪ ...‬كال نرائي كال نشهد شهادة الزكر‬
‫تقتع بلقمة كخرقة ُب مسجد مهجور ‪ ...‬من كاف ذا ا‪٢‬باؿ حالو ذنبو مغفور‬

‫فلو كنا عصاة ببيع ا‪٢‬بشيش ما ق ٌد ىرىان هللا على سلب شيخ اإلسبلـ‪ٍ .‬ب قاؿ لو‪ :‬أعطِب أربعة‬
‫ت لو قطعةى حشيش ًز ٍف‬ ‫كل ىم ٍن بً ٍع ي‬
‫خرفاف معاليق شواء‪ ،‬كأربعمائة رغيف‪ ،‬كتعأب أجلس عندم‪ٌ ،‬‬
‫ش َّق ذلك على شيخ اإلسبلـ‪ .‬فما زاؿ بو أصحابو حٌب فعل ذلك‪،‬‬ ‫لو رطبل كأعطو رغيفا‪ .‬ف ى‬
‫يتبسم كيقوؿ‪٫ :‬بن ‪٫‬بلًٌيهم ُب الباطن ى‬
‫كأنت‬ ‫لكل كاحد رطبل كيعطيو رغيفا‪ ،‬كالشيخ ٌ‬ ‫كصار يى ًز يف ٌ‬
‫‪ٙ‬بلٌيهم ُب الظاىر‪ ،‬إٔب أف فرغ الرغفاف‪.‬‬
‫علمك‪،‬‬
‫ٍب قاؿ لو‪ :‬إذىب إٔب الديك الذم فوؽ سطح مدرستك‪ ،‬كاذٕبو كيك ٍل قلبىو ييػ ىر ٌد عليك ي‬
‫بعلم ‪ٞ‬بلو الديك ُب قلبو‪ .‬فمن ذلك الوقت ما أنكر‬ ‫فباهلل عليك كيف تنكر على ا‪٤‬بسلمْب و‬
‫البلقيٍب على أحد من أرابب األحواؿ أىػ‪.‬كمن قبائح اإلنكار على األكلياء أ ٌف ا‪٤‬بنكرين مقتفوف‬
‫آاثر اليهود كا‪٤‬بشركْب كا‪٤‬بنافقْب‪ ،‬فبل شك أف هللا تعأب يعاقبهم ٗبثل ما عوقب بو اليهود‬
‫كا‪٤‬بشركوف كا‪٤‬بنافقوف التٌصافهم بصفات ا‪٤‬بذكورين‪ ،‬كمنها إيثارىم صحبة الفسقة الفجرة من‬
‫العصاة ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬كا‪٤‬بلوؾ الظبلٌـ ا‪٤‬بعاندين‪ ،‬كمنها أهنم يقولوف أف الذم‬
‫عليو ا‪٤‬بلوؾ كالظلمة كأعواهنم ىو الدين القيٌم‪ ،‬كالصراط ا‪٤‬بستقيم‪ ،‬كما عليو علماء اآلخرة‬
‫ا‪٤‬بعوج السقيم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كالعشي يريدكف كجهو ىو الطريق‬
‫ٌ‬ ‫كالكراـ الربرة‪ ،‬الذين يدعوف إليهم ابلغداة‬
‫كيزعموف أف ما عليو أىل العوائد الذميمة‪ ،‬كالبدع القبيحة الٍب توارثها من كاف ُب الضبلؿ‬
‫القد‪ٙ‬ب‪ ،‬ىو الذم عليو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كحزبو الصميم‪ ،‬كمنها الداء العضاؿ الذم ص ٌد اليهود عن‬
‫َّ ً‬
‫ين أيكتيوا‬‫اتٌباع سيٌد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص ‪٣‬بوؼ سقوط رائستهم‪ ،‬كىو ا‪٢‬بسد‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬أىىٓبٍ تىػ ىر إً ىٔب الذ ى‬
‫صيبنا ًم ٍن‬ ‫نى ً‬

‫ً َّ ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ٍكت ً ً‬


‫آمنيوا ىسبً نيبل‬ ‫ين ى‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اب ييػ ٍؤمنيو ىف ًاب ٍ‪١‬ب ٍبت ىكالطَّاغيوت ىكيىػ يقوليو ىف للَّذ ى‬
‫ين ىك ىف يركا ىى يؤىالءأى ٍى ىدل م ٍن الذ ى‬ ‫ال ً ى‬
‫صيب ًمن الٍمل ً‬
‫ٍك فىًإ نذا ىال ييػ ٍؤتيو ىف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اَّللي ىكىم ٍن يىػل ىٍع ٍن َّ‬
‫ين لى ىعنىػ يه ٍم َّ‬ ‫أيكلىئً ى َّ ً‬
‫ّبا أ ٍىـ ى‪٥‬بي ٍم نى ه ٍ ي‬ ‫اَّللي فىػلى ٍن ى٘ب ىد لىوي نىص ن‬ ‫ك الذ ى‬ ‫ٍ‬
‫ضلً ًو‪)11( .‬‬ ‫اَّللي ًم ٍن فى ٍ‬
‫آات يى ٍم َّ‬
‫َّاس ىعلىى ىما ى‬ ‫س يدك ىف الن ى‬ ‫ّبا أ ٍىـ ىٍٰب ي‬
‫الن ً‬
‫َّاس نىق ن‬
‫ى‬
‫اب يػ ٍؤًمنيو ىف ًاب ٍ‪١‬بًٍب ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫َّ ً‬
‫ت‬ ‫ين أيكتيوا نىصيبنا م ٍن الٍكتى ً ي‬ ‫قاؿ ُب عرائس البياف عند قولو تعأب‪ :‬أىىٓبٍ تىػ ىر إً ىٔب الذ ى‬
‫وت (‪)12‬‬ ‫كالطَّاغي ً‬
‫ى‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪76‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كبٌخ هللا تعأب أىل ظاىر العلم الذين اختاركا الرائسة‪ ،‬كأنكركا على أىل الوالية‪ ،‬كآثركا صحبة‬
‫ا‪٤‬بخالفْب‪ ،‬يقبلوف ىواجس أنفسهم الٍب ىي ا‪١‬ببت‪ ،‬كٱبطوف آاثر الطاغوت الذم ىو إبليس‬
‫أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ك‪٥‬بذا قاؿ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫أً‬
‫يخ ىذ علينا العه يد العاـ من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أف ال ٭ب ٌكن أحدا ‪٩‬بٌن صحبنا من‬
‫شهم‪ ،‬أك ٰبتجب عنهم‪ ،‬أك‬
‫الوالٌة ‪٥‬بذا الزماف كانقاد لنا أف يش ٌق على رعيٌتو كٯبور عليهم‪ ،‬أك يغ ٌ‬
‫يغلق اببو دكهنم‪ٍ .‬ب ذكر أ ٌف ىذا العهد ال يقدر على إنفاذه إالٌ أكابر العلماء كالصا‪٢‬بوف‬
‫عما أبيدم الظلى ىمة كالوالٌة‪ ،‬الذين ليس ‪٥‬بم عند الوالٌة بًٌر كال إحساف كال جوار كال‬
‫ا‪٤‬بتع ٌففوف ٌ‬
‫مسموح كال مرتٌب على بساط السلطاف ك‪٫‬بو ذلك‪ ،‬فإ ٌف ىؤالء رٌٗبا ‪٠‬بع ‪٥‬بم الوالٌة‪.‬‬
‫كبرىم كلو ببل سؤاؿ‪ ،‬فلسانو‬ ‫ً‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬إ ٌف من أيكل من أمواؿ ا‪٤‬بلوؾ كالظلى ىمة‪ ،‬كيىقبىل صدقاهتم ٌ‬
‫أخرس‪ ،‬كعينو عمياء‪ ،‬كأذنو صماء‪ ،‬قهرا عليو ال يقدر على أف يكلمهم بكلمة‪.‬‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬كقد قى َّل العآب العفيف أك الصاّب‪.‬‬
‫أقل من القليل‪ ،‬كرٗبا هنوا أحدا من الوالٌة أك أمركه‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬إف ىذا النوع ُب الصا‪٢‬بْب كالعلماء ٌ‬
‫ٗبعركؼ فقاـ ‪٥‬بم عند الوالٌة عبلقة كقد صار خصما ‪٥‬بم‪ ،‬حٌب كأ ٌف الذم أمر اب‪٤‬بعركؼ ىو‬
‫الذم فعل ا‪٤‬بنكر‪.‬‬

‫شك ُب قوٕب ىذا فليي ىج ًٌرب‪ ،‬فإف أىل ٌ‬


‫الشر قد غلبوا على أىل ا‪٣‬بّب ليقضي هللا‬ ‫كمن ٌ‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬ى‬
‫أمرا كاف مفعوال‪.‬‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬كإذا غلب أىل هللا عن إقامة الدين فبل لوـ عليهم‪.‬‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬بل أقوؿ أنو لو أراد األئمة اآلف أف يعدلوا ُب رعيٌتهم ال يقدركف لعدـ استحقاؽ رعيٌتهم‬
‫بقي ييرجي ‪٥‬بم تنفيس حٌب ٱبرج‬
‫الر‪ٞ‬بة هبم‪ .‬فغلبة الظلم كا‪١‬بور مرٌكبة من الظلى ىمة كرعيٌتهم‪ ،‬كما ى‬
‫ا‪٤‬بهدم عليو السبلـ‪.‬‬
‫ٍب قاؿ صاحب العرائس‪:‬‬
‫األمارة ايلسوء‪.‬‬
‫كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ :‬رأس الطواغيت نفسك ٌ‬
‫حجةن عليهم ال كرامة ‪٥‬بم‪ ،‬قاؿ بعضهم ا‪١‬ببت كالطاغوت‬ ‫كقاؿ بن عطاء هللا‪ :‬أى ٍعطيوا الك ى‬
‫تاب ٌ‬
‫اَّللي ًم ٍن فى ٍ‬
‫ضلً ًو (‪ ،)13‬أخرب هللا تعأب‬ ‫آات يى ٍم َّ‬
‫َّاس ىعلىى ىما ى‬
‫س يدك ىف الن ى‬
‫ىيكلك‪ .‬كقاؿ تعأب‪ :‬أ ٍىـ ىٍٰب ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪77‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كى ٍم يعظَّموف بو ُب عيوف‬
‫على حسدة األكلياء الذين يركف لباس ا‪٥‬بيبة كالوقار على الص ٌدقْب ي‬
‫ا‪٣‬بلق‪ ،‬كىم ٰبسدكف بو كبكراماهتم ك كاليتهم‪ ،‬فإذا ذكر ا‪٣‬بلق أكصافهم يدفعوهنا ابإلنكار‬
‫كفضل هللا معرفتيو ككراماتيو‪ ،‬كقد قاؿ بعضهم‪ :‬الفضل ىهنا الكرامات كالوالايت‬
‫ي‬ ‫عليهم‪.‬‬
‫كا‪٤‬بشاىدات‪ ،‬كيك ٌذبوف صاحبها كال يعظٌمونو‪.‬‬
‫نك يركنىػ ىها ىكأى ٍكثىػ يريى ٍم الٍ ىكافً يرك ىف‪ )14( :‬يعرفوف أكلياء هللا‬ ‫ً‬
‫اَّلل يٍبَّ ي ً‬ ‫ً‬
‫كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬يىػ ٍع ًرفيو ىف ن ٍع ىمةى َّ ي‬
‫ابلرباىْب الساطعة‪ ،‬كاآلايت الواضحة‪ ،‬كالفراسات الصادقة‪ ،‬كلكن ٓب يعرفوىم ٕبقيقة ا‪٤‬بعرفة من‬
‫حيث التوفيق كالسعادة‪ ،‬كينكركهنم حسدا كبغيا كعدكاان كظلما‪ ،‬كطلبا للرايسة كا‪١‬باه كأكثرىم‬
‫كالقراء‬
‫الكافركف‪ ،‬يسَبكف كالية أكليائو‪ ،‬كآايت أصفياه‪ .‬قاؿ‪ :‬كُب اآلية توبيخ علماء السوء‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بداىنْب‪.‬‬

‫كيوٖبوا عندىم أحبٌاء هللا تعأب ليصرفوا‬


‫ا‪١‬بهاؿ‪ٌ ،‬‬
‫كضعوا شبكة الرايء كالسمعة ليصطادكا هبا ٌ‬
‫كأم‬
‫كجوه الناس إليهم‪ ،‬ٱبونوف هللا كهللا ال يهدم كيد ا‪٣‬بائنْب‪ ،‬يعلموف ا‪٢‬ب ٌق كينكركنو‪ .‬قاؿ‪ٌ :‬‬
‫شقي أشقى ‪٩‬بٌن رأل منهم ألف كرامة صادقة ٍب يشَبكف هبا كإبنكارىا رائسة الدنيا عند العامة‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫كمنها ص ٌد الناس عن صحبة أىل الصبلح كالوالية‪ ،‬قاؿ ُب العرائس عند قولو تعأب‪ :‬ىكىال تى يكونيوا‬
‫يل ًَّ‬
‫اَّلل (‪:)15‬‬ ‫ص ُّدك ىف ىع ٍن ىسبً ً‬ ‫ين ىخ ىر يجوا ًم ٍن ًد ىاي ًرًى ٍم بىطىنرا ىكًرىائءى النَّ ً‬
‫اس ىكيى ي‬
‫َّ ً‬
‫ىكالذ ى‬
‫زم‬
‫ح ٌذر أكلياءه عن ا‪٤‬بشاهبة هبؤالء ا‪٤‬برائْب الذين ٱبرجوف من دكرىم كزكاايىم ا‪٣‬ببيثة أبلواف ٌ‬
‫الرب‪ ،‬كىم‬ ‫ً‬
‫العدك من ٌ‬
‫السلوسْب‪ ،‬كيتبخَبكف فيها من فرحهم اب‪١‬باه عند الظا‪٤‬بْب الذين ال يعرفوف ٌ‬
‫أضل سبيبل‪ ،‬كيدفعوف أىل اإلرادة من صحبة األكلياء لتسعّب أسواقهم‪ ،‬كتركيج‬ ‫كاألنعاـ بل ىم ٌ‬
‫كيبجلوف ُب أعْب ا‪٣‬بلق‪ ،‬أىلكهم هللا تعأب ُب أكدية قهره‪ٍ .‬ب‬ ‫نفقاهتم‪ ،‬حٌب ٯبتمعوف عليهم‪ٌ ،‬‬
‫كصفهم أبف الشيطاف يزين قبائح أعما‪٥‬بم ُب أعينهم ُب قولو تعأب‪ :‬ىكإً ٍذ ىزيَّ ىن ى‪٥‬بي ٍم َّ‬
‫الش ٍيطىا يف‬
‫أى ٍع ىما ى‪٥‬بي ٍم‪)16( .‬‬
‫كمنها التطبٌع بطبيعة أىل النفاؽ‪ ،‬كالتخلق ٖبلقهم‪ ،‬كىو التآمر كالتواصي إبيذاء أكلياء هللا تعأب‬
‫ض يه ٍم ًم ٍن بىػ ٍع و‬
‫ض ىأي يٍم يرك ىف‬ ‫كصاّب عباده‪ .‬قاؿ ُب العرائس عند قولو تعأب‪ :‬ال يٍمنىافً يقو ىف ىكال يٍمنىافً ىق ي‬
‫ات بىػ ٍع ي‬
‫ًابلٍم ٍن ىك ًر كيػ ٍنػهو ىف ىعن الٍمعر ً‬
‫كؼ (‪:)17‬‬ ‫ي ىى ى ٍ ٍ ى ٍ ي‬
‫أخرب هللا سبحانو طينة أىل النفاؽ ُب كقت مباشرة قهره فيها بعضها من بعض‪ ،‬فيأمر بعضهم‬
‫بعضا ٗبخالفة هللا تعأب ك ‪٨‬بالفة رسولو ُب إذائهم أكلياء هللا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪78‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ أبو بكر الوراؽ‪ :‬ا‪٤‬بنافق يسَب ا‪٤‬بنافق عليو عورتو‪ ،‬كا‪٤‬بؤمن مرآة ا‪٤‬بؤمن‪ًٌ ،‬‬
‫يبصره بعيوبو كيدلو‬
‫على سبيل ‪٪‬باتو‪.‬‬

‫كمنها ٌا‪ٚ‬باذ علماء السوء‪ ،‬كأابطيلهم الٍب كانوا عليها‪ٌ ،‬‬


‫حجة على ترؾ اتٌباع علماء اآلخرة‪،‬‬
‫كيزعم بعضهم أنو من ا‪٤‬بشايخ الواصلْب الذين بلغوا ُب الوالية كل مبلغ‪ ،‬كيريدكف بذلك إسقاط‬
‫أىل هللا مع أهنم ال يزيدىم هللا بذلك‪ ،‬ككذا ىم ًن تبعهم إالٌ ضبلال كبعدا ك ىبلكا‪ ،‬ألهنم‪ :‬يي ًري يدك ىف‬
‫اَّلل ًأبىفٍػ ىو ًاى ًه ٍم‪( .‬‬
‫أى ٍف يط ًٍفئيوا نيور ًَّ‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ىحباريىم كرٍىبانىػ يهم أىراباب ًمن يد ً‬
‫كف ًَّ‬
‫يح‬
‫اَّلل ىكال ىٍمس ى‬ ‫ٍى ن ٍ‬ ‫‪ )18‬قاؿ ُب العرائس‪ ،‬عند قولو تعأب‪َّ :‬ا‪ٚ‬بى يذكا أ ٍ ى ى ٍ ى ي ى‬
‫اح ندا (‪:)19‬‬ ‫ابن مرى‪ٙ‬ب كما أ ًيمركا إًَّال لًيػعب يدكا إً ى‪٥‬با ك ً‬
‫ن ى‬ ‫ى ٍي‬ ‫ٍ ى ىٍ ى ىى ي‬
‫قاؿ بعضهم ُب ىذه اآلية‪ :‬سكنوا إٔب أمثا‪٥‬بم‪ ،‬كطلبوا ا‪٢‬بق من غّب مضانًٌو‪ ،‬كطرؽ ا‪٢‬بق كاضحة‬
‫‪٤‬بن يك ًٌحل بنور التوفيق‪ ،‬كبصر سبيل التحقيق‪ ،‬كمن عمى عن ذلك كاف مطركدا عن طريق ا‪٢‬بق‬
‫كموٖبوف بًًقلة عرفاهنم أىل ا‪٢‬بقائق‪ ،‬كركنوهنم‬ ‫معّبكف ٌ‬ ‫إٔب طريق الضالْب من ا‪٣‬بلق كقد كقع أهنم ٌ‬
‫إٔب أىل التقليد‪ ،‬كسقطوا عن منازؿ التوحيد ُب‬
‫ابلزكاقْب من أىل السلوس‪ ،‬ا‪٤‬بتزيٌْب بًىز ًٌ‬
‫م ا‪٤‬بشايخ كالعارفْب‬ ‫الفريد‪ ،‬كىكذا شأف من اقتدل ٌ‬
‫ا‪٤‬بتحققْب‪ ،‬ك‪ٚ‬بلٌق ٖبيليق ا‪١‬بامعْب للدنيا الذين يقولوف ‪٫‬بن أبناء ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬ك‪٫‬بن رؤساء الطريقة‪،‬‬
‫الدىر بلحاىم حيث علموا أ ٌف الوالية ابلنسب حاشا من ٓب يذؽ طعم كصاؿ هللا‬ ‫ً‬
‫ييضحك هللا ى‬
‫كقلبو معلق بغّب هللا تعأب من أكلياء هللا تعأب‪ .‬قاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬إذا أراد هللا تعأب اب‪٤‬بريد خّبا ىداه‬
‫إٔب صحبة الصوفية‪ ،‬ككقاه من صحبة القراء‪.‬‬

‫كلو اشتغلوا بشأهنم ك‪ٝ‬بع دنياىم‪ ،‬كٓب يتعرضوا ألكلياء هللا تعأب‪ ،‬كٓب يقصدكا إسقاط جاىهم‪،‬‬
‫يكفيهم شقاكهتم‪ ،‬ال سيما كيطعنوف ُب الصديقْب كالعارفْب‪ ،‬قاؿ‪ :‬قاؿ هللا تعأب ُب شأهنم‪:‬‬
‫اَّلل ًأبىفٍػ ىو ًاى ًه ٍم (‪ ،)21‬كيف يطفئوف بنور حسباهنم أنوار مشوس الصفات‬
‫ي ًري يدك ىف أى ٍف يط ًٍفئيوا نيور ًَّ‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الٍب تربز من جاه كجوىهم‪ ،‬كآللئ خدكدىم‪ ،‬كأصلها اثبت ُب أفبلؾ الوحدانية‪ ،‬كالسماكات‬
‫القيٌومية‪ ،‬كيزيد نورىم على نور ألنو تعأب ببل هناية‪ ،‬كال هناية لصفاتو أىػ‪.‬‬
‫كال شك أ ٌف من ش ٌد على ىذه الصفات ابطنو كداكـ عليها ٯبازيو هللا تعأب بقساكة القلب‪،‬‬
‫كاستحبلء ا‪٤‬بعاصي‪ ،‬كإزدراء ا‪٤‬بنتسبْب إٔب عظيم جناب هللا كإيذائهم‪ ،‬فيبتليو بسوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪،‬‬
‫كا‪٤‬بوت على الكفر‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة كالعافية دينا كدنيا كبرزخا كأخرل ًٗبىنًٌ ًو ككرمو‪ .‬قاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪79‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ادكا يك ٍف نرا لى ٍن تيػ ٍقبى ىل تىػ ٍوبىػتيػ يه ٍم‬ ‫ين ىك ىف يركا بىػ ٍع ىد إًٲبىاهنًً ٍم يٍبَّ ا ٍز ىد ي‬ ‫َّ ً‬
‫ُب العرائس‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬إً َّف الذ ى‬
‫ار فىػلى ٍن ييػ ٍقبى ىل ًم ٍن‬ ‫َّ ً‬ ‫ُّ‬
‫ك يى ٍم الضَّالو ىف إً َّف الذ ى‬
‫ين ىك ىف يركا ىكىماتيوا ىك يى ٍم يك َّف ه‬ ‫ىكأ ٍيكلىئً ى‬
‫ض ذى ىىبنا ىكلى ٍو افٍػتى ىدل بً ًو (‪)21‬‬ ‫ىح ًد ًى ٍم ًم ٍلءي ٍاأل ٍىر ً‬
‫أى‬
‫ين ىك ىف يركا بىػ ٍع ىد إًٲبىاهنًً ٍم (‪ ،)22‬ىمن يك ًشف لو من مقامات األكلياء شيء كص ٌدؽ بو‪ ،‬كآمن‬ ‫َّ ً‬
‫إً َّف الذ ى‬
‫أبحوا‪٥‬بم ككراماهتم‪ٍ ،‬ب ك ٌذهبم كارت ٌد على إٲبانو هبم بسبب‪ ،‬أك علٌة‪ ،‬أك فرارا من ‪٦‬باىداهتم‬
‫كاجتهادىم‪ ،‬كضيق رسومهم‪ٍ ،‬ب ازدادكا كفرا إبقامتهم على إنكارىم‪ ،‬كشركعهم ُب إيذاء األكلياء‬
‫كا‪٤‬بريدين كأىل الرغائب‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬كاإلشارة فيو إٔب أ ٌف ىؤالء الذين كقعوا ُب عاىة اإلنكار كبىلًيٌ ًة ا‪١‬بحود‪ ،‬كبعد شهودىم أاثر‬
‫الغيب ُب مشاىد البياف‪ ،‬كأنسوا بو كألفوىم‪ٍ ،‬ب عميت أبصار قلوهبم عن مشاىدة اآلخرة‪،‬‬
‫ت عقو‪٥‬بم بًر ً‬
‫اف ا‪١‬بهالة‪،‬‬ ‫كص ىد ٍ‬
‫ى‬ ‫كصمت آذاف أسرارىم عن خطاب ا‪٢‬بق ُب مواطن الغيب‪ ،‬ى‬‫ٌ‬
‫ث أخبلقهم من شوائب‬ ‫كخبى ٍ‬ ‫كعصت نفوسهم خالق ا‪٣‬بلق هبجومها ُب غلطات ً‬
‫الك ٍرب كالرعونة‪ ،‬ى‬
‫كدرت أركاحهم من اقتحامهم ُب العيجب كالرايء كالكرب‪ ،‬كأبغضت األكلياء‪ٓ ،‬ب يقبل‬
‫الشهوات‪ ،‬ك ٍ‬
‫هللا توبتهم ألهنم ذاقوا حبلكة الرايء كالسمع‪ ،‬كآثركا حظوظ الدنيا على صحبة‬
‫كم ٍن ىذه‬
‫أىل ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬كركنوا إٔب صحبة األضداد‪ ،‬كمالوا عن بساط ا‪٢‬برمة إٔب عرضة ا‪٤‬بخالفة‪ .‬ى‬
‫أحواليو فتوبتو ال تستقيم‪ ،‬كأكبتو ال تدكـ‪ ،‬لغلبة الشهوة على قلبو‪ ،‬ككثرة الفَبة على بدنو‪ ،‬ال‬
‫تلصق فيو نصيحة‪ ،‬كال تؤثٌر فيو شفقة‪ ،‬كال ينتظم مشلو‪ .‬بطرت نفوس ىؤالء الشهوات‪،‬‬
‫كاسودت قلوهبم من الشهوات‪ ،‬جزاىم هللا تعأب إببعادىم عن حضرة الوصاؿ‪ ،‬كمشهد ا‪١‬بماؿ‪،‬‬
‫كىو قولو تعأب‪ :‬لى ٍن تيػ ٍقبى ىل تىػ ٍوبىػتيػ يه ٍم ىكأ ٍيكلىئً ى‬
‫ك يى ٍم الضَّالُّو ىف (‪ )23‬عن طريق ا‪٢‬بقائق كا‪٤‬بعارؼ‬
‫كالكواشف‪ ،‬كأسبل هللا على قلوهبم غطاء القهر حٌب ال يركا‬
‫أنواع عجائب كرامات األكلياء‪ ،‬كال يقاـ ‪٥‬بم عند هللا يوـ القيامة كزف كإف كثرت صبلهتم‬
‫كصيامهم كصدقاهتم‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬إً َّف الَّ ًذين ىك ىفركا كماتيوا كىم يك َّفار فىػلىن يػ ٍقبػلى ًمن أ ً ً ً‬
‫ىحدى ٍم م ٍلءي‬
‫ى ي ىى ى ي ٍ ه ٍ ي ى ٍ ى‬
‫ض ذى ىىبنا ىكلى ٍو افٍػتى ىدل بًًو (‪ )24‬أىػ‪.‬‬
‫ٍاأل ٍىر ً‬
‫نك يرك ىف (‪:)25‬‬ ‫ت ًَّ‬
‫اَّلل تي ً‬ ‫ىم آاي ً‬ ‫كقاؿ‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬كي ًري يكم ًً‬
‫آايتو فىأ َّ ى‬ ‫ىي ٍ ى‬
‫آايت أنبياؤه كأكلياؤه‪ ،‬كىم أعظم اآلايت‪ ،‬إذ ٘بلى ا‪٢‬بق من كجوىهم بنعمة العزة كالكربايء‬
‫كأم منكر أعظم ‪٩‬بن ينكر ىذه اآلايت الساطعة‪ ،‬كالرباىْب الواضحة‪ .‬قاؿ سهل‪:‬‬
‫للعا‪٤‬بْب‪ٌ ،‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪80‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ص ٌدقهم ُب كراماهتم‪ ،‬كأعمى أعْب األشقياء‬ ‫ً‬
‫أظهر آايتو ُب أكليائو‪ ،‬كجعل السعيد من عباده ىمن ى‬
‫عن ذلك‪ ،‬كصرؼ قلوهبم عنهم‪.‬‬
‫اَّلل الًٍَّب قى ٍد ىخلى ٍ ً ً ً‬
‫ٍب قاؿ‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬سنَّةى ًَّ‬
‫ت ًُب عبىاده (‪ٌ ،)26‬ى‬
‫بْب هللا سبحانو أنو ال ينفع‬ ‫ي‬
‫كعزتو منتقم ألكليائو من‬
‫إٲباف ا‪٤‬بنكرين أنبياءه كأكلياءه عند معاينة جزاء إنكارىم‪ ،‬فإنو ٔببللو ٌ‬
‫أعدائو أىػ‪.‬‬
‫ْب (‪ ،)27‬فلما أقاموا على‬ ‫اىم أ ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ى‪ٝ‬بىع ى‬ ‫وان انتىػ ىق ٍمنىا م ٍنػ يه ٍم فىأى ٍغ ىرقػٍنى ي ٍ‬
‫آس يف ى‬
‫كقاؿ‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬فىػلى َّما ى‬
‫كأصركا على إيذاء أكليائنا كأحبٌائنا‪،‬‬ ‫ً ً‬
‫دعاكيهم الباطلة‪ ،‬ككلماهتم ا‪٤‬بزخرفة‪ ،‬كب ىدعهم الباردة‪ٌ ،‬‬
‫كجردان‬
‫كأم ٍتػنىاىم ُب أكدية ا‪١‬بهالة‪ ،‬كأغرقناىم ُب ٕبار الغفلة‪ٌ ،‬‬ ‫غضبنا كسلٌطنا عليهم جنود قهران‪ ،‬ى‬
‫قلوهبم عن أنوار ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬كطمسنا أعْب أسرارىم حٌب ال ىيرٍكا لطائف ٌبران على أكليائنا أىػ‪.‬‬
‫ض بًغى ًٍّب ا ٍ‪٢‬بىًٌق ىكإً ٍف يىػ ىرٍكا يك َّل آيىوة‬
‫ين يىػتى ىكبَّػ يرك ىف ًُب ٍاأل ٍىر ً‬ ‫َّ ً‬
‫آايًٌب الذ ى‬ ‫ؼ ىع ٍن ى‬ ‫ىص ًر ي‬
‫كقاؿ‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬ىسأ ٍ‬
‫َّخ يذكهي ىسبً نيبل‬ ‫َّخ يذكهي سبً نيبل كإً ٍف يػركا سبًيل الغى ًي يػت ً‬ ‫الر ٍش ًد ىال يػت ً‬
‫يل ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ى ى ىىٍ ى ى ٌ ى‬ ‫ى‬ ‫ىال ييػ ٍؤمنيوا هبىا ىكإ ٍف يىػ ىرٍكا ىسب ى‬
‫(‪ٍ ،)28‬ب إف هللا سبحانو ذكر أ ٌف عرائس خطابو‪ ،‬كلطائف كبلمو ال تنكشف ‪٤‬بن رأل قيمة‬
‫يتكربكف ُب‬
‫نفسو ُب جناب األزلية‪ ،‬كميادين الربوبية بقولو سأصرؼ‪ ،‬سأمنع عن آايٌب الذين ٌ‬
‫األرض عن إدراؾ حقائق خطايب‪ ،‬كفىػ ٍهم لطائف معا٘ب كبلمي‪ ،‬الذين يتكربكف ُب‬

‫األرض بغّب ا‪٢‬بق‪ ،‬ا‪٤‬ب ٌدعْب ا‪٤‬بعجبْب بشأهنم كمزخرفاهتم ٗبجاراهتم كبلـ الدعاكم الباطلة بغّب‬
‫ا‪٢‬بق ألهنم منكر ك كرامات أكليائي‪ ،‬كآايت أصفيائي‪ٍ .‬ب كصف حا‪٥‬بم ُب تضاعيف اآلية بقولو‬
‫تعأب‪ :‬ىكإً ٍف يىػ ىرٍكا يك َّل آيىوة ىال ييػ ٍؤًمنيوا ًهبىا (‪ٍ ،)29‬ب زاد مباعدهتم عن ابب التوفيق‪ ،‬ككجداف رشد‬
‫َّخ يذكهي سبً نيبل كإً ٍف يػركا سبًيل الغى ًي يػت ً‬
‫َّخ يذكهي ىسبً نيبل‬ ‫الر ٍش ًد ىال يػت ً‬
‫يل ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى ى ىىٍ ى ى ٌ ى‬ ‫ى‬ ‫الطريق بقولو‪ :‬ىكإ ٍف يىػ ىرٍكا ىسب ى‬
‫تبْب ألف طريق من طرؽ األكلياء إٔب هللا تعأب ال يبتغوهنا سبيبل ‪٢‬برماهنم عن مصادفة‬ ‫(‪ ،)31‬لو ٌ‬
‫ا‪٢‬بق‪ ،‬كإف ظهر ‪٥‬بم طريق الدعاكل ُب متابعة الشهوات اتٌبعوه كجعلوه سبيل ا‪٢‬بق‪ ،‬ألف سجيتهم‬
‫الضبلؿ‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬قاؿ سهل ُب قولو‪ :‬سأصرؼ عن آايٌب الذين يتكربكف ُب األرض (‪ ،)31‬كىو أ ٍف ٰبرمهم‬
‫فىػ ٍه ىم القرآف كاإلقتداء برسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أىػ‪.‬‬
‫الزـ للمنكرين‪ ،‬كلو ٓب يعاقب هللا ا‪٤‬بنكرين على‬
‫ف ه‬ ‫كص ه‬
‫التكرب ُب األرض بغّب ا‪٢‬ب ٌق ٍ‬
‫قلت‪ :‬ك ٌ‬
‫ي‬
‫السادات األكلياء األخيار إالٌ ٗبا ذكر ُب ىذه اآلية لكاف كافيا‪٧ ،‬ب ٌذرا عن اإلنكار لكل من كاف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪81‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫موفٌقا من أىل اإلعتبار‪ ،‬لكن ما أصاهبم ما قالو موالان سبحانو كتعأب‪ :‬بى ٍل‬
‫ىك َّذبيوا ًٗبىا ىٓبٍ يًٰبيطيوا بً ًعل ًٍم ًو (‪ .)32‬قاؿ ُب عرائس البياف‪:‬‬
‫خواطر ا‪١‬بهلة عن إدراؾ العلوـ اجملهولة عند أكثر ا‪٣‬بلق‪ ،‬ا‪٤‬بعركفة عند أىل‬
‫ى‬ ‫عجز‬
‫هللا سبحانو ٌ‬
‫ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬تنطق هبا ألسنة الركحانيْب كا‪٤‬بلكوتيْب‪ ،‬كمن الصفات كالذات‪ ،‬فلما ٓب يكونوا من أىل‬
‫ا‪٣‬بطاب ك ٌذبوا حقائق ا‪٣‬بطاب الذم جرل على لساف األكلياء كالصديقْب كاألنبياء كا‪٤‬بقربْب‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كىكذا عادة ا‪٤‬بفلسْب كا‪٤‬بنكرين كرامات أىل ا‪٤‬بشاىدات‪ ،‬كفراسة أىل ا‪٤‬بكاشفات‪،‬‬
‫‪١‬بهلهم كغركرىم كقياساهتم الفاسدة‪.‬‬

‫ك قى ًد‪ٙ‬به (‪ ،)33‬يسمعوف حقائق كلمات القوـ‬ ‫سيىػ يقوليو ىف ىى ىذا إًفٍ ه‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫قاؿ تعأب‪ :‬ىكإ ٍذ ىٓبٍ يىػ ٍهتى يدكا بو فى ى‬
‫يشموف ًمن ألف فرسخ‬‫طامات‪ ،‬ايليتهم لو ٌ‬ ‫كيسموهنا ٌ‬‫الٍب ىي ‪٨‬بربة عن حقائق أسرار الغيب ٌ‬
‫رائحتها لطاركا من الفرح بوجداهنا‪ ،‬لكن ما خلقوا لقبوؿ ا‪٢‬بقائق‪ .‬قاؿ‪ :‬قاؿ بعضهم‪ :‬ك ٌذبوا‬
‫ص بو القوـ‪ ،‬كاحملركـ من يح ًرـ حظٌو من قبو‪٥‬بم‬‫أكلياء هللا تعأب ُب براىينهم ‪٤‬بٌا يح ًرموا ما يخ ٌ‬
‫كتصديقهم كاإلٲباف ٗبا يظهر هللا تعأب عليهم من أنواع الكرامات‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ أبو تراب النخشي‪ :‬إذا بعدت القلوب عن ا‪٥‬بب تعأب مقتت القائمْب ٕبقوؽ هللا تعأب‬
‫أىػ‪ .‬كقاؿ أمّب ا‪٤‬بؤمنْب علي بن أيب طالب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬الناس أعداء ‪٤‬با جهلوا أىػ‪.‬‬
‫كُب األنوار القدسية‪:‬‬
‫كحكى الشيخ دمحم الطخيخي‪ ،‬عن إماـ جامع ‪٠‬باقود‪ ،‬أف شخصا كاف يناـ ُب احملراب ُب ثياب‬
‫فسماه عجل احملراب‪.‬‬
‫كسخة‪ ،‬فكاف كلٌما أراد أف يقف ُب احملراب ٯبده انئما فيو‪ٌ ،‬‬
‫فجاء اإلماـ يوما‪ ،‬فغمزه برجلو ُب خ ٌده‪ ،‬فقاـ كعيناه كالدـ األ‪ٞ‬بر‪ ،‬فمسك اإلماـ كدفعو ُب‬
‫احملراب‪ ،‬فوجد نفسو ُب أرض قفراء كعرة‪ ،‬فتقرحت رجبله من ا‪٤‬بشي‪ ،‬فقطٌع عمامتو كلف منها‬
‫على رجليو فلما تعبت تراءت لو شجرة فقصدىا‪ ،‬فإذا عندىا عْب ماء‪ ،‬كإذا أبثر أقداـ توضأت‬
‫كذىبت‪ ،‬فتبع اآلاثر فوجد ‪ٝ‬باعة كثّبة ُب عطف جبل‪ ،‬كإذا ابلرجل الذم كاف يناـ ُب احملراب‬
‫ىو شيخ ا‪١‬بماعة‪ ،‬كعليو ثياب نظيفة‪ ،‬فالتفت إٔب أصحابو كقاؿ‪ :‬ىل رآ٘ب أحد منكم يوما كأان‬
‫عجل بق ور؟ فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قولوا ‪٥‬بذا اإلماـ استغفر هللا كأتوب إليو‪ ،‬فأشار‬
‫ي‬
‫الشيخ إٔب كاحد من ا‪١‬بماعة يدفعو إٔب جامع ‪٠‬باقود‪ ،‬فقاـ فدفعو فوجد نفسو خارجا من حائط‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪82‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫احملراب كالناس ينتظركنو ُب صبلة العصر‪ ،‬فأخربىم ابلقضية كأف تلك األرض القفراء مسافتها‬
‫سنة كاملة من مصر أىػ‪.‬‬

‫كحكى الشيخ الصاّب أ‪ٞ‬بد بن الشيخ الشربيِب‪ :‬أنو كاف ‪٦‬باكرا ٗبكة‪ ،‬فاشتاؽ إٔب زايرة كالدتو‬
‫بشربْب كليس معو دراىم يكرم هبا‪ ،‬كال ركب يسافر إٔب مصر‪ .‬فبينما ىو كذلك إذ كجد رجبل‬
‫مبتلي اب‪٤‬بسعى ينكر عليو أىل م ٌكة أشد اإلنكار‪ ،‬ففاجأه ابلكبلـ كقاؿ‪ :‬تريد تركح إٔب أىل‬
‫مصر؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬فدفعو‪ ،‬كإذا بو على ابب شربْب‪.‬‬
‫ىذه حكايتو ٕب‪ ،‬كأخرب٘ب‪ :‬أنو كاف صاحب الشفاعة ألىل موقف عرفة سنة ثبلثة كعشرين‬
‫كتسعمائة من ا‪٥‬بجرة‪.‬‬
‫كحكى الشيخ نور الدين الشنوا٘ب‪ :‬أف شخصا من قنطرة ا‪٤‬بوسكى كاف مكاراي ٰبمل النساء من‬
‫بنات ا‪٣‬بطأ‪ ،‬ككاف الناس يسبٌونو كيصفونو ابلتعريص‪ ،‬ككاف من أكلياء هللا تعأب ال ييركًب امرأة‬
‫قط من بنات ا‪٣‬بطأ كتعود إٔب الزان أبدا‪ .‬فقاؿ لو الشيخ نور الدين‪ًِ :‬بى كصلت ىذه ا‪٤‬بنزلة؟‬
‫قاؿ‪ :‬ابحتماؿ األذل‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب الشيخ عليٌا ا‪٣‬بواص‪ ،‬يقوؿ‪ :‬إف هللا تعأب أعطى أرابب األحواؿ ُب‬
‫كالعز كالقهر‪ ،‬كالتح ٌكم على هللا تعأب الذم ىو اإلدالؿ‬
‫ىذه الدار التقد‪ٙ‬ب كالتأخّب كالتولية‪ٌ ،‬‬
‫التوجو إٔب‬
‫فإايكم كاإلنكار على أحد إالٌ بعد ٌ‬ ‫عليو‪ ،‬كنفوذ األمر ُب كل ما أراده من األمور‪ٌ ،‬‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ليحفظكم من ذلك كإالٌ فرٌٗبا يم ًقتي ٍم فهلى ٍكتي ٍم أىػ‪.‬‬
‫التوجو‪ ،‬فسلٌم تسلم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كأين أنت من ىذا ٌ‬ ‫ي‬
‫كقاؿ ُب كتاب اليواقيت‪:‬‬
‫كقد كاف الشيخ سراج الدين ا‪٤‬بخزكمي‪ ،‬شيخ اإلسبلـ ابلشاـ‪ ،‬يقوؿ‪ٌ :‬إايكم كاإلنكار على كل‬
‫شيء من كبلـ الشيخ ‪٧‬بي الدين فإ ٌف ‪٢‬بوـ األكلياء مسمومة‪ ،‬كىبلؾ أدايف مبغضيهم معلوـ‪،‬‬
‫ابلسب ابتبله هللا ٗبوت القلب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تنصر كمات على ذلك‪ .‬كمن أطلق لسانو فيهم‬ ‫كبعضهم ٌ‬
‫غض ًمن كٕب هلل تعأب ضرب ُب قلبو بسهم مسموـ‪ ،‬كٓب‬ ‫ككاف أبوعبد هللا القرشي هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬من ٌ‬
‫اؼ عليو من سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪.‬‬
‫كٱبى ي‬
‫ت حٌب يفسد معتقده‪ ،‬ي‬ ‫ٲبي ٍ‬
‫كقاؿ فيو أيضا‪ :‬ككاف اإلماـ ابن أسعد اليافعي يقوؿ‪ :‬أف حكم إنكار ىؤالء ا‪١‬بهلة على أىل‬
‫الطريق حكم انموسة نفخت على جبل تريد أف تزيلو عن مكانو بنفختها‪ ،‬كمن عادل أكلياء هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪83‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تعأب فكأ٭با عادل أنبياء هللا‪ ،‬كإف كاف ٓب يبلغ ح ٌد التكفّب ا‪٤‬بوجب ُب النار أىػ‪.‬‬
‫كفيو‪ :‬يسئل اإلماـ ‪٧‬بي الدين النوكم عن الشيخ ‪٧‬بي الدين بن عريب فقاؿ‪ :‬تلك أمة قد خلت‬
‫‪٥‬با ما كسبت‪ ،‬كلكن الذم عندان أنٌو ٍٰب يرـ على كل عاقل أف يسيء الظنذ أبحد من أكلياء هللا‬
‫يؤكؿ أفعا‪٥‬بم كأقوا‪٥‬بم ما داـ ٓب يلحق بدرجتهم‪ ،‬كال يعجز عن‬
‫كجل‪ ،‬كٯبب عليو أف ٌ‬
‫عز ٌ‬‫ٌ‬
‫ذلك إالٌ قليل التوفيق‪.‬‬
‫كقاؿ ُب شرح ا‪٤‬بهذب‪ :‬إذا ٌأكؿ فليؤكؿ كبلمو إٔب سبعْب كجها‪ ،‬فإف ٓب يقبل كبلمهم أتكيبل منها‬
‫فلّبجع على نفسو ابللوـ كيقوؿ ‪٥‬با‪ٰ :‬بتمل كبلـ أخيك سبعْب كجها كال تقبلْب منو أتكيبل‬
‫كاحدا‪ ،‬كما ذلك إال تعنٌت أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب رسالة األدب‪ :‬كاب‪١‬بملة‪ ،‬فكثر البحث كا‪١‬بداؿ‪ ،‬كعدـ التسليم لكل شيء ال ٱبرج‬
‫‪٧‬بل الطرد‪ ،‬ككاف اإلماـ الشافعي‬
‫‪٧‬بل القرب إٔب ٌ‬
‫على اإل‪ٝ‬باع‪ ،‬تعمي قلب العبد‪ ،‬ك‪ٚ‬برجو عن ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كثربا ما يقوؿ‪ :‬اإلنكار ركن عظيم من أركاف الشرؾ كالنفاؽ أل ٌف أصل الكفر‬
‫عدـ التصديق‪ ،‬فهو ُب‬
‫ح ٌق النيب ملسو هيلع هللا ىلص كفر‪ ،‬كُب ح ٌق التابع لو ملسو هيلع هللا ىلص نفاؽ‪ ،‬فللتابع ح ٌق كما للمتبوع ح ٌق إذ العْب ا‪٤‬بم ٌددة‬
‫كاحدة‪ .‬فاإلنكار ابلظن كالوىم كلٌو مذموـ‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬كلذلك طاؿ الطريق إٔب هللا تعأب كإٔب معرفة حضراتو كحضرات أ‪٠‬بائو كصفاتو‬
‫على أىل اإلنكار كا‪١‬بداؿ‪.‬‬
‫ٍب قاؿ بعد كبلـ‪ :‬كقد كاف الشيخ أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬ليس الكامل‬
‫كل يوـ ألفا من العواـ‪ ،‬كإ٭با الكامل من يوصل فقيها كثّب ا‪١‬بداؿ ُب مائة‬
‫من الرجاؿ من يوصل ٌ‬
‫عاـ‪.‬‬

‫كل من أراد تقريبو إٔب حضرات القرب من ا‪٢‬بق تعأب‪ ،‬كرسلو‬ ‫قاؿ بعد كبلـ‪ :‬فالواجب على ٌ‬
‫كأكليائو‪ ،‬أف ال يبحث كال ٯبادؿ ُب كبلمهم‪ ،‬بل ييػ ٍقبًل على العمل بكل ما أمركه‪ ،‬كيقبلو قبوؿ‬
‫العبد الصاّب‪ ،‬ال سيما كبلـ أرابب األحواؿ‪ ،‬فإ ٌف حا‪٥‬بم من أغرب األمور‪ ،‬كاإلنكار على‬
‫سم ساعة‪.‬‬
‫أحوا‪٥‬بم ٌ‬
‫ٍب قاؿ ُب موضع آخر‪ ،‬بعد كبلـ‪ :‬ككاف سيدم عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪:‬‬
‫أكٔب الناس اب‪٤‬بقت عآب فاجر كثّب ا‪١‬بداؿ‪ ،‬ال يرل غّب زعمو‪ ،‬كدعاكل كٮبو‪ ،‬إف تكلٌم جار‪،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪84‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كإف سكت جار‪.‬‬
‫ككاف هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬من عبلمة أىل الطرد عن حضرة هللا تعأب أف ال تلْب جلودىم كقلوهبم لذكر‬
‫هللا‪ .‬كذى ىك يركا بْب يديو كاحدا من علماء عصره كأثنوا عليو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬دعوان من ذكر أىل الطرد‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬كيف اي سيدم كىو من علماء اإلسبلـ؟ قاؿ‪ :‬ليس لو من العلم إالٌ اإلسم‪ ،‬فقالوا‪ :‬كيف؟‬
‫كجل يثقل عليو تكرار اسم ‪٧‬ببوبو‪ ،‬كيضيق صدره إذا ًأمر بذلك؟‬‫عز ٌ‬ ‫فقاؿ‪ :‬ىل رأيتم ‪٧‬ببٌا هلل ٌ‬
‫فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال أش ٌق على الواحد منهم أف يقاؿ لو أترؾ درسك ُب النحو كاللغة‪ ،‬أك ُب‬
‫ىذه ا‪٤‬بسائل الٍب ال تعرؼ ‪٥‬با دليبل من الكتاب كالسنة‪،‬‬
‫كجل ساعة‪ ،‬كقد قاؿ تعأب‪" :‬أان جليس من ذكر٘ب"‪ ،‬فكل من ٓب يقدر على‬
‫عز ٌ‬‫كتعاؿ نذكر هللا ٌ‬
‫اجملالسة مع هللا تعأب فهو مطركد عن حضرتو‪ ،‬فقالوا‪ :‬اي سيدم‪ ،‬إشتغا‪٥‬بم خّب على كل حاؿ‪،‬‬
‫كجل ال ُب حضرات أحكامو‪ ،‬كفرؽ بْب‬
‫عز ٌ‬‫قاؿ‪ :‬صحيح‪ ،‬كلكن كبلمنا ُب أىل حضرة هللا ٌ‬
‫مشهوده ذاتو كبْب مشهوده أ‪٠‬باؤه كصفاتو‪ ،‬فإف أحدىم ٲبوت كىو مع أصحاب األحكاـ من‬
‫ا‪٣‬بلق ال يشهد ا‪٢‬بق إال عند موتو‪ٖ ،‬ببلؼ من يشتغل ابسم الذات‪ ،‬فبل يزاؿ يذكر حٌب ٯبتمع‬
‫ا‪٤‬بسمى‪ٖ ،‬ببلؼ األحكاـ‪.‬‬ ‫ً‬
‫بصاحب اإلسم‪ ،‬إذ اإلسم ال يفارؽ ٌ‬
‫كقد طلب الشيخ فخر الدين الرازم الطريق إٔب هللا تعأب‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ ‪٪‬بم الدين البكرم‪:‬‬
‫ال تطيق مفارقة صنعك الذم ىو علمك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي سيدم ال بد إف شاء هللا تعأب‪ .‬فأدخلو‬
‫الشيخ ا‪٣‬بلوة‪ ،‬كسلبو ‪ٝ‬بيع ما معو من العلم‪ ،‬فصاح ُب ا‪٣‬بلوة أبعلى صوتو‪ :‬ال أطيق‪ ،‬فأخرجو‬
‫كقاؿ‪ :‬أعجبِب صدقك‪ ،‬كعدـ نفاقك‪ ،‬كلكن أنت صرت من معارفنا فاعلم ذلك كأنت أعلم‬
‫بنيتك أىػ‪.‬‬
‫كُب العهود احملمدية‬
‫علي ا‪٣‬بواص أف شخصا من القضاة كاف يؤذم سيدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب كينكر‬
‫أخرب٘ب سيدم ٌ‬
‫عليو‪ ،‬ككاف القاضي سيٌئ ا‪٣‬بلق‪ .‬فلما مات تصور سوء خلقو كلبا أسود‪ ،‬فجلس على نعشو‬
‫كالناس ينظركف إٔب أف نزؿ معو ُب القرب أىػ‪.‬‬
‫كُب حياة ا‪٢‬بيواف للدمّبم‪ ،‬عند ذكر الذابب‪ :‬كُب اتريخ ابن خلكاف‪ُ ،‬ب تر‪ٝ‬بة اإلماـ يوسف‬
‫بن أيوب بن زىرة ا‪٥‬بمدا٘ب الزاىد‪ ،‬صاحب ا‪٤‬بقامات كالكرامات كاألحواؿ الباىرات‪ ،‬أنو جلس‬
‫يوما للوعظ فاجتمع إليو العآب فقاـ من بينهم يعرؼ اببن السقاء كأاته كسألو عن مسألة‪ ،‬فقاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪85‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لو اإلماـ يوسف‪ :‬إجلس فإ٘ب أجد من كبلمك‬
‫رائحة الكفر‪ ،‬كلعلك ‪ٛ‬بوت على غّب دين اإلسبلـ‪ً .‬‬
‫فقدـ رسوؿ ملك الركـ إٔب ا‪٣‬بليفة‪ ،‬فخرج‬
‫فتنصر كمات نصرانيا‪ .‬ككاف ابن السقاء قارائ‬
‫ابن السقاء مع الرسوؿ إٔب ببلد القسطنطينية‪ٌ ،‬‬
‫‪٦‬بودا ُب تبلكتو‪ .‬كحكى من رآه ابلقسطنطينية قاؿ‪ :‬رأيتو مريضا ملقى على دكاف‪،‬‬
‫للقرآف‪ٌ ،‬‬
‫كبيده مركحة يدفع هبا الذابب على كجهو‪ ،‬فقلت‪ :‬ىل القرآف ابؽ على حفظك‪ ،‬قاؿ‪ :‬ما أذكر‬
‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫ين ىك ىف يركا لى ٍو ىكانيوا يم ٍسل ًم ى‬
‫ْب (‪ )34‬كالباقي نسيتو أىػ‪ .‬نعوذ‬ ‫منو إال آية كاحدة‪ ،‬كىي‪ :‬يرىٗبىا يىػ ىو ُّد الذ ى‬
‫ابهلل من سخطو كخذالنو‪ ،‬كنسألو حسن ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬فانظر اي أخي كيف ىلك ىذا الرجل كخذؿ ابإلنتقاد كترؾ اإلعتقاد‪ ،‬نسأؿ هللا السبلمة‪.‬‬
‫فعليك اي أخي ابإلعتقاد كترؾ اإلنتقاد على ا‪٤‬بشايخ العارفْب‪ ،‬كالعلماء العاملْب‪ ،‬كا‪٤‬بؤمنْب‬
‫الصا‪٢‬بْب‪ ،‬فإ ٌف حراهبم مسمومة‪ ،‬فقل من تعرض ‪٥‬با كسلًم‪ ،‬فسلًٌم تسلم‪ ،‬كال تنتقد فتندـ‪ً ،‬‬
‫كإقتد‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إبماـ العارفْب‪ ،‬كرأس الصدقْب‪ ،‬كعبلمة العلماء العاملْب ُب كقتو‪ ،‬الشيخ ‪٧‬بي الدين عبد القادر‬
‫ا‪١‬بيبل٘ب ‪٤‬بٌا عزـ على زايرة الغوث ٗبكة كقاؿ رفيقاه‪ :‬ما انلنا؟ فقاؿ‪ :‬أما أان فذاىب على قدـ‬
‫الزايرة كالتربؾ ال على قدـ اإلنكار كاإلمتحاف‪ ،‬فآؿ أمره‬
‫إٔب أف قاؿ قدمي ىذه على ركبة كل كٕب هلل تعأب‪ ،‬كآؿ أمر رفيقو إٔب الكفر كترؾ اإلٲباف‬
‫ابإلتقاد كترؾ اإلعتقاد كما اتٌفق ُب ىذه ا‪٢‬بكاية‪ ،‬كآؿ أمر اآلخر إٔب اشتغالو ابلدنيا‪ ،‬كترؾ‬
‫خدمة ا‪٤‬بؤب بقلٌة التوفيق‪ ،‬نسأؿ هللا التوفيق كا‪٥‬بداية كاألمانة على اإلٲباف بو كبرسولو ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬‬
‫كاإلعتقاد ا‪٢‬بسن ُب أكليائو كأصفيائو‪ٔ،‬باه دمحم كآلو أىػ‪ .‬كبلـ الدمّبم‪.‬‬
‫كقاؿ أبو ا‪٤‬بواىب التونسي‪ :‬إحذركا من قولكم ذىب األكابر كالصادقوف من الفقراء‪ ،‬إهنم ما‬
‫ذىبوا حقيقة كإ٭با ىم ككنز صاحب ا‪١‬بدار‪ ،‬كقد يعطي هللا من جاء ُب آخر الزماف ما حجبو‬
‫عن أىل العصر األكؿ‪ ،‬فإف هللا تعأب قد أعطى دمحما صلٌى الو عليو كسلٌم ما ٓب ي ً‬
‫عط لؤلنبياء‬‫ي‬ ‫ٌ‬
‫قبلو‪ٍ ،‬ب ق ٌدمو ُب ا‪٤‬بدح عليهم‪.‬‬

‫كاي هلل العجب ُب كثّب من ا‪٤‬بتف ٌقهة! ينكركف ما أ‪ٝ‬بع عليو األكلياء‪ ،‬كيص ٌدقوف ٗبا كصل إليو‬
‫و‬
‫شذكذ‬ ‫قياسو ضعيف أك إٔب‬ ‫على لساف فقيو كاحد‪ ،‬كرٗبا كاف استناده ُب ذلك القوؿ إٔب و‬
‫دليل ي‬
‫ىم أك مصيبة‪،‬‬
‫من القوؿ‪ ،‬ما ذاؾ ‪ -‬كهللا ‪ -‬إالٌ لغلبة ا‪٢‬برماف! ٍب ىو مع إنكاره‪ ،‬إذا صادفو ٌ‬
‫أيٌب إٔب قبورىم فيحملهم ا‪٢‬بملة دكف الفقيو الذم ص ٌدؽ قولو كق ٌدمو عليهم‪ ،‬ككاف األمر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪86‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فإايؾ اي أخي أف ي‪ٙ‬ب ىرـ احَباـ أصحاب الوقت فتستوجب الطرد كا‪٤‬بقت‪ ،‬فإ ٌف من‬ ‫ابالعكس‪ٌ .‬‬
‫أنكر على أىل زمانو يح ًرـ بركة أكانو أىػ‪.‬‬
‫َّ ً‬
‫آمنيوا يٍبَّ‬
‫آمنيوا يٍبَّ ىك ىف يركا يٍبَّ ى‬ ‫كقاؿ ُب عرائس البياف ُب حتائق القرآف‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬إً َّف الذ ى‬
‫ين ى‬
‫اَّللي لًيىػغٍ ًف ىر ى‪٥‬بي ٍم ىكىال لًيىػ ٍه ًديىػ يه ٍم ىسبً نيبل (‪)35‬‬
‫ادكا يك ٍف نرا ىٓبٍ يى يك ٍن َّ‬
‫ىك ىف يركا يٍبَّ ا ٍز ىد ي‬
‫كصف أىل الَبدد ُب سلوؾ سبيل األكلياء‪ ،‬كاإلٲباف هبم كأبحوا‪٥‬بم حْب ىيج هللا رغبتهم إٔب‬
‫رائسة القوـ‪ ،‬كشرفهم عند ا‪٣‬باص كالعاـ‪ ،‬آمنوا ر‪٠‬با كال استعدادا‪ ،‬فلما جنٌت عليهم ظلمات‬
‫اجملاىدات ٓب ٰبتملوا‪ ،‬كأنكركا عليهم‪ ،‬كرجعوا إٔب حظوظ أنفسهم‪.‬‬
‫فإذا ‪٠‬بعوا إنكار ا‪٣‬بلق على ترددىم‪ ،‬كرأكا مهابة األكابر عندىم‪ ،‬آمنوا بعد ذلك ر‪٠‬با ال‬
‫حقيقة‪ ،‬فلما ٓب يصلوا إٔب شيء من مقامات القوـ ككراماهتم‪ ،‬إرتدكا كصاركا منكرين على القوـ‬
‫كعلى مقاماهتم‪ ،‬كازداد إنكارىم حْب رجعوا إٔب اللذات كالشهوات‪ ،‬كاختاركا الدنيا على‬
‫اآلخرة‪ ،‬كيقولوف عند ا‪٣‬بلق أف ىؤالء ليسوا على ا‪٢‬بق‪ ،‬كيطعنوف فيهم كيقعوف ُب ‪ٛ‬بزيقهم‬
‫كغيبتهم‪ ،‬حٌب تضيق صدكر القوـ عليهم‪ ،‬كإف هللا سبحانو ينتقم منهم أبف يشغلهم ٔبمع ا‪٤‬باؿ‬
‫كالرائسة‪ ،‬كال يرشدىم بعد ذلك إٔب سبيل الرشاد‪ ،‬كيبقى على كجوىهم ‪٠‬بات ا‪٣‬بسراف‪،‬‬
‫كيتحرقوف غدا ُب كسط النّباف‪ ،‬كىذا كصف أىل زماننا من ا‪٤‬بنكرين أىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنٌو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫‪.1‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.57‬‬
‫‪.2‬سورة الطبلؽ‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬

‫‪.3‬سورة الركـ‪ ،‬اآلية ‪.47‬‬


‫‪.4‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.258‬‬
‫ا‪٢‬بج‪ ،‬اآلية ‪.38‬‬
‫‪.5‬سورة ٌ‬
‫‪.6‬سورة أؿ عمراف‪ ،‬اآليتاف ‪ 196‬ػ ‪.197‬‬
‫‪.7‬سورة الزمر‪ ،‬اآلية ‪.69‬‬
‫‪.8‬سورة ا‪٢‬بجر‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬
‫‪.9‬سورة ا‪٢‬بجر‪ ،‬اآلية ‪3.‬‬
‫‪.11‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪179.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪87‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.11‬سورة النساء‪ ،‬اآلايت من ‪ 51‬إٔب ‪54.‬‬
‫‪.12‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪51.‬‬
‫‪.13‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪54.‬‬
‫‪.14‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪83.‬‬
‫‪.15‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآلية ‪47.‬‬
‫‪.16‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآلية ‪48.‬‬
‫‪.17‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪67.‬‬
‫‪.18‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪32.‬‬
‫‪.19‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬
‫‪.21‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬
‫‪.21‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآليتاف ‪ 91‬ػ ‪.91‬‬
‫‪.22‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫‪.23‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫‪.24‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫‪.25‬سورة غافر‪ ،‬اآلية ‪.81‬‬
‫‪.26‬سورة غافر‪ ،‬اآلية ‪.85‬‬
‫‪.27‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪.55‬‬
‫‪.28‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.146‬‬
‫‪.29‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.146‬‬
‫‪.31‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.146‬‬
‫‪.31‬سورة األعراؼ‪ ،‬اآلية ‪.146‬‬
‫‪.32‬سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.39‬‬
‫‪.33‬سورة األحقاؼ‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.34‬سورة ا‪٢‬بجر‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬
‫‪.35‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.137‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪88‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫السابع‬
‫الفصل ٌ‬
‫ُب ‪ٙ‬بذيرىم من اإلنكار على الناس إنكار ا‪٢‬براـ على األمور الٍب اختلف العلماء ُب حكمها‪.‬‬
‫ًً‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنٌو إٔب سواء الطريق‪ :‬إعلموا ػ اي إخوا٘ب ػ أ ٌف يم ٌ‬
‫سوغ‬
‫عز الدين بن عبد السبلـ‪:‬‬‫اإلنكار على الناس شيء عسّب‪ ،‬بل متع ٌذر‪ ،‬إذ قاؿ ٌ‬
‫ي‪ٝ‬بع على إٯبابو أك ‪ٙ‬برٲبو‪ ،‬فمن ترؾ ما اختيلًف ُب كجوبو‪ ،‬أك فعل ما اختلف‬
‫اإلنكار متعلٌق ٗبا أ ً‬
‫ُب ‪ٙ‬برٲبو‪ ،‬فإف قلٌد بعض العلماء ُب ذلك فبل إنكار عليو‪ ،‬إالٌ أف يقلده ُب مسألة ينقض حكمو‬
‫ُب مثلها‪ .‬فإف كاف جاىبل ٓب ينكر عليو‪ ،‬كال أبس إٔب إرشاده إٔب األصلح‪ .‬كإ٭با ٓب يين ىكر عليو ألنو‬
‫‪٧‬برما‪ ،‬فإنو ال يلزمو تقليد من قاؿ ابلتحر‪ٙ‬ب كال ابإلٯباب‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫ٓب يرتكب ٌ‬
‫ك ُب القواعد الزركقية‪:‬‬
‫از ٍعتم ًُب ىشي وء فىػردُّكهي إً ىٔب ًَّ‬
‫اَّلل‬ ‫ٍ ي‬ ‫ال حكم إالٌ للشارع‪ ،‬فبل حكم إالٌ لو‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬فىًإ ٍف تىػنى ى ي ٍ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ك َّ ً‬
‫كبْب‬
‫كره كأابح‪ٌ ،‬ى‬ ‫كحرـ كندب ك ٌ‬ ‫الر يسوؿ إً ٍف يكنتي ٍم تيػ ٍؤمنيو ىف ًاب ََّّلل ىكالٍيىػ ٍوـ ٍاآلخ ًر (‪ .)1‬كقد أكجب ٌ‬ ‫ى‬
‫تعد للحق‪ ،‬كال‬ ‫العلماء ما جاء عنو كبلٌ بوجهو كدليلو‪ ،‬فلزـ الرجوع ألصو‪٥‬بم ُب ذلك من غّب ٌو‬
‫أخل ابألكلْب طرح حيث اتفق عليو إ‪ٝ‬باعا‪ ،‬كحيث ٱبتلف اعترب أمامو‬
‫فمن ٌ‬
‫خركج عن الصدؽ‪ .‬ى‬
‫ُب حكمو فبل ينكر عليو غّب ما اتفق عليو ٗبذىبو إف تكرر بغّب ضركرة‪ ،‬كإالٌ فالضركرة ‪٥‬با‬
‫أحكاـ‪.‬‬
‫كاحملرـ ليس ألحد على أحد فيو سبيل إف أثبت حكمو على كجهو‪ ،‬كٓب يتعلٌق‬ ‫كما بعد الواجب ٌ‬
‫ب‬
‫"فر ٌ‬
‫ابلغّب تركو‪ ،‬كٓب ٱبرج بو األمر ‪٢‬ب ٌد التهاكف‪ ،‬أك تشهد أحوالو ابإلزراء بذلك‪ ،‬كرقة الداينة‪ ،‬ي‬
‫طاعم شاك ور خّب من صائم صابر‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪ً ".‬‬
‫كمن ىٍبٌ أ‪ٝ‬بع القوـ على أهنم ال يوقظوف انئما‪ ،‬كال‬ ‫و‬
‫ص ًٌوموف مفطرا من كجو دخوؿ الرايء كالتكلٌف‪ ،‬كألف العناية إبقامة الفرائض ىي األصل ال‬
‫يي ى‬
‫غّبىا ككل السنٌة تشهد لذلك‪ ،‬كهللا أعلم‪.‬‬
‫كُب تلخيص اإلخواف‪:‬‬
‫العامي إٔب ما ىو األحوط ُب دينو‪ ،‬كال أبس ٗبناظرة اجملتهد لّبجع إٔب الدليل‬ ‫كال أبس إبرشاد ٌ‬
‫الراجح‪ ،‬فبل ٯبوز اإلنكار إالٌ ‪٤‬بن علًم أ ٌف الفعل الذم ينهى عنو ي‪٦‬ب ىمع على ‪ٙ‬برٲبو‪ ،‬كأ ٌف الفعل‬
‫الذم أيمر بو ي‪٦‬ب ىمع على إٯبابو‪ ،‬كنعِب ابلنهى عن إنكار ا‪٢‬براـ كلو أنكره إنكار الرشاد فذلك‬
‫نصح كإحساف‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪89‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ابن ا‪٥‬بندم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪:‬‬
‫علمت أ ٌف حكمو ‪٨‬بالف للقرآف‬
‫ى‬ ‫ال تتعرض لكل من ح ىك ىم ُب مسألة من مسائل الفركع إالٌ إذا‬
‫للمدكنة كغّبىا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫علمت أ ٌف حكمو ‪٨‬بالف‬
‫ى‬ ‫تتعرض ‪٢‬بكمو كإف‬
‫كالسنٌة‪ ،‬كإ ٍف ٓب تعلم ذلك فبل ٌ‬
‫ي‬
‫كقاؿ اإلشبيلي ُب شرح األربعْب النوكية‪:‬‬

‫من األمور الظاىرة‪ ،‬مثل‬


‫كإ٭با أيمر كينهى ىمن كاف عا‪٤‬با ٗبا أيمر بو كما ينهى عنو‪ ،‬فإف كاف ى‬
‫الصبلة كالصوـ كالزان كشرب ا‪٣‬بمر ك‪٫‬بوىا‪ ،‬فكل الناس علماء هبا‪ ،‬كإف كاف من دقائق األفعاؿ‬
‫كاألقواؿ‪ ،‬كما يتعلٌق ابإلجتهاد‪ٓ ،‬ب يكن للعواـ فيو مدخل‪ ،‬كال ‪٥‬بم إنكاره‪ ،‬كذلك للعلماء‪،‬‬
‫كالعلماء إ٭با ينكركف ما أ ًٍ‬
‫ي‪ٝ‬ب ىع عليو‪ٌ ،‬أما ا‪٤‬بختلىف فيو فبل إنكار فيو‪.‬‬
‫كُب الدرر‪:‬‬
‫فمن ش ٌدد ش ٌدد هللا عليو‪ .‬فمراد هللا تعأب ُب ىذه األمة أف يقع اإلختبلؼ فيحصل التيسّب‪،‬‬
‫ى‬
‫كلذلك أنزؿ إليهم كتااب عربيٌا‪ ،‬كلغة العرب متٌسعة‪٧ ،‬بتملة للمعا٘ب ا‪٤‬بختلفة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ دمحم بن يوسف ا‪٤‬بواؽ‪ُ ،‬ب سنن ا‪٤‬بهتدين‪:‬‬
‫قاؿ عياض‪ :‬ما اختلف العلماء ُب ‪ٙ‬بليلو ك‪ٙ‬برٲبو فبل يقاؿ فيو حراـ‪ .‬كقاؿ ُب أكؿ اإلكماؿ‪ :‬ال‬
‫يغّب منو‬
‫الناس على اجتهاده كمذىبو‪ ،‬كإ ٌ٭با ٌ‬ ‫ً‬
‫ينبغي لآلمر اب‪٤‬بعركؼ كالناىي عن ا‪٤‬بنكر أف ٰبمل ى‬
‫ما ً‬
‫أ‪ٝ‬ب ىع على إحداثو كإنكاره‪.‬‬
‫كشرح ‪٧‬بي الدين النوكم كبلـ عياض قائبل‪ :‬أما ا‪٤‬بختلىف فيو فبل إنكار فيو‪ ،‬كليس للمفٍب كال‬
‫نص القرآف كالسنٌة أك اإل‪ٝ‬باع‪.‬‬
‫يتعرض ‪٤‬بن خالفو إذا ٓب ٱبالف ٌ‬
‫للقاضي أف ٌ‬
‫ب أح هد‬ ‫ً‬
‫كى ٍم األسوة فلم يع ٍ‬
‫كقاؿ شيخ الشيوخ أبو عمر ُب ‪ٛ‬بهيده‪ :‬أال ترل أف الصحابة اختلفوا ي‬
‫منهم على صاحبو كال كجد عليو ُب نفسو‪.‬‬
‫كنقل أبو عمر بسنده إٔب الثورم‪ :‬إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذم اختيلًف فيو كأنك ترل‬
‫غّبه فبل تنهو‪.‬‬
‫األكٔب عندم ُب كل انزلة يكوف لعلماء ا‪٤‬بذىب فيها قوالف‬
‫كقاؿ الشيخ أبو إسحاؽ الشاطيب‪ٍ :‬‬
‫فيعمل الناس على موافقة أحدٮبا كإف كاف مرجوحا ُب النظر أف ال يتعرض ‪٥‬بم‪ ،‬كأف يوجدكا‬
‫على أهنم قلدكه ُب الزماف األكؿ كجرل بو العمل‪ ،‬فإهنم إ ٍف يً‬
‫‪ٞ‬بلوا على غّب ذلك كاف ُب ذلك‬
‫تشويش للعامة‪ ،‬كف ٍتح لًبى ً‬
‫اب ا‪٣‬بصاـ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪90‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ابن عرفة‪ :‬قوؿ ابن حزـ‪ " :‬أ‪ٝ‬بعوا على أ ٌف يمتٌبً ىع ى‬
‫الرخص فاسق " مردكد ٗبا أفٌب بو الشيخ‬
‫يتعْب على العامة إذا قلٌدكا إماما ُب‬
‫عز الدين بن عبد السبلـ‪ :‬أنو ال ٌ‬
‫ا‪٤‬بتفق على علمو كصبلحو ٌ‬
‫مسألة أف يقلدكه ُب سائر مسائل ا‪٣‬ببلؼ ألف الناس ًمن لى يدف الصحابة إٔب أف ظهرت ا‪٤‬بذاىب‬
‫يسألوف فيما سنح ‪٥‬بم العلماء ا‪٤‬بختلفْب من غّب نكّب من أحد‪ ،‬كسواء اتٌبع الرخص ُب ذلك أك‬
‫كل ‪٦‬بتهد مصيب‪ ،‬فبل إنكار على من‬ ‫ً‬
‫العزائم ألف من جعل ا‪٤‬بصيب كاحدا ٓب ىيعيٌٍنوي‪ ،‬كمن قاؿ ٌ‬
‫قلٌد ُب الصواب‪.‬‬
‫كقاؿ القراُب‪ :‬إنعقد اإل‪ٝ‬باع على أف من سلم فلو أف يقلد من شاء من العلماء بغّب ىح ٍجر‪،‬‬
‫كأ‪ٝ‬بع الصحابة على أ ٌف ىمن استفٌب أاب بكر كعمر كقلدٮبا فلو أف يستفٍب أاب ىريرة كمعاذ بن‬
‫ادعى رفع ىذين اإل‪ٝ‬باعْب فعليو الدليل‪.‬‬
‫فمن ٌ‬
‫جبل كغّبٮبا من غّب نكّب‪ ،‬ى‬
‫(كقاؿ القراُب) أيضا‪ :‬من أتى شيئا ‪٨‬بتلىفا فيو يعتقد ‪ٙ‬برٲبو أينكر عليو النتهاكو ا‪٢‬برمة كإف اعتقد‬
‫‪ٙ‬بليلو ٓب ينكر عليو أىػ‪.‬‬
‫مسوغ حرمة اإلنكار شيء عسّب‪ ،‬بل معتذر‪ ،‬كال‬
‫علمت أف ٌ‬
‫ى‬ ‫فهمت ‪ٝ‬بيع ما تقدـ‬
‫ى‬ ‫قلت‪ :‬كإذا‬
‫ي‬
‫يزاؿ ا‪٤‬بعَبض يعَبض على ا‪٣‬بلق حٌب يعَبض على هللا‪ ،‬كما ال يزاؿ ً‬
‫ا‪٤‬بنكر ينكر على الباطل‬
‫حٌب ينكر على ا‪٢‬بق‪ .‬كشركط اإلنكار ثبلثة‪ :‬األكؿ العلم ليتحقق مقولو كٰبرر منقولو كيوضح‬
‫دليلو فيثبت قيلو‪ ،‬كالثا٘ب التبصر ليفرؽ بْب ا‪٢‬بق كالباطل كال سيما فيما يشتبهو فيو ا‪٢‬بق‬
‫ابلباطل‪ ،‬كيظهر ا‪٤‬بتحلٌي بو كالعاطل‪ ،‬فيعترب كل شيء حيث يثبت‪ ،‬كيوجو كبلمو حيث يوجد‬
‫‪٧‬بل للنكّب بوجو كاضح‪ ،‬كالثالث التقول يتصف‬
‫الشيء ال حيث يفقد‪ ،‬كحيث يكوف فيو ٌ‬
‫كينصح‬
‫ال يتصف بو كيقدح‪ ،‬كلذا قالوا‪:‬‬
‫و‬ ‫ً‬
‫ذكر ما يقع منهم ػ يعِب من أىل الزماف ػ م ىن ا‪٤‬بناكر بقصد صاد وؽ‪ ،‬ه‬
‫انفع مفي هد‪ ،‬غّب أنو صعب‬ ‫ي‬
‫يفتقر إٔب التحقيق ُب ا‪٤‬بدارؾ‪ ،‬كتضلع ُب العلوـ‪ ،‬ك٘بربة اتمة‪ ،‬فإ ٌف األمور قليل منها ما يكوف‬
‫كجو‪ ،‬بل أكثرىا إضاُب إعتبارم ُب اختبلؼ‬ ‫كجو أك يٲب ىدح من كل و‬
‫أمرا حقيقيا ي ىذـ من كل و‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ي ٌ‬
‫األشخاص كا‪٤‬بقاصد كاألزمنة كاألمكنة كاألحواؿ‪.‬‬
‫فافهم كانظر احملاضرات للحسن األلوسي‪.‬‬
‫فهمت ما تقرر فاغتنم من ىذا كص يفو حيث كاف‪ً ،‬‬
‫كس ٍر إليو كإف كاف أببعد مكاف‪.‬‬ ‫ى‬ ‫قلت‪ :‬إذا‬
‫ي‬
‫ىٍ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪91‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل جاىل يتحامل‪ ،‬أك جامد‬ ‫ً‬
‫ىكذا ىكذا كإال فبل‪ .‬طر يؽ ا‪١‬ب ٌد غّب طرؽ ا‪٤‬بزاح‪ ،‬كاحذر من ٌ‬
‫انقل‪ ،‬كحاسد يعرؼ ا‪٢‬بق كيتجاىل‪ .‬أما ا‪١‬باىل الذم يتحامل كيتصدر للتدريس‪ ،‬أك ينقل‬
‫متعصب ابلباطل‪ ،‬أك منكر‬ ‫ً‬
‫شر من اللعْب إبليس‪ ،‬إذ ال أجهل أك أفسد ابلدين م ٍن ٌ‬ ‫كيقيس‪ ،‬فهو ٌ‬
‫‪٤‬با ىو جاىل‪ً .‬‬
‫كمن ىٍبٌ قاؿ بعض العلماء‪:‬‬
‫كإ٭با يؤتى بعض الناس من ع ىدـ معرفتهم قدر أنفسهم‪ ،‬ككل من تعاطى شيئا من مبادئ‬
‫اإلصبلح ظن أنو قد كصل‪ ،‬كعلى ا‪٤‬بقصود حصل‪ ،‬فتهيٌأ كتربٌع‪ ،‬كجلس كارتفع‪ ،‬كقاؿ ما شاء‪،‬‬
‫كتقحما ال علما ركل‪ ،‬كال فهما درل‪ ،‬بل ٱببط خبط عشواء‪،‬‬
‫كال يبإب ٗبا أفلس أكقاء‪ ،‬توقٌحا ٌ‬
‫عما يلزمو من العار‪ ،‬كيقحمو ُب النار‪ ،‬فإ ٌان هلل‬
‫كيبدم مقالة شنعاء‪ ،‬ببل حشمة كال حياء‪ ،‬غافبل ٌ‬
‫كإان إليو راجعوف‪.‬‬
‫كأما ا‪١‬بامد الناقل‪ ،‬كإف كاف يسرد كثّبا من األمهات‪ ،‬كٰبفظ كثّبا من ا‪٤‬بسائل‪ ،‬كيدرس كثّبا‬
‫من الفنوف‪ ،‬فاحَب ٍز منو‪ ،‬ال سيما إف كاف مط ٌففا ُب العلم كالعمل‪ ،‬يثبت مزية نفسو كٰبسن الظن‬
‫نظر إٔب أحواؿ السلف الصاّب كا‪ٚ‬بذىا حاال لنفسو ظنا‬
‫هبا‪ ،‬كٯبحد مزية غّبه كيسيئ الظن بو‪ ،‬ى‬
‫كل ىمن‬
‫يتوىم أنو مذىبو‪ ،‬كأف طريقتو ىذه تعم كأ ٌف ٌ‬
‫منو أنو ‪ٙ‬بلٌى هبا‪ ،‬فأراد ‪ٞ‬بٍل الناس على ما ٌ‬
‫عما ي ٌدعيو‪،‬‬ ‫ً‬
‫خالفو فهو مبطل‪ ،‬كأ ٌف من كافقو فهو ي‪٧‬ب ٌق‪ ،‬مع أف شواىد اإلمتحاف تنبئ أنو قاصد ٌ‬
‫كما قاؿ الشاعر‪:‬‬
‫إف تك انسكا فكن كأكيس ‪ ...‬أك تك فاتكا فكن كابن ىا٘ب‬

‫ض ىح ٍتو شواىد اإلمتحاف‬


‫ىم ٍن ‪ٙ‬بىلٌى بغّب ما ىو فيو ‪ ...‬ف ى‬

‫كقاؿ غّبه‪:‬‬
‫عيوهبم ‪ ...‬كال عيب إالٌ ‪٤‬بثل ما فيك ييذكر‬
‫الناس فاترؾ ى‬
‫ذكرت ى‬ ‫ى‬ ‫إذا ما‬
‫فإ ٍف ًع ٍب ى‬
‫ت قوما ابلذم ىو فيهم ‪ ...‬فذلك عند هللا كالناس أكرب‬
‫عبت قوما ابلذم فيك مثلو ‪ ...‬فكيف يعيب العور من ىو أعور‬‫كإ ٍف ى‬
‫كأش ٌد ما يقع فيو مثل ىذا أنو يتعاطى اإلنكار ُب ا‪٣‬ببلفيات كاألمور العادايت الٍب سكت‬
‫الشرع عن الكبلـ ُب أكثرىا‪ ،‬كالبدع اإلضافيات‪ ،‬كىي الٍب تضاؼ ألمور لو تسلم منها ٓب‬
‫صح ا‪٤‬بنازعة ُب كوهنا سنٌة أك غّب بدعة ٖببلؼ أك ببل خبلؼ‪ ،‬كىي أكثرية أك أغلبية ُب‬ ‫تى ً‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪92‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األزماف‪ .‬فبل يزاؿ ينكر على العاـ كا‪٣‬باص ٗبا ىو متلبس بو‪ ،‬كيريد أف ٰبملهم على الورع مع‬
‫خلوه عنو‪ ،‬إالٌ أنو ال ٯبوز ‪ٞ‬بل العامة على الورع ألف العامي يتصرؼ ابلعلم على كجو إسقاط‬
‫لب‪:‬‬
‫ا‪٢‬برج‪ ،‬كمن ىٍبٌ قاؿ شيخ الشيوخ ابن ٌ‬
‫إذا كاف عمل الناس على قوؿ بعض العلماء فبل ينبغي إنكاره‪ ،‬ال سيما إف كاف ا‪٣‬ببلؼ ُب‬
‫الكراىة‪ ،‬فذلك اإلنكار جهالة عظيمة ما ‪ٞ‬بل من أنكر على إنكاره إال أنو أبصر ما أمامو كٓب‬
‫يهتد لواضح سبيلها‪ ،‬كال شعر‬‫يلتف إٔب خلفو ككراءه‪ ،‬ككقف على بعض مسائل ُب ا‪٤‬بذىب كٓب ً‬
‫بوجهها كدليلها‪ ،‬كال علم اختبلؼ العلماء ُب أصلها‪ ،‬كٓب ي ً‬
‫عطها من الفهم كالتأمل حقها‪ ،‬فظن‬‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍم إالٌ ما ىعل ىم‪ ،‬كال فىػ ٍه ىم إالٌ ما فى ًه ىم‪ ،‬فاحتقر العامة‪ٌ ،‬‬
‫كجهل ا‪٣‬باصة‪ ،‬كرأل أنو كحده على‬ ‫أف ال عل ى‬
‫لب‪.‬‬
‫ا‪١‬بادة‪ .‬إنتهى كبلـ ابن ٌ‬
‫فش ٌد يدؾ عليو فإنو نفيس ُب اببو‪.‬‬
‫كأما ا‪٢‬باسد الذم يعرؼ ا‪٢‬بق كيتجاىل‪ ،‬فاحَبز منو كىو الذم ٯبعل علمو حجة على الناس‬
‫ينتصف بو عليهم كيغالطهم بو كٯبادؿ‪ ،‬كا‪٤‬بغالطة تلبيس ا‪٢‬بق ابلباطل‪ ،‬كإدخاؿ التشويش على‬
‫الشبى ًو عليهم بباطل ُب صورة حق‪ ،‬كا‪١‬بداؿ كا‪٤‬بغالبة ابلعلم على كجو ال‬
‫أىل ا‪٢‬بق‪ ،‬كإاثرة ُّ‬
‫يرتضيو هللا كرسولو‪ .‬قاؿ الشافعي رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫أيت الرجل ٯبادؿ فاستدؿ على أنو رجل سوء‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫إذا ر ى‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ًٗبىنٌو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.59‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪93‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثامن‬

‫ُب إعبلمهم أ ٌف هللا تعأب ٓب يوجب على أحد التزاـ مذىب معْب من مذاىب اجملتهدين ال‬
‫ادعاء كجوب‬
‫تربأ من ٌ‬
‫األمة رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب ٌ‬
‫يتجاكره‪ ،‬كأ ٌف كل كاحد من أئمة ىذه ٌ‬
‫كل مسألة من مسائل الدين دكف غّبه من األئمة لعلمهم أب ٌف اإلتٌباع العاـ‬
‫اتٌباعو ىو كحده ُب ٌ‬
‫ال ٯبب إالٌ ‪٤‬بعصوـ‪.‬‬
‫ًً‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنٌو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫زركؽ ُب أتسيس‬
‫القواعد كاألصوؿ ك‪ٙ‬بصيل الفوائد لذكم األصوؿ‪:‬‬
‫عدؿ‪ ،‬كقد‬ ‫باع إال ‪٤‬بعصوـ النتفاء ا‪٣‬بطأ عنو‪ ،‬أك ىمن يشهد لو ابلفضل أل ٌف يم ىزَّكى ً‬
‫العدؿ ي‬ ‫ال اتٌ ى‬
‫فصح فضلهم‬
‫شهد عليو الصبلة كالسبلـ أب ٌف خّب القركف قرنو ٍبٌ الذين يلوهنم ٍبٌ الذين يلوهنم‪ٌ ،‬‬
‫كل كاحد منهم ػ كما‬
‫تفرقوا ُب الببلد مع ٌ‬
‫على الَبتيب‪ ،‬كاإلقتداء هبم كذلك‪ .‬لكن الصحابة ٌ‬
‫فلعل مع أحدىم ما ىو انسخ كمع اآلخر فهو منسوخ‪ ،‬كمع‬
‫علم‪ٌ ،‬‬‫قاؿ مالك ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ػ ه‬
‫‪٨‬بصص كما يكجد كثّبا‪ ،‬فل ًزىـ‬
‫عاـ كمع اآلخر ٌ‬
‫اآلخر مطلق كمع اآلخر مقيٌد‪ ،‬كمع بعضهم ٌ‬
‫اإلنتقاؿ ‪٤‬بن بعدىم إذا ‪ٝ‬بع ا‪٤‬بتفرؽ من ذلك‪ ،‬كضبط الركاية فيها‬
‫ىنالك لكنهم ٓب يستوعبوه فقها‪ ،‬كإف كقع ‪٥‬بم بعض ذلك فلزـ اإلنتقاؿ لً ىمن بعدىم إٔب الثالث‬
‫إذا ‪ٝ‬بع ذلك كضبط كتفقو فيو حفظا كضبطا كتفقها‪ ،‬فلم يىػ ٍب ىق ألحد غّب العمل ٗبا استنبطوه‪،‬‬
‫أئمة مشهور فضلهم علما ككرعا‪ ،‬كمالك‬
‫فن ُب ىذا القرف ٌ‬
‫كلكل ٌ‬
‫أصلوه كاعتمدكه‪ٌ .‬‬
‫كقبوؿ ما ٌ‬
‫كالشافعي كأ‪ٞ‬بد كالنعماف للفقو‪ ،‬ككا‪١‬بنيد كمعركؼ كبشر للتصوؼ‪ ،‬ككاحملاسيب لذلك‬
‫كاإلعتقادات إذ ىو ٌأكؿ من تكلم ُب إثبات الصفات كما ذكره ابن األثّب‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫‪٧‬بمد صلٌى هللا‬


‫لكل من أراد معرفة الشريعة الٍب أتى هبا ٌ‬
‫أئمة ٌ‬
‫قلت‪ :‬كأنت ترل كيف جعلهم ٌ‬
‫ي‬
‫مؤمن يعلم أنو ال حكم إالٌ هلل‪ ،‬كأنٌو‬
‫أئمة ا‪٤‬بؤمنْب ه‬
‫يفرؽ ٌ‬
‫عليو كسلٌم من غّب تفريق بينهم‪ ،‬ككيف ٌ‬
‫كسنٌة رسولو عليو السبلـ الذم أنزؿ إليو ذلك‬
‫ال سبيل إٔب معرفة حكمو إالٌ كتابو الذم أنزلو ي‬
‫احملمدية‪ ،‬فما كاف منهما فواجب اثبت مقبوؿ أبدا‪،‬‬
‫كٮبىا أصل ‪ٝ‬بيع األحكاـ ‪٥‬بذه ا‪٤‬بلٌة ٌ‬
‫الكتاب‪ ،‬ي‬
‫كالرد‪ ،‬فما كافق الكتاب كالسنة فمقبوؿ ابلتبعية‪،‬‬
‫كما كاف من اإلجتهاد فمتهيٌئ قابل للقبوؿ ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪94‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كما خالفهما فمردكد ابألصالة ال أصل لو‪ ،‬فأحرل‬
‫الفرع‪ .‬ك‪٥‬بذا أشار إماـ دار ا‪٥‬بجرة مالك بن أنس هنع هللا يضر بقولو‪:‬‬
‫كل كبلـ ففيو مقبوؿ كمردكد إالٌ كبلـ صاحب ىذا القرب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫غُب عن اإلجتهاد‪،‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم مع الصحابة رضواف هللا عليو كانوا ُب ن‬
‫فما كاف ٌ‬
‫كال يقع منهم اإلجتهاد إال ُب بعض األحياف‪ ،‬ككاف السؤاؿ أيضا قليبل ألنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫هناىم عنو ‪٨‬بافة أف يوجب هللا تعأب عليهم ابلسؤاؿ ما كاف غّب كاجب‪ ،‬كيكثر السكوت عنهم‬
‫ليفتح ‪٥‬بم ابب اإلجتهاد ليجتهدكا فيكوف يسنٌة ابقية ُب ٌأمتو فينتفي عنها ا‪٢‬برج لكثرة ا‪٤‬بسالك‬
‫الٍب يسلكوف هبا إٔب هلل تعأب فتكوف تلك ا‪٤‬بسالك كلٌها طرقا إٔب ا‪١‬بنة فتظهر مرتبة نبيٌنا صلٌى‬
‫هللا عليو كسلٌم حيث كانت بعثتو ر‪ٞ‬بة ‪٥‬با كيظهر بذلك عتناء هللا هبا ألجل نبيٌنا صلٌى هلل عليو‬
‫كسلٌم حيث كاف اختبلؼ علماء ٌأمتو ر‪ٞ‬بة ‪٥‬با دكف من عداه من األنبياء عليو كعليهم من هللا‬
‫كالسنٌة‪ ،‬معموؿ بو ُب زمنو‬ ‫تعأب أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‪ .‬فإ ٌف االجتهاد اثبت ابلكتاب ي‬
‫اَّللى ىٍٯب ىع ٍل لى يك ٍم فيػ ٍرقى ناان (‪ ،)1‬كقاؿ تعأب‪ :‬ىٍٰب يك يم بً ًو ذى ىكا‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬قاؿ تعأب‪ :‬إً ٍف تىػتَّػ يقوا َّ‬
‫ىع ٍد وؿ ًم ٍن يك ٍم (‪.)2‬‬

‫فق ٍد أذف لنا ُب اإلجتهاد ككعدان ابلتوفيق إٔب الرشاد‪ ،‬فلو ا‪٢‬بمد على سابغ اإلمداد‪ ،‬كقد جعل‬
‫كتابو أصل العلوـ‪ ،‬كمعدف األنوار‪ ،‬فبل يوجد الشيء إالٌ عن أصلو‪ ،‬كال ييطلب إالٌ ُب معدنو‪،‬‬
‫ً‬
‫ككانت أقوالو كأفعالو صلٌى هللا عليو كسلٌم كالبياف كالتفسّب لكتاب هللا‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬لتيػبىػًٌ ى‬
‫ْب‬
‫لًلن ً‬
‫َّاس ىما نيػ ًٌز ىؿ إًلىٍي ًه ٍم (‪ ،)3‬كقالت عائشة رضي هللا تعأب عنها‪" :‬كاف يخلي يقو القرآف"‪ ،‬كقد نبٌو عن‬
‫"إ٘ب اترؾ فيكم الثقلْب لن تضلٌوا ما ‪ٛ‬بسكتم هبما كتاب هللا‬
‫ذلك صلٌى هللا عليو كسلٌم بقولو‪ٌ :‬‬
‫كسنٍب"‪ ،‬فأرشد صلٌى هلل عليو‬
‫كالتمسك هبما‪ ،‬كاإلستنباط منهما بعده لًعلٍمو صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫ٌ‬ ‫كسلٌم أمتو إٔب العمل هبما‪،‬‬
‫ضل كٓب ٯبده‪ ،‬إذ فيهما‬
‫أ ٌف العلم كلٌو فيهما من طلبو منهما ىك ىج ىده كاىتدل‪ ،‬كمن طلبو ُب غّبٮبا ٌ‬
‫النبوة بْب كتفيو إال‬
‫ت ٌ‬ ‫النور الواضح‪ ،‬كا‪٥‬بدل الراجح‪ .‬كُب ا‪٢‬بديث‪ :‬من أكتى القرآف فقد أيد ًر ىج ٍ‬
‫أنو ال يوحى إليو‪ .‬أىػ‪ .‬فإف للقرآف نزكال كتنزيبل‪ ،‬فالنزكؿ قد مضى‪ ،‬كالتنزؿ و‬
‫ابؽ إٔب يوـ القيامة‪.‬‬
‫كشف‪ ،‬كمنو إلٍقاءه‪ ،‬كمن مقاـ الفهم أخذ ‪ٝ‬بيع أىل ا‪٤‬بذاىب‬
‫إ‪٥‬باـ‪ ،‬كمنو ه‬
‫فمنو فىػ ٍه هم‪ ،‬كمنو ه‬
‫مذاىبهم‪ ،‬كمن مقاـ ما فوقو قاؿ بعض األكابر‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪95‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ال يكوف الرجل عندان رجبل حٌب يستخرج من حرؼ كاحد من القرآف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بذاىب‪.‬‬
‫اب ًم ٍن ىش ٍي وء (‪ ،)4‬كقاؿ تعأب‪:‬‬ ‫ككيف ال كقد قاؿ ُب ح ٌق ىذا الكتاب احمليط‪ :‬ىما فىػ َّرطٍنىا ًُب الكًتى ً‬
‫ً‬ ‫َّ ً‬ ‫ىنزلٍنىا إًلىٍي يك ٍم ني ً‬ ‫ً‬
‫آمنيوا ًاب ََّّلل ىكا ٍعتى ى‬
‫ص يموا‬ ‫ين ى‬
‫ورا يمبيننا فىأ َّىما الذ ى‬
‫ن‬ ‫َّاس قى ٍد ىجاءى يك ٍم بيػ ٍرىىا هف م ٍن ىربًٌ يك ٍم ىكأ ى‬
‫ىايأىيُّػ ىها الن ي‬
‫ً‬ ‫بً ًو فى ً‬
‫سيي ٍدخلي يه ٍم ًُب ىر ٍ‪ٞ‬بى وة م ٍنوي‬
‫ى‬
‫اَّلل ني ً‬ ‫صراطنا مست ًقيما (‪ ،)5‬كقاؿ تعأب‪ :‬قى ٍد ج ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫اب يمبً ه‬
‫ْب‬ ‫ور ىككتى ه‬ ‫اء يك ٍم م ٍن َّ ه‬ ‫ىى‬ ‫ض ول ىكيىػ ٍهدي ًه ٍم إًلىٍيو ى ي ٍ ى ن‬ ‫ىكفى ٍ‬
‫الس ىبلًـ ك يٱبٍ ًرج يهم ًمن الظُّليم ً‬
‫ات إً ىٔب النُّوًر إبًً ٍذنًًو ىكيىػ ٍه ًدي ًه ٍم إً ىٔب‬ ‫يىػ ٍه ًدم بً ًو َّ‬
‫اَّللي ىم ٍن اتَّػبى ىع ًر ٍ‬
‫ى‬ ‫ض ىوانىوي يسبي ىل َّ ى ي ٍ ٍ‬
‫اب تًٍبػيى ناان لً يك ًٌل ىش ٍي وء ىك يى ندل ىكىر ٍ‪ٞ‬بىةن ىكبي ٍش ىرل‬ ‫اط مستى ًق ويم (‪ ،)6‬كقاؿ تعأب‪ :‬كنىػ َّزلٍنىا عىلىي ى ً‬
‫ك الٍكتى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ً و‬
‫ص ىر ي ٍ‬
‫يل يك ًٌل ىش ٍي وء ىك يى ندل ىكىر ٍ‪ٞ‬بىةن لًىق ٍووـ ييػ ٍؤًمنيو ىف‪( .‬‬ ‫ً‬
‫ْب (‪ ،)7‬كقاؿ تعأب‪ :‬ىكتىػ ٍفص ى‬
‫لًل ً‬
‫ٍم ٍسل ًم ى‬
‫ي‬
‫‪ )8‬كقد بلغنا أ ٌف عليٌا بن أيب طالب رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪" :‬ظاىره أنيق‪ ،‬كابطنو عميق‪ ،‬ال‬
‫كم عن بعضهم‪:‬‬ ‫كر ى‬‫تفِب عجائبو‪ ،‬كال تنقضي غرائبو"‪ .‬ي‬
‫لكل آية من القرآف ستْب ألف فىػ ٍه وم‪ ،‬كما بقى من فهمها فهو أكثر‪.‬‬ ‫أ ٌف ٌ‬
‫أتمل ما أسلفناه ىعلً ىم أنٌو‬ ‫كمن ٌ‬ ‫كاآلايت كاألحاديث كأقواؿ العلماء الواردة ُب ىذا ا‪٤‬بعُب كثّبة‪ ،‬ى‬
‫أئمة ا‪٤‬بؤمنْب‪.‬‬ ‫و‬
‫فهم إماـ كاحد من ٌ‬ ‫ال أجهل ‪٩‬بٌن زعم أ ٌف الصواب ‪٧‬بصور ُب ٍ‬
‫ك‪٤‬بٌا علٌ ىمنا صلٌى هللا عليو كسلٌم أنو ال خليفة بعده على ٌأمتو صلٌى هللا عليو كسلٌم إالٌ كتاب هللا‬
‫‪ٛ‬بسكنا‬
‫التمسك هبما‪ ،‬كضمن لنا عدـ الضبلؿ إذا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫تعأب كسنٌتو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كرغٌبنا ُب‬
‫كل اإلقباؿ‪،‬‬
‫هبما‪ ،‬أقبل عليهما أصحابو رضواف هللا تعأب عليهم بعده صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ٌ‬
‫كقبًلوا منو صلٌى هللا عليو كسلٌم ا‪٣‬بليفة الذم استخلفو عليهم‪ ،‬كابيعوا لو ابلسمع كالطاعة‪،‬‬
‫كأمركه على نفسهم ظاىرا كابطنا‪ ،‬كصرفوا‬
‫ككفٌوا لو ما التزموه من عدـ ا‪٣‬بذالف كالضياعة‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٥‬بمم إٔب اإلجتهاد كاإلستنباط من الكتاب‬

‫كالسنٌة اللذيٍن ٮبا ا‪٣‬بليفة على النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ .‬فكاف خليفة رسوؿ هلل صلٌى‬
‫ي‬
‫هللا عليو كسلٌم ٯبمع الصحابة إذا حدثت انزلة للنظر ُب حكمها‪ ،‬فإف عثركا على حكمها ُب‬
‫الكتاب كإالٌ طلبوه من يسنٌة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فإف ٓب ًٯبدكه فيها اجتهدكا‬
‫كاستنبطوا منها‪ ،‬فيهدم هللا تعأب من يشاء إٔب الصواب بفضلو‪ ،‬إذ ال ٯبب عليو تعأب أف يهدم‬
‫إٔب الصواب‪ ،‬كال يستح ٌق عليو أحد ىداية‪.‬‬
‫ً‬
‫كردكا اجتهادىم لعدـ جواز اإلجتهاد مع‬
‫نص كاف عند غائب رجعوا إليو ٌ‬ ‫ٍبٌ إف اطٌلعوا على وٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪96‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫النص‪ ،‬كقد كقع ذلك كثّبا ُب زمن عمر رضي هللا تعأب عنو‪ .‬منو ما كقع ُب خركجو إٔب‬ ‫كجود ٌ‬
‫الشاـ‪ ،‬فذلك أنو ‪٤‬با بلغ سرغ لىًقيىوي أبو عبيدة بن ا‪١‬براح رضي هللا تعأب عنو مع أصحابو من‬
‫ابن عباس رضي هللا تعأب عنو أف يدعو لو ا‪٤‬بهاجرين‬
‫أمراء األجناد كذكركا أ ٌف ابلشاـ كابء‪ ،‬كأمر ى‬
‫خرجت ألمر ال ترجع‪ ،‬كقاؿ بعض‪:‬‬
‫ى‬ ‫فلما حضركا استشارىم فاختلفوا‪ ،‬فقاؿ بعض‪:‬‬
‫األكلْب‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫بقي معك بقيٌة الناس كأصحاب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ال‬
‫عِب‪ٍ ،‬بٌ كاف أمره مع األنصار كذلك‪ٍ ،‬بٌ دعا مشيخة‬
‫تفرقوا ٌ‬
‫تذىب هبم إٔب ىذا الوابء‪ .‬فقاؿ‪ٌ :‬‬
‫قريش من مهاجرم الفتح فاتٌفقوا على الرجوع رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ٍ ،‬ب اندل عمر رضي‬
‫مصبح على ظه ور فأصبحوا عليو‪ ،‬فقاؿ أبو عبيدة‪ :‬أفرارا من قدر هللا؟‬ ‫ه‬ ‫أ٘ب‬
‫هللا تعأب عنو الناس ٌ‬
‫فقاؿ عمر‪ :‬لو غّبؾ قا‪٥‬با اي أاب عبيدة‪ ،‬نعم نىًف ُّر من قى ىدر هللا إٔب قدر هللا‪ ،‬ككاف يكره خبلفو‪،‬‬
‫س إف‬
‫أيت لو كانت لك إبل فهبطت كاداي لو عدكاتف أحدٮبا ‪٨‬بصبة كاألخرل جدبة‪ ،‬ألىٍي ى‬
‫أر ى‬
‫رعيت ا‪١‬بدبة رعيتىها‬
‫رعيت ا‪٣‬بصبة رعيتىها بقدر هللا‪ ،‬كإف ى‬
‫ى‬
‫بقدر هللا‪ .‬فجاء عبد الر‪ٞ‬بن بن عوؼ‪ ،‬ككاف غائبا لبعض حاجتو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إ ٌف عندم من ىذا‬
‫‪٠‬بعت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم يقوؿ‪" :‬إذا ‪٠‬بعتم بو أبرض فبل تقدموا عليو كإذا‬ ‫علما‪ ،‬ي‬
‫كقع أبرض كأنتم هبا فبل ‪ٚ‬برجوا فرارا منو"‪ .‬كقاؿ ابن عباس‪ً :‬‬
‫فحم ىد هللا عمر ٍب انصرؼ أىػ‪.‬‬
‫كل ىمن خالف بعض‬ ‫ي ً‬
‫قلت‪ :‬كمن ىنا تعلم أ ٌف بعض ىمن ي ٌدعي العلم‪ ،‬كىو مع دعواه ي ٌدعي أ ٌف ٌ‬
‫أقواؿ ‪٦‬بتهد من األئمة اجملتهدين أ ٌف ‪٨‬بالفتو لبعض أقواؿ ذلك اجملتهد معصية‪ ،‬كأ ٌف ‪٨‬بالفتو‬
‫‪ٚ‬برجو عن مذىب ذلك اجملتهد‪ ،‬جاىل أعمى البصّبة‪ ،‬كبياف ذلك أف عمر رضي هللا‬
‫تعأب عنو مع جبللة قدره‪ ،‬ككونو ابب مدينة التقى‪ ،‬ككونو َّ‬
‫‪٧‬بداث بفتح الداؿ ا‪٤‬بهملة كما شهد لو‬
‫الرسوؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم ًٗبىا ذكرانه‪ ،‬ككونو ‪٦‬بردا‪ٓ ،‬ب يطمئن قلبو برأيو كاجتهاده‪ .‬فكيف‬
‫يزعم زاعم ػ ‪١‬بهلو ٗبا عليو اإلجتهاد كاجملتهدكف ػ أف ال ٯبوز ألحد إذا قلٌد أحدا أ ٍف ٱبرج على‬
‫النص كعلًم أ ٌف اجتهاده‬
‫كج ىد َّ‬‫بعض أقوالو أبدا‪ .‬ككجو الدليل أنو ٓب يطمئن قلبو فيما يراه‪ ،‬أنٌو ‪٤‬بٌا ى‬
‫كاف موافقا للحكم ىً‬
‫‪ٞ‬ب ىد هللا تعأب لذلك‪.‬‬
‫كمن كافقو‪ ،‬أنكر ذلك على عمر‪ ،‬كعاتبو عليو ‪٤‬با يرل أ ٌف‬ ‫األمة‪ ،‬ى‬
‫كقد كاف أبو عبيدة‪ ،‬أمْب ىذه ٌ‬
‫كل كاحد منهما أنكر على اآلخر لً ىما‬ ‫الصواب ما رآل‪ ،‬فقاؿ عمر‪ :‬لو غّبؾ قا‪٥‬با اي أاب عبيدة‪ٌ ،‬‬
‫ً‬
‫صحة دعواه‪ ،‬كحسن منحاه‪ ،‬ظنٌان ال قطعان‪ ،‬حٌب جاء ا‪٣‬برب‬ ‫كل منهما م ىن الدليل على ٌ‬ ‫قاـ عند وٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪97‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الكل‪ ،‬كظهر من كاف مصيبا ُب اجتهاده كمن كاف ‪٨‬بطئا‪ ،‬كلو ٓب ٯبدكا عند‬
‫اليقْب‪ ،‬فرجع إليو ٌ‬
‫لبقي الصواب مستورا‪ ،‬كا‪٤‬بصيب ‪٦‬بهوال‪ ،‬إٔب يوـ القيامة‪.‬‬
‫عبد الر‪ٞ‬بن علما من ذلك ى‬
‫يعطي ا‪٤‬بصيب أجرين‪ :‬أجر اإلجتهاد ُب اإلبتداء‪،‬‬
‫كاستقر ا‪٤‬بؤمنوف ُب ا‪١‬بنٌة‪ ،‬أ ى‬
‫ٌ‬ ‫كإذا بيًعث ا‪٣‬ببلئق‪،‬‬
‫يعطي ا‪٤‬بخطئ أجرا كاحدا الجتهاده ُب طلب ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كبذلو الوسع‬
‫كأجر اإلصابة ُب اإلنتهاء‪ ،‬كأ ى‬
‫ُب اجتهاده‪ ،‬كييعفى من خطئو‪ ،‬لقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من اجتهد كأصاب فلو أجراف كمن‬
‫النيب ا‪٤‬بعصوـ أ ٌف‬
‫كإايؾ ػ كيف كلٌمنا ٌ‬ ‫أنظر اي أخي ػ ر‪ٞ‬بنا هللا ٌ‬
‫اجتهد كأخطأ فلو أجر كاحد"‪ٍ .‬‬
‫ٱبص ا‪٣‬بطأ بواحد منهم‪ ،‬كٓب يذكر لنا أ ٌف اإلماـ الفبل٘ب ىو‬
‫اجملتهدين يصيبوف كٱبطئوف‪ ،‬كٓب ٌ‬
‫كل انزلة‪.‬‬
‫ا‪٤‬بصيب ُب ٌ‬
‫ادعى كجوب اتباع ىمن ٓب‬ ‫تعصب هبواه لبعض األئمة‪ ،‬ك ٌ‬ ‫فبهذا النظر نعلم يقينا أنو ال أجهل ‪٩‬بٌن ٌ‬
‫ض َّل ىس ٍعييػ يه ٍم ًُب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س ًر ى‬
‫ين أى ٍع ىماالن الذ ى‬
‫ين ى‬ ‫ٍتح ىق ػ ‪١‬بهلو ػ ابألى ٍخ ى‬
‫يوجب هللا على أحد اتٌباعو ٖبصوصو‪ ،‬فال ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األمة أبو‬ ‫يصب أمْب ىذه ٌ‬ ‫أنظر كيف ٓب ٍ‬ ‫ص ٍنعان (‪ٍ .)9‬‬ ‫ا‪٢‬بىيىاة ال يدنٍػيىا ىك يى ٍم ىٍٰبسبيو ىف أىنَّػ يه ٍم يٍٰبسنيو ىف ي‬
‫شرين اب‪١‬بنٌة رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ُب ىذه النازلة‪،‬‬ ‫عبيدة بن ا‪١‬براح أحد العشرة ا‪٤‬بب ٌ‬
‫النص بعد اإلختبلؼ فيها لبقي ا‪٤‬بصيب فيها ‪٦‬بهوال إٔب يوـ القيامة‪.‬‬ ‫كلوال كجود ٌ‬
‫سه ىل عليك إف شاء هللا أمر‬
‫كل إماـ من األئمة اجملتهدين ي‬
‫إذا علمت أف ىذا جائز ُب ح ٌق ٌ‬
‫يستدؿ بو على اإلعتماد على القوؿ‬
‫ٌ‬ ‫كالسنٌة ما‬
‫التسوية بينهم‪ .‬كبعد ذلك تطلب من الكتاب ي‬
‫ك هللا تعأب لذلك فتهدم إٔب صواب الصواب‬ ‫الذم تريد التعبٌد بو لتخرج عن التقليد إ ٍف َّأىلى ى‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب‪،‬‬ ‫ً‬
‫إف شاء هللا تعأب‪ ،‬كإ ٍف ٓب تىػنى ٍل ذلك لعدـ األىلية‪ ،‬تى ٍسلىم من كزر استنقاص ٌ‬
‫كاإلزدراء هبم‪.‬‬

‫علمت أ ٌف اجملتهد قد يصيب كقد ال يصيب‪ ،‬فاعلم أ ٌف ا‪٣‬بطأ قد يتع ٌدد كال إصابة‪ ،‬كما‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫كعمار بن ايسر حْب أصابتهما جنابة‪ ،‬فحضرت الصبلة كليس عندٮبا‬
‫كقع لعمر بن ا‪٣‬بطاب ٌ‬
‫فلما حضر النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫فتيمم أحدٮبا ابلَباب كصلٌى‪ ،‬كاآلخر ما فعل شيئا‪ٌ .‬‬
‫ماء‪ٌ ،‬‬
‫علٌمهما أ ٌف حكم التيمم للحدث األكرب كحكمو ُب األصغر‪ .‬كقد تكوف اإلصابة كال تتعدد‬
‫كحكم إمامة عمرك بن العاص حْب أ َّىـ أصابىو ُب الصبلة‪ ،‬كقد احتلم ُب ليلة ابردة كخاؼ على‬
‫نفسو من ا‪٥‬ببلؾ إذا اغتسل‪ ،‬ككانوا ُب السفر‪.‬‬
‫فلما رجعوا ذكركا ذلك للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كسألو النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم فذكر‬
‫ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪98‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫علٌتو‪ ،‬كٓب ينكر عليو النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬كقد يكوف ا‪٣‬بطأ كال يتع ٌدل‪ ،‬كالذم أمر رجبل‬
‫حرمها"‪،‬‬
‫كجل ٌ‬
‫عز ٌ‬ ‫"أما علً ى‬
‫مت أ ٌف هللا ٌ‬ ‫ببيع ا‪٣‬بمر بعد قوؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬ى‬
‫حرـ بيعها"‪ .‬كمن ىنا امتنع بعض‬‫حرـ شرهبا ٌ‬
‫كقاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬إ ٌف الذم ٌ‬
‫األكابر من العلماء عن ا‪١‬بواب‪ ،‬كاستَبكا ٔبينَّة العلماء " ال أدرم "‪ ،‬كأكثركا منو‪.‬‬
‫أحرـ عليهم شيئا أحللتىو ‪٥‬بم كال‬
‫إ٘ب ال ٌ‬
‫ككاف عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬اللهم ٌ‬
‫كل أمورىم ‪٩‬بٌا د ٌؽ أك‬
‫كالسنٌة عمدة الصحابة ُب ٌ‬
‫أحلٌل ‪٥‬بم شيئا حرمتىو عليهم‪ .‬فكاف الكتاب ي‬
‫ذرة‪ٍ .‬بٌ خلفهم التابعوف‪ ،‬كاتبع التابعْب ُب ذلك‪ ،‬فبذلوا فيو ا‪٤‬بيىه ىج‪،‬‬
‫جل‪ ،‬ال ٱبرجوف عنهما قدر ٌ‬‫ٌ‬
‫كركًبوا فيو اللي ىج ىج‪ ،‬كقطعوا ُب ‪ٙ‬بصيلو البيداء‪ ،‬كىاجركا فيو األىل كالولداف‪ ،‬كأكثركا ُب طلبو‬
‫تكرار األسفار‪ ،‬كعملوا لو االفكار كاألنظار‪ ،‬كزادكا على الصحابة بتدكينو ُب الصحائف‬
‫ابألسطار‪ ،‬بعد ‪ٝ‬بعهم إايه ُب لطائف األفكار‪.‬‬

‫فاألصح‪ ،‬كاألقول فاألقول‪ٍ ،‬ب ر ٍأكا أف‬


‫ٌ‬ ‫األصح‬
‫ٌ‬ ‫فأكؿ ما ‪ٝ‬بعوا علم الكتاب كالسنٌة‪ ،‬كأثبتوا‬
‫ٌ‬
‫كمن أيٌب بعدىم ‪٩‬بٌن ال يساكيهم‪ ،‬أقواؿ العلماء كآراءىم فركعا ‪٦‬بردة‬
‫ييدنوا ألىل عصرىم‪ ،‬ى‬
‫األئمة األربعة‬
‫كمسندة مستنبطة من تلك األصوؿ تسهيبل للطبلب كا‪٢‬بفاظ‪ ،‬ك‪٩‬بٌن قاـ بذلك ٌ‬
‫التحرم للصواب‪ ،‬معتمدين على السنٌة كالكتاب‪ ،‬معَبفْب‬
‫كل ٌ‬ ‫متحرين ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنهم ٌ‬
‫مشرعْب لغّبىم‪ ،‬أل ٌف ابب التشريع مسدكد‪،‬‬
‫ابلعجز ُب ىذا الباب‪ ،‬غّب كاثقْب أبنفسهم‪ ،‬كال ٌ‬
‫كظن م ٌدعي الثقة بو أك بغّبه مردكد‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كل كاحد منهم منحى ظى َّن أنو‬
‫كل كاحد منهم إٔب مذىب رأل أنو ا‪٢‬ب ٌق كالتحقيق‪ ،‬ك‪٫‬با ٌ‬
‫فذىب ٌ‬
‫‪ٙ‬براي‬
‫ىو الوجو كالطريق‪ ،‬أل ٌف اجملتهد ال يقلٌد غّبه‪ ،‬فكاف الكل كالوجو كاحد‪ ،‬فكاف اختبلفهم ٌ‬
‫مرضي‪ ،‬ال يستنكف أحد منهم أف يرجع‬
‫ٌ‬ ‫سِب عدؿ‬
‫راب٘ب ٌ‬
‫فالكل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫اء كال عنادان‪،‬‬
‫كاجتهادا‪ ،‬ال امَب ن‬
‫إٔب أخيو ُب الصواب‪ ،‬كال ٰبابيو أيضا أ ٍف يتابعو على الظن كاإلرتياب‪ ،‬فلم يكن اختبلفهم إالٌ‬
‫الختبلؼ فهمهم ُب أتكيل الكتاب كتفسّبه‪ ،‬كاختبلؼ اطٌبلعهم ُب تصحيح ا‪٢‬بديث ك‪ٙ‬بريره‪،‬‬
‫للكل إالٌ‬
‫كاختبلؼ نظرىم ُب تفريع ا‪٢‬بكم كتقريره‪ ،‬كال مطلب ٌ‬
‫كل كاحد عمل ٗبا ترجح عنده ليعامل بو ربٌو على بصّبة‬
‫استيضاح الصواب‪ ،‬كإصابة ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬أل ٌف ٌ‬
‫كٰباج بو عند ربو ُب العقىب‪ ،‬أل ٌف السؤاؿ كا‪٢‬بساب من كراء ىذا كلٌو عن العلم‬
‫ُب الدنيا‪ٌ ،‬‬
‫سا ًكيهم ُب إصابة الصواب‪ ،‬أك أفضلية بعضهم على‬ ‫ً‬
‫ٍم تى ى‬
‫كأما عل ي‬
‫كالعمل‪ ،‬كعلى الوفاؽ كا‪٣‬ببلؼ‪ٌ .‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪99‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫علم كال ‪ٙ‬بقي هق‪ ،‬كليس إٔب ‪ٙ‬بقيق ذلك من طريق‪ ،‬بل الكلّّ‬
‫بعض‪ ،‬ففي علم هللا‪ ،‬ليس عندان منو ه‬
‫ساع ُب ‪ٚ‬بليص نفسو‪ ،‬غّب يم ٌد وع‬
‫مطيع ‪٦‬بته هد ُب مرضاة سيٌده‪ ،‬و‬
‫كالكل عب هد ه‬
‫ٌ‬ ‫مأمور‪،‬‬
‫رضي ه‬ ‫ه‬
‫عدؿ ّّ‬
‫كاجب و‬
‫أكيد‪ ،‬معاذ هللا‬ ‫و‬ ‫و‬
‫مذىب‬ ‫داع إٔب‬ ‫لتشري وع و‬
‫جديد‪ ،‬كال و‬
‫لتربئهم كلٌهم من ذلك كما سيأٌب بيانو ُب ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب‪.‬‬
‫أف يدعوا إٔب ذلك ٌ‬
‫ا‪٤‬بهدم أمره أف ٯبمع مذىبو ُب كتاب ليحمل الناس‬
‫ٌ‬ ‫تربؤ اإلماـ مالك من ذلك أل ٌف‬
‫كسيأٌب فيو ٌ‬
‫عليو‪ ،‬فقاؿ لو مالك‪:‬‬
‫كل انحية عى ٌم ٍن كصل إليهم‪،‬‬
‫تفرقوا ُب الببلد‪ ،‬كأخذ ٌ‬
‫أصحاب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫فى ىد ًع الناس كما ىم عليو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫دكنوا األقواؿ ا‪٤‬بختلفة كا‪٤‬بؤتلفة‪ ،‬كاآلراء الراجحة كا‪٤‬برجوحة‪،‬‬
‫فهمت ىذا فاعلم أ ٌف العلماء ٌ‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫كمنًعيوا العدكؿ عن الراجح‬ ‫ً‬
‫كالركاايت الشاذة‪ ،‬مع أهنم قد أيم يركا اب‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ إٔب الوفاؽ‪ ،‬ي‬
‫إٔب ا‪٤‬برجوح‪ ،‬كنيػ يهوا عن األخذ ابلشاذ لً ىما ق ٌدمنا من اختبلؼ فهمهم ُب التأكيل‪ ،‬كاختبلؼ‬
‫كمن‬
‫لكل ىمن أيٌب ى‬
‫كدكنوه ٌ‬
‫اطٌبلعهم ُب التصحيح‪ ،‬كاختبلؼ آرائهم ُب التفريع‪ ،‬فأثبتوا ذلك كلٌو ٌ‬
‫أداه إليو اطٌبلعهم من التصحيح كالتضعيف كالَبجيح كالتجريح كالتشهّب‬
‫كل ما ٌ‬
‫ينظر إليو‪ ،‬كفيو ٌ‬
‫السنٌة‪ ،‬كأقواؿ‬
‫كالتشديد‪ ،‬كفيو أقواؿ أىل ي‬
‫سقطوا ًمن ذلك ساقطا‪ ،‬كٲبنعوا ‪٩‬بٌا ىنالك ال قطا‪ ،‬مع كماؿ علمهم ُب‬
‫ا‪٤‬ببتدعة‪ ،‬من غّب أف ي ً‬
‫ي‬
‫علم‬
‫أصح خربا‪ ،‬أك يكوف ىنالك ه‬
‫ذلك‪ ،‬كعدـ جهالتهم ٗبا ىنالك‪ ،‬الحتماؿ أف يكوف ىناؾ ٌ‬
‫كارد عن النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ٓب يبلغ صاحب ذلك القوؿ‪ ،‬أك يكوف لو انسخ ٓب يعلم بو‪،‬‬
‫ً‬
‫أك يكوف ا‪٤‬ببلَّغ أك األخّب أفقو من ا‪٤‬ببلٌغ فينظر بنظره‪ ،‬كيفهم فهمو‪ ،‬فليس ٌ‬
‫األكؿ ٍأكٔب من‬
‫ب حامل‬
‫ب مبلغ أكعى من سامع ير ٌ‬
‫األخّب لقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬ليبلٌغ الشاىد الغائب ير ٌ‬
‫فقو إٔب من ىو أفقو منو"‪ ،‬كسيأٌب طرؼ من ىذا ا‪٤‬بعُب ُب آخر الفصل‬

‫إف شاء هللا تعأب‪ .‬كلعدـ ثقتهم أيضا إبصابة حقيقة ا‪٢‬بق النتفاء القطع كاليقْب ُب ذلك إالٌ‬
‫فيدكنوف كل قوؿ ‪٨‬بتلف فيو أك متٌفق عليو‪ ،‬فإذا جاء ا‪٤‬بتأخذر جعل قولىو‬ ‫إبخبار النيب ا‪٤‬بعصوـ‪ٌ ،‬‬
‫جزـ ظ وٌن غّب مسقط لو من‬ ‫إبزاء قوؿ ًٌ‬
‫ا‪٤‬بتقدـ غّب جازـ ببطبلف قوؿ ا‪٤‬بتق ٌدـ‪ ،‬أك جازـ بو ى‬
‫ضح أيضا‬ ‫لر‪٠‬بو ًمن الديواف‪ ،‬الحتماؿ أف يكوف لو كجو ٌما‪ ،‬أك ثبوت ٌما‪ ،‬كليت ٌ‬
‫اح ً‬‫التدكين‪ ،‬كال ىم و‬
‫األكؿ جزءه ًمن الصواب كُب‬‫للقارئ كا‪٤‬بقرئ كجهو الصواب ككجهو ا‪٣‬بطأ ُب ذلك‪ ،‬كقد يكوف ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪100‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫األخّب جزءه أك ‪ٝ‬بيع األجزاء صواب‪ ،‬كقد يكوف قوؿ ىذا أيضا‬
‫كخ ًف ىي ذلك‪ ،‬أك يكوف بينهما فرؽ‬ ‫ينحو إٔب معُب غّب ما ‪٫‬با إليو ىذا‪ ،‬كيكوف مفارقا لو من و‬
‫كجو ى‬
‫كل ‪٦‬بتهد ُب شأنو‪ ،‬فإ ٌف‬‫من كجو كال يظهر ذلك‪ ،‬كغّب ما ذكر‪ ،‬لينظر كل انظر لنفسو‪ ،‬كٯبتهد ٌ‬
‫الفهم ُب العلم مبذكؿ بْب أىلو‪ ،‬كالبحث فيو و‬
‫ابؽ إٔب يوـ القيامة‪ ،‬ما ا‪٤‬بتق ٌدـ فيو أبح ٌق من‬
‫ا‪٤‬بتأ ٌخر‪ ،‬بل غّب عجيب أف يي ٌد ىخر لبعض ا‪٤‬بتأ ٌخرين ما عسر على كثّب من ا‪٤‬بتق ٌدمْب‪ ،‬فإذا جاء‬
‫فإما أف ٯب ىدىا من ا‪٤‬بت ٌفق عليو‬ ‫ً‬
‫حكم كاقعتو كانزلتو‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بسَبشد ا‪٤‬بستفٍب إٔب ديواف األحكاـ يريد ى‬
‫كإما أف‬
‫فيحصل لو ا‪٤‬بتبلٌج كاليقْب فينصرؼ بو‪ٌ ،‬‬
‫األكؿ‬
‫فأما ٌ‬
‫أكرجل عآب فقيو‪ٌ .‬‬
‫ه‬ ‫رجل غّب عآب كال فقيو‬
‫ٯب ىدىا من ا‪٤‬بختلىف فيو فيكوف أح يد ىر يج ٍلْب‪ :‬ه‬
‫يتحّب ألنو يعلم‪ ،‬كيتح ٌقق أ ٌف حكم هللا كاحد‪ ،‬ال ًخبلؼ عنده تعأب‪ .‬فإف اختلف‬ ‫فبل ب ٌد أف ٌ‬
‫‪٨‬بصص‪ ،‬أك مطلق كمقيٌد‪ ،‬كغّب ما ذكر‪ .‬كيعلم أيضا‬
‫عاـ ك ٌ‬
‫عند السامع فناسخ كمنسوخ‪ ،‬أك ٌ‬
‫صح ألنٌو إ ٌ٭با يراد للحساب كما يتبعو‬
‫أ ٌف ا‪٤‬بطلوب من العلم العمل‪ ،‬كأ ٌف العمل ال يعترب إالٌ إذا ٌ‬
‫من الثواب كالعقاب‪ ،‬لذلك كاف ا‪٤‬بكلٌف إ ٌ٭با يطلب معرفة ا‪٢‬ب ٌق كالصواب الذم تكوف بو‬
‫ص ال يىطلب ًمن‬ ‫ً‬
‫ص‪ ،‬كا‪٤‬بي ٍخل ي‬
‫ً‬
‫السعادة كالنجاة ألنو ي‪٨‬بٍل ه‬
‫و‬
‫اختبلؼ كث وّب‬ ‫صو ًمن لوـ مواله كيوجب لو رضاه‪ ،‬كقد كقف على‬ ‫ً‬
‫العلوـ كاألعماؿ إال ما يٱبىلٌ ي‬
‫األكؿ كزاد عليو‬ ‫ً‬
‫كأما الثا٘ب فعنده ما عند ٌ‬
‫فازداد حّبةن كىو إ ٌ٭با يريد زكاؿ ا‪٢‬بّبة‪ ،‬فكيف يصنع؟ ٌ‬
‫أنٌو صاحب ركاية كدراية ابلكتاب كالسنة‪ ،‬كعنده ًمن الفقو كالفطنة ما يعرؼ بو مآخذ األقواؿ‬
‫دكنوا لو من ركايتهم كآرائهم‪ً ،‬من اتٌفاقهم‬
‫كمواضع اإلستدالؿ‪ ،‬كقد كجد العلماء كقد ٌ‬
‫أدل إليو ي‪ٝ‬بىبل من ا‪٣‬برب‪ ،‬كأعانو على كثّب من النظر‪ ،‬فاستخرج من بْب فرث‬
‫كاختبلفهم ما ٌ‬
‫ا‪٣‬ببلؼ كدمو لىبىنان خالصا من فهمو‪ ،‬فانصرؼ مشركح الصدر ٗبا‬
‫مهداي إٔب ا‪٢‬بق من ا‪٣‬ببلؼ فيو‪ ،‬معَبفا ٕبسن صنيع األعبلـ‪ ،‬مغَبفا من فيض العبلٌـ‪،‬‬ ‫يشفيو‪ٌ ،‬‬
‫كإٔب ىذا أشار خّب الربيٌة بقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من يي ًرد هللا بو خّبا يف ٌقهو ُب الدين"‪،‬‬
‫كىذا معُب ما قيل‪ :‬ليس العلم بكثرة الركاية كإ٭با العلم نور يضعو هللا ُب قلب من يشاء‪ .‬فما‬
‫كسنٌة نبيٌو صلٌى هللا عليو‬
‫ىأم ىر هللا تعأب كال رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم إال ابلعمل بكتابو ي‬
‫كسلٌم‪ ،‬كما أمر العلماء إالٌ بذلك‪ ،‬كال قصدكا إالٌ ذلك كإف خالف بعضهم ُب ذلك الختبلؼ‬
‫فهمهم كاستنباطهم‪ ،‬كغّب ما ذكر كما تق ٌدـ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪101‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كى ٍم‬
‫حجة لو ‪٪‬با‪ ،‬كمن كاان حجة عليو ىلك‪ ،‬ي‬ ‫كلن يقبل هللا تعأب من أحد سول ذلك‪ ،‬فمن كاان ٌ‬
‫كل موضع‪ ،‬ككضعوه لً ىمن‬‫كل مكاف‪ ،‬ك‪ٝ‬بعوه من ٌ‬ ‫رضي هللا تعأب عنهم طلبوا العلم كا‪٢‬ب ٌق ُب ٌ‬
‫كل لنفسو‪ ،‬لتكوف العهدة ُب اتٌباعو ال عليهم‪.‬‬ ‫بعدىم ‪٦‬بموعا مسموعا ‪٧‬بصورا منظورا ليجتهد ٌ‬
‫أقبلت على دراسة أقواؿ العلماء‬ ‫ٍ‬ ‫فهمت ىذا فاعلم أ ٌف الناس ثبلث فً ىر وؽ‪ :‬األكٔب فرقة‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫كالسنٌة ابلكليٌة‬
‫الفقهاء‪ ،‬كمعرفة ا‪٣‬ببلفات من غّب فقو كال تف ٌقو‪ ،‬كأعرضت عن علم الكتاب ي‬
‫قوؿ مالك رضي هللا تعأب عنو للٌذيٍ ًن ٱباطبهما‪ :‬إ ٍف‬
‫‪٠‬بعت ى‬
‫كأهنٌا ما ٍ‬
‫حٌب أهنم ال يطلبوف من القرآف‬
‫أحببتما أف ينفعكما هللا تعأب هبذا الشأف فأقلبل منو كتف ٌقها فيو‪ٌ ،‬‬
‫كل اإلنكار على من يركـ منهما سول ذلك‬
‫إالٌ ر‪٠‬بو‪ ،‬كال من ا‪٢‬بديث إالٌ ا‪٠‬بو‪ ،‬بل ينكركف ٌ‬
‫كينسبونو إٔب اإلبتداع‪ ،‬كيركف غاية العلم كالعمل ما ىم فيو كعليو‪ .‬كالثانية فرقة أعرضت عن‬
‫كل ما ىد َّك ىف العلماءي ُب كتبهم كأنكركه ابلكليٌة‪ ،‬كع ٌدكه بدعة سيٌئة‪ ،‬كقالوا يرجع األمر إٔب ما‬
‫ٌ‬
‫كاف ُب عهد النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬ال يفٌب إالٌ ابلكتاب مع أنٌو ال علم ‪٥‬بم ابلكتاب‪ ،‬كال‬
‫مدخل ‪٥‬بم على علمو إالٌ ٗبا أرادكا إبطالو‬
‫كيس ٌدكا اببو ‪ٝ‬بلة‪ .‬فهذه كالٍب قبلها عوراء عمياء‪ ،‬ككلتا الفرقتْب إ٭با تريد التخفيف عن نفسها‪،‬‬
‫اء يى ٍم ًاب ٍ‪٢‬بىًٌق‬
‫كاتٌباع ابطل ظنٌها كحدسها‪ ،‬كالذم ‪ٞ‬بلها على ذلك كراىة ا‪٢‬ب ٌق‪ .‬قاؿ تعأب‪ :‬بى ٍل ىج ى‬
‫ض ىكىم ٍن فًي ًه ٌن‪( .‬‬ ‫ً‬
‫ات ىك ٍاألى ٍر ي‬‫الس ىم ىاك ي‬
‫ت َّ‬ ‫س ىد ٍ‬ ‫ٍح ًٌق ىكا ًريىو ىف ىكلىٍو اتَّػبى ىع ا ٍ‪٢‬بى ُّق أ ٍىى ىو ى‬
‫اء يى ٍم لىىف ى‬ ‫ىكأى ٍكثىػ يريى ٍم لل ى‬
‫كأقبلت على ديواف ا‪٤‬بلٌة‪ ،‬فح ٌققوا‬ ‫ٍ‬ ‫كالسنٌة‪،‬‬
‫كت ابلكتاب ي‬ ‫‪ٛ‬بس ٍ‬ ‫‪ )11‬كالثالثة الٍب معها ا‪٢‬ب ٌق فرقةه ٌ‬
‫كالسنٌة بذلك الديواف‪ ،‬كحصل ‪٥‬بم‬
‫كفسركا ما ُب الكتاب ي‬
‫السنٌة كالقرآف‪ٌ ،‬‬
‫ما ُب الديواف بنور ي‬
‫السنٌة كالكتاب ظلمة ال‬
‫علم اليقْب كٓب ٰبصل غّبىم إالٌ على التخمْب‪ ،‬إذ علم االفقو بدكف ي‬
‫ب عنو‬ ‫يػ ٍهت ىدل فيها لقصد الصواب‪ ،‬كما أ ٌف ما دكنو كنز ال ينفتح عنو غلق الباب‪ ،‬فكل ر ً‬
‫اغ و‬ ‫ٌ‬ ‫يى‬
‫ضل عن التحقيق‪ ،‬كصاحب النور كالتحقيق ال ينحجب‬ ‫كل يمع ًر و‬ ‫و‬
‫ض عنهما ٌ‬ ‫ىعار من التوفيق‪ ،‬ك ٌ‬
‫عنو مع كتاب هللا تعأب صواب‪ ،‬كال يغلق عنو مع العلماء‬
‫الصحة من جسم اإلعبلؿ‪ ،‬بعدما‬
‫ٌ‬ ‫فيفرؽ جسم‬
‫ابهلل تعأب ابب‪ ،‬ينظر بنور الكتاب إٔب األقواؿ‪ٌ ،‬‬
‫صار إٔب ابب الكتاب ٗبفتاح أقواؿ أكٕب األلباب‪ ،‬فيدخل إٔب ما كراء الباب‪ ،‬كينظر إٔب ما‬
‫اب األلباب‪ ،‬فيأخذ ما يكفيو‪ ،‬كينشد ٗبلء‬‫خلف الباب من عجائب أمر العجائب‪ ،‬كغرائب ليبى ً‬
‫فيو‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪102‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بوجهك مشر هؽ ‪ ...‬كظبلمو ُب الناس سا ًر‬
‫ى‬ ‫ليلًي‬
‫فالناس ُب صدؼ الظبل ‪ ...‬ـ ك‪٫‬بن ُب ضوء النها ًر‬
‫العا‪٤‬بْب فاتو الثا٘ب أك معظمو‪ ،‬كمن ٓب ٰب ٌقق علوـ الفقو ابلكتاب‬
‫ٍ‬ ‫كا‪٢‬باصل أ ٌف من فاتو أحد‬
‫كالسنٌة ال ٰبصل لو ‪ٙ‬بقيقها أبدا‪ ،‬فعاش سكراف حّباف‪ ،‬كمات حّباف سكراف‪ ،‬كإٕب ىذا ا‪٤‬بعُب‬
‫ي‬
‫أشران بقولنا‪:‬‬
‫كالسنٌة ق ٍط ‪ ...‬كما اىتدل ا‪٤‬بيٍع ًرض عن ىذيٍن قط‬
‫إ ٌف ا‪٥‬بيدل ُب الذكر ي‬
‫األعبلـ ‪ ...‬تفسّب ىذيٍن بو يير ياـ‬
‫ي‬ ‫دك ىف األئمةي‬
‫ما ٌ‬
‫بلـ‬
‫كمنهما ‪ٙ‬بقيق ذا يراـ ‪ ...‬كمن خبل عن كاحد يي ي‬
‫أم عص ور كاف كالسبلـ‬ ‫ً‬
‫الكل ىو اإلماـ ‪ُ ...‬ب ٌ‬
‫كجام يع ٌ‬ ‫ى‬
‫علمت أنو ال يبلغ العب يد حقيقة العلم النافع‪ ،‬كالعمل الصحيح‬
‫ى‬ ‫فهمت ما ق ٌدمنا كح ٌققتىو‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫و‬
‫ألقواؿ ال يعلم‬ ‫كالتعصب‬
‫ٌ‬ ‫متجمدا على التقليد احملض‪،‬‬
‫ا‪٤‬بعترب الكامل الذم ال خلل فيو‪ ،‬ما داـ ٌ‬
‫كاللوـ كا‪٥‬ببلؾ‬
‫الذـ ٍ‬‫السنٌة ألنٌو ال يستح ٌق بذلك ُب الغالب إالٌ ٌ‬
‫‪٥‬با دليل ال ُب الكتاب كال ُب ي‬
‫يغَب أب ٌف عنده من ا‪٢‬بفظ ألقواؿ العلماء ما يصيب بو فصوص الصواب‪،‬‬
‫عاجبل أك آجبل‪ ،‬كال ٌ‬
‫كل شيء ُب ىذا الباب كما‬
‫فإهنٌا دعول ٯبدىا مٌب احتاج إليها ابطلة‪ ،‬فإ ٌف ا‪٢‬بفظ ببل فقو ُب ٌ‬
‫ب حامل فقو‬ ‫"ر ٌ‬
‫قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬ي‬
‫ارا (‪ ،)11‬ألنك إذا أرسلت رسوال بعقلك‬ ‫غّب فقيو"‪ ،‬ككما قاؿ تعأب‪ :‬ىك ىمثى ًل ا ٍ‪٢‬بً ىما ًر ىٍٰب ًم يل أ ٍ‬
‫ىس ىف ن‬
‫ض لو أدٗب ‪٨‬بالف‪ ،‬ذىب‬
‫كعر ى‬
‫ككبلمك كٓب يك ذا عقل كال كبلـ فإنٌو إذا بىػلى ىغ موضع ا‪٢‬باجة‪ ،‬ى‬
‫كيتم عقلك من‬
‫عنو عقلك كٓب يك معو عقلو‪ٖ ،‬ببلؼ الرسوؿ العاقل‪ ،‬فإنٌو يزيد عقليو بعقلك‪ٌ ،‬‬
‫دليل و‬
‫عارؼ‪ ،‬فإ ٌف‬ ‫عقلو‪ ،‬كأ ٌف من سار ُب فبلةو على النعت كالوصف ًمن غّب و‬
‫معرفة و‬
‫سابقة كال و‬ ‫ى‬
‫مفرط‪ .‬كقاؿ عبد‬
‫ا‪٢‬بالْب مذموـ ملوـ مغركر ٌ‬
‫‪٪‬باتو من النادر‪ ،‬كىبلكو من احملكوـ بو‪ ،‬كىو على ٍ‬
‫الوىاب الشعرا٘ب ُب الرسالة ا‪٤‬بباركة‪:‬‬
‫عدـ عصمتو‪ً ،‬‬
‫كمن‬ ‫مذىب من مذاىب اجملتهدين ٖبصوصو لً ً‬
‫و‬ ‫كٓب يوجب هللا تعأب على أحد إلٍتز ىاـ‬
‫كاألئمة كلٌهم تربٌؤكا من األمر ابتٌباعهم‪ ،‬كقالوا إذا بلغكم حديث فاعملوا بو‬
‫ٌ‬ ‫أين جاءان الوجوب‬
‫كاضربوا بكبلمنا ا‪٢‬بائط رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب؟‬
‫معْب‪ ،‬كلو‬
‫كقاؿ قبلو بقليل‪ :‬كٓب يىبلغٍنا أ ٌف أحدا من علماء السلف ىأم ىر أحدا أف يتقيٌد ٗبذىب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪103‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بكل حديث ٓب أيخذ بو ذلك اجملتهد الذم أمر ا‪٣‬بلق‬ ‫كقع ذلك لوقعوا ُب اإلٍب لتفويتهم العمل ٌ‬
‫ابتٌباعو كحده‪ ،‬كالشريعة حقيقة إ ٌ٭با ىي ‪٦‬بموع ما بػ ٍْب اجملتهدين ال ما بًي ًد و‬
‫‪٦‬بتهد‬ ‫ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍ‬
‫كاحد‪ .‬فجميع علماء الشريعة ُب تلك الشريعة يى ٍسبى يحوف رضي هللا تعأب عليهم أ‪ٝ‬بعْب أل ٌف ‪ٝ‬بيع‬‫و‬
‫كإما مائلة إٔب اآلخذ‬
‫تبتْب ألهنا ٌإما مائلة إٔب اآلخذ بعزائم األمور ٌ‬‫أقوا‪٥‬بم ال ‪ٚ‬برج عن مر ٍ‬
‫فم ٍن ىأم ىر أصحاب مرتبة بفعل مرتبة أخرل ًمن صعود أك‬ ‫ا‪٤‬برتبتْب رجاؿ‪ ،‬ى‬
‫ٍ‬ ‫كلكل من‬
‫ابلرخص‪ٌ ،‬‬
‫نزكؿ فقد أخطأ‪ ،‬كما ندب بعض العلماء لعدـ تتبع الرخص إالٌ ُب ح ٌق أىل الرخصة من‬
‫األقوايء ا‪٤‬بتساىلْب ُب دينهم أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ القراُب‪:‬‬
‫حجر‪ ،‬كأ‪ٝ‬بع الصحابة‬
‫إنعق ىد اإل‪ٝ‬باع على أ ٌف ىمن أسلم فلو أ ٍف يقلٌد ىمن شاء من العلماء ببل ٍ‬
‫على أف من استفٌب أاب بكر كعمر كقلٌدٮبا فلو أ ٍف يستفٍب أاب ىريرة كمعاذ بن جبل كغّبٮبا من‬
‫ادعى رفع ىذين اإل‪ٝ‬باعْب فعليو الدليل أىػ‪.‬‬
‫غّب نكّب‪ ،‬فمن ٌ‬
‫كقاؿ ابن عرفة‪:‬‬
‫قوؿ ابن حزـ " أ‪ٝ‬بعوا على أ ٌف متبٌع الرخص فاسق " مردك هد ٗبا أفٌب بو الشيخ ا‪٤‬بتٌفق على علمو‬
‫ي‬
‫يتعْب على العامل إذا قلٌد إماما ُب مسألة أ ٍف يقلٌده ُب‬
‫عز الدين بن عبد السبلـ أنٌو ال ٌ‬ ‫كصبلحو ٌ‬
‫سائر مسائل ا‪٣‬ببلؼ أل ٌف الناس ًمن لى يد ًف الصحابة إٔب أف ظهرت‬
‫ا‪٤‬بذاىب يسألوف فيما سنح ‪٥‬بم العلماء ا‪٤‬بختلفْب من غّب نكّب من أحد سواء اتٌبع الرخص ُب‬
‫كل ‪٦‬بتهد مصيب فبل إنكار على ىمن قلٌد‬
‫كمن قاؿ ٌ‬
‫ذلك أك العزائم أل ٌف ا‪٤‬بصيب كاحد ال بعينو‪ ،‬ى‬
‫ُب الصواب أىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كىذا معُب قوؿ الشيخ أيب دمحم رضي هللا تعأب عنو ُب الرسالة‪:‬‬
‫ي‬
‫كإذا اختلفوا ُب الفركع كا‪٢‬بوادث ٓب ٱبرج عن ‪ٝ‬باعتهم‪ .‬إنتهى‬
‫كأما ا‪٣‬بركج عن مذىب بعضهم فبل‬ ‫ا‪٤‬بنهي عنو‪ٌ ،‬‬
‫يعِب أف ا‪٣‬بركج عن ‪ٝ‬بيع مذاىب اجملتهدين ىو ٌ‬
‫ْب لىوي‬ ‫الرس ى ً ً‬ ‫أبس بو سواء ُب ذلك مذىب إمامو أك غّبه لقولو تعأب‪ :‬كمن ي ى ً‬
‫وؿ م ٍن بىػ ٍعد ىما تىػبىػ َّ ى‬ ‫شاق ٍق َّ ي‬ ‫ىى ٍ ي‬
‫صلً ًو ج ىهنَّم كساء ٍ ً‬ ‫ا ٍ‪٥‬ب ىدل كيػتَّبًع غىيػر سبً ً ً‬
‫ّبا‪.)12( .‬‬ ‫ت ىمص ن‬ ‫ْب إٔب قولو تعأب‪ :‬ىكني ٍ ى ى ى ى ى‬‫يل ال يٍم ٍؤمنً ى‬ ‫ي ىى ٍ ٍ ى ى‬
‫األمة ىو سبيل ا‪٤‬بؤمنْب ال مذىب كاحد منهم‪ ،‬كمعاذ هللا أف يقوؿ‬ ‫ك‪ٝ‬بيع مذاىب ‪٦‬بتهدم ىذه ٌ‬
‫كاحد من ا‪٤‬بؤمنْب أك يعتقد أف مذىب إمامو كحده ىو سبيل ا‪٤‬بؤمنْب كما سواه فليس من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪104‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األئمة اجملتهدين رضي هللا‬
‫سبيلهم‪ ،‬كصاحب ىذا اإلعتقاد جاىل أك كافر أل ٌف ‪ٝ‬بيع مذاىب ٌ‬
‫تعأب عنهم طرؽ موصلة إٔب هللا تعأب‪ ،‬فجنونو من أعلى طبقات ا‪١‬بنوف‪ .‬قاؿ ابن جزم ُب خطبة‬
‫كتابو‪:‬‬
‫أما بعد فهذا كتاب ُب قوانْب األحكاـ الشرعية‪ ،‬كمسائل الفركع الفقهية‪ ،‬على مذىب إماـ‬
‫ا‪٤‬بدينة مالك بن أنس‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ٍ :‬بٌ زدان إٔب ذلك التنبيو كثّبا من اإلتفاؽ كاإلختبلؼ الذم‬
‫سمى كبْب اإلماـ أيب عبد هللا دمحم بن إدريس الشافعي‪ ،‬كاإلماـ أيب حنيفة النعماف‬
‫بْب اإلماـ ا‪٤‬بي ٌ‬
‫بن اثبت‪ ،‬كاإلماـ أيب عبد هللا أ‪ٞ‬بد بن حنبل‪ ،‬لتكمل بذلك الفائدة كيعظم اإلنتفاع‪.‬‬
‫األئمة لتكمل بذلك‬
‫يصح البن جزم قولو إنٌو إ ٌ٭با ذكر ُب كتابو مذاىب ىؤالء ٌ‬
‫قلت‪ :‬كال ٌ‬
‫ي‬
‫الفائدة كيعظم النفع إالٌ إذا كاف للواقف على كبلمهم أف يعمل بو كيقتدم هبم‪ ،‬كيؤيٌد ما قلنا أنو‬
‫ب كبلمو‪:‬‬ ‫ً‬
‫قاؿ ىعق ى‬
‫األئمة األربعة ىم قدكة ا‪٤‬بسلمْب ُب أقطار األرض‪ ،‬كأكلوا األتٍباع كاألشياع‪.‬‬
‫فإ ٌف ىؤالء ٌ‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب كسفياف الثورم‪ ،‬كا‪٢‬بسن البصرم‪ ،‬كعبد‬
‫هت عل مذىب غّبىم من ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬رٌٗبا نبٌ ي‬
‫هللا بن ا‪٤‬ببارؾ‪ ،‬كإسحاؽ بن راىويو‪ ،‬كأيب ثور‪ ،‬كالنخعي‪ ،‬كداكد بن علي إماـ الظاىرية‪ ،‬كقد‬
‫أكثران من نقل مذىبو‪ ،‬كالليث بن سعد‪ ،‬كسعيد بن ا‪٤‬بسيٌب‪ ،‬كاألكزاعي‪ ،‬كغّبىم مهنع هللا يضر أ‪ٝ‬بعْب‪،‬‬
‫كل كاحد من ىؤالء ‪٦‬بتهد ُب دين هللا‪ ،‬كمذاىبهم طرؽ موصلة إٔب هللا تعأب أىػ كبلـ ابن‬
‫فإ ٌف ٌ‬
‫جزم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‬
‫فش ٌد يدؾ عليو فإنو نفيس‪.‬‬
‫كقاؿ أبو عمر ُب ‪ٛ‬بهيده‪:‬‬
‫ب أح هد منهم على صاحبو‪ ،‬كال كجد عليو ُب‬ ‫ً‬
‫أال ترل أ ٌف الصحابة اختلفوا ىك يى يم اإلسوة فلم يىع ٍ‬
‫نفسو‪ ،‬كنقل بسنده إٔب الثورم‪ :‬إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذم اختلف فيو كأنت ترل غّبه‬
‫تنهوي‪ .‬كقد أمر ا‪٤‬بهدم مالكا ٔبمع مذىبو ُب كتاب ٰبمل الناس عليو‪ ،‬فقاؿ لو مالك‪:‬‬
‫فبل ى‬
‫عمن كصل إليهم ف ىد ًع‬
‫كل انحية ٌ‬
‫أىل ٌ‬
‫تفرقوا‪ ،‬كأخذ ي‬
‫أصحاب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫الناس كما ىم عليو أىػ‪.‬‬
‫كُب التنبيو‪ ،‬شرح ابن عبٌاد على ا‪٢‬بكم العطائية‪ ،‬عند قوؿ ابن عطاء هللا رضي هللا تعأب عنو‪" :‬‬
‫ك كإالٌ فعليك "‪:‬‬
‫العلم إف قارنىػ ٍتو ا‪٣‬بشية فىػلى ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪105‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الرب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب إبسناد لو إٔب عبد هللا بن مسلمة‬
‫كلقد ذكر الشيخ ا‪٢‬بافظ أبوعمر بن عبد ٌ‬
‫عِب‬
‫علي ٍبٌ سكت ٌ‬
‫فرد ٌ‬‫القعِب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب قاؿ‪ :‬دخلت على مالك فوجدتو ابكيا‪ ،‬فسلٌمت ٌ‬
‫كل ما فرط‬
‫يبكي‪ ،‬فقلت لو‪ :‬اي أاب عبد هللا ما الذم أبكاؾ؟ فقاؿ‪ :‬اي ابن القعِب أان هلل على ٌ‬
‫مِب ما فرط من‬
‫ط ٌ‬‫كل كلمة تكلٌمت هبا ُب ىذا األمر بسوط كٓب يكن فر ى‬ ‫دت على ٌ‬ ‫مِب‪ ،‬ليتِب يجلً ي‬
‫ٌ‬
‫ىذا‬
‫الرأم كىذه ا‪٤‬بسائل كقد كاف ٕب سعة فيما سبقت إليو أىػ‪.‬‬

‫يذـ‬
‫يتعصب ‪٤‬بذىب‪ ،‬أك ٌ‬ ‫أتم ٍل اي أخي ىذا الكبلـ راشدان‪ ،‬ىل ىذا اإلماـ ا‪١‬بليل هنع هللا يضر ٌ‬
‫فقلت‪ٌ :‬‬
‫ي‬
‫ا‪٤‬بتهورين ًمن أىل‬
‫ا‪١‬بهاؿ ٌ‬‫الناس إ ٍف ٓب يتٌبعوا مذىبو أك بعضا منو‪ ،‬كيضلٌلهم كما عليو بعض ٌ‬
‫تربأ منو كما أشار إليو‬
‫العصر؟ ككيف يصدر منو رضي هللا تعأب عنو كىو رضي هللا تعأب عنو قد ٌ‬
‫العدكم ُب حاشيتو على شرح العبلٌمة ا‪٣‬برشي عند قوؿ ا‪٤‬بؤلٌف رضي هللا‬
‫ٌ‬ ‫علي الصعيدم‬
‫الشيخ ٌ‬
‫فح ىك ىم بقوؿ مقلٌده "‪:‬‬
‫تعأب عنو " ى‬
‫‪٠‬بعت مالكان يقوؿ‪ :‬إ ٌ٭با أان بشر أخطئ كأصيب فانظركا ُب رأيي‪ ،‬فإف‬
‫أ ٌف معن بن عيسى قاؿ‪ :‬ي‬
‫كالسنٌة فخذكه كما ٓب يوافقهما فاتركوه أىػ‪.‬‬
‫كافق الكتاب ي‬
‫احملل‪،‬‬
‫قلت‪ :‬كلذلك قاؿ العبلٌمة الدسوقي ُب حاشيتو على شرح الشيخ أ‪ٞ‬بد الدردير عند ىذا ٌ‬
‫ي‬
‫أعِب عند قوؿ ا‪٤‬بصنٌف‪ " :‬فحكم بقوؿ مقلٌده "‪:‬‬
‫كالقوؿ أبنو يلزمو ا‪٢‬بكم بقوؿ إمامو ليس متفقا عليو حٌب قيل ليس مقلٌده رسوؿ أرسل إليو‪ ،‬بل‬
‫حكوا خبلفا إذا اشَبط السلطاف عليو أنو ال ٰبكم إالٌ ٗبذىب إمامو‪ ،‬فقيل ال يلزمو الشرط‪،‬‬
‫ض ٌي الشرط لًمصلحة‪.‬‬ ‫كقيل بل ذلك يفسد التولية‪ ،‬كقيل ًٗبي ً‬
‫أنظر ا‪٢‬بطاب أىػ‪.‬‬
‫كىذا صريح ُب عدـ كجوب اتٌباع اجملتهد ٖبصوصو دكف غّبه من اجملتهدين‪.‬‬
‫كمثلو ُب ضوء الشموع على اجملموع‪ ،‬كُب شرح كماؿ الدين دمحم بن عيسى الدمّبم على المية‬
‫العجم للشيخ صبلح الدين الصفدم عند قولو أصالة الرأم‪:‬‬
‫ركل نوح ا‪١‬بامع أنو ‪٠‬بع أاب حنيفة يقوؿ‪ :‬ما جاء عن رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم فىػ ىعلىى‬
‫رجاؿ‪ .‬إٔب أف‬‫رجاؿ ك‪٫‬بن ه‬‫الرأس كالعْب‪ ،‬كما جاء عن الصحابة اخَبان‪ ،‬كما كاف غّب ذلك فىػ يه ٍم ه‬
‫أيت كأىل مصر ٌا‪ٚ‬بذكا ا‪١‬بهل علما ألهنٌم سألوا مالكا عن مسائل‬
‫الشافعي‪ :‬ما ر ي‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ‪ :‬كقاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪106‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ال أعلمها‪.‬‬
‫فىػ يه ٍم ال يقبلوهنا ‪٩‬بٌن يعلمها ألف مالكا قاؿ ال أعلمها‪.‬‬

‫يقوؿ‪ :‬ليس ٕب من البصّبة‪ ،‬كال عندم من الفقو ما أخرج بو من التقليد كأدخل بو ُب اإلجتهاد‪،‬‬
‫كل مصيب كفاعل‪ ،‬فيقاؿ ‪٥‬بذا إف كاف صادقا‪:‬‬ ‫ً‬
‫كل قائل‪ ،‬كأ‪٠‬بع من ٌ‬ ‫إ ٌ٭با عندم أف أقػٍبى ىل من ٌ‬
‫س عندؾ من البصّبة كالفطنة ما ‪ٚ‬برج بو من ا‪٣‬ببلؼ ابإلحتياط كالورع ٍتركان لً ىما ال أبس بو‪،‬‬ ‫ألىٍي ى‬
‫خوفان من الوقوع فيما بو أبس‪ ،‬كطريق ذلك سهل كاضح‪ ،‬فإف هلل تعأب سرا ُب كل إنساف لذلك‬
‫ال سيما مع اإلٲباف لئبل يكوف للناس على هللا حجة بعد الرسل‪.‬‬
‫قاؿ تعأب‪ :‬كمن يػ ٍؤًمن ًاب ً‬
‫هلل يىػ ٍه ًد قىػلٍبىوي (‪ ،)13‬تقول تلك ا‪٥‬بداية ُب ذلك القلب كتضعف فيو‬ ‫ىى ٍ ي ٍ‬
‫قوة اإلٲباف كضعفو فيو‪ .‬ىذا ‪٤‬بٌا سلٌمنا لك دعواؾ ُب نفي صبلحيتك للنظر كاإلجتهاد‬
‫ٕبسب ٌ‬
‫٘بر بذلك‬
‫كالسنٌة‪ ،‬مع أ ٌف دعواؾ لنفسك ذلك ال تيػ ٍقبى يل ألنٌك ٌ‬
‫رأسا فضبل عنهما من الكتاب ي‬
‫إٔب نفسك راحة إسقاط التكليف‪ ،‬كرفع ا‪٤‬بش ٌقة عنك فيو تعأب‪ ،‬كإهنٌا لكبّبة إالٌ على ا‪٣‬باشعْب‬
‫اآلية‪.‬‬
‫ت إٔب ما ‪٫‬بىا إليو أىل الزماف من‬
‫ك‪٫‬بى ٍو ى‬
‫ب إليك داء األمم‪ ،‬ى‬
‫كإ٘ب أخاؼ عليك أف يكوف ىد ٌ‬
‫ٌ‬
‫دعواىم أ ٌف اإلجتهاد قد رفع‪ ،‬كأ ٌف كجود أىلو قد انقرض‪ ،‬من غّب برىاف من هللا تعأب على‬
‫ذلك‪ ،‬كال دليل من كتاب كال يسنٌة‪ ،‬كىو فيهم منو ما يكوف عليهم يح ٌجة يوـ تيبلى السرائر‬
‫كتستخرج الضمائر‪ ،‬كإ ٌ٭با نىػ ىف ٍوهي عن أنفسهم ليتم ٌكنوا من أغراضهم الفاسدة أبف يقوؿ أحدىم‬
‫يتأكؿ بذلك‬
‫كجدت لك قوال تصل بو إٔب غرضك‪ ،‬ك٘بده ٌ‬
‫ي‬ ‫كجدت قوال ‪٥‬بذا‪ ،‬كيقوؿ ‪٣‬بليلو‬
‫ي‬
‫كيوجهو مع ضعفو إٔب توجيهات رٗبا ليست منو كليس‬
‫القوؿ الضعيف أك الشاذ أتكيبلت‪ٌ ،‬‬
‫منها ليقضي حاجتو ُب نفسو من غّب استحياء من هللا‪ ،‬ال حذرا من عقابو كال ذكرل ‪٢‬بسابو‪.‬‬
‫ا‪١‬بو‪،‬‬ ‫ً‬
‫كإ ٌ٭با نىػ ىف ٍوهي عن غّبىم كإف كانوا كاذبْب بعد نفيو عنهم‪ ،‬كإف كانوا غّب صادقْب‪ ،‬ليى ٍخليىو ‪٥‬بم ٌ‬
‫يتعرض ‪٥‬بم من ذلك يمتىع ًٌرض ليس ٌدكا ذلك الباب من أبواب هللا تعأب لئبلٌ تيػ ٍقبىل لً يم ًح وٌق‬
‫كلئبلٌ ٌ‬
‫ا‪١‬بو ألشباىهم ليطفئوا نور هللا أبفواىهم كهللا يمتً ّّم نوره‪ ،‬كرافع سوره‪.‬‬ ‫ً‬
‫حجة على ح ٌق‪ ،‬كليى ٍخليو ٌ‬
‫ٌ‬
‫اب‪٢‬بجة أبدا من لدف زمن آدـ‬ ‫ً‬
‫كمن عناية هللا تعأب بعلمو كدينو أنٌو ال ‪ٚ‬بلو األرض من قائم هلل ٌ‬
‫عليو السبلـ إٔب أف يقبض العلم مع رفع القرآف بْب يدم الساعة‪ ،‬كليس ذلك ٗبقصور على‬
‫ذلك الواحد كإف كاف أقول من غّبه ُب ذلك مع كجوده ُب غّبه كُب ذلك أقوؿ‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪107‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أحسبتم أف اإللو يضيع ديػ ‪ ...‬ػن ا‪٢‬ب ٌق اي علماء السوء كا‪٥‬بول‬
‫كل عصر ‪٨‬بزاين أىل ا‪٥‬بول‬
‫بل ال يزاؿ يقيم انصر ديػ ‪ ...‬ػنو ُب ٌ‬
‫كل غواية كجهالة ‪ ...‬كضبللة منكم ك‪٩‬بٌن قد غول‬ ‫فّبد ٌ‬
‫ٌ‬
‫كسنٌة الػ ‪ ...‬ػمختار يٱبٍ ًز ‪ٝ‬بعكم مهما نول‬
‫ابهلل كالذكر ا‪٢‬بكيم ي‬
‫كٗبا أم ٌد من البصّبة كالػ ‪ ...‬ػحكم ييبدم العجائب كالغرائب إف ركل‬
‫كبفكرة قدسية كبصّبة ‪ ...‬يبدم علوـ العارفْب إذا نول‬
‫فيذب عن أىل اإللو كدينو ‪ٙ ...‬بريف قوـ مبطلْب ٗبا حول‬
‫ٌ‬
‫كل خلىف عدكلو ينفوف عنو ‪ٙ‬بريف الضالٌْب كانتحاؿ‬
‫كُب ا‪٢‬بديث‪ٰ" :‬بمل ىذا العلم من ٌ‬
‫ا‪٤‬ببطلْب"‪ .‬فلً يو يجود أمثاؿ ىذا ذكر ا‪٤‬بصنفوف ‪ٝ‬بيع األقواؿ الصادرة عن العلماء‪ ،‬ك‪ٝ‬بعوىا ُب‬
‫كل انظر لنفسو ليعامل ربٌو على بصّبة كيقْب‪ ،‬ال على‬ ‫و‬
‫كل ‪٦‬بتهد‪ ،‬كينظر ٌ‬ ‫دكاكينهم‪ ،‬ليجتهد ٌ‬
‫ابلشك‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تقليد ك‪ٚ‬بمْب‪ ،‬فإ ٌف هللا ال ييػ ٍعبى يد‬
‫كُب الرسالة ا‪٤‬بباركة للشعرا٘ب‪:‬‬
‫ككاف اإلماـ أبو حنيفة هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬ال ينبغي ‪٤‬بن ال يعلم دليلي أف يفٍب بكبلمي‪ .‬ككاف إذا أفٌب‬
‫فمن جاء أبحسن منو فهو‬
‫أحدا بفتول يقوؿ ىذا رأم أيب حنيفة كىو أحسن ما قدران عليو‪ ،‬ى‬
‫ٍأكٔب ابلصواب‪.‬‬

‫كل ما نقوؿ‪.‬‬
‫ككاف مالك كربيعة رضي هللا تعأب عنهما يقوالف‪ :‬لى ٍسنىا من أىل العصمة ُب ٌ‬
‫ككاف الشافعي هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬إذا ‪٠‬بعتم ًم ًٌِب قوال ٱبالف قوؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫فاعملوا بكبلـ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كاضربوا بكبلمي ىذا ا‪٢‬بائط‪.‬‬
‫حٌب أنٌو ٓبٍ ينسب لنفسو كبلما‬
‫السنٌة مشهور ٌ‬
‫فأم يرهي ُب اتٌباع ي‬
‫كأما اإلماـ أ‪ٞ‬بد رضي هللا تعأب عنو ٍ‬
‫ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى‬
‫كسنٌة ٌ‬
‫كبلـ مع كتاب هللا تعأب ي‬
‫ط إالٌ بعض مسائل ُب الصبلة‪ ،‬ككاف يقوؿ‪ :‬ىأكألحد ه‬‫قٌ‬
‫هللا عليو كسلٌم؟‬
‫نظن إالٌ ظنٌا كما ‪٫‬بن ٗبستيقنْب‪ ،‬فمن أاتان بيقْب تركنا لو ظنٌنا‪ .‬ككاف‬
‫قلت‪ :‬ككاف يقوؿ هنع هللا يضر‪ :‬إف ٌ‬
‫ي‬
‫يقوؿ‪ :‬إذا رأيتم ُب بلد صاحب حديث ال يدرم صحيحو من سقيمو كىناؾ صاحب ر و‬
‫أم‪،‬‬
‫فاسألوا عن صاحب ا‪٢‬بديث كال تسألوا عن صاحب الرأم‪ .‬ككاف يقوؿ‪ :‬ال يكاد أحد ينظر ُب‬
‫كتاب الرأم إالٌ كُب قلبو دغل‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪108‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ككاف يقوؿ‪ :‬ال تقلٌدكا ُب دينكم فإنٌو قبيح على من أي ٍع ًطى مشعة يستضيء هبا أف يطفئها كٲبشي‬
‫ُب الظبلـ‪ ،‬كلعلٌو يشّب إٔب العقل الذم جعلو هللا آلة ٲبيٌز بو بْب األمور‪ ،‬كيستبصر بو ُب دينو‪.‬‬
‫ككاف يقوؿ‪ :‬ال تقلٌدك٘ب كال تقلٌدكا مالكا كال األكزاعي كال النخعي كال غّبىم‪ ،‬كخذكا األحكاـ‬
‫من حيث أخذكا‪.‬‬
‫صرح العلماء أب ٌف‬
‫قوة النظر كإالٌ فقد ٌ‬
‫قلت كىذا ‪٧‬بموؿ على من كاف فيو ٌ‬ ‫كقاؿ الشعرا٘ب‪ :‬ي‬
‫التقليد ٍأكٔب لضعيف النظر‪ .‬أنظر العهود احملمدية‪.‬‬
‫كل كبلـ فيو مقبوؿ كمردكد إالٌ كبلـ صاحب ىذا‬
‫ككاف اإلماـ مالك رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫القرب‪.‬‬

‫صح ا‪٢‬بديث فهو مذىيب‪ ،‬ككاف يقوؿ‪ :‬إذا‬


‫ككاف اإلماـ الشافعي رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إذا ٌ‬
‫حجة ألحد معو‪ ،‬كُب‬
‫ٰبل لنا تركو‪ ،‬كال ٌ‬
‫كأمي ػ شيء ٓب ٌ‬
‫ثبت عن النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ػ أبيب ٌ‬
‫حجة ألحد مع قوؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كإف كثركا‪ ،‬كال ُب قياس كال ُب‬
‫ركاية‪ :‬ال ٌ‬
‫كل قوؿ ك‪.‬‬
‫شيء آخر‪ ،‬فإ ٌف هللا تعأب ٓب ٯبعل ألحد معو كبلما‪ ،‬كجعل كبلمو يقطع ٌ‬
‫كل ما أقوؿ‪ ،‬كانظر لنفسك فإنٌو‬
‫قاؿ للمز٘ب‪ ،‬حْب قلٌده ُب مسألة‪ :‬ال تقلٌد٘ب اي أاب إبراىيم ُب ٌ‬
‫دين‪.‬‬
‫كل ما أضافو إليهم‬
‫األئمة كما ترل من ٌ‬
‫تربأ ىؤالء ٌ‬
‫ٍبٌ قاؿ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فقد ٌ‬
‫مقلٌدكىم رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب ‪٩‬بٌا ٓب يكن بناؤىم على العمل بو ‪٧‬ب ٌققا‪.‬‬
‫يتورع ُب ىع ٍز ًكهً األقواؿ فبل‬
‫كقاؿ قبل ىذا الكبلـ‪ :‬كمنها ػ يعِب كمن آداب طالب العلم ػ أف ٌ‬
‫يعزك إٔب ‪٦‬بتهد قوال كال مذىبا إالٌ إف قالو كٓب يرجع عنو إٔب أف مات‪ ،‬فجميع ما جاء عن‬
‫يسمى مذىبا ألحد بل ىو شريعة‬
‫الشارع صلٌى هللا عليو كسلٌم ال ٌ‬
‫كل من تى ىديٌ ىن بدين اإلسبلـ‪ ،‬ككذلك ما فهمو أصحاب اجملتهد من كبلمو ال‬
‫ٯبب العمل هبا على ٌ‬
‫حٌب عزكا مفاىيم كبلـ ا‪٤‬بؤلفْب كالشارحْب إٔب‬
‫يسمى مذىبا لو‪ .‬كقد ىكثيػ ىر تساىل الناس ُب ذلك ٌ‬
‫ٌ‬
‫كل كتاب ‪٫‬بو‬
‫كا‪٫‬بل األمر إٔب تقليد بعضهم بعضا حٌب صار ٌ‬ ‫مذىب ذلك اجملتهد الذم قلٌدكه‪ٌ ،‬‬
‫عشرين ‪٦‬بلٌدا ال ٯبيء كبلـ اجملتهد ػ إذا يً‬
‫‪ٝ‬ب ىع ػ ‪٦‬بلٌدا كاحد منو‪.‬‬
‫حٌب طاؿ عليهم زمن تف ٌقههم‪ ،‬كاستغرؽ‬
‫أمر أغفلو الفقهاء ٌ‬ ‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬كمنها ػ يعِب كمن اآلداب ػ ه‬
‫بفه ًم تراكيب كبلـ بعضهم‪ ،‬كمنطوقو‪ ،‬كمفهومو‪ٌ ،‬‬
‫حٌب ٘باكزكا عن‬ ‫أعمارىم‪ ،‬كىو اشتغا‪٥‬بم ٍ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪109‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ً‬
‫الشريعة ا‪٤‬بعصومة‪ ،‬كمن فىػ ٍه ًم أسرا ًرىا ٌ‬
‫ا‪٤‬بطهرة‪ ،‬كلو تركوا ‪ٝ‬بيع كبلـ غّب رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم‪ ،‬كٓب يعملوا بشيء منو فبل حرج عليهم ُب الدنيا كاآلخرة‪.‬‬

‫فالسنٌة ا‪٤‬بسنٌة‬
‫السنٌة الواردة‪ ،‬ي‬
‫ك‪ٝ‬بيع أقواؿ العلماء ال ‪ٚ‬بلو عن ثبلثة أحواؿ‪ٌ ،‬إما أف توافق صريح ي‬
‫كإما أف ال تظهر‬
‫ابلسنٌة‪ٌ ،‬‬
‫السنٌة فتَبؾ كيعمل ي‬
‫كإما أف ‪ٚ‬بالف صريح ي‬‫كاجملتهد كا‪٢‬باكي ‪٥‬با‪ٌ ،‬‬
‫موافقتها كال ‪٨‬بالفتها‪ ،‬فأحسن أحوا‪٥‬با الوقف‪ ،‬فعلها كتركها سواء‪ ،‬إالٌ أف تكوف مائلة إٔب‬
‫تصرح الشريعة بذلك‪ .‬كقد كاف صلٌى هللا عليو‬
‫اإلحتياط ُب الدين فالعمل هبا أرجح كلو ٓب ٌ‬
‫يقربكم إٔب هللا تعأب إالٌ كقد أمرتكم بو كال شيئا يبعدكم عن هللا‬
‫كسلٌم يقوؿ‪" :‬ما تركت شيئا ٌ‬
‫تعأب إالٌ كقد هنيتكم عنو"‪.‬‬
‫فمن زعم أف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ترؾ التصريح بشيء أمر هللا بو أك هنى عنو فقد‬
‫مرؽ من الدين‪ .‬كُب الصحيح أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ ‪٢‬بذيفة رضي هللا تعأب‬
‫نيب بعدم كال رسوؿ"‪ .‬فانقطعت زايدة التكاليف اإل‪٥‬بية‬
‫النبوة كالرسالة قد انقطعتا فبل ٌ‬
‫عنو‪" :‬إ ٌف ٌ‬
‫كتبْب الفرض كالواجب كغّبٮبا‪ ،‬كقد كاف صلٌى هللا عليو‬ ‫ٗبوت الرسوؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ٌ ،‬‬
‫أحل هللا‬
‫كجل‪ ،‬كيقوؿ‪" :‬ا‪٢‬ببلؿ ما ٌ‬‫عز ٌ‬‫يتربأ من مرتبة التحليل كالتحر‪ٙ‬ب إالٌ أبم ور من هللا ٌ‬
‫كسلٌم ٌ‬
‫حرـ هللا" كبعد نزكؿ قولو تعأب‪ :‬ىم ٍن‬ ‫كا‪٢‬براـ ما ٌ‬
‫كجل‪،‬‬
‫عز ٌ‬ ‫كل ذلك أدب منو صلٌى هللا عليو كسلٌم مع ربٌو ٌ‬ ‫وؿ فىػ ىق ٍد أىطى ى‬
‫اع هللا (‪ٌ ،)14‬‬ ‫يي ًط ًع َّ‬
‫الر يس ى‬
‫ً‬
‫ككس ٍع على‬
‫أدبيػنىا معو صلٌى هللا عليو كسلٌم ال نزيد على ما ح ٌده لنا شيئا كاحدا‪ ،‬فافٍػ ىه ٍم ٌ‬ ‫ككذلك ى‬
‫كسع عليهم رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كاعتقد أ ٌف اإلنساف لو تقيٌد مع الوارد‬
‫األمة كما ٌ‬
‫ٌ‬
‫صرٰبا ُب الشريعة‪ ،‬كترؾ العمل ٔبميع ما كلده العلماء فبل حرج عليو كال لوـ‪ ،‬إالٌ إذا أ‪ٝ‬بعت‬
‫األمة عليو فإنٌو حينئذ ىٍٰب يريـ خرقو‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كيقاؿ ُب اآلخرة ‪٤‬بن كلد ُب أحكاـ الشريعة ما ليس منها‪ًٓ :‬بى ز ٍد ى‬
‫ت ُب أحكاـ شريعة نبيٌك ما ٓب‬
‫األمة منو صلٌى هللا عليو كسلٌم؟ أـ رسوؿ هللا صلٌى‬
‫ينزؿ بو من سلطاف؟ ىل أنت أعلم ٗبصاّب ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ً‬
‫بقي إالٌ‬ ‫كل ما أيمر بتبليغو؟ أـ ٓب يًؤمر بو؟ فإ ٍف قاؿ ٌ‬
‫ابألك ٍلْب كفر‪ ،‬فما ى‬ ‫هللا عليو كسلٌم ٓب يبلٌغ ٌ‬
‫الثالث‪ ،‬كىو أنٌو ٓب يؤمر بو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬شيء ٓب يؤمر بو رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫حٌب‬ ‫ً‬
‫كأمرت بو؟ فبل يزاؿ ُب التوبيخ ٌ‬
‫ى‬ ‫ىم شيء زدتىو‬
‫ألمتو‪ ،‬فىؤل ٌ‬
‫األمر بو ر‪ٞ‬بةن ٌ‬
‫كتر ىؾ ى‬ ‫عليو كسلٌم‪ ،‬ى‬
‫يود أنٌو ٓب يكن كلد ُب‬
‫ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪110‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫الشريعة حكما أىػ‪ً .‬‬
‫كمن ىنا بكى مالك إماـ دار ا‪٥‬بجرة ا‪٤‬بتقدـ ذكره رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كما ال تفرقة عندان بْب‬
‫ٍبٌ قاؿ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فبل تفرقة عندان بْب ٌ‬
‫األئمة فقد خاف هللا‬
‫فرؽ بْب ٌ‬
‫األنبياء كا‪٤‬برسلْب عليهم الصبلة كالسبلـ مع اإلٲباف‪ ،‬فمن ٌ‬
‫كل‬
‫األمة‪ ،‬كقد ذكر العلماء ُب كتب العقائد أنٌو ٯبب على ٌ‬
‫كرسولو‪ ،‬كفتح اباب من الظلم ‪٥‬بذه ٌ‬
‫رهبم‪ ،‬فاف ٓب يكن ذلك كشفا فإٲباان‪،‬‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب على ىدل من ٌ‬
‫إنساف أف يعتقد أ ٌف سائر ٌ‬
‫كمن نزؿ عن اإلٲباف قد خسر مع ا‪٣‬باسرين‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كاألمر‪ ،‬كما قاؿ‬
‫ي‬
‫كالسفيانْب‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الشافعي‪ ،‬كمالكا‪ ،‬كأاب حنيفة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ُب ‪ٝ‬بع ا‪١‬بوامع عاطفا على ما ٯبب اعتقاده‪ :‬كأ ٌف‬
‫رهبم‪.‬‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب على ىدل من ٌ‬
‫كأ‪ٞ‬بد‪ ،‬كاألكزاعي‪ ،‬كإسحاؽ‪ ،‬كداكد‪ ،‬كسائر ٌ‬

‫كُب الكوكب الساطع للسيوطي‪:‬‬


‫كالشافعي كمالك كا‪٢‬بنظل ‪ ...‬إسحاؽ كالنعماف كابن حنبل‬
‫كابن عيينة مع الثورم ‪ ...‬كابن جرير مع األكزاعي‬
‫األئمة ‪ ...‬على ىدل من رهبم كر‪ٞ‬بة‬
‫كالظاىرم كسائر ٌ‬
‫رهبم‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب على ىدل من ٌ‬
‫ألئمة كسائر ٌ‬
‫أم نعتق يد أ ٌف ىؤالء ا ٌ‬
‫كقاؿ السيوطي ُب شرحو‪ٌ :‬‬
‫ُب العقائد كغّبىا أىػ‪.‬‬

‫قاؿ دمحم بن عمر الغدامسي ُب كتاب العقائد لو‪ :‬قاؿ السيف اآلمدم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬ككاف‬
‫ا‪٤‬بسلموف عند موت النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم على عقيدة كاحدة‪ٓ ،‬ب يقع بينهم اختبلؼ إالٌ ُب‬
‫ظهر‬
‫مسائل اجتهادية ال توجب تكفّبا‪ ،‬كٓب يقع بينهم اختبلؼ ُب ا‪٤‬بسائل اإلعتقادية إٔب أ ٍف ى‬
‫يتشعب‬
‫نيػ ىفاةي القدر‪ ،‬كىو ٌأكؿ ا‪٣‬ببلؼ الناشئ ُب اإلعتقادايت‪ ،‬كٓب يزؿ ا‪٣‬ببلؼ ُب اإلعتقادايت ٌ‬
‫إٔب أ ٍف بلغ اختبلؼ أىل اإلسبلـ إٔب ثبلث كسبعْب فرقة كما أخرب بذلك رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم‪ ،‬كمراد النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ابفَباقهم إٔب‬
‫ثبلث كسبعْب فرقة إ ٌ٭با ىو اإلختبلؼ ُب العقائد الدينية‪ ،‬كاألصوؿ القطعية ‪٩‬بٌا يكوف ا‪٤‬بصيب‬
‫كل ‪٦‬بتهد فيها مصيبا‪،‬‬
‫فيها كاحدا إ‪ٝ‬باعا‪ ،‬ال اإلختبلؼ ُب اإلجتهاد ُب الفركع الظنٌية ‪٩‬بٌا يكوف ٌ‬
‫كمالك‪ ،‬كأيب حنيفة‪ ،‬كالشافعي‪ ،‬كأ‪ٞ‬بد‪ ،‬ىٍ ً‬
‫األئمة اجملتهدين‪ ،‬فكلٌهم على عقيدة‬
‫من ٌ‬ ‫ك‪٫‬ب ًوى ٍم ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪111‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاحدة ُب أصوؿ الدين‪ ،‬ككلٌهم على ما عليو النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كمذاىبهم كلٌهم ترجع‬
‫إٔب فرقة كاحدة كىي الناجية الٍب على ما عليو النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كأصحابو‪ ،‬جعلِب هللا‬
‫كإايكم من أىلها دنيا كأخرل أىػ‪.‬‬
‫ٌ‬

‫كُب إضاءة الدجنة‪:‬‬


‫كل إٔب هنج الصواب ىاد‬
‫كمالك كأىل اإلجتهاد ‪ٌ ...‬‬
‫كالشافعي كأيب حنيفة ‪ ...‬كأ‪ٞ‬بد ذم الرتب ا‪٤‬بنيفة‬
‫ٌ‬
‫ككلهم على ىدل من رهبم إْب البيت‪.‬‬
‫كُب جوىرة التوحيد‪:‬‬
‫األمة‬
‫األئمة ‪ ...‬كذا أبو القاسم ىداة ٌ‬
‫كمالك كسائر ٌ‬
‫فواجب تقليد ح ٍورب منهم ‪ ...‬كذا حكى القوـ و‬
‫بلفظ ييػ ٍف ىهم‬ ‫ى‬
‫أئمة‬
‫األئمة ا‪٤‬بعهودين‪ ،‬يعِب ٌ‬
‫أم ابقي ٌ‬ ‫كُب شرحو إ‪ٙ‬باؼ ا‪٤‬بريد‪ :‬كمالك بن أنس كسائر‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كأيب عبد هللا دمحم بن إدريس الشافعي رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كأيب حنيفة النعماف بن‬
‫اثبت‪ ،‬كأيب عبد هللا أ‪ٞ‬بد بن حنبل رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪.‬‬

‫السنٌة‪ ،‬أاب‬
‫إماما أىل ي‬
‫كاألكٔب جعل اؿ للكماؿ ليدخل الثورم‪ ،‬كابن عيينة‪ ،‬كاألكزاعي‪ ،‬خصوصا ى‬
‫ٍ‬
‫أم مثل ىمن ذكر ُب ا‪٥‬بداية كاستقامة الطريق‪ ،‬أبو‬
‫حسن األشعرم‪ ،‬كأاب منصور ا‪٤‬باتريدم‪ٌ ،‬‬
‫ألمة الٍب ىي خّب األمم‬
‫القاسم بن دمحم ا‪١‬بينىػ ٍيد‪ .‬فيجب أف يعتقد أ ٌف مالكا كمن ذكر معو يى ىداة ا ٌ‬
‫كل من ٓب يكن‬
‫كى ٍم خيارىا‪ .‬كبعدما ذكر من الصحابة كمن معهم‪ ،‬فواجب عند ا‪١‬بمهور على ٌ‬ ‫ي‬
‫أم األخذ ٗبذىب ىح ٍورب منهم ُب األحكاـ الفرعية ٱبرج من‬
‫فيو أىلية اإلجتهاد ا‪٤‬بطلق تقليد‪ٌ ،‬‬
‫عهدة التكليف بتقليد أيٌهم شاء‪.‬‬
‫األئمة بعد‬
‫كقد انعقد اإل‪ٝ‬باع على أ ٌف من قلٌد ُب الفركع كمسائل اإلجتهاد كاحدا من ىؤالء ٌ‬
‫‪ٙ‬ب ٌقق ظبط مذىبو بتوفٌر الشركط‪ ،‬كانتفاء ا‪٤‬بوانع‪ ،‬ب ًرئ ًمن عهدة التكليف ُب ما قلٌد فيو أىػ‬
‫يملى ٌخصان‪ .‬فلنىػعي ٍد إٔب كبلـ الشيخ الشعرا٘ب فنقوؿ قاؿ‪:‬‬
‫رهبم‪ ،‬كأ ٌف فً ىر ىؽ ‪ٝ‬بيع مذاىبهم‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب على ىدل من ٌ‬
‫كىذا األمر ػ يعِب اعتقاد أ ٌف سائر ٌ‬
‫ترجع إٔب فرقة كاحدة‪ ،‬كىي الناجية الٍب ما كاف عليو النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأصحابو ػ من أعسر األمور‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪112‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫شاىد‪ ،‬كرٗبا لو حبس أحد ا‪٤‬بقلٌدين ٗبذىب‬
‫معْب كما ىو يم ى‬
‫على من تقيٌد ٗبذىب ٌ‬
‫كل ىذا من كثرة ا‪١‬بهل‪،‬‬
‫‪٨‬بتلفتْب‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٍ‬ ‫كضرب ال ٱبرج عن ذلك ا‪٤‬بذىب إٔب غّبه كأهنٌما ُب ملٌ ٍتْب‬
‫‪٠‬بعت بعضهم يقوؿ‪ ،‬من ا‪٢‬بنيفة‪ :‬فإ ٍف قاؿ ا‪٣‬بصم كذا قلنا كذا‪ ،‬نعوذ ابهلل من الضبلؿ‪ ،‬فإ ٌف‬
‫بل ي‬
‫رهبم‬
‫أئمة ا‪٤‬بسلمْب على ىدل من ٌ‬ ‫عمهم ذلك‪ ،‬كتىراىم يقولوف سائر ٌ‬ ‫غالب ا‪٤‬بقلٌدين قد ٌ‬
‫اضطر إٔب العمل بقوؿ غّب إمامو يقوؿ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫أبلسنتهم فقط كتنفر نفوسهم من العمل أبقوا‪٥‬بم‪ ،‬كإذا‬
‫يقلٌد فبلان للضركرة من ابب‪ :‬الضركرات تبيح احملضورات‪ ،‬كأنٌو كقع ُب معصية‪ ،‬بل فعلو ىذا‬
‫ىو ا‪٤‬بعصية الكربل‪ ،‬فيجب عليو التوبة كاإلستغفار من ذلك‪.‬‬
‫األئمة على ىدل ما نفرت نفوسهم من العمل أبقوا‪٥‬بم أل ٌف ا‪٥‬بدل ال‬
‫فإ ٌهنم لو كانوا يعتقدكف أف ٌ‬
‫فتأم ٍل أىػ‪.‬‬
‫تنفر منو نفس مشاىدة أنٌو ىدل‪ٌ ،‬‬
‫أئمة‬ ‫ً‬
‫ك‪٠‬بعت سيٌدم ىعليِّا ا‪٣‬بواص رضي هللا تعأب يقوؿ‪ :‬إ ٌ٭با أبدل ٌ‬
‫ي‬ ‫كقاؿ ُب ميزاف الشريعة‪:‬‬
‫ا‪٤‬بذاىب مذاىبهم اب‪٤‬بشي على قواعد ا‪٢‬بقيقة مع الشريعة كاف إعبلما ألتٍػب ً‬
‫اعهم أبهنٌم كانوا‬‫ى‬
‫علماء ابلطريقتْب‪.‬‬
‫األئمة اجملتهدين عن الشريعة أبدا عند أىل الكشف‬
‫يصح خركج قوؿ من أقواؿ ٌ‬
‫ككاف يقوؿ‪ :‬ال ٌ‬
‫كالسنٌة‪،‬‬
‫يصح خركجهم عن الشريعة مع اطٌبلعهم على مواد أقوا‪٥‬بم من الكتاب ي‬ ‫قاطبة‪ ،‬ككيف ٌ‬
‫كمع الكشف الصحيح‪ ،‬كمع اجتماع ركح أحدىم بركح رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كسؤا‪٥‬بم‬
‫كل شيء يتوقف فيو من األدلٌة‪ :‬ىل ىذا من قولك اي رسوؿ هللا أـ ال؟ يقظة كمشافهة‬
‫ٌإايه على ٌ‬
‫ابلشركط ا‪٤‬بعركفة بْب أىل الكشف‪.‬‬
‫كل شيء فى ًه يموهي من الكتاب ي‬
‫كالسنٌة قبل أف‬ ‫ككذلك كانوا يسألونو صلٌى هللا عليو كسلٌم عن ٌ‬
‫يدكنوه ُب كتبهم كيدينوا هلل تعأب بو كيقولوف‪ :‬اي رسوؿ هللا قد فهمنا كذا من آية كذا‪ ،‬كفهمنا‬
‫ٌ‬
‫كذا من حديث كذا من قولك ُب ا‪٢‬بديث الفبل٘ب كذا‪ ،‬فهل ترتضيو أـ ال؟ كيعملوف ٗبقتضى‬
‫قولو كإشارتو‪ .‬كمن توقٌف فيما ذكرانه ًمن كشف األئمة ً‬
‫كمن اجتماعهم برسوؿ هللا صلٌى هللا‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬
‫األئمة اجملتهدكف أكلياء‬
‫قلت لو‪ :‬ىذا من ‪ٝ‬بلة كرامات األكلياء بيقْب‪ ،‬كإف ٓب يكن ٌ‬
‫عليو كسلٌم ي‬
‫كٕب أبدان‪.‬‬
‫فما على كجو األرض ٌ‬
‫األئمة اجملتهدين ُب ا‪٤‬بقاـ بيقْب أهنٌم كانوا‬
‫كقد اشتهر عن كثّب من األكلياء الذين يى ٍم دكف ٌ‬
‫ص ًٌدقهم أىل عصرىم على ذلك أىػ‪.‬‬ ‫ٯبتمعوف برسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كثّبا‪ ،‬كيي ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪113‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األئمة ااجملتهدين‪ ،‬كيضلٌل ىمن قلٌد بعضهم؟ ما‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يفرؽ بْب ٌ‬
‫ٍم يقْب‪ ،‬فكيف ٌ‬
‫قلت‪ :‬كمن ىعل ىم ىذا عل ى‬
‫ي‬
‫ذلك كهللا إالٌ ا‪١‬بهل الصراح‪ ،‬كعبلمة الطرد كاإلبعاد‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة كالعافية ُب الدين‬
‫كٕب التوفيق ًٗبىنًٌو‪.‬‬
‫كالدنيا كالربزخ كاآلخرة‪ ،‬كهللا تعأب ٌ‬
‫كقاؿ ُب العهود احملمدية‪:‬‬

‫األئمة عليو‪ ،‬كال تتع ٌد‬


‫تصرح الشريعة ٕبكمو‪ ،‬كٓب ي٘بمع ٌ‬‫بكل شيء ٓب ٌ‬
‫فقف اي أخي عن العمل ٌ‬ ‫ٍ‬
‫صرح بو‬‫صرحت بو الشريعة‪ ،‬كما أنو ال يؤاخذ الصحابة إالٌ ٗبا ٌ‬
‫فإ ٌف هللا ال يؤاخذؾ إالٌ ٗبا ٌ‬
‫كالسنٌة‪ ،‬كق ٌدر اي أخي نفسك أنٌك ُب زمن الصحابة كقبل كجود ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بذاىب‪ ،‬ىل كاف‬
‫القرآف ي‬
‫حت بو الشريعة؟ ككذلك القوؿ اآلف أىػ‪.‬‬ ‫صر ٍ‬
‫ا‪٢‬ب ٌق تعأب يؤاخذؾ إالٌ ٗبخالفة ما ٌ‬
‫كمن فى ًه ىم ذلك من كبلمنا ىذا‬
‫أ٘ب أمنع من التمذىب اب‪٤‬بذاىب‪ ،‬ى‬
‫كإايؾ أف تفهم ‪٩‬بٌا تق ٌدـ ٌ‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ي‬
‫فقد اندل اب‪١‬بهل كقًلٌة الفهم على رؤكس األشهاد‪ ،‬بل إ ٌ٭با ٍ‬
‫منعنا ادعاء كجوب اتٌباع بعضها دكف‬
‫سول بْب مذاىب األئمة مع‬ ‫ً‬
‫التعصب هبا اجملمع على حرمتو‪ ،‬كمن اإلنكار على ىمن ٌ‬
‫ٌ‬ ‫بعض من‬
‫أ ٌف التسوية بينها ابعتقاد أهنٌا كلٌها على ىدل كصواب كاجب على كل مؤمن كمؤمنة‪ً ،‬‬
‫كمن‬ ‫ٌ‬
‫دكف فيها مذاىب األئمة األربعة لعلمو أف‬
‫اإلنكار على من يعمل ٔبميع الشريعة احملمدية الٍب ٌ‬
‫األئمة‪ ،‬كلو بلغو‬ ‫ً‬
‫كل كاحد من ٌ‬ ‫من األحاديث الصحيحة ما ٓب يبلغ ٌ‬
‫األئمة عند ا‪٤‬بخطئة يصيبوف كٱبطئوف‪ ،‬كأ ٌف‬
‫لقاؿ بو كإف هللا أمر بو‪ٍ ،‬ب ‪ٝ‬بعت بعده‪ ،‬كإ ٌف ٌ‬
‫كأما‬
‫معْب‪ ،‬بل يصيب ُب كاقعة كاحدة كُب أخرل غّبه‪ٌ .‬‬ ‫ا‪٤‬بصيب ُب كل انزة كاحد‪ ،‬كأنٌو غّب ٌ‬
‫للتعصب كاإلنكار؟ فقد ذكر الشيخ الشعرا٘ب‬
‫ٌ‬ ‫بقيت‬
‫كأم فائدة ٍ‬
‫‪٤‬بصوبة فكلٌهم مصيبوف‪ٌ .‬‬
‫عند ا ٌ‬
‫ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫التبحر ُب علوـ الشريعة‪،‬‬
‫كل من ٓب يبلغ مرتبة ٌ‬‫أ ٌف سيٌدم عليٌا ا‪٣‬بواص رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬ك ٌ‬
‫فم ٍن الى ًزًم ًو الوقوعي ُب التديٌن ابآلراء الٍب ال يكاد يشهد هبا كتاب كال يسنٌة‪.‬‬
‫كمعرفة أدلٌة ا‪٤‬بذاىب ً‬

‫حٌب تكوف عارفا ُب ‪ٝ‬بيع‬‫شراحها‪ ،‬كاحفظ مقاالهتم ٌ‬ ‫فتبح ٍر اي أخي ُب علوـ الشريعة ككتب ٌ‬
‫ٌ‬
‫و‬
‫مذىب بقوؿ إمامو من‬ ‫ا‪٤‬بطهرة‪ .‬كرٌٗبا تديٌ ىن مقلٌ هد ُب‬
‫ا‪٤‬بذاىب ألهنٌا بعينها ىي ‪٦‬بموع الشريعة ٌ‬
‫بض ًٌد ذلك الرأم‪ ،‬ككقف مع مذىبو ففاتىوي العمل‬ ‫األحاديث ُب آخر ً‬
‫ي‬ ‫فصح ً‬
‫ت‬ ‫طريق الرأم ٌ‬
‫السنٌة‪.‬‬
‫ابألحاديث الصحيحة فأخطأ طريق ي‬
‫كقوؿ ً‬
‫بعض ا‪٤‬بقلٌدين " لوال أ ٍف رأل إمامي دليبل ما قاؿ بو " جحود كقصور‪ ،‬مع أ ٌف نفس‬ ‫كقاؿ‪ :‬ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪114‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تربأ من الرأم كهنى غّبه من ا ٌاتعو عليو اىػ‪.‬‬
‫إمامو قد ٌ‬
‫‪٧‬بل العمل برأم اإلماـ الذم ال يعرؼ لقولو سند ٌما‪،‬‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬ككاف أخي أفضل الدين يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫الظن بقولو‪ ،‬كنقوؿ‪ :‬لوال أنٌو رأل‬
‫إذا ما ٓب يطٌلع على دليل ٱبالف‪ ،‬فهناؾ ينبغي لنا إحساف ٌ‬
‫لقولو دليبل ماقالو‪ٌ .‬أما إذا اطٌلعت على دليل فلنا تقد‪ٙ‬ب العمل بو على قوؿ اجملتهدين إذا كاف‬
‫مثلنا من أىل النظر الصحيح‪ ،‬كٰبمل ذلك اإلٲباف على أنٌو ٓب يظفر بذلك الدليل اىػ‪.‬‬
‫صح‬ ‫ٍب قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت سيٌدم عليٌا النتيِب يقوؿ لفق وّب‪ٌ :‬إايؾ ايكلدم أف تعمل بر و‬
‫أم رأيتو ‪٨‬بالفا ‪٤‬با ٌ‬
‫األئمة كلٌهم قد تربٌؤكا ًمن أقوا‪٥‬بم إذا خالفت‬
‫ُب األحاديث كتقوؿ ىذا مذىب إمامي‪ ،‬فإف ٌ‬
‫شك‪ ،‬فما لك ال تقلٌدىم ُب ىذا القوؿ كتعمل ابلدليل‬ ‫السنٌة‪ ،‬كأنت مقلٌد ألحدىم ببل ٌ‬‫صريح ي‬
‫كما تقوؿ بقوؿ إمامك الحتماؿ أف يكوف لو دليل ٓب تطٌلع عليو أنت كذلك حٌب ال تعطٌل‬
‫العمل بواحد منهما‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫الزركقية‪:‬‬
‫كُب القواعد ٌ‬
‫العلماء َّ‬
‫مصدقوف فيما ينقلوف ألنو موكوؿ ألماانهتم‪ ،‬كفهمهم فيما يقولوف ألنٌو نتيجة عقو‪٥‬بم‪،‬‬
‫التبصر كالنظر طلبا للحق كالتحقيق‪ ،‬ال اعَباضا على القائل‬ ‫كالعصمة غّب اثبتة ‪٥‬بم فيلزـ ٌ‬
‫عرؼ أصلو إف غاب‬‫فهم كجهو أك ٓب يي ى‬ ‫كالناقل إف عيلً ىم ٍ‬
‫ت داينتو ككفور علمو‪ ،‬كسلٌم لو ما ٓب يي ى‬
‫كجوده إذ لعلٌو بناء على و‬
‫أصل ال علم لنا بو‪.‬‬

‫ب بو‪ٍ ،‬بٌ إف أتى ا‪٤‬بتأ ٌخر ٗبا ٓب ييسبىق إليو فهو على رتبتو‪ ،‬كال يلزمو القدح ُب‬ ‫ً‬
‫فإف حضر طيل ى‬
‫قاض برجوعو للحق عند بيانو لو‬ ‫ا‪٤‬بقدح‪ ،‬كال إساءة األدب معو‪ ،‬أل ٌف ما ثبت من عدالة ًٌ‬
‫ا‪٤‬بتقدـ و‬
‫أدل لنقص قولو مع حقيقتو ال أرجحيتو‪ ،‬إذ اإلحتماؿ مثبت لو‪ً ،‬‬
‫كمن ىٍبَّ‬ ‫‪٠‬بعو‪ ،‬فهو ملزكـ بو إف ٌ‬
‫فافهم اىػ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أئمةي متأ ٌخرم األمة ٌأكى‪٥‬با كٓب يكن قد حاَب كاحد منهم‪،‬‬ ‫خالف ٌ‬
‫ض ىحبلىالن طىيًٌبنا (‪)15‬‬ ‫َّاس يكليوا ً‪٩‬بَّا ًُب األ ٍىر ً‬
‫كُب الذىب اإلبريز عند قولو تعأب‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الن ي‬
‫‪:‬‬
‫ت بو العادة اليوـ ُب اإلمتناع من‬
‫كأما اإلعتماد على إماـ كاحد مطلقا ُب ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بسائل كما ىج ىر ٍ‬ ‫ٌ‬
‫كل قضية‬ ‫ً‬
‫ا‪٣‬بركج على مذىب مالك عند مقلٌديو فليس ٗبي ىخلٌص للورع‪ ،‬فبل ب ٌد من السؤاؿ ُب ٌ‬
‫تعرض إف كاف ُب الوقت أىل للسؤاؿ‪ ،‬فإ ٍف عي ًد ىـ فرٗبا يقبل عذره ُب البقاء على معتقده ُب‬
‫مقلٌده إف شاء هللا تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪115‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ش َّد يدؾ عليو فإنو نفيس‬
‫قلت‪ :‬إ ٌف ىذا الكبلـ من ىذا اإلماـ ىو فصل ا‪٤‬بقاؿ‪ ،‬فإنٌو عجيب‪ ،‬ف ي‬
‫ي‬
‫األئمة‪ ،‬ال كرع لو‬
‫من ٌ‬ ‫٘بمد على قوؿ إماـ كاحد‪ ،‬كال يعمل بقوؿ غّبه ى‬
‫ُب اببو‪ ،‬أل ٌف الذم ٌ‬
‫ا‪٤‬بتبحرين شيئا من‬
‫ابلضركرة‪ ،‬كال يكوف من فحوؿ العلماء أبدا ألنٌو ال يسأؿ أحدا من العلماء ٌ‬
‫آفات‪ ،‬ىم ًن اتٌصف بواحد منها ال يكوف ًم ٍن أكابر العلماء‬
‫أمور دينو‪ ،‬كال ٰبملو على ذلك إالٌ و‬

‫أبدا‪ ،‬منها ٌا‪ٚ‬باذ ا‪١‬بهل علما ألنٌو ال ٯبد مذىبا من مذاىب ٌ‬


‫األئمة إالٌ كتعَبيو نوازؿ ال ٯبد ‪٥‬با‬
‫نصا من كتب أىل ذلك ا‪٤‬بذىب‪ ،‬فإف ٓب يطلب علمها من‬
‫ٌ‬
‫غّب أىل ذلك ا‪٤‬بذىب‪ ،‬كبقي جاىبل هبا‪ ،‬فقد ا‪ٚ‬بذ ا‪١‬بهل علما‪ ،‬كقد تق ٌدـ أ ٌف الشافعي هنع هللا يضر‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫ما رأيت كأىل مصر! ا‪ٚ‬بذكا ا‪١‬بهل علما‪ ،‬ألهنٌم سألوا مالكا عن مسائل كقاؿ‪ :‬ال أعلمها‪ .‬فىػ يه ٍم‬
‫ال يقبلوهنا ‪٩‬بٌن يعلمها أل ٌف مالكا قاؿ‪ :‬ال أعلمها‪.‬‬

‫التكرب عن سؤاؿ غّبه لئبلٌ يقاؿ أنٌو ما سأؿ فبلان إالذ لكونو اعلم‪ ،‬فيَبؾ السؤاؿ لظنٌو‬
‫كمنها ٌ‬
‫علو ا‪٤‬برتبة ال ٲبنع التعلٌم أل ٌف ا‪٣‬بطأ من أصحاب ا‪٤‬براتب‬
‫أل ٌف السؤاؿ يسقط رائستو‪ ،‬كٓب يدر أ ٌف ٌ‬
‫العلوية أقبح‪ .‬كُب سراج ا‪٤‬بلوؾ‪:‬‬
‫أجل قدرا من أف يقبل أمر هللا‪ ،‬كال أرفع خطرا من‬
‫ليس أحد فوؽ أف يؤمر بتقول هللا‪ ،‬كال أحد ٌ‬
‫أف يتعلٌم حكم هللا‪ ،‬كال أعلى شأان من أف يتٌصف بصفات هللا‪ ،‬كمن صفاتو سبحانو العلم الذم‬
‫ض (‪ .)16‬كالكرسي العلم‪،‬‬ ‫السمو ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ات ىك ٍاأل ٍىر ى‬ ‫كصف بو نفسو‪ ،‬ك‪ٛ‬ب ٌدح بسعتو‪ :‬ىكس ىع يك ٍرسيُّوي َّ ى ى‬
‫كالكراسي ىم العلماء‪ ،‬كإذا كاف العلم فضيلة فرغبة ا‪٤‬بلوؾ كاألشراؼ كذكم االقدار كالشيوخ‬
‫فيو ٍأكٔب أل ٌف ا‪٣‬بطأ منهم أقبح‪ ،‬كاإلبتداء ابلفضيلة فضيلة‪.‬‬
‫كح ًك ىي ا ٌف إبراىيم بن ا‪٤‬بهدم دخل على ا‪٤‬بأموف كعنده ‪ٝ‬باعة يتكلٌموف ُب الفقو‪ ،‬فقاؿ‬
‫قاؿ‪ :‬ي‬
‫عم ماعندؾ فيما يقوؿ ىؤالء؟ قاؿ‪ :‬اي أمّب ا‪٤‬بؤمنْب شغلوان ُب الصغر كاشتغلنا ُب الكرب‪،‬‬‫لو‪ :‬اي ٌ‬
‫قاؿ ا‪٤‬بأموف‪ًٓ :‬بى ال تتعلٌم؟ فقاؿ‪ :‬أكٰبسن ‪٤‬بثلي طلب العلم؟ فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬كهللا ألف ‪ٛ‬بوت طالبا‬
‫للعلم خّب من أف تعيش قانعا اب‪١‬بهل‪ ،‬قاؿ‪ :‬كإٔب مٌب ٰبسن ُب طلب العلم؟ قاؿ‪ :‬ما حسنت‬
‫بك ا‪٢‬بياة‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬ككيف يستنكف ملك أك ذك منزلة عليٌة عن طلب العلم كىذا موسى‬
‫عليو السبلـ ار‪ٙ‬بل من الشاـ إٔب ‪٦‬بمع البحرين أقصى ا‪٤‬بغرب على ٕبر‬
‫ك ىعلىى أى ٍف تيػ ىعلًٌ ىم ًن‬
‫فلما ظفر بو قاؿ‪ :‬ىى ٍل أىتَّبًعي ى‬
‫الظلمات إٔب لقاء ا‪٣‬بضر عليو السبلـ ليتعلٌم منو؟ ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪116‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫نيب هللا‪ .‬كىذا دمحم رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كصفوتو‬ ‫ً‪٩‬بَّا عيلًٌ ٍم ى‬
‫ت ير ٍش ندا (‪ ،)17‬ىذا كىو ٌ‬
‫ب ًز ٍدً٘ب ًعل نٍما‬
‫من ‪ٝ‬بيع خلقو‪ ،‬قد أكصاه ربٌو كعلٌ ىموي كيف يستنزؿ ما ُب خزائنو فقاؿ‪ :‬ىكقي ٍل ىر ًٌ‬
‫(‪ .)18‬فلو كاف ُب خزائنو ما ىو أشرؼ من العلم لنبٌأه عليو‪.‬‬

‫خر آدـ ابلعلم‪ ،‬فقاؿ‬ ‫كىذا آدـ عليو السبلـ ‪٤‬با فىخر ً‬
‫لرهبا فى ى‬
‫ت ا‪٤‬ببلئكة بتسبيحها كتقديسها ٌ‬ ‫ى‬
‫فلما عجزت ا‪٤‬ببلئكة أمرىم ابلسجود لو‬ ‫ى‪٠‬بى ًاء ىى يؤىال ًء إً ٍف يك ٍنػتيم ً ً‬
‫هللا‪ :‬أىنٍبًئي ًو٘ب ًأب ٍ‬
‫ْب (‪ٌ ،)19‬‬ ‫صادق ى‬
‫ٍ ى‬
‫لب‪ ،‬كىذا فصل ا‪٣‬بطاب لً ىمن‬ ‫كل ذم ٌ‬
‫ٖبصلة تستدعي السجود ‪٢‬باملها‪ ،‬كأف يتنافس فيها ٌ‬
‫تدبٌر‪ .‬إٔب أف قاؿ‪ :‬ككاف أصحاب النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم يسألوف شيوخا ككهوال‬
‫كى ٍم ٕبور العلم‪ ،‬كأطواد ا‪٢‬بكمة‪ ،‬كمعادف الفقو‬
‫كالسنٌن ي‬
‫كأحدااث‪ ،‬ككانوا يتعلٌموف العلم كالقرآف ي‬
‫أىػ‪.‬‬
‫كمنها ا‪٢‬بياء من السؤاؿ لظنٌو أ ٌف العواـ تستهزئ بو فتسقط بو مركءتو كرائستو‪ .‬كُب سراج‬
‫ا‪٤‬بلوؾ‪:‬‬
‫ير ًك ى‬
‫م أ ٌف بعض ا‪٢‬بكماء رأل شيخا ٰبب النظر ُب العلم كيستحي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي ىذا أتستحي أف‬
‫تكوف ُب آخر عمرؾ أفضل ‪٩‬با كنت ُب أكلو؟ إىػ‪.‬‬
‫كقلت‪ :‬ككفى ىمن منعو ا‪٢‬بياء ًم ىن التعلٌم خسراان أف يكوف ٌأكؿ عمره خّبا من آخره أك مساكاي‬
‫كموت ىم ٍن ىذا حالو خّب من عمره إ ٍذ ال فائدة من عمر ال يزداد صاحبو فيو خّبا‪.‬‬
‫ي‬ ‫لو‪،‬‬
‫كمنها قًلٌةي األدب مع العلماء ا‪٤‬بتضلٌعْب مع ‪ٝ‬بيع العلوـ األصلية كالفرعية‪ ،‬معقو‪٥‬با كمنقو‪٥‬با‪،‬‬
‫شريعة كحقيقة‪ ،‬كما يقع ذلك لبعض من ي ٌدعي العلم من أىل العصر فييسيئوف األدب مع أكابر‬
‫العلماء‪ ،‬كٰبصل ‪٥‬بم مقت هللا كرسولو كالعياذ ابهلل‪ ،‬فيمقتهم العآب لذلك‪ ،‬كٲبسك عنهم العلوـ‬
‫الٍب ىم َّن هللا هبا عليو مكافأة ‪٥‬بم بسوء أدهبم‪ .‬كُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود‪:‬‬
‫ت علينا العهود أف أنمر إخواننا أف ال يدخلوا على فقيو كال عآب إالٌ كميزاف عقلهم‬ ‫أً‬
‫يخ ٌذ ٍ‬
‫مكسور‪ ،‬فكيف ٗبن يدخل على عآب أك فقّب ‪٩‬بتحنا لو كذلك ألجل أف ٲبنحهم ذلك العآب من‬
‫علمو‪ ،‬كيتص ٌدؽ عليهم بتعليمهم ابلدقائق الٍب اطٌلع عليها ُب الشريعة‪ ،‬كانقدحت لو بعد طوؿ‬
‫ا‪٤‬بطالعة كالسهر كالتعب‪ .‬فمن دخل على عآب أك صاّب ‪٩‬بتحنا لو ٓب ٱبرج إالٌ ‪٩‬بقوات كالعياذ ابهلل‬
‫تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪117‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقد كاف اإلماـ عبد هللا األدك٘ب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ‪٨‬بصوصا ُب عصره بدقائق العلوـ الغامضة‪،‬‬
‫ككانت اجملالس تعقد فبل يعرؼ أحد من العلماء ا‪٢‬باضرين ‪٤‬با حصل ُب تلك اجملالس من ا‪٤‬بسائل‬
‫أجوبة إالٌ ىو‪ ،‬فكانوا يقيموف عليو ا‪٢‬بجج كىو قادر على ا‪٣‬بركج كالتخلٌص من اعَباضاهتم فلم‬
‫كل ذلك لئبلٌ يفيدىم‪ ،‬ككاف يقوؿ‪ :‬أان ال أفيد العلم إالٌ من إذا‬
‫يفعل‪ ،‬كيقوـ من اجملالس مغلواب‪ٌ ،‬‬
‫أفدتو فائدة ٲبكث طوؿ عمره ٱبدمِب كال يرل أنٌو كافأ٘ب عليها أىػ‪.‬‬
‫ب الدنيا الذم يص ٌد بعض ا‪١‬بهلة كعلماء السوء عن النهوض إٔب مصاحبة علماء‬
‫كمنها يح ٌ‬
‫كيزىدىم ُب العلم‪ ،‬كيص ٌدىم عن التعلٌم‪ ،‬كيرغٌبهم‬
‫اآلخرة ا‪٤‬بتضلٌعْب ابلعلوـ كأسرارىا كدقائقها‪ٌ ،‬‬
‫تزكج نساء‪،‬‬ ‫ً‬
‫عما سواىا‪ ،‬كتنصرؼ ٮبٌتهم بذلك إٔب ‪ٝ‬بع متاعها‪ ،‬من ٌ‬ ‫ُب الدنيا‪ ،‬كيصرفهم ٌ‬
‫حب الراحة‪ ،‬كتكثّب ا‪٤‬بناـ‪.‬‬ ‫ً‬
‫كيورثو ما ذيك ىر ٌ‬
‫كمقارنة أحباب‪ ،‬كاكتساب أمواؿ‪ٌ .‬‬
‫تبحركا ُب علم الشريعة‪ ،‬كعلًموا معقو‪٥‬با كمنقو‪٥‬با‪ ،‬كمنطوقها‬
‫كمنها فىػ ٍق يد ا‪٤‬بشايخ الذين ٌ‬
‫كنصها كظاىرىا‪ ،‬كمبينها ك‪٦‬بملها كمشَبكها‪،‬‬ ‫كعامها‪ ،‬كمطلقها كمقيٌدىا‪ٌ ،‬‬
‫كخاصها ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كمفهومها‪،‬‬
‫كتبحركا ُب علوـ الببلغة‬
‫كتبحركا ُب لغة العرب ‪٫‬بوا كتصريفا كاشتقاقا‪ٌ ،‬‬
‫كانسخها كمنسوخا‪ٌ ،‬‬
‫التصوؼ ‪ٚ‬بلٌقا‬
‫ٌ‬ ‫كتبحركا ُب علم‬
‫حٌب عرفوا ‪٦‬بازاهتا كاستعاراهتا ككناايهتا ك‪٧‬بسناهتا كغّب ذلك‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫كتبحركا ُب علوـ ا‪٢‬بديث‪ ،‬كُب علوـ التفسّب‪ ،‬إٔب غّب ما ذكر من العلوـ الٍب ال نطيل‬
‫ك‪ٙ‬ب ٌققا‪ٌ ،‬‬
‫بذكرىا‪.‬‬

‫ظن بعض ىم ٍن ال قى ىد ىـ لو ُب‬ ‫ً‬


‫ا‪٤‬بتبحركف ال يك َّمل ُب مرتبة العلم ُب بلد أك أرض ٌ‬
‫كإذا فيق ىد ا‪٤‬بشائخ ٌ‬
‫العلم أنٌو ًمن العلماء فيي ٍح ىريـ ًم ىن التعلٌم‪ ،‬كما ىو شأف بعض من ا ٌدعى العلم من أىل العصر‪،‬‬
‫تشوؽ طالب العلم إٔب أف يقاؿ أ ٌف فبلان حصل لو كثّب من‬ ‫فيبقى ُب ظلمات ا‪١‬بهل‪ .‬كمنها ٌ‬
‫العلوـ فيكثر درسو‪ ،‬كيطلب من معلٌمو كأستاذه أف يدرسو ُب ‪٦‬بلس كاحد مثل ما يدرس غّبه‬
‫ُب ‪٦‬بالس كثّبة‪ ،‬فيتعب نفسو كشيخو من غّب طائل ٰبصل لو‪.‬‬
‫كالفرؽ بْب ىذه اآلفة كاآلفة األكٔب أ ٌف تلك ُب الذم ال يسأؿ إالٌ‬
‫كمنها ٍتر يؾ سؤاؿ ا‪٤‬بشائخ‪ٍ .‬‬
‫عرفت الفرؽ بينهما فاعلم أنٌو ال‬
‫ى‬ ‫علماء مذىب إمامو‪ ،‬كىذه ُب الذم ال يسأؿ مطلقا‪ .‬كإذا‬
‫مانع ‪٤‬بن ي ٌدعي العلم من سؤاؿ العلماء إالٌ ا‪١‬بهل الصراح ألنٌو لو كاف من العلماء ا‪٤‬بطٌلعْب لى ىعلً ىم‬
‫نص ُب‬
‫نص على أحكامها ُب مذىبو‪ ،‬أك يوجد ‪٥‬با ٌ‬ ‫أ ٌف كثّبا من النوازؿ كا‪٢‬بودث ال يوجد ‪٥‬با ٌ‬
‫مذىبو كلكنٌو ال يعتمد عليو لكونو ابطبل أك ضعيفا‪ٌ ،‬إما لشذكذ أك لضعف مدركو‪ ،‬أك ‪٤‬بخالفتو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪118‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫نص يعتمد‬
‫األصوؿ أك القواعد أك اإل‪ٝ‬باع‪ ،‬أك يوجد ‪٥‬با ٌ‬
‫عليو كلكنو ال قدرة لو على تناكلو من أماكنو‪ٌ ،‬إما لعدـ كجود ا‪٤‬بلكة كسوء فهمو‪ ،‬أك لقصور‬
‫ًً‬
‫اطٌبلعو لقلَّة ما عنده من الركاية كالدراية من دكاكين العلماء كأمهات ا‪٤‬بذاىب الٍب ىي ٌ‬
‫ا‪٤‬بدكنة‪،‬‬
‫كالعتبية‪ ،‬كاجملموعة‪ ،‬كالواضحة‪ ،‬كغّبىا من كتب علماء ا‪٤‬بذىب متوان كشركحا‪ ،‬كتبصرة‬
‫اللٌخمي‪ ،‬كالبياف كالتحصيل البن رشد‪ ،‬كجواىر ابن شاس‪ ،‬ك‪٫‬بوىا من دكاكين الفقو‪.‬‬

‫فكيف يزعم من ٓب يكن عنده إالٌ بعض ‪٨‬بتصرات‪ ،‬كرسالة ابن أيب زيد‪ ،‬ك‪٨‬بتصر الشيخ خليل‪،‬‬
‫جزم‪ ،‬مع أهنٌا إ ٌ٭با صنٌفاىا مصنٌوفها ليبتدئ هبا الطلبة ليكوف‬
‫ك‪ٙ‬بفة ا‪٢‬ب ٌكاـ‪ ،‬كقوانْب ابن ٌ‬
‫ا‪٤‬بطوالت‬
‫‪ٙ‬بصيلها كفهم معا٘ب ما فيها عوان ‪٥‬بم على فتح الباب الذم يدخلوف منو إٔب تعلٌم ٌ‬
‫كل ما ٓب يذكر ُب تلك ا‪٤‬بختصرات‬
‫كاألمهات كغّبىا‪ ،‬أك يكوف من بعض علماء ا‪٤‬بذىب كإ ٌف ٌ‬
‫ٌ‬
‫عنده ليس من ا‪٤‬بذىب‪ ،‬كما مثل ىذا إالٌ كمن قاؿ ليس ُب مذىب مالك إالٌ الصبلة أل ٌف‬
‫األخضرم عآب من علماء ا‪٤‬بذىب‪ ،‬كلو كاف غّب الصبلة ُب مذىب مالك لى ىذ ىك ىرهي كما‬
‫كا‪٢‬بج أل ٌف ابن عاشر ما‬
‫ٌ‬ ‫ذى ىك ىر الصبلة‪ ،‬أك كمن يقوؿ ليس ُب مذىبو إالٌ الصبلة كالزكاة كالصوـ‬
‫كل ما ٓب يذكر ُب األجركمية‬
‫ذكر ُب منظومتو ا‪٤‬برشد ا‪٤‬بعْب إالٌ ىذه ا‪٤‬بذكورات‪ ،‬أك كمن يقوؿ ٌ‬
‫كل ما ٓب يذكر ُب األربعْب النوكية‬ ‫كُب خبلصة ابن مالك ليس من علم النحو‪ ،‬أك كمن يقوؿ ٌ‬
‫التصوؼ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫كل ما ٓب يذكر ُب ا‪٢‬بً ىك ًم العطائية ليس من علم‬ ‫ليس من ا‪٢‬بديث‪ ،‬أك كمن يقوؿ ٌ‬
‫ت‪ ،‬كما ابتى ىدأى هبا‬‫كىكذا يقاؿ ُب سائر العلوـ كٓب ي ٍد ًر ىذا ا‪١‬بهوؿ أ ٌف ىذه ا‪٤‬بختصرات ما أيلًٌىف ٍ‬
‫كل ا‪٤‬بطلوب كلكنٌها تي ًعْب ا‪٤‬ببتدئْب‬
‫ا‪٤‬ببتدئوف ‪١‬بمعها ٌ‬
‫على التعلٌم لً ىما سواىا‪ .‬قاؿ ُب ألفية السند‪:‬‬
‫كأفضل العلوـ علم يقَبب ‪ ...‬بو الفٌب من ربو فما ٯبب‬
‫فليبذؿ ا‪١‬بهد ٗبا يزيد ‪ ...‬نور ا‪٥‬بدل ُب كل ما يريد‬
‫فإ ٌف أنواع العلوـ ‪ٚ‬بتلط ‪ ...‬كبعضها بشرط بعض مرتبط‬
‫كل فى وٌن أحسن ٍو‬ ‫ً‬
‫فما حول الغاية ُب ألف سنة ‪ ...‬شخص فى يخ ٍذ من ٌ‬
‫ًًٕب ٍف ًظ م و‬
‫ًب جام وع للراجح ‪ ...‬أتخ يذهي على مفيد انصح‬
‫ٍبٌ مع الفرصة فإبث عنو ‪ ...‬ح ٌقق كدقٌق ما استم ٌد منو‬
‫الكمل‪،‬‬
‫كبث العلم كنشره قبل بلوغو مرتبة العلماء ٌ‬ ‫كمنها ‪٧‬ببٌة التص ٌدر للتعليم كالتدريس‪ٌ ،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪119‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل ما يسئً ىل عنو من غّب علم فيفتضح دنيا كأخرل‪.‬‬
‫فيج ُّره ذلك إٔب ترؾ التعلٌم‪ ،‬كإٔب جواب ٌ‬ ‫ي‬
‫كُب أل ًٍفيى ًة السند‪:‬‬
‫فالتمس العلم كأ ً‬
‫ى‪ٝ‬ب ٍل ُب الطلب ‪ ...‬كالعلم ال ٰبصل إالٌ ابألدب‬ ‫ً ى‬
‫القوؿ بعض ً‬
‫ا‪٤‬بقت‬ ‫ً‬
‫الصمت ‪ ...‬ففي كث ًّب ً‬ ‫األدب النافع يح ٍس ين‬
‫بقيت‬
‫حييت ‪ ...‬مقاران ‪ٙ‬بم يد ما ى‬
‫ى‬ ‫فكن ٕبسن الصمت ما‬
‫ت بْب أانس مسأل ٍو ‪ ...‬معركفة ُب العلم أك مفتعل ٍو‬ ‫كإف ب ىد ٍ‬
‫غّبؾ فيو انطقا‬
‫فبل تكن إٔب ا‪١‬بواب سابقا ‪ ...‬حٌب ترل ى‬
‫وؿ سابق ‪ً ...‬من غّب فىػ ٍه وم اب‪٣‬بطأ انطق‬
‫أيت ًمن ىع يج و‬
‫فكم ر ي‬
‫أ ٍزىرل بو ذلك ُب اجملالس ‪ ...‬بْب ذكم األلباب كالتنافس‬
‫الصمت فاعلم لك حقا أزين ‪ ...‬إف ٓب يكن عندؾ علم متقن‬
‫كقل إذا أعياؾ ذاؾ األمر ‪ ...‬ما ٕب فيما تسأؿ عنو خرب‬
‫فذاؾ شطر العلم عند العلما ‪ ...‬كذاؾ ما زالت تقوؿ ا‪٢‬بكما‬
‫خطئك‬
‫ى‬ ‫أيك ‪ ...‬كاحذر جواب القوؿ من‬ ‫ٌإايؾ كالعي ٍجب بفضل ر ى‬
‫الصمت مع السبلم ٍو‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫فاغتنم‬ ‫و‬
‫جواب أعقب الندام ٍو ‪...‬‬ ‫كم من‬
‫عم أىل العصر‪ ،‬إالٌ من عصمو هللا تعأب‪ ،‬كىو أف ي ٌدعي اإلقتناع‬
‫كمنها الداء العضاؿ الذم ٌ‬
‫بعلمو كيزىد ُب علم غّبه من العلماء‪ ،‬كيزعم أ ٌف ما عنده من العلم يكفيو فبل ٰبتاج مع علمو‬
‫نيب هللا‬
‫سؤاؿ غّبه كال التعلٌم منو‪ ،‬بل كال ٰبتاج إٔب اإلستزادة من العلم أصبل‪ ،‬كأنٌو ما ‪٠‬بع قوؿ ٌ‬
‫ك ىعلىى أى ٍف تيػ ىعلًٌ ىم ًن ً‪٩‬بَّا عيلًٌ ٍم ى‬
‫ت ير ٍش ندا (‪.)21‬‬ ‫موسى للخضر عليهما السبلـ‪ :‬ىى ٍل أىتَّبًعي ى‬
‫كل جاىل‬ ‫ً‬
‫شك أ ٌف ىذا أجهل من ٌ‬ ‫نيب هللا ككليمو فكيف بغّبه؟! كال ٌ‬ ‫ص ىد ىر من ٌ‬‫كإذا كاف ىذا ى‬
‫غّبه تق ٌدـ أك أت ٌخر حيث استغُب عن زايدة ما أمر هللا رسولو صلٌى هللا عليو كسلٌم بسؤاؿ الزايدة‬
‫ب ًز ٍدً٘ب ًعل نٍما (‪ .)21‬كلوال ‪ٞ‬باقتو كسفهو كجنونو كش ٌدة جهلو لعلم أ ٌف ما‬ ‫منو بقولو‪ :‬ىكقي ٍل ىر ًٌ‬
‫رب العا‪٤‬بْب‪ :‬كما أكتيتم من العلم إالٌ قليبل (‪،)22‬‬ ‫عنده من العلم قليل إ ٍف كاف م ً‬
‫بقوؿ ٌ‬ ‫ص ٌدقا ٍ‬ ‫ي ى‬
‫كل ذم علم عليم (‪ ،)23‬كتق ٌدـ أ ٌف أصحاب النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬ ‫كبقولو تعأب‪ :‬كفوؽ ٌ‬
‫كانوا يسألوف شيوخا ككهوال كأحدااث‪ ،‬ككانوا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪120‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالسنن ىك يى ٍم يٕبور العلم كأطواد ا‪٢‬بكمة كمعادف الفقو‪ ،‬كما مثل ىذا مع‬
‫يتعلٌموف العلم كالقرآف ي‬
‫فلما أكملو أقبل ينكر على من‬
‫فحوؿ العلماء إالٌ كمثل ىمن تعلٌم كتاب األخضرم ُب الصبلة‪ٌ ،‬‬
‫ٰبل لو ػ أم ا‪٤‬بكلٌف ػ‬
‫كاحتج ٗبا فيو‪ ،‬كال ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يتعبٌد هللا أبشياء ٓب يذكرىا األخضرم ُب ذلك التأليف‬
‫علم ‪٧‬بتاج إليو ا‪٤‬بكلٌف ُب تصحيح العبادة‬
‫أف يفعل فعبل حٌب يعلم حكم هللا فيو‪ ،‬كلو بقي ه‬
‫لى ىذ ىك ىرهي‪.‬‬
‫كذبت‪ ،‬فإ ٌف ابن عاشر ذكر فيو ما ٓب يكن ُب‬ ‫ى‬ ‫شك أ ٌف من كاف عا‪٤‬با اب‪٤‬برشد ا‪٤‬بعْب يقوؿ لو‪:‬‬
‫كال ٌ‬
‫كتاب األخضرم‪ ،‬كإف قاؿ ىو أيضا ال مزيد على ما ُب ا‪٤‬برشد ا‪٤‬بعْب لًىق ٍوًؿ انظمو‪:‬‬
‫ُب عقد األشعرم كفقو مالك ‪ ...‬كُب طريقة ا‪١‬بنيد السالك‬
‫كذبت‪ ،‬أل ٌف ُب رسالة ابن أيب زيد‬
‫ى‬ ‫شك أ ٌف من كاف عا‪٤‬با ٗبا ُب رسالة ابن أيب زيد يقوؿ لو‪:‬‬
‫فبل ٌ‬
‫كثّبا ‪٩‬بٌا ٓب يكن ُب ا‪٤‬برشد‪ .‬كإف ىو أيضا قاؿ ال يشتغل إالٌ ٗبا ُب الرسالة ألنٌو قاؿ‪:‬‬
‫فإنٌك سألتِب أف أكسب لك ‪ٝ‬بلة ‪٨‬بتصرة من كاجب أمور الدايانت ‪٩‬بٌا تنطق األلسنة‪ ،‬كتعتقده‬
‫فأجبتك إٔب ذلك‬
‫ى‬ ‫األفئدة‪ ،‬كتعملو ا‪١‬بوارح إٔب أف قاؿ‬
‫شك أ ٌف من كاف عارفا ٗبا‬
‫يدؿ على أ ٌف ما فيها ييغِب السائل كا‪٤‬بسؤكؿ ‪٥‬بم عن غّبه‪ ،‬فبل ٌ‬
‫‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫كذبت‪ ،‬أل ٌف كثّبا من مسائل الرسالة قد عقد الشيخ خليل ُب‬
‫ى‬ ‫ُب ‪٨‬بتصر الشيخ خليل يقوؿ لو‪:‬‬
‫لكل مسألة منها اباب أك أبوااب‪ ،‬أك فصبل أك فصوال‪ٍ ،‬بٌ إنٌو أيضا إف زعم أ ٌف ال مزيد على‬
‫‪٨‬بتصره ٌ‬
‫ما ذكره الشيخ خليل ُب ‪٨‬بتصره لقولو ُب خطبتو‪:‬‬
‫كبعد‪ ،‬فقد سألتِب ‪ٝ‬باعة أابف هللا ٕب ك‪٥‬بم معآب التحقيق‪ ،‬كسلك بنا كهبًً ٍم أنفع طريق‪٨ ،‬بتصرا‬
‫فأجبت سؤا‪٥‬بم‬
‫ي‬ ‫على مذىب اإلماـ مالك بن أنس ر‪ٞ‬بو هللا تعأب مبيٌنا ‪٤‬با بو الفتول‪،‬‬
‫‪،‬‬

‫ا‪٤‬بعوؿ عليها إالٌ ذ ىكرىا فيو‪ ،‬فبل‬


‫كىذا ينبئ على أنٌو ٓب يى ىدع شيئا من ا‪٤‬بسائل الفرعية احملتاجة ٌ‬
‫كا‪٤‬بطوالت ٌأمهات‬
‫ٌ‬ ‫شك أ ٌف من كاف مطٌلعا على كثرة الكتب ا‪٤‬بؤلٌفة ُب ا‪٤‬بذىب من ا‪٤‬بختصرات‬
‫كذبت‪ ،‬فإ ٌف ىذا ا‪٤‬بختصر مع عموـ نفعو‬
‫ى‬ ‫ا‪٤‬بذىب كغّبىا‪ ،‬متوان كشركحا كحواشي‪ ،‬يقوؿ لو‪:‬‬
‫كجبللة قدره ابلنسبة إٔب غّبه من كتب ا‪٤‬بذىب كنسبة نقطة إٔب‬
‫البحر‪ ،‬إ ٍذ ليس ُب ا‪٤‬بختصر ابب أك فصل إالٌ ىو كتاب أك كتب ُب بعض ا‪٤‬بصنٌفات‪ٍ .‬بٌ إنٌو‬
‫أيضا إف زعم أف ال مذىب ييسلىك بو إٔب هللا كإٔب رسولو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم إالٌ مذىب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪121‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ك إٔب هللا بغّبه فإنٌو ليس على‬
‫كاحد‪ ،‬كىو مذىب إمامو الذم قلٌده ُب الفركع كزعم أف ىمن ىسلى ى‬
‫شك أ ٌف ىمن‬
‫كيتعصب لذلك ا‪٤‬بذىب الذم ىو فيو‪ ،‬فبل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫صواب‪ ،‬بل آٍب كفاعل ما ال ينبغي‪،‬‬
‫األئمة األربعة‪ ،‬كعلى سعة اطٌبلعهم ُب الفركع الشرعية كلٌها أك على دقٌة‬
‫كاف مطٌلعا على فضل ٌ‬
‫كح ٍس ًن استنباطهم‪ ،‬كعلى‬
‫كالسنٌة‪ ،‬ي‬
‫نظرىم‪ ،‬كغزارة معرفتهم ابلكتاب ي‬
‫عدك هللا‪ٍ .‬بٌ‬
‫كذبت اي ٌ‬
‫ى‬ ‫فضل مذاىبهم‪ ،‬كعلى أهنٌا كلٌها موصلة إٔب هللاٌ تعأب كرسولو‪ ،‬يقوؿ لو‪:‬‬
‫كل‬
‫شك أ ٌف ٌ‬ ‫كل مذىب غّب ا‪٤‬بذاىب األربعة ليس بشيء‪ ،‬كغّب معت ٌد بو‪ ،‬فبل ٌ‬ ‫ىذا إ ٍف زعم أ ٌف ٌ‬
‫األمة‪ ،‬ككاف مطٌلعا على بلوغهم ا‪٤‬برتبة‬
‫ىمن كاف لو أدٗب علم كمعرفة أبحواؿ ‪ٝ‬بيع ‪٦‬بتهدم ىذه ٌ‬
‫القصول ُب العلم ابهلل‪ ،‬كبصفاتو‪ ،‬كأ‪٠‬بائو‪ ،‬كبرسلو‪ ،‬كأبحواؿ رسلو كسّبىم‪ ،‬كأبحواؿ اليوـ‬
‫اآلخر كما بعده‪ ،‬كأطٌلع على ش ٌدة خوفهم من هللا‪ ،‬كعلى ش ٌدة اتٌباعهم ‪٤‬با جاء بو رسوؿ هللا‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كش ٌدة اجتناهبم عن ‪ٝ‬بيع ما أ ً‬
‫يحدث من‬

‫كالسنٌة‪ ،‬كاطٌلع‬
‫البدع الشيطانية‪ ،‬كالعوائد الذميمة‪ ،‬كاطٌلع على سعة اطٌبلعهم أبسرار الكتاب ي‬
‫على كثرة علومهم الٍب ال يطٌلع عليها إالٌ يى ٍم‪ ،‬ال سيما ‪٦‬بتهدم التابعْب‪ ،‬فضبل عن ‪٦‬بتهدم‬
‫كذبت‪ ،‬ككيف ال كىذه الشريعة جاءت على‬
‫ى‬ ‫الصحابة رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬يقوؿ لو‪:‬‬
‫ثبل‪ٜ‬بائة كثبلث عشرة طريقة‪ ،‬ليس منها طريقة يلقى العبد هبا ربٌو إالٌ دخل ا‪١‬بنٌة‪ ،‬كما سيأٌب ُب‬
‫الفصل الذم بعد ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب‪.‬‬
‫إدعاء العلم إالٌ لغرض شرعي فضبل عن‬
‫لكمل العلماء‪ ،‬كأكابر الفضبلء ٌ‬
‫كهبذا تعلم أنٌو ال ينبغي ٌ‬
‫ا ٌدعاء اإلستغناء ٗبا علم‪ ،‬كعدـ اإلحتياج إٔب سؤاؿ أحد من العلماء‪.‬‬
‫كُب شبهة السماع‪:‬‬
‫أم من األدب الذم ٯبتمع للمتٌصف بو خصاؿ ا‪٣‬بّب ػ الفرار من دعول العلم‪ .‬كُب‬
‫كمنو ػ ٌ‬
‫أم بغّب غرض شرعي‪ ،‬كذلك أل ٌف دعواه لغّب غرض شرعي ٰبصل بو‬
‫شرحو كشف القناع‪ٌ :‬‬
‫ا‪٤‬بقت‪.‬‬
‫أقرىا على ذلك‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فمن ٌ‬‫علي ا‪٣‬بواص‪ٌ :‬إايؾ أف تيق ٌر النفس على دعول العلم‪ ،‬ى‬
‫كمن كبلـ سيٌدم ٌ‬
‫أقرىا على الرايء كالفخر‪ ،‬كال ٱبفي ما فيهما من ا‪٤‬بقت كالطرد‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫فقد ٌ‬
‫كقد كقع للحسن البصرم أنٌو قاؿ يوما ألىل ‪٦‬بلسو‪ ،‬ككاف فيو ‪ٟ‬بسمائة ‪٧‬بربة تكتب عنو‪:‬‬
‫ال تسألوا عن علم نزؿ من السماء إالٌ أخربتكم بو‪ .‬كقاؿ شاب ‪٫‬بيف ا‪١‬بسم يتوٌكأ على عصا‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪122‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كخر مغشيٌا عليو ٍبٌ مات بعد‬
‫ىل للناموسة ُب بطنها مصراف كفرث؟ فما درل ا‪٢‬بسن ما يقوؿ‪ٌ ،‬‬
‫ثبلثة ٌأايـ‪.‬‬
‫مرة البحر‪ ،‬فهاجت ريح شديدة فهاج البحر‪ ،‬فقاؿ‬
‫ككقع للشيخ ‪٧‬بي الدين بن العريب أنٌو ركب ٌ‬
‫لو‪:‬‬

‫طلعت ىائشة عظيمة كقالت‪ :‬اي‬


‫ٍ‬ ‫ٗبجرد قولو‪ٍ ،‬بٌ‬
‫أسكن فإ ٌف عليك ٕبرا من العلم‪ ،‬فسكن البحر ٌ‬
‫ٍ‬
‫قلت كإالٌ فأنت جاىل ال‬
‫أجبت عنها فأنت ٕبر كما ى‬
‫ى‬ ‫‪٧‬بي الدين‪ ،‬أسألك عن مسألة كاحدة فإف‬
‫ينبغي لك دعول علم‪ ،‬فقاؿ ‪٥‬با‪ :‬كما ىي؟ قالت‪ :‬إذا ىمسخ هللا زكج امرأة ىل تعت ٌد ع ٌدة األحياء‬
‫أـ ع ٌدة األموات؟ فسكت الشيخ‪ ،‬فقالت لو ا‪٥‬بائشة‪ :‬أقوؿ لك عليها كأكوف من ‪ٝ‬بلة‬
‫ت ع ٌدة األحياء‪ ،‬كإ ٍف يم ًس ىخ ‪ٝ‬بادا إعت ٌد ٍ‬
‫ت‬ ‫أشياخك؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬فقالت‪ :‬إ ٍف يم ًس ىخ حيوان إعت ٌد ٍ‬
‫ع ٌدة األموات‪.‬‬
‫فم ٍن ذلك اليوـ ما يً‪٠‬ب ىع من الشيخ ‪٧‬بي الدين دعول علم كال معرفة‪.‬‬ ‫ً‬
‫ككقع لبعضهم أنٌو خطر لو أنٌو صار من أىل العلم‪ ،‬فسألو إنساف ُب ا‪٢‬باؿ‪:‬‬
‫من أطوؿ ا‪٤‬ببلئكة عمرا؟ كىل يخلًقوا ‪ٝ‬بلة كاحدة أك على التدريج؟ فسكت كاستغفر‪.‬‬
‫ككاف سيٌدم أفضل الدين يقوؿ‪:‬‬
‫ط أنٌو من العلماء أىػ‪.‬‬
‫من نظر ُب علوـ السلف الصاّب ىح ىك ىم على نفسو اب‪١‬بهل كٓب ‪ٙ‬ب ٌدثٍو ق ٌ‬
‫قلت‪ :‬كسيأٌب ُب الفصل العاشر من ىذا الكتاب أ ٌف عبد الوىاب الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‬
‫أكدع ُب كتابو " تنبيو األغبياء على نقطة من نقطة من ٕبر علوـ األكلياء "‬
‫‪:‬‬
‫كل علم منها ال يدرؾ لو قعر‪ ،‬كأ ٌف الشيخ إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب أخرج من‬
‫أحدا كسبعْب ألف علم‪ٌ ،‬‬
‫سورة الفا‪ٙ‬بة مائٍب ألف علم كسبعة كأربعْب ألف علم كتسعمائة كتسعة كتسعْب علما‪ ،‬كأ ٌف من‬
‫ص هبا العارفوف أربعمائة علم كأحد عشرة علما أىػ‪.‬‬
‫العلوـ الٍب اختي ٌ‬
‫فىػ ٍلنىػعي ٍد إٔب كبلـ صاحب كشف القناع فنقوؿ‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫َّف ثبل‪ٜ‬بائة كستْب مؤلف‪ ،‬منها تفسّب‬


‫صن ى‬‫كنقل أصحاب الطبقات أ ٌف أاب حفص بن شاىْب ى‬
‫ب ا‪٢‬ببٌار ُب‬
‫اس ى‬
‫القرآف الكر‪ٙ‬ب ُب ألف ‪٦‬بلٌد‪ ،‬كمنها ا‪٤‬بسند ُب ألف كستمائة ‪٦‬بلٌد‪ ،‬كذكركا أنٌو ىح ى‬
‫ألفي رطل‪ ،‬كنقلوا أيضا أف خزانة كتب‬
‫استئجاره منو ا‪٢‬برب للكتابة أكاخر عمره فبلغ ‪٫‬بو ٍ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪123‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫احَبقت ُب نظاـ ا‪٤‬بلك‪ ،‬فش ٌق ذلك عليو‪ ،‬فقالوا لو ال ‪ٙ‬بزف فإ ٌف ابن ا‪٢‬ب ٌداد‬
‫ٍ‬ ‫ا‪٤‬بدرسة النظامية‬
‫يٲبلًي على الكتبة ‪ٝ‬بيع ما احَبؽ ًمن ًح ٍف ًظ ًو‪ ،‬فأرسلوا خلفو‪ ،‬فأملى ما حَبؽ ُب م ٌدة ثبلث سنْب‬
‫ما بْب تفسّب كحديث كفقو ك‪٫‬بو ذلك‪.‬‬
‫كنقلوا أيضا أ ٌف أاب حسن األشعرم ألٌف تفسّبا ُب ستمائة ‪٦‬بلٌد‪.‬‬
‫تقي الدين السبكي أ ٌف دمحم بن األنبارم كاف ٰبفظ ُب كل ‪ٝ‬بعة عشرة آالؼ‬
‫كحكى الشيخ ٌ‬
‫كرقة‪.‬‬
‫كحكى أيضا أ ٌف الواحدم كاف ٰبفظ من كتب العلم كقر مائة كعشرين بعّبا‪.‬‬
‫قاؿ‪ً :‬‬
‫كمن الغرائب أ ٌف دمحما بن سينا الىىموي إنساف على عدـ حفظو للقرآف الكر‪ٙ‬ب فحفظو ُب ليلة‬
‫كٓب يكن سبق لو قبل ذلك حفظ سورة منو غّب الفا‪ٙ‬بة كسورة اإلخبلص كا‪٤‬بعوذتْب‪ ،‬ككاف ال‬
‫مرة‪.‬‬
‫يسمع شيئا إالٌ حفظو ٌأكؿ ٌ‬
‫كتبت ما ُب صدرم ما ىك ًس ىعوي مركب‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ككاف الليث بن سعد يقوؿ‪ :‬لو ي‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬فانظر اي أخي إٔب ً‬
‫علمك مع ىذه العلوـ الٍب أكتيها غّبؾ من العلماء الذين ذكرانىم‬
‫٘بده ال ٯبيء قطرة من البحر احمليط‪ ،‬كىناؾ ‪ٙ‬بكم على نفسك اب‪١‬بهل‪.‬‬
‫قاؿ ُب ألفية السند‪:‬‬
‫العلم ٕبر منتهاه يبعد ‪ ...‬ليس لو ح ٌد إليو ييقصد‬
‫كل القصد قد حويتو ‪ ...‬أجل كال الع ٍشر كال أحصيتو‬‫كليس ٌ‬
‫كما بقى منو عليك أكثر ‪٩ ...‬بٌا علمت كا‪١‬بواد يعثر‬
‫شاب عند الشعيب يوما بكبلـ‪ ،‬فقاؿ الشعيب‪:‬‬
‫كتكلٌم ٌ‬
‫‪٠‬بعت؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فشطٍره؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فاجعل‬ ‫الشاب‪ :‬أى يك ُّل العلم ى‬
‫ٌ‬ ‫ما ‪٠‬بعت ىذا‪ ،‬فقاؿ‬
‫أنظر حياة ا‪٢‬بيواف عند تر‪ٝ‬بة البغل‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىذا ُب الشطر الذم ٓب تسمعو‪ ،‬فأيفٍح ىم الشعيب‪ٍ .‬‬
‫فن كاحد أك فنٌػ ٍْب إٔب ىع ٍش ور ًمن فنوف‬
‫قلت ككيف ٲبكن ‪٤‬بن ٓب يتعلٌم إالٌ بعض ‪٨‬بتصرات من ٌ‬
‫ي‬
‫العلم أف ي ٌدعي أنٌو ًمن العلماء؟ فأحرل أف يكتفي بعلمو كينكر على من أتى من غّب ما علم‪،‬‬
‫كيتكرب كيستنكف من التعلٌم‪ ،‬كسؤاؿ العلماء‪ ،‬مع أنو جاىل اب‪٤‬بختصرات الٍب تعلٌمها إ ٍذ ال‬‫ٌ‬
‫ٲبكن ألحد إتقاف شيء من فنوف العلم إالٌ إذا كاف متقنا ‪١‬بميعها‪ ،‬كلذا‬
‫قاؿ ُب ألفية السند‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪124‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فإ ٌف أنواع العلوـ ‪ٚ‬بتلط ‪ ...‬كبعضها بشرط بعض مرتبط‬
‫كل فى وٌن أحسن ٍو‬ ‫ً‬
‫فما حول الغاية ُب ألف سنة ‪ ...‬شخص فى يخ ٍذ من ٌ‬
‫ًًٕب ٍف ًظ م و‬
‫ًب جام وع للراجح ‪ ...‬أتخ يذهي على مفيد انصح‬
‫ٍبٌ مع الفرصة فإبث عنو ‪ ...‬ح ٌقق كدقٌق ما استم ٌد منو‬
‫لكن ذاؾ ابختبلؼ الفهم ‪٨ ...‬بتلف كابختبلؼ العلم‬
‫َّ‬
‫فا‪٤‬ببتدم كالف ٌذ ال يطيق ‪ٕ ...‬بثا بعلم كجهو دقيق‬

‫ك‪٤‬بٌا جهل بعض من ي ٌدعي العلم ىذا الذم أردانه لظنٌو أ ٌف مرتبة العلم سهلة احملتد‪ ،‬كقريبة‬
‫ا‪٤‬بأخذ‪ ،‬كأهنٌا تيدرؾ ابلتخييبلت كالتسويبلت كا‪٤‬بغالطات مع ا‪٣‬بلود إٔب الدرجات‪ ،‬كما قاؿ‬
‫قائلهم‪:‬‬
‫حٌب تلعق الصرب‬
‫ال ‪ٙ‬بسب اجملد ‪ٛ‬بىٍران أنت آكلو ‪ ...‬لن تبلغ اجمل ىد ٌ‬
‫قرأ شيئا من ا‪٤‬بختصرات‪ ،‬كحفظ بعض النصوص كالعبارات كاإلصطبلحات فصار بًىو ٍى ًم العواـ‬
‫أنٌو من العلماء األعبلـ‪ ،‬كٓب ي ٍد ًر أ ٌف الناس ُب ىذا الشأف على ثبلث أقساـ‪ :‬قسم ٰبفظ‬
‫النصوص كاأللفاظ فيوردىا كما ‪٠‬بع‪ ،‬كٰبكيها ُب اجملالس‪ ،‬فإذا طيلًب منو استخراج معانيها أك‬
‫استنباط أحكامها كإبداء أسرارىا مع البحث كالتدقيق كالتحقيق ال يوجد عنده شيء من ذلك‪،‬‬
‫كما قاؿ قائلهم‪:‬‬
‫يقولوف أقواال كال يعرفوهنا ‪ ...‬إذا قيل ىاتوا ح ٌققوا ال ٰب ٌققوا‬
‫كُب ىذا كر ىد‪" :‬رب حامل فقو غّب فقيو"‪ ،‬كىو الذم قيل فيو أيضا‪" :‬رب حامل و‬
‫فقو إٔب من ىو‬ ‫يٌ‬ ‫ىى ي ٌ‬
‫الزركقية‪:‬‬
‫أفقو منو"‪ .‬كالذم يليق هبذا السكوت ال ‪٦‬بادلة العلماء‪ .‬كُب القواعد ٌ‬
‫ا‪٤‬بتكلٌم ُب فن من فنوف العلم إ ٍف ٓب يلحق فرعو أبصلو‪ ،‬كٰب ٌقق أصلو من فرعو‪ ،‬كي ً‬
‫ص يل معقولو‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬
‫ٗبنقولو‪ ،‬كينسب منقولو ‪٤‬بعادنو‪ ،‬كيعرض ما فى ًه ىم منو على ما علم من استنباط أىلو‪ ،‬فسكوتو‬
‫عنو ٍأكٔب من كبلمو فيو إ ٍذ خطأه أكثر من إصابتو‪ ،‬كضبللو أسرع من ىدايتو‪ ،‬إالٌ أف يقتصر على‬
‫ب حامل فقو غّب فقيو"‬
‫"فر ٌ‬
‫احملرر من اإليهاـ كاإلهباـ‪ ،‬ى‬
‫‪٦‬برد النقل ٌ‬
‫ٌ‬
‫فيسلم لو نقلو ال قولو‪ ،‬كابهلل سبحانو التوفيق أىػ‪.‬‬
‫قوة رغبة ُب العلم كالتعلٌم لكنٌو بليد ال يفهم كال ٰبفظ‪ .‬كقً ٍس هم يفتح هلل عليو ابلفهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫كق ٍس هم لو ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪125‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كح ٍس ًن اإلستنباط‪ ،‬فيحفظ ا‪٤‬بعا٘ب بقلبو من غّب احتياج إٔب حفظ األلفاظ‪ ،‬كقد‬
‫كدقٌة النظر‪ ،‬ي‬
‫ٰبفظها‪ ،‬كىذا ىو الذم إذا اجتهد يناؿ ا‪٤‬برتبة العليا ُب العلم‪.‬‬
‫كحكى البويطي عن الشافعي رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪:‬‬
‫أنٌو كاف ُب ‪٦‬بلس مالك بن أنس رضي هللا تعاأب عنو‪ ،‬كىو غبلـ‪ ،‬فجاء رجل إٔب مالك فاستفتاه‬
‫حنثت‪،‬‬
‫ى‬ ‫فقاؿ‪ :‬إ ٌ٘ب حلفت ابلطبلؽ الثبلث أ ٌف ىذا البلبل ال يهدأ من الصياح‪ ،‬قاؿ مالك‪ :‬قد‬
‫فمضى الرجل‪ ،‬فالٍتىػ ىف ى‬
‫ت الشافعي إٔب بعض أصحاب مالك فقاؿ‪ :‬إ ٌف ىذه الفتيا خطأ‪ ،‬كأخرب‬
‫بذلك مالك‪ ،‬ككاف مالك هنع هللا يضر مهيب اجمللس ال ٯبسر أحد أف يرادده‪ ،‬ككاف رٗبا جاء صاحب‬
‫الشرطة فوقف على رأسو إذا جلس ُب ‪٦‬بلسو‪ ،‬فقالوا ‪٤‬بالك‪ :‬إ ٌف ىذا الغبلـ الشافعي يزعم أ ٌف‬
‫ىذه فتيا إغفاؿ أـ خطأ‪ ،‬فقاؿ لو مالك‪ :‬من أين قلت ذا‪ ،‬فقاؿ لو الشافعي رضي‬
‫قصة فاطمة بن‬
‫هللا تعأب عنو‪ :‬أليس أنت الذم ركيت لنا عن النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ٌ‬
‫قيس أهنٌا قالت للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أ ٌف أاب جهم كمعاكية خطبا٘ب‪ ،‬فقاؿ النيب صلٌى هللا‬
‫كأما معاكية فصعلوؾ ال ماؿ لو‪ .‬فهل كانت‬
‫عليو كسلٌم ٌأما أاب جهم فبل يضع عصاه عن عاتقو ٌ‬
‫عصا أيب جهم دائمة عن عاتقو؟ كإ ٌ٭با أراد األغلب من ذلك‪ .‬فعرؼ مالك مقدار الشافعي‬
‫كمكانتو رضي هللا تعأب عنهما‪.‬‬
‫أنظر تر‪ٝ‬بة البلبل ُب حياة ا‪٢‬بيواف للدمّبم‪.‬‬

‫كإٔب ىذه األقساـ أشار ُب ألفية السند بقولو‪:‬‬


‫النص كٰبكي اللفظا‬
‫ب إنساف يناؿ ا‪٢‬بفظا ‪ ...‬كيورد ٌ‬
‫فر ٌ‬
‫ي‬
‫كما لو ُب غّبه ‪ ...‬نصيب ‪٩‬بٌا حواه العآب األديب‬
‫ب ذم حرص شديد ا‪٢‬بب ‪ ...‬للعلم كالذكر بليد القلب‬
‫كر ٌ‬
‫ي‬
‫معجزة ُب ا‪٢‬بفظ كالركاية ‪ ...‬ليست لو عمن ركل ا‪٢‬بكاية‬
‫كآخر يعطي ابإلجتهاد ‪ ...‬حفظا ‪٤‬با قد جاء ُب اإلسناد‬
‫يفيده ابلقلب ال بناظره ‪ ...‬ليس ٗبضطر إٔب قماطره‬
‫كالسكوت ىو الذم يليق ابألكؿ كما ق ٌدمنا أل ٌف سبلمتو كزينتو السكوت‪ ،‬كىبلكو كعيبو ُب‬
‫الكبلـ‪ ،‬قاؿ ُب ألفية السند‪:‬‬
‫الصمت فاعلم لك حقا أزين ‪ ...‬إف ٓب يكن عندؾ علم متقن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪126‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقل إذا أعياؾ ذاؾ األمر ‪ ...‬ما ٕب فيما تسأؿ عنو خرب‬
‫فذاؾ شطر العلم عند العلما ‪ ...‬كذاؾ ما زالت تقوؿ ا‪٢‬بكما‬
‫خطئك‬
‫ى‬ ‫أيك ‪ ...‬كاحذر جواب القوؿ من‬ ‫ٌإايؾ كالعي ٍجب بفضل ر ى‬
‫الصمت مع السبلم ٍو‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫فاغتنم‬ ‫و‬
‫جواب أعقب الندام ٍو ‪...‬‬ ‫كم من‬
‫كالذم يليق ابلقسم الثا٘ب اإلشتغاؿ ابلعبادة كغّبىا من األعماؿ الٍب ييثاب عليها‪ ،‬كبتعمّب عمره‬
‫فكل ن ىفس من العمر لو كاف يباع ابلدنيا كما فيها ال يساكيو‪ ،‬كما قيل‪:‬‬
‫أبنواع الطاعات‪ٌ ،‬‬
‫كمن يكن ُب فهمو ببلدة ‪ ...‬فليصرؼ الوقت إٔب العبادة‬
‫كل ذم ثواب ‪ ...‬كلو ٕبسن القصد ُب األسباب‬
‫أك غّبىا من ٌ‬
‫فكل ذرة ‪ ...‬منو رخيصة أبلف يد ٌرة‬‫فليعمر العمر ٌ‬
‫كالذم يليق ابلقسم الثالث ما أشار إليو بقولو‪:‬‬
‫فح ٌق أىل العلم صدؽ النيٌة ‪ ...‬كاإلجتهاد ُب صفا الطويٌة‬
‫العلم ُب البصّبة‬
‫ليستقر ي‬
‫ٌ‬ ‫كا‪١‬بً ٌد ُب التقول ٖبّب السّبة ‪...‬‬
‫ٍم ذم األنوار ُب جنانو ‪ ...‬كعلم ذم األكزار ُب لسانو‬ ‫ً‬
‫فعل ي‬
‫كأ ٌف عنواف علوـ الدين ‪ُ ...‬ب الصدؽ كا‪٣‬بشية كاليقْب‬
‫التأمل‪ ،‬كدقٌق فيو النظر‪ ،‬ىعلً ىم يقيننا أ ٌف الذم‬
‫كأتملو ح ٌق ٌ‬‫قلت‪ :‬كمن كقف على ‪ٝ‬بيع ما أكردان ٌ‬
‫األئمة اجملتهدين ال يتجاكزه إٔب غّبه‪ ،‬كاعتقد‬ ‫ً‬
‫معْب من مذاىب ٌ‬ ‫ادعى أ ٌف ا‪٢‬بق ‪٧‬بصور ُب مذىب ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ىذا اإلعتقاد الفاسد كدعا الناس إٔب ذلك‪ ،‬مع ا ٌدعائو أنٌو أعلم‬

‫سيىة تفضحو‪ ،‬ال يزيده هللا ٗبا‬ ‫ً‬


‫الناس بذلك ا‪٤‬بذىب مع أ ٌف شواىد اإلمتحاف تك ٌذبو‪ ،‬كا‪٤‬بعاينة ا‪٢‬ب ٌ‬
‫ب‬‫علم إالٌ طردا كبيعدا كىبلكا‪ ،‬كال سيما إذا تص ٌدر للتدريس كاإلفتاء كالقضاء فيحملو يح ٌ‬
‫سمع منو قوؿ ال أدرم ال ٌدعائو أنٌو أعلم من ‪ٝ‬بيع‬ ‫ً‬
‫كل ما يسئل عنو‪ ،‬كال يي ى‬
‫الرايسة على جواب ٌ‬
‫ابلكرب كالعيجب كا‪٢‬بسد كا‪٤‬بكر كقساكة‬‫ف بعلمو‪ ،‬فيبتليو هللا لسوء أدبو ً‬‫أىل عصره‪ ،‬كأنٌو م ٍكتى و‬
‫ي‬
‫القلب‪ .‬قاؿ ُب ألفية السند‪:‬‬
‫كالعلم ذكر هللا ُب أحكامو ‪ ...‬على الورل كالشكر ُب إنعامو‬
‫فذكره ُب الذات كالصفات ‪ ...‬كالذكر ُب األحكاـ كاآلايت‬
‫لكن كثّبا غفلوا ُب العلم ‪ ...‬كحكمو عن ربٌو ذم ا‪٢‬بكم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪127‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأدخلوا فيو ا‪١‬بداؿ كا‪٤‬بًرا ‪ ...‬فكثرت آفاتو كما ترل‬
‫فصار فيهم حاجبا لنوره ‪ ...‬عنو فما ذاقوا ىج ىُب مأثوره‬
‫فهلكوا بقسوة ككًرب ‪ ...‬كحسد كعجب كمكر‬
‫كالع ٍود بعد ا‪٢‬ب ٌق ُب الضبلؿ‬
‫نعوذ ابهلل من ا‪٣‬بىباؿ ‪ ...‬ى‬
‫فالذـ منهم ال من العلوـ ‪ ...‬فإهنا من طاعة القيٌوـ‬
‫ٌ‬
‫كإٔب ‪ٝ‬بيع اآلفات ا‪٤‬بتق ٌدمة أشار بعض الفضبلء بقولو‪:‬‬
‫فأكؿ تعداد نىػعي ُّد ٌ‬
‫التكربا‬ ‫كللعلم آفات فدكنك سردىا ‪ٌ ...‬‬
‫كذلك اإلستحيا كتزكٯبك النسا ‪ ...‬كقلٌة آداب كتكثّبؾ ال ىكرا‬
‫مقارنة األحباب فىػ ٍقد مشائخ ‪ ...‬كحبٌك للدنيا كٮبٌك للثرا‬
‫التكررا‬
‫كت سؤاؿ الشيخ ٍبٌ ٌ‬
‫كحبٌك للتكبّب ُب الدرس ٍب إ ٍف ‪ ...‬تر ى‬
‫‪ٙ‬بررا‬
‫كحبٌك للتقد‪ٙ‬ب ُب الدرس ٌأكال ‪ ...‬كترؾ سؤاؿ الطالبْب ٌ‬
‫كذاؾ إذا ما كنت فيو مقنعا ‪ ...‬أبف قلت ذا يكفي أبف كنت فاترا‬
‫عَب فاذىب لَبعى األابعرا‬
‫صيلة ‪ ...‬فبل تىػ ٍت ى َّ‬
‫نلت منها يخ ٍ‬
‫فإ ٌف ىذه قد ى‬
‫كُب حاشية العآب العبلٌمة أيب ا‪٢‬بسن علي الصعيدم العدكم على شرح الشيخ ا‪٣‬برشي على‬
‫‪٨‬بتصر خليل‪ ،‬عند قولو مبيٌنا ‪٤‬با بو الفتول‪:‬‬
‫فائدة‪ :‬ٯبوز تقليد ا‪٤‬بذىب ا‪٤‬بخالف ُب بعض النوازؿ كيي َّ‬
‫قدـ على العمل ابلضعيف إىػ‪.‬‬

‫كفيو‪ ،‬عند قوؿ ا‪٣‬برشي ُب شرحو عند قوؿ خليل كحيث ذكرت قولْب أك أقواال‪ :‬كٯبوز تقليد‬
‫نصا‬
‫مذىب الغّب ُب بعض النوازؿ كلو بعد الوقوع كىو مق ٌدـ على القوؿ الضعيف‪ ،‬كإذا ٓب ٯبد ٌ‬
‫ُب انزلتو فّبجع ‪٤‬بذىب أيب حنيفة أل ٌف مسائل ا‪٣‬ببلؼ الٍب بْب مالك كأيب حنيفة إثناف كثبلثوف‬
‫مسألة فقط‪ ،‬كذا أفٌب بعض ا‪٤‬بتأخرين كفيو نظر‪ ،‬بل ظاىر كبلـ القراُب أنو ينتقل ُب تلك النازلة‬
‫‪٤‬بذىب الشافعي ألنٌو تلميذ اإلماـ اىػ‪.‬‬
‫كل ىمن كقف على ما أكدعناه ُب ىذا الفصل‪ ،‬كأعطاه من التأمل ح ٌقو‪ ،‬ككاف من أىل‬
‫قلت‪ :‬ك ٌ‬
‫ي‬
‫اإلنصاؼ كاإلذعاف للح ٌق‪ ،‬رجع عن اعتقاداتو الفاسدة‪ ،‬ك٘برآتو الكاسدة‪ ،‬كاعَبؼ أب ٌف هللا ٓب‬
‫األئمة اجملتهدين ال يتجاكزه‬
‫معْب من مذاىب ٌ‬
‫يوجب‪ ،‬كال رسولو‪ ،‬على أحد التزاـ مذىب ٌ‬
‫كيعمل بغّبه العتقاده فساد ذلك الغّب‪ ،‬كضبلؿ من عمل بو‪ ،‬كأ ٌف أحدا من األئمة ما أكجب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪128‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ادعاء ذلك‪.‬‬
‫تربأ من ٌ‬ ‫و‬
‫على أحد اتٌباع مذىبو ٖبصوصو‪ ،‬بل ٌ‬
‫يتوىم ىمن لو أدٗب علم كمعرفة بذلك مع ما علم كشاع كذاع من انتقاؿ أكابر الفضبلء‪،‬‬
‫فكيف ٌ‬
‫كفحوؿ العلماء‪ ،‬من مذىب أماـ إٔب مذىب غّبه من غّب نكّب عليو من علماء عصره‪،‬‬
‫مر‪.‬‬
‫كتصرٰبهم ٔبواز تقليد ا‪٤‬بذىب ا‪٤‬بخالف ُب بعض النوازؿ كما ٌ‬
‫العبلمة دمحم بن علي الصبا٘ب على شرح نور الدين أيب ا‪٢‬بسن علي بن‬
‫كُب حاشية اإلماـ العآب ٌ‬
‫دمحم األمشو٘ب الذم ‪٠‬بٌاه منهج السالك إٔب ألفية ابن مالك‪ ،‬عند قوؿ الناظم فائقة ألفية بن‬
‫معطى‪ ،‬حيث قاؿ ُب شرح فائقة ألفية اإلماـ العآب العبلٌمة أيب ا‪٢‬بسن ٰبي بن معطي بن عبد‬
‫النور الزكاكم ا‪٢‬بنفي‬
‫قولو‪:‬‬
‫ا‪٢‬بنفي ُب حاشية الشيخ ٰبي أنٌو كاف مالكيا كتف ٌقو اب‪١‬بزائر على أيب موسى ا‪١‬بزكٕب‪ٍ ،‬ب تش ٌفع‬
‫كابن مالك كأيب حياف حْب ا‪٣‬بركج من ا‪٤‬بغرب اىػ‪ .‬قاؿ‪ :‬كٲبكن أنٌو ‪ٙ‬بنٌف بعد أف تش ٌفع أه‪.‬‬
‫كُب ميزاف الشريعة للشيخ عبد الوىاب الشعرا٘ب‪:‬‬

‫قاؿ ا‪١‬ببلؿ السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬ك‪٩‬بٌن بلغنا أنٌو انتقل من مذىب إٔب مذىب من غّب نكّب عليو‬
‫فلما قى ًد ىـ الشافعي‬
‫من علماء عصره الشيخ عبد العزيز بن عمراف‪ ،‬كاف من أكابر ا‪٤‬بالكية‪ٌ ،‬‬
‫بغداد تبًعو‪ ،‬كقرأ كتبو‪ ،‬كنشر علمو‪ ،‬كمنهم دمحم بن عبد هللا بن عبد ا‪٢‬بكم‪ ،‬كاف على مذىب‬
‫فلما‬
‫اإلماـ مالك ٌ‬
‫قدـ الشافعي انتقل إٔب مذىبو كصار ٰبث الناس على اتٌباعو‪ ،‬كمنهم إبراىيم بن خالد‬
‫فلما قدـ الشافعي بغداد ترؾ مذىبو كاتٌبعو‪ ،‬كمنهم أبو ثور‪ ،‬كاف لو‬‫البغدادم‪ ،‬كاف حنفيٌا ٌ‬
‫س الشافعية ابلعراؽ‪ ،‬كاف‬ ‫مذىب فَبكو كاتٌبع الشافعي‪ ،‬كمنهم أبو جعفر بن نصر الَبمذم ىرأٍ ي‬
‫حج رأل ما يقتضي انتقالو إٔب مذىب الشافعي‪ ،‬فتف ٌقو على الربيع كغّبه ًمن‬ ‫فلما ٌ‬‫ٌأكال حنفيٌا‪ٌ ،‬‬
‫‪ٙ‬بوؿ‬
‫أصحاب الشافعي‪ ،‬كمنهم أبو جعفر الطحاكم‪ ،‬كاف شافعيٌا تف ٌقو على خالو ا‪٤‬بز٘ب‪ٍ ،‬ب ٌ‬
‫‪ٙ‬بوؿ شافعيٌا‪ ،‬كمنهم‬‫حنفيٌا‪ ،‬كمنهم ا‪٣‬بطيب البغدادم ا‪٢‬بافظ‪ ،‬كاف حنبليٌا ٍبٌ ٌ‬
‫ابن فارس صاحب كتاب اجململ ُب اللغة‪ ،‬كاف شافعيٌا تبعا لوالده‪ٍ ،‬بٌ انتقل إٔب مذىب مالك‪،‬‬
‫كمنهم السيف اآلمدم األصوٕب ا‪٤‬بشهور‪ ،‬كاف حنبليٌا‪ٍ ،‬بٌ انتقل إٔب مذىب الشافعي‪ ،‬كمنهم ‪٪‬بم‬
‫الدين بن خلف ا‪٤‬بقدسي‪ ،‬كاف حنبليٌا‪ٍ ،‬بٌ تف ٌقو على الشيخ موفٌق الدين‪ ،‬كدرس ُب مدرسة أيب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪129‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪ٙ‬بوؿ شافعيٌا‪ ،‬كارتفع شأنو‪ ،‬كمنهم الشيخ دمحم بن الدىاف النحوم‪ ،‬كاف حنبليٌا‪ٍ ،‬بٌ‬
‫عمرك‪ٍ ،‬بٌ ٌ‬
‫‪ٙ‬بوؿ إٔب‬
‫‪ٙ‬بوؿ حنفيٌا‪ ،‬كمنهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد‪ ،‬كاف ٌأكال مالكيا تبعا لوالده‪ٍ ،‬ب ٌ‬
‫ٌ‬
‫مذىب الشافعي‪ ،‬كمنهم األماـ أبو حياف‪ ،‬كاف ٌأكال على مذىب‬
‫‪ٙ‬بوؿ شافعيٌا اىػ‪.‬‬
‫أىل الظاىر‪ٍ ،‬بٌ ٌ‬
‫قلت‪ :‬كظاىر ما تق ٌدـ نقلو عن حاشية الشيخ دمحم علي الصباف أ ٌف أاب حياف كاف ٌأكال مالكيا ٍب‬
‫ي‬
‫التأمل ح ٌقو‪،‬‬
‫أتمل ما تق ٌدـ لنا ذكره ُب ىذا الفصل‪ ،‬كأعطاه من ٌ‬
‫كل ىمن ٌ‬
‫‪ٙ‬بوؿ شافعيٌا‪ ،‬فلينظر‪ .‬ك ٌ‬
‫ادعى أنٌو يستغِب بعلمو‪ ،‬كال ٰبتاج إٔب زايدة‪،‬‬
‫ككاف من أىل اإلنصاؼ كما تق ٌدـ‪ ،‬إعَبؼ أب ٌف ىمن ٌ‬
‫ب كهللا كافَبل‪.‬‬
‫كال إٔب سؤاؿ أحد من علماء عصره‪ ،‬ك ىذ ى‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو إٔب الصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة األنفاؿ‪ ،‬اآلية ‪29.‬‬


‫‪.2‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآلية ‪95.‬‬
‫‪.3‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪44.‬‬
‫‪.4‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.38‬‬
‫‪.5‬سورة النساء‪ ،‬اآليتاف ‪ 174‬ػ ‪.175‬‬
‫‪.6‬سورة ا‪٤‬بائدة‪ ،‬اآليتاف ‪ 15‬ػ ‪.16‬‬
‫‪.7‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.89‬‬
‫‪.8‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.111‬‬
‫‪.9‬سورة الكهف‪ ،‬اآليتاف ‪ 113‬ػ ‪.114‬‬
‫‪.11‬سورة ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬اآليتاف ‪ 71‬ػ ‪.71‬‬
‫‪.11‬سورة ا‪١‬بمعة‪ ،‬اآلية ‪.5‬‬
‫‪.12‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.115‬‬
‫‪.13‬سورة التغابن‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.14‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.81‬‬
‫‪.15‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.168‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪130‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.16‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.255‬‬
‫‪.17‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.66‬‬
‫‪.18‬سورة طو‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬
‫‪.19‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬
‫‪.21‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.66‬‬
‫‪.21‬سورة طو‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬
‫‪.22‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.85‬‬
‫‪.23‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.76‬‬

‫الفصل التاسع‬

‫ُب إعبلمهم أ ٌف اإلنكار ال ٯبوز على ا‪٢‬بقيقة إالٌ لً ىمن أحاط ٔبميع الشريعة‪ .‬كفائدة إعبلمهم بو‬
‫األمة بو إٯبااب‬
‫كالسنٌة كإ‪ٝ‬باع ٌ‬
‫صرح الكتاب ي‬
‫يتحرزكا عن اإلنكار العاـ كيقتصركا على ما ٌ‬
‫أ ٍف ٌ‬
‫ك‪ٙ‬برٲبا‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ ُب لواقح األنوار القدسية ُب‬
‫العهود احملمدية‪:‬‬
‫يخ ىذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أف ال ‪٪‬بادؿ ُب ًع و‬
‫لم من العلوـ‬ ‫أً‬
‫الشرعية إالٌ بقصد نصرة الدين‪ ،‬بشرط اإلخبلص كا‪٢‬بضور مع هللا تعأب ُب ذلك‪ ،‬على الكشف‬
‫الظن كالرايء كالغلٌة كالتخمْب‪ ،‬كمقابلة االنصوص من أكابر مذىبنا كغّبىم‪ .‬كٰبتاج من‬
‫ال على ٌ‬
‫يريد العمل هبذا العهد إٔب شيخ متضلٌع من علوـ الشرع‪ ،‬قد اطٌلع على ‪ٝ‬بيع أدلٌة ا‪٤‬بذاىب‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪131‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كأما ىمن يعمل هبذا العهد‬
‫ا‪٤‬بستعملة كا‪٤‬بندرسة‪ ،‬كسلك طريق القوـ ُب درجات اإلخبلص‪ٌ .‬‬
‫بنفسو من غّب شيخ فهو يم ىر واء غالبا‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬كقد حكى الشيخ ‪٧‬بي الدين ُب الفتوحات ا‪٤‬بكية أ ٌف من كراء النهر ‪ٝ‬باعات‬
‫ليتقول على‬
‫السنىة حٌب أ ٌف بعضهم يفطر ُب رمضاف ٌ‬
‫من ا‪٢‬بنفية ٓب يزؿ ا‪١‬بداؿ بينهم قائما طوؿ َّ‬
‫ا‪١‬بداؿ مع خصمو‪ .‬كقد ركل الطربا٘ب مرفوعا‪" :‬أ ٌف الشريعة جاءت على ثبل‪ٜ‬بائة كستْب طريقة"‬
‫يرد على من ٯبادلو إالٌ إ ٍف نظر ُب ىذه الطرؽ كٓب ٯب ٍد كبلـ خصمو‬
‫اىػ‪ .‬قاؿ فبل ينبغي ألحد أف ٌ‬
‫يوافق طريقة منها‪ .‬كما ذكر الشارع ذلك إالٌ لًس ًٌد ابب ا‪١‬بداؿ بغّب و‬
‫علم‪ ،‬تقويةن للدين أل ٌف‬
‫كيضعفو‪.‬‬
‫يوىنو ٌ‬
‫النزاع ٌ‬
‫و‬
‫ابختبلؼ‬ ‫ك‪٠‬بعت سيدم عليٌا ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ال يقوـ الدين إالٌ ابتٌ و‬
‫فاؽ عليو ال‬ ‫ي‬
‫فيو‪.‬‬
‫ضل قوـ بعد ىدل كانوا عليو إالٌ‬
‫كحسنو الَبمذم‪" :‬ما ٌ‬
‫ركل البيهقي كالَبمذم كغّبىا مرفوعا‪ٌ ،‬‬
‫أكتوا ا‪١‬بداؿ ٍب قرأ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬كما ضربوه لك إالٌ جدال بل ىم قوـ خصموف‪".)1( .‬‬
‫كركل الشيخاف كغّبٮبا مرفوعا‪" :‬أ ٌف أبغض الرجاؿ إٔب هللا األل ٌد ا‪٣‬بصم" اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود‪:‬‬

‫يخ ىذ علينا العهود أف ال ي٭بى ًٌكن أحدا ًمن إخواننا يبادر إٔب اإلنكار على ىمن خالف نقل بعض‬
‫أً‬
‫كل‬
‫كجوده‪ٌ ،‬‬
‫العلماء إالٌ إ ٍف أحاط ٔبميع طرؽ الشريعة كٓب ٯبد ذلك ا‪٢‬بكم فيها‪ ،‬كىذا عزيز ي‬
‫اب اإلنكار بغّب ًعل وٍم‪ .‬كقد ركل الطربا٘ب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب عن رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫ذلك س ٌدان لًبى ً‬
‫عليو كسلٌم أنو قاؿ‪" :‬إ ٌف شريعٍب جاءت على ثبل‪ٜ‬بائة كثبلث عشرة طريقة ليست منها طريقة‬
‫يلقى العبد هبا ربٌو إالٌ دخل ا‪١‬بنٌة" اىػ‪.‬‬
‫كنت اي أخي عارفا ٔبميع ىذه الطرؽ كٓب ٘بد يحكم ما أنكرتو ُب طريقة منها فلك إنكاره‪،‬‬ ‫فإ ٍف ى‬
‫األدب مع علماء اإلسبلـ‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ .‬إنتهى كبلـ‬
‫ى‬ ‫كإالٌ فالتسليم ٍأكٔب كأفضل‪ ،‬كألٍ ًزًـ‬
‫الشعرا٘ب‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كبًىف ٍه ًم ىذا الكبلـ تفهم ما تق ٌدـ ُب الفصل السابع‪ ،‬كىو أ ٌف ا‪٤‬بنكر ال يزاؿ ينكر الباطل‬
‫ي‬
‫حٌب ينكر ا‪٢‬بق‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪132‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقد استأذف بعض الناس شيخو على اإلنكار على األكلياء أىل ا‪٢‬بق من أىل الفتح‪ ،‬كقاؿ لو‪:‬‬
‫كمن كجدتيو مائبل‬
‫مت لو‪ ،‬ى‬
‫فمن كجدتيو مستقيما سلٌ ي‬
‫اي سيٌدم ال أنكر عليهم إالٌ ٗبيزاف الشريعة‪ ،‬ى‬
‫أنكرت عليو‪ ،‬فقاؿ لو شيخو‪ :‬أخاؼ أف ال تكوف عندؾ الصنوج كلٌها الٍب يوزف هبا‪ ،‬كإذا كاف‬
‫ي‬
‫يصح ميزانك‪ ،‬يشّب إٔب ما سبق من كونو ينكر كىو جاىل‪.‬‬
‫عندؾ بعض الصنوج دكف بعض فبل ٌ‬
‫كقاؿ ُب اإلنساف الكامل‪:‬‬
‫كضعت شيئا ُب ىذا الكتاب إالٌ‬
‫ي‬ ‫س من الناظر ُب ىذا الكتاب بعد أف أي ٍعلً ىموي ٌ‬
‫أب٘ب ما‬ ‫ً‬
‫ٍب أىلٍتىم ي‬
‫كسنٌة رسولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كأنٌو إذا الح لو شيء ٖببلؼ الكتاب‬ ‫كىو مؤيَّد بكتاب هللا ي‬
‫الكتاب ألجلو‪،‬‬
‫ى‬ ‫كضعت‬
‫ي‬ ‫فليعلم أ ٌف ذلك من حيث مفهومو ال من حيث مراده الذم‬ ‫ٍ‬ ‫كالسنٌة‬
‫ي‬
‫حٌب يفتح هللا تعأب ٗبعرفتو‪ ،‬كٰبصل لو شاىد ذلك من‬ ‫ف عن العمل بو مع التسليم ٌ‬ ‫فليتوقٌ ٍ‬
‫كسنٌة نبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كتاب هللا ي‬
‫كفائدة التسليم ىنا كترؾ اإلنكار أ ٍف ال يٍٰب ىرىـ الوصوؿ إٔب معرفة ذلك‪ ،‬فإ ٌف ىمن أنكر شيئا ًمن‬
‫شى عليو ا‪٢‬برماف‬ ‫ًعل ًٍمنا ىذا يح ًرىـ الوصوؿ إليو ما داـ منكرا ك ال سبيل إٔب ذلك‪ ،‬بل ي‬
‫كٱبٍ ى‬
‫للوصوؿ إٔب غّب ذلك مطلقا ابإلنكار ٌأكؿ مهلة‪ ،‬كال طريق إالٌ اإلٲباف كالتسليم‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كاعلم أ ٌف ً‬
‫كل عل وٍم ال يؤيٌده الكتاب ي‬
‫كالسنٌة فهو ضبلؿ ال ما ال ٘بد لو أنت ما يؤيده‪ ،‬فقد‬ ‫ٌ‬
‫كالسنٌة كلكن قًلٌة استعدادؾ منعك فهمو فلم تستطع أف‬‫يكوف العلم ُب نفسو مؤيٌدا ابلكتاب ي‬
‫كالسنٌة‪،‬‬
‫تناكلو بيدؾ عن ‪٧‬بلٌو فتظن أنو غّب مؤيد ابلكتاب ي‬
‫كل علم‬
‫كالطريق إٔب ىذا التسليم كعدـ العمل بو من غّب إنكار إٔب أف أيخذ هللا بيدؾ إليو‪ ،‬أل ٌف ٌ‬
‫األكؿ ا‪٤‬بكا‪٤‬بة‪ ،‬كىو ما يى ًر يد على قلبك من طريق ا‪٣‬باطر‬
‫يى ًر يد عليك ال ٱبلو من ثبلثة أكجو‪ٌ :‬‬
‫رده كال إنكاره‪ .‬كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬الوجو الثا٘ب أف يكوف العلم‬
‫الراب٘ب‪ ،‬كا‪٤‬بلكي‪ ،‬فهذا ال سبيل إٔب ٌ‬
‫ٌ‬
‫كجدت لو شاىدا أك ‪٦‬بمبل فهو‬
‫ى‬ ‫السنٌة كا‪١‬بماعة‪ ،‬فهذا إف‬
‫كاردا على لساف من ينتسب إٔب ي‬
‫ا‪٤‬براد‪ ،‬كإالٌ فمٌب ال ٲبكنك اإلٲباف بو مطلقا لغلبة نور عقلك على نور إٲبانك فطريقتك فيو‬
‫التوقٌف كالتسليم كعدـ اإلنكار‪.‬‬
‫ٍتح ىق أبىل البدعة‪،‬‬
‫الوجو الثالث أف يكوف العلم كاردا على لساف من اعتزؿ من ا‪٤‬بذىب كال ى‬
‫كالسنٌة‬
‫فهذا العلم ىو ا‪٤‬برفوض‪ ،‬كلكن الكيٌس ال ينكره مطلقا‪ ،‬بل يقبل منو ما يقبلو الكتاب ي‬
‫كل كجو‪ ،‬كقى ٌل أ ٍف يبقى ىذا ُب مسائل أىل‬
‫كالسنٌة من ٌ‬
‫يرده الكتاب ي‬
‫كيرد منو ما ٌ‬
‫كل كجو ٌ‬ ‫من ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪133‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كردهي ًمن ك و‬
‫جو‪ ،‬فهو فيو على ذلك ا‪٤‬بنهج اىػ‪.‬‬ ‫كالسنٌة ًمن كجهو ٌ‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫القبلة كقىبلىوي الكتاب ي‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة الزخرؼ‪ ،‬اآلية ‪.58‬‬

‫الفصل العاشر‬

‫عْب من مذاىب اجملتهدين‪ ،‬بل يدكر مع‬


‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو ال يتقيٌد ٗبذىب يم ٌ‬
‫ُب إعبلمهم أ ٌف ٌ‬
‫ا‪٢‬ب ٌق عند هللا تعأب أينما دار‪.‬‬

‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب‬
‫اإلبريز‪:‬‬
‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو يعرؼ ا‪٢‬ب ٌق كالصواب‪ ،‬كال يتقيٌد ٗبذىب من ا‪٤‬بذاىب‪،‬‬‫قك هللا‪ ،‬أ ٌف ٌ‬‫إعلم‪ ،‬كفٌ ى‬
‫النيب‬ ‫ً‬
‫كلو تعطٌلت ا‪٤‬بذاىب أبسرىا لقدر على إحياء الشريعة‪ ،‬ككيف ال كىو الذم ال يغيب عنو ٌ‬
‫جل جبللو ‪٢‬بظةن‪.‬‬ ‫و‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم كلو طرفة عْب‪ ،‬كال ٱبرج عن مشاىدة ا‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫جل جبللو ُب أحكامو‬ ‫كحينئذ فهو العارؼ ٗبراد النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كٗبراد ا‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫حجة عليو ألنٌو أقرب للح ٌق‬
‫حجة على غّبه كليس غّبه ٌ‬ ‫التكليفية كغّبىا‪ .‬كإذا كاف كذلك فهو ٌ‬
‫من غّب ا‪٤‬بفتوح عليو‪ ،‬كحينئذ فكيف يسوغ اإلنكار على ىمن ىذه صفتو كييقاؿ أنٌو خالف‬
‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو ال ٱبلو ٌإما أف‬
‫‪٠‬بعت ىذا‪ ،‬فمن أراد أف ينكر على ٌ‬
‫مذىب فبلف ُب كذا‪ .‬فإذا ى‬
‫يكوف جاىبل ابلشريعة كما ىو الواقع غالبا من أىل اإلنكار‪ ،‬كىذا ال يليق بو اإلنكار‪ ،‬كاألعمى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪134‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ال ينكر على البصّب أبدا‪ .‬فاشتغاؿ ىذا بزكاؿ جهلو ٍأكٔب بو‪.‬‬
‫إنكار إالٌ إذا كاف‬
‫يصح منو ه‬ ‫ٗبذىب من مذاىبها جاىبل بغّبه‪ ،‬كىذا ال ٌ‬ ‫و‬ ‫كإما أف يكوف عا‪٤‬با‬
‫ٌ‬
‫يعتقد أ ٌف ا‪٢‬ب ٌق مقصور على مذىبو كال يتجاكزه لغّبه‪ ،‬كىذا اإلعتقاد ٓب ي ً‬
‫ص ٍر إليو أحد من‬ ‫ى‬
‫كل مذىب‪ ،‬فهي كلٌها عندىم على‬ ‫ا‪٤‬بصوبة فإهنم يعتقدكف ا‪٢‬ب ٌق ُب ٌ‬
‫ا‪٤‬بصوبة كال من ا‪٤‬بخطٌئة‪ٌ .‬أما ٌ‬
‫ٌ‬
‫ظن حرمة ُب انزلة فهي حكم هللا‬
‫فمن ٌ‬ ‫ظن اجملتهدين‪ ،‬ى‬‫صواب‪ ،‬كحكم هللا عندىم يتع ٌدد ٕبسب ٌ‬
‫ظن ا‪٢‬بًلًٌيٌة فيها بعينها فهي حكم هللا تعأب ُب ح ٌقو‪.‬‬
‫كمن ٌ‬
‫ُب ح ٌقو‪ ،‬ى‬
‫كأما ا‪٤‬بخطٌئة فحكم هللا عندىم كاحد ال يتع ٌدد كم ً‬
‫صيبوي كاح هد‪ ،‬كلكنهم ال ٰبصركنو ُب مذىب‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫بعينو‪ ،‬بل يكوف ا‪٢‬بق ُب انزلة ىو ما ذىب إليو إماـ كُب انزلة أخرل ما ذىب إليو غّبه‪.‬‬
‫كأما أف يكوف عا‪٤‬با اب‪٤‬بذاىب األربعة‪،‬‬
‫فاشتغاؿ ىذا ا‪٤‬بنكر بزكاؿ ىذا اإلعتقاد الفاسد ٍأكٔب بو‪ٌ .‬‬
‫يتأٌب منو اإلنكار أيضا إالٌ إذا كاف يعتقد نفي ا‪٢‬ب ٌق عن غّبىا من مذاىب العلماء‪،‬‬
‫كىذا ال ٌ‬
‫كمذىب الثورم‪ ،‬كاألكزاعي‪ ،‬كعطاء‪ ،‬كابن جريج‪ ،‬كعكرمة‪ ،‬ك‪٦‬باىد كمعمر‪ ،‬كعبد الرزاؽ‪،‬‬
‫كالبخارم‪ ،‬كمسلم‪ ،‬كابن جرير‪ ،‬كابن خزٲبة‪ ،‬كابن ا‪٤‬بنظر كطاكس‪ ،‬كالنخعي‪،‬‬
‫كقتادة‪ ،‬كغّبىم من التابعْب كأتباعهم إٔب مذاىب الصحابة رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ .‬كىذا‬
‫اعتقاد فاسد‪ ،‬فاشتغالو بدكائو ٍأكٔب من اشتغالو ابإلنكار على أكلياء هللا ا‪٤‬بفتوح عليهم‪ .‬كإذا‬
‫علمت أنٌو ال يسوغ اإلنكار على ا‪٢‬بقيقة إالٌ ‪٤‬بن أحاط ابلشريعة‪ ،‬كال ٰبيط هبا‬
‫ى‬ ‫كصلت إٔب ىنا‬
‫ى‬
‫كل زماف‪ٌ ،‬أما غّبىم فسكوهتم‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫إالٌ النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كال يك ٌمل من كرثىتو‪ ،‬كاألغواث ُب ٌ‬
‫كأما أىل الظبلـ‬
‫خّب ‪٥‬بم كلو كانوا يعلموف‪ .‬ككبلمنا ُب اإلنكار على أىل ا‪٢‬ب ٌق من أىل الفتح‪ٌ ،‬‬
‫كالضبلؿ فبل ‪ٚ‬بفي أحوا‪٥‬بم على من مارسهم‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪:‬‬
‫حضرت لبعض الناس‪ ،‬ككانت لو فطنة كحذاقة‪ ،‬فسمع سائبل يسأؿ كليٌان مفتوحان عليو على‬
‫ي‬ ‫كقد‬
‫لي عليو ٍبٌ نسبىوي فلم يفعلو‬
‫القب ٌ‬
‫ب السجود ٍ‬
‫السورة الٍب بعد ٌأـ القرآف إذا نسيىها ا‪٤‬بصلٌي كترتٌ ى‬
‫بناء على أ ٌف ُب السورة ثبلث‬ ‫حٌب سلٌم كطاؿ ا‪٢‬باؿ‪ ،‬ىل تبطل الصبلة بَبؾ السجود القبلي ن‬
‫األكؿ الشيخ ا‪٢‬بطٌاب كغّبه كإٔب‬ ‫يسنى ون أـ ال بناءن على أنٌو ليس فيها ثبلث يسنن؟ كقد ذىب إٔب ٌ‬
‫الثا٘ب يش ٌراح الرسالة‪ .‬كطلب السائل من ىذا الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو أف ييػ ىعًٌى‬
‫ْب لو ا‪٢‬ب ٌق عند هللا تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪135‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمن‬
‫الوٕب سريعا‪ :‬ا‪٢‬ب ٌق عند هللا تعأب ىو أ ٌف السورة ال يوجب نسياهنيا سجودان أصبل‪ ،‬ى‬
‫فأجابو ٌ‬
‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو عاميٌا أميٌا‪ ،‬ككاف السائل يعرفو كيعرؼ ارتقاء‬
‫سجد ‪٥‬با بطلت صبلتو‪ .‬ككاف ٌ‬
‫كأما الذم لو حذاقة‬ ‫ً‬
‫فلما ‪٠‬بع جوابو ىعل ىم أنٌو ىو ا‪٢‬ب ٌق الذم ال ريب فيو‪ٌ ،‬‬
‫درجتو ُب الفتح‪ٌ .‬‬
‫الوٕب ػ‬
‫الوٕب‪ :‬إ ٌف ىذا الرجل ػ يعِب ٌ‬
‫شك كارتياب‪ ،‬فقاؿ للسائل بعد أف قاما عن ٌ‬ ‫كفطانة فدخلو ٌ‬
‫جاىل ال يعرؼ شيئا‪.‬‬
‫أنظر كيف جهل حكم هللا ُب ىذه ا‪٤‬بسألة فقاؿ إ ٌف اترؾ السورة ال سجود عليو‪ ،‬كقد ع ٌدىا ابن‬
‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو ال‬
‫رشد ُب السنن ا‪٤‬بؤٌكدة كما ع ٌد فيها ا‪١‬بهر كالسر‪ .‬فأجابو السائل أب ٌف ٌ‬
‫يتقيٌد ٗبذىب‪ ،‬بل يدكر مع ا‪٢‬بق أينما دار‪ .‬فقاؿ الذم لو حذاقة كفطانة‪ ،‬ككاف من طلبة العلم‪،‬‬
‫‪٫‬بن ال نتجاكز أقواؿ إمامنا مالك‪.‬‬
‫الوٕب ا‪٤‬بفتوح عليو قد ركاه أشهب عن مالك كما نقلو ُب‬
‫فأجابو السائل أب ٌف ىذا الذم قالو ٌ‬
‫بسنَّة‪ٍ ،‬ب ىو مذىب الشافعي رضي هللا‬
‫ليست ي‬
‫ٍ‬ ‫التوضيح‪ ،‬فركل عن اإلماـ أ ٌف السورة مستحبٌة‬
‫تعأب عنو‪ ،‬فعنده أ ٌف السورة من ا‪٥‬بيئات التحسينية كليست من السنن‪ ،‬كمن سجد ‪٥‬با بطلت‬
‫صبلتو‪ٍ .‬بٌ سؤالنا الوٕب إ ٌ٭با كاف عن تعيْب ا‪٢‬ب ٌق من غّب تقييد كٓب يكن عن خصوص ا‪٤‬بشهور من‬
‫عْب ما سألناه عنو‪ ،‬ككافق ذلك ركاية عن مالك‪ ،‬كىي مذىب الشافعي‬
‫مذىب مالك‪ ،‬كقد ٌ‬
‫فلما قاؿ السائل ىذا‬
‫الوٕب ُب جوابو؟ ٌ‬
‫بقيت على ٌ‬ ‫فأم تبعة ٍ‬‫رضي هللا تعأب عنهما‪ٌ ،‬‬
‫القوؿ‪ً ،‬‬
‫ك‪٠‬بعو الذم لو حذاقة‪ ،‬إنقطع كٓب ي ٍد ًر مايقوؿ اىػ‬
‫‪ .‬كقاؿ الشيخ عبد الوىاب الشعرا٘ب ُب الرسالة ا‪٤‬بباركة‪:‬‬
‫فح ٍك يم ا‪٤‬بقلٌد مع العارؼ ُب ا‪١‬بداؿ حكم اثنْب دخل أحدٮبا بيتا هناران كرأل ‪ٝ‬بيع ما فيو‪،‬‬
‫ي‬
‫فاألكؿ الذم دخل‬
‫كظن صدقهم‪ٌ .‬‬
‫كاآلخر ٓب يدخلٍو لكن أخربه ‪ٝ‬باعة أب ٌف داخل ىذا البيت كذا ٌ‬
‫مثاؿ للعارؼ‪ ،‬كالذم ٓب يدخل مثاؿ للمقلٌد‪.‬‬

‫قيمو عليو الذم ٓب يدخل من‬


‫فالذم دخل البيت هناران كرأل ‪ٝ‬بيع ما فيو ال يتزلزؿ عن علمو ٗبا يي ي‬
‫حسو‪.‬‬ ‫ًً‬
‫أدلٌة ا‪٤‬بخربين الذين ٓب يدخل أحد منهم البيت كلو بلغوا ىح ٌد التواتر أل ٌف أحدا ال يك ٌذب ٌ‬
‫كحكم ا‪٤‬بقلٌد مع ا‪٤‬بقلٌد ُب جدا‪٥‬بما حكم اثنْب ٓب يدخل كاحد منهما البيت‪ ،‬أك دخبله ُب ظلمة‬ ‫ي‬
‫أك ذىوؿ‪ٍ ،‬بٌ اختلفا ُب صفة داخل البيت‪ ،‬فليس كاحد منهما على يقْب فيما يقولو ُب صفتو‪.‬‬
‫صحة عقلو كرأل‬
‫كل كاحد منهما البيت هنارا مع ٌ‬
‫كحكم العارؼ مع العارؼ حكم اثنْب دخل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪136‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ط ُب علمهما ابهلل تعأب‬
‫‪ٝ‬بيع ما فيو‪ ،‬فهما متٌفقاف ال خبلؼ بينهما‪ ،‬كلذلك ٓب ٱبتلف اثناف ق ٌ‬
‫كالسنٌة بعض ما‬
‫فهم‪ ،‬فما ًبٌ ما أبيدم اجملتهدين من ا‪٤‬بسائل الٍب فهموىا من الكتاب ي‬
‫أبدا‪ ،‬فا ٍ‬
‫عند العارؼ بدليل ما ق ٌدمناه من علوـ العارفْب رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ً :‬كمن ‪ٝ‬بلة تلك العلوـ ما أكدعو ُب كتاب تنبيو األغبياء على قطرة من ٕبر علوـ األكلياء‪،‬‬
‫الدر النظيم‬
‫كل علم منها ال يدرؾ لو قعر‪ٍ ،‬بٌ ذىىك ىر منها ُب كتابو ٌ‬
‫كىو كاحد كسبعوف ألف علم‪ٌ ،‬‬
‫ُب علوـ القرآف العظيم ‪٫‬بو ثبلثة آالؼ منها‪ ،‬قاؿ‪ :‬ككاف الباعث لو على أتليفو حفظ حرمة أىل‬
‫هللا حْب ‪٠‬بع ىمن ال خلطو لو هبم ينكر عليهم‪ ،‬كينسبهم إٔب العوامية كا‪١‬بهل‪.‬‬
‫كمن ‪ٝ‬بلتها أيضا مائة ألف كعلم كسبعة كأربعوف ألف علم كتسعمائة كتسعة كتسعوف علم قاؿ‬
‫أ ٌف شيخو عليٌا ا‪٣‬بواص أخربه أ ٌف الشيخ إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب أخرجها من سورة الفا‪ٙ‬بة‪ .‬كأربعمائة علم‬
‫اختص هبا العارفوف‪ٓ ،‬ب يعلم أحد من العلماء أ‪٠‬باءىا فضبل عن ا‪٣‬بوض فيها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كأحد عشرة علما‬
‫قوة الشفقة على ا‪٤‬بنكرين اىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ ‪٧‬بي الدين بن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي‬
‫كقاؿ ‪ٞ‬بىلو على ذكرىا ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬

‫كالرسل ما أخذتو الرسل‪ ،‬كيعرفوف‬


‫فللو خلفاء ُب خلقو غّب الرسل أيخذكف من معدف الرسوؿ ي‬
‫أم أف يزيد ُب األحكاـ‪ ،‬كىذا ا‪٣‬بليفة ليس‬
‫فضل ا‪٤‬بتق ٌدـ ىناؾ‪ ،‬لكن الرسوؿ قابل للزايدة‪ٌ ،‬‬
‫بقابل للزايدة الٍب لو كاف الرسوؿ قبًلى ىها‪ ،‬فبل يعطي من ا‪٢‬بكم كالعلم فيما شرع إالٌ ما شرع‬
‫الرسوؿ خاصة ٖببلؼ الرسل‪.‬‬
‫لت فيو اليهود أنٌو ال يزيد على موسى مثل ما قلنا ُب‬
‫أال ترل أف عيسى عليو السبلـ ‪٤‬بٌا ‪ٚ‬بيٌ ٍ‬
‫قرره موسى‪،‬‬ ‫فلما زاد حكما أك نسخ حكما كاف قد ٌ‬ ‫كأقركه؟ ٌ‬ ‫ا‪٣‬ببلفة اليوـ مع الرسوؿ آمنوا بو ٌ‬
‫ً‬
‫كجهلت اليهود األمر على ما ىو عليو‪،‬‬ ‫لكو ًف عيسى رسوال‪ٓ ،‬ب ٰبتملوا ذلك ألنٌو اعتقادىم فيو‪،‬‬
‫ٍ‬
‫فلما كاف رسوال‬
‫قصتو ما أخربان ا‪٥‬با تعأب ُب كتابو العزيز عنو كعنهم‪ٌ .‬‬
‫فطلبت قتلو‪ ،‬ككاف من ٌ‬
‫تقرر أك زايدة حكم‪ ،‬على أ ٌف النقص زايدة يح و‬
‫كم ببل‬ ‫ً‬
‫قبل الزايدةى بشيء ٌإما بنقض يحكم قد ٌ‬
‫شك‪.‬‬‫ٌ‬
‫تقرر ابإلجتهاد‪،‬‬
‫كا‪٣‬ببلفة اليوـ ليس ‪٥‬با ىذا ا‪٤‬بنصب‪ ،‬كإ ٌ٭با تنقص كتزيد على الشرع الذم قد ٌ‬
‫نص أـ ٓب ينقل‪ ،‬ال على الشرع‬
‫نص فيها حقيقة‪ ،‬سواء نقل فيها ٌ‬
‫اجملتهدات الٍب ال ٌ‬
‫أم على ى‬
‫ٌ‬
‫ٗبحمد صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬فقد يظهر من ا‪٣‬بليفة ما ٱبالف حديثا ٌما ُب ا‪٢‬بكم‪،‬‬
‫شرفو ٌ‬
‫الذم ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪137‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فيتخيٌل أنٌو من اإلجتهاد كليس كذلك‪ ،‬كإ ٌ٭با ىذا اإلماـ ٓب يثبت عنده من جهة الكشف ذلك‬
‫ا‪٣‬برب عن النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كلو ثبت ى‪٢‬بى ىك ىم بو إف كاف من طريق العدؿ عن العدؿ‪،‬‬
‫فما ىو معصوـ من الوىم الذم ىو مبدأ السهو كالنسياف‪ ،‬كال من النقل على غّب ا‪٤‬بعُب الذم‬
‫ىو مبدأ التبديبلت كالتحريفات‪ .‬فمثل ىذا يقع من ا‪٣‬بليفة اليوـ‪ ،‬ككذلك يقع من عيسى‪ ،‬فإنٌو‬
‫ْب برفعو صورة ا‪٢‬ب ٌق ا‪٤‬بشركع الذم كاف النيب‬ ‫ا‪٤‬بقرر‪ ،‬فبىػ َّ ى‬
‫إذا نزؿ يرفع كثّبا من شرع اإلجتهاد ٌ‬
‫األئمة ُب النازلة الواحدة‪ .‬فنعلم قطعا أنٌو لو‬
‫عليو السبلـ عليو‪ ،‬كال سيما إذا تعارضت أحكاـ ٌ‬
‫قرره ا‪٢‬ب ٌق ُب صورة‬
‫نزؿ الوحي لنزؿ ابلوجوه‪ ،‬فذلك ىو ا‪٢‬بكم اإل‪٥‬بي كما عداه فبل‪ .‬كإف ٌ‬
‫األمة كاتٌساع ا‪٢‬بكم فيها‪.‬‬ ‫ً‬
‫اجملتهدين فقد شرع تقريره لرفٍع ا‪٢‬برج عن ىذه ٌ‬
‫اَّللي بً يك يم الٍيي ٍس ىر ىكىال يي ًري يد بً يك يم الٍعي ٍس ىر (‪ ،)1‬كقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬بعثت‬
‫قاؿ تعأب‪ :‬يي ًري يد َّ‬
‫اب‪٢‬بنيفية السهلة السمحة"‪ .‬كظاىره أنٌو لو ٓب يقع اإلختبلؼ ُب األحكاـ اإلجتهادية ما كاف‬
‫يظهر فيها الوجوه ا‪٤‬بتكثٌرة الٍب ىي سعة الر‪ٞ‬بة اجملبوؿ عليها نبٌينا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬أىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.185‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪138‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل ا‪٢‬بادم عشر‬

‫ا‪٢‬بث على ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ ابتٌقاء مواضعو‪.‬‬


‫ُب إعبلمهم أ ٌف العلماء متٌفقوف على ٌ‬
‫ًً‬
‫كل مكلٌف أف‬ ‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنٌو إٔب سواء الطريق‪ٍ :‬‬
‫إعلم أنٌو ٯبب عند ٌ‬
‫تصح بو أعما‪٥‬بم‬
‫السنٌة كا‪١‬بماعة‪ ،‬كما ٌ‬
‫يصح بو اعتقاده على مذىب أىل ي‬ ‫ٰبصل من العلم ما ٌ‬
‫ا‪٤‬بطهرة‪ ،‬كٯبب على أىل السلوؾ إٔب طريق أىل هللا الصادقْب أف ٰبصلوا من‬
‫على كفق الشريعة ٌ‬
‫تصح بو أعما‪٥‬بم على الوفاؽ بْب ا‪٤‬بذاىب األربعة‪.‬‬
‫العلم ما ٌ‬
‫قاؿ اإلماـ أبو القاسم القشّبم ُب رسالتو‪:‬‬
‫و‬
‫اعتقاد بينو كبْب‬ ‫علي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬فتجب البداية بتصحيح‬
‫‪٠‬بعت األستاذ الشيخ أاب ٌ‬‫ي‬
‫خاؿ من الضبلؿ كالبدع‪ ،‬صاد ور من الرباىْب كا‪٢‬بي ىجج‪ .‬كقاؿ بعد‬ ‫صاؼ من الظنوف كالشبو‪ ،‬و‬ ‫هللا و‬
‫كبلـ‪ :‬كإذا أحكم ا‪٤‬بريد بينو كبْب هللا تعأب عق ىده فيجب عليو أف ٰبصل من ًعل ًٍم الشريعة‪ٌ ،‬إما‬
‫كإما ابلسؤاؿ‪ ،‬ما يؤدم بو فرضو‪ ،‬فإف اختلفت عليو فتاكل الفقهاء أيخذ ابألحوط‪،‬‬ ‫ابلتحقيق ٌ‬
‫كيقصد أبدا ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬فإ ٌف الرخص ُب الشريعة للمستضعفْب كأصحاب ا‪٢‬بوائج‬
‫كاألشغاؿ‪ ،‬كىؤالء طائفة ليس ‪٥‬بم شغل سول القياـ اب‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬كلذا‬
‫ط الفقّب عن درجة ا‪٢‬بقيقة إٔب رخصة الشريعة فق ٍد فسخ عق ىده مع هللا تعأب‪ ،‬كنقض‬
‫قيل إذا ا‪٫‬ب ٌ‬
‫عهده فيما بينو كبْب هللا تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪139‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كُب الوصااي القدسية‪:‬‬
‫يصح بو اعتقادىم‬
‫كمنها‪ ،‬يعِب كمن آداب ا‪٤‬بريدين‪ ،‬أهنٌم ٯبب عليهم أف ٰبصلوا من العلم ما ٌ‬
‫يتحرزكف بو عن يشبى ًو ا‪٤‬ببتدعة‪ .‬كقاؿ بعد كبلـ‪ٰ :‬بصل‬
‫على مذىب أىل السنة كا‪١‬بماعة‪ ،‬كما ٌ‬
‫ا‪٤‬بطهرة على الوفاؽ بْب ا‪٤‬بذاىب األربعة‪.‬‬
‫تصح بو أعما‪٥‬بم على كفق الشريعة ٌ‬ ‫أيضا ما ٌ‬
‫حٌب يكوف على‬
‫حنفي ا‪٤‬بذىب ٰبتاط ُب أمر كضوئو كصبلتو كسائر عباداتو ٌ‬ ‫مثبل إذا كاف ٌ‬
‫مذىب الشافعي كمالك كأ‪ٞ‬بد ر‪ٞ‬بهم هللا تعأب أيضا صحيحا‪ ،‬فإ ٌف مذاىب ا‪٤‬بشائخ الصوفية‬
‫كاألكٔب‪ .‬فالشافعي ال‬
‫ا‪١‬بمع فيأخذكا ابألحوط ٍ‬ ‫ي‬ ‫يتيسر‬
‫على ا‪١‬بمع بْب أقواؿ الفقهاء‪ .‬كإ ٍف ٓب ٌ‬
‫أت عند ‪٤‬بس ا‪٤‬برأة‬
‫ض ى‬ ‫أت ًم ىن القلٌ ٍتْب‪ ،‬كأبو حنيفة ال يعَبض ى‬
‫عليك إذا تو ٌ‬ ‫ض ى‬ ‫يعَبض عليك إ ٍف تو ٌ‬
‫أك الذكر‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كالىتماـ العلماء هبذه القاعدة جعلوا اإلىتماـ هبا ليخرج ا‪٤‬بكلٌف من فعل عبادة اختيلًف‬ ‫ي‬
‫صحتها كبطبلهنا كرعان‪.‬‬‫ُب ٌ‬
‫قاؿ الشيخ العبلٌمة األمْب ُب ‪٦‬بموعو عند آخر فرائض الصبلة‪:‬‬
‫ً‬
‫كم ىن الورع مراعاة ا‪٣‬ببلؼ ليتٌفق على الرباءة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫و‬
‫خبلؼ)‪ ،‬كما أيٌب ُب أخر‬ ‫كقاؿ عند قولو‪( :‬كجاز تىػ ىع ُّوذه بسملةه بًنىػ ٍف ول ىكيك ًرىىا بًىف ٍر و‬
‫ض إالٌ ‪٤‬براعاة‬
‫الباب‪ ،،‬قاؿ‪ :‬كىذا أصل كبّب ُب نظائره‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كُب حاشيتو‪ :‬قولو (نظائره)‪ ،‬ىي مسائل خركج من ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كالسجود على االعضاء السبعة‪،‬‬
‫كالتسليمة الثانية كما أسلفنا‪ ،‬كالقراءة خلٍف اإلماـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كقولو (كما أسلفنا)‪ :‬يعِب قولو ُب حاشيتو عند قولو ُب السبلـ (كإ ٌ٭با يٯب ًزئ السبلـ‬
‫ي‬
‫األكٔب)‪ ،‬قولو‪:‬‬
‫كاألكٔب اإلقتصار عليو‪ ،‬فزايدة كر‪ٞ‬بة هللا كبركاتو ىنا خبلؼ ٍ‬
‫عليكم‪ٍ ،‬‬
‫تسليمتْب‬
‫ٍ‬ ‫صحة الفرض من‬ ‫األكٔب إالٌ لقصد ا‪٣‬بركج من خبلؼ ا‪٢‬بنابلة‪ ،‬ال ب ٌد ُب ٌ‬
‫خبلؼ ٍ‬
‫كل منهما السبلـ عليكم كر‪ٞ‬بة هللا‪ ،‬كال يشَبط ذلك‬‫عندىم على اليمْب كعلى اليسار يقوؿ ُب وٌ‬
‫ُب النفل‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫تعلم يقينا‬
‫صحة العبادة ُب مرتبة األكلويٌة عند غّبه ي‬
‫كل شيء جعلو اإلماـ شرطا ُب ٌ‬‫جعلت ٌ‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫أ ٌف مراعاة ا‪٣‬ببلؼ ًمن أعظم الورع‪ ،‬كذلك كالقوؿ ابشَباط الطهارة اب‪٤‬باء ا‪٤‬بطلق‪ ،‬ككالقوؿ‬
‫ابشَباط النيٌة كالَبتيب كالتسمية كا‪٤‬بواالة ُب الوضوء‪ ،‬ككالقوؿ بوجوب قراءة الفا‪ٙ‬بة كقراءة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪140‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫البسملة ٌأك‪٥‬با‪ ،‬كاإلعتداؿ‪ ،‬ك‪٫‬بو ذلك ُب سائر أبواب الفقو‪ .‬أنظر الرسالة ا‪٤‬بباركة للشعرا٘ب‪.‬‬
‫كقاؿ اإلشبيلي ُب شرح األربعْب النوكية‪:‬‬
‫كأما ا‪٤‬بختلف فبل إنكار فيو‪.‬‬ ‫كالعلماء إ ٌ٭با ينكركف ما أ ً‬
‫ي‪ٝ‬بع عليو‪ٌ ،‬‬ ‫ي‬
‫‪٧‬ببوب‬
‫ه‬ ‫سن‬
‫ٍبٌ قاؿ بعد كبلـ‪ :‬لكن إف ندبنا على جهة النصيحة أب ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ فهو ىح ى‬
‫ا‪٢‬بث على ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫برفق فإ ٌف العلماء متٌفقوف على ٌ‬‫إٔب فً ٍعلًو و‬
‫كقاؿ الشيخ دمحم بن يوسف ا‪٤‬بواؽ ُب سنن ا‪٤‬بهتدين‪:‬‬
‫خاصتو أبش ٌد ما قيل ابإلجتهاد ُب‬ ‫ً‬
‫حض زاي هد ىمالكان على أ ٍف أيخذ لنفسو ُب ٌ‬ ‫قاؿ ابن رشد‪ٌ :‬‬
‫أحكاـ الدين‪.‬‬
‫كقاؿ أبو حامد‪ :‬اتٌقاء مواضع ا‪٣‬ببلؼ يم ًه ٌم ُب الورع ُب ح ٌق ا‪٤‬بفٍب كا‪٤‬بقلٌد‪ ،‬كالفرار من ا‪٣‬ببلؼ‬
‫إٔب اإل‪ٝ‬باع ًمن الورع ا‪٤‬بؤٌكد‪.‬‬

‫ا‪٢‬بث على ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ‪.‬‬


‫كقاؿ الشيخ ‪٧‬بي الدين النوكم‪ :‬أىل العلم متٌفقوف على ٌ‬
‫مالك ييطيل الركوع كالسجود‪ ،‬كإذا كقع ُب الصبلة كأنٌو خشبة ايبسة ال‬ ‫كقاؿ أبو مصعب‪ :‬كاف ه‬
‫فت ًمن ىذا‪ ،‬قاؿ‪ :‬كما ينبغي و‬
‫ألحد أ ٍف‬ ‫فلما أصابو ما أصابو قيل لو‪ :‬لو خ ٌف ى‬ ‫يتحرؾ منو شيء‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫س ين ىع ىمبلن (‪.)1‬‬ ‫ً‬
‫ىح ى‬‫حسنوي‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬ليىػ ٍبػليٌويك ٍم أىيٌ يك ٍم أ ٍ‬
‫يعمل عمبل هلل إالٌ ٌ‬
‫ً‬
‫األخذ اب‪١‬ب ٌد ُب الدين‪ ،‬كما أ‪ٝ‬بع‬ ‫ٍب قاؿ ا‪٤‬بواؽ‪ :‬أنظر ىذا الكبلـ الذم كاف عليو مالك ًم ىن‬
‫قاء مواضع ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كمراعاة األنفاس مع هللا‪ ،‬كإيثار األثقل على النفس‪،‬‬ ‫عليو العلماء ًمن اتٌ ً‬
‫كاألفضل الذم لو فاجأه ا‪٤‬بوت كىو عليو ما كجد أفضل منو‪ ،‬كال يو ٌد أ ٍف يلقى هللا إالٌ عليو كما‬
‫شك فيو‪.‬‬
‫قالو سحنوف كغّبه ىو ا‪٢‬ب ٌق الذم ال ٌ‬
‫ذـ ىذا ا‪٤‬بقاـ كقاؿ إنٌو من ‪٥‬ب ًو ا‪٢‬بديث‪ ،‬أك بدعة ابلنسبة إٔب ىذا ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬فأقوؿ ٗبوجبو‪:‬‬
‫فمن ٌ‬
‫ى‬
‫الذـ مطلقا من غّب نسبة إضافية‪ ،‬كالسيما كرٌٗبا ال يكوف ىو ُب ىذا ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬فذلك يح ٌجة‬
‫كأما ٌ‬
‫ٌ‬
‫عليو كمذىب لبقاء أقاكيل العلماء‪ ،‬كمن شاف العلماء ابهلل كأبحكاـ هللا أف يذىبوا مع الناس ُب‬
‫أجل ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬مقرائ فقيها‪ ،‬قاؿ‪ً :‬من يح ً‬
‫كم ا‪٢‬بكيم أ ٍف ييػ ىو ًٌس ىع‬ ‫الرخصة كالسعة‪ .‬ككاف رك‪ٙ‬ب من ٌ‬
‫على إخوانو ُب األحكاـ كيضيًٌق على نفسو فيها‪ ،‬فإ ٌف التوسعة اتٌباع ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كالتضييق على‬
‫نفسك ًمن الورع‪.‬‬
‫َّاس يكليوا ً‪٩‬بَّا ًُب األ ٍىر ً‬
‫ض ىحبلىالن طىيًٌبان (‪:)2‬‬ ‫ُب الذىب اإلبريز‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الن ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪141‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ت بو العادة اليوـ ُب اإلمتناع من‬
‫كأما اإلعتماد على إماـ كاحد مطلقا ُب ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بسائل‪ ،‬كما ىج ىر ٍ‬
‫ٌ‬
‫كل قضيٌة تعرض‬‫ا‪٣‬بركج من مذىب مالك عند مقلٌديو‪ٗ ،‬بخلص للورع‪ ،‬فبل ب ٌد من السؤاؿ ُب ٌ‬
‫إ ٍف كاف ُب الوقت أىل السؤاؿ‪ ،‬فإف عي ًدـ فرٌٗبا يقبل عذره ُب البقاء على معتقده ُب مقلٌده إف‬
‫شاء هللا‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كىذا كبلـ عجيب ش ٌد يدؾ عليو فإنٌو نفيس قى َّل ىمن تىػنىػبٌوى لو‪ .‬كُب شرح أقرب ا‪٤‬بسالك‬
‫ي‬
‫‪٤‬بذىب اإلماـ مالك‪:‬‬
‫قاؿ بعضهم ٯبب على ا‪٤‬بكلٌف طلب ا‪٢‬ببلؿ ا‪٤‬بتٌفق عليو عند أىل العلم‪ ،‬فإف ٓب ٯبد فا‪٤‬بتٌفق‬
‫عليو عند أىل ا‪٤‬بذىب‪ ،‬فإف ٓب ٯبد فا‪٤‬بختلف فيو ُب ا‪٤‬بذىب‪ ،‬فإف ٓب ٯبده فا‪٤‬بختلف فيو ُب‬
‫غّبه‪ ،‬فإف ٓب ٯبد فليجتهد ُب معرفة أصل ما يشَبيو‪ ،‬فإف تع ٌذر فشراء ا‪٣‬ببز ٍأكٔب من شراء‬
‫الدقيق‪ ،‬كشراء الدقيق ٍأكٔب من شراء القمح‪ ،‬كشراء القمح اجمللوب عن و‬
‫قرب ٍأكٔب من شرائو عن‬
‫أكل ا‪٢‬ببلؿ‪ ،‬كاستعمل لسائر استعماالتو الباقي‪ .‬أىػ‪.‬‬ ‫و‬
‫كمن كاف عنده حبلؿ كمتشابو ى‬ ‫بعد‪ ،‬ى‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫‪.1‬سورة ىود‪ ،‬اآلية ‪.7‬‬
‫‪.2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.168‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪142‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثا٘ب عشر‬

‫كل عاقل يريد ‪ٚ‬بليص نفسو من الرذائل النفسانية كالشيطانية ا‪٤‬بيٍرًديىة‪،‬‬


‫ُب إعبلمهم أنٌو ٯبب على ٌ‬
‫انصح‪ ،‬في ً‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫و‬
‫لقي إليو‬ ‫متبح ور ُب العلوـ‪ ،‬عارؼ ابلعيوب كالعلل‪ ،‬و ي‬ ‫شيخ مرشد‪ٌ ،‬‬‫طلب و‬
‫عاجبل كآجبل‪ ،‬ي‬
‫القيادة‪ ،‬كيتبع أكامره‪ ،‬كال ٱبالفو ُب شيء‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف شيخنا رضي هللا تعأب‬
‫كل فرد فرد أك على البعض دكف‬ ‫ً‬
‫طلب الشيخ فرض على ٌ‬ ‫عنو كأرضاه كعنٌا بو يسئ ىل‪ :‬ىل ي‬
‫الكل؟ فأجاب‪:‬‬‫البعض‪ ،‬كما السبب ُب ٌ‬
‫عدـ طىلىبً ًو‬ ‫كم ٍن ً‬ ‫أ ٌف طلب الشيخ ُب الشرع ليس بواجب كجواب شرعيا يلزـ ًمن طىلىبً ًو الثواب ً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫العقاب‪ ،‬فليس ُب الشرع شيء ًمن ىذا‪ ،‬كلكنٌو كاجب ًمن طريق النظر‪ُ ،‬ب مثل الظمآف إذا‬
‫الزـ ًمن طريق النظر‪ ،‬كطريق النظر ُب ىذا ما‬ ‫بطلبو ىلك‪ ،‬فطلبيو عليو ه‬ ‫احتاج إٔب ا‪٤‬باء‪ ،‬كإ ٍف ٓب ٍ‬
‫كل ما‬
‫كالتوجو إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بيٌة ابإلعراض عن ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ق ٌدمناه ًمن ىك ٍوف الناس يخلقوا لعبادة هللا‪،‬‬
‫سواىا‪ ،‬كعلم ا‪٤‬بزيد ما ُب نفسو من التثبٌط كالتثبيط عن النهوض إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية بًتىػ ٍوفًيىة‬
‫ا‪٢‬بقوؽ كاآلداب‪ ،‬كعلم أنٌو ال ملجأ لو من هللا كال منجا إف قاـ مع نفسو متٌبعا ىواىا‪ ،‬يمع ًرضا‬
‫عن هللا تعأب‪ ،‬فإنٌو هبذا النظر ٯبب عليو طلب الشيخ الكامل‪.‬‬
‫كىذا الوجوب النظرم أمر كضعي طبيعي ليس من نصوص الشرع‪ ،‬إ ٍذ ليس ُب نصوص الشرع‬
‫كل فرد فرد من ‪ٝ‬بيع العباد‪ ،‬كال‬ ‫ً‬
‫إالٌ كجوب ٍتوفيىة القياـ ٕبقوؽ هللا تعأب ظاىرا ك ابطنا على ٌ‬
‫ألحد ُب ترؾ ذلك من طريق الشرع‪ ،‬كال عذر لو‪ُ ،‬ب غلىبىة ا‪٥‬بول عليو كعجزه عن مقاكمة‬ ‫عذر و‬
‫وب ذلك ك‪ٙ‬بر‪ٙ‬ب تركو لوجوب العقاب عليو‪.‬‬ ‫نفسو‪ُ ،‬ب الشرع إالٌ يك يج ً‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪143‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫فهذا ما كاف ُب الشيخ‪ ،‬كال شيخ ٯبب طلبو إالٌ شيخ التعليم الذم يعلم كيفية األمور الشرعية‪،‬‬
‫كل جاىل‪ ،‬ال‬
‫أك يطلب فعلها من العبد أمرا كهنيا‪ ،‬كفعبل كتركا‪ ،‬فهذا الشيخ ٯبب طلبو على ٌ‬
‫يسع أح هد تركو‪ ،‬كما كراء ذلك من الشيوخ ال يلزـ طلبو من طريق الشرع‪ ،‬لكن ٯبب طلبو من‬
‫كل كجو‪ ،‬كانعدمت‬ ‫ً‬
‫كعجز عن الدكاء من ٌ‬ ‫طريق النظر ٗبنزلة ا‪٤‬بريض الذم أعضلتو العلٌة‪ ،‬ى‬
‫بقي كذلك‪ ،‬كإف طلب ا‪٣‬بركج إٔب كماؿ‬ ‫الصحة ُب ح ٌقو‪ ،‬فنقوؿ إف شاء البقاء على ىذا ا‪٤‬برض ى‬
‫ٌ‬
‫الصحة قلنا لو ٯبب عليك طلب الطبيب ا‪٤‬باىر الذم لو معرفة ابلعلٌة كأصلها‪ ،‬كابلدكاء ا‪٤‬بزيل‬
‫ٌ‬
‫كيفان ككقتان كحاالن‪ ،‬كالسبلـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كمان ك ٍ‬
‫‪٥‬با‪ ،‬ككيفية تناكلو ٌ‬
‫زركؽ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كُب أتسيس القواعد للشيخ أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫َّ ً‬ ‫ت بىػيًٌنى ه‬
‫ين أيكتيوا‬ ‫ات ًُب ي‬
‫ص يدكًر الذ ى‬ ‫أ ٍخ يذ العلم كالعمل عن ا‪٤‬بشايخ أًبٌ من أخذه دكهنم‪ ،‬بى ٍل يى ىو آ ىىاي ه‬
‫مت ا‪٤‬بشيخة‪ ،‬سيٌما كالصحابة أخذكا عنو عليو‬ ‫ٍم (‪ ،)1‬كاتٌبع سبيل من أانب إٕب (‪ ،)2‬فلز ٍ‬ ‫ً‬
‫الٍعل ى‬
‫عبدان‪ ،‬كأخ ىذ التابعوف عن‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ ،‬كقد أخذ عن جربيل كاتٌبع إشارتو ُب أف يكوف نبيٌا ٍ‬
‫ٱبتصوف بو‪ ،‬كابن سّبين كابن ا‪٤‬بسيٌب كاألعرج أليب‬ ‫الصحابة‪ ،‬فكاف وٌ‬
‫لكل أتباع ٌ‬
‫فأما العلم كالعمل فأخذه جلي فيما‬
‫ىريرة‪ ،‬كطاكس ككىيب ك‪٦‬باىد البن عبٌاس‪ ،‬إٔب غّب ذلك‪ٌ .‬‬
‫اب‪٥‬بمة كا‪٢‬ببلؿ فق ٍد أشار إليها أنس بقولو‪" :‬ما نفضنا الَباب عن‬
‫كأما اإلفادة ٌ‬
‫ذكر كما ذكر‪ٌ ،‬‬
‫أيدينا من دفنو عليو الصبلة كالسبلـ حٌب أنكران قلوبنا‪ ".‬فأابف أ ٌف رؤية شخصو الكر‪ٙ‬ب كاف‬
‫انفعا ‪٥‬بم ُب قلوهبم‪ ،‬كالعلماء كرثة األنبياء حاال كماال كإف ٓب يدانوا ا‪٤‬برتبة‪ .‬كىذا األصل ُب‬
‫طلب القرب من أىل هللا ُب ا‪١‬بملة‪ ،‬إذ من ‪ٙ‬ب ٌقق ٕبالة ٓب ٱبل حاضركه منها‪ ،‬فلذلك أ ًيم ىر بصحبة‬
‫الصا‪٢‬بْب‪ ،‬ك يهنً ىي عن صحبة الفاسقْب‪ ،‬فافهم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫فالزٍـ‬
‫التشعب كالتشعيب‪ ،‬ى‬ ‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬ضبط النفس أبصل يرجع إليو ُب العلم كالعمل الزـ ‪٤‬بنع ٌ‬
‫للسنٌة‪ ،‬ك‪ٛ‬ب ٌكنو من ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬لّبجع فيما يى ًر يد أك ييراد مع الٍتً ىقاط‬
‫اإلقتداء بشيخ قد ‪ٙ‬ب ٌقق اتٌباعو ي‬
‫ب ٍبٌ ال‬ ‫كل طيٌ و‬
‫لفوائد الراجعة ألصلو من خارج‪ ،‬إذ ا‪٢‬بكمة ضالٌة ا‪٤‬بؤمن‪ ،‬كىو كالنحلة ترعى ٌ‬
‫تبيت ُب غّب حجبها كإالٌ ٓب يينت ىفع بعملها‪ .‬كقد تشاجر فقراء األندلس من ا‪٤‬بتأ ٌخّبين ُب اإلكتفاء‬
‫فكل أجاب على حسب فتحو‪ .‬ك‪ٝ‬بلة األجوبة دائرة على ثبلثة‬
‫ابلكتب عن ا‪٤‬بشائخ‪ٍ ،‬بٌ كتبوا‪ٌ ،‬‬
‫طرؽ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪144‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٌأك‪٥‬با‪ :‬النظر ُب ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬فشيخ التعليم تكفي عنو الكتب لبيب حاذؽ يعرؼ موارد العلم‪،‬‬
‫كشيخ الَببية تكفي عنو الصحبة لذم دين عاقل انصح‪ ،‬كشيخ الَبقية يكفي عنو اللقاء‬
‫كالتربؾ‪ ،‬كأخذ ذلك من كجو كاحد أًبٌ‪ .‬الثانية‪ :‬النظر ‪٢‬باؿ الطالب‪ ،‬فالبليد ال ب ٌد لو من شيخ‬
‫ٌ‬
‫ييربٌيو‪ ،‬كاللبيب تكفيو الكتب ُب ترقٌيو لكنو ال يسلم من رعونة نفسو‪ ،‬كإف كصل البتبلء العبد‬
‫برؤية نفسو‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬النظر للمجاىدات‪ ،‬فالتقول ال ‪ٙ‬بتاج إٔب شيخ لبياهنا كعمومها‪ ،‬كاإلستقامة ‪ٙ‬بتاج‬
‫للشيخ ُب ‪ٛ‬بييز األصلح منها‪ ،‬كقد يكتفي دكف اللبيب ابلكتب‪ ،‬ك‪٦‬باىدة الكشف كالَبقية ال‬
‫ب ٌد فيها من شيخ يرجع إليو ُب فتوحها‪ ،‬كرجوعو عليو الصبلة كالسبلـ لورقة بن نوفل لعلمو‬
‫كالسنٌة معها‪.‬‬ ‫ً‬
‫أبخبار النبوة‪ ،‬كمبادئ ظهورىا حْب فاجأه ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كىذه الطريقة قريبة من األكٔب‪ ،‬ي‬
‫اىػ‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ أبو القاسم القشّبم ُب رسالتو‪:‬‬
‫يتأدب بشيخ‪ ،‬فإ ٍف ٓب يكن لو أستاذ ال يفلح أبدا‪ .‬ىذا أبو يزيد يقوؿ‪:‬‬
‫ٍبٌ ٯبب على ا‪٤‬بريد أف ٌ‬
‫من ٓب يكن لو أستاذ فإمامو الشيطاف‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬بيٍرضية‪:‬‬
‫ت بو اآلفات‬‫كالعزة ىح ٌف ٍ‬
‫ب كىو األستاذ‪ ،‬فإ ٌف الطريق لى ٌما كاف ُب غاية الشرؼ ٌ‬ ‫فبل ب ٌد من ًٌ‬
‫مؤد و‬
‫كل جانب‪ ،‬فبل يسليكو إالٌ شجاع مقداـ‪ ،‬كيكوف معو دليل كعبلمة‪ ،‬كحينئذ‬ ‫ً ً‬
‫كاألمور ا‪٤‬بيهلكة من ٌ‬
‫تقع الفائدة‪.‬‬
‫سره العزيز‪ :‬أيٌها السالك ال تدخل ىذه البداية ا‪٤‬بهلكة‬
‫قاؿ الشيخ جربيل ا‪٣‬برماابذل ق ٌدس هللا ٌ‬
‫مرة‪،‬‬
‫الربيٌة غّب ٌ‬
‫إالٌ أ ٍف تكوف ُب خفارة اتباع ا‪٢‬بضرة النبويٌة‪ ،‬كيكوف ق ٌدامك دليل قىطى ىع ىذه ٌ‬
‫كاضعا قدـ صدقو على أثر قدـ النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كغّب منحرؼ عن جا ٌدة طريق‬
‫ا‪٤‬بتابعة‪ ،‬كال ‪ٚ‬بفي على من لو أدٗب دراية كفطانة أ ٌف السّب ُب عآب الشهادة الذم ىو عآب‬
‫ا‪١‬بسميات ٌبرا كٕبرا إذا كاف بغّب دليل يكوف الغالب فيو ا‪٥‬ببلؾ فضبل عن أف يوصل إٔب‬
‫ا‪٤‬بقصود‪ ،‬فكيف ُب عآب الغيب الذم ليس من قبيل احملسوسات! فيجب على من‬
‫دليل و‬
‫عارؼ بعبلمات الطريق‪ ،‬خبّب اب‪٤‬بهالك كأدب‬ ‫ُب قلبو داعية السفر أف يبذؿ جهده ُب و‬
‫الدركب‪ ،‬قطىع ىذه البوادم ا‪٤‬ببيدة بقدـ الصدؽ مرارا‪ ،‬ككثرة ‪٦‬بيئة كذىابو فيها بعد أف كصل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪145‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كتربأ منها‪ ،‬كييطىلًٌ يق اختياره ثبلاث‬
‫كج ىد مثل ىذا الدليل ىسلٌ ىم نفسو إليو ٌ‬
‫إٔب الكعبة ا‪٢‬بقيقية‪ .‬فإذا ى‬
‫كيفنيو ُب اختيار الدليل كإردتو‪ .‬فإذا فىػ ىع ىل ذلك استع ٌد لتص ٌرؼ الشيخ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية أيضا‪:‬‬
‫يبصرؾ بعيوب‬
‫كل شيء طلب شيخ ٌ‬
‫إعلم أيٌها ا‪٤‬بريد ‪٪‬باة نفسك أ ٌف ٌأكؿ ما ٯبب عليك قبل ٌ‬
‫رحلت إٔب طلبو ُب أقصى األماكن كالببلد‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ى‬ ‫نفسك‪ ،‬كٱبرجك عن طاعة نفسك‪ ،‬كلو‬
‫كقاؿ الغزإب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب اإلحياء‪ُ ،‬ب رابع ا‪٤‬بهلكات‪:‬‬
‫أ ٌف ا‪٤‬بريد ٰبتاج إٔب شيخ كأستاذ يقتدم بو ال ‪٧‬بالة ليهديو إٔب سواء السبيل‪ ،‬فإ ٌف سبيل الدين‬
‫قادهي الشيطاف ال ‪٧‬بالة إٔب‬
‫كمن ٓب يكن لو شيخ يهديو ى‬
‫غامض‪ ،‬كسبل الشيطاف كثّبة ظاىرة‪ ،‬ى‬
‫طريقو‪.‬‬
‫ا‪٤‬بستقل‬
‫ٌ‬ ‫فمن سلك البوادم ا‪٤‬بيهلكة بنفسو من غّب خفّب فق ٍد خاطر بنفسو كأىلكها‪ ،‬كيكوف‬ ‫ى‬
‫كأكرقت ٓب تثمر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ت م ٌدة‬ ‫٘بف عن القرب‪ ،‬كإ ٍف بقيى ٍ‬ ‫بنفسو كالشجرة الٍب تنبت بنفسها‪ ،‬فإهنٌا ٌ‬
‫يفوض أمره‬ ‫فمعتىصم ً‬
‫ك األعمى على شاطئ البحر ابلقائد ٕبيث ٌ‬ ‫‪ٛ‬بس ى‬
‫فليتمسك بو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫شيخو‪،‬‬
‫ا‪٤‬بريد ي‬ ‫ي ىي‬
‫رد كال صدر‪ ،‬كال ييػ ٍب ًقي ُب متابعتو شيئا كال يى ىذر‪ ،‬كليعلم أ ٌف نفعو ُب‬
‫إليو ابلكلية‪ ،‬كال ٱبالفو ُب ًك و‬
‫ٌ‬
‫خطأ شيخو لو أخطأ اكثر من نفعو ُب صواب نفسو لو أصاب‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أبو النجيب السهركردم ُب كتابو آداب ا‪٤‬بريدين‪:‬‬

‫ٌأكؿ ما يلزـ ا‪٤‬بريد بعد اإلنتباه من الغفلة أف يقصد إٔب شيخ من أىل زماف مؤ‪ٛ‬بن على دينو‪،‬‬
‫معركؼ ابلصبلح كاألمانة‪ ،‬عارؼ ابلطريق‪ ،‬فيسلٌم نفسو ‪٣‬بدمتو‪ ،‬كيعتقد ترؾ ‪٨‬بالفتو‪ ،‬كيكوف‬
‫كيسهل‬
‫عرفىوي كيفية الرجوع إٔب سيٌده‪ ،‬كيدلٌو على الطريق‪ٌ ،‬‬
‫الصدؽ حالو‪ٍ ،‬ب يلزـ الشيخ أف يي ٌ‬
‫عليو سلوكها‪ ،‬كيي ٍك ىرهي للمريد مفارقة أستاذه قبل انفتاح عْب قلبو‪ ،‬بل عليو أف يصرب ‪ٙ‬بت أمره‬
‫كهنيو ُب خدمتو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كنقل القشّبم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب عن شيخو أيب علي الدقٌاؽ ر‪ٞ‬بو هللا تعأب أنٌو قاؿ‪ :‬الشجرة إذا‬
‫أنبتت بنفسها من غّب غارس فإهنٌا تيوًر يؽ كال تيػثٍمر‪ ،‬كذلك ا‪٤‬بريد إذا ٓب يكن لو أستاذ أيخذ منو‬
‫طريقو ن ىفسان ن ىفسا فهو عابد ىواه‪ ،‬كال ًٯب يد نفاذا‪.‬‬
‫قاؿ السهركردم‪ :‬كىو كما قاؿ‪ ،‬إالٌ أهنٌا ال تثمر‪ ،‬كٯبوز أهنٌا تثمر كاألشجار الٍب ُب ا‪١‬بباؿ‬
‫كاألكدية كلكن ال يكوف لفاكهتها طعم فاكهة البساتْب كالغرس إذا نيًق ىل من موضع أكثر كأحسن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪146‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪ٜ‬بر لدخوؿ التصريف فيو‪ ،‬كقد إعترب الشرع كجود التعليم ُب الكلب ا‪٤‬بعلم كحل ما يقتلو‬
‫ٖببلؼ غّب ا‪٤‬بعلم‪.‬‬
‫كقاؿ السهركردم أيضا‪٠ :‬بعت كثّبا من ا‪٤‬بشايخ يقولوف‪ :‬ىمن ٓب ير مفلحا ال يفلح‪.‬‬
‫يتأدب بكتاب كال يسنٌة‪.‬‬ ‫يتأدب أبكامر الشيوخ كأتديبهم فبل ٌ‬ ‫قاؿ بعض ا‪٤‬بشايخ‪ :‬من ٓب ٌ‬
‫كل ىمن ٓب يكن لو أستاذ يوصلو بسلسلة‬ ‫كقاؿ الشيخ أبو العباس ا‪٤‬برسي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬ك ٌ‬
‫ب لو‪،‬‬ ‫ً‬
‫سى‬ ‫اإلتٌباع‪ ،‬كيكشف لو عن قلبو القناع‪ ،‬فهو ُب ىذا الشأف لقيط ال أب لو‪ ،‬ىدع ٌي ال نى ى‬
‫ضو‬
‫فإف ٓب يكن لو نور فالغالب عليو غلبة ا‪٢‬باؿ عليو‪ ،‬كالغالب عليو كقوفو مع ما يرد عليو ٓب تيريٌ ٍ‬
‫سياسة التأديب‪ ،‬كٓب يقلٌده زماـ الَببية التدريب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية ‪.49‬‬


‫‪.2‬سورة لقماف‪ ،‬اآلية ‪.15‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪147‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثالث عشر‬

‫ُب إعبلمهم أنٌو ال يصل السالك الناسك إٔب حضرة هللا‪ ،‬كحضرات صفاتو كأ‪٠‬بائو‪ ،‬كلو ى‪ٝ‬بى ىع‬
‫الثقلْب‪ ،‬إالٌ على ي ىد ٍم أصحاب اإلذف‬ ‫كعبى ىد عبادة ٍ‬‫ب طوائف الناس‪ ،‬ى‬ ‫علوـ األكلْب‪ً ،‬‬
‫كصح ى‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫ا‪٣‬باص‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬يى ىو الَّ ًذم أ ٍىر ىس ىل‬
‫ىر يسولىوي ًاب ٍ‪٥‬بيىدل ىكًدي ًن ا ٍ‪٢‬بىًٌق (‪ ،)1‬قاؿ ُب العرائس‪:‬‬
‫إ ٌف هللا سبحانو ىس َّن يسنٌة أزلية أ ٍف ال ٯبد أح هد سبيلىو إالٌ ما يقيٌض هللا لو أستاذا عارفا ابهلل‪ ،‬كبس ًٌر‬
‫دينو كربوبيتو‪ ،‬فيدلٌو إٔب منهاج عبوديتو‪ ،‬كمعارج ركحو كقلبو إٔب مشاىدة ربوبيتو‪ ،‬كيكوف ىو‬
‫كاسطة بينو كبْب هللا تعأب كإف كاف الفضل بيد هللا يؤتيو من يشاء بغّب علٌة كال سبب‪ .‬جعلو‬
‫كصّبه شفيعا للجناايت ال شريكا ُب ا‪٥‬بداايت‪ ،‬ىداه نور القرآف‬
‫للتأدب ال للتقريب‪ٌ ،‬‬
‫كاسطة ٌ‬
‫كدينو حقيقة البياف مع إظهار الربىاف‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ شيخنا هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو‪:‬‬
‫إعلم أ ٌف هللا سبحانو كتعأب جعل ُب سابق علمو‪ ،‬كنفوذ مشيئتو‪ ،‬أ ٌف ا‪٤‬بدد الواصل إٔب خلقو من‬
‫فم ٍن فزع إٔب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كل عصر مع ا‪٣‬باصة العليا م ٍن خلقو م ىن النبيٌْب كالص ٌديقْب‪ ،‬ى‬
‫فيض ر‪ٞ‬بتو ٯبرم ُب ٌ‬
‫كصحبىهم‪ ،‬كاقتدل هبم‪ ،‬كاستم ٌد منهم‪ ،‬فاز بًنىػ ٍيل‬ ‫أىل عصره األحياء من ذكم ا‪٣‬باصة العليا‪ً ،‬‬
‫ا‪٤‬بدد الفائض من هللا تعأب‪ ،‬كمن أعرض عن أىل عصره مستغنيا بكبلـ ىمن تق ٌد ىمو من األموات‬
‫نيب زمانو كتشريعو مستغنيا بشرائع النبيٌْب‬ ‫ً‬
‫طيب ىع عليو بطابع ا‪٢‬برماف‪ ،‬ككاف مثلو ىك ىم ٍن أعرض عن ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪148‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سجل عليو بطابع الكفر‪،‬‬
‫الذين ىخلى ٍوا قبلو فيي َّ‬
‫كالسبلـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫اى يم اقػٍتى ًدهً (‪:)2‬‬
‫اَّللي فىبً يه ىد ي‬
‫ين ىى ىدل َّ‬ ‫كقاؿ ُب العرائس‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬أيكلىئً ى َّ ً‬
‫ك الذ ى‬
‫األئمة‪ .‬أال ترل كيف نظر ا‪٤‬بصطفى صلٌى هللا‬
‫تصح اإلرادة إالٌ ابألخذ من ٌ‬
‫قيل ُب ىذه اآلية ال ٌ‬
‫عليو كسلٌم ُب زمرة أصحابو فقاؿ عليو الصبلة كالسبلـ‪" :‬إقتدكا ابلذين من بعدم أيب بكر‬
‫ت بدايتو‪ ،‬كسلك سلوؾ‬
‫صح ٍ‬
‫يصح اإلقتداء إالٌ ٗبن ٌ‬
‫كعمر" رضي هللا تعأب عنهما‪ .‬فبل ٌ‬
‫السادات‪ ،‬كأثٌر فيو بركات شهودىم‪ .‬أال ترل ا‪٤‬بصطفى صلٌى هللا عليو كسلٌم يقوؿ‪" :‬طوىب ‪٤‬بن‬
‫أم فاز ىمن أثٌرت فيو رؤيٍب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫رآ٘ب"‪ٌ ،‬‬
‫قاؿ الساحلي ُب بغية السالك‪:‬‬
‫أ ٌف ا‪٤‬بقصود األعظم من الشريعة ىو تطهّب النفس من كدرات متعلقات ا‪١‬بسم ابلتزكية عن‬
‫األكصاؼ الذميمة‪ ،‬كالتحلية ابألكصاؼ ا‪٢‬بميدة‪ ،‬حٌب تى ً‬
‫ص ىل إٔب معرفة هللا تعأب‪ ،‬كىذا ال يكوف‬ ‫ٌ‬
‫إالٌ ٗبعرفة النفس‪ ،‬كمعرفة ًعلىلً ىها على اختبلفها‪ ،‬ا‪٤‬بفرد ًمن ذلك كا‪٤‬برٌكب‪ ،‬كمعرفة األدكية‬
‫كخصو آباثر حكمتو‪،‬‬
‫كاألغذية‪ ،‬كال ٰبكم ذلك إالٌ الراب٘ب الذم ٌنور هللا ابطنو أبنوار معرفتو‪ٌ ،‬‬
‫كالسنٌة‪.‬‬
‫كأطلعو على أسرار شريعتو‪ ،‬كأكقفو على معا٘ب الكتاب ي‬
‫كال يكوف ذلك إالٌ ٗبن سلك طريق الدين‪ ،‬كقطع منازؿ السالكْب‪ ،‬ك‪ٚ‬بلٌص من نفسو على أيٍدم‬
‫ابلقوة ا‪٤‬بقتضيٌة‬ ‫و‬
‫كخصوي ٌ‬
‫كأىلىوي هللا تعأب ‪٥‬بداية غّبه‪ٌ ،‬‬
‫حٌب صار على بيٌنة من ربٌو‪َّ ،‬‬
‫كارث آخر ٌ‬
‫ً‬
‫قصر عن ىذه األكصاؼ‬ ‫لذلك‪ ،‬كحصل لو ا ًإلذف الصحيح الصريح ُب ذلك من قدكتو‪ .‬ى‬
‫كمهما ي‬
‫عرفت‬
‫ى‬ ‫فإنٌو معلوؿ ٰبتاج إٔب طبيب يطبٌو‪ ،‬كرٗبا بقي فيو من البقيٌة ما ال ٱبلو من غلط‪ .‬فقد‬
‫سمى كاراثن ىمن حصل على بعض األكصاؼ ا‪٤‬بذكورة بنوع‬ ‫الطييب‪ :‬كىو الوارث الكامل‪ .‬كقد يي َّ‬
‫اجملاز لكن منفعتو مقصورة على نفسو‪ ،‬كقد ينتفع بو القليل ا‪٣‬باص‪.‬‬

‫كتطهرت‬ ‫ً‬
‫علمو‪ ،‬كقول عقلو‪ٌ ،‬‬ ‫كأما اإلنتفاع الكثّب فبل يكوف إالٌ من الوارث الكامل‪ ،‬الذم رسخ ي‬
‫ٌ‬
‫نفسو‪ ،‬كصدقت فراستو‪ ،‬كترجح رأيو‪ ،‬كسلً ٍ‬
‫مت فطنتو‪ ،‬كامتحى ىواه‪ ،‬كانشرح صدره أبنوار‬
‫ا‪٤‬بعارؼ كنفحات األسرار‪ ،‬كأخ ىذ عن شيخ كارث هبذه الصفات‪ ،‬كأ ًيذ ىف لو ُب اإلنتصاب ‪٥‬بداية‬
‫ا‪٣‬بلق بتخليص أنفسهم من عللها‪ ،‬كىذه ىي الوراثة ا‪٢‬بقيقية‪ .‬فعليك ٌ‬
‫اب‪ٚ‬باذ ىم ٍن ىو هبذه‬
‫األكصاؼ قدكة ككسيلة إٔب هللا تعأب ُب خبلص نفسك كطهارتك‪ ،‬كلتملكو زماـ ا‪٢‬بكم عليها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪149‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من غّب ارتياب كال الٍتًواء كال إعراض‪ ،‬أبف تكوف بْب يديو كا‪٤‬بيٌت بْب ي ىد ٍم غاسلو‪.‬‬
‫كقد قالوا‪ :‬ىم ٍن قاؿ لشيخو " ًٓبى؟ " فإنٌو ال ينتفع بو‪ .‬كقد علٌمنا هللا تعأب ىذه الفائدة ابإلشارة‬
‫قصة موسى مع ا‪٣‬بضر عليهما السبلـ‪.‬‬ ‫إليها ُب ٌ‬
‫كُب األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫كح ٍك ًم ىمن ىٲبيٌر اب‪٤‬بريد على جباؿ الفلوس ا‪١‬بدد‪،‬‬
‫يح ٍك يم الشيخ ُب سلوكو اب‪٤‬بريد كترقيو ابألعماؿ ي‬
‫ٲبر بو على‬
‫حٌب ٌ‬
‫ضة‪ ،‬فإذا زىد فيها سلك بو ٌ‬
‫ٲبر بو على جباؿ الف ٌ‬
‫حٌب ٌ‬
‫فإذا زىد فيها سلك بو ٌ‬
‫جباؿ الذىب ٍبٌ ا‪١‬بواىر‪ ،‬فإذا زىد فيها ا‪٤‬بريد ٍأكصلىوي إٔب حضرة هللا تعأب فأكقفو بْب يديو من‬
‫غّب حجاب‪ ،‬فإذا ذاؽ ما فيو أىل تلك ا‪٢‬بضرة‬
‫شيخ فبل‬
‫كأما بغّب و‬
‫زىد ُب نعيم الدارين‪ ،‬كىناؾ يق ٌدـ على الوقوؼ بْب يى ىد ٍم هللا تعأب شيئا أبدا‪ٌ .‬‬
‫يعرؼ أحد ٱبرج من كرطات الدنيا كلو كاف ًمن أعلم الناس ابلنقوؿ ُب سائر العلوـ‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب موضع آخر‪:‬‬
‫ك اي أخي على يد شيخ يقطع عبلئقك أك يقلبها إٔب خّب‪ ،‬كإالٌ فمن الزمك كثرة الفواطع‬
‫فاسلي ٍ‬
‫تٌى ‪ٛ‬بوت‪ ،‬كقد عجز األكابر‪ ،‬فضبلن عن مثلك‪ ،‬أف يعرفوا طريق قطٍ ًع عبلئقهم أبنفسهم من غّب‬
‫حٌب ال يبقى إالٌ كاحد‬
‫شيخ فلم يقدركا‪ .‬فبل يزاؿ الشيخ أيمرؾ إبزالة العوائق كاحدا بعد كاحد ٌ‬
‫فيقوؿ لك‪ :‬أ ًزلٍوي كىا أنت كحضرة ربٌك‪.‬‬

‫كٲبى ٌل‬
‫ك‪ٙ‬بتاج اي أخي إٔب طوؿ زماف كصرب على مأمورات شيخك‪ ،‬كغالب الناس يسلك الطريق ى‬
‫فبل ٰبصل من قطع العبلئق على طائل‪ .‬كإيضاح ذلك أ ٌف طريق السّب ُب الطريق طريق غيب‪،‬‬
‫كا‪٤‬بريد كاألعمى يريد أف يسلك طريقا طوؿ عمره ما سلكها‪ ،‬كالشيخ كا‪٤‬بسافر يسلكها بنور‬
‫الشمس زماان طويبل‪ ،‬فعرؼ مهالكها‪ ،‬فهو بتقدير أنٌو يعمى أك يسّب ُب ظلمة الليل يعرؼ‬
‫ا‪٢‬باج سواء‪.‬‬ ‫ا‪٤‬بهالك أك الطريق ا‪٤‬بسدكدة‪ً ،‬‬
‫كدليل ٌ‬
‫كمن ٓب يسلٌم لشيخ ال يعرؼ ٲبشي‪،‬‬
‫قطع الطريق ك‪٪‬با من العطب‪ ،‬ى‬
‫فم ٍن سلٌم لشيخ كانقاد لو ى‬
‫ى‬
‫رٗبا يقع ُب مهلكة ال يعرؼ ا‪٣‬بركج منها حٌب ٲبوت‪ .‬كلوال أهنٌا طريق و‬
‫غيب ال يقدر أحد على‬
‫سلوكها ما كاف للدعاة إٔب هللا فائدة من أنبياء كأكلياء كعلماء‪ .‬فبل ب ٌد من مزيد خصوصية‪،‬‬
‫أتمل‪ .‬اىػ‪ .‬ما ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية‪.‬‬
‫يظن أحد أ ٌف ىذه الطريقة ٲبكن قطعها من غّب دليل فتنقطع عليو الطريق‪ ،‬كالذم يقضي‬
‫فبل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪150‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫منو العجب أ ٌف من طلب سعدل كسلمى ال يصل إليها مع كجود ا‪١‬بنسية كالقرب إالٌ بواسطة‬
‫يهديو كيوصلو‪ ،‬كىذا الغافل يطمع أ ٍف ي ً‬
‫ص ىل إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية مع ذلك البعد البعيد من غّب‬ ‫ى‬
‫أىوف عليك أمر ربٌك اي غافل! اىػ‪.‬‬ ‫كاسطة كدليل‪ .‬ما ى‬
‫كنقل القشّبم بسنده إٔب أيب علي الثقفي أنٌو قاؿ‪:‬‬
‫لو أ ٌف رجبل ‪ٝ‬بع العلوـ كلٌها‪ ،‬كصحب طوائف الناس‪ ،‬ال يبلغ مبلغ الرجاؿ إالٌ ابلرايضة ًمن‬
‫ب انصح‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫إماـ أك ًٌ‬
‫مؤد و‬ ‫شيخ أك و‬ ‫و‬
‫ضح أ ٌف ىمن راـ الوصوؿ إٔب حضرة هللا بنفسو‬
‫قلت‪ :‬قد ضرب الساحلي ُب بغية السالك مثبل يو ٌ‬
‫من غّب استصحاب شيخ مرشد‪ ،‬كاصل مأذكف لو ُب اإلرشاد‪ ،‬كارث كامل‪ ،‬قد راـ احملاؿ كلو‬
‫‪ٝ‬بع ‪ٝ‬بيع العلوـ‪ ،‬كصحب طوائف الناس‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬

‫كىو أ ٌف ملًكان ضخم ا‪٤‬بملكة‪ ،‬عظيم الشأف‪ ،‬ابىر الصفات‪ٝ ،‬بيل األفعاؿ‪ ،‬لو حظّبة بديعة‬
‫العجائب‪ ،‬كثّبة األعبلؽ كالذخائر‪ ،‬يعمرىا ىم ًن اصطفاه ًم ٍن عبيده لنفسو كاختاره ألسراره‪ ،‬فأراد‬
‫يتعرؼ لً ىم ٍن ُب ببله ك‪ٙ‬بت إايلتو من عبيده‪ ،‬كأصناؼ رعيتو‪ ،‬ليقوـ بوظائف‬
‫ىذا ا‪٤‬بلك أ ٍف ٌ‬
‫خدمتو فينالوا من‬
‫كقرر لديهم ًمن أكصافو كأفعالو ما يرغٌب ُب‬‫غرفهم بو‪ٌ ،‬‬ ‫خواص عبيده ىمن ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ٝ‬بالو‪ ،‬فوجد ‪٥‬بم ًمن‬
‫عظيم ا‪٥‬بيئة‪ ،‬حسن ا‪٤‬بوضع‪ ،‬هبً ٌي ا‪٤‬بنظر‪ٝ ،‬بيل‬
‫مبُب ى‬‫كالتعرض ‪٤‬بعرفتو‪ ،‬كأقاـ ىذا ا‪٤‬بلك ن‬
‫خدمتو ٌ‬
‫األكصاؼ‪ ،‬يعلم ‪ٝ‬بيع من يراه بتأمل كتدبر ٗبا احتول عليو ذلك ا‪٤‬ببُب من العجائب ما عليو‬
‫مالكو من عظيم الشأف ك‪ٝ‬بيل الصفات‪ ،‬كنصب من ىذا ا‪٤‬ببُب طريقا سالكة تفضي إٔب ا‪٢‬بظّبة‪،‬‬
‫خواص عبيده من يعرؼ ىذا الطريق‪ ،‬كما احتول عليو من مناىل كمراحل‪ ،‬كعقبات‬
‫ٌ‬ ‫ككاف من‬
‫كقطاع كآفات‪ ،‬ليدلٌوا ىم ٍن أراد الوصوؿ إٔب حضرة ا‪٤‬بلك على ىذه الطريق‪،‬‬
‫كل رايض ‪٧‬بتوم على صنوؼ‬
‫أم رايض من ركضات ا‪٤‬بلك‪ ،‬ك ٌ‬
‫كل مرحلة اباب يشرع ٌ‬
‫كجعل ُب ٌ‬
‫يتزكدكف إٔب‬
‫كيتنزىوف‪ ،‬كمنو ٌ‬ ‫من العجائب يم ىع ٌد لنزكؿ ا‪٤‬بسافرين على الطريق فيو يسَبٰبوف ٌ‬
‫ا‪٤‬برحلة الٍب ييػ ٍق ًد يـ عليها ا‪٤‬بسافر بعد ذلك‪ ،‬فهو ٯبد الزاد من رايض ا‪٤‬بنزؿ الذم يتلوه‪ ،‬كا‪٤‬بلك‬
‫مشرؼ ُب حضرتو ال ٱبفي عليو شيء من أحواؿ رعيٌتو كعبيده‪.‬‬
‫يعرج عليهم‪ ،‬كال قىبً ىل منهم استغراقا فيما ىم‬ ‫ً‬
‫فمنهم من ‪٠‬بع تعريف أكلئك ا‪٣‬بواص للملك فلم ٌ‬
‫فيو من العمل ألنفسهم‪ ،‬كمنهم من ‪٠‬بع خطاهبم‪ ،‬كع ىق ىل تعريفهم فص ٌدقهم ثقة أبمانتهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪151‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمعرفتهم‪ ،‬كٓب ينظركا فيما كراء ذلك‪ ،‬كمنهم من ص ٌدقهم لكن نظركا إٔب ذلك ا‪٤‬ببُب الذم علم‬
‫كص ٍن ًعو‪ ،‬كتف ٌكركا فيما احتول عليو من العجائب فحصل ‪٥‬بم بذلك زايدة يقْب‬
‫أنو ملك للملك ي‬
‫كمعرفة اب‪٤‬بلك كما ىو عليو من الصفات الٍب يشهد ‪٥‬با ذلك ا‪٤‬ببُب كٓب ينظركا فيما كراء ذلك‪،‬‬
‫كمنهم ما حصل لو ما عند الرجلْب ابلوجهْب ا‪٤‬بذكورين لكن ‪ٞ‬بلو شرؼ ا‪٥‬بمة‬

‫كقوة العزـ على أف يسعى كي يدرؾ الغاية من معرفة ىذا ا‪٤‬بلك فسأؿ‪ :‬ىل لو إٔب حضرتو من‬
‫ٌ‬
‫سبيل؟ ف يد َّؿ على ذلك الطريق فتعلٌق و‬
‫بدليل من أكلئك ا‪٣‬بواص ليدلٌو بذلك الطريق على حضرة‬
‫ا‪٤‬بلك ليتصل بغاية معرفتو فينتظم ُب سلك خواصو كأحبابو ُب حضرتو‪ ،‬فش ٌد حزامو‪ ،‬ك‪ٝ‬بع‬
‫فركا‪.‬‬
‫راحلتو‪ ،‬كرافق انسا ُب السفر إٔب ا‪٢‬بضرة‪ ،‬كلٌهم متعلٌق هبذا الدليل الذم يهديهم ٍب ٌ‬
‫حٌب عرض‬
‫فمنهم من أعرض عن دليلو كاستب ٌد بنظره كخاض ُب السفر برأيو‪ ،‬فما ىو إالٌ يسّب ٌ‬
‫حٌب انقطع بو دكف الرفقة‪،‬‬
‫لص أك غّب ذلك من اآلفات‪ ،‬أك عمى عليو الطريق ٌ‬
‫لو أسد أك ٌ‬
‫كيتزكدكا‪.‬‬
‫ليتنزىوا كيسَبٰبوا ٌ‬
‫كهنض الباقوف مع دليلهم فنزلوا ُب ا‪٤‬برحلة األكٔب ُب رايض ا‪٤‬بلك ٌ‬
‫كمنهم من اشتغل ُب تلك الرايض ابلنظر ُب ظبلؿ مبانيو كأشجاره على أف ينظر ُب عجائب‬
‫قوة يقْب ُب معرفة ا‪٤‬بلك فتخلٌف فيو‪.‬‬
‫تلك الرايض ليزداد ٗبا يشاىده من عجاب تلك الرايض ٌ‬
‫كمنهم من ٓب يشتغل ابلنظر ُب ظبلؿ مبانيو كأشجاره‪ ،‬كلكنو ازداد ٗبا يشاىده ُب تلك الرايض‬
‫كعلً ىم أ ٌف الزاد ضركرم ُب‬
‫كحرصا على لقائو‪ ،‬كرغبة ُب الوركد ُب حضرتو‪ ،‬ى‬
‫يقينا ُب معرفة ا‪٤‬بلك‪ٍ ،‬‬
‫حٌب ٓب يبق مع‬
‫كل منزؿ ٌ‬ ‫فتزكد كالزـ الدليل فلم يزؿ ا‪٤‬بسافركف يتخلٌفوف ُب ٌ‬
‫بلوغو ا‪٢‬بضّبة ٌ‬
‫قوة‬ ‫الدليل إالٌ األ‪٪‬باد األكياس ًمن الذين حصل عندىم‪ ،‬لًما شاىدكه ُب رايض كل و‬
‫منزؿ‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬
‫حٌب إذا أشرؼ ُب‬‫اليقْب ُب معرفة ا‪٤‬بلك‪ ،‬كشدة ا‪٢‬برص على اإلنتظاـ ُب خلصائو ُب حضرتو‪ٌ ،‬‬
‫ابب ا‪٢‬بضّبة أطرؽ من كصف صفات ا‪٤‬بلك ما ملك قلبو فلم يستطع‬

‫حٌب إذ دخل ا‪٢‬بضرة كاطٌلع على‬ ‫فج َّد ُب السّب مبلزما للدليل ٌ‬
‫اصطبارا‪ ،‬كال آثر عنو قرارا‪ ،‬ى‬
‫عجائبها كذخائرىا‪ ،‬كأبصر ابىر صفات ا‪٤‬بلك‪ ،‬إستغرؽ ُب حبٌو لً ىما حصل لو من معرفتو‪.‬‬
‫فكلٌما حصل ُب ا‪٢‬بضرة انتظم مع خلصاء ا‪٤‬بلك‪ ،‬فهو معو ال يفارقو مدل األحياف‪ً ،‬‬
‫كمن شأف‬
‫يتؤب ىمن توالٌه‪ ،‬كيعطف على ىمن أاته‪ ،‬كيستخلص ىمن حصل ُب حضرتو ال تكوف‬
‫ىذا ا‪٤‬بلك أف ٌ‬
‫يتحركوف كيسكنوف‪ ،‬كعنو‬
‫منو حركة كال سكنة إالٌ إبشارتو كإمداده‪ ،‬فعنو ينطقوف‪ ،‬كبو ٌ‬
‫صدركف‪ ،‬كإليو يرجعوف‪ ،‬كعليو يعتمدكف‪.‬‬ ‫ي ً‬
‫ي‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪152‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫فا‪٤‬بلك ىو هللا تعأب‪ ،‬كلو ا‪٤‬بثل األعلى‪ ،‬كا‪٣‬بواص ىم الرسل ككرثتهم‪ ،‬كا‪٤‬ببُب ىو ىذا الوجود‪،‬‬
‫كالطريق ىو ما اشتملت عليو مقامات الدين‪ ،‬كاألدالٌء ىم ا‪٤‬بشايخ الرابنيٌوف‪ ،‬كا‪٤‬براحل ىي‬
‫كل منزؿ ًمن‬
‫ٱبتص بو ٌ‬‫منازؿ ا‪٤‬بقامات‪ ،‬كالرايضات ىي مراتب التوحيد الذكقي‪ ،‬كالزاد ىو ما ٌ‬
‫كظائف األعماؿ‪ ،‬كالطائفة األكٔب يى ٍم أىل الكفر كالضبلؿ‪ ،‬كالطائفة الثانية يى ٍم أىل التقليد‪،‬‬
‫كالطائفة الثالثة يى ٍم أىل النظر كاإلستدالؿ‪ ،‬كالطائفة الرابعة يى ٍم السالكوف إٔب طريق األذكاؽ‪.‬‬
‫فصنف ىع ىد ىؿ على رأم قدكتو كشيخو اعتدادا بنظر نفسو فأحاطت بو عللو‬
‫ه‬ ‫ٍبٌ يى ٍم أصناؼ‪:‬‬
‫حٌب إذا بلغ منزال من منازؿ ا‪٤‬بقامات لعب بو ىواه فشغلو ببعض‬
‫كصنف اجتهد ٌ‬
‫ه‬ ‫فانقطع بو‪،‬‬
‫كصنف كىم األقلٌوف ػ جعلىنا هللا منهم ػ كلٌما بلغوا منزال من منازؿ‬
‫ه‬ ‫األكىاـ عن النفوذ إٔب ق ٌداـ‪،‬‬
‫كعظي ىم‬
‫اختص بو من مراتب الوجود‪ ،‬قول يقينهم‪ ،‬كاشت ٌد حرصهم‪ ،‬ى‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٤‬بقامات‪ ،‬كاطٌلعوا على ما‬
‫عزمهم‪ ،‬فىػ يه ٍم منتهضوف إٔب قداـ‪ ،‬رفضوا ما يعرض ‪٥‬بم كيقع هبم من األكىاـ‪ ،‬كا‪٢‬بضّبة ىي ما‬
‫اشتمل عليو مقاـ اإلحساف‪ ،‬كابهبا ا‪٤‬براقبة‪ ،‬كا‪٤‬بوضع الذم أشرؼ منو‬
‫على بعض الصفات ىو الطمأنينة‪ ،‬كا‪٢‬باصلوف ُب ا‪٢‬بضّبة ىم أىل ا‪٤‬بعرفة الظافركف أبعلى‬
‫درجات التوحيد‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.33‬‬

‫‪.2‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪153‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الرابع عشر‬

‫كل من تعلٌق بو التبلميذ كا‪٤‬بريدكف لطلب الَببية كاإلرشاد كالتعلٌم إذا‬


‫ُب إعبلمهم أنٌو ٯبب على ٌ‬
‫ىم َّن هللا تعأب عليو بوجود ىمن ىو أعلم كأكمل منو أف ينسلخ عنهم كيتبع‪ ،‬ىو ىك يى ٍم‪ ،‬ذلك‬
‫األعلم كاألكمل‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ ُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق‬
‫كالعهود‪:‬‬
‫أً‬
‫يخ ىذ علينا العهد أف ال نتص ٌدل لتلقْب الذكر‪ ،‬كأ ٍخ ًذ العهد‪ ،‬ك‪٫‬بن مرتكبوف أمران مذموما ُب‬
‫كأكٔب‪،‬‬
‫الباطن‪ ،‬كما أنٌنا ال أنخذ العهد على أحد ك‪٫‬بن نعلم أ ٌف ُب بلدان ىمن ىو أقدـ منا ىجرة ٍ‬
‫بل نرغٌب ا‪٤‬بريدين ُب ذلك لقد‪ٙ‬ب ا‪٥‬بجرة إذا رأيناىم ال يعتقدكف فيو‪ ،‬كنرسلهم لو‪ ،‬قياما ٕب ٌق‬
‫كل كاحد أف يكوف‬ ‫ً‬
‫األدب مع أىل الطريق‪ ،‬كىذا العهد قد صار غالب الفقراء يٱبلٌوف بو‪ ،‬يريد ٌ‬
‫‪ٝ‬بيع فقراء بلده تبلمذتو كما ىكذا‬
‫عظٌم أخاه ُب غيبتو‪ ،‬كٰبفظ حرمتو‪ ،‬كذلك‬ ‫كاف األشياخ الذين أدركناىم مهنع هللا يضر‪ ،‬بل كاف كل كاحد ي ً‬
‫ي‬ ‫ٌ‬
‫لعدـ فطاـ أىل عصران عن الرعوانت على أيدم أشياخهم‪ ،‬فإ ٌف من يفطم على يد شيخ ً‬
‫فم ٍن‬ ‫ى ي‬
‫الى ًزًم ًو غالبا ا‪٢‬بسد كا‪٢‬بقد ُب األقراف يحبٌان إلنفراد‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كاعلم اي أخي أنٌو ليس مقصود أشياخ الطريق ٔبى ٍم ًع ا‪٤‬بريدين على كلمة كاحدة إالٌ إقامة‬
‫يم ُب دكلة الظاىر ليكمل بذلك عبادات ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬ ‫ً‬
‫شعائر الدين ُب دكلة األدب الباطِب كما أيق ى‬
‫اإلٲبىا يف ًُب قيػليوبً يك ٍم (‪،)1‬‬
‫ىسلى ٍمنىا ىكلى َّما يى ٍد يخ ًل ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فافهم‬
‫ٍ‬ ‫قىالىت ٍاألى ٍع ىر ي‬
‫اب آ ىىمنَّا قي ٍل ىٓبٍ تيػ ٍؤمنيوا ىكلىك ٍن قيوليوا أ ٍ‬
‫أ ٌف طريق القوـ قد اندرست كقى َّل طالبها‪.‬‬
‫كقد أخرب٘ب الشيخ نور الدين الصندٕب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬أ ٌف الشيخ نور الدين ا‪٢‬بسِب ر‪ٞ‬بو هللا‬
‫بسنى وة شخصا يقوؿ‪ :‬اي أفقو شيوخ بعثا٘ب ػ يعِب هبًً ٍم اآللة الٍب يشرح هبا‬
‫تعأب ‪٠‬بع قبل موتو ى‬
‫الكتماف ػ فاعترب الشيخ كترؾ التلقْب‪ ،‬كأخذ العهد من ذلك اليوـ إٔب أف مات‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪154‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تدؿ على رخص الطريق عند الناس‪ ،‬كلو أ ٌف األشياخ فتٌشوا‬
‫كقد قالوا‪ :‬كثرة األشياخ ُب بلد ٌ‬
‫أقل ًم ىن القليل فكاف يكفي ُب مثل مصر كلٌها مسلك‬
‫ا‪٤‬بريدين ُب مقاـ الصدؽ لوجدكىم ٌ‬
‫كاحد‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٤‬بٌا دخل الشيخ يوسف العجمي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب سلسلة الطريق ٗبصر بعد أف ‪٠‬بع‬
‫للهم إف كاف ىذا‬
‫يرده‪ ،‬فقاؿ ُب الثالثة‪ :‬ا ٌ‬
‫إذىب إٔب مصر‪ ،‬كىو ٌ‬
‫ٍ‬ ‫مرات يقوؿ لو‪:‬‬
‫ا‪٥‬باتف ثبلث ٌ‬
‫أشرب منو بقصعٍب‪ ،‬فانقلب النهر لبنا‪ ،‬فشرب منو كأسقى‬
‫ى‬ ‫حٌب‬
‫كارد ح ٌق فاقلب ىذا النهر لىبىنان ٌ‬
‫منو من حضر ًمن الناس‪ٍ ،‬بٌ سافر إٔب مصر على أثره‪ ،‬فوجد سيٌدم حسنا‬
‫فإما أف تربز أنت كأكوف‬
‫التسَبم قد سبقو إٔب مصر‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي حسن‪ ،‬الطريق ُب مصر لواحد‪ٌ ،‬‬
‫كل منهما على اآلخر‪ٍ ،‬بٌ أ ٌف سيٌدم حسنا‬
‫فرد ٌ‬
‫أبرز أان كتكوف أنت ا‪٣‬بادـ‪ٌ .‬‬
‫كإما أف ى‬
‫أان ا‪٣‬بادـ‪ٌ ،‬‬
‫يدم يوسف خادما ًٔب ٌد كاجتهاد كعزـ كصدؽ‪ ،‬فلم يزؿ ٱبدمو ٌ‬
‫حٌب‬ ‫انتصب قائما‪ ،‬ككقف بْب ٍ‬
‫مات سيٌدم يوسف‪ ،‬فربز سيٌدم حسن‪ ،‬كىكذا كاف األشياخ رضي هللا تعأب عنهم‪ ،‬فبهداىم‬
‫يتؤب ىداؾ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كافهم اي أخي ذلك كهللا ٌ‬
‫ٍ‬ ‫اقتده‪،‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫العاـ من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أف نرغٌب إخواننا ُب العزلة عن الناس‬ ‫ً‬
‫أيخ ىذ علينا العهد ٌ‬
‫إذا ٓب ىأي ىمنوا على أنفسهم عند اإلختبلط على أصل قاعدة ا‪٤‬بسلمْب ُب دينهم‪ ،‬كقد أ‪ٝ‬بع‬
‫األشياخ على أنٌو ليس لل يك ٌمل ا‪٥‬بركب من الناس لعدـ ا‪٣‬بوؼ عليهم من اإلشتغاؿ اب‪٣‬بلق عن‬
‫كأما ىمن خاؼ مع دعول الكماؿ فدعواه الكماؿ زكر كهبتاف‪ ،‬فهو ٌإما شخص جلس‬ ‫هللا تعأب‪ٌ ،‬‬
‫كإما مشيخة يم ٍف ىوَب ك ٌذاب ال يصلح أف يكوف أستاذا كما‬
‫بنفسو من غّب فطاـ على يد شخص‪ٌ ،‬‬
‫سولت لو‬ ‫ً‬
‫كل ىمن ٌ‬
‫ىو الغالب ُب أىل ىذا الزماف حْب فيق ىدت األشياخ فصار ٌ‬
‫نفسو أف يكوف شيخا ‪ٝ‬بع لو بعض الناس من العواـ كجلسوا يذكركف هللا تعأب صباحا كمساءا‬
‫كظن ُب نفسو أنٌو صار شيخا مثل األشياخ ا‪٤‬باضْب‬
‫من غّب آداب الذكر ا‪٤‬بشهور عند القوـ‪ٌ ،‬‬
‫يصح أف يكوف مريدا‪.‬‬
‫على أنٌو ال ٌ‬
‫كىجوىم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أشياخهم‬
‫ى‬ ‫أيت أشخاصا كثّبة ‪٩‬بٌن أ ًىذ ىف ‪٥‬بم أشياخهم ابلَببية عادكا‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬كلقد ر ي‬
‫كل ذلك كقوع اإلذف ‪٥‬بم‬ ‫كأدعوا أهنٌم أعلم ابلطريق منهم‪ً ،‬‬
‫فمقتيوا‪ ،‬كٓب ينجح على أيديهم أحد‪ ،‬ك ٌ‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫من أشياخهم قبل ‪ٟ‬بود انر بشريٌتهم‪ ،‬فكاف اللوـ على األشياخ ال عليهم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪155‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقد كاف سيدم علي ا‪٤‬برصفي عزيز و‬
‫اإلذف ُب ا‪٤‬بشيخة إالٌ أ ٍف ايتيو إً ٍذ هف بذلك من رسوؿ هللا‬ ‫ى‬ ‫ٌ‬
‫ا‪٫‬بل نظاـ الطريق ُب مصر كقير ىاىا كما ظهر بعده سول‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم مرارا‪ ،‬فلما مات ٌ‬
‫األخ الصاّب سيٌدم أبو العباس ا‪٢‬برثي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ ،‬ككاف ٰبكي عن سيٌدم يوسف العجمي‪:‬‬
‫إذىب إٔب مصر انفع‬
‫ٍ‬ ‫أنٌو ‪٤‬بٌا أراد هللا تعأب أف ينقلو من ببلد العجم ‪٠‬بع قائبل يقوؿ‪ :‬اي يوسف‪،‬‬
‫الناس شيطاف‪ٍ ،‬بٌ انداه اثنيا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬شيطاف‪ٍ ،‬بٌ انداه اثلثا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬شيطاف‪.‬‬
‫حٌب أغَبؼ منو‬
‫اللهم إف كاف كارد ح ٌق فاقلب ٕب ىذا النهر لبنا ٌ‬
‫فلما انداه الرابعة‪ ،‬قاؿ‪ٌ :‬‬‫ٌ‬
‫فلما دخل مصر كجد أخاه الشيخ‬ ‫بقصعٍب‪ ،‬فانقلب النهر لبنان‪ ،‬فشرب منو‪ً ،‬‬
‫فعل ىم أنٌو كارد‪ٌ ،‬‬
‫ى‬
‫التسَبم قد كصل إٔب مصر‪ ،‬كلكن ٓب يتص ٌدر للمشيخة‪ ،‬فقاؿ لو يوسف‪ :‬اي حسن‪ ،‬الطريق‬
‫فإما أف أبرز كتكوف كزيرم كخادمي‪ ،‬ك ٌإما أف تربز كأكوف‬
‫لواحد ألهنٌا على األخبلؽ اإل‪٥‬بية‪ٌ ،‬‬
‫فرد الشيخ األمر لسيٌدم يوسف فربز‪ ،‬كصار سيٌدم حسن ٱبدمو إٔب أف‬ ‫كزيرؾ كخادمك‪ٌ ،‬‬
‫مات‪ ،‬فربز سيٌدم حسن بعده إبذنًًو لو ُب حياتو‪ ،‬فأظهر ُب الطريق العجائب‪ ،‬كدانت لو‬
‫ا‪٤‬بلوؾ كاألمراء‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب البحر ا‪٤‬بوركد‪:‬‬

‫حٌب‬ ‫ً‬
‫بكل شيخ أك كاعظ برز ُب ببلدان‪ ،‬كأف نقلب إليو ‪ٝ‬بيع أصحابنا ٌ‬‫أيخ ىذ علينا العهد أف نفرح ٌ‬
‫ٓب يبق حولنا فقّب كاحد‪ ،‬كمٌب تك ٌدران ًمن الذم برز كضاؽ صدران منو‪ ،‬فهو دليل على حبٌنا‬
‫يفرقها على من يشاء من‬
‫للرايسة على عباد هللا دكف إرادة ا‪٣‬بّب ‪٥‬بم‪ ،‬كا‪٤‬براتب كلٌها بيد هللا ٌ‬
‫عباده‪ ،‬كليس لعبد أف يقوؿ لسيٌده‪ًٓ :‬بى عطٌلٍتِب من الشيء الفبل٘ب كأعطيتو عبدؾ الفبل٘ب؟ كرٗبا‬
‫ُّ‬
‫فتدكد يران منو ي‪ٞ‬بق‪.‬‬ ‫كاف ذلك الشيخ أعلم منٌا ابلشرائع كا‪٢‬بقائق‪،‬‬
‫كاب‪١‬بملة فيجب علينا أف ندكر مع ا‪٢‬ب ٌق حيث دار‪ ،‬كنتتلمذ لذلك الشيخ موافقة للناس الذين‬
‫أقبلوا عليو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪:‬‬
‫حٌب ال تبقى ُب نفسك‬
‫فجاى ٍد اي أخي نفسك على يد شيخ ليخرجك من رعوانت النفوس ٌ‬
‫كم ٍر أصحابك أيضا ابجملاىدة كذلك يعِب على يد شيخ‪.‬‬
‫شهوة كال حرص على شيء من الدنيا‪ ،‬ي‬
‫أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬بيٍرضية‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪156‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كٯبب على الشيخ إذا رأل شيخا فوقو أف ينصح نفسو كيل ًزـ ا‪٣‬بدمة لذلك الشيخ كتبلمذتو‬
‫انصح نفسو‪ ،‬كال صاحب‬ ‫ف‪ ،‬كال و‬ ‫صو‬ ‫كحق أصحابو‪ ،‬كمٌب ٓب يفعل فليس ٗبيٍن ً‬ ‫فإنٌو صبلح ُب ح ٌقو ًٌ‬
‫ب للرايسة كالتقد‪ٙ‬ب‪ ،‬كىذا ُب طريق هللا انقص‪ .‬أال ترل‬ ‫ً‬
‫ا‪٥‬بمة‪ ،‬بل إ ٌ٭با ىو ي‪٧‬ب ٌ‬
‫ٮبٌة‪ ،‬بل ىو ساقط ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم كيف قاؿ‪" :‬لو كاف موسى حيٌا ما كسعو إالٌ أف يتٌبعِب"‪ ،‬كإلياس‬ ‫إٔب ٌ‬
‫كعيسى عليهما السبلـ ‪ٙ‬بت حكم شريعة دمحم صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬ىكذا ينبغي أف يكوف‬
‫شيوخ ىذه الطائفة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫شيخ و‬
‫كامل خطر ج ٌدا ألنٌو يكوف سببا لسوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪ ،‬كإ ٍف ٓب‬ ‫قلت‪ :‬كالتص ٌدر للمشيخة بغّب إً ٍذ ًف و‬
‫يتب فاعلو فبل ٲبوت إالٌ كافرا‪.‬‬
‫كُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫ذكر أىل الكشف أمورا أف من فعل كاحدة منها كٓب يتب منها ٲبوت على سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة كالعياذ‬
‫كادعاء ا‪٤‬بشيخة‪ ،‬كىي التص ٌدر إلعطاء الورد من غّب‬
‫ابهلل تعأب‪ ،‬كىي دعول الوالية ابلكذب‪ٌ ،‬‬
‫إذف‪ .‬أىػ‪.‬‬

‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة ا‪٢‬بجرات‪ ،‬اآلية ‪.14‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪157‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل ا‪٣‬بامس عشر‬

‫ُب إعبلمهم أ ٌف ا‪٤‬بريد إذا تص ٌدر للمشيخة‪ ،‬كأراد أف يكوف لو مريدين قبل ‪ٟ‬بود بشريتو كفطامو‬
‫ب للرايسة ال ٯبيء منو شيء‪.‬‬ ‫ً‬
‫على يد شيخ‪ ،‬فإنٌو ‪٧‬بجوب ي‪٧‬ب ٌ‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ ُب بغية السالك‪:‬‬
‫كتطهرت‬ ‫ً‬
‫ٌأما اإلنتفاع الكثّب فبل يكوف إالٌ من الوراث الكامل الذم رسخ علمو‪ ،‬كقول عقلو‪ٌ ،‬‬
‫كترجح رأيو‪ ،‬كسلمت فطانتو‪ ،‬كا٭بحى ىواه‪ ،‬كانشرح صدره أبنوار‬ ‫نفسو‪ ،‬كصدقت فراستو‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بعارؼ كنفحات األسرار‪ ،‬كأخ ىذ عن شيخ كارث هبذه الصفات‪ ،‬كأ ًىذ ىف لو ُب اإلنتصاب ‪٥‬بداية‬
‫ا‪٣‬بلق بتخليص‬
‫أنفسهم من عللها‪ ،‬كىذه ىي الوراثة ا‪٢‬بقيقية‪.‬‬
‫كأما ىمن ٓب يبلغ ىذه ا‪٤‬بنزلة من الوراثة‪ ،‬كٓب يتخلٌص تبعات نفسو‪ ،‬فاشتغالو بصبلح‬ ‫ٍب قاؿ‪ٌ :‬‬
‫شره كابلشره تَباكم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بقي فيو من العلل ال ٱبلو عن ٌ‬ ‫نفسو ٍأكٔب كأسلم من فساد الرايسة ألنٌو ل ىما ى‬
‫فا‪٤‬بتعرض ‪٥‬بداية غّبه ا‪٥‬بدايةى ا‪٤‬بشا ًر إليها بغّب و‬
‫علم قبل أف‬ ‫ٌ‬ ‫الظلم‪ ،‬فتغيب ا‪٢‬بكم كاإلنفعاؿ هبا‪.‬‬
‫ضاؿ مضلّّ‪ ،‬كلقد أحسن القائل‬‫ىالك ّّ‬ ‫الشر كا‪١‬بهل ه‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ٙ‬بصل لو حقيقة الوراثة فهو ل ىما عنده م ىن ٌ‬
‫حيث قاؿ‪:‬‬
‫تعليمو ‪ ...‬ىبلٌ لنفسك كاف ذا التعليم‬
‫يبث لغّبه ى‬
‫اي من ٌ‬
‫ال تىػ ٍنوى عن يخلي وق كأتٌب مثلو ‪ ...‬عار عليك إذا ى‬
‫فعلت عظيم‬
‫فابدأ بنفسك فاهنها عن غيٌها ‪ ...‬فإذا انتهت عنو فأنت حكيم‬
‫فهناؾ ييسمع ما تقوؿ كييقتدل ‪ ...‬ابلقوؿ منك كينفع التعليم‬
‫كقاؿ غّبه‬
‫وب‬
‫لكل ما هتول ىريك ي‬
‫ككيف تريد أف تيدعى حكيما ‪ ...‬كأنت ٌ‬
‫تتوب‬
‫كتعبث دائما ظهران لبطن ‪ ...‬كترتكب الذنوب كال ي‬
‫علم فهو ظآب إ ٍذ ًٗبىا عنده من‬
‫غّبه بغّب و‬ ‫كمن تعر ً‬
‫ب ى‬ ‫كمن طى َّ‬
‫ض ‪٥‬بداية غّبه بغّب معرفة فهو خائن‪ ،‬ى‬
‫ى ٌ ى‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪158‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ا‪٤‬بريض إٔب ا‪٥‬بلكة كعاجلو‬
‫ى‬ ‫كع ىد ىؿ عن مقاديرىا‪ ،‬كساؽ‬
‫ا‪١‬بهل رٗبا أخرج األدكية عن موضوعاهتا‪ ،‬ى‬
‫اب‪٤‬بنيٌة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ بعض العارفْب ُب قولو تعأب‪ :‬يى ًع يد يى ٍم ىكيٲبىنًٌي ًه ٍم ىكىما يى ًع يد يى يم َّ‬
‫الش ٍيطىا يف إًَّال غي ير ن‬
‫كرا (‪:)1‬‬
‫فاسكن عن ‪٦‬باىدتك‬
‫ٍ‬ ‫بلغت منتهى ا‪٤‬بقامات‪ ،‬كآخر الدرجات‪،‬‬
‫كمن الغركر قولو للمريد إنٌك قد ى‬
‫حٌب يدكر حولك‬
‫كرايضتك‪ ،‬كأجلس ُب ‪٦‬بلس الشيوخ‪ ،‬كتكلٌم بكبلمهم أنت أعظم منهم ٌ‬
‫ا‪٤‬بريدكف‪.‬‬

‫وقعو ُب يح ًٌ‬
‫ب ا‪١‬باه كالرايسة فيهلك فيها كهبلؾ ىؤالء ا‪٤‬بطركدين ُب زماننا‬ ‫أراد بذلك الغركر أف يي ى‬
‫ىذا طهر هللا تعأب كجو األرض منهم ً‬
‫كمن أمثا‪٥‬بم‪ .‬أىػ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫كل متحايل ٗبا ليس لو‬ ‫بكل يم ٌد وع و‬
‫انىق‪ ،‬كاتٌباع ٌ‬ ‫قلت‪٥ :‬بذا السبب ح ٌذر األشياخ من اإلغَبار ٌ‬
‫لكل‬
‫كل ىداية‪ .‬كا‪٤‬براد ابإلغَبار التسليم ٌ‬ ‫كل غواية كا‪٢‬بذر أصل ٌ‬ ‫انعق‪ ،‬كقالوا اإلغَبار أصل ٌ‬
‫اد ىعى‬
‫كل ىمن ٌ‬ ‫لكل يم ٌد وع‪ ،‬بل أ‪ٝ‬بعوا على ٌ‬
‫ظهرت عليو آاثر ا‪٣‬بصوصية ال ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫سلَّ يم ‪٤‬بن‬
‫يم ٌد وع‪ ،‬كإ ٌ٭با يي ى‬
‫رتبة من الرتب يكلًٌف إبقامة الدليل على صدؽ دعواه‪ ،‬كبنصب ميزاف الشرع ىل يصدؽ فيما‬
‫ادعاه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫األمر غّب أىلو‪ ،‬ك‪٥‬بذه‬ ‫لفس ىد الدين ًمن أصلو‪ٌ ،‬‬
‫كلتؤب ى‬
‫ً‬
‫للم ٌدعْب‪ ،‬إ ٍذ لو يسلٌ ىم ‪٥‬بم ى‬ ‫سلَّ يم ي‬ ‫كال يي ى‬
‫دىم هللا ابلعلم‬ ‫س ٰبرسوهنا يى ٍم أىل هللا تعأب كأنصار دينو‪ ،‬أيٌ ي‬ ‫كح ىر ه‬
‫الطريقة ح ٌفاظ ٰبفظوهنا‪ ،‬ى‬
‫الباطن كالظاىر‪ ،‬كأم ٌدىم اب‪٠‬بو ا‪٢‬بفيظ كالناصر‪ ،‬كما أكٌب على كثّب من الناس إالٌ من الغلط ُب‬
‫لكل يم ٌدع دعواه يً‪٧‬ب ٌقان كاف أك يم ٍبطبلن‪ ،‬كرأكا التسليم ا‪٤‬بأمور بو كا‪٢‬ب ٌق أنٌو إ ٌ٭با‬
‫التسليم فسلٌموا ٌ‬
‫ب آبداب الطريقة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كأتد ى‬
‫الحت لو آاثر ا‪٣‬بصوصية‪ٌ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫يسلٌم إ ٍف‬
‫يد كاحد ًمن أىل‬ ‫قلت‪ :‬كمن ٓب يكن لو حذر كبصّبةه اتمة رٗبا اغَب اب‪٤‬بدعْب الكاذبْب ككقع على ً‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ه‬ ‫ى‬
‫سبيو ىف أىنَّػ يه ٍم‬ ‫ض َّل ىس ٍعييػ يه ٍم ًُب ا ٍ‪٢‬بىيىاةً ُّ‬
‫الدنٍػيىا ىك يى ٍم ىٍٰب ى‬ ‫ين ى‬ ‫َّ ً‬
‫الظبلـ الذين ٯبتمع عندىم أىل الظبلـ الذ ى‬
‫ص ٍنػ نعا (‪.)2‬‬ ‫ً‬
‫يٍٰبسنيو ىف ي‬
‫حكى الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز عن شيخو عبد العزيز بن مسعود الدابغ رضي هللا تعأب‬
‫عنهما قاؿ‪:‬‬

‫حوائج كال‬
‫ي‬ ‫ابلتوسل بو إٔب هللا تعأب‬
‫ٌ‬ ‫قضى‬
‫كقد يكوف الرجل مشهورا ابلوالية عند الناس‪ ،‬كتي ى‬
‫كى ٍم رضي‬
‫التصرؼ‪ ،‬ي‬ ‫نصيب لو ُب الوالية‪ ،‬كإ ٌ٭با قي ً‬
‫ا‪٤‬بتوسل بو إٔب هللا على يىد أىل ٌ‬
‫ت حاجة ٌ‬ ‫ضيى ٍ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪159‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كى يم الذين‬
‫الوٕب ليجتمع عليو أىل الظبلـ مثلو ي‬
‫هللا تعأب عنهم أقاموا ذلك الرجل ُب صورة ٌ‬
‫يتصرفوف تبىعان للق ىدر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫تظن الصورةى‬
‫فهو عندىم ٗبنزلة الصورة الٍب ٯبعلها صاحب الزرع ُب ف ٌدانو ليطرد هبا العصافّب‪ٌ ،‬‬
‫صاحب الف ٌداف ال ًمن فً ٍع ًل الصورة‪.‬‬
‫ً‬ ‫رجبلن فتهرب منو‪ ،‬كذلك ُب ا‪٢‬بقيقة ًمن فً ٍع ًل‬
‫التصرؼ رضي هللا تعأب عنهم ييقيموف ذلك الرجل كٯبتمعوف عليو الظبلـ مثلو‬ ‫ٌ‬ ‫فكذلك أىل‬
‫كا‪٤‬بتصرؼ فيهم ً‬
‫خف ّّي عندىم كىو ال يظهر ‪٥‬بم ألنٌو ح ٌق ىك يى ٍم ال يطيقوف ا‪٢‬ب ٌق‪ .‬أىػ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫خاسر‪ ،‬كأ ٌف ظهور ىمن ٓب يكن صا‪٢‬با للظهور ضرر‬ ‫خائب ه‬ ‫بكل يم ٌدع ه‬
‫ا‪٤‬بغَب ٌ‬
‫فهمت ذلك أ ٌف ٌ‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫من هللا تعأب عليهم ٗبرشد‬‫كعذاب أليم عاجبل كآجبل ‪٤‬بتٌبعيو إالٌ إذا ٌ‬‫ه‬ ‫كعطب جسيم‪،‬‬
‫ه‬ ‫عظيم‪،‬‬
‫كيردىم إٔب طريق الفبلح‪.‬‬ ‫صادؽ ينقذىم كٱبلصهم بصحبتو‪ٌ ،‬‬
‫كنيًقل عن القشّبم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪:‬‬
‫أ ٌف الشيخ إذا ٓب يكن عارفا ابلسلوؾ كما يطرأ على ا‪٤‬بريد‪ ،‬كأخ ىذ الطريق من الكتب‪ ،‬كقد ييػ ىرًٌيب‬
‫دين األنبياء‪،‬‬ ‫ا‪٤‬بريدين طلبا للمرتبة كالرايسة‪ ،‬فإنٌو مهلك ‪٤‬بن تبعو‪ .‬فبل ب ٌد أف يكوف عند الشيخ ي‬
‫كتدبّب األطبٌاء‪ ،‬كسياسة ا‪٤‬بلوؾ‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب رسالة اإلماـ أيب القاسم كا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية‪:‬‬
‫يتعرضوا للتص ٌدر كأف يكوف ‪٥‬بم تلميذا كمريدا‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بريد إذا صار‬ ‫ً‬
‫كمن آداب ا‪٤‬بريدين أف ال ٌ‬
‫مرادا قبل ‪ٟ‬بود بشريتو كآفتو ‪٧‬بجوب ال تنفع أحد بشارتو كتعليمو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب لواقح األنوار القدسية‪:‬‬

‫حصلت عنده حزازة ُب صدره بكثرة ا‪٤‬بريدين ألحد ًمن أقرانو‪ ،‬أك‬‫ٍ‬ ‫كل عآب أك شيخ‬ ‫يتعْب على ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بَبكً ًهم درسو كا‪ٝ‬باعهم على غّبه ٕبيث ٓب يكن عنده أحد من الطلبة أك ا‪٤‬بريدين‪ ،‬أ ٍف يتٌخذ‬ ‫ٍ‬
‫‪ٙ‬بوؿ ًمن طلبتو‬‫لكل ىمن ٌ‬
‫حٌب ييرقٌيو إٔب درجة اإلخبلص ٕبيث ينشرح ٌ‬ ‫شيخا يسلك على يديو ٌ‬
‫صرحت‬ ‫ً‬
‫‪ٙ‬بولوا إٔب غّبه فليس لو ُب اإلخبلص نصيب كما ٌ‬ ‫إٔب غّبه‪ .‬فمٌب تك ٌدر من طلبتو إذا ٌ‬
‫يتؤب ىداؾ‪.‬‬ ‫بو األخبار‪ .‬كهللا ٌ‬
‫ىو هللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪160‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.121‬‬
‫‪.2‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬

‫الفصل السادس عشر‬

‫ُب إعبلمهم أ ٌف ٌأكؿ قى ىدوـ يضعو ا‪٤‬بريد على ىذا الطريق‪ :‬الصدؽ‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ اإلماـ القشّبم ُب رسالتو‪ُ ،‬ب‬
‫ابب كصااي ا‪٤‬بريدين‪:‬‬
‫فأكؿ قى ىدوـ للمريدين ُب ىذا الطريق ينبغي أف يكوف على الصدؽ‪ .‬كقاؿ ُب ابب الصدؽ‪ :‬قاؿ‬
‫ٌ‬
‫النبوة قاؿ هللا تعأب‪:‬‬
‫األستاذ‪ :‬الصدؽ اتجنا عماد األمر كبو ‪ٛ‬بامو كبو كنظامو‪ ،‬كىو التإب درجة ٌ‬
‫اَّلل ىعلىي ًهم ًمن النَّبًيًْب ك ً ً ً‬ ‫َّ ً‬ ‫فىأيكلىئً ى‬
‫ْب (‪.)1‬‬ ‫ين أىنٍػ ىع ىم َّي ٍ ٍ ى ٌ ى ى ٌ‬
‫الص ٌديق ى‬ ‫ك ىم ىع الذ ى‬
‫السر كالعبلنية‪،‬‬
‫كأقل الصدؽ استواء ٌ‬
‫كالصادؽ‪ :‬اإلسم البلٌزـ من الصدؽ كالتصديق ا‪٤‬ببالغة‪ٌ ،‬‬
‫ص ىد ىؽ ُب ‪ٝ‬بيع أقوالو كأفعالو كأحوالو‪.‬‬
‫ص ىد ىؽ ُب أقوالو‪ ،‬كالص ٌديق ىمن ى‬
‫كالصادؽ ىمن ى‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن حضركيو‪ :‬من أراد أف يكوف هللا معو فليلزـ الصدؽ فإ ٌف هللا تعأب قاؿ‪" :‬‬
‫إف هللا مع الصادقْب "‪.‬‬
‫كقيل الصدؽ القوؿ اب‪٢‬ب ٌق ُب مواطن ا‪٥‬بلكة‪.‬‬
‫يشم رائحة ا‪١‬بنٌة عبد داىن نفسو أك غّبه‪.‬‬
‫كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ :‬ال ٌ‬
‫كقاؿ أبو سعيد القرشي‪ :‬الصادؽ الذم يتهيٌأ لو ا‪٤‬بوت كال يستحي من قدره لو كشف‪ .‬قاؿ هللا‬
‫ْب (‪.)2‬‬ ‫ت إً ٍف يك ٍنػتيم ً ً‬
‫صادق ى‬
‫ٍ ى‬ ‫َّوا ال ىٍم ٍو ى‬
‫تعأب‪ :‬فىػتى ىمنػ ي‬
‫كخرجت‬
‫ي‬ ‫كح ًك ىي عن أيب عمر كالزجاجي أنو قاؿ‪ :‬ماتت ٌأمي فورثت دارا فبعتها ٖبمسْب دينار‬
‫ي‬
‫ا‪٢‬بج‪.‬‬
‫إٔب ٌ‬
‫بلغت اببل استقبلِب كاحد من القيافية‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أيش معك؟ فقلت ُب نفسي‪ :‬الصدؽ خّب‪،‬‬
‫فلما ي‬
‫ٌ‬
‫الص ٌرة‪ ،‬فع ٌدىا فإذا ىي ىي ‪ٟ‬بسوف‪ ،‬فقاؿ ٕب‪:‬‬
‫ٍبٌ قلت‪ٟ :‬بسْب دينارا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬انكلينها‪ ،‬فناكلتو ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪161‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫علي‬
‫كبها‪ ،‬فقلت‪ :‬ال أريد‪ ،‬كأّبٌ ٌ‬
‫خذىا فلقد أخذ٘ب صدقك‪ٍ ،‬بٌ نزؿ عن الدابة كقاؿ‪ :‬أر ٍ‬
‫فركبتها‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كأان على أثرؾ‪.‬‬

‫حٌب مات‪.‬‬
‫‪٢‬بق يب كالزمِب ٌ‬
‫فلما كاف العاـ ا‪٤‬بستقبل ى‬
‫ٌ‬
‫يؤديو أك فضل يعمل فيو‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ إبراىيم ا‪٣‬بواص‪ :‬الصادؽ ال تراه إالٌ ُب الفرض ٌ‬
‫كقاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬الصدؽ أف تىص يد ىؽ ُب موض وع ال ي ٍنجيك منو إالٌ الكذب‪.‬‬
‫كل قى ٍد ور لو‬ ‫ً‬
‫كسئل ا‪٢‬بارث احملامي عن عبلمة الصادؽ فقاؿ‪ :‬الصادؽ ىو الذم ال يبإب لو خرج ٌ‬ ‫ي‬
‫ٰبب إطبلع الناس على مثاقيل الذرة من يحسن‬
‫ُب قلوب ا‪٣‬بلق من أجل إصبلح قلبو‪ ،‬كال ٌ‬
‫ٰبب‬
‫عملو‪ ،‬كال يكره أف يطلع الناس على الشيء من عملو‪ ،‬فإ ٌف كراىتو لذلك دليل على أنٌو ٌ‬
‫الرايدة عندىم‪ ،‬كليس‬
‫ىذا من أخبلؽ الص ٌديقْب‪.‬‬
‫الفرض الدائم ٓب ييقبل منو الفرض ا‪٤‬بؤقٌت‪ .‬قيل‪ :‬فما الفرض الدائم‪،‬‬
‫ى‬ ‫كقاؿ بعضهم‪ :‬ىمن ٓب يي ًٌ‬
‫ؤد‬
‫قاؿ‪ :‬الصدؽ‪.‬‬
‫يضرؾ فإنٌو ينفعك‪.‬‬
‫كقيل‪ :‬عليك ابلصدؽ حيث ‪ٚ‬باؼ أنٌو ٌ‬
‫كقيل‪ :‬كل و‬
‫شيء شيءه كمصادقة ك ٌذاب ال شيء‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫كقيل‪ :‬عبلمة الك ٌذاب جوده اب‪٢‬بلف من غّب مستحلف‪.‬‬
‫كقع على شيء إالٌ كقطعو‪ .‬أىػ مل ٌخصا‪.‬‬ ‫كقاؿ ذك النوف‪ :‬ابلصدؽ سيف هللا ما ى‬
‫ين آ ىىمنيوا اتَّػ يقوا َّ‬ ‫َّ ً‬
‫اَّللى ىكيكونيوا ىم ىع‬ ‫يدؿ على فضيلة الصدؽ قولو تعأب‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الذ ى‬‫قلت‪ :‬ك‪٩‬بٌا ٌ‬
‫ْب (‪.)3‬‬ ‫َّ ً ً‬
‫الصادق ى‬
‫كقاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪:‬‬

‫كيدؿ عليو أيضا أشياء‪ ،‬منها ما ير ًك ى‬


‫م عن ابن‬ ‫ُب اآلية داللة على فضيلة الصدؽ ككماؿ درجتو‪ٌ ،‬‬
‫يقرب إٔب ا‪١‬بنٌة كإ ٌف العبد ليص يدؽ‬
‫كالرب ٌ‬
‫الرب ٌ‬
‫يقرب إٔب ٌ‬
‫مسعود أنٌو قاؿ‪" :‬عليكم ابلصدؽ فإنٌو ٌ‬
‫يقرب إٔب النار‬
‫يقرب إٔب الفجور كالفجور ٌ‬
‫كإايكم كالكذب فإ ٌف لكذب ٌ‬
‫فييكتب عند هللا ص ٌديقا ٌ‬
‫ت‬
‫كبرزت‪ ،‬ككذب ى‬
‫ى‬ ‫صدقت‬
‫ى‬ ‫حٌب ييكتب عند هللا ك ٌذااب"‪ ،‬أال ترل أنٌو ييقاؿ‪:‬‬
‫كإ ٌف الرجل ليكذب ٌ‬
‫كفجرت‪.‬‬
‫ى‬
‫أحب ا‪٣‬بمر كالزان‬
‫إ٘ب ٌ‬ ‫كمنها ما ير ًك ى‬
‫م "أ ٌف رجبل جاء إٔب النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كقاؿ ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪162‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫‪ٙ‬برـ ىذه األشياء كال طاقة ٕب بَبكها فإف قنعت مِب بَبؾ كاحدة‬ ‫كالسرقة كالناس يقولوف إنٌك ٌ‬
‫فعلت فقاؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أترؾ الكذب ف ىقبً ىل ذلك ٍبٌ أسلم ٌ‬
‫فلما خرج من‬ ‫منها ي‬
‫شربت كسألِب النيب صلٌى هللا‬
‫ي‬ ‫عند النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم عرضوا عليو ا‪٣‬بمر فقاؿ إف‬
‫علي ا‪٢‬ب ٌد كتركها ٍبٌ عرضوا عليو الزان‬
‫صدقت أقاـ ٌ‬
‫ي‬ ‫نقضت العهد كإف‬
‫ي‬ ‫كذبت فقد‬
‫عليو كسلٌم ك ي‬
‫فجاء ذلك ا‪٣‬باطر فَبكو ككذا ُب السرقة فعاد إٔب‬
‫ت أبواب‬
‫انس ٌد ٍ‬
‫فعلت ‪٤‬بٌا منعتىِب عن الكذب أف ي‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كقاؿ ما أحسن ما ى‬
‫ا‪٤‬بعاصي على الوفاء ابلكل"‪.‬‬
‫اد ىؾ ًم ٍنػ يه يم‬ ‫ً‬ ‫ك ىألي ٍغ ًويػنػَّهم أ ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ْب إًَّال عبى ى‬
‫ى‪ٝ‬بىع ى‬ ‫ى يٍ‬ ‫كمنها ما قيل ُب قولو تعأب حكاية عن إبليس‪ :‬فىبً ًع َّزت ى‬
‫ادعاء إغواء‬ ‫ْب (‪ :)4‬أ ٌف إبليس إ ٌ٭با ذكر ىذا اإلستثناء ألنٌو لو ٓب يذكره لصار ك ٌذااب ُب ٌ‬ ‫صى‬‫الٍم ٍخلى ً‬
‫ي‬
‫الكل‪ ،‬فكأنٌو استنكف عن الكذب ف ىذ ىك ىر ىذا اإلستثناء‪ .‬فإذا كاف الكذب شيئا يستنكف منو‬ ‫ٌ‬
‫إبليس لعنو هللا فا‪٤‬بسلم ٍأكٔب أف يستنكف منو‪.‬‬
‫كمنها قوؿ ابن مسعود‪" :‬الكذب ال يصلح ُب ج ٌد كال ىزؿ كال أف يعد أحدكم أخا ٍب ال ينجز‬
‫لو إقرؤكا إف شئتم‪ :‬ككونوا مع الصادقْب (‪ .")5‬أىػ‪.‬‬
‫النبوة‪.‬‬
‫يدؿ على فضيلة الصدؽ أنٌو ٌأكؿ أجزاء ٌ‬
‫قلت‪ :‬ك‪٩‬بٌا ٌ‬

‫ابلدابغ‪ ،‬كما ُب اإلبريز‪ ،‬للشيخ‬


‫قاؿ القطب الكامل الشيخ عبد العزيز بن مسعود ا‪٤‬بعركؼ ٌ‬
‫أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ رضي هللا تعأب عنهما‪:‬‬
‫فاألكؿ من أجزائها قوؿ ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كىو ‪٩‬بٌا ينشأ عن نور ُب الذات يوجب ‪٥‬با ىذا القوؿ‪،‬‬
‫النبوة ٌ‬
‫كأما ٌ‬
‫ٌ‬
‫كيكوف ذلك من سجيٌتها كطبيعتها‪ ،‬كال يرجع عنو كلو كاف فيو ‪٨‬بالفة األحباب كمفارقة‬
‫األكطاف‪ ،‬بل كلو كاف فيو ضرب األعناؽ‪ .‬كقد طلب ا‪٤‬بشركوف منو عليو الصبلة كالسبلـ أف‬
‫بكل حيلة‪ ،‬فأىب كامتنع‪ٍ ،‬بٌ نصبوا لو العداكة‪ ،‬كرموه عن‬
‫يرجع عن قولو‪ ،‬كراكدكه على ذلك ٌ‬
‫قوس كاحد‪ ،‬فما زاده ذلك إالٌ ثباات كرسوخا‪ ،‬أل ٌف الذات الشريفة مطبوعة على قوؿ ا‪٢‬ب ٌق ال‬
‫يتصور عندىا غّبه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫قاؿ‪ٍ :‬بٌ حكى رضي هللا تعأب عنو حكايتْب‪:‬‬
‫األكٔب‪ :‬أ ٌف ُب بعض ببلد العجم طيورا معلٌقة تكوف على ابب الدار‪ ،‬فإذا دخل سارؽ نطقت‬
‫الطيور كقالت‪ :‬سرقوا و‬
‫بقاؼ معقودةو كال يرجع ذلك الطّب عن قولو كلو يى ًٌد ىد كأشّب عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪163‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابلتخويف‪ ،‬ككذلك ال يرجع إذا أي ٍع ًط ىي شيئا يؤكل‪ ،‬كاب‪١‬بملة ال يرجع كلو قيتً ىل‪ ،‬يشّب رضي هللا‬
‫تعأب عنو هبذه ا‪٢‬بكاية إٔب تفسّب معُب قوؿ ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كإٔب أ ٌف ا‪٣‬بّب ابلتعلم أل ٌف الطّب مع بيػ ٍع ًدهً عيلًٌ ىم‬
‫حٌب صار ىذا القوؿ سجيٌة لو فكيف ببِب آدـ؟ فكيف اب‪٤‬بؤمنْب؟‬
‫كجل‪ ،‬فقاؿ‬
‫عز ٌ‬‫الثانية‪ :‬أ ٌف بعض ا‪٤‬بريدين قاؿ لشيخو‪ :‬اي سيٌدم دلٌِب عن شيء يرٕبِب مع هللا ٌ‬
‫صفت‬
‫كجل‪ ،‬فإنٌك إذا اتٌ ى‬
‫عز ٌ‬‫أردت ذلك فكن شبيها لو ُب شيء من أكصافو ٌ‬ ‫لو الشيخ‪ :‬إ ٍف ى‬
‫بشيء منها فإنٌو يسكنك يوـ القيامة مع أكليائو ُب دار نعيمو كال يسكنك مع أعدائو ُب دار‬
‫جحيمو‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ :‬ككيف ٕب بذلك اي سيٌدم كأكصافو تعأب ال تنحصر؟ فقاؿ الشيخ‪ :‬كن‬
‫شبيهو ُب بعضها‪ ،‬كقاؿ‪ :‬كما ىو اي سيٌدم؟ قاؿ‪ :‬فكن من الذين يقولوف ا‪٢‬ب ٌق فإ ٌف من أكصافو‬
‫كنت من الذين يقولوف ا‪٢‬ب ٌق فإ ٌف الو سّب‪ٞ‬بك‪.‬‬
‫تعأب قوؿ ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬فإف ى‬
‫حٌب‬
‫بنت‪ ،‬فدخل الشيطاف بينهما ٌ‬ ‫الشيخ على أنٌو يقوؿ ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كافَبقا‪ .‬ككاف ٔبوار ا‪٤‬بريد ه‬
‫ى‬ ‫فعاىد‬
‫طلبت منو الفعل ألهنٌا تعلم أ ٌف‬
‫ٍ‬ ‫ضها‪ ،‬فلم تقدر البنت على الصرب مع أهنٌا ىي الٍب‬ ‫فى ىج ىر هبا كافت ٌ‬
‫فأعلمت أابىا فرفعو إٔب ا‪٢‬باكم كقاؿ‪ :‬أ ٌف ىذا فعل ببنٍب كذا‬
‫ٍ‬ ‫اإلفتضاض ال ٱبفي بعد ذلك‪،‬‬
‫فعلت ذلك‪ ،‬ككاف مستحضرا‬
‫ص ىد ىؽ‪ ،‬فق ٍد ي‬
‫ككذا‪ ،‬فقاؿ ا‪٢‬باكم للمريد‪ :‬أتسمع ما يقوؿ؟ فقاؿ‪ :‬ى‬
‫للعهد الذم فارؽ الشيخ عليو فىػلى ٍم يقدر على ا‪١‬بحود كالنكراف‪.‬‬
‫فلما ‪٠‬بع منو ا‪٢‬باكم ما ‪٠‬بع قاؿ‪ :‬ىذا أ‪ٞ‬بق‪ ،‬إذىبوا بو إٔب ا‪٤‬بارستاف‪ ،‬فإ ٌف العاقل ال يقدر على‬
‫ٌ‬
‫فسرحوه‪.‬‬
‫نفسو ٗبا يعود عليو ابلضرر‪ .‬فدخل ا‪٤‬بارستاف‪ٍ ،‬بٌ جاء ىمن رغٌب ا‪٢‬باكم‪ ،‬كشفع فيو ٌ‬
‫يشّب رضي هللا تعأب عنو هبذه ا‪٢‬بكاية إٔب أ ٌف عاقبة قوؿ ا‪٢‬ب ٌق ال تكوف إالٌ ‪٧‬بمودة‪ ،‬كهللا أعلم‪.‬‬
‫أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كصفة ا‪٤‬بريد‪ ،‬كما قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫صحيح ا‪١‬بزـ‪ ،‬انفذ العزـ‪ ،‬ماضي اإلعتقاد‪ ،‬ال يصغى ألحد من العباد‪.‬‬
‫ى‬ ‫أ ٍف يكوف‬
‫ٍب قاؿ‪:‬‬
‫كلنثبت ُب ىذا الباب حكاايت ليعترب هبا ىمن أراد صبلح نفسو‪ ،‬بعد تقد‪ٙ‬ب كبلـ‪٠ ،‬بعتو من‬
‫الدابغ‬
‫الشيخ رضي هللا تعأب عنو كىو كا‪٤‬بقدمة للحكاايت‪٠ .‬بعتو ػ يعِب الشيخ عبد العزيز ٌ‬
‫هنع هللا يضر ػ يقوؿ‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪164‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫علي أشاىد صورة ىائلة سوداء طويلة ج ٌدا على صورة و‬
‫‪ٝ‬بل‪ ،‬كقع ٕب‬ ‫كنت قبل أف يفتح هللا ٌ‬
‫ي‬
‫مرة كاحدة‪.‬‬
‫ىذا ٌ‬
‫كشاىدت من عوآب ريب ما قي ًٌد ىر ٕب‪ ،‬فتٌ ي‬
‫شت عن عآب الصورة ا‪٥‬بائلة كطلبت‬ ‫ي‬ ‫علي‬ ‫ً‬
‫فلما فيت ىح ٌ‬
‫ٌ‬
‫أم موضع ىو فما رأيت لو خربا‪ ،‬فسألت سيٌدم دمحم عبد الكر‪ٙ‬ب رضي هللا تعأب عنو‬
‫جنسها ُب ٌ‬
‫شاىدت؟ قاؿ‪:‬‬
‫ي‬ ‫كأم شيء‬
‫عن ذلك‪ ،‬فأخرب٘ب أنٌو ال كجود ‪١‬بنس تلك الصورة أصبلن‪ ،‬فقلت لو‪ٌ :‬‬
‫ً‬
‫جعلت‬ ‫ذلك ًمن فً ٍع ًل الركح‪ ،‬أعِب ركح ذاتك‪ ،‬ي‬
‫فقلت لو‪ :‬ككيف ذلك؟ فقاؿ‪ :‬إ ٌف الذات إذا‬
‫كجعلت ‪ٚ‬باؼ‬
‫ٍ‬ ‫جزمت هبا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫كجزمت بو ساعفتها الركح ُب إٯباد الصورة الٍب‬
‫ٍ‬ ‫عينيها‬
‫الشيء بْب ٍ‬
‫منها فتساعفها الركح ُب إٯبادىا كلو كاف فيها ضرر الذات‪.‬‬
‫كجزيـ الذات ال يقوـ لو شيء‪ ،‬ال ُب جانب ا‪٣‬بّب كال ُب جانب الشر‪ .‬قاؿ سيدم دمحم بن‬
‫قاؿ‪ٍ :‬‬
‫كمررت ٗبوض وع‪ ،‬فعرض ٕب ٕبر ُب الطريق ال ييقطىع إالٌ ابلسفن‪،‬‬
‫ي‬ ‫كنت قبل الفتح‪،‬‬
‫عبد الكر‪ٙ‬ب‪ :‬ك ي‬
‫أب٘ب أمشي عليو كال‬
‫كىو من البحور الٍب على كجو األرض‪ .‬كحصل ٕب ُب الذات جزـ عظيم ٌ‬
‫فوضعت رجلي على ظهر ا‪٤‬باء كا‪١‬بزـ يتزايد‪ ،‬فلم أزؿ أمشي‬
‫ي‬ ‫أغرؽ كال يصيبِب شيء‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫قطعت الساحل اآلخر‪.‬‬
‫ي‬ ‫حٌب‬
‫فوقو ٌ‬
‫ت ًرجلًي‬
‫فأدلي ي‬
‫أشك ُب ا‪٤‬بشي عليو‪ٍ ،‬‬
‫كجعلت ٌ‬
‫ي‬ ‫مرة أخرل‪ ،‬كزاؿ ا‪١‬بزـ من ذاٌب‪،‬‬
‫رجعت ٌ‬
‫ي‬ ‫فلما‬
‫ٌ‬
‫أ٘ب ال أطيق مشيا عليو‪ .‬قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب‬
‫كعلمت ٌ‬
‫ي‬ ‫فغرقت ُب ا‪٤‬باء فأخرجتيها‬
‫ٍ‬ ‫أختربي‬
‫عنو‪ :‬كمٌب دامت الذات جازمة ابلشيء فإ ٌف الشيطاف ال يقرهبا‪ ،‬كإ ٌ٭با يقرهبا إذا ذىب ا‪١‬بزـ‬
‫منها‪ ،‬كىو يعلم بذىابو ألنٌو ٯبرم من ابن آدـ ‪٦‬برل الدـ‪ ،‬فإذا رآه ذىب أقبل عليها ابلوسواس‬
‫وهتا ا‪٣‬بّبي‪.‬‬
‫حٌب ي يف ى‬
‫ٌ‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فا‪١‬بزـ مثل صورة ا‪٤‬بدينة ا‪٢‬بصينة‪ ،‬فمٌب كاف للمدينة سور فبل يطمع‬
‫العدك للدخوؿ‪ .‬فعيب‬
‫ج ابدر ٌ‬
‫أبواب كفيػ ىر ه‬
‫العدك‪ ،‬كمٌب حصل ُب السور خلل‪ ،‬كظهرت فيو ه‬
‫فيها ٌ‬
‫كل عاقل إبصبلح سور ذاتو‬
‫الشيطاف ككسوستو اتبع لعيب سور الذات الذم ىو ا‪١‬بزـ‪ .‬فلٍييبادر ٌ‬
‫يستفزه إنساف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حٌب ال يقربو شيطاف‪ ،‬كال‬
‫ٌ‬
‫كمن ىذا ا‪٤‬بعُب ‪٠‬بعتو هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬إذا يك ًع ىد الصاد يؽ أبدا بشيء ًمن أمور اآلخرة أك الدنيا‪ ،‬فإ ٍف‬
‫ً‬
‫كقت ‪٠‬باعو للوعد ساكنا مطمئنٌا جازما بصدؽ الوعد كعبلمة على أنٌو يدرؾ ذلك‬ ‫كاف ُب ً‬
‫الشيء ال ‪٧‬بالة‪ ،‬كإ ٍف كاف ُب كقت ‪٠‬باعو للوعد مضطراب مراتاب ُب صدؽ الوعد فهو عبلمة على‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪165‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أنٌو ال يدرؾ ذلك الشيء‪ .‬فا‪١‬بزـ عبلمة أىل الصدؽ كالتح ٌقق‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب ًٗبىنًٌ ًو كفضلو أف‬
‫يرزقنا حبلكتو كأسراره‪.‬‬

‫‪٠‬بعت أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪:‬‬


‫كأما ا‪٢‬بكاايت‪ ،‬فمنها ما ي‬ ‫ٌ‬
‫كاف بعض من أراد هللا ر‪ٞ‬بتو ُب ا‪٤‬باضْب ٕبي ًٌ‬
‫ب الصا‪٢‬بْب فألقى هللا ُب قلبو أ ٍف خرج من مالو‬
‫فباعو‪ ،‬ك‪ٝ‬بع ‪ٜ‬بنو فذىب لبعض ىمن اشتهر عند الناس ابلصبلح‪ ،‬ككانت تقصده الوفود من‬
‫حٌب بلغ بلده‪ ،‬فسأؿ عن داره ف يد ٌؿ عليها‪ ،‬فد ٌؽ‬
‫النواحي فذىب إليو ىذا ا‪٤‬برحوـ ٔبملة مالو ٌ‬
‫العلي‪ ،‬ككاف الشيخ ا‪٤‬بشهور ابلوالية ًمن‬
‫الباب‪ ،‬فخرجت ا‪٣‬بادمة فقالت‪ :‬ما ا‪٠‬بك؟ فقاؿ‪ :‬عبد ٌ‬
‫العصاة ا‪٤‬بسرفْب على نفوسهم‪ ،‬ككاف لو ند‪ٙ‬ب يتعاطى معو الشراب كغّبه ا‪٠‬بو عبد العلي‪ ،‬فوافق‬
‫ا‪٠‬بو اسم ىذا ا‪٤‬برحوـ‪.‬‬
‫كظن أنٌو ندٲبو‪:‬‬
‫العلي‪ ،‬فقاؿ‪ٌ ،‬‬
‫فذىبت ا‪١‬بارية فقالت للشيخ اسم ىذا الذم د ٌؽ الباب عبد ٌ‬
‫إئذ٘ب لو‪ ،‬فدخل على الشيخ فوجد الشراب بْب يديو‪ ،‬كامرأة فاجرة معو‪ ،‬كرزقو هللا تعأب الغفلة‬
‫‪٠‬بعت بك من ببلدم كجئتك قاصدا لتدلٌِب على هللا‬
‫عن ذلك كلٌو‪ ،‬فتق ٌدـ إليو فقاؿ‪ :‬اي سيٌدم ي‬
‫كجل‪ ،‬كىذا مإب أتيتك بو هلل تعأب‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬يتقبٌل هللا منكم‪ٍ ،‬بٌ أمر ا‪١‬بارية أف‬
‫عز ٌ‬‫ٌ‬
‫تدفع لو رغيفا فأخذه‪ ،‬كأعطاه الفأس كأمره اب‪٣‬بدمة ُب بستاف للشيخ عيَّػنىوي لو‪ ،‬فذىب ذلك‬
‫ا‪٤‬برحوـ من ساعتو كنفسو مطمئنة كقلبو مسركر بقبوؿ الشيخ لو‪ ،‬فذىب‬

‫فرحا للخدمة‪ ،‬كقد ًلق ىي نصبا من سفره للشيخ كما اسَباح ٌ‬


‫حٌب بلغ البستاف كجعل ٱبدـ بفرح‬
‫ً‬
‫كجل كحسن ‪ٝ‬بيلو بذلك ا‪٤‬برحوـ أف صادؼ ‪٦‬بيئو‬
‫عز ٌ‬‫كسركر كنشاط نفس‪ ،‬فكاف من قى ىد ًر هللا ٌ‬
‫للشيخ الك ٌذاب ا‪٤‬بسرؼ كفاة رجل من أكابر العارفْب‪ ،‬ككاف من أىل الديواف‪ ،‬فحضر كفاتو‬
‫مرة ك‪٫‬بن نقوؿ لك إىبط إٔب مدينة‬
‫كم ٌ‬
‫الغوث كاألقطاب السبعة‪ ،‬فقالوا لو‪ :‬اي سيٌدم فبلف‪ٍ ،‬‬
‫سرؾ كٓب تساعدان‪ ،‬فاآلف كانت كفاتك فيضيع‬
‫من مدف اإلسبلـ فعسى أف تلقى من يرثك ُب ٌ‬
‫إٕب من يرثِب كأان ُب موضعي‪،‬‬
‫سرؾ كتبقى ببل كارث‪ ،‬فقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬اي سادٌب قد ساؽ هللا ٌ‬
‫ٌ‬
‫العلي الذم كفد على فبلف ا‪٤‬ببطل‪ ،‬فانظركا إٔب حسن سريرتو‬
‫فقالوا لو‪ :‬كمن ىو؟ فقاؿ‪ :‬عبد ٌ‬
‫كجل‪ ،‬كإٔب ‪ٛ‬باـ صدقو‪ ،‬كرسوخ خاطره‪ ،‬كنفوذ عزمو‪ ،‬كصبلبة جزمو‪ .‬فإنٌو رآل ما‬
‫عز ٌ‬‫مع هللا ٌ‬
‫يتحرؾ لو كسواس‪ ،‬فهل ‪٠‬بعتم ٗبثل ىذا الصفاء الذم ُب ذاتو؟‬
‫رأل كٓب يتزلزؿ لو خاطر‪ ،‬كٓب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪166‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أفىػتيػ ىوافً يقو ىف على إرثو؟ فقالوا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫كجل على حسن نيٌتو فوقع لو الفتح‬ ‫عز ٌ‬
‫ابلسر‪ ،‬كأاثبو هللا ٌ‬
‫العلي ٌ‬
‫فخرجت ركح الوٕب كاتٌصل عبد ٌ‬ ‫ٍ‬
‫كعلً ىم من أين جاءتو الر‪ٞ‬بة‪ ،‬كأ ٌف الشيخ الذم كفد عليو مسرؼ ك ٌذاب‪ ،‬كأ ٌف هللا تعأب ر‪ٞ‬بو‬ ‫ى‬
‫بسبب نيٌتو ال غّب‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬

‫كمنها ما ‪٠‬بعو من الشيخ رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬كاف لبعض ا‪٤‬بشايخ مريد صادؽ فأراد أف‬
‫‪ٙ‬بب أكثر أان‬
‫ٲبتحن صدقو يوما فقاؿ لو مرة‪ :‬اي فبلف أ‪ٙ‬ببٌِب؟ قاؿ‪ :‬نعم اي سيٌدم‪ ،‬قاؿ لو‪ :‬ىمن ٌ‬
‫أك أابؾ؟ فقاؿ‪ :‬أنت اي سيٌدم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أفرأيت إف أ ىم ٍرتيك أف أتتيِب برأس أبيك أتطيعِب؟ قاؿ‪ :‬اي‬
‫سيٌدم فكيف ال‬

‫فتسور جدار‬
‫كلكن الساعة ترل‪ .‬فذىب من حينو‪ ،‬ككاف ذلك بعد أف رقد الناس‪ٌ ،‬‬
‫أطيعك؟ ٌ‬
‫كأمو ُب منز‪٥‬بما فوجد أابه يقضي حاجتو من ٌأمو‬
‫دارىم كعبل فوؽ السطح‪ٍ ،‬بٌ دخل على أبيو ٌ‬
‫حٌب يفرغ من حاجتو كلكن برؾ عليو كىو فوؽ ٌأمو فقطع رأسو كأتى بو للشيخ‬
‫فلم ٲبهلو ٌ‬
‫كطرحو بْب يديو‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬كٰبك أتيتِب برأس أبيك؟ فقاؿ‪ :‬اي سيٌدم نعم ىو ىذا‪ ،‬فقاؿ لو‪:‬‬
‫فكل كبلـ عندؾ ال ىزؿ فيو‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‬
‫كنت مازحا‪ ،‬فقاؿ لو ا‪٤‬بريد‪ٌ :‬أما أان ٌ‬
‫كٰبك إ ٌ٭با ي‬
‫أنظر ىل ىو رأس أبيك؟ فنظر ا‪٤‬بريد فإذا ىو ليس برأس أبيو‪ ،‬فقاؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ٍ :‬‬
‫لو الشيخ‪ :‬رأس ىمن ىو؟ فقاؿ لو‪ :‬رأس فبلف العلج‪ ،‬قاؿ‪ :‬ككاف أىل مدينتهم يتخ ٌذكف العلوج‬
‫كثّبا ٗبنزلة العبيد السودانيْب‪ ،‬قاؿ‪ :‬ككاف أبوه غائبا تلك الليلة فخانتو زكجتو ُب الفراش‬
‫ككعدت علجا كافرا كم ٌكنتو من نفسها‪ ،‬ككوشف الشيخ رضي هللا تعأب عنو بذلك فأرسل ا‪٤‬بريد‬
‫سره‪،‬‬
‫ليقتلو على الصفة السابقة ليمتحن صدقو‪ ،‬فعلم أنو جبل من ا‪١‬بباؿ‪ ،‬فكاف كارث ٌ‬
‫كا‪٤‬بستؤب بعده على فتحو‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬
‫‪٠‬بعت الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬جاء بعض ا‪٤‬بريدين لشيخ عارؼ فقاؿ‬
‫أ٘ب ي‬‫قاؿ‪ ،‬كمنها ٌ‬
‫فأمره اب‪٤‬بقاـ عنده كالعكوؼ على خدمتو‪،‬‬
‫كجل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬ى‬
‫عز ٌ‬‫لو‪ :‬اي سيٌدم القبوؿ هلل ٌ‬
‫كأعطاه مسحاة ُب رأسها كورة حديد زائدة ال نفع فيها إالٌ تثقيل ا‪٤‬بسحاة‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بريد ىو كارث‬
‫كألم شيء تصلح؟‬
‫الشيخ بشرط أف ال ينتبو لكورة ا‪٢‬بديد ا‪٤‬بذكورة‪ ،‬فإف انتبوى كقاؿ ما فائدهتا؟ ٌ‬
‫كال معُب ‪٥‬با إالٌ التثقيل؟ فإنٌو ال يرث منو شيئا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪167‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىزتو‬ ‫ً‬
‫‪ٙ‬بر ىؾ لو ع ٍرؽ كسواس‪ ،‬كال ٌ‬
‫قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬فبقي ُب خدمتو سبع سنْب كىو ٱبدـ ابلفأس كال َّ‬
‫عواصف رايح الشيطاف‪ ،‬كصارت الكورة ا‪٤‬بذكورة ٗبنزلة العدـ الذم ال ييرل كال ييسمع بو‪ .‬فهذه‬
‫حالة الصادقْب ا‪٤‬بوفٌقْب‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬

‫كجل مريد صادؽ‪ ،‬ككاف ىو‬


‫عز ٌ‬‫قاؿ ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬كاف لبعض العارفْب ابهلل ٌ‬
‫يتحرؾ لو كسواس‪،‬‬‫سره‪ ،‬فأشهده هللا تعأب من شيخو أمورا كثّبة منكرة كمع ذلك فلم ٌ‬ ‫كارث ٌ‬
‫فلما مات شيخو كفتح هللا تعأب عليو‪ ،‬شاىد تلك األمور كعلً ىم أ ٌف الصواب مع الشيخ فيها‬‫ٌ‬
‫كليس فيها ما‬
‫ين ىكر شرعا إالٌ أهنٌا اشتبهت عليو‪ً .‬‬
‫فم ٍن ذلك أ ٌف إمرأة كانت من جّباف الشيخ‪ ،‬ككانت تيذ ىكر‬ ‫ي‬
‫كلكن ا‪٤‬بريد ال يعرفها‪،‬‬
‫ابلسوء‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بريد يعرؼ شخصها‪ ،‬ككاف للشيخ امرأة على صورهتا ٌ‬
‫ككاف للشيخ موضع ٱبلو بو بْب ابب الدار كبْب البيوت‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بريد ال يبلغ إليو كإ٭با يقف‬
‫ابلباب‪ ،‬فاتٌفق أف دخلت ا‪٤‬برأة ا‪٤‬بشهورة ابلسوء على ا‪٤‬بريد كىو ابلباب فجازت الدار‪ ،‬كاتٌفق‬
‫أ ٍف خرجت امرأة الشيخ الشبيهة هبا فدخلت على الشيخ ا‪٣‬بلوة‪ ،‬ككاف أرسل الشيخ إليها‬
‫ليقضي حاجتو منها‪ ،‬فدخلت كقاـ إليها الشيخ‪ ،‬كم ٌرت الشبيهة هبا ‪٫‬بو البيوت‬
‫شك أهنٌا‬
‫فرمى ا‪٤‬بريد ببصره إٔب ا‪٣‬بلوة فرأل ا‪٤‬برأة مع الشيخ كىو يقضي حاجتو منها فما ٌ‬
‫يستفزه الشيطاف‪ٍ ،‬بٌ خرجت ا‪٤‬برأة‪ ،‬كحانت الصبلة‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٤‬بشهورة ابلسوء‪ ،‬كربط هللا على قلبو فلم‬
‫شك ا‪٤‬بريد أ ٌف الشيخ‬
‫كتيمم‪ ،‬ككاف بو مرض منعو من اإلغتساؿ‪ ،‬فما ٌ‬
‫فخرج الشيخ للصبلة ٌ‬
‫يتيمم من غّب ضركرة‪ ،‬كربط هللا على قلب ا‪٤‬بريد‪ ،‬ككاف ابلشيخ مرض منعو من ىضم الطعاـ‬
‫ٌ‬
‫شك أنٌو‬
‫فصنعوا لو ماء الفلنيص‪ ،‬عصركه كأتوا لو ٗبائو ليشربو فدخل ا‪٤‬بريد فوجده يشربو فما ٌ‬
‫يتحرؾ عليو كسواس‪.‬‬ ‫ماء ‪ٟ‬بر كربط ا‪٥‬بم على قلبو فلم ٌ‬
‫التيمم‬
‫فلما فتح الوٌ عليو علم أ ٌف ا‪٤‬برأة الٍب كطئها امرأتو ال ا‪٤‬برأة ا‪٤‬بشهورة ابلسوء‪ ،‬كعلم أ ٌف ٌ‬
‫ٌ‬
‫الذم فعلو الشيخ لضرر كاف ٔبسده‪ ،‬كعلم أ ٌف ا‪٤‬باء الذم شربو الشيخ ماء فلنيص ال ماء ‪ٟ‬بر‪،‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬

‫كجل فمات ذلك‬


‫عز ٌ‬‫قاؿ‪ ،‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬كاف لبعض ا‪٤‬بريدين أخ ُب هللا ٌ‬
‫األخ كبقي ا‪٤‬بريد‪ ،‬فجعل إذا فتح هللا تعأب عليو بشيء يقسمو بْب أكالده كبْب أكالد األخ ُب‬
‫فلما أخذكا ‪ٜ‬بنها‬
‫هللا‪ ،‬ككاف ‪٥‬بذا ا‪٤‬بريد أرض مع أخوتو فبيعت عليهم من جانب ا‪٤‬بخزف ظلما‪ٌ ،‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪168‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كاف نصيب ا‪٤‬بريد منها أربعْب مثقاال‬
‫أقسمها بيِب كبْب أكالد أخي ُب هللا‬ ‫سكة زماننا‪ ،‬فقاؿ لو إخوتو‪ :‬ما تفعل بدراٮبك؟ قاؿ‪ :‬ي‬
‫ب بدراٮبك كا ٍش ىًَب هبا كذا‪،‬‬
‫سبَّ ٍ‬
‫تعأب‪ ،‬فاستحمقوه كقالوا لو‪ :‬ما رأينا مثلك ُب نقصاف العقل‪ ،‬تى ى‬
‫ع عنك ىذه ا‪٢‬بماقة الٍب أنت مشتغل هبا‪ .‬فأرادت نفسو أف ‪ٛ‬بيل إٔب قو‪٥‬بم‬ ‫كد ٍ‬
‫كاصنع هبا كذا‪ ،‬ى‬
‫كقفت بْب يديو غدان حيث يقوؿ ٕب‪ :‬رزقتك أربعْب‬ ‫عز كجل إذا ً‬
‫فقاؿ ‪٥‬با‪ :‬اي نفسي ما تقوٕب هلل ٌ ٌ‬
‫يضيًٌعيك كما ضيٌعتهم‪.‬‬‫يخ ٌوة‪ ،‬فاليوـ أ ى‬
‫ت ح ٌق األ ي‬ ‫فاستأثرت هبا كضيٌػ ٍع ى‬
‫ى‬ ‫مثقاال‬
‫فلما خرج من عندىم فتح‬ ‫كجل‪ٌ ،‬‬
‫عز ٌ‬ ‫فوفٌقو هللا تعأب فقسم الدراىم بينو كبْب أكالد أخيو ُب هللا ٌ‬
‫عت كال خطر على قلب بشر‪ ،‬كجعلو هللا من العارفْب‬ ‫ىت كال أيذي هف ً‪٠‬ب ٍ‬
‫عْب ىرأ ٍ‬
‫هللا عليو كأعطاه ماال ٍه‬
‫لصدؽ نيٌتو‪ ،‬كلصدؽ عزمو‪ ،‬كنفوذ عزٲبتو‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪ .‬أىػ‪.‬‬

‫كقاؿ‪ ،‬ك‪٠‬بعت من غّب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أ ٌف بعض األكابر كاف لو ع ٌدة أصحاب‪،‬‬
‫ككاف ال يتخيٌل النجابة إالٌ من كاحد منهم‪ ،‬فأراد أف ٱبتربىم يوما‪ ،‬كاختربىم فىػ ىف ٌركا ٔبملتهم‬
‫سول ذلك الواحد‪ ،‬كذلك أنٌو تركهم حٌب اجتمعوا على ابب خلوتو فأظهر ‪٥‬بم صورة‬

‫امرأة جاءتو فدخلت ا‪٣‬بلوة‪ ،‬فقاـ الشيخ كدخل معها‪ ،‬فأيقنوا أ ٌف الشيخ اشتغل معها الفاحشة‬
‫رت نيٌاهتم إالٌ ذلك الواحد فإنٌو ذىب كأتى اب‪٤‬باء كجعل يس ٌخنو بقصد أف‬ ‫فتفرقوا كلٌهم‪ً ،‬‬
‫كخس ٍ‬ ‫ٌ‬
‫أيت ا‪٤‬برأة قد‬
‫يغتسل بو الشيخ‪ ،‬فخرج عليو الشيخ فقاؿ لو‪ :‬ما ىذا الذم تفعل؟ فقاؿ‪ :‬ر ي‬
‫فقلت لعلٌك ‪ٙ‬بتاج إٔب غي ٍس ول فس ٌخ ي‬
‫نت لك ا‪٤‬باء‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬كتىػ ٍتػبىػعي ًِب بعد أف رأيتىِب‬ ‫دخلت ي‬
‫على ا‪٤‬بعصية‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كًٓبى ال أتبعك كا‪٤‬بعصية ال تستحيل عليك كإ ٌ٭با تستحيل ُب ح ٌق األنبياء‬
‫نيب ال تعصي‬
‫عليهم الصبلة كالسبلـ؟ كىٓبٍ أخالطك على أنٌك ٌ‬
‫مِب ابلطريق‪ ،‬كمعرفتك ابقية فيك‪ ،‬فالوصف الذم‬
‫كإ ٌ٭با خالطتك على أنٌك بشر كأنٌك أعرؼ ٌ‬
‫يتحرؾ ٕب خاطر‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬اي كلدم تلك‬
‫عرفتك عليو ٓب يزؿ فبل تتب ٌدؿ ٕب نيٌة‪ ،‬كال ٌ‬
‫فادخل اي كلدم‬
‫ٍ‬ ‫عِب أكلئك القوـ‪،‬‬
‫فعلت ذلك عمدا لينقطع ٌ‬
‫رت بصورة امرأة‪ ،‬كأان ي‬
‫تصو ٍ‬
‫الدنيا ٌ‬
‫كفٌقك ا‪٥‬بن معي إٔب ا‪٣‬بلوة ىل ترل امرأة فيها‪ ،‬فدخل فلم ٯبد امرأة‪ ،‬فازداد ‪٧‬ببٌة على ‪٧‬ببٌتو‪،‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كرأيت ُب كتاب الشيخ ‪٧‬بي الدين تلميذ الشيخ اتج الدين الذاكر ا‪٤‬بسرم ر‪ٞ‬بهما هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪169‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫السر الذم‬
‫تعأب‪ :‬أ ٌف رجبل جاء إٔب بعض األكابر فقاؿ لو‪ :‬اي سيٌدم أريد منكم أف تيعطو٘ب ٌ‬
‫كجل بو‪ ،‬فقاؿ الشيخ‪ :‬إنٌك ال تطيق ذلك‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ :‬أطيقو كأقدر عليو‪،‬‬
‫عز ٌ‬ ‫خصكم هللا ٌ‬
‫ٌ‬
‫فامتحنو الشيخ أبمر سقط منو على أًٌيـ رأسو‪ ،‬نسأؿ هللا السبلمة‪ ،‬كذلك أنٌو كاف عند الشيخ‬
‫إ٘ب‬ ‫ً‬
‫السر‪ ،‬قاؿ لو الشيخ‪ٌ :‬‬
‫فلما قاؿ ذلك ا‪٤‬بريد أان أطيق ٌ‬
‫ث‪ ،‬أبوه من االكابر‪ٌ ،‬‬ ‫شاب ىح ىد ه‬
‫مريد ٌ‬
‫السر‪ ،‬فأمره اب‪٤‬بقاـ عنده‪.‬‬
‫سأعطيك إف شاء الوٌ ٌ‬
‫ٍبٌ إ ٌف الشيخ أمر الشاب ا‪٢‬بدث ابإلختفاء ُب و‬
‫مكاف ٕبيث ال يظهر ألحد‪ٍ ،‬بٌ أدخل الشيخ‬ ‫ٌ‬
‫خلوتىو كبشا فذٕبو كجعل على ثيابو شيئا من الدـ‪ ،‬فخرج على ا‪٤‬بريد السابق كالسكْب ُب يده‪،‬‬
‫كالدـ يسيل على يديو‪ ،‬كىو ُب صورة الغضباف‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ :‬ما عندكم اي سيٌدم؟ فقاؿ‪ :‬إ ٌف‬
‫ملكت نفسي أف ذٕبتو‪ ،‬فها ىو ُب ذلك ا‪٤‬بكاف مذبوحا‪ ،‬يشّب إٔب‬ ‫ي‬ ‫الشاب الفبل٘ب أغضبِب فما‬
‫ٌ‬
‫السر اي كلدم فاكتم اي كلدم كال تذكره ألحد‪ ،‬كإ ٍف‬
‫أردت ٌ‬
‫ا‪٣‬بلوة الٍب ذبح فيها الكبش‪ ،‬فإ ٍف ى‬
‫كٰبصل ُب ا‪٤‬بسألة‬ ‫سألِب عنو أبوه أقوؿ لو ىم ًر ى‬
‫ض كلدؾ كمات فإنٌو يص ٌدقِب ي‬
‫السر إف‬
‫فعلت فأان أعطيك ٌ‬
‫ٍف‪ ،‬فعساؾ اي كلدم تساعد٘ب على ىذا األمر كتسَب٘ب فيو‪ ،‬فإ ٍف ى‬
‫ليط ه‬
‫ظن أ ٌف الشيخ ُب قبضتو‪:‬‬
‫كجهو‪ ،‬كظهر غيظو حيث ٌ‬
‫‪ٛ‬بعر ي‬
‫شاء هللا تعأب‪ .‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ ،‬كقد ٌ‬
‫ابلقصة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫الشاب كأعلمو‬
‫ٌ‬ ‫سأفعل‪ ،‬بكبلـ يظهر منو الكذب‪ .‬ففارؽ الشيخ كذىب سريعا إٔب كالد‬
‫كقاؿ لو‪ :‬إ ٌف الشيخ الك ٌذاب الذم كنتم تعتقدكف فيو ا‪٣‬بّب قتل كلدكم ُب ىذه الساعة‪ ،‬كجعل‬
‫يرغٌبِب أ ٍف أسَبه‪ ،‬كيطلب ًم ًٌِب أ ٍف أكتمو عنكم‪ ،‬كإ ٍف شككتم ُب األمر فاذىبوا معي الساعة‬
‫فإنٌكم ٘بدكف كلدكم يتشحط ُب دمو‪.‬‬
‫كلعل األمر يشبًٌوى عليك؟ فقاؿ ‪٥‬بم‪:‬‬
‫فقاؿ لو الناس‪ :‬كٰبك‪ ،‬فإ ٌف سيٌدان فبلف ال يفعل ىذا‪ٌ ،‬‬
‫حٌب يظهر صدقي أك كذيب‪ .‬ففشا قولو ُب الناس‪ ،‬ك‪٠‬بع بو أرابب الدكلة‪ ،‬فأقبلوا إٔب‬
‫إذىبوا معي ٌ‬
‫حٌب كقفوا على خلوة الشيخ‪ ،‬فقرعوا الباب‪ ،‬فخرج الشيخ كقاؿ‬
‫الشيخ سراعا كا‪٤‬بريد أمامهم ٌ‬
‫كأم شيء أقدمكم؟ فقالوا لو‪ :‬أال تسمع ما يقوؿ ىذا؟ يشّبكف إٔب ا‪٤‬بريد‪ ،‬فقاؿ‬‫‪٥‬بم‪ :‬ما لكم؟ ٌ‬
‫كأم شيء كاف؟ فقاؿ لو‪ :‬ا‪٤‬بريد الذم كنت ترغٌبِب فيو كتطلب ًم ًٌِب كتمانو ىو الذم‬
‫لو الشيخ‪ٌ :‬‬
‫ط‪ ،‬فقاؿ‬
‫كاف‪ ،‬فقاؿ الشيخ‪ :‬ما كقع بيِب كبينك شيء‪ ،‬كما كلٌمتك ق ٌ‬

‫كل انحية‪:‬‬ ‫ً‬


‫قتلت كل ىد الناس‪ .‬فصاح الناس على الشيخ من ٌ‬
‫ا‪٤‬بريد‪ :‬الكذب ال ي ٍنجيك‪ ،‬قد ى‬
‫عدك هللا تغش الناس بعبادتك‪ ،‬ك‪ٚ‬بدعهم ٖبلوتك‪ .‬فقاؿ‬
‫قتلت كل ىد الناس فاآلف نقتلك‪ ،‬اي ٌ‬
‫ى‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪170‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ً‬
‫علي كأثىر الدـ على يدؾ كثوبك؟‬ ‫الشيخ‪ :‬ىسليوهي من أين ىعلً ىم ٌ‬
‫أب٘ب قتلتو‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ :‬أٓبٍ ‪ٚ‬برج ٌ‬
‫كنت صادقا‪ ،‬فدخلوا‬
‫فلندخل إٔب ا‪٣‬بلوة إ ٍف ى‬
‫ٍ‬ ‫ذٕبت شاةن‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪:‬‬
‫فقاؿ الشيخ‪ :‬نعم كقد ي‬
‫كأظهرت ىذه الشاة ُب موضعو لئبلٌ‬
‫ى‬ ‫أخفيت القتيل‬
‫ى‬ ‫فوجدكا شاة مذبوحة‪ ،‬فقاؿ ا‪٤‬بريد‪ :‬إنٌك‬
‫أتعلىم‬
‫الشاب كال أبس عليو ٍ‬
‫ٌ‬ ‫تيػ ٍقتى ىل بو‪ ،‬فقاؿ الشيخ‪ :‬أرأيت إف خرج‬
‫كنت صادقا‪ .‬فأرسل الشيخ إٔب‬‫فأخرجوي إ ٍف ى‬
‫ٍ‬ ‫إنٌك ًمن الكاذبْب الذين ال يفلحوف؟ فقاؿ ا‪٤‬بريد‪:‬‬
‫تضرعوا إٔب الشيخ‪ ،‬كجعلوا يسبٌوف ا‪٤‬بريد‬ ‫ً‬
‫فلما رآه الناس ٌ‬ ‫ٍم عنده ٗبا كقع‪ٌ ،‬‬ ‫الفٌب فخرج‪ ،‬كال عل ى‬
‫السر كتقدر عليو؟ فما‬
‫ألست تزعم اي ك ٌذاب أنٌك تيطيق ٌ‬
‫ى‬ ‫الكاذب‪ .‬كعند ذلك قاؿ لو الشيخ‪:‬‬
‫ابلك ٓب تقدر على كتم ىذا األمر الذم ٓب يكن منو شيء‪ ،‬كإ ٌ٭با صنعنا معك ىذا لدعواؾ أنٌك‬
‫السر الذم يليق أبمثالك‪.‬‬
‫فاذىب فقد أعطيناؾ ٌ‬
‫ٍ‬ ‫السر؟‬
‫تطيق ٌ‬
‫للم َّدعْب الكاذبْب‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب‬ ‫ً‬
‫فكاف ذلك ا‪٤‬بريد من يومو ذلك موعظة للمعتربين‪ ،‬كنكاال ي‬
‫ًٗبىنًٌ ًو التوفيق‪.‬‬

‫ب ا‪٢‬بجيج‪ ،‬ككاف من ببلد‬ ‫قاؿ‪ :‬ككقع لرجل آخر حكاية عجيبة‪ ،‬كذلك أنٌو كاف شي هخ ًم ٍن رٍك ً‬
‫ى‬
‫ا‪٤‬بغرب‪ ،‬ككاف يعتِب كثّبا بلقاء الصا‪٢‬بْب كٰببٌهم‪ ،‬كييػ ىفتًٌش على الذم يربح على يديو‪ .‬فكاف ىذا‬
‫دأبو إذا طلع إٔب ا‪٤‬بشرؽ كإذا رجع‪ .‬فالٍتقى ٗبصر مع بعض الصا‪٢‬بْب‪ ،‬فأعطاه أمانة كقاؿ لو‬
‫الرجل‪ :‬الذم يطلبها منك ىو صاحبك‪.‬‬

‫قدـ لبلده كدخل داره‪ ،‬كبقى ما‬ ‫حٌب ً‬


‫فما زاؿ يطوؼ على الصا‪٢‬بْب الذين يعرفهم كاحدا كاحدا ٌ‬
‫فعلً ىم أ ٌف جاره ىو‬
‫شاء هللا‪ ،‬فلقيو ذات يوـ جاره فقاؿ لو‪ :‬أين األمانة الٍب أعطاكها فبلف ٗبصر؟ ى‬
‫علي كما‬
‫صاحب الوقت‪ ،‬فسقط على رجليو يقبٌلها كيقوؿ‪ :‬اي سيٌدم كيف ي‪ٚ‬بٍ يفوف أنفسكم ٌ‬
‫إٕب؟ ٍبٌ طلب منو‬ ‫كت صا‪٢‬با يشار إليو اب‪٤‬بشرؽ كا‪٤‬بغرب إالٌ أتيتيو كأنتم جّبا٘ب كأقرب الناس ٌ‬
‫تر ي‬
‫أمر ال تيطي يقو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬بل أطيقو اي سيٌدم‪ ،‬فقاؿ‬
‫السر الذم خصو هللا بو‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬ىذا ه‬
‫ٌ‬
‫شرطي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كما شرطك اي‬ ‫فاعمل ب ى‬
‫ٍ‬ ‫كنت تطيقو‬
‫الشيخ‪ :‬فإف ى‬
‫سيٌدم؟ فقاؿ الشيخ‪ :‬شرط ال كبّبي ضرور عليك فيو‪ ،‬ىو أ ٍف ‪ٙ‬بلًق ‪٢‬بيتك الطويلة ىذه‪ ،‬فقاؿ‬
‫أردت‬
‫لو‪ :‬اي سيٌدم كيف يسوغ ٕب ذلك كهبا أيىاب كأيعظٌم ُب طريق ا‪٤‬بشرؽ؟ فقاؿ الشيخ‪ :‬فإ ٍف ى‬
‫علي‬
‫السر فافعل ما أقولو لك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي سيٌدم ىذ أمر ال أطيقو‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬كما بقى لك ٌ‬
‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪171‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فلما مات الشيخ كفىاتىوي ما فىاتىوي ندـ كقاؿ‪ :‬لو كاف عقلي‬
‫ذنب حيث ٓب تقبل شرطي‪ ،‬ففارقو‪ٌ .‬‬
‫لفعلت ما قاؿ كزدت عليو‪.‬‬
‫ي‬ ‫اليوـ عندم كزمن الشيخ‬
‫يشم‬
‫ك‪٠‬بعت من بعض الثقاة ‪٩‬بٌن كاف يرل النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب اليقظة‪ ،‬ككاف ٌ‬ ‫ي‬ ‫قاؿ‪:‬‬
‫كنت مع بعض األكلياء يوـ ا‪١‬بمعة‬ ‫رائحة مدينة النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب مدينة فاس‪ ،‬قاؿ‪ :‬ي‬
‫الوٕب‬ ‫ً‬
‫يت ا‪١‬بمعة كخرجت من ا‪١‬بامع فإذا برجل ييػ ىقبٌ يل يد ذلك ٌ‬ ‫فلما صلٌ ي‬‫ُب جامع األندلس‪ٌ ،‬‬
‫كجل‪ ،‬فقاؿ لو الوٕب‪ ،‬كقد نظر فيو نظرة منكرة‪ :‬أٓب تعلم أ ٌف‬
‫عز ٌ‬ ‫إ٘ب أحبك هلل ٌ‬ ‫كيقوؿ‪ :‬اي سيٌدم ٌ‬
‫ى ً‬
‫الوٕب كجعل الذم‬‫كح ٍس ًن جزائو؟ كذىب ٌ‬ ‫اكتفيت بعل ًٍم هللا ي‬ ‫السر كأخفى؟ يعِب‪ :‬فىػ ىهبلٌ‬
‫هللا يعلم ٌ‬
‫عيت أمرا عظيما‪،‬‬ ‫اد ى‬‫ادعى احملبٌة يبكي ‪٩‬بٌا ‪٠‬بعو من الوٕب‪ ،‬فتق ٌدمت إليو كقلت‪ :‬اي ىذا‪ ،‬إنٌك قد ٌ‬ ‫ٌ‬
‫جار‬
‫كال ب ٌد للشيخ أ ٍف ٱبتربؾ‪ ،‬ف يك ٍن رجبل كإالٌ فهو الفراؽ بينك كبْب الشيخ‪ ،‬قاؿ‪ ،‬ككاف ه‬
‫كل‬
‫للشيخ ُب بعض بساتينو‪ ،‬ككانت شجرة تْب للشيخ ُب ا‪٢‬بدكد‪ ،‬فكاف ذلك ا‪٤‬ب ٌدعي ٯبنيها ٌ‬
‫التحمل‪،‬‬
‫ادعى احملبٌة أسقط عنو كلفة ٌ‬‫فلما ٌ‬
‫عاـ كالشيخ يصرب كيعفو كيصفح كٰبسن جواره‪ٌ ،‬‬
‫كقاؿ لو‪ :‬إ ٌف الشجرة شجرٌب ال شيء لك فيها‪ ،‬فأنكره ا‪٤‬ب ٌدعي كقاؿ‪ :‬ىي ٕب‪ .‬فقاـ الشيخ معو‬
‫ب الشيخ هنع هللا يضر‪.‬‬
‫يس ٌ‬
‫‪٠‬بعت ذلك ا‪٤‬ب ٌدعي ي‬
‫حٌب ي‬‫على ساؽ ا‪١‬ب ٌد ُب النزاع كا‪٣‬بصاـ ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬كاف بعض الشيوخ اجملاذيب ييظ ًه ير ‪٨‬بالفة لًيى ًف َّر‬
‫كيفركف‬
‫يشموف منو رائحة ا‪٣‬بمر ٌ‬ ‫حٌب أنٌو أراؽ على ثوبو ذات يوـ ‪ٟ‬برا فجعل الناس ٌ‬
‫عنو الناس ٌ‬
‫عِب ىؤالء النمل‪ ،‬يشّب إٔب كثرة‬
‫ليفر ٌ‬
‫عمدان ٌ‬
‫فعلت ىذا ٍ‬
‫سره‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ي‬
‫منو كٓب يبق معو إالٌ كارث ٌ‬
‫الناس الذين كانوا يتبعونو‪ ،‬فإنٌو ال حاجة ٕب فيهم كا‪٢‬باجة إ ٌ٭با ىي بك كحدؾ‪ ،‬كهللا تعأب‬
‫ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬
‫يتأملو كيصعد‬
‫رجل إٔب بعض األكلياء كجعل ٌ‬‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬جاء ه‬
‫الوٕب‪ :‬ما مرادؾ؟ قاؿ‪ :‬اي سيٌدم ىذه غنيمٍب‪،‬‬ ‫ً‬
‫رجليو‪ ،‬فقاؿ لو ٌ‬
‫أتملو من رأسو إٔب ٍ‬ ‫حٌب ٌ‬
‫فيو النظر ٌ‬
‫أردت أف تنظر ذاٌب ذاتىك لتشفع فيها غدا بْب يدم هللا تعأب‪ ،‬قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫ي‬
‫ربح ذلك الرجل رٕبا كثّبا‪ ،‬ككاف رضي هللا تعأب عنو إذا ذكر ىذه ا‪٢‬بكاية يقوؿ‪ :‬الناس ابقوف‬
‫األمة كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬
‫ُب ىذه ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬جاء بعض الصادقْب إٔب بعض من يعتقد فيو ا‪٣‬بّب‬
‫أردت‬
‫كجل‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ ،‬ككاف ذلك عند صبلة الصبح‪ :‬فإ ٍف ى‬
‫عز ٌ‬‫إ٘ب أحبٌك ُب هللا ٌ‬
‫فقاؿ‪ٌ :‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪172‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاذىب إٔب ببلد ا‪٤‬بشرؽ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فامتثل كٓب ٱبالف فربح دنيا‬
‫ٍ‬ ‫ترجع إٔب دارؾ أبدا‪،‬‬
‫أ ٍف تربح فبل ٍ‬
‫كأخرل‪ ،‬كهللا ا‪٤‬بوفٌق‪.‬‬

‫لكل ىمن لو أدٗب ًعل وٍم معرفة أف ال سعادة أصبل إال ابلصدؽ‪ ،‬كال شقاكة‬
‫قلت‪ :‬كٗبا ق ٌدمنا يظهر ٌ‬
‫إالٌ ابلكذب‪ ،‬أل ٌف رأس كل خّب ىو الصدؽ ُب اإلٲباف ابهلل تعأب كبكل ما جاء عنو‪ ،‬كبو ً‬
‫يص ٌح‬ ‫ٌ‬
‫ادعاء اإلٲباف أل ٌف من ٓب يكن ُب إٲبانو صادقا فهو‬
‫شر ىو الكذب ُب ٌ‬‫كل ٌ‬
‫إٲباف ا‪٤‬بؤمن‪ ،‬كرأس ٌ‬
‫ا‪٤‬بنافق الذم يكوف ُب الدرؾ األسفل من النار‪ .‬كإذا كاف ىذا ُب مرتبة اإلٲباف الذم يشَبؾ فيها‬
‫الطاّب كالصاّب فما ظنُّك ٗبرتبة اإلحساف الذم يريد أف يصل إليها؟ فكيف يدخل الكاذب‬
‫حضرة ا‪٢‬ب ٌق الذم ال يقبل إالٌ ا‪٢‬ب ٌق؟ كذلك ال يكوف أبدا‪.‬‬
‫إف قلت ظهرت لنا حقيقة الصدؽ كالكذب كفضل الصدؽ كالصادقْب‪ ،‬كقبح الكذب‬
‫كالكاذبْب‪ ،‬كال نريد أف تزيد ُب تبيْب حقيقة ا‪٤‬بريد الصادؽ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إ ٌف ا‪٤‬بريد‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫كل ‪٨‬بلوؽ ًمن دكاـ‬
‫ىو الذم عرؼ جبلؿ الربوبية كما ‪٥‬با من حقوؽ ُب مرتبة األلوىية على ٌ‬
‫الرضا كا‪٣‬بضوع كالتذلل إليو‪ ،‬كالعكوؼ على ‪٧‬ببٌتو كتعظيمو‪ ،‬كدكاـ اإل‪٫‬بياش إليو كعكوؼ‬
‫كل ما سواه حبٌا كإرادة‪ ،‬فبل غرض لو كال إرادة ُب شيء سواه لً ًعل ًٍم ًو‬ ‫القلب عليو‪ ،‬معرضا عن ٌ‬
‫اء ىح ٌَّب إًذىا‬ ‫أ ٌف كل ما سواه ىك و ًً و‬
‫سبيوي الظَّ ٍم ىآ يف ىم ن‬
‫س ىراب بق ىيعة ىٍٰب ى‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫اءهي ىٓبٍ ىًٯب ٍدهي ىش ٍيػئنا (‪٤ .)6‬بٌا عرؼ ىذا‪ ،‬كعرؼ ما عليو من دكاـ العكوؼ على اإلنقطاع عن‬ ‫ىج ى‬
‫توجهاهتا مضا ٌدة‬
‫خسة نفسو ُب كثرة شؤمها كشرىها أهنٌا ُب ‪ٝ‬بيع ٌ‬ ‫ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية‪ ،‬كعرؼ ٌ‬
‫الرابنيٌة‪ ،‬كعرؼ ما فيها من‬
‫للحضرة اإل‪٥‬بية‪ ،‬كأ ٌف ‪ٝ‬بيع حضوضها كمراداهتا مناقضة للحقوؽ ٌ‬
‫التثبط كالتثبيط عن النهوض ابلقياـ ٕبقوؽ ا‪٢‬ب ٌق كمعرفة ما ٯبب لو تعأب من ا‪٣‬بدمة كاألدب ًٗبىا‬
‫أىلًىف ٍتوي من ا‪٤‬بيل إٔب الراحات‪ ،‬كالعكوؼ على الشهوات‪ ،‬كاإلنقطاع عن خالق األرض‬
‫كالسماكات‪ ،‬كأ ٌف ‪ٝ‬بيع حظوظها ال تدكر إالٌ ُب ىذا ا‪٤‬بيداف‪ ،‬كعرؼ عجزه‬

‫ردىا إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية منقطعة عن ىواىا كشهواهتا‪،‬‬


‫األمارة ابلسوء كعن ٌ‬
‫عن تقو‪ٙ‬ب ىذه النفس ٌ‬
‫كعرؼ أنٌو إً ٍف قاـ معها على ىذا ا‪٢‬باؿ استوجب من هللا تعأب ُب العاجل كاآلجل من الغضب‬
‫كا‪٤‬بقت‪ ،‬كش ٌدة العذاب كالنكاؿ ا‪٤‬بؤبد للخلود ما ال ح ٌد لو كال غاية‪ ،‬كارتعد قلبو ُب ىذا الببلء‬
‫الذم كقع فيو‪ ،‬كالعلٌة ا‪٤‬بعضلة الٍب ال خركج منها‪ ،‬كال ٲبكنو ا‪٤‬بقاـ مع نفسو على ما ىي فيو ‪٩‬بٌا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪173‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مقرىا‬ ‫ً‬
‫ذيك ىر قبل من استجابة الغضب كا‪٤‬بقت من هللا تعأب‪ ،‬كال قدرة لو عى نقل نفسو من ٌ‬
‫ا‪٣‬ببيث إٔب استيطاف ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية‪ ،‬فحْب عرؼ ىذا رجع‬
‫و‬
‫كاجتهاد ُب طلب الطبيب الذم ٱبلٌصو من ىذه العلٌة ا‪٤‬بعضلة‪ ،‬كيدلٌو على‬ ‫كج ٌود‬ ‫بصدؽ و‬
‫كعزـ ً‬ ‫و‬
‫كأما غّبه ‪٩‬بٌن ٓب يتٌصف‬
‫الدكاء الذم يوجب بو كماؿ الشفاء كالصحة‪ ،‬فهذا ىو ا‪٤‬بريد الصادؽ‪ٌ ،‬‬
‫نفسو أبمر طلبو‪،‬‬
‫قت ي‬ ‫هبذه الصفات ا‪٤‬بتق ٌدمة فهو طالب ‪٤‬برتبة ال غّب‪ ،‬قد ىًٯب يد كقد ال ىًٯب يد‪ ،‬تعلٌ ٍ‬
‫ص ٍدقً ًو كاف الشيخ أقرب إليو من طلبو‪ ،‬فإ ٌف عناية ا‪٢‬ب ٌق بو الٍب كىبتو ذلك‬ ‫اف ً‬‫كأما األكؿ فلًم ىك ً‬
‫ٌ ٌ ى‬
‫العلم ا‪٤‬بذكور ىي الٍب تقوده إٔب الشيخ الكامل‪ ،‬كتيػل ًٍق ًيو ُب حضرة الشيخ الواصل‪ ،‬كتقلب لو‬
‫قلب الشيخ ابحملبٌة كالتعظيم فيقع اإلئتبلؼ‬
‫قواي ال‬
‫بينهما كاألدب فينفتح ابب الوصوؿ أل ٌف عناية ا‪٢‬ب ٌق مٌب كقعت على أمر جذبتو جذاب ٌ‬
‫ٲبكن ‪ٚ‬بلٌفو كلو كاف ما كاف‪ .‬فالذم ٯبب على ا‪٤‬بريد الصادؽ ُب الطلب كماؿ العلم ا‪٤‬بتق ٌدـ‬
‫عما سول مطلوبو‪ ،‬فبل يشتغل بشيء سول ما‬
‫كش ٌدة اإلىتماـ ابألمر ا‪٤‬بطلوب‪ ،‬كعماية القلب ٌ‬
‫يريد‪ .‬ىذا ىو الصدؽ ا‪٤‬بفيد‪ ،‬كىو الذم ٱبرجو من ا‪٤‬بقت البلٌحق‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫علمت أ ٌف الصادقْب من السعادة ما ال ٰبيط بو األكابر الفحوؿ‪ ،‬كللكاذبْب من الشقاكة ما‬
‫ى‬ ‫كإذا‬
‫فاخَب لنفسك ما تريد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ال تي ىكيًٌ يفوي األفكار كالعقوؿ‪،‬‬
‫كمن تكن نفسو أبيٌة ‪ ...‬ٯبنح للمراتب العليٌة‬
‫ٌأما الذم ٮبٌتو دنيٌو ‪ ...‬فبل مباالة لو سنيٌو‬
‫ففوؽ جهل ا‪١‬باىلْب ٯبهل ‪ ...‬ك‪ٙ‬بت سبل ا‪٤‬بارقْب يدخل‬

‫فخذ صبلحا بعد أك فسادا ‪ ...‬كشقوة ترديك أك إسعادا‬


‫كقراب أك بعدا أك سخطا أك رضا ‪ ...‬كجنٌة الفردكس أك انر لظى‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫‪.1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.69‬‬
‫‪.2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.94‬‬
‫‪.3‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.119‬‬
‫‪.4‬سورة ص‪ ،‬اآليتاف ‪.83 - 82‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪174‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪.5‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.119‬‬
‫‪.6‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.39‬‬

‫الفصل السابع عشر‬

‫ب كال يٱبدـ إالٌ هلل‪ ،‬كمن كاف كذلك انتفع بو‬


‫الوٕب ال ييعرؼ كال ييصحب كال يٰب ٌ‬
‫ُب إعبلمهم أ ٌف ٌ‬
‫كمن ال فبل كلو صحبو أعواما كدىورا‪ ،‬كلو كاف قطبا‪ ،‬بل عطىبيو‬ ‫دنيا كأخرل كلو بعد حْب‪ ،‬ى‬
‫أقرب إليو ًمن شراؾ نعلو‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنٌا بو‪:‬‬
‫كأما ما يقطعو‪ ،‬يعِب ا‪٤‬بريد عن أستاذه‪ ،‬فأمور‪ ،‬منها األغراض سواء كانت دنيوية أك أخركية‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كجل ال لشيء سواه‪ .‬كىي‪ ،‬يعِب الصحبة‪ُ ،‬ب‬
‫عز ٌ‬‫كذلك أ ٌف الشيخ ال ييصحب كال ييعرؼ إالٌ هلل ٌ‬
‫كسر ذلك ُب قولو صلٌى هلل‬
‫كٕب هللا كأان أكاليو هلل‪ٌ ،‬‬
‫أمرين‪ٌ :‬إما أف يواليو هلل تعأب أب ٍف يقوؿ‪ :‬ىذا ٌ‬
‫عليو كسلٌم ‪٨‬بربا عن هللا "من عادل ٕب كليٌا فقد آذنتو اب‪٢‬برب"‪ ،‬كُب طيًٌو ى‬
‫"من كأب ٕب كليٌا ألجل‬
‫السر األكرب ا‪١‬باذب للمريد إٔب حضرة هللا تعأب‪.‬‬ ‫كٕب‪ ،‬إصطفيتو ٌ‬
‫كا‪ٚ‬بذتو كليٌا"‪ .‬كىذا ىو ٌ‬ ‫أنٌو ٌ‬
‫كاألمر الثا٘ب أف يعلم أ ٌف الشيخ ًمن عبيد ا‪٢‬بضرة‪ ،‬كيعلم ما ٯبب للحضرة من األدب‪ ،‬كما‬
‫يقربو‬
‫يفسد ا‪٤‬برء فيها من األكطار كاألرب‪ .‬فإذا علم ىذا يصحبيو لي ٌدلو على هللا تعأب كعلى ما ٌ‬
‫عرفت‬
‫ى‬ ‫كمن صحب لغّبٮبا خسر الدنيا كاآلخرة‪ .‬فاذا‬ ‫منو‪ .‬كالصحبة ُب ىذين األمرين ال غّب‪ ،‬ى‬
‫الرب سبحانو كتعأب ييعبد ال لغرض بل لكونو إ ى‪٥‬بان يستح ٌق األلوىية كالعبودية‬
‫ىذا فاعرؼ أ ٌف ٌ‬
‫لذاتو لً ىما ىو عليو ًمن ‪٧‬بامد الصفات العليٌة كاأل‪٠‬باء البهيٌة‪ ،‬كىذه ىي العبادة العليا‪.‬‬

‫ككذلك الشيخ ييصحب ال لغرض‪ ،‬بل لتجلبو مواالتو إٔب كالية هللا تعأب رضي هللا تعأب‪،‬‬
‫ا‪٤‬برضيٌة‪ ،‬كما ييشْب العبد ُب حضرة هللا تعأب‪.‬‬
‫كيتعرؼ منو اآلداب ٍ‬
‫ٌ‬
‫كقاؿ أيضا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ُب قوؿ ابن عطاء رضي هللا تعأب عنو‪( :‬سبحاف‬
‫من ٓب ٯبعل الدليل على أكليائو إالٌ ًمن حيث الدليل عليو‪ ،‬كٓب يوصل إليهم إالٌ ىمن أراد أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪175‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يوصلو إليو)‪:‬‬
‫كٕب كأقر سبحانو ُب قلب ذلك العبد أ ٌف ىذا ًم ىن‬
‫كمعُب ا‪٢‬بكمة ىو أنٌو إذا كصل هللا عبدا إٔب ٌ‬
‫يشك‪ٍ ،‬بٌ خ ىد ىمو ابلصدؽ كاألدب‪ ،‬كأشرقت ‪٧‬ببة ذلك لوٕب ُب قلبو‪،‬‬‫يَبدد كال ٌ‬‫األكلياء قطعا ال ٌ‬
‫فأحبَّو ألجل ىذا‬
‫ككانت فيو من حيث أنٌو من أىل حضرة هللا ك‪٩‬بٌن اصطفاه هللا تعأب لنفسو ى‬
‫الوٕب‬
‫كأما إذا كصل إٔب ٌ‬‫الغرض ال لغرض آخر‪ ،‬فبل شك أف ىذا يصل إٔب هللا كلو بعد حْب‪ٌ .‬‬
‫الوٕب إالٌ ما طابق أغراضو فليس ىذا ًمن أىل الوصوؿ‬
‫كأقبل على أغراضو كشهواتو كٓب ينل من ٌ‬
‫الوٕب‪.‬‬ ‫ً‬
‫إٔب هللا تعأب كال من أىل الوصوؿ إٔب ٌ‬
‫الوٕب ُب ىذا أنٌو ييد‪ٙ‬ب معاشرتو من ابب اإلحساف إٔب ا‪٣‬بلق الذم أمره هللا تعأب بو‬
‫غاية ٌ‬
‫كمعاشرهتم اب‪٤‬بعركؼ‪ ،‬كيقبض عنو أسراره‪ .‬فهذا كإف بقي مع الوٕب ألف عاـ ٓب ينل منو شيئا أل ٌف‬
‫الوٕب يقوؿ لو‪ :‬ما كصلتنا هلل كال كصلتنا ألجلنا كإ ٌ٭با كصلتنا لغرضك الذم كنت‬
‫لساف حاؿ ٌ‬
‫تنالو‪ ،‬ال نسبة بيننا كبينك‪ ،‬كالسبلـ‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫احملب ال‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬يقوؿ‪ :‬أ ٌف ٌ‬
‫ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب القطب عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫ٰبب الكبّب‪ ،‬فحينئذ‬
‫حٌب يكوف الصغّب ىو الذم ٌ‬
‫ينتفع ٗبحبٌة الكبّب لو‪ ،‬كلو كاف الكبّب نبيٌا‪ٌ ،‬‬
‫أحب عبدا نفعتو ‪٧‬ببٌتو كلو كاف العبد ُب غاية‬
‫ينتفع ٗبحبٌتو‪ ،‬إالٌ هللا تعأب فإنٌو تعأب إذا ٌ‬
‫اإلعراض‪.‬‬

‫أحب الكبّب جذب ما ُب الكبّب كال عكس‪ ،‬ككانت‬


‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف الصغّب إذا ٌ‬
‫إجاصة فقاؿ‪ :‬إ ٌف ىذه إذا أم ٌدىا هللا تعأب ٗبحبة تفاحة حامضة مثبل ك‪ٛ‬ب ٌكنت فيها احملبٌة‬
‫بْب يديو ٌ‬
‫حٌب ٌأان إذا‬
‫تسف ما فيها ٌ‬
‫غاية فإهنٌا ٌ‬
‫اإلجاصة‪ ،‬إالٌ هللا تعأب‬
‫شققناىا كجدان ‪ٞ‬بوضة التفاحة فيها‪ ،‬كال ‪٪‬بد ُب التفاحة شيئا من طعم ٌ‬
‫كسر الفرؽ ىو أ ٌف هللا تعأب ال‬
‫فإنٌو إذا أحبٌو العبد ال ٯبذب شيئا من أسراره تعأب ما ٓب ٰببٌو هللا‪ٌ .‬‬
‫عرفو بو‪ ،‬كاب‪٤‬بعرفة يطٌلع على أسراره تعأب فيقع لو ا‪١‬بذب إٔب هللا تعأب‪ٖ ،‬ببلؼ‬
‫ٰبب عبدا حٌب يي ٌ‬
‫ٌ‬
‫كجل فإهنٌا ال تقضي شيئا‪.‬‬
‫عز ٌ‬‫‪٧‬ببٌة العبد من غّب معرفة لو بربٌو ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬فقلت فإ ٌهنم يقولوف أ ٌف الشيخ يكوف مع مريده ُب ذات ا‪٤‬بريد كيسكن معو فيها‪ ،‬فقاؿ‬
‫حٌب يكوف‬
‫ت ‪٧‬ببٌتو جلب الشيخ ٌ‬ ‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ذلك صحيح‪ ،‬كىو من ا‪٤‬بريد ألنٌو إذا ق ًويٌ ٍ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪176‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل كاحد يزيٌن مسكنو‪ ،‬يشّب إٔب أتثّب‬
‫على ا‪٢‬بالة ا‪٤‬بذكورة‪ ،‬فتصّب ذات ا‪٤‬بريد مسكنا للشيخ‪ ،‬ك ٌ‬
‫الشيخ ُب ذات ا‪٤‬بريد إذا سكنها‪.‬‬
‫أحب الشيخ احملبٌة الكاملة سكن الشيخ معو ُب ذاتو كيكوف‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو يقوؿ أ ٌف ا‪٤‬بريد إذا ٌ‬
‫يتم صبلحو فيبقى على حالة مستقيمة إٔب أف‬
‫ٗبنزلة ا‪٢‬ببلى الٍب ‪ٙ‬بمل بولدىا‪ ،‬فإ ٌف ‪ٞ‬بلها اترة ٌ‬
‫تضعو‪ ،‬كاترة يسقط كال ٯبيء منو شيء‪ ،‬كاترة ٰبصل رقاد ٍبٌ يفيق‪ ،‬كاإلفاقة ‪ٚ‬بتلف‪ ،‬فق ٍد يفيق‬
‫بعد شهر كقد يفيق بعد عاـ كقد يفيق ألكثر من ذلك‪ ،‬فهكذا حالة ا‪٤‬بريد إذا ‪ٞ‬بل بشيخو‪،‬‬
‫اتمة دائمة فبل يزاؿ أمر الشيخ يظهر ُب ذاتو إٔب أف يفتح هللا تعأب‬
‫فتارة تكوف ‪٧‬ببٌتو خالصة ٌ‬
‫عليو‪ ،‬كاترة تكوف ‪٧‬ببٌتو منقطعة بعد أف كانت صادقة‪ ،‬كانقطاعها بسبب‬

‫عركض مانع‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة منو‪ ،‬كتتب ٌدؿ نيٌتو ُب الشيخ كتنقطع أسرار الشيخ عن‬
‫ذاتو بعد أف كانت ساطعة عليها‪ ،‬كاترة تقف ‪٧‬ببٌتو ُب سّبىا ٍبٌ تعود إٔب سّبىا ‪٤‬ب ٌدة قريبة أك‬
‫متوسطة أكطويلة‪ ،‬تقف أسرار ذات الشيخ عن ذاتو‪ ،‬فإذا رجعت احملبٌة رجعت األسرار‪ .‬فليخترب‬ ‫ٌ‬
‫أم قً ٍس وم ىو ًم ىن ىذه األقساـ الثبلثة‪ ،‬كليسأؿ هللا تعأب العفو كالعافية كالتوفيق‬ ‫ً‬
‫ا‪٤‬بريد نفسو من ٌ‬
‫كا‪٥‬بداية إنٌو ‪٠‬بيع قريب‪ .‬قاؿ‪ :‬قلت كىذه االقساـ موجودة ُب ا‪٤‬بريدين‪ ،‬فليتحفظ ا‪٤‬بريد على‬
‫ىذا الكبلـ فإنٌو نفيس ُب اببو‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‬
‫لسره أك لواليتو أك‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬ال ينتفع ا‪٤‬بريد ٗبحبٌة شيخو إذا أحبٌو ٌ‬
‫لعلمو أك لكرمو أك لنحو ذلك من العلل حٌب تكوف ‪٧‬ببٌتو متعلٌقة بذات الشيخ متوجهة إليها ال‬
‫ٰبب بعضا من غّب أغراض ابعثة‬ ‫ًً‬
‫لعلٌة كال لغرض مثل احملبٌة الٍب تكوف بْب الصبياف‪ ،‬فإ ٌف بعضهم ٌ‬
‫‪٦‬برد األلفة ال غّب‪ ،‬فهذه احملبٌة ينبغي أف تكوف بْب ا‪٤‬بريد كالشيخ حٌب ال تزىق‬
‫على احملبٌة بل ٌ‬
‫‪٧‬ببٌة ا‪٤‬بريد إٔب األغراض كالعلل‪ ،‬فإهنٌا مٌب زىقت إٔب ذلك دخلها الشيطاف فأكثر فيها‬
‫الوساكس‪ ،‬فرٌٗبا تنقطع كرٗبا تقف كما سبق ُب القسمْب‬
‫األخّبين‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬
‫كالسر ك‪٫‬بو ذلك ال تنفع؟ فقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬أل ٌف‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ‪ :‬كسألتو هنع هللا يضر‪ًٓ :‬بىكانت احملبٌة للعلم كالوالية‬
‫شيخو‬
‫ب ى‬ ‫ىح َّ‬
‫ٰبب هللا تعأب فإٔب اآلف ما أ ى‬ ‫كل كاحد ٌ‬ ‫األسرار كا‪٤‬بعارؼ ك‪٫‬بوىا كلٌها من هللا تعأب‪ ،‬ك ٌ‬
‫كإ ٌ٭با تتح ٌقق للشيخ إذا أحبٌو ‪٣‬بصوص ذاتو ال لً ىما قاـ هبا من األسرار‪ ،‬فقلت‪ :‬ككذا ذات‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪177‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫صدقت‪،‬‬
‫ى‬ ‫كل شيء منو‪ ،‬فلً ىم ٍ‬
‫نفعت ‪٧‬ببٌةي البعض دكف البعض؟ فقاؿ‪:‬‬ ‫الشيخ ىي من هللا تعأب ك ٌ‬
‫تصور منها‬
‫ٗبجردىا ال يي ٌ‬
‫كغرضنا ٗبحبٌة الذات الكناية عن كوف احملبٌة خالصة هلل تعأب أل ٌف الذات ٌ‬
‫توج ً‬
‫هت احملبٌة ‪٫‬بوىا كاف ذلك عبلمة على ا‪٣‬بلوص من الشوائب‪ .‬قاؿ‪:‬‬ ‫نفع كال غّبه‪ ،‬فإذا ٌ‬
‫ث بقصد الفضل ا‪٢‬باصل لو منو‬
‫حر ى‬
‫فم ٍن ى‬
‫فقلت‪ :‬أف الناس ال ب ٌد ‪٥‬بم من أغراض كإرادات‪ ،‬ى‬
‫فيجب ا‪٢‬برث للفضل ال لذاتو‪ ،‬فقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬نعم‪ ،‬كلكنٌو إذا نول الفضل كقصده ُب ٌأكؿ األمر ٍبٌ‬
‫شغل فكره بغّبه ٕبيث أنٌو ال يبقى لو على ابؿ‪ ،‬فهذا ٰبصل لو الفضل الكبّب ك٘بيئو الصابة‬
‫العظيمة‪ ،‬كأما إف شغل فكره هبذا الفضل ليلو هناره‪ ،‬كجعل يف ٌكر كيق ٌدر كيف يكوف كما يفعل بو‬
‫إذا كاف‪ ،‬فهذه ال ٰبصل لو فضل‪ ،‬بل يركبو الوسواس قبل أف ٰبصل لو‬
‫كلعل اآلفة الفبلنية أتٌب عليو أك ييغّب‬
‫الفضل‪ ،،‬فبل يزاؿ يقوؿ ُب نفسو ىل أدرؾ ىذا الفضل‪ٌ ،‬‬
‫األكؿ فإنٌو مسَبيح الفكر ُب أمر الفضل كُب أمر‬ ‫عليو بنو فبلف ك‪٫‬بو ىذا من الوسواس‪ٖ ،‬ببلؼ ٌ‬
‫كمن أحبٌو لً ًعلٌ وة‪.‬‬
‫أحب الشيخ لذاتو ى‬
‫الوسواس‪ ،‬فهكذا حاؿ ىمن ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬ككنت أتكلٌم معو ذات يوـ ك‪٫‬بن ُب جزاء ابن عامر ٗبحركسة فاس ٌأمنها هللا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إ ٌف‬
‫أ‪ٙ‬بب أف تلتقي معو كتعرفو؟ فقلت‪ :‬اي سيٌدم نعم يحبٌا ككرامة‪،‬‬
‫سيٌدم منصورا ُب رأس الدرب ٌ‬
‫أحب أف ألتقي مع القطب؟ فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪ٌ :‬أما أان فلو قدران أ ٌف أابؾ‬
‫ككيف ال ٌ‬
‫كأمك كلدا من ٲباثلك ُب شكلك كصفاتك كعلمك ك‪ٝ‬بيع ما عليو ذاتك ابطنا كظاىرا عدد‬ ‫ٌ‬
‫فاستيقظت ًمن‬
‫ي‬ ‫نظرت إٔب كاحد منهم‪ ،‬أنت حظٌي كقسمٍب ىك يى ٍم عندم كسائر الناس‪،‬‬
‫ي‬ ‫مائة ما‬
‫أ٘ب ما جئت بشيء فإ ٌف احملبٌة ال تقبل الشركة كهللا تعأب‬
‫كعلمت ٌ‬
‫ي‬ ‫غفلٍب كانتبهت من نومٍب‪،‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫السر‬
‫كمعطي ٌ‬ ‫السر من ا‪٤‬بريد ىو ذاتو الَبابية‪ ،‬ي‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتيو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إ ٌف طالب ٌ‬
‫‪ٙ‬بب الذات الَبابية ًم ىن الشيخ‬
‫من الشيخ ىو ذاتو الَبابية‪ ،‬فإذا كانت الذات الَبابية من ا‪٤‬بريد ٌ‬
‫‪٧‬ببٌةن مقصورة عليها ىأم َّد ٍهتا أبسرارىا كمعارفها‪ ،‬كإذا‬

‫‪ٙ‬بب أسرار ذات الشيخ‪ ،‬كزىقت احملبٌة إليها كإٔب معارفها‪ ،‬منع ٍتها الذات‬
‫كانت ذات ا‪٤‬بريد ٌ‬
‫الَبابية من مطلوهبا‪ٍ ،‬ب ال تقدر ‪٥‬با الركح كال غّبىا على شيء‪ ،‬فليجهد ا‪٤‬بريد جهده ُب ‪٧‬ببٌة‬
‫ذات شيخو‪ ،‬يمعرضا عن النفع مطلقا كال حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن احملبٌة‪ ،‬ىل ‪٥‬با من أمارة كعبلمة؟ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪178‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٥‬با أماراتف‪ ،‬األمارة األكٔب‪ :‬أف تكوف راحة ا‪٤‬بريد ُب ذات شيخو‪ ،‬فبل يتف ٌكر إالٌ فيها‪ ،‬كال ٯبرم‬
‫يهتم إالٌ ‪٥‬با‪ ،‬كال يفرح إالٌ هبا‪،‬‬
‫إالٌ ‪٥‬با‪ ،‬كال ٌ‬
‫سرا كعبلنية‪ ،‬حضورا أك غيبة‪ُ ،‬ب مصاّب ذات‬
‫كال ٰبزف إالٌ عليها‪ ،‬حٌب تكوف حركاتو كسكناتو ٌ‬
‫الشيخ كما يليق هبا‪ ،‬كال يبإب بذاتو كال ٗبصا‪٢‬بها‪ .‬األمارة الثانية‪ :‬األدب كالتعظيم ‪١‬بانب‬
‫شيخو‪ ،‬حٌب لو ق ٌدر أ ٌف شيخو ُب بئر كىو ُب صومعة لرأل بعْب رأسو أنٌو ىو الذم ُب البئر كأ ٌف‬
‫شيخو ىو الذم ُب الصومعة لكثرة استيبلء تعظيم الشيخ على عقلو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف الناس يظنٌوف أ ٌف ا‪١‬بميل للشيخ على ا‪٤‬بريد‪ ،‬كا‪١‬بميل ُب‬
‫ا‪٢‬بقيقة للمريد على الشيخ‪ ،‬ألنٌو سبق أ ٌف ‪٧‬ببٌة الكبّب ال تنفع‪ ،‬ك‪٧‬ببٌة ا‪٤‬بريد ىي ا‪١‬باذبة‪ .‬فلوال‬
‫طهارة ذات ا‪٤‬بريد‪ ،‬كصفاء عقلو‪ ،‬كقبوؿ نفسو للخّب‪ ،‬ك‪٧‬ببٌتو ا‪١‬باذبة‪ ،‬ما قدر الشيخ على‬
‫ص يل كيبلغ ما بلغت الرجاؿ‪.‬‬ ‫شيء‪ ،‬كلو كانت ‪٧‬ببة الشيخ ىي النافعة لكاف كل من تتلمذ لو ي ً‬
‫ى‬ ‫ٌى‬ ‫ٌ‬
‫ٰبب الشيخ احملبٌة الصادقة النافعة أف‬
‫كوف ا‪٤‬بريد ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬عبلمة ٍ‬
‫‪٦‬بردة ًمن ذلك كلٌو‬
‫تق ٌدر زكاؿ األسرار كا‪٣‬بّبات الٍب ُب ذات الشيخ حٌب تكوف ذات الشيخ ٌ‬
‫كتكوف كذكات سائر العواـ‪ ،‬فإف بقيت احملبٌة على حا‪٥‬با فهي ‪٧‬ببٌة صادقة‪ ،‬كإف تزحزحت احملبٌة‬
‫كزالت بزكاؿ األسرار فهي ‪٧‬ببٌة كاذبة‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬عبلمة احملبٌة الصافية سقوط ا‪٤‬بيزاف من ا‪٤‬بريد على الشيخ‬
‫حٌب تكوف أفعاؿ الشيخ كأقوالو ك‪ٝ‬بيع أحوالو كلٌها موفٌقة مس ٌددة ُب نظر ا‪٤‬بريد‪ ،‬فما فى ًه ىم لو‬
‫سرا فكلٌو إٔب هللا تعأب مع جزمو أب ٌف الشيخ على صواب‪ .‬كمٌب‬
‫يفسر لو ٌ‬
‫كجها فذاؾ‪ ،‬كما ٓب ٌ‬
‫جوز أ ٌف الشيخ على غّب صواب فيما ظهر لو خبلؼ الصواب فيو سقط على ٌأـ رأسو كدخل‬
‫ٌ‬
‫ُب زمرة الكاذبْب‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كالشيخ ال يطلب من مريده خدمة ظاىرية‪ ،‬كال دنيا ينفقها‬
‫عليو‪ ،‬كال شيئا من األعماؿ البدنية‪ ،‬كإ ٌ٭با يطلب منو ىذا ا‪٢‬برؼ ال غّب‪ ،‬كىو أف يعتقد ُب‬
‫كجل‪ ،‬كيدكـ على ىذا االعتقاد اليوـ على‬
‫عز ٌ‬‫الشيخ الكماؿ كالتوفيق كالبصّبة كالقرب من هللا ٌ‬
‫بكل ما‬
‫كج ىد ىذا االعتقاد انتفع ا‪٤‬بريد بو ٍبٌ ٌ‬
‫أخيو‪ ،‬كالشهر على أخيو‪ ،‬كالسنة على أختها‪ ،‬فإ ٍف ى‬
‫ٱبدـ بو الشيخ بعد ذلك‪ ،‬كإ ٍف ٓب يوجد ىذا االعتقاد‪ ،‬أك كجد كٓب يدـ‪ ،‬فإ ٌف عرض فيو‬
‫الوسواس‪ ،‬فا‪٤‬بريد على غّب شيء‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪179‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ‪ :‬ككنت ذات يوـ معو بقرب ا‪٢‬بديد‪ ،‬أحد أبواب فاس حرسها هللا تعأب‪ ،‬كمعنا بعض‬
‫يعن كيعرض حٌب أنٌو ال يبلغو ُب ذلك‬
‫كل ما ٌ‬
‫الناس‪ ،،‬ككاف ٱبدـ الشيخ كثّبا كيتس ٌخر لو ُب ٌ‬
‫عز‬
‫أحد أصحابو رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أ‪ٙ‬ببٌِب اي فبلف هلل ٌ‬
‫فغّب٘ب‬
‫كجل؟ فقاؿ‪ :‬نعم اي سيٌدم‪٧ ،‬ببٌة خالصة لوجو هللا تعأب الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬ال رايء فيها كال ‪٠‬بعة ٌ‬
‫ٌ‬
‫لبت كزالت األسرار الٍب ُب ذاٌب‬
‫أ٘ب يس ي‬
‫‪٠‬بعت ٌ‬
‫ذلك حْب ‪٠‬بعتو‪ ،‬فقاؿ لو الشيخ‪ :‬أفرأيت إ ٍف ى‬
‫رجعت‬
‫ي‬ ‫أ٘ب‬
‫أتبقى على ‪٧‬ببتك؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬فقاؿ الشيخ‪ :‬فإف قالوا لك ٌ‬
‫زابال أك ‪٫‬بو ذلك أتبقى على ‪٧‬ببٌتك؟ قاؿ‪ :‬نعم اي سيٌدم‪ ،‬قاؿ الشيخ‪ :‬فإف قالوا لك‬
‫طراحا أك ٌ‬
‫ٌ‬
‫رجعت عاصيا ارتكبت ا‪٤‬بخالفات كال أابٕب أتبقى على ‪٧‬ببٌتك؟ قاؿ‪ :‬نعم اي سيٌدم‪ ،‬فقاؿ‬
‫ي‬ ‫أ٘ب‬
‫ٌ‬
‫علي كأان على ذلك ىسنىةه ٍبٌ سنة ٍبٌ سنة إٔب أف ع ٌد عشرين سنة‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم‬
‫ت َّ‬‫مر ٍ‬
‫الشيخ‪ :‬كإف ٌ‬
‫إ٘ب‬
‫شك كال ارتياب‪ ،‬فقلت للرجل‪ :‬كٰبك إف ىذا األمر ال تطيقو‪ ،‬فقاؿ الشيخ‪ٌ :‬‬
‫كال يدخلِب ٌ‬
‫سأختربؾ‪ ،‬فقلت للرجل‪ :‬كٰبك ىذا أكؿ ا‪٣‬بوؼ عليك‪ ،‬ككيف يطيق األعمى أف ٱبتربه البصّب‪،‬‬
‫فاطلب من الشيخ العفو كالعافية‪ ،‬كاعَبؼ لو ابلعجز كالتقصّب كأان معك ُب‬
‫تضرعنا إليو ‪ٝ‬بيعا ُب اإلقالة كالعفو‪ ،‬فسبق ما سبق إٔب أف اختربه أبمر فيو صبلحو فلم‬‫ذلك‪ٍ ،‬ب ٌ‬
‫سر هللا ال‬ ‫ً‬
‫يظهر لو كجهو فلم ييط ٍقو‪ ،‬فتب ٌدلت نيٌتو ُب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت‪ٌ :‬‬
‫يطيقو إالٌ ىمن كاف ف ٌخاره صحيحا أبف يكوف صحيح ا‪١‬بزـ‪ ،‬انفذ العزـ‪ ،‬ماضي االعتقاد‪ ،‬ال‬
‫يصغي ألحد ًمن العباد‪ ،‬قد صلٌى على ىمن عدا شيخو صبلتو على ا‪١‬بنازة اىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪180‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثامن عشر‬

‫النيب‬
‫كالنيب ُب ٌأمتو‪ ،‬كأ ٌف مبايعتو كمبايعة ٌ‬‫ٌ‬ ‫الوٕب الكامل ُب قومو‪،‬‬ ‫ُب إعبلمهم أف الشيخ كىو ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬‫صلٌى هللا عليو كسلٌم لكونو انئبا عن ٌ‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ شيخنا هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو‪،‬‬
‫كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫ً‬
‫كمن أكرب الشركط ا‪١‬بامعة بْب الشيخ كمريده‪ ،‬أ ٍف ال يشرؾ ُب ‪٧‬ببٌتو غّبه‪ ،‬كال ُب تعظيمو كال ُب‬
‫اإلستمداد منو كال ُب اإلنقطاع إليو‪ ،‬كيتأمل ذلك ُب شريعة نبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فإ ٌف ىمن‬
‫‪٧‬بمدا صلٌى هللا عليو كسلٌم برتبة غّبه من النبيْب كا‪٤‬برسلْب ُب احملبٌة كالتعظيم‬
‫سول رتبة نبيٌو ٌ‬
‫ٌ‬
‫كاإلستمداد كاإلنقطاع إليو ابلقلب كالتشريع فهو عنواف على أف ٲبوت كافرا إالٌ أف تدركو عناية‬
‫رابنية بسبق ‪٧‬ببٌة إ‪٥‬بية‪ ،‬فإذا عرفت ىذا فليكن ا‪٤‬بريد مع شيخو كما ىو مع نبيٌو صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم ُب التعظيم كاحملبٌة كاإلستمداد‬
‫كاإلنقطاع إليو ابلقلب‪ ،‬فبل يعادؿ بو غّبه ىذه األمور‪ ،‬كال يشرؾ غّبه بو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية‪:‬‬
‫‪٧‬بمد بيده لئن شئت‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬كالذم نفس ٌ‬
‫ركل السهركردم بسنده أ ٌف ٌ‬
‫ألقسمن لكم أ ٌف أحب عباد هللا إٔب هللا الذين ٰببٌبوف هللا إٔب عباد هللا كٰببٌبوف عباد هللا إٔب هللا‬
‫ٌ‬
‫كٲبشوف ُب األرض ابلنصيحة"‪ ،‬قاؿ‪ :‬كىذا الذم ذكره رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ىو رتبة‬
‫ا‪٤‬بشيخة كالدعوة إٔب هللا أل ٌف الشيخ ٰببٌب هللا تعأب إٔب عباده حقيقة كٰببٌب عباد هللا إٔب هللا‪،‬‬
‫كرتبة ا‪٤‬بشيخة من أعلى الرتب‬
‫كوف الشيخ ٰببٌب عباد هللا تعأب‬
‫فأما ٍ‬
‫النبوة ُب الدعاء إٔب هللا تعأب‪ٌ .‬‬
‫ُب طريق الصوفية‪ ،‬كنيابة ٌ‬
‫كم ٍن‬
‫إٔب هللا فؤل ٌف الشيخ يسلك اب‪٤‬بريد إٔب طريق اإلقتداء برسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬ى‬
‫صح اقتداؤه برسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كاتٌباعو أحبٌو هللا تعأب‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬قي ٍل إً ٍف يك ٍنػتي ٍم‬ ‫ٌ‬
‫يً‪ٙ‬ببُّو ىف َّ‬
‫اَّللى فىاتَّبًعي ًو٘ب يٍٰببًٍب يك يم َّ‬
‫اَّللي (‪،.)1‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪181‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ككجهو كونو ٰببٌب هللا إٔب عباده أنٌو يسلك اب‪٤‬بريد طريق التزكية كالتحلية‪ ،‬فإذا تزٌكت النفس‬
‫فأحب العبد ربٌو ال‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٪‬بلت مرآة العبد‪ ،‬كانعكس فيها أنوار العظمة‪ ،‬كالح فيها ‪ٝ‬باؿ التوحيد‪،‬‬
‫‪٧‬بالة‪ .‬كالشيخ من جنود هللا تعأب يرشد بو ا‪٤‬بريدين كيهدم بو الطالبْب‪ ،‬فعلى ا‪٤‬بشايخ كقار هللا‪،‬‬
‫اى يم اقػٍتى ًدهً (‪. .)2‬‬
‫اَّللي فىبً يه ىد ي‬
‫ين ىى ىدل َّ‬ ‫يتأدب ا‪٤‬بريد ظاىرا كابطنا‪ .‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬أيكلىئً ى َّ ً‬
‫ك الذ ى‬ ‫كهبم ٌ‬
‫وس الشيخ نفوس ا‪٤‬بريدين‬ ‫فا‪٤‬بشايخ ‪٤‬بٌا اىتدكا أ ًٌيىلوا لئلقتدار هبم‪ً ،‬‬
‫س ي‬ ‫أئمة للمتقْب‪ ،‬فيى ي‬‫كجعلوا ٌ‬ ‫ي‬
‫كما كاف يسوس نفسو من قبل ابلتأليف كالنصح‪ ،‬فبذلك يصّب ا‪٤‬بريد كا‪١‬بزء من الشيخ كما أ ٌف‬
‫الولد جزء من الوالد ُب الوالدة الطبيعية‪ ،‬كتصّب ىذه الوالدة الثانية كالد نة معنوية كما كرد عن‬
‫عيسى عليو السبلـ‪" :‬لن يلج ملكوت السماء من ٓب يولد مرتْب"‪ ،‬كمن صرؼ اليقْب على‬
‫الكماؿ يصل ‪٥‬بذه الوالدة‪ ،‬كهبذه الوالدة يستح ٌق مّباث األنبياء‪ ،‬كمن ٓب ً‬
‫يصلٍو مّباث األنبياء‬
‫ما كلد‪.‬‬
‫كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬كًمن شرط ا‪٤‬بريد أف ال يصحب ًم ىن الشيوخ إالٌ ىمن تقع لو حرمة ُب قلبو‪ ،‬كأف‬
‫يبايعو على ا‪٤‬بنشط كا‪٤‬بكره‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫النيب صلٌى‬
‫كقاؿ ُب ابب آداب الذكر ا‪٣‬بامس‪ :‬أف يرل استمداده من شيخو ىو استمداده من ٌ‬
‫هللا عليو كسلٌم ألنٌو انئبو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كُب البحر ا‪٤‬بوركد للشعرا٘ب‪:‬‬
‫أخذ علينا العهد أف ال أنخذ العهد على فقّب ابلسمع كالطاعة لً ىما أنمره بو من ا‪٣‬بّب إالٌ إف كنٌا‬
‫نعلم منو يقينا أنٌو ال ي ىق ًٌدـ علينا ُب احملبٌة أحدا من ا‪٣‬بلق مطلقا حٌب أىلو ككلده كراثة نبوية ال‬
‫استقبلال‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬كاعلم أنٌو لوال علم الرسوؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم أ ٌف لصحبة الناصح مدخبل ُب حصوؿ‬
‫أحب إليو من أىلو‬
‫ا‪٥‬بداية كاإلنقياد بسرعة دكف بطئ ما قاؿ‪" :‬ال يؤمن أحدكم حٌب أكوف ٌ‬
‫األمة إ ٌ٭با يى ٍم ٌنواب لو‬
‫ككلده كالناس أ‪ٝ‬بعْب"‪ .‬كمن ا‪٤‬بعلوـ أ ٌف ‪ٝ‬بيع الدعاة إٔب هللا تعأب من ىذه ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فلى يه ٍم من األدب معهم كاحملبٌة ‪٥‬بم ٕبكم اإلرث ‪٫‬بو ما كاف لو صلٌى هللا‬
‫تعأب عليو كسلٌم كذلك ليحصل للمريد كماؿ اإلنقياد‪ ،‬كيعتقد ُب شيخو أنٌو أشفق عليو من‬
‫نفسو كما أ ٌف النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كذلك قاؿ هللا‬
‫ً‬ ‫َّيب أىك ىٔب ًابلٍم ٍؤًمنً ً‬
‫ْب م ٍن أىنٍػ يفس ًه ٍم (‪ٌ .)3‬‬
‫كأما إذا علم الشيخ من ا‪٤‬بريد تقد‪ٙ‬ب أحد عليو ُب‬ ‫ي ى‬ ‫تعأب‪ :‬النً ُّ ٍ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪182‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫احملبٌة نفض يده منو‪.‬‬
‫سره‪ :‬إعلم‬
‫كمن كبلـ العارؼ ابهلل تعأب سيٌدم ع ٌدل بن مسافر‪ ،‬أحد أركاف الطريق‪ ،‬ق ٌدس هللا ٌ‬
‫ط ابلشيخ إالٌ إف كاف اعتقادؾ فيو فوؽ اعتقادؾ ُب أمثالو‪ ،‬كىناؾ ٯبمعك ُب‬
‫أنٌك ال تنتفع قى ٌ‬
‫كينور ابطنك إبشراقو‪ ،‬كإذا‬
‫حضوره‪ ،‬كٰبفظك ُب مغيبو‪ ،‬كيه ٌذبك أبخبلقو‪ ،‬كيؤيٌدؾ ُب إطراقو‪ٌ ،‬‬
‫كاف اعتقادؾ فيو ضعيفا ٓب تشهد منو شيئا من ذلك‪ ،‬بل تنعكس ظلمة ابطنك فتشهد صفاتو‬
‫ىي صفاتك‪ ،‬فبل تنتفع‬
‫منو بشيء كلو كاف من أعلى األكلياء‪ .‬كقد ذكر سيٌدم علي بن كفا ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب كتابو‬
‫ا‪٤‬بسمى ابلوصااي‪ :‬إعلم أ ٌف قلوب الرجاؿ أمثاؿ ا‪١‬بباؿ‪ ،‬فكما أ ٌف ا‪١‬بباؿ ال يزيلها عن أماكنها‬
‫لر ٍ‪ٞ‬بى ًن ىكلى ندا ىكىما يىػ ٍنػبى ًغي لً َّ‬
‫لر ٍ‪ٞ‬بى ًن أى ٍف‬ ‫اؿ ىى ِّدا أى ٍف ىد ىع ٍوا لً َّ‬
‫كجل‪ :‬ىكىً‪ٚ‬ب ُّر ا ٍ‪١‬بًبى ي‬
‫عز ٌ‬‫إالٌ الشرؾ ابهلل كما قاؿ ٌ‬
‫الوٕب‪ ،‬ال يزيل قلبو إالٌ الشرؾ الواقع من‬ ‫ً‬
‫يىػتَّخ ىذ ىكلى ندا (‪ ،)4‬فكذلك قلوب الرجاؿ‪ ،‬ال سيما ٌ‬
‫تبلمذتو معو ُب إشراؾ أحد معو ُب احملبٌة‪ ،‬ال يزيلو إال ذلك‪ ،‬ال تقصّب ُب ا‪٣‬بدمة كال غّب ذلك‬
‫فافهم‪.‬‬

‫قاؿ الشعرا٘ب‪ٍ :‬بٌ ال ٱبفى عليك أ ٌف ‪ٝ‬بيع األشياخ إ ٌ٭با طلبوا من ا‪٤‬بريد كثرة اإلجبلؿ كالتعظيم‬
‫بكل ما يركنو‪ٛ ،‬برينا لو كطلبا لَبقٌيو‪ ،‬إذ الشيخ كالسلٌم للَبقٌي‪ ،‬يَبقٌى ا‪٤‬بريد ابألدب‬
‫‪٥‬بم‪ ،‬كالرضا ٌ‬
‫يشم رائحة األدب مع هللا‬
‫معو إٔب األدب مع هللا تعأب‪ ،‬فمن ٓب ٰبكم ابب األدب مع شيخو ال ٌ‬
‫يَبصد حصو‪٥‬با مثل الرضا عن ا‪٢‬ب ٌق‬
‫تعأب‪ ،‬فيستفيد ا‪٤‬بريد ابلرضا عن شيخو إذا حرمو دنيا كاف ٌ‬
‫تعأب إذا حرمو رزقا أك كظيفة‪ ،‬أك نزؿ عليو ببلء‪ ،‬أك أزاؿ عنو نعمة‪.‬‬
‫كمٌب ٓب يرض ٕبرماف شيخو ال يصلح لو الرضا عن ا‪٢‬ب ٌق تعأب إذا حرمو شيئا كاف ٰببٌو‪ ،‬كيستفيد‬
‫‪ٙ‬بمل ذلك لو‬
‫بصربه على غضب شيخو كىجره لو‪ ،‬كثباتو ‪ٙ‬بت ىجره كقطيعتو‪ ،‬اإلدماف على ٌ‬
‫كقع من جانب ا‪٢‬ب ٌق كالعياذ ابهلل‪ ،‬كيستفيد ٗبراقبة شيخو لو ُب ا‪٣‬بدمة‪ ،‬كعدـ غفلتو عنو‪ ،‬ككثرة‬
‫جل كعبل ككثرة مبلحظتو ابلقلب كىكذا‪.‬‬
‫مبلحظتو لو‪ ،‬عدـ الغفلة عن عبادة ا‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫ت أهنٌا تسمع لشيخها ما أيمرىا بو كما ىو‬
‫قاؿ‪ :‬كينبغي لك اي أخي أف ‪ٛ‬بتحن نفسك إذا أ ٌد ىع ٍ‬
‫كاقع من أكثر ا‪٤‬بريدين‪ ،‬فيقولوف ‪٫‬بن ٌأكؿ من يطيعو‪ٍ ،‬بٌ إذا قاؿ ‪٥‬بم شيخهم‪ :‬طلٌق زكجتك الٍب‬
‫قلت أهنٌا تشغلك عن هللا تعأب‪ ،‬ك‪ٙ‬بوجك إٔب تناكؿ ا‪٢‬براـ كالشبهات ىو خّب لك‪ ،‬أك ائتنا‬
‫ى‬
‫لنفرقو على إخوانك ىؤالء الفقراء‪ ،‬أك أسقط ح ٌقك من سائر كظائفك من إمامة‬
‫بشطر مالك ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪183‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أك خطابة كتدريس ككقادة‪ ،‬كفراشة كآذاف‪ ،‬كخلوة كثياب ك‪٫‬بو ذلك‪ ،‬ال يرضى‪ ،‬بل يظهر على‬
‫كجهو العبوسة حٌب يشهد ذلك منو ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬باضرين كيفتضح‪ ،‬كلو أنو أجاب شيخو لكاف أكٔب‪،‬‬
‫تغش أبدا‪ ،‬كماذا يفوت ا‪٤‬بريد إذا ‪٠‬بع لشيخو كصار ا‪٢‬ب ٌق تعأب عوضا لو عن‬
‫فإ ٌف األشياخ ال ٌ‬
‫كجل بقطعة دبغت ابلدـ كالبوؿ ال‬
‫عز ٌ‬‫كل شيء؟ كماذا حصل من ابع جلوسو ُب حضرة ربٌو ٌ‬
‫ٌ‬
‫كل من ٓب يعتقد ُب شيخو أنٌو أشفق‬
‫تساكم ُب السوؽ درٮبا كال بعضو إذا قطٌعت؟ فعلم أ ٌف ٌ‬
‫ط بَبؾ شيء إالٌ ليعطيو أنفس منو‪ ،‬فمحبٌتو نفاؽ‪ ،‬كال ٲبكن‬
‫عليو من نفسو‪ ،‬كأنٌو ال أيمر قى ٌ‬
‫سر من األسرار الٍب يَبقٌى ىو هبا‪ ،‬فإ ٌف من ٓب يصلح ألف يكوف ‪٧‬ببلٌ‬
‫للشيخ أف يطلعو على ٌ‬
‫لؤلسرار ا‪٤‬بكتومة عند الفقهاء يصّب كأنٌو ما صاحبهم‪ ،‬ككذلك إذا كاف‬
‫الشخص يصحب الشيخ أكثر من ثبلثْب سنة ال ينتفع بشيء من أخبلقو‪.‬‬
‫ٍبٌ قاؿ بعد كبلـ‪ :‬كقد سئل الشيخ أبو السعود ا‪١‬بارحي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يوما عن شيء من أسرار‬
‫الفقراء فقاؿ‪ :‬كهللا ال آمنكم على إخراج ريح‪ ،‬فكيف آمنكم على أسرار أىل الطريق‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬
‫٘بد الشيخ أي‪ٛ‬بن عشرة آالؼ نفس كأكثر‪ ،‬ال يفلح منهم أحد بعده لعدـ الصدؽ‪ ،‬كهللا تعأب‬
‫أعلم‪.‬‬
‫كُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫النيب‬
‫الوٕب أكسع من دائرة ٌ‬ ‫كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن قو‪٥‬بم رضي هللا تعأب عنهم أف دائرة ٌ‬
‫األمة فقط‪،‬‬
‫ابلوٕب أكلياء ىذه ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فأجاب رضي هللا تعأب عنو بقولو‪ :‬ا‪٤‬براد ٌ‬
‫كا‪٤‬براد منو ىمن أ ًيمر ابلدعوة إٔب هللا تعأب من رجا‪٥‬بم‪ ،‬فىػ يه ٍم الذين دكائرىم أكسع من دكائر‬
‫فكل رسوؿ من‬ ‫األنبياء‪ ،‬كاتٌساع الدكائر كضيقها ابعتبار الطوائف الذين يدعوهنم إٔب هللا تعأب‪ٌ ،‬‬
‫خاصة ٗبوطن أك جنس أك بلد ال يتع ٌدل إٔب‬
‫الرسل غّب نبيٌنا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم رسالتو ٌ‬
‫غّبه‪ ،‬كرسالة نبيٌنا صلٌى هللا تعأب عليو‬

‫عامة ُب سائر البلداف كاألقطار كُب ‪ٝ‬بيع األجناس كاألمم كُب ‪ٝ‬بيع األعصار‪ ،‬فاألكلياء‬ ‫كسلٌم ٌ‬
‫الداعوف إٔب هللا تعأب ًمن ٌأمتو دعوهتم تعي ٌم كعموـ رسالة نبيٌهم صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬فبل‬
‫عامة كعموـ رسالة نبيٌهم صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فهذا‬
‫‪ٚ‬بتص ببلد كال جنس كال ٌأمة‪ ،‬بل ىي ٌ‬ ‫ٌ‬
‫النيب‪.‬‬
‫الوٕب عن دائرة ٌ‬
‫اتٌساع دائرة ٌ‬
‫ٍبٌ ىذه الدعوة إٔب هللا تعأب ُب ح ٌق األكلياء ىي ملزكمة ‪٥‬بم بطريق الشرع الظاىر لقولو صلٌى هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪184‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫"م يركا اب‪٤‬بعركؼ كاهنوا عن ا‪٤‬بنكر"‪ ،‬لكن ىذه الدعوة ا‪٤‬بذكورة ىنا إ ٌ٭با ىي ابإلذف‬
‫عليو كسلٌم‪ :‬ي‬
‫ت‬
‫فمن هنض إٔب ا‪٣‬بلق يدعوىم إٔب هللا تعأب ابإلذف ا‪٣‬باص لو من هللا ىس ىر ٍ‬
‫ا‪٣‬باص كإذف الرسالة‪ ،‬ى‬
‫كلمتو ُب ‪ٝ‬بيع القلوب‪ ،‬ككقع اإلقباؿ من ا‪٣‬بلق عليو كاالستجابة عنو‪ ،‬ككقع امتثاؿ أمره كهنيو‬
‫كمن هنض إٔب دعوة ا‪٣‬بلق إٔب هللا تعأب ابإلذف العاـ كليس‬
‫ُب ا‪٣‬بلق‪ ،‬كحلى كبلمو ُب القلوب‪ ،‬ى‬
‫لو شيء من اإلذف ا‪٣‬باص ٓب ينتفع بكبلمو‪ ،‬كٓب‬
‫يقع عليو إقباؿ‪ ،‬فإ ٌف لساف ا‪٢‬ب ٌق يقوؿ لو بلساف ا‪٢‬باؿ ُب بساط ا‪٢‬بقائق‪ :‬ما أمرانؾ هبذا أك ما‬
‫فم ٍن كقف ىذا ا‪٤‬بوقف ابتيلً ىي ٕبظوظ نفسو من الرايسة‬ ‫أنت لو أبىل‪ ،‬بل إ٭با أنت فضوٕب‪ .‬ى‬
‫كالرايء كالتصنٌع كليس من هللا ُب شيء‪ .‬قاؿ ابن الفارض رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كمن دعا ‪ ...‬إٔب ا‪٢‬ب ٌق ًمنٌا قاـ ابلرسلية‬‫نيب ى‬
‫ً‬
‫فعالمنا منهم ٌ‬
‫ت لديهم أشارتو‪.‬‬ ‫مت ُب مسامع ا‪٣‬بلق عبارتيو كحلى ٍ‬‫قاؿ ابن عطاء هللا‪ :‬ىمن أ ًيذف لو ُب التعبّب في ًه ٍ‬
‫كحكاية الشيخ ا‪١‬بيبل٘ب رضي هللا تعأب عنو معلومة‪ ،‬قاؿ‪ :‬كنت أبمس صائما‪ ،‬فوضعت ٕب ٌأـ‬
‫ت ًى ٌرة فخطفتها‪ ،‬فأخذ النساء ُب البكاء على‬ ‫ٰبٓب بويضات إٔب فطورم على طرؼ السرير‪ ،‬فأتى ٍ‬
‫ا‪٣‬باص من هللا تعأب كىو كاذب‪ ،‬كانبسط للخلق‬ ‫ٌ‬ ‫ادعى اإلذف‬ ‫كمن ٌ‬‫عادهتن إٔب آخر ا‪٢‬بكاية‪ .‬ى‬
‫النيب كآلو أىػ‪.‬‬
‫ابلدعوة فإنٌو ٲبوت كافرا إالٌ أف يتوب‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة كالعافية ٔباه ٌ‬
‫كقاؿ شيخ الطريقة‪ ،‬ا‪١‬بامع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة‪ ،‬ا‪٤‬بختار بن أ‪ٞ‬بد الكنٍب‪:‬‬
‫كما قيل أنٌو‪ ،‬يعِب ا‪٤‬بريد‪ ،‬ال اختيار لو إ ٌ٭با ذلك ُب األمور الدنيوية‪ ،‬فبل يدخل ما دخلو بنفسو‬
‫مفوضا متأ ٌداب غّب متكاسل كال متساىل‪،‬‬
‫بل يدخل ما دخلو بربٌو كشيخو‪ ،‬فيكوف مع سؤالو ٌ‬
‫‪٩‬بتثبل ألمر الشيخ كائنا ما كاف‪ ،‬كإف رأل فيو العطب فإ ٌف فيو النجاة‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىما ىكا ىف‬
‫ا‪٣‬بًيىػ ىرةي ًم ٍن أ ٍىم ًرًى ٍم (‪.)5‬‬ ‫ضى َّ‬
‫اَّللي ىكىر يسوليوي أ ٍىم نرا أى ٍف يى يكو ىف ى‪٥‬بييم ٍ‬ ‫لً يم ٍؤًم ون ىكىال يم ٍؤًمنى وة إً ىذا قى ى‬
‫كالنيب ُب ٌأمتو أل ٌهنم كرثتهم كللوارث ما للمورث‪ .‬قاؿ‬ ‫ٌ‬ ‫الوٕب ُب قومو‬ ‫كصح ُب األثر أ ٌف ٌ‬ ‫كقد ثبت ٌ‬
‫العامة حقائق األكلياء ‪٥‬بلكوا بعدـ اإلتٌباع كاالقتداء‬
‫ا‪١‬بنيد‪ :‬لوال أ ٌف هللا تبارؾ كتعأب سَب عن ٌ‬
‫حجة يوـ القيامة‪ ،‬لكن هللا تعأب بفضلو كر‪ٞ‬بتو سَبىم هبذه الصورة البشرية‬
‫هبم‪ ،‬كلكانوا عليهم ٌ‬
‫فبل يعرفهم إالٌ ىمن ىو مثلهم أك ىمن أراد هللا أف ينفعو بربكاهتم فيطوم عنو الصورة البشرية‬
‫كيشهد ا‪٢‬بقيقة الرابنية‪ ،‬فيدرؾ إدراكا قطعيٌا ال ظنيٌا كال حسبانيٌا‪ ،‬فينتعش ٗبشاىدتو‪ ،‬كتبقى‬
‫مسافة ا‪٤‬بيسر إٔب الدرجات العليٌة فتكوف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪185‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سرعتهم على قدر رقٌة طباعهم ككثافتها‪ ،‬كعلى قدر التجلٌيات كٮبٌة الشيخ كإقبالو عليهم‪ ،‬كال‬
‫يكوف إقبالو عليهم إالٌ بقدر إقبا‪٥‬بم عليو‪ ،‬قاؿ ابن عطاء هللا‪ :‬ال تطلب من الشيخ أف تكوف‬
‫ببالو‪ ،‬كلكن اطلب من نفسك أف يكوف الشيخ ببالك‪ ،‬فبقدر ما يكوف ببالك تكوف ببالو‪،‬‬
‫فذلك ٌأكؿ قى ىدوـ تضعو ُب السلوؾ‪ .‬فمنهم من يرتقي ُب ساعة‪ ،‬كمنهم من يرتقي ُب يوـ‪ ،‬كمنهم‬
‫ٱبتص‬
‫من يرتقي ُب شهر‪ ،‬كمنهم من ال يرتقي إالٌ ُب سنة‪ ،‬كمن ال يبلغ إالٌ بعد أمد مديد‪ٌ ،‬‬
‫بر‪ٞ‬بتو من يشاء‪ ،‬فمنهم اجملذكب كالسالك‪ ،‬كمنهم ا‪٤‬بطركد كا‪٥‬بالك‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب بغية السالك‪:‬‬

‫األكؿ‪ :‬احملافظة على توقّبه كتعظيمو‪ ،‬فالتزاـ األدب معو ُب‬


‫كأما ا‪٢‬بقوؽ ا‪٤‬برتٌبة للقدكة فأربعة‪ٌ ،‬‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بركات كالسكنات‪ ،‬فبل يوقع عليو الكبلـ ٕبضرتو‪ ،‬كال يتكلٌم ٕبضرتو إالٌ عن إذنو‪ ،‬كال‬
‫يتصرؼ ُب شيء إالٌ أبمره كمشورتو‪ ،‬كال يرفع صوتو ُب ‪٧‬بلٌو كال يسَبسل ُب الكبلـ‪ ،‬كأى ٍف ٌ‬
‫يتلمح‬ ‫ٌ‬
‫الظن ابلقدكة ُب القليل كالكثّب‪ ،‬كا‪٣‬بطّب كا‪٢‬بقّب‪،‬‬
‫إشارتو فليعمل ٕبسبها‪ .‬الثا٘ب‪ :‬حسن ٌ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫كا‪٢‬بركات كالسكنات فيما عيلم أك أيشكل‪ ،‬كمن يح ٍس ًن ٌ‬
‫الظن ابلقدكة أف ال يوقٌر غّبه فينظره‬
‫بعْب النقص عن مر ً‬
‫تبة سواه‪.‬‬
‫عزـ كطيب نفس كمسارعة‪ ،‬كليعلم التلميذ‬ ‫الثالث‪ :‬الٍتزاـ طاعتو ُب كل مكركه ك‪٧‬ببوب‪ ،‬بقوةً و‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أف الذم يش ٌق على نفسو من طاعة قدكتو عاقبة أمره للخّب كالربكة‪ .‬الرابع‪ :‬أف ال يؤثر نفسو‬
‫على قدكتو بشيء من ا‪٢‬بظوظ الدنيوية كاألخركية‪ ،‬بل يؤثره على نفسو ٔبميع ذلك‪ٌ ،‬أما‬
‫كأما الدنيوية فهي ُب جنب ما انلو على يديو من أمر اآلخرة‬ ‫األخركية ً‬
‫فمن عنده جاء أصلها‪ٌ ،‬‬
‫كشيء اتفو ال قيمة لو‪ ،‬كمن آثر نفسو على قدكتو بشيء من األشياء‪ ،‬كلو ٕبياة ساعة بعده‪،‬‬
‫كمن توابع ذلك أف ال يكتم عليو شيئا ًمن‬
‫فىػ ىقد ٖبسو ح ٌقو‪ ،‬كٓب يوفٌو كاجبو‪ً ،‬‬
‫أحوالو الظاىرة كالباطنة‪ ،‬األخركية كالدنيوية‪ ،‬كإ ٍف كتمو شيئا فقد خانو‪ .‬كعماد ىذه الشركط‬
‫‪٦‬بردا من ‪ٝ‬بيع‬
‫كجل‪ ،‬قصدا ٌ‬
‫عز ٌ‬‫كلٌها كذركة سنامها أف يكوف القصد ُب ذلك رضا هللا ٌ‬
‫الشوائب كاألكىاـ‪ ،‬كليعلم أ ٌف رضا هللا تعأب ُب رضا قدكتو‪ ،‬فليلٍتمسو ما استطاع‪ .‬كأما التلميذ‬
‫األكؿ‪ :‬الٍتزاـ عهد القدكة ُب ربط‬
‫فيشَبط فيو شركط‪ ،‬كتَبتٌب لو حقوؽ‪ ،‬أما شركطو فأربعة‪ٌ ،‬‬
‫كمن ال عهد لو ال تلميذ لو‪.‬‬
‫النفس للوفاء بوظائف السلوؾ جهده ككسع طاقتو‪ ،‬ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪186‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقوة‬
‫كمن عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يَبؾ‪ ،‬بصدؽ عزـ‪ٌ ،‬‬
‫الثا٘ب‪ :‬أف ٯبعل دنياه تبعا آلخرتو‪ ،‬ى‬
‫كصحة قصد‪ ،‬كإخبلص يقْب‪ ،‬ابتغاء مرضاة هللا تعأب ُب طلب خبلصو من نفسو‪ ،‬كطمعا‬
‫ج ٌد‪ٌ ،‬‬
‫ُب الوصوؿ إٔب معرفة ربٌو‪ ،‬كقبيح ٗبىن أراد هللا كقصد ا‪٤‬بعرفة بو أف يثِب عنانو لغّبه‪ .‬الثالث‪ :‬أف‬
‫كل و‬
‫نقص‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫كل كماؿ للقدكة‪ ،‬ك ٌ‬ ‫يفرؽ بو ما بْب قدره كقدكتو‪ ،‬فلٍيضف ٌ‬ ‫ٰبصل عنده العلم اليقيِب ٌ‬
‫لنفسو‪.‬‬
‫شك أ ٌف‬
‫الرابع‪ :‬االقتصار على قدكة كاحدة‪ ،‬كىل االنقياد للقدكة إالٌ كاالنقياد إٔب الطبيب‪ ،‬كال ٌ‬
‫كمن استند إٔب قدكة‬‫العبلج إذا اختلف‪ ،‬كا‪٤‬بعاانة إذا تباينت‪ ،‬أ ٌف ا‪٣‬ببلص من العلل متع ٌذر‪ ،‬ى‬
‫فهو القيًٌم ابلسياسة ُب أتديبو كهتذيبو‪ ،‬كىو أدرل بذلك من غّبه‪ ،‬مع أ ٌف القدكة الكامل رٌٗبا‬
‫تع ٌذر كجوده اليوـ فضبل عن أف يكوف منهم عدد‪.‬‬
‫ماؿ عن قدكتو‬
‫كمهما ى‬
‫فإذا ظفر التلميذ بواحد منهم فلٍيعلم أنٌو قد ظفر ٗبراده فبل يبغي بو بدال‪ ،‬ى‬
‫بظاىره كابطنو‪ ،‬كلو حملة فإ ٌف ذلك ك ابال عليو كنقصاان لو‪ ،‬كأ ٌف ‪٧‬ببٌتو ال تصفو‪ ،‬كال يستع ٌد ابطنو‬
‫بتفرد الشيخ اب‪٤‬بشيخة عرؼ فضلو كقويت ‪٧‬ببٌتو‪،‬‬
‫لسراية حاؿ القدكة‪ .‬فإ ٌف التلميذ كلٌما أيقن ٌ‬
‫فعلىى قدر يحسن ظنٌو بو تكوف ‪٧‬ببٌتو‪ ،‬كعلى قدر ‪٧‬ببٌتو‬
‫كاحملبٌة ىي الواسطة بْب القدكة كالتلميذ‪ ،‬ى‬
‫ا‪٢‬بسى الداعي إٔب التآلف ا‪٤‬بعنوم‪ ،‬كابهلل‬
‫تكوف سراية حاؿ الشيخ عنده‪ .‬فاحملبٌة عبلمة التعارؼ ٌ‬
‫تعأب التوفيق‪.‬‬

‫يتعرض لو القدكة ٌأكال ابستجبلب كاستئبلؼ كحسن‬


‫كأما ا‪٢‬بقوؽ ا‪٤‬برتٌبة لو فأربعة‪ ،‬األكؿ‪ :‬أف ٌ‬
‫ٌ‬
‫ضم‬
‫ظن كصدؽ إرادة‪ٌ ،‬‬ ‫كجل بعث إليو التلميذ مسَبشدان ٕبيسن ٌ‬ ‫عز ٌ‬ ‫كبلـ‪ ،‬حٌب إذا رأل أف هللا ٌ‬
‫و‬
‫مسَبشد ساقو‬ ‫كل تلميذ‬
‫بكل شيء ينفعو ُب رضا ربٌو‪ .‬ك ٌ‬‫عليو جناح التعليم كاإلشفاؽ كالنصيحة ٌ‬
‫هللا تعأب إٔب القدكة ف ٍلّباجع القدكة النظر ُب معناه كليكثر اللجأ إٔب هللا تعأب أف يتوالٌه فيو‪ ،‬كُب‬
‫القوؿ معو ٕبسن ىداية‪ ،‬ك‪ٝ‬بيل سياسة‪ٍ ،‬بٌ ال يتكلٌم مع التلميذ إالٌ كقلبو انظر إٔب هللا تعأب‪،‬‬
‫مستعينا بو على ا‪٥‬بداية لصواب القوؿ كالعمل‪.‬‬
‫كالثا٘ب‪ :‬يح ٍسن ا‪٣‬بيلق‪ ،‬كالصرب على كظائف التعليم‪ ،‬كجفاء التلميذ‪ ،‬ك‪ٞ‬بل أخبلقو‪ ،‬فالكامل‬
‫ين يى ٍدعيو ىف‬ ‫َّ ً‬ ‫سمع عنده الناقص‪ .‬قاؿ هللا تعأب لنبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬ىك ٍ ً‬
‫ك ىم ىع الذ ى‬
‫سى‬‫اص ٍرب نىػ ٍف ى‬ ‫يي ى‬
‫ً ً‬
‫النبوة ُب كظائف ا‪٥‬بداية‪ .‬أىػ‪.‬‬ ‫ىربَّػ يه ٍم ًابلٍغى ىداة ىكال ىٍعش ًٌي يي ًري يدك ىف ىك ٍج ىهوي (‪ ،)6‬كالقدكة كارث ٌ‬
‫كقاؿ السيد دمحم بن الشيخ ا‪٤‬بختار الكنٍب ر‪ٞ‬بهما هللا تعأب‪٦ ،‬بيبا عن سؤاؿ السائل عن معُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪187‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قوؿ ابن العريب ( ًمن شرط ا‪٤‬بريد إذا دخل منزؿ شيخو أف ٯبعل منزلو مثل قربه ال ٰب ٌدث نفسو‬
‫اب‪٣‬بركج منو إٔب أف ٲبوت)‪:‬‬
‫مراده‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ ،‬أ ٌف ا‪٢‬ب ٌق تعأب ال يعامل ابلثنيا إذ العبد هبجرتو ابئع لنفسو من ربٌو‪ .‬ىكيى يد‬
‫يده‬ ‫الشيخ انئبة عن ي ًد الرسوؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كي يده صلٌى هللا عليو كسلٌم انئبة عن ً‬
‫ى‬
‫اَّلل فىػ ٍو ىؽ أىيٍ ًدي ًه ٍم (‪ ،)7‬كقاؿ تبيينا للبيعة كتنصيصا عليها‪ :‬إً َّف‬ ‫تعأب‪ .‬قاؿ‪ ،‬أخبارا عن البيعة‪ :،‬ي يد ًَّ‬
‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فبْب هللا تعأب معُب انعقاد البيع‬ ‫س يه ٍم ىكأ ٍىم ىوا ى‪٥‬بي ٍم ًأب َّ‬
‫ىف ى‪٥‬بي يم ا ٍ‪١‬بىنَّةى (‪ٌ ،)8‬‬ ‫اَّللى ا ٍشتىػ ىرل م ىن ال يٍم ٍؤمنً ى‬
‫ْب أىنٍػ يف ى‬ ‫َّ‬
‫كلزكمو‪ ،‬ك‪٠‬بٌى الثمن كا‪٤‬بثموف‪ ،‬كا‪٤‬بشَبم كالبائع‪ ،‬فالثمن ا‪١‬بنة‬

‫كا‪٤‬بثموف ا‪٤‬بؤمن كمالو‪ ،‬كا‪٤‬بشَبم ا‪٢‬ب ٌق تعأب‪ ،‬كالبائع ا‪٤‬بؤمنوف‪ ،‬فأكرـ ببيعة دالٌ‪٥‬با جربيل‪،‬‬
‫كا‪٤‬بشَبم فيها ا‪١‬بليل‪ ،‬كالبائع عبده ا‪١‬بميل‪ ،‬كشاىداىا ميكائيل كعزرائيل‪ ،‬ككاتبها إسرافيل‪،‬‬
‫النيب الرسوؿ‪ .‬كال خفاء أ ٌف عقد البيع على ما يوجب‬
‫ككثيقة عهدىا التنزيل‪ ،‬كالكفيل عليها ٌ‬
‫يصح تسليمو ال‬
‫ا‪٫‬ببللو ٗبا يناقض ا‪٤‬بقصود مفسد لعقد البيع‪ ،‬كأ ٌف تسليم ا‪٤‬ببيع كاجب‪ ،‬كما ال ٌ‬
‫ينعقد عليو بيع‪ ،‬كا‪٤‬بريد ابئع لنفسو من ربٌو‪ ،‬مسلٌم لو على يد شيخو‪ ،‬كا‪٤‬ببيع إذا سلٌم إٔب‬
‫ا‪٤‬بشَبم كجب التخلٌي عنو كإسبلمو إٔب ا‪٤‬بشَبم يفعل بو ما بدا‬
‫لو‪ ،‬فتحديث ا‪٤‬بريد نفسو اب‪٣‬بركج من ‪ٙ‬بت يد الشيخ ككنف حضانتو استقالة لبيعتو نفسو إذ قد‬
‫س ال يٍمط ىٍمئًنَّةي (‪ ،)9‬يعِب الٍب‬
‫عما ٱباطب بو النفس ا‪٤‬بشَباة بقولو‪ :‬ىاي أىيَّػتيػ ىها النَّػ ٍف ي‬
‫أخرب تعأب ٌ‬
‫ضيَّةن فىا ٍد يخلًي ًُب ًعب ً‬ ‫اضيةن مر ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ًً‬
‫ادم (‪ )11‬الذين ٓب‬ ‫ى‬ ‫سكنت عن النزكع كا‪٤‬بنازعة‪ٍ ،‬ارجعي إً ىٔب ىربٌك ىر ى ى ٍ‬
‫يستقيلوا بيعتهم‪ ،‬كٓب ينقضوا عقدهتم‪ ،‬ىكا ٍد يخلًي ىجن ًٍَّب (‪.)11‬‬
‫كقد انعقد إ‪ٝ‬باع مشايخ الصوفية على كجوب االستسبلـ للشيخ‪ ،‬كاإلطراح بْب يديو كالغسيل‬
‫بْب يدم الغاسل‪ً ،‬إذ الشيخ طبيب كا‪٤‬بريد عليل‪ ،‬كمهما ‪ٙ‬ب ٌكم العليل على الطبيب نفى عليو‬
‫الطب‪ ،‬كا‪٣‬بركج من عند الشيخ رجوع من ا‪٤‬بريد أدراجو‪ ،‬بل الشيخ ىو ا‪٤‬بكلٌف بتسريح ا‪٤‬بريد‬
‫ٌ‬
‫تضرر غاية الضرر‪،‬‬
‫مٌب الح لو الئح الصبلحية للفطاـ‪ ،‬فإ ٌف الرضيع كمٌب فطم قبل أكاف الفطاـ ٌ‬
‫الصيب‪ ،‬كإ ٌ٭با ىو إٔب‬
‫ٌ‬ ‫كما أنو إذا بلغ أمد الفطاـ كاف األصلح بو الفطاـ‪ ،‬كليس ذلك اب‪٤‬بوكل إٔب‬
‫أكليائو كنظرىم‪ ،‬فكذلك ا‪٤‬بريد مٌب خرج بنفسو كفطمها عن الشيخ قبل أكاف‬

‫عرضها للعطب‪ ،‬كجعلها نصب ابلعنا كالنصب‪ ،‬كقلٌما أفلح ا‪٤‬بريد إذا فيطم قبل‬
‫فطامها فق ٍد ٌ‬
‫تعْب عليو‬
‫أكاف فطامو‪ ،‬بل كمٌب مات شيخو أك فصلو عنو عارض‪ ،‬ككاف لو انئب أك خليفة‪ٌ ،‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪188‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫مبلزمتو برغم ما كاف عليو مع الشيخ‪ ،‬كمٌب ٓب ٱبلٌف انئبا كال خليفة لزمو االنتقاؿ إٔب مرشد أك‬
‫شيخ يتخذه ُب بقيٌة سّبه‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ا‪٤‬بس ٌدد‪ ،‬كىو حسبنا كنعم ا‪٤‬بعْب ا‪٤‬بسعد اىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا ‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬


‫‪.2‬سورة األنعاـ‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫‪.3‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.6‬‬
‫‪.4‬سورة مر‪ٙ‬ب‪ ،‬اآلايت ‪.92 - 91 - 91‬‬
‫‪.5‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.36‬‬
‫‪.6‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.28‬‬
‫‪.7‬سورة الفتح‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬
‫‪.8‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.111‬‬
‫‪.9‬سورة الفجر‪ ،‬اآلية ‪.27‬‬
‫‪.11‬سورة الفجر‪ ،‬اآليتاف ‪.29 - 28‬‬
‫‪.11‬سورة الفجر‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬

‫الفصل التاسع عشر‬

‫سرا‬
‫ُب ‪ٙ‬بذيرىم من ‪٨‬بالفة الشيخ بعد امتثاؿ أكامره‪ ،‬حاضرا كاف أك غائبا‪ ،‬كاإلعَباض عليو ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪189‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كجهرا‪.‬‬
‫أضر على ا‪٤‬بريد‬ ‫ً ًً‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ٗبىنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أنٌو ال شيء ٌ‬
‫من ‪٨‬بالفة األشياخ كعدـ امتثاؿ أكامرىم كاإلعَباض عليهم كعلى األكلياء رضي هللا تعأب عنهم‬
‫كترؾ تعظيمهم كاحَبامهم كعدـ قبوؿ إشارهتم فيما يشّبكف بو عليو‪ .‬قاؿ ُب ‪ٙ‬بفة اإلخواف‪:‬‬
‫فاآلداب الٍب تطلب من ا‪٤‬بريد ُب ح ٌق الشيخ أكجبها تعظيمو كتوقّبه ظاىرا ك ابطنا‪ ،‬كعدـ‬
‫كيؤكؿ ما أنبأىم عليو‪ ،‬كتقدٲبو على‬
‫اإلعَباض عليو ُب شيء فىػ ىعلىوي كلو كاف ظاىره أنٌو حراـ‪ٌ ،‬‬
‫غّبه‪ ،‬كعدـ اإللتجاء لغّبه من الصا‪٢‬بْب‪.‬‬

‫‪٧‬بل الضركرات ككونو معو ُب‬ ‫كمنها أف ال يقعد كشيخو كاقف‪ ،‬كال يناـ ٕبضرتو إالٌ إبذنو ُب ٌ‬
‫مكاف كاحد‪ ،‬كأ ٍف ييكثًر الكبلـ ٕبضرتو كلو ابسطو‪ ،‬كال ٯبلس على سجادتو‪ ،‬كال يسبٌح‬
‫بسبحتو‪ ،‬كال ٯبلس ُب ا‪٤‬بكاف ا‪٤‬بع ٌد لو‪ ،‬كال يلج عليو ُب أمر‪ ،‬كال يسافر كال يفعل فعبل من‬
‫ا‪٤‬بهمة إالٌ إبذنو‪ ،‬كال ٲبسك يده للسبلـ كيده مشغولة بشيء كقلم أك أكل أك شرب بل‬ ‫األمور ٌ‬
‫يسلٌم بلسانو كينظر بعد ذلك ما أيمره بو‪ ،‬كأ ٍف ال ٲبشي أمامو كال يساكيو إالٌ بًلىٍي ول و‬
‫مظلم ليكوف‬
‫صوان لو عن مصادمة ضرر‪ ،‬كأ ٍف ال يذكره ٖبّب عند‬
‫ىم ٍشييوي أمامو ٍ‬
‫أعدائو خوفا من أف يكوف كسيلة لقدحهم فيو‪.‬‬
‫كمنها أف ٰبفظو ُب غيبتو كحفظو ُب حضوره‪ ،‬كأف يبلحظ بقلبو ُب ‪ٝ‬بيع أحوالو سفرا ك حضرا‬
‫لًتىػعي ٌموي بركتيو‪ .‬كمنها أ ٍف ال يعاشر من كاف الشيخ كريهو كمن طارده الشيخ‬
‫كل بركة‬‫ٰبب من أحبٌو الشيخ كيكره من يكرىو الشيخ‪ .‬كمنها أ ٍف يرل ٌ‬ ‫عنو‪ ،‬كاب‪١‬بملة ٯبب أف ٌ‬
‫حصلت لو من بركات الدنيا كاآلخرة فبربكتو‪.‬‬
‫كمنها أف يصرب على جفوتو كإعراضو عنو‪ ،‬كال يقوؿ ًٓبى فىػ ىعل بفبلف كذا كٓب يفعل يب كإالٌ ٓب يكن‬
‫مسلًٌمان لو قياده إ ٍذ ًم ٍن أعظم الشركط تسليم قياده لو ظاىرا كابطنا‪ ،‬أخاطب بذلك أىل هللا‬ ‫ى‬
‫الصادقْب‪.‬‬
‫كمنها أ ٍف ٰبمل كبلمو على ظاىره فيمتثلو إالٌ لًقرينة صارفة عن إرادة الظاىر‪ ،‬فإذا قاؿ لو إقرأ‬
‫ص ًٌل كذا أك ي‬
‫ص ٍم كذا كجب عليو ا‪٤‬ببادرة‪ ،‬ككذا إذا قاؿ لو‪ ،‬كىو صائم‪ ،‬إفطر كجب‬ ‫كذا اك ى‬
‫ص ًٌل كذا إٔب غّب ذلك‪.‬‬
‫الفطر‪ ،‬أك قاؿ لو ال تي ى‬
‫شم منهم رائحة‬
‫كاعلم أف الشيخ العارؼ رٌٗبا ابسط تبلمذتو كخفف عليهم العبادة‪ ،‬فإذا ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪190‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الصدؽ كاإلجتهاد رٌٗبا ش ٌدد عليهم كأعرض عنهم كأظهر ‪٥‬بم ا‪١‬بفوة لتموت أنفسهم عن‬
‫حب هللا تعأب‪ ،‬كرٗبا اختربىم ىل يصدقوف معو أك ال‪.‬‬
‫الشهوات‪ ،‬كتفُب ُب ٌ‬
‫فمن ‪ٚ‬بلٌف عنو فقد يح ًرـ‬
‫كمنها مبلزمة الورد الذم رتٌبو فإ ٌف مدد الشيخ ُب كرده الذم رتٌبو‪ ،‬ى‬
‫يصح ُب الطريق‪.‬‬
‫ا‪٤‬بدد‪ ،‬كىيهات أف ٌ‬
‫يتجسس على أحواؿ الشيخ من عبادة اك عادة فإ ٌف ُب ذلك ىبلكو‪ ،‬كهللا تعأب‬
‫كمنها أف ال ٌ‬
‫أعلم‪ ،‬كأ ٍف ال يدخل عليو خلوة إالٌ إبذف‪ ،‬كال يرفع الستارة الٍب فيها الشيخ إالٌ إبذف كإالٌ ىلك‬
‫كما كقع لكثّب‪ ،‬كأف ال يزكره إالٌ كىو على طهارة أل ٌف حضرة الشيخ حضرة هللا تعأب‪ ،‬كا ٍف‬
‫كل حاؿ‪ ،‬كأف يق ٌدـ ‪٧‬ببٌتو على ‪٧‬ببٌة غّبه ما عدا هللا كرسولو فإهنٌا ا‪٤‬بقصود‬ ‫ً‬
‫الظن ُب ٌ‬
‫يٰبسن بو ٌ‬
‫حٌب لو قى ًد ىـ من سفر لكاف ىو الذم يسعى‬ ‫ابلذات ك‪٧‬ببٌة الشيخ اتبعة‪ ،‬كأ ٍف ال يكلٌفو شيئا ٌ‬
‫ليسلٌم على الشيخ كال ينتظر أ ٌف الشيخ أيتيو للسبلـ عليو‪.‬‬
‫اىػ‪.‬‬
‫كُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪:‬‬
‫كمن شرط ا‪٤‬بريد أف ال يصحب من الشيوخ إالٌ ىمن تقع لو حرمة ُب قلبو‪ ،‬كأ ٍف يبايعو على‬ ‫ً‬
‫ا‪٤‬بنشط كا‪٤‬بكره‪ ،‬كأف ال يكتم عن شيخو شيئا ‪٩‬بٌا ٱبطر لو‪ ،‬كأ ٍف ال يعَبض عليو فيما يكوف منو‪،‬‬
‫كالصدؽ ُب طلب الشيخ‪ ،‬كأ ٍف ال ينظر ُب أفعاؿ الشيخ كال يتع ٌدل أمر شيخو كال يتأكؿ عليو‬
‫كبلمو‪ ،‬بل يقف عند ظاىر كبلمو‪ ،‬كال يطلب علٌة األمر الذم أيمره بو بل يبادر إٔب امتثاؿ ما‬
‫أتكؿ على الشيخ ما أمره بو أك‬
‫أمره بو سواء عقل معناه أك ٓب يعقل‪ ،‬كليفعل ما أمره بو‪ ،‬كمٌب ٌ‬
‫أردت كذا فليعلم أنٌو‬
‫لت أنٌك ى‬ ‫يقوؿ ‪ٚ‬بيٌ ي‬
‫سجادة‬ ‫ُب إدابر‪ ،‬فليػ ٍب ً‬
‫ك على نفسو فإنٌو ما أتى على أكثر ا‪٤‬بريدين إالٌ من التأكيل‪ ،‬كال يطأ ٌ‬ ‫ى‬
‫سوي شيخو إالٌ الشيخ ٌإايه‪ ،‬كال يسألو عن شيء سؤاؿ من يطلب‬ ‫ً‬
‫شيخو برجلو‪ ،‬كال يلبس ثواب لب ى‬
‫ف ذلك على‬‫ص ى‬
‫يقص ما كقع لو فإ ٍف أجابو كاف كإالٌ فبل‪ ،‬كإ ٍف ىك ى‬
‫ا‪١‬بواب منو بل ٯبب عليو أف ٌ‬
‫أف ٯبيب عنو الشيخ فقد جعلو سؤاال‪ ،‬كإذا جعلو سؤاال فقد أساء األدب‪ ،‬كال ٱبوف شيخو ُب‬
‫أمر مأمور بو‪ ،‬كٯبب على ا‪٤‬بريدين أف ال يدخلوا على الشيوخ كال يقعدكا بْب أيديهم إالٌ على‬
‫طهارة ظاىرا أك ابطنا‪ ،‬مسلٌمْب مستسلمْب ىكذا شأهنم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪191‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ً‬
‫كمن ىش ٍر ًط ا‪٤‬بريد أف يكوف بْب يدم الشيخ كا‪٤‬بيٌت بْب يدم الغاسل‪ ،‬إ ٍف غسل عضوا من‬
‫تصرؼ فيو كيف يشاء ٗبا يرل ًمن ا‪٤‬بصلحة فبل ٱبطر‬ ‫أعظائو قبل عض وو آخر‪ ،‬أك ٌ‬
‫حركو‪ ،‬أك ٌ‬
‫خاطر اعَب و‬
‫اض كلو عاينو قد خالف الشريعة فإ ٌف اإلنساف ليس ٗبعصوـ‪ ،‬كال ٯبلس بْب‬ ‫عليو ي‬
‫يديو إالٌ مستوفزا كجلوس العبد بْب يدم سيٌده‪ ،‬كإذا أمره بفعل شيء فيتثبٌت فيو حٌب يعرؼ‬
‫عدكا‬
‫يتحمل فيو قوؿ قائل‪ ،‬كإذا عرؼ لو ٌ‬
‫مراده كال يبادر كىو غّب عارؼ ٗبا أمره بو‪ ،‬كال ٌ‬
‫فليهجره ُب هللا تعأب كال ٯبالسو كال يعاشره‪ ،‬كإذا رأل ىمن ييثِب عليو كٰببٌو فيحبٌو‬
‫يتزكجها من غّب أف ‪ٙ‬برـ عليو‪ ،‬كيتتلمذ‬ ‫ً‬
‫كيقضي حوائجو‪ ،‬كإ ٍف طلٌق امرأة فم ىن األدب أف ال ٌ‬
‫أقل ًعل وٍم منو‪ ،‬كال يقعد مقعدا حيث كاف إالٌ كيتي ٌقن أ ٌف‬ ‫كل ىم ٍن ق ٌدمو عليو شيخو كإف كاف ٌ‬
‫كٱبدـ ٌ‬
‫الشيخ يراه فليلزـ ذلك‪ ،‬كال ٲبشي أمامو إالٌ بًلىٍي ول‪ ،‬كال يي ًد‪ٙ‬ب النظر إليو فإ ٌف ذلك يورث قلٌة‬
‫من القلب‪ ،‬كال ييكثر ‪٦‬بالستو‪ ،‬كال يقضي ألحد حاجة حٌب‬
‫كٱب ًرج اإلحَباـ ى‬
‫األدب كا‪٢‬بياء ي‬
‫يشاكره فيها‪ ،‬كال يدخل عليو مٌب دخل عليو االٌ قبٌل يديو كأطرؽ‪ ،‬كيتحبٌب إليو ابمتثاؿ أمره‬
‫كليكن حافظا شحيحا على عرضو‪ ،‬كإذا ق ٌدـ إليو‬‫ٍ‬ ‫كهنيو‪،‬‬
‫طعاما ً‬
‫فليلقو أمامو ٔبميع ما ٰبتاج إليو كليقف خلف الباب‪ ،‬فإذا دعاه أجابو كإالٌ فليَبكو حٌب‬
‫بقي ًمن طعامو شيء كأمره ابألكل فليأكل كال يؤثر بنصيبو‬ ‫يفرغ‪ ،‬فإذا فرغ أزاؿ ا‪٤‬بائدة فإ ٍف ى‬
‫يتمُب عليو‪ ،‬كليحذر مكر الشيخ فإ ٌهنم ٲبكركف‬
‫س ٌره‪ ،‬كال ٌ‬
‫أحدا‪ ،‬كليجتهد أف ال يراه إالٌ فيما يى ي‬
‫كقعت منو زلٌة ُب ح ٌق أدبو مع الشيخ‬
‫ٍ‬ ‫للطالب‪ ،‬فليحافظ على أنفاسو ُب ا‪٢‬بضور معو‪ ،‬فإ ٍف‬
‫كعرؼ أنٌو قد عرؼ هبا كسا‪٧‬بو فيها كٓب يعاقبو فليعلم أنٌو قد مكر بو كعلم أنٌو ال ٯبيء منو‬
‫شيء‪ ،‬ك‪٥‬بذا سكت عنو‪ ،‬كإذا عاقبو على ا‪٣‬بطرة كاللحظة كضايق‬

‫عليو أنفاسو فليستبشر ابلقبوؿ كالفتح كالرضا‪ ،‬كال يبدم هللا عليو إالٌ بسط لو كلٌما انبسط‬
‫معو‪ ،‬فليزدد ُب قلبو ا‪٤‬بهابة كالتعظيم كاإلجبلؿ كاإلحَباـ كاإلحتشاـ‪ ،‬كلٌما زاد بسطة كخشوعا‬
‫زاد فيو مهابة كجبلال‪.‬‬
‫كمن شرط ا‪٤‬بريد أف ال ير ٌد على الشيخ كبلمو كلو كاف ا‪٢‬ب ٌق بًيى ًد ا‪٤‬بريد فإ ٌف الشيخ إ ٌ٭با يقوؿ ما‬‫ً‬
‫فيو مصلحتو‪ ،‬فليقف عند قولو كال ينازعو كال ٯبادلو كال ٲباريو‪ ،‬كمٌب كقع ُب شيء من ذلك أك‬
‫خطر لو نزاعو ُب خاطره فالنزاع‪ ،‬كإ ٍف كاف ُب نفسو‪ ،‬ىو عْب اإلعَباض‪ ،‬كاإلعَباض على‬
‫الشيوخ حراـ على ا‪٤‬بريدين كقوعو‪ ،‬فهذا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪192‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ساع ُب ىول نفسو‪ ،‬سوءتو مكشوفة عند سادات أىل طريق هللا تعأب‪.‬‬
‫مريد مس ٌخر للشياطْب‪ ،‬و‬
‫أتمل كال توقٌف‪ ،‬كال يصرفو‬
‫كجهو شيخو ُب أمر أف ٲبضي ألمره من غّب ٌ‬
‫كمن شرط ا‪٤‬بريد إذا ٌ‬
‫كجهك شيخك ُب أمر فمررت‬
‫عنو صارؼ حٌب قاؿ بعض ا‪٤‬بشايخ لبعض ا‪٤‬بريدين‪ " :‬أرأيت لو ٌ‬
‫ٗبسجد تقاـ فيو الصبلة فما تصنع؟ " فقاؿ‪ " :‬أمضي ألمر الشيخ كال أصلٌي حٌب أرجع إليو لو‬
‫أحسنت "‪ ،.‬ك‪٥‬بم ُب ذلك خرب يستندكف إليو‪ ،‬كىذا بشرط أف ال ٱبرج الوقت‪ ،‬فإ ٍف خشي‬
‫خركج الوقت صلٌى كذىب إليو‪.‬‬
‫كل ما يشَبط عليو الشيخ سواء كاف ذلك صعبا أك سهبل‪ ،‬فإ ٌف طريق‬ ‫ً‬
‫كمن ىش ٍرط ا‪٤‬بريد الوفاء ٌ‬
‫كإايؾ‬
‫‪٦‬باىدة كمكابدة كليس ىي طريق الراحة‪ ،‬كليس للمريد أف يشَبط على الشيخ‪ٌ ،‬‬ ‫هللا تعأب ى‬
‫الظن‪ ،‬كتراعي األدب ظاىرا‬
‫كحسن ٌ‬ ‫أ ٍف تعَبض عليو بشيء من أقوالو كلكن تنظر إليها ابإلرادة ي‬
‫أيت من الشيوخ ما يَباءل عندؾ أنٌو‬
‫كابطنا فإهنٌم قالوا‪ :‬اإلعَباض على الشيوخ يس ٌم قاتل كإ ٍف ر ى‬
‫فاهتم نفسك كأ‪ٞ‬بلو على قصور علمك كنظرؾ‪ ،‬فإ ٌف الشيخ يكوف لو دليل كبرىاف‬ ‫غّب مشركع ٌ‬
‫صر فهمك على إدراكو‪ ،‬كاعلم أ ٌف الشيخ ٍأكٔب بً ًرعاية الشريعة منك‬‫قى ى‬
‫قصة موسى كا‪٣‬بضر‬
‫كأش ٌد اىتماـ هبا من غّبه‪ ،‬ككلٌما خطر لك شيء من ىذا ا‪١‬بنس تذ ٌكر ٌ‬
‫لظفرت بو‬
‫ى‬ ‫لصحتو كجها كتف ٌكرت‬
‫عليهما السبلـ ليندفع عنك اإلعَباض‪ .‬كا‪٢‬ب ٌق أنٌك لو طلبت ٌ‬
‫الصحة كإ ٍف كاف كاضحا بيًٌنا‬
‫ٌ‬ ‫غالبا‪ ،‬كلكن النفس ال تساعدؾ على ىذا بل تغطٌي عليك كجو‬
‫كتل ٌقنك كجو الفساد كتزيٌنو كإ ٍف كاف ضعيفا لتستوؼ حظٌها‪ .‬فلو صدر منك ذلك الفعل بعينو‬
‫صحتو دالئل مثل ا‪١‬بباؿ الركاسي كتساعد النفس فيو‪.‬‬
‫أقمت على ٌ‬
‫أك ى‬
‫كفوؽ ما ذكران من اإلعَباض أف يكوف مسلٌما ابلظاىر معَبضا ابلقلب‪ ،‬فتنقطع الرابطة‪ ،‬كيقع‬
‫بينو كبْب الشيخ مفارقة معنوية‪ ،‬فبل ينفعو التسليم ابللساف مع كجود اإلنكار ُب الباطن ًإذ‬
‫معنوم ال يتعلٌق ابللساف كإ ٌ٭با يتعلٌق ابلقلب‪ ،‬فإذا ‪ٛ‬ب ٌكن اإلنكار فيو زاؿ اتٌصاؿ‬
‫ٌ‬ ‫الرابطة ٍأمر‬
‫الباطن كاحملكومية‪ ،‬كىو ا‪٤‬بعُب من الرابطة‪ ،‬فبل يبقى بْب قلب ا‪٤‬بريد كبْب قلب الشيخ عبلقة‬
‫فينس ٌد طريق الفيض الذم كاف يصل إٔب قلبو من قلب الشيخ فبل يسرم ُب ابطنو ًمن أحواؿ‬
‫الشيخ فيكوف بعيدا عن الشيخ ُب ا‪٢‬بقيقة كإف كاف قريبا فى ىك ٍم بينو‬
‫كبْب من يكوف بعيدا ُب الصورة قريبا ُب ا‪٢‬بقيقة ىيهات مثل ىذه احملبة ال تزيد االٌ شقاكة على‬
‫رد‪ ،‬فيعود األمر على موضوعو ابلنقص‪ ،‬كمثل ىذا ا‪٤‬بريد يكوف مع الشيخ‬
‫كردا على ٌ‬
‫شقاكة ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪193‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابللساف‪ ،‬كابلقلب مع النفس كالشيطاف فييػ ىع ٌد ًمن ‪ٝ‬بلة ا‪٣‬ب ٌداعْب كا‪٤‬بنافقْب ُب الطريقة‪ ،‬كا‪٤‬بريد‬
‫ا‪٣‬بفي القليب كإالٌ فهو‬
‫إ ٌ٭با يتعلٌق إبرادة الشيخ ليتخلٌص من الكفر الباطِب كيشفى من ا‪٤‬برض ٌ‬
‫شك ُب إسبلمو‪.‬‬
‫شرعا ال ٌ‬ ‫ً‬
‫يم ٍسلم ٍ‬
‫كإذا ح ٌققت كجدتو ترؾ اإلعَباض على هللا تعأب‪ ،‬فالشيخ ٱبرجو من ىذه الورطة ٕبسن تربيتو‬
‫كإرشاده‪ ،‬كإف كاف ُب قلبو نوع إنكار كاعَباض على الشيخ فإف كقع ُب مضيق اإلعَباض على‬
‫هللا تعأب كيف ٱبرج عنو‪ ،‬كمن أيخذ بيده فيحصل غرض النفس إذ مقصوده من اإلعَباض على‬
‫الشيخ ليس إالٌ أف تنقطع الرابطة‪ ،‬فإذا دخل عليو خاطر اإلعَباض على هللا تعأب كأراد الشيخ‬
‫فتزؿ قى ىد يـ ا‪٤‬بريد كينحرؼ عن جادة‬
‫تصرفو كال ينجع كبلمو ٌ‬
‫يغّبه عن ىذه العقبة ال ينفذ فيو ٌ‬
‫أف ٌ‬
‫بقوة ًكالية الشيخ ك‪٧‬بكومية ا‪٤‬بريد‪ ،‬فيكوف‬ ‫ً‬
‫الطريق إذ الثبات ليس إالٌ ٌ‬
‫‪ٙ‬بب النفس كتشتهي‪.‬‬
‫األمر كما ٌ‬
‫اىػ مل ٌخصا‪.‬‬
‫كُب اإلبريز للشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪:‬‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬يقوؿ‪ " :‬ال ينبغي أف‬
‫ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب القطب عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫الوٕب العجائب‬
‫الوٕب كيوزف عليو فيخسر الوازف دنيا كأخرل‪ ،‬فإ ٌف ُب ابطن ٌ‬
‫يينظىر إٔب ظاىر ٌ‬
‫الوٕب‬
‫كالغرائب كما مثالو إال كخنشة صوؼ ُب كسطها حرير ال تظهر إالٌ ُب اآلخرة‪ ،‬كغّب ٌ‬
‫ابلعكس خنشة حرير ُب كسطها خنشة صوؼ كالعياذ ابهلل "‪.‬‬
‫الوٕب ‪٠‬بعناه من الشيخ رضي هللا تعأب‬
‫قاؿ‪ :‬كلنثبت أسبااب كثّبة ُب ظهور ا‪٤‬بخالفات على ظاىر ٌ‬
‫جمعها يىنا فنقوؿ‪٠ :‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ " :‬كاف لبعض االكلياء‬
‫مفرقة فلن ٍ‬
‫عنو ٌ‬
‫حٌب أفرط ُب ‪٧‬ببٌتو ككاد‬
‫الصادقْب مريد صادؽ فكاف ٰببٌو كثّبا‪ ،‬كأطلعو هللا على أسرار كاليتو ٌ‬
‫النبوة‪ ،‬فأظهر هللا تعأب على الشيخ صورة معصية الزان ر‪ٞ‬بة اب‪٤‬بريد‬
‫يتجاكز بشيخو إٔب مقاـ ٌ‬
‫كنزؿ شيخو منزلتو ففتح هللا حينئذ على‬
‫فلما رآه رجع عن ذلك االفراط ُب االعتقاد ٌ‬
‫ا‪٤‬بذكور‪ٌ .‬‬
‫ا‪٤‬بريد "‪.‬‬

‫األكؿ لكاف من ‪ٝ‬بلة الكافرين ا‪٤‬بارقْب نسأؿ‬


‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬كلو داـ على اعتقاده ٌ‬
‫هللا السبلمة "‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬كىذا أحد األسرار ُب األمور الٍب كانت تظهر على‬
‫قولًو ُب قضيٌة أتبّب النخل‪" :‬لو ٓب تفعلوا صلحت"‪ٍ ،‬بٌ تركوا‬ ‫ً‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم م ٍن ‪٫‬ب ًو ٍ‬
‫ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪194‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫أم غّب صا‪٢‬بة‪.‬‬
‫التأبّب فجاءت الثمر شيطا‪ٌ ،‬‬
‫ً‬
‫كم ٍن ‪٫‬بو قولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬رأيت ُب منامي أان ندخل ا‪٤‬بسجد ا‪٢‬براـ إف شاء هللا آمنْب‬
‫‪٧‬بلقْب كمقصرين"‪ٍ ،‬ب خرج النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم مع أصحابو الكراـ رضي الو تعأب عنهم‬
‫فص ٌدىم ا‪٤‬بشركوف كٓب يدخلوا إالٌ ُب عاـ آخر‪ ،‬ك‪٫‬بو ذلك‪ ،‬ففعل هللا سبحانو ىذه األمور مع‬
‫ت (‪)1‬‬
‫ىحبىػ ٍب ى‬ ‫ً‬ ‫نبيٌو الكر‪ٙ‬ب لئبلٌ يعتقد الصحابة فيو األلوىية‪ ،‬كلذا قاؿ تعأب إًنَّ ى‬
‫ك ىال تىػ ٍهدم ىم ٍن أ ٍ‬
‫ك ًم ىن ٍاأل ٍىم ًر ىش ٍيءه (‪ ،)2‬ك‪٫‬بو ذلك‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بقصود ًمن ذلك كلٌو ىو ا‪١‬بمع على‬ ‫س لى ى‬‫قاؿ تعأب لىٍي ى‬
‫هللا سبحانو‪ ،‬كهللا تعأب أعلم "‪.‬‬
‫يتلوف على قلوب القاصدين كنيٌاهتم‪،‬‬ ‫الوٕب الكامل ٌ‬‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ " :‬أ ٌف ٌ‬
‫ثت نيٌتو فكاف على‬ ‫كمن خبي ٍ‬ ‫يسره‪ ،‬ى‬
‫ت نيٌتو رآه ُب عْب الكماؿ كظهر لو من ا‪٣‬بوارؽ ما ٌ‬ ‫فمن ص ىف ٍ‬
‫ى‬
‫كالوٕب ٗبنزلة‬
‫ٌ‬ ‫لكل كاحد إالٌ ما ُب ابطنو ًمن يح ٍس ون كقيػ ٍب وح‪،‬‬
‫الض ٌد من ذلك‪ ،‬كُب ا‪٢‬بقيقة ما ظهر ٌ‬
‫كٕب كماؿ كداللة على‬ ‫ً‬
‫كمن ظهر لو م ٍن وٌ‬ ‫ا‪٤‬برآة الٍب تتجلٌى فيها الصور ا‪٢‬بسنة كالصور القبيحة‪ ،‬ى‬
‫ٍيحمد هللا تعأب‪ ،‬كمن ظهر لو غّب ذلك فلّبجع على نفسو "‪.‬‬ ‫هللا تعأب فل ى‬
‫ابلوٕب س ٌخره هللا سبحانو فيما يى ٍم فيو‬
‫قاؿ هنع هللا يضر‪ " :‬إذا أراد هللا تعأب شقاكة قوـ كعدـ انتفاعهم ٌ‬
‫يتصور ُب صور الوالية أ ٍف‬
‫حٌب أنٌو ٌ‬
‫و‬
‫ك‪٨‬بالفة‪ ،‬فيظنٌوف أنٌو على شاكلتهم‪ ،‬كليس كذلك‪ٌ ،‬‬ ‫ًمن قيبح‬
‫رت‬
‫تصو ٍ‬
‫الوٕب مع قوـ يشربوف ا‪٣‬بمر كىو يشرب معهم فيظنٌونو أنٌو شارب ا‪٣‬بمر كإ ٌ٭با ٌ‬
‫يقعد ٌ‬
‫‪ٙ‬برؾ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ركحو ُب صورة م ىن الصور كأظهرت ما أظهرت‪ ،‬كُب ا‪٢‬بقيقة ال شيء كإ ٌ٭با ىو ظ ٌل ذاتو ٌ‬
‫مت‪ ،‬كإذا‬
‫أخذت ابلكبلـ تكلٌ ٍ‬
‫ى‬ ‫فيما ‪ٙ‬بركوا فيو‪ ،‬مثل الصورة الٍب تظهر ُب ا‪٤‬برآة فإنٌك إذا‬
‫أخذت ُب الشرب‬
‫ى‬ ‫ت‪ ،‬كإذا‬
‫أخذت ُب األكل أكلى ٍ‬
‫ى‬
‫كل ما‬
‫ك‪ٙ‬باكيك ُب ٌ‬
‫ى‬ ‫كت‪،‬‬
‫‪ٙ‬بر ٍ‬
‫أخذت ُب ا‪٢‬بركة ٌ‬
‫ى‬ ‫ضحكت‪ ،‬كإذا‬
‫ٍ‬ ‫أخذت ُب الضحك‬
‫ى‬ ‫شربت‪ ،‬كإذا‬
‫ٍ‬
‫ظل ذاتك كليس بذاتك ا‪٢‬بقيقية‪،‬‬
‫يصدر منك‪ ،‬كُب ا‪٢‬بقيقة ٓب يصدر منها أكل كال غّبه ألهنٌا ٌ‬
‫ظل ذاتو كجعل يرتكب ما يرتكبوف‪ ،‬كهللا‬
‫ٕب معهم ُب ٌ‬
‫فإذا أراد هللا تعأب شقاكة قوـ ظهر الو ٌ‬
‫تعأب ا‪٤‬بوفٌق "‪.‬‬
‫كأما‬ ‫ً‬
‫الوٕب إ ٌ٭با يعترب م ىن القاصدين إليو ابطنىهم ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ " :‬أ ٌف ٌ‬
‫ظاىرىم فبل عربة بو عنده‪.‬‬
‫قسم يستوم ظاىره كابطنو ُب اإلعتقاد‪ ،‬كىذا أسعدىم‪ ،‬كقً ٍسم‬
‫كالقاصدكف على أربعة أقساـ‪ :‬ه‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪195‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يستوم ظاىره كابطنو ُب اإلنتقاد‪ ،‬كىذا أبع يدىم‪ ،‬كقً ٍسم ظاىره معتقد كابطنو منتقد‪ ،‬كىذا أضر‬
‫للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ألنٌو إذا نظر إٔب ظاىره يريد ن ٍفعو‬
‫الوٕب كا‪٤‬بنافق ابلنسبة ٌ‬
‫األقساـ على ٌ‬
‫أطم ىعو ظاىره "‪.‬‬
‫منىػ ىعو الباطل‪ ،‬كإذا أراد البيػ ٍعد منو حيث ينظر إٔب ابطنو ى‬
‫كالوٕب يسمع كبلـ الباطن كما يسمع كبلـ الظاىر فيكوف ىذا‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪" :‬‬
‫القسم عنده ٗبثابة ىمن جلس إليو رجبلف أحدٮبا ُب جوؼ اآلخر‪ ،‬فيقوؿ الرجل الظاىر‪ :‬أنت‬
‫سيٌدم‪ ،‬كأان عند أمرؾ كهنيك كعلى طاعتك كتصيّبؾ‪ ،‬كيقوؿ الذم ُب ا‪١‬بوؼ‪ :‬أنت لست‬
‫شك ُب أمرؾ كفيما يقوؿ الناس فيك‪ ،‬ك‪٫‬بو‬
‫بوٕب‪ ،‬كالناس أخطؤكا فيما يظنٌوف فيك‪ ،‬كأان على ٌ‬
‫ٌ‬
‫ىذا‪.‬‬

‫فا‪١‬باىل الذم ال يعرؼ البواطن يستوم ُب نظره ىذا القسم كالقسم األكؿ‪ ،‬فإذا رآل القسم‬
‫الوٕب قاؿ ُب نفسو‪ :‬كًٓبى ٓب يربح القسم الثالث مع أنٌو‬
‫األكؿ ربح كحصل لو ا‪٣‬بّب الكثّب من ٌ‬
‫ٌ‬
‫الوٕب‪،‬‬ ‫ً‬
‫لعل ا‪٣‬بلل كالنقصاف م ىن ٌ‬ ‫كاألكؿ؟ فيقوؿ‪ٌ :‬‬ ‫يتأدب كٱبدـ بنفسو‪ ،‬كيقف عند األمر كالنهي ٌ‬
‫ٌ‬
‫فيكوف ىذا اباب كاسعا للكبلـ ُب األشياخ كدخوؿ الوسوسة فيهم‪ .‬كأما ً‬
‫الق ٍسم الرابع‪ :‬كىو ما‬
‫يتصور إالٌ مع ا‪١‬بسد‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلـ‪ ،‬كهللا‬
‫يكوف ابطنو معتقدا كظاىره منتقدا‪ ،‬فبل ٌ‬
‫تعأب أعلم "‪.‬‬
‫عْب كظاىره‬
‫الوٕب الكامل غائب ُب مشاىدة ا‪٢‬ب ٌق سبحانو ال يٰبجب عنو طرفة ٍ‬
‫كقاؿ هنع هللا يضر‪ " :‬أ ٌف ٌ‬
‫فمن‬
‫مع ا‪٣‬بلق‪ ،‬فيستعمل ا‪٢‬ب ٌق سبحانو ظاىره مع القاصدين ٕبسب ما سبق ‪٥‬بم ُب القسمة‪ ،‬ى‬
‫قسم لو منهم ر‪ٞ‬بة أطلق عليو ذلك الظاىر كأنطقو ابلعلوـ‪ ،‬كأظهر لو ما ال ييكيٌف ًمن ا‪٣‬بّبات‪.‬‬
‫اد بًو سوءا‪ ،‬كٓب يقسم لو على يده شيء أمسكو عنو كحجبو عن النطق اب‪٤‬بعارؼ "‪.‬‬ ‫كم ٍن أر ى‬
‫ى‬
‫الوٕب مع القاصدين إالٌ كحجر بِب إسرائيل‪ ،‬فإذا كاف بْب‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬كما مثل ٌ‬
‫يدم أكلياء هللا تعأب انفجرت منو اثنتا عشرة عينا‪ ،‬كإذا كاف بْب أعدائو تعأب ال ‪ٚ‬برج منو كال‬
‫ٍ‬
‫قطرة كاحدة "‪.‬‬
‫الوٕب الكبّب فيما يظ ًهر للناس يعصى كىو ليس بعاص كإ ٌ٭با‬
‫كقاؿ ر ضي هللا تعأب عنو‪ " :‬إ ٌف ٌ‬
‫ركحو حجبت ذاتو كظهرت ُب صورهتا‪ ،‬فإذا أخذت ُب ا‪٤‬بعصية فليست ٗبعصية‪ ،‬ألهنٌا إذا‬
‫ٗبجرد جعلها ُب فمها فإهنٌا ترميو إٔب حيث شاءت‪ ،‬كسبب ىذه ا‪٤‬بعصية‬
‫فإهنا ٌ‬
‫أكلت حراما مثبل ٌ‬
‫أيت‬
‫الظاىرة شقاكة ا‪٢‬باضرين كالعياذ ابهلل‪ ،‬كإذا ر ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪196‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ظهرت عليو كرامة فاشهد على ا‪٢‬باضرين أب ٌف هللا تعأب أراد هبم ا‪٣‬بّب‪ ،‬أك معصية‬
‫ٍ‬ ‫الوٕب الكبّب‬
‫ٌ‬
‫تتؤب معاصيهم‬
‫تتؤب كراماهتم كذلك الٍب ٌ‬
‫فأشقاىم بشقاكهتم‪ ،‬ككما أ ٌف أركاحهم ىي الٍب ٌ‬
‫الظاىرة‪ ،‬كهللا تعأب أعلم "‪.‬‬

‫الوٕب قد يغلب عليو الشهود فيخاؼ على ذاتو الَبابية من‬


‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬إ ٌف ٌ‬
‫حسو كإ ٍف كاف فيها ما ييعاب عليو ًمن ابب إذا الٍتقى ضرراف‬
‫ترده إٔب ٌ‬
‫التبلشي فيستعمل أمورا ٌ‬
‫ب أخ ٌفهما‪ ،‬فإذا رآه شخص ارتكب ذلك األمر‪ ،‬كال يعلم الوجو الذم ارتكبو ألجلو‪ ،‬رٌٗبا‬ ‫ً‬
‫ارتيك ى‬
‫حرـ‬
‫ابدر إٔب اإلنكار عليو فيي ى‬
‫ا‪٤‬بطهرة‪ ،‬أ ٌف العضو إذا أصابتو األكلة كخيف على‬
‫تقرر ُب الشرع‪ ،‬أم ُب الشريعة ٌ‬ ‫بركتو‪ .‬كقد ٌ‬
‫الذات منها فإنٌو يباح قطعو لتسلم الذات مع أف العضو معصوـ كلكنٌو ًمن ابب إذا الٍتقى‬
‫ارتكب أخ ٌفهما‪ ،‬ككذلك الشخص إذا خاؼ على نفسو ا‪٥‬ببلؾ ًمن ش ٌدة ا‪١‬بوع فإنٌو يباح‬ ‫ضرراف ً‬
‫كيتزكد منها‪ ،‬كغّب ذلك ًمن الفركع الداخلة ‪ٙ‬بت ىذه القاعدة‪ .‬كىذه‬ ‫حٌب يشبع ٌ‬
‫لو أكل ا‪٤‬بيتة ٌ‬
‫كل ذات كما اعتادت‪ ،‬فافهم‬ ‫حسها ىي ا‪٤‬بعتادة ‪٥‬با قبل الفتح‪ ،‬ك ٌ‬
‫الوٕب إٔب ٌ‬
‫األمور الٍب تىػ ير ٌد ذات ٌ‬
‫ابإلشارة ففي التفصيل كالتصريح كحشة‪ ،‬كهللا تعأب أعلم "‪.‬‬
‫اىػ مل ٌخصا‪.‬‬
‫كإٔب معُب ‪ٝ‬بيع ما تق ٌدـ أشار شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪،‬‬
‫بقولو‪:‬‬
‫كأما ما يقطعو‪ ،‬يعِب ا‪٤‬بريد عن أستاذه‪ ،‬فأمور‪ ،‬منها األغراض‪ ،‬كمنها اإلعَباض ابلقلب‬
‫ٌ‬
‫كاللساف‪ ،‬كمنها كزازة ا‪٤‬بريد من ظهور بشرية الشيخ أبمر ال يطابق ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬كمنها سقوط حرمتو‬
‫من القلب‪.‬‬
‫عز‬
‫ؼ كال ييصحب إالٌ هلل ٌ‬ ‫عر ي‬
‫فأما األغراض سواء كانت دنيوية أك أخركية كذلك أ ٌف الشيخ ال يي ى‬
‫ٌ‬
‫كٕب هلل تعأب كأان أكاليو هلل‬
‫األكؿ أف يواليو هلل تعأب أبف يقوؿ ىذا ٌ‬
‫كجل‪ ،‬كالصحبة ُب أمرين‪ٌ :‬‬
‫ٌ‬
‫كسر ذلك ُب قولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪٨ ،‬بربا عن هللا تعأب‪" :،‬من عادل ٕب كليا فقد‬
‫سبحانو‪ٌ ،‬‬
‫السر‬ ‫كٕب اصطفيتو ٌ‬
‫كا‪ٚ‬بذتو كليٌا"‪ ،‬كىذا ىو ٌ‬ ‫آذنتو اب‪٢‬برب"‪ ،‬كُب طيٌو "من كأب ٕب كليٌا ألجل أنٌو ٌ‬
‫األكرب ا‪١‬باذب للمريد إٔب حضرة هللا تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪197‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاألمر الثا٘ب أ ٍف يعلم أ ٌف الشيخ ًمن عبيد ا‪٢‬بضرة‪ ،‬كيعلم ما ٯبب للحضرة من األدب كما يفسد‬
‫يقربو إليو‪.‬‬ ‫ً‬
‫ا‪٤‬بريد فيها من األكطار كاألرب‪ ،‬فإذا علم ىذا يصحبو ليدلٌو على هللا تعأب كعلى ما ٌ‬
‫كأما ىمن صحب لغّبٮبا فقد خسر الدنيا كاآلخرة‪ .‬فإذا‬ ‫كالصحبة ُب ىذين األمرين ال غّب‪ٌ ،‬‬
‫الرب سبحانو كتعأب يعبد ال لغرض بل لكونو إ‪٥‬با يستح ٌق األلوىيٌة‬
‫عرفت ىذا فاعرؼ أ ٌف ٌ‬ ‫ى‬
‫كالعبوديٌة لذاتو ‪٤‬با ىو عليو من ‪٧‬بامد الصفات العليٌة كمن األ‪٠‬باء البهيٌة‪ ،‬كىذه ىي العبادة‬
‫العليا‪ ،‬ككذلك الشيخ يصحب ال لغرض بل لتجليٌة مواالتو إٔب‬
‫كل ما كاف‬
‫ا‪٤‬برضيٌة كما يشْب العبد ُب حضرة هللا تعأب‪ ،‬ك ٌ‬
‫كيتعرؼ منو اآلداب ٍ‬
‫كالية هللا تعأب‪ٌ ،‬‬
‫من متابعة ا‪٥‬بول كلو كاف ‪٧‬بمودا فهو شْب على العبد ُب حضرة هللا تعأب‪ ،‬ك‪٥‬بذا أمرت األشياخ‬
‫أقل قليل أل ٌف ا‪٤‬بريد ُب كقت متابعة ا‪٥‬بول كافر ابهلل‬
‫بقمع ا‪٤‬بريدين كجزرىم عن متابعة ا‪٥‬بول ُب ٌ‬
‫نصب نفسو إ‪٥‬با كعصى أمر هللا تعأب كخالفو‪ ،‬فهو يعبد غّب هللا‬
‫تعأب صرٰبا ال تلوٰبا لكونو ٌ‬
‫تعأب على ا‪٢‬بقيقة ليس من هللا شيء‪ ،‬كإف قاؿ ال إلو إال هللا ُب ىذا ا‪٢‬باؿ قاؿ لو لساف ا‪٢‬باؿ‬
‫كذبت بل أنت مشرؾ‪ ،‬كمن ىذا القبيل خرج قولو‬
‫ى‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم "ما ‪ٙ‬بت قبٌة السماء إلو يعبد من دكف هللا تعأب أعظم من ىول متٌبع"‪.‬‬
‫يتغّب إذا ٓب يوافق ىواه ُب غرضو فإ ٌف الشيخ‬
‫فإذا عرؼ ا‪٤‬بريد ىذا فبل يغضب على الشيخ كال ٌ‬
‫فن‬ ‫ً‬
‫أم ٌ‬‫ا‪٤‬بضار كالتلميذ جاىل بذلك‪ ،‬فإذا طلب منو غرضا من ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أعرؼ اب‪٤‬بصاّب‪ ،‬كأدرل بوجوه‬
‫كاف كٓب يساعده الشيخ عليو فليعلم أ ٌف الشيخ ىمنىػ ىعوي منو ألجل مصلحتو كدفٍ ًع مفسدتو‪ ،‬فإذا‬
‫عود نفسو التغيّب على الشيخ ُب مثل ىذا طيرد عن حضرة هللا تعأب كانقطع عن الشيخ‪ ،‬فإذا‬ ‫ٌ‬
‫غضب ا‪٤‬بريد على الشيخ بعد تغّبه انقطع انقطاعا كليٌا ال رجوع لو أصبل‪.‬‬

‫كأما اإلعَباض ابلقلب أك ابللساف فإنٌو سيف صارـ يقطع ا‪٢‬ببل بْب الشيخ كمريده‪ ،‬فبل يعَبض‬
‫ٌ‬
‫شيئا من أمور الشيخ فإف ٓب يوافق ما عنده من ظاىر العلم أكابطنو فليعلم أ ٌف ىناؾ دقائق بْب‬
‫الشيخ كربٌو ال يدريها التلميذ‪ ،‬كالشيخ ٯبرم على منواؿ تلك الدقائق الٍب بينو كبْب ربٌو فإذا‬
‫خالف صورة ظاىرة للشرع فليعلم أنٌو ُب ابطن األمر ٯبرم على منواؿ الشرع من حيث ال‬
‫يدريو ا‪٣‬بلق‪.‬‬
‫كأما كزازة ا‪٤‬بريد من ظهور بشرية الشيخ فإهنٌا ًمن ٍ‬
‫جهلًو ابهلل تعأب كٗبراتبو ا‪٣‬بلٍقيٌة‪ ،‬كذلك أ ٌف هللا‬
‫يتجل بو ُب غّبىا من ا‪٤‬براتب‪،‬‬ ‫كح ٍك وم ٓبٍ ٌ‬
‫كل مرتبة من مراتب خلقو أبمر ي‬ ‫سبحانو كتعأب ٘بلٌى ُب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪198‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كذلك التجلٌي اترة يكوف كماال ُب نسبة ا‪٢‬بكمة اإل‪٥‬بيٌة‪ ،‬كاترة يكوف صورتو صورة نقص ُب نسبة‬
‫ا‪٢‬بكمة اإل‪٥‬بيٌة‪ ،‬فبل ‪٧‬بيد لتلك ا‪٤‬براتب من ظهور التجلٌي فيها بصورة ذلك النقص أل ٌف ذلك‬
‫لكل‬
‫‪ٙ‬بو‪٥‬با لغّب ما تعلٌقت بو‪ ،‬فبل ب ٌد ٌ‬
‫كل تعلٌقات ا‪٤‬بشيئة يستحيل ٌ‬
‫الرابنية‪ ،‬ك ٌ‬
‫انشئ عن ا‪٤‬بشيئة ٌ‬
‫عارؼ من ظهور النقص ُب ذاتو‪.‬‬
‫ٍبٌ أ ٌف ذلك النقص اترة يبلبسو بصورة كماؿ الدقائق الٍب بينو كبْب ربٌو‪ ،‬كاترة يبلبسو معتمدا أنٌو‬
‫نقص كليس لو ُب ىذه ا‪٤‬ببلبسة إالٌ معاينة ا‪٢‬بكم اإل‪٥‬بي الذم مقتضاه القهر كالغلبة ٕبيث أف ال‬
‫‪٧‬بيد للعبد عنو‪ ،‬فإذا رأل ا‪٤‬بريد ًمن شيخو بشريٌة تقتضي النقص ٌإما شرعيٌا أك ‪٩‬بٌا يًٱب ٌل اب‪٤‬بركءة‬
‫فليبلحظ ىذه ا‪٤‬بعا٘ب الٍب ذكرانىا‪ ،‬كليعلم أ ٌف ذلك ال يٱب ًرج الشيخ عن حضرة ربٌو‪ ،‬كال يزحزحو‬
‫‪٧‬بل قيػ ٍربًو‪ ،‬كال ٰبطٌو عن كماؿ أدبو‪.‬‬
‫عن ٌ‬
‫كل مريد يطلب مرتبة ًمن ا‪٢‬ب ٌق يتعلٌق هبا‬
‫فإذا عرؼ ىذا فبل يرفض شيخو لظهور البشرية‪ ،‬ك ٌ‬
‫للقرب كالوصوؿ يريد أف ال يظهر فيها نقص كاف لساف حالو ينادم عليو‪ :‬ال مطمع لك ُب‬
‫كل ا‪٤‬براتب ال ب ٌد ‪٥‬با من نقص‪ ،‬فليس يظهر الكماؿ صورة كمعُب‬
‫دخوؿ حضرة هللا تعأب أل ٌف ٌ‬
‫كبكل اعتبار إالٌ ُب ثبلث مراتب فقط ال ما عداىا كىي‬
‫بكل كجو‪ٌ ،‬‬
‫كحسا بريئا من النقص ٌ‬
‫ٌ‬
‫كالنبوة ‪٤‬بن دخل حضرهتا‪ ،‬كالقطبانيٌة ‪٤‬بن دخل حضرهتا‪ ،‬فإ ٌف ىذه‬
‫الرسالة ‪٤‬بن دخل حضرهتا‪ٌ ،‬‬
‫الثبلث ال صورة للنقص فيها‪ ،‬كالباقي من ا‪٤‬براتب يظهر فيها نقص ُب الغالب كقد ال يظهر‪،‬‬
‫فإ ٌف ىذه ا‪٤‬براتب الثبلث كلو ظهر للمرء فيها صورة النقص فذلك ىو غاية الكماؿ كإ ٌ٭با‬
‫يتنزىوف عن الشيء‬
‫ينتقصها ا‪٤‬برء ‪١‬بهلو‪ ،‬كإليو يشّب قولو صلٌى هللا عليو كسلٌم "ما ابؿ أقواـ ٌ‬
‫إ٘ب ألعلمهم ابهلل كأخشاىم لو"‪.‬‬
‫أفعلو فو هللا ٌ‬
‫كأما سقوط حرمتو فهو أكرب قاطع عن هللا تعأب‪ .‬كسقوط ا‪٢‬برمة ىو عدـ ظهور ا‪٤‬بباالة إذا أمره‬
‫أك هناه‪.‬‬
‫كمن أكرب الشركط ا‪١‬بامعة بْب الشيخ كمريده أ ٍف ال يشارؾ ُب ‪٧‬ببٌتو غّبه‪ ،‬كال ُب تعظيمو‪ ،‬كال ُب‬‫ً‬
‫كيتأمل ذلك ُب شريعة نبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬
‫اإلستمداد منو‪ ،‬كال ُب اإلنقطاع إليو بقلبو‪ٌ ،‬‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم مع رتبة غّبه من النبيٌْب كا‪٤‬برسلْب ُب‬
‫سول رتبة نبيٌو ٌ‬
‫فإ ٌف ىمن ٌ‬
‫احملبٌة كالتعظيم كاإلستمداد كاإلنقطاع عليو ابلقلب كالتشريع فهو عنواف على أف ٲبوت كافرا إالٌ‬
‫رابنية بسبق ‪٧‬ببٌة إ‪٥‬بية‪.‬‬
‫أ ٍف تدركو عناية ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪199‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عرفت ىذا فليكن ا‪٤‬بريد مع شيخو كما ىو مع نبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب احملبٌة كالتعظيم‬
‫ى‬ ‫فإذا‬
‫كمن أكرب‬ ‫كاإلستمداد كاإلنقطاع إليو ابلقلب‪ ،‬فبل يعادؿ غّبه بو هبذه األمور كال يشركو‪ً .‬‬
‫القواطع عن هللا تعأب أف ينسب ما عنده من الفتح كاألسرار لغّب شيخو أل ٌف تلك األنوار اإل‪٥‬بيٌة‬
‫ٰبن‬
‫كل نور منها ٌ‬‫الواردة على العبد ابألسرار كاالحواؿ كا‪٤‬بعارؼ كالعلوـ كالَبقٌي ُب ا‪٤‬بقامات ٌ‬
‫كلكل شيخ من أىل هللا تعأب حضرة ال‬
‫إٔب مركزه كىي ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بيٌة‪ ،‬منها برز كفيها نشأ‪ٌ ،‬‬
‫يشارؾ فيها لغّبه‪ ،‬فإذا كرد منها نور أبمر من األمور‬
‫الٍب ذكرانىا كني ًسب إٔب غّب تلك ا‪٢‬بضرة من ا‪٢‬بضرات اإل‪٥‬بيٌة إغتاض ذلك النور كطار كرجع‬
‫كل كلد إٔب أبيو‬
‫إٔب ‪٧‬بلٌو‪ ،‬كصورة ذلك ُب نسبة ا‪٢‬بكمة اإل‪٥‬بيٌة أ ٌف هللا تعأب قضى ُب كتابو بنسبة ٌ‬
‫اَّلل (‪ ،)3‬فمن نسب نورا إٔب غّب ‪٧‬بلٌو ًمن ا‪٢‬بضرة‬
‫ط ًع ٍن ىد ًَّ‬ ‫قاؿ تعأب‪ :‬ا ٍدعي ي ً ً‬
‫وى ٍم آل ىىابئ ًه ٍم يى ىو أىق ى‬
‫ٍس ي‬
‫اإل‪٥‬بية فقد أساء األدب ُب حضرة ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬ككذب على هللا تعأب‪ ،‬كا‪٢‬بضرة ال ‪ٙ‬بتمل الكذب‪،‬‬
‫فلذا يطرد كيسلب كالعياذ ابهلل تعأب‪.‬اىػ‬
‫‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫‪.1‬سورة القصص‪ ،‬اآلية ‪.56‬‬
‫‪.2‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآلية ‪.128‬‬
‫‪.3‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.5‬‬

‫الفصل العشركف‬

‫ُب ‪ٙ‬بذريهم عن قصد الكشوفات الكونية كالكرامات العيانية‪ ،‬كإعبلمهم أ ٌف طريقتنا ىذه طريقة‬
‫شكر ك‪٧‬ببٌة‪ ،‬كأىل ىذا ال يشتغلوف ابلتشوؼ إٔب ما يشغل عن هللا تعأب‪ ،‬كال يلتفتوف إٔب‬
‫الكشوفات الكونية‪ ،‬كال إٔب الكرامات العيانية‪.‬‬

‫فؤلجل كوهنم ‪٧‬ببوبْب ال ٰبصل ‪٥‬بم شيء منها إالٌ اندرا‪ ،‬بل احملبوبوف منهم ال ٰبصل ‪٥‬بم شيئا من‬
‫ذلك البتٌة لئبلٌ يركنوا إليو فيجد الشيطاف سبيبل إٔب إغوائهم كإضبل‪٥‬بم فّبيهم من األابطيل ما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪200‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأض ٌل‪ ،‬كىلك كأىلك‪ ،‬نعوذ ابهلل‬
‫ض َّل ى‬
‫يكوف استدراجا ‪٥‬بم كما يقع لكثّب ‪٩‬بٌن ركن إٔب ذلك فى ى‬
‫حٌب إذا أراد هللا تعأب أف يفتح عليهم بفضلو يفتح على شخص من غّب‬
‫تعأب من ا‪٣‬بسراف‪ٌ .‬‬
‫شعور منو فتحا ٰبصل بو على سعادة الدارين‪ ،‬جعلنا هللا تعأب منهم بفضلو‪ ،‬آمْب‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ ُب الوصااي القدسيٌة‪:‬‬
‫هبمة نفسو من التعلٌقات ابلكائنات‪ ،‬كا‪٤‬بيل‬
‫كينبغي أف يكوف‪ ،‬يعِب ا‪٤‬بريد الذاكر‪ ،‬صادقا ٱبلص ٌ‬
‫ا‪٤‬بتشهيات كا‪٤‬بستل ٌذات الٍب ىي ا‪٤‬بعبودات الباطلة‪ ،‬كمن ا‪٤‬بيل إٔب الكشوفات الكونيٌة‬
‫ٌ‬ ‫إٔب‬
‫كينزه طلبو من ا‪٤‬بزج هبول النفس‪ ،‬فإ ٌف‬‫كالكرامات العيانيٌة فبل طائل ‪ٙ‬بتها‪ ،‬كيطلب ا‪٢‬ب ٌق كحده‪ٌ ،‬‬
‫ت إليها‪ ،‬ككاف‬‫كمن الٍتىػ ىف ى‬
‫ا‪٤‬بيل إٔب الكشوفات الكونيٌة كالكرامات من ‪ٝ‬بلة ىول النفس كىواىا‪ ،‬ى‬
‫مقصده كمطمح نظره ُب ذكره تلك‪ ،‬فهو مدرج فيما بْب‬
‫ا‪٤‬بمكورين‪ ،‬بل كإف كقعت ببل طلب يٱباؼ عليو ًمن اإلستدراج‪ .‬قاؿ الكبار‪ " :‬إذا دخل‬
‫كٕب هللا‪ ،‬فإ ٍف‬ ‫و‬
‫السالك ُب بستاف‪ ،‬كقاؿ طيور كأشجار ذلك البستاف أبلسنتهم‪ :‬السبلـ عليك اي ٌ‬
‫ٓب يفطن أنٌو يم ًك ىر بو فق ٍد يمكر بو كىو ٓب يشعر "‪ .‬ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬برشدين ن ٌفركا ا‪٤‬بريدين من ا‪٤‬بيل إٔب‬
‫الكرامات العيانيٌة‪ ،‬يقاؿ أهنٌا حيض الرجاؿ‪.‬‬
‫كقيل أليب يزيد‪ " :‬فبلف ٲبشي ُب ليلة إٔب م ٌكة "‪ ،‬فقاؿ‪ " :‬الشيطاف ٲبشي ُب ساعة من ا‪٤‬بشرؽ‬
‫إٔب ا‪٤‬بغرب لعنة هللا تعأب عليو "‪ .‬كقيل لو‪ " :‬فبلف ٲبشي على ا‪٤‬باء "‪ ،‬فقاؿ‪ " :‬الطّب يطّب ُب‬
‫ٲبر على ا‪٤‬باء "‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫ا‪٥‬بواء‪ ،‬كالسمك ٌ‬
‫كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ " :‬أكرـ الكرامات أف تب ٌدؿ يخليقان مذموما من أخبلقك "‪.‬‬
‫كقاؿ زين العابدين ا‪٣‬بواُب ُب الوصااي‪ " :‬كال يدخل ا‪٣‬بلوة لقصد و‬
‫كشف كو٘بٌ أك ‪ٙ‬بصيل كرامات‬
‫يتصرؼ فيو الشيطاف‬
‫عيانيٌة‪ ،‬فإ ٌف ىمن دخل ا‪٣‬بلوة على ىذه األمانة كال يراعي شرط اإلخبلص ٌ‬
‫كيلعب بو كيتمسخر‪ ،‬كييريو األشياء الباطلة بصورة ا‪٢‬ب ٌق "‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬دخل كاحد من األصحاب ُب خراساف ا‪٣‬بلو ىة ببل و‬
‫إذف كببل كقت‪ ،‬فجاء إليو الشيطاف ُب‬
‫صورة ا‪٣‬بضر فقاؿ‪ " :‬لو أتريد أف ‪ٙ‬بصل لك العلوـ اللدنيٌة؟ "‪ ،‬قاؿ‪ " :‬نعم "‪ ،‬ككاف مائبل إٔب‬
‫أف يتكلٌم اب‪٤‬بعارؼ على جرايف اللساف‪ ،‬فقاؿ لو‪ " :‬إفتح فاؾ "‪ ،‬ففتح فاه‪ ،‬فرمى الشيطاف‬
‫فلما كصل إٔب ا‪٤‬ببلقات‬
‫بزاقة ُب فيو‪ٍ ،‬بٌ بعد ذلك صنٌف كتااب مشتمبل على أبواب من ا‪٤‬بعارؼ‪ٌ ،‬‬
‫علي ما صنٌف كحكى كاقعتو‪ ،‬فقلت‪ " :‬اي مسكْب ذلك كاف شيطاان قد جاء إليك ُب‬
‫ض ٌ‬ ‫ىع ىر ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪201‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كذ ٍك ًرهً‪ ،‬ير ٍح كاغسل الكتاب كتيب إٔب هللا‬
‫صورة ا‪٣‬بضر كلعب بك كشغلك عن طاعة هللا تعأب ً‬
‫تعأب من اإلختيار "‪.‬‬
‫كالشيطاف ٯبيء على صور الصا‪٢‬بْب كثّبا‪ ،‬ك ال يقدر على التمثيل بصورة رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم‪ ،‬قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من رآ٘ب ُب ا‪٤‬بناـ فقد رآ٘ب حقا فإ ٌف الشيطاف ال يتمثٌل‬
‫للنيب صلٌى هللا‬
‫يب"‪ ،‬كال بصورة الشيخ إذا كاف الشيخ اتبعا ٌ‬
‫عليو كسلٌم‪ ،‬مأذكان ابإلرشاد من شيخو ا‪٤‬بأذكف‪ ،‬ىكذا إٔب حضرة رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫كسلٌم‪ .‬كٯبيء كثّبا على صورة ا‪١‬ببٌارين ا‪٤‬بتف ٌقهة‪ ،‬كعلى صورة ا‪٤‬ببتدعْب‪ ،‬كعلى صورة ا‪٤‬بردة‬
‫سن الست كالسبع كإٔب ثبلثة عشر ك‪ٟ‬بسة عشر‪ ،‬كعلى‬ ‫الكريهة ا‪٤‬بنظر‪ ،‬أصحاب القبلنس ُب ٌ‬
‫صورة ا‪٤‬باكرين‪ ،‬كٯبيء على صورة الكلب األسود كالذئب‪ ،‬كعلى صورة نورانيٌة ‪ٞ‬براء ىك ًد ىرة‬
‫اللوف كبيضاء أيضا‪ ،‬كبْب ا‪٢‬بمرة كالبياض لكن بياض لونو ليس بصاؼ يطلع على الوجو على‬
‫السرعة كينطفئ‪ ،‬كعلى غّب ىذه الصورة أيضا‪ ،‬يعرفو احملَبزكف ا‪٤‬بستعيذكف ابهلل‬

‫تعأب‪ ،‬ا‪٤‬بخلصوف هلل الصادقوف ُب معامبلهتم مع هللا تعأب‪ ،‬تلك الصور ينبئهم ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‬
‫كتعأب عليها بواسطة شيخهم كتعريفو ٌإايىم‪ ،‬ككيفية مداخلو كمواقع إضبل‪٥‬بم كتلبيساهتم ُب‬
‫ا‪٢‬بضور كالغيبة بعد ً‬
‫ص ٌحة الرابطة‪.‬‬
‫إٕب بصورة ا‪٣‬بضر ُب زاكية نور األابد ُب خرساف ُب ا‪٣‬بلوة‪ ،‬فقلت بعد كبلـ‬ ‫قاؿ‪ :‬كلقد رأيتو جاء ٌ‬
‫معو‪ " :‬أريد أف أ‪٠‬بع منك حديثا ‪٠‬بعتو من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ببل كاسطة كما ‪٠‬بع‬
‫فتغّب‪ٍ ،‬بٌ إذا افتتحت‬
‫سره منك ببل كاسطة‪ٌ ،‬‬
‫الشيخ ركن ا‪٤‬بلٌة كالدين عبلء الدكلة ق ٌدس ٌ‬
‫ا‪٢‬بديث كقلت‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫متغّب‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬إذا رأيت الرجل حجوجا معجبا برأيو قد ‪ٛ‬بت خسارتو" قاـ كىرب ٌ‬
‫فقصدت أخ ىذه فلم أدركو‪ .‬قاؿ‪ :‬كا‪٤‬بقصود من ىذا‬
‫ي‬ ‫لص مك ٌدرة‪،‬‬
‫الصورة ا‪٣‬بضركية إٔب صورة ٌ‬
‫حٌب ال يقع السالك ا‪٤‬بتبتٌل‪ ،‬القاصد لرؤية األشياء ككقوع خوارؽ‬
‫التطويل التنبيو كالتحذير ٌ‬
‫العادات‪ُ ،‬ب شبكة الشيطاف‪ ،‬كال يدخل ا‪٣‬بلوة ببل إذف الشيخ قطعا‪.‬‬
‫قاؿ بعض ا‪٤‬بشايخ‪ " :‬ىمن ٓب يكن لو شيخ فشيخو الشيطاف "‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كلقد رأيت ىمن ي ٌدعي اإلرشاد قطع الشيطاف عليو الطريق‪ ،‬كصار ًمن أكرب ككبلئو ُب‬
‫اإلضبلؿ كاإلفساد ُب معرض اإلرشاد‪ .‬فالصدؽ كاإلخبلص‪ ،‬كعدـ اإلعجاب بشيء من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪202‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفضائل احمل ٌققة الوجود‪ ،‬كاهتٌاـ النفس ابلسوء على الدكاـ كرؤية التقصّب‪ ،‬كعدـ اإلندراج ُب‬
‫التحرز عن اإلستعجاؿ ُب نىػ ٍيل الوصوؿ‪ ،‬كتوطْب‬
‫الظن ابهلل تعأب‪ ،‬ك ٌ‬
‫كح ٍسن ٌ‬
‫زمرة الكاملْب‪ ،‬ي‬
‫التحمل ُب اإلعتزاؿ عن العواـ كاألراذؿ‪ ،‬كعدـ استحقار من آمن ابهلل تعأب‬
‫النفس على ٌ‬
‫صر األمل‪ ،‬كمبلحظة ىجوـ األجل‪٩ ،‬بٌا يؤيٌس الشيطاف كيوقعو ُب ا‪٢‬برماف عن إيقاع‬ ‫ً‬
‫كرسولو‪ ،‬كق ى‬
‫عما يعوؽ للسالك ُب العركج إٔب ذركة العرفاف‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب‬
‫الضرر ُب منافع اإلٲباف‪ ،‬كيدفعو ٌ‬
‫ا‪٥‬بمة‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫علو ٌ‬‫ٌ‬
‫فهمت ذلك فاعلم أ ٌف ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بديٌة اإلبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة طريقة‬
‫ى‬ ‫قلت‪ :‬كإذا‬
‫يشكر ك‪٧‬ببٌة‪ ،‬الرايضة فيما تعليق القلوب اب‪٢‬ب ٌق سبحانو كإلزامها‪ ،‬كالعكوؼ على اببو كاللجأ إٔب‬
‫هللا تعأب ُب ا‪٢‬بركات كالسكنات‪ ،‬كالتباعد عن الغفبلت ا‪٤‬بتخللة بْب أكقات ا‪٢‬بضور‪ ،‬كعبادتو‬
‫تعأب عن إخبلص العبوديٌة كالرباءة من ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بظوظ مع اإلعَباؼ ابلعجز كالتقصّب كعدـ‬
‫توفيتو للربوبيٌة ح ٌقها‪ ،‬كسكوف ذلك ُب‬
‫‪٩‬بر الساعات كاألزماف‪ .‬فبينما الواحد منهم ُب مقاـ التوبة كاإلستغفار من الذنوب‬
‫القلب على ٌ‬
‫تشوؼ منو إليو‪،‬‬
‫إذ جاءه الفتح ا‪٤‬ببْب‪ ،‬فلذلك ال يكوف الفتح على كاحد منهم إال ىجوميٌا ال ٌ‬
‫رابنيٌا ال ينالو إالٌ ا‪٤‬بوقن العارؼ ا‪٢‬ببيب الذم ال يستدرج‬
‫كحيث كاف ىذا فبل يكوف إالٌ ٌ‬
‫فتزؿ‬
‫ابلكشوفات الكونيٌة كالكرامات العيانيٌة لئبل يركن إليو ظنٌان منو أنٌو قد حصل على طائل‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بضلًٌْب‬
‫قىدمو ُب مهاكم ا‪٥‬ببلؾ كىو غافل‪ ،‬كيضل فيضل كيهلك كما يقع لكثّب من الضالٌْب ً‬
‫ى ٌ ي ٌ‬ ‫ي‬
‫الذين سلكوا الطريق كاستعملوا ا‪٣‬بلوات ألغراض فاسدة من غّب‬
‫شيخ أصبل‪ ،‬أك بيد شيخ ك ٌذاب غّب كاصل مأذكف لو ُب اإلرشاد‪ ،‬كٓب يعلموا أ ٌف ا‪٤‬بقصود من‬
‫السر كليس ذلك إالٌ إبزاحة‬
‫الَببية ىو تصفية الذات كتطهّبىا من رعوانهتا حٌب تطيق ‪ٞ‬بل ٌ‬
‫الظبلـ منها‪ ،‬كقطٍ ًع عبلئق الباطل عن كجهتها‪ٍ ،‬بٌ قطٍع الباطل عنها‪ ،‬اترة يكوف بصفائها ُب‬
‫يطهرىا هللا تعأب ببل كاسطة‪ ،‬كىذه حالة القركف الثبلثة الفاضلة الذين ىم خّب‬
‫أصل خلقتها أبف ٌ‬
‫القركف‪ ،‬فق ٍد كاف الناس ُب تلك القركف متعلٌقْب اب‪٢‬ب ٌق ابحثْب عليو‪ ،‬إذا انموا انموا عليو كإذا‬
‫‪ٙ‬بركوا فيو حٌب إ ٌف من‬
‫‪ٙ‬بركوا ٌ‬
‫استيقظوا استيقظوا عليو‪ ،‬كإذا ٌ‬
‫فتح هللا بصّبتو كنظر إٔب بواطنهم كجد عقو‪٥‬بم‪ ،‬إالٌ النادر‪ ،‬متعلٌقة ابهلل تعأب كبرسولو‪،‬ابحثة عن‬
‫الوصوؿ إٔب مرضاهتما‪ ،‬فلهذا كثر فيهم ا‪٣‬بّب كسطع ُب ذكاهتم نور ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬كظهر فيهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪203‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من العلم كبلوغهم درجة اإلجتهادا ما ال يكيٌف كال يطاؽ‪ ،‬فكانت الَببية ُب ىذه القركف غّب‬
‫سره ككارث نوره فيكلٌمو ُب أذنو فيقع الفتح‬
‫‪٧‬بتاج إليها‪ ،‬كإ ٌ٭با يل ٌقن الشيخ مريده كصاحب ٌ‬
‫كتشوقها إٔب هنج الرشاد‪.‬‬
‫ٗبجرد ذلك لطهارة الذكات كصفاء العقوؿ‪ٌ ،‬‬‫للمريد ٌ‬
‫كيكوف قطع الظبلـ من الذكات بتسبٌ و‬
‫ب من الشيخ كذلك فيما بعد القركف الفاضلة حيث‬
‫فسدت النيٌات‪ ،‬ككسدت ا‪٥‬بوايت‪ ،‬كصارت العقوؿ متعلٌقة ابلدنيا ابحثة عن الوصوؿ إٔب نيل‬
‫الشهوات كاستيفاء اللذات‪ ،‬فكاف الشيخ صاحب البصّبة يل ٌقن مريده ككارثو‪ ،‬فيعرفو كينظر‬
‫إليو فيجد عقلو متعلٌق ابلباطل كنيل الشهوات‪ ،‬كٯبد ذاتو تتٌبع العقل ُب ذلك فتهلك مع‬
‫كتتحرؾ ا‪١‬بوارح ُب ذلك حركة غّب ‪٧‬بمودة من‬
‫ٌ‬ ‫البلٌىْب كتسهوا مع الساىنْب ك‪ٛ‬بيل مع ا‪٤‬ببطلْب‪،‬‬
‫حيث أ ٌف العقل الذم ىو مالكها مربوط ابلباطل ال اب‪٢‬ب ٌق‪ ،‬فإذا كج ىده ُب ىذه ا‪٢‬بالة ىأمره‬
‫اب‪٣‬بلوة كابلذكر‪ ،‬كبتقليل األكل‪ ،‬فبا‪٣‬بلوة ينقطع عن ا‪٤‬ببطلْب الذين يى ٍم ُب عداد ا‪٤‬بوتى‪،‬‬
‫كابلذكر يزكؿ كبلـ الباطل كاللهو كاللغو الذم كاف ُب لسانو‪ ،‬كبتقليل األكل يىًق ٌل البخار الذم‬
‫فتقل الشهوة فّبجع العقل إٔب التعلٌق ابهلل تعأب كبرسولو‪ ،‬فإذا بلغ ا‪٤‬بريد إٔب ىذه‬
‫ُب الدماغ ٌ‬
‫السر‪.‬‬
‫الطهارة كالصفاء أطاقت ذاتو ‪ٞ‬بل ٌ‬
‫فهذا ىو غرض الشيوخ من الَببية كإدخاؿ ا‪٣‬بلوة‪ٍ .‬بٌ بقى األمر على ىذا م ٌدة إٔب أف اختلط‬
‫ا‪٢‬ب ٌق ابلباطل‪ ،‬كالنور ابلظبلـ‪ ،‬فصار أىل الباطل يريدكف من أيتيهم إبدخاؿ ا‪٣‬بلوة كتلقْب‬
‫اال‪٠‬باء على نيٌة فاسدة كغرض ‪٨‬بالف للح ٌق‪ ،‬كقد يضيفوف إٔب ذلك عزائم كاستخدامات تيفضي‬
‫هبذا إٔب مكر من هللا‪ .‬أنظر اإلبريز للشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪.‬‬

‫كمضل كمهلك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قلت‪ :‬قد ظهر لنا أ ٌف قصد الكشوفات الكونيٌة كالكرامات العيانيٌة مذموـ‬
‫إف ى‬
‫يضل هبا‬
‫كأ ٌف طريقة شيخكم طريقة شكر فلذلك ىم ٌن هللا تعأب ٕبفظهم من األابطيل الٍب ٌ‬
‫كتبْب لنا أيضا الفرؽ بْب طريقة الشكر الٍب ىي‬
‫الشيطاف‪ ،‬كلكن نريد أف تزيدان بياان ُب ذلك‪ٌ ،‬‬
‫طريقتكم كطريقة اجملاىدة‪ ،‬حٌب أ ٌف األكٔب مدارىا كلٌها على الشكر كالفرح اب‪٤‬بنعم ًمن غّب مش ٌقة‬
‫كال كلفة كاألخرل مدارىا على الرايضة كالتعب كا‪٤‬بش ٌقة كالسهر كا‪١‬بوع كغّبٮبا‪ ،‬كأيٌهما ٍأكٔب؟‬
‫كىل يٮبىا متوافقاف على الرايضة؟ كإ ٌ٭با أيمركم شيخكم ابلشكر‬
‫أمر ابلشكر كالفرح ابهلل تعأب من أكؿ كىلة كحْب البداية؟‬
‫بعد القرب للوصوؿ أك عنده‪ ،‬أك ىو ه‬
‫كىل الطريقاف ٲبكن سلوكهما لرجل كاحد أك ال ٲبكن أف ينتفع إبحداٮبا إالٌ ابإلعراض عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪204‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األخرل؟‬
‫أقوؿ‪ :‬كا‪١‬بواب‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬ن ىقلو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز عن‬
‫الشيخ القطب عبد العزيز بن مسعود الدابغ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫أ ٌف طريقة الشكر ىي األصلية‪ ،‬كىي الٍب كانت عليها قلوب األنبياء كاألصفياء من الصحابة‬
‫كغّبىم‪ ،‬كىي عبادتو تعأب على إخبلص العبودية كالرباءة من ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بضوض‪ ،‬مع اإلعَباؼ‬
‫‪٩‬بر الساعات‬
‫ابلعجز كالتقصّب كعدـ توفية الربوبيٌة ح ٌقها‪ ،‬كسكوف ذلك ُب القلب على ٌ‬
‫فلما ىعلًم منهم تبارؾ كتعأب الصدؽ أاثهبم ٗبا يقضيو كرمو من الفتح ُب معرفتو كنيل‬
‫كاألزماف‪ٌ .‬‬
‫فلما ‪٠‬بع أىل الرايضة ما حصل ‪٥‬بؤالء ًمن الفتح ُب معرفتو كنيل‬
‫كجل‪ٌ ،‬‬
‫عز ٌ‬ ‫أسرار اإلٲباف بو ٌ‬
‫كجل جعلوا ذلك ىو مطلوهبم كمرغوهبم‪ ،‬فجعلوا يطلبونو‬ ‫عز ٌ‬ ‫أسرار اإلٲباف بو ٌ‬
‫ابلصياـ كالقياـ كالسهر كدكاـ ا‪٣‬بلوة حٌب حصلوا على ما حصلوا‪ .‬فا‪٥‬بجرة بطريقة الشكر‬
‫كانت من أكؿ األمر إٔب هللا كإٔب رسولو ال إٔب الفتح كللمكشوفات‪ ،‬كا‪٥‬بجرة ُب طريقة الرايضة‬
‫األكٔب سّب القلوب كُب الثانية سّب األبداف‪ .‬كالفتح ُب‬
‫كانت للفتح كنيل ا‪٤‬براتب‪ ،‬كالسّب ُب ٌ‬
‫شوؼ إليو‪ ،‬فبينما العبد ُب مقاـ طلب التوبة كاإلستغفار من‬
‫األكٔب ىجومي ٓب ٰبصل من العبد ت ٌ‬
‫الذنوب إذ جاءه الفتح ا‪٤‬ببْب‪.‬‬
‫كالطريقتاف على الصواب‪ ،‬لكن طريقة الشكر أصوب كأخلص‪ ،‬كالطريقتاف متٌفقتاف على‬
‫الرايضة لكنٌها ُب األكٔب رايضة القلوب بتعلٌقها اب‪٢‬ب ٌق سبحانو كإلٍزامها العكوؼ على اببو‪،‬‬
‫كاللجأ إٔب هللا تعأب ُب ا‪٢‬بركات كالسكنات كالتباعد عن الغفبلت ا‪٤‬بتخللة بْب أكقات ا‪٢‬بضور‪،‬‬
‫كجل كالدكاـ على ذلك كإف كاف الظاىر غّب‬
‫عز ٌ‬‫كاب‪١‬بملة الرايضة فيها تعلٌق القلب ابهلل تعأب ٌ‬
‫متلبٌس بكبّب عبادة كلذا كاف صاحبها يصوـ كيفطر‪ ،‬كيقوـ كيناـ‪ ،‬كيقارب النساء‪ ،‬كأيٌب بسائر‬
‫كظائف الشرع الٍب تضاد رايضة األبداف‪.‬‬
‫مرة أخرل‪ ،‬بعد قولو‪ :‬كا‪٥‬بجرة ُب طريقة الرايضة كانت للفتح كنيل ا‪٤‬براتب‪ٍ ،‬ب بعد الفتح‬
‫كقاؿ ٌ‬
‫منهم من يبقى على نيٌتو األكٔب فينقطع قلبو مع األمور الٍب يشاىدىا ُب العوآب‪ ،‬كيفرح ٗبا يرل‬
‫كطي ا‪٣‬بطوة‪ ،‬كيرل أ ٌف ذلك ىو الغاية‪ ،‬كىذا من الذين خلت‬ ‫من الكشف كا‪٤‬بشي على ا‪٤‬باء ٌ‬
‫ض َّل ىس ٍعييػ يه ٍم ًُب ا ٍ‪٢‬بىيىاةً ُّ‬
‫الدنٍػيىا ىك يى ٍم‬ ‫ين ى‬ ‫َّ ً‬
‫كجل ُب بداية األمور كهنايتها‪ ،‬فهو الذ ى‬
‫عز ٌ‬‫قلوهبم من هللا ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪205‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ً‬
‫سبيو ىف أىنَّػ يه ٍم يٍٰبسنيو ىف ي‬
‫ص ٍنػ نعا (‪ ،)1‬كمنهم من تتب ٌدؿ نيٌتو بعد الفتح‪ ،‬كير‪ٞ‬بو هللا تعأب كأيخذ‬ ‫ىٍٰب ى‬
‫بيده‪ ،‬فيتعلٌق قلبو‬

‫اب‪٢‬ب ٌق سبحانو كيعرض عن غّبه‪ ،‬كىذه ا‪٢‬بالة الٍب حصلت ‪٥‬بذا بعد الفتح ىي كانت البداية ُب‬
‫طريق الشكر فيما بعد ما بْب الطريقتْب‪ ،‬كتباين ما بْب ا‪٤‬بطلبْب‪ ،‬كاب‪١‬بملة فالسّب ُب األكٔب سّب‬
‫القلوب كُب الثانية سّب األبداف‪ ،‬كالنيٌة ُب األكٔب خالصة كُب الثانية مشوبة‪ ،‬كالفتح ُب األكٔب‬
‫يل ٕبيلة كسبب‪ ،‬فانقسم إٔب الوجهْب‬ ‫ً‬
‫رابنيٌا كُب الثانية ن ى‬
‫تشوؼ من العبد إليو فكاف ٌ‬
‫ىجومي ال ٌ‬
‫ٌ‬
‫السابقْب‪.‬‬
‫كالفتح ُب األكٔب ال ينالو إالٌ ا‪٤‬بؤمن العارؼ ا‪٢‬ببيب القريب‪ٖ ،‬ببلؼ الفتح ُب الثانية فإنٌك قد‬
‫توصلوا هبا إٔب شيء من اإلستدراجات‪ ،‬كأما ا‪١‬بمع‬
‫‪٠‬بعت أف للرىباف كأحبار اليهود رايضات ٌ‬
‫كجل ُب سائر حركاتو كسكناتو‪ ،‬كيقيم ظاىره ُب‬
‫عز ٌ‬‫بينهما فيمكن للشخص أف يعلٌق قلبو ابهلل ٌ‬
‫اجملاىدات كالرايضات‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كإٔب ‪ٝ‬بيع ما تق ٌدـ يشّب كبلـ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪،‬‬
‫حيث قاؿ‪:‬‬
‫احملرمات ا‪٤‬بالية شرعا أكبل كلباسا كمسكنا‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كاألمر‬
‫كاألمر الثا٘ب ‪٩‬بٌا أصيك بو‪ ،‬ترؾ ٌ‬
‫الذم ال ب ٌد منو بعد ىذا‪ ،‬كىو بداية ‪ٝ‬بيع األمور كهنايتها‪ ،‬تعلٌق القلب ابهلل تعأب كاإل‪٫‬بياز إليو‬
‫بكل كجو‬ ‫ً‬
‫كترؾ ما سواه عموما كخصوصا‪ ،‬فإ ٍف قدر العبد على ار‪ٙ‬باؿ القلب إٔب هللا تعأب ٌ‬
‫حسا فهو الغاية‪ .‬اىػ‪ .‬ككما قاؿ أيضا‪:‬‬ ‫كل حاؿ ٕبركة القلب ٌ‬ ‫كعلى ٌ‬
‫األكؿ‪ :‬ىو‬
‫كيظل كيبيت ليس لو مراد إالٌ شيئاف‪ٌ ،‬‬
‫كالواجب ُب ح ٌق السالك أف ٲبسي كيصبح‪ٌ ،‬‬
‫كجل‪ ،‬إختيارا عن ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات‪ ،‬كاستغناء بو عنها‪ ،‬كأنىػ ىفةن من ‪٢‬بظها‪ ،‬كغّبة أف ٱبتار‬
‫عز ٌ‬‫هللا ٌ‬
‫كأكؿ مراده كآخره‪ ،‬كمفتتحو كختمو‪،‬‬
‫كجل ىو مبدأ مراده كمنتهاه‪ٌ ،‬‬
‫عز ٌ‬‫سواه‪ ،‬كليكن هللا ٌ‬
‫كمستغرقا لقصر مراده عليو فيما بْب ذلك كلٌو حٌب ال تبقى حملة يريد فيها غّبه أل ٌف إرادة الغّب‬
‫كجل خالصا رقية غّبه‪،‬‬
‫عز ٌ‬‫ٌإما طمع أك عبث‪ ،‬كالثا٘ب‪ :‬من مرادات السالك أف يكوف كلٌو هلل ٌ‬
‫حٌب ال‬
‫سرا كركحا كعقبل كنفسا كقلبا كقالبا ٌ‬
‫كامل التعلٌق بو ٌ‬
‫كجل‪ ،‬منسلخا عن ‪ٝ‬بيع‬
‫عز ٌ‬‫ذرة ‪٨‬بتلفة عن هللا تعأب‪ ،‬كيكوف كاقفا مع مراده ٌ‬
‫يكوف منو ٌ‬
‫اإلردات كاإلختيارات كالتدبّبات كا‪٢‬بظوظ كالشهوات كاألغراض‪ ،‬كاقفا ُب ذلك كلٌو مع هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪206‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كجل من أجلو‪،‬‬
‫عز ٌ‬ ‫سبحانو ال شيء منو لنفسو كال بنفسو كال مع نفسو‪ ،‬كلكن ذلك عبودية هلل ٌ‬
‫كجل أف يكوف‬ ‫ً‬
‫عز ٌ‬ ‫كإرادتو لوجهو‪ ،‬كآداء ‪٢‬بى ٌق ربوبيٌتو ال ليعود عليو منو شيء‪ ،‬كال ٱبَب على هللا ٌ‬
‫لو مراده بل لتخلص ربوبيٌتو ربٌو ال قنوطا من خّبه لئبلٌ يكفر‪ ،‬كٰبسن ظنٌو بو لًما ىو عليو من‬
‫كماؿ الصفات احملمودة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كإٔب معُب ‪ٝ‬بيع ما تق ٌدـ يشّب بعض كبلـ أمبله سيٌد الوجود‪ ،‬كعلم الشهود‪ ،‬سيٌدان كموالان‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم على كاحد من أصحاب الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬يقظةن ال منامان‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ليأٌب بو إٔب الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬حيث قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬قل لو‪ ،‬يعِب‬
‫٘برد العبادة ينقسم إٔب أربعة أقساـ‪ ،‬العبادة األكٔب‪ :‬ىنا ىي‬
‫الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬ىنا ٌ‬
‫التجريد كاإلنقطاع إٔب هللا تعأب ابألعماؿ الكاملة كاإلخبلص التاـ‪ ،‬كيكوف ىذا اإلنقطاع من‬
‫غّب قصد‪ ،‬كيكوف مراده هبذا اإلنقطاع أف‬

‫ٲبجد هللا كيعظٌمو كيسبٌحو كيق ٌدسو كٰبمد هللا تعأب على ا‪٢‬بالة الٍب ىو عليها‪ ،‬كال يقصد ُب‬
‫ٌ‬
‫عبادتو شيئا‪ ،‬كال ينظر فيها إٔب شيء‪ ،‬فتصعد أفعالو إٔب هللا تعأب كتدخل على الباب ا‪٤‬بفتوح‬
‫ين آ ىىمنيوا‬ ‫َّ ً‬
‫بتحوؿ على ما ذكرانه أكال كال يكوف كقوؼ إال التجلي لقولو تعأب‪ :‬ىكالذ ى‬ ‫كتشتغل ٌ‬
‫ات (‪ ،)2‬كأىل العمل الصاّب ىم الذين ٓب يقصدكا ُب أعما‪٥‬بم شيئا من مصلحة‬ ‫ك ىع ًمليوا َّ ً‬
‫ا‪٢‬ب ً‬
‫الص ى‬ ‫ى‬
‫كال منفعة‪ ،‬كال يسأؿ ُب عبادتو إالٌ اإلعانة كالعافية الكاملة‪ ،‬يسأ‪٥‬با آلخرتو‪.‬‬
‫قل لو خيار السؤاؿ‪ ،‬إذا سأؿ أحدكم‪ ،‬فليسألو ُب العفو كالعافية‪ ،‬كإذا كاف قصده ُب ٘بريده‬
‫سر‪ ،‬تطلع أعمالو حٌب ترد على الباب ا‪٤‬بغلق‬
‫كانقطاعو كصوال إٔب مقاـ أك طلب علم أك ٌ‬
‫يَ ٍ‪٥‬بً ىم‬
‫فتجلس تعاينو ينفتح ساعة ترجو صاحبها يرجع كيقوؿ عبادٌب هلل ألطلب حاجة‪ ،‬فإذا أ ي‬
‫كقاؿ ىذا رجعت كدخلت عل الباب ا‪٤‬بفتوح‪ ،‬كإف ٓب يقل ما ذكر رجعت تلك األعماؿ منقطعة‬
‫كانقطاع الريح ُب ا‪٥‬بواء‪ ،‬فتجوؿ حٌب تسكن ٗبعُب تنقلب عليو خسراان‪.‬‬
‫كل ىذه ا‪٤‬بعا٘ب ُب القرآف العظيم‪ ،‬كقل لو‪:‬‬
‫إٔب أف قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬قل ‪٢‬ببييب التجا٘ب ٌ‬
‫ىذا الكتاب يدلٌك على ما أمرتك بو‪ ،‬قلت لك‪ :‬ال تقصد شيئا‪ ،‬كال ٘بتهد ُب حرص على‬
‫عز‬
‫شيء‪ .‬اجتهد ُب العبادة ك‪٨‬بالفة النفس‪ ،‬فا‪٢‬برص كاإلجتهاد ال يكوف إالٌ ُب العبادة هلل ٌ‬
‫كجل‪ ،‬ك‪٨‬بالفة النفس‪ ،‬كا‪٢‬برص فيما يقصده اإلنساف ُب العبادة ىو أتخّب الفتح‪ .‬قل لو‪ :‬ىو‬‫ٌ‬
‫أتخّب الفتح‪ ،‬قل لو‪ :‬ىو أتخّب الفتح‪ ،‬قل لو‪ :‬ىو تعويق الفتح إٔب ثبلث مرات‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪207‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫‪.1‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.114‬‬
‫‪.2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.82‬‬

‫الفصل ا‪٢‬بادم كالعشركف‬

‫كالتشوؼ إٔب حصو‪٥‬با‪ ،‬كإعبلمهم أب ٌف ا‪٤‬بريد‬


‫ٌ‬ ‫ُب ‪ٙ‬بذيرىم عن اإلشتغاؿ ابلوقائع كالركوف إليها‬
‫أبقل مرتبة ‪٩‬بٌن رأل كيرل‪ ،‬بل أفضل‪.‬‬
‫الذم ٓب ير شيئا كال يرل ُب كاقعو ليس ٌ‬
‫فأقوؿ‪ ،‬كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف ىذا الفصل كالفرع من‬
‫ا‪١‬بهاؿ كالقاصرين من الطلبة‪.‬‬
‫الذم قبلو‪ ،‬كإ ٌ٭با غرضنا ُب اإلتياف بو دفع ىك ٍىم ٌ‬
‫فالتنصيص على عدـ أفضلية من رأل أك يرل ‪٩‬بٌن ٓب ير كال يرل‪ ،‬كإعبلمهم أ ٌف من ٓب ير كال يرل‬
‫أفضل لسبلمتو من مفسدة الدعوة الٍب ٲبوت صاحبها‪ ،‬إف ٓب يتب‪ ،‬كافرا‪ ،‬كمن الركوف إٔب ما‬
‫رأل‪ ،‬كمن الوقوؼ عنده القاطع بو ُب ‪ٙ‬بصيل ا‪٤‬بقصود ابلذات‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ الشيخ أبو القاسم القشّبم ُب رسالتو‪:‬‬
‫كإذا لزـ مريد استدامة الذكر ٍ‬
‫كاؿ ٍَتزاـ ا‪٣‬بلوة‪ ،‬فإ ٍف ىك ىج ىد ُب خلوتو ما ٓب ٯب ٍد قلبو‪ٌ ،‬إما ُب النوـ‬
‫كإما ُب اليقظة‪ ،‬أك بْب اليقظة كالنوـ‪ً ،‬من خطاب ييسمع أك معُب ييشاىد ٗبا يكوف نقصا للعادة‬ ‫ٌ‬
‫فينبغي أف ال يشتغل بذلك البتٌة‪ ،‬كال‬
‫يس يكن إليو‪ ،‬كال ينبغي أف ينتظر حصوؿ أمثاؿ ذلك فإ ٌف ىذه كلٌها شواغل عن ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪،‬‬
‫حٌب يصّب قلبو فارغا عن ذلك‪ ،‬كٯبب على‬ ‫صً‬ ‫ً‬
‫ف ذلك لشيخو ٌ‬ ‫كال ب ٌد ُب ىذه األحواؿ م ٍن ىك ٍ‬
‫ص ًغٌ ٍر ذلك ُب عينيو فإ ٌف ذلك كلٌو‬‫أمره‪ ،‬كليي ى‬‫سره‪ ،‬كيكتم على غّبه ى‬ ‫شيخو أف ٰبفظ عليو ٌ‬
‫ٍيجعل ٮبٌتو فوؽ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مكر‪ ،‬فليحذر ا‪٤‬بريد م ٍن ذلك كم ٍن مبلحظتها‪ ،‬كل ٍ‬ ‫اختبارات كا‪٤‬بساكنة إليها ه‬
‫ذلك‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ زين العابدين ا‪٣‬بواُب ُب الوصااي القدسيٌة‪:‬‬
‫كالضر الذم ٰبصل للسالك ُب إظهار كاقعة لغّب شيخو أكثر ًم ٍن أف يٰبصى‪ .‬ىمن ٓب ييع ًٌود النفس‬ ‫ٌ‬
‫أداه إٔب الوقوؼ‬
‫على كتماف الواقعات ال يقدر على كتماف الكرامات‪ .‬فإذا تص ٌدل لئلظهار ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪208‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاالستقصار‪ ،‬كعدـ البلوغ إٔب ذركة معارؼ االكلياء الكبار‪.‬قاؿ بعضهم‪ :‬صدكر األحرار قبور‬
‫األسرار‪.‬‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كاح هد من الصوفيٌة ُب كاقعتو أك منامو كسأؿ عن‬
‫كلقد رأل ى‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫التصوؼ بعد أف كاف عنده أنواع من التعريفات الٍب قالتها الصوفيٌة‪ ،‬فقاؿ ي‬
‫ٌ‬
‫التصوؼ ٍترؾ الدعاكم ككتماف ا‪٤‬بعا٘ب "‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عليو كسلٌم‪" :‬‬

‫كأم شيخ ييظ ًهر ُب كاقعات مريديو ‪٩‬بٌا ال يتعلٌق ابلتأديب كالَببية فهو و‬
‫ساع ُب حجاب مريده‬ ‫ٌ‬
‫ترىب هبا‬
‫كاألكٔب ٕباؿ ا‪٤‬بريد نفي ما رآه ُب كاقعتو فإ ٌف الواقعات أكثرىا خياالت ٌ‬ ‫ابالعجاب‪ٍ ،‬‬
‫قل مرتبة ‪٩‬بٌن رأل كيرل‪ ،‬بل أفضل‪،‬‬ ‫ً‬
‫أطفاؿ الطريقة‪ ،‬كليس من ٓب ير شيئا كال يرل ُب كاقعتو أب ٌ‬
‫القوم الكامل فهو ال يلتفت إليها‪ ،‬فإنٌو يعلم أ ٌف‬
‫ٌ‬ ‫كأما‬
‫فإ ٌف ضعفاء اليقْب إذا رأكا يقول يقينهم‪ٌ ،‬‬
‫ْب رسوليو ُب أحاديثو‪ ،‬فهي كما كصف من ا‪١‬بنٌة‬ ‫ْب هللا سبحانو كبىػ َّ ى‬
‫الدار اآلخرة على ما بىػ َّ ى‬
‫كم ىن ا‪٢‬بساب و‬
‫لبعض‬ ‫كنعيمها‪ ،‬كالنار كجحيمها‪ً ،‬‬
‫لبعض‪ ،‬ككزف األعماؿ كسائر األحواؿ كاألىواؿ‪ ،‬فلو ٓب تنكشف تلك األمور فسَبل‬ ‫كعدمو و‬
‫فيضمحل ذلك بنور‬
‫ٌ‬ ‫يوـ البعث كالنشور‪ ،‬كلو انكشف خبلؼ ما كصل بتسويل الشيطاف‬
‫كأم ضرر ُب عدـ كشفها ‪٤‬بن أراد العركج إٔب معارج العرفاف‪،‬‬
‫فأم فائدة ُب كشفها‪ٌ ،‬‬
‫اإلٲباف‪ٌ ،‬‬
‫كالوصوؿ إٔب مشاىدة ‪ٝ‬باؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنٌاف؟‬
‫سر السالك اب‪٢‬بوادث كالعوارض كمٌب‬ ‫كأما أمور ىذه الدار‪ ،‬فك ٍشف أحواؿ الناس ‪٩‬بٌا يشغل ٌ‬‫ٌ‬
‫فأٗب يستع ٌد لظهور نور القد‪ٙ‬ب كما جعل هللا لرجل من قلبْب ُب‬
‫كاف ملتفت ا‪٣‬باطر إٔب ا‪٢‬بادث ٌ‬
‫جوفو‪.‬‬
‫أم فىػ ٍر وؽ ٍبْب أف تعرؼ أحواؿ الناس إبخبارىم ٌإايؾ ٍ‬
‫كبْب أف‬ ‫سره‪ٌ " :‬‬
‫كاف يقوؿ الشيخ ق ٌدس هللا ٌ‬
‫فأم شيء ينفعك‬
‫تعرؼ بكشفك؟ حادث عرؼ حاؿ حادث؟ ماذا حصل لك ُب سلوكك؟ ٌ‬
‫ىذا ُب طريق معرفة ا‪٢‬ب ٌق سبحانو؟ كيقولوف فبلان رآل العرش‪ ،‬كرآل جسما أعظم األجساـ‬
‫سره كجازاه ابلشفقة علينا خّب ا‪١‬بزاء‬
‫كأعبلىا كأصفاىا‪ ،‬حادث رأل حاداث "‪ .‬فكاف ق ٌدس ٌ‬
‫من ٍاإللتفات إٔب ا‪٤‬بكاشفات الكونيٌة كالكرامات العيانيٌة‪ ،‬ككنٌا إذا حصل‬
‫ين ٌفران غاية التنفّب ى‬
‫لواحد ًمنٌا شيء ًم ىن ا‪٣‬بوارؽ يبكي خوفا ًم ىن ٍاإللتفات ا‪٤‬بكموف ا‪٤‬بدفوف ُب النفس من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪209‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سلًٌينىا كيقوؿ‪ " :‬ما تبالوف إذا ٓب تكونوا ملتفتْب ال‬
‫سره يي ى‬
‫غّب اطٌبلع القلب عليو‪ .‬فكاف ق ٌدس ٌ‬
‫ب الذاكر ا‪٤‬بشتاؽ ال يلتفت إالٌ إٔب‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يضركم "‪ .‬كا‪٤‬بقصود م ٍن ىذا التطويل أ ٌف السالك ا‪٤‬بيح ٌ‬
‫ٌ‬
‫اإلخبلص ًمن عوآب التقييد إٔب عوآب اإلطبلؽ ليستع ٌد ‪٢‬بزب الكر‪ٙ‬ب ا‪٣‬ببلٌؽ‪.‬‬

‫عما يذكره سقراط كبقراط كأفبلطوف‬ ‫كسأؿ صاحب اإلبريز شيخو رضي هللا تعأب عنهما ٌ‬
‫كسّبىا‪،‬‬ ‫ً‬
‫العلوم مثٍل كبلمهم ُب النجوـ ٍ‬
‫ٌ‬ ‫كجالينوس كغّبىم من ا‪٢‬بكماء كفبلسفة الكفر ُب العآب‬
‫األكؿ‪ ،‬كعطارد ُب الثا٘ب‪،‬‬
‫كمواضع أفبلكها‪ ،‬كقو‪٥‬بم أ ٌف القمر ُب الفلك ٌ‬
‫كا‪٤‬بريخ ُب ا‪٣‬بامس‪ ،‬كا‪٤‬بشَبم ُب السادس‪ ،‬كزحل ُب‬‫كالزىرة ُب الثالث‪ ،‬كالشمس ُب الرابع‪ٌ ،‬‬
‫السابع‪ ،‬إٔب غّب ذلك ‪٩‬بٌا ٰبكموف بو ُب القراانت كأمور تعديل الفلك‪ ،‬من أين ‪٥‬بم بذلك مع أنٌو‬
‫درؾ اب‪٢‬بواس كال أبدلٌة النظر‪ ،‬ىك يى ٍم ال يستندكف ُب ذلك إٔب كحي من‬
‫غيب ‪٧‬بض إذ ليس ‪٩‬بٌا يي ى‬
‫هللا تعأب لبعض أنبيائو؟ كما يٰبكى ُب ذلك عن سيٌدان إدريس على نبيٌنا كعليو الصبلة كالسبلـ‬
‫ت مسافتها‪ ،‬كالتواتر ُب طريقها‬ ‫ال يىًفي بتفاصيل ما ذكركه مع أ ٌف النسبة إٔب سيٌدان إدريس بىػعي ىد ٍ‬
‫ف ابلضركرة‪ ،‬كخرب اآلحاد فيها ال يٯبدم شيئا‬ ‫م ٍنػتى و‬
‫ي‬
‫كى ٍم أىل كفر‪ ،‬كخرب الواحد ال ييقبل إالٌ ًم ىن العدؿ‪ ،‬كإ ٍف كاف‬ ‫ً‬
‫إذ ىذا ا‪٣‬برب إ ٍف كاف م ىن الفبلسفة ي‬
‫ًمن غّبىم فهذا الغّب ال ييعلم كفره كال إٲبانو‪.‬‬
‫فقاؿ لو شيخو هنع هللا يضر‪ :‬إ ٌف هللا تعأب ىخلى ىق ا‪٢‬ب ٌق كالنور كخلق لو أىبل‪ ،‬كخلق الظبلـ كالباطل كخلق‬
‫لو أىبل‪ ،‬فأىل الظبلـ يفتح ‪٥‬بم ُب الظبلـ كمعرفتو ك‪ٝ‬بيع ما يتعلٌق بو‪ ،‬كأىل ا‪٢‬ب ٌق يفتح ‪٥‬بم ُب‬
‫ا‪٢‬ب ٌق كمعرفتو ك‪ٝ‬بيع ما يتعلٌق بو‪.‬‬

‫كا‪٢‬ب ٌق ىو اإلٲباف ابهلل تعأب‪ ،‬كاالقرار بربوبيٌتو‪ ،‬كالتصديق أبنٌو ٱبلق ما يشاء كٱبتار‪ ،‬مع اإلٲباف‬
‫كل قاطع عن هللا‬
‫ابألنبياء كا‪٤‬ببلئكة ك‪ٝ‬بيع ما يتعلٌق برضاه سبحانو كتعأب‪ .‬كالظبلـ ىو الكفر ك ٌ‬
‫سبحانو كتعأب‪ ،‬كمنو الدنيا كاألمور الفانيٌة كا‪٢‬بوادث الٍب تكوف فيها‪ ،‬كفاؾ دليبل على ذلك‬
‫لى ٍع ين النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ‪٥‬با حيث يقوؿ‪" :‬الدنيا ملعونة ملعوف ما فيها إالٌ ذكر هللا كما‬
‫كااله"‪.‬‬
‫كأ ٌف ا‪٢‬ب ٌق نور من أنوار هللا تعأب تيس ىقى بو ذكات أىل ا‪٢‬ب ٌق فتتشعشع أنوار ا‪٤‬بعارؼ ُب ذاهتم‪،‬‬
‫كتصم‬
‫ٌ‬ ‫فتس ىو ُّد عقو‪٥‬بم كتعمى أبصارىم عن ا‪٢‬ب ٌق‪،‬‬
‫كأ ٌف الباطل ظبلـ تيس ىقى بو ذكات أىل الباطل ٍ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪210‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫طي‬
‫آذاهنم عن ‪٠‬باعو‪ ،‬بل ال يقع ُب عقو‪٥‬بم كال ٱبطر ببا‪٥‬بم‪ ،‬كإ ٌ٭با ا‪٢‬ب ٌق عندىم ٗبنزلة شيء ُب ٌ‬
‫ط‪.‬‬
‫العدـ ٓب يسمع بو قى ٌ‬
‫طي العدـ على الصفة السابقة‪،‬‬
‫فغفلتهم عن ا‪٢‬ب ٌق كغفلة ذم العقوؿ عن مثل ىذا الذم ىو ُب ٌ‬
‫كلذلك ييفتىح على أىل الباطل ُب مشاىدة ىذا العآب‪٠ ،‬بائو كأرضو‪ ،‬كال يشاىدكف فيو إالٌ األمور‬
‫الفانيٌة ا‪٤‬بتعلٌقة ابألجراـ ا‪٢‬بادثة كىيآهتا مثل ما يذكركنو ُب أحكاـ النجوـ‪ ،‬مثل النجم الفبل٘ب‬
‫موضعيو ُب الفلك كذا‪ ،‬كإنٌو إذا قارنو ‪٪‬بم كذا كاف كذا ككذا‪.‬‬
‫قرب النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كالنور ا‪٤‬بستم ٌد منو إٔب قبٌة الربزخ‪ ،‬كذكات األكلياء العارفْب‬
‫كأما ٍ‬
‫ٌ‬
‫ابهلل تعأب‪ ،‬كأركاح ا‪٤‬بؤمنْب الكائنة أبفنيٌة القبور‪ ،‬كا‪٢‬بىىفظىة كالكراـ الكاتبْب كا‪٤‬ببلئكة الذين‬
‫يتعاقبوف فينا‪ ،‬كغّب ذلك ًم ٍن أسرار ا‪٢‬ب ٌق ا‪٤‬بوصلة إٔب هللا تعأب الٍب كضعها ُب أرضو‪ ،‬فبل ييفتىح‬
‫‪٥‬بم ُب معرفتها‪ ،‬كال يقع ُب عقو‪٥‬بم أبدا‪ ،‬أل ٌف هللا تعأب ساقهم ابلظبلـ‪ ،‬كقطى ىعهم عن معرفتو‬
‫ابلكليٌة‪.‬‬

‫ككذلك ال يشاىد أىل الظبلـ شيئا ًم ٍن أسرار ا‪٢‬ب ٌق سبحانو الٍب ى‬


‫كض ىعها ُب ‪٠‬بائو‪ ،‬كال يشاىدكف‬
‫شيئا ًم ىن ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كال يستمعوف تسابيحهم‪ ،‬كال يشاىدكف ا‪١‬بنٌة كالقلم‪ ،‬كال اللوح ك أنوار‬
‫ا‪٢‬بركؼ ا‪٣‬بارجة من القلم‪ ،‬ككذلك ال يعرفوف ا‪٢‬ب ٌق سبحانو الذم ىو خالقهم‪ .‬كاب‪١‬بملة فقد‬
‫يضرىم‬
‫كل ما يوصل إليو‪ ،‬كفىػتى ىح عليهم ُب غّب ذلك ‪٩‬بٌا ٌ‬
‫حجبهم ا‪٢‬ب ٌق سبحانو عن نفسو كعن ٌ‬
‫كال ينفعهم‪.‬‬
‫فتح ُب ٌأكؿ األمر كُب اث٘ب األمر ٔبميع ما سبق ف ٍت يحو ألىل الظبلـ ُب ىذا‬
‫كأما أىل ا‪٢‬ب ٌق فلى يه ٍم ه‬
‫ٌ‬
‫فيهن‪ ،‬كالسموات السبع‬
‫العآب‪٠ ،‬بائو كأرضو‪ ،‬فيشاىد صاحب ىذا الفتح األرضْب السبع كما ٌ‬
‫فيهن‪ ،‬كيشاىد أفعاؿ العباد ُب دكرىم كقصورىم‪ ،‬ال يرل ذلك ببصره كإ ٌ٭با يراه ببصّبتو الٍب‬
‫كما ٌ‬
‫بكل ما يقع ُب شهر كذا كسنة‬
‫ال ٰبجبها سَب كال ير ٌدىا جدار‪ ،‬ككذلك يشاىد األمور ا‪٤‬بستقبىلة ٌ‬
‫كذا‪ ،‬كأىل الظبلـ ُب ىذا الفتح على ح ٌد السواء‪ ،‬كلذا ييقاؿ‪ " :‬الكشف أضعف درجات‬
‫أم ألنٌو يوجد عند أىل ا‪٢‬ب ٌق كيوجد عند أىل الباطل‪،‬‬ ‫الوالية "‪ٌ ،‬‬
‫حٌب ال يقطع مقامو ك يتجاكزه‪.‬‬ ‫ً‬
‫كصاحبو ال أيمن على نفسو م ىن القطيعة كاللحوؽ أبىل الظبلـ ٌ‬
‫فتح عليو ُب مشاىدة أسرار ا‪٢‬ب ٌق الٍب حجب عنها أىل‬ ‫كأما الفتح ُب اث٘ب األمر فهو أف يي ى‬
‫ٌ‬
‫الظبلـ‪ ،‬فيشاىد األكلياء العارفْب ابهلل تعأب كيتكلٌم معهم‪ ،‬كيناجيهم‪ ،‬على بيػ ٍع ًد ا‪٤‬بسافة‪ ،‬مناجاة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪211‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪١‬بليس ‪١‬بليسو‪ ،‬ككذا يشاىد أركاح ا‪٤‬بؤمنْب فوؽ القبور‪ ،‬كالكراـ الكاتبْب كا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كالربزخ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كعمود النور ا‪٤‬بمت ٌد منو إٔب قبٌة‬
‫كأركاح ا‪٤‬بوتى الٍب فيو‪ ،‬كيشاىد قرب ٌ‬
‫الربزخ‪.‬‬

‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب اليقظة حصل لو اإلٲباف من‬


‫فإذا حصلت ‪٥‬بم مشاىدة ذات ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫تبلعب الشيطاف بو الجتماعو مع ر‪ٞ‬بة هللا تعأب كىو سيٌدان كنبيٌنا ٌ‬
‫سبب إٔب معرفتو اب‪٢‬ب ٌق سبحانو كمشاىدة ذاتو األزليٌة‬
‫كسلٌم‪ٍ .‬بٌ اجتماعو مع الذات الشريفة ه‬
‫الوٕب بربكة الذات‬
‫ألنٌو ٯبد الذات الشريفة غائبة ُب ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬ىائمة ُب مشاىدتو سبحانو‪ ،‬فبل يزاؿ ٌ‬
‫الشريفة يتعلٌق اب‪٢‬ب ٌق سبحانو كيرتقي ُب معرفتو شيئا فشيئا إٔب أف تقع لو ا‪٤‬بشاىدة كأسرار‬
‫ا‪٤‬بعرفة كأنوار احملبٌة‪ ،‬فهذا الفتح الثا٘ب ىو الفاصل بْب أىل‬
‫األكؿ فإنٌو كما يقع ‪٥‬بم يقع ألىل الظبلـ‪ ،‬فيقع ‪٥‬بم الفتح ُب‬
‫كأما الفتح ٌ‬
‫ا‪٢‬ب ٌق كأىل الباطل‪ٌ ،‬‬
‫التصرؼ فيها‪ ،‬فَبل ا‪٤‬ببطل ٲبشي على البحر‪ ،‬كيطّب ُب‬
‫ٌ‬ ‫مشاىدة األمور الفانيٌة‪ ،‬كيتم ٌكنوف من‬
‫كجل كذلك أ ٌف هللا تعأب خلق النور كخلق‬
‫عز ٌ‬‫ا‪٥‬بواء‪ ،‬كييرزؽ من الغيب‪ ،‬كىو من الكافرين ابهلل ٌ‬
‫منو ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كجعلهم أعواان ألىل النور ابلتوفيق كالتسديد كخرؽ العوائد‪ ،‬ككذاؾ خلق الظبلـ‬
‫كخلق منو الشياطْب كجعلهم أعواان ألىل الباطل ابإلستدراج كا‪٤‬بزيد ُب ا‪٣‬بسراف كالتم ٌكن من‬
‫ا‪٣‬بوارؽ‪.‬‬
‫اليهودم الذم كاف مع إبراىيم ا‪٣‬بواص هنع هللا يضر ُب‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كعلى ىذا ‪ٚ‬برج حكاية‬
‫كنت صادقا ُب دينك فهذا البحر‬ ‫اليهودم‪ " :‬إ ٍف ى‬ ‫سفينة‪ ،‬كتعارفا كترافقا ُب ً‬
‫الع ٍش ىرة‪ ،‬فقاؿ لو‬
‫ٌ‬
‫اليهودم ٲبشي فوؽ ا‪٤‬باء‪ ،‬فقاؿ إبراىيم ا‪٣‬بواص‪ " :‬كاذيالٌهي إ ٍف‬
‫ٌ‬ ‫ش فأان و‬
‫ماش عليو "‪ ،‬فتقدـ‬ ‫فى ٍام ً‬
‫اليهودم‪ٍ ،‬بٌ أهنٌما‬
‫ٌ‬ ‫عز كج ٌل كمشى مع‬
‫اليهودم "‪ٍ ،‬بٌ رمى نفسو فوؽ البحر‪ ،‬فأعانو هللا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫غلبِب‬
‫إ٘ب أريد منك الصحبة ُب السفر "‪ ،‬فقاؿ إبراىيم‪:‬‬ ‫اليهودم إلبراىيم‪ٌ " :‬‬
‫ٌ‬ ‫خرجا من البحر‪ ،‬فقاؿ‬
‫اليهودم‪ " :‬بشرط أالٌ‬
‫ٌ‬ ‫" لك ذلك "‪ ،‬فقاؿ‬

‫أل٘ب ال أحبٌها‪ ،‬كال ندخل الكنائس ألنٌك ال ‪ٙ‬ببٌها‪ ،‬كال ندخل مدينة لئبلٌ يقوؿ‬
‫تدخل ا‪٤‬بساجد ٌ‬
‫كيهودم‪ ،‬كلكن ‪٪‬بوؿ ُب الفياُب كالقفار كال نتخذ زادا "‪ ،‬فقاؿ إبراىيم‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫الناس اصطحب مسلم‬
‫" لك ذلك "‪ .‬فخرجا إٔب الفلوات‪ٍ ،‬بٌ بقيا ثبلثة أايـ ٓب يذكقا شيئا‪ ،‬فبينما ٮبا جالساف إذ أقبل‬
‫اليهودم كُب فمو ثبلث أرغفة فطرحها بْب يديو كانصرؼ‪ ،‬قاؿ إبراىيم‪ " :‬فلم‬
‫ٌ‬ ‫كلب ٲبشي إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪212‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫شاب من أحسن الناس شبااب‪ ،‬كأطيبهم‬
‫علي أف آكل معو‪ ،‬فبقيت جائعا‪ٍ ،‬بٌ أنٌو أات٘ب ٌ‬
‫يعرض ٌ‬
‫رائحة‪ ،‬كأحسنهم كجها‪ ،‬كأحبلىم منظرا‪ ،‬كُب يده طعاـ ما رؤم مثلو‪،‬‬
‫اليهودم أف أيكل معي فأىب‪ ،‬فأكلت "‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‬
‫ٌ‬ ‫يدم كانصرؼ‪ ،‬فعرضت على‬
‫فطرحو بْب ٌ‬
‫كل منهما يوصل كلو ‪ٜ‬برة‪ ،‬إالٌ أ ٌف دينكم‬
‫اليهودم‪ " :‬اي إبراىيم إ ٌف ديننا كدينكم على ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬
‫أر ٌؽ كألٍطف كأهبى كأحسن‪ ،‬فهل لك أف ندخل؟ "‪ ،‬قاؿ‪ " :‬فاسلم ككاف ًمن ‪ٝ‬بلة أصحابنا‬
‫ابلتصوؼ "‪ .‬ىكذا ذكر ا‪٢‬بكاية أبو نعيم ُب ا‪٢‬بًلية ُب تر‪ٝ‬بة إبراىيم ا‪٣‬بواص‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٤‬بتح ٌققْب‬
‫قاؿ سيٌدم أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬بارؾ‪ :‬فسألت شيخنا عن ذلك‪ ،‬فقاؿ‪ " :‬خبل دار أبيهم‪ ،‬إ ٌ٭با الشياطْب‬
‫تلعب هبم فظنٌوا أ ٌف لعبادهتم ‪ٜ‬برة "‪ٍ ،‬بٌ ذىىك ىر الكبلـ السابق ككيف حاؿ أىل ا‪٢‬ب ٌق ككيف حاؿ‬
‫أىل الباطل‪ ،‬كال مطلب للمرء كراءه‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬
‫العلوم ك‪٫‬بو ذلك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍبٌ قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف أصل علوـ الفبلسفة‪ ،‬كما حكموا بو ُب العآب‬
‫ىو أ ٌف رجبل كاف ُب زمن سيٌدان إبرا‪ٙ‬ب ا‪٣‬بليل على نبيٌنا كعليو الصبلة كالسبلـ‪ ،‬فآمن بو‪ ،‬كجعل‬
‫يسمع منو أمورا تتعلٌق ابلفتح ُب ملكوت السماكات كاألرض‪ٍ ،‬بٌ ٓب يزؿ ذلك دأبو إٔب أف كقع‬
‫لو‬

‫ىو أيضا الفتح‪ ،‬فوقف مع ما شاىد ُب العوآب‪ ،‬كانقطع عن ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬كخسر الدنيا‬
‫العلوم‪ ،‬كيذكر مواضع النجوـ كيربط هبا األحكاـ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كاآلخرة‪ ،‬كجعل يفرح ٗبا شاىد ُب العآب‬
‫كرجع عن دين إبراىيم فتل ٌقى ذلك منو من أراد هللا خذالنو إٔب اف بلغ إٔب الفبلسفة ا‪٤‬بلعونْب‪.‬‬
‫دؿ على غّب هللا تعأب‪ ،‬فهو من القاطعْب عن‬
‫قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬إشتد غضب هللا على ذلك الرجل ألنٌو ٌ‬
‫هللا تعأب‪.‬‬
‫كجل كا‪١‬بمع‬
‫عز ٌ‬ ‫كالنبوة خصلة كاحدة‪ :‬كىي الداللة على هللا تعأب ٌ‬‫قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬إ ٌف فائدة الرسالة ٌ‬
‫تدؿ على‬
‫جعلت ٌ‬
‫ٍ‬ ‫كالنبوة‪ٍ ،‬بٌ‬
‫ت ابلرسالة ٌ‬ ‫ذات أ ًيم ىر ٍ‬
‫حٌب ٌأان لو فرضنا فرضا مستحيبل ُب و‬
‫عليو‪ٌ ،‬‬
‫جعلت ٘بمع الناس على نفسها كتقطعهم عن ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬فإهنٌا تنقلب إٔب‬‫ٍ‬ ‫غّبه تعأب‪ ،‬أك‬
‫الوصف السابق ُب ذلك الرجل‪ .‬ىذا الفرض ا‪٤‬بستحيل ذكرانه على سبيل ا‪٤‬ببالغة للتنفّب من‬
‫الداللة على غّبه تعأب‪.‬‬
‫ٍبٌ قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬ككنٌا ٭بشي على قنطرة ابب ا‪٢‬بديد‪ ،‬أحد أبواب فاس حرسها هللا‬
‫حٌب ٱبلص من ا‪٤‬بهول إٔب الٍب‬ ‫تعأب ًٗبىنًٌ ًو‪ " :‬ما فائدة ىذه القنطرة؟ "‪ ،‬ي‬
‫قلت‪ " :‬ا‪٤‬بشي عليها ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪213‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تفعت‬
‫‪ٙ‬بتها‪ ،‬كيبلغ ا‪٤‬باشي عليها إٔب مقصوده من األرض "‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ " :‬كلو ار ٍ‬
‫قلت‪ " :‬نعم "‪ ،‬قاؿ رضي الو تعأب عنو‪" :‬‬
‫منها ىذه الفائدة كاف ضررا ‪٧‬بضا على الناس "‪ ،‬ي‬
‫ا‪٤‬بقربوف‪ ،‬كسائر عباد هللا الصا‪٢‬بْب‪ ،‬فائدهتم الداللة على‬
‫ككذلك االنبياء كا‪٤‬برسلوف‪ ،‬كا‪٤‬ببلئكة ٌ‬
‫هللا تعأب كا‪١‬بمع عليو‪ ،‬كلو ارتفعت منهم ىذه الفائدة‬
‫كانوا على الصفة السابقة ُب القنطرة "‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬

‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف الكاملْب ًمن أىل ا‪٢‬ب ٌق إذا يسئًليوا عن مسألة ًمن ا‪٢‬بوادث‬
‫القوؿ ألنٌو ٌأكؿ األمر شاىدكه‪ ،‬كقد شاىدكا ا‪٢‬ب ٌق بعده‬ ‫ً‬
‫الٍب ستقع ٓب يتكلٌموا فيها إالٌ ابلنزر من ٍ‬
‫فعلموا بطبلنو‪ ،‬فىػ يه ٍم يكرىونو كيكرىوف الكبلـ فيو‪ ،‬كأل ٌف الدنيا كا‪٢‬بوادث الواقعة فيها مبغوضة‬
‫ضوف ما يبغضو ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬كأيضا فبل يتكلٌموف فيها إالٌ ابلنزكؿ عن‬ ‫عند هللا تعأب‪ ،‬ىك يى ٍم يم ًبغ ي‬
‫الثراي إٔب الثرل‪ ،‬فإ ٌف درجة تلك ا‪٢‬بوادث‬ ‫ً‬
‫درجتهم كما ينزؿ م ىن ٌ‬
‫ىي درجة فتح أىل الظبلـ‪ .‬كأيضا فإهنٌم رضي هللا تعأب عنهم ال يشاىدكف إالٌ أبنوار ا‪٢‬ب ٌق‬
‫ماض فيو كال حاؿ كال مستقبل‪ ،‬فأكثر ما يعلم‬ ‫سبحانو‪ ،‬كنور ا‪٢‬ب ٌق يرتفع فيو الزماف كترتيبو‪ ،‬كال و‬
‫كأما أنٌو يقع يوـ كذا فبل ٰبصل ‪٥‬بم إالٌ‬
‫الوٕب بنور ا‪٢‬ب ٌق أ ٌف ا‪٢‬بادث الفبل٘ب كاقع ال ‪٧‬بالة‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫ابلنزكؿ إٔب اعتبار الزماف كترتيبو‪ ،‬كىو من الظبلـ عندىم ابلنسبة إٔب نور ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كمثل من يفعل‬
‫ذلك كمثل الشمس إذا نزلت من ‪٠‬بائها إٔب األرض كأخذت مرآة بْب عينيها كجعلت تنظر هبا‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فقلت فإ ٌف ا‪٢‬ب ٌق سبحانو يعلم ما سيقع كترتيبو‪ ،‬كيعلم ما ُب ا‪٤‬باضي كما ُب ا‪٢‬باؿ كما ُب‬
‫ا‪٤‬بستقبل‪ ،‬كالوٕب ينظر بنوره‪ ،‬فينبغي أف يعلم ما سبق من غّب و‬
‫نزكؿ إٔب درجة الظبلـ‪ ،‬فقاؿ‬ ‫ٌ‬
‫قوم‪ ،‬كالعبد ضعيف‪،‬‬
‫كالرب تعأب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫بكل شيء علما‪،‬‬‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ذلك ألنٌو تعأب أحاط ٌ‬
‫كعلم العبد قاصر‪ ،‬كاب‪١‬بملة فالعبد ال يقاس بربٌو تبارؾ كتعأب‪ ،‬كقد قاؿ سيٌدان ا‪٣‬بضر لسيٌدان‬
‫موسى على نبيٌنا كعليو الصبلة كالسبلـ‪ " :‬ما نقص علمي كعلمك من علم هللا إالٌ كما نقصو‬
‫ىذا العصفور بنقرتو من البحر "‪.‬‬

‫الوٕب بشيء من ا‪٢‬بوادث ا‪٤‬بستقبلة‪ ،‬فيخربهبا انزال عن‬


‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كقد يتكلٌم ٌ‬
‫درجتو‪ ،‬كليس ذلك ٗبعصيٌة كلكنٌو قصور ٮبٌة‪ ،‬كا‪٫‬بطاط عن الذركة العليٌة‪ ،‬كسوء و‬
‫أدب إ ٍف قصد‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أل ٌف حالتو عليو كالصبلة كالسبلـ ٓب تكن كذلك‪ ،‬على أ ٌف‬ ‫إليها مع ٌ‬
‫أكثر األكلياء الكاملْب رضي هللا تعأب عنهم إ ٌ٭با يتكلٌموف فيها غلبةن ًٕبي ٍك ًم الق ىدر‪ ،‬كتصريف ا‪٢‬ب ٌق‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪214‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٌإايىم سبحانو على مايريد‪ ،‬إ ٍذ يى ٍم رضي هللا تعأب عنهم مظاىر ا‪٢‬ب ٌق‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬قلت‪ ،‬كأكثر ضرر ا‪٣‬بلق ُب معرفة األكلياء ك‪٨‬بالطتهم من ىذا الباب‪ٌ ،‬أما ُب ا‪٤‬بعرفة فإ ٌهنم‬
‫كل ما زاد على علومهم من‬
‫يفرقوف بْب فتح أىل الظبلـ كفتح أىل ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬فيحسبوف أ ٌف ٌ‬
‫ال ٌ‬
‫كماؿ ّّ‬
‫كحق ككاليةه من هللا تعأب ‪٤‬بن ظهر ذلك على‬ ‫الكشوفات‪ ،‬كخرج عن طوقهم من ا‪٣‬بوارؽ‪ ،‬ه‬
‫يديو‪ .‬ففريق من الناس يعتقدكف كالية ىمن يكاشف‪ ،‬كيعتقدكف أنٌو الغاية‪ ،‬كفريق آخر يعتقدكف‬
‫كالية ىمن استقاـ ُب الظاىر كداكـ على الصياـ كالقياـ كإ ٍف كاف ابطنو خاليا ًمن ا‪٢‬ب ٌق متعلٌقا‬
‫بغّبه‪.‬‬
‫كٕب كامل قد يكوف غرضو من‬ ‫كأما ُب ا‪٤‬بخالطة فإ ٌف البعد بعداف يوفٌقو هللا تعأب لئلجتماع مع ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ؼ العبد بربٌو‪ ،‬كٰب ٌذره ًمن‬
‫الوٕب‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بطلوب منو أف ييػ ىع ًٌر ى‬
‫الوٕب عكس ا‪٤‬بطلوب من ٌ‬ ‫ذلك ٌ‬
‫حب الدنيا كا‪٤‬بيل إٔب زخارفها‪ ،‬فإذا جعل العبد يطلب منو قضاء‬ ‫ً‬
‫القواطع الٍب من أعظمها ٌ‬
‫ا‪٢‬بوائج كاألكطار اليوـ على اليوـ كالسنة على السنة‪ ،‬كال يسألو عن ربٌو كال كيف يعرفو‪ ،‬م ىقتىوي‬
‫الوٕب‪ ،‬كذلك ألموور أحدىا‪ :‬أ ٌف ‪٧‬ببٌتو‬ ‫الوٕب كأبغضو‪ ،‬فهو السآب إ ٍف ‪٪‬با من مصيبة تنزؿ بو من ٌ‬‫ٌ‬
‫للوٕب ليست هلل عز كجل كإ ٌ٭با ىي على حر و‬
‫ؼ‪،‬‬ ‫ىٍ‬ ‫ٌ ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ؼ خسراف مبْب‪ ،‬يكوف معها الوساكس ك‪ٙ‬بضرىا الشياطْب‪ ،‬كال ينزؿ عليها نور‬ ‫كاحملبة على حر و‬
‫ىٍ‬ ‫ٌ‬
‫الوٕب يراه ُب تعلٌقو ابلدنيا ُب عْب القطيعة كىو يريد أف ينقذه منها‪ ،‬كالعبد‬ ‫ا‪٢‬ب ٌق أبدا‪ .‬اثنيها‪ :‬أ ٌف ٌ‬
‫الوٕب ساعفو ُب قضاء بعض األكطار‪ ،‬كقابلو ببعض‬ ‫يطلب أف يزيده منها‪ .‬اثلثها‪ :‬أ ٌف ٌ‬
‫كل‬
‫الوٕب‪ ،‬ك ٌ‬
‫فيظن أ ٌف ىذا ىو الذم ينبغي أف يقصد من ٌ‬
‫الكشوفات‪ ،‬كقع للعبد ا‪٤‬بسكْب غلط‪ٌ ،‬‬
‫ذلك ضبلؿ ككابؿ‪.‬‬
‫الوٕب كمثل رجل ىع ىمليو صنعة‬
‫قاؿ‪ :‬كقد ‪٠‬بعت شيخنا رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إ ٌ٭با مثل ٌ‬
‫ٰبرؾ يده‪ ،‬كتعمل جوارحو‪ ،‬كمع ذلك فعنده ا‪٣‬بزائن الٍب ٰبتاج إليها الناس ًم ٍن‬ ‫الف ٌخار‪ ،‬فيو ٌ‬
‫طعاـ كغّبه‪ ،‬كا‪٣‬بزائن‪ ،‬كإ ٍف كانت عنده‪ ،‬فقلبيو يمع ًرض عنها‪ ،‬ال ت ىقع عنده بًبىاؿ كال تساكم عنده‬
‫و‬
‫ب الكبلـ إالٌ ُب عمل الفخار كصنعتو‪ ،‬كيكره غاية ىم ٍن يتكلٌم معو ُب غّبه‪ ،‬كيبغضو‬ ‫شيئا‪ ،‬كال يٰب ٌ‬
‫حٌب ٱباؼ ذلك ا‪٤‬بتكلٌم أف ينالو ضرر من الرجل ا‪٤‬بذكور‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫فإذا جاءه رجبلف‪ ،‬كقد ىعلً ىما حالتو كبغضو للكبلـ ُب غّب عمل الفخار‪ ،‬كأرادا منو شيئا من‬
‫تلك ا‪٣‬بزائن‪ ،‬فا‪٤‬بوفٌق منهما كالكيٌس ىو الذم يتكلٌم معو ُب عمل الفخار‪ ،‬كيسأؿ عن صنعتو‪،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪215‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب تنالو ًم ىن الرجل ‪٧‬ببٌة عظيمة‪ٌ ،‬‬
‫كمودة كبّبة‪ ،‬فإذا سألو بعد‬ ‫ككيف يعمل‪ ،‬كال يزاؿ ىذا دأبو ٌ‬
‫ذلك شيئا من تلك ا‪٣‬بزائن م ٌكنو منو كال يقع لو ضرر‪.‬‬
‫كغّب ا‪٤‬بوفٌق منهما ىو الذم أيٌب لذلك الرجل كيطلب منو ٌأكال شيئا ًمن تلك ا‪٣‬بزائن‪ ،‬كيتكلٌم‬
‫معو فيها‪ ،‬فإنٌو إ ٍف ىسلً ىم ًمن ضرب الرجل لو بف ٌخارة على رأسو كاف ىو السعيد‪ ،‬ككاف ًرٍٕبيو ىو‬
‫الوٕب‪ ،‬ال صنعة لو كال حرفة لو إالٌ ‪٤‬بعرفة ا‪٢‬ب ٌق كما يوصل إليو‪ ،‬كال‬
‫سبلمتو ال غّب‪ .‬فهذا مثل ٌ‬
‫فمن عرفو على ىذا‬
‫ٰبب كبلما إالٌ فيو‪ ،‬كال ‪ٝ‬بٍعا إالٌ عليو‪ ،‬كال كصوال إالٌ منو‪ ،‬كال قراب إالٌ إليو‪ ،‬ى‬
‫ٌ‬
‫كمن عرفو على غّب ىذا كاف على العكس‪.‬‬ ‫ىربً ىح منو الدنيا كاآلخرة‪ ،‬ى‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أ ٌف الفتح األكؿ‪ً ،‬‬
‫كإف اشَبؾ فيو أىل الظبلـ كأىل ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬لكن‬ ‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بقصود بو ‪٨‬بتلف‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بقصود بو ألىل الظبلـ طردىم عن اببو‪ ،‬كص ٌدىم عن سبيلو‪ ،‬ألنٌو‬
‫تعأب أبغضهم كقطعهم عنو‪ ،‬كعلٌق قلوهبم بغّبه‪ ،‬كأم ٌدىم هبذه ا‪٣‬بوارؽ ابتبلء كاستدراجا‬
‫ليحسبوا ٌأهنم على شيء‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ك‪٥‬بذا أنشؤكا ُب الكرامات‪ ،‬حيث قالوا‪:‬‬
‫بعض الرجاؿ يرل كوف الكرامات ‪ ...‬دليل ح ٌق على نيل الكرامات‬
‫رسل ا‪٤‬بهيمن ًمن فوؽ السموات‬ ‫عْب بيشرل قد أتتك هبا ‪ ...‬ي‬
‫كإهنٌا ي‬
‫علمت ‪ ...‬بو ا‪١‬بماعة ٓب تفرح آبايت‬
‫ٍ‬ ‫كعندان فيو تفصيل إذا‬
‫كيف السركر كاإلستدراج يصحبها ‪ُ ...‬ب ح ٌق قوـ ذكم جهل كآفات‬
‫كليس يدركف ح ٌقا أهنٌم جهلوا ‪ ...‬كذا إذا كاف ًمن أقول ا‪١‬بهاالت‬
‫كما الكرامة إالٌ عصمة كجدت ‪ُ ...‬ب ح ٌق قوـ أبفعاؿ كنيٌات‬
‫طي الكرامات‬
‫تلك الكرامة ال تبغي هبا بدال ‪ ...‬كاحذر من ا‪٤‬بكر ُب ٌ‬
‫كأنشد غّبه‬
‫ترؾ الكرامة ال يكوف دليبل ‪ ...‬فأ ً‬
‫ىص ٍخ لقوٕب ىو أقوـ قيبل‬
‫ظ ا‪٤‬بي ىك َّرـ ٍبٌ ساء سبيبل‬
‫‪ ...‬إ ٌف الكرامة قد يكوف كجودىا ‪ ...‬ح ٌ‬
‫‪ ...‬فاحرص على العلم الذم يكلًٌ ٍفتىوي ‪ ...‬ال تتٌخذ غّب إإللو بديبل‬
‫سَب الكرامة كاجب متح ٌقق ‪ ...‬عند الرجاؿ فبل تكن ‪٨‬بذكال‬ ‫ٍ‬
‫تنزؿ كحيو تنزيبل‬ ‫كظهورىا ُب ا‪٤‬برسلْب فريضة ‪ ...‬كهبا ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪216‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كإيضاح ذلك‪:‬‬
‫كالنيب يدعو‬ ‫ْب‪،‬‬ ‫النبي‬ ‫ن‬ ‫اثبت قد تقرر قبلو ًمن غّبه ً‬
‫م‬ ‫صحيح و‬ ‫بشرع‬
‫الوٕب يدعو إٔب هللا تعأب و‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫و‬ ‫أ ٌف ٌ‬
‫إٔب هللا تعأب بشرع غريب قد أتى بو ٓب يتق ٌدمو فيو أحد ًم ٍن أىل عصره‪ ،‬فاحتاج إٔب ظهور‬
‫ا‪٤‬بعجزات الدالة كصحة ما جاء بو‪ .‬اىػ‪ .‬أنظر كشف الراف‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ًٗبىنًٌ ًو إٔب الصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثا٘ب كالعشركف‬


‫يتشوؼ كيلتجئ إٔب‬
‫لكل مريد صادؽ أف يقتصر على قدكة كاحد‪ ،‬كال ٌ‬
‫ُب إعبلمهم أ ٍف ال ب ٌد ٌ‬
‫غّبه‪ ،‬كال يزكر كليٌا من األكلياء األحياء كاألموات‬

‫أقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف االقتصار على شيخ كاحد‬
‫لكل مريد صادؽ التزامو كإالٌ فبل سبيل‬‫الزـ ُب طريق أىل هللا‪ ،‬كال ب ٌد ٌ‬
‫ط ه‬ ‫ال يتع ٌداه إٔب غّبه شر ه‬
‫لو إٔب الوصوؿ البتٌة إالٌ أف تدركو عناية رابنية بًسبق ‪٧‬بب وة و‬
‫إ‪٥‬بية‪.‬‬ ‫ٌ ٌ ىٍ ٌ‬
‫قاؿ ٌسيدم أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫حٌب‬
‫ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب القطب عبد العزيز‪ ،‬يقوؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف العبد ال يناؿ معرفة هللا ٌ‬
‫حٌب‬
‫يعرؼ سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كال يعرؼ سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫ص ًٌل عليهم‬
‫حٌب ٲبوت الناس ُب نظره فبل يراقبهم كال يراعيهم‪ ،‬فى ى‬‫يعرؼ شيخو‪ ،‬كال يعرؼ شيخو ٌ‬
‫التشوؼ إليهم‪.‬‬
‫صبلة ا‪١‬بنازة كانزع من قلبك ٌ‬
‫حٌب ال يكوف بقلبو غّب الشيخ كهللا تعأب‬
‫كقاؿ ُب موضع آخر‪ :‬فإ ٌف ا‪٤‬بريد ال ٯبيء منو شيء ٌ‬
‫كالرسوؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كسره ال يطيقو إالٌ ىمن كاف ف ٌخاره صحيحا أب ٍف يكوف صحيح ا‪١‬بزـ‪ ،‬انفذ‬
‫كقاؿ ُب موضع آخر‪ٌ :‬‬
‫العزـ‪ ،‬ماضي اإلعتقاد‪ ،‬ال ييصغى لقوؿ أحد من العباد‪ ،‬قد صلٌى على ما عدا شيخو صبلتو‬
‫على ا‪١‬بنازة‪.‬‬
‫كقاؿ صاحب الرائية‪:‬‬
‫ً‬
‫كال تىػ ٍق يد ٍـ من قبل اعتقادؾ أنٌو ‪ ...‬يم ىر وٌ‬
‫ب كال ٍأكٔب هبا منو ُب العصر‬
‫فإ ٌف رقيب اإللتفات لغّبه ‪ ...‬يقوؿ حملبوب السراية ال تسرم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪217‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫تقدم ٌن على شيخ بقصد الدخوؿ ُب ‪٧‬ببٌتو‬
‫أم ال ى‬ ‫قاؿ الشيخ عبد العزيز رضي هللا تعأب عنو‪ٌ :‬‬
‫حٌب تعتقد أنٌو ًمن أىل الَببية‪ ،‬كأنٌو ال أح ٌق منو هبا ُب زمنو‪ .‬كإ ٌ٭با كجب عليو ذلك أل ٌف الشيخ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بادة‪ ،‬كا‪٤‬بريد الذم يدخل ُب صحبة‬
‫شيخ غّبه يقطع عنو ٌ‬ ‫الذم يرل من مريده اإللٍتًفات إٔب و‬
‫متشوقا إٔب ذلك األكمل ُب‬
‫شيخ كىو يرل أ ٌف ُب الوجود شيخا مثل شيخو كأكمل منو يبقى ٌ‬
‫ا‪٤‬بادة فبل يكوف‬
‫اعتقاده‪ ،‬فّباه شيخو متشوفا إٔب ذلك األكمل عنو ُب اعتقاده فيقطع عنو ٌ‬
‫ابألكؿ كال ابلثا٘ب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬كقد رأينا مثل ىذا ُب زماننا كثّبا كهللا يكوف لنا كليٌا كنصّبا‪.‬‬

‫كُب الباب األحد كالثمانْب كمائة من ا‪٤‬بفتوحات ا‪٤‬بكيٌة للشيخ ‪٧‬بيي الدين بن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫ط بْب شيخْب قياسا على عدـ كجود العآب بْب إ ى‪٥‬بىٍ ً‬
‫ْب‪ ،‬كعلى عدـ كجود‬ ‫إ ٌ٭با كاف ا‪٤‬بريد ال يفلح قى ٌ‬
‫ا‪٤‬بكلٌف بْب رسولْب‪ ،‬كعلى عدـ كجود امرأة بْب رجلْب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪:‬‬
‫كاعلم أ ٌف االحتياج إٔب شيخ كاحد من كجوه ال تكاد تنضبط أك تدخل ‪ٙ‬بت ا‪٢‬بصر‪ ،‬ىكذى ىك ىر‬
‫كل شيخ بطريقة ال يتع ٌداىا كال ٱبلطها بغّبىا‬
‫منها‪ :‬أ ٌف الطرؽ إٔب هللا تعأب كثّبة‪ ،‬كقد تعلٌق ٌ‬
‫يتشوش ٮبٌو‪ ،‬اترة ٲبيل إٔب ىذه كاترة‬
‫ليثبت الطالب على طريقة‪ ،‬كٲبكنو أف يواظب عليها‪ ،‬كال ٌ‬
‫ٲبيل إٔب تلك فيكوف ًمن قبيل ا‪٤‬بيىذبٍ ىذبًْب بْب ذلك ال إٔب ىؤالء كال إٔب ىؤالء‪.‬‬
‫فرض االختيار ليس ُب كسعو الثبات عليو فإ ٌف الوالية ُب‬
‫مستقل ابالختيار‪ ،‬كعلى ى‬
‫ٌ‬ ‫كا‪٤‬ببتدم غّب‬
‫ابطنو للنفس كالشيطاف‪ ،‬فإذا شرع ُب طريقو كالتعلٌق هبا زيٌن لو الشيطاف طريقة أخرل‪،‬‬
‫كتساعده النفس كتيػبىًٌي‬
‫ْب لو ابلربىاف أهنٌا أفضل من ىذه‪ ،‬كمقصوده أف يزيلو عن األكٔب‪ .‬فإذا زاؿ‬
‫كاشتغل أبخرل زيٌن لو أخرل‪ ،‬إٔب أف ٲبيل الطالب كتسكن حرارة طلبو فّبجع القهقرل‪.‬‬
‫قوة‬ ‫كح ٍس ًن كاليتو فالشيخ ٰبفظ أحوالو ٌ‬
‫بقوة كاليتو ا‪٤‬بستفادة من ٌ‬ ‫كإذا كاف ُب حصن الشيخ ي‬
‫هبمتو الصافية ككبلمو ا‪٤‬بؤثر النافذ‪ ،‬فّبل بنور كالية الشيخ أ ٌف‬
‫ا‪٢‬بضرة النبويٌة‪ ،‬كيثبٌتو عليها ٌ‬
‫الداخل عليو شيطاف فيضعف ا‪٣‬باطر ًإذ الشيطاف ال يقوـ ُب مقابلة نور كالية الشيخ‪.‬‬
‫كيتعْب ربط القلب من‬
‫كقاؿ بعد ىذ الكبلـ‪ :‬قاؿ الشيخ جربيل ا‪٢‬بزماابذم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ٌ :‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪218‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الشيخ من طريق اإلرادة كاحملبة فتعلم أنٌك ُب ‪ٞ‬بايتو ككاليتو ً‬
‫كظ ٌل رعايتو ُب ‪ٝ‬بيع األكقات‬ ‫ٌ‬
‫فتمسك هبذه الطريقة أبمره كإرشاده‪ ،‬كهللا تعأب ٰبفظ أكقاتك كأحوالك‬

‫حٌب لو قاـ أركاح‬


‫كقوة الرابطة ٌ‬
‫متوجها إليو‪ .‬فاألصل اتٌصاؿ الباطن ٌ‬
‫بواسطتو‪ ،‬كيكوف ابطنك ٌ‬
‫يتصرفوا فيك‪ ،‬ال ٲبكنهم لئبلٌ نصّب من قبيل ا‪٤‬بذبذبْب بْب‬
‫األكلياء إبعنتك كتربيتك‪ ،‬كأرادكا أف ٌ‬
‫ذلك‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫لكل شيء إالٌ لشيخو‬ ‫كقاؿ قبل ىذا الكبلـ‪ً :‬‬
‫كمن ً‬
‫شرط ا‪٤‬بريد أف ال يبقى ُب نفسو مقدار ٌ‬
‫ٍ‬
‫خاصة‪ ،‬كمٌب كاف عند ا‪٤‬بريد تتطلٌع إٔب شيخ آخر فبل تصفو ‪٧‬ببٌتو‪ ،‬كال ينفذ القوؿ فيو‪ ،‬كال‬
‫بتفرد الشيخ عرؼ قدره كفضلو‪،‬‬
‫يستع ٌد اب طنو لسراية حاؿ الشيخ‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بريد كلٌما أيقن ٌ‬
‫كق ًويى ٍ‬
‫ت ‪٧‬ببٌتو‪.‬‬
‫كالتأليف ىو الواسطة بْب الشيخ كبْب ا‪٤‬بريد‪ ،‬كعلى قدرة احملبٌة يكوف سراية ا‪٢‬باؿ‪ .‬فاحَباـ‬
‫ط القلب ابلشيخ ابإلعتقاد‬
‫فدكاـ ربٍ ى‬
‫ٍ‬ ‫الشيخ توفيق كىداية كإٮباؿ ذلك خذالف كعقوؽ‪،‬‬
‫كاإلستمداد على كصف التسليم كاحملبٌة كالتحكيم كاجب‪ ،‬كيكوف ُب اعتقاده أ ٌف ىذا ا‪٤‬بظهر ىو‬
‫الذم عيَّػنىو ا‪٢‬ب ٌق سبحانو لئلفاضة عليو كال ٰبصل لو فيض إالٌ بواسطتو دكف غّبه كلو كانت‬
‫الدنيا ‪٩‬بلوءة اب‪٤‬بشايخ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ زين الدين ا‪٣‬بواُب رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كالنيب ُب ٌأمتو‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قد كرد ُب بعض األحاديث‪ ،‬على ما أثبتتو ا‪٤‬بشايخ ُب كتبهم‪ ،‬أ ٌف الشيخ ُب قومو‬
‫يتوجو إٔب شيخو بربط قلبو معو‪ ،‬كيعتقد أ ٌف القبض ال ٯبيء إالٌ بواسطة‪ ،‬كإ ٍف‬
‫فبل ب ٌد للمريد أف ٌ‬
‫ا‪٣‬باص‬
‫ٌ‬ ‫كاف األكلياء كلٌهم ىادين يمهتدين‪ ،‬يعتقدىم كلٌهم كيدعو ‪٥‬بم‪ ،‬كلكن استمداده‬
‫كاستفادتو يكوانف من شيخو كحده‪ ،‬كيعلم أ ٌف استمداده من شيخو ىو استمداده من النيب‬
‫جل ا‪٠‬بو‪ ،‬يسنٌة هللا الٍب قد خلت‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم ألنٌو انئبو كىو من ا‪٢‬ب ٌق سبحانو كتعأب ٌ‬
‫سنٌة هللا تبديبل‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫ً‬
‫من قبل كلن ٘بد ل ي‬
‫كقاؿ شيخ الطريقة‪ ،‬ا‪١‬بامع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة‪ ،‬السيٌد ا‪٤‬بختار الكنٍب رضي هللا تعأب عنو‪٤ ،‬بٌا‬
‫سئل‪:‬‬

‫" ىل يٱب ٌل إبرادة ا‪٤‬بريد أف يزكر الصا‪٢‬بْب األحياء كاألموات أك أحدٮبا فقط "‪ ،‬أنٌو إف كانت‬
‫زايرتو رغبة عن شيخو أك احتقارا لو فذلك ‪٩‬بٌا يًٱب ٌل إبرادة‪ ،‬كيكوف سببا ‪٢‬برمانو كعدـ اإلنتفاع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪219‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٔبميعهم‪ ،‬أل ٌف ما جاز عن ا‪٤‬بثل ٯبوز على ‪٩‬باثلو‪ ،‬بل لو رآه على معصية فنقص ذلك من نيٌتو‬
‫كج ًٌر ى‬
‫ب‬ ‫ص على ذلك ‪ٝ‬بيع مشايخ السلف كاتٌفقوا عليو‪ ،‬ي‬ ‫كاعتقاده لكاف ذلك سببا ‪٥‬بلكتو كما نى َّ‬
‫‪ٛ‬بسك بقولو‪.‬‬
‫كص َّح‪ .‬اىػ‪ .‬كليس لذم جداؿ كخصومة ٌ‬
‫ى‬
‫يضر بو‪ ،‬كإ ٌ٭با ذلك ًمن‬
‫كأما على كجو التواصل كطلب ا‪٣‬بّب فبل قائل ٲبنع ذلك‪ ،‬كال أنٌو ٌ‬
‫ٌ‬
‫كعم الببلء‪ ،‬ككثرت البدع‪ ،‬كانتشر‬
‫ي‪٧‬بداثت القرف التاسع حْب كثرت الدعول‪ ،‬كغلب ا‪٥‬بول‪ٌ ،‬‬
‫احملل‪ :‬كاإلطٌراح بْب يدم الشيخ ُب‬
‫ألان نقوؿ‪ :‬أنٌو رضي هللا تعأب عنو قاؿ ُب غّب ىذا ٌ‬
‫الفساد‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٥‬بم‬
‫كح ٍسن التعلٌق بو ُب ٌ‬ ‫الظعن كا‪٤‬بقاـ ٕبيث ال ‪ٛ‬بلك معو نفسا كال ماال ُب البدء كاإلختتاـ‪ ،‬ي‬
‫حٌب ترل أ ٌف هللا ٓب ٱبلق غّبه‬
‫احملل مكتوب ٌ‬
‫كاإلىتماـ‪ ،‬كاإلستغناء بو عن ‪ٝ‬بيع اآلانـ‪ ،‬كُب ىذا ٌ‬
‫ُب كقتك‪.‬‬
‫كنقوؿ أيضا‪ :‬أ ٌف التواصل ُب هللا كُب الرحم ‪٩‬بٌا أ‪ٝ‬بع ا‪٤‬بسلموف على كجوبو كالتعليم كاستماع‬
‫الوعظ ك‪٫‬بوٮبا من ا‪٣‬بّب‪.‬‬
‫كشيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ٓب يىػ ٍنوى أىل طريقتو عن شيء ‪٩‬بٌا ذيكً ىر كإ ٌ٭با هناىم عن‬
‫الزايدة ا‪٤‬بعلومة ابلقصد ا‪٤‬بعلوـ‪ ،‬فهو كالشيخ ا‪٤‬بختار كغّبٮبا ًمن الشيوخ رضي هللا تعأب عنهم‬
‫أ‪ٝ‬بعْب ‪٦‬بمعوف على ا‪٤‬بنع من تلك الزايرة‪.‬‬
‫يتوجو ىذا الكبلـ إالٌ على ىمن ىع ٌم من الشيوخ منع ىمن كاف ًمن ا‪٤‬بريدين‬
‫تقرر ىذا فبل ٌ‬
‫كإذا ٌ‬
‫كمن حضور ‪٦‬بلس غّب شيخو‪ً ،‬‬
‫كمن ‪٠‬باع‬ ‫الصادقْب اجمل ٌدين ا‪٤‬بهيمْب من زايرة غّب شيخو مطلقا‪ً ،‬‬
‫كبلمو كا‪٣‬بلوتية كأمثا‪٥‬بم‪.‬‬
‫قاؿ العارؼ ابهلل تعأب الشيخ أ‪ٞ‬بد الدردير ُب ‪ٙ‬بفة اإلخواف‪:‬‬

‫كا‪٣‬ببلؼ ُب بعض آداب أىل العرفاف‪ ،‬فاآلداب الٍب تطلب من ا‪٤‬بريد ُب ح ٌق الشيخ أكجبها‬
‫تعظيمو كتوقّبه ظاىرا كابطنا‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كتقدٲبو على غّبه‪ ،‬كعدـ اإللتجاء لغّبه من‬
‫الصا‪٢‬بْب‪ ،‬كال يزكر كليٌا من أىل العصر كال صا‪٢‬با‪ ،‬اللٌهم إالٌ إبذنو‪ ،‬كال‬
‫سر شيخو كخطايب هبذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يتم ىس ٍقييوي من ماء ٌ‬‫حٌب ٌ‬
‫ٰبضر ‪٦‬بلس غّب شيخو‪ ،‬كال يسمع من سواه ٌ‬
‫التربؾ‪ .‬كمن أراد من ا‪٤‬بشايخ قصر‬ ‫الصادقْب اجمل ٌدين ا‪٤‬بهيمْب ال كل من تل ٌقى الذكر عليو بًىق ٍ ً‬
‫صد ٌ‬ ‫ٌ‬
‫كل ىمن ل ٌقنو الذكر عليو فهو ‪٨‬بطئ‪ ،‬كيعلم بذلك أنٌو ليس بشيء ُب طريق هللا تعأب‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫يتمسك بعض القاصرين ُب العلم أك ُب الفهم أك فيهما‪ ،‬أك بعض ا‪٢‬بسدة ا‪٤‬بردة‬
‫قلت‪ :‬قد ٌ‬
‫إ ٍف ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪220‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫التربؾ كمن أراد من األشياخ‬
‫كل ىمن تل ٌقى الذكر بقصد ٌ‬
‫الذين ينكركف حسدا كعنادا بقولو‪ :‬ال ٌ‬
‫اْب ‪...‬‬
‫يتمسك هبذا الكبلـ إالٌ ىمن ال عقل لو لوجوده‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ال ٌ‬
‫ي‬
‫ٌأك‪٥‬با‪ :‬أ ٌف الشيخ قد يعطي قاصده من الطلبة أذكارا من غّب األذكار البلزمة للطريقة‪ ،‬كمن غّب‬
‫أذكار ا‪٣‬بصوص‪ ،‬ك‪٫‬بن نفعل ذلك كا‪٢‬بمد هلل‪.‬‬
‫يرد ىذا ا‪٤‬بنكر ألنٌو حيث جعل من ينتسب إٔب شيخ‬
‫اثنيها‪ :‬أ ٌف قولو " كخطايب هبذا الصادقْب " ٌ‬
‫كالتربؾ بو غّب صادؽ ُب دعواه‬
‫كيتل ٌقى منو األذكار كيتعلٌق بو ٍبٌ قصد غّبه لزايرتو كاألخذ منو ٌ‬
‫كصحة األخذ منو فقد حصل مرادان‪.‬‬
‫األكؿ ٌ‬
‫كاإلنتساب إٔب ٌ‬
‫يعمم ا‪٤‬بنع ألنٌو ما منع أحدا من أىل‬
‫كاثلثها‪ٌ :‬أان ق ٌدمنا ٌأكال أ ٌف شيخنا هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو ٓب ٌ‬
‫طريقتو من التعلٌم من ‪ٝ‬بيع األكلياء كالعلماء‪ ،‬كمن حضور ‪٦‬بالسهم‪ ،‬كال ًمن استماع مواعظهم‬
‫ككبلمهم‪ ،‬كال من التواصل ُب هللا كُب الرحم‪ ،‬كمع ىذا كلٌو فنحن كا‪٢‬بمد هلل معاشر الطريقة‬
‫عمم من الشيوخ رضي هللا تعأب عنهم‬
‫األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية التجانية ال ننكر على من ٌ‬
‫إذف كمشاىدةو ٌ‬
‫ألهنم أىل صدؽ كال ينطقوف إالٌ ٗبا يشاىدكف‪،‬‬ ‫أل ٌهنم ما ىهنوا كما أىمركا إالٌ عن و‬
‫ٍ‬
‫كأيخذكف عن هللا تعأب كعن رسولو صلٌى‬

‫للعامة ألنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم ييلقي‬


‫للخاصة ال مدخل فيها ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٣‬باصة‬
‫هللا عليو كسلٌم األحكاـ ٌ‬
‫ضو على‬ ‫حرمو على ا‪١‬بميع كإذا فرض شيئا فىػ ىر ى‬
‫حرـ شيئا ٌ‬
‫للعامة ُب حياتو‪ ،‬إذا ٌ‬
‫العامة ٌ‬
‫األحكاـ ٌ‬
‫فلما انتقل إٔب الدار اآلخرة‪ ،‬كىي كحياتو صلٌى هللا‬
‫ا‪١‬بميع‪ ،‬كىكذا سائر األحكاـ الشرعية‪ٌ .‬‬
‫للخاص كال مدخل ألمر العاـ للعاـ فإنٌو‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٣‬باص‬
‫ٌ‬ ‫عليو كسلٌم سواء‪ ،‬صار ييػلٍقي إٔب ٌأمتو األمر‬
‫انقطع ٗبوتو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬قالو شيخنا أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪،‬‬
‫كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪.‬‬
‫كقاؿ ابن عطاء هللا هنع هللا يضر ُب مفتاح الفبلح‪:‬‬
‫كالكامل أف أيخذ كٲبسك إف شاء كيعطي إف شاء‪ ،‬فإنٌو مع ما يلقى هللا إليو ُب ا‪٢‬بكم كصورة‬
‫عَبض‬ ‫عَبض على التلميذ ُب الفعل الذم أيمره بو شيخو‪ ،‬كذلك ال يي ى‬ ‫التلميذ بشيخو‪ ،‬فكما ال يي ى‬
‫على الشيخ فيما يفعلو إبذف عن هللا إذا كاف شيخا حقيقيٌا‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ك‬
‫ت‪ :‬كيؤيٌد ىذا الكبلـ أ ٌف ‪ٝ‬بيع أىل الفتح يشاىدكف ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كالكامل بينهم ينزؿ عليو ىملى ه‬‫قل ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪221‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابألمر كالنهي‪ ،‬كال يلزـ من ذلك أف يكوف ذا شريعة‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪:‬‬
‫ت‬ ‫أنٌو سأؿ شيخو عبد العزيز بن مسعود الدابغ رضي هللا تعأب عنو عن قولو تعأب‪ :‬كإً ٍذ قىالى ً‬
‫ى‬ ‫ٌ‬
‫ك‬‫ْب اي مرى‪ٙ‬بي اقػٍنيًٍب لًربً ً‬ ‫اؾ ىعلىى نً ً ً‬ ‫اؾ كطى َّهر ًؾ كاصطىىف ً‬
‫ً‬ ‫ال ىٍم ىبلئً ىكةي ىاي ىم ٍرى‪ٙ‬بي إً َّف َّ‬
‫ىٌ‬ ‫ساء ال ىٍعالىم ى ى ى ٍ‬
‫ى‬ ‫اصطىىف ى ى ى ٍ‬ ‫اَّللى ٍ‬
‫نبوة‬ ‫كاسج ًدم كارىك ًعي مع َّ ً ً‬
‫نبوة السيٌدة مر‪ٙ‬ب؟ كىل ما قيل من ٌ‬ ‫تدؿ اآلية على ٌ‬
‫ْب (‪ ،)1‬ىل ٌ‬ ‫الراكع ى‬ ‫ى ٍ ي ى ٍ ىى‬
‫كحواء صحيح أـ ال؟ أل ٌف ًم ىن‬ ‫كأـ موسى كآسيا امرأة فرعوف‪ ،‬كسارة كىاجر ٌ‬ ‫غّبىا من النساء ٌ‬
‫األكؿ‪ ،‬كمنهم ىم ٍن ذىب إٔب الثا٘ب‪ ،‬كحكى بعضهم اإل‪ٝ‬باع عليو‬ ‫العلماء ىم ٍن ذىب إٔب ٌ‬
‫السنٌة‬
‫ُب السيٌدة مر‪ٙ‬ب فيكوف غّبىا أحرل‪ ،‬كمنهم ىمن توقٌف كالشيخ األشعرم رئيس أىل ي‬
‫األكلوف أب ٌف ا‪٤‬بلك ال ينزؿ إالٌعلى النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كقد‬
‫كاستدؿ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كا‪١‬بماعة‪.‬‬
‫كالوٕب‪ ،‬فقالوا‪ :‬النيب ينزؿ عليو ا‪٤‬بلك‬
‫ٌ‬ ‫النيب‬
‫صرحت اآلية بنزكلو على مر‪ٙ‬ب‪ ،‬كجعلوا ىذا فارقا بْب ٌ‬
‫ٌ‬
‫كالوٕب ييلهم كال ينزؿ عليو ا‪٤‬بلك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫النبوة عن‬
‫كذى ىك ىر أ ٌف شيخو قاؿ رضي هللا عنهما‪ :‬أ ٌف الصواب مع أرابب القوؿ الثا٘ب‪ ،‬كىو نفي ٌ‬
‫نوع النساء‪ ،‬كٓب تكن هلل نبوة ُب ذلك النوع أبدا‪ ،‬كإ ٌ٭با كانت مر‪ٙ‬ب ص ٌديقة‪ .‬كالنبوة كالوالية ً‬
‫كإف‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫النبوة مباين لنور الوالية‪ ،‬كما بو‬
‫ور ٌ‬ ‫كجل‪ ،‬فىػني ي‬
‫عز ٌ‬‫كسر من أسرار هللا ٌ‬
‫اشَبكتا أ ٌف يكبلٌ منهما نور ٌ‬
‫أصلي ذاٌب حقيقي ‪٨‬بلوؽ‬‫النبوة أصل ٌ‬ ‫درؾ على ا‪٢‬بقيقة إالٌ ابلكشف‪ ،‬غّب أ ٌف نور ٌ‬ ‫ا‪٤‬بباينة ال يي ى‬
‫كل أحوالو‪ ،‬كنور الوالية ٖببلؼ ذلك أل ٌف‬
‫النيب معصوما ُب ٌ‬
‫مع الذات ُب ٌأكؿ نشأهتا‪ ،‬كلذا كاف ٌ‬
‫ا‪٤‬بفتوح عليو إذا نظر إٔب من‬
‫النبوة ُب ذاتو‬
‫سيصّب كليٌا يرل ذاات كسائر الذكات‪،‬كإذانظر إٔب ذات من سيصّب نبيٌا رأل نور ٌ‬
‫النبوة السابقة الٍب سبقت ُب حديث "إ ٌف القرآف‬
‫سابقا‪ ،‬كرأل تلك الذات مطبوعة على أجزاء ٌ‬
‫مرا‪ ،‬كعلى الصرب‬
‫أنزؿ على سبعة أحرؼ"‪ ،،‬فيكوف صاحبها مطبوعا على قوؿ ا‪٢‬ب ٌق كلو كاف ٌ‬
‫كجل‬
‫عز ٌ‬ ‫ٰبس معو أبٓب‪ ،‬كال تكوف معو كلفة‪ ،‬كعلى الر‪ٞ‬بة الكاملة‪ ،‬كعلى معرفة هللا ٌ‬
‫الذم ال ٌ‬
‫كجل خوفا ٲبتزج فيو‬
‫عز ٌ‬ ‫التاـ منو ٌ‬
‫على الوجو الذم ينبغي أف تكوف ا‪٤‬بعرفة عليو‪ ،‬كعلى ا‪٣‬بوؼ ٌ‬
‫حٌب يدكـ لو ا‪٣‬بوؼ ُب سائر أحوالو‪،‬‬
‫الظاىرم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الباطِب اب‪٣‬بوؼ‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٣‬بوؼ‬

‫ض َّره‪،‬‬ ‫حٌب مَ ً‬
‫ص ىل ىم ٍن ىؽ ىَ ىعوي كينفع ىم ٍن ى‬ ‫كعلى بيغض الباطل بيغضا دائما‪ ،‬كعلى العفو الكامل ٌ ى ن‬
‫كأما‬
‫النيب قبل الفتح كبعده‪ٌ .‬‬ ‫النبوة كأجزاؤىا السبعة الٍب تطبع عليها ذات ٌ‬
‫فهذه ىي خصاؿ ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪222‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫الوٕب فإهنٌا قبل الفتح ًم ٍن ‪ٝ‬بلة الذكات ليس فيها شيء زائد‪ ،‬فإذا فيتً ىح عليها جاءهتا‬
‫ذات ٌ‬
‫كأما ما ذى ىك ىرهي ُب الفرؽ‬
‫الوٕب غّب معصوـ قبل الفتح كبعده‪ٌ ،‬‬
‫األنوار‪ ،‬فأنوارىا عارضة‪ ،‬كلذا كاف ٌ‬
‫ك كعدمو فليس بصحيح‪ ،‬أل ٌف الوٕب ال ب ٌد أف يشاىد ا‪٤‬ببلئكة‬ ‫بْب النيب كالوٕب ًمن نزكؿ ا‪٤‬بىلى ً‬
‫ٌ ٍ‬ ‫ٌ‬
‫بذكاهتم على ما يى ٍم عليو‪ ،‬كٱباطبهم‬
‫الوٕب ال يشاىد ا‪٤‬بلك كال يكلٌمو فذلك دليل على أنٌو غّب مفتوح‬ ‫كل ىمن قاؿ أ ٌف ٌ‬ ‫كٱباطبونو‪ ،‬ك ٌ‬
‫عليو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٍبٌ قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪ :‬قلت‪ ،‬ككذا قاؿ ا‪٢‬با‪ٛ‬بي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب الفتوحات ا‪٤‬بكيٌة ُب‬
‫ط ‪ٝ‬باعة من أصحابنا‪ ،‬منهم اإلماـ أبو حامد الغزإب‪ُ ،‬ب‬
‫الباب الرابع كالستْب كثبل‪ٜ‬بائة‪ :‬ىخلى ى‬
‫الوٕب ييػل ىٍه يم كال ينزؿ عليو ا‪٤‬بلك‪،‬‬
‫كك ٌ‬ ‫النيب ينزؿ عليو ا‪٤‬بىلى ي‬
‫كالوٕب‪ ،‬أ ٌف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫النيب‬
‫قو‪٥‬بم ُب الفرؽ بْب ٌ‬
‫فالوٕب إذا نزؿ عليو ا‪٤‬بلك فقد أيمره ابإلتٌباع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قاؿ‪ :‬كالصواب أ ٌف الفرؽ فيما ينزؿ بو ا‪٤‬بلك‪،‬‬
‫بصحة حديث‬ ‫كقد ٱبربه ٌ‬
‫فهمت كبلـ الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب الفرؽ‬
‫ى‬ ‫ضعفو العلماء‪ ،‬إٔب أ ٍف قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد‪ :‬إذا‬
‫ٌ‬
‫علمت أ ٌف ما استصوبو ا‪٢‬با‪ٛ‬بي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب الفرؽ غّبي ظاى ور أل ٌف حاصلو أ ٌف ٌ‬
‫الوٕب‬ ‫ى‬ ‫السابق‬
‫قصة مر‪ٙ‬ب‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بىلىك‬
‫يتنزؿ عليو ا‪٤‬بلك ابألمر كالنهي‪ ،‬كيلزـ منو أ ٍف يكوف ذا شريعة كما ُب ٌ‬
‫ال ٌ‬
‫نزؿ عليها ابألمر كليست نبية‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كإذا كاف ا‪٤‬بفتوح عليو على ىذه ا‪٤‬برتبة فبل يستبعد أف يكوف منعو أىل طريقتو عن زايرة‬ ‫ي‬
‫األكلياء إً ٍذان ًمن هللا تعأب‪ً ،‬‬
‫كمن رسولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬بواسطة ملى و‬
‫ك من ا‪٤‬ببلئكة‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫كقاؿ الشعرا٘ب ُب ٌأكؿ الطبقات‪:‬‬

‫قوة االستنباط نظّب األحكاـ‬


‫كتبحر فيو‪ ،‬أعطاه هللا ىناؾ ٌ‬
‫ٍبٌ أ ٌف العبد إذا دخل طريق القوـ‪ٌ ،‬‬
‫ك‪٧‬برمات‪ ،‬كمكركىات‪،‬‬
‫الظاىرة على ح ٌد سواء‪ ،‬فيستنبط ُب الطريق كاجبات‪ ،‬كمندكابت‪ٌ ،‬‬
‫تصرح الشريعة‬ ‫األكٔب‪ ،‬نظّب ما يفعلو اجملتهدين‪ .‬كليس إٯباد ‪٦‬بتهد ابجتهاده شيئا ٓب ٌ‬ ‫كخبلؼ ٍ‬
‫صرح‬ ‫ً‬
‫تصرح الشريعة بوجوبو‪ ،‬كما ٌ‬ ‫كٕب هللا تعأب يح ٍكما ُب الطريقة ٓب ٌ‬
‫بوجوبو ٍأكٔب من إٯباب ٌ‬
‫بذلك اليافعي كغّبه‪.‬‬
‫فمن دقٌق النظر ىعلً ىم أنٌو ال‬
‫كإيضاح ذلك أهنٌم كلٌهم عي يدكؿ ُب الشرع‪ ،‬اختارىم هللا تعأب لدينو‪ ،‬ى‬
‫ٱبرج شيء من علوـ هللا تعأب عن الشريعة‪ ،‬ككيف ‪ٚ‬برج علومهم عن الشريعة كىي كصلتهم إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪223‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫التصوؼ علم‬ ‫ٌ‬ ‫كل ‪٢‬بظة‪ ،‬لكن استغراب من ال لو إ‪٤‬باـ أبىل الطريقة أ ٌف علم‬ ‫كجل ُب ٌ‬
‫عز ٌ‬ ‫هللا ٌ‬
‫يتبحر ُب ًعلٍم الشريعة‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫الشريعة كونو ٓب ٌ‬
‫كقاؿ الشعرا٘ب ُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود‪:‬‬
‫ط عن زايرة أحد أقراننا‪ ،‬كمشايخ عصران إالٌ إ ٍف ىعلً ٍمنا من‬ ‫أخذ علينا العهد أف ال ٭بنع أحدا قى ٌ‬
‫طريق الكشف‪ ،‬الذم ال يدخلو ‪٧‬بو‪ ،‬أ ٌف فىػ ٍت ىح يهم ال يكوف إالٌ ُب بلدان كعلى أيدينا‪ ،‬فحينئذ‬
‫نعلم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫٭بنعهم من زايرة غّبان م ىن االشياخ‪ ،‬تقريبا للطريق عليهم ال يحبٌا للرايسة على الناس‪ ،‬فإ ٍف ٓب ٍ‬
‫أ ٌف فىػ ٍت ىح يهم يكوف على أيدينا فليس لنا ىم ٍنػعيهم‪.‬‬
‫ليقربوا الطريق‬
‫ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ما زٌكت األكابر أنفسها إالٌ ٌ‬
‫علي ٌ‬‫قاؿ‪ :‬ككاف سيٌدم ٌ‬
‫كأكؿ مش ٌفع"‬‫على أتباعهم كتبلمذهتم ال غّب‪ ،‬كما قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬أان ٌأكؿ شافع ٌ‬
‫نيب كغّبىم ًم ىن األمم‪ ،‬أك‬
‫نيب بعد ٌ‬‫لتعلم ٌأمتو أ ٍف ال أحد يشفع قبلو فيأتونو ٌأكال كال يذىبوف إٔب ٌ‬
‫‪٩‬بٌن ال يبلغهم‪.‬‬
‫فرقوف بْب ا‪٤‬بقامات‪ٌ ،‬أما ضعفاء‬ ‫ً‬
‫قاؿ‪ :‬كىذا األمر من الشيخ ُب ح ٌق أكابر أصحابو الذين يي ٌ‬
‫ألهنم كالبهائم السارحة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫حٌب ال يذىبوا لغّبان ٌ‬
‫ا‪٢‬باؿ فنقيٌدىم علينا ٌ‬
‫عمم ا‪٤‬بنع‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا فصل ا‪٤‬بقاؿ أل ٌف كبلـ الشيخ الشعرا٘ب ىذا انصر لشيخنا مطلقا كلو ٌ‬
‫ي‬
‫يعمم ا‪٤‬بنع إ ٍذ ٓب يىػ ٍنػ ىه يهم عن ‪ٝ‬بيع ما ق ٌدمنا‪.‬‬
‫لكن شيخنا رضي هللا تعأب عنو ٓب ٌ‬
‫كونو انصرا لشيخنا أنٌو قاؿ‪ " :‬أ ٌف الشيخ ٲبنع ضعفاء ا‪٢‬باؿ من زايرة غّبه مطلقا " إذا‬
‫ككجو ٍ‬
‫يفرقوف بْب ا‪٤‬بقامات‬
‫علم أ ٌف فتحهم ال يكوف إالٌ على يديو أـ ال‪ ،‬كٲبنع أكابر أصحابو الذين ٌ‬
‫إذا علم من طريق الكشف الذم ال يدخلو ‪٧‬بو أ ٌف الفتح عليو ما يكوف إالٌ على يديو‪ ،‬كمٌب‬
‫حصل لو ذلك العلم فلو م ٍنػعيو ًمن زارة غّبه من األكلياء‪ ،‬كمع ىذا كلٌو‪ ،‬فىػ ىقد‬
‫القطعي ُب ح ٌق ‪ٝ‬بيع أىل طريقتو ضعفاء ا‪٢‬بماؿ الذين ىم كالعواـ‬ ‫ٌ‬ ‫حصل لشيخنا ىذا العلم‬
‫يفرقوف بْب ا‪٤‬بقامات ًمن جهة ج ٌده رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬ ‫منهم‪ ،‬كاألكابر الذين ٌ‬
‫قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫كل ىمن أحبٌو‬‫كأما أتباعو رضي هللا تعأب عنو فقد أخربه سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم أ ٌف ٌ‬
‫ٌ‬
‫كأم ىرهي أ ٍف ينهى أصحابو‬
‫حٌب يكوف كليٌا قطعا‪ ،‬ى‬‫للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كال ٲبوت ٌ‬
‫فهو حبيب ٌ‬
‫كل ىمن زار منهم ينسلخ عن طريقتو‪ ،‬كذى ىك ىر صلٌى هللا‬‫عن زايرة األكلياء األحياء منو كاألموات‪ ،‬ك ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪224‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليو كسلٌم لو هنع هللا يضر‬
‫‪ٙ‬بل بو العقوبة‪ ،‬كأيتيو ا‪٥‬ببلؾ‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬قاؿ‬
‫أ ٌف ىم ٍن تىػ ىر ىؾ أكراده ٌ‬
‫كل ىمن عرؼ شيخا‬
‫ٕب رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم مسألة غى ىف ىل عنها الشيوخ‪ ،‬كىي ٌ‬
‫كزار غّبه ال ينتفع بو كال بغّبه أصبل‪.‬‬
‫مر‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬قاؿ ٕب سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬إذا ٌ‬
‫أصحابيك أبصحايب فليزكركىم فقط‪ ،‬كأما غّبىم من االكلياء فبل‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪:‬‬

‫ا‪٤‬بضرة‬
‫كٯبب على الشيخ أف ال يَبؾ أصحابو يزكركف شيخا آخر‪ ،‬كال ٯبالسوف أصحابو‪ ،‬فإ ٌف ٌ‬
‫‪ٚ‬بصو ال يتع ٌداىا كال ٱبلطها بغّبىا‪ ،‬فيسمع ا‪٤‬بريد‬
‫لكل شيخ طريقة ٌ‬
‫سريعة للمريدين أل ٌف ٌ‬
‫أصحاب ذلك الشيخ يذكركف عن شيخهم خبلؼ ما أمر بو شيخو‪ ،‬فيختلف عليو األمر‪،‬‬
‫فيوقعو‪ .‬فوجب على الشيخ س ٌد ىذا الباب على ا‪٤‬بريدين‪ .‬كيتخيٌل الناس كا‪٤‬بريدكف غّب‬
‫الصادقْب أ ٌف الشيخ إ ٌ٭با ٲبنع أصحابو من زايرة الشيوخ ك‪٦‬بالسة أصحاهبم من أجل رايء‬
‫كحسب‪ ،‬كىذا كلٌو ابطل كافَباء على الشيوخ‪.‬‬
‫قلت‪ً :‬‬
‫كمن ىنا تعلم أنٌو ال ينكر على شيخ منع أصحابو كأىل طريقتو من زايرة األكلياء فقط‪،‬‬
‫كيش ٌدد على ذلك اإلنكار كيبالغ فيو إالٌ ىمن كاف ًم ىن األغبياء ا‪١‬بهلة الذين يعتقدكف أ ٌف زايرة‬
‫األكلياء كلٌهم كاجبة إ‪ٝ‬باعا أك ُب مذىب من ا‪٤‬بذاىب‪ ،‬كٓب يعلموا أ ٌف غاية ما قيل فيها ا‪١‬بواز‬
‫ْب ُب أصل الشرع كاجتماع الرجاؿ كالنساء كتلك‬ ‫‪٧‬برـ أك مكركه بىًٌ و‬ ‫ً‬
‫كاإلستحباب إ ٍف سلمت من ٌ‬
‫األمور الٍب ‪ٙ‬بدث ىناؾ‪ ،‬كٓب يعلموا أ ٌف تضليلهم ىم ٍن ىمنى ىع أصحابو ًمن زايرة األكلياء ألسرار‬
‫ألهنم نسبوا أكلياء هللا‬
‫ٯبرىم إٔب الكفر ٌ‬
‫يعلمها ٌ‬
‫تعأب كالعارفْب كإماـ أئمة دار التنزيل مالك بن أنس إٔب الضبلؿ‪ ،‬ككفاىم بذلك ًمن هللا تعأب‬
‫توسل ٗبخلوؽ أصبل‪ ،‬كقيل إالٌ برسوؿ هللا صلٌى هللا‬ ‫خسراان‪ ،‬إ ٍذ قد ير ًك ى‬
‫م عن مالك أنٌو قاؿ‪ :‬ال يي ٌ‬
‫علمت أ ٌف الزايرة جائزة أك‬
‫ى‬ ‫زركؽ هنع هللا يضر‪ .‬كإذا‬
‫عليو كسلٌم‪ .‬أنظر أتسيس القواعد للشيخ أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫مستحبٌة فاعلم أنٌو ال اعَباض على شيخ ىمنى ىع مريده عن فً ٍع ًل مباح مثبل‪.‬‬
‫قاؿ ُب لواقح األنوار القدسيٌة ُب العهود احملمديٌة‪:‬‬
‫فإايؾ اي أخي أف تبادر إٔب اإلنكار عليو إذا رأيت أحدا منهم أيخذ العهد على مريد بَبكو ا‪٤‬بباح‬‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪225‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كتقوؿ كيف أيخذ العهد على مريده بَبكو ا‪٤‬بباح مع أ ٌف الشارع أابحو لو‪ ،‬فإنٌك ُب كاد كأىل هللا‬
‫ُب كاد‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كل من لو أدٗب علم كمعرفة أنٌو ال ينكر على‬


‫قلت‪ :‬كٗبا ق ٌدمنا من كبلـ السادات األكلياء يعلم ٌ‬
‫األكلياء ُب أمرىم ا‪٤‬بريد ابإلقتصار على قدكة كاحدة‪ ،‬كهنيهم من انتسب إٔب طريقهم عن زايرة‬
‫األكلياء‪ ،‬إالٌ ىمن ال خبلؽ لو ُب طريق أىل هللا‪ ،‬بل ال ينكر عليهم ذلك إالٌ من ٓب تبلغ قراءتو‬
‫ابب الصياـ ُب ‪٨‬بتصر الشيخ خليل‪،‬‬
‫كإف بلغو فقد اندل على نفسو اب‪١‬بهل كقلٌة الفهم على رؤكس األشهاد حيث ٓب يفهم قولو كُب‬
‫النقل ابلعمد ا‪٢‬براـ كلو بطبلؽ بت األلوجو كوالد كشيخ‪ ،‬كٓب يعلم أ ٌف ا‪٤‬براد ابلشيخ شيخ ُب‬
‫الشرعي‪ .‬أنظر‬
‫ٌ‬ ‫الطريقة أخذ ا‪٤‬بريد على نفسو العهد أنٌو ال ٱبالفو‪ ،‬كأ ٍ‪٢‬بى ىق بعضهم بو شيخ العلم‬
‫شرح الدرديرم كغّبه‪.‬‬
‫حكى القشّبم ُب رسالتو‪:‬‬
‫كشاب ٱبدـ أاب‬
‫ٌ‬ ‫أ ٌف شقيقا البلخي كأاب تراب النخشيب قد قدـ على أيب يزيد‪ ،‬كقي ًٌد ٍ‬
‫مت السفرة‬
‫يزيد‪ ،‬كقاؿ شقيق‪ " :‬يك ٍل معنا اي فٌب "‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أان صائم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أبو تراب كلك أجر صوـ شهر‪،‬‬
‫فأىب‪ ،‬فقاؿ شقيق‪ :‬يك ٍل كلك أجر صوـ سنة‪ ،‬فأىب‪ ،‬فقاؿ أبو يزيد‪ :‬دعوا ىمن سقط من عْب هللا‪،‬‬
‫الشاب بعد م ٌدة كقطعت يده بسرقة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أخذ ذلك‬
‫تطوع صار ‪ٛ‬بامو كاجبا عليو ُب بعض‬
‫ع ُب صوـ ٌ‬
‫كلذا كاف الشيخ ُب الطريق إذا ىأم ىر مريدا ىش ىر ى‬
‫يتعْب عليو الفطر عند أىل الطريق قاطبة‪ ،‬كٯبوز عند علماء الظاىر‪،‬‬
‫ا‪٤‬بذاىب أف يفطر ألنٌو ٌ‬
‫كيكوف بو رإبا‪ ،‬كإ ٍف أىب خاب كخسر كافتضح كما كقع للشاب‪ ،‬فما ظنٌك إذا منىػ ىعو عن فً ٍع ًل‬
‫ٍأم ور غايتو ا‪١‬بواز كاإلستحباب‪.‬‬
‫كمع ىذا كلٌو فإ ٌف ساداتنا األكلياء ٓب يكن فيهم كاحد ىمنى ىع الناس كلٌهم من الزايرة‪ ،‬ال ىم ٍن ىع ‪ٙ‬بر‪ٙ‬ب‬
‫كمن أراد اإلنتساب إليهم‪ ،‬كما‬
‫كال كراىة‪ ،‬كحاشاىم من ذلك‪ ،‬كإ ٌ٭با كبلمهم مع ا‪٤‬بنتسبْب إليهم ى‬
‫منعوا ا‪٤‬بنتسبْب إليهم أيضا من الزايرة مطلقا بل ًم ىن زايرة األكلياء فقط‪.‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية‪:‬‬

‫‪٠‬بعت سيٌدم عليٌا ا‪٤‬برصفي يقوؿ‪ :‬ال ينبغي ‪٤‬بريد أف يزكر كال ييزار لًغىلىبىة اآلفات عليو‪ .‬فبل ىو‬ ‫ي‬
‫كر يم ىع ٌد لَببيتو‪ ،‬كرٌٗبا ‪٠‬بع ًمن ذلك الشيخ الذم زاره كلمة‬‫مرصد للَببية لييقت ىدل بو كال ا‪٤‬بىيز ي‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪226‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫نفسو‪ .‬قاؿ‪ :‬كأراد سيٌدم دمحم الشنٌاكم زايرة شخص ًم ٍن مشايخ عصره‬
‫س ُّر هبا ي‬
‫موافقة ‪٥‬بواه فتي ى‬
‫فشاكر شيخو الشيخ دمحم بن أيب ا‪٢‬بمايل ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ ،‬فنظر إليو شزرا كقاؿ‪ :‬اي دمحم ال ينبغي‬
‫كنت ال أكفيك فكيف‬ ‫‪٤‬بريد أف أيخذ عن شيخ إالٌ إذا ىعلً ىم أنٌو يكفيو ًمن ‪ٝ‬بيع الناس‪ ،‬فإف ي‬
‫دت ىعلى َّي ُب الظاىر كابطنك ٖببلفو‪،‬‬
‫تقيٌ ى‬
‫فقاؿ‪ :‬اي سيٌدم التوبة‪ ،‬فتاب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كإٔب معُب ‪ٝ‬بيع ما تق ٌدـ أشار كبلـ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كما ُب جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب‪ ،‬حيث قاؿ‪:‬‬
‫كمن الشركط ا‪١‬بامعة بْب الشيخ كمريده أف ال ييشرؾ ُب ‪٧‬ببٌتو غّبه‪ ،‬كال ُب تعظيمو‪ ،‬كال ُب‬ ‫ً‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬ ‫كيتأمل ذلك بشريعة نبيٌو ٌ‬ ‫اإلستمداد منو‪ ،‬كال ُب اإلنقطاع إليو بقلبو‪ٌ ،‬‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم برتبة غّبه ًم ىن النبيٌْب كا‪٤‬برسلْب ُب احملبٌة‬ ‫سول رتبة نبيٌو ٌ‬
‫فإ ٌف ىم ٍن ٌ‬
‫كالتعظيم كاإلستمداد كاإلنقطاع إليو ابلقلب كالتشريع فهو عنواف على أف ٲبوت‬
‫عرفت ىذا فليكن ا‪٤‬بريد مع شيخو كما‬ ‫س ٍب ًق ‪٧‬ببٌة إ‪٥‬بية‪ ،‬فإذا‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫كافرا إالٌ أف تدركو عناية رابنية ب ى‬
‫ىو مع نبيٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب التعظيم كاحملبٌة كاإلستمداد كاإلنقطاع إليو ابلقلب‪ ،‬فبل‬
‫ييس ًٌوم بو غّبه كال يشرؾ‪.‬‬
‫لكل‬
‫سعيو إالٌ أتليف‪ ،‬كُب ما ذكرانه كفاية ٌ‬ ‫قلت‪ :‬كلوال خوؼ التطويل ى‪١‬بىلىٍبػنىا ُب ىذا ا‪٤‬بقاـ ما ال يى ى‬
‫اَّلل فىػهو الٍم ٍهت ًد كمن ي ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ضل ٍل فىػلى ٍن ىً٘ب ىد لىوي‬ ‫كأما غّبه فكما قاؿ فيو موالان‪ :‬ىم ٍن يىػ ٍهد َّي ي ى ي ى ى ى ٍ ي‬ ‫موفَّق سعيد‪ٌ ،‬‬
‫ىكلًيِّا يم ٍر ًش ندا (‪)2‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفًٌق ًٗبىنًٌ ًو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫‪.1‬سورة آؿ عمراف‪ ،‬اآليتاف ‪.43 ،42‬‬


‫‪.2‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.17‬‬

‫الفصل الثالث كالعشركف‬

‫كأكٔب ً ًٌ‬
‫ابلرب كالتوقّب‪ ،‬كأح ٌق رعاية‪،‬‬ ‫ا‪٤‬بعنوم الذم ىو الشيخ أرفع رتبة‪ٍ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫ُب إعبلمهم أب ٌف الوالد‬
‫سي‪.‬‬ ‫ً‬
‫كآكد دراية‪ ،‬كأقرب حسبا‪ ،‬كأكصل نسبا من الوالد ا‪٢‬ب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪227‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىو ا‪٥‬بادم ًٗبىنًٌ ًو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ اإلماـ أبو القاسم القشّبم‬
‫الرب "‪ :‬فهو اسم من‬
‫كأما قوليو " ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ُ ،‬ب شرحو على أ‪٠‬باء هللا ا‪٢‬بسُب عند قولو ٌ‬
‫حسن‪ ،‬كإحسانو تعأب ال يٰبصى‪،‬‬ ‫أ‪٠‬بائو تعأب قاؿ هللا تعأب إنٌو ىو الرب الرحيم‪ ،‬كالرب معناه ا‪٤‬بي ً‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫كييقاؿ فبل هف ٌبران أببويٍو‪ .‬كُب ا‪٣‬برب عن النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أنو قاؿ‪" :‬رضا هللا ُب رضا‬
‫الوالدين كسخط هللا ُب سخط الوالدين"‪.‬‬
‫علي بن أيب طالب هنع هللا يضر امتنع ًم ىن األكل مع كالدتو‪ ،‬فقالت لو ُب ذلك‪،‬‬
‫قيل أ ٌف ا‪٢‬بسن بن ٌ‬
‫كأسبقك على أ ٍخ ًذهً كال أشعر فأكوف عاقٌا ً‬
‫لك‪ ،‬فقالت‪:‬‬ ‫ً‬ ‫بصر ًؾ على شيء‬ ‫فقاؿ‪ :‬أخشى أف يقع ي‬
‫حل‪ .‬كأنشدكا‪:‬‬ ‫كأنت ُب ٌ‬
‫بِب يك ٍل معي ى‬‫اي ٌ‬
‫الرب‬ ‫عليك برب الوالدين فإنٌو ‪ً ...‬يق ى ً‬
‫يك م ىن األسواء اي طالب ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مودة ‪ ...‬كقد طاؿ ما انلوؾ ما كاف ًم ٍن خّب‬ ‫لقد طاؿ ما فاضوا عليك ٌ‬
‫فح ّّق على ذم الشكر أف أيلف الشكر‬ ‫كمن قارف الر‪ٞ‬بن ابلشكر شكره ‪ ...‬ى‬
‫كنت ُب ابتداء إرادٌب صبيٌا ًكٕب دكف عشرة سنْب‪ ،‬فكاف ال أيخذ٘ب‬ ‫كٰبكى عن أيب يزيد أنٌو قاؿ‪ :‬ي‬
‫أبيت معها ُب الفراش كأانـ‪ ،‬كٓب أي ًر ٍد‬
‫ت على َّي كالدٌب ليلةن أ ٍف ى‬
‫فأقسم ٍ‬
‫ى‬ ‫كنت أصلٌي‪،‬‬
‫النوـ ابلليل‪ ،‬ك ي‬
‫أخرجها ‪٨‬بافة أ ٍف تنتبًوى‪ ،‬كٓب أيخ ٍذ٘ب النوـ‪،‬‬
‫فنمت مع كالدٌب‪ ،‬ككانت يدم ‪ٙ‬بت جنبها ٓب ٍ‬ ‫ي‬ ‫‪٨‬بالفتها‬
‫كانتبهت‪ ،‬فلم تعمل يدم م ٌدة‪ .‬كقيل ُب‬
‫ٍ‬ ‫كت‬
‫‪ٙ‬بر ٍ‬
‫ىح هد عشرة آالؼ مرة‪ٍ ،‬بٌ ٌ‬ ‫أت قي ٍل يى ىو َّ‬
‫اَّللي أ ى‬ ‫فقر ي‬
‫ا‪٤‬بعُب‪:‬‬
‫النجا‬ ‫ٍزمو دائما ‪ ...‬كإصبلح ً‬
‫ذات البىػ ٍ ً‬
‫ْب اي طالب ى‬ ‫ك بشكر هللا كال ٍ‬ ‫‪ٛ‬بس ٍ‬
‫ٌ‬
‫ٍتجا‬
‫كمل ى‬‫كألٍزـ بًَّر الوالديٍن فإنٌو ‪ ...‬من أركاف ىذا الدين كهف ي‬
‫بو أمر الر‪ٞ‬بن جل جبللو ‪ً ...‬‬
‫ابد ٍر إٔب ما قاؿ اب‪٢‬ب ٌق كالرجا‬ ‫ٌ‬ ‫ىى‬
‫ً‬
‫فتعجب م ٍن عيليًٌو مكانو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي ٌ‬
‫رب ٗبا بلغ‬ ‫رأل موسى عليو السبلـ رجبل عند ساؽ العرش ٌ‬
‫ىذا‪ ،‬قاؿ‪ :‬كاف ىذا ال ٰبسد أحدا ككاف ٌبرا بوالديٍو‪ .‬كأنشدكا‪:‬‬
‫ٍت إٔب الر‪ٞ‬بن كالركح كالرضا‬ ‫إذا أنت ٓب تغ ىف ٍل ع ًن الشكر دائما ‪ ...‬كصل ى‬
‫ضا‬‫كالٍزـ أابؾ الشكر بعد ثنائو ‪ ...‬فما ٕب أرل اي صاح قلبىك يم ٍع ًر ى‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬كاعلم أ ٌف ٌبر األصاغر من تبلمذة الشيوخ كاألساتيذ يكوف أكثر ًمن ٌبرًى ٍم لوالديٍهم أل ٌف‬
‫الوالد ٰبمي كل ىده من آفات الدنيا كالشيخ ٰبمي تلميذه من آفات اآلخرة‪ ،‬كاألب يرٌيب كلده‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪228‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ًابللُّ ٍق ىم ًة الفانية كالشيخ ٌ‬
‫يريب تلميذه ابللقمة الدائمة‪ .‬كُب ذلك شعر‪:‬‬
‫جنت يدم ‪ ...‬كأكٕب أكٕب األلباب من مهجٍب فضبل‬
‫فررت للر‪ٞ‬بن ‪٩‬بٌا ٍ‬
‫كقر هبم عينا كأكرـ هبم نزال‬
‫يى ٍم خّب خلق هللا فأنعم بقرهبم ‪ٌ ...‬‬
‫كل ‪ٙ‬بيٌة ‪ ...‬فأكرـ هبم فرعا كأكرـ هبم أصبل‬
‫فحيٌاىم الر‪ٞ‬بن ٌ‬
‫كقاؿ غّبه‬
‫السر كا‪١‬بهر‬
‫ابلرب كالتقى ‪ ...‬ككافيت تقول هللا ُب ٌ‬
‫لئن كنت بىػ ٌرا فزت ٌ‬
‫كل موطن ‪ ...‬كذاؾ سركر دائم أبدا يسرم‬
‫كفزت مع األبرار ُب ٌ‬
‫العاـ من رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫احملمديٌة‪ :‬أخذ علينا العهد ٌ‬
‫كُب لواقح األنوار القدسيٌة ُب العهود ٌ‬
‫عليو كسلٌم أف ال نتهاكف ٗبخالفة الوالدين ألغراض الدنيا كلو مباحة فنع ٌدىا كأهنٌا كاجبة أك‬
‫كل ما يكرىونو من حراـ أك مكركه‪ ،‬كذلك أ ٌف الشارع ٓب يذكر للعقوؽ ضابطا‬
‫مندكبة‪ ،‬كنتجنٌب ٌ‬
‫يرجع إليو كإ ٌ٭با ذكر أف ال ‪٬‬بالفهم فيما يطلبونو منٌا‪.‬‬
‫يعرفو مقاـ الوالدين عند‬
‫حٌب ٌ‬
‫كٰبتاج العامل هبذا العهد إٔب السلوؾ على يد شيخ صادؽ ح ٌق ٌ‬
‫هللا تعأب‪.‬‬

‫ٍبٌ قاؿ كاعلم اي أخي أف ال فرؽ ُب النهي عن ‪٨‬بالفة الوالدين بْب كالد ا‪١‬بسم ككالد القلب‪ ،‬بل‬
‫كأما كالد ا‪١‬بسم فإنٌو كاف‬
‫يقرب من النار‪ٌ ،‬‬
‫‪٨‬بالفة كالد القلب أش ٌد ألنٌو ينقذه من النار أك ‪٩‬بٌا ٌ‬
‫سببا ُب إٯباده ُب أسفل ا‪٤‬براتب‪ ،‬فإنٌو أكجده كالطينة أك كا‪٢‬بديد ا‪٤‬بصداة‪ ،‬فلم يزؿ كالد القلب‬
‫حٌب صار كالبلٌ ٍور األبيض أك كالذىب ا‪٤‬بص ٌفى‪.‬‬
‫يلطٌفو ٌ‬
‫أب القلب كاف سببا ُب ‪٦‬باكرتو ألىل حضرة هلل تعأب من األنبياء كا‪٤‬ببلئكة‬
‫كأيضا قالوا ي‬
‫علي ا‪٣‬بواص يقوؿ‪ " :‬ال يقدر أحد أف ٯبازم شيخو على‬
‫كالشهداء كالصا‪٢‬بْب‪ .‬ك‪٠‬بعت سيٌدم ٌ‬
‫تعليمو أداب كاحدا ُب الطريق كلو خدمو ليبل كهنارا إٔب أف ٲبوت " اىػ‪.‬‬
‫جلي ظاىر أل ٌف‬
‫قلت‪ :‬كالفرؽ بْب شفقو الشيخ على التلميذ كبْب شفقة الوالد على الولد ٌ‬
‫يدؿ التبلميذ على طريق السداد كيسلك هبم سبيل النجاة كالرشاد كٯبنٌبهم عن طريق‬
‫الشيخ ٌ‬
‫الشر كالفساد‪ ،‬فأين ىذه الشفقة من شفقة الوالدين على كلدٮبا الٍب غايتها ا‪٤‬بوت كال بد منو‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كشفقة الشيخ على التبلميذ ‪٩‬بٌا يوجب الطرد كاإلبعاد كالعطب أبد اآلابد‪ ،‬كما أحسن قوؿ‬
‫القائل‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪229‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قدر ليس يبلغو ‪ ...‬يحنيػ ٌو أوٌيـ كال ٰبويو ف ٍ‬
‫ضل أب‬ ‫فضل ا‪٤‬بعلٌم ه‬
‫الرتىب‬ ‫فذا يدبٌر ُب الدنيا معيشتو ‪ ...‬كذا ٲب ٌكنو من أرفع ُّ‬
‫ً ً ً‬ ‫ًً‬
‫اَّللى ىكىال تي ٍش ًريكوا بو ىش ٍيػئنا ىكابل ىٍوال ىديٍ ًن إ ٍح ى‬
‫س ناان‪ " :‬كمن‬ ‫كقاؿ ُب العرائس عند قولو تعأب‪ :‬ىكا ٍعبي يدكا َّ‬
‫ضع أعناقهم عند ساحتهم بنعت ٍترؾ‬
‫الوالدين ا‪٤‬بشايخ الصوفيٌة‪ ،‬كإحساف ا‪٤‬بريدين إليهم ك ٍ‬
‫‪٨‬بالفتهم ُب ‪ٝ‬بيع األنفاس مع نشر فضائلهم عن ا‪٣‬بلق كالدعاء ‪٥‬بم ٗبزيد القرب‪.‬‬
‫كل‬
‫السرم على أمر أيب‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ت ٍأمر‬
‫السرم أبمر‪ ،‬فق ٌد ٍم ي‬
‫ٌ‬ ‫كقاؿ‪ :‬قاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬أمر٘ب أىب أبم ور‪ ،‬كأمر٘ب‬
‫كجدت فهو من براكاتو "‪ .‬اىػ‪.‬‬‫ي‬ ‫ما‬
‫ً ً ً ً ً‬
‫ك أ َّىال تىػ ٍعبي يدكا إ َّال إ َّايهي ىكابل ىٍوال ىديٍ ًن إ ٍح ى‬
‫س ناان‪ :‬اإلحساف ابلوالدين‬ ‫ضى ىربُّ ى‬
‫كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬ىكقى ى‬
‫إحَبامهما كإجبل‪٥‬بما إبحَباـ هللا تعأب كإجبللو‪ .‬كأشياخ الطريقة كالدكف ألىل اإلرادة‪،‬‬
‫كاالحساف هبم متابعةي ٍأمرىم حملبٌة هللا تعأب‪.‬‬
‫س إبًً ىم ًام ًه ٍم‪ :‬كأيضا يى ٍدعي ا‪٤‬بريدين أب‪٠‬باء مشاٱبهم‬
‫كقاؿ عند قولو تعأب يىػ ٍوىـ نى ٍدعيوا يك َّل أ ىيان و‬
‫كيدعوىم إٔب مناز‪٥‬بم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫عما أرضعت أب‪٠‬باء ا‪٤‬بشايخ‬
‫كل مرضعة ٌ‬
‫قلت‪ :‬كدعاؤىم ُب ذلك اليوـ الشديد الذم تذىل فيو ٌ‬
‫كاألمهات يكفي دليبل على ارتفاع رتبة ا‪٤‬بشيخة الٍب ىي الوالدة ا‪٤‬بعنويٌة على‬
‫دكف أ‪٠‬باء اآلابء ٌ‬
‫كاألمهات‪ ،‬فوارد القلب إذا أرفع رتبة من كالد‬
‫رتبة الوالدة ا‪١‬بسميٌة الٍب ىي كالدة اآلابء ٌ‬
‫يدؿ أ ٌف رتبة كلد ا‪١‬بسم دكف رتبة كالد القلب أ ٌف كالدة ا‪١‬بسم تفتقر إٔب كالدة كالد‬
‫ا‪١‬بسم‪ ،‬ك‪٩‬بٌا ٌ‬
‫القلب‪ ،‬ككالدة‬
‫كالد القلب ال تفتقر إٔب كالدة كالد ا‪١‬بسم‪ ،‬كال ينفع كالد ا‪١‬بسم كلده إالٌ إذا اتٌصل ببعض‬
‫الشيوخ كلو قل‪ ،‬كرزؽ الوالد إتٌباع الوالد كلكنو ٓب يلحق مرتبة الوالد فيلحق هللا الولد بدرجة‬
‫كيدؿ على ذلك أ ٌف اآلابء‬ ‫ا‪٤‬بنضم مع القرابة‪ٌ .‬‬
‫ٌ‬ ‫الركحي ألنٌو من جهة كالدة القلب‬ ‫ٌ‬ ‫الوالد‬
‫ين آ ىىمنيوا‬ ‫َّ ً‬
‫كاألمهات يلحقوف بدرجة األبناء‪ ،‬لذلك قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب ىكالذ ى‬ ‫ٌ‬
‫ذريتهم كإف ٓب يكن لذريٌة أعماؿ‬ ‫كاتَّػبػع ٍتػ يهم ذي ًريَّػتيػ يهم إبًًٲبى و‬
‫اف أى ٍ‪٢‬بىٍقنىا هبًً ٍم ذي ًٌريَّػتىػ يه ٍم‪ :‬أ‪٢‬بقنا هبم تف ٌ‬
‫ضبل ٌ‬ ‫ى ىى ٍ ٌ ٍ‬
‫ألنٌو لع و‬
‫ْب‬

‫كالذرايت ىنا تصدؽ على اآلابء كعلى األبناء‪ ،‬كإ ٌ٭با ا‪٤‬بؤمن إذا‬
‫ْب كتيكرـ‪ .‬قاؿ ٌ‬ ‫ٯبازم ألف ع و‬
‫ً‬
‫أبناء كىو منقوؿ على ابن عباس‬ ‫كاف عملو أكثر أي ٍ‪٢‬ب ىق بو ىم ٍن دكنو ُب العمل ن‬
‫آابء كانوا أك ن‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪230‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كغّبه‪ .‬كيلحق ابلذريٌة من النسب الذريٌة ابلسبب‪ ،‬كىي احملبٌة‪ ،‬فإ ٍف كاف معها أ ٍخذ علم أك عمل‬
‫كانت أجدر‪ ،‬فتكوف ذريٌة اإلفادة كذريٌة الوالدة لقوؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪" :‬ا‪٤‬برء مع من‬
‫ٰبب كٓب يلحق هبم‪.‬‬
‫عمن ٌ‬
‫أحب" ُب جواب من سأؿ ٌ‬
‫ٌ‬
‫ىو يؤيد ما ت ٌدقم أ ٌف صاحب العرائس قاؿ عند قولو تعأب آ ىىاب يؤيك ٍم ىكأىبٍػنىا يؤيك ٍم ىال تى ٍد يرك ىف أىيُّػ يه ٍم أىقػ ىٍر ي‬
‫ب‬
‫لى يك ٍم نىػ ٍف نعا‪ :‬أشكل األمر من تلك الطائفتْب أيٌهما تبلغ إٔب درجة الوالية كا‪٤‬بعرفة ا‪٤‬بوجبة مشاىدة‬
‫األمة لنى ىج ٍوا بشفاعتو من الناس سبعوف ألفا‬ ‫ذرة منها ألحد من ىذه ٌ‬ ‫هللا كقربو الٍب لو كقعت ٌ‬
‫أم‪ ،‬أخدموا آابءكم كأر‪ٞ‬بوا أكالدكم فرٌٗبا ٱبرج منهم صاحب الوالية يشفع لكم‬
‫بغّب حساب ٌ‬
‫الوٕب‬
‫عند هللا تعأب‪ .‬قاؿ كحكمة اإلهباـ ىاىنا لتشمل الر‪ٞ‬بة كالشفقة على ا‪١‬بمهور لتوقٌع ذلك ٌ‬
‫الصادؽ‪.‬‬
‫عز‬ ‫قاؿ‪ :‬قاؿ ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما‪ " :‬ىال تى ٍد يرك ىف أىيُّػ يه ٍم أىقػ ىٍر ي‬
‫ب لى يك ٍم نىػ ٍف نعا أطوعكم هلل ٌ‬
‫ش ًٌفع ا‪٤‬بؤمنْب بعضهم‬
‫كجل من اآلابء كاألبناء أرفعكم درجة يوـ القيامة أل ٌف هللا سبحانو كتعأب يي ى‬ ‫ٌ‬
‫لتقر بذلك عينو‪ ،‬كإ ٍف‬
‫ُب بعض‪ ،‬فإ ٍف كاف الولد أرفع درجة من كالديو رفع هللا كالديو إٔب درجتو ٌ‬
‫لتقر بذلك أعينهم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كاف الوالد أرفع درجة من كالده رفع هللا الولد إٔب درجتو ٌ‬
‫ين آ ىىمنيوا ىكاتَّػبىػ ىع ٍتػ يه ٍم ذي ًٌريَّػتيػ يه ٍم‬ ‫َّ ً‬
‫كيشهد ‪٤‬با قلنا أيضا أف صاحب العرائس قاؿ عند قولو تعأب ىكالذ ى‬
‫اف أى ٍ‪٢‬بىٍقنىا هبًً ٍم ذي ًٌريَّػتىػ يه ٍم‪ :‬ىذا إذا كقعت فَبة الذريٌة من العدـ سليمة طيٌبة طاىرة مستع ٌدة لقوؿ‬ ‫إبًًٲبى و‬
‫"كل مولود يولد على الفطرة‬ ‫تتغّب من أتثّب صحبة األضداد‪ ،‬لقولو عليو السبلـ‪ٌ :‬‬
‫معرفة هللا كٓب ٌ‬
‫ٲبجسانو"‪.‬‬
‫ينصرانو أك ٌ‬
‫يهودانو أك ٌ‬
‫حٌب يعرب عنو اللساف فأبواه ٌ‬
‫ٌ‬
‫يتم عليها األحواؿ‬ ‫فيض مباشرةً نوًر ًٌ‬
‫ا‪٢‬بق كٓب ٌ‬ ‫األكؿ كصل إليها ي‬
‫فإذا بقيت على النعت ٌ‬
‫كأمهاهتم الكبار من ا‪٤‬بؤمنْب إذ ىناؾ ًبٌ أركاحهم‬
‫كاألعماؿ ليوصلها هللا تعأب إٔب درجات آابئهم ٌ‬
‫كعقو‪٥‬بم كقلوهبم كمعرفتهم كعلمهم ابهلل عند كشف مشاىدتو كبركز أنوار جبللو ككصالو‪ .‬قاؿ‬
‫ككذلك حاؿ ا‪٤‬بريدين عند العارفْب يبلغوف إٔب درجات كرباىم كشيوخهم‪ ،‬فآمنوا أبحوا‪٥‬بم كقبلوا‬
‫كبلمهم كما قاؿ رك‪ٙ‬ب ق ٌدس هللا تعأب ركحو‪ " :‬ىمن آمن بكبلمنا من كراء سبعْب حجااب فهو من‬
‫أحب قوما فهو‬ ‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من ٌ‬ ‫أىلو "‪ ،‬كقاؿ ٌ‬
‫اَّللي ىعلىٍي ًه ٍم ًم ىن‬
‫ين أىنٍػ ىع ىم َّ‬ ‫َّ ً‬ ‫وؿ فىأيكلىئً ى‬
‫ك ىم ىع الذ ى‬ ‫الر يس ى‬ ‫منهم"‪ ،‬كقاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬ىكىم ٍن يي ًط ًع َّ‬
‫اَّللى ىك َّ‬
‫ْب‪ .‬كال تعجب من ذاؾ فإنٌو تعأب يبلغهم إٔب أعلى‬ ‫الش ىه ىد ًاء ىك َّ‬
‫الصا‪٢‬بًً ى‬ ‫ْب ىك ُّ‬ ‫النَّبًيًْب ك ً ً ً‬
‫الص ٌديق ى‬
‫ٌىى ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪231‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫صليوف إٔب الدرجات العليا فكيف ال ي ً‬
‫صليوف إليها ُب‬ ‫الدرجات‪ ،‬فإذا كانوا ُب منازؿ الوحش ي ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫مقاـ الوصلة‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫َّاس اتَّػ يقوا ىربَّ يك ٍم‬


‫قلت‪ :‬كمن جهة اعتبار كالدة ا‪١‬بسم فقط قاؿ موالان سبحانو كتعأب‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الن ي‬
‫ش ٍوا يىػ ٍونما ىال ىٍٯب ًزم ىكالً هد ىع ٍن ىكلى ًدهً ىكىال ىم ٍوليو هد يى ىو ىجا وز ىع ٍن ىكالً ًدهً ىش ٍيػئنا‪ ،‬كمن جهة انضماـ‬
‫ىكا ٍخ ى‬
‫كالدة القلب مع كالدة ا‪١‬بسم قاؿ موالان سبحانو كتعأب‪ :‬كالَّ ًذين آىمنيوا كاتَّػبػع ٍتػ يهم ذي ًريَّػتيػ يهم إبًًٲبى و‬
‫اف‬ ‫ى ى ى ى ىى ٍ ٌ ٍ‬
‫ًً‬
‫كأما رفع ا‪٤‬بريد أك التلميذ إٔب‬ ‫أى ٍ‪٢‬بىٍقنىا هب ٍم ذي ًٌريَّػتىػ يه ٍم‪ ،‬كىذا صريح ُب رفع الورد من درجات الوارد‪ٌ ،‬‬
‫كإما لكوف الولد إذا‬
‫فإما لوالدة القلب ٌ‬ ‫درجة الشيخ‪ٌ ،‬‬
‫فانضمت كالدة ا‪١‬بسم إٔب كالدة القلب فإ ٌف‬
‫ٌ‬ ‫كاف صا‪٢‬با أك كليٌا ككاف الوالد من كبار األكلياء‬
‫كٕب كبّب أك عآب عامل‬
‫قل أف ييرل ٌ‬
‫مرتبتو ال يلحقها غّبه غالبا إالٌ أنٌو عزيز الوجود‪ ،‬فلذلك ٌ‬
‫لكل ما ال يوجد‬ ‫ًً ًَّ‬
‫حٌب ضرب العلماء لقلتو ا‪٤‬بثل ٌ‬ ‫متبحر متضلٌع من ‪ٝ‬بيع العلوـ ابن عآب كذلك ٌ‬ ‫ٌ‬
‫لعزتو ك‪٤‬با ذكران‪ ،‬قاؿ ابن عطاء هللا رضي هللا تعأب عنو ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪٤ ،‬بٌا ذكر كالدة ا‪١‬بسم‬
‫ٌ‬
‫األبوة تفتقر إٔب ىذه‪ ،‬كىذه ال تفتقر إٔب تلك "‪ .‬كما سيأٌب ُب‬
‫ككالدة القلب‪ ،‬قاؿ‪ " :‬إ ٌف تلك ٌ‬
‫آخر ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب‪.‬‬
‫أئمة للمتٌقْب‬ ‫ضية‪ " :‬فا‪٤‬بشايخ ‪٤‬بٌا اىتدكا كأ ًٌيىليوا لئلقتداء هبم ً‬ ‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ً‬
‫كجعليوا ٌ‬
‫ي‬ ‫ا‪٤‬بر ٌ‬
‫ٍ‬
‫فيسوس الشيخ نفوس ا‪٤‬بريدين كما يسوس نفسو من قبل ابلتأليف كالنصح‪ ،‬فبذلك يصّب ا‪٤‬بريد‬
‫كا‪١‬بزء من الشيخ كما أ ٌف الولد جزء من الوالد ُب الوالدة الطبيعيٌة‪ ،‬كتصّب ىذه الوالدة الثانية‬
‫مر ٍتْب)‪.‬‬
‫كالدة معنويٌة كما كرد عن عيسى عليو السبلـ‪( :‬لن يلج ملكوت السماء من ٓب يولد ٌ‬
‫كصدؽ اليقْب على الكماؿ ٰبصل ‪٥‬بذه الوالدة كإهباـ يستحق مّباث األنبياء‪ ،‬كمن ٓب ي ً‬
‫صلٍهم‬ ‫ى ى‬
‫مّباث األنبياء فما يكلً ىد‪.‬‬

‫النيب‬
‫فمن ا‪٤‬بشايخ من كثر أكالده كأيخذكف عنو األحواؿ كيدعوهنا غّبىم كما كصلت إليهم من ٌ‬
‫تقل أكالده‪ ،‬كمنهم من ينقطع نسلو "‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم بواسطة الصحابة‪ ،‬كمنهم من ٌ‬
‫كأما حديث "من‬
‫فقاؿ دمحم بن السيٌد ا‪٤‬بختار الكنٍب رضي هللا تعأب عنو‪٦ ،‬بيبا من سألو‪ٌ " :‬‬
‫كبرىم‬
‫علٌمك حرفا فهو موالؾ" فصحيح صريح ُب تعظيم حرمة ا‪٤‬بعلٌمْب ككجوب توقّبىم ٌ‬
‫كاإلحساف إليهم كإانفة منز‪٥‬بم كالتنمية ٗبكانتهم كإنزا‪٥‬بم من ا‪٤‬بتعلٌمْب منزلة ا‪٤‬بوإب الواجب‬
‫ا‪٤‬بتعْب عليهم اإلجبلؿ ٗبواليهم كما يشهد‬
‫احَبامهم كخدمتهم على العبيد ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪232‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫‪٥‬بم حديث " ٔبٌلوا ا‪٤‬بشايخ فإ ٌف تبجيلهم من تعظيم جبلؿ هللا "‪ .‬على أهنٌم متفاكتوف ُب الرتب‪،‬‬
‫ا‪٤‬بريب ًإذ ا‪٤‬بعلٌم إ ٌ٭با ىو مرشد إٔب إقامة رسوـ التعبٌد برعاية حدكد‬
‫فمرتبة معلٌم ا‪٣‬بّب دكف مرتبة ٌ‬
‫كا‪٤‬بريب مرشدا إٔب اإلخبلص ُب التعبٌد كالقياـ‬
‫الشريعة الظاىرة كإقامة األحكاـ ا‪٤‬بتعلٌقة اب‪٢‬ببلؿ‪ٌ ،‬‬
‫ٕبقوؽ العبوديٌة كهتذيب األخبلؽ كتنقيح األحواؿ كتزكيٌة األعماؿ ك‪ٚ‬بلية النفوس من العيوب‬
‫كاألكدار ك‪ٙ‬بليتها بنفائس األسرار كاألنوار كتصفيٌة القلوب من ا‪٢‬بجب ا‪٤‬بانعة ‪٥‬با عن مطالعة‬
‫الغيوب‪ ،‬فهذا الشيخ الوارث لنبيٌو‪ ،‬الراشد‬
‫الداعي إٔب السنن‪ ،‬ا‪٤‬بستقيم كا‪٤‬بهيع السديد‪ ،‬ا‪٤‬بخرج من ظلمات األىواء ا‪٤‬بضلٌة كاآلراء ا‪٤‬بزلٌة‬
‫فاألكؿ دكف الوالد ُب رتبة الربكر كالثا٘ب أرفع منو كأكٔب‬
‫إٔب أنوار التوفيق كمسالك التحقيق‪ٌ ،‬‬
‫ابلرب كالتوقّب من كجوه أغفلناىا خوؼ التطويل‪ ،‬كإٔب ىذا يشّب سيٌدم علي حرازـ رضي هللا‬
‫ٌ‬
‫تعأب عنو ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب حيث قاؿ‪ :‬إعلم أ ٌف أكٔب ما تتعلٌق بو ا‪٤‬بعرفة كالدراية ك٘بب احملافظة‬
‫‪٤‬بكانو كالرعاية ىمن أتتك على يديو نتائج ا‪٥‬بداية ككاجهتك منو إبذف هللا العناية إذ ىو األب‬
‫كل نسب‪ ،‬كاتهلل حيث كاف لك السبب‬
‫كالوالد كأح ٌق من ٌ‬
‫ُب مداد إجادات كنيل مدد السعادات‪ ،‬فكاف السبب ُب إخراجك من عدـ ا‪١‬بهالة إٔب كجود‬
‫التوجو كالوركد‪ ،‬كمن مواطن الغوااي إٔب‬
‫ا‪٤‬بعرفة‪ ،‬فيك حالو كمن مكاف الغفلة كالسدكد إٔب مكاف ٌ‬
‫منزلة ا‪٥‬بدااي‪ ،‬كمن ظلمات ا‪٤‬بخالفة كالعصياف إٔب أنوار ا‪٤‬بتابعة كالرضواف‪ ،‬كمن موقف ا‪١‬بفا‬
‫‪٧‬بل اإلشراؾ‬
‫كالبعاد إٔب كنف القرب كالوداد‪ ،‬كمن درؾ القطيعة إٔب درجة الوصل الرفيعة‪ ،‬كمن ٌ‬
‫قدسي‪ ،‬كمن كجود‬
‫ٌ‬ ‫حسي إٔب كجود‬
‫كاإلمداد إٔب مقاـ التوحيد كاإلفراد‪ ،‬فنقلك من كجود ٌ‬
‫نفسا٘بٌ إٔب كجود ر‪ٞ‬با٘بٌ‪ ،‬كمن كجود كالعدـ إٔب كجود راسخ القدـ‪ ،‬فأنزلك ُب‬
‫أبداي‪ ،‬فكانت‬
‫موحدا حقيقيٌا كفزت فوزا ٌ‬
‫ىذه ا‪٤‬بنازؿ ا‪٤‬بنيفة كأشرؽ عليك نور ا‪٢‬بقيقة‪ ،‬فصرت ٌ‬
‫ا‪٢‬بس ٌَيٌة‪ ،‬كأح ٌق منها رعاية‪ ،‬كآكد منها درجة‪ ،‬كأقرب منها‬
‫الوالدة ا‪٤‬بعنويٌة أنفع من الوالدة ٌ‬
‫حسبا‪ ،‬كأكصل نسبا‪ ،‬كما قاؿ ابن الفارض هنع هللا يضر‪:‬‬
‫نسب أقرب ُب شرع ا‪٥‬بول ‪ ...‬بيننا من نسب من أبوم‬
‫كصارت معرفتو أحرل من صفة أخرل‪.‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسيٌة‪ " :‬كهللا لو كقف ا‪٤‬بريدكف على ا‪١‬بمر بْب يدم أشياخهم منذ خلق‬
‫هللا الدنيا إٔب انقضائها ٓب يقوموا بواجب ح ٌق معلٌمهم ُب إرشادىم إٔب إزالة تلك ا‪٤‬بوانع الٍب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪233‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب فتح ا‪٤‬بطلب‬
‫ٰبب من أعطاه العزٲبة كالبخور ٌ‬
‫‪ٛ‬بنعهم من دخوؿ حضرة هللا‪ .‬كإذا كاف العبد ٌ‬
‫كجل فكيف ٗبن يعطيو اإلستعداد الذم يدخل بو‬
‫عز ٌ‬‫كال يكاد ببغضو مع كوف ذلك مكركىا هلل ٌ‬
‫حٌب يصّب معدكدا من أىلها‪ ،‬بل من ملوؾ ا‪٢‬بضرة‪ .‬كهللا إ ٌف أكثر الناس‬
‫كجل ٌ‬
‫عز ٌ‬
‫حضرة هللا ٌ‬
‫اليوـ ُب غمرة ساىوف‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب تعأب اللطف بنا كهبم‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ ابن عطاء هللا ُب لطائف ا‪٤‬بنن عن شيخو أبو العباس رضي هللا عنهما‪ " :‬من ٓب يكن لو‬
‫أستاذ يصلو بسلسة اإلتٌباع كيكشف لو عن قلبو القناع ىو ُب ىذا الشأف لقيط ال أب لو‪ ،‬ىد ًع ٌي‬
‫ال نسب لو "‪ .‬اىػ‪ٍ .‬بٌ قاؿ ابن عطاء هللا هنع هللا يضر‪ " :‬كمن نسب تلميذا إٔب غّب أستاذه كمن نسب‬
‫األبوة تفتقر إٔب‬
‫األبوة أح ٌق أف يرعى نسبها كٰبفظ سببها‪ ،‬إذ تلك ٌ‬
‫كلدا إٔب غّب أبيو‪ ،‬كىذه ٌ‬
‫ىذه‪ ،‬كىذه ال تفتقر إٔب تلك "‪ .‬اىػ‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع‬
‫كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الرابع كالعشركف‬


‫تعرض الجتماع لو كا‪١‬بهر‬
‫كا‪٢‬بث عليو كالَبغيب فيو‪ ،‬من غّب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ُب فضل الذكر مطلقا‪ ،‬كفوائده‪،‬‬
‫بو‪ ،‬كغّبه‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف الذكر أشرؼ العبادات‬
‫أل ٌف سائر العبادات تنقضي ابنقضاء الدنيا إالٌ ذكر هللا تعأب‪ .‬كُب لوامع األنوار ُب األدعية‬
‫كاألذكار لشهاب الدين بن أ‪ٞ‬بد حجر العسقبل٘ب رضي هللا تعأب عنو أنٌو‪ ،‬يعِب أىل ا‪١‬بنٌة‪،‬‬
‫مداكموف على الذكر فيها أل ٌف سائر العبادات تنقضي ابنقضاء الدنيا إالٌ ذكر هللا تعأب فإنٌو ال‬
‫مستمر للمؤمنْب ُب الدنيا‬
‫ٌ‬ ‫ينقضي‪ ،‬بل ىو‬
‫كاآلخرة‪ ،‬جعلنا هللا من الذاكرين الفائزين الفرحْب ا‪٤‬بطمئنْب الذين ال خوؼ عليهم كال ىم‬
‫ٰبزنوف‪ .‬كقاؿ بعد كبلـ كثّب‪ ،‬كقد ركل عن أىل ا‪١‬بنٌة يلهموف ا‪٢‬بمد كالتسبيح كما يلهموف‬
‫النفس‪ ،‬يقولوف سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬متل ٌذذين ال متعبٌدين كما يتل ٌذذ من بو داء العطش اب‪٤‬باء‬
‫البارد‪ .‬كقاؿ اإلماـ فخر الدين الرازم ُب أسرار التنزيل‪ :‬إعلم أ ٌف ‪ٝ‬بيع الطاعات تزكؿ يوـ‬
‫يدؿ‬
‫القيامة‪ٌ ،‬أما طاعة التهليل كالتحميد فبل تزكؿ عن ا‪٤‬بؤمن‪ ،‬ككيف ٲبكن زكا‪٥‬بما عنو كالقرآف ٌ‬
‫على أهنٌم مواضبوف على ا‪٢‬بمد‪ ،‬كا‪٤‬بواضبة على ا‪٢‬بمد توجب ا‪٤‬بواضبة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪234‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على الذكر كالتوحيد‪ ،‬كإ ٌ٭با قلنا مواضبوف على ا‪٢‬بمد لقولو تعأب‪ ،‬حكاية عن ا‪٤‬بؤمنْب ُب ا‪١‬بنٌة‪:‬‬
‫ًً ً‬ ‫ً ً َّ ً‬
‫اى ٍم‬ ‫ب ىعنَّا ا ٍ‪٢‬بىىز ىف‪ ،‬ىكقىاليوا ا ٍ‪٢‬بى ٍم يد ََّّلل الَّذم ى‬
‫ص ىدقىػنىا ىك ٍع ىدهي كقاؿ‪ :‬ىد ٍع ىو ي‬ ‫ىكقىاليوا ا ٍ‪٢‬بى ٍم يد ََّّلل الذم أى ٍذ ىى ى‬
‫ك اللَّ يه َّم ىكىً‪ٙ‬بيَّػتيػ يه ٍم فً ىيها ىس ىبل هـ اآلية‪ ،‬ال إلو إال ىو لو ا‪٢‬بمد ُب األكٔب كاآلخرة‪ ،‬فثبت‬ ‫فً ىيها يس ٍب ىحانى ى‬
‫فعلً ٍمنا من ىذا أ ٌف ‪ٝ‬بيع‬ ‫ٌأهنم مواضبوف على ا‪٢‬بمد‪ ،‬كا‪٤‬بواضبة على ا‪٢‬بمد مواضبة على الذكر‪ ،‬ى‬
‫العبادات زائلة عن أىل ا‪١‬بنٌة إالٌ طاعة الذكر‪.‬‬
‫ك اللَّ يه َّم‪ ،‬إهنٌا عبلمة بْب أىل ا‪١‬بنٌة‬ ‫اى ٍم فً ىيها يس ٍب ىحانى ى‬ ‫كقاؿ بعض ا‪٤‬ب ٌفسريْب ُب قولو تعأب‪ :‬ىد ٍع ىو ي‬
‫ك اللَّ يه َّم‪ ،‬فيحضركف ‪٥‬بم ُب الوقت ما‬ ‫كبْب خدمهم ُب الطعاـ‪ ،‬فإذا أرادكا الطعاـ قالوا‪ :‬يس ٍب ىحانى ى‬
‫كل صحفة‬
‫كل مائدة سبعوف ألف صحفة‪ُ ،‬ب ٌ‬
‫كل مائدة ميل ُب ميل‪ ،‬على ٌ‬
‫يشتهوف على ا‪٤‬بوائد ٌ‬
‫ألواف من الطعاـ ال يشبو بعضها بعضا‪ ،‬فإذا فرغوا من الطعاـ ‪ٞ‬بدكا هللا‪ .‬قاؿ‪ :‬فذلك قولو‬
‫اى ٍم فً ىيها يس ٍب ىحانى ى‬
‫ك اللَّ يه َّم‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫تعأب‪ :‬ىد ٍع ىو ي‬
‫كإذا قيػ ٌرر ىذا‪ ،‬فاعلم أ ٌف الذكر سبب السعادة ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كمطردة الشيطاف‪ ،‬كيرضى‬
‫كييسره‪ ،‬كيكسب الذاكر مهابة‪ ،‬كيورث ‪٧‬ببٌة هللا تعأب كمراقبتو‪ ،‬كيورث‬
‫الرب‪ ،‬كٯبلب الرزؽ ٌ‬
‫ٌ‬
‫الرب‪ ،‬كيفتح ابب ا‪٤‬بغفرة‪ ،‬كيورث العبد إجبلال لربٌو‪ ،‬كيورث ذكر هللا تعأب‬
‫اإلانبة كالقرب من ٌ‬
‫للعبد‪ ،‬كبو ‪ٙ‬بيا القلوب كما ٰبيا الزرع اب‪٤‬بطر‪ ،‬كىو قوت األركاح كجبلء القلب من الصدل‪،‬‬
‫كالرب‪ ،‬كما يذكره العبد من ‪٫‬بو‬
‫ٌ‬ ‫ط الذنوب‪ ،‬كيزيل الوحشة بْب العبد‬
‫كيورث النور ُب الفكر‪ ،‬كٰب ٌ‬
‫تسبيح كتكبّب كهتليل ك‪ٙ‬بميد يذكرف بصاحبهن حوؿ العرش‪ ،‬كالعبادات‬

‫تقرب إٔب هللا تعأب‪،‬‬


‫كلٌها تزكؿ عن العبد ُب ا‪٢‬بشر كا‪١‬بنٌة إالٌ ذكر هللا تعأب‪ ،‬كالتوحيد كا‪٢‬بمد ٌ‬
‫كىو للعبد سبب لنزكؿ السكينة عليو كحفوؼ ا‪٤‬ببلئك بو كنزك‪٥‬با لديو كغشياف الر‪ٞ‬بة‪ ،‬كىو‬
‫كل ابطل‪ ،‬كالذاكر ال يشقى بو جليسو ك‪٦‬بلسو ال يكوف‬
‫لئلنساف شاغل عن الغيبة كالكذب ك ٌ‬
‫ظل العرش الضليل‪ ،‬كمن شغلو ذكر هللا‬
‫لنيل ٌ‬‫عليو حسرة يوـ القيامة‪ ،‬كالذكر مع البكاء سبب ٍ‬
‫تعأب عن ا‪٤‬بسألة أ ً‬
‫يعط ىى أفضل ما ييعطى السائلوف‪ ،‬كىو غراس ا‪١‬بناف كسبب العتق من النّباف‬
‫كاآلماف من النسياف‪ ،‬كىو نور للعبد ُب دنياه كمنشور الوالية‪ ،‬كىو‬
‫كيقرب من قلبو اآلخرة كيبعد عنو الدنيا‬
‫يرقٌي العبد إذا رسخ ُب القلب كٯبمع على الذاكر قلبو ٌ‬
‫كيستع ٌد لًما ىو آت‪ ،‬كيثمر ا‪٤‬بعرفة كالوالية كالتوفيق كا‪٢‬بماية‪ ،‬كيعدؿ عتق الرقاب كا‪١‬بهاد‬
‫كالقتل ُب سبيل هللا كإنفاؽ الورؽ كالذىب‪ ،‬كىو رأس الشكر كيدخل ا‪١‬بنٌة كيذىب من القلب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪235‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫القساكة‪ ،‬كالذكر شفاء للقلوب‪ ،‬كىو أصل مواالة هللا تعأب كالغفلة أصل ا‪٤‬بعاداة‪ ،‬كىو رافع‬
‫للنقم كجالب للنعم كموجب لصبلة هللا تعأب كمبلئكتو عليك‪ ،‬ك‪٦‬بلس الذكر رايض ا‪١‬بنٌة‬
‫كيقوم‬
‫كيباىي هللا مبلئكتو ابلذاكرين ُب السماء‪ ،‬كىو ينوب عن سائر األعماؿ ٌ‬
‫الرب لعبده‪ .‬كالذكر‬
‫ا‪١‬بوارح كيفتح مغلق األبواب‪ ،‬كىو أمن ك‪٪‬باة كسيف‪ ،‬كىوسبب لتصديق ٌ‬
‫س ٌد بْب العبد كبْب النار‪ ،‬كالنار ال تبقى األجزاء النابتة من الفضوؿ كا‪٢‬براـ‪ ،‬كيثبٌت األنوار ُب‬
‫مر هبا‪ ،‬كىو شيمة‬
‫القلوب‪ ،‬كا‪٤‬ببلئكة يستغفركف للعبد إذا الزمهم‪ ،‬كالبقاع كا‪١‬بباه تتباىى بو إذا ٌ‬
‫أجل من ل ٌذة ا‪٤‬بطعومات كا‪٤‬بشركابت‪ ،‬ككجو الذاكر كقلبو يكسى ُب الدنيا نورا‬
‫ا‪٤‬بؤمن‪ ،‬كلو ل ٌذة ٌ‬
‫كنضرة‪ ،‬كُب اآلخرة يكوف كجهو أش ٌد بياضا من القمر‪ ،‬كىو يرفع إٔب أعلى الدرجات‪ ،‬كالذاكر‬
‫الرم من‬
‫حي كإ ٍف مات كالغافل ميٌت كإ ٍف كاف حيٌا‪ ،‬كيورث ٌ‬
‫ٌ‬
‫ّبا‪ ،‬كقاؿ‪ :‬اذٍ يك ير ًك٘ب‬ ‫العطش عند ا‪٤‬بوت‪ :‬قاؿ تعأب‪ :‬اي أىيُّػ ىها الَّ ًذين آىمنيوا اذٍ يكركا َّ ً ً‬
‫اَّللى ذ ٍك نرا ىكث ن‬ ‫ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫ّبا لى ىعلَّ يك ٍم تيػ ٍفلً يحو ىف‪ ،‬كقاؿ‪:‬‬
‫اَّللى ىكث ن‬ ‫ى ي‬ ‫ي‬
‫ًً ً‬
‫اَّلل تىطٍمئً ُّن الٍ يقليوب‪ ،‬كقاؿ‪ :‬كاذٍ يكركا َّ ً‬
‫أىذٍ يك ٍريك ٍم‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أ ىىال بذ ٍك ًر َّ ى‬
‫الذاكًر ً‬ ‫الذاكً ًرين َّ ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫إً َّف ال يٍم ٍسل ًم ى‬
‫ات‪ ،‬إٔب غّب ذلك من اآلايت‪.‬‬ ‫ّبا ىك َّ ى‬ ‫اَّللى ىكث ن‬ ‫ْب ىكال يٍم ٍسل ىمات إٔب قولو‪ :‬ىك َّ ى‬
‫ركل البخارم كمسلم عنو صلٌى هللا عليو كسلٌم أنٌو قاؿ‪" :‬أال أنبٌئكم ٖبّب أعمالكم كأزكاىا عند‬
‫عدككم‬
‫مليككم كأرفعها ُب درجاتكم كخّب لكم من إنفاؽ الذىب كالورؽ كخّب لكم أف تلقوا ٌ‬
‫فتضربوا أعناقهم كيضربوف أعناقكم قالوا بلى قاؿ ذكر هللا"‪ .‬كركل ابن حباف كاإلماـ أ‪ٞ‬بد كأبو‬
‫حٌب يقوؿ ‪٦‬بنوف"‪ .‬كركل ابن‬
‫يعلى كا‪٢‬باكم‪ ،‬كقاؿ صحيح اإلسناد مرفوعا‪" :‬أكثركا من ذكر هللا ٌ‬
‫كجل قاؿ أان مع عبدم إذا ىو ذكر٘ب‬
‫عز ٌ‬‫ماجة كابن حبٌاف ُب صحيحو مرفوعا‪" :‬أ ٌف هللا ٌ‬
‫ك‪ٙ‬بركت يب شفتاه"‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كركل الَبمذم كابن حبٌاف ُب صحيحو كابن ماجة كقاؿ صحيح االسناد‪" :‬أ ٌف رجبل قاؿ اي‬
‫علي فأخرب٘ب بشيء أتثبٌت بو قاؿ ال يزاؿ لسانك رطبا‬
‫رسوؿ هللا إ ٌف شرائع اإلسبلـ قد كثرت ٌ‬
‫فارقت‬
‫ي‬ ‫لبزار عن معاذ بن جبل قاؿ‪" :‬آخر كبلـ‬
‫من ذكر هللا"‪ .‬كركل ابن أيب الدنيا كالطربا٘ب كا ٌ‬
‫أحب إٔب هللا قاؿ أف ‪ٛ‬بوت‬
‫أم األعماؿ ٌ‬
‫عليو رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أف قلت ٌ‬
‫كلسانك رطب من ذكر هللا"‪ .‬كركل البخارم كمسلم مرفوعا‪" :‬مثل الذم يذكر ربٌو كالذم ال‬
‫ا‪٢‬بي كا‪٤‬بيٌت"‪ ،‬كلفظ مسلم‪" :‬الذم يذكر هللا تعأب"‪.‬‬
‫يذكره كمثل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪236‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب يقوؿ ا‪٤‬بنافقوف إنٌكم مراؤكف"‪.‬‬
‫كركل الطربا٘ب كالبيهقي مرسبل‪" :‬أذكركا هللا تعأب ذكرا ٌ‬
‫ٲبن هبا على من يشاء‬
‫كجل ُب صدقة ٌ‬
‫عز ٌ‬‫كركل ابن أيب الدنيا مرفوعا‪" :‬ما من يوـ كليلة إالٌ كهلل ٌ‬
‫من عباده كما ىم َّن هللا تعأب على عبده أبفضل من أف يلهمو ذكره"‪ .‬ركل األماـ أ‪ٞ‬بد كالطربا٘ب‪:‬‬
‫أم اجملاىدين أفضل كأعظم أجرا قاؿ أكثرىم هلل تبارؾ كتعأب ذكرا‬
‫"أ ٌف رجبل قاؿ اي رسوؿ هللا ٌ‬
‫كا‪٢‬بج‬
‫فأم الصائمْب أفضل أجرا قاؿ أكثرىم هلل تبارؾ كتعأب ذكرا ٍبٌ ذكر الصبلة كالزكاة ٌ‬
‫قاؿ ٌ‬
‫كل ذلك كرسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫كالصدقة ٌ‬
‫بكل خّب كقاؿ‬
‫كسلٌم يقوؿ أكثرىم هلل تعأب ذكرا فقاؿ أبو بكر اي أاب حفص ذىب الذاكركف ٌ‬
‫أجل"‪ .‬كركل الطربا٘ب كالبيهقي إبسناد جيٌد مرفوعا‪" :‬ليس‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫ت عليهم كٓب يذكركا هللا تعأب فيها"‪ .‬كركل الَبمذم عن أيب‬
‫مر ٍ‬
‫يتحصر أىل ا‪١‬بنٌة إالٌ على ساعة ٌ‬
‫ٌ‬
‫"أم العباد أفضل‬
‫سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو‪:‬أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم سئل ٌ‬
‫كأرفع درجة عند هللا تعأب يوـ القيامة قاؿ كالذاكركف هللا كثّبا قيل اي رسوؿ هللا كمن الغازم ُب‬
‫حٌب ينكسر كينخضب دما فإ ٌف‬ ‫سبيل هللا قاؿ لو ضرب بسيفو ٌ‬
‫ذاكر هللا تعأب أفضل منو درجة"‪ .‬كركل الطربا٘ب مرفوعا‪" :‬من ٓب يكثر ذكر هللا تعأب فقد برئ‬
‫من اإلٲباف"‪ ،‬قاؿ ا‪٢‬بافظ ا‪٤‬بنذرم حديث غريب‪.‬‬
‫ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ما ىٍبٌ كرامة للعبد‬
‫كُب لواقح األنوار القدسيٌة‪ :‬ك‪٠‬بعت سيٌدم عليٌا ٌ‬
‫أفضل من ذكر هللا تعأب‪ ،‬ألنٌو يصّب جليسا للح ٌق كلٌما ذكره‪ .‬كقد اختلى مريد سنة كاملة فما‬
‫رأل نفسو كقعت ‪٥‬با كرامة‪ ،‬فذكر ذلك لشيخو فقاؿ‪ :‬أتريد كرامة أعظم من ‪٦‬بالسة هللا تعأب؟ ٍبٌ‬
‫قاؿ‪ :‬ما رأيت أكثر حجااب منك‪ ،‬لك ُب الكرامة العظمى سنة كاملة كال تشعر هبا؟ اىػ‪ .‬فاعلم‬
‫ذلك‪.‬‬

‫قوم ُب طريق ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬بل ىو العمدة ُب ذلك‪ ،‬كال يصل أحد إٔب هللا‬
‫كقاؿ القشّبم‪ :‬الذكر ركن ٌ‬
‫تعأب إالٌ بدكاـ الذكر‪ .‬كذكر اللساف يصل بو العبد إٔب ذكر القلب‪ ،‬فإذا كاف العبد ذاكرا بلسانو‬
‫كقلبو فهوالكامل ُب حاؿ سلوكو‪ .‬كقاؿ أبوعلي الدقٌاؽ ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬الذكر منشور الوالية‪،‬‬
‫يعط ىي ا‪٤‬بنشور كمن سلب الذكر عزؿ‪ ،‬كذكر هللا تعاؿ ابلقلب سيف‬ ‫فمن كفًٌق للذكر فقد أ ً‬
‫ي‬
‫أضل العبد إذا‬
‫ا‪٤‬بريدين يقاتلوف بو أعداءىم كبو يدفعوف اآلفات الٍب تقصده‪ ،‬كإ ٌف الببلء إذا ٌ‬
‫فزع بقلبو إٔب هللا تعأب ٰبتد عنو ُب ا‪٢‬باؿ كلٌما يكرىو‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪237‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل شيء‪ ،‬كحفظ هللا‬
‫كقاؿ ذك النوف ا‪٤‬بصرم‪ :‬من ذكر هللا ذكرا على ا‪٢‬بقيقة نسي ُب جنبو ٌ‬
‫كل شيء‪ .‬كقاؿ الشبلي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬أليس هللا تعأب‬
‫كل شيء‪ ،‬ككاف لو عوضا عن ٌ‬
‫تعأب عليو ٌ‬
‫يقوؿ‪" :‬أان جليس من ذكر٘ب"؟ ما الذم استفدًب من ‪٦‬بالسة ا‪٢‬ب ٌق؟‪ .‬كمن خصائص الذكر أنٌو‬
‫كإما نفبل‪.‬‬ ‫ً‬
‫غّب مؤقٌت‪ ،‬بل ما م ٍن كقت من األكقات إالٌ كالعبد مأمور بذكر هللا تعأب‪ٌ ،‬إما فرضا ٌ‬
‫كالصبلة‪ ،‬كإ ٍف كانت أشرؼ العبادات‪ ،‬فبل ٘بوز ُب بعض األكقات‪ ،‬كالذكر ابلقلب مستداـ ُب‬
‫ودا ىك ىعلىى يجنيوهبًً ٍم‪ .‬كمن خصائص‬‫اَّللى قًيى ناما ىكقيػعي ن‬
‫ين يى ٍذ يك يرك ىف َّ‬ ‫َّ ً‬
‫عموـ ا‪٢‬باالت‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬الذ ى‬
‫الذكر أنٌو جعل ُب مقابلتو الذكر‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬فىاذٍ يك ير ًك٘ب أىذٍ يك ٍريك ٍم‪ .‬كنقل القشّبم أ ٌف ا‪٤‬بلىك‬
‫يستامر الذاكر ُب قبض ركحو‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪ ،‬حاكيا عن ربٌو‪" :‬إذا كاف الغالب‬
‫كركل السهركردم بسنده أ ٌف ٌ‬
‫على عبدم اإلشتغاؿ يب جعلت ٮبٌو كل ٌذتو ُب ذكرم فإذا جعلت ٮبٌو ُب ذكرم عشقِب كعشقتو‬
‫كرفعت ا‪٢‬بجاب ُب ما بيِب كبينو ال يسهو إذا سها الناس أكلئك كبلمهم كبلـ األنبياء أكلئك‬
‫األبطاؿ األبداؿ ح ٌقا أكلئك الذين إذا أردت أبىل األرض عقوبة أك عذااب ذكرهتم فصرفتو بو‬
‫لكل شيء عقوبة كعقوبة العارؼ انقطاعو عن ذكر هللا‪.‬‬
‫عنهم"‪ .‬كقاؿ النوكم‪ٌ :‬‬
‫كقاؿ القشّبم‪ُ :‬ب اإل‪٪‬بيل (أذكر٘ب حْب تغضب أذكرؾ حْب أغضب كارض بنصرٌب لك فإ ٌف‬
‫ذكرت‬
‫ي‬ ‫نصرٌب لك خّب من نصرتك لنفسك)‪ .‬كقيل لراىب‪ :‬أنت صائم؟ فقاؿ‪ :‬بذكره‪ ،‬فإذا‬
‫أفطرت‪ .‬كقيل‪ :‬إذا ‪ٛ‬ب ٌكن الذكر من القلب فإف دان منو الشيطاف صرع كما يصرع اإلنساف‬
‫ي‬ ‫غّبه‬
‫إذا دان منو الشيطاف‪ ،‬فتجتمع عليو الشياطْب فتقوؿ‪ :‬ما ‪٥‬بذا؟ فيقاؿ إنساف‪.‬‬
‫‪ٛ‬بر على ‪٦‬بالس الذكر؟ فقاؿ‪ :‬كما أ ٌف أحد‬
‫كرأل ا‪١‬بنيد إبليسا ُب ا‪٤‬بناـ فقاؿ لو‪ :‬ىل تقدر أف ٌ‬
‫ٲبر على ‪٦‬بلس الذكر فيصّب‬
‫كٲبسو كيصّب ‪٦‬بنوان كمصركعا فمنٌا ىم ٍن ٌ‬
‫ٲبر على أحد منكم ٌ‬
‫منٌا ٌ‬
‫تسموف ا‪٤‬بصركع بينكم ‪٦‬بنوان‪ .‬كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ :‬ما‬
‫كنسميو بيننا مأنوسا كما ٌ‬
‫مصركعا ٌ‬
‫ا‪٣‬بفي ال يرفعو ا‪٤‬بلىك ألنٌو ال اطٌبلع‬
‫الرب‪ .‬كقيل‪ :‬الذكر ٌ‬
‫رأيت معصية أقرب من نسياف ىذا ٌ‬
‫سر بْب العبد كبْب هللا‪.‬‬
‫عليو‪ ،‬فهو ٌ‬
‫كقاؿ ا‪٢‬بريرم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬كاف رجل من أصحابنا ال يكثر أف يقوؿ هللا هللا‪ ،‬فوقع على رأسو‬
‫جذع فانسلخ رأسو كسقط الدـ‪ ،‬فاكتتب ُب األرض هللا هللا‪ .‬كقاؿ بعضهم كصف ٕب ذاكرا ُب‬
‫فلما‬
‫كعلي‪ٌ .‬‬
‫أ‪ٝ‬بة فأتيتو‪ ،‬فبينما ىو جالس إذا سبع عظيم ضربو كاستلب منو قطعة‪ ،‬فغشي عليو ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪238‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أيت‪.‬‬
‫ضِب كما ر ى‬
‫أفاؽ قلت‪ :‬ما ىذا؟ قاؿ‪ :‬قيٌض هللا ٕب ىذا السبع‪ ،‬فكلٌما دخلتِب فَبة ع ٌ‬
‫كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ :‬ما من يوـ إالٌ كا‪١‬بليل سبحانو كتعأب ينادم‪( :‬عبدم ما أنصفتِب‬
‫يذىب عنك الببلاي كأنت معتكف على ا‪٣‬بطااي اي‬ ‫أذكرؾ كتنسا٘ب أدعوؾ إٕب كتذىب إٔب غّبم كأ ً‬
‫ٌ‬
‫ابن آدـ ما تقوؿ غدا إذا جئتِب)‪ .‬قاؿ القشّبم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪٠ :‬بع الشيخ أاب عبد الر‪ٞ‬بن‬
‫علي‪ :‬ما الذم يقع للشيخ‬
‫علي الدقٌاؽ فقاؿ‪ :‬الذكر أًبٌ أـ الفكر؟ فقاؿ أبو ٌ‬
‫السلمي يسأؿ أاب ٌ‬
‫فيو؟ فقاؿ الشيخ أبو عبد الر‪ٞ‬بن‪ :‬عندم الذكر أًبٌ من الفكر‪ ،‬أل ٌف ا‪٢‬ب ٌق سبحانو كتعأب يوصف‬
‫اختص بو ا‪٢‬ب ٌق‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ابلذكر كال يوصف ابلفكر‪ ،‬كما كصف بو ا‪٢‬ب ٌق أًبٌ ‪٩‬بٌا‬

‫آدمي إالٌ كلقلبو بيتاف‪ُ ،‬ب أحدٮبا‬


‫علي‪ .‬كركل ابن أيب شيبة‪" :‬ما من ٌ‬
‫فاستحسنو الشيخ أبو ٌ‬
‫ا‪٤‬بلىك كُب اآلخر الشيطاف‪ ،‬فإذا ذكر هللا تعأب خنس كإذا ٓب يذكر هللا كضع الشيطاف منقاره ُب‬
‫ا‪٤‬بصرم‪ :‬ذكر هللا ابلقلب سيف ا‪٤‬بريدين‪ ،‬بو يقاتلوف أعداءىم‬
‫ٌ‬ ‫قلبو ٍبٌ كسوس"‪ .‬كقاؿ ذك النوف‬
‫كبو يدفعوف اآلفات‪ .‬كقاؿ أبو سليماف الدارا٘ب‪ :‬إ ٌف ُب ا‪١‬بنٌة قيعاف‪ ،‬فإذا أخذ الذاكر ُب الذكر‬
‫كقفت؟ فيقوؿ‪ :‬فَب‬ ‫ً‬
‫أخذت ا‪٤‬ببلئكة ُب غرس األشجار‪ ،‬فرٌٗبا يقف بعض ا‪٤‬ببلئكة فيقاؿ لو‪ٓ :‬بى ى‬
‫صاحيب‪.‬‬
‫كقاؿ ا‪٢‬بكيم الَبمذم‪ :‬ذكر هللا يرطب القلب كيلينو‪ ،‬فإذا خبل عن القلب أصابتو حزازة النفس‬
‫كانر الشهوات فقسا كيبس كامتنعت األعضاء من الطاعة‪ .‬كقاؿ أبو مدين التلمسا٘بٌ‪ :‬أقرب‬
‫رحلة تكوف للمريد‪ :‬الذكر‪ .‬كقاؿ‪ :‬كال يصل أحد إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بيٌة إالٌ ابلذكر‪ .‬كقاؿ‪ :‬من‬
‫دامت أفكاره صفت أسراره ككاف ُب حضرة هللا تعأب قراره‪.‬‬
‫كل من تساىل ابلغفلة كٓب تكن عليو أش ٌد من ضرب السيوؼ فهو كاذب ال‬
‫كقاؿ السبكي‪ٌ :‬‬
‫ٯبيء منو شيء ُب الطريق‪ ،‬فقد قاؿ الشيخ أبو ا‪٤‬بواىب الشاذٕب‪ :‬إذا ترؾ العارؼ الذكر ن ىفسا‬
‫كأما غّب العارؼ فيسامح ٗبثل ذلك كال يؤاخذ إالٌ‬
‫أك نفسْب قيٌض هللا لو شيطاان فهو لو قرين‪ٌ ،‬‬
‫ٗبثل درجة أك درجتْب أك زمن أك زمنْب أك ساعة أك ساعتْب‪ ،‬على حسب ا‪٤‬براتب‪ .‬كقاؿ‪ :‬من‬
‫نسى الذكر فقد كفر بو كما ثبت ُب ا‪٣‬برب‪ .‬كقاؿ‪ :‬كىذا نسياف يطلق على نسياف غفلة ا‪١‬بهل‬
‫ابهلل تعأب كاإلشراؾ بو‪ ،‬كعلى النسياف نفلة اإلعراض عن ا‪٢‬ب ٌق كطريقو‪ ،‬ككبلٮبا مذموـ‪.‬‬

‫كقاؿ سيٌدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب‪ :‬الذكر أسرع ُب الفتح من سائر العبادات‪ .‬كقاؿ‪ :‬إ ٌف ا‪٢‬ب ٌق تعأب ال‬
‫يصح لو أف يستحي كذلك‬
‫يقرب عبدا إٔب حضرة هللا تعأب إالٌ إف استحيا منو ح ٌق ا‪٢‬بياء‪ ،‬كال ٌ‬
‫ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪239‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫يصح لو الكشف كرفع ا‪٢‬بجاب إالٌ ٗببلزمة الذكر‪.‬‬
‫إالٌ إف حصل لو الكشف كرفع ا‪٢‬بجاب‪ ،‬كال ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬ال ٰبصل ألحد مقاـ اإلخبلص الكامل إالٌ ابلذكر‪ ،‬فإ ٌف ٌأكؿ ما يتجلٌى للعبد‪ ،‬إذا اشتغل‬
‫ابلذكر‪ ،‬توحيد الفعل هلل تعأب‪.‬‬
‫فإذا ٘بلٌى لو توحيد الفعل ابهلل سبحانو خرج كشفا كيقينا عن سهو كوف الفعل لو‪ ،‬كخرج أيضا‬
‫ا‪٣‬بواص‪ٗ :‬بداكمة الذكر‬
‫علي ٌ‬‫عن طلب الثواب عليو كعن الكرب كالعجب كالرايء‪ .‬كقاؿ سيٌدم ٌ‬
‫كحب رايسة‬
‫كغل كحقد ٌ‬
‫‪ٚ‬بمد األمراض الباطنة من كرب كعجب كرايء كنفاؽ كسوء خلق كحسد ٌ‬
‫كميل لتقبيل يد كقياـ ُب احملافل‪ ،‬كتنقطع ا‪٣‬بواطر الشيطانيٌة‪ ،‬كتضعف ا‪٣‬بواطر النفسانيٌة‪.‬‬
‫كا‪٥‬بم فيها إ ٌ٭با ٮبا‬
‫الغم ٌ‬‫كا‪٥‬بم الواقعاف للناس ُب ىذه الدار‪ ،‬فإ ٌف ٌ‬
‫الغم ٌ‬‫كقاؿ‪ٗ :‬بداكمة الذكر يزكؿ ٌ‬
‫يلومن العبد إالٌ نفسو إذا ترادفت عليو الغموـ كا‪٥‬بموـ‪ ،‬فإ ٌف‬
‫بقدر الغفلة عن هللا تعأب‪ ،‬فبل ٌ‬
‫ذلك إ ٌ٭با ىو جزاء بقدر إعراضو عن هللا تعأب‪ .‬فمن أراد دكاـ السركر فليداكـ على الذكر‪ .‬كقد‬
‫كٰبتج‬
‫يقنع بعض ا‪٤‬بريدين ٗبجلس الذكر صباحا كمساءا مع الغفلة عن هللا تعأب فيما بينها ٌ‬
‫ٕبديث‪" :‬إذا ذكر العبد ربٌو ٌأكؿ النهار ساعة كآخر النهار ساعة غفر لو ما بينهما"‪ ،‬إذ ا‪٤‬بغفرة‬
‫ال ترقٌي فيها‪ ،‬كهنايتها أ ٍف تلحق ا‪٤‬بذنب ٗبن‬

‫ال يذنب ذلك الذنب ال أهنٌا تلحقو ٗبن يفعل الطاعات‪ ،‬فافهم‪ .‬كمراد القوـ دكاـ الَبقٌي مع‬
‫بذرة كاحدة من كاجب ح ٌق هللا تعأب كما‬
‫األنفاس ُب ا‪٤‬بقامات‪ ،‬كمع ذلك فبل يركف أهنٌم قاموا ٌ‬
‫ىومعركؼ عند أىل الطريق‪ .‬كقاؿ الشيخ أفضل الدين‪ :‬ٯبب على الشيخ أف أيمر ا‪٤‬بريد أف‬
‫يذكر هللا بلسانو بش ٌدة كعزـ‪ ،‬فإذا ‪ٛ‬ب ٌكن من ذلك أيمره أف يستوم ُب الذكر بْب قلبو كلسانو‪،‬‬
‫كيقوؿ‪ :‬أثبت على استدامة ىذا الذكر مستشعرا أبنٌك بْب يدم ربٌك بقلبك‪ ،‬كال تَبؾ الذكر‬
‫قوم كتصّب أعضاؤؾ كلٌها ذاكرة ال تغفل عن ذكر هللا‬
‫حٌب ٰبصل لك منو حاؿ ٌ‬
‫ٌ‬
‫تقل قواه فينقطع عن‬
‫تعأب‪ٍ ،‬بٌ بعد أف يل ٌقنو ابلذكر أيمره اب‪١‬بوع على التدريج شيئا فشيئا لئبلٌ ٌ‬
‫الذكر‪ .‬كقاؿ‪ :‬إ ٌف الشيطاف يركب أحدان كلٌما غفل عن ذكر هللا تعأب‪ ،‬فلو كشف ألحدان لرأل‬
‫كيصرفها كيف يشاء طوؿ الليل كالنهار كلٌما غفل‪ ،‬كينزؿ‬
‫إبليس يركبو كما يركب أحدان ا‪٢‬بمارة ٌ‬
‫عنو كلٌما ذكر‪.‬‬
‫كأ‪ٝ‬بع القوـ على أ ٌف الذكر مفتاح الغيب كجاذب ا‪٣‬بّب كأنس ا‪٤‬بستوحش كجامع لشتات‬
‫صاحبو‪ ،‬كقالوا أ ٌف الببلء إذا نزؿ على قوـ كفيو ذاكر حاد عنو الببلء‪ ،‬كإذا غلب الذكر عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪240‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب أ ٌف بعض الذاكرين كقع على رأسو حجر فقطر الدـ‬
‫الذاكر امتزج بركح الذاكر اسم ا‪٤‬بذكور ٌ‬
‫على األرض كاكتتب هللا هللا‪ ،‬كلو ٓب يكن من شرؼ الذاكر إالٌ أ ٌف هللا ٓب يؤقٌتو بوقت لكاف ذلك‬
‫كفاية ُب شرفو‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬أ‪ٝ‬بع القوـ على أ ٌف فوائد الذكر ال تنحصر أل ٌف الذاكر يصّب جليس ا‪٢‬ب ٌق تعأب‪ ،‬كحضرة‬
‫ا‪٢‬ب ٌق ال يى ًرد عليها كيفارقها بغّب مدد كلٌما كرد شرطو‪ ،‬كىو ا‪٢‬بضور‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كإذا أكثر العبد ذكر ربٌو ابللساف حصل لو ا‪٢‬بضور‪ ،‬كإذا حصل لو كثرة الذكر مع‬
‫ي‬
‫‪٧‬بل‬
‫ا‪٢‬بضور صار ا‪٢‬ب ٌق مشهوده‪ ،‬كىناؾ يستغِب عن ذكر اللساف فبل يذكر ابللساف إالٌ ُب ٌ‬
‫ييقت ىدل بو فيو ال غّبه‪ ،‬ال ُب حضرة شهود ا‪٢‬ب ٌق سبحانو حضرة هبت كخرس يستغِب صاحبها ُب‬
‫ا‪١‬بمعية اب‪٤‬بدلوؿ فقد استغُب العبد ابلدليل‪ ،‬فافهم‪.‬‬

‫كإٕب ىذا الذكر أشار ُب ايقوتة ا‪٢‬بقائق لقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬تعظيمو ُب قلوبنا حياة أقوـ‬
‫هبا كأستعْب هبا على ذكره كذكر ربٌو‪ ،‬قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬طلب‬
‫للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم سببا ُب حياة قلبو ٕبلوؿ ذكر‬
‫ا‪٤‬بصلٌي من هللا تعأب أف يكوف تعظيمو ٌ‬
‫هللا تعأب كذكر رسولو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب قلبو‪ ،‬كىذا الذكر الذم طلبو ابلتعظيم ليس ىو‬
‫ا‪٢‬بقيقي الذم ىو الغاية القصول من الذكر‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫العامة كإ ٌ٭با ىو الذكر‬
‫ذكر اللساف ا‪٤‬بعهود ُب ح ٌق ٌ‬
‫حسو‬
‫كىو إذا أخذ العبد فيو أخذ عن ‪ٝ‬بيع دائرة ٌ‬
‫للمقربْب‪ ،‬كهنايتو أف‬
‫ككٮبو‪ ،‬فليس ُب شعوره ككٮبو كخيالو إالٌ هلل تعأب ُب حالة الذكر‪ ،‬ىو بداية ٌ‬
‫حس كإدراؾ كذكؽ‬
‫يستهلك العبد ُب عْب ا‪١‬بمع كيغرؽ ُب ٕبر التوحيد كليس ُب ‪ٝ‬بيع عوا‪٤‬بو ٌ‬
‫كفهم كعياف كخياؿ كأنس كمساكنة كمبلحظة ك‪٧‬ببٌة كتعويل كاعتماد إالٌ هللا تعأب ُب ‪٧‬بو الغّب‬
‫كالغّبيٌة‪ُ ،‬ب ىذا ا‪٤‬بيداف ينمحق الذاكر كالذكر كيصّب ُب حالة أف لو نطق لقاؿ‪ :‬أف ال إلو إالٌ‬
‫أان كحدم‪ ،‬الستهبلكو ُب ٕبار التوحيد‪.‬‬
‫يتحرؾ‪ ،‬كإليها يشّب‬
‫كىذه ا‪٤‬برتبة ُب آخر مراتب الذكر‪ ،‬كصاحبها صامت جامد ال يذكر كال ٌ‬
‫بقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من عرؼ هللا ىك َّل لسانيو"‪ .‬كفيها يقوؿ الشاعر‪:‬‬
‫سرم كجهرم كفكرم عند ذكراؾ‬
‫ما إف ذكرتك اللهم يلعن ‪ٌ ...‬‬
‫حٌب كأ ٌف رقيبا منك يهتف يب ‪ٌ ...‬إايؾ كٰبك كالتذكار ٌاايكا‬
‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪241‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فاجعل شهودؾ من لقياؾ تذكرة ‪ ...‬كا‪٢‬ب ٌق تذكاره ٌإايؾ ٌإايؾ‬
‫الكل من معناه معناؾ‬
‫أما ترل ا‪٢‬ب ٌق قد الحت شواىده ‪ ...‬فواصل ٌ‬
‫أل ٌف تعادـ الذكر ُب ‪ٝ‬بيع مراتبو كاف كسيلة إٔب الوصوؿ إٔب ىذه ا‪٤‬برتبة‪ ،‬فإذا كصلها انقطع‬
‫كل أحيانو‪ ،‬إستول نومو كيقظتو كحضوره كغيبتو‪ ،‬كاستول‬
‫الذكر من أصلو كصار ذكرا على ٌ‬
‫األمر عنده‪ ،‬كاف مع ا‪٣‬بلق أـ كاف كحده‪ .‬كصاحب ىذا ا‪٢‬باؿ لو اجتمع ُب مكاف مع ‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٣‬بلق كأكثركا اللغط كالصخب ٓب يعلم من خطاهبم شيئا كال يسمع ُب خطاهبم إالٌ خطاب ا‪٢‬ب ٌق‬
‫سبحانو كتعأب ٱباطبو‪ ،‬كُب ىذا قيل‪:‬‬
‫بذكر هللا تزداد الذنوب ‪ ...‬كتنطمس السرائر كالقلوب‬
‫كل شيء ‪ ...‬كمشس الذات ليس ‪٥‬با غركب‬
‫فَبؾ الذكر أفضل ٌ‬
‫كىذه هناية مراتب الذكر‪ ،‬كلذا جعلو هللا تبارؾ كتعأب ُب كتابو العزيز ىو آخر ا‪٤‬براتب‪ ،‬قاؿ‬
‫الذاكً ًرين َّ ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ْب كالٍمسلًم ً‬
‫ات ىكال يٍم ٍؤمنً ى‬ ‫ًً‬
‫ّبا‬
‫اَّللى ىكث ن‬ ‫ْب ىكال يٍم ٍؤمنىات إٔب قولو‪ :‬ىك َّ ى‬ ‫سبحانو كتعأب‪ :‬إً َّف ال يٍم ٍسلم ى ى ي ٍ ى‬
‫الذاكًر ً‬
‫ات‪ .‬فتلك اآلية رتٌب فيها سبحانو كتعأب مراتب أىل اإلٲباف‪ ،‬فالٍب بعد األخرل ىي‬ ‫ىك َّ ى‬
‫قلت‪ :‬ككفى هبذه ا‪٤‬برتبة شرفا‬
‫أعلى منها‪ ،‬كذىىك ىر الذاكر ُب آخرىا ألهنٌا ليس مرتبة فوقها‪ .‬اىػ‪ .‬ي‬
‫للذكر كالذاكرين‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫الفصل ا‪٣‬بامس كالعشركف‬

‫التمسك بو لفضلو‬
‫ٌ‬ ‫كا‪٢‬بض كاإلعبلـ أنٌو ما ينبغي‬
‫ٌ‬ ‫ُب الَبغيب ُب اإلجتماع للذكر كا‪١‬بهر بو‬
‫األمة‪.‬‬
‫كالرد على من ينكر على الذاكرين ‪ٝ‬باعة ‪١‬بهلو ابلكتاب كالسنٌة كإ‪ٝ‬باع ٌ‬
‫ٌ‬
‫حض عليو‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىوا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف اإلجتماع للذكر ٌ‬
‫أئمة الطريق من أىل هللا شرقا كغراب‪.‬‬
‫الشارع كرغٌب فيو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كجرل بو عمل ٌ‬
‫كجل‪" :‬أان‬
‫عز ٌ‬‫كركل البخارم كمسلم كالَبمذم كالنسائي كابن ماجة كغّبىم مرفوعا‪ ،‬يقوؿ هللا ٌ‬
‫ظن عبدم يب كأان معو إذا ذكر٘ب ُب نفسو ذكرتو ُب نفسي كإف ذكر٘ب ُب مؤل ذكرتو ذكرتو‬
‫عند ٌ‬
‫جل ذكره‪" :‬ال يذكر٘ب العبد‬
‫ُب مؤل خّب منو"‪ .‬كركل الطربا٘ب إبسناد حسن مرفوعا قاؿ‪ :‬قاؿ هللا ٌ‬
‫ُب نفسو إالٌ ذكرتو ُب مؤل من ا‪٤‬ببلئكة كال يذكر٘ب ُب مؤل إالٌ ذكرتو ُب الرفيق األعلى"‪.‬‬
‫كركاتو ثقات‪ ،‬عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى‬
‫كأخرج اإلماـ أ‪ٞ‬بد‪ٌ ،‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪242‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كجل ال يريدكف بذلك إالٌ كجهو إالٌ‬
‫عز ٌ‬ ‫هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬ما من قوـ اجتمعوا يذكركف هللا ٌ‬
‫لت سيٌئاتكم حسنات"‪ .‬كركاه يعلى‬
‫انداىم منادم من السماء أ ٍف قوموا مغفورا لكم قد ب ٌد ٍ‬
‫كالبزار كالطربا٘ب‪ ،‬كركاه البيهقي من حديث عبد هللا بن مغفل‪ ،‬كركاه الطربا٘ب عن سهل بن‬
‫ٌ‬
‫كجل فيو‬
‫عز ٌ‬‫حنظلة قاؿ قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬ما جلس قوـ يذكركف هللا ٌ‬
‫حٌب يقاؿ ‪٥‬بم قوموا قد غفر لكم كب ٌدلت سيٌئاتكم حسنات"‪.‬‬
‫فيقوموف ٌ‬
‫كعن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قاؿ‪" :‬قلت اي رسوؿ هللا ما غنيمة ‪٦‬بالس الذكر قاؿ‬
‫غنيمة ‪٦‬بالس الذكر ا‪١‬بنٌة"‪ ،‬ركاه أ‪ٞ‬بد إبسناد حسن‪ .‬كعن جابر رضي هللا تعأب عنو قاؿ خرج‬
‫‪ٙ‬بل كتقف‬
‫علينا رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم فقاؿ‪" :‬اي أيها الناس إ ٌف هلل سرااي من ا‪٤‬ببلئكة ٌ‬
‫على ‪٦‬بالس الذكر ُب األرض فارتعوا ُب رايض ا‪١‬بنٌة قالوا كأين رايض ا‪١‬بنٌة قاؿ ‪٦‬بالس الذكر‬
‫فأغدكا كركحوا ُب ذكر هللا كذ ٌكركه أنفسكم من كاف يريد أف يعلم منزلتو عند هللا تعأب فلينظر‬
‫منزؿ هللا عنده ينزؿ العبد منو حيث أنزلو من نفسو"‪ ،‬ركاه ابن‬

‫كالبزار كالطربا٘ب كا‪٢‬باكم كالبيهقي‪ ،‬كقاؿ ا‪٢‬باكم صحيح اإلسناد‪ .‬كالرتع‬


‫أيب الدنيا كأبو يعلى ٌ‬
‫ىو اآلكل كالشارب ُب خصب كسعة‪ .‬عن أيب الدرداء رضي هللا تعأب عنو قاؿ قاؿ رسوؿ هللا‬
‫"ليبعثن هللا أقواما يوـ القيامة ُب كجوىهم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم‬
‫ٌ‬ ‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪:‬‬
‫الناس ليسوا أبنبياء كال شهداء قاؿ فجثا أعرايب على ركبتيو فقاؿ اي رسوؿ هللا ً‬
‫ص ٍف يهم لنا نعرفهم‬ ‫ٌ‬
‫شٌب ٯبتمعوف على ذكر هللا تعأب كيذكركنو"‪ ،‬أخرجو‬ ‫شٌب كببلد ٌ‬
‫فقاؿ ىم ا‪٤‬بتحابٌوف من قبائل ٌ‬
‫الطربا٘ب إبسناد حسن‪.‬‬
‫كعن عمرك بن عمبسة رضي هللا تعأب عنو قاؿ ‪٠‬بعت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم يقوؿ‪:‬‬
‫"عن ٲبْب الر‪ٞ‬بن ككلتا يديو ٲبْب رجاؿ ليسوا أبنبياء كال شهداء يغشى بياض كجوىهم نظر‬
‫كجل قيل اي رسوؿ هللا من ىم‬
‫عز ٌ‬‫الناظرين يغبطهم النبيٌوف كالشهداء ٗبقعدىم كقرهبم من هللا ٌ‬
‫قاؿ ىم ‪ٝ‬بٌاع من نوازع القبائل ٯبتمعوف على ذكر هللا تعأب فينتقوف أطايب الكبلـ كما ينتقى‬
‫أم‬
‫بضم ا‪١‬بيم كتشديد ا‪٤‬بيم‪ٌ ،‬‬ ‫أطايب التمر"‪ ،‬ركاه الطربا٘ب‪ ،‬إسناده مقارب ال أبس بو‪ .‬ك‪ٝ‬بٌاع‪ٌ ،‬‬
‫شٌب كمواضع ‪٨‬بتلفة‪.‬‬
‫أخبلط من قبائل ٌ‬
‫كنوازع ‪ٝ‬بٍع انزع‪ ،‬كىو القريب‪ ،‬كمعناه أهنٌم ٓب ٯبتمعوا كالقرابة بينهم كال نسب كال معرفة كإ ٌ٭با‬
‫اجتمعوا لذكر هللا تعأب‪ .‬كعن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪243‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسلٌم قاؿ‪" :‬إذا مررًب برايض ا‪١‬بنٌة فارتعوا قالوا ما رايض ا‪١‬بنٌة قاؿ ًحلىق الذكر"‪ ،‬أخرجو‬
‫شك فيو يذىب‬
‫البصرم رضي هللا تعأب عنو أنٌو قاؿ‪" :‬ذكر هللا خّب ال ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الَبمذم‪ .‬كأخرج ا‪٢‬بسن‬
‫ابلذنب كال ذنب فيو"‪.‬‬

‫كعن أيب عبد الر‪ٞ‬بن ا‪١‬ببلي‪ ،‬أحد التابعْب‪ ،‬أنٌو قاؿ‪ :‬إذا اجتمع قوـ على ذكر هللا تعأب خرج‬
‫الشيطاف كشيعتو على ابب ا‪٤‬بسجد يقوؿ ‪٥‬بم‪ :‬أنظركا ىل قاموا بعد؟ فيقولوف ال‪ ،‬فيضرب بيده‪،‬‬
‫فيقولوف‪ :‬ما لك؟ فيقوؿ‪ :‬إ ٌ٭با أخشى عليهم الر‪ٞ‬بة أف تنزؿ فبل يع ٌذبوف أبدا‪ .‬كيكفي ُب أصليٌة‬
‫اإلجتماع للذكر ما تق ٌدـ ُب الفصل الذم قبل ىذا الفصل من أ ٌف ا‪١‬بنيد رأل إبليس ُب ا‪٤‬بناـ‬
‫ٲبر على أحد منكم‬
‫‪ٛ‬بر عل ‪٦‬بالس أىل الذكر؟ فقاؿ‪ :‬كما أ ٌف أحد منٌا ٌ‬
‫فقاؿ‪ :‬ىل تقدر على أف ٌ‬
‫ٲبر على ‪٦‬بالس الذكر فيصّب‬
‫ٲبسو كيصّب مصركعا ك‪٦‬بنوان‪ ،‬فمنٌا من ٌ‬
‫ٌ‬
‫تسموف مصركعا بينكم ‪٦‬بنوان‪ .‬اىػ‪ .‬ككفى هبذا منقبا جمللس‬
‫كنسميو بيننا مأنوسا كما ٌ‬
‫مصركعا ٌ‬
‫الذكر كالذاكرين ‪ٝ‬باعة‪ .‬كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كأبو يعلى كابن حبٌاف ُب صحيحو كالبيهقي كغّبىم‪،‬‬
‫كجل يوـ القيامة‪" :‬سيعلم أىل‬
‫عز ٌ‬‫ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬يقوؿ هللا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫عن أيب سعيد‬
‫ا‪١‬بمع من أىل الكرـ قيل من أىل الكرـ اي رسوؿ هللا قاؿ أىل ‪٦‬بالس الذكر"‪ .‬كعن أيب الدرداء‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪" :‬حضور ‪٦‬بلس ذكر أفضل من صبلة ألف ركعة كشهود ألف جنازة كعيادة‬
‫ألف مريض"‪.‬اىػ‪.‬‬
‫كعن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬إ ٌف هلل مبلئكة‬
‫ىلموا إٔب‬
‫يطوفوف ُب الطريق يلتمسوف أىل الذكر فإذا كجدكا قوما يذكركف هللا تعأب تنادكا ٌ‬
‫رهبم كىو أعلم هبم ما يقوؿ‬
‫حاجاتكم قاؿ فيح ٌفوهنم أبجنحتهم إٔب ‪٠‬باء الدنيا قاؿ فيسأ‪٥‬بم ٌ‬
‫كٲبجدكنك قاؿ فيقوؿ ىل رأك٘ب قاؿ‬
‫كيكربكنك كٰبمدكنك ٌ‬
‫عبادم قاؿ فيقولوف يسبٌحونك ٌ‬
‫فيقولوف ال كهللا ما رأكؾ قاؿ فيقوؿ كيف لو رأك٘ب قاؿ يقولوف لو رأكؾ كانوا أش ٌد لك عبادة‬
‫كأش ٌد لك ‪ٙ‬بميدا كأكثر لك تسبيحا قاؿ فيقوؿ فما يسألو٘ب قاؿ يسألونك‬

‫رب ما رأكىا قاؿ فيقوؿ فكيف لو أهنٌم‬


‫ا‪١‬بنٌة قاؿ فيقوؿ كىل رأكىا قاؿ يقولوف ال كهللا اي ٌ‬
‫رأكىا قاؿ يقولوف لو أهنم رأكىا كانوا أش ٌد عليها حرصا كأش ٌد ‪٥‬با طلبا كأعظم فيها رغبة قاؿ‬
‫يتعوذكف يقولوف من النار فيقولوف كىل رأكىا قاؿ يقولوف ال كهللا ما رأكىا قاؿ فيقوؿ‬
‫فمم ٌ‬‫ٌ‬
‫فكيف لو رأكىا قاؿ يقولوف لو رأكىا كانوا أش ٌد منها فرارا كأش ٌد ‪٥‬با ‪٨‬بافة قاؿ فيقوؿ فأشهدكم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪244‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أ٘ب قد غفرت ‪٥‬بم قاؿ يقوؿ ملك من ا‪٤‬ببلئكة فيهم فبلف ليس منهم إ ٌ٭با جاء ‪٢‬باجة قاؿ يىم‬
‫ٌ‬
‫ا‪١‬بلساء ال يشقى هبم جليسهم"‪ ،‬ركاه البخارم كاللفظ لو‪ ،‬كمسلم‬
‫كلفظو‪" :‬إ ٌف هلل تبارؾ كتعأب مبلئكة سيٌارة فضبلء يبتغوف ‪٦‬بالس الذكر إذا كجدكا ‪٦‬بلسا فيو‬
‫تفرقوا‬
‫حٌب ٲبلؤكا ما بينهم كبْب ‪٠‬باء الدنيا فإذا ٌ‬
‫كحف بعضهم بعضا أبجنحتهم ٌ‬
‫ذكر قعدكا معهم ٌ‬
‫كجل كىو أعلم هبم من أين جئتم فيقولوف جئنا من‬
‫عز ٌ‬ ‫كصعدكا إٔب السماء قاؿ فيسأ‪٥‬بم هللا ٌ‬
‫كٲبجدكنك كٰبمدكنك كيسألونك قاؿ‬ ‫كيكربكنك كيهلٌلونك ٌ‬
‫عند عباد لك ُب األرض يسبٌحونك ٌ‬
‫كماذا يسألو٘ب قالوا يسألونك جنٌتك قاؿ كىل رأكا جنٌٍب قالوا ال قاؿ فكيف لو رأكا جنٌٍب قالوا‬
‫رب قاؿ كىل‬
‫كمم يستجّبك٘ب قالوا من انرؾ اي ٌ‬
‫كيستجّبكنك قاؿ ٌ‬
‫رأكا انرم قالوا ال قاؿ فكيف لو رأكا انرم قالوا كيستغفركنك قاؿ فيقوؿ قد غفرت ‪٥‬بم‬
‫مر‬
‫رب فيهم فبلف عبد خطٌاء إ ٌ٭با ٌ‬
‫كأعطيتهم ما سألوا كأجرهتم ‪٩‬بٌا استجاركا قاؿ يقولوف اي ٌ‬
‫فجلس معهم قاؿ فيقوؿ كلو غفرت يى يم القوـ ال يشقى هبم جليسهم"‪ ،‬إنتهى‪ .‬كُب قواعد‬
‫زركؽ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إغضاء ا‪٢‬بكم ُب العموـ ال يغضي ٔبراينو ُب ا‪٣‬بصوص‪،‬‬ ‫الشيخ أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫يتخصص بو‪ ،‬كمن ذلك ا‪١‬بهر ابلذكر كالدعاء كا‪١‬بمع‬
‫ٌ‬ ‫حٌب‬
‫ٱبصو ٌ‬
‫ا‪٣‬باص لدليل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫فاحتيج ُب‬
‫فيهما‪.‬‬

‫أكالٮبا‪ :‬ما الذكر‪ ،‬فدليلو "من ذكر٘ب ُب مؤل ذكرتو ُب مؤل خّب منو"‪ ،‬قيل كمن أدلٌتو ىك ًذ ٍك ًريك ٍم‬
‫آ ىىاب ىء يك ٍم أ ٍىك أى ىش َّد ًذ ٍك نرا‪ .‬كقاؿ ابن عباس‪" :‬ما كنت أعرؼ انصراؼ الناس من الصبلة على عهد‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم إالٌ ابلذكر"‪ ،‬كركاه البخارم‪ .‬كا‪١‬بهر ُب ذكر العبد كُب دبر‬
‫حٌب قاؿ عليو الصبلة كالسبلـ‪" :‬أربعوا على أنفسكم فإنٌكم ال‬
‫الصلوات كابلثغور ُب األسفار ٌ‬
‫أصما كال غائبا"‪ ،‬كقد جهر عليو الصبلة كالسبلـ أبذكار كأدعية ُب مواطن ‪ٝ‬بٌة‪ ،‬ككذلك‬
‫تدعوف ٌ‬
‫السلف‪.‬‬
‫كل‬
‫(اللهم ال خّب االٌ خّب اآلخرة فاغفر لؤلنصار كا‪٤‬بهاجرة)‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كصح قولو‪ ،‬جوااب ألىل ا‪٣‬بندؽ‬ ‫ٌ‬
‫خاصة يكوف كجودٮبا مستندا دليبل الحتماؿ‬
‫ىذه داللة على ا‪١‬بهر كا‪١‬بمع‪ .‬لكن ُب قضااي ٌ‬
‫قصرىا على ما كقعت فيو ككوهنا مقصودة لغّبىا ال لذاتو فلزـ ‪ٛ‬بهيد أصل آخر‪ٍ .‬بٌ قاؿ الشيخ‬
‫خاصة ال ٯبرم ُب عموـ نوعها الحتماؿ قصره على ما‬ ‫زركؽ هنع هللا يضر‪ :‬قاعدة إثباب ا‪٢‬بكم لقضيٌة ٌ‬
‫ٌ‬
‫حٌب أيٌب ا‪٤‬ببيح‪.‬‬
‫كقع فيو‪ ،‬سيما عند من يقوؿ األصل ا‪٤‬بنع ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪245‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األكؿ فإنٌو‬
‫أخص من ا‪١‬بمع فيها ك‪٥‬با لكونو مقصودا‪ٖ ،‬ببلؼ ٌ‬ ‫كا‪١‬بهر ابلذكر كالدعاء كالتبلكة ٌ‬
‫فأما ا‪١‬بمع للذكر ُب ا‪٤‬بت ٌفق عليو من حديث أيب ىريرة‪:‬‬
‫ٱبصو‪ٌ .‬‬
‫أعم من ذلك‪ ،‬فلزـ طلب دليل ٌ‬‫ٌ‬
‫"إ ٌف هلل مبلئكة يطوفوف ُب الطرؽ يلتمسوف حلق الذكر"‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪ ،‬كُب آخره "فيسأ‪٥‬بم ما يقوؿ‬
‫كٲبجدكنك"‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪ ،‬كىو صريح‬
‫كيكربكنك كيهلٌلونك ٌ‬
‫عبادم فيقولوف يسبٌحونك كٰبمدكنك ٌ‬
‫ُب ابب ا‪١‬بمع عْب الذؾ ُب الَبغيب ُب سياقو‪.‬‬
‫كما كقع ُب آخره من أ ٌف فيهم من ليس منهم فيقوؿ تعأب‪" :‬ىم القوـ ال بشقى جليسهم"‪،‬‬
‫فأخذ منو جواز قصد اإلجتماع لعْب الذكر بوجو ال يسوغ أتكيلو‪ ،‬كحديث "ما جلس قوـ‬
‫كتنزلت عليهم السكينة كغشيتهم الر‪ٞ‬بة‬
‫مسلموف ‪٦‬بلسا يذكركف هللا فيو إالٌ ح ٌفت هبم ا‪٤‬ببلئكة ٌ‬
‫كذكرىم هللا تعأب فيمن عنده"‪.‬‬

‫التمسك بو ُب‬
‫ٌ‬ ‫مرة كبذكر اآلالء أخرل ك‪ٞ‬بل على ظاىره أيضا‪ ،‬فسقط‬
‫يؤكؿ ابلعلم ٌ‬
‫كالذكر ٌ‬
‫أعياف األذكار كداللتو عل ما تؤكؿ بو الحتمالو‪.‬‬
‫سرا فجدكاه غّب ظاىر‪ ،‬كإف كاف‬
‫كل على ذكره‪ ،‬فا‪١‬بواب‪ :‬إف كاف ٌ‬
‫قاؿ فإف قيل‪٦ :‬بتمعوف ك ٌ‬
‫جهرا فبل ٱبفى ما فيو من إساءة األدب ابلتخليط كغّبه ‪٩‬بٌا ال يسوغ ُب حديث الناس فضبل عن‬
‫ذكر هللا تعأب‪ .‬فلزـ جوازه‪ ،‬بل ندبو‪ ،‬بشرطو نعم‪ .‬كأتكيل التسبيح كالتحميد كالتمجيد ابلتذكار‬
‫ابلتوحيد من أبعد البعيد‪ ،‬فتأكيلو غّب مقبوؿ لبعده عن األفكار‪ ،‬إذ ال ٱبطر إالٌ ابألخطار‪،‬‬
‫كذلك ُب مقاصد الشرع بعيد ج ٌدا‪ ،‬فافهم‪.‬‬
‫فأما قوؿ ابن مسعود رضي هللا تعأب عنو‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ ،‬بعد إ‪ٛ‬باـ ىذه القاعدة كإ‪ٛ‬باـ قاعدة اخرل‪ٌ :‬‬
‫‪٧‬بمد علما)‪ ،‬اب‪١‬بواب‬
‫لقوـ كجدىم يذكركف ‪ٝ‬باعة‪( :‬لقد جئتم ببدعة ظلما أك لقد فتم أصحاب ٌ‬
‫يصح إنكاره هبذا‬
‫عنو‪ :‬أنٌو ٓب يبلغو حديث الَبغيب فيو‪ ،‬أك أنو أنكر ا‪٥‬بيئة ك‪٫‬بوىا‪ ،‬كإالٌ فبل ٌ‬
‫صحة ا‪٢‬بديث‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫الوجو بعد ٌ‬
‫األكؿ‪ُ ،‬ب ما كرد ُب فضل الذكر كاإلجتماع عليو‪،‬‬
‫كُب مفتاح الفبلح البن عطاء هللا‪ ،‬الفصل ٌ‬
‫استدؿ هبا على ذلك‪ٍ ،‬بٌ قاؿ بعد ذلك‪ :‬ابب ا‪١‬بهر‬
‫ٌ‬ ‫كذكر رضي هللا تعأب عنو األحاديث الٍب‬
‫ابلذكر‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كيركل أ ٌف الص ٌديق كاف ٱبافت ُب صبلتو ابلليل كال يرفع صوتو ابلقراءة‪،‬‬
‫ككاف عمر ٯبهر ُب صبلتو‪ ،‬فسأؿ رسوؿ هللا صلٌى هلل عليو كسلٌم أاب بكر عن فعلو فقاؿ‪ :‬الذم‬
‫أانجيو يسمع كبلمي‪ ،‬كسأؿ عمر فقاؿ‪ :‬أكقظ الوسناف كأطرد الشيطاف كأرل الر‪ٞ‬بن‪ ،‬فأمر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪246‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أاب بكر برفع الصوت‪ ،‬كىو ا‪١‬بهر‪ ،‬كٓب أيمر عمر‬
‫ابإلسرار‪ ،‬بل ٖبفض الصوت‪ ،‬كذلك ليس ابإلسرار‪ .‬كإذا كاف ىذا ُب القرآف‪ ،‬كىو فضل‬
‫الذكر‪ ،‬فغّبه كذلك‪.‬‬

‫ص ىبلتً ى‬
‫ك ىكىال‬ ‫استدؿ بعض ا‪١‬بهلة بقولو تعأب‪ :‬ىكىال ى٘بٍ ىه ٍر بً ى‬
‫ٌ‬ ‫أتمل‪ ،‬ر‪ٞ‬بك هللا تعأب‪ ،‬كيف‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ت ًهبىا على منع ا‪١‬بهر ابلذكر‪ ،‬كخالف ىذا اإلماـ الذم اشتهر علمو ككاليتو كمعرفتو ابهلل‬ ‫ي‪ٚ‬بىافً ٍ‬
‫تعأب كعموـ النفع بو كمؤلفاتو لعباد هللا تعأب ُب ‪ٝ‬بيع ببلد اإلسبلـ‪ ،‬كلقب لذلك بتاج الدين‬
‫رد فهمو السقيم كفكره العقيم‪ ،‬إذ‬ ‫ْب ذىلً ى‬
‫ك ىسبً نيبل ٌ‬ ‫رب العا‪٤‬بْب ىكابٍػتى ًغ بىػ ٍ ى‬
‫بن عطاء هللا‪ ،‬مع أ ٌف قوؿ ٌ‬
‫ال سبيل يبتغي بو‬
‫ا‪١‬بهر كا‪٤‬بخافتة إالٌ ا‪١‬بهر برفق لئبلٌ يتعطٌل جهر ا‪١‬باىد بغّب رفق فيحصل لو أمراض تعوقو عن‬
‫الذكر كغّبه كما سيأٌب‪ٍ .‬بٌ قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كينبغي للذاكر‪ ،‬كاف كحده‪ ،‬إف كاف من‬
‫العامة أف ٯبهر بو‪ ،‬كإف كاف الذاكركف ‪ٝ‬باعة‬
‫ا‪٣‬باصة‪ ،‬أف ٱبفض صوتو ابلذكر‪ ،‬كإف كاف من ٌ‬
‫ٌ‬
‫فاألكٔب ُب ح ٌقهم رفع الصوت ابلذكر مع توافق األصوات بطريقة كاحدة‪.‬‬
‫ٍبٌ قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قاؿ بعضهم مثل ذكر الواحد كذكر ا‪١‬بماعة كمؤذٌف كاحد كمؤذٌنْب‬
‫‪ٝ‬باعة‪ ،‬فكما أ ٌف صوت ا‪٤‬بؤذٌنْب ‪ٝ‬باعة يقطع جرـ ا‪٥‬بواء أكثر ‪٩‬بٌا يقطعو صوت مؤذٌف كاحد‬
‫قوة ُب رفع ا‪٢‬بجب عن القلب من ذكر كاحد‬
‫كذلك ذكر ‪ٝ‬باعة على القلب أكثر أتثّبا كأش ٌد ٌ‬
‫لكل كاحد ثواب نفسو كثواب ‪٠‬باع الذكر من غّبه‪ ،‬كشبٌو هللا تعأب‬ ‫كحده‪ .‬كأيضا ٰبصل ٌ‬
‫ارةً أ ٍىك أى ىش ُّد‬ ‫ً‬ ‫ت قيػليوبي يك ٍم ًم ٍن بىػ ٍع ًد ىذلً ى‬
‫ك فى ًه ىي ىكا ٍ‪٢‬ب ىج ى‬ ‫سٍ‬‫القلوب القاسية اب‪٢‬بجارة ُب قولو تعأب‪ :‬يٍبَّ قى ى‬
‫بقوة‪ ،‬فكذلك قساكة‬ ‫قى ٍس ىو نة كا‪٢‬بجارة ال تنكسر إال ٌ‬
‫القوم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫القلب ال تزكؿ إالٌ ابلذكر‬

‫كُب شهيٌة السماع‪ :‬كمنو‪ ،‬يعِب كمن أنواع اآلداب الٍب ٘بمع للمتٌصف هبا خصاؿ ا‪٣‬بّب‪ ،‬الفرار‬
‫من اإلسرار ُب الذكر‪ .‬اىػ‪ .‬كُب شرحو كشف القناع‪ :‬كذلك أل ٌف الذكر مع اإلسرار ال يؤثٌر ُب‬
‫قلب السالك كال يرقٌيو كذكر ا‪١‬بهر‪ٍ .‬بٌ قاؿ‪ :‬كمن كبلـ بعضهم‪ :‬إذا ذكر ا‪٤‬بريد ربٌو بش ٌدة كعزـ‬
‫مع ا‪١‬بهر طويت لو مقامات الطريق بسرعة من غّب بطء‪ ،‬فرٌٗبا قطع ُب ساعة ما ٓب يقطعو غّبه‬
‫ُب شهر أك أكثر‪ ،‬لكن ينبغي أف يكوف ا‪١‬بهر برفق‪ ،‬فإنٌو إذا كاف بغّب رفق رٌٗبا بَبيب فيتعطٌل‬
‫جهره ابلكلٌيٌة‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪247‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لكل موفٌق سعيد بعض أسرار قولو صلٌى هللا عليو كسلٌم ألصحابو رضواف‬
‫قلت‪ :‬كمن ىنا يظهر ٌ‬
‫ي‬
‫يؤدم إٔب ىذا الداء العضاؿ الذم‬
‫هللا عليهم أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬حْب كانوا ٯبهركف ابلذكر جهرا شديدا ٌ‬
‫أصما كال غائبا"‪ ،‬كٓب‬
‫يبطل ٕبدكثو جهدىم ابلكلٌيٌة‪" :‬أربعوا على أنفسكم فإنٌكم ال تدعوف ٌ‬
‫ينههم صلٌى هللا عليو كسلٌم عن ا‪١‬بهر كال عن الذكر كلو هناىم عن ا‪١‬بهر لقاؿ‪ :‬أخفضوا‬
‫كأسركا ذكركم كال ٘بهركا بو‪ ،‬كلو هناـ عن الذكر لقاؿ اسكتوا‪ ،‬كلكنٌو صلٌى الو عليو‬
‫أصواتكم ٌ‬
‫ردىم إٔب الرفق على نفسهم اب‪١‬بهر الذم ال يلحقهم معو ضرر يتأذٌكف‬ ‫كسلٌم ٌ‬
‫كاألمهات كما‬ ‫أبمتو من اآلابء ٌ‬ ‫بو‪ ،‬ألنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم سيٌد األطبٌاء كأعقل العقبلء كأرحم ٌ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫كصفو مواله بقولو تعأب لىىق ٍد جاء يكم رس ه ً‬
‫ُّم ىح ًر ه‬
‫يص ىعلىٍي يك ٍم‬ ‫وؿ م ٍن أىنٍػ يفس يك ٍم ىع ًز هيز ىعلىٍيو ىما ىعنت ٍ‬ ‫ى ى ٍ ىي‬
‫السر العظيم من ‪ٝ‬بلة أسرار ىذا ا‪٢‬بديث ال ما يقولو بعض الطلبة‬ ‫ًابلٍم ٍؤًمنًْب رء ه ً‬
‫يم‪ ،‬كىذا ٌ‬ ‫كؼ ىرح ه‬ ‫ي ى ىي‬
‫ا‪٤‬ب ٌدعْب ٌأهنم بلغوا ا‪٤‬برتبة القصول من العلم مع أهنٌم ما بلغوا مرتبة التعلٌم من صغار العلماء‪ ،‬كال‬
‫ما يقولو بعض ا‪٢‬بسدة ا‪٤‬بردة الفسقة الفجرة الذين ٰبملوف كبلـ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫يؤدم إٔب السلب‬ ‫كل ما ٌ‬‫كيفسركنو آبراء ا‪٤‬بضلٌة‪ ،‬نعوذ ابهلل من ا‪٢‬بسدة كمن ٌ‬
‫على غّب ‪٧‬بملو ٌ‬
‫كالطرد‪.‬‬

‫عما اعتاده الصوفيٌة من عقد‬


‫ٍبٌ قاؿ ُب كشف القناع‪ :‬كسئل ا‪١‬ببلؿ السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ٌ‬
‫حلق الذكر كا‪١‬بهر بو ُب ا‪٤‬بساجد كرفع الصوت ابلتهليل‪ ،‬ذلك مكركه أـ ال؟ فأجاب أبنٌو ال‬
‫كراىة ُب شيء من ذلك‪ ،‬كقد كردت أحاديث تقتضي استحباب ا‪١‬بهر ابلذكر كأحاديث‬
‫تقتضي ابستحباب اإلسرار بذلك‪ ،‬كا‪١‬بمع بينهما أ ٌف ذلك ٱبتلف ابختبلؼ األحواؿ‬
‫كاألشخاص كما ‪ٝ‬بع النوكم بذلك بْب األحاديث الواردة ابستحباب ا‪١‬بهر بقراءة القرآف‬
‫كاألحاديث‬
‫أم السيوطي‪ ،‬بعدما كرد ما أكرده من األحاديث الواردة‬
‫الواردة ابستحباب اإلسرار هبا‪ .‬قاؿ‪ٌ ،‬‬
‫أتملت ما أكردانه من االحاديث عرفت من ‪٦‬بموعها أنٌو ال كراىة البتٌة ُب‬
‫ابستحباب ا‪١‬بهر‪ :‬إذ ٌ‬
‫ا‪٣‬بفي" فهو نظّب معارضة أحاديث ا‪١‬بهر‬
‫كأما معارضتو ٕبديث "خّب الذكر ٌ‬
‫ا‪١‬بهر ابلذكر‪ٌ .‬‬
‫كا‪٤‬بسر ابلصدقة"‪ ،‬كقد ‪ٝ‬بع النوكم بينهما أب ٌف اإلخفاء أفضل‬
‫ٌ‬ ‫"ا‪٤‬بسر ابلقرآف‬
‫ٌ‬ ‫ابلقرآف ٕبديث‬
‫حيث خاؼ الرايء أك أتذم بو مصلٌوف أك النياـ‪ ،‬كا‪١‬بهر أفضل ُب غّب ذلك أل ٌف العمل فيو‬
‫أكثر‪ ،‬كأل ٌف فائدتو تتع ٌدل إٔب السامعْب كيوقظ قلب القارئ كٯبمع ٮبٌو إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪248‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يستحب ا‪١‬بهر‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٢‬بضور كيصرؼ ‪٠‬بعو إليو كيطرد النوـ كيزيد ُب النشاط‪ .‬قاؿ‪ :‬كقاؿ بعضهم‪:‬‬
‫يكل فيسَبيح‬
‫ٲبل فيأنس اب‪١‬بهر‪ ،‬كا‪١‬باىر قد ٌ‬
‫ا‪٤‬بسر قد ٌ‬
‫ببعض القرآف كاإلسرار ببعضو‪ ،‬أل ٌف ٌ‬
‫ابإلسرار‪ .‬قاؿ‪ :‬ككذلك تقوؿ ُب الذاكر على ىذا التفصيل‪ ،‬كبو كٰبصل ا‪١‬بمع بْب األحاديث‪.‬‬
‫ض ُّر نعا ىك ًخي ىفةن ىك يدك ىف ا ٍ‪١‬بىٍه ًر ًم ىن الٍ ىق ٍوًؿ‬
‫ك تى ى‬ ‫ك ًُب نىػ ٍف ًس ى‬ ‫قلت قد قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكاذٍ يك ٍر ىربَّ ى‬
‫قاؿ‪ :‬فإف ى‬
‫ً‬ ‫ض ُّر نعا ىك يخ ٍفيىةن إًنَّوي ىال يًٰب ُّ‬ ‫ىص ً‬
‫فسر‬ ‫ين‪ ،‬كقد ٌ‬ ‫ب ال يٍم ٍعتىد ى‬ ‫اؿ‪ ،‬كقد قاؿ تعأب ا ٍدعيوا ىربَّ يك ٍم تى ى‬ ‫ًابلٍغي يد ًٌك ىك ٍاآل ى‬
‫اإلعتداء اب‪١‬بهر ُب الدعاء‪ ،‬فا‪١‬بواب ُب اآلية األكٔب من ثبلثة أكجو‪ ،‬أحدىا ما ذكره السادة‬
‫كأما غّبه ‪٩‬بٌن ىو‬
‫ا‪٤‬بكمل‪ٌ ،‬‬
‫ابلنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم الكامل ٌ‬
‫خاص ٌ‬ ‫الصوفيٌة أ ٌف األمر ُب اآلية ٌ‬
‫‪٧‬بل الوسواس كا‪٣‬بواطر الرديئة فمأمور ا‪١‬بهر ألنٌو أش ٌد أتثّبا ُب دفعها‪ .‬كا‪١‬بواب ُب اآلية الثانية‬
‫ٌ‬
‫من كجهْب‪ ،‬أحدٮبا أ ٌف الراجح ُب تفسّب اإلعتداء أف ٯباكز ا‪٤‬بأمور بو كٱبَبع دعوة ال أصل هبا‬
‫ُب الشرع‪ ،‬الثا٘ب‪ ،‬على تقدير التسليم‪ ،‬فاآلية ُب الدعاء ال ُب الذكر‪ ،‬كالدعاء ٖبصوصو األفضل‬
‫فيو اإلسرار ألنٌو أقرب إٔب اإلجابة‪ ،‬كمن‬
‫استحب اإلسرار ابالستعاذة ُب الصبلة اتٌفاقا‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ىٍبَّ‬
‫اتمة مع ا‪١‬بهر فإنٌو أش ٌد أتثّبا ُب‬
‫بقوة ٌ‬
‫ا‪٣‬بواص‪ :‬ينبغي للمريد أف يذكر ٌ‬
‫علي ٌ‬‫كمن كبلـ سيٌدم ٌ‬
‫‪ٝ‬بع شتات قلبو‪ ،‬كينبغي لو أيضا أف يذكر مع ‪ٝ‬باعة‪ ،‬فإ ٌف ذكر ا‪١‬بماعة أكثر أتثّبا ُب رفع‬
‫بقوة ‪ٝ‬باعة‪،‬‬
‫ا‪٢‬بجب لكوف ا‪٢‬ب ٌق تعأب شبٌو القلوب اب‪٢‬بجارة‪ ،‬كمعلوـ أ ٌف ا‪٢‬بجر ال ينكسر إالٌ ٌ‬
‫قوة ا‪١‬بماعة أش ٌد‬
‫فكذلك قساكة القلب ال تزكؿ إالٌ بذكر ‪ٝ‬باعة ‪٦‬بتمعْب على قلب كاحد أل ٌف ٌ‬
‫فلكل ثواب نفسو كثواب ‪٠‬باع رفقتو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كأما من حيث الثواب‪ٌ ،‬‬ ‫قوة شخص كاحد‪ٌ .‬‬ ‫من ٌ‬
‫كُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود للشيخ الشعرا٘ب‪ :‬أخذ علينا العهد أف نكوف ىيٌنْب ُب يد‬
‫إخواننا ا‪٤‬بسلمْب ما ٓب يدعوان إٔب مذموـ شرعا‪ ،‬كُب ا‪٢‬بديث الوارد ُب األمر بتسوية الصفوؼ‬
‫"كلينوا ُب يد إخوانكم"‪ ،‬كاعلم اي أخي أ ٌف من ‪ٝ‬بلة اللْب أنٌك إذا دخلت على ‪ٝ‬باعة يذكركف‬
‫هللا تعأب عل طريقة ا‪٤‬بغاربة أك العجم أك الشنٌاكيٌة‪ ،‬بفتح‪ ،‬أك الرفاعيٌة أك غّبىم أف تذكر‬
‫فتشوش عليهم كال تسكت فيفوتك أجر الذاكر‪.‬‬
‫كأحدىم ُب النغمة كالصوت كال ‪ٚ‬بالفهم ٌ‬
‫التشوؽ إٔب طريق‬
‫تعرؼ بنا من أبناء الدنيا بساط ٌ‬
‫لكل من ٌ‬
‫كفيو‪ :‬أخذ علينا العهد أف نبسط ٌ‬
‫قربناه‬
‫الفقراء كإٔب ‪٧‬ببٌة ذكر هللا صباحا كمساء‪ ،‬ليبل كهنارا‪ ،‬فإف أحب ذلك ككاظب عليو ٌ‬
‫ب إٔب ذلك‪ ،‬فإف استثقل جلوسو معنا ُب ‪٦‬بالس الذكر‬
‫كعددانٮبن ‪ٝ‬بلة األصحاب‪ ،‬كإف ٓب يٯب ٍ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪249‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ك‪٫‬بوىا‪ ،‬كتعلٌل ابلنوـ مثبل عددانه من معارفنا ال من أصحابنا‪ ،‬ذلك أل ٌف الصاحب شرطو أف‬
‫يشرب من مسقاة صاحبو مع ارتفاع ا‪٢‬باجز بْب قلبو كبْب صاحبو كما يرتفع ا‪٢‬باجز بْب‬
‫ا‪٢‬بوضْب كيصّباف حوضا كاحدا كماء كاحدا‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كل من غاب من الفقراء عن‬
‫كفيو‪ :‬أخذ علينا العهد ‪ ...‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كينبغي للشيخ معاتبة ٌ‬
‫ٕبجة الوفاء ٕب ٌق العياؿ‪ .‬كإذا كاف‬‫صبلة ا‪١‬بماعة أك عن ‪٦‬بلس الذكر كلو ابلنوـ ُب البيت ٌ‬
‫الفقراء ُب ‪٦‬بلس ًكٍرًدىم فبل ينبغي ألحدىم اإلنصراؼ إالٌ إبشارة شيخ اجمللس ىكإً ىذا ىكانيوا ىم ىعوي‬
‫ىعلىى أ ٍىم ور ىج ًام وع ىٓبٍ يى ٍذ ىىبيوا ىح ٌَّب يى ٍستىأ ًٍذنيوهي‪ ،‬ك‪٦‬بلس الذكر أمر جامع يقْب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كفيو‪ :‬أخذ علينا العهود أف أنمر إخواننا بتعظيم الذاكرين هلل تعأب كالذاكرات من نسبتهم إٔب‬
‫أم أان معو‪ ،‬كمن كاف‬
‫كجل حاؿ ذكرىم ُب قولو تعأب‪" :‬أان جليس من ذكر٘ب"‪ٌ ،‬‬
‫عز ٌ‬‫‪٦‬بالسة ا‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫يتعرض لو أبف ينوم لو سوءا ُب كقت من األكقات‪،‬‬
‫ا‪٢‬ب ٌق تعأب معو ال ينبغي ‪٤‬بن لو دين أف ٌ‬
‫كىذا األمر‪ ،‬كإف كاف كاجبا ُب ح ٌق ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فهوُب ح ٌق الذاكر أش ٌد كجواب‪ .‬قاؿ‪ :‬كما رأينا‬
‫شرعي كمات على نعت استقامة أبدا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أحدا آذل الفقراء كالصا‪٢‬بْب أك أنكر عليهم بغّب طريق‬
‫القدسي "من آذل ٕب كليٌا فقد آذنتو اب‪٢‬برب"‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كُب ا‪٢‬بديث‬

‫علي‬
‫شك فيو أف يكوف مكثرا لذكر هللا تعأب‪ .‬كيؤيٌده قوؿ أيب ٌ‬
‫الوٕب الذم ال ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬كعبلمة ٌ‬
‫الدقٌاؽ ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬الذكر منشور الوالية فمن كفٌق للذكر فقد أعطى ا‪٤‬بنشور‪ .‬أىػ‪ .‬قاؿ‪:‬‬
‫فعلم أنٌو ال ينبغي ألحد أف ٲبنع الذاكرين من رفع الصوت ابلذكر ُب ا‪٤‬بساجد ك‪٫‬بوىا إالٌ بطريق‬
‫شرعي ك‪٫‬بو‬
‫ٌ‬ ‫يشوش على انئم أك مصلي أك مطالع ُب علم‬
‫يسوغ لو اإلنكار فيها‪ ،‬كأف ٌ‬
‫شرعي ٌ‬
‫ٌ‬
‫الوىاب الشعرا٘ب‬
‫بكل شيء عليم‪ .‬إنتهى كبلـ سيٌدم عبد ٌ‬
‫ذلك‪ ،‬فليبتعد ا‪٤‬بانع ‪٥‬بم نفسو‪ ،‬كهللا ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كىو نفيس‪.‬‬
‫كقاؿ سيٌدم جبلؿ الدين السيوطي ُب السيف القاطع البلٌمع ألىل اإلعتزاؿ الشوانع‪ :‬كبعد‪،‬‬
‫فقد كقع السؤاؿ أب ٌف مشايخ اإلسبلـ رضي هللا تعأب عنهم سألوا عن ‪ٝ‬باعة صوفية ٯبتمعوف ُب‬
‫‪٦‬بلس ذكر كتذكّب ٍبٌ أ ٌف بعضهم يقوـ ذاكرا ىائما لوارد ٰبصل لو‪ ،‬فهل يبلـ على ذلك ‪٨‬بتارا‬
‫كاف أك غّب ‪٨‬بتار‪ ،‬أينكر عليو أك ٲبنع كيزجر أـ ال؟ أفيدكا مع البسط أثبتم اب‪١‬بنٌة‪ .‬فأجاب‬
‫شيخ اإلسبلـ سراج الدين البلقيِب أبنٌو ال إنكار ُب ذلك‪ ،‬كليس ‪٤‬بانع منعو كيلزـ ا‪٤‬بتعدم بذلك‬
‫التعزير‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪250‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ً‬
‫كا‪٤‬بنكر‬ ‫ككذا أجاب العبلٌمة برىاف الدين االنباسي ٗبثل ذلك‪ ،‬كزاد أ ٌف صاحب ا‪٢‬باؿ مغلوب‬
‫‪٧‬بركـ ما ذاؽ ل ٌذة التوحيد كال صفا لو ا‪٤‬بشرب‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كاب‪١‬بملة فالسبلمة ُب التسليم‬
‫أئمة من ا‪٢‬بنفية كا‪٤‬بالكية ككتبوا على ذلك اب‪٤‬بوافقة‪ .‬قاؿ الشيخ‬
‫للقوـ‪ .‬كأجاب بنحو ذلك ٌ‬
‫ا‪٤‬بطالع الن ٌقاؿ جبلؿ الدين السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ ،‬بعد نقل ىذه األجوبة‪ :‬ككيف ينكر الذكر‬
‫اَّللى قًيى ناما ىكقيػعي ن‬
‫ودا ىك ىعلىى يجنيوهبًً ٍم‪ ،‬كقالت عائشة‬ ‫ين يى ٍذ يك يرك ىف َّ‬ ‫َّ ً‬
‫قائما كالقياـ ذاكرا‪ ،‬كقد قاؿ تعأب الذ ى‬
‫رضي هللا تعأب عنها‪" :‬كاف رسوؿ هللا‬

‫انضم إٔب ىذا القياـ رقص أك كجد‬


‫كل أحيانو"‪ .‬فإذا ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم يذكر هللا تعأب على ٌ‬
‫ك‪٫‬بوه فبل إنكار عليهم فإ ٌف ذلك من ل ٌذات الشهود كا‪٤‬بواجيد‪ ،‬كقد كرد ُب بعض طرؽ ا‪٢‬بديث‬
‫رقص جعفر بن أيب طالب بْب يدم رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم حْب قاؿ لو‪" :‬أشبهت‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فكاف ىذا‬
‫خلقي كخلقي" من ل ٌذة ىذا ا‪٣‬بطاب‪ ،‬كٓب ينكر عليو ذلك ٌ‬
‫أصبل ُب ا‪١‬بملة ُب رقص الصوفية ككجدىم ‪٩‬بٌا يدركونو من ل ٌذات ا‪٤‬بواجيد‪.‬‬
‫األئمة‪ ،‬منهم شيخ‬
‫صح القياـ كالرقص ُب ‪٦‬بالس الذكر كالسماع عن ‪ٝ‬باعة من أكابر ٌ‬
‫كقد ٌ‬
‫عز الدين بن عبد السبلـ ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ .‬قاؿ الشيخ الفاضل الكامل‬
‫اإلسبلـ كسلطاف العلماء ٌ‬
‫الكل‪ ،‬قاؿ‪ :‬كىذه‬
‫يوسف العجمي ُب رسالتو ُب فضل آداب الذكر سبعة عشرة‪ ،‬بعد ع ٌد ٌ‬
‫اآلداب تصعب على ا‪٤‬ببتدم كتسهل على غّبه‪ ،‬ككلٌها إ ٌ٭با تلزـ الذاكر إذا كاف كاعيا ُب عقلو‬
‫ك‪٨‬بتارا ُب ذكره‪ٌ ،‬أما إذا غاب عن عقلو فللغيبة أحكاـ‪ ،‬يدركها صاحبها أك ٓب يدركها‪.‬‬
‫كسلب الذكر اختيار الذاكر‪ ،‬فبل حرج على الذاكر ما داـ ىو مسلوب اإلختيار كيف شاء على‬
‫أنواع ‪٨‬بتلفة كلٌها ‪٧‬بمودة كصاحبها مشكور عليها‪ ،‬فلها كلٌها أسرار‪ .‬فرٌٗبا ٯبرم على لسانو هللا‬
‫هللا هللا‪ ،‬أك ىو ىو ىو‪ ،‬أك ال ال ال ال ال ال ال‪ ،‬أك آ آ (اب‪٤‬ب ٌد)‪ ،‬أك ااااااا (ابلقصر)‪ ،‬أك آه آه آه‬
‫آه آه آه‪ ،‬أك ىا ىا ىا ىا ىا ىا‪ ،‬أك ‪ ، ...‬أك عياط بغّب حرؼ أك صرع ك‪ٚ‬ببيط‪.‬‬

‫يتصرؼ فيو كيف يشاء أل ٌف الذاكر إذا نول‬


‫فأدبو ُب ذلك الوقت أف يسلٌم نفسو ُب كارده ٌ‬
‫الذكر بقلبو كابتدأ بلسانو لفظ ال إلو إالٌ هللا ٍبٌ سلب اختياره ُب تلك النيٌة فهو ذاكر هللا تعأب‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬إ ٌف هللا‬
‫أم حالة كاف أل ٌف ا‪٤‬بنظور إليو ىوالقلب كالنيٌة كما قاؿ ٌ‬
‫على ٌ‬
‫ال ينظر إٔب صوركم كال إٔب أعمالكم بل ينظر إٔب قلوبكم كنيٌاتكم"‪ ،‬كقاؿ عليو السبلـ‪" :‬إ ٌ٭با‬
‫وم ىها ىكىال ًد ىما يؤ ىىا ىكلى ًك ٍن يىػنىاليوي التَّػ ٍق ىول ًم ٍن يك ٍم‪،‬‬ ‫اؿ َّ‬
‫اَّللى ي‪٢‬بي ي‬ ‫األعماؿ ابلنيٌات"‪ ،‬كقاؿ تعأب لى ٍن يىػنى ى‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪251‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالتقول ال‬
‫تكوف إالٌ ابلقلب كالنيٌة‪ ،‬كاألصل منعقد على النيٌة‪ .‬ككذلك بعد سكوف كارده يكوف ُب تسليمو‬
‫ابلسكوف كالسكوت ما استطاع متلقيا لوارده أيضا‪ٍ .‬بٌ قاؿ بعد ذلك‪ :‬قد اعَبض بعض‬
‫ض ُّر نعا ىك ًخي ىفةن‪ ،‬كقولو‬ ‫ك ًُب نىػ ٍف ًس ى‬
‫ك تى ى‬ ‫الفضبلء على الذكر اب‪١‬بهر مستدالٌ بقولو تعأب‪ :‬ىكاذٍ يك ٍر ىربَّ ى‬
‫عامة عباده ٗبثل‬ ‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬خّب الذكر ما خفي"‪ ،‬كا‪١‬بواب‪ :‬أ ٌف هللا تعأب خاطب ٌ‬
‫ا‪٣‬باص ٗبثل قولو أىفى ىبل يىػتى ىدبَّػ يرك ىف الٍ يق ٍرىآ ىف‪ ،‬كخاطب‬
‫ٌ‬ ‫ت‪ ،‬كخاطب‬ ‫ف يخلً ىق ٍ‬
‫اإلبً ًل ىك ٍي ى‬
‫أىفى ىبل يىػ ٍنظييرك ىف إً ىٔب ًٍ‬
‫‪٧‬بمدا‬
‫سيٌد أىل ا‪٢‬بضرة ٌ‬
‫ك‬
‫الظل ٗبثل قولو تعأب‪:‬ى اذٍ يك ٍر ىربَّ ى‬ ‫عرفو بربٌو كنفسو‪ ،‬كأراه كيف م ٌد ٌ‬ ‫صلٌى هللا عليو كسلٌم بعد أف ٌ‬
‫ف ىم َّد ال ًظٌ َّل‪ ،‬فمن ال يعرؼ ربٌو كال‬ ‫ك ىك ٍي ى‬‫ض ُّر نعا ىك ًخي ىفةن‪ ،‬كقولو تعأب‪ :‬أىىٓبٍ تىػ ىر إً ىٔب ىربًٌ ى‬
‫ك تى ى‬ ‫ًُب نىػ ٍف ًس ى‬
‫الظل؟ بل ىم‬
‫الظل كيف يذكر ربٌو ُب نفسو؟ أك كيف يرل م ٌد ٌ‬ ‫نفسو كال أراه كيف م ٌد ٌ‬
‫ا‪٣‬بفي ما خفى عن ا‪٢‬بفظة ال ما‬ ‫ا‪٤‬بخاطبوف ٗبثل قولو تعأب‪ :‬اذٍ يكركا َّ ً ً‬
‫كأما الذكر ٌ‬ ‫ّبا‪ٌ .‬‬ ‫اَّللى ذ ٍك نرا ىكث ن‬ ‫ي‬
‫خاص بو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كمن لو بو إسوة‪.‬‬ ‫ٱبفظ بو الصوت‪ ،‬كىو أيضا ٌ‬
‫كأما إذا‬
‫كالقوة‪ٌ ،‬‬
‫فاألكٔب ُب ح ٌقهم رفع الصوت ابلذكر ٌ‬
‫فالذاكركف إذا كانوا ‪٦‬بتمعْب على الذكر ٍ‬
‫العواـ فا‪١‬بهر ُب‬
‫ا‪٣‬بواص فاإلخفاء ُب ح ٌقو ٍأكٔب‪ ،‬كإف كاف من ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كاف الذاكر كحده‪ ،‬فإ ٍف كاف من‬
‫ح ٌقو ٍأكٔب‪ .‬كقد شبٌو الغزإب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ذكر شخص كاحد كذكر ‪ٝ‬باعة ‪٦‬بتمعْب ٗبؤذٌف كاحد‬
‫ك‪ٝ‬باعة مؤذٌنْب‪ ،‬فكما أ ٌف أصوات ا‪١‬بماعة تقطع جرـ ا‪٥‬بول أكثر من صوت رجل كاحد فكذا‬
‫ذكر ‪ٝ‬باعة على قلب كاحد أكثر أتثّبا ُب رفع ا‪٢‬بجب من ذكر شخص كاحد‪ ،‬كمن حيث‬
‫فلكل كاحد ثواب نفسو كثواب ذكر رفقتو‪.‬‬
‫الثواب ٌ‬
‫كأما قولنا أكثر أتثّبا ُب رفع ا‪٢‬بجب فؤل ٌف هللا تعأب شبٌو القلوب اب‪٢‬بجارة ُب قولو تعأب‪ :‬يٍبَّ‬ ‫ٌ‬
‫ارةً أ ٍىك أى ىش ُّد قى ٍس ىو نة‪ ،‬كمعلوـ أ ٌف ا‪٢‬بجر ال ينكسر إالٌ‬ ‫ً‬ ‫ت قيػليوبي يك ٍم ًم ٍن بىػ ٍع ًد ىذلً ى‬
‫ك فى ًه ىي ىكا ٍ‪٢‬ب ىج ى‬ ‫س ٍ‬
‫قى ى‬
‫قوة ذكر شخص كاحد‪ ،‬ك‪٥‬بذا قاؿ ‪٪‬بم‬ ‫فقوة ذكر ‪ٝ‬باعة ‪٦‬بتمعْب على قلب كاحد أش ٌد من ٌ‬ ‫بقوة‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫كاستدؿ هبذه اآلية‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الدين الطربم ق ٌدس هللا ركحو‪ :‬أ ٌف الق ٌوة شرط الذكر‪،‬‬
‫ككذا سئل شيخ اإلسبلـ كرأس احمل ٌدثْب كا‪٢‬ب ٌفاظ‪ ،‬شهاب الدين أبو الفضل أ‪ٞ‬بد بن علي بن‬
‫سره عن ‪ٝ‬باعة من ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬طلبة علم كفقراء‪ ،‬ٯبتمعوف ُب‬
‫حجر الكنا٘ب العسقبل٘ب ق ٌدس هللا ٌ‬
‫كيكربكنو ابلوارد‬
‫مسجد ‪ٝ‬باعة يصلٌوف الفريضة ‪ٝ‬باعة ٍب يذكركف هللا تعأب كيسبٌحونو كٰبمدكنو ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪252‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب السنة الصحيحة ا‪٤‬بأثورة كغّب ذلك عن السلف الصاّب‪ ،‬كٱبتموف ذلك بقراءة الفا‪ٙ‬بة ٍبٌ‬
‫ككجد كشغف كشوؽ‬ ‫يذكركف هللا ال إلو إالٌ هللا هبئة اجتماعيٌة يصدر عنها رقٌة ُب قلوهبم ٍ‬
‫كاستغراؽ ُب كحدانيٌة معبودىم‪ ،‬فمنهم من يسمع منو توحيد بلفظ ا‪١‬ببللة فقط‬

‫هللا هللا كمنهم من يسمع منو آه آه‪ .‬فإذا انتهى هبم ىذا االستغراؽ ختم كاحد منهم ببل إلو إالٌ‬
‫‪٧‬بمد رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كٱبتم ابلفا‪ٙ‬بة كذلك‪ ،‬كٱبتم ابقي ا‪١‬بماعة كذلك‪ٍ ،‬بٌ‬
‫هللا ٌ‬
‫كيتفرقوف‪ ،‬ىذا دأهبم كحا‪٥‬بم‪ .‬فأنكر عليهم شخص قائبل‪ :‬ىذا االجتماع كرفع الصوت‬
‫يدعوف ٌ‬
‫ابلذكر بدعة‪ ،‬كقاؿ آخر‪ :‬ىؤالء كبلب يعوكف‪ ،‬كقاؿ آخر‪ :‬الذكر اب‪١‬بهر ليس لو أصل لقولو‬
‫ض ُّر نعا ىك ًخي ىفةن ىك يدك ىف ا ٍ‪١‬بىٍه ًر ًم ىن الٍ ىق ٍوًؿ‪ ،‬اآلية‪ ،‬كقاؿ رسوؿ هللا صلٌى‬ ‫ك ًُب نىػ ٍف ًس ى‬
‫ك تى ى‬ ‫تعأب‪ :‬ىكاذٍ يك ٍر ىربَّ ى‬
‫هللا عليو كسلٌم‪" :‬خّب الذكر ما‬
‫يستحب أـ ال؟ ٍبٌ أ ٌف بعض‬
‫ٌ‬ ‫خفي"‪ ،‬فهل ٯبوز ما يفعلو ىؤالء هبذه ا‪٥‬بيئة الذكر جهرا؟ أك ىل‬
‫ا‪٤‬بنكرين أراد أف يدخل عليهم عند اشتغا‪٥‬بم ابلذكر قارئ القرآف‪ ،‬فإذا ٓب يبطلوا ابلذكر‬
‫كيستمعوا القرآف كيسكتوا فقد خالفوا قوؿ هللا تعأب في ٌدعي عليهم حينئذ أهنٌم خالفوا هللا تعأب‪،‬‬
‫فهل ‪٥‬بم ذلك أـ ال؟ كىل ٯبب على الذاكرين حينئذ السكوت كاإلستماع كأي‪ٜ‬بوا إذا ٓب يستمعوا‬
‫أـ ال؟ كماذا ٯبب على ا‪٤‬بنكر عليهم كمن يؤذيهم ابلقوؿ كالفعل؟ أفيدكا مثابْب‪.‬‬
‫فأجاب ر‪ٞ‬بة هللا عليو‪ :‬نعم ٯبوز الذكر جهرا كإف كاف اإلسرار أفضل‪ ،‬كال يلزـ من كوف الشيء‬
‫أفضل من الشيء سلب الفضل عن ا‪٤‬بفضوؿ‪ ،‬بل قضيٌة ذلك أف يشَبكا ُب أصل الفضل كيزيد‬
‫خاصة‪ ،‬كال مفضوليٌة الذكر جهرا لذات ا‪١‬بهر‪،‬‬
‫السر ٌ‬
‫سرا لذات ٌ‬ ‫أحدٮبا‪ .‬كليس أفضليٌة الذكر ٌ‬
‫السر ُب الذكر لبعده عن الرايء ٕبيث يًؤمن الرايء ُب ا‪١‬بهر للمحذكر ٌ‬
‫األكؿ عنو‪،‬‬ ‫بل أفضليٌة ٌ‬
‫األكؿ ألنٌو إذا سلم ا‪١‬باىر من الرايء ٓب أيمن من العجم‪ ،‬فإف آمن منو‬
‫كإ ٌ٭با قلت انتفى احملذكر ٌ‬
‫انتفى احملذكر الثا٘ب‪ ،‬فإف انضاؼ إٔب ذلك إيقاؼ غافل أك تنبيو ذاىل ٓب‬
‫تبعد رجحانية ا‪١‬بهر‪.‬‬

‫حجة االسبلـ الغزإب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب ُب اإلحياء‪ :‬كعمل‬


‫قلت‪ :‬قاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪ ،‬قاؿ ٌ‬
‫ي‬
‫ضعفيو إذا قصد بو‬
‫السر يزيد على عمل ا‪١‬بهر ضعفو‪ ،‬كعمل ا‪١‬بهر يزيد على عمل السر ٍ‬
‫ٌ‬
‫اإلقتداء‪ .‬اىػ‪ .‬قاؿ ابن حجر‪ٌ :‬أما من قاؿ إ ٌف رفع الصوت ابلذكر بدعة فلم يصب ألنٌو ثبت ُب‬
‫الصحيح من حديث ابن عبٌاس رضي هللا تعأب عنو أ ٌف رفع الصوت ابلذكر كاف على عهد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪253‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم حْب ينصرؼ الناس من ا‪٤‬بكتوبة‪.‬‬
‫كأما من قاؿ ىؤالء كبلب يعوكف فقد أخطأ خطأ شنيعا‪ ،‬كقاؿ‪ :‬قوال يكاد قائلو أف يقع‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ٌ :‬‬
‫ُب الكفر من جهة تشبهو أصوات الذاكرين ٗبا ذكر كيستح ٌق على إطبلؽ ذلك التعزيز البليغ‬
‫كأما من قاؿ إ ٌف الذكر جهرا ليس لو أصل فلم يصب أيضا‪ ،‬بل لو أصل أصيل كما‬
‫البلئق ٗبثلو‪ٌ .‬‬
‫تق ٌدـ تقريره كما ستأٌب أدلٌتو‪.‬‬
‫ا‪٤‬بصرحة بَبغيب االجتماع‬
‫قلت‪ :‬كقولو " ككما ستأٌب أدلٌتو " يعِب من األحاديث الصحيحة ٌ‬
‫ي‬
‫للذكر كا‪١‬بهر بو‪ ،‬فإنٌو رضي هللا تعأب عنو أ ٌخر ذكرىا ك‪٫‬بن ق ٌدمنا ما أردان إراده منها ٌأكؿ‬
‫كأما من قصد قراءة القرآف عند الذين يذكركف هللا‬
‫الفصل مع زايدة‪ ،‬فبل نعيد ذكرىا‪ٍ .‬بٌ قاؿ‪ٌ :‬‬
‫تعأب ليمنعهم من الذكر فقصده غّب صواب أل ٌهنم ُب عبادة‪ ،‬كقراءة القرآف عبادة‪ ،‬فبل تَبؾ‬
‫أحدٮبا لؤلخرل‪.‬‬
‫ٍبٌ إف كاف ذكرا الزما يقع ُب مسجد قد جرت فيو عادة الناس ابستمرار الصبلة فيو كيقع ‪٤‬بن‬
‫كأما قوؿ القائل‪ :‬إذا‬ ‫يصلٌي فيو تشويش على خشوعو كعبادتو فينبغي مراعاة مصلحة ا‪٤‬بصلٌْب‪ٌ .‬‬
‫استى ًمعيوا‬ ‫ٓب يستمعوا القرآف خالفوا قوؿ هللا تعأب‪ ،‬فكأنٌو يشّب إٔب قولو تعأب‪ :‬ىكإًذىا قي ًر ى‬
‫ئ الٍ يق ٍرىآ يف فى ٍ‬
‫صتيوا‪ ،‬كقد اختلف العلماء ُب ىذا األمر ىل لوجوب مطلق أك للندب أك للوجوب ُب‬ ‫لىوي كأىنٍ ً‬
‫ى‬
‫بعض الصور دكف بعض مع اتٌفاؽ ‪ٝ‬بهورىم على أنٌو ‪٨‬بصوص ٕبالة الصبلة‪ ،‬كزاد بعضهم كُب‬
‫ا‪٣‬بطبة‪ ،‬كقاؿ بعضهم إ ٌ٭با ذلك ُب الصبلة ا‪٤‬بفركضة‪،‬‬

‫أخرجو ابن جرير الطربم إبسناد رجالو ثقات كمن طريق طلحة بن عبد هللا بن كرير قاؿ رأيت‬
‫إٕب ٍبٌ ح ٌداث‪ ،‬فقلت ذلك‬
‫يقص‪ ،‬فقلت‪ :‬أال تسمعاف؟ فنظرا ٌ‬
‫كالقاص ٌ‬
‫ٌ‬ ‫عبد هللا كعطاء ٰب ٌداث٘ب‬
‫ابلنيب صلٌى هللا عليو‬ ‫خاص ٌ‬ ‫ثبلاث‪ ،‬فقاال‪ :‬إ ٌ٭با ذلك ُب الصبلة‪ .‬كعن بض الفضبلء‪ :‬أ ٌف األمر ٌ‬
‫كسلٌم‪ ،‬كىو ا‪٤‬بأمور ابإلنصات عند نزكؿ الوحي بقولو تعأب‪ :‬فىًإ ىذا قىػ ىرأٍ ىانهي فىاتَّبً ٍع قيػ ٍرىآنىوي‪ ،‬قاؿ ابن‬
‫أم أنصت لو‪ ،‬فكاف بعد ذلك إذا جاء الوحي أنصت لو‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫عبٌاس‪ٌ :‬‬
‫كعلى تقدير ‪ٞ‬بل األمر على عمومو‪ ،‬فبل يليق ٗبن لو دين أف يعمد إٔب الناس ُب عبادة فيتسبٌب‬
‫ا‪٤‬بارة ككانت لو مندكحة ُب‬
‫ُب قطعها عليهم‪ ،‬كقاؿ العلماء فيمن صلٌى إٔب غّب سَبة ُب طريق ٌ‬
‫ا‪٤‬بارة أل ٌف ا‪٤‬بصلٌي تسبٌب إٔب ذلك‪ ،‬فكذلك ىنا‪،‬‬
‫أف يصلٌي ُب غّب ذلك ا‪٤‬بكاف‪ :‬أنٌو ال إٍب على ٌ‬
‫تعمد قراءة القرآف عند من يذكر هللا تعأب العتقاده أ ٌف استماع القرآف كاجب فيقطع الذاكر‬
‫إذا ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪254‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذكره كيستمع القرآف ال ٯبب عليو ُب ىذه ا‪٢‬بالة أف يستمع‪ ،‬كقد قاؿ العلماء ُب الداعي‬
‫الرد ُب ذلك‬
‫ا‪٤‬بستغرؽ ُب الدعاء‪ :‬ال يشرع السبلـ عليو كال ٯبب ٌ‬
‫ا‪٢‬باؿ‪ ،‬فكذلك ىذا الذاكر إذا استغرؽ ُب ذكره‪ ،‬كإذا سقط عنو ما ىو كاجب لوال الذكر‬
‫فيسقط اإلستماع عنو كىو كاجب عليو ُب ىذه الصورة ا‪٤‬بذكورة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫أئمة من أىل ا‪٤‬بذاىب األربعة ٗبوافقة ما كتب‬
‫فلما أجاب ابن حجر ‪٩‬بٌا تق ٌدـ‪ ،‬كتب ٌ‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ي‬
‫كنصو‪ ،‬كما ُب السيف القاطع البلمع‪ " :‬كنقل من خطوط ساداهتم‬
‫كسلٌموه كاعَبفوا بصحتو‪ٌ ،‬‬
‫ٗبحمد صلٌى هللا‬
‫كموالينا مشايخ االسبلـ متٌع هللا تعأب بوجودىم اآلانـ كأدخلهم ا‪١‬بنٌة بسبلـ ٌ‬
‫عليو كسلٌم كآلو‪.‬‬

‫الشافعي نفع هللا‬


‫ٌ‬ ‫القادرم‬
‫ٌ‬ ‫فمما كتبو سيٌدان موالان قاضي القضاء شيخ االسبلـ كماؿ الدين‬
‫ٌ‬
‫كعم أصفياءه ٗبزيد‬
‫خص أكلياءه بلطائف النعم‪ٌ ،‬‬
‫تعأب بعلومو ُب الدنيا كاآلخرة (ا‪٢‬بمد هلل الذم ٌ‬
‫عما‬
‫الكرـ‪ ،‬ككتب ‪٥‬بم السعادة من القدـ‪ ،‬كأقامهم ُب ا‪٣‬بدمة على قدـ‪ ،‬كشغلهم ابلذكر كالفكر ٌ‬
‫كجدكه كالعدـ‪ ،‬كالصبلة كالسبلـ على ا‪٤‬ببعوث إٔب العرب كالعجم‪ ،‬كا‪٤‬ببعوث اب‪٣‬بيليق العظيم‬
‫كمل هللا تعأب بو‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم ا‪٤‬برسل إٔب سائر األمم‪ ،‬الذم ٌ‬
‫ككرائم الشيم‪ ،‬سيٌدان ٌ‬
‫األنبياء كختم‪ ،‬كعلى آلو كأصحابو مصابيح الظلم‪ ،‬كبعد‪:‬‬
‫فقد كقفت على ما سطر أعبله‪ ،‬من رفع هللا قدره كأعبله‪ ،‬كضاعف ‪٤‬بن ذكر فيو الثواب‪ ،‬ككر‬
‫على من أنكر عليو أليم العذاب‪ ،‬ككيف كقد ذكر هللا تعأب الذاكرين ُب ‪٧‬بكم الكتاب‪ :‬كلكن‬
‫إ٭با يتذكر أكلوا األلباب‪ ،‬كلقد أجاد العلماء ُب ا‪١‬بواب‪ ،‬كاىتدكا إٔب الصواب‪ ،‬كمن كقف على‬
‫ما فيو من األحاديث الشريفة‪ ،‬كفهم منو اإلشارات اللطيفة‪ ،‬عرؼ ا‪٢‬ب ٌق الذم ٯبب اتٌباعو‬
‫يتعْب اجتنابو‪ ،‬فسلٌم كالتسليم أسلم كهللا تعأب ٕبقائق األمور أعلم‪ً ،‬بٌ ككمل)‪.‬‬
‫كالباطل الذم ٌ‬
‫ك‪٩‬بٌا كتبو سيٌدان كموالان قاضي القضاء‪ ،‬شيخ االسبلـ‪ ،‬نور الدين الطرابلسي ا‪٢‬بنفي‪ ،‬نفع هللا‬
‫العلي األعلى ا‪١‬بواب كذلك ًبٌ ككمل)‪ .‬ك‪٩‬بٌا كتبو‬
‫تعأب بعلومو ُب الدنيا كاآلخرة (ا‪٢‬بمد هلل ٌ‬
‫سيٌدان كموالان قاضي القضاء‪ ،‬شيخ االسبلـ‪ ،‬شرؼ الدين الدمّبم ا‪٤‬بالكي‪ ،‬نفع هللا تعأب‬
‫بعلومو ُب الدنيا كاآلخرة (ا‪٢‬بمد هلل العآب ٕبقائق األمور على ما ىي عليو‪ ،‬كبعد‪ :‬فقد كقفت‬
‫كأتملت على ما هبا ‪٩‬بٌا عذب كراؽ‪ ،‬كما فيها من األلفاظ ا‪٢‬بسنة‬
‫على ما سطر ُب ىذه األكراؽ‪ٌ ،‬‬
‫األئمة األعبلـ علماء‬
‫الفصاح كاألحاديث الشريفة الصحاح‪ ،‬كجواب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪255‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كحرركه‪ ،‬كنسأؿ هللا تعأب حسن‬
‫صحة أجوبتهم كما ذكركه كنقلوه ٌ‬
‫شك ُب ٌ‬
‫الدين كاالسبلـ‪ ،‬كال ٌ‬
‫ا‪٣‬با‪ٛ‬بة‪ ،‬كأف يعاملنا بفضلو أحسن ا‪٤‬بعاملة فإ ٌف الفقّب ‪٤‬با أنزؿ هللا تعأب إليو من خّب فقّب معَبؼ‬
‫يفوه ٗبثل ىذا ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬كٓب يسطٌر ذلك‬
‫ابلعجز كالتقصّب‪ ،‬كليس أىبل ألف ٯبوز ىذا ا‪٢‬باؿ كال أف ٌ‬
‫إالٌ لئلمتثاؿ‪ ،‬قاؿ ذلك ًبٌ ككمل)‪.‬‬
‫ك‪٩‬بٌا كتبو سيٌدان كموالان‪ ،‬قاضي القضاء‪ ،‬شيخ االسبلـ مشس الدين الفتوحي ا‪٢‬بنبلي‪ ،‬نفع هللا‬
‫تعأب بعلومو ُب الدنيا كاآلخرة (ا‪٢‬بمد هلل الذم بيده الفضل يؤتيو من يشاء‪ ،‬فرأيت جوااب مع‬
‫سؤاؿ من هللا زايدة األنعاـ كما أفاده ساداتنا كعلماؤان كموالينا قضاة القضاء كمشايخ اإلسبلـ‬
‫كإايان بسبلـ‪ ،‬كهللا سبحانو كتعأب للغيوب عبلٌـ‪ً ،‬بٌ ككمل‪ ،‬كبعد‬
‫متٌع هللا هبم األانـ كأدخلهم ٌ‬
‫فإ٘ب أقوؿ ‪٤‬بٌا طالعت ما كتب ُب ىذه الصحيفة من أقواؿ العلماء األعبلـ الذين أجركا فيها‬
‫ٌ‬
‫لبياف ا‪٢‬ب ٌق أقبلـ االعبلـ جزاىم هللا عنٌا خّب ا‪١‬بزاء‬
‫من دار السبلـ‪ ،‬فقبلتو‪ ،‬كقد أصابوا فيما أجابوا كأجادكا فيما أفادكا كأنعموا فيها أمعنوا‪ ،‬كهللا‬
‫بيده الفضل يؤتيو من يشاء ككمل‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسيٌة‪ :‬فقد كقع للجنيد أ ٌف اإلماـ ابن شريح قاؿ لو‪ :‬إ ٌف رفٍع أصواتكم‬
‫ابلذكر يؤذم حلقتنا‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬ينبغي مراعاة أقرب الطريقْب إٔب هللا تعأب‪ ،‬كقاؿ ابن شريح‪ :‬فإذا‬
‫كجب مراعاة طريقتنا ألهنٌا أقرب إٔب هللا تعأب من طريقتكم‪ ،‬فقاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬كما عبلمة القرب؟‬
‫قاؿ ابن شريح‪ :‬أف يكوف الغالب عليو شهود‪ ،‬فقاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬ىذا عليكم ال لكم‪ ،‬أل ٌف الغالب‬
‫عليكم إ ٌ٭با ىو مقاـ‬

‫أحكاـ دين هللا تعأب ال هللا‪ ،‬فقاؿ ابن شريح‪ :‬نريد حالة يقع االمتحاف هبا‪ ،‬فقاؿ ا‪١‬بنيد‪ :‬اي‬
‫فبلف‪ ،‬خذ ىذا ا‪٢‬بجر كألقو ُب حضرة ىؤالء الفقراء‪ ،‬فصاحوا كلٌهم هللا هللا‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‪ :‬خذ ىذا‬
‫ا‪٢‬بجر كألقو بْب ىؤالء الذين يطالعوف العلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬حراـ عليك‪ ،‬فقاؿ ابن شريح‪ :‬ا‪٢‬ب ٌق معك‬
‫ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬من عبلمة ترجيح ذكر هللا تعأب‬
‫علي ٌ‬‫اي أاب القاسم‪ .‬ككاف سيٌدم ٌ‬
‫على قراءة العلم نقلو على اإلنساف كىو يطالع ُب الركح كخ ٌفة ذكر هللا تعأب‪ ،‬فإ ٌف ا‪٤‬بشرؼ على‬
‫االنتقاؿ من ىذه الدا جب عليو إستغناف ما ىو االفضل‪ ،‬فلو‬
‫كاف تعلٌم مسائل الفقو كالنحو كاألصوؿ ‪٤‬با انتقلت على لساف احملتضر‪ ،‬كأىل هللا تعأب‪ ،‬لقصر‬
‫كل كقت‪.‬‬
‫أملهم‪ ،‬كانوا ‪٧‬بتضرين ُب ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪256‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كذكر الشعرا٘ب أيضا منبل عبد اللطيف‪ ،‬كبّب ا‪٤‬بفتْب ُب مدينة توريز‪ ،‬سعى ُب إبطاؿ ‪٦‬بلس الذكر‬
‫ا‪٤‬بتعلٌق ابلشيخ عمر ُب ا‪١‬بامع الكبّب‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ا‪٤‬بسجد إ ٌ٭با جعل ابألصالة للصبلة‪ ،‬ككاف ٰبضر‬
‫ذلك ا‪٤‬بسجد ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسة آالؼ نفس‪ ،‬كقاؿ الشيخ عمر‪ :‬فإذا ذكران ٖبفض الصوت ‪ٛ‬بنعنا‬
‫لذلك؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬فقاؿ الشيخ عمر‪ :‬معاشر الفقراء‪ ،‬أخفضوا أصواتكم ابلذكر‪ ،‬كمن قوم عليو‬
‫كأراد رفع الصوت فلّبد كليكتمو ما استطاع‪،‬‬
‫ففعلوا‪ ،‬فحمل من ذلك اجمللس ُب ذلك اليوـ ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسمائة نفس مرضى‪ ،‬كاحَبفت أكباد ‪٫‬بو‬
‫أربعة عشرة نفس كخرجت من أجناهبم‪ ،‬فماتوا‪ ،‬قاؿ شيخ ‪٩‬بٌن حضر‪ :‬فجسست بيدم على‬
‫ا‪٤‬بشوم على ا‪١‬بمر‪ .‬فأرسل الشيخ إٔب منبل‬
‫ٌ‬ ‫أكبادىم فوجدهتا مشويٌة ‪٧‬بركقة فتتفتت كالكبد‬
‫عبد اللطيف ك‪ٝ‬باعة‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ىل يقوؿ عاقل أ ٌف مثل ىؤالء الذين ماتوا ‪٥‬بم تفعل ُب ا‪٤‬بوت‪،‬‬
‫فطبقت دار منبل عبد للطيف تلك الليلة عليو كعلى أكالده كعيالو كهبائمو كغلمانو‪ ،‬فلم يسلم‬
‫منو أحد كماتوا أ‪ٝ‬بعوف‪ ،‬ككاف يوما مشهودا ُب توريز‪.‬‬

‫فعلم أنٌو ينبغي بطالب العلم أنٌو يتلطٌف ُب العبارة للذاكرين كال يقوـ عليهم كقيامو على من‬
‫ٱبرجو من الدين‪ ،‬بل فعلو ذلك أف ينكر أنٌو كا‪٤‬بنع من الدين‪ ،‬كلو احتضر عظمة هللا ‪٤‬با استطاع‬
‫‪٧‬بل الذكر كانصر أصحابو ابلطريق‬
‫أف ينطق بكلمة كاحدة ُب الذاكرين لو‪ ،‬فبلزـ اي أخي ٌ‬
‫الشرعي إكراما هلل تعأب كتعظيما لو‪ .‬اىػ‪ .‬كبلـ الشعرا٘ب هنع هللا يضر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كُب شرح آخر أقرب ا‪٤‬بسالك ‪٤‬بذىب االماـ مالك كرد‪ :‬ليس أحد أبغض عند هللا ‪٩‬بٌن كره‬
‫يدؿ على عظم فضل الذاكر كالذكر‪ ،‬كبغض هللا‬
‫الذكر كالذاكرين‪ ،‬كقاؿ‪ ،‬بعد كبلـ‪ :‬قد كرد ما ٌ‬
‫تعأب من يبغض الذاكرين‪ ،‬كقاؿ‪ ،‬بعد كبلـ‪ :‬كرد "ما عادا٘ب أحد ما عادل الذاكرين"‪ ،‬فنعوذ‬
‫ابهلل من بغض أىل هللا ا‪٤‬بشغولْب بذكره‪ .‬كابلضركرة من يذكر ا‪٤‬بنعم عليك الرؤكؼ الرحيم فإنٌك‬
‫كشقي‪ ،‬ككيف يكره من ُب قلبو إٲباف ذاكر الكلمة الطيٌبة كالكلم‬
‫ٌ‬ ‫‪ٙ‬ببٌو كال يبغض ذاكره إالٌ لئيم‬
‫الطيب كالقوؿ السديد كالقوؿ الصواب ككلمة التقول كدعوة ا‪٢‬ب ٌق؟‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كلنا ُب ىذا ا‪٤‬بقاـ من كبلـ الرجاؿ ما يطوؿ جلبو‪ ،‬كقد ذكران ُب كتابنا " سيوؼ السعيد‬
‫ي‬
‫لكل من لو عناية‪،‬‬ ‫" ما يشفي العليل كيركم الغليل‪ ،‬فراجعو إف شئت‪ ،‬كُب ىذا القدر كفاية ٌ‬
‫ورا فى ىما لىوي ًم ٍن نيوور‪.‬‬ ‫كأما غّبه‪ ،‬فكما قاؿ فيو موالان سبحانو كتعأب‪ :‬ىكىم ٍن ىٓبٍ ىٍٯب ىع ًل َّ‬
‫اَّللي لىوي ني ن‬ ‫ٌ‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪257‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل السادس كالعشركف‬

‫ُب ذكر أصل تلقْب األذكار كأخذ العهد كالبيعة كا‪٤‬بصافحة كا‪٤‬بشابكة‬

‫فاقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف األذكار سند‪ ،‬ككذا‬
‫تلقينها‪ .‬كُب التلقْب كأخذ العهد كالبيعة كا‪٤‬بصافحة كا‪٤‬بشابكة اسرار كفوائد يعلمها أىل هللا‬
‫س اآلية‪ ،‬كقاؿ ُب العرائس‪ :‬كفيو أشارة ‪٦‬بتمعة‬‫سا بًغى ًٍّب نىػ ٍف و‬
‫تعأب‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىم ٍن قىػتى ىل نىػ ٍف ن‬
‫كفرقها ‪٨‬بتلفة كتعلٌق بعضها ببعض من جهة االستعداد كا‪٣‬بلقة‪ ،‬فمن قتل‬ ‫بعضها من بعض ٌ‬
‫كاحدة منها أثٌر قتلها ُب ‪ٝ‬بيع النفوس‪ ،‬عا‪٤‬بة بو أك جاىلة‪ ،‬كمن أحيا نفسا مؤمنة بذكر هللا‬
‫‪ٙ‬بب خالقها ك‪ٙ‬بيا‬ ‫حٌب ٌ‬ ‫كتوحيده ككصف جبللو ك‪ٝ‬بالو ٌ‬
‫‪٤‬بعرفتو ك‪ٝ‬بيل مشاىدتو أثٌر حياهتا كبركاهتا ُب ‪ٝ‬بيع النفوس فكأ ٌ٭با أحيا ‪ٝ‬بيع النفوس‪ .‬قاؿ‪ :‬كُب‬
‫ألئمة ا‪٥‬بدل‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ألئمة الضبلؿ ككعد كشرؼ كثناء حسن ٌ‬
‫اآلية هتديد ٌ‬
‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد ُب مسنده إبسناد حسن‪ ،‬كالطربا٘ب‪ ،‬كغّبٮبا‪ ،‬عن يعلى بن ش ٌداد قاؿ ح ٌدثِب‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫أيب ش ٌداد بن أكس‪ ،‬كعبادة بن الصامت حاضر يص ٌدقو‪ ،‬قاؿ‪" :‬كنٌا عند ٌ‬
‫كسلٌم فقاؿ ىل فيكم غريب يعِب من أىل الكتاب فقلنا ال اي رسوؿ هللا فأمر بغلق الباب كقاؿ‬
‫اللهم‬
‫إرفعوا أيديكم كقولوا ال إلو إالٌ هللا فرفعنا أيدينا ساعة ٍبٌ قاؿ ا‪٢‬بمد هلل ٌ‬
‫إنٌك بعثتِب هبذه الكلمة كأمرتِب هبا ككعدتِب عليها ا‪١‬بنٌة كإنٌك ال ‪ٚ‬بلف ا‪٤‬بيعاد ٍبٌ قاؿ أبشركا‬
‫فإ ٌف هللا قد غفر لكم"‪ ،‬قاؿ ابن جحر العسقبل٘ب ركاه أ‪ٞ‬بد إبسناد حسن كالطربا٘ب‪ ،‬كزاد فيها‬
‫"كرفع رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كرفعنا كقاؿ فيو ٍبٌ قاؿ ضعوا أيديكم كأبشركا فقد غفر‬
‫لكم"‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫النيب‬
‫علي بن أيب طالب سأؿ ٌ‬ ‫كركل الشيخ يوسف الكورا٘ب‪ ،‬الشهّب ابلعجمي‪ُ ،‬ب رسالتو‪" :‬أ ٌف ٌ‬
‫صلٌى هلل تعأب عليو كسلٌم فقاؿ اي رسوؿ هللا دلٌِب على أقرب الطرؽ إٔب هللا تعأب كأسهلها إٔب‬
‫علي عليك ٗبداكمة ذكر هللا تعأب‬
‫عبادتو كأفضلها عند هللا تعأب فقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم اي ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫كل الناس ذاكركف فقاؿ ٌ‬ ‫علي ىكذا فضيلة الذكر ك ٌ‬
‫ُب ا‪٣‬بلوات فقاؿ ٌ‬
‫علي كيف أذكر اي رسوؿ هللا‬
‫علي ال تقوـ الساعة كعلى كجو األرض من يقوؿ هللا هللا فقاؿ ٌ‬
‫اي ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪258‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫مِب ثبلث‬
‫غمض عينيك كا‪٠‬بع ٌ‬
‫فقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫مرات كأان أ‪٠‬بع فقاؿ النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ال إلو إالٌ هللا ثبلث‬
‫مرات ٍبٌ قل أنت ثبلث ٌ‬
‫ٌ‬
‫علي رضي هللا تعأب عنو ال إلو إالٌ هللا‬
‫كعلي يسمع ٍبٌ قاؿ ٌ‬
‫مغمضا عينيو رافعا صوتو ٌ‬
‫مرات ٌ‬
‫ٌ‬
‫كالنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم يسمع"‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ‬
‫مرات مغمضا عينيو رافعا صوتو ٌ‬
‫ثبلث ٌ‬
‫زركؽ رضي هللا تعأب عنو ُب قواعد لباس ا‪٣‬برقة كمناكلة السبحة كأخذ العهد كا‪٤‬بصافحة‬
‫أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫كا‪٤‬بشابكة من علم الركاية إالٌ أف يقصد هبا حاؿ فتكوف ألجلو‪.‬‬
‫كقد ذكر ابن أيب ‪ٞ‬بزة أخذ العهد ُب ابب البيعة كأ‪٢‬بقو أبقسامها‪ ،‬كأخذ لباس ا‪٣‬برقة من‬
‫أحاديث كردت فيخلعو عليو الصبلة كالسبلـ عل غّب كاحد من أصحابو‪ ،‬كمبايعة سلمة بن‬
‫السر فيها‪ ،‬ككذلك مبايعتو عليو الصبلة كالسبلـ ألصحابو بعد ‪ٙ‬بقيق‬
‫األكوع تشهد اليداع ٌ‬
‫كتقرره ُب قوهبم إ ٌ٭با ىو لذلك‪ ،‬كٯبرم اإلرث كالتأ ٌسي فيها كغّبىا ببل نكّب ‪١‬برم‬
‫اإلٲباف ٌ‬
‫حملب‬
‫ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كال لزكـ لوجو اإلشتباه‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ ،‬ككجهها كطريقها ليس ىذا ‪٧‬بلٌو‪ ،‬نعم ٌ‬
‫أك منتسب أك ‪٧‬ب ٌق فيها أسرار خفيٌة يعلمها أىلها‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كبعضها سيأٌب ُب الفصل الذم بعد ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو‬ ‫ي‬
‫للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل السابع كالعشركف‬

‫ُب إعبلمهم أ ٌف الذكر ا‪٤‬بعترب عند أىل هللا تعأب الذم يكوف بو الفتح كالوصوؿ إٔب هللا تعأب ىو‬
‫ا‪٤‬بأخوذ إبذنو كالتلقْب من شيخ كاصل مرشد تتٌصل صحبتو كطريقتو اب‪٢‬بضرة النبويٌة ال ما أيخذه‬
‫االنساف بنفسو‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ ،‬كىوا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف الذكر ا‪٤‬بأخوذ عن غّب‬
‫شيخ أك عن شيخ غّب مفتوح عليو‪ ،‬عارؼ ىبلؾ صاحبو أقرب من سبلمتو‪ ،‬ال سيما أ‪٠‬باء هللا‬
‫تعأب‪ .‬قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪ :‬ك‪٠‬بعتو‪ ،‬يعِب عبد العزيز رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬يتكلٌم على‬
‫الذين يذكركف أ‪٠‬باء هللا ُب أكرادىم‪ ،‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٍف أخذكىا عن شيخ عارؼ ٓب‬
‫ضرهتم‪ ،‬فقلت‪ :‬كما السبب ُب ذلك؟ فقاؿ رضي هللا تعأب‬
‫تضرىم‪ ،‬كإ ٍف أخذكىا من غّب عارؼ ٌ‬
‫ٌ‬
‫عنو‪ :‬األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب ‪٥‬با أنوار من أنوار ا‪٢‬ب ٌق سبحانو‪ ،‬فإذا أردت أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪259‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يضرؾ‪ ،‬كإ ٍف ٓب‬
‫تذكر اإلسم‪ ،‬فإ ٍف كاف مع االسم نوره الذم ٰبجب من الشيطاف كأنت تذكره ٓب ٌ‬
‫يكن مع اإلسم نوره الذم ٰبجب من الشيطاف حضر الشيطاف كتسبٌب ُب ضرر العبد‪ .‬كالشيخ‬
‫إذا كاف عارفا كىو ُب حضرة ا‪٢‬ب ٌق دائما‪ ،‬كأراد إ‪٠‬با من أ‪٠‬باء هللا ا‪٢‬بسُب ‪٤‬بريده‪ ،‬أعطاه ذلك‬
‫يضره‪.‬‬
‫االسم مع النور الذم ٰبجبو‪ ،‬فيذكره ا‪٤‬بريد كال ٌ‬
‫ٍبٌ النفع بو على النيٌة الٍب أعطاىا الشيخ ذلك االسم هبا‪ ،‬فإ ٍف أعطاه بًنًيٌة إدراؾ الدنيا أدركها أك‬
‫كأما إ ٍف كاف الشيخ الذم يل ٌقن االسم‬ ‫بنيٌة إدراؾ اآلخرة أدركها أك بنيٌة معرفة هللا تعأب أدركها‪ٌ ،‬‬
‫‪٦‬برد إسم من غّب نور حاجب فيها‪ ،‬فيهلك ا‪٤‬بريد‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب‬
‫‪٧‬بجواب فإنٌو يعطي مريده ٌ‬
‫السبلمة‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬فعلى العبد مبلزمتها‪ ،‬يعِب األحكاـ التكليفيٌة‬
‫ا‪٤‬بتفرقة ُب اآلايت القرآنيٌة كاألحاديث النبويٌة‪ ،‬كالدؤكب على ما يقدر عليو منها بدكاـ معانقة‬
‫ٌ‬
‫الذكر معها‪ ،‬كيعِب ابلذكر الذم يكوف بتلقْب شيخ كاصل ال الذم أيخذه العبد ابختياره‪ ،‬مع‬
‫دكاـ اإلستناد ابلقلب إٔب شيخ كاصل‪ ،‬فإ ٌف بدكامو على ىذه األمور يصل العبد إٔب أف ينار لو‬
‫الراب٘بٌ الذم بسببو يصل إٔب التطهّب األكرب ا‪٤‬بذكور ٌأكال الذم ىو غاية الغاايت كمنتهى‬
‫السر ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بعرب عنو ُب اإلشارة عن هللا تعأب‪ ،‬يقاؿ‬
‫الرغبات ٌ‬
‫عنو‪( :‬من كشفت لو عن صفاٌب ألزمتو االدب كمن كشفت لو عن ذاٌب ألزمتو العطب)‪ ،‬كىذا‬
‫‪٧‬بل اإلستهبلؾ ُب ا‪٢‬ب ٌق‬‫العطب غاية منتهى األرب‪ ،‬كمنتهى مطلب العبد‪ ،‬فإ ٌف ىذا العطب ىو ٌ‬
‫الرابنيٌة‪ .‬إنتهى ما‬
‫حيث يسلب العبد من أكصافو البشريٌة كيلبس خلعة إإلتٌصاؼ ابألكصاؼ ٌ‬
‫أردان نقلو من كبلمو رضي هللا تعأب عنو كعنٌا بو‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ‪ٙ‬بفة اإلخواف‪ :‬كا‪٣‬ببلؼ ا‪٣‬بامس‪ ،‬يعِب من أصوؿ التقول ا‪٢‬بقيقية‪ ،‬دكاـ الذكر الذم‬
‫ل ٌقنو لو شيخو ال يتجاكزه إٔب غّبه إالٌ إبذنو إالٌ األكراد ا‪٤‬بخصوصة بطريق شيخو‪ٍ .‬بٌ قاؿ‪ ،‬بعد‬
‫كبلـ‪ :‬كمنها‪ ،‬يعِب من اآلداب الٍب تطلب من ا‪٤‬بريد ُب ح ٌق الشيخ‪ ،‬مبلزمتو الورد الذم رتٌبو‬
‫يصح ُب‬
‫فإ ٌف مدد الشيخ ُب كرده الذم رتٌبو‪ ،‬فمن ‪ٚ‬بلٌف عنو فقد حرـ ا‪٤‬بدد كىيهات أف ٌ‬
‫الطريق‪.‬‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ ،‬بعد كبلـ‪ :‬كمنها‪ ،‬يعِب كمن اآلداب الٍب تتعلٌق اب‪٤‬بريد ُب نفسو‪ :‬أف أيخذ ابألحوط ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪260‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العبادة‪ ،‬ال ينتظر بذكره كعبادتو ثوااب كال فتحا‪ ،‬كإ ٌ٭با يعبد هللا تعأب‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬لكنٌو ال يشتغل‬
‫إالٌ أبكراد الطريق كما أذف لو فيو الشيخ‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫العامة كلمة الشهادة أك غّبىا‬


‫‪٧‬بمد الغوث رضي هللا تعأب عنو ُب جواىره‪ :‬فذكر ٌ‬
‫كقاؿ السيٌد ٌ‬
‫ا‪٣‬باص ‪٩‬بٌا يكوف ُب تلقْب شيخ مرشد عارؼ أبدكاء النفوس يكوف‬
‫ٌ‬ ‫من التسبيحات‪ ،‬كالذكر‬
‫أقول ُب إزالة ا‪٢‬بجب عند ا‪٤‬ببلزمة عن قلب حاضر‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ك‪٧‬بشو ابألخبلؽ الظلمانيٌة الٍب تظهر هبا من‬
‫ٌ‬ ‫كقاؿ ُب كتاب التطورات‪ :‬إعلم أ ٌف الصدر ‪٩‬بلوء‬
‫حٌب يدخل ُب‬
‫بِب آدـ اآلاثر ا‪٣‬ببيثة‪ ،‬فبل ب ٌد لو أف يزٌكى صدره أبخذ التلقْب من الشيخ الكامل ٌ‬
‫طور القلب الذم ىو مستع ٌد للتزيٌن ابألخبلؽ ا‪٢‬بميدة كاألنوار ا‪٤‬بشركحة ٕبسب االستعداد‪،‬‬
‫العزة بقولو‪ :‬قى ٍد أىفٍػلى ىح ىم ٍن ىزَّك ى‬
‫اىا‪.‬‬ ‫رب ٌ‬ ‫كإليو أشار ٌ‬
‫ا‪١‬بهرم يرل شجرة التوحيد نورا‬
‫ٌ‬ ‫كمن دخل فيو اب‪٣‬ببلء عن األخبلؽ الذميمة بواسطة التوحيد‬
‫‪٩‬بلوءا أبغصاف اإل‪ٜ‬بار ُب العلم اإلنساف ٕبسب االستعداد‪ٍ ،‬بٌ يرل السماء مص ٌفى أك ‪٩‬بلوءا‬
‫ا‪٤‬بعنوم‪ ،‬كيرل البساتْب كا‪١‬بباؿ مع العيوف كغّب ذلك‪ .‬فبل‬
‫ٌ‬ ‫ابلنجوـ‪ ،‬كالقمر صافيا عن السحب‬
‫حٌب يتزيٌن قلبو هبذه‬
‫ابلتجرد عن األخبلؽ الذميمة ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ب ٌد للسالك ُب كقت الطلب أف يتٌقي هللا‬
‫ا‪٤‬بذكورات من أنوار ذاتو الغيبيٌة كيفي بعض أفعالو ُب نور أفعاؿ هللا تعأب فيظهر منو آاثر‬
‫األخبلؽ ا‪٢‬بميدة‪ ،‬كالتسليم كالتفويض كالتوٌكل كالقناعة كغّبىا ُب‬
‫كتوجهو إٔب مرآتو ماذا كسب من االستعداد إٔب‬
‫طريقو ابلنظر إٔب بعض ا‪٤‬بشارب كيرل بنظره ٌ‬
‫القيامة الوسطى‪ ،‬أعِب فناء صفاتو ُب نور صفات هللا تعأب‪ ،‬بل إٔب القيامة الكربل‪ ،‬كىي الفناء‬
‫العزة بقولو‪" :‬قلب ا‪٤‬بؤمن مرآة هللا"‪ ،‬كإليو‬ ‫رب ٌ‬ ‫ُب هللا ٕبسب االستعداد‪ ،‬كإليو أشار حبيب ٌ‬
‫ت لًغى ود ىكاتَّػ يقوا َّ‬
‫اَّللى‪.‬‬ ‫س ىما قى َّد ىم ٍ‬ ‫ين آ ىىمنيوا اتَّػ يقوا َّ‬
‫اَّللى ىكلٍتىػ ٍنظيٍر نىػ ٍف ه‬
‫َّ ً‬
‫العزة بقولو‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫رب ٌ‬ ‫أشار ٌ‬
‫كاعلم أ ٌف ىذا النداء للمؤمنْب الطالبْب الداخلْب ُب طريق هللا تعأب ألجل مشاىدة أنوار األفعاؿ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫كالصفات كغّبىا أيخذ التلقْب من الشيخ ا‪٤‬بأذكف إٔب أف ينتهي ٌ‬
‫كسلٌم‪.‬‬
‫كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪ :‬قاؿ الشيخ جربيل ا‪٢‬برمباذم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬كىا ىنا أصل أصيل‬
‫ٯبب رعايتو‪ ،‬فإ ٌف الذكر بدكف رعايتو ال يوصل إٔب ا‪٤‬بقصود‪ ،‬كإف كاف ال ٱبلو عن فائدة ٌما‪ ،‬كىو‬
‫أف يكوف تلقْب الذكر من شيخ مرشد تتٌصل صحبتو كطريقتو اب‪٢‬بضرة النبويٌة‪ ،‬فإ ٌف الذكر بدكف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪261‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫التلقْب مثل النشاب الذم يشَبل من صانعو‪ ،‬كمثل الذكر‬
‫يكوف بتلقْب الشيخ مثل النشاب الذم يؤخذ من السلطاف‪ ،‬فإهنٌما كإف تساكاي ُب النشابيٌة‬
‫كدفع ا‪٣‬بصم كلكن أين نشاب النبٌاؿ من نشاب السلطاف ُب الناس كالوقع ك‪ٞ‬باية صاحبو‬
‫كل من يتعلٌق بو‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ككاليتو ك ٌ‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز أ ٌف شيخو عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫سئل‪ ،‬كىوحاضر‪ ،‬عن فائدة تلقْب الورد الذم يعطيو األشياخ‪ ،‬فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‬
‫للسائل‪ :‬تسألِب عن الصادقْب أك عن الكاذبْب؟ فقاؿ‪ :‬عن الصادقْب‪ ،‬فقاؿ رضي هللا تعأب‬
‫عنو‪ :‬فائدتو أ ٌف هللا تعأب حفظ على‬
‫ا‪٤‬بطهرة الٍب إذا فعلت ُب الظاىر حفظت اإلٲباف ُب الباطن‪ ،‬كأ ٌف‬ ‫األمة دينها هبذه الشريعة ٌ‬
‫ىذه ٌ‬
‫حٌب أ ٌف ا‪٤‬بريد إذا قاؿ ال إلو إالٌ هللا‬
‫الشيخ الصادؽ معمور الباطن اب‪٤‬بشاىدة مع ا‪٢‬ب ٌق سبحانو ٌ‬
‫قبل أف يلقى الشيخ الكامل يقو‪٥‬با بلسانو كقلبو غافل‪ ،‬كالشيخ يقو‪٥‬با ابلباطن لعظيم مشاىدتو‬
‫للح ٌق‪ ،‬فإذا ل ٌقن ا‪٤‬بريد صارت حالتو ُب ا‪٤‬بزيد‪ ،‬فبل يزاؿ يَبقٌى إٔب أف يبلغ مقاـ الشيخ إف ق ٌدر‬
‫هللا تعأب لو ذلك‪.‬‬

‫ٍبٌ ضرب مثبل ا‪٢‬بكاية الشهّبة الٍب كقعت ‪٤‬بلك لو كلد عزيز عليو‪ٍ ،‬بٌ نزؿ ٕبضر عظيم فجمع‬
‫كتوعدىم بوعد شديد إف ٓب يربئوا كلده‪ .‬فاتٌفق األطبٌاء على أ ٌف دكاء كلده ُب‬
‫األطبٌاء لدكاء كلده ٌ‬
‫عدـ أكل اللحم‪ ،‬فذكركا ذلك للولد فأىب عليهم كقاؿ‪ :‬ال أترؾ اللحم كلو خرجت ركحي ُب‬
‫ىذه الساعة‪ .‬فحار األطبٌاء كدىشوا ُب أمرىم كنزؿ هبم ما ال يطيقونو حيث امتنع الولد من‬
‫ا‪٤‬برة ٓب يزده ذلك إالٌ نفورا‪.‬‬
‫ا‪٤‬برة بعد ٌ‬
‫إتٌباع سبب الشفاء‪ ،‬كأ‪٢‬بٌوا عليو ٌ‬
‫كتضرع إٔب هللا تعأب كنول أف ال أيكل اللحم ما داـ ا‪٤‬بريض ال‬
‫فذىب رجل منهم كاغتسل‪ٌ ،‬‬
‫فتعجب‬
‫أيكلو‪ٍ ،‬بٌ جاء إٔب ا‪٤‬بريض فقاؿ لو‪ :‬ال أتكل اللحم‪ ،‬فامتثل أمره ك‪٠‬بع قولو كبرئ ‪٢‬بينو‪ٌ ،‬‬
‫بقيٌة األطبٌاء من ذلك‪ ،‬فأخربىم ٗبا فعل‪ .‬فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كأيضا‪ ،‬فإ ٌف أىل العرفاف من‬
‫سرىم مطيقة لو فإ ٌهنم‬
‫أكلياء هللا تعأب إذا نظركا إٔب ذكات احملجوبْب فرأكا ذاات طاىرة قابلة ‪٢‬بمل ٌ‬
‫للسر ىو مقصود الشيخ ال غّب‪،‬‬
‫ال يزالوف معها ابلَببية بتلقْب الذكر كغّبه‪ ،‬كيكوف ىذا ا‪٤‬بطيق ٌ‬
‫فإذا جاء إٔب الشيخ غّبه ‪٩‬بٌن ليس ٗبطيق كطلب‬
‫كل أحد‪ ،‬مطيق كاف‬
‫منو التلقْب فإنٌو ال ٲبتنع ألنٌو ال يقطع على أحد‪ ،‬فلذا ٘بد الشيوخ يل ٌقنوف ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪262‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أـ ال‪ .‬مع فائدة أخرل تظهر ُب اآلخرة‪ ،‬كذلك أنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم يكوف بْب يديو يوـ‬
‫القيامة لواء ا‪٢‬بمد‪ ،‬كىو نور اإلٲباف‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫علي الصعيدم العدكم ُب حاشيتو على ا‪٣‬برشي‪ :‬ذكر ابن مسعود رضي‬
‫قاؿ اإلماـ أبو ا‪٢‬بسن ٌ‬
‫هللا تعأب عنو أ ٌف عبد هللا بن سبلـ سأؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم عن صفة لواء ا‪٢‬بمد‪،‬‬
‫زمردة‬
‫ضة بيضاء كزجة من ٌ‬
‫فقاؿ‪" :‬طولو ألف سنة كستٌمائة سنة من ايقوتو ‪ٞ‬براء‪ ،‬كقضيبو من ف ٌ‬
‫خضراء‪ ،‬لو ثبلث ذكائب‪،‬‬

‫األكؿ‪ :‬بسم هللا‬


‫ذؤابة اب‪٤‬بشرؽ كذؤابة اب‪٤‬بغرب كذؤابة كسط الدنيا‪ ،‬مكتوب عليو ثبلثة أسطر‪ٌ ،‬‬
‫كل‬
‫‪٧‬بمد رسوؿ هللا‪ ،‬طوؿ ٌ‬ ‫رب العا‪٤‬بْب‪ ،‬كالثالث‪ :‬ال إلو إالٌ هللا ٌ‬
‫الر‪ٞ‬بن الرحيم‪ ،‬كالثا٘ب‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل ٌ‬
‫‪٧‬بمد‪ ،‬ذكره الشهاب ُب شرح الشفاء"‪ .‬إنتهى‪.‬‬ ‫صدقت اي ٌ‬
‫ى‬ ‫سطر مسّبة ألف عاـ‪ ،‬قاؿ‬
‫ٍبٌ قاؿ الشيخ عبد العزيز بن مسعود‪ :‬ك‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق خلفو‪ ،‬من ٌأمتو كمن غّب ٌأمتو مع سائر‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬
‫كل ٌأمة ‪ٙ‬بت لواء نبيٌها‪ ،‬كلواء نبيٌها يستم ٌد من لواء ٌ‬
‫األنبياء‪ ،‬كتكوف ٌ‬
‫ا‪٤‬بطهرة على الكتف‬
‫كأمتو ٌ‬ ‫كىم مع أ‪٩‬بهم على أحد كتفيو ٌ‬
‫اآلخر‪ ،‬كفيها األكلياء بعدد األنبياء‪ ،‬ك‪٥‬بم ألويٌة مثل ما لؤلنبياء‪ ،‬ك‪٥‬بم من أتباع مثل ما لؤلنبياء‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كيستم ٌد أتباعهم منهم كحاؿ األنبياء عليهم الصبلة‬
‫كيستم ٌدكف من ٌ‬
‫كالسبلـ‪ .‬فا‪٤‬بريد إذا ٓب يكن مطيقا فإنٌو ينتفع ُب اآلخرة بشيخو الذم ل ٌقنو‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب‬
‫حٌب يتعلٌم منو كيفية اإلٲباف‬
‫ٗبجرد التلقْب فقط كمطلق تل ٌفظو للذكر‪ ،‬بل ٌ‬
‫عنو‪ :‬كال ينتفع منو ٌ‬
‫ابهلل تعأب كمبلئكتو ككتبو كرسلو‪ ،‬كينتفع منو بعض النفع ُب الباطن‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كل موفٌق سعيد أ ٌف طريقتنا ىذه األ‪ٞ‬بديٌة اإلبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة‬
‫ت‪ :‬كمن ىنا يعلم ٌ‬
‫قل ي‬
‫أجل األكراد كأفضل‪ ،‬كأ ٌف أىلها ‪٧‬ببوبوف كمرادكف كمعتُب هبم‬ ‫أسهل الطرؽ كأفضل‪ ،‬كأ ٌف كردان ٌ‬
‫‪٧‬بمدا صلٌى هللا تعأب‬‫ا‪٤‬بكرـ سيٌد الوجود كعلم الشهود سيٌدان ٌ‬ ‫أل ٌف ا‪٢‬ببيب ا‪٤‬بعظٌم كا‪٤‬بصطفى ٌ‬
‫‪٧‬بمد‬
‫عليو كسلٌم ضمن لولده األكرب كخليفتو األشهر‪ ،‬شيخنا ككسيلتنا إٔب ربٌنا أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫‪ٛ‬بسك أبكراده ابلتزاـ شركطها‬
‫التجا٘ب‪ ،‬سقاان هللا من ٕبره أبعظم األكا٘ب‪ ،‬أ ٍف ال ٲبوت أحد ‪٩‬بٌن ٌ‬
‫ا‪٤‬بعلومة إالٌ كليٌا قطعا ضماان ال خلف فيو‪.‬‬

‫كل كاحد من األكلياء ال مراد لو كال يكوف مقصوده إالٌ‬


‫كقد فهمت من كبلـ ىذا القطب أ ٌف ٌ‬
‫كأما غّبه من تبلمذيو فمنهم من صدؽ ٰبصل مراده‪ ،‬كمنهم‬ ‫سره الذم ىو كارثو‪ٌ ،‬‬
‫مطيق ‪ٞ‬بل ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪263‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫من ال‪ ،‬فويل ٍبٌ كيل ‪٤‬بن يرغب عن طريقة ضمن رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ‪١‬بميع من أقبل‬
‫عليها ابلصدؽ ابلوالية‪ ،‬إختار لنفسو بنفسو ما ال يعرؼ‪ ،‬ىل يكوف مقبوال بو أك ال كلو كاف ما‬
‫اختاره صحيحا ُب نفسو‪ ،‬كما ذاؾ كهللا إالٌ الشقاكة كا‪٢‬برماف‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة كالعافية‬
‫ُب الدارين ٗبحض فضلو ككرمو‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب‪،‬‬
‫كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثامن كالعشركف‬

‫احملمديٌة اإلبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة‪.‬‬


‫ُب ذكر سندان ُب الطريقة األ‪ٞ‬بديٌة ٌ‬
‫أ٘ب أذكر لك سند شيخنا‬ ‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم ٌ‬
‫رضي هللا تعأب عنو إٔب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم حْب كاف على الطريقة ا‪٣‬بلوتيٌة قبل أف‬
‫احملمديٌة‪.‬‬
‫أيذف لو رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بديٌة ٌ‬
‫كسندم‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬متٌصل إليو‪ٍ ،‬بٌ أذكر بعد ذلك سندان إٔب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ٍ ،‬بٌ إٔب‬
‫ج ٌده رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ىذه الطريقة‪.‬‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ ،‬كىو‬
‫األكؿ‪ :‬فأقوؿ‪ ،‬نظمِب ُب السلسلة الصوفيٌة كل ٌقنِب أذكارىا سيٌدم ٌ‬
‫ٌأما سندان ٌ‬
‫‪٧‬بمد ا‪٤‬بشرم‪،‬‬
‫‪٧‬بمد بن ٌ‬
‫علي برادة‪ ،‬كىو ل ٌقنو أبو عبد هللا الشريف سيٌدم ٌ‬
‫ل ٌقنو سيٌدم ا‪٢‬باج ٌ‬
‫كىو ل ٌقنو قطب زمانو كفريد عصره كأكانو شيخنا كقدكتنا إٔب هللا موالان أبو العباس أ‪ٞ‬بد بن‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ ‪٧‬بمود الكردم‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ ا‪٢‬بنفي‪ ،‬كىو ل ٌقنو قطب‬
‫ٌ‬
‫الوجود السيٌد مصطفى بن كماؿ الدين الكردم الص ٌديقي‪ ،‬كىول ٌقنو الشيخ عبد اللطيف ا‪٣‬بلوٌب‬
‫ا‪١‬بيلي‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ مصطفى أفندم األدنوم‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ علي أفندم قرا ابشا‪،‬‬
‫أم ىو الذم أجازه ابإلرشاد‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ إ‪٠‬باعيل‬
‫ك‪ٚ‬بلٌف عن كالده مصطفى الطييب ٌ‬
‫ا‪١‬بر٘ب ا‪٤‬بدفوف ابلقرب من مرقد سيٌدم ببلؿ ا‪٢‬ببشي هنع هللا يضر بداير الشاـ‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم عمر‬
‫الفوادم‪ ،‬كىو ل ٌقنو ‪٧‬بي الدين القسطمو٘ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ خّب الدين النقادم‪ ،‬كىو ل ٌقنو‬
‫‪٧‬بمد بن‬
‫الشيخ جليب سلطاف ا‪٤‬بقدس الشهّب ٔبماؿ ا‪٣‬بلوٌب‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ ٌ‬
‫هباء الدين الشركا٘ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم ٰبٓب الباكويب‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ صدر الدين ا‪١‬بيا٘ب‪ ،‬كىو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪264‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٧‬بمد بن أبرـ ا‪٣‬بلوٌب‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ إبراىيم‬
‫عز الدين‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ ٌ‬
‫ل ٌقنو سيٌدم ا‪٢‬باج ٌ‬
‫‪٧‬بمد‬
‫الزاىد الكيبل٘ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم ‪ٝ‬باؿ الدين التربيزم‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ شهاب الدين ٌ‬
‫‪٧‬بمد النجاشي‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ قطب الدين األهبرم‪ ،‬كىو‬
‫الشّبازم‪ ،‬كىو ل ٌقنو ركن الدين ٌ‬
‫‪٧‬بمد سيٌد الطائفة البغداديٌة‪،‬‬
‫ل ٌقنو الشيخ أبو النجيب السهركردم‪ ،‬كىو ل ٌقنو اإلماـ ا‪١‬بنيدم بن ٌ‬
‫السرم بن ا‪٤‬بفلس السقطي‪ ،‬كىو ل ٌقنو‬
‫ٌ‬ ‫كىو ل ٌقنو سيٌدم‬
‫سيٌدم معركؼ بن فّبكز الكرخي‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم داكد الطائي‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم حبيب‬
‫النيب‬
‫علي بن أيب طالب‪ ،‬كىو ل ٌقنو ٌ‬‫العجمي‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم ا‪٢‬بسن البصرم‪ ،‬كىو ل ٌقنو اإلماـ ٌ‬
‫فلما كقع لو الفتح‬
‫العزة‪ٌ .‬‬
‫رب ٌ‬ ‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كىو ل ٌقنو جربيل عليو السبلـ‪ ،‬كىو ل ٌقنو ٌ‬
‫فاران من مبلقاهتم العتنائو بنفسو كعدـ‬
‫كأذف لو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب تلقْب ا‪٣‬بلق بعد أف كاف ٌ‬
‫ادعاء ا‪٤‬بشيخة‪ ،‬إٔب أف كقع لو اإلذف منو يقظة ال مناما لَببية ا‪٣‬بلق على العموـ كاإلطبلؽ‪،‬‬‫ٌ‬
‫ست كسبعْب كمائة كألف‪،‬‬
‫كعْب لو الورد الذم يل ٌقنو ُب سنة ٌ‬
‫ٌ‬
‫عْب لو صلٌى هللا عليو كسلٌم اإلستغفار كالصبلة عليو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كىذا ىو الورد ُب‬
‫ٌ‬
‫تنزؿ‬
‫كمل الورد صلٌى هللا عليو كسلٌم بكلمة اإلخبلص‪ ،‬فعند ىذا ٌ‬
‫تلك ا‪٤‬ب ٌدة‪ ،‬إٔب رأس ا‪٤‬بائة ٌ‬
‫بعلو مقامو كارتفاع قدره كمكانو‪،‬‬
‫للخلق كاإلفادة كإظهار الطريقة كاإلستفادة‪ ،‬كىذا بعد إخباره ٌ‬
‫كأخربه عليو الصبلة كالسبلـ بفضل ىذا الورد كقدره كما أع ٌد هللا تعأب ‪٤‬بن أحبٌو من أتباعو‬
‫مفصبل ُب فصلو‪.‬‬
‫كحزبو‪ ،‬كسيأٌب ىذا إف شاء هللا مبيٌنا ٌ‬
‫ك‪٤‬بٌا أذف لو رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بديٌة كالسّبة ا‪٤‬بصطفويٌة النبويٌة‬
‫كفتح هللا تعأب لو على يديو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كأخربه أنٌو ىو مربٌيو ككافلو‪ ،‬كأنٌو ال يصل‬
‫شيء من هللا إالٌ على يديو كبواسطتو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كقاؿ لو‪ :‬ال منٌة ‪٤‬بخلوؽ عليك من‬
‫أشياخ الطريق‪ ،‬فأان كاسطتك ك‪٩‬ب ٌدؾ على التحقيق‪ ،‬فاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع ما أخذت من ‪ٝ‬بيع‬
‫الطرؽ‪.‬‬
‫حٌب تصل مقامك الذم كعدت‬
‫كقاؿ لو‪ :‬إلزـ ىذه الطريقة من غّب خلوة كال اعتزاؿ عن الناس ٌ‬
‫بو كأنت على حالك من غّب ضيق كال حرج كال كثرة ‪٦‬باىدة‪ ،‬كاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع األكلياء‪ .‬فمن‬
‫حْب قاؿ لو صلٌى الو تعأب عليو كسلٌم ىذه القولة ترؾ ‪ٝ‬بيع الطرؽ كترؾ الطلب من ‪ٝ‬بيع‬
‫األكلياء‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪265‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأما سندان إٔب الشيخ رضي هللا تعأب عنو ٍبٌ إٔب ج ٌده صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب ىذه الطريقة‬
‫ٌ‬
‫الشاب العاقل‬
‫ٌ‬ ‫كأذكارىا فقد نظمِب ُب سلكها ككصلِب بسلسلة أتباعها كل ٌقنِب أذكارىا البلزمة‪،‬‬
‫التقي الكامل سيٌدم عبد‬
‫كالفٌب الفاضل كالعآب كالعامل ك ٌ‬
‫الكر‪ٙ‬ب بن أ‪ٞ‬بد الناقي‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ ا‪١‬بليل كالفاضل النبيل سيٌدم مولود فاؿ ذك ا‪٣‬بلق‬
‫التقي الصاّب الذم ال يكوف‬
‫ا‪١‬بميل‪ ،‬كىو ل ٌقنو الشيخ العامل الناصح ذك العقل الراجح العآب ٌ‬
‫‪٧‬بمد ا‪٢‬بافظ‪ ،‬كىول ٌقنو اتج األذكياء كإماـ األتقياء كسيٌد‬
‫ا‪٤‬بهم الفظ سيٌدم ا‪٢‬باج ٌ‬
‫إالٌ ُب األمر ٌ‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب‪ ،‬سقاان هللا من ٕبره أبعظم األكا٘ب‪،‬‬
‫األقطاب كاألكلياء سيٌدم كشيخي أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫كىو ل ٌقنو سيٌد الكونْب كإماـ الثقلْب سيٌد الوجود كعلم الشهود صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫التقي كالصاحب الفرد‬
‫كل ٌقننيو أيضا سيٌدم عبد الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو عبد ا‪٢‬بليم‪ ،‬كىو ل ٌقنو العآب ٌ‬
‫كي‪ ،‬معدف أسرار الطريقة كا‪١‬بامع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة‪ ،‬الذم تنتهي إليو ا‪٤‬بكارـ كا‪٤‬بعإب‬
‫الز ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ ،‬كىو ل ٌقنو التلميذ األشهر كا‪٣‬بليفة األكرب كالنائب الوارث األطهر‬
‫سيٌدم كأستاذم ٌ‬
‫الراب٘ب‪ ،‬الذم يعرفو القاصي كالدا٘ب‪ ،‬الذم قضى هللا لو ُب الدارين مراده‪،‬‬
‫كخادـ حضرة العارؼ ٌ‬
‫علي حرازـ براده‪ ،‬كىو ل ٌقنو الفرد األسعد قطب األكلياء سيٌدم أ‪ٞ‬بد‪ ،‬كىو ل ٌقنو‬
‫سيٌدم ا‪٢‬باج ٌ‬
‫سيٌد األنبياء كا‪٤‬برسلْب كإماـ ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة‬
‫كا‪٤‬بقربْب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الوٕب ا‪٢‬بميم‪ ،‬كىو ل ٌقنو النبيو العإب‬
‫كل ٌقننيو أيضا سيٌدم عبد الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم مولود ٌ‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب‪ ،‬كىو‬
‫التقي كا‪١‬با٘ب سيٌدم أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ ،‬كىو ل ٌقنو من يسعد بو ٌ‬
‫سيٌدم ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫ل ٌقنو سيٌد الوجود كعلم الشهود سيٌدان ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم أ‪ٞ‬بد التجا٘ب‪ ،‬كىو ل ٌقنو سيٌدم رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫كل ٌقنِب سيٌدم ٌ‬
‫عليو كسلٌم يقظة ال مناما‪.‬‬

‫إعلم أ ٌف سيٌدم عبد الكر‪ٙ‬ب ما قضى هللا بو سبحانو كتعأب على يديو إالٌ األكراد البلزمة للطريقة‪،‬‬
‫ا‪٣‬باصة فما كجدت منها على يديو‬
‫ٌ‬ ‫كأما األذكار‬
‫كىي الورد كالوظيفة كذكر عصر يوـ ا‪١‬بمعة‪ٌ ،‬‬
‫‪٦‬بردا عن حزب ا‪٤‬بغِب بعد أف الزمتو سنة كاملة مع زايدة أشهر‪ٍ .‬بٌ ‪٤‬بٌا أراد هللا‬
‫االٌ حزب السيفي ٌ‬
‫علي ٗبحض فضلو ككرمو كر‪ٞ‬بتو الواسعة‪ ،‬كينظمِب ُب سلك أىل الطريقة الواصلْب‬
‫ٲبن ٌ‬
‫تعأب أف ٌ‬
‫إٔب إماـ أىلها الفائزين بنيل ‪ٝ‬بيع أذكارىا من اإلسم األعظم الكبّب كالكنز ا‪٤‬بطلسم كالياقوتة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪266‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفريدة كا‪٤‬براتب الكائنة ‪٥‬با الظاىرة كالباطنة‬
‫كأسرار الطريقة كخلواهتا كما ينبغي ذكره كإفشاؤه كما ال ينبغي‪ ،‬ألقى ُب قليب كقلب سيٌدم عبد‬
‫‪٧‬بمد كزايرة إخوانو من األنبياء الكراـ‬
‫حج بيت هللا ا‪٢‬براـ كزايرة خّب األانـ نبيٌنا ٌ‬
‫الكر‪ٙ‬ب ‪٧‬ببٌة ٌ‬
‫كزايرة أصحابو الربرة الكراـ ا‪٤‬بختارين على الدكاـ عليو من هللا تعأب أفضل الصبلة كأزكى‬
‫السبلـ‪ .‬كخرجنا من الوطن إٔب جهة ا‪٤‬بغرب كطلب الزاد‪ ،‬كعرض لو مرض فرجع إٔب الوطن‪،‬‬
‫فانتظر٘ب ما قدر هللا لو ٍبٌ سافر إٔب أرض ماشن بًنًيَّة انتظارم‪ٍ ،‬بٌ ٌ‬
‫رد٘ب هللا سا‪٤‬با‪ ،‬كخرجت على‬
‫إثره أل‪٢‬بقو فما قدر هللا بيننا اللقاء‪ ،‬كلكن بلٌغِب‬
‫إنساف ُب أرض ماش رسالتو كقاؿ ٕب‪ :‬إ ٌف الشيخ عبد الكر‪ٙ‬ب قاؿ ٕب قل للشيخ عمر بن سعيد‬
‫أ٘ب أسلٌم عليو‪ ،‬كقل لو منذ فارقتو ما ٘بدد ٕب يوـ إالٌ ك‪٧‬ببٌتو تزداد ُب قليب‪ٍ .‬بٌ ‪٤‬بٌا كصلنا أرض‬
‫ٌ‬
‫‪٤‬بشرفة ‪٦‬باكرا‪ ،‬ففرحت بذلك فرحا عظيما‬
‫‪٧‬بمد الغإب ُب م ٌكة ا ٌ‬
‫التواؽ آىّب ‪٠‬بعت أ ٌف سيٌدم ٌ‬
‫كسألت هللا تعأب أف يرزقِب مبلقاتو‪ ،‬فاستجاب هللا ٕب دعائي ٗبحض فضلو ك‪ٝ‬بعِب معو ُب م ٌكة‬
‫تفرس يب من‬
‫ا‪٤‬بشرفة بعد العصر ٗبقاـ إبراىيم‪ ،‬فتذكران قليبل كفرح يب فرحا عظيما كأكرمِب ‪٤‬با ٌ‬
‫ٌ‬
‫إٕب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب الذم عندم اليوـ بقصد أف‬
‫الصدؽ‪ ،‬كدفع ٌ‬
‫ا‪٢‬بج‪ .‬كبعد إ‪ٛ‬باـ ا‪٤‬بناسك إر‪ٙ‬بلت معو إٔب‬
‫حٌب فرغنا من أعماؿ ٌ‬
‫أنظر إليو فيو‪ ،‬كمكثت معو ٌ‬
‫احملرـ‪ ،‬كجاكرت‬
‫ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‪ ،‬كدخلناىا ٌأكؿ يوـ من ٌ‬
‫ا‪٤‬بدينة ٌ‬
‫ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‪ ،‬كسلٌمت لو نفسي‬
‫معو تلك السنة ُب ا‪٤‬بدينة ٌ‬
‫كمإب كألقيت إليو القياد‪ ،‬كبقيت أخدمو قدر ثبلثة سنْب‪ .‬كج ٌددت األخذ عنو‪ ،‬كل ٌقنِب األذكار‬
‫البلزمة كنظمِب ُب سلك أىل الطريقة‪ .‬فلم يزؿ يل ٌقنِب األذكار كيعطيِب األسرار‪ ،‬كاكتسبت منو‬
‫األنوار على كفق الشريعة كا‪٢‬بقيقة‪.‬‬
‫النبوم‬
‫ٌ‬ ‫كُب الشهر التاسع ُب السنة األكٔب‪ ،‬كىو شهر هلل رمضاف‪ ،‬قلت لو‪ ،‬ك‪٫‬بن ُب ا‪٤‬بسجد‬
‫ا‪٤‬بشرفة بْب منرب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ك‪٧‬برابو الشريفْب‪ :‬أشهد‬
‫بعدا‪٤‬بغرب ُب الركضة ٌ‬
‫أ٘ب رأيتك‪ ،‬كقل ٕب شهدت لك أنٌك رأيتِب‪ٍ .‬بٌ ذكر ٕب أنٌو قاؿ لسيٌدان كشيخنا ككسيلتنا إٔب‬
‫ٕب ٌ‬
‫ا‪٢‬بسِب سيٌدم‬
‫ٌ‬ ‫الراب٘ب الشريف‬
‫ربٌنا القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ الغوث الصمدا٘ب العارؼ ٌ‬
‫أ٘ب رأيتك‪ ،‬كقاؿ لو شيخنا‪ :‬أشهد لك‬
‫أ‪ٞ‬بد التجا٘ب‪ ،‬سقاان هللا من ٕبره أبعظم األكا٘ب‪ ،‬أشهد ٕب ٌ‬
‫أنٌك رأيتِب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪267‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كشيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو اجتمع ُب حاؿ بدايتو كرحلتو ابلعارؼ ابهلل تعأب‬
‫سيٌدم الشريف ا‪٢‬بسِب موالم الطيٌب أخي العارؼ ابهلل تعأب سيٌدم الشريف ا‪٢‬بسِب موالم‬
‫فلما اجتمع بو شيخنا قاؿ لو‪٠ :‬بعت أ ٌف لك مزيٌة عظيمة‪،‬‬
‫التهامي بزيل كازاف‪ ،‬ككاف قطبا‪ٌ ،‬‬
‫فقاؿ لو‪ :‬ما ىي؟ قاؿ لو‪ :‬من رآؾ يدخل ا‪١‬بنٌة‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬إالٌ أ ٌف ا‪٤‬بزيٌة ليست ٕب‪ ،‬فقاؿ لو‬
‫شيخنا‪٤ :‬بن ىي؟ قاؿ‪ :‬للشيخ الثعليب‪ ،‬أل ٌف من رآه كمن رأل من رآه كمن رأل من رآه إٔب سبعة‬
‫أك ‪ٜ‬بانية أك إثنا عشرة إنساان‪ ،‬يدخل ا‪١‬بنٌة‪ ،‬كأان رأيت من رأل من رآه‪،‬‬

‫الغِب‬
‫أ٘ب رأيتك‪ ،‬كقاؿ لو‪ :‬شهدت لك أنٌك رأيتِب‪ .‬قاؿ الفقّب إٔب مواله ٌ‬
‫كقاؿ شيخنا‪ :‬أشهد ٕب ٌ‬
‫قلت‪ :‬كركاية السبعة ُب‬
‫الكر‪ٙ‬ب القدير‪ ،‬جامع ىذا الكتاب‪ :‬أان السادس بفضل هللا تعأب‪ .‬ي‬
‫‪٧‬بمد بن انصر عن شيخو ُب الفقو‬
‫األجوبة الناصريٌة‪ ،‬قاؿ فيها‪ :‬قد ح ٌدثِب الشيخ سيٌدم ٌ‬
‫‪٧‬بمد‬
‫‪٧‬بمد من بِب مغرة عن سيٌدم ٌ‬‫علي بن يوسف عن شيخو سيٌدم عبد الر‪ٞ‬بن بن ٌ‬ ‫سيٌدم ٌ‬
‫بن انصر من أىل الرقية عن سيٌدم عبد الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كىو ج ٌد سيٌدم عبد الر‪ٞ‬بن ا‪٤‬بذكور‪ ،‬عن‬
‫القطب الكامل إماـ األكلياء كفخر العلماء سيٌدم عبد الر‪ٞ‬بن الثعليب أنٌو قاؿ رضي هللا‬
‫كل كاحد من أىل السلسلة لصاحبها‪ :‬أشهد ٕب‬
‫عنو‪ :‬من رآ٘ب إٔب سبعة ضمنت لو ا‪١‬بنٌة‪ ،‬يقوؿ ٌ‬
‫أ٘ب رأيتك لو‪ .‬كأخرب٘ب بعض من أثق بو عن ركاية السبعة الٍب ُب ‪٧‬باضرات ا‪٢‬بسن اليوسي‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أ٘ب رأيت شيخنا التجا٘ب رضي‬
‫قلت‪ :‬كقد حصل ٕب بفضل هللا تعأب ما ىو أعظم من ىذا‪ ،‬كىو ٌ‬
‫ي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ُب كاقعة من الوقائع كبيده حلٌة من نور‪ ،‬كقاؿ ٕب رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬من رأل ىذه ا‪٢‬بلٌة دخل ا‪١‬بنٌة‪ٍ ،‬بٌ ألبسِب ٌإايىا رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫ا‪٤‬بنورة على سكاهنا أفضل الصبلة‬
‫‪٧‬بمد الغإب رضي هللا تعأب عنو ُب ا‪٤‬بدينة ٌ‬
‫ٍبٌ ٓب أزؿ مع سيٌدم ٌ‬
‫حٌب س ٌخر هللا تعأب ٕب ٗبحض فضلو شيخنا كسيٌدان ككسيلتنا إٔب ربٌنا أ‪ٞ‬بد بن‬
‫كأزكى السبلـ ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ :‬قد أعطيت الشيخ‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كقاؿ لسيٌدم ٌ‬
‫ٌ‬
‫عمر بن سعيد ‪ٝ‬بيع ما ٰبتاج إليو من ىذه الطريقة من األذكار كاألسرار‪ ،‬فلم يكن لك إالٌ‬
‫تبليغو فقط‪.‬‬

‫فحينئذ امتثل أمر الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬أخذ بيدم‪ ،‬بعد ما صلٌينا العشاء ُب ا‪٤‬بسجد‬
‫إٕب ما‬
‫حٌب أكقفِب بْب يدم رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٘باه القرب الشريف كأكصل ٌ‬
‫النبوم‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫النيب الكر‪ٙ‬ب ليكوف شاىدا لو أنٌو‬
‫إٕب بْب يدم ىذا ٌ‬
‫إٕب ما ‪ٞ‬بٌلو قدكتنا إبببلغو ٌ‬
‫أمره الشيخ كبلٌغ ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪268‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كمل ما أمره بو كلده صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كىو شيخنا التجا٘ب هنع هللا يضر كأرضاه كعنٌا بو كجازاه‬
‫بلٌغ ك ٌ‬
‫أفضل ما جازل هبا شيخنا عن تبلميذه‪.‬‬
‫أ٘ب أخذهتا عن الشيخ التجا٘ب بنفسو رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬ك‪٤‬با سيأٌب أيضا‬
‫ك‪٥‬بذا إ ٍف شئت قلت ٌ‬
‫ُب الفصل الذم بعد ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب‪ ،‬إالٌ أ ٌف الفضل للواسطة جزاه هللا تعأب خّبا‪،‬‬
‫‪ٙ‬بب الشيخ‪ .‬فلذلك أحبٌِب ‪٧‬ببٌة‬‫إٕب كأان جالس معو فيقوؿ‪ :‬أشهد ابهلل أنٌك ٌ‬ ‫ككاف كثّبا ما ينظر ٌ‬
‫حٌب أنٌو كاف كثّبا ما يقف بْب يدم رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم لزايرتو‪ ،‬كيطوؿ قدر‬ ‫عظيمة ٌ‬
‫أ٘ب ألقف‬ ‫ما يتلو التإب من القرآف ‪ٟ‬بسة أحزاب‪ٍ ،‬بٌ أنٌو يقوؿ ٕب‪ :‬ابهلل ابهلل الذم ال إلو إالٌ ىو ٌ‬
‫مثل ىذه الوقفة كثّبا بْب يديو صلٌى‬
‫هللا عليو كسلٌم كأشتغل إالٌ ابلدعاء لك‪.‬‬
‫ك‪٤‬بٌا بلغ أكاف الفطاـ كانتهى ما ق ٌدره ا‪٢‬بليم العبلٌـ‪ ،‬جعلِب خليفة من خلفاء الشيخ رضي هللا‬
‫كتبت‪ ،‬كىذا‬
‫علي اإلجازة‪ ،‬ك ي‬
‫تعأب عنو كعنٌا بو‪ ،‬كأذف ٕب ُب فعل ‪ٝ‬بيع ما يفعلو ا‪٣‬بليفة‪ ،‬كأملى ٌ‬
‫نيب بعده‪ ،‬يقوؿ‬
‫نصها‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ ،‬ا‪٢‬بمد هلل كحده كالصبلة كالسبلـ على من ال ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب أبو طالب التجا٘ب ا‪٢‬بسِب عاملو هللا برضاه‬
‫العبد الفقّب إٔب هللا الراجي عفوه ككرمو‪ٌ ،‬‬
‫ُب الدارين‪ ،‬إ٘ب ٌا‪ٚ‬بذت عمر بن سعيد بن عثما٘ب الفوٌب أرضا الطورم إقليما الكدكم قبيلة‬
‫حبيبا ٕب ُب‬

‫الدارين‪ ،‬كمن كاف كذلك كاف حبيبا هلل كرسولو ُب الدارين‪ ،‬كأذنتو ُب الورد ا‪٤‬بعلوـ طريقتنا‬
‫احملمديٌة اإلبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة‪ ،‬كأذنتو ُب صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق بنيٌة مرتبتها الظاىرة‬
‫التجانيٌة ٌ‬
‫كالباطنة‪ ،‬كأذنتو ُب تبلكة الفا‪ٙ‬بة بنيٌة كذا ككذا ٗبا ىي مشتملة عليو‪ ،‬كأذنتو ُب تلقْب الورد‬
‫ا‪٤‬بعلوـ بطريقتنا ‪٤‬بن طلبو من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بسلمْب ذكرا كاف أك أنثى صغّبا أك كبّبا طائعا أك عاصيا‬
‫كل كاحد يق ٌدـ أربعة ابلشرط‬
‫حرا أك ‪٩‬بلوكا‪ ،‬كأذنتو أف يق ٌدـ من طلبو إٔب ستٌة عشر رجبل‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بعلوـ‪ ،‬كمن خالف شرطنا فهو مرفوع عنو اإلذف‪.‬‬
‫كل كاحد من ا‪٤‬بق ٌدمْب أف ينظر إخوانو بعْب العناية كالتعظيم‪ ،‬كأف ٰبفظ نفسو من تغيّب‬
‫كأنمر ٌ‬
‫قلوهبم‪ ،‬كأف ٯبتهد ُب إصبلح أمورىم كقضاء حوائجهم الدنيويٌة كاألخركيٌة كزايرة صحيحهم‬
‫كعيادة مريضهم كالشفقة على ضعيفهم‪ ،‬كيكوف ىذا كلٌو البتغاء مرضاة هللا كرضا رسولو صلٌى‬
‫كل ما ‪٠‬بعتم من فرض الورد كالوظيفة كذكر يوـ ا‪١‬بمعة فهو من إمبلء‬
‫هللا عليو كسلٌم‪ .‬كأقوؿ‪ٌ :‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪269‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم على شيخنا‪ ،‬كذكر رضي هللا تعأب عنو أ ٌف الفضل الذم ىو‬
‫ٰبل لنا‬
‫مرسوـ ابلنسبة إٔب الذم ىو مكتوـ كنسبة نقطة إٔب البحر احمليط ال ٌ‬
‫ذكره‪ ،‬كأذنتو ُب تلقْب أذكار سيٌدان رضي هللا تعأب عنو كالسيفي كاأل‪٠‬باء اإلدريسيٌة كاي من‬
‫كل ما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب من أذكار‬
‫أظهر ا‪١‬بميل كايقوتة ا‪٢‬بقائق‪ ،‬كُب الفا‪ٙ‬بة بنيٌة كذا ككذا‪ ،‬ك ٌ‬
‫سيٌدان‪ ،‬فقد أذنتو ُب ذكره كُب إعطائو‪ ،‬ما عدا حزب البحر‪ .‬كأذنتو ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب نفسو‪،‬‬
‫كل ما أذنتو من إستخارة كصبلة كقرآف كغّبىا‪.‬‬
‫كأذنتو ُب خلوات سيٌدان كُب إعطائها‪ ،‬ككذا ُب ٌ‬
‫علي رضي‬
‫كأذنتو ُب إعطاء صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق بنيٌة مرتبتها الظاىرة الباطنة‪ .‬إنتهى ما أمبله ٌ‬
‫هللا تعأب عنو‪.‬‬

‫ط يديو‪ :‬كا‪٢‬بمد هلل كالصبلة كالسبلـ على موالان رسوؿ‬


‫علي كتب ٖب ٌ‬
‫ٍبٌ بعد أف أكملت ما أمبله ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب أبو طالب التجا٘ب ا‪٢‬بسِب‪ ،‬عاملو هللا برضاه ُب‬
‫هللا‪ ،‬يقوؿ كاتب ىذه ا‪٢‬بركؼ ٌ‬
‫كل ما سطٌر ُب ىذه الورقة فهو من إمبلئنا على كاتبو‪ ،‬كقد أجزانه ُب ‪ٝ‬بيع ىذه‬
‫الدارين‪ٌ ،‬‬
‫كإايه فضلها دنيا كأخرل‪ ،‬كأماتنا هللا‬
‫عامة مطلقة‪ ،‬نفعو هللا تعأب بذلك كرزقنا ٌ‬
‫األسطر إجازة ٌ‬
‫‪٧‬بمد كعلى آلو كصحبو‬
‫كإايه على عهد شيخنا ك‪٧‬ببٌتو كرضاه‪ ،‬كصلٌى هللا على سيٌدان ٌ‬
‫تعأب ٌ‬
‫كسلٌم تسليما‪.‬‬
‫ا‪٤‬بشرفة سنة مرشدا‪.‬اىػ‪.‬‬
‫ككاف ىذا يوـ اإلثنْب بعد إثِب كعشرين خلت من ذم ا‪٢‬بجة ٗب ٌكة ٌ‬
‫كل ما‬
‫تفرقنا كأجاز٘ب ُب قراءة حزب البحر كُب إعطاءه كتلقينو ٌ‬
‫قلت‪ :‬قد أذف ٕب غّبه بعدما ٌ‬
‫ي‬
‫أردت من االخواف‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنو للصواب‪ ،‬كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪ << .‬الفصل‬

‫الفصل التاسع كالعشركف‬

‫أ٘ب‬
‫صرح ٕب مشافهة ٌ‬ ‫‪٧‬بمد الغإب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ٌ‬‫ُب إعبلمهم أ ٌف سيٌدم ٌ‬
‫خليفة من خلفاء الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ال من ا‪٤‬بق ٌدمْب‪.‬‬
‫كإايؾ ‪٤‬با‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم‪ ،‬كفٌقِب هللا تعأب ٌ‬
‫ٰببٌو كيرضاه‪ ،‬أ ٌف ا‪٣‬ببلفة عبارة عن نيابة الشيخ الذم كاف ا‪٣‬بليفة خليفة عنو ألنٌو يوصل إٔب‬
‫كالتوجهات‬
‫ٌ‬ ‫التبلميذ ما كاف الشيخ يوصلو إليهم من األذكار كاألكراد كاألحزاب كاألسرار‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪270‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رهبم ما كاف الشيخ‬
‫كا‪٤‬بقاصد كا‪٣‬بلوات كاآلداب كالعلوـ كا‪٤‬بعارؼ‪ ،‬كا‪٢‬باصل أنٌو يفعل ‪٥‬بم ٌ‬
‫يفعلو‪ ،‬كلو علينا من ا‪٢‬بقوؽ ‪ٝ‬بيع ما كاف للشيخ عليهم ٕبكم ا‪٣‬ببلفة كالنيابة‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ما الفرؽ بْب ا‪٣‬بليفة كا‪٤‬بق ٌدـ؟ فا‪١‬بواب‪ :‬أ ٌف ا‪٤‬بق ٌدـ من أمره الشيخ أك من أذف لو‬
‫فإف ى‬
‫ابإلذف ىكذا إٔب أف يرث هللا األرض كمن عليها بتلقْب األذكار البلزمة مع بعض األذكار الٍب‬
‫كلكل مق ٌدـ صادؽ مرتبة عظيمة ٘بب هبا طاعتو‬
‫ا‪٣‬بواص كمن لو ح ٌد ينتهي إليو‪ٌ .‬‬
‫ٌ‬ ‫ٱبص هبا‬
‫ٌ‬
‫كاحَبامو كما ستأٌب ُب الباب السابع كاألربعْب من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ إف شاء هللا تعأب‪.‬‬
‫كليس ا‪٣‬بليفة كذلك‪ ،‬بل ىو انئب عن الشيخ مطلقا‪ ،‬فلذلك كاف ا‪٤‬بق ٌدموف كتبلمذىم من ‪ٝ‬بلة‬
‫رعيٌة ا‪٣‬بليفة‪٘ ،‬بب عليهم طاعة ا‪٣‬بليفة أل ٌف كجوب اإلمتثاؿ اب‪٣‬بليفة كحرمة ‪٨‬بالفتو ٘بب على‬
‫‪ٝ‬بيع أىل الطريقة‪ ،‬يستوم فيو من ل ٌقنو ا‪٣‬بليفة كمن ل ٌقنو غّبه ‪٤‬برتبة ا‪٣‬ببلفة‪ ،‬فاعلم ىذا كاعمل‬
‫عليو ترشد‪ ،‬كهللا يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم‪.‬‬
‫‪٧‬بمد الغإب كأكقع هللا سبحانو كتعأب‪،‬‬
‫كإذا فهمت ىذا‪ ،‬فاعلم أنٌِب ‪٤‬بٌا طاؿ مكثي مع سيٌدم ٌ‬
‫ٗبحض فضلو‪٧ ،‬ببٌٍب ُب قلبو كأخذت ٗبجامع قلبو كلبٌو كاستوليت على قلبو كقالبو‪ٌ ،‬إ‪ٚ‬بذ٘ب‬
‫عِب‬
‫صاحبا كرمى الناس عنو جانبا‪ ،‬كاصطفا٘ب خادما كحاجبا‪ ،‬كصرت لو مؤنسا كطالبا‪ ،‬كرميت ٌ‬
‫عما كنت من ا‪٤‬بعارؼ كا‪٢‬بقائق جامعا‬
‫كلٌما كنت من فنوف العلم حافظا ككاتبا‪ ،‬كانسلخت ٌ‬
‫ككاسبا‪ ،‬لعلمي أب ٌف ذلك يكوف للمَبكم كغّبه جالبا‪ ،‬كمع ىذا فبل أطلب منو شيئا من أسرار‬
‫حٌب أكوف من الطلب اتئبا‪ ،‬إٔب إف س ٌخر هللا ٕب كساعد٘ب على‬
‫الطريقة االٌ كزجر٘ب ٌ‬
‫النبوم كقت الضحى نق ٌدـ الناس ك‪٪‬بعلهم‬
‫ٌ‬ ‫نيل ما كنت فيو راغبا‪ ،‬كقاؿ‪ ،‬ك‪٫‬بن ُب ا‪٤‬بسجد‬
‫كأما أنت فخليفة من خلفاء الشيخ ال من ا‪٤‬بق ٌدمْب‪ .‬كبعد ذلك أخرب٘ب‬
‫مق ٌدمْب ُب إعطاء الورد‪ٌ :‬‬
‫رضي هللا تعأب عنو أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬أعطيت الشيخ عمر بن سعيد ‪ٝ‬بيع ما‬
‫ٰبتاج إليو من ىذه الطريقة من األسرار كاألذكار‪ ،‬فلم يكن لك إالٌ تبليغو فقط‪.‬‬

‫‪ٙ‬بب الشيخ‪ ،‬كيقوؿ‪ :‬ابهلل‬


‫إٕب ك‪٫‬بن جلوس فيقوؿ‪ :‬أشهد ابهلل أنٌك ٌ‬
‫ككاف بعد ذلك كثّبا ما ينظر ٌ‬
‫أ٘ب أقف بْب يدم رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كقوفا طويبل كال‬
‫الذم ال إلو إالٌ ىو ٌ‬
‫ٱبرج من فمي إالٌ الدعاء لك‪ .‬كرأيتو رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬بعدما تفارقنا‪ُ ،‬ب كاقعة‪ ،‬كقلت لو‪ :‬اي‬
‫أ٘ب خليفة من خلفاء الشيخ ال من ا‪٤‬بق ٌدمْب‪ ،‬فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫سيٌدم إنٌك قد قلت ٌ‬
‫نعم‪ ،‬أنت خليفة‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪271‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تدؿ على أ ٌف ج ٌده سيٌدان رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫تقرر ىذا‪ ،‬فاعلم أ ٌف ٕب شواىد ٌ‬
‫ٍبٌ إذا ٌ‬
‫تدؿ‬
‫أ٘ب من كرثتو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كمن خلفائو‪ .‬كٕب شواىد أخرل أيضا ٌ‬
‫ٰببٌِب‪ ،‬كعلى ٌ‬
‫أ٘ب من الواصلْب إليو‬
‫اتمة‪ ،‬كعلى ٌ‬
‫على أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ٰببٌِب ‪٧‬ببٌة ٌ‬
‫كمن خلفائو رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫جل جبللو كتق ٌدست أ‪٠‬باؤه‬
‫ٌأما الٍب من جهة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فمنها‪ :‬أ ٌف هللا ٌ‬
‫علي ٗبحض فضلو ككرمو من علوـ الشريعة كا‪٢‬بقيقة ‪ٚ‬بلٌقا ك‪ٙ‬ب ٌققا ما ال ٲبكن ٕب‬ ‫ضل ٌ‬ ‫كصفاتو تف ٌ‬
‫يكٕب ٍاأل ٍىم ًر ًم ٍن يك ٍم‪ ،‬قاؿ ابن‬
‫وؿ ىكأ ً‬
‫الر يس ى‬ ‫اَّلل كأ ً‬
‫ىطيعيوا َّ‬ ‫ً‬
‫ين آ ىىمنيوا أىطيعيوا َّى ى‬
‫َّ ً‬
‫كتمو‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬ىاي أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫كالضحاؾ‬
‫ٌ‬ ‫عبٌاس كجابر ىم الفقهاء كالعلماء الذين يعلٌموف الناس معآب دينهم‪ ،‬كىو قوؿ ا‪٢‬بسن‬
‫ك‪٦‬باىد‪ ،‬أنظر الباب‪.‬‬
‫أم جعلتكم خزائن جودم من‬ ‫ض‪ ،‬كُب العرائس‪ٌ :‬‬ ‫كقاؿ تعأب‪ :‬ىك يى ىو الَّ ًذم ىج ىعلى يك ٍم ىخ ىبلئً ى‬
‫ف ٍاأل ٍىر ً‬
‫مضي دىر الدىارير كتقلٌب الفلك الدكار القركف ا‪٤‬باضية‬
‫ا‪٤‬بعرفة كاحملبٌة كالوالية خلفاء العآب بعد ٌ‬
‫فمن مقسم لو الرسالة كالنبوة كا‪٤‬بلك كالشرؼ كما كاف ‪٥‬بم ُب السبق كأكٕب األمر يكوف لكم اي‬
‫خلفاء األنبياء كالص ٌديقْب ىو الذم جعلكم خلفاء ُب أرضو كآدـ كنوح كإبراىيم كموسى‬
‫كعيسى‪ ،‬كزاد شرفكم بشرؼ نبيٌكم على ا‪١‬بمهور‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًً ً‬
‫ارك ىف ا ٍخلي ٍف ًِب ًُب قىػ ٍومي‪ :‬قاؿ ٌ‬
‫‪٧‬بمد بن حامد‪ٓ :‬ب تزؿ‬ ‫وسى ألىخيو ىى ي‬
‫اؿ يم ى‬
‫كقاؿ‪ ،‬عند قولو تعأب ىكقى ى‬
‫لؤلنبياء كاألكلياء خلفاء ‪ٚ‬بلفهم ُب من بعدىم من ٌأمتهم كأصحاهبم‪ ،‬كيكوف ىديهم على ىديهم‪،‬‬
‫ٰبفظوف على ٌأمتهم ما يضيٌعونو من سنٌتهم‪ ،‬فإ ٌف أاب بكر كاف ىو القائم هبذا ا‪٤‬بقاـ بعد النيب‬
‫كأان‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل‪٩ ،‬بٌن قاـ بو‪.‬‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬اىػ‪ٌ .‬‬
‫أحب من ٱبالطهم‪ .‬كُب تبيْب احملارـ أ ٌف النيب‬
‫كمنها‪ :‬أنٌِب‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬ما خالطت السبلطْب كال ٌ‬
‫كشر العلماء الذين أيتوف األمراء‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬خّب األمراء الذين أيتوف العلماء ٌ‬
‫العلماء أمناء الرسل على عباد هللا ما ٓب ٱبالطوا السبلطْب فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل‬
‫فاحذركىم كاعتزلو‪٥‬بم"‪ ،‬ركاه أنس رضي هللا تعأب عنو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أنٌِب‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬قائم ابألمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ ،‬كركم أنٌو‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬من أمر اب‪٤‬بعركؼ كهنى عن ا‪٤‬بنكر فهو خليفة هللا ُب أرضو كخليفة‬
‫رسولو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كخليفة كتابو"‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ الطربا٘ب ُب تفسّبه‪ :‬كركم عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪272‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬من أمر اب‪٤‬بعركؼ كهنى عن ا‪٤‬بنكر فهو خليفة هللا ُب‬
‫ا‪٢‬بسن أنٌو قاؿ ٌ‬
‫أرضو كخليفة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كخليفة كتابو"‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫أم‬
‫أ٘ب رأيتو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب كاقعة كقاؿ ٕب‪( :‬جعلك هللا من خيار أىلها ‪ٌ -‬‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫أىل ٌأمٍب ‪ -‬أك كما قاؿ‪ ،‬فدنوت منو ‪٤‬با امتؤل قليب من الفرح كالسركر من ذلك القوؿ كقلت‬
‫لو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ :‬قبلت كرضيت اي رسوؿ هللا صلٌى هللا عليك كسلٌم‪.‬‬
‫كمنو‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف قاؿ أنٌو رأل صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كىو صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫يقوؿ‪ :‬أثبتوا على ما أنتم عليو كاطيعوا شيخكم عمر فإ ٌف ما أنتم عليو ح ٌق كصواب‪ ،‬أك كما‬
‫قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬

‫أ٘ب رأيتك ُب ا‪٤‬بناـ ُب ثوب‬


‫نصو‪ :‬إعلم اي شيخنا ٌ‬
‫إٕب كتااب فيو ما ٌ‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف بعث ٌ‬
‫أبيض‪ ،‬ك‪٠‬بعت قائبل يقوؿ‪ :‬ىذا رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬فذا أقبل كهنضت إٔب‬
‫ا‪٤‬بكاف الذم رأيتك فيو ككجدتكما قد تبلقيتما كعليكما ضباب ما رأيتكما‪ ،‬ك‪٠‬بعت صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم ٱباطبك بكبلـ صاؼ‪ ،‬كحفظت منو " أحبٌك ‪٧‬ببٌة صادقة مع من حولك "‪ ،‬كلكن "‬
‫مع من حولك " ال أدرم ىكذا قاؿ أك قاؿ كبلما كذا من ىذا معناه‪ٖ ،‬ببلؼ " ٰببٌك ‪٧‬ببٌة‬
‫صادقة "‪ٍ ،‬بٌ كشف الضباب كرأيتك ُب موضع مرتفع تريد النزكؿ منو كال تقدر كأ ٌف‬
‫كتعاكنت يب على ا‪٥‬ببوط‪.‬‬
‫ى‬ ‫بك رعدة‪ ،‬كقاؿ لك آخر‪ :‬بك ىيبة كبشرل‪ ،‬قلت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف ذكر ٕب أنٌو رأل ُب ا‪٤‬بناـ شخصا على سرير ُب بيت لو ابابف‪ ،‬كقاؿ لو‬
‫‪٧‬بمد خّب الورل‪ٍ ،‬بٌ قاؿ صلٌى هللا تعأب‬
‫ذلك الشخص‪ :‬اي فبلف‪ ،‬أتعرفِب؟ فقاؿ‪ :‬ال‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أان ٌ‬
‫إ٘ب أسلٌم عليو‪ ،‬فلي ٍدع عباد هللا إٔب دين هللا‪،‬‬
‫إ٘ب أرسلت إٔب شيخكم عمر‪ ،‬قل لو ٌ‬
‫عليو كسلٌم‪ٌ :‬‬
‫مرات‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كررىا ثبلث ٌ‬
‫فإهنم غدرة‪ ،‬ك ٌ‬
‫فإ٘ب الضامن لو‪ ،‬كال يكثر أبىل فوت ٌ‬
‫كل ما أراد ٌ‬
‫فليتبْب ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بنورة كاف على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‪،‬‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف رجبل من األكلياء كاف اب‪٤‬بدينة ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كيسألو عن ‪ٝ‬بيع ما يريده فيخربه ٌ‬
‫ككاف يرل ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم عن حإب كما يؤكؿ إليو‬
‫كسلٌم ٗبا سأؿ‪ ،‬فطلبت منو أف يسأؿ ٕب ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أخربه أ ٌف ٕب خصما شديد العداكة ٕب ُب‬
‫أمرم‪ ،‬كأخرب٘ب بعد م ٌدة أ ٌف ٌ‬
‫بلدان قد مات بعدم ينبغي ٕب أف أعفو عنو الشتداد العذاب عليو‪ ،‬فعفوت على ا‪٣‬بصم‪ٍ ،‬بٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪273‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أخرب٘ب أ ٌف النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ لو‪ :‬لعمر إنٌو‬
‫سينكس شيا فإذا ‪ٛ‬بٌم النكس اجتمع يب‪.‬‬

‫النيب صلٌى هللا عليو‬


‫علي بن سعيد رأل ٌ‬
‫كالوٕب الصاّب أخي كصنول ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الشاب الرابح‬
‫ٌ‬ ‫كمنها‪ :‬أ ٌف‬
‫كسلٌم كمعو شيخنا التجا٘ب كسيٌدم ‪٧‬ب ٌمد الغإب رضي هللا تعأب عنهما‪ ،‬كسيٌدم أ‪ٞ‬بد التجا٘ب‬
‫علي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪٤ :‬بٌا أردت‬
‫هنع هللا يضر يتكلٌم مع سيٌدان رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬قاؿ أخي ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب‪ ،‬قلت لسيٌدم‬
‫أف أسأؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم عن شيء كمنعِب سيٌدم ٌ‬
‫حٌب تكوف كليٌا‪ ،‬فعند‬
‫أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كيف حإب اي سيٌدم؟ فقاؿ‪ :‬ال ‪ٛ‬بوت ٌ‬
‫ذلك قاؿ سيٌدم‬
‫‪٧‬بمد الغإب رضي هللا تعأب عنو لرسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ :‬كيف حاؿ أخي عمر اي‬
‫ٌ‬
‫يدم بدأ كفيها ينتهي‪.‬‬
‫رسوؿ هللا؟ فأجاب صلٌى هلل عليو كسلٌم بقولو‪ :‬أخوه عمر على ٌ‬
‫‪٧‬بمد بن العارؼ ابهلل عثماف فودم أخرب٘ب أنٌو أراد أف‬
‫كالوٕب الفاضل‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫كمنها‪ :‬أ ٌف اإلماـ العادؿ‬
‫النيب صلٌى‬
‫يستخّب هللا تعأب ٕب كينظر ٕب ما يكوف ُب أمورم قد ‪٠‬بع شخصا ُب كاقعة لو يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫أتصرؼ لو فيها كما‬
‫هللا تعأب عليو كسلٌم يقوؿ لك‪ :‬إعلم أ ٌف أمور عمر بن سعيد ُب يدم ٌ‬
‫غفلت عنو‪ ،‬أك كما قاؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪.‬‬
‫أ٘ب رأيت صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كأان أعظ الناس كأدعوىم إٔب هللا تعأب مرغٌبا‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫قلت‪ٍ :‬بٌ أتٌب النار من جهة‬
‫حٌب ي‬ ‫كمرىبا‪ ،‬كىو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم حاضر ساكت مستمع ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ُّ‬
‫سكت من ٌأكؿ‬ ‫ا‪٤‬بغرب فتسوؽ الناس إٔب احملشر‪ ،‬فقاؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ :‬ال‪ ،‬إ ٌ٭با‬
‫كبلمك إٔب اآلف لكونك مصيبا‪ٍ ،‬بٌ أردت أف أسألو عن ذلك فمنعتِب ا‪٥‬بيبة‪ ،‬فانتبهت‪.‬‬
‫أ٘ب رأيت صلٌى هللا عليو كسلٌم كأان ُب فوث جلوا‪ ،‬فدنوت منو‪ ،‬فذكر ٕب أشياء‪ ،‬كمن‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫‪ٝ‬بلتها أنٌو قاؿ ٕب‪ٌ :‬أهنم ‪ -‬يعِب أىل األرض الٍب كنت فيها كقت الرؤية ‪ -‬ال ٰببٌوف السعادة‪.‬‬

‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض الصادقْب من اإلخواف رأل صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فأضمر ذلك األخ ُب‬
‫نفسو أنٌو يطلب من النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أشياء‪ ،‬فقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم لو قبل أف‬
‫مِب‪.‬‬
‫يسأؿ‪ :‬فاطلب من الشيخ عمر بن سعيد كلٌما تطلبو ٌ‬
‫إٕب‪ ،‬بعدما مضى لو فيها ٌأايما‪،‬‬
‫أ٘ب أدخلت بعض اإلخواف الصادقْب ا‪٣‬بلوة‪ ،‬كأرسل ٌ‬
‫كمنو‪ٌ :‬‬
‫نصو‪ٌ :‬أما بعد‪ ،‬فقد رأيت صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فيها كىو يقوؿ ٕب‪:‬‬
‫مكتواب كتب فيو ما ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪274‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ا‪٢‬باج عمر أميِب ما ٓب ٱبالط السبلطْب كيداخل الدنيا‪ ،‬فإذا خالطهم كداخلهم فقد خانِب‪،‬‬
‫فاحذركىم‪.‬‬
‫النيب‬
‫كمنها‪ :‬أنٌو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم قاؿ لبعض الصادقْب من اإلخواف ذكر أنٌو رآل ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم كبيده صلٌى هللا عليو كسلٌم لواء فأعطانيو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف قاطنة ا‪٤‬بدينة رأيتو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب بيٍب كأان معو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬
‫ك‪٤‬بٌا أراد اإلنصراؼ قلت لو‪ :‬اي رسوؿ هللا صلٌى هللا عليك كسلٌم كيف تنصرؼ كٓب تر أىل بيٍب؟‬
‫فقاؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ :‬أان مستعجل ج ٌدا‪ ،‬كلكن هللا سبحانو ال يريد أف يفعل شيئا‬
‫يغّب قلبك كيسوؤؾ فأحرل أان‪ٍ ،‬بٌ أنٌو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أمر٘ب فأتيت هبم كلٌهم إالٌ‬
‫ٌ‬
‫شخصْب‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف ٌأمها ر‪ٞ‬بة هللا عليها رأت كأ ٌف القيامة قد قامت كىي على ىذا ا‪٢‬باؿ‪ ،‬كرأت رسوؿ‬
‫إٕب كأخذ بيدم كذىب يب‪ ،‬كقالت‪ :‬اي رسوؿ هللا أتذىب بو‬
‫هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم جاء ٌ‬
‫كلكِب قد جعلت على نفسي عهدا على أف‬
‫كتَبكِب ىنا؟ قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬ال أتركك‪ٌ ،‬‬
‫ال أق ٌدـ عليو أحدا ُب ىذا الوقت‪.‬‬

‫توجو إٕب هلل تعأب ُب ليلة من الليإب‪ ،‬كقرأ جوىرة‬


‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف الصادقْب أخرب٘ب أنٌو ٌ‬
‫الكماؿ سبعة مرات كصلى الفاتح ‪٤‬با أغلق مائة مرة كأىدل ثواب ذلك للنيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كقرأ مثل‬
‫ذلك كأىداه للشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ٍ ،‬بٌ سأؿ هللا تعأب أف يريو ٌإايٮبا‪ٍ ،‬بٌ انـ على طهارة‪،‬‬
‫فوقف عليو شخص قاؿ لو‪ :‬أان رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم قد حضر بْب يديك كمعو‬
‫الشيخ التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬أما ‪٠‬بعت ما قاال؟ فقاؿ لو‪٠ :‬بعت أهنٌما قاال ‪٫‬بن مع‬
‫الشيخ عمر حيث كاف ال نفارقو‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كأراد أف يسلٌم عليو صلٌى‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف الصادقْب رأل ٌ‬
‫حٌب قاؿ لو‪ :‬أنت‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كالمو لوما شديدا ٌ‬
‫هللا عليو كسلٌم فأعرض عنو ٌ‬
‫كافر‪ .‬كخاؼ ذلك على نفسو كقاؿ‪ :‬اي رسوؿ هللا صلٌى هللا عليك كسلٌم‪ ،‬أنت الطيٌب فما‬
‫ا‪٢‬بيلة ُب ا‪٣‬ببلص؟ فقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ :‬إف أردت النجاة فبلزـ الشيخ عمر الذم كنت‬
‫معو‪ ،‬كمبلزمتو كا‪١‬بلوس معو أفضل من جلوسك ُب ركضٍب‪ ،‬كال ‪ٚ‬برج عن القرية الٍب ىو فيها‬
‫إالٌ إبذنو‪ ،‬أك كما قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪275‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأمثاؿ ىذه كثّبة‪ ،‬كُب ىذا العدد كفاية‪.‬‬
‫كٕب خلفاء‬ ‫لكل ٌ‬
‫كأما الشواىد الٍب كانت من جهة الشيخ رضي هللا تعأب عنو فكثّبة‪ ،‬منها‪ :‬أ ٌف ٌ‬ ‫ٌ‬
‫يستنٌوف بسنٌتة‪ .‬قاؿ ُب العرائس‪ ،‬عند قولو تعأب‪ :‬ىك يى ىو الَّ ًذم ىج ىعلى يك ٍم ىخ ىبلئً ى‬
‫ف ٍاأل ٍىر ً‬
‫ض‪ٌ ،‬بْب تعأب‬
‫ُب ىذه اآلية أ ٌف النجباء كاألكلياء كاألصفياء كاألتقياء كاألخيار كاألكاتد كا‪٣‬بلفاء ٱبلف بعضهم‬
‫ض القتداء البعض ابلبعض ُب داينتو كأمانتو‬ ‫ض يك ٍم فىػ ٍو ىؽ بىػ ٍع و‬
‫بعضا‪ ،‬قاؿ‪ :‬قولو تعأب‪ :‬ىكىرفى ىع بىػ ٍع ى‬
‫كٕب‬
‫الوٕب ٌ‬
‫كحجتو كبرىانو ُب العا‪٤‬بْب للعا‪٤‬بْب‪ ،‬إٔب أف قاؿ بعضهم‪ :‬ٱبلف ٌ‬
‫ٌ‬
‫حجة هللا كأمانتو‪.‬‬
‫كالص ٌديق ص ٌديق‪ ،‬كيرفع درجات البعض على البعض لئبلٌ ‪ٚ‬بلو األرض من ٌ‬
‫كقاؿ بعضهم‪ :‬رفع بعضا فوؽ بعض درجات ليقتدم األدٗب ابألعلى كيتبع ا‪٤‬بريد ا‪٤‬براد ليصل‬
‫ارك ىف ا ٍخلي ٍف ًِب ًُب قىػ ٍوًمي‪ ،‬كُب اآلية دليل‬ ‫ًً ً‬
‫وسى ألىخيو ىى ي‬
‫اؿ يم ى‬
‫إليو‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ عند قولو تعأب‪ :‬ىكقى ى‬
‫على أ ٌف األكلياء خلفاء ك‪٪‬بباء كنقباء يستنٌوف بسنٌتهم كيقتدكف أبسوهتم كيبلغوف إٔب درجاهتم‬
‫بصدؽ إرادهتم‪.‬‬
‫‪٧‬بمد بن حامد ٓب تزؿ األنبياء كاألكلياء خلفاء ‪ٚ‬بلفهم ُب من بعدىم من ٌأمتهم‬
‫كقاؿ‪ :‬قاؿ ٌ‬
‫كأصحاهبم كيكوف ىديهم على ىديهم‪ٰ ،‬بفظوف على ٌأمتهم ما يضيٌعونو من سنٌتهم‪ ،‬كأ ٌف أاب بكر‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كاف ىو القائم هبذا ا‪٤‬بقاـ بعد ٌ‬
‫أ٘ب‪ ،‬كا‪٢‬بمد هلل‪ ،‬قائم ٕبفظ ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بديٌة اإلبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة ك‪ٞ‬بايتها‬
‫كال شك ٌ‬
‫كالذب عنها كعن أىلها كتبيْب ما عسى أف يندرس منها أك يضيع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كل ما يشينها‬
‫من ٌ‬
‫أ٘ب رأيتو رضي هللا تعأب عنو ُب كاقعة كبيده حلٌة من نور‪ ،‬كقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬من رأل ىذه ا‪٢‬بلٌة دخل ا‪١‬بنٌة ف ٍبٌ ألبسِب ٌإايىا رضي هللا تعأب عنو كعنٌا بو‪.‬‬
‫مرة‪،‬‬
‫علي بن سعيد أغضبِب ٌ‬ ‫كقرة عيِب‪ٌ ،‬‬‫الشاب الصاّب كاألخ الرابح حبييب كصنوم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كمنها‪ :‬أ ٌف‬
‫فأرغمت أنف الشيطاف ابإلحساف إليو بتلقينو ذكرا من أذكار الطريقة‪ٍ ،‬بٌ ٌَ اثنيا كفعلت مثل‬
‫ذلك‪ٍ ،‬بٌ اثلثا كفعلت مثل ذلك‪.‬‬

‫إٕب بعد الظهر كأخرب٘ب أنٌو رأل الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب كاقعة كتذاكرا قليبل‪،‬‬
‫كبعد ٌأايـ جاء ٌ‬
‫كذكر أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو قاؿ لو‪ :‬أترؾ ‪ٝ‬بيع األذكار الٍب ل ٌقنكها الشيخ عمر‬
‫األكؿ ليس بتلقْب‪ .‬كقاؿ للشيخ‪ :‬اي سيٌدم ل ٌق ٌِب كذا ككذا‪،‬‬
‫كاطلب منو تلقينا جديدا‪ ،‬فالتلقْب ٌ‬
‫كع ٌد أشياء من أذكار الطريقة كأسرارىا‪ ،‬فقاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أطلب من أخيك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪276‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مِب‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬اي سيٌدم أعطِب فإنٌو ال يعطيِب‪ ،‬فقاؿ الشيخ رضي‬
‫الشيخ عمر ‪ٝ‬بيع ما طلبتو ٌ‬
‫هللا عنو‪ :‬أطلب منو يعطيك‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬اي سيٌدم أعطِب أنت ال‬
‫فإ٘ب ال‬
‫يعطيِب‪ ،‬فنهره الشيخ ٍبٌ قاؿ‪ :‬أنت اب‪٣‬بيار‪ ،‬إ ٍف شئت أطلب منو كإف شئت ال تطلب‪ٌ ،‬‬
‫فلما حكى ٕب ‪ٝ‬بيع ما جرل بينو كبْب الشيخ رضي هللا تعأب‬
‫أعطيك شيئا كال يعطيك إالٌ ىو‪ٌ .‬‬
‫أل٘ب ما ل ٌقنتك شيئا منها على سبيل األدب‬
‫عنو قلت لو‪ :‬صدؽ الشيخ رضي هللا تعأب عنو ٌ‬
‫إٕب‪ ،‬فأخرب٘ب فل ٌقنتو ‪ٝ‬بيع ذلك‬
‫كأما اآلف فاذكر ٕب ‪ٝ‬بيع ما طلبتو منو كصرفك ٌ‬
‫ا‪٢‬باصل منك‪ٌ ،‬‬
‫ر‪ٞ‬بة هللا تعأب علينا كعليو‪ ،‬آمْب‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض الصادقْب من اإلخواف رأل الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب كاقعة كطلب منو‬
‫بعض األذكار‪ ،‬فقاؿ لو‪٩ :‬بٌن أخذت أذكار الطريقة؟ فقاؿ‪ :‬من الشيخ عمر الفوٌب‪ ،‬كأشار إٕب‬
‫انحية من النواحي‪ ،‬فرفع األخ بصره كرآ٘ب‪ ،‬فقاؿ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف بعض اإلخواف الصادقْب رأل الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب كاقعة لو كمع الشيخ‬
‫رضي هللا تعأب عنو من ا‪٤‬بنح كا‪٤‬بواىب كاألسرار كالعلوـ كا‪٤‬بعارؼ الصادرة من األسرار اإل‪٥‬بيٌة ما‬
‫ال ‪ٙ‬بيط بو العقوؿ‪ ،‬كالشيخ رضي هللا تعأب عنو يطلب من يدفعها إليو‪.‬‬

‫فلما علم األخ ذلك قاؿ للشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬انكلينها أ‪ٞ‬بلها عنك اي سيٌدم‪ ،‬فلم‬
‫ٌ‬
‫يلتفت إليو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ .‬كٮبا على ىذه ا‪٢‬بالة‪ ،‬فجعل الشيخ ينادم يقوؿ‪ :‬ليتك‬
‫كيكرر‪ ،‬فرفع األخ بصره كرآ٘ب كقد ‪٠‬بعت نداء الشيخ‪ ،‬فأسرعت كأسرع‬
‫أتتيِب اي شيخ عمر‪ٌ ،‬‬
‫إٕب كانكلِب تلك‬
‫كتسابقنا إٔب الشيخ فأتيناه معا‪ ،‬فم ٌد الشيخ رضي هللا تعأب عنو يده ا‪٤‬بباركة ٌ‬
‫التحف كلٌها‪ ،‬كقاؿ األخ‪ :‬اي سيٌدم‪ ،‬تناكلو ىذه التحف‪ ،‬قد كنت معك م ٌدة قبل إتيانو‪ ،‬فقاؿ‬
‫لو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قل " ال إلو إالٌ هللا "‪.‬‬
‫فلم ألبث أف صنٌفت أتليفا عجيبا بشأف ىذه الطريقة‪.‬‬
‫كمنها‪ٌ :‬أان كنٌا ُب سفينة ُب البحر ا‪٤‬باّب بْب ج ٌدة كمصر ىاجت الرايح فأشرفت السفينة على‬
‫فانتبهت كقالت‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫النعاس‪،‬‬
‫ي‬ ‫ا‪٢‬باجة فاطمة ا‪٤‬بدنية‬
‫كل من فيها اب‪٥‬ببلؾ‪ ،‬فأخذ ٌأمي ٌ‬
‫الغرؽ كأيقن ٌ‬
‫شرم الشيخ عمر كقوٕب‬
‫‪٧‬بمد الغإب فقاؿ ٕب‪ :‬ب ٌ‬
‫فإ٘ب رأيت اآلف الشيخ التجا٘ب كالشيخ ٌ‬
‫أبشر‪ٌ ،‬‬
‫لو ٌإان ما أتينا ىذه السفينة إالٌ لنعلمو فإنٌنا معو فبل ٱبف من شيء‪ ،‬ال يصيبو أبس‪ ،‬فانقطع‬
‫الريح مكانو كسكن‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪277‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب بلغنا أرض برنو‪ ،‬ككقع بيِب كبْب سلطاهنا خبلؼ شديد‪،‬‬
‫كمنها‪ :‬أنٌنا ‪٤‬بٌا رجعنا من ا‪٢‬برمْب ٌ‬
‫حٌب كصلوا البيت‬
‫كسعى ُب قتلي غدرا‪ ،‬كأرسل بعض غلمانو ليبل لبيٍب ليفتكوا يب‪ ،‬كساركا ٌ‬
‫فلما كصلوا إليو أعمى هللا تعأب أبصارىم‪ ،‬فإذا رفعوا‬
‫الذم كنت فيو أان كعيإب‪ ،‬ككاف فيو سور‪ٌ .‬‬
‫أبصارىم ‪٫‬بو السماء رأك السور‪ ،‬كإذا نظركا إٔب ألرض ٓب يركا شيئا من بناء السور‪ ،‬يفعلوف ذلك‬
‫فلما أعياىم األمر قالوا‪ :‬ال طاقة لنا على فعل ما أمرتنا بو ليبل‪ ،‬فقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬إفعلوا‬
‫أربع لياؿ‪ٌ .‬‬
‫هنارا‪.‬‬

‫فلما رأكا‬
‫فأتو٘ب‪ ،‬كأان بْب ‪ٝ‬باعٍب‪ ،‬ككجدكا رجاال من رجاؿ الغيب ‪٧‬بدقي بنا مصلتْب سيوفهم‪ٌ ،‬‬
‫فلما كاف ىذا‪ ،‬أٌب كاحد من أصهاره فراشو ليبل‬
‫ذلك رجعوا إليو كأخربكه ٗبا قد رأكا أيضا مرارا‪ٌ .‬‬
‫ليناـ‪ ،‬فإذا الشيخ رضي هللا تعأب عنو كعنٌا بو قد ظهر لو‪ ،‬يقظة ال مناما‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ما لكم‬
‫مرات ٍبٌ غاب‪.‬‬
‫كرر ىذا القوؿ ثبلث ٌ‬
‫كللشيخ عمر ال تَبكوا عبد هللا ُب أرض هللا؟ ك ٌ‬
‫كأراد ذلك الشيخ أف يضطجع فظهر لو الشيخ أيضا يقظة كقاؿ لو‪ :‬ما لكم كللشيخ عمر ال‬
‫مرات ٍبٌ غاب‪ ،‬كأراد ذلك الرجل أف يضطجع فظهر لو‬
‫كرر ثبلث ٌ‬
‫تَبكوا عبد هللا ُب أرض هللا؟ ك ٌ‬
‫كرر ثبلث‬ ‫الشيخ أيضا يقظة كقاؿ‪ :‬ما لكم كللشيخ عمر ال تَبكوف عبد هللا ُب أرض هللا‪ ،‬ك ٌ‬
‫كج‪ ،‬اآلية‪،‬‬ ‫ادكا ٍ‬
‫ا‪٣‬بيير ى‬ ‫مرات ٍبٌ قاؿ‪ :‬قل ‪٥‬بم ىال تيػ ٍع ًج ٍب ى‬
‫ك أ ٍىم ىوا ي‪٥‬بي ٍم ىكىال أ ٍىكىال يد يى ٍم‪ ،‬اآلية‪ ،‬قل ‪٥‬بم‪ :‬ىكلى ٍو أ ىىر ي‬ ‫ٌ‬
‫كل جانب‪ ،‬فغاب عنو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬ ‫قل ‪٥‬بم‪ :‬أصربكا فسياتكم مكاتبنا من ٌ‬
‫ٍبٌ هتيٌأت للسفر كأكرمِب ذلك السلطاف كرامة عظيمة على رغم أنفو‪ ،‬كقحطوا أربع سنْب ٓب‬
‫حٌب أكلوا ا‪١‬بيف كأكراؽ األشجار كا‪٢‬بمي كا‪٣‬بيل كبِب آدـ‪ٍ ،‬بٌ‬
‫تنزؿ عليهم قطرة من السماء ٌ‬
‫اتبوا كمطركا‪.‬‬
‫‪٧‬بمد‬
‫حٌب مرض اإلماـ العادؿ العآب أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ٌ‬
‫كمنها‪ٌ :‬أان ‪٤‬بٌا مكثنا ُب أرض ىوض ما مكثنا ٌ‬
‫بل بن عثماف بن فودم رأل بعض اإلخواف ُب منامو أ ٌف رجبل أاته راكبا على فرس كقاؿ لو أين‬
‫عمر بن سعيد؟ فقاؿ لو األخ‪ :‬ما مرادؾ؟ فقاؿ‪ :‬إ ٌف شيخو أ‪ٞ‬بد التجا٘ب أرسلِب إليو كقاؿ ٕب‬
‫قل لو‪ :‬ما يفعل ُب ىذه ألرض ا‪٣‬بربة؟‬
‫أ٘ب شرعت ُب تصنيف " سيوؼ السعيد ا‪٤‬بعتقد ألىل هللا تعأب كالتجا٘ب على رقبة‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫كأ٘ب ُب بئر عميق ال يرجى ٕب ا‪٣‬ببلص منو‬
‫حٌب بلغ نصفو رأيت ٌ‬
‫الشقي الطريد ا‪٤‬بنتقد ا‪١‬با٘ب " ٌ‬
‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪278‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رأيت الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو كم ٌد ٕب يده فمددت إليو يدم كأخذ هبا‬
‫كأخرجِب‪.‬‬

‫‪٧‬بمد بل رأت الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب كقت تصنيفي‬


‫كمنها‪ :‬أ ٌف أىلي بنت أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ٌ‬
‫أب٘ب ُب تصنيفو‪.‬‬
‫الكتاب ا‪٤‬بذكور ُب البيت الذم أصنفو فيو‪ ،‬كٓب تكن ‪٥‬با معرفة ٌ‬
‫كمنها‪ :‬أهنٌا رأت ُب شهر رمضاف عاـ بشران أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو أرسل‬
‫يت ُب ذم القعدة ُب‬
‫إليها ‪ٝ‬ببل كأمرىا ابلقدكـ عليو على ذلك ا‪١‬بمل‪ ،‬فأخربتِب بذلك‪ ،‬كتوفٌ ٍ‬
‫ذلك العاـ‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أهنٌا ‪٤‬بٌا كانت ُب النزع قالت‪ :‬ىذا سيٌدم الشيخ أ‪ٞ‬بد التجا٘ب قد أات٘ب ألسّب معو‪،‬‬
‫فتوفٌيت ُب تلك الليلة‪.‬‬
‫‪٧‬بمد ا‪٤‬ب ٌكي ُب تلك الليلة كقد أتت إٔب بيتها كجلست ُب فراشي‪،‬‬
‫يت رأهتا ٌأـ ٌ‬
‫كمنها‪ :‬أهنٌا ‪٤‬بٌا توفٌ ٍ‬
‫فلما جلست ُب‬
‫عادهتن أف ٯبعل ُب البيت فراشْب‪ ،‬فراش للزكج كفراشا للزكجة‪ٌ .‬‬
‫ٌ‬ ‫ككاف من‬
‫‪٧‬بمد ا‪٤‬ب ٌكي‪ :‬قد خرج‪ .‬كقالت ‪٥‬با‪ :‬قوٕب لو جزاه‬
‫فراشي قالت‪ :‬أين الشيخ؟ تعنيِب‪ ،‬قالت ‪٥‬با ٌأـ ٌ‬
‫عِب خّبا‪ ،‬كقوٕب لو أان أشكره‪ ،‬كقد اجتمعت ابلشيخ سيٌدم أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب‬
‫هللا ٌ‬
‫عنو‪ .‬ر‪ٞ‬بة هللا عليها كعلينا كعلى ‪ٝ‬بيع القرابء كاألحباب‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬أنٌو ‪٤‬بٌا كصلنا أرض بشيكة‪ ،‬كسعى بعض من ال خّب فيو ُب اإلفساد بيِب كبْب سلطاهنا‪،‬‬
‫كخاؼ ‪ٝ‬بيع من معنا من اإلخواف كتي ٌقن من كاف ساكنا فيها على عدـ ‪٪‬باتنا‪ ،‬رأل بعض‬
‫اإلخواف شخصا ‪ٝ‬بيل الصورة يقوؿ لو‪ :‬أرسلىِب الشيخ إٔب تلميذه عمر كقاؿ ٕب قل لو أان معو‬
‫كل أبس‪ ،‬فإ ٌف طريقتو طريق سبلمة بيضاء ال يصيبو شيء‪.‬‬
‫فبل ٱبف من ٌ‬
‫مِب الطريقة كأذكارىا‪ ،‬فصارت تنادم‬
‫كمنها‪ :‬أ ٌف ٌأـ أ‪ٞ‬بد الكبّب أصاهبا كجع البطن كقد أخذت ٌ‬
‫كتستغيث بعبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب كتقوؿ‪ :‬اي عبد القادر على عادهتا قبل أف تكوف ٘بانيٌة‪ ،‬فأخذىا‬
‫النعاس ك‪٠‬بعت قائبل يقوؿ‪ :‬دعي عبد القادر‪ ،‬كلكن قوٕب " اي أ‪ٞ‬بد التجا٘ب " فإ ٌف هللا يعافيك‪،‬‬
‫كقالت ذلك كعوفيت من ساعتها‪.‬‬

‫‪٧‬بمد بل ر‪ٞ‬بو هلل تعأب الٍب‬


‫الوٕب الفاضل أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ٌ‬
‫كمنها‪ :‬رؤاي اإلماـ العادؿ كالعآب العامل ٌ‬
‫فإ٘ب رأيت ُب ما‬
‫نيب بعده‪ٌ ،‬أما بعد‪ٌ ،‬‬
‫كنصها‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل كصلٌى هللا تعأب على من ال ٌ‬
‫كتبها أرانيها‪ٌ ،‬‬
‫األكؿ سنة إحدل ك‪ٟ‬بسْب كمائتْب كألف من‬
‫يرل النائم ليلة السبت رابع عشرة من شهر ربيع ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪279‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫ا‪٥‬بجرة النبويٌة على صاحبها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ أ ٌف القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‬
‫كختم األكلياء الشيخ التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كعنٌا بو قدـ بلدان كىرع الناس إليو‪ ،‬ك‪٤‬بٌا‬
‫كصلت إليو كجدت عنده عنده الفاّب السيد الرابح‬
‫عمر بن سعيد قائدا كىو يقوؿ لو‪ :‬إ ٌف أىل ىذا القطر ال يستفيدكف علما إٔب علمهم‪ .‬قلت‪:‬‬
‫كالقائد انئب السلطاف بذلك ألنٌو يقودىم إٔب األمور الٍب يراد منهم فعلها‪ ،‬كيقودىم عن األمور‬
‫‪٧‬بمد بل‪ :‬فقلت للشيخ‪ ،‬بعد ما سلٌمت‬ ‫الٍب تطلب منهم تركها‪ ،‬كىذا ىو ا‪٣‬بليفة‪ٍ .‬بٌ قاؿ ٌ‬
‫أ٘ب من أحبابك كإ ٌ٭با أحببتك هلل تعأب ال لسبب كال لعلٌة بل كضعا إ‪٥‬بيٌا كا‪٢‬بمد هلل‪،‬‬
‫عليو‪ :‬أعلم ٌ‬
‫ا‪٣‬بواص‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فقد عرفتو كرأيت ذكره ُب لواقح‬
‫ٌ‬ ‫ككنت رأيت ذكر ختم األكلياء من كبلـ‬
‫األنوار‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فقد عرفتو‪ٍ ،‬بٌ قلت‪ :‬قد ‪٠‬بعت من شيخنا أنٌو التقى معك ُب‬
‫حٌب صكة أان أمرت‬
‫جانب داره بدغل كأشرت إٔب انحية الشماؿ‪ ،‬فسكت مليٌا‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‪ٌ :‬‬
‫إ٘ب أريد منك كما شهدتك ىنا أف أشهدؾ ُب ا‪١‬بنٌة‪ ،‬فذكرت ىذه‬
‫بكتبها ابلصاد‪ٍ ،‬بٌ قلت‪ٌ :‬‬
‫مرات‪ ،‬كُب آخرىا ‪٠‬بعتو يقوؿ‪ :‬طو طس‪،‬‬
‫مرات ٔبمع ٮبٌة‪ ،‬فدعا ٕب بذلك ثبلث ٌ‬
‫الكلمة ثبلث ٌ‬
‫كلعلٌو قاؿ‪ :‬يس‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‪ :‬ص‪ ،‬كلعلٌو قاؿ‪ :‬حم‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‪ :‬ؽ‪ٍ ،‬بٌ مضيت إٔب ‪٧‬بلٌي بقصد الرجوع‬
‫حب الفجل للدكاء‪ ،‬كذىبت إٔب طلب حاجتو‪ ،‬فانتبهت كهلل‬
‫إٕب أف أبعث لو دقيق ٌ‬
‫إليو فبعث ٌ‬
‫ا‪٢‬بمد ُب األكٔب كاآلخرة‪ ،‬كالسبلـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫إٕب كقاؿ ٕب‪ :‬خذ ما‬
‫ٕبب الفجل كأتى بو ٌ‬
‫إانء كبّبا ٌ‬
‫قلت‪ٍ :‬بٌ أنٌو ر‪ٞ‬بة هللا تعأب علينا كعليو مؤل ن‬
‫ي‬
‫أمر٘ب شيخك إبتيانو لو ألنٌك خليفتو كانئبو‪.‬‬

‫غم شديد كحزف ‪٤‬با أصابِب‪ ،‬كرأيت ُب ما يرل النائم ليلة ا‪٣‬بميس كالثالث‬
‫أ٘ب حصل ٕب ٌ‬
‫كمنها‪ٌ :‬‬
‫من شهر هللا رمضاف عاـ طم بشر من ا‪٥‬بجرة النبويٌة على صاحبها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‬
‫إ٘ب رأيت القطب ا‪٤‬بكتوـ كالبزخ ا‪٤‬بختوـ الشيخ أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو‬
‫شخصا يقوؿ ٌ‬
‫كلعلٌو قاؿ ٕب أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب قاؿ لو جاء لرؤيتك كليزيل عنك ما أنت فيو من ا‪٥‬بموـ‪،‬‬
‫كلكنٌو‬
‫فادخل فيو ابلسنٌة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كل أمر تدخل فيو‬
‫يبدأ إبزالة السحر الذم سحركؾ بو‪ ،‬ك ٌ‬
‫قلت‪ :‬إعلم أنٌو ال يعَبض علينا ُب إيرادىا إالٌ من ال‬‫أكثرت علينا من ا‪٤‬بنامات‪ ،‬ي‬
‫ى‬ ‫قلت‪ :‬قد‬
‫فإ ٍف ى‬
‫خبلؽ لو ُب العلم كا‪٤‬بعرفة كلوجوه‪ ،‬أحدىا‪ :‬أ ٌف هللا قد أثبت الر ًؤاي ا‪٢‬بضرة ُب كتابو كأثبتها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪280‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب سنٌتو‪.‬‬
‫َّ ً‬ ‫أما الكتاب‪ :‬فقولو سبحانو كتعأب‪ :‬أ ىىال إً َّف أىكلًياء ًَّ‬
‫ؼ ىعلىٍي ًه ٍم ىكىال يى ٍم ىٍٰب ىزنيو ىف الذ ى‬
‫ين آ ىىمنيوا‬ ‫اَّلل ىال ىخ ٍو ه‬ ‫ٍىى‬ ‫ٌ‬
‫ىخ ىرةً‪ ،‬قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬إختلفوا ُب ىذه‬ ‫الدنٍػيا كًُب ٍاآل ً‬ ‫ً‬
‫ىكىكانيوا يىػتَّػ يقو ىف ى‪٥‬بي يم الٍبي ٍش ىرل ًُب ا ٍ‪٢‬بىيىاة ُّ ى ى‬
‫البشرل‪ ،‬فركم عن عبادة بن الصامت قاؿ‪" :‬سألت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم عن قولو‬
‫الدنٍػيىا قاؿ ىي الرؤاي الصا‪٢‬بة يراىا ا‪٤‬بؤمن أك تيرل لو"‪ ،‬أخرجو‬ ‫تعأب أ ى‪٥‬بي يم الٍبي ٍش ىرل ًُب ا ٍ‪٢‬بىيىاةً ُّ‬
‫الَبمذم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫فسرىا ُب ىذا‬
‫ففسرت أبشياء منها الرؤاي الصا‪٢‬بة‪ ،‬فقد ٌ‬
‫كقاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ٌ :‬أما البشرل ٌ‬
‫كأما السنٌة فقد ركل البخارم كمسلم عن أيب ىريرة رضي‬
‫التفسّب من ا‪٤‬بفسرين ما ال ٰبصى‪ٌ ،‬‬
‫هللا تعأب عنو أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬إذا قرب الزماف ٓب تكد رؤاي ا‪٤‬بؤمن‬
‫النبوة"‪ .‬كركل مسلم عن أيب ىريرة رضي هللا‬
‫تكذب كرؤاي ا‪٤‬بؤمن جزء من ستٌة كأربعْب جزء من ٌ‬
‫شرات قيل كما‬
‫النبوة إالٌ ا‪٤‬بب ٌ‬
‫تعأب عنو أ ٌف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪ٓ" :‬ب يبق بعدم من ٌ‬
‫شرات قاؿ الرؤاي الصا‪٢‬بة"‪.‬‬
‫ا‪٤‬بب ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫كركل النسائي عن ابن عبٌاس رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪" :‬كشف ٌ‬
‫شرات‬
‫الستارة كالناس صفوؼ خلف أيب بكر رضي هللا تعأب عنو كقاؿ أيٌها الناس إنٌو ٓب يبق مب ٌ‬
‫النبوة إالٌ الرؤاي الصا‪٢‬بة يراىا ا‪٤‬بسلم"‪ .‬كركل الَبمذم عن عبادة بن الصامت رضي هللا تعأب‬ ‫ٌ‬
‫عنو قاؿ‪" :‬سألت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم عن قولو تعأب أ ى‪٥‬بي يم الٍبي ٍش ىرل ًُب ا ٍ‪٢‬بىيىاةً ُّ‬
‫الدنٍػيىا‬
‫قاؿ ىي الرؤاي الصا‪٢‬بة يراىا ا‪٤‬بؤمن أك ترل لو"‪.‬‬
‫كركم عن رجل من أىل مصر قاؿ‪ :‬سألت أاب الدرداء عن ىذه اآلية‪ :‬أ ى‪٥‬بم الٍب ٍشرل ًُب ا ٍ‪٢‬بياةً‬
‫ىى‬ ‫يي ي ى‬
‫ُّ‬
‫الدنٍػيىا‪ ،‬قاؿ‪" :‬ما سألِب عنها أحد منذ سألت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم غّبؾ منذ أنزلت‪.‬‬
‫ىي الرؤاي الصا‪٢‬بة يراىا ا‪٤‬بسلم أك ترل لو"‪ ،‬قاؿ الَبمذم حديث حسن‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب‪:‬‬
‫شرات كقاؿ الرؤاي الصا‪٢‬بة من هللا‬
‫النبوة كبقيت ا‪٤‬بب ٌ‬
‫كقاؿ صلٌى هللا تعاؿ عليو كسلٌم‪" :‬ذىبت ٌ‬
‫كا‪٢‬بلم من الشيطاف"‪.‬‬
‫يتصور‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب كسلٌم ُب النوـ فرؤايه ح ٌق أل ٌف الشيطاف ال ٌ‬
‫كاثنيها‪ :‬أ ٌف من رأل ٌ‬
‫بصورتو‪ .‬ركل البخارم كمسلم كأبو داكد عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪" :‬من رآ٘ب ُب ا‪٤‬بناـ فسّبا٘ب ُب اليقظة كال يتمثٌل الشيطاف يب"‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪281‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأخرج الطربا٘ب مثلو من حديث مالك بن عبد هللا كمن حديث أاب بكر‪ ،‬كأخرج الدرامي مثلو‬
‫من حديث قتادة‪ ،‬كركل البخارم أنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬من رآ٘ب ُب ا‪٤‬بناـ فقد رآ٘ب‬
‫فإ ٌف الشيطاف ال يتمثٌل يب"‪ .‬ككذلك الشيخ الصادؽ‪.‬‬

‫قاؿ زين الدين ا‪٣‬بواُب ُب الوصااي القدسيٌة‪ :‬كالشيطاف ٯبيء على صورة الصا‪٢‬بْب كثّبا كال يقدر‬
‫على التمثٌل بصورة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬قاؿ عليو السبلـ‪" :‬من رآ٘ب ُب ا‪٤‬بناـ فقد‬
‫للنيب صلٌى هللا عليو‬
‫رآ٘ب فإ ٌف الشيطاف ال يتمثٌل يب"‪ ،‬كال بصورة الشيخ إف كاف الشيخ اتبعا ٌ‬
‫كسلٌم مأذكان إبرشاد من شيخو ا‪٤‬بأذكف ىكذا إٔب حضرة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫أئمتنا قد أثبتوا قبو‪٥‬با من هللا تعأب عليو‪ ،‬قاؿ عبد هللا ا‪٣‬بيٌاط ُب الفتح‬
‫كاثلثها أ ٌف ساداتنا ك ٌ‬
‫شرات الرؤاي الصا‪٢‬بة يراىا‬
‫ا‪٤‬ببْب‪ :‬فإف قلت قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬ما بقى بعدم إالٌ ا‪٤‬بب ٌ‬
‫كأكؿ ما بدأ‬
‫الرجل الصاّب أك ترل لو"‪ ،‬كُب ا‪٢‬بديث "رؤاي ا‪٤‬بؤمن كبلـ يكلٌم العبد ربٌو ُب ا‪٤‬بناـ ٌ‬
‫بو صلٌى هللا عليو كسلٌم أنٌو كاف يرل الرؤاي فتجيء مثل فلق الصبح كاألعماؿ ابلنيٌات"‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كقاؿ الشعرا٘ب ُب البحر ا‪٤‬بوركد‪ :‬أخذ علينا العهد إذا جاءتنا بشرل من رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم أك من أحد من صاّب ا‪٤‬بؤمنْب أف أنخذىا من من جاءت منو ابلتصديق كالقبوؿ كال‬
‫نردىا ىضما ألنفسنا كما يفعلو بعضهم ذاىبا إٔب أنٌو ال يستح ٌق مثل ذلك كإ ٌ٭با يستح ٌق‬
‫ٌ‬
‫حٌب أنٌو قاؿ ‪٤‬بن قاؿ لو‪ :‬رأيتك اي سيٌدم ُب ا‪١‬بنٌة‪ :‬أما رأل إبليس أحد‬
‫التخويف ابلنار ك‪٫‬بوىا ٌ‬
‫يسخر بو غّبم كغّبؾ؟ قاؿ‪ :‬كىذا الذم قلنا أكٔب ‪٩‬بٌا فعلو ىذا أل ٌف كوننا ال نستح ٌق دخوؿ‬
‫شران أب ٌف هللا تعأب غفر لنا أك أ ٌف‬
‫ا‪١‬بنٌة ‪ٙ‬بصيل ا‪٢‬باصل فإذا ب ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم شفيع فينا أخذ ذلك من ابب الفضل كا‪٤‬بنٌة‪ ،‬كىل عفو هللا تعأب‬ ‫ٌ‬
‫كشفاعة سيٌد ا‪٤‬برسلْب عليو الصبلة كالسبلـ إالٌ للمذنبْب؟ ٍبٌ ال ٱبلى ذلك الشخص الذم‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أنٌو شفع فيو‪ ،‬صا‪٢‬با أك فاسقا‪ ،‬علٌو ٰبصل لو لذلك رقٌة قلب‬
‫أرسل ٌ‬
‫كيتنصل ‪٤‬با كاف فيو من ا‪٤‬بعاصي‪ ،‬سياسة نبويٌة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فيتوب‬

‫رد البشرل إذا جاءتو جنح إٔب خوؼ الركوف إليها كما عليو طائفة من العباد‬
‫كلعل من ٌ‬
‫كقاؿ‪ٌ :‬‬
‫كل شيء جاءه‪،‬‬
‫الذين ٓب تنكشف حجبهم‪ٌ ،‬أما العارؼ فبل ركوف لو إٔب شيء دكف هللا تعأب‪ ،‬ك ٌ‬
‫فليظن‬
‫ٌ‬ ‫ظن عبدم يب‬
‫القدسي‪" :‬أان عند ٌ‬
‫ٌ‬ ‫دنيا كأخرل كبرزخا‪ ،‬أخذه عن هللا تعأب‪ .‬كُب ا‪٢‬بديث‬
‫يب خّبا"‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪282‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الدر كالياقوت‬
‫ا‪١‬بن خيٌلت لسليماف بن داكد أرضا من ذىب كحصباؤىا ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬كقد حكي أ ٌف ٌ‬
‫كخر لو‬
‫كجل ٌ‬
‫عز ٌ‬
‫فلما كقع بصره عليها أخذىا عن ربٌو ٌ‬
‫ك‪٫‬بو ذلك لتفتنو هبا عن عبادة ربٌو‪ٌ ،‬‬
‫ساجدا‪ ،‬فأئبتها هللا تعأب لو أرضا يراىا بصره إٔب أف مات‪،‬‬
‫كإايؾ‬
‫ا‪١‬بن‪ ،‬فاعلم ذلك اي أخي‪ٌ ،‬‬
‫كجل كأخذه ذلك عنو دكف ٌ‬
‫عز ٌ‬‫‪٦‬بازاة لو على حسن ظنٌو بربٌو ٌ‬
‫صحة الرؤاي‪ ،‬فرٌٗبا عوقبت اي أخي ُب‬
‫كالتوقٌف ُب قبوؿ بشرل جاءتك عن أحد كاجملادلة ُب ٌ‬
‫بكل شيءعليم‪ .‬اىػ‪ .‬كبلـ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪،‬‬
‫نظّب ذلك اب‪٢‬برماف لتكذيبك كهللا ٌ‬
‫كىوُب فصل ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬فش ٌد يدؾ عليو فإنٌو نفيس‪.‬‬
‫كقاؿ ُب كشف ا‪٢‬بجاب كالراف عن كجو أسئلة ا‪١‬با ٌف‪ :‬كسألو٘ب عن الرؤاي الصادقة‪ ،‬ىل ىي من‬
‫أقساـ الوحي كما بلغنا عن علمائنا؟ فأجبتهم‪ :‬نعم‪ ،‬ىي من أقساـ الوحي فيطلع هللا تعأب النائم‬
‫على ما جهلو من معرفة هللا تعأب كالكوف ُب يقظتو‪ ،‬ك‪٥‬بذا كاف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫نبوة ُب ا‪١‬بملة‬
‫إذا أصبح يسأؿ أصحابو ىل رأل أحد منكم رؤاي ىذه الليلة كذلك ألهنٌا آاثر ٌ‬
‫ٰبب أف يشهدىا ُب ٌأمتو‪.‬‬
‫فكاف ٌ‬
‫كالناس ُب غاية من ا‪١‬بهل ُب ىذه ا‪٤‬برتبة الٍب كاف رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم يعتِب هبا‬
‫كل يوـ‪ ،‬كأكثر الناس يستهزئ ابلرائي إذا رآه يعتمد على الرؤاي الصادقة الٍب ىي‬
‫كيسأؿ عنها ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كذلك أ ٌف‬
‫نبوة ٌ‬
‫أم من ٌ‬
‫النبوة‪ٌ ،‬‬
‫جزء من ستٌة كأربعْب جزءا من ٌ‬
‫م ٌدة كحيو على لساف جربيل عليو السبلـ كانت ثبلث كعشرين سنة‪ ،‬ككاف الوحي ينزؿ إليو ُب‬
‫فانسبها إٔب ثبلث كعشرين سنة ٘بدىا جزءا من ستة كأربعْب جزءا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ا‪٤‬بناـ قبل ذلك ستة أشهر‪،‬‬
‫كلو أ ٌف زمن رسالتو كانت ثبلثْب لقاؿ جزءا من ستْب‪ ،‬فا‪٤‬براد‬
‫النبوة ُب ح ٌق غّبه‪ ،‬فافهم ذلك أيٌها ا‪١‬با ٌف فإنٌو نفيس‪ .‬كقد أنشدكا ُب‬
‫نبوتو ال مطلق ٌ‬
‫اب‪٢‬بديث ٌ‬
‫الرؤاي الصادقة‪:‬‬
‫‪ ...‬ابلصدؽ تصدؽ رؤاي الصادقْب كمن ‪ ...‬يصاحب الض ٌد ٓب تصدؽ لو رؤاي‬
‫الصدؽ ابلعدكة القصول منازلو ‪ ...‬كىذه ض ٌده ابلعدكة الدنيا‬
‫النبوة إالٌ أهنٌا قصرت ‪ ...‬عن نسخ شرع كىي رتبة عليا‬
‫ىي ٌ‬
‫إ٘ب رأيت سيوفا للهدل انتصبت ‪ ...‬كُب ٲبيِب سيف للهدل دنيا‬
‫ٌ‬
‫فما تركت ‪٥‬با عينا كال أثرا ‪ ...‬بذلك السيف ُب األخرل كُب الدنيا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪283‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إنتهى‪.‬‬
‫السماع‪ :‬كمنو‪ ،‬يعِب كمن األدب الذم ٯبتمع ُب ا‪٤‬بتٌصف بو خصاؿ ا‪٣‬بّب‪ ،‬الفرار من‬
‫كُب شهيٌة ٌ‬
‫التهاكف ٗبا يرل ُب ا‪٤‬بناـ من اإلعتبارات‪ .‬كُب شرحو كشف القناع‪ :‬أل ٌف التهاكف بذلك من‬
‫ا‪١‬بهل‪ .‬كقد عمل الصحابة كالتابعوف ٗبا رأكه ُب منامهم من االعتبارات كما ىو مشهور ُب كتب‬
‫قص عبد هللا بن عمر على رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أنٌو رأل ُب منامو أنٌو‬
‫ا‪٢‬بديث‪ .‬ك‪٤‬بٌا ٌ‬
‫جهنم كىو خائف أف يقع‪ ،‬فقاؿ لو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪" :‬نً ٍع ىم الرجل‬
‫كاقف على شفّب ٌ‬
‫عبد هللا بن عمر لو كاف يقوـ من الليل"‪ ،‬فما ترؾ عبد هللا بعدىا‬
‫حٌب مات‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قياـ الليل ٌ‬
‫قص ىذه الرؤاي ألختو ٌأـ ا‪٤‬بؤمنْب حفصة بنت عمر‬
‫قلت‪ :‬كالرؤاي الٍب أحتضرىا أ ٌف عبد هللا ٌ‬
‫ي‬
‫قصتها لرسوؿ هللا صلٌى اىهلل عليو كسلٌم‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬با صلٌى‬
‫رضي هللا تعأب عنهم كحفصة ىي الٍب ٌ‬
‫هللا تعأب عليو كسلٌم‪" :‬نً ٍع ىم العبد عبد هللا"‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪ٍ .‬بٌ قاؿ ُب كشف القناع‪ :‬كمن كبلـ سيٌدم‬
‫ا‪٣‬بواص‪ :‬ال يتساىل ٗبا يراه ُب ا‪٤‬بناـ إالٌ جاىل أل ٌف ‪ٝ‬بيع ما يراه ا‪٤‬بؤمن من كحي هللا على‬
‫علي ٌ‬‫ٌ‬
‫‪ٙ‬بمل أعباء الوحي ُب اليقظة كعن ‪٠‬باعو من ا‪٤‬بلك أاته‬
‫لساف ملك اإل‪٥‬باـ‪ ،‬كذلك ‪٤‬بٌا عجز عن ٌ‬
‫ُب النوـ الذم ىو ا‪١‬بزء‬
‫ا‪٤‬بشَبؾ أل ٌف ا‪٢‬بكم الغالب فيو الركحانية ال للجسم‪ ،‬كمعلوـ أ ٌف األركاح من قسم ا‪٤‬ببلئكة‬
‫ش ور أى ٍف يي ىكلًٌ ىموي َّ‬
‫اَّللي إًَّال‬ ‫قوة على ‪٠‬باع ا‪٢‬ب ٌق تعأب ببل كاسطة‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىما ىكا ىف لًبى ى‬ ‫كا‪٤‬بلك لو ٌ‬
‫شاءي‪ ،‬ففهم من ىذه اآلية أنٌو لو رفع‬ ‫وال فىػي ً‬
‫وح ىي إبًً ٍذنًًو ىما يى ى‬ ‫ً‬ ‫ىك ٍحينا أ ٍىك ًم ٍن ىكىر ًاء ًح ىج و‬
‫اب أ ٍىك ييػ ٍرس ىل ىر يس ن ي‬
‫حجاب البشريٌة عن العبد لكلٌمو هللا تعأب من حيث كلٌم األركاح‪ .‬كقد قاؿ العارفوف أ ٌف‬
‫اإلنساف إ ٌ٭با ‪٠‬بٌ ىي بشرا ‪٤‬بباشرتو لؤلمور الٍب تعوقو عن اللحوؽ بدرجة الركح‪.‬‬
‫يقوم هبا إٲباف‬
‫كمن كبلمو‪ :‬أ ٌف ىذه الوقائع الٍب تقع لئلنساف ُب ا‪٤‬بناـ جند من جنود هللا تعأب ٌ‬
‫صاحبها ابلغيب إذا كاف أىبل لذلك كإف كاف نقصا ُب ح ٌق كامل اإلٲباف الذم لو كشف الغطاء‬
‫ٓب يزدد يقينا‪ ،‬فإ ٌف من شرط ا‪٤‬بؤمن الكامل أف يكوف ما كعد هللا تعأب بو أك تو ٌعد عنده كا‪٢‬باضر‬
‫على ح ٌد سواء‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪284‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثبلثوف‬

‫علي ٗبعرفة إ‪٠‬بو األعظم الكبّب للتح ٌدث ابلنعمة‪ ،‬كأنٌو موجود عند‬
‫ُب إعبلمهم أ ٌف هللا تعأب ىم َّن ٌ‬
‫اختصو‬
‫ٌ‬ ‫‪٧‬ب ٌققْب من أىل هللا تعأب‪ ،‬كأنٌو مضركب عليو حجاب‪ ،‬كأنٌو ال يطلع هللا عليو إالٌ من‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫ابحملبٌة كاصطفاه ابلعناية األزليٌة‪ ،‬كأ ٌف من عرفو كترؾ القرآف كالصبلة على ٌ‬
‫كسلٌم كاشتغل بو ٱباؼ عليو من ا‪٣‬بسراف دنيا كأخرل‪ ،‬كأنٌو ال يصلح للدنيا كال لطالبها‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ شيخنا كسيٌدان ككسيلتنا إٔب‬
‫‪٧‬بمد الشريف ا‪٢‬بسِب التجا٘ب رضي هللا تعأب‬
‫ربٌنا‪ ،‬القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‪ ،‬أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ُ ،‬ب الكتاب ا‪٤‬بكتوـ‪ :‬إعلم أ ٌف ثواب اإلسم األعظم الكبّب ال شيء يعادلو‬
‫ُب األعماؿ‪ٍ ،‬بٌ إنٌو ال ينالو إالٌ الفرد النادر مثل النبيٌْب كاألقطاب كمن غّبىم ال ينالو إالٌ الشاذٌ‬
‫النادر‪ ،‬كغالب ذلك الشاذٌ أنٌو من الص ٌدقْب‪ ،‬كرٌٗبا انلو بعض األكلياء ‪٩‬بٌن ٓب يبلغ مرتبة‬
‫الص ٌديقْب‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ بعض العارفْب‪ :‬كإدراؾ اإلسم األعظم ٌإما أف يكوف نقبل أبف يعلم من جهة أ ٌف االسم‬
‫كٕب أك ملك أك مناـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫لنيب أك ٌ‬
‫األعظم كذا على التقليد ٌإما ٌ‬
‫علي معرفة اإلسم األعظم ٔبميع الوجوه ا‪٤‬بتق ٌدمة إالٌ من جهة ا‪٤‬بلك فلم أقطع‬
‫من هللا ٌ‬
‫قلت‪ :‬قد ٌ‬
‫ي‬
‫أب٘ب عرفتو من جهة ا‪٤‬بلىك لرؤاي رأيتها‪ ،‬كقد عرفتو من جهة‬
‫أظن ٌ‬
‫كلكِب ٌ‬
‫ٗبعرفتو من جهتو‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ‪ ،‬كعرفتو‬
‫‪٧‬بمد الغإب كأان معو ُب ا‪٤‬بدينة ٌ‬
‫سيٌدم ٌ‬
‫ا‪٤‬بشرفة‪.‬‬
‫من جهتو أيضا كأان معو ُب م ٌكة ٌ‬
‫كقد حصل ٕب على يديو بفضل هللا تعأب علوـ كأسرار من علوـ اإلسم كأسراره‪ ،‬كقد حصل ٕب‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو‬
‫معرفتو أيضا مناما على يد بعض الرجاؿ أرسلو شيخنا أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫إٕب مرادم اإلسم األعظم‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬كذكر ٕب ما ال يكتب ُب االكراؽ‪ .‬كقد ازددت يقينا ُب‬
‫ٌ‬
‫معرفتو أب ٌف شخصْب أتيا٘ب بو كقد ذكر ‪٥‬بما عينو مناما‪ .‬كقد حصل ٕب معرفتو من كبلـ رسوؿ‬
‫هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كهلل ا‪٢‬بمد ُب االكٔب كاآلخرة‪.‬‬
‫تقرر ىذا‪ ،‬فاعلم ٌأكال أ ٌف اإلسم األعظم مضركب عليو حجاب ال يطلع هللا تعأب عليو إالٌ‬ ‫كإذا ٌ‬
‫اختصو ابحملبٌة كاصطفاه ابلعناية االزليٌة‪ ،‬كلذا قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا‬
‫ٌ‬ ‫من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪285‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بو‪ :‬قاؿ ٕب سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم أ ٌف اإلسم األعظم مضركب عليو حجاب كال يطلع‬
‫اختصو ابحملبٌة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هللا تعأب عليو إالٌ من‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كما تق ٌدـ‪ ،‬إعلم أ ٌف ثواب اإلسم األعظم الكبّب ال شيء يعادلو ُب‬
‫االعماؿ‪ٍ ،‬بٌ إنٌو ال ينالو إالٌ الفرد النادر مثل النبيٌْب كاالقطاب كمن غّبىم ال ينالو إالٌ الشاذٌ‬
‫النادر‪ ،‬كغالب ذلك الشاذ أنٌو من الص ٌديقْب‪ ،‬كرٌٗبا انلو بعض االكلياء ‪٩‬بٌن ٓب يبلغ مرتبة‬
‫الص ٌديقْب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫يدؿ لك على أ ٌف عليو حجااب مضركاب كثرة اختبلؼ العلماء ُب كجوده كعدمو‪ ،‬كُب‬
‫قلت‪ :‬ك‪٩‬بٌا ٌ‬
‫ي‬
‫حٌب صار ذلك االختبلؼ سببا ُب جهلو كعدـ معرفتو‪ ،‬أل ٌف كثرة‬
‫تعيينو عند القائلْب بوجوده ٌ‬
‫األقاكيل ُب كجود الشيء كُب تعيينو يزيده غموضا كانبهاما أل ٌف الواقف على ذلك االختبلؼ‬
‫‪ٙ‬بّبا يكوف بو جاىبل جهبل عظيما لعدـ حصولو على طائل فيها‪ .‬أان أذكر لك بعض تلك‬
‫يتحّب ٌ‬
‫ٌ‬
‫األقاكيل لتحقيق ما قلنا‪.‬‬

‫فنقوؿ‪ ،‬إعلم أ ٌف العلماء قد اختلفوا ُب اإلسم األعظم‪ ،‬كقاؿ بعضهم ال كجود لو‪ٗ ،‬بعُب أ ٌف‬
‫أ‪٠‬باء هللا تعأب كلٌها عظيمة ال ٯبوز تفضيل بعضها على بعض‪ ،‬كإليو ذىب طائفة منهم‪ :‬أبو‬
‫جعفر الطربم كأبو ا‪٢‬بسن األشعرم كابن حبٌاف‪ ،‬ك‪ٞ‬بلوا ما كرد من ذكر اإلسم األعظم على أ ٌف‬
‫كل أ‪٠‬بائو تعأب عظاـ‪ .‬كقاؿ بعضهم إألعظيمة الواردة ُب االخبار ا‪٤‬براد هبا‬
‫ا‪٤‬براد بو عظيم‪ ،‬ك ٌ‬
‫يسمى اإلسم األعظم‬
‫مزيد ثواب الداعي لذلك‪ ،‬كذىب ‪ٝ‬بهور العلماء إٔب أ ٌف هلل تعأب إ‪٠‬با ٌما ٌ‬
‫كاختلفوا ُب تعيينو‪ ،‬كانتهت أقوا‪٥‬بم إٔب كاحد كعشرين قوال‪.‬‬
‫األكؿ‪ :‬أنٌو ‪٩‬بٌا استأثر هللا تعأب بعلمو كٓب يطلع عليو أحدا من خلقو‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كالثا٘ب‪ :‬ىو ما نقلو فخر الدين عن بعض أىل الكشف‪.‬‬
‫حٌب كاد أف ينعقد اال‪ٝ‬باع عليو‪،‬‬
‫كالثالث‪ :‬أنٌو هللا إ ٍذ ال يطلق على غّبه كىو ا‪٤‬بختار عند ا‪٤‬بعظم ٌ‬
‫كعزم للشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب كقاؿ‪ :‬إ ٌ٭با يستجاب لك إذا ٓب يكن غّب هللا ُب قلبك أنٌو‬
‫الر‪ٞ‬بن الرحيم‪.‬‬
‫كالرابع‪ :‬أنٌو الر‪ٞ‬بن الرحيم‪.‬‬
‫ا‪٢‬بي القيٌوـ ‪٢‬بديث "إسم هللا األعظم ُب ىاتْب اآليتْب ىكإً ى‪٥‬بي يك ٍم إًلىوه‬ ‫كا‪٣‬بامس‪ :‬أ ٌف الر‪ٞ‬بن الرحيم ٌ‬
‫الر ٍ‪ٞ‬بن َّ ً‬ ‫ً‬
‫وـ"‪.‬‬ ‫اَّللي ىال إًلىوى إًَّال يى ىو ا ٍ‪٢‬بى ُّي الٍ ىقيُّ ي‬
‫يم كفا‪ٙ‬بة آؿ عمراف آب َّ‬
‫الرح ي‬ ‫ىكاح هد ىال إًلىوى إًَّال يى ىو َّ ى ي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪286‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بي القيٌوـ ‪٢‬بديث "اإلسم األعظم ُب ثبلث سور البقرة كآؿ عمراف كطو"‪،‬‬
‫كالسادس‪ :‬أنٌو ٌ‬
‫كاختاره النوكم ك‪ٝ‬باعة‪.‬‬
‫كالسابع‪ :‬أنٌو ا‪٢‬بنٌاف ا‪٤‬بنٌاف بديع السماكات كاألرض ذك ا‪١‬ببلؿ كاإلكراـ‪.‬‬
‫كالثامن‪ :‬أنٌو بديع السماكات كاالرض ذك ا‪١‬ببلؿ كاالكراـ‪.‬‬
‫كالتاسع‪ :‬أنٌو ال إلو إالٌ ىو األحد الصمد الذم ٓب يلد كٓب يولد كٓب يكن لو كفؤا أحد‪ ،‬قاؿ‬
‫ا‪٢‬بافظ بن حجر ىو األرجح من حيث السند من ‪ٝ‬بيع ما كرد ُب ذلك‪.‬‬
‫كالعاشر‪ :‬أنٌو ذك ا‪١‬ببلؿ كاإلكراـ‪.‬‬
‫رب‪.‬‬
‫كا‪٢‬بادم عشر‪ :‬أنٌو ٌ‬
‫كالثا٘ب عشر‪ :‬أنٌو مالك ا‪٤‬بلك‪.‬‬
‫كالثالث عشر‪ :‬دعول ذك النوف‪.‬‬
‫كالرابع عشر‪ :‬أنٌو كلمة التوحيد‪.‬‬

‫كا‪٣‬بامس عشر‪ :‬ما نقل عن الفخر الرازم كزين العابدين أنٌو سأؿ هللا تعأب أف يعلٌمو اإلسم‬
‫رب العرش العظيم‪.‬‬
‫األعظم فرأل ُب النوـ ىو هللا هللا هللا الذم ال إلو إالٌ ىو ٌ‬
‫‪٨‬بفي ُب األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب يطلع عليو بعض األصفياء‪.‬‬
‫كالسادس عشر‪ :‬أنٌو ٌ‬
‫كل إسم من أ‪٠‬بائو دعا العبد بو ربٌو مستغرقا ٕبيث ال يكوف ُب ذكره‬
‫كالسابع عشر‪ :‬أ ٌف ٌ‬
‫أتٌب لو ذلك استجيب لو‪ ،‬قاؿ جعفر الصادؽ كا‪١‬بنيد‬
‫مستحضرا غّب هللا تعأب‪ ،‬فإ ٌف من ٌ‬
‫كغّبٮبا‪.‬‬
‫اللهم‪ ،‬حكاه الزركشي‪.‬‬
‫كالثامن عشر‪ :‬أنٌو ٌ‬
‫كالتاسع عشر‪ :‬أنٌو أٓب‪ ،‬ذكره العزيزم‪.‬‬
‫قهار‪.‬‬
‫كا‪٤‬بوُب العشرين‪ :‬هللا ‪ٞ‬بيد ٌ‬
‫ٌ‬
‫كا‪٢‬بادم كالعشركف‪ :‬أنٌو كماؿ ا‪٤‬بائة كليس من التسع كالتسعْب كأ ٌف كثّبا من معانيو ُب اال‪٠‬باء‬
‫الدابغ‪.‬‬
‫التسعة كالتسعْب‪ ،‬قالو القطب عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫أتملت ما تق ٌدـ كفهمتو كحصل ُب ذىنك علمو‪ ،‬علمت يقينا أ ٌف اإلسم األعظم‬
‫قلت‪ :‬كإذا ٌ‬
‫ي‬
‫الكبّب موجود عند احمل ٌققْب من أىل هللا تعأب‪ ،‬كعلمت أنٌو مضركب عليو حجاب ال يطلع هللا‬
‫اختصو ابحملبٌة من النبيٌْب كبعض الص ٌديقْب كاألكلياء كما تق ٌدـ ‪٤‬با رأيت من‬
‫ٌ‬ ‫تعأب عليو إالٌ من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪287‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األقواؿ الكثّبة الٍب تزيد الطالب معرفتو حّبة على حّبة‪.‬‬
‫ا‪٤‬بنورة‪ ،‬أ ٌف رابعة العدكيٌة رضي‬
‫‪٧‬بمد الغإب رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كأان معو ُب ا‪٤‬بدينة ٌ‬
‫أخرب٘ب سيٌدم ٌ‬
‫هللا تعأب عنها سألت فقيها من الفقهاء عن مسألة فأجاهبا بقولو‪ :‬قيل كذا كقيل كذا كقيل كذا‪،‬‬
‫إٔب أف ذكر ‪٥‬با كثّبا من األقواؿ‪ ،‬فقالت لو رضي هللا تعأب عنها‪ :‬سألتك لتفيد علما فزدت‬
‫جهبل كحّبة‪ .‬اىػ‪ .‬أل ٌف قولك قيل ُب ا‪٤‬بسألة كذا ككذا ككذا من غّب ‪ٙ‬بقيق ا‪٢‬ب ٌق كتبيْب الصواب‬
‫ال يزيد الطالب إالٌ حّبة على حّبة‪.‬‬

‫تقرر ىذا‪ ،‬فاعلم‪ ،‬اثنيا‪ ،‬أ ٌف من عرؼ اإلسم األعظم كترؾ القرآف كالصبلة على رسوؿ هللا‬
‫كإذا ٌ‬
‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فإنٌو ٱباؼ عليو ا‪٣‬بسراف دنيا كأخرل‪ ،‬قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬قاؿ ٕب سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم أ ٌف اإلسم األعظم مضركب عليو‬
‫اختصو ابحملبٌة‪ ،‬كلو عرؼ الناس الشتغلوا بو كتركوا‬
‫ٌ‬ ‫حجاب كال يطلع هللا تعأب عليو إالٌ من‬
‫غّبه‪ ،‬كمن عرفو كترؾ القرآف كالصبلة على رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم على ما يرل‬
‫فيو من كثرة الفضل فإنٌو ٱباؼ على نفسو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كإذا فهمت ىذا‪ ،‬فاعلم‪ ،‬اثلثا‪ ،‬أ ٌف اإلسم األعظم ال يصلح للدنيا كال لطالبها‪ ،‬كمن عرفو‬
‫كصرفو لطلب الدنيا خسر الدنيا كاآلخرة‪ ،‬قاؿ الدمّبم ُب حياة ا‪٢‬بيواف الكربل‪ :‬قاؿ ابن عدم‬
‫‪٧‬بمد بن زايد بن معركؼ قاؿ ح ٌدثنا جعفر بن حسن عن‬
‫ح ٌدثنا عبد الر‪ٞ‬بن القرشي قاؿ ح ٌدثنا ٌ‬
‫أبيو قاؿ ح ٌدثِب اثبت البنٌا٘ب عن أنس رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم‪" :‬سألت هللا اإلسم األعظم فجاء٘ب جربيل عليو السبلـ بو ‪٨‬بزكان ‪٨‬بتوما" إٔب أف قاؿ‪:‬‬
‫نيب هللا علٌمنيو‬
‫كأمي اي ٌ‬
‫قالت عائشة رضي هللا تعأب عنها‪" :‬أبيب أنت ٌ‬
‫فقاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم اي عائشة هنينا عن تعليمو النساء كالصبياف كالسفهاء"‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كُب شرح القشّبم عن األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب عن قولو ا ٍ‪٢‬بى ُّي الٍ ىقيُّ ي‬
‫وـ‪ :‬كقاؿ يوسف بن ا‪٢‬بسن بلغِب أ ٌف‬
‫فأكؿ ما أبصر٘ب رآ٘ب طويل‬
‫ذا النوف يعلم إسم هللا األعظم‪ ،‬فخرجت من م ٌكة قاصدا إليو‪ٌ ،‬‬
‫فلما‬
‫اللحية كُب يدم ركوة كبّبة مؤتزرا ٗبئزر كعلى كتفي مئزر كاتسومة‪ ،‬فاستبشع منظرم‪ٌ ،‬‬
‫فلما كاف بعد يومْب أك ثبلثة جاء رجل من أئ ٌمة ا‪٤‬بتكلٌمْب فناظره‬
‫سلٌمت عليو كأنٌو ازدرا٘ب‪ٌ ،‬‬
‫بشيء من الكبلـ كاستظهر على ذم النوف ُب ذلك كغلبو‪ ،‬فاغتممت لذلك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪288‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حٌب قطعتو‪ٍ ،‬بٌ دقٌقت عليو الكبلـ‬
‫إٕب كانظرتو ٌ‬
‫كتق ٌدمت كجلست بْب أيديهما كأسلمت ا‪٤‬بتكلٌم ٌ‬
‫شاب‪ ،‬فقاـ من مكانو‬
‫حٌب ٓب يفهم كبلمي‪ .‬قاؿ‪ :‬فأعجب ذك النوف من ذلك‪ ،‬ككاف شيخا كأان ٌ‬
‫ٌ‬
‫أبر الناس عندم‪ ،‬كما زاؿ‬
‫فإ٘ب ٓب أعلم ‪٧‬بلٌك من العلم‪ ،‬فأنت ٌ‬
‫يدم كقاؿ‪ :‬أعذر٘ب ٌ‬
‫كجلس بْب ٌ‬
‫حٌب بقيت على ذلك سنة كاملة‪.‬‬
‫كيقربِب على ‪ٝ‬بيع أصحابو ٌ‬
‫يبجلِب ٌ‬
‫بعد ذلك ٌ‬
‫كقلت لو بعد السنة‪ :‬اي أستاذ‪ ،‬أان رجل غريب كقد إشتقت إٔب أىلي‪ ،‬كقد خدمت سنة ككجب‬
‫جربتِب كعلمت يب أىل لذلك‪ ،‬فإف‬
‫ح ٌقي عليك‪ ،‬لقد قيل ٕب إنٌك تعلم اسم هللا األعظم‪ ،‬كقد ٌ‬
‫عِب‬
‫عِب كٓب ٯبب بشيء‪ ،‬كأكٮبِب أنٌو رٌٗبا علٌمِب‪ٍ ،‬بٌ سكت ٌ‬
‫كنت تعرفو فعلٌمِب ٌإايه‪ .‬فسكت ٌ‬
‫فلما كاف ذلك قاؿ‪ :‬اي أاب يعقوب‪ ،‬ألست تعلم فبلان صديقا ٕب يقينا ابلفسطاط‬
‫ستٌة أشهر‪ٌ .‬‬
‫إٕب طبقا فوقو مكبٌو مشدكد ٗبنديل‪ ،‬فقاؿ‬‫الذم أيتينا‪ ،‬ك‪٠‬بٌى رجبل‪ ،‬فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬قاؿ‪ :‬فأخرج ٌ‬
‫ٕب‪ :‬اكصل ىذا إٔب من ‪٠‬بٌيت لك ابلفسطاط‪.‬‬
‫فلما بلغت الفسطاط الذم‬
‫ألؤديو‪ ،‬فإذا ىو خفيف كأف ليس فيو شيء‪ٌ .‬‬
‫قاؿ‪ :‬فأخذت الطبق ٌ‬
‫كجهِب ذك النوف هبديٌة إٔب رجل بطبق ليس فيو شيء ألنظر ٌف‬
‫بْب ا‪٢‬ببس كا‪١‬بزة قلت ُب نفسي‪ٌ :‬‬
‫إٔب مافيو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فحللت ا‪٤‬بنديل كفتحت ا‪٤‬بكبٌة فإذا فأرة كقد نفرت من الطبق فذىبت‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫فاغتممت كقلت سخر يب ذك النوف كٓب يذىب كٮبي إٔب ما أردت ُب الوقت‪ .‬قاؿ‪ :‬فرجعت إليو‬
‫القصة كقاؿ‪ :‬اي ‪٦‬بنوف‪ ،‬إئتمنتك على فأر فخنتِب فكيف‬
‫تبسم كعرؼ ٌ‬
‫فلما رآ٘ب ٌ‬
‫مغضبا‪ٌ .‬‬
‫أئتمنك على إسم هللا األعظم‪ ،‬قم فار‪ٙ‬بل كال أراؾ بعدىا أبدا‪ .‬فانصرفت عنو‪ .‬أىػ‪.‬‬

‫كركل ابن ماجة عن عائشة رضي هللا تعأب عنها قالت‪٠ :‬بعت من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫األحب إليك الذم إذا دعيت بو أجبت‬
‫ٌ‬ ‫إ٘ب أسألك اب‪٠‬بك الطاىر ا‪٤‬ببارؾ‬
‫"اللهم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كسلٌم يقوؿ‪:‬‬
‫فرجت قالت‪ :‬فقاؿ ذات‬
‫كإذا سئلت بو أعطيت كإذا اسَب‪ٞ‬بت بو ر‪ٞ‬بت كإذا استفرجت بو ٌ‬
‫يوـ اي عائشة ىل علمت أ ٌف هللا قد دلٌِب على اإلسم األعظم الذم إذا دعي بو أجاب قالت‪:‬‬
‫كأمي علٌمنيو فقاؿ إنٌو ال ينبغي لك اي‬
‫فقلت اي رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليك كسلٌم أبيب أنت ٌ‬
‫فتنحيت كجلست ساعة ٍبٌ قمت فقبٌلت رأسو ٍبٌ قلت اي رسوؿ هللا علٌمنيو‬‫عائشة قالت ٌ‬
‫قاؿ إنٌو ال ينبغي لك اي عائشة أف أعلٌمك أنٌو ال ينبغي لك أف تسألِب بو شيئا للدنيا"‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫إذا فهمت ىذا علمت أ ٌف اإلسم األعظم ال يستعمل لشيء من أمور الدنيا إالٌ لضرر دنيوم‬
‫متعلٌق ابلدين ال يصلح الدين إالٌ ذلك األمر كال ٲبكن إالٌ استعمالو‪ ،‬فحينئذ لعلٌو يستعمل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪289‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لذلك‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب كإليو سبحانو لو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل ا‪٢‬بادم كالثبلثوف‬


‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم يقظة‪ ،‬كأنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم ٰبضر‬
‫ُب إعبلمهم أ ٌف األكلياء يركف ٌ‬
‫يتصرؼ كيسّب حيث شاء ُب أقطار األرض ُب‬
‫كل ‪٦‬بلس أك مكاف أراد ٔبسده كركحو‪ ،‬كأنٌو ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بلكوت كىو هبيئتو الٍب كاف عليها قبل كفاتو ٓب يتب ٌدؿ منو شيء‪ ،‬كأنٌو مغيٌب عن األبصار كما‬
‫غيٌبت ا‪٤‬ببلئكة مع كوهنم أحياء أبجسادىم‪ ،‬فإذا أراد هللا أف يراه عبد رفع عنو ا‪٢‬بجاب فّباه‬
‫على ىيئتو الٍب كاف ىو عليها‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬قاؿ الشعرا٘ب ُب لواقح األنوار‬
‫احملمديٌة‪ :‬فإف أكثرت من الصبلة كالتسليم عليو صلٌى هللا عليو كسلٌم فرٌٗبا‬
‫القدسيٌة ُب العهود ٌ‬
‫تصل إٔب مقاـ مشاىدتو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬ىي طريق الشيخ نور الدين الشو٘ب كالشيخ‬
‫‪٧‬بمد بن داكد ا‪٤‬بنزالكم ك‪ٝ‬باعة من مشايخ العصر‪.‬‬
‫أ‪ٞ‬بد الزكاكم كالشيخ ٌ‬
‫كل‬
‫كيتطهر من ٌ‬
‫فبل يزاؿ أحدىم يصلٌي على رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كبكثرة منها ٌ‬
‫أم كقت شاء‪ ،‬كمن ٓب ٰبصل لو ىذا االجتماع فهو إٔب اآلف ٓب‬ ‫حٌب ٯبتمع بو يقظة ُب ٌ‬
‫الذنوب ٌ‬
‫يكثر من الصبلة على رسوؿ هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم اإلكثار ا‪٤‬بطلوب ليحصل لو ىذا‬
‫ابلنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫ا‪٤‬بقاـ‪ .‬قاؿ‪ :‬كأخرب٘ب الشيخ أ‪ٞ‬بد الزكاكم أنٌو ‪٤‬بٌا ٓب ٰبصل االجتماع ٌ‬
‫كل يوـ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم سنة كاملة‪ ،‬أصلٌي عليو ٌ‬
‫يقظة كاظب على الصبلة على ٌ‬
‫مرة‪.‬‬
‫‪ٟ‬بسْب ألف ٌ‬
‫كل‬
‫النيب كذا ككذا يصلٌي ٌ‬
‫ككذلك أخرب٘ب الشيخ نور الدين الشو٘ب أنٌو كاظب على الصبلة على ٌ‬
‫ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ال يكمل عبد ُب‬
‫علي ٌ‬‫يوـ ثبلثْب ألف صبلة‪ .‬قاؿ‪٠ :‬بعت سيٌدم ٌ‬
‫حٌب يصّب ٯبتمع برسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم يقظة كمشافهة‪ .‬ك‪٩‬بٌن يراه يقظة‬
‫مقاـ العرفاف ٌ‬
‫من السلف الشيخ أبو مدين ا‪٤‬بغريب شيخ ا‪١‬بماعة‪ ،‬كالشيخ عبد الرحيم القناكم‪ ،‬كالشيخ‬
‫موسى الزكاكم‪ ،‬كالشيخ أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب‪ ،‬كالشيخ أبو العبٌاس ا‪٤‬برسي‪ ،‬كالشيخ كالسيٌد أبو‬
‫السعود بن أيب العشائر‪ ،‬كسيٌدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب‪ ،‬كالشيخ جبلؿ الدين‬
‫مرة‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كاجتمعت بو يقظة نيٌفا كسبعْب ٌ‬
‫السيوطي‪ ،‬ككاف يقوؿ‪ :‬رأيت ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪290‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٌأما سيٌدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب فبل ٰبصى ا‪ٝ‬باعو ألنٌو ٯبتمع بو ُب أحوالو كلٌها‪ ،‬كيقوؿ‪ :‬ليس ٕب‬
‫عِب‬
‫شيخ إالٌ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬ككاف أبو العبٌاس ا‪٤‬برسي يقوؿ‪ :‬لو احتجب ٌ‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ساعة ما عددت نفسي من ا‪٤‬بسلمْب‪.‬‬

‫مرة‪ :‬طريقنا أف‬


‫كقاؿ ُب موضع آخر‪ :‬ككاف كرد الشيخ أ‪ٞ‬بد الزكاكم أربعْب ألف صبلة‪ ،‬كقاؿ ٌ‬
‫حٌب يصّب ٯبالسنا يقظة كنصحبو مثل‬
‫نكثر من الصبلة على رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫ضعفها ا‪٢‬ب ٌفاظ عندان‪ ،‬كنعمل‬
‫الصحابة‪ ،‬كنسألو عن أمور ديننا كعن ا‪٢‬بديث‪ ،‬كعن األحاديث ٌ‬
‫بقولو صلٌى هللا عليو كسلٌم فيها‪ .‬كمٌب ٓب يقع لنا ذلك فلسنا من ا‪٤‬بكثرين للصبلة عليو صلٌى هللا‬
‫عليو كسلٌم‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ‪ -‬الشيخ ا‪٢‬بقيقي لنا بواسطة‬
‫أم ٌ‬ ‫كقاؿ ُب خطبة الكتاب‪ :‬فهو ‪ٌ -‬‬
‫أشياخ الطريق أك ببل كاسطة مثل من صار من األكلياء ٯبتمع بو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب اليقظة‪،‬‬
‫‪٧‬بمد العدؿ‬
‫ا‪٣‬بواص كالشيخ ٌ‬
‫علي ٌ‬‫كقد أدركنا ٕبمد هللا ‪ٝ‬باعة من أىل ىذا ا‪٤‬بقاـ‪ ،‬كسيٌدم ٌ‬
‫كالشيخ جبلؿ الدين السيوطي كأضراهبم رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب‬
‫كذكر الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪ ،‬صاحب اإلبريز‪ ،‬أنٌو رأل رجبل يرل ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم من مدينة فاس‪ٍ ،‬بٌ قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت ىذا‬
‫اليقظة كيشم منو رائحة مدينة ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أخذتِب حالة‬
‫فلما زرت قرب ٌ‬
‫ا‪٢‬بج‪ٌ ،‬‬
‫الرجل يقوؿ‪ :‬ذىبت إٔب ٌ‬
‫أ٘ب أصل إٔب مدينتكم ٍبٌ أرجع إؿ فاس‪ ،‬فسمعت صوات من قًبىل‬
‫كقلت‪ :‬اي رسوؿ هللا ما ظننت ٌ‬
‫القرب الشريف كىو يقوؿ‪ :‬إف كنت ‪٨‬بزكان ُب ىذا القرب فمن جاء منكم فليبق ىهنا‪ ،‬كإف كنت‬
‫مع أمٍب حيث ما كانت فارجعوا إٔب ببلدكم‪ ،‬قاؿ‪ :‬فرجعت إٔب بلدم‪.‬‬

‫النيب صلٌى‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬إ ٌف من يرل ٌ‬ ‫اىػ‪ .‬كذكر أ ٌف شيخو القطب عبد العزيز ٌ‬
‫حٌب يرل ىذا العآب كلٌو كلكن ال ينظر‬
‫هللا عليو كسلٌم من أكلياء هللا تعأب ُب اليقظة فإنٌو ال يراه ٌ‬
‫لكل شيء عبلمة‪ ،‬كعبلمة إدراؾ العبد مشاىدة‬
‫كاحد‪ .‬قاؿ ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫النيب الشريف اشتغاال دائما ٕبيث ال‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب اليقظة أف يشتغل الفكر هبذا ٌ‬
‫ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا‬
‫يغيب عن الفكر كال تصرفو عنو الصوارؼ كال الشواغل‪ ،‬فَباه أيكل كفكره مع ٌ‬
‫عليو كسلٌم‪ ،‬كيشرب كىو كذلك‪ ،‬كٱباصم كىو كذلك‪،‬‬
‫كيناـ كىو كذلك‪ ،‬فقلت‪ :‬كىل يكوف ىذا ٕبيلة ككسب؟ فقاؿ‪ :‬لو كاف ٕبيلة ككسب من العبد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪291‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لوقعت لو الغفلة عنو إذا جاءه صارؼ أك عرض شاغل‪ ،‬كلكنٌو أمر من هللا ٰبمل العبد إليو‬
‫حٌب لو كلٌف العبد دفعو ما استطاع‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬
‫كيستعملو فيو كال ٰبسن العبد من نفسو اختيارا فيو ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كظاىره يتكلٌم‬
‫كانت ال تدفعو الشواغل كالصوارؼ‪ ،‬فباطن العبد مع ٌ‬
‫معهم ببل قصد كأيكل ببل قصد كأيٌب ‪١‬بميع ما يشاىده ُب ظاىره ببل قصد‪ ،‬أل ٌف العربة ابلقلب‬
‫كىو مع غّبىم‪.‬‬
‫فإذا داـ العبد على ىذا م ٌدة رزقو هللا تعأب مشاىدة نبيٌو الكر‪ٙ‬ب كرسولو العظيم ُب اليقظة‪ .‬كم ٌدة‬
‫أقل‪ ،‬كمنهم من تكوف لو أكثر‪.‬‬
‫الفكر ‪ٚ‬بتلف‪ ،‬فمنهم من تكوف لو شهرا‪ ،‬كمنهم من تكوف لو ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أمرىا جسيم كخطبها عظيم‪،‬‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كمشاىدة ٌ‬
‫يقوم العبد ما طاقها‪.‬‬
‫فلوال أ ٌف هللا ٌ‬
‫لو فرضنا رجبل قواي عظيما إجتمع فيو قوة أربعْب رجبل‪ ،‬كل كاحد منهم أيخذ أبذيف و‬
‫أسد من‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫النفلقت كبده‬
‫ٍ‬ ‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم خرج على ىذا الرجل‪،‬‬
‫الشجاعة كالبسالة‪ٍ ،‬بٌ فرضنا ٌ‬
‫كذابت ذاتو كخرجت ركحو‪ ،‬كذلك من عظمة سطوتو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬كمع ىذه السطوة‬
‫حٌب أهنٌا عند أىلها‬
‫العظيمة ففي تلك ا‪٤‬بشاىدة الشريفة من اللذة ما ال يكيٌف كال ٰبصى ٌ‬
‫كل‬
‫أفضل من دخوؿ ا‪١‬بنٌة‪ ،‬كذلك أل ٌف من دخل ا‪١‬بنٌة ال يرزؽ ‪ٝ‬بيع ما فيها من النعم‪ ،‬بل ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم فإنٌو إذا حصلت‬
‫خاص بو‪ٖ ،‬ببلؼ مشاىدة ٌ‬ ‫كاحد لو نعيم ٌ‬
‫كل نوع كما‬ ‫ً‬
‫كل لوف كحبلكة ٌ‬
‫لو ا‪٤‬بشاىدة ا‪٤‬بذكورة سقيت ذاتو ٔبميع ن ىعم أىل ا‪١‬بنٌة كٯبد ل ٌذة ٌ‬
‫ٯبد أىل ا‪١‬بنٌة ُب ا‪١‬بنٌة‪ ،‬كذلك قليل ُب ح ٌق من خلقت ا‪١‬بنٌة من نوره صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫كشرؼ ك‪٦‬بٌد كعظٌم كعلى آلو كصحبو‪ .‬اىػ‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم يقظة إالٌ من ال شعور لو ٗبقامات العارفْب‪ ،‬كال‬
‫قلت‪ :‬كال ينكر رؤية ٌ‬
‫ي‬
‫اطٌبلع على ديواف الصا‪٢‬بْب‪.‬‬
‫ص لك شيئا من ذلك ذكره صاحب اإلبريز‪ ،‬انقبل عن الشيخ عبد العزيز بن مسعود‬ ‫ً‬
‫فها أان أ ى‪٣‬بٌ ي‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قبل البعثة‪،‬‬ ‫ً‬
‫الدابغ أنٌو قاؿ‪ :‬الديواف بغىار حراء الذم كاف ٰبتنث فيو ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فيجلس الغوث خارج الغار كم ٌكة خلف كتفو األٲبن كا‪٤‬بدينة أماـ ركبتو اليسرل‪ ،‬كاألربع أقطاب‬
‫عن ٲبينو‪ ،‬كىم مالكيٌة على مذىب مالك بن أنس هنع هللا يضر‪ ،‬كثبلث أقطاب عن يساره‪ ،‬كاحد من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪292‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مالكي‬
‫ٌ‬ ‫كيسمى قاضي الديواف كىو ُب الوقت‬
‫كل مذىب من ا‪٤‬بذاىب الثبلثة‪ ،‬كالوكيل أمامو‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫‪٧‬بمد‬
‫أيضا من بِب خالد القاطنْب بناحية البصرة‪ ،‬كا‪٠‬بو سيٌدم ٌ‬
‫عبد الكر‪ٙ‬ب البصراكم‪ .‬كمع الوكيل يتكلٌم الغوث‪ ،‬كلذلك يً‪٠‬بٌي ككيبل ألنٌو ينوب ُب الكبلـ عن‬
‫كل كاحد من األقطاب‬
‫كالتصرؼ لؤلقطاب السبعة على أمر الغوث‪ ،‬ك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ٝ‬بيع من ُب الديواف‪.‬‬
‫يتصرفوف ‪ٙ‬بتو‪ ،‬كصفوؼ ستٌة من كراء الوكيل‪ ،‬كتكوف دائرهتا من‬
‫السبعة ‪ٙ‬بتو عدد ‪٨‬بصوص ٌ‬
‫القطب الرابع إٔب الذم على اليسار من األقطاب الثبلثة‪ ،‬فاألقطاب السبعة ىم أطراؼ الدائرة‪،‬‬
‫األكؿ‪ ،‬كخلفو الثا٘ب على صفتو كعلى دائرتو‪ ،‬كىكذا الثالث إٔب أف يكوف‬
‫الصف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كىذا ىو‬
‫السادس آخرىا‪.‬‬
‫كٰبضره النساء‪ ،‬كعددىن قليل كصفوفهم ثبلثة كذلك من جهة األقطاب الثبلثة الٍب على‬
‫ألكؿ ُب فسح ىناؾ بْب الغوث كاألقطاب الثبلثة‪ .‬كٰبضره بعض‬
‫الصف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫اليسار فوؽ دائرة‬
‫الكمل من األموات‪ ،‬كيكونوف ُب الصفوؼ مع األحياء كيتميٌزكف بثبلث أمور‪ ،‬أحدىا أ ٌف زيٌهم‬
‫ٌ‬
‫كأما ا‪٤‬بوتى فبل‬
‫كمرة ٯب ٌدد ثوبو كىكذا‪ٌ ،‬‬
‫فمرة ٰبلق شعره ٌ‬
‫ا‪٢‬بي كىيئتو‪ٌ ،‬‬
‫زم ٌ‬ ‫ال يتب ٌدؿ ٖببلؼ ٌ‬
‫تتب ٌدؿ حالتهم‪.‬‬
‫زم ال يتب ٌدؿ فاعلم أنٌو من ا‪٤‬بوتى‪ ،‬كأ ٍف تراه ‪٧‬بلوؽ الشعر كال‬
‫فإذا رأيت ُب الديواف رجبل على ٌ‬
‫ينبت لو شعر فاعلم أنٌو على تلك ا‪٢‬بالة‪ ،‬كإف رأيت الشعر على رأسو على حاؿ ال يزيد كال‬
‫ينقص كال ٰبلق فاعلم أيضا أنٌو ميٌت كمات على تلك ا‪٢‬باؿ‪ .‬اثنيها أنٌو ال تقع معو مشاكر ُب‬
‫تصرؼ ‪٥‬بم فيها كقد انتقلوا إٔب عآب آخر ُب غاية ا‪٤‬بباينة لعآب األحياء‪ ،‬كإ ٌ٭با‬
‫أمور األحياء ألنٌو ال ٌ‬
‫تقع معهم ا‪٤‬بشاكرة ُب أمور عآب األموات‪.‬‬
‫ظل ‪٥‬با‪ ،‬فإذا كقف ا‪٤‬بيٌت بينك كبْب الشمس فإنٌك ال ترل لو ظبلٌ‪،‬‬ ‫اثلثها أ ٌف ذات ا‪٤‬بيٌت ال ٌ‬
‫كسره أنٌو ٰبضر بذات ركحو ال بذاتو الفانية الَبابيٌة‪ ،‬كذات الركح خفيفة ال ثقيلة كش ٌفافة ال‬ ‫ٌ‬
‫مرة أذىب إٔب الديواف أك إٔب ‪٦‬بمع من ‪٦‬بامع األكلياء كقد طلعت‬ ‫كثيفة‪ .‬قاؿ ٕب هنع هللا يضر‪ :‬ككم ٌ‬
‫ظل لو‪.‬‬
‫بظل كىذا ال ٌ‬
‫الشمس فإذا رأك٘ب من بعيد إستقبلو٘ب فأراىم بعْب رأسي متميٌزكف‪ ،‬ىذا ٌ‬
‫كاألموات ا‪٢‬باضركف ُب الديواف ينزلوف إليها من البزخ يطّبكف طّبا بطّباف الركح‪ ،‬فإذا قربوا من‬
‫أتداب‬
‫موضع الديواف بنحو مسافة نزلوا إٔب األرض كمشوا على أرجلهم إٔب أف يصلوا إٔب الديواف ٌ‬
‫مع األحياء كخوفا منهم‪ .‬قاؿ‪ :‬ككذا رجاؿ الغيب إذا زار بعضهم بعضا فإنٌو ٯبيء بسّب ركحو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪293‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أتداب كخوفا‪ .‬ك‪ٙ‬بضره ا‪٤‬ببلئكة كىم من‬
‫أتدب كمشى مشي ذاتو الثقيلة ٌ‬
‫فإذا قرب من موضعو ٌ‬
‫الكمل كىم الركحانيوف‪ ،‬كىم من كراء ا‪١‬بميع‪ ،‬كىم ال‬
‫ا‪١‬بن ٌ‬
‫كراء الصفوؼ‪ .‬كٰبضره أيضا ٌ‬
‫يبلغوف ص ٌفا كامبل‪.‬‬
‫يتصرفوف ُب أمور تطيق ذكاهتم الوصوؿ إليها كُب أمور‬
‫كا‪١‬بن أ ٌف األكلياء ٌ‬
‫كفائدة حضور ا‪٤‬ببلئكة ٌ‬
‫كا‪١‬بن ُب األمور الٍب ال تطيق ذكاهتم‬
‫أخرل ال تطيق ذكاهتم الوصوؿ إليها‪ ،‬كيستعينوف اب‪٤‬ببلكة ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬فإذا حضره‬
‫الوصوؿ إليها‪ .‬قاؿ‪ :‬قاؿ كُب بعض األحياف ٰبضره ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم جلس ُب موضع الغوث كجلس الغوث ُب موضع الوكيل كأت ٌخر الوكيل‬
‫للصف‪.‬‬
‫ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم جاءت معو األنوار الٍب تطاؽ كإ ٌ٭با ىي أنوار ‪٧‬برقة مفزعة‬
‫كإذا جاء ٌ‬
‫حٌب ٌأان لو فرضنا أربعْب رجبل بلغوا ُب‬
‫قاتلة ‪٢‬بينها‪ ،‬كىي أنوار ا‪٤‬بهابة كا‪١‬ببللة كالعظمة ٌ‬
‫فإهنم يصعقوف ‪٢‬بينهم‪ ،‬إالٌ أ ٌف هللا تعأب يرزؽ‬
‫الشجاعة مبلغا ال مزيد عليو ٍبٌ فوجئوا هبذه األنوار ٌ‬
‫القوة على تل ٌقيها‪ ،‬كمع ذلك فالقليل منهم ىو الذم يضبط األمور الٍب صدرت ُب‬
‫أكلياءه ٌ‬
‫ساعة حضوره صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ .‬ككبلمو صلٌى هللا عليو كسلٌم مع الغوث‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو سلٌم ُب الديواف كجاءت معو األنوار الٍب‬
‫إٔب أف قاؿ‪ :‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬كإذا حضر ٌ‬
‫ال تطاؽ ابدرت ا‪٤‬ببلئكة الذين مع أىل الديواف كدخلوا ُب نوره صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فما داـ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب الديواف ال يظهر منهم ملك‪ ،‬فإذا خرج ٌ‬
‫ٌ‬
‫من الديواف رجع ا‪٤‬ببلئكة إٔب مراكزىم‪.‬‬

‫إٔب أف قاؿ‪ :‬كسألتو هنع هللا يضر ىل ٰبضر الديواف األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ مثل سيٌدان إبراىيم‬
‫كسيٌدان موسى كغّبٮبا من الرسل على نبيٌنا كعليهم أفضل الصبلة كالسبلـ؟ فقاؿ هنع هللا يضر‪:‬‬
‫ٰبضركنو ُب ليلة كاحدة ُب العاـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬فما ىي؟ قاؿ‪ :‬ليلة القدر‪ ،‬فيحضركه ُب تلك‬
‫ا‪٤‬بقربْب كغّبىم‪ ،‬كٰبضره سيٌد‬ ‫الليلة األنبياء كا‪٤‬برسلوف كٰبضركه ا‪٤‬بؤل األعلى من ا‪٤‬ببلئكة ٌ‬
‫الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كٰبضر مع أكزاجو الطاىرات كأكابر صحابتو األكرمْب مهنع هللا يضر‬
‫أ‪ٝ‬بعْب‪.‬‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو ‪ -‬يقوؿ‪ :‬قد‬
‫كقاؿ‪ ،‬بعد كبلـ‪ ،‬أنٌو ‪٠‬بعو ‪ -‬أعِب الشيخ عبد العزيز ٌ‬
‫يغيب الغوث عن الديواف فبل ٰبضره‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬كقد ٰبضر سيٌد الوجود صلٌى هلل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪294‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليو كسلٌم ُب غيبة الغوث كٰبصل ألىل الديواف من ا‪٣‬بوؼ كا‪١‬بزع من حيث أ ٌهنم ٯبهلوف‬
‫حٌب أهنٌم لو طاؿ ذلك ٌأايما‬
‫حواسهم ٌ‬
‫العاقبة ُب حضوره صلٌى هللا عليو كسلٌم ما ٱبرجهم عن ٌ‬
‫كثّبة الهندمت العوآب‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬كإذا حضر سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم مع غيبة الغوث فإنٌو ٰبضر معو‬
‫كأمهما فاطمة‪ ،‬اترة كلٌهم كاترة بعضهم مهنع هللا يضر‬
‫كعلي كا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب ٌ‬
‫أبو بكر كعمر كعثماف ٌ‬
‫أ‪ٝ‬بعْب‪ .‬قاؿ‪ :‬قاؿ‪ :‬ك٘بلس موالتنا فاطمة مع ‪ٝ‬باعة النسوة البلٌٌب ٰبضرف الديواف ُب جهة‬
‫كعنهن‪ .‬قاؿ‪ :‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬ك‪٠‬بعتها اهنع هللا يضر تصلٌي‬
‫ٌ‬ ‫اليسار كما تق ٌدـ كتكوف موالتنا فاطمة أمامهن اهنع هللا يضر‬
‫صل على من ركحو ‪٧‬براب‬
‫اللهم ٌ‬
‫على أبيها صلٌى هللا عليو كسلٌم ليلة من الليإب كىي تقوؿ‪ٌ " :‬‬
‫األركاح كا‪٤‬ببلئكة كالكوف‪.‬‬
‫صل على من ىو إماـ أىل ا‪١‬بنٌة عباد هللا‬
‫اللهم ٌ‬
‫صل على من ىو إماـ األنبياء كا‪٤‬برسلْب‪ٌ ،‬‬
‫اللهم ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب "‪ ،‬ككانت تصلٌي عليو صلٌى هللا عليو كسلٌم لكن ال هبذا اللفظ كإ ٌ٭با أان استخرجت‬
‫معناه‪ .‬اىػ‪ .‬مل ٌخصا ‪٨‬بتصرا‪.‬‬

‫إ٘ب رأيت سيٌدان إبراىيم خليل الر‪ٞ‬بن على‬


‫كُب اإلبريز أيضا‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫نبيٌنا كعليو الصبلة كالسبلـ يطلب الدعاء الصاّب من سيٌدم منصور رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ك ٌأما من رأل سيٌد‬
‫كفيو قاؿ ‪ -‬يعِب شيخو عبد العزيز بن مسود ٌ‬
‫تغّب فيو‪،‬‬
‫الوجود صلٌى هلل عليو كسلم ُب ا‪٤‬بناـ فإ ٌف رؤايه تنقسم إٔب قسمْب‪ ،‬أحدٮبا ما ال ٌ‬
‫كذلك أبف يراه على ا‪٢‬بالة الٍب كاف صلٌى هللا عليو كسلٌم عليها ُب دار الدنيا الٍب كاف الصحابة‬
‫مهنع هللا يضر يشاىدكنو صلٌى هللا عليو كسلٌم عليها‪ٍ ،‬بٌ إف كاف الرائي من أىل الفتح كالعرفاف كالشهود‬
‫كالعياف فإ ٌف الذم رآل ىو ذاتو الشريفة‪ ،‬كإف ٓب يكن من أىل الفتح فتارة تكوف رؤايه كذلك‪،‬‬
‫كىو النادر‪ ،‬كاترة‪ ،‬كىو الكثّب‪ ،‬يرل صورة ذاتو‬
‫الشريفة ال عْب ذاتو‪ ،‬كذلك أل ٌف لذاتو الطاىرة صورا ٌهبا يرل صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب أماكن‬
‫كثّبة ُب ا‪٤‬بناـ كُب اليقظة كذلك أل ٌف لذاتو صلٌى هللا عليو كسلٌم نورا منفصبل عنها قد امتؤل بو‬
‫العآب كلٌو‪ ،‬فما من موضع منو إالٌ كفيو النور الشريف‪ٍ ،‬بٌ ىذا النور تظهر فيو ذاتو عليو السبلـ‬
‫كما تظهر صورة الوجو ُب ا‪٤‬برآة‪ ،‬فإ ٌف النور ٗبثابة مرآة كاحدة مؤلت العآب كلٌو كا‪٤‬برتسم فيها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪295‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كىو الذات الكرٲبة‪ ،‬فمن ىنا كاف يراه عليو السبلـ رجل اب‪٤‬بشرؽ كآخر اب‪٤‬بغرب كآخر‬
‫اب‪١‬بنوب كآخر ابلشماؿ كأقواـ ال ٰبصوف ُب أماكن ‪٨‬بتلفة ُب‬

‫كل كاحد منهم‪.‬‬


‫كل يراه عنده‪ ،‬كذلك أ ٌف النور الكر‪ٙ‬ب الذم ترسم فيو الذات مع ٌ‬
‫آف كاحد‪ ،‬ك ٌ‬
‫‪٧‬بل‬
‫كا‪٤‬بفتوح عليو ىو الذم إذا رآل الصورة الٍب عندىم تبعها ببصّبتو ٍبٌ يغرؽ بنورىا إٔب ٌ‬
‫ٲبن عليو تعأب برؤية الذات الكرٲبة كذلك‬
‫الذات الكرٲبة‪ ،‬كقد يقع ىذا لغّب ا‪٤‬بفتوح عليو أبف ٌ‬
‫أبف ٯبيئو عليو السبلـ إٔب موضعو كما إذا علم منو عليو السبلـ كماؿ احملبٌة كالصدؽ فيها‪ ،‬فأمر‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فمن شاء أراه ذاتو كمن شاء أراه صورهتا‪.‬‬
‫ا‪٤‬بسألة موكوؿ إٔب ٌ‬
‫كلو صلٌى هللا عليو كسلٌم ظهور ُب صور أخر كىي صور عدد األنبياء ا‪٤‬برسلْب عليهم الصبلة‬
‫كالسبلـ‪ ،‬كصور عدد األكلياء من ٌأمتو من لدف زمانو عليو السبلـ إٔب يوـ القيامة‪ .‬كالعدد‬
‫ا‪٤‬بذكور الصحيح فيو أنٌو غّب معلوـ‪ ،‬كقيل أنٌو مائة ألف كأربعة كعشركف ألفا‪ ،‬فلو عليو السبلـ‬
‫من الصور الٍب يظهر فيها مائة ألف كأربعة كعشركف ألفا‪ ،‬كمثل ىذا العدد ُب أكلياء ٌأمتو عليو‬
‫السبلـ‪ ،‬فلو عليو السبلـ الظهور ُب مئٍب ألف ك‪ٜ‬بانية كأربعْب ألفا أل ٌف ا‪١‬بميع مستم ٌد من نوره‬
‫عليو السبلـ‪ ،‬كمن ىنا يقع كثّبا للمريدين رؤيتو عليو السبلـ ُب‬
‫ذكات أشياخهم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ا‪٢‬با‪ٛ‬بي هنع هللا يضر ُب الباب الثالث كالستْب كأربع مائة ُب الفتوحات ا‪٤‬ب ٌكيٌة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫كقاؿ ‪٧‬بي الدين بن العريب‬
‫رأيت ُب كشف ‪ٝ‬بيع األنبياء كا‪٤‬برسلْب كأٮبٌهم مشاىدة عْب من كاف منهم كمن يكوف إٔب يوـ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬
‫القيامة أظهرىم ا‪٢‬ب ٌق تعأب ُب صعيد كاحد‪ ،‬كصاحبت منهم‪ ،‬غّب ٌ‬
‫مِب‪ ،‬فكاف يبكي ُب‬‫‪ٝ‬باعة منهم ا‪٣‬بليل عليو السبلـ‪ ،‬قرأت عليو القرآف كلٌو ابستدعائو ذلك ٌ‬
‫كأما موسى عليو السبلـ‬
‫كل موضع ذكره هللا تعأب فيو من القرآف كحصل ٕب منو خشوع عظيم‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫فأعطا٘ب علم الكشف كاإليضاح عن‬

‫كأما ىود عليو السبلـ فثبت على يديو ٌأكؿ دخوٕب ُب طريق‬
‫األمور كعلم تقليب الليل كالنهار‪ٌ ،‬‬
‫القوـ‪ .‬كذكر أنٌو ما اجتمع أبحد من األنبياء أكثر من عيسى عليو السبلـ‪ ،‬كقاؿ‪ :‬كلٌما اجتمعت‬
‫حٌب يدعو ٕب بذلك‪ ،‬ككاف يقوؿ ٕب‪ :‬اي‬
‫بو دعا ٕب ابلثبات ُب الدين حيٌا كميٌتا‪ ،‬ككاف ال يفارقِب ٌ‬
‫زىاد الرسل كأكثرىم سياحة‪ ،‬ككاف‬
‫حبييب‪ ،‬كأمر٘ب أكؿ ا‪ٝ‬باعي عليو ابلزىد التجريد‪ ،‬ككاف من ٌ‬
‫حافظا لؤلمانة ٓب أتخذه ُب هللا لومة الئم‪ ،‬كلذلك عادتو اليهود‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪296‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الوٕب إذا كاف مفتوحا‬
‫الدابغ‪ ،‬كما ُب اإلبريز‪ ،‬أ ٌف ٌ‬
‫قلت‪ :‬قد ذكر الشيخ عبد العزيز بن مسعود ٌ‬
‫ي‬
‫عليو فإنٌو يشاىد ُب ا‪٤‬بقاـ الثا٘ب من مقامات الفتح ا‪٤‬ببلئكة كالديواف كاألكلياء الذين يعمركنو‪،‬‬
‫كل من انضاؼ إليو ككاف على شاكلتو‪ٍ ،‬بٌ مقاـ موسى عليو‬
‫كيشاىد مقاـ عيسى عليو السبلـ ك ٌ‬
‫كل من معو‪ٍ ،‬بٌ مقاـ يوسف عليو السبلـ‬
‫كل من معو‪ٍ ،‬بٌ مقاـ إدريس عليو السبلـ ك ٌ‬
‫السبلـ ك ٌ‬
‫كل من معو‪ٍ ،‬بٌ مقاـ ثبلثة من الرسل متق ٌدمْب‪،‬‬
‫كل من معو‪ٍ ،‬بٌ مقاـ إبراىيم عليو السبلـ ك ٌ‬
‫ك ٌ‬
‫منهم من كاف قبل إدريس كمنهم من أت ٌخر عنو‪ ،‬أ‪٠‬باؤىم غّب‬
‫حٌب يشاىد مقاـ‬
‫معركفة‪ .‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كال يزاؿ ا‪٤‬بفتوح عليو على خطر عظيم كىبلؾ قريب ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فإذا شاىده حصل لو ا‪٥‬بناء كًبٌ لو السركر‪ .‬كقاؿ ُب‬
‫سيٌدان كموالان ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫آخر الكتاب‪ :‬فإذا حصلت لو ‪ -‬يعِب ا‪٤‬بفتوح عليو ‪ -‬مشاىدة ذات ٌ‬
‫كسلٌم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫النيب كا‪٤‬بلىك‪ :‬قد كثر‬
‫كقاؿ الشيخ جبلؿ الدين السيوطي هنع هللا يضر ُب تنوير ا‪٢‬بلك ُب إمكاف رؤية ٌ‬
‫للنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كأ ٌف طائفة من أىل العصر ‪٩‬بٌن ال‬
‫السؤاؿ عن رؤية أرابب األحواؿ ٌ‬
‫كادعوا أنٌو‬
‫قدـ ‪٥‬بم ُب العلم ابلغوا ُب إنكار ذلك ٌ‬
‫ٌفت ىذه الكراسة ُب ذلك‪ ،‬كنبدأ اب‪٢‬بديث الصحيح الوارد ُب ذلك‪ .‬أخرج‬
‫مستحيل‪ ،‬فأل ي‬
‫البخارم كمسلم كأبو داكد عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم‪" :‬من رآ٘ب ُب ا‪٤‬بناـ فسّبا٘ب ُب اليقظة كال يتمثٌل الشيطاف يب"‪ ،‬كأخرج الطربا٘ب مثلو من‬
‫حديث مالك بن عبد هللا من حديث أيب بكرة‪ ،‬كأخرج الدرا٘ب مثلو من حديث أيب قتادة‪.‬‬
‫قاؿ العلماء‪ :‬إختلف ُب قولو فسّبا٘ب ُب اليقظة‪ ،‬فقيل معناه فسّبا٘ب ُب القيامة كتعقب أبنٌو ال‬
‫كل ٌأمتو يركنو يوـ القيامة‪ ،‬من رآه منهم كمن ٓب يره‪ .‬كقيل ا‪٤‬براد‪ :‬من‬
‫فائدة ُب التخصيص أل ٌف ٌ‬
‫شرا لو أنٌو ال ب ٌد أف يراه ُب اليقظة قبل‬
‫آمن بو ُب حياتو كٓب يره لكونو حينئذ غائبا‪ ،‬فيكوف مب ٌ‬
‫موتو‪ .‬كقاؿ قوـ‪ :‬ىو على ظاىره‪ ،‬فمن رآه ُب النوـ فبل ب ٌد أف يراه ُب اليقظة بعيِب رأسو كقيل‬
‫بعْب قلبو‪ ،‬حكاٮبا القاضي أك بكر بن العريب‪.‬‬
‫‪٧‬بمد بن أيب ‪ٝ‬برة ُب تعليقو على األحاديث الٍب انتقاىا من البخارم‪ :‬ىذا‬
‫كقاؿ االماـ أبو ٌ‬
‫يدؿ على من رآه صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فسّبا٘ب ُب اليقظة‪ ،‬كىل ىذا على عومو‬
‫ا‪٢‬بديث ٌ‬
‫خاص ٗبن فيو‬
‫كل من رآه مطلقا أك ٌ‬
‫ُب حياتو كبعد ‪٩‬باتو أك ىذا كاف ُب حياتو‪ ،‬كىل كذلك ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪297‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األىلية كاإلتٌباع بسنٌتو عليو السبلـ‪ .‬اللفظ يعطي العموـ‪ ،‬كمن ي ٌدعي ا‪٣‬بصوص فيو بغّب‬
‫فمتعسف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪٨‬بصص منو صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬كقد كقع من بعض الناس عدـ التصديق بعموـ كقاؿ علي ما أعطاه عقلو‪ :‬ككيف يكوف‬
‫ا‪٢‬بي ُب عآب ا‪٤‬بشاىدة؟ قاؿ‪ :‬كُب ىذا القوؿ من احملذكر كجهاف خطراف‪،‬‬
‫من قد مات يراه ٌ‬
‫أحدٮبا عدـ التصديق بقولو الصادؽ صلٌى هللا عليو كسلٌم الذم ال ينطق عن ا‪٥‬بول‪ ،‬كالثا٘ب‬
‫قصة البقرة كيف قاؿ هللا تعأب‪:‬‬
‫ا‪١‬بهل بقدرة القادر كتعجيزىا‪ ،‬كأنٌو ٓب يسمع ُب سورة البقرة ٌ‬
‫كقصة عزير‪.‬‬
‫كقصة إبراىيم عليو السبلـ ُب أربع من الطّب‪ٌ ،‬‬
‫ض ىها‪ٌ ،‬‬ ‫ض ًربوهي بًبػ ٍع ً‬
‫اٍي ى‬
‫فالذم جعل ضرب ا‪٤‬بيٌت ببعض البقرة سببا ُب حياتو‪ ،‬كجعل دعاء إبراىيم سببا إلحياء الطيور‪،‬‬
‫تعجب العزير سببا ‪٤‬بوتو كموت ‪ٞ‬باره ٍبٌ إلحيائهما بعد مائة سنة‪ ،‬قادر أف ٯبعل رؤيتو‬
‫كجعل ٌ‬
‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب النوـ سببا لرؤيتو ُب اليقظة‪ .‬كقد ذكر عن بعض الصحابة‪ ،‬كأظنٌو‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب النوـ فتذ ٌكر ىذا‬
‫ابن عبٌاس رضي هللا تعأب عنهما‪ ،‬أنٌو رأل ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬أظنٌها ميمونة‪،‬‬
‫ا‪٢‬بديث كبقي متف ٌكرا فيو‪ٍ ،‬بٌ دخل على بعض أزكاج ٌ‬
‫قصتو فقامت كأخرجت لو مرآتو صلٌى هللا عليو‬
‫فقص عليها ٌ‬
‫ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كٓب‬
‫كسلٌم‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو فنظرت ُب ا‪٤‬برآة فرأيت صورة ٌ‬
‫جرا عن ‪ٝ‬باعة ‪٩‬بٌن كانوا رأكه‬
‫ىلم ٌ‬
‫أرل لنفسي صورة‪ .‬قاؿ‪ :‬كقد ذكر عن السلف كا‪٣‬بلف إٔب ٌ‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب النوـ‪ ،‬ككانوا ‪٩‬بٌن يص ٌدقوف ىذا ا‪٢‬بديث‪ ،‬فرأكه بعد ذلك ُب اليقظة‬
‫كنص ‪٥‬بم عن الوجو الذم يكوف منو‬
‫متشوشْب فأخربىم بتفرٯبها ٌ‬
‫كسألوه عن أشياء كانوا منها ٌ‬
‫فرجها‪ ،‬فجاء األمر كذلك ببل زايدة كال نقص‪ .‬قاؿ‪ :‬كا‪٤‬بنكر ‪٥‬بذا ال ىٱبٍ يل أف يص ٌدؽ بكرامات‬
‫األكلياء أك يك ٌذب هبا‪.‬‬
‫فإ ٍف كاف ىو ‪٩‬بٌن يك ٌذب هبا فقد سقط البحث معو فإنٌو يك ٌذب ٗبا أثبتتو السنٌة ابلدالئل‬
‫الواضحة‪ .‬كإف كاف مص ٌدقا هبا فهذه من ذلك القبيل أل ٌف األكلياء يكشف ‪٥‬بم ٖبرؽ العادة عن‬
‫العلوم كالسفلي فبل ينكرىا مع التصديق بذلك‪ .‬اىػ‪ .‬كبلـ ابن أيب‬
‫ٌ‬ ‫العا‪٤‬بْب‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أشياء عديدة ُب‬
‫‪ٝ‬برة‪.‬‬
‫ٖباص ٗبن فيو األىلية كاإلتٌباع لسنٌتو عليو السبلـ مراده كقوع‬
‫عاـ كليس ٌ‬
‫كقاؿ‪ :‬كقولو أ ٌف ذلك ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪298‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مرة كاحدة ‪ٙ‬بقيقا لوعده الشريف الذم ال‬
‫الرؤاي ا‪٤‬بوعود هبا ُب اليقظة على الرؤاي ُب ا‪٤‬بناـ كلو ٌ‬
‫للعامة قبيل ا‪٤‬بوت عند‬
‫ٱبلف‪ ،‬كأكثر ما يقع ذلك ٌ‬
‫كأما خّبىم فتحصل ‪٥‬بم الرؤاي ُب‬
‫كفاء بوعد‪ٌ .‬‬
‫حٌب يراه ن‬
‫اإلحتضار‪ ،‬فبل ‪ٚ‬برج ركحو من جسده ٌ‬
‫كإما كثّبا حسب اجتهادىم ك‪٧‬بافظتهم على السنٌة‪ ،‬كاالختبلؼ ابلسنٌة‬ ‫طوؿ حياهتم‪ٌ ،‬إما قليبل ٌ‬
‫مانع كبّب‪ .‬كقاؿ ابن ا‪٢‬باج ُب ا‪٤‬بدخل‪ :‬رؤيتو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب اليقظة ابب ضيٌق‬
‫كقل من يقع لو ذلك إالٌ إف كاف عل صفة عزيز كجودىا ُب ىذه األزماف‪ ،‬بل عدمت غالبا‪ ،‬مع‬
‫ٌ‬
‫أنٌنا ال ننكر من يقع لو ىذا من األكابر الذين حفظهم هللا تعأب ُب ظواىرىم كبواطنهم‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب اليقظة كعلٌل ذلك أب ٍف‬
‫كقاؿ‪ :‬قد أنكر بعض علماء الظاىر رؤية ٌ‬
‫كالنيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ُب دار البقاء كالرائي‬
‫قاؿ‪ :‬العْب الفانية ال ترل العْب الباقية‪ٌ ،‬‬
‫كيرده أب ٌف ا‪٤‬بؤمن إذا‬
‫ٰبل ىذا اإلشكاؿ ٌ‬
‫‪٧‬بمد بن أيب ‪ٝ‬برة ٌ‬
‫ُب دار الفناء‪ .‬كقد كاف سيٌدم أبو ٌ‬
‫مرة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كل يوـ سبعْب ٌ‬
‫مات يرل هللا كىو ال ٲبوت‪ ،‬كالواحد منهم ٲبوت ُب ٌ‬
‫كقاؿ القاضي شرؼ الدين ىبة هلل بن عبد الرحيم البارزم ُب كتاب توثيق عرل اإلٲباف‪ :‬قاؿ‬
‫رهبم‬
‫كردت إليهم أركاحهم‪ ،‬فهم أحياء عند ٌ‬
‫البيهقي ُب كتاب االعتقاد‪ :‬األنبياء بعدما قبضوا ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ليلة ا‪٤‬بعراج ‪ٝ‬باعة منهم‪ ،‬كأخرب‪ ،‬كخربه‬
‫كالشهدء‪ .‬كقد رأل ٌ‬
‫حرـ على األرض أف أتكل ‪٢‬بوـ‬
‫صدؽ‪ ،‬أ ٌف صبلتنا معركضة عليو كأ ٌف سبلمنا يبلغو كأ ٌف هللا تعأب ٌ‬
‫األنبياء‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫قاؿ البارزم‪ :‬كقد ‪٠‬بع عن ‪ٝ‬باعة من األكلياء‪ُ ،‬ب زماننا كقبلو‪ ،‬أ ٌهنم رأكا ٌ‬
‫كسلٌم يقظة حياة بعد كفاتو‪ ،‬كقاؿ الشيخ صفاء الدين بن أيب منصور ُب رسالتو كالشيخ عفيف‬
‫الدين اليافعي ُب ركض الرايحْب‪ :‬قاؿ الشيخ الكبّب قدكة الشيوخ العارفْب كبركة أىل زمانو أبو‬
‫توجهت ألدعو هللا فقيل ٕب‪ :‬ال تدع‪ ،‬فما‬
‫عبد هللا القرشي‪٤ :‬بٌا جاء الغبلء الكبّب إٔب داير مصر ٌ‬
‫يسمع ألحد منكم ُب ىذا األمر بعد دعاء‪ .‬كسافرت إٔب الشاـ‪.‬‬

‫فلما كصلت إٔب قرب ضريح ا‪٣‬بليل عليو السبلـ تل ٌقا٘ب ا‪٣‬بليل‪ ،‬فقلت‪ :‬اي رسوؿ هللا إجعل‬
‫ٌ‬
‫ففرج هللا تعأب عنهم‪ .‬قاؿ اليافعي‪ :‬كقولو " تل ٌقا٘ب‬
‫ضيافٍب عندؾ الدعاء ألىل مصر‪ ،‬فدعا ‪٥‬بم‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٣‬بليل " قوؿ ح ٌق ال ينكره إالٌ جاىل ‪٤‬بعرفة ما يرد عليهم من األحواؿ الٍب يشاىدكف فيها‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫ملكوت السماكات كاألرض‪ ،‬كينظركف األنبياء أحياء غّب أموات كما نظر ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪299‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كسلٌم إٔب موسى عليو السبلـ ُب األرض كنظره أيضا ك ‪ٝ‬باعة من األنبياء ُب السموات ك‪٠‬بع‬
‫منهم ‪٨‬باطبات‪.‬‬
‫كقد ثبت أ ٌف ما جاز لؤلنبياء معجزة جاز لؤلكلياء كرامة بشرط عدـ التح ٌدم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ سراج الدين بن ا‪٤‬بل ٌقن ُب طبقات األكلياء‪ :‬قاؿ الشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب‪ :‬رأيت‬
‫بِب ًٓبى ال تتكلٌم؟ فقلت‪ :‬اي أبتاه أان رجل‬
‫رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم قبل الظهر فقاؿ ٕب‪ :‬اي ٌ‬
‫أعجمي كيف أتكلٌم مع فصحاء بغداد؟ فقاؿ‪ :‬إفتح فاؾ‪ ،‬ففتحتو‪ ،‬فتفل فيو سبعا كقاؿ‪ :‬تكلٌم‬ ‫ٌ‬
‫على الناس كادعو إٔب سبيل ربٌك اب‪٢‬بكمة كا‪٤‬بوعظة ا‪٢‬بسنة‪ .‬فصلٌيت الظهر كجلست‪،‬‬
‫علي‪.‬‬
‫كحضرتِب خلق كثّب فارتج َّ‬
‫بِب ٓب ال تتكلٌم؟ إْب‪ .‬كقاؿ أيضا ُب تر‪ٝ‬بة الشيخ‬
‫فرأيت عليٌا قائما إبزائي ُب اجمللس‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اي ٌ‬
‫خليفة النهر ملكي‪ :‬كاف كثّب الرؤاي لرسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فكاف يقوؿ أ ٌف أكثر أفعالو‬
‫أحداىن‪ :‬اي‬
‫ٌ‬ ‫مرة قاؿ لو ُب‬
‫كإما مناما‪ ،‬رآه ُب ليلة كاحدة سبعة عشرة ٌ‬
‫متل ٌقاة أبمر منو ٌإما يقظة ٌ‬
‫مِب‪.‬‬
‫خليفة ال تضجر ٌ‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الغ ٌفار بن نوح القرمِب ُب كتاب التوحيد‪ :‬من أصحاب الشيخ أيب ٰبي أيب عبد‬
‫حٌب‬
‫كل ساعة ٌ‬
‫هللا اإلسوائي‪ ،‬ا‪٤‬بقيم إب‪ٟ‬بيم‪ ،‬كاف ٱبرب أنٌو رأل رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ٌ‬
‫‪ٛ‬بر ساعة إالٌ كٱبرب عنو‪ .‬قاؿ ُب التوحيد أيضا‪ :‬كاف للشيخ أيب العبٌاس ا‪٤‬برسي كصلة‬‫ال تكاد ٌ‬
‫ابلنيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كٯباكبو إذا ‪ٙ‬ب ٌدث معو‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كقاؿ الشيخ اتج الدين بن عطاء هللا ُب لطائف ا‪٤‬بنن‪ :‬قاؿ رجل للشيخ أيب العبٌاس ا‪٤‬برسي اي‬
‫سيٌدم صافحِب بكفك ىذه‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كهللا ما صافحت بك ٌفي ىذه إالٌ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم‪ .‬كقاؿ الشيخ صفاء الدين بن أيب منصور ُب رسالتو‪ ،‬كالشيخ عبد الغفار ُب التوحيد‪:‬‬
‫يحكي عن الشيخ أاب ا‪٢‬بسن الوانئي قاؿ‪ :‬أخرب٘ب الشيخ أبو العبٌاس الطنجي قاؿ‪ :‬كردت على‬
‫سيٌدم أ‪ٞ‬بد بن الرفاعي فقاؿ‪ :‬ما أان شيخك إ ٌ٭با شيخك عبد الرحيم بقنا‪ ،‬ير ٍح إليو‪.‬‬
‫فسافرت إٔب قنا فدخلت على الشيخ عبد الرحيم فقاؿ ٕب‪ :‬أعرفت رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو‬
‫حٌب تعرؼ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫رح إٔب بيت ا‪٤‬بقدس ٌ‬
‫كسلٌم؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ ٕب‪ٍ :‬‬
‫كالكرسي ‪٩‬بلوءة‬
‫ٌ‬ ‫فرحت إٔب بيت ا‪٤‬بقدس‪ ،‬فحْب كضعت رجلي كإذا ابلسماء كاألرض كالعرش‬
‫من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فرجعت إٔب الشيخ‪ ،‬فقاؿ ٕب‪ :‬أعرفت رسوؿ هللا صلٌى هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪300‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليو كسلٌم؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ اآلف كملت طريقتك‪ٓ ،‬ب تكن األقطاب أقطااب كاألكاتد أكاتدا‬
‫كاألكلياء أكلياء إالٌ ٗبعرفة رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫أجل أصحاب الشيخ‬
‫كقاؿ الشيخ صفاء الدين‪ :‬رأيت الشيخ ا‪١‬بليل الكر‪ٙ‬ب أاب عبد هللا القرطيب ٌ‬
‫ابلنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كصلة كأجوبة‬
‫القرشي‪ ،‬ككاف أكثر إقاماتو اب‪٤‬بدينة النبويٌة‪ ،‬ككاف لو ٌ‬
‫ٌ‬
‫كتوجو هبا إٔب مصر‬
‫كرد السبلـ‪ٞ .‬بٌلو رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم رسالة للملك الكامل ٌ‬
‫ٌ‬
‫كأداىا كدعا إٔب ا‪٤‬بدينة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كقاؿ اليافعي ُب ركض الرايحْب‪ :‬أخرب٘ب بعضهم أنٌو يرل حوؿ الكعبة ا‪٤‬ببلئكة كاألنبياء‪ ،‬كأكثر‬
‫إب ‪ٝ‬باعة كثّبة من األنبياء‪ ،‬كذكر أنٌو يرل‬
‫ما يراه ليلة ا‪١‬بمعة كليلة اإلثنْب كليلة ا‪٣‬بميس‪ ،‬كع ٌد ٌ‬
‫معْب ٯبلس فيو حوؿ الكعبة كٯبلس معو أتباعو من أىلو كمراتبو‬
‫كل كاحد منهم ُب موضع ٌ‬
‫ٌ‬
‫كأصحابو‪ ،‬كذكر أ ٌف نبيٌنا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٯبتمع عليو من أكلياء هللا تعأب خلق ال ٰبصي‬
‫عددىم إالٌ هللا تعأب كال ٯبتمع على سائر األنبياء‪.‬‬

‫كذكر أ ٌف إبرىيم كأكالده ٯبلسوف بقرب ابب الكعبة ٕبذاء مقامو ا‪٤‬بعركؼ‪ ،‬كموسى ك‪ٝ‬باعة من‬
‫األنبياء بْب الركنْب اليمانْب‪ ،‬كعيسى ك‪ٝ‬باعة منهم ُب جهة ا‪٢‬بجر‪ .‬كرأل نبيٌنا صلٌى هللا تعأب‬
‫عليو كسلٌم جالسا عند الركن اليما٘ب مع أىل بيتو كأصحابو كأكلياء ٌأمتو‪.‬‬
‫الوٕب‪ :‬ىذا‬
‫كحكي عن بعض األكلياء أنٌو حضر ‪٦‬بلس فقيو‪ ،‬فركل ذلك الفقيو حديثا‪ ،‬فقاؿ لو ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كاقف على‬
‫ابطل‪ ،‬فقاؿ الفقيو‪ :‬من أين لك ىذا؟ فقاؿ‪ :‬ىذا ٌ‬
‫أ٘ب ٓب أقل ىذا ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫رأسك يقوؿ ٌ‬
‫كُب كتاب ا‪٤‬بنح اإل‪٥‬بيٌة ُب مناقب السادات الوفائيٌة البن فارس قاؿ‪٠ :‬بعت سيٌدم عليٌا رضي‬
‫هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬كنت‪ ،‬كأان ابن ‪ٟ‬بس سنْب‪ ،‬أقرأ القرآف عل رجل يقاؿ لو الشيخ يعقوب‪،‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم يقظة ال مناما كعليو قميص أبيض قطن‪ٍ ،‬بٌ رأيت‬
‫فأتيتو يوما فرأيت ٌ‬
‫فلما بلغت‬
‫عِب‪ٌ .‬‬
‫علي‪ ،‬فقاؿ ٕب‪ :‬إقرأ‪ ،‬فقرأت عليو سورة كالضحى كأٓب نشرح‪ٍ ،‬بٌ غاب ٌ‬
‫القميص ٌ‬
‫إحدل كعشرين سنة أحرمت لصبلة الصبح ابلقرافة فرأيتو صلٌى هللا عليو كسلٌم قبالة كجهي‬
‫فعانقِب‪ ،‬كأما بنعمة ربٌك فح ٌدث‪ ،‬فأكتيت لسانو من ذلك الوقت‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫فلما كقف ٘باه ا‪٢‬بجرة الشريفة أنشد‪:‬‬
‫حج سيٌدم أ‪ٞ‬بد الرفاعي‪ٌ ،‬‬
‫كُب بعض اجملامع‪ٌ ،‬‬
‫عِب كىي انئبٍب‬
‫ُب حاؿ البعد ركحي كنت أرسلها ‪ ...‬تقبٌل األرض ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪301‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كىذه نوبة األشباح قد حضرت ‪ ...‬فامدد ٲبينك كي ‪ٙ‬بظى هبا شفٍب‬
‫فخرجت اليد الشريفة من القرب فقبٌلها‪.‬‬
‫كٓب ‪ٛ‬بتنع رؤية ذاتو الشريفة ٔبسده كركحو كذلك ألنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كسائر األنبياء‪،‬‬
‫كالتصرؼ ُب ا‪٤‬بلكوت‬
‫ٌ‬ ‫ردت إليهم أركاحهم بعدما قبضوا كأذف ‪٥‬بم ُب ا‪٣‬بركج من القبور‬
‫أحياء ٌ‬
‫كالسفلي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫العلوم‬
‫ٌ‬
‫رهبم كالشهداء‪.‬‬
‫النبوة‪ :‬أحياء عند ٌ‬
‫كقد ألٌف البيهقي جزءا ُب حياة األنبياء‪ ،‬كقاؿ ُب دالئل ٌ‬
‫كقاؿ األستاذ أبو منصور عبد القاىر بن طاىر البغدادم‪ :‬ا‪٤‬بتكلٌموف احمل ٌققوف من أصحابنا أ ٌف‬
‫يسر بطاعة ٌأمتو كٰبزف ٗبعاصي العصاة منهم‪،‬‬‫حي بعد كفاتو‪ ،‬كأنٌو ٌ‬
‫نبيٌنا صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫كأنٌو تبلغو صبلة من يصلٌي عليو من ٌأمتو‪ .‬كقاؿ‪ :‬األنبياء ال يبلوف كال أتكل األرض منهم شيئا‪.‬‬
‫كقد مات موسى ُب زمانو كأخرب نبيٌنا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أنٌو رآه ُب السماء الرابعة كرآل‬
‫آدـ كإبراىيم‪.‬‬
‫صح لنا ىذا األصل قلنا نبيٌنا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم قد صار حيٌا بعد كفاتو كىو على‬
‫كإذا ٌ‬
‫نبوتو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كقاؿ القرطيب ُب التذكرة ُب حديث الصعقة نقبل عن شيخو‪ :‬ا‪٤‬بوت ليس بعدـ ‪٧‬بض كإ ٌ٭با ىو‬
‫كيدؿ ذلك أ ٌف الشهداء بعد قتلهم كموهتم أحياء يرزقوف فرحْب‬
‫انتقاؿ من حاؿ إٔب حاؿ‪ٌ ،‬‬
‫مستبشرين‪ ،‬كىذه صفة األحياء ُب الدنيا‪ .‬كإذا كاف ىذا ُب الشهداء فاألنبياء أح ٌق من ذلك‪.‬‬
‫صح أ ٌف األرض ال أتكل أجساد األنبياء‪ ،‬كأنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم اجتمع ابألنبياء ليلة‬
‫كقد ٌ‬
‫اإلسراء ُب بيت ا‪٤‬بقدس كُب السماء‪ ،‬كرآل موسى قائما يصلٌي ُب قربه‪ ،‬كأخرب صلٌى هللا عليو‬
‫يرد السبلـ على من يسلٌم عليو‪ ،‬إٔب غّب ذلك ‪٩‬بٌا ٰبصل من ‪ٝ‬بلتو القطع أب ٌف موت‬
‫كسلٌم أنٌو ٌ‬
‫األنبياء إ ٌ٭با ىو راجع إٔب أف غيٌبوا عنٌا ٕبيث ال ندركهم كإف كانوا موجودين أحياء‪ ،‬ككذلك‬
‫خصو هللا تعأب بكرامة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ا‪٢‬بياة ُب ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬فإ ٌهنم موجودكف أحياء كال يراىهم أحد إالٌ من ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب‬
‫كأخرج أبو يعلى ُب مسنده كالبيهقي ُب كتاب حياة األنبياء عن أنس أ ٌف ٌ‬
‫النيب صلٌى‬
‫عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬األنبياء أحياء ُب قبورىم يصلٌوف"‪ .‬كأخرج البيهقي عن أنس عن ٌ‬
‫هللا تعأب عليو كسلٌم أنٌو قاؿ‪" :‬إ ٌف األنبياء ال يَبكوف بعد أربعْب ليلة كلكنهم يصلٌوف بْب يدم هللا‬
‫حٌب ينفخ ُب الصور"‪ ،‬كركل سفياف الثورم ُب ا‪١‬بامع قاؿ‪ :‬قاؿ شيخ لنا عن سعيد بن‬
‫تعأب ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪302‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫حٌب يرفع"‪ ،‬قاؿ البيهقي فعلى ىذا‬
‫نيب ُب قربه أكثر من أربعْب ليلة ٌ‬
‫ا‪٤‬بسيٌب قاؿ‪" :‬ما مكث ٌ‬
‫يصّبكف كسائر األحياء يكونوف حيث ينز‪٥‬بم هللا تعأب‪.‬‬
‫كركل عبد الرزاؽ ُب مصنٌفو عن الثورم عن أيب ا‪٤‬بقداـ عن سعيد بن ا‪٤‬بسيب قاؿ‪" :‬ما مكث‬
‫نيب ُب األرض أكثر من أربعْب يوما"‪ ،‬كأبو ا‪٤‬بقداـ ىو اثبت بن ىرمز الكوُب شيخ صاّب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كأخرج ابن حبٌاف ُب اترٱبو كالطربا٘ب ُب الكبّب كأبو نعيم ُب ا‪٢‬بلية عن أنس قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫نيب ٲبوت كيقيم ُب قربه إالٌ أربعْب صباحا"‪.‬‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬ما من ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قاؿ‪" :‬أان‬
‫كقاؿ إماـ ا‪٢‬برمْب ُب النهاية ٍبٌ الرافعي ُب الشرح‪ :‬ركم أ ٌف ٌ‬
‫ريب من أف يَبكِب ُب قربم بعد ثبلث"‪ ،‬زاد إماـ ا‪٢‬برمْب "أكثر من يومْب"‪ ،‬كذكر أبو‬
‫أكرـ على ٌ‬
‫ا‪٢‬بسن بن الزغوا٘ب ا‪٢‬بنبلي ُب بعض تصانيفو حديث "أ ٌف هللا ال يَبؾ نبيٌا ُب قربه أكثر من نصف‬
‫يوـ"‪ ،‬كقاؿ اإلماـ بدر الدين بن الصاحب ُب تذكرتو " فصل ُب حياتو صلٌى هللا عليو كسلٌم بعد‬
‫دؿ على ذلك تصريح ا‪٤‬بشايخ كإٲباؤىم‪ ،‬كمن القرآف قولو تعأب‪ :‬ىكىال‬
‫موتو ُب الربزخ "‪ :‬كقد ٌ‬
‫ين قيتًليوا ًُب ىسبً ً‬
‫يل‬ ‫ى‪ٙ‬بٍس َّ َّ ً‬
‫َب الذ ى‬ ‫ىى‬
‫ىحيىاءه ًع ٍن ىد ىرٌهبًً ٍم ييػ ٍرىزقيو ىف‪ .‬ىذه ا‪٢‬بالة‪ ،‬كىي ا‪٢‬بياة ُب الربزخ بعد ا‪٤‬بوت‪ ،‬حاصلة‬ ‫ًَّ‬
‫اَّلل أ ٍىم ىو ناات بى ٍل أ ٍ‬
‫األمة من الشهداء‪ ،‬كحا‪٥‬بم أعلى كأفضل ‪٩‬بٌن ٓب تكن لو ىذه ا‪٤‬برتبة ال سيما ُب الربزخ‪،‬‬
‫آلحاد ٌ‬
‫نيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬بل إ ٌ٭با حصلت ‪٥‬بم ىذه‬
‫األمة أعلى من مرتبة ٌ‬
‫كال تكوف رتبة أحد من ٌ‬
‫للنيب صلٌى‬
‫ا‪٤‬برتبة بتزكيتو كتبعيٌتو‪ ،‬كأيضا فإ ٌ٭با استح ٌق ىذه الرتبة ابلشهادة‪ ،‬كالشهادة حاصلة ٌ‬
‫هللا عليو كسلٌم على أًبٌ الوجوه‪ ،‬قاؿ عليو الصبلة السبلـ‪" :‬مررت على موسى ليلة أسرم يب‬
‫عند الكثيب األ‪ٞ‬بر كىو قائم‬
‫يصلٌي ُب قربه"‪ ،‬كىذا صحيح ُب إثبات ا‪٢‬بياة ‪٤‬بوسي‪ ،‬فإنٌو كصفو ابلصبلة كأنٌو كاف قائما‪ ،‬مثل‬
‫ىذا ال توصف بو الركح كإ ٌ٭با يوصف بو ا‪١‬بسد‪ .‬كُب ‪ٚ‬بصيصو ابلقرب فإ ٌف أحدا ٓب يقل أركاح‬
‫األنبياء مسجونة ُب القرب مع األجساد كأركاح الشهداء كا‪٤‬بؤمنْب ُب ا‪١‬بنٌة‪ .‬كُب حديث ابن‬
‫أم كاد ىذا‬
‫عبٌاس‪" :‬سران مع رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب م ٌكة كا‪٤‬بدينة فمرران بواد فقاؿ ٌ‬
‫كأ٘ب أنظر إٔب موسى كاضعا إصبعو ُب أذنيو لو جؤاار إٔب هللا تعأب ابلتلبية‬
‫فقلنا كاد األزرؽ فقاؿ ٌ‬
‫حٌب أتينا على ثنية قاؿ‬
‫مارا هبذا الوادم ٍبٌ صران ٌ‬
‫ٌ‬
‫مارا هبذا الوادم ملبٌيا"‪ ،‬كسئل ىنا كيف‬
‫كأ٘ب أنظر إٔب يونس على انقة ‪ٞ‬براء عليو جبٌة صوؼ ٌ‬
‫ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪303‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حجهم كتلبيتهم كىم أموات كُب األخرل كليست دار عمل؟ فأجيب أب ٌف الشهداء أحياء‬
‫ذكر ٌ‬
‫كيتقربوا ٗبا ستطاعوا‪ ،‬كإهنٌم‪ ،‬كإف كانوا ُب األخرل‪،‬‬
‫ٰبجوا كيصلٌوا ٌ‬
‫رهبم يرزقوف‪ ،‬فبل يبعد أف ٌ‬
‫عند ٌ‬
‫حٌب إذا فنيت كأعقبتها األخرل‪ ،‬الٍب ىي دار ا‪١‬بزاء‪،‬‬
‫فإهنم ُب ىذه الدنيا‪ ،‬الٍب ىي دار العمل‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫إنقطع العمل‪ .‬ىذا لفظ القاضي عياض رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬

‫ٰبجوف أبجسادىم كيفارقوف قبورىم‪ ،‬فكيف يستنكر مفارقة‬


‫فإذا كاف القاضي عياض يقوؿ أ ٌهنم ٌ‬
‫النيب‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم لقربه؟ فحصل من ‪٦‬بموع ىذه النقوؿ كاألحاديث أ ٌف ٌ‬ ‫ٌ‬
‫يتصرؼ كيسّب حيث يشاء ُب أقطار األرض‬
‫حي ٔبسده كركحو‪ ،‬كأنٌو ٌ‬ ‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ٌ‬
‫ُب ا‪٤‬بلكوت كىو هبيئتو الٍب كاف عليها قبل كفاتو ٓب يتب ٌدؿ منو شيء‪ ،‬كأنٌو مغيٌب عن األبصار‬
‫عمن أراد إكرامو‬
‫كما غيٌبت ا‪٤‬ببلئكة مع كوهنم أحياء أبجسادىم‪ ،‬فإذا أراد هللا رفع ا‪٢‬بجاب ٌ‬
‫برؤيتو رآه على ىيئتو الٍب ىو عليها‪ ،‬ال مانع من ذلك كال داعي إٔب‬
‫التخصيص برؤية ا‪٤‬بثاؿ‪ .‬اىػ‪ .‬ما أردان نقلو من كبلـ السيوطي مل ٌخصا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كإذا نظرت ك‪ٙ‬ب ٌققت ٔبميع ما تق ٌدـ من ٌأكؿ الفصل إٔب ىنا ظهر لك ظهورا ال غبار عليو‬
‫ي‬
‫‪٧‬بمد التجا٘ب سقاان هللا تعأب من‬
‫أ ٌف اجتماع القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ شيخنا أ‪ٞ‬بد بن ٌ‬
‫ٕبره أبعظم األكا٘ب كرزقنا جواره ُب دار التها٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو بسيٌدان رسوؿ‬
‫هللا صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم يقظة ال مناما كأخذه رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو عن‬
‫سيٌدان ج ٌده رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم مشافهة منو صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم إليو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كأعاد علينا من بركاتو دنيا كبرزخا كأخرل‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كمعو ا‪٣‬بلفاء األربعة رضي هللا تعأب عنهم أبجسادىم‬
‫كحضور ٌ‬
‫أم مكاف شاؤكا‪ ،‬كال ينكره إالٌ‬ ‫أم ‪٦‬بلس خّب أك ٌ‬ ‫كأركاحهم عند قراءة جوىرة الكماؿ كعند ٌ‬
‫مهدم إالٌ من ىداه هللا تعأب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الطلبة ا‪١‬بهلة األغبياء كا‪٢‬بسدة ا‪٤‬بردة األشقياء‪ ،‬ال‬

‫كأما نشر الثياب فإ ٌ٭با يفعل لعدـ طهارة جزما أك ظنٌا أك ش ٌكا كأف يبسط ا‪٤‬بصلٌي ثواب طاىرا‬
‫ٌ‬
‫على فراش غّب طاىر ليصلٌي عليو كما ىو ُب كتب الفقو‪ ،‬كذلك ظاىر‪ .‬كقد سألت عن ذلك‬
‫‪٧‬بمد الغإب الشريف ا‪٢‬بسِب التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو بعد ا‪٤‬بغرب ك‪٫‬بن ُب ا‪٤‬بدينة‬
‫سيٌدم ٌ‬
‫ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبل كالسبلـ ُب مسجده صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فأجابِب‪ :‬أنٌو قاؿ‬
‫ٌ‬
‫للشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو يوما‪ :‬اي سيٌدم‪ ،‬إ ٌان ‪٬‬باؼ ُب بعض ا‪٤‬بواضع عدـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪304‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫طهارهتا أك طهارة فراشها فكيف نصنع إذا أردان الذكر؟ فقاؿ‪ :‬إ ٌف الشيخ قاؿ‬
‫لو " أبسطوا شيئا طاىرا على ما ‪ٚ‬بافوف عدـ طهارتو كاجلسوا عليو "‪.‬‬
‫ىذا ىو ا‪٢‬ب ٌق‪ ،‬كا‪٢‬ب ٌق أح ٌق أف يتٌبع‪ ،‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثا٘ب كالثبلثوف‬

‫ُب ذكر شرائط طريقتنا األ‪ٞ‬بديٌة األبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة‪.‬‬


‫كأقوؿ‪ ،‬كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف شركط طريقتنا ىذه‬
‫ثبلث كعشركف شرطا‪ ،‬فمن استكملها كلٌها كٓب يتخلٌف عنو كاحد منها فهو من أىل الطريقة‬
‫ا‪٤‬بقربْب األعلْب‪ ،‬كمن ٓب يستكملها كاستكمل أحد كعشرين شرطا‬
‫الفائزين احملبوبْب ٌ‬
‫من الشركط الٍب أع ٌدىا على الَبتيب الذم سَباه فهو من الرإبْب احملبوبْب كإ ٍف ٓب يساكم‬
‫األكٔب‪ ،‬كمن ٓب يستكملها فليس من أىل الطريقة‪.‬‬
‫األكؿ‪ ،‬كوف الشيخ الذم يل ٌقن األذكار مأذكان لو ابلتلقْب من القدكة أك ‪٩‬بٌن أ ًيذف لو إ ٍذ نان‬
‫ٌ‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫كالثا٘ب‪ ،‬أف يكوف طالب التلقْب خإب عن كرد من أكراد ا‪٤‬بشايخ البلٌزمة لطرقهم أك منسلخا عنو‬
‫إف كاف موجودا غّب راجع إليو أبدا‪.‬‬

‫كالثالث‪ ،‬عدـ زايرة كاحد من األكلياء األحياء كاألموات‪ ،‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬إعلم أ ٌف ىذا‬
‫الورد العظيم ال يل ٌقن ‪٤‬بن لو كرد من أكراد ا‪٤‬بشايخ رضي هللا تعأب عنهم إالٌ إف تركو كانسلخ عنو‬
‫ا‪٣‬باص كإالٌ فليَبكو ىو ككرده أل ٌف أكراد‬
‫ٌ‬ ‫كال يعود إليو أبدا‪ ،‬فعند ذلك يل ٌقنو ىمن لو اإل ٍذف‬
‫ا‪٤‬بشائخ كلٌهم رضي هللا تعأب عنهم على ىدل كبيٌنة‪ ،‬ككلٌها مسلكة كموصلة إٔب هللا تعأب‪.‬‬
‫تكربا كاستعبلء على ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬كبلٌ كحاشا كمعاذ هللا‪ ،‬بل ىذا الشرط مشركط ُب‬
‫كىنا منٌا ليس ٌ‬
‫طريقتنا ال غّب‪ ،‬فمن أراد الدخوؿ فيها فبل ب ٌد لو من ىذا الشرط كال خوؼ عليو من صاحبو ٌأاي‬
‫كل ضرر يلحقو ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كال يلحقو‬
‫كاف من األكلياء االحياء كاألموات‪ ،‬كىو آمن من ٌ‬
‫ضرر ال من شيخو كال من غّبه كال من هللا كرسولو بوعد صادؽ ال خلف فيو‪ ،‬كمن أىب ا‪٣‬بركج‬
‫عن كرد شيخو الذم بيده فبل شيء عليو كيَبؾ كردان كٲبكث على كرده كطريقتو فهو على‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪305‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىدل من ربٌو كما ق ٌدمنا‪.‬‬
‫كل من أذنتو كأمرتو بتلقْب الورد كإعطاء طريقتنا فبل يل ٌقن أحدا إالٌ هبذا الشرط‪ ،‬فإف خالف‬
‫ك ٌ‬
‫كفعل فقد رفعت عنو اإلذف ال ينفعو ُب نفسو كال من ل ٌقنو ٌإايه‪ ،‬فليحكم ىذا الشرط كيعمل‬
‫عليو‪ .‬ككذلك من أخذ كردان كدخل ُب طريقتنا ال يزكر أحدا من األكلياء األحياء كاألموات‬
‫أئمة الطريق من أ ٌف الشيخ ال ب ٌد أف يكوف مأذكان ُب التلقْب كاالرشاد كأ ٌف‬
‫كأما ما ذكره ٌ‬ ‫أصبل‪ٌ .‬‬
‫التلميذ ال ب ٌد لو من التقيٌد بشيخ كاحد كأنو ال يزكر فقد تق ٌدـ ما فيو كفاية ُب الفصل الثا٘ب‬
‫عشر كُب الفصل التاسع عشر من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ إف شاء هللا‬
‫تعأب‪.‬‬
‫األكؿ‬
‫كالرابع‪ ،‬دكاـ احملافظة على الصلوات ا‪٣‬بمس ُب ا‪١‬بماعات كاألمور الشرعيٌة‪ .‬كُب ا‪١‬بزء ٌ‬
‫من جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كشرطو احملافظة على الصلوات ُب أكقاهتا ُب ا‪١‬بماعة إف أمكن‪ .‬كقاؿ ُب ٌأكؿ‬
‫الرسائل‪ :‬كشرطو احملافظة على الصلوات ُب ا‪١‬بماعة كاألمور الشرعيٌة‪.‬‬

‫كا‪٣‬بامس‪ ،‬دكاـ ‪٧‬ببٌة الشيخ ببل انقطاع إٔب ا‪٤‬بمات كخليفة الشيخ ُب ‪ٝ‬بيع ما كاف للشيخ على‬
‫كل من ٓب يكن من أىل الطريق مق ٌدما كاف أك غّبه ‪٧‬ببٌا‬
‫التبلميذ من ا‪٢‬بقوؽ كالشركط كالشيخ ك ٌ‬
‫للخليفة كما كاف ٯبب عليو أف يكوف للشيخ فليس من الطريقة ُب شيء‪ ،‬كىذا يكوف‬
‫للمق ٌدـ ُب ح ٌق من ل ٌقنو‪ .‬كإذا فهمت ىذا‪ ،‬فاحملبٌة الصادقة‪ ،‬كما ُب اإلبريز كغّبه‪ ،‬أف يكوف‬
‫التلميذ صحيح ا‪١‬بزـ انفذ العزـ ماضي االعتقاد ال يصغى ألحد من العباد قد صلٌى على من‬
‫حٌب يعرؼ‬
‫عدا شيخو صبلتو على ا‪١‬بنازة‪ .‬اىػ‪ .‬قاؿ ُب اإلبريز‪ :‬إ ٌف العبد ال يناؿ معرفة هللا تعأب ٌ‬
‫حٌب يعرؼ شيخو‪ ،‬كال يعرؼ شيخو‬ ‫سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كال يعرؼ سيٌد الوجود ٌ‬
‫ص ًٌل عليهم صبلة ا‪١‬بنازة كانزع من قلبك‬
‫حٌب ٲبوت الناس ُب نظره فبل يراقبهم كال يراعيهم‪ .‬فى ى‬
‫ٌ‬
‫التشوؽ إليهم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كفيو‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن احملبٌة‪ ،‬ىل ‪٥‬با من أمارة كعبلمة؟ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫‪٥‬با أماراتف‪ ،‬األمارة االكٔب أف تكوف راحة ا‪٤‬بريد ُب ذات شيخو فبل يتف ٌكر إالٌ فيها كال ٯبرل إالٌ‬
‫سرا كعبلنية‬
‫حٌب تكوف حركاتو كسكناتو ٌ‬ ‫‪٥‬با كال يهتٌم إالٌ ‪٥‬با كال يفرح إالٌ هبا كال ٰبزف إالٌ عليها ٌ‬
‫حضورا كغيبة ُب مصاّب ذات الشيخ كما يليق هبا كال يبإب بذاتو كال ٗبصا‪٢‬بها‪.‬‬
‫حٌب لو ق ٌدر أ ٌف شيخو ُب بئر كىو ُب صومعة‬
‫األمارة الثانية‪ ،‬األدب كالتعظيم ‪١‬بناب شيخو ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪306‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لرأل بعْب رأسو ىو الذم ُب البئر كأ ٌف شيخو ىو الذم ُب الصومعة لكثرة استبلء تعظيم الشيخ‬
‫على علمو‪ .‬إنتهى‪ .‬كفيو‪ :‬أنٌو سئل عن ا‪٤‬بريد الذم يزيد إذا حضر الشيخ كينقص إذا غاب ٗبا‬
‫هبمتو ٍبٌ إذا غابت بشريٌة‬
‫كادعى أنٌو يربٌيو ٌ‬
‫نصو‪ :‬سيٌدم إذا صحب ا‪٤‬بريد شيخا كامبل عارفا بربٌو ٌ‬
‫ٌ‬
‫الشيخ‪ٗ ،‬بوت أك سفر‪ ،‬ٯبد ا‪٤‬بريد ضعفا من نفسو ُب ا‪٢‬باؿ كالعلم كالعمل‪ ،‬فما معُب تربيتو لو‬
‫كا‪٥‬بمة كانتفاعو بو مع ضعف انتفاعو بو إذا بعد عنو؟‬
‫اب‪٢‬باؿ ٌ‬
‫يريب ا‪٤‬بريد‬
‫كجل‪ ،‬كبو ٌ‬
‫عز ٌ‬‫فأجاب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أ ٌف ٮبٌة الشيخ الكامل ىي نور إٲبانو ابهلل ٌ‬
‫كيرقى من حالة إٔب حالة‪ ،‬فإف كانت ‪٧‬ببٌة ا‪٤‬بريد للشيخ من نور إٲبانو أم ٌده الشيخ حضر أك‬
‫كل قرف يستم ٌدكف من نور‬
‫كمرت عليو اآلالؼ من السنْب‪ ،‬كمن ىنا كاف أكلياء ٌ‬
‫غاب‪ ،‬كلو مات ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم كيربٌيهم كيرقٌيهم عليو أفضل الصبلة كالسبلـ أل ٌف ‪٧‬ببٌتهم فيو‬
‫إٲباف ٌ‬
‫‪٧‬ببٌة صافية خالصة من نور إٲباهنم‪.‬‬
‫كإف كانت ‪٧‬ببٌة ا‪٤‬بريد ُب الشيخ من ذات ا‪٤‬بريد ال من إٲبانو انتفع بو ما داـ حاضرا‪ ،‬فإذا غابت‬
‫الذات كقع االنقطاع‪ .‬كعبلمة ‪٧‬ببٌة الذات أف تكوف ‪٧‬ببٌتو ُب الشيخ لتحصيل نفع أك لدفع ضرر‬
‫دنيوم أك أخركم‪ ،‬كعبلمة ‪٧‬ببٌة اإلٲباف أف تكوف خالصة لوجو هللا ال لغرض من األغراض‪،‬‬
‫فا‪٤‬بريد إذا كجد النقص عن نفسو عند غيبة الشيخ فالتقصّب منو ال للشيخ‪ ،‬كهللا أعلم‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كل مكركه‬
‫كُب بغية السالك‪ :‬الثالث ‪ -‬يعِب من حقوؽ القدكة على التلميذ ‪ -‬إلتزاـ طاعتو ُب ٌ‬
‫ك‪٧‬ببوب بقدكة عزـ كطيب نفس كمسارعة‪ ،‬كليعلم التلميذ أ ٌف الذم يش ٌق على نفسو من طاعة‬
‫قدكتو عاقبة أمره ا‪٣‬بّب كالربكة‪ .‬الرابع‪ ،‬أف ال يؤثر نفسو عل قدكتو بشيء من ا‪٢‬بضوض الدنيويٌة‬
‫كأما الدنيويٌة‬
‫كاألخركيٌة‪ ،‬بل يؤثره على نفسو ٔبميع ذلك‪ٌ .‬أما األخركية فمن عنده جاء أصلها‪ٌ ،‬‬
‫فهي ُب جنب ما انلو على يديو من أمر األخرل شيء اتفو ال قيمة لو‪.‬‬
‫كمن آثر نفسو على قدكتو بشيء من األشياء‪ ،‬كلو ٕبياة ساعة بعده‪ ،‬فقد ٖبسو ح ٌقو كٓب يوفٌو‬
‫كاجبو‪ .‬كمن توابع ذلك أف ال يكتم عنو شيئا من أحوالو الظاىرة كالباطنة‪ ،‬األخركيٌة كالدنيويٌة‪،‬‬
‫كإف كتمو شيئا فقد خانو‪ ،‬كعماد ىذه الشركط كلٌها كذركة سنامها أف يكوف القصد ُب ذلك‬
‫‪٦‬بردا من ‪ٝ‬بيع الشوائب كاألكىاـ‪ ،‬كليعلم ا‪٤‬بريد أ ٌف رضا هللا تعأب‬
‫كجل قصدا ٌ‬
‫عز ٌ‬‫كلٌو رضى هللا ٌ‬
‫ُب رضا قدكتو‪ ،‬فليلتمسو ما استطاع‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ صاحب الرائيٌة‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪307‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفر‬ ‫ً‬
‫ا‪٤‬بهمات كلٌها ‪ ...‬إنٌك تلقي النصر ُب ذلك ٌ‬ ‫كف َّر إليو ُب ٌ‬
‫كقاؿ ُب العوارؼ‪ :‬كليعتقد ا‪٤‬بريد أ ٌف الشيخ ابب فتحو هللا تعأب إٔب جناب كرمو منو يدخل كمنو‬
‫كمهماتو الدينيٌة كالدنيويٌة‪ ،‬كيعتقد أ ٌف الشيخ ينزؿ ابهلل‬
‫ٱبرج كإليو يرجع كينزؿ الشيخ حوائجو ٌ‬
‫الكر‪ٙ‬ب ما ينزؿ ا‪٤‬بريد بو‪ ،‬كيرجع ُب ذلك إٔب هللا تعأب للمريد كما يرجع ا‪٤‬بريد إليو‪ .‬كللشيخ ابب‬
‫يتصرؼ الشيخ ُب ا‪٤‬بريد هبواه‪ ،‬فهو أمانة هلل‬
‫مفتوح من ا‪٤‬بكا‪٤‬بة كاحملادثة ُب النوـ كاليقظة فبل ٌ‬
‫تعأب عنده‪ ،‬كيستغيث إٔب هللا تعأب ٕبوائج ا‪٤‬بريد كما يستغيث ٕبوائج نفسو كمهاـ دينو كدنياه‪،‬‬
‫قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىكىما ىكا ىف لًبى ى‬
‫ش ور‬
‫ٱبتص ابألنبياء‬
‫وال‪ ،‬فإرساؿ الرسوؿ ٌ‬ ‫اَّللي إًَّال ىك ٍحينا أ ٍىك ًم ٍن ىكىر ًاء ًح ىج و‬
‫اب أ ٍىك ييػ ٍر ًس ىل ىر يس ن‬ ‫أى ٍف يي ىكلًٌ ىموي َّ‬
‫كالوحي كذلك‪ ،‬كالكبلـ من كراء حجاب ابإل‪٥‬باـ كا‪٥‬بواتف كا‪٤‬بناـ كغّب ذلك للشيوخ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أيضا‪ :‬كمن األدب مع الشيخ أ ٌف ا‪٤‬بريد إذا كاف لو كبلـ مع الشيخ ُب شيء من أمر دينو‬
‫يتبْب لو من حاؿ الشيخ أنٌو‬‫حٌب ٌ‬ ‫أك دنياه ال يستعجل ابإلقداـ على مكا‪٤‬بة الشيخ كا‪٥‬بجوـ عليو ٌ‬
‫مستع ٌد لو كلسماع كبلمو‪ ،‬فكما أ ٌف للدعاء أكقاات كآدااب كشركطا ألنٌو ‪٨‬باطبة إٔب هللا تعأب‬
‫فللقوؿ مع الشيخ أيضا آداب كشركط‬
‫ألنٌو من معاملة هللا تعأب‪ ،‬كيسأؿ هللا تعأب‪ ،‬قبل الكبلـ مع الشيخ‪ ،‬التوفيق ‪٤‬با ٰببٌو من اآلداب‪.‬‬
‫كُب اإلبريز‪ :‬كقد ‪٠‬بعت الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬الشيخ للمريد ُب درجة ال إلو إالٌ هللا‬
‫‪٧‬بمد رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فإٲبانو معلٌق بو‪ ،‬ككذا سائر أموره الدينيٌة كالدنيويٌة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كأرابب البصائر يشاىدكف ذلك عياان‪.‬‬

‫يظل‬
‫قاؿ‪ :‬ككنت أخرج معو هنع هللا يضر كثّبا كأان ال أعرؼ درجتو‪ ،‬فكاف يقوؿ ٕب‪ :‬مثلك مثل من ٌ‬
‫‪٧‬بل‬
‫احملل الذم ٘بعل فيو رجلك كبيػ ٍعد ٌ‬
‫ٲبشي على أعإب أسوار ا‪٤‬بدينة كشرفاهتا مع ضيق ٌ‬
‫السقوط‪ ،‬فلم أفهم معُب ىذا الكبلـ إالٌ بعد حْب‪ .‬فكاف بعد ذلك إذا جرل ىذا الكبلـ على‬
‫خاطرم ٰبصل ٕب منو ركع عظيم كخوؼ شديد‪.‬‬
‫إ٘ب أخاؼ من هللا تعأب من أمور فعلتها‪ ،‬فقاؿ ٕب‪ :‬ما ىي؟ فذكرت لو ما‬
‫كقلت لو ذات يوـ‪ٌ :‬‬
‫حضر‪ ،‬فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ال ‪ٚ‬بف من ىذه األشياء‪ ،‬كلكن أكرب الكبائر ُب ح ٌقك أف‬
‫تضرؾ ُب دينك كدنياؾ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫‪ٛ‬بر عليك ساعة كال أكوف ُب خاطرؾ‪ ،‬فهذه ىي ا‪٤‬بعصية الٍب ٌ‬
‫ٌ‬
‫مر من ىذا ا‪٤‬بقاـ ُب الفصل السابع عشر كالفصل الثامن عشر كالفصل التاسع عشر ما‬
‫كقد ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪308‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فيو كفاية‪ ،‬فراجعو إف شئت‪.‬‬
‫كالسادس‪ ،‬عدـ األمن من مكر هللا تعأب‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬أىفىأ ًىمنيوا م ٍكر ًَّ‬
‫اَّلل فى ىبل أيٍمن م ٍكر ًَّ‬
‫اَّلل إًَّال‬ ‫ىى ي ى ى‬ ‫ى ى‬
‫كل من كاف ُب ‪٧‬ببٌتنا إٔب‬ ‫الٍ ىقوـ ٍ ً‬
‫ا‪٣‬بىاس يرك ىف‪ ،‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬أبشركا أ ٌف ٌ‬ ‫ٍي‬
‫أم حالة كاف ما ٓب يلبس حلٌة األماف من مكر هللا‪.‬‬ ‫أف مات عليها يبعث من اآلمنْب على ٌ‬
‫كُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن حقيقة ا‪٤‬بكر‪ ،‬فأجاب بقولو‪ :‬حقيقة ا‪٤‬بكر ىو‬
‫إظهار النعمة على العبد كبسطها لو ٍبٌ يدرجو إٔب غاية ا‪٥‬ببلؾ ُب تلك النعمة‪ ،‬كيقوؿ سبحانو‬
‫ا‪٣‬بىٍيػر ً‬ ‫ىٰبسبيو ىف أ َّى٭بىا ي٭بً ُّد يى ٍم بً ًو ًم ٍن ىم و‬
‫اؿ ىكبىنً ى‬
‫ات بىل ىال يى ٍشعي يرك ىف‪ ،‬كصفة العبد‬ ‫سارًعي ى‪٥‬بي ٍم ًُب ٍ ى‬ ‫ْب ني ى‬ ‫كتعأب‪ :‬أ ىٍ ى‬
‫كيطمئن قلبو من خوؼ عذاب هللا تعأب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أف يكوف دائما خائفا من ربٌو ال أيمن على نفسو ٕباؿ‬
‫اب ىرٌهبًً ٍم غىٍيػ ير‬ ‫قاؿ سبحانو كتعأب‪ :‬كالَّ ًذين يىم ًمن ىع ىذ ً ًً ً‬
‫اب ىرٌهب ٍم يم ٍشف يقو ىف إً َّف ىع ىذ ى‬ ‫ى ى ٍ ٍ‬
‫توجع القلب من ش ٌدة‬ ‫مأٍم و‬
‫كىواألكؿ‪ ،‬كىو ا‪٣‬بوؼ كىو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وف‪ ،‬كاإلٲباف لو جناحاف كالطائر‪ ،‬جناح‪،‬‬ ‫ىي‬
‫الوعيد‪ .‬كُب ا‪٢‬بديث قاؿ عليو الصبلة كالسبلـ‪" :‬ا‪٤‬بؤمن من يرل ذنوبو كأنٌو قاعد ‪ٙ‬بت جبل‬
‫مر على أنفو"‪ .‬كا‪١‬بناح الثا٘ب‪ ،‬كىو الرجاء ُب هللا‬
‫ٱباؼ أف يقع عليو كا‪٤‬بنافق يرل ذنوبو كذابب ٌ‬
‫سبحانو كتعأب أبف يغفر لو كال يع ٌذبو كال يتوقٌع فيو األماف‪.‬‬
‫‪ٛ‬بحض الرجاء كحده ببل خوؼ كاف أمنا‪ ،‬كاألمن من مكر هللا تعأب عْب الكفر ابهلل تعأب‪،‬‬
‫فإذا ٌ‬
‫كجل عْب الكفر ابهلل‪،‬‬
‫عز ٌ‬‫كجل‪ ،‬كاليأس من هللا ٌ‬
‫عز ٌ‬‫‪ٛ‬بحض ا‪٣‬بوؼ كحده كاف أيسا من هللا ٌ‬
‫فإذا ٌ‬
‫كالسبلـ‪ُ .‬ب ىذا ا‪٤‬بعُب يقوؿ اإلماـ التسَبم‪:‬‬
‫حٌب تغيب ُب القرب‬
‫كال تريٌن ُب األرض دكنك مؤمنا ‪ ...‬كال كافرا ٌ‬
‫فإ ٌف ختاـ األمر عنك مغيٌب ‪ ...‬كمن ليس ذا خسر ٱباؼ من ا‪٤‬بكر‬
‫‪ ،،‬كالسبلـ‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫األكؿ‪ ،‬كما ُب اإلبريز‪ :‬كال تريٌن أيٌها ا‪٤‬بريد ُب األرض مؤمنا أك كافرا أدٗب منك‬
‫كمعُب البيت ٌ‬
‫كاستمر على ذلك‬
‫ٌ‬ ‫كل أحد‬
‫منزلة كأخفض منك عند هللا مرتبة‪ ،‬بل أعكس األمر كقل إنٌك دكف ٌ‬
‫شر منو فهو‬
‫يظن أ ٌف ُب ا‪٣‬بلق من ىو ٌ‬
‫إٔب أف ‪ٛ‬بوت‪ .‬قاؿ أبو يزيد البسطامي هنع هللا يضر‪ :‬ما داـ العبد ٌ‬
‫لكل أحد على‬
‫متكرب‪ ،‬قيل‪ :‬مٌب يكوف متواضعا؟ قاؿ‪ :‬إذا ٓب ير لنفسو مقاما كال حاال كتواضع ٌ‬
‫ٌ‬
‫قدر معرفتو بربٌو كبنفسو‪ .‬كقاؿ ُب العوارؼ‪ :‬كقد سئل ابن اسباط غاية التواضع؟ فقاؿ‪ :‬أف‬
‫‪ٚ‬برج من بيتك فبل تلقى أحدا ٌإال رأيتو خّب منك‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪309‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كرأيت شيخنا ضياء الدين بن النجيب‪ ،‬ككنت معو ُب سفره إٔب الشاـ‪ ،‬كقد بعث بعض أبناء‬
‫فلما م ٌدت السفر كاألسارل‬
‫الدنيا طعاما على رؤكس األسارل من اإلفرنج كىم ُب قيودىم‪ٌ ،‬‬
‫حٌب يقعد على السفرة مع الفقراء‪،‬‬
‫حٌب تفرع‪ ،‬قاؿ للخادـ‪ :‬أحضر األسارل ٌ‬
‫ينتظركف األكا٘ب ٌ‬
‫سجادتو كمشى إليهم كقعد بينهم‬
‫فجاء هبم كأع ٌدىم على السفرة ص ٌفا كاحدا‪ ،‬كقاـ الشيخ من ٌ‬
‫كالواحد منهم‪ ،‬فاكل كأكلوا‪ ،‬كظهر لنا على كجهو ما انزؿ ابطنو من التواضع هلل سبحانو‬
‫التكرب عليهم إبٲبانو كعلمو كعملو‪.‬‬
‫كاالنكسار ُب نفسو كانسبلخو من ٌ‬
‫علي بن عتيق بن مؤمن القرطيب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬رأيت الشيخ الفقيو أاب‬
‫كقاؿ الشيخ أبو ا‪٢‬بسن ٌ‬
‫‪٧‬بمد عبد هللا بن عبد الر‪ٞ‬بن بن معْب‪ ،‬ككاف من الفقهاء العلماء‪ ،‬يوما كىو ٲبشي ُب يوـ شتاء‬
‫ٌ‬
‫كثّب ا‪٤‬بطر كالطْب‪ ،‬فاستقبلو كلب ٲبشي على الطريق الٍب كاف عليها‪ ،‬قاؿ‪ :‬فرأيتو قد لصق‬
‫فلما قرب منو الكلب رأيتو‬
‫اب‪٢‬بائط كعمل للكلب طريقا ككقف ينتظر ليجوز كحينئذ ٲبشي ىو‪ٌ ،‬‬
‫فلما جاكزه الكلب‬
‫قد ترؾ مكانو الذم كاف فيو كنزؿ أسفل كترؾ الكلب ٲبشي فوقو‪ ،‬قاؿ‪ٌ :‬‬
‫كصلت إليو فوجدت عليو كآبة‪ ،‬فقلت‪ :‬اي سيٌدم رأيتك اآلف صنعت شيئا استغربتو‪،‬‬
‫كيف رميت نفسك ُب الطْب كتركت الكلب ٲبشي ُب ا‪٤‬بوضع النقي؟ فقاؿ ٕب‪ :‬بعد أف عملت‬
‫لو طريقا ‪ٙ‬بت تف ٌكرت كقلت‪ :‬ترفٌعت عن الكلب كجعلت نفسي أرفع منو‪ ،‬بل ىو كهللا أرفع‬
‫أل٘ب عصيت هللا تعأب كأان كثّب الذنوب كالكلب ال ذنب لو‪ ،‬فنزلت لو عن‬
‫مِب كأكٔب ابلكرامة‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬
‫أل٘ب رفعت نفسي‬
‫عِب ٌ‬
‫موضعي كتركتو ٲبشي عليو‪ ،‬كأان اآلف أخاؼ ا‪٤‬بقت من هللا إالٌ أف يعفو ٌ‬
‫مِب‪.‬‬
‫على من ىو خّب ٌ‬
‫فليوجو نفسو إٔب عظمة هللا تعأب فإهنٌا‬
‫كقاؿ ذك النوف رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من اراد التواضع ٌ‬
‫تذكب كتصغر‪ ،‬كمن نظر إٔب عظمة هللا تعأب كسلطانو ذىب عنو سلطاف نفسو أل ٌف النفوس‬
‫كلٌها صغّبة عند ىيبتو‪ ،‬فإذا حصل العبد على ىذا ا‪٤‬بعُب من التواضع تواضع للخلق ال ‪٧‬بالة‬
‫لرؤية نسبتهم من ا‪٢‬ب ٌق تعأب‪ ،‬كلذلك قاؿ ُب العوارؼ‪ :‬كمٌب فإذا حصل العبد على ىذا ا‪٤‬بعُب‬
‫ا‪٣‬باص على بساط القرب ال يتوفٌر حظٌو من التواضع للخلق‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫من التواضع‬
‫كمعُب البيت الثا٘ب‪ ،‬فكما ُب اإلبريز‪ ،‬أ ٌف ا‪٣‬با‪ٛ‬بة ‪٦‬بهولة كجهلها يقتضي ما سبق‪ ،‬كىو أف ال يرل‬
‫أحدا دكنو‪ ،‬فإف كاف الشخص ذا خسر فبل إشكاؿ ُب خوفو‪ ،‬كإف كاف ذا عمل صاّب فإنٌو ال‬
‫ا‪٢‬با‪ٛ‬بي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كمن آداهبم مع هللا تعأب‪ ،‬كقليل‬
‫ٌ‬ ‫أيمن مكر هللا‪ ،‬قاؿ ابن العريب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪310‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل زماف إٔب قلوب عباده ٲبنحهم فيها من معارفو‬
‫فاعلو‪ ،‬أف يعتقد االنساف أ ٌف هلل نظرات ُب ٌ‬
‫كلطائفو ما شاء‪ ،‬فإذا فارؽ شخصا ساعة كاحدة كأعرض عنو نفسا كاحدا كىو جالس معو ٍبٌ‬
‫لعل نظرة حصلت لو من تلك‬
‫عاد إليو فإنٌو يتهيٌأ للقائو اب‪٣‬بدمة كالتعظيم ٌ‬
‫النظرات كحصل هبا فوقو‪ .‬فإف كاف األمر كذلك‪ ،‬يعِب أبف حصلت لو نظرة من تلك النظرات‪،‬‬
‫كَب معو اآلداب‪ ،‬كإف ٓب يكن غّب ذلك‪ ،‬يعِب أبف ٓب ٰبصل لو شيء من تلك النظرات‪ ،‬فقد‬
‫فقد ٌ‬
‫قل أف ترل لو ذائقا‪.‬‬
‫أتدب مع هللا تعأب حيث عاملو ٗبا تقتضيو ا‪٤‬برتبة اإل‪٥‬بيٌة‪ ،‬كىذا مقاـ عزيز ٌ‬
‫ٌ‬
‫ككذلك أيضا إذا شاىدكا عاصيا ُب حاؿ عصيانو ٍبٌ زاؿ عن تلك ا‪٤‬بعصية فإ ٌهنم ال يعتقدكف فيو‬
‫تضره ا‪٤‬بعصية العنتناء البارم بو ُب عاقبة‬
‫سره‪ ،‬كلعلٌو ‪٩‬بٌن ال ٌ‬
‫اإلصرار‪ ،‬كيقولوف‪ :‬لعلٌو اتب ُب ٌ‬
‫أمره‪.‬‬

‫كمن نظر نفسو خّبا من أحد من غّب أف يعرؼ مرتبتو كمرتبة ذلك اآلخر ابلغاية ال ابلوقت فهو‬
‫كجل‪٨ ،‬بدكع ال خّب فيو كلو أعطى من ا‪٤‬بعارؼ ما أعطى‪ .‬كقاؿ أبو طالب‬
‫عز ٌ‬‫جاىل ابهلل ٌ‬
‫ٱبوؼ عباده ٗبا يشاء‬
‫كجل ٌ‬
‫عز ٌ‬
‫ا‪٤‬ب ٌكي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كمن حقوؽ العارفْب علمهم أب ٌف هللا ٌ‬
‫كٱبوؼ العموـ من خلقو ابلتنكيل ببعض ا‪٣‬بصوص من‬
‫من عباده األعلْب ٯبعلهم نكاال لؤلدنْب‪ٌ ،‬‬
‫عباده‪ ،‬حكمة لو كحكما منو‪.‬‬
‫خوؼ هبم ا‪٤‬بؤمنْب‬
‫فعند ا‪٣‬بائفْب ُب علمهم أ ٌف هللا تعأب قد أخرج طائفة من الصا‪٢‬بْب نكاال ٌ‬
‫خوؼ هبم الشهداء‪،‬‬
‫خوؼ هبم الصا‪٢‬بْب كأخرج ‪ٝ‬باعة من الص ٌديقْب ٌ‬ ‫كن ٌكل بطائفة من الشهداء ٌ‬
‫كل مقاـ ًع ىرب ‪٤‬بن دكهنم كموعظة ‪٤‬بن فوقهم ك‪ٚ‬بويف‬
‫كهللا أعلم ٗبا كراء ذلك‪ ،‬فصار من أىل ٌ‬
‫كهتديد ألصحاهبم‪ ،‬كىذا داخل ُب كصف من أكصافو كىو ترؾ ا‪٤‬بباالة ٗبا ظهر من العلوـ‬
‫كاألعماؿ‪ ،‬فلم يسكن عند ذلك أحد من أىل ا‪٤‬بقامات ُب مقاـ كال نظر أحد من أىل األحواؿ‬
‫كل األحواؿ‪.‬‬
‫كجل عآب بو ُب ٌ‬
‫عز ٌ‬‫إٔب حاؿ كال أمن مكر هللا ٌ‬
‫كقاؿ أبو حامد رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إ ٌف األمور مرتبطة اب‪٤‬بشيئة ارتباطا ٱبرج عن ح ٌد ا‪٤‬بعقوالت‬
‫كا‪٤‬بألوفات‪ ،‬كال ٲبكن ا‪٢‬بكم عليها بقياس كال حدس كحسباف فضبل عن التحقيق كاإلستيقاف‪،‬‬
‫الطامة الكربل ىو ارتباط أمرؾ ٗبشيئة من ال يبإب بك‪ٍ .‬بٌ‬
‫كىذا الذم قطع قلوب العارفْب إٔب ٌ‬
‫قاؿ‪ ،‬بعد كبلـ طويل‪ :‬قاؿ بعض العارفْب‪ :‬لو حاؿ بيِب كبْب من عرفتو ‪ٟ‬بسْب سنة ابلتوحيد‬
‫أل٘ب ال أدرم ما ظهر لو من التغليب‪.‬‬
‫إسطوانة‪ ،‬فمات‪ ،‬لى ىما قطعت لو ابلتوحيد‪ٌ ،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪311‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ بعضهم‪ :‬لو كانت الشهادة على ابب الدار كا‪٤‬بوت على اإلسبلـ على ابب ا‪٢‬بجرة‬
‫الخَبت ا‪٤‬بوت على اإلسبلـ أل ٌ٘ب ال أدرم ما يعرض لقليب من ابب ا‪٢‬بجرة إٔب ابب الدار‪.‬‬
‫كىم الذين‬
‫كل حركة ي‬‫كل خطو ك ٌ‬
‫ككاف سهل يقوؿ‪ :‬خوؼ الص ٌديقْب من سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة عند ٌ‬
‫كصفهم هللا تعأب إذ قاؿ تعأب‪ :‬ىكقيػليوبيػ يه ٍم ىك ًجلىةه‪ .‬كقاؿ‪ :‬ككاف سهل يقوؿ‪ :‬ا‪٤‬بريد ٱباؼ من‬
‫ا‪٤‬بعاصي كالعارؼ ٱباؼ أف يبتلى ابلكفر‪.‬‬
‫توجهت إٔب ا‪٤‬بسجد فكأ ٌف ُب كسطي زٌانر أخاؼ أف يذىب إٔب‬
‫إ٘ب إذا ٌ‬
‫ككاف أبو يزيد يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫مرات‪ .‬قاؿ‬
‫كل يوـ ‪ٟ‬بس ٌ‬
‫الزانر‪ ،‬فهو دأيب ٌ‬
‫عِب ٌ‬‫حٌب أدخل ا‪٤‬بسجد فينقطع ٌ‬
‫البيعة أك لبيت النار ٌ‬
‫الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ككقعت حكاية غريبة من ىذا ا‪٤‬بذىب ‪٠‬بعتها من‬
‫شرفها هللا أاب ا‪٢‬بسن عليٌا الصغائي ا‪٥‬بندم‬
‫الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪٠ ،‬بعتو يقوؿ‪ :‬القيت ٗب ٌكة ٌ‬
‫يردىا‬
‫فوجدتو على حالة غريبة كذلك أنٌو إذا أراد أف ٱبطو خطوة يرفع رجلو كيرتعد ُب ا‪٥‬بواء ٍبٌ ٌ‬
‫فَبتعد ٌٍب يعيدىا إٔب انحية ا‪٣‬بطوة فَبتعد كال يكمل‬
‫كل خطوة‪ .‬ككذا إذا رفع طعاما إٔب فيو‬
‫حٌب يقوؿ من رآه ما بو إالٌ ا‪١‬بنوف‪ٍ ،‬بٌ ىكذا ُب ٌ‬
‫ا‪٣‬بطوة ٌ‬
‫يردىا لناحية فمو فَبتعد‪ ،‬كال ٯبعل اللقمة ُب‬
‫يقع لو مثل ذلك فيم ٌد يده لناحية فمو فَبتعد ٍبٌ ٌ‬
‫كل من يراه‪ ،‬كىكذا يقع لو مثل ذلك إذا أراد أف يضطجع‪ .‬كبلغ بو ا‪٢‬باؿ إٔب‬
‫حٌب ير‪ٞ‬بو ٌ‬
‫فيو ٌ‬
‫حٌب كقع لو مثل ذلك ُب تغميض ا‪١‬بفن‬
‫كل حركة اختياريٌة منسوبة إليو‪ٌ ،‬‬
‫أف كقع لو ذلك ُب ٌ‬
‫كفتحو‪.‬‬

‫حٌب ر‪ٞ‬بتو‪ ،‬فقلت لو‪ :‬اي أاب ا‪٢‬بسن ما ىذه ا‪٢‬بالة الٍب‬
‫فلما رأيت منو ذلك أكربِب كأحزنِب غاية ٌ‬
‫ٌ‬
‫اص أصفيائو كمن كرباء العارفْب بو كمن أىل‬
‫أنت عليها كقد جعلك هللا تعأب من أكليائو كخو ٌ‬
‫حل يب ألحد سواكم‬
‫الديواف‪ ،‬كذاتك سليمة صحيحة ال علٌة فيها؟ كقاؿ‪ :‬ما ذكرت ىذا الذم ٌ‬
‫كسأذكره لكم‪ ،‬كىو أ ٌف هللا تعأب‪ ،‬كلو ا‪٢‬بمد‪ ،‬أطلعِب على مشاىدة فعلو ُب ‪٨‬بلوقاتو‪ ،‬فأان أرل‬
‫علي منو شيء‪ٍ ،‬بٌ أطلعِب هللا تبارؾ كتعأب‪ ،‬كلو ا‪٢‬بمد‬
‫فعلو ساراي ُب ا‪٣‬بليقة عياان ال يغيب ٌ‬
‫ٗبحض فضلو‪ ،‬على أسرار فعلو كقضائو كقدره ُب خليقتو‪ ،‬فأان أشاىد‬
‫علي شيء من تلك‬ ‫ً‬
‫تلك األفعاؿ كأعلم ٓبىكانت‪ ،‬كأعلم أسرار القدر فيو ٕبيث ال ٱبفى ٌ‬
‫ظِب‬
‫ُب فوجدتو قد حجبِب عن مشاىدتو كمشاىدة أسراره‪ ،‬فوقع ُب ٌ‬ ‫األسرار‪ٍ ،‬بٌ نظرت إٔب فعلو ٌ‬
‫لشر أراده يب أبف يكوف سخطو تعأب مقركان بفعل من أفعإب‬
‫أنٌو ما حجبِب عن مشاىدتو إالٌ ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪312‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل‬
‫حٌب ال أعلم الذم يكوف ىبلكي بو فأجتنبو‪ ،‬فلذا صرت خائفا من ٌ‬‫فحجبِب عن ا‪١‬بميع ٌ‬
‫كل فعل من أفعإب االختياريٌة أف يكوف ىو سبب ىبلكي‪،‬‬
‫اختيارم منسوب ٕب‪ ،‬ٯبوز ُب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫فعل‬
‫أتضرع إٔب هللا تعأب بظاىرم‬
‫فما من فعل من أفعإب إالٌ كأان خائف منو‪ ،‬فلذا صرت ٌ‬
‫كابطِب كأستحضر ا‪٣‬بوؼ من الذم أريد أف أقدـ عليو كأسألو تعأب أف ال يكوف ذلك الفعل‬
‫الرد‪،‬‬
‫فأردىا كأرتعد خوفا من ٌ‬
‫سببا ‪٥‬ببلكي‪ ،‬كا‪٢‬بركة األكٔب ُب م ٌد رجلي فعل فأرتعد منها فأخاؼ ٌ‬
‫كجل كأذكر لو‬
‫عز ٌ‬‫كل فعل‪ .‬قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فما زلت أذ ٌكره ابهلل ٌ‬
‫كىكذا ُب ٌ‬
‫ظن يب خّبا‬
‫فليظن يب ما شاء فإف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ظن عبدم يب‬
‫القدسي "أان عند ٌ‬
‫ٌ‬ ‫سعة ر‪ٞ‬بتو كقولو ُب ا‪٢‬بديث‬
‫حٌب ظننت أنٌو سّبجع عن حالتو تلك‪ٍ ،‬بٌ عاكده‬
‫أعطيتو خّبا" ا‪٢‬بديث‪ ،‬كىو يسمع لكبلمي ٌ‬
‫كل من رآه ير‪ٞ‬بو كيدعو لو بتعجيل الراحة ‪٥‬بذه أك‬
‫ظنٌو كبقى على حالتو‪ ،‬ك ٌ‬
‫بسر حالو كش ٌدة خوفو‬
‫‪٥‬بذه‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ك‪ٛ‬بنٌيت أف يراه أىل ا‪٢‬بجاب كيعلموف ٌ‬
‫حٌب يعلموا ما ىم عليو من‬
‫كل حركة كسكوف ٌ‬
‫كجل كعظيم مراقبتو لو سبحانو ُب ٌ‬
‫عز ٌ‬‫من هللا ٌ‬
‫كجل‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫عز ٌ‬‫االهنماؾ ُب الشهوات كالقطيعة عن هللا ٌ‬
‫كقاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كإذا تكلٌم أحد ٗبا يشّب إٔب الدعوة كثناء منو على نفسو قابلو ابلعكس‪،‬‬
‫يعِب قابلو الشيخ أ‪ٞ‬بد التجا٘ب هنع هللا يضر ابلعكس‪ ،‬كجعل يتكلٌم ُب عيوب النفس كدسائسها‪ ،‬كيظهر‬
‫لو خسائسها كدقائقها كما اشتملت عليو من العيوب كالنقائص كالرذائل الٍب ىي شأهنا ككصفها‬
‫كال‬
‫‪ٙ‬بب أف تتٌصف إالٌ أبكصاؼ الربوبيٌة كالكرب كالعظمة مع أهنٌا ال ‪ٙ‬بصى معائبها‪ ،‬ك‪٥‬با من النقائص‬
‫ٌ‬
‫مثل ما هلل من الكماالت‪ ،‬يعِب ال هناية‪ ،‬لوال أ ٌف هللا ٰبوؿ بْب ا‪٤‬برء كبينها ‪٥‬بلك‪ ،‬كلو أنٌو خلٌى‬
‫سبيلها لكفر ابهلل كما كفر أبنعمو‪ .‬كيقوؿ‪ :‬إذا أراد هللا تعأب إىبلؾ عبد ككلو إليها ٓب يزده شيئا‬
‫كل خّب‪ ،‬كما جاءه‬
‫عرفو نعمتو كأ‪٥‬بمو شكرىا كجنٌبو كفرىا كذلك ىو أصل ٌ‬
‫كإذا أراد بو ر‪ٞ‬بو ٌ‬
‫خوفو من سطوة هللا تعأب كقهره كسرعة نفوذ قضائو‬
‫أحد مظهرا للرجاء غافبل عن اللجأ إالٌ ٌ‬
‫حٌب يذىب خائفا مذعورا‪.‬‬
‫كأمره ٌ‬
‫ٍ‬
‫عرفو ٗبا جهل عن‬
‫إٔب أف قاؿ‪ :‬كإذا ذكر لو أحد عن نفسو عمبل صا‪٢‬با المو على ذكره أك ٌ‬
‫يتبْب لو أنٌو معلوؿ مدخوؿ‪ ،‬ال يَبؾ ألحد شيئا‬
‫حٌب ٌ‬‫أمره‪ ،‬فأخرج لو دسائس ذلك العمل كعلٌلو ٌ‬
‫يعتمد عليو كال عمبل يستند إليو كال حالة أينس هبا كال الركوف لشيء إالٌ لفضل هللا تعأب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪313‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كر‪ٞ‬بتو‪ .‬ككثّبا ما يستشهد بقولو‪ :‬ما عندان إالٌ فضل هللا كر‪ٞ‬بتو كشفاعة رسوؿ صلٌى هللا عليو‬
‫كسلٌم‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬أقوؿ لكم أ ٌف سيٌد الوجود صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫ضمن لنا أ ٌف من سبٌنا كداـ عل ذلك كٓب يتب ال ٲبوت إالٌ كافرا‪ ،‬كأقوؿ لئلخواف أ ٌف من أخذ‬
‫تضره معصية‪ ،‬أ ٌف من ‪٠‬بع‬
‫كردان ك‪٠‬بع ما فيو من دخوؿ ا‪١‬بنٌة ببل حساب كال عقاب‪ ،‬كأنٌو ال ٌ‬
‫كجل ألجل ما ‪٠‬بع ٌ‬
‫كا‪ٚ‬بذ ذلك حبالة إٔب األماف من عقوبة‬ ‫عز ٌ‬‫ذلك كطرح نفسو ُب معاصي هللا ٌ‬
‫حٌب يسبٌنا‪ ،‬فإذا سبٌنا أماتو هللا تعأب كافرا‪ ،‬فاحذركا‬
‫هللا ُب معاصيو‪ ،‬ألبس هللا تعأب قلبو بغضنا ٌ‬
‫من معاصي هللا تعأب كمن عقوبتو‪.‬‬
‫كمن قضى هللا تعأب عليو بذنب منكم‪ ،‬كالعبد غّب معصوـ‪ ،‬فبل يقربنٌو إالٌ كىو ابكي القلب‬
‫‪٧‬بمد الغإب أ ٌف الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كجل‪ .‬كالسبلـ‪ .‬كأخرب٘ب سيٌدم ٌ‬
‫عز ٌ‬‫خائف من هللا ٌ‬
‫كثّبا ما ينشد ‪٥‬بم‪:‬‬
‫كآمن مكر هللا ابهلل جاىل ‪ ...‬كخائف مكر هللا ابهلل عارؼ‬
‫كال جاىل إالٌ من هللا آمن ‪ ...‬كال عارؼ إالٌ من هللا خائف‬
‫سب كال بغض كال عداكة ُب جانب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫كالسابع‪ ،‬أف ال يصدر منو ٌ‬
‫كالثامن‪ ،‬مداكمة الورد إٔب ا‪٤‬بمات‪.‬‬
‫عِب الورد ا‪٤‬بعلوـ‪ ،‬الذم‬
‫كالتاسع‪ ،‬اإلعتقاد‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬كمن أخذ ٌ‬
‫عمن أذنتو‪ ،‬يدخل ا‪١‬بنٌة ىو ككالداه كأزكاجو كذريٌتو ا‪٤‬بنفصلة عنو ال ا‪٢‬بفدة‬
‫ىو الزـ للطريق‪ ،‬أك ٌ‬
‫سب كال بغض كال عداكة‪ ،‬كيد‪ٙ‬ب ‪٧‬ببٌة الشيخ‬
‫ببل حساب كال عقاب بشرط أف ال يصدر منهم ٌ‬
‫إٔب ا‪٤‬بمات‪ ،‬ككذلك مداكمة الورد إٔب ا‪٤‬بمات‪.‬‬
‫كل من أخذ كردان يبعث من اآلمنْب كيدخل ا‪١‬بنٌة‬ ‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ٌ :‬‬
‫بغّب حساب كال عقاب ىو ككالداه كأزكاجو كذريٌتو ا‪٤‬بنفصلة عنو ال ا‪٢‬بفدة بشرط اإلعتقاد‬
‫كعدـ نكث احملبٌة كعدـ إألمن من مكر هللا كما ق ٌدمنا‪.‬‬

‫كالعاشر‪ ،‬السبلمة من اإلنتقاد‪ .‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬ك‪٩‬بٌا كتب بو سيٌدان كشيخنا رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬بعد البسملة كالصبلة كالسبلـ على رسوؿ هللا صلٌى الل عليو كسلٌم‪،‬‬
‫ليطمئن قلبك كتزيد ‪٧‬ببٌتك‬
‫ٌ‬ ‫كأما ما ذكرت من أنٌك تطلبِب أف أخربؾ ببعض األمور‬
‫إٔب اف قاؿ‪ٌ :‬‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪314‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫كيدكـ سركرؾ‬
‫فأقوؿ لك‪ :‬األكٔب من ذلك الكرامة الٍب شاعت عند ا‪٤‬بعتقد‪ ،‬على رغم ا‪٤‬بنتقد‪ ،‬كىي أعظم‬
‫كل من أخذ كردان كداكـ عليو إٔب ا‪٤‬بمات أنٌو‬
‫تَبجى‪ ،‬كىي أ ٌف ٌ‬
‫خّب يرجى كأفضل ع ٌدة للعامل ٌ‬
‫يدخل ا‪١‬بنٌة بغّب حساب كال عقاب ىو ككالداه كأزكاجو كذريٌتو إف سلم ا‪١‬بميع من اإلنتقاد‪.‬‬
‫كل من أراد أف يعَبض على شيخنا ُب شيء من ىذه الشركط فعليو ابلوقوؼ على ما‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ي‬
‫أكدعناه ُب الفصل الثالث عشر كالرابع عشر كا‪٣‬بامس عشر كالسادس عشر من ىذا الكتاب‬
‫مرد‪.‬‬
‫يرده أًبٌ ٌ‬
‫ا‪٤‬ببارؾ إف شاء هللا تعأب فسيجد فيها ما ٌ‬
‫كا‪٢‬بادم عشر‪ ،‬كوف التلميذ مأذكف ُب الذكر بتلقْب صحيح ‪٩‬بٌن كاف لو إذف صحيح من القدكة‬
‫أك ‪٩‬بٌن أذف لو‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬قلت لرسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪:‬‬
‫لكل من أخذه كلو بواسطة؟ فقاؿ ٕب‪:‬‬
‫عِب الذكر مشافهة أك ىو ٌ‬ ‫خاص ٗبن أخذ ٌ‬
‫ىذا الفضل ٌ‬
‫كل من آذنتو كأعطى فكأنٌو أخذ عنك مشافهة‪ ،‬كأان ضامن ‪٥‬بم‪ .‬فقلت‪ :‬فليطالع من ُب قلبو‬
‫ٌ‬
‫حب اإلعَباض الفصل الثالث كالعشرين من ىذا الكتاب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الثا٘ب عشر‪ ،‬اإلجتماع للوظيفة كذكر ا‪٥‬بيللة بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة‪ .‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كمن‬
‫االكراد البلزمة للطريقة‪ :‬الوظيفة‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كإف كانوا ‪ٝ‬باعة ُب بلد من اإلخواف ٯبتمعوا ‪٥‬با‬
‫كيقرؤكف ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كىو شرط فيها‪ .‬كمن األكراد البلزمة للطريقة ذكر ا‪٥‬بيللة بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة‬
‫مع ا‪١‬بماعة إف كاف لو إخواف‪ ،‬كال ب ٌد من اجتماعهم كذكرىم ‪ٝ‬باعة‪ .‬كإف كاف لك اعَباض‬
‫فطالع الفصل ا‪٢‬بادم كالعشركف من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ كالفصل ا‪٣‬بامس من كتابنا سيوؼ‬
‫السعيد ا‪٤‬بعتقد‪ ،‬ستجد فيها ما يقطع أعناؽ ا‪٤‬بنكرين إف شاء هللا تعأب‪.‬‬
‫كالثالث عشر‪ ،‬أف ال تقرأ جوىرة الكماؿ إالٌ ابلطهارة ا‪٤‬بائيٌة‪ .‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كال تقرأ‬
‫النيب صلٌى الو عليو كسلٌم كا‪٣‬بلفاء األربعة‬
‫جوىرة الكماؿ إالٌ ابلطهارة ا‪٤‬بائيٌة ال ابلَبابيٌة أل ٌف ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‬
‫ٰبضركف عند قراءهتا‪ .‬كإف كاف ُب قلبك خاطر إنكار من حضور ٌ‬
‫أم ‪٦‬بلس أك مكاف شاء فعليك ابلفصل الذم قبل ىذا الفصل من ىذا‬
‫كا‪٣‬بلفاء األربعة عند ٌ‬
‫الكتاب ا‪٤‬ببارؾ‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫كُب لواقح األنوار القدسيٌة للشيخ الشعرا٘ب‪ :‬كٰبتاج ا‪٤‬بصلٌي‪ ،‬يعِب على ٌ‬
‫كسلٌم‪ ،‬إٔب طهارة كحضور مع هللا تعأب ألهنٌا منجاة هلل تعأب كالصبلة ذات الركوع كالسجود‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪315‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كتق ٌدـ ُب الفصل التاسع عشر أيضا قوؿ ابن عطاء هللا‪ :‬ال يعَبض على الشيخ ُب ما يفعلو إبذف‬
‫عز‬
‫كتبحر فيو أعطاه هللا ٌ‬
‫عن هللا تعأب‪ .‬كقوؿ الشيخ الشعرا٘ب‪ :‬أ ٌف العبد إذا دخل طريق القوـ ٌ‬
‫قوة االستنباط نظّب األحكاـ اإل‪٥‬بيٌة الظاىرة على ح ٌد سواء‪ ،‬فيستنبط ُب الطريق‬
‫كجل ىناؾ ٌ‬
‫ٌ‬
‫كاجبات اْب‪ ،‬فراجعو‪.‬‬

‫كالرابع عشر‪ ،‬عدـ كقوع ا‪٤‬بقاطعة بينو كبْب ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق كال سيما بينو كبْب إخوانو ُب الطريقة‪.‬‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو ُب الرسالة االكٔب من جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كشرطو احملافظة‬
‫كإايكم كلباس حلٌة االماف من مكر هللا ُب‬
‫على الصلوات ُب ا‪١‬بماعات كاألمور الشرعيٌة‪ٌ ،‬‬
‫الذنوب فإهنٌا عْب ا‪٥‬ببلؾ‪ ،‬كترؾ ا‪٤‬بقاطعة مع ‪ٝ‬بع ا‪٣‬بلق كآكد ذلك بينكم كبْب اإلخواف‪ ،‬يعِب‬
‫ُب الطريقة‪ ،‬كزكركا ُب هللا تعأب ككاصلوا ُب هللا تعأب كأطعموا ُب هللا تعأب ما استطعتم ُب غّب‬
‫تعسّب كال ك ٌد‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كل‬
‫كقاؿ ُب لواقح األنوار القدسيٌة‪ :‬لقد ذكران ُب البحر ا‪٤‬بوركد أ ٌف الواجب على ا‪٤‬بريد إكراـ ٌ‬
‫شرعي فهو كاذب‬
‫ٌ‬ ‫من كاف شيخو ٰببٌو كمواالتو‪ ،‬كإ ٌف من كره أحدا من ‪ٝ‬باعة شيخو بغّب طريق‬
‫صح ‪٥‬بم األخذ عن‬
‫صحة األخذ عنو‪ ،‬كذلك دليل على ‪ٛ‬ب ٌكن ا‪٤‬بقت منو‪ ،‬كلو أ ٌهنم ٌ‬ ‫ُب دعواه ٌ‬
‫شيخهم ألحبٌوا كل من كاف شيخو ٰببٌو‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪:‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم أخربه أبنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم يؤذيو ما يؤذم أصحابو‪.‬‬
‫أ ٌف ٌ‬
‫كإايكم ٍبٌ ٌإايكم أف‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو ُب الرسائل‪ :‬كتواصوا ابلصرب كتواصوا اب‪٤‬بر‪ٞ‬بة‪ٌ ،‬‬
‫ابتلي‬
‫مضرة إعانة على كربة‪ ،‬فإ ٌف من ى‬
‫يهمل أحدكم حقوؽ إخوانو ‪٩‬بٌا ىو جلب مو ٌدة أك دفع ٌ‬
‫بتضييع حقوؽ اإلخواف ابتلي بتضيع ا‪٢‬بقوؽ اإل‪٥‬بيٌة‪ ،‬كهللا سبحانو ُب عوف العبد ما كاف العبد ُب‬
‫عوف أخيو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب موضع آخر‪ :‬كليكن شديد اإلىتماـ ٕبقوؽ إخوانو ُب طريقتو الٍب ال ٲبكنو التأ ٌخر‬
‫عنها‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬إستدراؾ ما قلناه من مراعاة حقوؽ اإلخواف فليكن ذلك ُب غّب حرج كال‬
‫تيسر كأمكن ُب الوقت‪ ،‬إالٌ أف يكوف ُب بعض العوارض ٱباؼ من أخيو‬
‫ثقل كال كلفة ٗبا ٌ‬
‫العداكة كالقطيعة أك فساد القلب فليسرع إلصبلح قلبو فإ ٌف ذلك يستجلب الرضا من هللا‬
‫تعأب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪316‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأما اآلداب الٍب عليو‪ ،‬يعِب األخ ُب‬
‫كُب ‪ٙ‬بفة اإلخواف كا‪٣‬ببلٌف ُب آداب أىل العرفاف‪ٌ :‬‬
‫ٱبصص نفسو بشيء‬
‫الطريقة‪ُ ،‬ب ح ٌق إخوانو أف يكوف ‪٧‬ببٌا ‪٥‬بم‪ ،‬كبّبىم كصغّبىم‪ ،‬كأف ال ٌ‬
‫ٰبب لنفسو‪ ،‬كأف يعودىم إذا مرضوا‪ ،‬كأف يسأؿ عنهم إذا غابوا‪،‬‬
‫ٰبب ‪٥‬بم ما ٌ‬
‫دكهنم‪ ،‬كأف ٌ‬
‫كيبدأىم ابلسبلـ كطبلقة الوجو‪ ،‬كأف يراىم خّبا منو‪ ،‬كأف يطلب منهم الرضا‪ ،‬كأف ال يزا‪ٞ‬بهم‬
‫على أمر دنيوم بل يبذؿ ‪٥‬بم ما فتح عليو بو‪ ،‬يوقٌر الكبّب كيرحم الصغّب‪ ،‬كيعضدىم على ذكر‬
‫حب هللا تعأب كيرغٌبهم ُب ما يرضى هللا تعأب‪ ،‬كافٌا‬
‫هللا تعأب كيتعاكف معهم على ٌ‬
‫عن عيوهبم مسا‪٧‬با ‪٥‬بم ُب ما كقع منهم‪ ،‬كليجعل رأس مالو مسا‪٧‬بة إخوانو ظاىرا كابطنا ال‬
‫كٰبب من ٰببٌهم‪ ،‬يرشدىم إٔب الصواب إف‬
‫يعاتبهم على شيء صدر منهم‪ ،‬يعادم من يعاديهم ٌ‬
‫يوسع على نفسو كىم ُب ضيق‪ ،‬ٱبدمهم كلو بتقد‪ٙ‬ب‬
‫كاف كبّبا أك يتعلٌم منهم إف كاف صغّبا‪ ،‬ال ٌ‬
‫النعاؿ ‪٥‬بم‪ ،‬كأف يكوف بشوشا ‪٥‬بم ُب ‪٨‬باطبتو ك‪٧‬باكرتو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كأما ر‪ٞ‬بو الديِب فإنٌو من أعظم الناس مواصلة كأكثرىم بركرا كإحساان‬
‫كقاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ٌ :‬‬
‫كل من لو معرفة ُب هللا أبنواع ا‪٤‬بواساة كٰبسن إليهم‪،‬‬
‫ألىل جانبو‪ ،‬يواسي إخوانو كأصحابو ك ٌ‬
‫فيطعم جائعهم كيشمل ضائعهم كيكسو عاريهم كيرقد فقراءىم كيعْب ضعفاءىم‪ ،‬إذ ىو رضي‬
‫األخوة الدينيٌة‪ ،‬يتأ ٌٓب ‪٤‬بصاهبم أكثر ‪٩‬بٌا يتأ ٌٓب لذكم نسبو‪ ،‬كر‪ٞ‬بو‬
‫هللا تعأب عنو أش ٌد اىتماما أبىل ٌ‬
‫فيقرب اإلنساف عنده ذلك كلو كاف من أبعد‬
‫أعظم الناس عنده قراب أكثرىم ُب هللا تعأب حبٌا‪ٌ ،‬‬
‫األجانب كيبعد عنو القريب كلو كاف من األقارب‪٘ ،‬بده يستعظم‬
‫مرة يقوؿ‪ :‬من ابتلي بتضييع حقوؽ‬
‫حقوقهم كيرل أ ٌف القياـ ٗبا غّب مستطاع‪٠ .‬بعتو غّب ما ٌ‬
‫االخواف إبتبله هللا تعأب بتضييع ا‪٢‬بقوؽ اال‪٥‬بيٌة‪ ،‬نسأؿ هللا تعأب السبلمة كالعافية من ىذه البليٌة‬
‫العظيمة‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كا‪٣‬بامس عشر‪ ،‬عدـ التهاكف ابلورد‪ ،‬كتأخّبه عن كفتو من غّب عذر ك‪٫‬بوه‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬كمن أخذه كتركو تركا كليٌا أك هتاكف بو حلٌت بو عقوبة‪ ،‬كأيتيو ا‪٥‬ببلؾ‪،‬‬
‫كىذا إبخبار منو صلٌى هللا عليو كسلٌم لشيخنا رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬من ترؾ كردا من أكراد ا‪٤‬بشايخ ألجل الدخوؿ ُب‬
‫شرفها هللا تعأب على ‪ٝ‬بيع الطرؽ ٌأمنو هللا ُب الدنيا كاآلخرة فبل ٱباؼ‬
‫احملمديٌة الٍب ٌ‬
‫طريقتنا ىذه ٌ‬
‫من شيء يصيبو‪ ،‬ال من هللا تعأب كال من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كال من شيخو ٌأاي كاف‪،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪317‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪ٙ‬بل بو ا‪٤‬بصائب دنيا كأخرل‪ ،‬كال‬
‫كأما من دخل زمرتنا كأت ٌخر عنها ٌ‬
‫من األحياء أك من األموات‪ٌ .‬‬
‫يعود أبدا‪.‬‬
‫كالسادس عشر‪ ،‬عدـ التص ٌدر لئلعطاء من غّب إ ٍذف صحيح ابإلعطاء‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬ذكر أىل الكشف أمورا إ ٌف من فعل كاحدة منها كٓب‬
‫كادعاء‬
‫يتب منها ٲبوت على سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة كالعياذ ابهلل تعأب‪ ،‬كىي دعول الوالية ابلكذب‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٤‬بشيخة‪ :‬كىو التص ٌدر إلعطاء الورد من غّب إذف‪ .‬إنتهى ا‪٤‬براد منها ىنا‪.‬‬
‫كل من كاف منتسبا إٔب الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ ،‬كال‬
‫السابع عشر‪ ،‬إحَباـ ٌ‬
‫سيما الكبار أىل ا‪٣‬بصوصيٌة من أىل ىذه الطريقة‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنٌا بو‪ :‬إ ٌف‬
‫العلو عند هللا تعأب إٔب ح ٌد ٰبرـ ذكره‪ ،‬ليس ىو ما أفشيتو‬
‫لنا مرتبة عند هللا تعأب تناىت ُب ٌ‬
‫عمن عداىم‪.‬‬
‫صرحت بو أل‪ٝ‬بع أىل ا‪٢‬ب ٌق كالعرفاف على كفرم فضبل ٌ‬
‫لكم‪ ،‬كلو ٌ‬
‫كليست ىي الٍب ذكرت لكم بل ىي من كرائها‪ ،‬كمن خاصيٌة تلك ا‪٤‬برتبة أ ٌف من ٓب يتح ٌفظ على‬
‫تغيّب قليب من أصحابنا بعدـ حفظ حرمة أصحابنا طرده هللا تعأب عن قربة كسلبو ما منحو‪.‬‬
‫كالثامن عشر‪ ،‬الطهارة البدنيٌة كالثوبيٌة إف أمكن‪.‬‬
‫كالتاسع عشر‪ ،‬طهارة ا‪٤‬بكاف‪.‬‬
‫كا‪٤‬بوَب عشرين‪ ،‬ا‪١‬بلوس كاستقباؿ القبلة‪ ،‬إالٌ لسفر كلو قريبا ج ٌدا أك كاف ُب ‪ٝ‬باعة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كا‪٢‬بادم كالعشركف‪ ،‬عدـ الكبلـ إالٌ لضركرة‪ .‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كشرطو احملافظة على‬
‫حضور الصلوات ُب أكقاهتا ُب ا‪١‬بماعة إف أمكن‪ ،‬كالطهارة البدنيٌة كالثوبيٌة كا‪٤‬بكانيٌة‪ ،‬كا‪١‬بلوس‬
‫كاستقباؿ القبلة كعدـ الكبلـ إالٌ لضركرة‪ .‬كُب ‪ٙ‬بفة اإلخواف‪ :‬كللذكر آداب ال ب ٌد من‬
‫مبلحظتها‪ ،‬أف يكوف على طهارة كاملة من حدث كخبث‪ ،‬كأف يستقبل القبلة إف كاف كحده‬
‫كإالٌ ‪ٙ‬بلٌقوا‪ ،‬كإف ضاؽ هبم اجمللس اصط ٌفوا‪ .‬اىػ‪ .‬كُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪ :‬الثا٘ب من آداب الذكر‪:‬‬
‫الغسل أك الوضوء‪ ،‬الثالث‪ :‬السكوت‪.‬‬
‫ٍبٌ‪ ،‬بعد كبلـ‪ ،‬ذكر ا‪١‬بلوس على مكاف طاىر مستقبل القلبة إف كاف كحده‪ .‬كىنا إنتهت‬
‫العامة‪.‬‬
‫الشركط البلزمة ٌ‬
‫كالثا٘ب كالعشركف‪٤ ،‬بن قدر عليو‪ ،‬إستحضار صورة القدكة بْب يديو من ٌأكؿ الذكر إٔب آخره‬
‫كيستم ٌد منو‪ .‬كأعظم من ذلك كأرفع كأكمل كأنفع‪ ،‬إستحضار صورة ا‪٤‬بصطفى صلٌى هللا عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪318‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٣‬باص‪٤ ،‬بن قدر عليو‪ ،‬أف يستحضر صورة القدكة كأنٌو‬
‫ٌ‬ ‫كسلٌم‪ .‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كشرطها‬
‫جالس بْب يديو من ٌأكؿ الذكر إٔب آخره كيستم ٌد منو‪ ،‬كأعظم من ىذا كأرفع كأكمل كأنفع أف‬
‫يستحضر صورة ا‪٤‬بصطفى صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كأنٌو جالس بْب‬
‫يديو صلٌى هللا عليو كسلٌم هبيبة ككقار كإعظاـ كإكبار‪ ،‬كيستم ٌد منو بقدر حالو كمقامو‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كا‪٤‬براد ابستحضار صورتو ا‪٤‬بذكورة ىنا النوع الثا٘ب من التعلٌق ٔبنابو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪،‬‬
‫ي‬
‫األكؿ‪ :‬إستحضار صورتو‬ ‫قسمْب‪ٌ ،‬‬‫ٍ‬ ‫السماف على‬
‫‪٧‬بمد بن عبد الكر‪ٙ‬ب ٌ‬ ‫كىو كما ذكره القطب ٌ‬
‫كالتأدب ‪٥‬با حالة االستحضار اب‪١‬ببلؿ كالتعظيم كا‪٥‬بيبة كالوقار‪ ،‬فإف ٓب‬
‫صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫ط ُب منامك ففي حاؿ ذكرؾ‬
‫يستطع فيستحضر الصورة الٍب رأيتها ُب النوـ‪ ،‬كإف ٓب تكن رأيتو ق ٌ‬
‫متأداب‬
‫تصور كأنٌك بْب يديو ٌ‬
‫لو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ٌ‬
‫ابإلجبلؿ كالتعظيم كا‪٥‬بيبة كا‪٢‬بياء‪ ،‬فإنٌو يراؾ كيسمعك كلٌما ذكرتو ألنٌو متٌصف بصفات هللا‪،‬‬
‫كللنيب صلٌى هللا عليو كسلٌم نصيب كافر من ىذه الصفات أل ٌف‬ ‫ٌ‬ ‫كىو سبحانو جليس من ذكره‪،‬‬
‫العارؼ كصفو كصف معركؼ‪ ،‬فهو صلٌى هللا عليو كسلٌم أعرؼ الناس ابهلل تعأب‪ .‬الثا٘ب من‬
‫ا‪٤‬بعنوم‪ :‬إستحضار حقيقتو الكاملة ا‪٤‬بوصوفة أبكصاؼ الكماؿ ا‪١‬بامعة بْب ا‪١‬ببلؿ‬
‫ٌ‬ ‫التعلٌق‬
‫كا‪١‬بماؿ ا‪٤‬بتحلٌية أبكصاؼ هللا تعأب الكبّب ا‪٤‬بشرقة بنور الذات اال‪٥‬بية آابد اآلابد‪.‬‬
‫بطرُب حقائق الوجود‬
‫فإف ٓب تستطع فاعلم أنٌو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم الركح الكلٌ ٌي القائم ٌ‬
‫كل من ا‪١‬بهتْب ذاات كصفاات ألنٌو ‪٨‬بلوؽ من نور الذات جامع‬
‫القد‪ٙ‬ب كا‪٢‬بادث‪ ،‬فهو حقيقة ٌ‬
‫ألكصافها كأفعا‪٥‬با كآاثرىا كمؤثٌراهتا حكما كعينا‪ ،‬كمن ىٍبٌ قاؿ هللا تعأب ُب ح ٌقو‪ :‬يٍبَّ ىد ىان فىػتى ىد َّٔب‬
‫اب قىػ ٍو ىس ٍ ً‬
‫ْب أ ٍىك أى ٍد ىٗب‪.‬‬ ‫فى ىكا ىف قى ى‬
‫كإ ٌ٭با كاف صلٌى هللا عليو كسلٌم برزخا بْب ا‪٢‬بقيقة كا‪٢‬بقية ا‪٣‬بلقية ألنٌو حقيقة ا‪٢‬بقائق ‪ٝ‬بيعها‪،‬‬
‫ك‪٥‬بذا كاف مقامو ليلة ا‪٤‬بعراج فوؽ العرش كقد علمت أ ٌف العرش غاية ا‪٤‬بخلوؽ إذ ليس فوقو‬
‫‪٨‬بلوؽ‪ .‬فعند استوائو صلٌى هللا عليو كسلٌم فوؽ العرش كانت ا‪٤‬بخلوقات ‪ٙ‬بتو أبسرىا كربٌو فوقو‪،‬‬
‫فصار برزخا اب‪٤‬بعُب ألنٌو موجود من ا‪٢‬ب ٌق كا‪٣‬بلق موجودكف منو‪ ،‬فهو ا‪٤‬بتٌصف بكلتا الوصفْب من‬
‫مِب"‪.‬‬
‫كلتا ا‪١‬بهتْب صورة كمعُب حكما كعينا‪ .‬قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬أان من هللا كا‪٤‬بؤمنوف ٌ‬
‫دم إف شاء هللا تعأب‪ٍ .‬بٌ‬
‫احملم ٌ‬
‫فإذا علمت ما ذكرتو لك سهل عليك استحضار ىذا الكماؿ ٌ‬
‫كل عآب‪،‬‬‫احملمديٌة ظهورا ُب ٌ‬
‫كإايكم كأذاقنا من ىذا ا‪٤‬بشرب الصاُب‪ ،‬أ ٌف للحقيقة ٌ‬
‫اعلم‪ ،‬كفٌقنا هللا ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪319‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫فليس ظهوره ُب عآب األجساـ كظهوره ُب عآب األركاح أل ٌف غالب األجساـ ال يسع ما يسعو عآب‬
‫األركاح‪ ،‬كليس ظهوره ُب عآب األركاح كظهوره ُب عآب ا‪٤‬بعُب أل ٌف عآب ا‪٤‬بعُب ألطف من عآب‬
‫األركاح كأكسع‪ ،‬كليس ظهوره ُب األرض كظهوره ُب السماء‪ ،‬كليس ظهوره ُب السماء كظهوره‬
‫عن ٲبْب العرش‪ ،‬كليس ظهوره عن ٲبْب العرش كظهوه عند هللا تعأب‬
‫كلكل‬
‫األكؿ‪ٌ ،‬‬ ‫فكل مقاـ أعلى يكوف ظهوره فيو أًبٌ كأكمل من ا‪٤‬بقاـ ٌ‬ ‫حيث ال أين كال كيف‪ٌ ،‬‬
‫‪٧‬بل ال يستطيع أف يراه فيو أحد من األنبياء‬
‫حٌب أنٌو يتناىى إٔب ٌ‬
‫احملل ٌ‬
‫ظهور جبللة كىيبة يقبلها ٌ‬
‫كا‪٤‬ببلئكة كاألكلياء‪ ،‬كذلك معُب قولو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ٕ" :‬ب مع هللا تعأب كقت ال يسعِب فيو‬
‫نيب مرسل"‪ .‬فارفع اي أخي ٮبٌتك لَباه ُب مظاىر العلياء ا‪٤‬بعاينة الكربل أينما‬
‫مقرب كال ٌ‬
‫ملك ٌ‬
‫ىو‪ ،‬فافهم اإلشارة‪.‬‬
‫كأكصيك اي صاُب بدكاـ مبلحظة صورتو كمعناه كلو كنت ُب ٌأكؿ األمر متكلٌفا ُب االستحضار‪،‬‬
‫فعن قريب أتلف ركحك فيحضرؾ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم عياان ‪ٙ‬ب ٌدثو ك‪ٚ‬باطبو فيجيبك‬
‫كٰب ٌدثك كٱباطبك‪ ،‬فتفوز بدرجة الصحابة كتلحق هبم إف شاء هللا تعأب‪ ،‬قاؿ صلٌى هللا عليو‬
‫مِب يوـ القيامة"‪.‬‬
‫علي صبلة أقربكم ٌ‬
‫سلٌم‪" :‬أكثركم ٌ‬
‫كالسر؟! كىل‬
‫ٌ‬ ‫كإذا كاف ىذا نتيجة الصبلة ابللساف فما نتيجة الصبلة عليو ابلقلب كالركح‬
‫تكوف إالٌ معو كعنده تعأب؟ أل ٌف نتيجة العمل الظاىر‪ ،‬كىو الصبلة عليو صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫كسلٌم‪ ،‬الفوز اب‪٤‬بكاف‪ :‬كىو ا‪١‬بنٌة‪ ،‬كنتيجة الباطن‪ ،‬كىو التعلٌق كاإلقباؿ كدكاـ االستحضار‪،‬‬
‫صورة كمعُب الفوز ابلقرب اب‪٤‬بكانة‪ :‬فهو عند هللا تعأب نزؿ ُب مقعد صدؽ حيث ال أين كال‬
‫كيف‪ ،‬فافهم اإلشارة تقع على البشارة‪.‬‬

‫الوٕب الكامل كلٌما ازدادت معرفتو ُب هللا تعأب سكن كثبت لوجوده عند ذكره أل ٌف هللا‬
‫كاعلم أ ٌف ٌ‬
‫تعأب ال ينساه‪ ،‬ككلٌما ازدادت معرفتو ُب رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم اضطرب كظهرت‬
‫الوٕب ابهلل تعأب على قدر قابليٌتو‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كذلك أ ٌف معرفة ٌ‬
‫اآلاثر عند ذكر ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم نشأت من معرفة هللا تعأب على قدر‬
‫ك‪٧‬ببٌتو ُب هللا تعأب‪ ،‬كمعرفة ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪.‬‬
‫قابليٌة ٌ‬
‫ابلنيب صلٌى هللا عليو‬
‫الوٕب معرفة ٌ‬
‫كألجل ىذا ال يطيق أف يثبت لو كتظهر اآلاثر كلٌما ازداد ٌ‬
‫كسلٌم كاف أكمل من غّبه كأمكن ُب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بيٌة كأطلق ُب معرفة هللا تعأب على اإلطبلؽ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪320‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫٘بل من التجلٌيات اإل‪٥‬بيٌة‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم من األكلياء ُب ٌ‬
‫كل من رآه ٌ‬
‫ٍبٌ اعلم أ ٌف ٌ‬
‫يتصرؼ بتلك ا‪٣‬بلعة على الذم رآه‬‫البسا خلعة من خلعة الكماؿ فإنٌو صلٌى هللا عليو كسلٌم ٌ‬
‫سها على الفور ُب‬
‫قواي أمكن لو ٍلب ي‬
‫هبا‪ ،‬كىي لو ىديٌة من الرسوؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فإف كاف ٌ‬
‫الدنيا‪ ،‬كإالٌ فهي م ٌدخرة لو عند هللا تعأب يلبسها‬
‫كاما ُب األخرل فمن حصلت لو تلك ا‪٣‬بلعة كلبسها ُب الدنيا‬
‫مٌب يقول استعداده‪ٌ .‬أما ُب الدنيا ٌ‬
‫الوٕب‬
‫فكل من رآل ذلك ٌ‬ ‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ٌ ،‬‬
‫كاآلخرة تكوف ىذه الفتوة لو من ٌ‬
‫الوٕب ٱبلعها كيتص ٌدؽ هبا نيابة‬
‫٘بل من التجلٌيات كعليو تلك ا‪٣‬بلعة النبويٌة فإ ٌف ذلك ٌ‬
‫أيضا ُب ٌ‬
‫للوٕب خلعة أخرل‬
‫دم ٌ‬ ‫احملم ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم على ذلك الرائي الثا٘ب تنزؿ من ا‪٤‬بقاـ ٌ‬
‫عن ٌ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬كىكذا إٔب ما ال هناية‬
‫أكمل من تلك ا‪٣‬بلعة عوض ما تص ٌدؽ بو عن ٌ‬
‫لو كٓب تزؿ ىذه الفتوة دأبو كعادتو لسائر من‬

‫يراه من األكلياء أبدا اآلبدين‪ .‬كىذه كيفيٌة أخرل من التعلٌق الصورم‪ ،‬كىي أف تبلحظ أنٌو صلٌى‬
‫هللا تعأب عليو كسلٌم ملء الكوف‪ ،‬بل عينو‪ ،‬كأنٌو نور ‪٧‬بض‪ ،‬كأنٌك منغمس ُب ذلك النور مع‬
‫تغميض عْب البصر ال البصّبة‪ ،‬فإذا حصل لك اإلستغراؽ ُب ىذا النور كالتبلشي كالعينيٌة‬
‫قسمي‬
‫ٌ‬ ‫فتتٌصف حينئذ ٗبقاـ الفناء فيو‪ ،‬كمن حصل لو مقاـ الفناء فيو ذاؽ ‪٧‬ببٌتو كىو أحد‬
‫حٌب ٘بد‬
‫التعلٌق الصورم‪ ،‬ككيفيٌتو أف تتٌبعو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كتبلزـ الشوؽ كاحملبٌة لو ٌ‬
‫ذكؽ ‪٧‬ببٌتو صلٌى هللا عليو كسلٌم ُب ‪ٝ‬بيع كجودؾ قلبا كركحا كجسما‬
‫كشعرا كبشرا كما ٘بد سرايف ا‪٤‬باء البارد ُب كجودؾ إذا شربتو بعد الظمأ الشديد‪ .‬ىذا‪ ،‬كإ ٌف حبٌو‬
‫ْب ًم ٍن أىنٍػ يف ًس ًه ٍم ()‪،‬‬ ‫ً‬
‫َّيب أ ٍىك ىٔب ًابل يٍم ٍؤمنً ى‬
‫كل أحد‪ ،‬قاؿ تعأب‪ :‬النً ُّ‬
‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فرض على ٌ‬
‫أحب إليو من نفسو كمالو‬ ‫حٌب أكوف ٌ‬ ‫كقاؿ صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪" :‬لن يؤمن أحدكم ٌ‬
‫ككلده"‪ ،‬كإف ٓب ٘بد ُب ‪ٝ‬بيع كجودؾ ىذه احملبٌة الٍب كصفتها فاعلم أنٌك انقص اإلٲباف‪ ،‬فاستغفر‬
‫النيب صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫ا‪٢‬بب بدكاـ ذكر ٌ‬
‫ب من ذنوبك‪ ،‬كتولٌع كاطلب ٌ‬
‫كتضرع إليو‪ ،‬كتي ٍ‬
‫هللا ٌ‬
‫كسلٌم كالتأ ٌدب معو كالقياـ ٗبا‬
‫عما هناان لعلك تناؿ ذلك فتحشر معو‪ ،‬ألنٌو القائل صلٌى هللا تعأب عليو‬
‫أمر مع اإلجتماع ٌ‬
‫أحب"‪.‬‬
‫كسلٌم‪" :‬ا‪٤‬برء مع من ٌ‬
‫كإذا ‪ٙ‬ب ٌققت مقاـ الفناء فيو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم فليكن فناؤؾ عن الفناء ىو ا‪٤‬بقاـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪321‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أم من الصورة الٍب ظهر من النور‪ ،‬ككيفيٌتو أف‬
‫احملمود‪ ،‬فعند ذلك تلقى ما يفاض عليك منها‪ٌ ،‬‬
‫حٌب تتبلشى فيو‪ ،‬ككذلك‬
‫ا‪٤‬بتوجو لنفسو ٌ‬
‫توجهك إليو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم أنٌو ٌ‬
‫تبلحظ عند ٌ‬
‫يت عليو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم الحظ أنٌو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم ىوا‪٤‬بصلٌي ال‬
‫إذا صلٌ ى‬
‫أنت‪ ،‬أل ٌف ‪ٝ‬بيع األشياء خلقت‬

‫الذرات دقيقة منو صلٌى هللا تعأب عليو‬


‫ذرة من ٌ‬
‫كل ٌ‬
‫من نوره صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬كُب ٌ‬
‫سر منو‬
‫كسلٌم‪ ،‬كتظهر تلك الدقيقة ٕبسب حاؿ الذم ىي فيو‪ ،‬كأنت من ‪ٝ‬بلة األشياء‪ ،‬كفيك ٌ‬
‫السر الكامن فيك‪ .‬كٓب‬
‫فا‪٤‬بتوجو منك لو صلٌى هللا عليو كسلٌم ذلك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪،‬‬
‫حٌب ينقلك هللا تعأب إٔب مقاـ البقاء بو صلٌى هللا عليو كسلٌم‪ ،‬فعند‬
‫تزؿ كذلك من مقاـ إٔب مقاـ ٌ‬
‫ذلك تكوف إنساان كامبل كاراث ا‪٢‬بقيقة جامعا الكماالت ا‪٤‬بصطفوية‪ ،‬فا‪ٞ‬بد هللا تعأب على ما‬
‫أكالؾ كأعطاؾ ككن طالبا مقاـ العبوديٌة غارقا ُب ٕبار‬
‫بتصرفات الواحديٌة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫األحاديٌة عارفا ٌ‬
‫كالثالث كالعشركف‪ ،‬إستحضار معا٘ب ألفاظ الذكرإف كانت لك قدرة على فهمها‪ ،‬قاؿ ُب جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كيستحضر على ذلك معا٘ب ألفاظ الذكر إف كانت لو قدرة على فهمها‪ ،‬كإالٌ فليستمع‬
‫‪٤‬با يذكره بلسانو ليشتغل فكره عن ا‪١‬بوالف ُب غّب ما ىو بصده كيعينو على ا‪٢‬بضور‪ .‬اىػ‪ .‬كقاؿ‬
‫كل‬
‫ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضيٌة‪ :‬ا‪٢‬بادم عشر‪ ،‬يعِب من آداب الذكر‪ ،‬إحضار معُب الذكر بقلبو مع ٌ‬
‫مرة‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬
‫الفصل الثالث كالثبلثوف‬
‫احملمدية األبراىيميٌة ا‪٢‬بنيفيٌة التجانيٌة‪.‬‬
‫ُب بياف األذكار البلزمة للطريقة األ‪ٞ‬بديٌة ٌ‬
‫فأقوؿ‪ ،‬كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪ ،‬إعلم أ ٌف أكراد شيخنا رضي لو‬
‫تعأب عنو الٍب يل ٌقنها لكافٌة ا‪٣‬بلق كثّبة‪ ،‬منها ما كاف الزما للطريقة كمنها غّبه‪.‬‬
‫مرة‪ ،‬كالصبلة على رسوؿ هللا صلٌى هللا‬
‫ٌأما األذكار البلزمة‪ ،‬منها‪ :‬الورد‪ ،‬كىو استغفار هللا مائة ٌ‬
‫مرة‪.‬‬
‫مرة‪ٍ ،‬بٌ ا‪٥‬بيللة مائة ٌ‬
‫أبم صيغة كانت مائة ٌ‬
‫عليو كسلٌم ٌ‬
‫لكل من‬
‫كىذه األذكار بعينها ىي الٍب رتٌبها لو رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم كأمره بتلقينها ٌ‬
‫حرا كاف أك غّبه طائعا أك‬
‫أم حالة كاف‪ ،‬كبّبا أك صغّبا ذكرا أكأنثى ٌ‬
‫طلبها من ا‪٤‬بسلمْب على ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪322‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫عاصيا‪ ،‬ال ٲبنعها عن أحد طلبها‪ .‬ككوف الصبلة على رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم بصبلة‬
‫الفاتح ‪٤‬با أغلق أفضل كأكمل‪ ،‬لًما فيها من الفضل العظيم كالثواب ا‪١‬بسيم الذم ال يق ٌدر قدره‬
‫أمًب بو من فيض فضلو‪ .‬ككقتو‪ :‬بعد صبلة الصبح إٔب كقت الضحى‪ ،‬كبعد صبلة‬
‫إالٌ الذم ٌ‬
‫العصر إٔب صبلة العشاء‪.‬‬
‫كمن فاتو ُب ىذين الوقتْب لعذر فالنهار كلٌو كقت كالليل كذلك‪ .‬كمن فاتو كرهد فليتداركو على‬
‫‪٩‬بر الدىر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ا‪٢‬بي‬
‫كمن األذكار البلزمة للطريقة‪ :‬الوظيفة‪ ،‬كىي (أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إالٌ ىو ٌ‬
‫مرة‪ ،‬كال يكفي ُب الوظيفة غّبىا‪ ،‬كىي‬ ‫مرة‪ ،‬كصبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق ‪ٟ‬بسْب ٌ‬‫القيٌوـ) ثبلثْب ٌ‬
‫‪٧‬بمد الفاتح ‪٤‬با أغلق كا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق انصر ا‪٢‬ب ٌق اب‪٢‬ب ٌق كا‪٥‬بادم إٔب‬
‫صل على سيٌدان ٌ‬
‫(اللهم ٌ‬
‫ٌ‬
‫مرة‪ٍ ،‬بٌ جوىرة‬
‫صراطك ا‪٤‬بستقيم كعلى آلو ح ٌق قدره كمقداره العظيم)‪ٍ ،‬بٌ (ال إلو إالٌ هللا) مائة ٌ‬
‫صل‬
‫(اللهم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫مرة‪ ،‬كىي‬
‫الكماؿ إثنتا عشرة ٌ‬
‫ا‪٤‬بتكونة‪،‬‬
‫الرابنية‪ ،‬كالياقوتة ا‪٤‬بتح ٌققة ٗبركز الفهوـ كا‪٤‬بعا٘ب‪ ،‬كنور األكواف ٌ‬
‫كسلٌم على عْب الر‪ٞ‬بة ٌ‬
‫متعرض من البحور‬
‫لكل ٌ‬‫الراب٘ب‪ ،‬الربؽ األسطع ٗبزكف األرابح ا‪٤‬بالئة ٌ‬
‫اآلدمي‪ ،‬صاحب ا‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫صل كسلٌم على عْب‬
‫اللهم ٌ‬
‫مؤلت بو كونك ا‪٢‬بائط أبمكنة ا‪٤‬بكاف‪ٌ ،‬‬
‫كنورؾ البلمع الذم ى‬
‫كاألكا٘ب‪ ،‬ى‬
‫صل‬
‫اللهم ٌ‬
‫التاـ األسقم‪ٌ ،‬‬‫ا‪٢‬ب ٌق الٍب تتجلٌى منها عركش ا‪٢‬بقائق‪ ،‬عْب ا‪٤‬بعارؼ األقوـ صراطك ٌ‬
‫كسلٌم على طلعة ا‪٢‬ب ٌق اب‪٢‬ب ٌق‪ ،‬الكنز األعظم‪ ،‬إفاضتك منك إليك‪ ،‬إحاطة النور ا‪٤‬بطلسم‪ ،‬صلٌى‬
‫تعرفنا هبا إايه)‪.‬‬
‫هللا عليو كعلى آلو صبل نة ٌ‬
‫الوقتْب‬
‫ت ُب ٍ‬ ‫كإما ُب ا‪٤‬بساء‪ ،‬كإ ٍف قي ًرئى ٍ‬
‫كتكفي قراءة ىذه الوظيفة ُب كقت كاحد‪ٌ ،‬إما ُب الصباح ٌ‬
‫س هن‪ .‬كقتها كالورد‪ ،‬كٮبا حينئذ ُب الوقت مشَبكاف يق ٌدـ اإلنساف أيٌهما شاء‪ .‬كمن أراد أف‬‫فح ى‬
‫ى‬
‫مرة‪،‬‬
‫أبم كيفيٌة كانت مائة ٌ‬ ‫يفعل الوظيفة هبذه الكيفيٌة الٍب سنذكرىا فلو ذلك‪ ،‬كىي اإلستغفار ٌ‬
‫مرة‪ .‬كىذه الكيفيٌة ىي األصل‪ ،‬كخ ٌففت ابلكيفيٌة‬ ‫مرة‪ ،‬كا‪٥‬بيللة مائة ٌ‬
‫كصبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق مائة ٌ‬
‫‪٧‬بمد الغإب أ ٌف بعض اإلخواف يفعلها ابلكيفيٌة األصليٌة‬
‫الٍب يفعلها اإلخواف اآلف‪ .‬أخرب٘ب سيٌدم ٌ‬
‫إٔب اآلف كال يستعملوف غّبىا‪.‬‬
‫كمرة كذا فلو ذلك‪ .‬كشرطها أف تيقرأ مع اإلخواف ُب الطريقة‬
‫مرة كذا ٌ‬
‫كمن أراد أف يفعلها ٌ‬
‫‪٦‬بتمعْب إف كانوا موجودين غّب مسافرين‪ ،‬كإف كانوا مسافرين فبل يلزمهم اإلجتماع بذكرىا‪ ،‬بل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪323‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قضى إف فاتت‬ ‫إف شاؤكا‪ .‬كإف كانوا غّب موجودين ُب البلد فإ ٌف اإلنساف يقرؤىا كحده‪ ،‬كتي ى‬
‫الكل إف ٓب يكن لعذر كمرض كحيض كنفاس‪ ،‬كإف كاف لًما ذيكًر فبل‬ ‫ك‪٧‬بل القضاء ُب ٌ‬‫كالورد‪ٌ .‬‬
‫كيستحب القضاء إف كاف ا‪٤‬برض خفيفا من غّب لزكـ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قضاء‪،‬‬
‫كال تقرأ جوىرة الكماؿ إالٌ ابلطهارة ا‪٤‬بائيٌة من ا‪٢‬بدث كا‪٣‬ببث كطهارة الثوب كا‪٤‬بكاف‪ ،‬كيكوف‬
‫ط من ىذه الشركط فإهنٌا ال تقرأ ُب الوظيفة‪ ،‬كتقرأ صبلة الفاتح‬ ‫الذاكر هبا جالسا‪ ،‬فإف فيًقد شر ه‬
‫مرة‪.‬‬‫‪٤‬با أغلق بد‪٥‬با عشرين ٌ‬
‫ا‪٤‬بشرفة بتمامها بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬كىو‪ :‬ال إلو‬
‫كمن األذكار البلزمة للطريقة‪ :‬ذكر الكلمة ٌ‬
‫إالٌ هللا‪ ،‬أك الذكر الفرد‪ ،‬كىو‪ :‬هللا هللا هللا‪ ،‬ابإلثبات من غّب نفي‪.‬‬
‫فإهنم ٯبتمعوف للذكر كيذكركف بعد صبلة العصر‬
‫كإف كاف ُب البلد إخواف ككانوا غّب مسافرين ٌ‬
‫حٌب يبقى بْب ابتدائهم كبْب‬
‫إٔب الغركب‪ ،‬كإف شاؤ كا يؤ ٌخركف كال يبدؤكف بعد صبلة العصر ٌ‬
‫الغركب قدر ساعة بقدر اإلمكاف‪ ،‬كإف شاءكا يبتدؤكف بقراءة الوظيفة‪ ،‬إف ٓب يكونوا قد قرؤكىا‪،‬‬
‫كل حاؿ متٌصبل ابلغركب‪.‬‬
‫ٍبٌ يفعلوف الذكر الذم يفعل بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬كيكوف على ٌ‬
‫كإف شاؤكا يذكركف الكلمة الشريفة بتمامها من ٌأكؿ الذكر إٔب آخره أك يقتصركف على الذكر‬
‫الفرد من ٌأكؿ الذكر إٔب آخره‪ ،‬كيبتدؤكف ابلكلمة بتمامها كٱبتموف ُب آخر الذكر ابلذكر الفرد‪.‬‬
‫أم كجو من ىذه الوجوه ذكركا أجزأ‪ .‬كإف كانوا مسافرين فبل يلزمهم اإلجتماع كإ ٌ٭با‬
‫كعلى ٌ‬
‫أم كجو كاف‬
‫كل كاحد منهم الكلمة الشريفة بكما‪٥‬با أك الذكر الفرد على ٌ‬
‫عليهم حينئذ أف يذكر ٌ‬
‫مرة‪.‬‬
‫من الوجوه ا‪٤‬بتق ٌدمة ألفا ك‪ٟ‬بسمائة أك ألفا كستمائة ٌ‬
‫كا‪٤‬بنفرد الذم ٓب يكن لو ُب البلد إخواف ىكذا‪ ،‬كإف شاء ا‪٤‬بسافركف أف ٯبتمعوا كيذكركا ‪ٝ‬باعة‬
‫ا‪٤‬برة الواحدة من صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق كقت‬
‫ببل عدد فلهم ذلك‪ .‬كفيو فضل عظيم أل ٌف ٌ‬
‫مرة منها ُب غّب كقت السحر‪ ،‬لكن إذا طلع الفجر كٓب يفرغ من الورد‬
‫السحر تعدؿ ‪ٟ‬بسمائة ٌ‬
‫مرة اثنية ألنٌو‬
‫مرة كاحدة من ا‪٥‬بيللة‪ ،‬كحينئذ فبل ب ٌد من إعادة الورد ٌ‬
‫فإنٌو ال ٯبزم كلو كاف الباقي ٌ‬
‫ق ٌدـ قبل كقتو احملمود لو ترخيصا كتسهيبل‪ ،‬فإذا حضر كقتو قبل الفراغ منو لزـ ابتداؤه‪.‬‬
‫مرة اثنية‬
‫مضر إالٌ إذا كاف يقرؤىا صباحا كمساءا فإنٌو يعيدىا ٌ‬
‫كأما ُب الوظيفة فإ ٌف ذلك غّب ٌ‬
‫ٌ‬
‫ألهنٌا صارت حينئذ كالورد‪ .‬كللمسافر إذا صلٌى الظهر أف يق ٌدـ كرد ا‪٤‬بساء كيفعلو بعد صبلة‬
‫النيب صلٌى هللا عليو‬
‫الظهر ‪٤‬بش ٌقة تدركو ُب التأخّب‪ .‬كيقوؿ الذاكر بعد الفراغ من الصبلة على ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪324‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ص يفو ىف كس ىبلـ ىعلىى الٍمرسلًْب كا ٍ‪٢‬بم يد ًًَّ‬ ‫كرً ً‬
‫َّلل‬ ‫ي ٍ ى ى ى ىٍ‬ ‫ب ال ًٍع َّزة ىع َّما يى ً ى ى ه‬
‫كسلٌم من الورد كالوظيفة‪ :‬يس ٍب ىحا ىف ىربًٌ ى ى ٌ‬
‫(‪٧‬بمد رسوؿ هللا عليو سبلـ‬ ‫مرة كاحدة‪ ،‬كيقوؿ‪ ،‬بعد الفراغ من ا‪٤‬بائة ُب ا‪٥‬بيللة‪ٌ :‬‬ ‫ب ال ىٍعالى ًم ى‬
‫ْب ٌ‬ ‫ىر ًٌ‬
‫‪٧‬بمد رسوؿ هللا عليو سبلـ هللا‪ ،‬بزايدة التسييد‪ ،‬فحسن‪.‬‬
‫هللا)‪ ،‬كإف شاء قاؿ‪ :‬سيٌدان ٌ‬
‫الزركقيٌة‪ :‬ما خرج ‪٨‬برج التعليم كقف بو على ما كرد من غّب زايدة كال نقص‪ ،‬فلذا‬
‫كُب القواعد ٌ‬
‫كل‬
‫مرة من ٌ‬
‫كل صبلة (سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كهللا أكرب) مائة ٌ‬
‫يركم أ ٌف رجبل كاف يذكر دبر ٌ‬
‫كاحدة‪ ،‬فرأل كأ ٌف قائبل يقوؿ‪ :‬أين الذاكركف ُب دبر الصلوات؟ فقاـ‪ ،‬فقيل لو‪ :‬إرجع فلست‬
‫منهم‪ ،‬إ ٌ٭با ىذه ا‪٤‬بزيٌة ‪٤‬بن اقتصر على الثبلث كالثبلثوف‪ ،‬فكلٌما كرد عدد اقتصر عليو‪ ،‬ككذا‬
‫اللفظ‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬أختيلًف ُب زايدة (سيٌدان) ُب الواردة من كيفيٌة صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم كإالٌ كجهو أف‬
‫يقتصر على لفظو حيث تعبٌد بو‪ ،‬كيزاد حيث ما يزاد الفضل ُب ا‪١‬بملة‪ .‬اىػ‪ .‬كُب مطالع‬
‫ا‪٤‬بسرات شرح دالئل ا‪٣‬بّبات‪ ،‬عن قوؿ ا‪٤‬بؤلٌف ُب الصبلة ا‪٢‬بادية عشر (سيٌدان)‪ :‬الصحيح‬
‫ٌ‬
‫أم تل ٌفظ السيٌد كا‪٤‬بؤب ك‪٫‬بوٮبا ‪٩‬بٌا يقتضي التشريف كالتوقّب كالتعظيم ُب‬
‫جواز اإلتياف بو‪ٌ ،‬‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كسلٌم كإيثار ذلك على تركو‪.‬‬
‫الصبلة على سيٌدان ٌ‬
‫كيقاؿ ُب الصبلة كغّبىا إالٌ حيث تعبٌد بلفظ ما ركل فيقتصر على ما تعبٌد بو أك ُب الركاية‬
‫كل ما يقتضي التشريف كالتوقّب كالتعظيم‬
‫فيؤتى هبا على كجهها‪ .‬كقاؿ الربزٕب‪ :‬كال خبلؼ أ ٌف ٌ‬
‫حٌب بلغها ابن العريب مائة فأكثر‪ .‬كقاؿ‬
‫ُب ح ٌقو صلٌى هللا عليو كسلٌم أنٌو يقاؿ أبلفاظ ‪٨‬بتلفة ٌ‬
‫كإايؾ أف تَبؾ لفظ (السيادة)‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫صاحب مفتاح الفبلح‪ٌ :‬‬
‫كُب الفتح ا‪٤‬ببْب شرح كنز األسرار‪ :‬قاؿ سيٌدم عبد الر‪ٞ‬بن الفاسي ُب حاشيتو على دالئل‬
‫ا‪٣‬بّبات‪ ،‬قاؿ األيب ُب شرح مسلم‪ :‬كما يستعمل ُب ىذا ا‪٤‬بقاـ من لفظ (ا‪٤‬بؤب) ك (السيٌد)‬
‫حسن كإف ٓب يرد كاختار اجملد اللغوم ترؾ ذلك ُب الصبلة إتباعا للفظ ا‪٢‬بديث كاإلتياف بو ُب‬
‫غّب الصبلة‪ .‬كقاؿ ابن عبد السبلـ‪ :‬اإلتياف هبما ينبِب على ا‪٣‬ببلؼ‪ :‬ىل األكؿ امتثاؿ األمر أك‬
‫كسئًل السيوطي عن حديث‪( :‬ال تسيٌدك٘ب ُب الصبلة)‪ ،‬فأجاب‪ :‬أنٌو ٓب ير‬ ‫سلوؾ طريق األدب؟ ي‬
‫ذلك؟ قاؿ‪ :‬كإ ٌ٭با ٓب يتل ٌفظ بو صلٌى هللا عليو كسلٌم لكراىية الفخر‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬

‫كأما ‪٫‬بن‪ ،‬فيجب علينا تعظيمو كتوقّبه‪ ،‬ك‪٥‬بذا هناان هللا تعأب‬ ‫قاؿ‪" :‬أان سيٌد كلد آدـ كال فخر"‪ٌ ،‬‬
‫وؿ بػ ٍيػنى يكم ىك يد ىع ًاء بػ ٍع ً‬
‫ضا‪ .‬كقاؿ ا‪٢‬بطٌاب‪:‬‬ ‫ض يك ٍم بىػ ٍع ن‬ ‫ى‬ ‫الر يس ً ى ٍ‬ ‫اء َّ‬
‫أف نناديو اب‪٠‬بو فقاؿ‪ :‬ىال ى٘بٍ ىعليوا يد ىع ى‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪325‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫الذم يظهر ٕب كيفعلو ُب الصبلة كغّبىا‪ ،‬اإلتياف بلفظ (السيٌد)‪ .‬كٱبتار العارؼ ابهلل تعأب‬
‫زركؽ ما اختاره اجملد اللغوم صاحب القاموس‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫سيٌدم أ‪ٞ‬بد ٌ‬
‫األئمة زايد (السيادة) ُب غّب الوارد كتركها فيما كرد إتباعا‬
‫ٍبٌ قاؿ‪ :‬كالذم جرل عليو عمل ٌ‬
‫قلت‪ :‬كىذا عْب‬
‫للفظ كفرارا من الزايدة فيو لكونو خرج ‪٨‬برج التعليم ككقوفا عند ما ح ٌد ‪٥‬بم‪ .‬ي‬
‫زركؽ‪ٍ .‬بٌ قاؿ ا‪٢‬بطٌاب‪ :‬كعلى ىذا درج صاحب دالئل ا‪٣‬بّبات رضي هللا تعأب‬
‫ما ُب قواعد ٌ‬
‫عنو‪ ،‬فإنٌو أثبت اللفظ الوارد من غّب زايدة سيٌادة‪ ،‬كزادىا ُب غّب الوارد‪ ،‬لكن ىذا ٕبسب‬
‫الوضع ُب ا‪٣‬بط‪ٌ .‬أما من حيث اآلداء فاألكٔب أف ال تعرل عنها ُب الوارد كغّبه‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا‬
‫قاؿ‪ :‬كسئل شيخنا العيٌاشي حفظو هللا تعأب عن زايدة السيادة ُب الصبلة على ٌ‬
‫تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬السيادة عبادة‪ .‬قاؿ‪ :‬قلت كىو ٌبْب أل ٌف ا‪٤‬بصلٌي إ ٌ٭با يقصد بصبلتو‬
‫تعظيمو صلٌى هللا تعأب عليو كسلٌم‪ ،‬فبل معُب حينئذ إذ ىو عْب التعظيم‪ .‬كُب ا‪٢‬بً ىكم‪( :‬ما الشأف‬
‫كتعزركه كتوقٌركه)‪.‬‬
‫كجود الطلب إ ٌ٭با الشأف أف ترزؽ حسن األدب لتؤمنوا ابهلل كرسولو ٌ‬
‫(‪٧‬بمد رسوؿ‬
‫قاؿ الشيخ يوسف العجمي ُب رسالتو‪ :‬قد اعَبض على إفراد (ال إلو إالٌ هللا) دكف ٌ‬
‫مرة كاحدة ُب العمر‪ ،‬مع أ ٌف قوؿ‬
‫‪٧‬بمدا رسوؿ إقرار‪ ،‬كاإلقرار يكفي كلو ٌ‬
‫هللا)‪ ،‬كأجاب‪ :‬أب ٌف ٌ‬
‫العبد (ال إلو إالٌ هللا) كقوؿ الرسوؿ ىو عْب إثبات رسالتو‪ ،‬ك‪٥‬بذا قاؿ صلٌى هللا عليو كسلٌم‪:‬‬
‫لتضمن ىذه‬
‫(‪٧‬بمد رسوؿ هللا) ٌ‬
‫حٌب يقولوا ال إلو إالٌ هللا" كٓب يقل ٌ‬
‫"أمرت أف أقاتل الناس ٌ‬
‫الشهادة ابلرسالة‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كيقوؿ بعد الفراغ من الورد أك الوظيفة‪( :‬إ ٌف هللا كمبلئكتو يصلٌوف على النيب اي أيٌها الذين آمنوا‬
‫ب ال ًٍع َّزةً ىع َّما ي ً‬ ‫صلٌوا عليو كسلٌموا تسليما)‪ٍ ،‬بٌ يقوؿ‪ :‬يس ٍب ىحا ىف ىربًٌ ى‬
‫ص يفو ىف ىك ىس ىبل هـ ىعلىى‬ ‫ى‬ ‫ك ىر ًٌ‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫ْب‪ .‬كيبتدئ حضرة يوـ ا‪١‬بمعة ابلبسملة مع الفاتح‪ٍ ،‬بٌ (أستغفر‬ ‫ب ال ىٍعالى ًم ى‬‫ْب ىكا ٍ‪٢‬بى ٍم يد ََّّلل ىر ًٌ‬
‫ال يٍم ٍر ىسل ى‬
‫مرات‪ٍ ،‬بٌ إً َّف‬ ‫مرات‪ٍ ،‬بٌ صبلة الفاتح ثبلث ٌ‬ ‫ا‪٢‬بي القيٌوـ) ثبلث ٌ‬ ‫هللا العظيم الذم ال إلو إالٌ ىو ٌ‬
‫ك اآلية‪،‬‬ ‫هللاى ىكىم ىبلئً ىكتىوي اآلية‪ٍ ،‬بٌ صلٌى هللا عليو كسلٌم اْب‪ٍ ،‬بٌ يس ٍب ىحا ىف ىربًٌ ى‬
‫كٱبتمها ابلبسملة مع الفا‪ٙ‬بة‪ٍ ،‬بٌ صبلة الفاتح ثبلاث‪ٍ ،‬بٌ إً َّف هللاى ىكىم ىبلئً ىكتىوي اآلية‪ٍ ،‬بٌ صلٌى هللا اْب‪،‬‬
‫كمن زاد ُب الورد كُب الوظيفة أك ن ٌقص ‪ٙ‬بقيقا أك ش ٌكا فإنٌو ٯبرب ابإلستغفار‬ ‫ك اْب‪ .‬ى‬ ‫ٍبٌ يس ٍب ىحا ىف ىربًٌ ى‬
‫كأما من شرع ُب الورد أكالوظيفة ٍبٌ أقيمت الصبلة‪ ،‬فإنٌو يصلٌي مع ا‪١‬بماعة‪ ،‬فإذا سلٌم‬ ‫مرة‪ٌ .‬‬ ‫مائة ٌ‬
‫ٗبجرد السبلـ قبل أف ٰبدث شيئا من األذكار‪ ،‬فإذا ‪ٛ‬بٌم‬ ‫يتمم ما بقى لو ٌ‬ ‫يبِب كال يستأنف‪ ،‬بل ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪326‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بذكر األفكار الٍب تفعل دبر الصلوات‪.‬‬
‫ككذلك إذا حضر بْب يديو طعاـ خفيف أك شراب كقد شرع ُب الذكر‪ ،‬فإنٌو أيكل أك يشرب ٍبٌ‬
‫كأما ا‪٤‬بسبوؽ ُب الوظيفة فإنٌو يبتدئ‬
‫كأما الثقيل فبل‪ ،‬كإف فعل استأنف‪ٌ .‬‬
‫يتمم من غّب استئناؼ‪ٌ .‬‬
‫ٌ‬
‫ابلذكر الذم كجد الذاكرين يقرؤكنو‪ ،‬فإذا ‪ٛ‬بٌموا يقضي ما فاتو‪ .‬مثالو‪ :‬أف ٯبدىم قد شرعوا ُب‬
‫مرات‪ ،‬فإنٌو يقرأ ما بقي معهم‪ ،‬فإذا فرغوا يبتدم‬
‫ست ٌ‬
‫قراءة جوىرة الكماؿ أك ٓب يبق ‪٥‬بم االٌ ٌ‬
‫س‬ ‫ً‬
‫مرات‪ ،‬فقد أًبٌ الوظيفة‪ .‬فليىق ٍ‬
‫ست ٌ‬
‫اإلستغفار ٍبٌ بصبلة الفاتح ٍبٌ اب‪٥‬بيللة ٍبٌ ٔبوىرة الكماؿ ٌ‬
‫كل ذكر كجدىم فيو‪.‬‬ ‫على ىذا ٌ‬
‫احملمديٌة‪ .‬كُب لواقح األنوار ُب‬
‫كأما الدعاء بعد إ‪ٛ‬باـ الذاكر كرده فمعلوـ مشهور ُب ىذه ا‪٤‬بلٌة ٌ‬
‫ٌ‬
‫يَبصد األزماف‬
‫األدعية كاالسرار للشيخ شهاب الدين أ‪ٞ‬بد القسطبل٘ب‪ :‬ينبغي للداعي أف ٌ‬
‫كاألحواؿ الشريفة‪ ،‬كيوـ عرفة كشهر رمضاف كيوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬إٔب أف قاؿ‪ :‬كعند شرب ماء زمزـ‬
‫كصياح الديك‪ ،‬يعِب ُب السحر‪ ،‬لقولو عليو السبلـ‪" :‬أيٌب ربٌنا ‪ -‬كُب ركاية ينزؿ ربٌنا ‪ -‬كقت‬
‫السحر إٔب ‪٠‬باء الدنيا فيقوؿ ىل من داع" ا‪٢‬بديث‪ ،‬كاجتماع ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كُب ‪٦‬بالس الذكر‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كأما م ٌد اليدين حالة الدعاء كمسح الوجو هبما فقد قاؿ أيضا ُب ذلك الكتاب‪ :‬كينبغي للداعي‬
‫ٌ‬
‫ذـ‬
‫أف يعتِب آبداب الدعاء‪ٍ ،‬بٌ ع ٌددىا إٔب أف قاؿ‪ :‬كأف ٲب ٌد يديو كال يقبضهما ألف هللا تعأب ٌ‬
‫سوا هللاى فىػنى ًسيىػ يه ٍم‪ ،‬قيل أ ٌف معُب اآلية ال ٲب ٌدكهنا ُب الدعاء‪،‬‬
‫أقواما يقبضوف أيديهم فقاؿ تعأب‪ :‬نى ي‬
‫كاختلفوا ُب كيفيٌة م ٌد اليدين‪ ،‬فقيل يدعو هللا تعأب ببطوف ك ٌفيو‪ ،‬كقيل بظهورىا‪ ،‬كقيل إف كاف‬
‫بسؤاؿ دفع الببلء يدع بظهورٮبا كإف كاف ُب طلب حاجة سأؿ ببطوهنما‪.‬‬
‫ركل مس ٌدد أ ٌف عبد الر‪ٞ‬بن بن ‪٧‬بّبيز قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم‪" :‬إذا سألتم هللا‬
‫كجل فأسألوه ببطوف أك ٌفكم كال تسألوه بظهورىا"‪ .‬كاختلفوا ُب استحباب رفع بصره إٔب‬
‫عز ٌ‬ ‫ٌ‬
‫األكؿ أل ٌف السماء‬ ‫ً‬
‫جعل كجهو إٔب األرض أـ ال على قولْب‪ ،‬الراجح ٌ‬ ‫السماء‪ ،‬ىل ىو أفضل من ٍ‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم دعا ىكذا يوـ بدر‪ ،‬كينبغي أيضا‪ ،‬كما قالو‬
‫قبلة الداعْب‪ ،‬كأل ٌف ٌ‬
‫ا‪٣‬بطٌايب‪ ،‬أف يكشف يديو ُب حاؿ رفعهما كال يدعهما مغطٌاتْب‪.‬‬

‫قاؿ أبو سليماف الدارا٘ب‪ :‬كانت ليلة ابردة‪ ،‬ككنت ُب احملراب‪ ،‬فأقلقِب الربد‪ ،‬فجالت يدم من‬
‫الربد‪ ،‬يعِب ُب الدعاء‪ .‬قاؿ‪ً :‬‬
‫كبقيىت األخرل ‪٩‬بدكدة‪ .‬فغلبتِب عينام‪ ،‬فإذا تلك اليد ا‪٤‬بكشوفة‬
‫صورت من ا‪١‬بنٌة‪ ،‬فهتف يب ىاتف‪ :‬اي أاب سليماف‪ ،‬قد كضعنا ُب ىذه ما أصاهبا‪ ،‬كلو كانت‬
‫قد ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪327‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫األخرل مكشوفة لوضعنا فيها‪ ،‬فآليت على نفسي أف ال أدعوا إالٌ كيدام مكشوفتاف ىح ٌران كاف‬
‫أك بردا‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم إذا رفع‬
‫كأف يسمح هبما كجهو‪ ،‬فعن عمر رضي هللا تعأب عنو‪" :‬كاف ٌ‬
‫احملمديٌة‪:‬‬
‫حٌب ٲبسح هبما كجهو"‪ ،‬ركاه الَبمذم‪ .‬إنتهى‪ .‬كُب العهود ٌ‬ ‫يديو ُب الدعاء ٓب ٰبطٌهما ٌ‬
‫العاـ من رسوؿ هللا صلٌى هللا عليو كسلٌم أف ال نرفع بصران إٔب السماء حاؿ‬
‫أخذ علينا العهد ٌ‬
‫نغض بصران أك ننظر إٔب األرض‪ ،‬ككذلك ال ندعوا ُب قلبنا كىو غافل فإ ٌف ُب ذلك من‬
‫دعائنا‪ٌ ،‬‬
‫سوء األدب ما ال ٱبفي التباع الشريعة كاتباع العرؼ ُب ذلك كإالٌ فا‪١‬بهات كلٌها ُب ح ٌق هللا‬
‫تعأب كاحدة‪.‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم يقلٌب كجهو ُب السماء ألهنٌا طريق نزكؿ الوحي ا‪٤‬بعهود‪،‬‬
‫كإف كاف ٌ‬
‫كما أنٌو التفت ُب صبلتو ينظر على الغّب الذم أرسل قاصدا ينظر منو خرب القوـ‪ ،‬فهو التفات‬
‫إٔب ‪٨‬بلوؽ كنظر إٔب ‪٨‬بلوؽ من جربيل كغّبه‪ ،‬فافهم‪ ،‬فإ ٌف هللا تعأب مدحو قبل ذلك بقولو عند‬
‫ص ير ىكىما طىغىى‪ ،‬يعِب‪ :‬ما جاكز حضرة ا‪٣‬بطاب‪ .‬كقد ‪٠‬بعت سيٌدم عليٌا‬
‫غ الٍبى ى‬
‫ليلة االسراء‪ :‬ىما ىزا ى‬
‫ا‪٣‬بواص يقوؿ ُب حديث "كانت خطيئة أخي داكد النظر" يعِب إٔب غّب هللا تعأب بغّب إذف من‬ ‫ٌ‬
‫هللا تعأب‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كأما رفع اليدين إٔب السماء فإهنٌما آلة يقبل هبما صدقات ا‪٢‬ب ٌق تعأب الٍب تصدؽ ا‪٢‬بق هبا عليو‬
‫ٌ‬
‫كيضمهما إٔب بعضهما كا‪٤‬بغَبؼ هبما ماء‪ ،‬كما قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد الزاىد‪ ،‬كهللا تعأب أعلم‪ .‬كركل‬
‫ٌ‬
‫"لينتهْب أقواـ عن رفعهم أبصارىم عند الدعاء كُب الصبلة إٔب‬
‫ٌ‬ ‫مسلم كالنسائي كغّبٮبا مرفوعا‪:‬‬
‫ليخطفن هللا أبصارىم"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫السماء أك‬

‫جزم ُب قوانْب األحكاـ الشرعيٌة كمسائل الفركع الفقهيٌة على مذىب إماـ ا‪٤‬بدينة‬
‫كقاؿ ابن ٌ‬
‫مالك بن أنس رضي هللا تعأب عنهما‪ :‬كآداب الذكر سبعة‪ ،‬الوضوء لو‪ ،‬كتقد‪ٙ‬ب ذكر هللا تعأب‪،‬‬
‫النيب صلٌى هللا عليو كسلٌم قبلو‪ ،‬كرفع اليدين فيو‪ ،‬كاإل‪٢‬باح ابلتكرار‪ ،‬كاإلخبلص‪.‬‬
‫كالصبلة على ٌ‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفٌق ٗبنٌو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الرابع كالثبلثوف‬
‫الفصل ٌ‬
‫للخواص من أىل‬
‫ٌ‬ ‫ُب ذكر بعض أذكار الطريقة غّب البلزمة الٍب يعطي بعضهما ابإلذف كالتلقْب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪328‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫للخواص منهم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫العواـ منهم‪ ،‬كبعضها ال يؤذف فيها إالٌ‬
‫الطريقة دكف ٌ‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنٌو إٔب سواء الطريق‪:‬‬
‫اللهم أنت ا‪٥‬بو الذم ال‬
‫منها ايقوتة ا‪٢‬بقائق ُب التعريف ٕبقيقة سيٌد ا‪٣‬ببلئق كىي‪( :‬هللا هللا هللا ٌ‬
‫العلي ُب عظمة انفراد حضرة أحديتك الٍب شئت فيها بوجود شؤكنك كأنشأت من‬
‫إلو إالٌ أنت ٌ‬
‫اتمة ٘بد منها بسبب كجودىا من انفراد‬
‫نورؾ الكامل نشأة ا‪٢‬ب ٌق كأنطتها كجعلتها صورة كاملة ٌ‬
‫حضرة أحديتك قبل نشر‬
‫أشباحها كجعلت منها فيها بسببها انبساط العلم كجعلت من أثر ىذه العظمة كمن بركتها شبح‬
‫العزة من‬
‫كمتحركها كأنتطها إبقباؿ التحريك كالتسكْب كجعلتها ُب إحاطة ٌ‬
‫ٌ‬ ‫الصورة كلٌها جامدىا‬
‫كسوهنا قبلت منها كفيها ك‪٥‬با كتشعشعت الصورة البارزة إبقباؿ الوجود كق ٌدرت ‪٥‬با كفيها كمنها‬
‫ما ٲباثلها ‪٩‬بٌا يطابق أرقاـ صورىا كحكمت عليها ابلربكز لتأدية ما ق ٌدرتو عليها كجعلها منقوشة‬
‫ُب لوحها احملفوظ الذم خلقت منو بربكات كحكمت عليها ‪٩‬بٌا أردت ‪٥‬با كٗبا تريد هبا كجعلت‬
‫الكل قبضة من نور‬
‫الكل من كلٌك كجعلت ٌ‬
‫الكل ُب تلك كجعلت ىذا ٌ‬
‫كل ٌ‬ ‫ٌ‬
‫اللهم ٗبرتبة ىذه العظمة كأطبلقها ُب‬
‫عظمتك ركحا ‪٤‬با أنت أىل لو ك‪٤‬با ىو أىل لك أسألك ٌ‬
‫كجد كعدـ أف تصلٌي كتسلٌم على تر‪ٝ‬باف لساف القدـ اللوح احملفوظ كالنور السارم ا‪٤‬بمدكد‬
‫صل كسلٌم على‬
‫اللهم ٌ‬
‫الذم ال يدركو دارؾ كال يلحقو الحق الصراط ا‪٤‬بستقيم انصر ا‪٢‬ب ٌق اب‪٢‬ب ٌق ٌ‬
‫صل كسلٌم عليو كعلى آلو‬
‫اللهم ٌ‬
‫أشرؼ ا‪٣‬ببلئق اإلنسانيٌة كا‪١‬بانٌػيٌة صاحب األنوار الفاخرة ٌ‬
‫كذريٌتو كأىل بيتو كإخوانو من النبيٌْب كالص ٌديقْب كعلى من آمن بو كاتٌبعو‬
‫كعلى أكالد كأزكاجو ٌ‬
‫اللهم اجعل صبلتنا عليو مقبولة ال مردكدة‬
‫االكلْب كاآلخرين ٌ‬‫من ٌ‬
‫سرا كاجعل‬
‫اللهم كاجعلو لنا ركحا كلعبادتنا ٌ‬
‫‪٧‬بمد كآلو ٌ‬
‫صل كسلٌم على سيٌدان كموالان ٌ‬
‫اللهم ٌ‬
‫ٌ‬
‫اللهم كاجعل تعظيمو ُب قلوبنا حياة أقوـ هبا‬
‫اللهم ‪٧‬ببٌتو لنا قوتنا استعْب هبا على تعظيمو ٌ‬
‫ٌ‬
‫رب حجاب‬
‫اللهم كاجعل صبلتنا عليو مفتاحا كافتح لنا هبا اي ٌ‬
‫كأستعْب هبا على ذكره كذكر ربٌو ٌ‬
‫مِب بربكة حبييب كحبيب عبادؾ ا‪٤‬بؤمنْب ما أان أؤ ٌديو من األكراد كاألذكار كاحملبٌة‬
‫االقباؿ كتقبٌل ٌ‬
‫‪٧‬بمد آمْب‪.‬‬‫كالتعظيم لذاتك هللا هللا هللا آه آه آه آمْب ىو ىو ىو آمْب كصلٌى هللا على سيٌدان ٌ‬
‫صل كسلٌم على عْب ذاتك العليٌة‬
‫(اللهم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كنصها‪:‬‬
‫كمنها الصبلة الغيبيٌة ُب ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بديٌة‪ٌ ،‬‬
‫أبنواع كماالتك البهيٌة ُب حضرة ذاتك األبديٌة على عبدؾ القائم بك منك لك إليك أبًبٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪329‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٥‬بويٌة التإب السبع ا‪٤‬بثا٘ب بصفاتك النفسيٌة‬ ‫ً‬
‫الصلوات الزكيٌة ا‪٤‬بصلٌي ُب ‪٧‬براب عْب ىاء ٌ‬
‫ا‪٤‬بخاطب بقولك كاسجد كاقَبب الداعي بك لك إبذنك لكافٌة شؤكنك العلميٌة فمن أجاب‬
‫سرؾ ا‪٤‬بدد السارم ُب كلٌيٌة أجزاء موىبة‬
‫اصطفى كقرب ا‪٤‬بفيض على كافٌة من أكجدتو بقيٌوميٌة ٌ‬
‫كبرؾ‬
‫فضلك ا‪٤‬بتجلٌي عليو ُب ‪٧‬براب قدسك كأنسك بكلمات ألوىيتك ُب عوا‪٤‬بك ٌ‬
‫اتما‬
‫اللهم عليو سبلما ٌ‬
‫اتمة بك كمنك كإليك كعليك كسلٌم ٌ‬
‫اللهم عليو صبلة كاملة ٌ‬
‫فصل ٌ‬ ‫كٕبرؾ ٌ‬
‫صلْب على خليلك كحبيبك من خلقك عدد ما‬
‫دائمْب متٌ ٍ‬
‫عاما شامبل ألنواع كماالات قدسك ٍ‬
‫ٌ‬
‫ب عنٌا ٗبحض فضلك الكر‪ٙ‬ب ُب الصبلة عليو‬
‫ُب علمك القد‪ٙ‬ب كعميم فضلك العظيم كني ٍ‬
‫كىويٌة أنسك كعلى آلو كصحابة رسولك كنبيٌك‬
‫صبلتك الٍب صلٌيت عليو ُب ‪٧‬براب قدسك ٌ‬
‫كسلٌم عليهم تسليما عدد إحاطة علمك‪.‬‬
‫اللهم أنت هللا ا‪٤‬بلك‬
‫كنصو‪( :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ٌ‬
‫كمنها ا‪٢‬برز اليما٘ب‪ ،‬كىو ا‪٢‬بزب السيفي‪ٌ ،‬‬
‫ا‪٢‬بي القيٌوـ القادر ا‪٤‬بقتدر ا‪١‬ببٌار‬
‫ا‪٤‬بتفرد ابلبقاء ٌ‬
‫ا‪٤‬بتعزز ابلعظمة كالكربايء ٌ‬
‫ا‪٢‬ب ٌق ا‪٤‬ببْب القد‪ٙ‬ب ٌ‬
‫ريب كأان عبدؾ عملت سوءا كظلمت نفسي كاعَبفت بذنيب‬ ‫القهار الذم ال إلو إالٌ أنت أنت ٌ‬
‫ٌ‬
‫فاغفر ذنويب كلٌها فإنٌو ال يغفر الذنوب إالٌ أنت اي غفور اي شكور اي حليم اي كر‪ٙ‬ب اي صبور اي‬
‫إ٘ب أ‪ٞ‬بدؾ كأنت احملمود كأنت للحمد أىل كأشكرؾ كأنت ا‪٤‬بشكور كأنت للشكر‬ ‫اللهم ٌ‬
‫رحيم ٌ‬
‫إٕب‬
‫أىل على ما خصصتِب بو من مواىب الرغائب كأكصلت ٌ‬
‫كبوأتِب بو من مظنٌة الصدؽ عندؾ كأنلتِب بو من‬
‫من فضائل الصنائع كأكليتِب بو من إحسانك ٌ‬
‫عِب كالتوفيق ٕب كاإلجابة لدعائي‬
‫كل كقت من دفع البليٌة ٌ‬
‫إٕب كأحسنت بو إٕب ٌ‬
‫منتك الواصلة ٌ‬
‫متضرعا مصافيا ضارعا كحْب أرجوؾ راجيا فأجدؾ‬ ‫حْب أانديك داعيا كأانجيك راغبا كأدعوؾ ٌ‬
‫ابرا كليٌا ُب األمور كلٌها انظرا كعلى‬
‫كافيا كألوذ بك ُب ا‪٤‬بواطن كلٌها فكن ٕب جارا حاضرا حفيٌا ٌ‬
‫كبرؾ‬
‫األعداء كلٌهم انصرا كللخطااي كالذنوب كلٌها غافرا كللعيوب كلٌها ساترا ٓب أعدـ عونك ٌ‬
‫كعزؾ كإحسانك طرفة عْب منذ أنزلتِب دار االختبار كالفكر‬
‫كخّبؾ ٌ‬
‫رب‬
‫كاالعتبار لتنظر ما أق ٌدـ لدار ا‪٣‬بلود كالقرار كا‪٤‬بقامة مع األخيار فأان عبدؾ فاجعلِب اي ٌ‬
‫كا‪٤‬بضاؿ كا‪٤‬بصائب كا‪٤‬بعائب‬
‫ٌ‬ ‫ا‪٤‬بضار‬
‫ٌ‬ ‫عتيقك اي إ‪٥‬بي كموالم خلٌصِب من النار كمن ‪ٝ‬بيع‬
‫كالنوائب كاللوازـ كا‪٥‬بموـ الٍب قد ساكرتِب فيها الغموـ ٗبعاريض أصناؼ الببلء كضركب جهد‬
‫القضاء إ‪٥‬بي ال أذكر منك إالٌ ا‪١‬بميل كٓب ىأر منك إالٌ التفصيل خّبؾ ٕب شامل كصنعك ٕب كامل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪330‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫علي دائم متواتر كنعمك عندم متٌصلة ٓب ‪ٚ‬بفر ٕب‬
‫كبرؾ ٕب غامر كفضلك ٌ‬
‫كلطفك ٕب كافل ٌ‬
‫جوارم كأمنت خوُب كص ٌدقت رجائي كح ٌققت آمإب كصاحبتِب ُب أسافرم كأكرمتِب ُب‬
‫أحضارم كعافيت أمرضام كشفيت أكصايب كأحسنت منقليب كمثوام كٓب تشمت يب أعدائي‬
‫عِب‬
‫شر من عدا٘ب فأان أسألك اي هللا اآلف أف تدفع ٌ‬
‫كحسادم كرميت من رما٘ب بسوء ككفيتِب ٌ‬
‫ٌ‬
‫عزؾ اي أكرـ األكرمْب‬
‫كشر ا‪٤‬بعاندين كا‪ٞ‬بِب ‪ٙ‬بت سرادقات ٌ‬
‫كيد ا‪٢‬باسدين كظلم الظا‪٤‬بْب ٌ‬
‫عِب بنور قدسك‬
‫كابعد بيِب كبْب أعدائي كما ابعدت بْب ا‪٤‬بشرؽ كا‪٤‬بغرب كاخطف أبصارىم ٌ‬
‫كدمرىم تدمّبا كما دفعت‬
‫كاضرب رقاهبم ٔببلؿ ‪٦‬بدؾ كاقطع أعناقهم بسطوات قهرؾ كأىلكهم ٌ‬
‫ا‪٢‬بساد عن أنبيائك كضربت رقاب ا‪١‬ببابرة ألصفيائك كخطفت أبصار األعداء عن‬
‫كيد ٌ‬
‫أكليائك كقطعت‬
‫ا‪٤‬بقربْب كعبادؾ‬
‫‪٣‬بواصك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫كدمرت الدجاجلة‬
‫أعناؽ األكاسرة ألتقيائك كأىلكت الفراعنة ٌ‬
‫الصا‪٢‬بْب اي غيٌاث ا‪٤‬بستغيثْب أغثِب على ‪ٝ‬بيع أعدائك فحمدم لك اي إ‪٥‬بي كاصب كثنائي‬
‫عليك متواتر دائم من الدىر إٔب الدىر أبلواف التسبيح كالتقديس كصنوؼ اللغات ا‪٤‬بادحة‬
‫كالتقرب‬
‫كأصناؼ التنزيو خالصا لذكرؾ كمرضيا لك بناصع التحميد كالتمجيد كخالص التوحيد ٌ‬
‫كالتقريب كالتفريد كإ‪٧‬باض التمجيد بطوؿ التعبٌد كالتعديد ٓب تعن ُب قدرؾ كٓب تشارؾ ُب‬
‫ألوىيتك كٓب تعلم لك ماىية فتكوف لؤلشياء ا‪٤‬بختلقة ‪٦‬بانسا كٓب تعاين إذا حبست األشياء على‬

‫العزائم ا‪٤‬بختلفات كال خرقت األكىاـ حجب الغيوب إليك فاعتقد منك ‪٧‬بدكا ُب ‪٦‬بد عظمتك‬
‫ال يبلغك بعد ا‪٥‬بمم كال ينالك غوص الفطن كال ينتهي إليك بصر انظر ُب ‪٦‬بد جربكتك ارتفعت‬
‫عن صفات ا‪٤‬بخلوقْب صفات قدرتك كعبل عن ذكر الذاكرين كربايء عظمتك فبل ينتقص ما‬
‫أردت اف يزداد كال يزداد ما أردت أف ينتقص ال أحد شهدؾ حْب فطرت ا‪٣‬بلق كال ن ٌد كال ض ٌد‬
‫حضرؾ حْب برأت النفوس كلٌت األلسن عن تفسّب صفتك كا‪٫‬بسرت العقوؿ عن كنو معرفتك‬
‫األزٕب الذم ٓب يزؿ‬
‫رب كأنت هللا ا‪٤‬بلك ا‪١‬ببٌار الق ٌدكس ٌ‬
‫كصفتك ككيف يوصف كنو صفتك اي ٌ‬
‫كال يزاؿ‬
‫سرمداي دائما ُب الغيوب كحدؾ ال شريك لك ليس فيها أحد غّبؾ كٓب يكن إلو‬
‫ٌ‬ ‫أبداي‬
‫أزليٌا ابقيا ٌ‬
‫سواؾ حارت ُب ٕبار هبا ملكوتك عميقات مذاىب التف ٌكر كتواضعت ا‪٤‬بلوؾ ‪٥‬بيبتك كعنت‬
‫كل شيء لقدرتك كخضعت‬
‫كل شيء لعظمتك كاستسلم ٌ‬
‫لعزتك كانقاد ٌ‬
‫الوجوه بذلٌة االستكانة ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪331‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كضل ىنالك التدبّب ُب تصاريف الصفات فمن تف ٌكر‬
‫لك الرقاب كىك َّل دكف ذلك ‪ٙ‬ببّب اللغات ٌ‬
‫كتعمق ُب ذلك رجع طرفو إليو خاسئا حسّبا كعقلو مبهوات‬
‫ُب إنشائك البديع كثنائك الرفيع ٌ‬
‫اللهم لك ا‪٢‬بمد ‪ٞ‬بدا كثّبا دائما متواليا متوترا متضاعفا‬
‫متحّبا أسّبا ٌ‬
‫كتف ٌكره ٌ‬
‫متٌسعا متٌسقا يدكـ كيتضاعف كال يبيد غّب مفقود ُب ا‪٤‬بلكوت كال مطموس ُب ا‪٤‬بعآب كال‬
‫منتقص ُب العرفاف فلك ا‪٢‬بمد على مكارمك الٍب ال ‪ٙ‬بصى كنعمك الٍب ال تستقصي ُب الليل‬
‫كالعشي كاإلبكار كالظهّبة كاألسحار كُب‬
‫ٌ‬ ‫الرب كالبحار كاآلصاؿ‬
‫إذا أدبر كالصبح إذا أسفر كُب ٌ‬
‫اللهم لك ا‪٢‬بمد بتوفيقك منذ أحضرتِب النجاة كجعلتِب منك‬
‫كل جزء من أجزاء الليل كالنهار ٌ‬
‫ٌ‬
‫الرد كاالمتناع ك‪٧‬بفوظا‬
‫ُب كالية العصمة فلم أبرح ُب سبوغ نعمائك كتتابع آالئك ‪٧‬بركسا بك ُب ٌ‬
‫إ٘ب أ‪ٞ‬بدؾ إذ ٓب تكلٌفِب فوؽ طاقٍب‬
‫اللهم ٌ‬
‫عِب ٌ‬‫بك ُب ا‪٤‬بنعة كالدفاع ٌ‬
‫كأقل من كسعي‬
‫مِب من طاعتك كعبادؾ دكف استطاعٍب ٌ‬
‫مِب إالٌ طاعٍب كرضيت ٌ‬
‫كٓب ترض ٌ‬
‫كمقدرٌب فإنٌك أنت هللا الذم ال إلو إالٌ أنت ٓب تغب كال تغيب عنك غائبة كال ‪ٚ‬بفى عليك‬
‫ظل ا‪٣‬بفيٌات ضالٌة إ ٌ٭با أمرؾ إذا أردت شيئا أف تقوؿ لو كن فيكوف‬
‫تضل عنك ُب ٌ‬
‫خافية كٓب ٌ‬
‫اللهم لك ا‪٢‬بمد مثل ما ‪ٞ‬بدت بو نفسك كأضعاؼ ما ‪ٞ‬بدؾ بو ا‪٢‬بامدكف كسبٌحك بو‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بكربكف كىلٌلك بو ا‪٤‬بهلٌلوف كق ٌدسك بو ا‪٤‬بق ٌدسوف‬
‫كربؾ بو ٌ‬
‫ا‪٤‬بمجودكف ك ٌ‬
‫ا‪٤‬بسبٌوحوف ك‪٦‬بٌدؾ بو ٌ‬
‫مِب كحدم‬
‫حٌب يكوف لك ٌ‬
‫ا‪٤‬بوحدكف كعظٌمك بو ا‪٤‬بعظٌموف كاستغفرؾ بو ا‪٤‬بستغفركف ٌ‬
‫ككحدؾ بو ٌ‬
‫ٌ‬
‫ا‪٤‬بوحدين كا‪٤‬بخلصْب‬
‫كأقل من ذلك مثل ‪ٞ‬بد ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بامدين كتوحيد أصناؼ ٌ‬
‫كل طرفة عْب ٌ‬
‫ُب ٌ‬
‫كتقديس أجناس العارفْب كثناء ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بهلٌلْب كا‪٤‬بصلٌْب كا‪٤‬بسبٌحْب كمثلما أنت بو عآب كأنت‬
‫‪٧‬بمود ك‪٧‬ببوب ك‪٧‬بجوب من ‪ٝ‬بيع خلقك كلٌهم من ا‪٢‬بيواانت كالربااي كاألانـ إ‪٥‬بي أسالك‬
‫ٗبسائلك كأرغب إليك بك ُب بركة ما أنطقتِب بو من ‪ٞ‬بدؾ ككفٌقتِب إليو من شكرؾ ك‪ٛ‬بجيدم‬
‫كطوال‬
‫لك فما أيسر ما كلٌفتِب بو من نعمائك كمزيد ا‪٣‬بّب على شكرؾ ابتدأتِب ابلنعم فضبل ٍ‬
‫كأمرتِب ابلشكر ح ٌقا كعدال ككعدتِب عليو أضعافا كمزيدا كأعطيتِب من رزقك كاسعا‬
‫اللهم على إذ ا‪٪‬بيتِب كعافيتِب بر‪ٞ‬بتك‬
‫كثّبا اختيارا كرضى كسألتِب عنو شكرا يسّبا لك ا‪٢‬بمد ٌ‬
‫من جهد الببلء كدرؾ الشقاء كٓب تسلمِب لسوء قضائك كببلئك كجعلت ملبسي العافية‬
‫كأكليتِب البسطة كالرخاء كشرعت ٕب ايسر القصد كضاعفت ٕب أشرؼ الفضل مع ما عبٌدتِب بو‬
‫ا‪٢‬بجة الشريعة كبشرتِب بو من الدرجة العا‪٤‬بية الرفيعة كاصطفيتِب أبعظم دعول كأفضلهم‬
‫من ٌ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪332‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كعلى آلو كسلٌم‬
‫حجة سيٌدان ٌ‬
‫شفاعة كأرفعهم درجة كأقرهبم منزلة كأكضحهم ٌ‬
‫‪٧‬بمد‬
‫صل على ٌ‬
‫اللهم ٌ‬
‫كعلى ‪ٝ‬بيع األنبياء كا‪٤‬برسلْب كأصحابو الطيٌبْب الطاىرين ٌ‬
‫‪٧‬بمد كاغفر ٕب ما ال يسعو إالٌ مغفرتك كال ٲبحقو إالٌ عفوؾ كال يك ٌفره إالٌ ٘باكزؾ‬
‫كعلى آؿ ٌ‬
‫كفضلك كىب ٕب ُب يومي ىذا كليلٍب ىذه كساعٍب ىذه كشهرم ىذا كسنٍب ىذه يقينا صادقا‬
‫علي مصائب الدنيا كاآلخرة أحزاهنما كيشوقِب إليك كيرغٌبِب فيما عندؾ كاكتب ٕب عندؾ‬
‫يهوف ٌ‬
‫ٌ‬
‫علي فإنٌك أنت الذم ال إلو إالٌ أنت‬
‫مغفرة كبلٌغِب الكرامة من عندؾ كأكزعِب شكرىا أنعمت بو ٌ‬
‫الواحد األحد الرفيع البديع ا‪٤‬ببدمء ا‪٤‬بعيد السميع العليم الذم ليس ألمرؾ مدفع كال عن‬
‫كل شيء ال إلو إالٌ أنت فاطر السموات‬
‫كرب ٌ‬
‫ريب ٌ‬
‫قضائك ‪٩‬بتنع كأشهد أنٌك ٌ‬
‫إ٘ب أسألك الثبات ُب األمر كالعزٲبة‬
‫اللهم ٌ‬
‫العلي الكبّب ا‪٤‬بتعاؿ ٌ‬
‫كاالرض عآب الغيب كالشهادة ٌ‬
‫كل ما تعلم كأعوذ‬
‫على الرشد كالشكر على نعمك كأسألك حسن عبادتك كاسألك من خّب ٌ‬
‫شر كل ما تعلم إنٌك أنت عبلٌـ الغيوب كأسألك أمنا ٕب‬
‫شر ما تعلم كأستغفرؾ من ٌ‬
‫بك من ٌ‬
‫كل ساحر كبغي‬
‫كل ظآب كسحر ٌ‬
‫كل ماكر كظلم ٌ‬
‫كل جائر كمكر ٌ‬
‫كألحبايب كأعوذ بك من جور ٌ‬
‫كل طاعن‬
‫كل عدك كطعن ٌ‬
‫كل كائد كعداكة ٌ‬
‫كل غادر ككيد ٌ‬
‫كل حسد كغدر ٌ‬
‫كل ابغ كحسد ٌ‬
‫ٌ‬
‫اللهم بك أصوؿ على‬
‫كل كاشح ٌ‬
‫كل شامت ككشح ٌ‬
‫كل ‪٧‬بتاؿ كمشاتة ٌ‬
‫كل قادح كحيل ٌ‬
‫كقدح ٌ‬
‫االعداء‬
‫كإايؾ أرجو كالية االحباب كاالكلياء كالقرابء فلك ا‪٢‬بمد على ما ال استطيع إحصاءه‬
‫كالقرانء ٌ‬
‫كال تعديده من عوائد فضلك كعوارؼ رزقك كألواف ما أكليتِب بو من إرفادؾ ككرمك فإنٌك أنت‬
‫هللا الذم ال إلو إالٌ أنت الفاشي ُب ا‪٣‬بلق ‪ٞ‬بدؾ الباسط اب‪١‬بود يدؾ ال تضاد ُب حكمك كال‬
‫تنازع ُب أمرؾ كسلطانك كملكك كال تشارؾ ُب ربوبيٌتك كال تزاحم ُب خليقتك ‪ٛ‬بلك من األانـ‬
‫القهار‬
‫ضل القادر ا‪٤‬بقتدر ا‪١‬ببٌار ٌ‬
‫اللهم أنت هللا ا‪٤‬بنعم ا‪٤‬بتف ٌ‬
‫ما شاء كال ٲبلكوف منك إالٌ ماتريد ٌ‬
‫القاىر ا‪٤‬بق ٌدس ابجملد ُب نور القدس ترديت ابجملد كالبهاء‬

‫شيت ابلنور كالضياء ك٘بلٌلت اب‪٤‬بهابة‬


‫ابلعزة كالعبلء كأتزرت ابلعظمة كالكربايء كتغ ٌ‬
‫كتعاظمت ٌ‬
‫ا‪٤‬بن القد‪ٙ‬ب كالسلطاف الشامخ كا‪٤‬بلك الباذخ كا‪١‬بود الواسع كالقدرة الكاملة‬
‫كالبهاء لك ٌ‬
‫‪٧‬بمد صلٌى هللا عليو كعلى‬
‫كالعزة الشاملة فلك ا‪٢‬بمد على ما جعلتِب من ٌأمة ٌ‬
‫كا‪٢‬بكمة البالغة ٌ‬
‫الرب كالبحر كرزقتهم من‬
‫كرمتهم ك‪ٞ‬بلتهم ُب ٌ‬
‫آلو كسلٌم كىو أفضل بِب آدـ عليو السبلـ الذين ٌ‬
‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪333‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬
‫سواي ما سا‪٤‬با‬
‫الطيبات كفضلتهم عل كثّب من خلقك تفضيبل كخلقتِب ‪٠‬بيعا بصّبا صحيحا ٌ‬
‫معاُب كٓب تشغلِب بنقصاف ُب بد٘ب عن طاعتك كال آبفة ُب جوارحي كال عاىة‬
‫لدم‬
‫ُب نفسي كال ُب عقلي كٓب ‪ٛ‬بنعِب كرامتك ٌإايم كحسن صنيعك عندم كأفضل منائحك ٌ‬
‫علي ُب الدنيا رزقا كفضلتِب على كثّب من أىلها تفضيبل‬
‫علي أنت الذم أكسعت ٌ‬
‫كنعمائك ٌ‬
‫فجعلت ٕب ‪٠‬بعا يسمع آايتك كعقبل يفهم إٲبانك كبصرا يرل قدرتك كفؤادا يعرؼ عظمتك‬
‫علي‬
‫علي شاىد حامد شاكر كلك نفسي شاكرة كٕب ٌقك ٌ‬ ‫فإ٘ب لفضلك ٌ‬‫كقلبا يعتقد توحيدؾ ٌ‬
‫كحي ٓب ترث ا‪٢‬بياة‬
‫كل ميٌت ٌ‬
‫كحي بعد ٌ‬‫حي ٌ‬ ‫كل ٌ‬ ‫كحي بعد ٌ‬
‫حي ٌ‬‫كل ٌ‬
‫حي قبل ٌ‬‫شهادة كأشهد أنٌك ٌ‬
‫تغّب‬
‫كل كقت كٓب تقطع رجائي كٓب تنزؿ يب عقوابت النقم كٓب ٌ‬
‫عِب ُب ٌ‬
‫حي كٓب تقطع خّبؾ ٌ‬
‫من ٌ‬
‫علي كاثئق‬
‫ٌ‬
‫عِب كالتوفيق‬
‫علي إالٌ عفوؾ ٌ‬
‫عِب دقائق العصم فلو ٓب أذكر من إحسانك كإنعامك ٌ‬
‫النعم كٓب ‪ٛ‬بنع ٌ‬
‫ٕب كاالستجابة لدعائي حْب رفعت صوٌب بدعائك ك‪ٙ‬بميدؾ كتوحيدؾ ك‪ٛ‬بجيدؾ كهتليلك‬
‫صورتِب فأحسنت صورٌب كإالٌ ُب قسمة االرزاؽ‬
‫كتكبّبؾ كتعظيمك كإالٌ ُب تقديرؾ خلقي حْب ٌ‬
‫حْب ق ٌدرهتا ٕب لكاف ُب ذلك ما يشغل فكرم عن جهدم فكيف إذا ف ٌكرت ُب النعم العظاـ‬
‫الٍب أتقلٌب فيها كال أبلغ شكر شيء منها فلك ا‪٢‬بمد عدد ما حفظو علمك كجرل بو قلمك‬
‫كنفذ بو حكمك ُب خلقك كعدد ما كسعتو ر‪ٞ‬بتك من ‪ٝ‬بيع خلقك كعدد ما أحاطت بو‬
‫قدرتك كأضعاؼ ما‬

‫إٕب ُب ما بقي من عمرم‬


‫فتمم إحسانك ٌ‬
‫علي ٌ‬
‫مقر بنعمتك ٌ‬
‫إ٘ب ٌ‬
‫اللهم ٌ‬
‫تستوجبو من ‪ٝ‬بيع خلقك ٌ‬
‫كأتوسل إليك‬
‫إ٘ب أسألك ٌ‬
‫اللهم ٌ‬
‫إٕب ُب ما مضى منو بر‪ٞ‬بتك اي أرحم الرا‪ٞ‬بْب ٌ‬
‫كما أحسنت ٌ‬
‫بتوحيدؾ ك‪ٛ‬بجيدؾ كهتليلك كتكبّبؾ كتسبيحك كما لك كتدبّبؾ كتعظيمك كتقديسك كنورؾ‬
‫كعلوؾ ككقارؾ كفضلك كجبللك كمنٌك ككمالك ككربايئك‬
‫كرأفتك كر‪ٞ‬بتك كعلمك كحلمك ٌ‬
‫كسلطانك كقدرتك كإحسانك كامتنانك ك‪ٝ‬بالك كهبائك كبرىانك كغفرانك كنبيٌك ككليٌك‬
‫‪٧‬بمد كعلى سائر إخوانو االنبياء كا‪٤‬برسلْب كأف ال ‪ٙ‬برمِب رفدؾ‬
‫كعَبتو الطاىرين أف تصلٌي على ٌ‬
‫كفضلك‬
‫ك‪ٝ‬بالك كجبللك كفوائد كراماتك فإنٌو ال يعَبيك لكثرة ما قد نشرت من العطااي عوائق البخل‬
‫كال ينقص جودؾ التقصّب ُب شكر نعمتك كال تنفذ خزائنك مواىبك ا‪٤‬بتٌسعة كال يؤثٌر ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪334‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كجودؾ العظيم منحك الفائقة ا‪١‬بليلة ا‪١‬بميلة األصيلة كال ‪ٚ‬باؼ ضيم إمبلؽ فتكدل كال‬
‫يلحقك خوؼ عدـ فينقص من جودؾ فيض فضلك إنٌك على ما تشاء قدير كابإلجابة جدير‬
‫اللهم ارزقِب قلبا خاشعا خاضعا ضارعا كعينا ابكية كبدان صحيحا صابرا كيقينا صادقا اب‪٢‬ب ٌق‬
‫ٌ‬
‫صادعا كتوبة نصوحا كلساان ذاكرا كحامدا كإٲباان صحيحا كرزقا حبلال طيٌبا كاسعا كعلما انفعا‬
‫ككلدا‬
‫صا‪٢‬با كصاحبا موافقا كسنا طويبل ُب ا‪٣‬بّب مشتغبل ابلعبادة ا‪٣‬بالصة كخلقا حسنا كعلما صا‪٢‬با‬
‫اللهم ال تنسِب ذكرؾ كال تولِب غّبؾ كال‬
‫متقبٌبل كتوبة مقبولة كدرجة رفيعة كامرأة مؤمنة طائعة ٌ‬
‫كأعز٘ب‬
‫عِب سَبؾ كال تقنطِب من ر‪ٞ‬بتك كال تبعد٘ب من كنفك كجوارؾ ٌ‬
‫تؤم ٌِب مكرؾ كال تكشف ٌ‬
‫ٌ‬
‫كل ركعة كخوؼ‬
‫كركحك ككن ٕب أنيسا من ٌ‬
‫من سخطك كغضبك كال تؤيٌسِب من ر‪ٞ‬بتك ٍ‬
‫كخصة ك‪٧‬بنة‬
‫كل بليٌة كآفة كعاىة ٌ‬
‫كل ىلكة ك‪٪‬بٌِب من ٌ‬
‫كخشية ككحشة كغربة كاعصمِب من ٌ‬
‫كزلزلة كش ٌدة كإىانة كذلٌة كغلبة كقلٌة كجوع كعطش كفقر كفاقة كضيق كفتنة ككابء كببلء‬

‫كىم‬
‫كغي كضبلؿ كضبللة كىامة كزلل كخطااي ٌ‬
‫كغرؽ كحرؽ كبرؽ كسرقة كحرب كبرد كهنب ٌ‬
‫كغم كمسخ كخسف كقدؼ كخلٌة كشلٌة كمرض كجنوف كجذاـ كبرص كنقص كىلكة كفضيحة‬
‫ٌ‬
‫عِب كال تدفعِب كأعطِب‬
‫اللهم ارفعِب كال تضعِب كادفع ٌ‬
‫كقبيحة ُب الدارين إنٌك ال ‪ٚ‬بلف ا‪٤‬بيعاد ٌ‬
‫عدكم‬
‫غمي كأىلك ٌ‬
‫كفرج ٮبٌي كاكشف ٌ‬
‫كال ‪ٙ‬برمِب كزد٘ب كال تنقصِب كار‪ٞ‬بِب كال تع ٌذبِب ٌ‬
‫علي كاحفظِب كال‬
‫هتِب كاسَب٘ب كال تفضحِب كآثر٘ب كال تؤثر ٌ‬
‫كانصر٘ب كال ‪ٚ‬بذلِب كأكرمِب كال ٌ‬
‫كل شيء قدير اي أقدر القادرين كاي أسرع ا‪٢‬باسبْب كصلٌى هللا على سيٌدان‬
‫تضيٌعِب فإنٌك على ٌ‬
‫اللهم أنت أمرتنا بدعائك ككعدتنا إبجابتك كقد‬
‫‪٧‬بمد كآلو كسلٌم أ‪ٝ‬بعْب اي ذا ا‪١‬ببلؿ كاالكراـ ٌ‬‫ٌ‬
‫اللهم ما ق ٌدرت‬
‫دعوانؾ كما أمرتنا فأجبنا كما كعدتنا اي ذا ا‪١‬ببلؿ كاالكراـ إنٌك ال ‪ٚ‬بلف ا‪٤‬بيعاد ٌ‬
‫فتممو ٕب أبحسن الوجوه كلٌها كأصوهبا كأصفاىا‬
‫ٕب من خّب كشرعت فيو بتوفيقك كتيسّبؾ ٌ‬
‫شر كح ٌذرتِب‬
‫فإنٌك على ما تشاء قدير كابالجابة جدير نعم ا‪٤‬بؤب كنعم النصّب كما ق ٌدرت ٕب من ٌ‬
‫حي كاي قيٌوـ اي من قامت السماكات كاألرضوف أبمره اي من ٲبسك السماء‬
‫عِب اي ٌ‬
‫منو فأصرفو ٌ‬
‫أف تقع على األرض إالٌ إبذنو اي من أمره إذا أراد شيئا أف‬
‫كل شيء كإليو ترجعوف سبحاف هللا القادر‬
‫يقوؿ لو كن فيكوف سبحاف الذم بيده ملكوت ٌ‬
‫اللهم ىذا الدعاء‬
‫ا‪٢‬بي القيٌوـ ببل معْب كال ظهّب بر‪ٞ‬بتك أستغيث ٌ‬
‫القوم العزيز ا‪١‬ببٌار ٌ‬
‫ٌ‬ ‫القاىر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪335‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العلي العظيم كا‪٢‬بمد‬
‫قوة إالٌ ابهلل ٌ‬
‫مِب كعليك التكبلف كال حوؿ كال ٌ‬
‫كمنك االجابة كىذا ا‪١‬بهد ٌ‬
‫‪٧‬بمد كعلى آلو الطيٌبْب الطاىرين كسلٌم‬
‫هلل ٌأكال كآخرا كظاىرا كابطنا كصلٌى هللا على سيٌدان ٌ‬
‫رب العا‪٤‬بْب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫تسليما كثّبا دائما أبدا إٔب يوـ الدين كحسبنا هللا كنعم الوكيل كا‪٢‬بمد هلل ٌ‬
‫كمنها‪ :‬حزب ا‪٤‬بغِب يقرأ بعد قراءة حزب السيفي كىو‪:‬‬

‫ا‪٤‬بهمات‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا إ‪٥‬بي بك أستغيث فأغثِب كعليك توٌكلت فأكفِب اي كاُب أكفِب ٌ‬
‫إ٘ب عبدؾ ببابك ذليلك ببابك‬
‫من أمور الدنيا كاآلخرة ثبلاث اي ر‪ٞ‬بن الدنيا كاآلخرة كرحيمهما ٌ‬
‫رب العا‪٤‬بْب الطاّب ببابك اي غيٌاث ا‪٤‬بستغيثْب‬
‫أسّبؾ ببابك مسكنك ببابك صنيعك ببابك اي ٌ‬
‫ا‪٤‬بقر ببابك اي‬
‫كل ا‪٤‬بكركبْب كأان عاصيك اي طالب ا‪٤‬بستغفرين ٌ‬
‫مهمومك ببابك اي كاشف كرب ٌ‬
‫غافر ا‪٤‬بذنبْب ا‪٤‬بعَبؼ ببابك اي أرحم الرا‪ٞ‬بْب ا‪٣‬باطئ ببابك ايرب العا‪٤‬بْب الظآب ببابك البائس‬
‫ا‪٣‬باشع ببابك أر‪ٞ‬بِب اي موالم ثبلاث إ‪٥‬بي ثبلاث إ‪٥‬بي أنت‬
‫الغافر كأان ا‪٤‬بسيئ إال الغافر موالم موالم موالم إ‪٥‬بي أنت الرب كأان العبد كىل يرحم العبد‬
‫إال الرب موالم موالم إ‪٥‬بي أنت القوم كأان الضعيف كىل يرحم الضعيف إال القوم موالم‬
‫موالم إ‪٥‬بي أنت العزيز كأان الذليل كىل يرحم الذليل إال العزيز موالم موالم إ‪٥‬بي أنت الكر‪ٙ‬ب‬
‫كأان اللئيم كىل يرحم اللئيم إال الكر‪ٙ‬ب موالم موالم إ‪٥‬بي أنت الرزاؽ كأنت ا‪٤‬برزكؽ كىل يرحم‬
‫ا‪٤‬برزكؽ إال الرزاؽ موالم موالم إ‪٥‬بي أان الذليل أان ا‪٢‬بقّب أنت العلي أنت العفو أنت الغفور‬
‫أنت الغفار أنت ا‪٢‬بناف أنت ا‪٤‬بناف أان ا‪٤‬بذنب أان ا‪٣‬بائف أان‬
‫الضعيف إ‪٥‬بي األماف األماف ُب ظلمة القرب كضيقتو إ‪٥‬بي األماف األماف عند سؤاؿ منكر كنكّب‬
‫كىيئتهما إ‪٥‬بي األماف األماف عند كحشة القرب كشدتو إ‪٥‬بي األماف األماف ُب يوـ كاف مقداره‬
‫‪ٟ‬بسْب ألف سنة إ‪٥‬بي األماف األماف يوـ ينفخ ُب الصور ففزع من ُب السماكات كاألرض إال من‬
‫شاء هللا إ‪٥‬بي األماف األماف يوـ زلزلت االرض زلزا‪٥‬با إ‪٥‬بي األماف األماف يوـ تشقق السماء‬
‫ابلغماـ إ‪٥‬بي األماف األماف يوـ تطوم السماء كطي السجل للكتاب إ‪٥‬بي األماف األماف يوـ‬
‫تبدؿ االرض غّب االرض كالسماكات كبرزكا هلل الواحد القهار اإل‪٥‬بي األماف‬

‫األماف يوـ ينظر ا‪٤‬برء ما قدمت يداه كيقوؿ الكافر اي ليتِب كنت ترااب األماف األماف يوـ ينادم‬
‫ا‪٤‬بنادم من بطناف العرش اين العاصوف كأين ا‪٤‬بذنبوف كأين ا‪٣‬باسركف ىلموا للحساب كأنت‬
‫تعلم سرم كعبلنيٍب فأقبل معذرٌب إ‪٥‬بي آه من كثرة الذنوب كالعصياف آه من كثرة الظلم كا‪١‬بفاء‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪336‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫آه من النفس ا‪٤‬بطركدة آه من النفس ا‪٤‬بطبوع اب‪٥‬بول آه من ا‪٥‬بول آه من ا‪٥‬بول أغثِب اي غياث‬
‫ا‪٤‬بستغيثْب أغثِب عن تغيّب حإب اللهم إ٘ب عبدؾ ا‪٤‬بذنب اجملرـ ا‪٤‬بخطأ أجر٘ب من النار اي‪٦‬بّب اي‬
‫‪٦‬بي اي ‪٦‬بّب اللهم إف تر‪ٞ‬بِب فأنت أىل كإف تعذبِب فإان أىل‬
‫فأر‪ٞ‬بِب اي أىل التقول كاي أىل ا‪٤‬بغفرة كاي أرحم الرا‪ٞ‬بْب كاي خّب الناصرين كا خّب الغافرين‬
‫حسيب هللا كحده بر‪ٞ‬بتك اي أرحم الرا‪ٞ‬بْب كصلى هللا على سيدان دمحم كآلو كصحبو أ‪ٝ‬بعْب كسلم‬
‫تسليما ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب اىػ‪.‬‬
‫كمن أكراده‪ :‬سورة القدر‪ ،‬كمنها سورة االخبلص‪ ،‬كمنها آخر ا‪٢‬بشر‪.‬‬
‫كمن أكراده الٍب يقرؤىا ُب الصباح كا‪٤‬بساء حزب البحر كىو‪:‬‬
‫بسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحْب اي علي كاي عظيم اي حليم كاي عليم أنت ريب كعلمك حسيب فنعم الرب‬
‫ريب كنعم ا‪٢‬بسب حسيب تنصر من تشاء كانت العزيز الرحيم نسألك العصمة ُب ا‪٢‬بركات‬
‫كالسكنات كالكلمات كاإلرادات كا‪٣‬بطرات من الشكوؾ كالظنوف كاألكىاـ الساترة للقلوب‬
‫عن مطالعة الغيوب فقد ابتلي ا‪٤‬بومنوف كزلزلوا زلزاال شديدا كإذ يقوؿ ا‪٤‬بنافقوف كالذم ُب‬
‫قلوهبم مرض ما كعدان هللا كرسوؿ إال غركرا فثبتنا كانصران كسخر لنا ىذا البحر كما سخرت‬
‫البحر اي موسى كسخرت النار إلبراىيم كسخرت ا‪١‬بباؿ كا‪٢‬بديد لداككد كسخرت الريح‬
‫كالشياطْب كا‪١‬بن‬

‫كاالنس لسليماف كسخرت الثقلْب حملمد عليو الصبلة كالسبلـ سخر لنا كل ٕبر ك لك ُب‬
‫االرض كالسماء كا‪٤‬بلك كا‪٤‬بلكوت كٕبر الدنيا كٕبر االخرة كسخر لنا كل شيء ايمن بيده‬
‫ملكوت كل شيء كهيعص كهيعص كهيعص أنصران فإنك خّب الناصرين كافتح لنا فإنك خّب‬
‫الفا‪ٙ‬بْب كاغفر لنا فإنك خّب الغافرين كار‪ٞ‬بنا فإنك خّب الرا‪ٞ‬بْب كارزقنا فأنك خّب الرازقْب‬
‫كاىدان ك‪٪‬بنا من القوـ الظا‪٤‬بْب كىب لنا رٰبا طيبة كما ىي ُب علمك كأنشرىا علينا من خزائن‬
‫ر‪ٞ‬بتك كا‪ٞ‬بلنا ٗبا ‪ٞ‬بل الكرامة مع السبلمة العافية ُب الدين كالدنيا كاآلخرة إنك على كل شيء‬
‫قدير هللا يسر لنا أموران مع الراحة لقلوبنا كأبداننا كالسبلمة كالعافية ُب ديننا كدنياان ككن لنا‬
‫صاحبا ُب سفران كخليفة ُب أىلنا كاطمس على كجوه أعدائنا كأمسخهم على مكانتهم فبل‬
‫يستطيعوف ا‪٤‬بضى كال اجمليء إلينا كلو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأان يبصركف‬
‫كلو نشاء ‪٤‬بسخناىم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا كال يرجعوف يس كالقرآف ا‪٢‬بكيم إنك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪337‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٤‬بن ا‪٤‬برسلْب على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوـ ما أنذر آابؤىم فهم غافوف لقد‬
‫حق القوؿ على أكثرىم فهم ال يومنوف إان جعلنا ُب اعناقهم أغبلال فهي إٔب‬
‫األذقاف فهم مقمحوف كجعلنا من بْب أيديهم سدا كمن خلفهم سدا فاغشيناىم فهم ال يبصركف‬
‫شاىت الوجوه شاىت الوجوه شاىت الوجوه كعنت الوجوه للحي القيوـ كقد خاب من ‪ٞ‬بل‬
‫ظلما طسم طسم طسم ‪ٞ‬بعسق مرج البحرين يلتقياف بينهما برزخ ال يبغياف حم حم حم حم‬
‫حم حم حم حم األمر كجاء النصر فعلينا ال ينتصركف حم تنزيل الكتاب من هللا العزيز العليم‬
‫غافر الذنب كقابل التوب شديد العقاب ذم الطوؿ ال إلو إال ىو إليو ا‪٤‬بصّب بسم هللا اببنا‬
‫تبارؾ حيطاننا يس سقفنا كهيعص كفايتنا ‪ٞ‬بعسق ‪ٞ‬بايتنا فسيكفيكهم هللا كىو السميع العليم‬
‫ثبلاث سَب‬

‫هللا مسبوؿ علينا كعْب هللا انظرة إلينا ٕبوؿ هللا ال يقدر علينا كهللا من كرائهم ‪٧‬بيط بل ىو قرآف‬
‫‪٦‬بيد ُب لوح ‪٧‬بفوظ فاهلل خّب حافظا كىو أرحم الرا‪ٞ‬بْب فاهلل خّب حافظا كىو أرحم الرا‪ٞ‬بْب‬
‫فاهللا خّب حافظا كىو أرحم الرا‪ٞ‬بْب إف كليي هللا الذم نزؿ الكتاب كىو يتؤب الصا‪٢‬بْب إف‬
‫كليي هللا الذم نزؿ الكتاب كىو يتؤب الصا‪٢‬بْب إف كليي هللا الذم نزؿ الكتاب كىو يتؤب‬
‫الصا‪٢‬بْب حسيب هللا ال إلو إال ىو عليو توكلت كىو رب العرش العظيم حسيب هللا ال إلو إال ىو‬
‫عليو توكلت كىو رب العرش العظيم حسيب هللا ال إلو إال ىو عليو‬
‫توكلت كىو رب العرش العظي بسم هللا الذم ال يضر مع ا‪٠‬بو شيء ُب األرض كال ُب السماء‬
‫كىو السميع العليم بسم هللا الذم ال يضر مع إ‪٠‬بو شيء ُب االرض كال ُب السماء كىو السميع‬
‫العليم بسم هللا الذم ال يضر مع ا‪٠‬بو شيء ُب االرض كال ُب السماء كك السميع العليم كال‬
‫حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم كال حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم كال حوؿ كال قوة إال‬
‫ابهلل العلي العظيم‪.‬‬
‫قلت كإ٭با كررت ما كرر ثبلاث ككتبتو كذلك ليسَبيح الواقف عليو بذلك لعل هللا ير‪ٞ‬بِب ألجل‬
‫خلقو‪.‬‬
‫كمن أكراده العظيمة الذم يذكرىا مرة ُب الصباح كمرة ُب ا‪٤‬بساء األ‪٠‬باء اإلدريسة كىي‪:‬‬
‫سبحانك ال إلو إال أنت اي رب كل شيء ككارثو كرازقو كرا‪ٞ‬بو سبحانك اي إلو اآل‪٥‬بة الرفيع‬
‫جبللو اي هللا احملمود ُب كل فعالو اي ر‪ٞ‬بن كل شيء كرا‪ٞ‬بو اي حي حْب ال حي ُب دٲبومية ملكو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪338‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كبقائو اي قيوـ فبل يفوت شيء من علمو كال يؤديو كاحد الباقي أك كل شيء كآخره اي دائم فبل‬
‫فناء كال زكاؿ ‪٤‬بلكو كبقائو ال صمد من غّب شبيو فبل شيء كمثلو اي ابرم فبل شيء كفؤه يدانيو‬
‫كال إمكاف لوصفو اي كبّب أنت الذم ال هتتدم العقوؿ لوصف عظمتو اي ابرم‬

‫النفوس ببل مثاؿ خبل من غّبه اي زكي الطاىر من كل آفة بقدسو اي كاُب ا‪٤‬بوسع ‪٤‬با خلق من‬
‫عطااي فضلو اينقا من كل جور ٓب يرضو كٓب ٱبالطو فعالو اي حناف أنت الذم كسعت كل شيء‬
‫ر‪ٞ‬بة كعلما اي حناف اي مناف ذا اإلحساف قد عم كل ا‪٣‬ببلئق اي دايف العباد كل يقوـ خاضعا‬
‫لرىبتو كرغبتو اي خالق ما ُب السماكات كاالرض كل إليو ميعاد اي رحيم كل صريح كمكركب‬
‫كغياثو معاذه اي اتـ فبل تصف االلسن كنو جبللو كعزه كملكو اي مبدع البدائع ٓب يبغ ُب إنشائها‬
‫عوف من خلقو اي عبلـ الغيوب فبل يفوت شيء من حفظو اي حليم ذا األانت فبل يعادؿ شيء‬
‫من خلقو اي معيد ما أفناه إذا برز ا‪٣‬ببلئق بدعوتو من ‪٨‬بافتو اي ‪ٞ‬بيد الفعاؿ ذا ا‪٤‬بن على ‪ٝ‬بيع‬
‫خلقو بلطفو اي عزيز ا‪٤‬بنيع الغالب على ‪ٝ‬بيع أمره فبل شيء يعادلو اي قاىر ذا البطش الشديد‬
‫أنت الذم ال يطاؽ انتقامو اي قريب ا‪٤‬بتعإب فوؽ كل شيء علو ارتفاعو اي مذؿ كل جبار عنيد‬
‫بقهر عزيز سلطانو اي نور كل شيء كىداه أنت الذم فلق الظلمات بنوره اي عإب الشامخ فوؽ‬
‫كل شيء علو إرتفاعو اي قدكس الطاىر من كل شيء سوء فبل شيء يعادلو من ‪ٝ‬بيع خلقو اي‬
‫مبدئ الربااي كمعيدىا بعد فنائها بقدرتو اي جليل ا‪٤‬بتكرب على كل شيء فالعدؿ‬
‫أمره كالصدؽ كعده اي ‪٧‬بمود فبل تبلغ األكىاـ كنو فنائو ك‪٦‬بده اي كر‪ٙ‬ب العفو ذا العدؿ أنت‬
‫الذم مؤل كل شيء عدؿ اي عظيم ذا الثنا الفاخ كالعز كاجملد كالكربايء ال يزكؿ عزه اي قريب‬
‫اجمليب ا‪٤‬بتدا٘ب كل شيء قربو اي عجيب أعجب الصنائع فبل تنطق األلس بكل آالئو كثنائو‬
‫كنعمائو اي غياثي عند كل كربة ك‪٦‬بييب عند كل دعوة كمعاذم عند كل شدة كرائي حْب تقطع‬
‫حيلٍب‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كيقرأ ىذا الدعاء عند كماؿ األ‪٠‬باء كىو‪ :‬اللهم إ٘ب أسألك ٕبق ىذه اال‪٠‬باء الشريفة كشرفها‬
‫ككرامتها أف تصلي على سيدان دمحم كأسألك إٲباان كأمنا من عقوابت الدنيا كاآلخر كأف ‪ٙ‬ببس‬
‫عِب أبصار الظلمة ا‪٤‬بريدين ٕب السوء كأف تصرؼ قلوهبم من شر ما يضمركنو إٔب خّب ما ال‬
‫ٲبلكو غّبؾ اللهم ىذا الدعاء كمنك اإلجابة كىذا ا‪١‬بهد مِب كعليك التكبلف كال حوؿ كال قوة‬
‫إال ابهلل العلي العظيم كصلى هللا تعأب على خّب خلقو دمحم كآلو الطيبْب الطاىرين بر‪ٞ‬بتك اي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪339‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أرحم الرا‪ٞ‬بْب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كمن أكراده العظيمة العدٲبة النظّب فا‪ٙ‬بة الكتاب اب‪٣‬باصية ا‪٤‬بعلوـ الٍب ىي أعظم االسرار كالكنز‬
‫ا‪٤‬بطلسم الذم ٓب يظفر بو أحد من خواص األبرار سول شيخنا كسيدان فقد تفضل بو عليو النيب‬
‫ا‪٤‬بختار‪.‬‬
‫كمن أكراده صبلة رفع األعماؿ كىي‪ :‬اللهم صلي على سيدان دمحم النيب عدد من صلى عليو من‬
‫خلقك كصل على سيدان دمحم النيب كما ينبغي لنا أف نصلي عليو كصل على سيدان دمحم النيب كما‬
‫أمرتنا أف نصلي عليو‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كمن أكراده رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬مغفرتك أكسع من ذنويب كر‪ٞ‬بتك ارجى عندم‬
‫من عملي ثبلاث ثبلاث ُب الصباح كا‪٤‬بساء‪.‬‬
‫كمن أكراده رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كظيفة اليوـ كالليلة ثبلاث ثبلاث صباحا كمساء‪ :‬ال‬
‫إلو إال هللا هللا أكرب ال إلو إال هللا كحده ال شريك لو إال هللا لو ا‪٤‬بلك كلو ا‪٢‬بمد ال إلو إال هللا كال‬
‫حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪.‬‬

‫كمن أكراده رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو إستغفار سيدان ا‪٣‬بضر على نبينا كعليو أفضل‬
‫الصبلة كأزكى السبلـ كىو‪ :‬اللهم إ٘ب أستغفرؾ من كل ذنب اثبت إليك معو ٍب عدت فيو‬
‫كأستغفرؾ من كل ما كعدتك بو من نفسي ٍب ٓب أكؼ لك بو كأستغفرؾ من كل عمل أردت بو‬
‫كجهك فخالطِب فيو غّبؾ كأستغفرؾ من كل نعمة أنعمت هبا عل فاستغنت هبا على معصيتك‬
‫كأستغفرؾ اي عآب الغيب كالشهادة من كل ذنب أذنبتو ُب ضياء النهار أك سواد الليل ُب مؤل أك‬
‫خبل كسرا أك عبلنية اي حليم‪ .‬اىػ‪ .‬يقرأ ُب الصباح كا‪٤‬بساء بقدر الطاقة‪.‬‬
‫كمن أكراده العظيمة الٍب يذكرىا ُب الصباح كا‪٤‬بساء ا‪٤‬بسبعات العشرة ا‪٤‬بعلومة عند ا‪٣‬باصة‬
‫كالعامة كىي‪ :‬الفا‪ٙ‬بة مع البسملة سبعا ٍب ا‪٤‬بعوذاتف مع البسملة سبعا سبعا ٍب االخبلص مع‬
‫البسملة سبعا ٍب الكافركف مع البسملة سبعا ٍب آية الكرسي سبعا ٍب سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال‬
‫إلو إال هللا كهللا أكرب ك حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم عدد ما علم كملء ما علم كزنة ما‬
‫صل على سيدان دمحم عبدؾ كنبيك كرسولك النيب االمي كعلى آلو كحبو‬
‫علم سبعا ٍب اللهم ٌ‬
‫كسلم سبعا ٍب اللهم اغفر ٕب كلوالدم كللمومنْب كا‪٤‬بومنات كا‪٤‬بسلمْب‬
‫كا‪٤‬بسلمات األحياء منهم كاألموات سبعا ٍب اللهم افعل يب كهبم عاجبل كآجبل ُب الدين كالدنيا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪340‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاآلخرة ما أنت لو أىل كال تفعل بنا كهبم اي موالان ما ‪٫‬بن لو أىل أنت غفور حليم جواد كر‪ٙ‬ب‬
‫رؤكؼ رحيم سبعا‪ .‬إنتهى‪.‬‬
‫كمن أكراده رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ما كرد ُب صحيح البخارم كىو‪ :‬أشهد أف ال‬
‫إلو إال هللا كحده ال شريك لو كأف دمحما عبده كرسولو كأف عيسى عليو السبلـ عبد هللا كرسولو‬
‫كابن أمتو ككلمتو ألقاىا إٔب مر‪ٙ‬ب كركح منو كأف ا‪١‬بنة حق كأف النار حق‪ .‬اىػ‪ .‬بقدر طاقة كسيدان‬
‫رضي هللا تعأب عنو أيمر بو عند النوـ‪.‬‬

‫كمن أكراده دبر الصلوات الفا‪ٙ‬بة أربعا ٍب آية الكرسي مرة ٍب اللهم إ٘ب أقدـ إليك بْب يدم كل‬
‫نفس كحملة ك‪٢‬بظة كطرفة يطرؼ هبا أىل السموات كأىل االرض ككل شيء ىو ُب علمك كائن‬
‫أك قد كاف أقدـ إليك بْب يدم ذلك كلو هللا ال إلو إال ىو إٔب آخرىا ٍب يضع يده على عينو‬
‫كيقرأ سورة االخبلص مرة ٍب يضعها على صدره كيقرؤىا ٍب أعوذ بكا‪٤‬بات هللا التامات من شر ما‬
‫خلق بسم الذم ال يضر مع إ‪٠‬بو شيء ُب االرض كال ُب السماء كىو السميع العليم ثبلاث ٍب‬
‫تبارؾ ا‪٥‬بى من الدىر إٔب الدىر كتعاليت ا‪٥‬بى من الدىر إٔب الدىر كتقدست ا‪٥‬بى من‬
‫الدىر إٔب الدىر كأنت ريب كرب كل شيء ال إلو إال أنت ايأكرـ أالكرمْب كالفتاح اب‪٣‬بّبات‬
‫إغفر ٕب كلعبادؾ الذين آمنوا ٗبا إنزلت على رسلك ٍب سبحاف أتزر ابلعظمة سبحاف من تردم‬
‫ابلكربايء سبحاف من تفرد ابلوحدانية سبحاف من إحتجب ابلنور سبحاف من قهر العباد اب‪٤‬بوت‬
‫كصلى هللا على سيدان دمحم كعلى ألو كصحبو كسلم تسليما‪ .‬يذكر ‪ٝ‬بيع ما تقدـ ابلصفة ا‪٤‬بذكورة‬
‫دبر الصلوات‪.‬‬
‫كمن إكراده آية الكرسي ُب الصباح كا‪٤‬بساء ٍب لقد جاءكم رسوؿ إٔب أخرىا سبعا ٍب أعوذ‬
‫بكلمات هللا التامات من شر ما خلق ثبلاث ٍب حزب البحر ُب الصباح كا‪٤‬بساء ككذلك ا‪٤‬بسبعات‬
‫العشر ُب الصباح كا‪٤‬بساء كما تقدـ ٍب اي من أظهر ا‪١‬بميل كسَب القبيح كٓب يؤاخذ اب‪١‬بريرة كٓب‬
‫يهتك السر كاي عظيم العفو كاي حسن التجاكز اي كاسع ا‪٤‬بغفرة كاي ابسط اليدين ابلر‪ٞ‬بة كاي‬
‫سامع كل ‪٪‬بول كاي منتهى كل شكول كاي كر‪ٙ‬ب الصفح كاي عظيم ا‪٤‬بن كاي مقيل العثرات كاي‬
‫مبتدائ ابلنعم قبل استحقاقها اي ريب كاي سيدم كاي موالم كاي غاية رغبٍب أسالك أف‬

‫ال تشوه خلقٍب بببلء الدنيا كالبعذاب النار‪ .‬أىػ‪ .‬على قدر الطاقة ُب الصباح كا‪٤‬بساء‪ .‬ككذلك‬
‫اال‪٠‬باء االدرسية بقصد التحصن ككذلك آية الكرسي سبعا بقصد التحصن كآية ا‪٢‬برص كىي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪341‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لقد جاءكم سبعا بقصد التحصن ُب الصباح كا‪٤‬بساء ككذلك السيفي للتحصن مرة ُب الصباح‬
‫كا‪٤‬بساء ٍب ال إلو إال هللا اي دافع اي مانع اي حفيظ اي حكيم مائة مرة ُب الصباح كا‪٤‬بساء‪.‬‬
‫كمن أكراده دعاء ذكره أبو طالب ُب قوة القلوب كىو‪ :‬أنت هللا ال إلو إال أنت رب العا‪٤‬بْب أنت‬
‫هللا ال إلو إال أنت ا‪٢‬بي القيوـ أنت هللا ال إلو إال أنت العلي العظيم أنت هللا ال إلو إال أنت‬
‫العفو الغفور أنت هللا ال إلو إال أنت مبدم كل شيء كإليك يعود أنت هللا ال إلو إال أنت ٓب تلد‬
‫كٓب تولد أنت هللا ال إلو إال أنت العزيز ا‪٢‬بكيم أنت هللا ال إلو إال أنت الر‪ٞ‬بن الرحيم أنت هللا ال‬
‫إلو إال أنت مالك يوـ الدين أنت هللا ال إلو إال أنت خالق ا‪٣‬بّب كالشر أنت هللا ال إلو إال أنت‬
‫خالق ا‪١‬بنة كالنار أنت هللا الإلو إال‬
‫انت الواحد االحد الصمد أنت هللا ال إلو إال أنت الواحد االحد الفرد أنت هللا ال إلو إال أنت‬
‫عآب الغيب كالشهادة أنت هللا ال إلو إال أنت ا‪٤‬بلك القدكس أنت هللا ال إلو إال أنت السبلـ‬
‫ا‪٤‬بؤمن ا‪٤‬بهيمن أنت هللا ال إلو إال أنت العزيز ا‪١‬ببار ا‪٤‬بتكرب أنت هللا ال إلو إال أنت ا‪٣‬بالق البارل‬
‫أنت هللا ال إلو إال أنت االحد ا‪٤‬بصور أنت هللا ال إلو إال أنت الكبّب ا‪٤‬بتعاؿ أنت هللا ال إلو إال‬
‫أنت القادر ا‪٤‬بقتدر أنت هللا ال إلو إال أنت ا‪٢‬بليم الكر‪ٙ‬ب أنت هللا ال إلو إال أنت أىل الثناء‬
‫كاجملد أنت هللا ال إلو إال أنت‬
‫تعلم السر كأخفى أنت هللا ال إلو إال أنت فوؽ ا‪٣‬بلق كا‪٣‬بليقة أنت هللا ال إلو إال أنت ا‪١‬ببار‬
‫ا‪٤‬بتكرب‪ .‬أىػ‪ .‬يذكر مرة ُب الصباح كمرة ُب ا‪٤‬بساء كدبر الصلوات‪.‬‬

‫كمنها‪:‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هللا كال إلو إال هللا كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل ملء ما علم‬
‫كعدد ما علم كزنة ما علم‪ .‬أىػ‪ .‬يذكر ُب كل كقت من غّب حصر بعدد كأل كقت‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬السبلـ عليك أيها النيب كر‪ٞ‬بة هللا كبركاتو‪ ،‬مائة مرة ُب كل يوـ‪.‬‬
‫كأما االدعية الٍب أجراىا هللا على لسانو فمنها‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا اللهم إ٘ب أسالك أف‬
‫تصلي كتسلم على سيدان دمحم كعلى ألو عدد ما ُب علمك كأف تعطيِب كتعطي فبلان كذا ككذا‬
‫‪ٝ‬بعا أك فردا من كل ما شئت من إبتداء خلقك إٔب انتهاء يوـ القيامة ُب كل مقدار طرفة عْب‬
‫لكل كاحد على انفراده عشرين فيضة من ٕبر رضاؾ كأف تعطي كل كاحد ُب فيضة أكفر حظ‬
‫علمت‬
‫ي‬ ‫كنصيب من كل خّب سألك منو سيدان دمحم نبيك كرسولك صلى هللا تعأب عليو كسلم ما‬
‫من ذلك كما ٓب أعلم من خّبات الدنيا كاالخرة كالنجاة من شر استعاذؾ منو سيدان دمحم نبيك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪342‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كرسولك صلى هللا تعأب عليو كسلم ما علمت من ذلك كما ٓب أعلم من شركر الدنيا كاالخرة‬
‫كمغفرة ‪ٝ‬بيع ذنوبنا ما تقدـ منها كما أتخر ُب الدنيا كاالخرة كأداء ‪ٝ‬بيع تبعاتنا من خزائن‬
‫فضلك ككرمك ال من حسناتنا كالذم ُب كل فيضة غّب الذم ُب االخرل كىذا كلو غّب الذم‬
‫تقدـ كأسالك أف تعطيِب ككل كاحد منهم ‪ٝ‬بيع ذا كذاؾ كأف ٘بيبِب ككل كاحد منهم ُب ‪ٝ‬بيع ذا‬
‫كذاؾ ٗبحض فضلك ككرمك‪ .‬اىػ‪ .‬كىذا ُب غّب عموـ أىل التوحيد‪.‬‬

‫كأما ُب عمومهم فتصل فيو إٔب خّبات الدنيا كاالخرة فقط كال تزيد النجاة‪ٍ ،‬ب تتمادل على‬
‫الدعاء كتقوؿ كالذم ُب كل فيضة غّب الذم ُب االخرل ألف الدعاء ٗبا بقى لعموـ أىل التوحيد‬
‫دعاء ٗبا علم أف هللا تعأب ال يفعلو‪ ،‬فهو كمن يساؿ من هللا تعأب النبوة كالرسالة بعد نبينا سيدان‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فهو إذا ٓب يكن كافرا ٓب يبعد من الكفر ألف هللا عز كجل مضى حكمو بذلك كأخربان‬
‫بو كاف من ساؿ هللا تعأب مناقضة ما مضى بو حكمو كاف داخبل ُب الكفر بو ألنو سأؿ من هللا‬
‫جورا كىو قدكس عن ا‪١‬بور فهو يريد من هللا عز كجل‬
‫أف ال يكوف قدكسا لكوف ما مضى بو حكمو ىو عْب العدؿ كنقيضو عن ا‪١‬بور‪ .‬كىذا الدعاء‬
‫فيو ثبلث مراتب‪ :‬مرتبة ‪١‬بميع ا‪٤‬بوحدين‪ ،‬كمرتبة لنفس الداعي كمن أراد ‪ٚ‬بصيصو‪ ،‬كمرتبة‬
‫‪١‬بميع من أحسن إليو أك كاف بينهما ‪٧‬ببة أك كاف لو حق عليو‪ .‬فمن أراد الدعاء ٗبرتبة من‬
‫ا‪٤‬براتب الثبلث فلّبٌكب لكل كاحد ما يناسبو من ا‪٤‬بطالب‪ ،‬فأفهم‪.‬‬
‫كمن أدعيتو رضي هللا تعأب عنو ‪١‬بميع ا‪٤‬بطالب كنصو‪ :‬اللهم إ٘ب أسألك ٗبا كارتو حجب جبللك‬
‫من سبحات كجهك الٍب لو ظهرت للوجود لتدكدؾ الوجود كا‪٫‬برؼ كصار ‪٧‬بض العدـ فأسالك‬
‫بتلك السبحات كجبللتها كعظمتها أف تصلي كتسلم على سيدان دمحم كعلى أؿ سيدان دمحم كأف‬
‫تعطيِب كذا ككذا كيسمى حاجتو‪ .‬أىػ‪.‬‬
‫كمن أدعيتو رضي هللا تعأب عنو كأرضلو كعنا بو حزب التضرع كاالبتهاؿ كقرع ابب ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بتعاؿ‪.‬‬

‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو تقرأ الفا‪ٙ‬بة سبعا ابلبسملة كالتعوذ مرة ٍب صبلح الفاتح‬
‫‪٤‬با أغلق مرة ٍب تقوؿ‪ :‬إ‪٥‬بي كسيدم كموالم ىذا مقاـ ا‪٤‬بعَبؼ بكثرة ذنوبو كعصيانو كسوء فعلو‬
‫كعدـ مراعاة آدبو حإب ال ٱبفي عليك كىذا ذٕب ظاىر بْب يديك كال عذر ٕب فأبديو لديك كال‬
‫حجة ٕب ُب دفع ما ارتكبتو من معاصيك كعدـ طاعتك كقد ارتكبت ما ارتكبو غّب جاىل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪343‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بعظمتك كجبللك كسطوة كربايئك كال غافل عن شدة عقابك كعذابك كقد علمت أ٘ب متعرض‬
‫بذلك لسخطك كغضبك كلست ُب ذلك مضادا لك كال معاندا كال متصاغرا بعظمتك‬
‫كجبللك كال‬
‫علي شقوٌب كأحدقت يب شهوٌب فارتكبت ما ارتكبت عجزا‬
‫متهاكان بعزؾ ككربايئك كلكن غلبت ٌ‬
‫علي ظاىرة كحكمك انفذ كليس لضعفي من ينصر٘ب منك غّبؾ‬
‫عن مدفعة شهوٌب فحجتك ٌ‬
‫كأنت العفو الكر‪ٙ‬ب كالرب الرحيم الذم ال ‪ٚ‬بيٌب سائبل كال ترد قاصدا كأان متذلل لك متضرع‬
‫‪١‬ببللك مستمطر جودؾ كنوالك مستعطف لعفوؾ كر‪ٞ‬بتك فأسألك ٗبا أحاط بو علمك من‬
‫عظمتك كجبللك ككرمك ك‪٦‬بدؾ كمرتبة ألوىيتك ا‪١‬بامعة ‪١‬بميع صفاتك كأ‪٠‬بائك أف ترحم ذٕب‬
‫كفقرم كتبسط رداء عفوؾ كسلمك ككرمك ك‪٦‬بدؾ على كل ما أحاط بو علمك ‪٩‬با أان متصف‬
‫بو من ا‪٤‬بساكئ كا‪٤‬بخالفات كعلى‬
‫فرطت فيو من حقوقك فإنك أكرـ من كقف ببابو السائلوف كأنت أكسع ‪٦‬بدا كفضبل من‬
‫كل ما ٌ‬
‫‪ٝ‬بيع من مدت إليو ايدم الفقراء احملتاجْب ككرمك أكسع ك‪٦‬بدؾ أكرب كأعظم من أف ٲبد إليك‬
‫فقّب يده يستمطر عفوؾ كحلمك عن ذنوبو كمعاصيو فَبده خائبا فاغفر ٕب كار‪ٞ‬بِب كاعف عِب‬
‫فإ٭با سألتك من حيث انت التٌصافك بعلو الكرـ كاجملد كعلو العفو كا‪٢‬بلم كا‪٢‬بمد إ‪٥‬بي لو كاف‬
‫سؤإب من حيث أان ٓب أتوجو إليك كٓب أقف ببابك لعلمي ٗبا أان عليو من كثرة ا‪٤‬بساكئ‬
‫كا‪٤‬بخالفات فلم يكن عزائي ُب ذلك إال الطرد كاللعن كالبعد كلكن سألتك من حيث أنت‬
‫معتمدا‬

‫على ما أنت عليو من صفة اجملد كالكرـ كالعفو كا‪٢‬بلم ‪٤‬با كصفت بو نفسك من ا‪٢‬بياة على‬
‫لساف رسولك صلى هللا تعأب عليو كسلم أف ‪ٛ‬بد إليك يد فقّبة فَبدىا صفرا كأف ذنويب كإف‬
‫عظمت كأربت عن ا‪٢‬بصر كالعد فبل نسبة ‪٥‬با ُب سعة كرمك كعفوؾ كال تكوف نسبتها ُب كرمك‬
‫مقدار ما تبلغ ىبئة من عظمة كورة العآب فبحق كرمك كعفوؾ كحلمك البلٌب جعلتهن كسيلة ُب‬
‫استمطارم لعفوؾ كغفرانك أعف عِب كاغفرٕب بفضلك كعفوؾ كإف كنت لست أىبل لذلك‬
‫فإنك أىل أف تعفو عمن ليس أىبل لعفوؾ ككرمك فأنت أىل أف ‪ٛ‬بحو ُب كل طرفة عْب ‪ٝ‬بيع‬
‫ما ‪٤‬بخلوقاتك من‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بعاصي كالذنوب اي ‪٦‬بيد اي كر‪ٙ‬ب اي عفو اي رحيم اي ذا الفضل العظيم كالطوؿ ا‪١‬بسيم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪344‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أىػ‪ٍ .‬ب صبلة الفاتح مرة‪ٍ .‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬كآكد التوجو بو الثلث األخّب من الليل‬
‫فإنو كقت يبعد فيو الرد من هللا تعأب‪ ،‬كينبغي أف يدعو بو ُب أكقات االجابة ا‪٤‬بعلومة‪ ،‬كأف ٯبمع‬
‫ٮبتو‪ ،‬فقد قاؿ سيدان رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ٮبة االنساف قاىرة ‪١‬بميع األكواف مٌب تعلقت‬
‫ٗبطلوب كسعت ُب طلبو على ا‪١‬بادة ا‪٤‬بستقيمة ٕبيث ال ينا‪٥‬با ُب طلبو سآمة كال رجوع عنو كٓب‬
‫تصعب عليها صعوبة طلبو كٓب ينا‪٥‬با شك كال تردد ُب نيلو بل كانت‬
‫ابعتقاد أف تنالو أك ‪ٛ‬بوت ُب طلبو إتصلت ٗبطلوهبا كلو كانت كراء العرش‪.‬‬
‫كمن أذكار الطريقة الٍب ىي مك ٌفرة للذنوب ىذا االستغفار كىو‪ :‬اللهم أ٘ب أستغفرؾ ‪٤‬با تبت‬
‫إليك منو ٍب عدت فيو كأستغفرؾ ‪٤‬با كعدتك من نفسي ٍب أخلفتك فيو كأستغفرؾ ‪٤‬با أردت بو‬
‫علي فتقويت هبا على‬
‫كجهك فخالطِب فيو ما ليس لك كأستغفرؾ للنعم الٍب أنعمت هبا ٌ‬
‫معاصيك كأستغفرؾ هللا الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ عآب الغيب كالشهادة ىو الر‪ٞ‬بن الرحيم‬
‫لكل ذنب أذنبتو كلكل معصية ارتكبها كلكل ذنب أحاط بو علم هللا‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫كمن ذكار الطريقة الٍب تثمر تعلق القلب ابهلل تعأب ابال‪٫‬بياش إليو كالرجوع إليو كترؾ كل ماسواه‬
‫عموما كخصوصا ىذا الدعاء يبلزـ بعد كل صبلة ثبلاث أك سبعا ٍب ٲبر بو على قلبو ُب غّب‬
‫الصلوات كٰبمل نفسو عليو حٌب يصّب لو ذلك حاال كىو‪ :‬اللهم عليك معوٕب كبك مبلذم‬
‫كإليك التجائي كعليك توكلي كبك ثقٍب كعلى حولك كقوتك اعتمادم كٔبميع ‪٦‬بارم أحكامك‬
‫رضائي كإبقرارم بسرايف قيومتك ُب كل شيء كعدـ احتماؿ خركج شيء دؽ أك جل عن‬
‫علمك كقهرؾ حٌب ‪٢‬بظة سكوٌب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫فإذا داكـ عليو كلٌما رأل من أحواؿ النفس ما ال يطابق ىذا الدعاء ذ ٌكر نفسو ٗبعا٘ب ىذا‬
‫الدعاء كصرب نفسو على ‪ٞ‬بلو سهل عليو تعلق القلب ابهلل تعأب برفض كل ما سواه‪ ،‬كىذا ابب‬
‫كبّب من العلم يعلمو من ذاؽ أدٗب شيء من علم الرجاؿ كيعلم قدره فبل هتملو‪.‬‬
‫كمن أذكار الطريقة الٍب يتضرع هبا العبد إٔب مواله ىذا الدعاء كىو‪ :‬إ‪٥‬بنا أنت احملرؾ ا‪٤‬بسكن‬
‫لكل ما كقع للوجود من ا‪٣‬بّبات كالشركر ُب حكمك ا‪٢‬بل كالعقد ‪١‬بميع االمور كبيدؾ كعن‬
‫مشيئتك تصاريف األقدار كالقضاء ا‪٤‬بقدكر كأنت تعلم بعجزان كضعفنا كذىاب حولنا كقوتنا عن‬
‫تباعدتنا ‪٩‬با ٰبل بنا من الشركر كعن اتصلنا ٗبا نريد الوقوع فيو من ا‪٣‬بّبات أك ما يبلئم أغراضنا‬
‫ُب ‪ٝ‬بيع االمور كقد كفقنا ببابك كالتجأان ‪١‬بنابك ككقفنا على أعتبابك مستغيثْب بك ُب صرؼ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪345‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ما ٰبل بنا من الشركر كما ينزؿ بنا من ا‪٥‬ببلؾ ‪٩‬با ٯبرم بو تعاقب الدىور ‪٩‬با ال قدرة لنا على‬
‫‪ٙ‬بملو كال قوة بنا على طلبو فضبل عن كجلو كأنت العفو الكر‪ٙ‬ب كاجمليد الرحيم الذم ما استغاث‬
‫بك مستغيث إال أغثتو كال توجو إليك مكركب يشكو كربو إال فرجتو كال انداؾ ذك ضر من أليم‬
‫ببلئو إال عافيتو كر‪ٞ‬بتو كىذا مقاـ ا‪٤‬بستغيث بك كا‪٤‬بلتجئ إليك‬

‫فارحم ذٕب كتضرعي بْب يديك ككن ٕب عوان كانصرا كدافعا لكل ما ٰبل يب من ا‪٤‬بصائب‬
‫كاألحزاف كال ٘بعل عظائم ذنويب حاجبة ‪٤‬با ينزؿ إلينا من فضلك كال مانعة ‪٤‬با تتحفنا بو من‬
‫فإان‬
‫طولك كعاملنا ُب ‪ٝ‬بيع ذنوبنا بعفوؾ كغفرانك كُب ‪ٝ‬بيع زالتنا كعثراتنا بر‪ٞ‬بتك كإحسانك ٌ‬
‫لفضلك راجوف كعلى كرمك معولوف كلنوالك سائلوف كلكماؿ عزؾ كجبللك متضرعوف فبل‬
‫٘بعل حظنا منك ا‪٣‬بيبة كا‪٢‬برماف كال تنلنا من فضلك الطرد كا‪٣‬بذالف فإنك أكرـ من كقف ببابو‬
‫سائلوف كأكسع ‪٦‬بد من كل من طمع فيو الطامعوف فإنو لك ا‪٤‬بن األعظم كا‪١‬بناب األكرـ كأنت‬
‫أعظم‬
‫كرما كأعلى ‪٦‬بدا من أف يستغيث بك مستغيث فَبده خائبا أك يستعطف أحد نوالك متضرعا‬
‫إليك فيكوف حظو منك ا‪٢‬برماف ال إلو إال أنت اي علي اي ‪٦‬بيد ايكر‪ٙ‬ب اي كاسع ا‪١‬بود اي بر اي‬
‫رحيم‪ .‬اىػ‪ .‬تكرر من قولك ال إلو إال أنت اْب عشرين مرة كتقرأ صبلة الفاتح قبل الشركع ُب‬
‫الدعاء عشر مرات كعشر مرات بعد الفراغ منو‪ ،‬فإف ا‪٤‬بداكـ على ىذا الدعاء ُب كل ليلة سبعا‬
‫أك ‪ٟ‬بسا أك ثبلاث ٯبد التيسّب ُب ‪ٝ‬بيع األمور كا‪٣‬ببلص ُب كثّب من الشركر‪.‬‬
‫كا‪٤‬بداكمة عليو ُب كل ليلة سبعا أك ‪ٟ‬بسا أك ثبلاث تدفع كثّبا من ا‪٤‬بصائب كاألحزاف‪ ،‬كإف ‪ٙ‬بتٌم‬
‫نزك‪٥‬با نزؿ بو لطف عظيم فيها‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كأما كيفية التوسل بو هنع هللا يضر كٔب ٌده صلى هللا تعأب عليو كسلم فهي أنك مهما أردت حاجة من‬
‫فصل على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بصبلة الفاتح مائة مرة كأىد ثواهبا لرسوؿ هللا‬
‫حوائج الدنيا كاآلخرة ٌ‬
‫رب توسلت إليك ٕببيبك كرسولك كعظيم القدر عندؾ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص بنية ا‪٢‬باجة الٍب تريدىا ٍب تقوؿ‪ :‬اي ٌ‬
‫سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ُب قضاء ا‪٢‬باجة الٍب أريدىا مائة مرة ٍب تقوؿ‬

‫اللهم إ٘ب أسألك كأتوجو إليك ٔباه القطب الكامل سيدم أ‪ٞ‬بد بن التجا٘ب كجاىو عندؾ أف‬
‫تعطيِب كذا ككذا كتسمي حاجتك بعينها عشرا ٍب تصلي على رسوؿ هللا صلى عليو كسلم‬
‫بصبلة الفاتح مرة ٍب تقوؿ‪ :‬اللهم أعطيِب كذا ككذا كتسمي حاجتك بعينها ٍب تصلي على رسوؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪346‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص بصبلة الفاتح أيضا ثبلاث‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫كأما كيفية اإلستخارة‪ ،‬فإنك تصلي ركعتْب ابلفا‪ٙ‬بة كالكافركف كاإلخبلص فإذا سلمت فاقرأ‬
‫الفا‪ٙ‬بة مرة ٍب اإلخبلص مرة ٍب صبلة الفاتح مرة ٍب دعاء اإلستخارة ا‪٤‬بشهور كىو‪ :‬اللهم إ٘ب‬
‫أستخّبؾ بعلمك كأستقدرؾ بقدرتك كأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر كال أقدر كتعلم‬
‫كال أعلم كأنت عبلـ الغيوب اللهم إف كنت تعلم أف ىذا األمر خّب ٕب ُب ديِب كدنيام كمعاشي‬
‫كعاقبة أمرم كعاجلو كآجلو فاقدره ٕب كيسره ٕب ٍب ابرؾ ٕب فيو كإف كنت تعلم أنو شر ٕب ُب‬
‫ديِب كمعاشي كعاقبة أمرم كعاجلو كآجلو فأصرفو عِب كأصرفِب عنو كقدر ٕب ا‪٣‬بّب حيث كاف‬
‫فصل بصبلة الفاتح مرة كاحدة ٍب أعد‬
‫ضِب بو‪ ،‬كتسمى حاجتك‪ .‬فإذا أكملت الدعاء ٌ‬
‫ٍب ر ٌ‬
‫صل على النيب ملسو هيلع هللا ىلص بصبلة الفاتح مرة كافعل ىكذا حٌب تكمل الدعاء ‪٨‬بلبل بصبلة‬
‫الدعاء ٍب ٌ‬
‫الفاتح‪ .‬فإذا أكملت سبعا على الوصف ا‪٤‬بقدـ فاقرا اإلخبلص ثبلاث ٍب أعد الركعتْب اثنيا‬
‫ابلوصف ا‪٤‬بتقدـ من أكلو إٔب آخره ٍب أعدٮبا اثلثا كذلك‪ ،‬كقد ًب العمل‪ .‬اىػ‪.‬عن شيخنا رضي‬
‫هللا تعأب عنو عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص مشافهة‪ .‬كال يقع بعد ىذا اإلستخارة إال ا‪٣‬بّب التاـ‪ ،‬كالسبلـ‪،‬‬
‫كصلى هللا على سيدان دمحم كآلو كصحبو كسلم‪.‬‬
‫كأما كيفية استشارتو رضي هللا تعأب عنو فإنو قاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬من أراد أف يشاكر٘ب‬
‫فليصل على النيب ملسو هيلع هللا ىلص مائة مرة ٍب يذكر حاجتو كىو مشخص نفسو بْب‬
‫ٌ‬ ‫ككاف بيِب كبينو بعد‬
‫يدم‪ ،‬فا‪١‬بواب ما يقع ُب قلبو‪ .‬إنتهى‪.‬‬

‫كنقل عنو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو دعوة " اي حي كاي قيوـ "‪ ،‬ككيفيتها أف تقرأ ىذين‬
‫اإل‪٠‬بْب ألف مرة كبعد ذلك تقرأ الدعاء ثبلث مرات أك سبع مرات كتدعو بعد ذلك ٗبا تريد‬
‫من تسيّب رزؽ أك فهم سر أك غّب ذلك ‪٩‬با هلل تعأب فيو رضا‪ ،‬كىذا ىو الدعاء ا‪٤‬ببارؾ‪ :‬اللهم اي‬
‫حي كاي‬
‫من نسبت لو ا‪٢‬بياة كال منسوب لغّبه ‪٩‬با نسبو إٔب نفسو تعاظمت سبحانك أ‪٠‬باؤؾ كتنزىت عن‬
‫ا‪٤‬بسيمات كتعظمت ذاتك عن ا‪٤‬بثاؿ كالشريك كالنظّب كالصاحبة كالوزير فإنك ا‪٢‬بق أبدا‬
‫كالصمد ُب حياتك األبدية فانبسطت ا‪٢‬بياة من حياتك أنت الباقي فلك البقاء الدائم بعد فناء‬
‫ا‪٤‬بخلوقْب ككمالك البقاء كلعبادؾ الفناء فأمرؾ اي إ‪٥‬بي انفذ كحكمك ليس لو معاند فقد ذىبت‬
‫األفراد كاهنزمت األنداد كانقمعت ا‪٤‬بلحودكف بوجود بقائك ُب دٲبومية حياتك اي حي كاي قيوـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪347‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أسألك هبذه ا‪٢‬بياة األبدية أف ‪ٙ‬بيِب حياة موصولة ابلنعم كأحيِب بْب العلم حياة‬
‫يكوف هبا مدد كسعو كأسعد٘ب بتوفيق من رقائق إ‪٠‬بك ا‪٢‬بي القيوـ كحفِب برقيقة من رقائق إ‪٠‬بك‬
‫هللا ا‪٢‬بي القيوـ حٌب ‪ٛ‬بحو عِب الشقاء كتدخلِب دائرة السعداء ٲبحو هللا ما يشاء كيثبت كعنده‬
‫أـ الكتاب اي حي اي قيوـ اي من قامت السموات كاالرض أبمره اي من قيوميتة قائمة أبىل‬
‫السموات كاالرض ُب الطوؿ كالعرض كٗبا ال نعلمو كٗبا أنت أعلم بو اي أرحم الرا‪ٞ‬بْب كصلى‬
‫هللا على سيدان دمحم كآلو كصحبو كسلم‪.‬‬

‫كمنها‪ :‬اللهم إ٘ب أسألك بعظمة األلوىية كأبسرار الربوبية كابلقدرة األزلية كابلقوة كالعزة‬
‫السرمدية كٕبق ذاتك ا‪٤‬بنزىة عن الكيفية كالشبيهية كٕبق النور ا‪٤‬بطلق كالبياف احملقق كا‪٢‬بضرة‬
‫األحدية كا‪٢‬بضرة السرمدية كا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية اللهم إ٘ب أسألك بسطوة األلوىية كبثبوت الربوبية‬
‫كبعزة الوحدانية كبقدـ الكينونة كبقدس ا‪١‬بربكتية كبدكاـ الصمدية كٕبق مبلئكتك أىل الصفة‬
‫ا‪١‬بوىرية كٕبق عرشك الذم تغشاه األنوار كٗبا فيو من األسرار كأسألك اللهم اب‪٠‬بك القد‪ٙ‬ب‬
‫األزٕب كىو هللا هللا هللا أنت هللا العظيم األعظم الذم خضعت لو‬
‫السماكات كاألرض كا‪٤‬بلك كا‪٤‬بلكوت كا‪١‬بربكت أف تعينِب ك‪ٛ‬بد٘ب بعزة من قهرماف جربكتك‬
‫كأسألك اللهم اب‪٠‬بك الفرد ا‪١‬بامع ‪٤‬بعا٘ب األ‪٠‬باء كلها أ‪٠‬باء الذات كأ‪٠‬باء الصفات الذم ال‬
‫يشبهو كل اسم ُب أتثّبه كىو هللا هللا هللا ‪٠‬بيت بو ذاتك كٓب يسم بو أحد غّبؾ مد٘ب بقوة منو‬
‫أتخذ هبا األركاح كاالنفاس كتتصرؼ بو ُب ا‪٤‬بعا٘ب كا‪٢‬بواس اللهم إ٘ب أسألك اب‪٠‬بك هللا هللا هللا‬
‫العظيم األعظم الكبّب األكرب الذم من دعاؾ بو أجبتو كمن سألك بو أعطيتو كأسألك اللهم‬
‫اب‪٠‬بك هللا هللا هللا الذم ال إلو إال ىو رب العرش العظيم إال ما قضيت‬
‫حاجٍب اي قدكس اي قدكس قدسِب من العيوب كاآلفات كطهر٘ب من الذنوب كالسيئات اي هللا‬
‫ايهلل ايهلل نور٘ب بنورؾ كال ٘بعلِب ‪٩‬بن ‪ٚ‬بشى قلوهبم بظبلـ الظلمات اي رب العا‪٤‬بْب اللهم إ٘ب‬
‫أسألك بثبات إ‪٠‬بك كىو هللا الذم ال إلو إال ىو لو األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب الذم ىذه األ‪٠‬باء منو كىو‬
‫منها اللهم اي من ىو ىكذا كال يكوف ىكذا أحد غّبؾ اجعلِب من ا‪٤‬بتقْب كمن عبادؾ الصا‪٢‬بْب‬
‫كأكليائك احملسنْب إ‪٥‬بي ىذا ذٕب ظاىر بْب يديك كىذا حإب ال ٱبفى عليك منك أطلب‬
‫الوصوؿ إليك كبك أستدؿ فاىد٘ب بنورؾ إليك أقمِب بصدؽ العبودية بْب يديك أسألك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪348‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫خفي لطفك بلطيف لطيف صنعك ٔبميل ‪ٝ‬بيل سَبؾ بعظيم عظيم عظمتك بسر سر‬
‫ٖبفي ٌ‬
‫ٌ‬
‫أسرار قدرتك ٗبكنوف مكنوف غيبك ‪ٙ‬بصنت اب‪٠‬بك تشفعت ٗبحمد رسولك صلى هللا تعأب‬
‫عليو كسلم كاللهم أجذبِب إليك اي سيدم كاي موالم كارزقِب الفناء فيك عِب كال ٘بعلِب مفتوان‬
‫بنفسي ‪٧‬بجواب ٕبسي كاعصمِب ُب القوؿ كالفعل اللهم اي من كسى قلوب العارفْب من نور‬
‫األلوىية فلم تستطع ا‪٤‬ببلئكة رفع رؤكسهم من سطوة ا‪١‬بربكتية اي من قاؿ ُب ‪٧‬بكم كتابو العزيز‬
‫ككلماتو األزلية أدعو٘ب أستجب لكم اللهم استجب لنا ما ذكران كعلمنا كما نسينا استجب لنا‬
‫دعاءان فضبل‬
‫منك آمْب آمْب آمْب اي من يقوؿ للشيء كن فيكوف هللا نور السماكات كاألرض إٔب أف ترفع‬
‫اللهم صل على سيدان دمحم كعلى آؿ سيدان دمحم كأف تفعل بنا اي رب العا‪٤‬بْب ما أنت لو أىل‬
‫إنك أىل التقول كأىل ا‪٤‬بغفرة إنك على كل شيء قدير اي رب العا‪٤‬بْب كصلى هللا على سيدان‬
‫دمحم كثّبا إٔب يوـ الدين‪ .‬أىػ‪ .‬ككيفية الدعوة‪ :‬أف تتلو اإلسم الشريف كىو اسم ا‪١‬ببللة ‪ 44‬مرة‬
‫كعلى رأس كل مرة تتلو الدعوة مرة فيكوف ا‪٣‬بارج ُب قراءة الدعوة ألف مرة كاالسم ‪ 44‬مرة‪.‬‬
‫ككيفية التبلكة ُب السبحة أف تتلو ُب أصباعك ‪ 44‬مرة من االسم كتذكر الدعوة ٍب ترسم ُب‬
‫السبحة كاحد ٍب تتلو االسم اثنيا ُب أصابعك ‪ 44‬مرة كتذكر الدعوة عقبو ٍب ترسم ُب السبحة‬
‫اثنيا كىكذا تفعل حٌب تكمل عشرة أدكار ُب السبحة كقد كملت ‪ 44‬ألف مرة من االسم كمن‬
‫الدعوة ألف مرة كيكوف ذلك متواليا كال يشتغل بشيء دكهنا ما عدا الفرائض كالضركرايت كإذا‬
‫ٓب تستجب ُب األكٔب تعمل اثنيا كاثلثا حٌب تستجاب الدعوة كىكذا كردىا األكرب‪ .‬اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كلو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أدعية كأذكار ‪ٙ‬بوم أسرارا كأنوارا كتوجيهات‬
‫تكتبت بنور األحداؽ ال تكتب ُب األكراؽ كإ٭با تذكر مشافهة ‪٤‬بن حسن أدبو كفاؽ‪ .‬كهللا‬
‫سبحانو ا‪٤‬بوفق للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الرحيم‬
‫رماح حزب ٌ‬
‫ا‪١‬بزء الثا٘ب‬

‫أتليف الشيخ اإلماـ سيدم‬


‫عمر بن سعيد الفوٌب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪349‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فهرس كتاب‬

‫فصوؿ ا‪١‬بزء الثا٘ب‪.‬‬


‫‪ُ.1‬ب ذكر آداب الذكر كما يراد منو‬
‫‪ُ .2‬ب ذكر فضل شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كبياف أنو ىو خاًب األكلياء كسيد‬
‫العارفْب كإماـ الصديقْب ك‪٩‬بد األقطاب كاألغواث كأنو ىو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‬
‫الذم ىو الواسطة بْب األنبياء كاألكلياء ٖبيث ال يتلقن كاحد من األكلياء من كرب شأنو كمن‬
‫صغر فيضا من حضرة النيب إال بواسطتو رضي هللا تعأب عنو من حيث ال يشعر بو ذلك الوٕب‬
‫كحيث كاف األكمر ىكذا فإايؾ اي أخي اإلنكار على مثل ىذا السيد العظيم كاإلماـ األعظم‬
‫الكر‪ٙ‬ب قد أ‪ٝ‬بع أئمة اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب ك‪ٝ‬بيع األكلياء كالعارفْب على أـ االعتقاد‬
‫ربح كاالنكار خسراف كاعلم أان ما قدمنا لك الفصوؿ الٍب قدمناىا أكؿ ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ‬
‫كذكران فيها ما على ا‪٤‬بنكرين كأطنبنا فيها بعض اإلطناب إال نصيحة لك ك‪ٙ‬بذيرا من أف تكوف‬
‫مع السالكيم ابالنتقاد إف ٓب تكن مع الرإبْب ابالعتقاد‬
‫‪ُ .3‬ب بياف أف من أعماؿ الرب ما يقتضي غفراف الذنوب الكبائر كالصغائر كُب بياف جواز مغفرة‬
‫هللا تعأب لعبده ‪ٝ‬بيع ذنوبو ا‪٤‬باضية الٍب فعلها كا‪٤‬بستقبلة الٍب سيفعلها‪ ،‬كأف الوٕب قد يعلم كاليتو‬
‫كقد ال يعلمها‪ ،‬كقد يعلم أنو مأموف العاقبة‪.‬‬
‫‪ُ.4‬ب فضل ا‪٤‬بتعلقْب بو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أبم كجو من كجوه التعلقات كما‬
‫أعد هللا تعأب ‪٥‬بم‪ ،‬كفضل األذكار البلزمة للطريقة‪ ،‬كما أعد هللا لتاليها على اإل‪ٝ‬باؿ‪.‬‬
‫‪ُ.5‬ب ذكر فضل األذكار البلزمة للطريقة على التفصيل كدالئلها ُب الكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع‬
‫األمة‪.‬‬
‫‪ُ.6‬ب ذكر فضائل األذكار غّب البلزمة الٍب ٱبتص هبا ا‪٣‬بواص من أىل الطريقة‬

‫‪ُ .7‬ب شرح معا٘ب األذكار البلزمة للطريقة ألف إحضار القلب عند الذكر مطلوب من الذاكر‬
‫كا‪٢‬بضور ال ٲبكن إال ٗبعرفة معا٘ب األذكار كا‪٢‬بضور ىو ركح األعماؿ كاحتياج الذاكر إٔب معِب‬
‫ما يذكر إذف أمر ضركرم ال ‪٧‬بالة كحيث كاف األمر كذلك ينبغي لنا أف نذكر شيئا من معانيها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪350‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪ .8‬ا‪٤‬بقاصد الٍب تبُب عليها األذكار البل زمة للطريقة فقط‬
‫‪ُ .9‬ب بياف تسمية طريقتنا ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنفية التجانية‪.‬‬
‫‪ُ.11‬ب ذكر الدليل على ا‪٣‬بلوات كشرطها ا‪٤‬بعترب عند الصوفية‬
‫‪ُ .11‬ب ذكر بعض خلوات ىذه الطريقة‬
‫‪ُ .12‬ب ا‪١‬بواب عنو رضي هللا تعأب عنو ُب مسائل متفرقة أخذىا عن النيب صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم شفاىا ما من كاحدة منها إال كفيها من الفضل كاألسرار ما ال ٰبيط بو إال مواله الكر‪ٙ‬ب‬
‫الوىاب كجده عليو من هللا تعأب أفضل الصبلة كأزكى السبلـ قد يعَبض فيها بعض من ال قدـ‬
‫لو ُب العلم كمرادان تنبيهو على قصور علمو كسوء فهمو ألهنا كلها منصوص عليها ُب مذىب‬
‫إمامو كغّبه من ا‪٤‬بذاىب كإف كنا قد قدمنا أف أصحاب الفتح األكابر ال يتقيدكف ٗبذىب من‬
‫مذاىب اجملتهدين بل يدكركف مع ا‪٢‬بق عند هللا تعأب أينما دار‬
‫‪ُ .13‬ب إعبلمهم أنو ٯبب عليهم طاعة ا‪٤‬بقدمْب ُب إعطاء الورد كٰبرـ عليهم ‪٨‬بالفتهم‪.‬‬
‫‪ُ.14‬ب إعبلـ ا‪٤‬بقدمْب ُب إعطاء الورد إذان صحيحا ‪٩‬بن لو اإلذف الصحيح عن شيخو ا‪٤‬بأذكف‬
‫ابلتلقْب كاإلرشاد ال سيما من بلغ منهم مرتبة ا‪٣‬ببلفة ابستخبلؼ من كاف خليفة ألنو ال بد لكل‬
‫من يدعو إٔب هللا تعأب ككاف صادقا ُب دعواه من الصرب على إساءة إخوانو كما صرب من كاف‬
‫قبلو من الدعاة إٔب هللا تعأب حْب أكذكا‬
‫‪ُ .15‬ب أمر اإلخواف ا‪٤‬بنتسبْب إٔب طرؽ هللا تعأب أف يتحملوا إذاية ا‪٤‬بنكرين كا‪٤‬بعَبضْب عليهم‬
‫كعلى ساداهتم األكلياء اقتداء أبنبياء هللا تعأب كرسلو كالتأسي هبم‬
‫‪ُ.16‬ب إعبلمهم خصلة تسهل ‪٥‬بم صحبة ا‪٣‬ببلئق أ‪ٝ‬بعْب‬

‫‪ُ .17‬ب إعبلمهم أنو ينبغي لكل إنساف أف ٯبتهد ُب خبلص نفسو كيشمر كيقوـ بساؽ ا‪١‬بد‬
‫كاالجتهاد ُب عبادة ربو كال يعوقو عنها عائق كال يشغلو عنها شاغل من أىل ككالد ككلد ككطن‬
‫كصديق كداركعشّبة كماؿ كغّب ذلك ‪٩‬با يعوؽ عن اإلقباؿ على هللا كاإلدابر عما سواه كلو أداه‬
‫ذلك إٔب مفارقة األكطاف بل كضرب األعناؽ‬
‫اب‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد كإعبلىم أف ا‪٥‬بجرة كاجبة ُب ىذا الزماف على كل من كاف ُب بلد تعمل ُب‬
‫ا‪٤‬بعاصي جهارا من غّب مباالة هبا كال ٲبكنو تغيّب ذلك كما ٘بب ا‪٥‬بجرة من ببلد الكفار كلكنها‬
‫قسمْب كربل كصغرل فالكربل ىي ا‪٤‬بعنوم الٍب ُب القلوب كالصغرل ىي ا‪٢‬بسية الٍب تشغل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪351‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابألبداف كىا أان أبْب ا‪٥‬بجرتْب كليهما مع تبيْب ا‪١‬بهاد األكرب كأما ا‪١‬بهاد األصغر فبل أتعرض لو‬
‫لظهوره زأبدأ اب‪١‬بهاد كا‪٥‬بجرة األكربين كبعد الفراغ منهما أبْب ا‪٥‬بجرة الصغرل كلكِب أمهد‬
‫مهادا يعلم بو من سيقف عليو بطبلف قوؿ من يقوؿ‪ :‬أف ا‪٥‬بجرة قد انقطع‬
‫كجوهبا كاستدؿ على ذلك بقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬ال ىجرة بعد الفتح " أىػ‬
‫‪ُ .18‬ب ذكر األسباب ا‪٤‬بوجبة النقطاع العبد عن ربو عز كجل الطارئة على ىذه األمة احملمدية‬
‫من غّب شعور ألكثرىم كىي منحصرة ُب ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستْب سببا كلها موجبة النقطاع العبد‬
‫عن ربو عز كجل‬
‫‪ُ .19‬ب إعبلمهم أنو ٯبب على كل مكلف يريد أف ٱبلص نفسو من سخط هللا تعأب كغضبو‬
‫كأف يفوز برضاه كأف يبادر إٔب التوبة النصوح كأهنا مقبولة قطعا إذا صحت ابستكماؿ شركطها‬
‫كآداهبا‬
‫‪ُ .21‬ب بعض كبلمو ككصاايه رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كنذكرىا ُب ىذا الفصل تربكا‬
‫هبا كاالستفادة منها كاستمدادا من نفحاتو الشريفة كبركاتو ا‪٤‬بنيفة لعل هللا تعأب يرزقنا حظا كافرا‬
‫ٔباىو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كجاه جده ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫‪.21‬‬

‫الفصل الفصل ا‪٣‬بامس كالثبلثوف‬

‫ُب ذكر آداب الذكر كما يراد منو‬

‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف للذكر آدااب البد من‬
‫مراعاهتا‪ٍ ،‬ب اعلم أف ا‪٤‬براد من الذكر ‪ٙ‬بقيق األنس ابهلل تعأب كالوحشة من ا‪٣‬بلق‪ ،‬كآدابو اثناف‬
‫كعشركف‪ٟ :‬بسة منها سابقة على التلفظ ابلذكر أك‪٥‬با النوبة كحقيقتها ترؾ ما ال يعنيو قوال كفعبل‬
‫كإرادة‪ ،‬كالثا٘ب أف يكوف على طهارة كاملة من حدث كخبث‪ ،‬كالثالث السكوت كالسكوف‪،‬‬
‫كالرابع أف يستمد بقلبو عند شركعو ُب الذكر ٮبة شيخو كيستحضره كيبلحظو ليكوف رفيقو ُب‬
‫السّب إٔب هللا تعأب كىذا من أىم اآلداب‪ ،‬كلو اندل شيخو بلسانو‬
‫ابالستغاثة عند االحتياج جاز‪ ،‬قاؿ الشيخ جربيل ا‪٣‬برماابذم قدس هللا سره العزيز‪ :‬فإذا ابتدأ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪352‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابلذكر ٰبضر صورة شيخو ُب قلبو كيستمد منو إذ قلب شيخو ٰباذم قلب شيخ الشيخ إٔب‬
‫ا‪٢‬بضرة النبوية‪ ،‬كقلب النيب ملسو هيلع هللا ىلص دائم التوجو إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية‪ ،‬فالذاكر إذا تصور شيخو‬
‫كاستمد من كاليتو تفيض االمدادات من ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية على قلب سيد ا‪٤‬برسلْب ملسو هيلع هللا ىلص ٍب تفيض‬
‫من قلب سيد ا‪٤‬برسلْب ملسو هيلع هللا ىلص على قلوب ا‪٤‬بشائخ على الَبتيب حٌب ينتهي إٔب شيخو‪ ،‬كمن قلب‬
‫شيخو إٔب قلبو فيقول على استعماؿ اآللة أم‬
‫الذكر إذ ىو ُب البداية على مثاؿ الطفل ليس لو قوة استعماؿ اآللة على الوجو الذم يورث‬
‫كيقع ‪٧‬بصبل للغرض كإف كاف بيده سيف هللا كىو الذكر‪ ،‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬الذكر سيف هللا" كلكن‬
‫أين للسيف ضرب إال بقوة مستفادة من حضرة نيب السيف فإذا استمد من شيخو جاءه ا‪٤‬بدد‬
‫ليقولو تعأب‪{ :‬كإف استنصرككم ُب الدين فعليكم النصر}‪ ،‬ا‪٣‬بامس أف يرل استمداده من شيخو‬
‫ىو استمداده من النيب ملسو هيلع هللا ىلص ألنو انئبو‪ ،‬كاثنا عشر منها ُب حاؿ الذكر أك‪٥‬با ا‪١‬بلوس على مكاف‬
‫طاىر مَببعا أك كجلوسو ُب صبلة مستقبل القبلة إف كاف‬

‫كحده كإف كانوا ‪ٝ‬باعة فيتحلقوف‪ ،‬كفرؽ بعض ا‪٤‬بتأخرين بْب ا‪٤‬ببتدم كا‪٤‬بنتهي فقاؿ‪ :‬إف ا‪٤‬ببتدم‬
‫يكوف جلوسو كجلوسو ُب الصبلة كا‪٤‬بنتهي يكوف مَببعا‪ ،‬الثا٘ب أف يضع راحتيو على فخذيو‪،‬‬
‫كالثالث تطييب ‪٦‬بلس الذكر كالبدف كالفم كبعد الرائحة الكريهة ألف ‪٦‬بالس الذكر ال ‪ٚ‬بلو عن‬
‫ا‪٤‬ببلئكة كعن مؤمِب ا‪١‬بن‪ ،‬كالركحانيوف ال يقبلوف الرائحة الكريهة فبانقطاعهم عن ‪٦‬بلس الذكر‬
‫ينقطع ا‪٤‬بدد كما ىو مشاىد ابلذكؽ‪ ،‬كالرابع ليس اللباس الطيب حبل كرائحة‪ ،‬كا‪٣‬بامس أف‬
‫يكوف ا‪٤‬بكاف مظلما حٌب أف لو كاف ىناؾ سراج أطفأه إف كانوا ُب خاصة أنفسهم‬
‫كىذا إف أمكن ا‪٤‬بكاف ا‪٤‬بظلم‪ ،‬كالسادس تغميض العينْب ألنو أسرع ُب تنوير قلبو‪ ،‬فبتغميض‬
‫عينيو ينسد عليو طرؽ ا‪٢‬بواس الظاىرة‪ ،‬كانسداد ا‪٢‬بواس الظاىرة سبب لفتح حواس القلب‪،‬‬
‫كالسابع أف ٱبيل خياؿ شيخو بْب عينيو كىذا آكد اآلداب‪ ،‬كالثامن الصدؽ كىو استواء السر‬
‫كالعبلنية‪ ،‬كالتاسع اإلخبلص كىو تصفية العمل من كل شوب أبف يفرغ قلبو عما سول هللا‬
‫تعأب حٌب ال يطلب دنيا كال أخرل كال ثوااب كال ترقيا كإ٭با يذكر هللا تعأب حبا ُب هللا كما قاؿ‪:‬‬
‫أحبك ال ٕب بل ألنك أىلو *** كمإب ُب شيء سواؾ مطامع كابلصدؽ كاإلخبلص يصل‬
‫الذاكر إٔب درجة الصديقية كىي أف يظهر ‪ٝ‬بيع ما ٱبطر بقلبو من حسن كقبيح لشيخو‪ ،‬كإف ٓب‬
‫يظهره كاف خائنا كهللا ال ٰبب ا‪٣‬بائنْب‪ ،‬كالعاشر أف يذكر هبمة اتمة كٲبيل برأسو إٔب ا‪١‬بهة اليمُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪353‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ببل كيرجع ابلو إٔب جهة يساره كببل هللا إٔب جهة القلب كىي اليسار ‪ٙ‬بت الثدم األيسر‬
‫كيقتطفها من سرتو إٔب قلبو حٌب تنزؿ ا‪١‬ببللة على القلب فتحرؽ سائر ا‪٣‬بواطر الرديئة كٱبفف‬
‫كٲبد األلف مدا طبيعيا أك أكثر كيفتح ا‪٥‬باء من إلو كيسكن ا‪٥‬باء من هللا‪ ،‬قاؿ الشيخ يوسف‬
‫العجمي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬قد اعَبض بعض الفضبلء على الذكر اب‪١‬بهد مستدال‬

‫بقولو تعأب‪{ :‬كاذكر ربك ُب نفسك تضرعا كخيفة} كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬خّب الذكر ما خفي " كأجاب‬
‫الشيخ يوسف ا‪٤‬بذكور فقاؿ‪ :‬إف هللا تعأب خاطب عباده ٗبثل قولو {أفبل ينظركف إٔب االبل كيف‬
‫خلقت} كخاطب ا‪٣‬باصة بقولو {أفبل يتدبركف القرآف} كخاطب سيد أىل ا‪٢‬بضرة دمحما ملسو هيلع هللا ىلص بعد‬
‫أف عرفو بنفسو كبربو بقولو {كاذكر ربك ُب نفسك} فمن ال يعرؼ نفسو كال ربو فكيف يذكر‬
‫ربو ُب نفسو بل ىم ا‪٤‬بخاطبوف بقولو تعأب {كاذكركا هللا ذكرا كثّبا} كأما الذكر ا‪٣‬بفي فهو ما‬
‫خفي عن عن ا‪٢‬بفظة ال ما ٱبفض بو الصوت كىو أيضا‬
‫خاص بو كٗبن لو إسوة كعن جابر بن عبد هللا رضي هللا تعأب عنو أف رجبل كاف يرفع صوتو‬
‫ابلذكر فقاؿ رجل‪ :‬لو أف ىذا خفض صوتو فقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص دعو فإنو أكاه كاألكاه الرقيق القلب‬
‫[كركل] أف الناس كانوا يذكركف هللا تعأب عند غركب الشمس يرفعوف أصواهتم ابلذكر فإذا‬
‫خفيت أرجل إليهم عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو أف قوكا الذكر أم ارفعوا أصواتكم قاؿ‬
‫الشيخ يوسف ا‪٤‬بذكور كا‪١‬بمع بْب اآلية كا‪٢‬بديث السابقْب اللذين استدؿ هبما كبْب ا‪٢‬بديث‬
‫كاالثراف الذاكرين إذا كانوا ‪٦‬بتمعْب على الذكر فاألكٔب ُب حقهم رفع‬
‫الصوت ابلذكر ابلقوة كأما إذا كاف الذاكر كحده فإف كاف من ا‪٣‬بواص فاألكٔب ُب حقو اإلخفاء‬
‫كإف كاف من العواـ فاألكٔب ُب حقو رفع الصوت‪ .‬كا‪٢‬بادم عشر إحضار معُب الذكر بقلبو مع‬
‫كل مرة كيصغي حاؿ الذكر بقلبو مع كل مستحضرا للمعُب حٌب كاف قلبو ىو الذاكر كىو‬
‫يسمعو‪ .‬كالثا٘ب عشر نفي كل موجود من القلب سول هللا تعأب ببل إلو إال هللا ليتمكن أتثّب ال‬
‫إلو إال هللا ابلقلب كيسرم إٔب األعضاء‪.‬‬

‫ك‪ٟ‬بسة بعد الفراغ من الذكر‪ ،‬األكؿ أنو إذا ختم سكت كسكن كاستحضر الذكر إلجرائو على‬
‫قلبو مَبقبا لوارد الذكر فلعلو يرد عليو كارد ُب حملة كيغمره كجوده ُب ‪٢‬بظة ما ال تغمره اجملاىدة‬
‫كالرايضة ُب ثبلثْب سنة‪ ،‬كىذا الوارد إما كارد زىد أك كرع أك ‪ٙ‬بمل أذل أك سخاء أك كشف أك‬
‫‪٧‬ببة أك غّب ذلك‪ ،‬فإذا سكت كسكن ككتم نفسو مرارا دار الوارد ُب ‪ٝ‬بيع عوا‪٤‬بو فيجب عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪354‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫التمهل حٌب يتمكن كإال ذىب‪ ،‬كالثا٘ب مراقبة هللا تعأب حٌب كأنو بْب يديو‪ ،‬كالثالث أف ٯبمع‬
‫حواسو ٕبيث ال تتحرؾ منو شعرة كحاؿ ا‪٥‬برة عند اصطياد الفأر‪ ،‬كالرابع‬
‫يزـ نفسو مرارا حٌب يدكر الوارد ُب ‪ٝ‬بيع عوا‪٤‬بو ألنو أسرع لتنوير البصّبة ككشف ا‪٢‬بجب كقطع‬
‫خواطر النفس كالشياطْب ألنو إذا زـ نفسو كعطل حواسو كصار يشبو ا‪٤‬بيت كالشيطاف ال‬
‫يقصد ا‪٤‬بيت‪ ،‬كا‪٣‬بامس عدـ شرب ا‪٤‬باء إثر الذكر كال ُب أثنائو ألف للذكر حرارة ٘بلب األنوار‬
‫كالتجليات كالواردات كالشوؽ كالتهييج إٔب ا‪٤‬بذكور كشرب ا‪٤‬باء يطفئ تلك ا‪٢‬برارة كأقل ذلك‬
‫أف يصرب ‪٫‬بو نصف ساعة فلكية‪ ،‬ككلما كثر كاف أحسن‪ ،‬حٌب أف الصادؽ ال يكاد يشرب إال‬
‫عن ضركرة قوية اىػ ملخصا من الوصااي القدسية ك‪ٙ‬بفة اإلخواف كا‪٣‬ببلف كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق‬
‫ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الفصل السادس كالثبلثوف‬

‫ُب ذكر فضل شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كبياف أنو ىو خاًب األكلياء كسيد‬
‫العارفْب كإماـ الصديقْب ك‪٩‬بد األقطاب كاألغواث كأنو ىو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‬
‫الذم ىو الواسطة بْب األنبياء كاألكلياء ٖبيث ال يتلقن كاحد من األكلياء من كرب شأنو كمن‬
‫صغر فيضا من حضرة النيب إال بواسطتو رضي هللا تعأب عنو من حيث ال يشعر بو ذلك الوٕب‬
‫كحيث كاف األكمر ىكذا فإايؾ اي أخي اإلنكار على مثل ىذا السيد العظيم كاإلماـ األعظم‬
‫الكر‪ٙ‬ب قد‬

‫أ‪ٝ‬بع أئمة اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب ك‪ٝ‬بيع األكلياء كالعارفْب على أـ االعتقاد ربح كاالنكار خسراف‬
‫كاعلم أان ما قدمنا لك الفصوؿ الٍب قدمناىا أكؿ ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ كذكران فيها ما على‬
‫ا‪٤‬بنكرين كأطنبنا فيها بعض اإلطناب إال نصيحة لك ك‪ٙ‬بذيرا من أف تكوف مع السالكيم‬
‫ابالنتقاد إف ٓب تكن مع الرإبْب ابالعتقاد‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أنو ينبغي لنا أف نورد ىنا كبل‬
‫من قبل الشرع ُب ىذا الفصل الذم نريد الشركع فيو ألف بعض من ٓب يكن لو ُب العلم كال ُب‬
‫نفحات أىل هللا من خبلؽ قد يورد علينا إيرادين أك‪٥‬بما أنو يقوؿ‪ :‬الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪355‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأرضاه مدح نفسو كزكاىا كذلك مذموـ اثنيهما أمو يقوؿ أف قوؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو أف الفيوض الٍب تفيض من ذات سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص تتلقاىا ذكات األنبياء ككل ما‬
‫فاض كبرز من ذكات األنبياء تتلقاه ذاٌب كمِب يتفرؽ‬
‫على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئث من نشأة العآب إٔب النفخ كالصور كيدخل فيو ‪ٝ‬بيع الصحابة رضواف الللو‬
‫تعأب عليهم فيكوف أفضل من ‪ٝ‬بيع الصحابة رضي هللا تعأب عنهم كذلك ابطل‪ ،‬ككذا قولو‬
‫هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو ال يشرب كٕب كال يسقى إال من ٕبران من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور‬
‫ككذلك قولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إذا ‪ٝ‬بع هللا تعأب خلقو ُب ا‪٤‬بوقف ينادم‬
‫مناداي على صوتو يسمعو كل من ُب ا‪٤‬بوقف اي أىل احملشر ىذا إمامكم الذم كاف مددكم منو‬
‫ككذا قولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ركحو ملسو هيلع هللا ىلص كركحي‬

‫ىكذا مشّبا إبصبعيو السبابة كالوسطى‪ ،‬ركحو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٛ‬بد الرسل كاألنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ‬
‫كرحي ‪ٛ‬بد العارفْب كاألقطاب كاألكلياء من األزؿ إٔب األبد ككذا قولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪:‬‬
‫قدمام ىااتف على رقبة كل كٕب هلل تعأب من لدف آدـ إٔب النفخ ُب الصور ككذا قولو هنع هللا يضر‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف مقامنا عند هللا ُب اآلخرة ال يصلو أحد من األكلياء كال يقاربو من كرب شأنو‬
‫كال من صغر كأف ‪ٝ‬بيع األكلياء من عصر الصحابة إٔب النفخ ُب الصور ليس فيهم من يصل‬
‫مقامنا ككذلك قولو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬أعمار الناس كلها ذىبت ‪٦‬باان إال أعمار أصحاب الفاتح ‪٤‬با أغلق فقد فازكا‬
‫ابلربح دنيا كأخرل كال يشغل هبا عمره إال السعيد‪ .‬فيقوؿ ا‪٤‬بعَبض‪ :‬ىذه األقواؿ تقتضي‬
‫تفضيلو ىو كأىل طريقتو على ‪ٝ‬بيع الصحابة رضواف هللا عليهم أ‪ٝ‬بعْب فا‪١‬بواب كهللا تعأب‬
‫ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب‪ :‬أف اإليراد األكؿ غّب كارد ألف ىذا كما قاؿ ا‪٢‬بافظ جبلؿ الدين عبد‬
‫الر‪ٞ‬بن السيوطي ُب الصواعق على النواعق ليس من ابب االفتخار كال تزكية النفس بل ‪٥‬بم ُب‬
‫ىذا كجهاف أحدٮبا أف ىذا من ابب التعريف ٕبالو إذا جهل مقامو قاؿ النوكم ُب األذكار‬
‫من ابب مدح اإلنساف مدحو كذكر ‪٧‬باسنو‪ :‬اعلم أف ذكر ‪٧‬باسنو فرداف مذموـ ك‪٧‬بمود فا‪٤‬بذموـ‬
‫أف يذكره لبلفتخار كإلضهار االرتفاع كشبو ذلك كاحملبوب أف يكوف فيو مصلحة دينية كذلك‬
‫أبف يكوف آمرا اب‪٤‬بعركؼ أك انىيا عن ا‪٤‬بنكر أك انصحا اك مشّبا اب‪٤‬بصلحة أك معلما أك مؤداب‬
‫أك كاعضا أك مذكرا أك مصلحا بْب اثنْب أك يدفع عن نفسو أك ‪٫‬بو ذلك فيذكر ‪٧‬باسنو انكاي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪356‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بذلك أف يكوف ىذا أقرب إٔب قبوؿ قولو كاعتماد ما يذكره كأف ىذا الذم أقولو ال ٘بدكه عند‬
‫غّبم فاحتفظوا بو فقد جاء ُب مثل ىذا كثّب من النصوص كقوؿ النيب صلى هللا عليو‬

‫كسلم‪ " :‬أان النيب ال كذب أان سيد كلد آدـ كال فخر أان أكؿ من تنشق عنو األرض كيدخل‬
‫ا‪١‬بنة كأانت أعلمكم ابهلل كأتقاكم لو أبيت عند ريب " ا‪٢‬بديث‪ ،‬كأشباه ىذه كثّبة كقاتل يوسف‬
‫عليو الصبلة كالسبلـ {اجعلِب على خزائن االرض إ٘ب حفيظ عليم} كقاؿ شعيب ستجد٘ب إف‬
‫شاء هللا من الصا‪٢‬بْب كقاؿ عثماف هنع هللا يضر حْب حصر كما ركيناه ُب صحيح البخارم كمسلم قاؿ‪:‬‬
‫ألستم تعلموف أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ من حفر ركمة فلو ا‪١‬بنة أان حفرهتا كصدقوه فيما قاؿ‬
‫كركينا ُب صحيحيهما عن سعد بن أيب كقاس هنع هللا يضر أنو شكى أىل‬
‫الكوفة إٔب عمر بن ا‪٣‬بطاب هنع هللا يضر كقالوا ال ٰبسن الصبلة فقاؿ سعد كهللا إ٘ب أكؿ من رمى بسهم‬
‫ُب سبيل هللا كلقد كنا نغزكا مع رسوؿ هللا صلى هللا عنليو كسلم كذكر ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بديث كركينا ُب‬
‫صحيح مسلم عن علي هنع هللا يضر أنو قاؿ‪ :‬كالذم برأ النسمة إنو لعقد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أنو ال ٰببِب إال‬
‫مؤمن كال يبغضِب إال منافق كركينا ُب صحيح مسلم عن أيب كائل قاؿ‪ :‬خطبنا عبد هللا بن‬
‫مسعود هنع هللا يضر كقاؿ‪ :‬كهللا لقد أخذت من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بضعا كسبعْب سورة كلقد علم أصحاب‬
‫رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم أ٘ب ألعلمهم بكتاب هللا كما أان ٖبّبىم كلو أعلم أحدا أعلم مِب لرحلت إليو كركينا‬
‫م صحيح مسلم عن ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما أنو سئل عن الدية فقاؿ‪ :‬على ا‪٣‬ببّب‬
‫سقطت يعِب نفسو كذكر ‪ٛ‬باـ ا‪٢‬بديث كنضائر ىذا كثّبة ال تنحصر كلها ‪٧‬بمولة على ما ذكران‬
‫آخر كبلـ النوكم‪ .‬كقاؿ صاحب الكشاؼ عند قولو تعأب حكاية عن يوسف عليو السبلـ‪:‬‬
‫{قاؿ ال ايتيكما طعاـ ترزقانو إؿ نبأتكما بتاكيلو ذلك ‪٩‬با علمِب ريب} اآلية‪ ،‬فيو أف العآب إذ‬
‫جهلت منزلتو ُب العلم فوصف نفسو ٗبا ىو بصدده ٓب يكن من ابب التزكية كقاؿ أيضا ُب‬

‫موضع آخر‪ :‬ال تذـ التزكية إذا كانت لغرض صحيح ُب الدين كطابقت الواقع بدليل قولو صلى‬
‫هللا عليو كسلم ‪٤‬بن قاؿ لو اعدؿ ُب القسمة‪ " :‬كمن يعدؿ إذا ٓب أعدؿ " كقولو‪ " :‬كهللا إ٘ب‬
‫ألمْب ُب السماء أمْب ُب األرض " كاستدؿ لذلك ٗبا أخرجو الَبمذم كابن حباف ُب صحيحو‬
‫عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ أبو بكر رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ألست أحق‬
‫الناس ألست أكؿ من أسلم ألست صاحب كذا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪357‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كٗبا أخرجو ابن أيب شيبة عن عثماف بن عفاف رضي هللا تعأب عنو أنو قيل لو كىو ‪٧‬بصور‪ :‬إف‬
‫فبلان ذكر كذا ككذا قاؿ عثماف‪ :‬كمن أين كقد اختبأت عند هللا تعأب عشرا إ٘ب لرابع اإلسبلـ‬
‫كقد زكجِب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابنتو ٍب ابنتو كقد ابيعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بيدم ىذه فما مسست هبا‬
‫ذكرم كال تغنيت كال سببت كال شربت ‪ٟ‬برا ُب جاىلية كال إسبلـ كقاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬من‬
‫يشَبم ىذه الَببة كيزيدىا ُب ا‪٤‬بسجد لو بيت ُب ا‪١‬بنة " فاشَبيتها كزدهتا ُب ا‪٤‬بسجد‪.‬‬
‫كٗبا أخرجو ابن أيب شيبة ُب ا‪٤‬بصنف كأبو نعيم ُب ا‪٢‬بلية عن علي بن أيب طالب رضي هللا تعأب‬
‫عنو أنو قاؿ على منربه‪ :‬كأٗب أان فقأت عْب الفتنة كلوٓب أكن يكم لقوتل فبلف كفبلف كأىل‬
‫النهركاف كأ‪ٙ‬ب هللا لوال أف تتكلموا كتدعوا العمل ‪٢‬بدثتكم ٗبا سبق لكم على لساف نبيكم صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم ٍب قاؿ‪ :‬سلو٘ب فإنكم ال تسألوف عن شيء فيما بينكم كبْب الساعة إال‬
‫حدثتكم بو‪.‬‬

‫كٗبا أخرجو ابن أيب شيبة عن علي رضي هللا تعأب عنو أنو قاؿ على ا‪٤‬بنرب‪ :‬أان عبد هللا كأخو‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كأان الصديق األكرب ٓب يقلها أحد قبلي كال يقو‪٥‬با أحد بعدم إال كذاب مفَب كلقد‬
‫صلت قبل الناس سبع سنْب‪ .‬كٗبا أخرجو ابن أيب شيبة عن زيد بن يشع قاؿ‪ :‬بلغ علينا أف‬
‫أانسا يقولوف فيو فصعد ا‪٤‬بنرب فقاؿ‪ :‬أنشد هللا رجبل ‪٠‬بع من النيب ملسو هيلع هللا ىلص شيئا إال قاـ فقاـ نفر‬
‫فقالوا‪ :‬نشهد أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬من كنت مواله فعلي مواله اللهم كاؿ من كااله كعاد من‬
‫عاداه‪.‬‬
‫كٗبا أخرجو ابن سعد ُب الطبقات عن دمحم بن ا‪٤‬برتفع قاؿ‪٠ :‬بعت ابن الزبّب يقوؿ‪ :‬اي معشر‬
‫ا‪٢‬بجاج سلو٘ب فعلينا كاف التنزيل ك‪٫‬بن حضران التأكيل‪ .‬كٗبا أخرجو ابن سعد عن سعيد بن عبد‬
‫الر‪ٞ‬بن عن أبيو قاؿ تفاخر قوـ من قريش فذكر رجل ما عنده فقاؿ معاكية للحسن بن علي بن‬
‫أيب طالب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ما ٲبنعك من القوؿ فما أنت بكليل اللساف قاؿ‪ :‬ما ذكركا‬
‫مكرمة كال فضيلة األكٔب ‪٧‬بضها كلباهبا ٍب قاؿ‪ :‬فيم الكبلـ كقد سبقت مربزا *** سبق ا‪١‬بياد‬
‫من ا‪٤‬بدل ا‪٤‬بتنفس كٗبا اخرجو ابن سعد عن أيب عوف قاؿ‪ :‬فخرت عائشة على صفية فقاؿ‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬أال قلت أيب ىاركف كعمي موسى " عليهما السبلـ‪ .‬كرأيت ُب ‪٦‬بموع شيخنا‬
‫اإلماـ تقي الدين الشمِب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب قاؿ‪ :‬نقلت من خط الشيخ كماؿ الدين الدمّبم‬
‫فقاؿ‪ :‬نقلت من خط كماؿ الدين بن ىشاـ قاؿ‪ :‬رأيت ٖبط الشيخ ‪ٝ‬باؿ الدين بن مالك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪358‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسالة إٔب ا‪٤‬بلك الظاىر بيربس صورهتا‪ :‬من الفقّب إٔب ر‪ٞ‬بة ربو دمحم بن مالك ينهي إٔب السلطاف‬
‫أيد هللا جنوده كابد سعوده أنو أعلم أىل زمانو بعلوـ القرآف كالنحو كاللغة كفنوف األدب كسرد‬
‫ابقي القصة‪.‬‬

‫كقاؿ أبن رشيق ُب عمدتو‪ :‬ال ٰبسن مدح اإلنساف نفسو ُب غّب الشعر إال منافرة‪ .‬الوجو الثا٘ب‬
‫أف ىذا من ابب التحدث بنعمة هللا شكرا كامتثاال لقولو تعأب‪{ :‬كأما بنعمة ربك فحدث}‬
‫كأخرج ابن أيب حاًب عن ا‪٢‬بسن بن علي بن أيب طالب رضي هللا تعأب عنو ُب قولو تعأب‪{ :‬كأما‬
‫بنعمة ربك فحدث} قاؿ‪ :‬إذا أصبت خّبا فحدث إخوانك‪.‬‬
‫كأخرج عبد هللا بن أ‪ٞ‬بد بن حنبل ُب ركاية ا‪٤‬بسند كالبيهقي شعب اإلٲباف عن النعماف بن بشّب‬
‫رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬التحدث بنعمة هللا شكر كتركها كفر " كأخرج‬
‫ابن جرير ُب تفسّبه عن أيب نصر قاؿ‪ :‬كاف ا‪٤‬بسلموف يركف اف من شكر النعمة أف ٰبدث هبا‪.‬‬
‫كأخرج البيهقي عن ا‪١‬بريدم قاؿ‪ :‬كاف يقوؿ أف تعداد النعم من الشكر‪ .‬كاخرج البيهقي عن‬
‫ٰبٓب بن سعيد قاؿ‪ :‬كاف تعداد النعم أف ٰبدث هبا‪ .‬كأخرج عن سعيد بن منصور ُب سننو عن‬
‫عمر بن عبد العزيز قاؿ أف ذكر النعمة شكر‪.‬‬
‫كأخرج البيهقي عن أيب ا‪٢‬باكرم قاؿ‪ :‬جلس الفضيل بن عياض كسفياف بن عيينة ليلة إٔب‬
‫الصباح يتذاكراف النعم يقوالف‪ :‬أنعم هللا تعأب علينا ُب كذا أنعم هللا تعأب علينا ُب كذا‪.‬كاخرج‬
‫ابن أيب شيبة عن أيب صاّب كاف عمر بن ميموف إذا لقي الرجل من إخوانو قاؿ‪ :‬رزؽ هللا تعأب‬
‫البارحة من الصبلة كذا ككذا كرزؽ هللا تعأب البارحة من ا‪٣‬بّب كذا ككذا‪.‬‬
‫كقد عرؼ العلماء الشكر أبنو اعتقاد اب‪١‬بناف كذكر ابللساف كعمل ابألركاف كأنشدكا على ذلك‬
‫أفادتكم النعماء مِب ثبلثة*** يدم كلسا٘ب كالضمّب اجملبا كقاؿ ىنا العبلمة الشيخ مشس الدين‬
‫بن القيم‪ :‬الشيء الواحد تكوف صورتو كاحدة كينقسم إٔب ‪٧‬بمود كمذموـ فمن ذلك التحدث‬
‫ابلنعمة شكرا كالفخر هبا‪ ،‬فاألكؿ ا‪٤‬بقصود بو إظهار فضل هللا تعأب كإحسانو كنعمتو كإفشاؤىا‬
‫كفيو حديث‪ ":‬التحدث ابلنعمة شكر ككتمها كفر "‪.‬‬

‫ك‪٩‬با أكرده ما أخرجو ابن سعد عن عائشة رضي هللا تعأب عنها قالت‪ :‬فضلت على نساء النيب‬
‫صلى الو عليو كسلم كبعشر قيل ما ىن اي أـ ا‪٤‬بؤمنْب؟ قالت‪ٓ :‬ب ينكح بكرا قط غّبم‪ ،‬كٓب‬
‫ينكح امرأة أبواىا مهاجراف غّبم‪ ،‬كأنزؿ هللا تبارؾ كتعأب براءٌب من السماء كجاء جربيل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪359‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بصورٌب من السماء ُب حريرة كقاؿ‪ :‬تزكجها فإهنا امرأتك ككنت أغتسل أان كىو ُب إانء كاحد كٓب‬
‫يكن يصنع ذلك بواحدة من نسائو غّبم ككاف يصلي كأان معَبضة بْب يديو كٓب يكن يفعل ذلك‬
‫أبحد من نسائو غّبم كقد ينزؿ عليو الوحي كىو معي كٓب ينزؿ عليو كىو مع أحد من نسائو‬
‫غّبم كقبض هللا تعأب نفسو كىو بْب سحرم ك‪٫‬برم كمات ُب الليلة الٍب كاف يدكر علي فيها‬
‫كدفن ُب بيٍب‪ .‬كقاؿ ابن عدم ُب الكامل عن ابن عباس قاؿ‪ :‬قاؿ سعد بن معاذ ثبلث أان‬
‫فيهن رجل كُب ما سول ذلك أان كاحد من الناس ما ‪٠‬بعت حديثا من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص إال علمت‬
‫أنو حق من عند هللا تعأب كال كنت ُب صبلة فشغلت نفسي بغّبىا حٌب أقضيها كال كنت ُب‬
‫جنازة فحدثت نفسي بغّب ما تقوؿ كما يقاؿ ‪٥‬با حٌب أنصرؼ عنها قاؿ ابن عباس‪ :‬أف ىذه‬
‫ا‪٣‬بصاؿ ٓب أكن أحسبها إال ُب نيب كإف سعد ا‪٤‬بأموف من الفزع‪.‬‬
‫كأخرج ابن سعد عن عائشة قالت‪ :‬أعطيت خصاال ما أعطيتهن امرأة ملكِب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كأان‬
‫بنت سبع سنْب كأاته ا‪٤‬بلك بصورٌب ُب كمو فنظر إليها كبُب يب ُب تسع سنْب كرأيت جربيل عليو‬
‫السبلـ كٓب تره امرأة غّبم ككنت أحب نسائو إليو ككاف أيب أحب أصحابو إليو كمرض ُب بيٍب‬
‫فمرضتو كقبض كٓب يشهده غّبم كا‪٤‬ببلئكة‪.‬‬

‫كُب تذكرة الشيخ اتج بن مكتوـ قاؿ سيف الدين بن عبد هللا ا‪٤‬بعركؼ اببن األبطش ُب اترٱبو‬
‫كتوُب سنة أربع كأربعْب‪ :‬كمن عجب الشعر أف مدح النفس مهجن للقائل كإف كاف حقا كذلك‬
‫ألهنم أرادكا ‪ٚ‬بليد أخبارىم فبل يصلوف إٔب ذلك إال ابلتدكين كال ديواف ‪٥‬بم إال الشعر‪ ،‬ككل من‬
‫أخربؾ عن نفسو أبمر ٰبتاج إٔب معرفتو لوال أخباره ما عرفتو فليس بقبيح ذكره كإف اتصل ٗبدحو‬
‫ك‪٥‬بذه العلة مدحت األنبياء أنفسها مع تواضعها اىػ كأما اإليراد الثا٘ب فا‪١‬بواب كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق‬
‫ٗبنو للصواب أف العلماء كما قاؿ جبلؿ الدين السيوطي أيضا ُب‬
‫الكتاب السابق قد افَبقوا ُب مثل ىذا فرقتْب‪ :‬فمنهم من جعل ذلك اصطبلحا عرفيا‪ ،‬كمنهم‬
‫من قاؿ‪ :‬ىو موكوؿ إٔب ‪ٚ‬بصيص العقل كحاصلو أنو من العاـ الذم أريد بو ا‪٣‬بصوص الذم‬
‫تعذر بيانو ُب علم أصوؿ الفقو كذكر لذلك أمثلة كشواىد إٔب أف قاؿ‪ :‬كمنها قولو تعأب‪{ :‬تدمر‬
‫كل شيء أبمر رهبا} أطبق العلماء على أف ىذا من العاـ ا‪٤‬براد بو ا‪٣‬بصوص ألهنا ٓب تدمر‬
‫ا‪٤‬ببلئكة كال العرش كال الكرسي كال السماكات كال األرض كال ا‪١‬بباؿ كال بقية من كاف من‬
‫البشر سول عاد‪ ،‬كمنها قولو تعأب‪{ :‬كأكتيت من كل شيء} أطبقوا على أنو من ذلك كأف ا‪٤‬براد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪360‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من كل شيء يؤاته جنسها من ا‪٤‬بلوؾ ال من كل شيء على اإلطبلؽ فإهنا ٓب تؤت ما أكتيو‬
‫سليماف‪ ،‬كمنها قولو تعأب‪{ :‬الذين قاؿ ‪٥‬بم الناس إف الناس قد ‪ٝ‬بعوا لكم} كقولو تعأب‪{ :‬أـ‬
‫ٰبسدكف الناس على ما آاتىم هللا من فضلو} كقولو‪ٍ{ :‬ب أفيضوا من حيث أفاض الناس} كلها‬
‫من العاـ ا‪٤‬براد بو ا‪٣‬بصوص‪ ،‬كمنها هللا خالق كل شيء‪ ،‬أ‪ٝ‬بعوا على أهنا ‪٨‬بصصة ابلعقل فإف‬
‫الذات ا‪٤‬بقدسة كالصفات الشريفة ‪٤‬بوالان جل كعبل غّب داخلة ُب ىذه‪ ،‬كمنها قولو تعأب‪{ :‬كل‬
‫شيء ىالك إال كجهو} أ‪ٝ‬بعوا على أهنا خصص منها العرش كالكرسي كا‪١‬بنة كالنار كما فيها‬

‫كاألركاح أك مؤكلة‪ ،‬كمنها قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أرأيتكم ليلتكم ىذه فإف على رأس مائة سنة ال يبقى ‪٩‬بن‬
‫ىو اليوـ على ظهرىا أحد" [أخرجو البخارم] كأطبقوا على أف ىذا الكبلـ خاص ٗبن ىو ُب‬
‫عآب الشهادة الذين ىم بْب أظهر الناس دكف من ىو ُب عآب الغيب كا‪٣‬بضر كإلياس إف ثبت‬
‫كجودٮبا كإبليس كمن عمر من ا‪١‬باف‪ ،‬قاؿ ابن الصبلح ُب فتاكيو‪ :‬ا‪٢‬بديث فيمن يشاىده‬
‫الناس كٱبالطونو ال ُب من ليس كذلك كا‪٣‬بضر‪ ،‬قاؿ النوكم‪ :‬كقاؿ ا‪٢‬بافظ بن حجر ُب شرح‬
‫البخارم‪ :‬ا‪٢‬بديث ‪٨‬بصوص بغّب ا‪٣‬بضر كما خص منو إبليس ابالتفاؽ‪ ،‬كمنها قولو صلى‬
‫هللا عليو كسلم‪" :‬ما أظلت ا‪٣‬بضراء كال أقلت الغرباء أصدؽ ‪٥‬بجة من أيب ذر" [أخرجو ابن أيب‬
‫شيبة من حديث أيب ىريرة كأيب الدرداء] فهذا من العاـ ا‪٤‬براد بو ا‪٣‬بصوص قطعا ألنو ال سبيل‬
‫إٔب دخولو ملسو هيلع هللا ىلص كسائر األنبياء ُب ىذا العموـ كال ا‪٣‬بضر إف سلم كجوده‪ ،‬كمنها ما أخرجو ابن‬
‫أيب شيبة ُب ا‪٤‬بصنف قاؿ‪ :‬حدثنا شريك عن إسحاؽ عن عاصم بن ضمرة قاؿ‪ :‬خطب ا‪٢‬بسن‬
‫بن علي رضي هللا عنهما حْب قتل علي فقاؿ‪ :‬اي أىل الكوفة لقد بْب أظهركم رجل قتل الليلة ٓب‬
‫يسبقو األكلوف بعلم كال تدركو اآلخركف‪ ،‬كاف النيب صلى هللا عليو‬
‫كسلم إذا بعثو ُب سرية كاف جربيل عن ٲبينو كميكائيل عن يساره فبل يرجعوا حٌب يفتح هللا عليو‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬حدثنا عبد هللا بن ٭بّب عن إ‪٠‬باعيل بن أيب خالد عن ىبّبة بن مر‪ٙ‬ب قاؿ‪٠ :‬بعت ا‪٢‬بسن بن‬
‫علي رضي هللا تعأب عنو بعد كفاة علي فقاؿ‪ :‬فارقكم رجل ابألمس ٓب يسبقو األكلوف كال يدركو‬
‫اآلخركف‪ ،‬كىذا الكبلـ من ا‪٢‬بسن بن بنت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من العاـ ا‪٤‬براد بو ا‪٣‬بصوص قطعا‪،‬‬
‫فإف العقل ٱبص من لفظ األكلْب سيد ا‪٤‬برسلْب كسائر األنبياء كجربيل ا‪١‬بائي ابلوحي كسائر‬
‫ا‪٤‬ببلئكة صلوات هللا كسبلمو عليهم أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬فلم يقصد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪361‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بسن بتفضيل أبيو ُب العلم عن أحد من ىؤالء كال مساكاتو معاذ هللا بل كال قصد تفضيلو عن‬
‫أيب بكر كعمر رضي هللا عنهما‪ ،‬إ٭با أراد من سول ىؤالء ال ٲبَبم ُب ذلك عاقل‪ ،‬ككذلك ٱبص‬
‫من قولو‪ :‬كال يدركو اآلخركف عيسى ابن مر‪ٙ‬ب عليو السبلـ‪ ،‬ككل ىذا موكوؿ إٔب ‪ٚ‬بصيص العقل‬
‫ال ٰبتاج إٔب التصريح إذ ال ٲبَبم فيو عاقل‪ ،‬كإ٭با يتوىم دخوؿ مثل ذلك ُب اللفظ من اشتدت‬
‫عرانينو ُب ا‪١‬بهل كٓب تكن لو خربة أبساليب الكبلـ كال لو اطبلع على عبارات العلماء‬
‫ك‪ٙ‬بقيقاهتم كال علم قواعد أصوؿ الفقو كعلوـ الببلغة‪ ،‬كمن ىو هبذه ا‪٤‬بثابة ال يلتفت‬
‫إٔب توٮباتو الفاسدة بل يَبؾ كىذاينو ينعق مع الناعقْب بل ينهق مع الناىقْب‪ ،‬كمن ذلك قوؿ‬
‫اإلماـ الشافعي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كلوال الشعر ابلعلماء يزرئ *** لكنت اليوـ أشعر من لبيد‬
‫كلوال خشية الر‪ٞ‬بن ريب *** حسبت الناس كلهم عبيدم فهل يتوىم عاقل قط أف عبارة‬
‫الشافعي ىذه يدخل فيها أحد مشاٱبو كمالك كسفياف كمسلم بن خالد الز‪٪‬بي‪ ،‬أك من قبلهم‬
‫كاألكزاعي كأيب حنيفة فضبل عن التابعْب فضبل عن الصحابة فضبل عن األنبياء صلوات هللا‬
‫تعأب كسبلمو عليهم معاذ هللا ال يتوىم ىذا إال جاىل كامل ا‪١‬بهل ‪٨‬بتل العقل ٓب يعلم بشيء‬
‫من العلم كال ٌنور هللا تعأب قلبو بشيء من نور ا‪٢‬بكمة‪ .‬انتهى كبلـ السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪.‬‬
‫كإذا علمت ما تقدـ كفهمتو علمت أف كبلـ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه ال يتوجو إٔب‬
‫الصحابة أصبل رضي هللا تعأب عنهم‪ ،‬ك‪٩‬با يؤيد ذلك أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا‬
‫صرح أبف الصحايب أفضل من غّبه كلو بلغ ذلك الغّب ما بلغ ُب ا‪٤‬بعرفة ابهلل تعأب‪.‬‬
‫بو ٌ‬
‫كُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن تفضيل الصحايب الذم ٓب يفتح عليو كعن‬
‫القطب من غّب الصحابة فأجاب هنع هللا يضر بقولو‪ :‬اختلف الناس ُب تفضيل الصحايب الذم ٓب يفتح‬
‫عليو على القطب من غّب الصحابة‪ ،‬فذىب طائفة إٔب تفضيل الصحايب الذم ٓب يفتح عليو على‬
‫القطب من غّب الصحابة‪ ،‬كذىب طائفة إٔب تفضيل القطب‪ ،‬كالراجح تفضيل الصحايب على‬
‫القطب بشاىد قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف هللا اصطفى أصحايب على سائر العا‪٤‬بْب سول النبيْب كا‪٤‬برسلْب"‬
‫كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬لو أنفق أحدكم مثل أحد ذىبا ما بلغ مد‬
‫أحدىم كال نصيفو" كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬خّب القركف قر٘ب ٍب الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم " ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫كقولو تعأب‪{ :‬كنتم خّب أمة اخرجت للناس اتمركف اب‪٤‬بعركؼ كتنهوف عن ا‪٤‬بنكر} اآلية كىذا‬
‫من شدة اعتناء هللا بنبيو ملسو هيلع هللا ىلص خصوصية لو كهللا تعأب كٕب التوفيق أىػ‪ .‬كيؤيد ذلك أيضا قوؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪362‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سيدم علي حرازـ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب بعد إيراه ما ‪٠‬بع من الشيخ رضي هللا عنهما كأرضاٮبا كعنا‬
‫هبما من فضائل صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق أنو هنع هللا يضر قاؿ للشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬يفهم ‪٩‬با تقدـ أف‬
‫صاحب الصبلة يعِب صبلة‬
‫الفاتح ‪٤‬با أغلق لو فضل أكثر من ‪ٝ‬بيع من تقدمو من عباد هللا ا‪٤‬بؤمنْب لكوف ‪ٝ‬بيع صلواهتم‬
‫على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ك‪ٝ‬بيع أذكارىم كأكرادىم تضاعف لو كما تقدـ ُب فضل صبلة الفاتح ‪ ..‬إْب إال‬
‫نوعا كاحدا كىو قوؿ دائرة اإلحاطة فبل مدخل لو ىنا كال يتناكلو ىذا التضعيف ٍب قاؿ‪ :‬إف‬
‫الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو بقولو هنع هللا يضر‪ :‬ىو كما ذكرًب من تضعيف األعماؿ لصاحبها كلكن كل‬
‫كاحد من الصحابة الذين بلغوا الدين مكتوب ُب صحيفتو ‪ٝ‬بيع أعماؿ من بعده من كقتو إٔب‬
‫آخر ىذه األمة فإذا فهم ىذا ففضل الصحابة ال مطمع‬

‫فيو ‪٤‬بن بعدىم كلو كاف من أىل ىذا الفضل ا‪٤‬بذكور من ىذا الباب ‪٤‬برتبة الصحابة كقاؿ‪ٍ :‬ب‬
‫ضرب مثبل هنع هللا يضر لعمل الصحابة مع غّبىم قاؿ‪ :‬عملهم مع غّبىم كمشي النملة مع سرعة‬
‫القطاة قاؿ سيدم حرازـ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو كصدؽ رضي هللا تعأب عنو فيما مثل بو ألهنم مهنع هللا يضر‬
‫حازكا قصبة السبق بصحبة سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ُب حقهم صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬إف هللا‬
‫اصطفى أصحايب على سائر العا‪٤‬بْب ما عدا النبيْب كا‪٤‬برسلْب " قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬لو أنفق أحدكم مثل‬
‫أحد ذىبا ما بلغ مد‬
‫أحدىم كال نصيفو " انتهى‪ .‬ك‪٩‬با يؤيد ذلك أيضا قوؿ الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو أف ‪ٝ‬بيع‬
‫األكلياء من عصر الصحابة إٔب النفخ ُب الصور ‪ ..‬إْب‪ ،‬ألف من النتهاء الغاية ُب ىذا احملل يعلم‬
‫ذلك كل من لو أدٗب معرفة بعلم النحو ألف من تكوف ٗبعُب إٔب كمثلوا لذلك بنحو رأيتو من‬
‫ذلك ا‪٤‬بوضع فجعلتو غاية لرؤيتك أم ‪٧‬ببل لبلبتداء قاؿ ُب الفريدة‪ :‬من ابتدئ هبا كبْب علل‬
‫*** بعض كللفضل أتت كللبدؿ كالنص للعموـ أك مثل إٔب *** كعن كُب كعند كالبا كعلى‬
‫كقاؿ بعضهم‪ :‬أتت من ٗبعُب الباء كعند كُب كعن كللفعل معُب رٗبا كاالنتهاء‬
‫كا‪٤‬بعُب أف ‪ٝ‬بيع األكلياء من حيث انتهاء عصر الصحابة كإذا ‪ٛ‬بد ىذا فلنشر إٔب ا‪٤‬بقصود‬
‫ابلذات فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف أفراد األحباب‬
‫من الصديقْب كاألغواث كجواىر األقطاب كبرازخ األغواث يعلموف أف مقاـ خاًب األكلياء الذم‬
‫يكوف مقامو ختم ا‪٤‬بقامات يفوؽ ‪ٝ‬بيع مقامات الوالية كال يكوف فوقو إال مقامات األنبياء‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪363‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليهم الصبلة كالسبلـ كذلك ا‪٣‬باًب ىو سيد األكلياء ك‪٩‬بدىم كإف ٓب يعلموا عينا‪ ،‬قاؿ الشيخ‬
‫‪٧‬بي الدين بن عريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فكل نيب من لدف آدـ إٔب آخر‬

‫ما منهم أحد أيخذ النبوة ال من مشكاة خاًب النبيْب كإف أتخر كجود طينتو فإنو ٕبقيقتو موجود‬
‫كىو قولو‪" :‬كنت نبيا كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب" أم‪ٓ :‬ب يكمل بدنو العنصرم بعد فكيف من دكنو‬
‫من أنبياء أكالده‪ ،‬كبياف ذلك أف هللا سبحانو كتعأب ‪٤‬با خلق النور احملمدم كما أشار لو صلى هللا‬
‫عليو كسلم بقولو‪" :‬أكؿ ما خلق هللا تعأب نورم" ‪ٝ‬بع ُب ىذا النور احملمدم ‪ٝ‬بيع أركاح األنبياء‬
‫كاألكلياء ‪ٝ‬بعا أحداي قبل التفضيل ُب الوجود العيِب كذلك ُب مرتبة العقل األكؿ‪ٍ ،‬ب تعينت‬
‫األركاح ُب مرتبة اللوح احملفوظ الذم ىو النفس الكلية‬
‫ك‪ٛ‬بيزت بظاىرىا النورم فبعث هللا ا‪٢‬بقيقة احملمدية الركحية النورية إليهم نبأىم عن ا‪٢‬بقيقة‬
‫األحدية ا‪١‬بمعية الكمالية‪ ،‬فلما كجدت الصور الطبيعية العلوية من العرش كالكرسي ككجدت‬
‫صور مظاىر تلك األركاح ظهرت تلك البعثة احملمدية إليهم اثنيا فآمن من األركاح من كاف‬
‫مؤىبل لئلٲباف بتلك األحدية ا‪١‬بمعية الكمالية‪ ،‬ك‪٤‬با كجدت الصور الطبيعية العنصرية ظهر حكم‬
‫كمل النفوس البشرية فآمنوا ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمعُب قولو‪" :‬كنت نبيا" أنو كاف نبيا‬
‫ذلك اإلٲباف ُب ٌ‬
‫ابلفعل عا‪٤‬با بنبوتو انظر شرحو‪ٍ ،‬ب قاؿ ا‪٢‬با‪ٛ‬بي أم كشارح‬
‫كبلمو‪ :‬كغّبه من األنبياء ما كاف نبيا ابلفعل كال عا‪٤‬با بنبوتو إال حْب بعث بعد كجوده ببدنو‬
‫العنصرم كاستكمالو شرائط النبوة فاندفع بذلك ما يقاؿ من أف كل كاحد هبذه ا‪٤‬بثابة من حيث‬
‫أنو كاف نبيا ُب علم هللا تعأب السابق على كجوده العيِب صورة كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب‪ٍ ،‬ب قاؿ‬
‫ا‪٢‬با‪ٛ‬بي أم كشارحو‪ :‬ككذلك خاًب األكلياء كاف كليا ابلفعل عا‪٤‬با بواليتو كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب‪،‬‬
‫كغّبه من األكلياء ما كاف كليا ابلفعل كال عا‪٤‬با بواليتو إال بعد ‪ٙ‬بصيلو شرائط الوالية من‬
‫األخبلؽ اإل‪٥‬بية ُب االتصاؼ هبا من أجل كوف هللا تعأب‬

‫تسمى ابلوٕب ا‪٢‬بميد‪ ،‬كخاًب األكلياء ىو الوٕب الوارث اآلخذ عن األصل ا‪٤‬بشاىد للمراتب‬
‫العارؼ ابستحقاؽ أصحاهبا ليعطي كل ذم حق حقو كىو حسنة من حسنات سيد ا‪٤‬برسلْب دمحم‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص مقدـ ا‪١‬بماعة‪ ،‬انتهى كبلـ ا‪٢‬با‪ٛ‬بي رضي هللا تعأب عنو‪ .‬كقاؿ الشيخ سيدم عبد الوىاب‬
‫الشعرا٘ب ُب الرسالة ا‪٤‬بباركة ُب ا‪٤‬بوضع الذم ع ٌد فيو علوـ األكلياء ا‪٣‬باصة هبم كمنها علوـ‬
‫صفات خاًب األكلياء ُب كل قرف كصفة خا‪ٛ‬بهم األكرب كعلم الصفات الٍب يستحق هبا ا‪٣‬بتمية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪364‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كما يستحق سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص أف يكوف خاًب األنبياء كلهم‬
‫ُب الشرائع أم ال ُب التلقي كما ىو شأف عيسى عليو السبلـ اىػ‪ .‬كقاؿ ُب درر الغواص على‬
‫فتاكم شيخو علي ا‪٣‬بواص‪ :‬كسألتو يعِب عليا ا‪٣‬بواص رضي هللا تعأب عنو عن قوؿ الشيخ ‪٧‬بي‬
‫الدين بن العريب هنع هللا يضر اجتمعت ُب مشهد أقدس ٔبميع النبيْب كا‪٤‬برسلْب كٓب يكلمِب أحد منهم كٓب‬
‫يفرح يب إال ىود عليو السبلـ بكبلمو كفرحتو بو دكف غّبه ٍب ذكر أنو أجابو بكبلـ من ‪ٝ‬بلتو أف‬
‫ىودا عليو السبلـ يعلم أف ‪٥‬بذه األمة احملمدية ختمْب جامعْب لكل رتبة كمقاـ كارث ككالية‬
‫أبحدية ‪ٝ‬بعها كتنوع كحدهتا حٌب تستغرؽ كل نعت ككصف كإمداد‬
‫كاستمداد أحداي كاف أك كاحداي بسر تنزلو كإحاطتو بعوا‪٤‬بو ا‪٤‬بطلقة كا‪٤‬بقيدة كما ىو خصيص بو‬
‫أصبل كفرعا حكما كعينا سعة كضيقا قيدا كإطبلقا حٌب أف كل كٕب كاف أك يكوف إ٭با أيخذ من‬
‫ىذين ا‪٣‬بتمْب اللذين يكوف أحدٮبا خاًب كالية ا‪٣‬بصوص كاآلخر ٱبتم بو كالية العامة فبل كٕب‬
‫بعده إٔب قياـ للساعة كقد أخرب العارؼ عن نفسهأنو أحد ا‪٣‬بتمْب إٔب أف قاؿ ىذا ما ظهر ٕب‬
‫من ا‪١‬بواب ُب ىذا الوقت كهللا أعلم أىػ‪.‬‬

‫قلت كإذا فهمت كبلـ ىؤالء علمت أف خاًب األكلياء متصف فيما كصفناه أكؿ الفصل كإف‬
‫أكابر األكلياء ‪٦‬بمعوف على أنو سيوجدكعل أنو سيدىم ك‪٩‬بدىم كأنو ىو الواسطة بينهم كبْب‬
‫سائراألنبياء كإ٭با أخفى هللا تعأب عنهم معرفة عينو فقط كأما قولو‪ :‬كقد أخربالعارؼ عن نفسو‬
‫أنو أحد ا‪٣‬بتمْب فهو كذلك قاؿ ُب الفتوحات ا‪٤‬بكية أنو رأل حائطا من ذىب كفضة كمل إٔب‬
‫موضع لبنتْب إحداٮبا من ذىب كأخرل من فضة فانطبع هنع هللا يضر ُب موضع تينك اللبنتْب كقاؿ‬
‫هنع هللا يضر‪ :‬ككنت ال أشك ُب أ٘ب أان الرائي كال أ٘ب أان ا‪٤‬بنطبع ُب موضعهما كيب‬
‫كمل ا‪٢‬بائط ٍب حربت الرؤية اب‪٬‬بتاـ الوالية يب كذكرهتا للمشايخ كالكاملْب كا‪٤‬بعاصرين كما قلت‬
‫من ا‪٤‬برئي فعربكىا ٗبا عربهتا بو أىػ‪ .‬كلذلك تعرض للمتكلم على األسئلة ا‪٤‬بائة كا‪٣‬بمسْب سؤاال‬
‫الٍب ذكر ا‪٢‬بكيم الَبمذم أنو ال يعرؼ ا‪١‬بواب عنها كال ا‪٣‬بتم كإذا أتملت ما أسلفنا علمت أف‬
‫ا‪٣‬بتمية الٍب تكوف للخاًب األكرب ٓب تثبت ألحد من الشيوخ قبل شيخنا رضي هللا تعأب عنهم‬
‫أ‪ٝ‬بعْب ألف سيدم عليا ا‪٣‬بواص قد بْب أنو إ٭با اعتمد على كبلـ ‪٧‬بيي الدين هنع هللا يضر لقولو‪ :‬كقد‬
‫أخرب العارؼ عن نفسو أنو أحد ا‪٣‬بتمْب كأنت خبّب أبف‬
‫‪٧‬بيي الدين هنع هللا يضر ٓب يعتمد بكونو ختما على قاطع كإ٭با اعتمد على ىذه الرؤية ك‪٫‬بوىا كيؤيد ما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪365‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلنا كيشهد لو أنو صرح بعد ذلك أبنو ٓب يكن ىو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬باًب‬
‫احملمدم ا‪٤‬بعلوـ كذلك أنو هنع هللا يضر رأل مقاما فوؽ مقامات األقطاب كلها ما فوقو إال مقامات‬
‫األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ فظن أنو لو كاطمأنة نفسو بو غاية االطمئناف كالفرح كأنشد‪ :‬بنا‬
‫ختم هللا الوالية فانتهت *** إلينا فبل ختم يكوف ‪٥‬با بعدم كما فاز اب‪٣‬بتم الذم حملمد *** من‬
‫أمتو كالعلم إال أان كحدم فبينما ىو كذلك إذ ‪٠‬بع‬

‫منااي يقوؿ لو‪ :‬ليس لك ما ظننت ك‪ٛ‬بنيت كإ٭با ىو لوٕب ُب آخر الزماف ليس كٕب أكرـ على هللا‬
‫تعأب منو فعند ذلك قاؿ‪ :‬سلمت األمور إٔب خالقها كمكوهنا كلقد طاؿ ما جلت ببصّبٌب ُب‬
‫الغيوب ألطلع عليو كعلى مقامو كا‪٠‬بو كاسم بلده كمكانو ككيف حالو فما أطلعِب هللا تعأب على‬
‫شيء منو كال مشمت لو رائحة أصبل أىػ‪ .‬قلت‪ :‬كىذا الكبلـ من ا‪٢‬با‪ٛ‬بي فيو تصريح أبنو تربأ من‬
‫ادعاء ا‪٣‬بتمية الكربل كإهنا ٓب توجد لواحد ‪٩‬بن تقدـ من السادات الذين مضوا قبل زمانو كإهنا‬
‫إ٭با تكوف لوٕب ُب آخر الزماف‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يؤيد ذلك أف العارؼ ابهلل تعأب الشيخ ا‪٤‬بختار الكنٍب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قاؿ ُب كتاب‬
‫الطرائق أف القرف الثا٘ب عشر من ا‪٥‬بجرة احملمدية على صاحبها أفضل الصبلة كالسبلـ يشاكل‬
‫قرنو صلى هللا إليو كسلم من كجوه أحدىا أف فيو خاًب األكلياء كما ُب قرنو ملسو هيلع هللا ىلص خاًب األنبياء‬
‫اثنيها أف أتباع ىذا الوٕب اجملدد ا‪٣‬باًب يدعوف إٔب ا‪٣‬بّب كايمركف اب‪٤‬بعركؼ كينهوف عن ا‪٤‬بنكر كما‬
‫أف أصحاب ذلك النيب ا‪٣‬باًب ا‪٤‬باحي ايمركف اب‪٤‬بعرؼ كينهوف عن ا‪٤‬بنكر كيومنوف ابهلل كحده‬
‫كٯباىدكف األمم الضالة كما أف ىؤالء ٯباىدكف‬
‫النفس كا‪٥‬بول كالشيطاف ا‪١‬بهاد األكرب‪ ،‬قاؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬رجعنا إٔب من ا‪١‬بهاد األصغر إٔب‬
‫ا‪١‬بهاد األكرب قالوا‪ :‬كما ا‪١‬بهاد األكرب قاؿ‪ :‬جهاد النفس كا‪٥‬بول " اثلثها اإلشارة إٔب أف ىذا‬
‫القرف أفضل من ‪ٝ‬بيع ما تقدمو من القركف السالفة سو القركف الثبلثة لوركد النص فيها‬
‫أبفضليتها قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬ط خّب القوف قر٘ب ٍب الذين يلوهنم " ا‪٢‬بديث‪ٍ ،‬ب فسر ذلك ملسو هيلع هللا ىلص بقولو‪":‬‬
‫خّب ىذه األمة أك‪٥‬با كآخرىا " أىػ‪.‬‬

‫فانظر ر‪ٞ‬بنا هللا كإايؾ إٔب ىذا الكبلـ كأتملو راشدا ٘بده مصرحا ٖبتمية شيخنا التجا٘ب هنع هللا يضر‬
‫كأرضاه كعنا بو ألف الشيخ ا‪٤‬بختار هنع هللا يضر ما ادعى ا‪٣‬بتمية الكربل لنفسو مع أنو أىل ذلك القرف‬
‫ك‪٧‬بيي الدين بن العريب هنع هللا يضر مات ُب القرف السابع كشيخنا التجا٘ب هنع هللا يضر كلد عاـ ‪ٟ‬بسْب كمائة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪366‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كألف ككقع لو اإلذف من النيب ملسو هيلع هللا ىلص يقظة ال مناما بَببية ا‪٣‬بلق على العموـ كاإلطبلؽ سنة ألف‬
‫كمائة كست كتسعْب قاؿ‪ :‬أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو أف الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه‬
‫كعنا بو عاش كىو ُب ا‪٤‬برتبة ا‪٣‬بتمية ثبلثْب سنة كإذا أتملت ىذا علمت أف ا‪٣‬بتمية ٓب تثبت‬
‫ألحد قبل شيخنا هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو كأف أحدا ما ادعاىا كثبت على ادعائها لنفسو‪ ،‬كأما‬
‫شيخنا كسيدان ككسيلتنا إٔب ربنا سيدم أ‪ٞ‬بد بن دمحم الشريف ا‪٢‬بسِب التجا٘ب هنع هللا يضر كأرضاه كعنا‬
‫بو قاؿ‪ :‬قد أخرب٘ب سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص أب٘ب أان القطب ا‪٤‬بكتوـ منو إٕب مشافهة يقظة ال مناما فقيل‬
‫لو كما معُب ا‪٤‬بكتوـ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬ىو الذم كتمو هللا تعأب عن‬
‫‪ٝ‬بيع خلقو حٌب ا‪٤‬ببلئكة كالنبيْب إال‬
‫سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص فإنو علم بو كٕبالو كىو الذم حاز كل ما عند األكلياء من الكماالت اإل‪٥‬بية‬
‫كاحتول على ‪ٝ‬بيعها كأكرب من ىذا أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ " :‬إف هلل ثبل‪ٜ‬بائة خلق من ‪ٚ‬بلق بواحد‬
‫منها أدخلو هللا ا‪١‬بنة" كما اجتمعت ُب نيب كال كٕب قبلو إال ُب سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كأما األقطاب‬
‫الذين بعده حٌب ا‪٢‬بجة العظمى ابن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي فإ٭با يعلموف ظواىرىا فقط كيسموف‬
‫احملمديْب‪ ،‬كبو ختم هللا األقطاب اجملتمعة فيهم األخبلؽ اإل‪٥‬بية كىذه األخبلؽ ال يعرفها إال من‬
‫ذاقها كال تدرؾ ابلوصف‬

‫كال يعرؼ ما فيها إال ابلذكؽ‪ ،‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو أف الفيوض الٍب تفيض من ذات سيد‬
‫الوجود ملسو هيلع هللا ىلص تتلقاىا ذكات األنبياء‪ ،‬ككل ما فاض كبرز من ذكات األنبياء تتلقاىا ذاٌب كمِب‬
‫يتفرؽ على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور كخصصت بعلوـ بيِب كبينو منو إٕب‬
‫مشافهة ال يعلمها إال هللا عز كجل ببل كاسطة‪ ،‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬أان سيد األكلياء كما‬
‫كاف ملسو هيلع هللا ىلص سيد األنبياء‪ ،‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال يشرب كٕب كال يسقى إال من ٕبران من‬
‫نشأة العآب‬
‫إٔب النفخ ُب الصور‪ ،‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬إذا ‪ٝ‬بع هللا خلقو ُب ا‪٤‬بوقف ينادم مناداي على‬
‫صوتو حٌب يسمعو كل من ُب ا‪٤‬بوقف‪ :‬اي أىل ا‪٢‬بشر ىذا إمامكم الذم كاف ‪٩‬بدكم منو‪ ،‬قاؿ ُب‬
‫جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كسألتو هنع هللا يضر عن حقيقة الوالية فأجاب هنع هللا يضر ٗبا نصو‪ :‬الوالية عامة كخاصة‪ ،‬فالعامة‬
‫ىي من آدـ عليو السبلـ إٔب عيسى عليو السبلـ‪ ،‬كا‪٣‬باصة من سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص إٔب ا‪٣‬بتم‪،‬‬
‫كا‪٤‬براد اب‪٣‬باصة ىي من اتصف صاحبها أبكصاؼ ا‪٢‬بق الثبل‪ٜ‬بائة على الكماؿ كٓب ينقص منها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪367‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاحد‪ ،‬إف هلل ثبل‪ٜ‬بائة خلق من‬
‫اتصف بواحد منها دخل ا‪١‬بنة كىذا خاص بسيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص كمن كرثو من أقطاب ىذه األمة‬
‫الشريفة إٔب ا‪٣‬بتم ىكذا قاؿ‪ ،‬كنسبة للحا‪ٛ‬بي هنع هللا يضر‪ٍ ،‬ب قاؿ سيدان هنع هللا يضر‪ :‬كال يلزـ من ىذه‬
‫ا‪٣‬بصوصية الٍب ىي االتصاؼ ابألخبلؽ على الكماؿ أف يكونوا كلهم أعلى من غّبىم ُب كل‬
‫كجو‪ ،‬بل قد يكوف من ٓب يتصف هبا أعلى من غّبه ُب ا‪٤‬بقاـ كأظنو يشّب إٔب نفسو هنع هللا يضر كبعض‬
‫األكابر من الصحابة ألنو أخربه سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص أبف مقامو أعلى من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بقامات اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬القطب ا‪٤‬بكتوـ ىو الواسطة بْب األنبياء كاألكلياء‪ ،‬فكل كٕب هلل تعأب‬
‫من كرب شأنو كمن صغر ال يتلقى فيضا من حضرة نيب إال بواسطتو هنع هللا يضر من حيث ال يشعر بو‬
‫ك‪٩‬بده ا‪٣‬باص بو‪ ،‬إ٭با يتلقاه منو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كال اطبلع ألحد من األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ على‬
‫فيضو ا‪٣‬باص بو ألف لو مشراب معهم منو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬قاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو مشّبا إبصبعو السبابة‬
‫كالوسطى‪ :‬ركحي كركحو ملسو هيلع هللا ىلص ىكذا‪ ،‬ركحو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٛ‬بد الرسل كاألنبياء عليهم‬
‫الصبلة كالسبلـ كركحي ‪ٛ‬بد األقطاب كالعارفْب كاألكلياء من األزؿ إٔب األبد‪ ،‬كسبب ذلك أف‬
‫بعض أصحابنا ٘باكر مع بعض الناس ُب قولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل الشيوخ أخذكا عِب‬
‫ابلغيب‪ ،‬فحكى لو ذلك فأجاب هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬نسبة األقطاب معي كنسبة العامة مع‬
‫األقطاب‪ ،‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬الشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬قدمي ىذه على‬
‫رقبة كل كٕب هلل تعأب يعِب أىل عصره‪ ،‬أما أان فقدمام ىااتف ك‪ٝ‬بعهما هنع هللا يضر ككاف متكئا فجلس‬
‫كقاؿ‪ :‬على رقبة كل كٕب هلل تعأب من لدف آدـ‬
‫إٔب النفخ ُب الصور‪ ،‬قلت كقد أجرب٘ب شيخي كسيدم دمحم الغإب أبو طالب الشريف ا‪٢‬بسيِب‬
‫كأان معو ُب ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ أف الشيخ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا‬
‫بو قاؿ ذات ليلة ُب ‪٦‬بلسو‪ :‬أين السيد دمحم الغإب؟ فجعل أصحابو ينادكف‪ :‬أين السيد دمحم‬
‫الغإب؟ على عادة الناس مع الكبّب إذا اندل أحدا‪ ،‬فلما حضر بْب يدم الشيخ قاؿ هنع هللا يضر‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬قدمام ىااتف على رقبة كل كٕب هلل تعأب‪ ،‬كقاؿ سيدم دمحم الغإب ككاف ال ٱبافو‬
‫ألنو من أكابر أحبابو كأمراهتم‪ :‬اي سيدم أنت ُب الصحو‬

‫كالبقاء أك ُب السكر كالفناء فقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬بل أان ُب الصحو كالبقاء ككماؿ العقل‬
‫كهلل ا‪٢‬بمد‪ ،‬كقاؿ‪ :‬قلت‪ :‬ما تقوؿ ُب قوؿ سيدم عبد القادر هنع هللا يضر‪ :‬قدمي ىذه على رقبة كل كٕب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪368‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هلل تعأب فقاؿ‪ :‬صدؽ هنع هللا يضر يعِب أىل عصره‪ ،‬كأما أان فأقوؿ‪ :‬قدمام ىااتف على رقبة كل كٕب هلل‬
‫تعأب من لدف آدـ إٔب النفخ ُب الصور‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقلت لو‪ :‬اي سيدم فكيف تقوؿ إذا قاؿ أحد‬
‫بعدؾ مثلما قلت؟ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال يقولو أحد بعدم‪ ،‬قاؿ فقلت‬
‫لو‪ :‬اي سيدم قد حجرت على هللا تعأب كاسعا ٓب يكن‬
‫هللا تعأب قادرا على أف يفتح على كٕب فيعطيو من الفيوضات كالتجليات كا‪٤‬بنح كا‪٤‬بقامات‬
‫كا‪٤‬بعارؼ كالعلوـ كاألسرار كالَبقيات كاألحواؿ أكثر ‪٩‬با أعطاؾ‪ ،‬فقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬بلى‬
‫قادر على ذلك كأكثر منو كلكن ال يفعلو ألنو ٓب يرده‪ ،‬أٓب يكن قادرا على أف ينبئ أحدا كيرسلو‬
‫إٔب ا‪٣‬بلق كيعطيو أكثر ‪٩‬با أعطى دمحما ملسو هيلع هللا ىلص؟ قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬بلى لكنو تعأب ال يفعلو ألنو ما أراده ُب‬
‫األزؿ‪ ،‬فقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬كىذا مثل ذلك‪ ،‬ما أراده ُب األزؿ كٓب يسبق بو علمو تعأب‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬ما صورة برزخية القطب ا‪٤‬بكتوـ ا‪٤‬بعرب عنو عند العارفْب كالصديقْب كأفراد األحباب‬
‫كجواىر األقطاب ٔبوىر ا‪١‬بواىر كبرزخ الربازخ كاألكابر فا‪١‬بواب كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو‬
‫للصواب‪ :‬اعلم كفقِب هللا كإايؾ ‪٤‬با ٰببو كيرضاه إف ا‪٢‬بضرات ا‪٤‬بستفيضة سبع‪ :‬األكٔب حضرة‬
‫ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية كىي ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب غيب من غيوب هللا تعأب فلم يطلع أحد على ما فيها‬
‫من ا‪٤‬بعارؼ كالعلوـ كاألسرار كالفيوضات كالتجليات كاألحواؿ العلية كاألخبلؽ الزكية‪ ،‬فما‬
‫ذاؽ منها أحد شيئا كال ‪ٝ‬بيع الرسل كالنبيْب اختص ملسو هيلع هللا ىلص كحده‬

‫ٗبقامها إٔب أف قاؿ‪ :‬فما انؿ منها أحد اختص هبا ملسو هيلع هللا ىلص لكماؿ عزىا كغاية علوىا‪ ،‬كالثانية حضرة‬
‫ا‪٢‬بقيقة احملمدية فمنها كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب كل مدارؾ النبيْب كا‪٤‬برسلْب ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة كا‪٤‬بقربْب‬
‫ك‪ٝ‬بيع األقطاب كالصديقْب ك‪ٝ‬بيع األكلياء كالعارفْب إٔب أف قاؿ‪ :‬ككل ما أدركو ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات‬
‫من العلوـ كا‪٤‬بعارؼ كالفيوضات كالتجليات كالَبقيات كاألحواؿ كا‪٤‬بقامات كاألخبلؽ إ٭با ىو‬
‫كللو من فيض حقيقتو احملمدية‪.‬‬
‫كالثالثة ا‪٢‬بضرة الٍب فيها حضرات ساداتنا األنبياء على اختبلؼ أذكاقهم كمراتبهم كأىل ىذه‬
‫ا‪٢‬بضرة ىم الذين يتلقوف كل ما فاض كبرز من حضرة ا‪٢‬بقيقة احملمدية كما قاؿ شيخنا هنع هللا يضر‬
‫كأرضاه كعنا بو مشّبا إٔب أىل ىذه ا‪٢‬بضرة بقولو‪ :‬إف الفيوض الٍب تفيض من ذات سيد الوجود‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم تتلقاىا ذكات األنبياء كبقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ركحو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٛ‬بد‬
‫الرسل كاألنبياء إال أف ‪٣‬باًب األكلياء مشراب من النيب ملسو هيلع هللا ىلص مع األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ كال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪369‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫اطبلع ‪٥‬بم عليو‬
‫اآلف كما سيأٌب قريبا إف شاء هللا تعأب‪ .‬كالرابعة حضرة خاًب األكلياء الذم يتلقى ‪ٝ‬بيع ما فاض‬
‫من ذكات األنبياء ألنو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو ىو برزخ الربازخ كما قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو مشّبا إٔب ىذه ا‪٢‬بضرة بقولو‪ :‬إف الفيوض الٍب تفيض من ذات سيد الوجود صلى هللا‬
‫عليو كسلم تتلقاىا ذكات األنبياء ككل ما فاض كبرز من ذكات األنبياء تتلقاه ذاٌب كمِب يتفرؽ‬
‫على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور كخصصت بعلوـ بيِب كبينو منو إٕب‬
‫مشافهة ال يعلمها إال هللا عز كجل ببل كاسطة كبقولو‪ :‬أان‬

‫سيد األكلياء كما كاف ملسو هيلع هللا ىلص سيد األنبياء كبقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال يشرب كٕب كال يسقى إال‬
‫من ٕبران من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور‪ .‬كبقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو إذا ‪ٝ‬بع هللا تعأب خلقو‬
‫ُب ا‪٤‬بوقف يناد مناد أبعلى صوتو حٌب يسمعو كل من ُب ا‪٤‬بوقف ؾ اي أىل ا‪٤‬بعشر ىذا إمامكم‬
‫الذم كاف مددكم منو‪.‬‬
‫كبقولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو مشّبا أبصبعيو السبابة كالوسطى‪ :‬ركحي كركحو صلى‬
‫هللا عليو كسلم ىكذا ركحو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٛ‬بد الرسل كاألنبياء كركحي ‪ٛ‬بد األقطاب كالعارفْب كاألكلياء من‬
‫األزؿ إٔب األبد‪ .‬كبقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف القطب ا‪٤‬بكتوـ ىو الواسطة بْب األنبياء‬
‫كاألكلياء فكل كٕب هلل تعأب من كرب شأنو كمن صغر ال يتلقى فيضا من حضرة نبيي إال بواسطتو‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو من حيث ال يشعر بو‪ ،‬كمدده ا‪٣‬باص بو إ٭با يتلقاه منو صلى‬
‫هللا عليو كسلم كال اطبلع ألحد من‬
‫األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ على فيضو ا‪٣‬باص بو ألف لو مشراب معهم منو ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كا‪٣‬بامسة‬
‫حضرة أىل طريقتو ا‪٣‬باصة هبم كإٔب ىذه ا‪٢‬بضرة أشار الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا‬
‫بو بقولو‪ :‬لو اطلع أكابر األقطاب على ما أعد هللا ألىل ىذه الطريقة لبكوا كقالوا‪ :‬اي ر بنا ما‬
‫أعطيتنا شيئا‪ ،‬أك بقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال مطمع ألحد من األكلياء ُب مراتب أصحابنا حٌب‬
‫األقطاب الكبار ما عدا أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫كبقولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل الطرائق تدخل عليو طريقتنا فتبطلها كطابعنا‬
‫يركب على كل طابع كال ٰبمل طابعنا غّبه‪ .‬كبقولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬من ترؾ‬
‫كردا من أكراد ا‪٤‬بشايخ ألجل الدخوؿ ُب طريقتنا ىذه احملمدية الٍب شرفها هللا تعأب على ‪ٝ‬بيع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪370‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الطرؽ آمنو هللا تعأب ُب الدنيا كاآلخرة فبل ٱباؼ من شيء يصيبو ال من هللا كال من رسولو كال‬
‫من شيخو أاي كاف من األحياء أك من األموات‪ ،‬كأما من دخل زمرتنا كأتخر عنها كدخل غّبىا‬
‫‪ٙ‬بل بو ا‪٤‬بصائب دنيا كأخرل كال يفلح أبدا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا ألنو قد ثبت أكؿ ىذا الفصل أف صاحبها هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو ىو ا‪٣‬بتم ا‪٤‬بمد الذم‬
‫يستمد منو من سواء من األكلياء كالعارفْب كالصديقْب كاألغواث‪ ،‬كمن ترؾ ا‪٤‬بستمد كرجع إٔب‬
‫ا‪٤‬بمد فبل لوـ عليو كال خوؼ ٖببلؼ من ترؾ ا‪٤‬بمد كرجع إٔب ا‪٤‬بستمد‪ .‬كبقولو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا‬
‫بو‪ :‬كليس ألحد من الرجاؿ أف يدخل كافة أصحابو ا‪١‬بنة بغّب حساب كال عقاب كلو عملوا من‬
‫الذنوب ما عملوا كبلغوا من ا‪٤‬بعاصي ما بلغوا إال أان كحدم ككراء ذلك ‪٩‬با ذكر ٕب فيهم كضمنو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص أمرا ال ٰبل ٕب ذكره كال يعرؼ إال ُب‬
‫اآلخرة‪ .‬قلت‪ :‬كجو تقد‪ٙ‬ب حضرة أىل طريقتنا على ا‪٢‬بضرة الٍب فيها حضرات الشيوخ الذين ىم‬
‫أىل الطرؽ من ساداتنا األكلياء مهنع هللا يضر بْب ظاىر ألف أىل طريقتو ىم أكؿ من يفيض عليهم ما‬
‫يستمده من ا‪٢‬بضرة احملمدية كمن حضرات ساداتنا األنبياء عليهم من هللا تعأب أفضل الصبلة‬
‫كأًب السبلـ‪ ،‬كمن ىنا صار ‪ٝ‬بيع أىل طريقتو أعلى مرتبة عند هللا تعأب ُب اآلخرة من أكابر‬
‫األقطاب كإف كاف بعضهم ُب الظاىر من ‪ٝ‬بلة العواـ احملجوبْب كما سيأٌب بيانو ُب آخر ىذا‬
‫الفصل كُب الفصل الثامن كالثبلثْب إف شاء هللا تعأب أعِب الصادقْب‬

‫منهم‪ ،‬كأما الكاذبوف فما توجو الكبلـ إليهم‪ .‬كالسادسة‪ :‬ا‪٢‬بضرة الٍب فيها حضرات ساداتنا‬
‫األكلياء رضي هللا تعأب عن ‪ٝ‬بيعهم كىي مستمدة من حضرة خا‪ٛ‬بهم األكرب ‪ٝ‬بيع ما انلوا كإليها‬
‫يشّب قوؿ شيخنا أ‪ٞ‬بد هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب بقولو‪ :‬فلكل شيخ من أىل هللا‬
‫تعأب حضرة ال يشاركو فيها غّبه اىػ‪.‬‬
‫كالسابعة‪ :‬ا‪٢‬بضرة الٍب فيها حضرات تبلميذىم‪ ،‬كإذا ‪ٙ‬برر ىذا فأ٘ب أرتب لك سبع دكائر على‬
‫ترتيب ا‪٢‬بضرات أك‪٥‬با الدائرة األ‪ٞ‬بدية احملمدية احمليطة ابلكل كقد تقدـ أف ال حظ ألحد ‪٩‬با ُب‬
‫داخلها لعلوىا‪ ،‬كالثانية الٍب ُب داخلها دائرة ا‪٢‬بقيقة احملمدية ا‪٤‬بمدة ك‪٥‬با ابابف‪ :‬ابب ُب أعبلىا‬
‫يفيض منو على سادتنا األنبياء ما فاض من ذات سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص كعليهم أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬كابب من‬
‫جهة اليمْب يتلقى منو خاًب األكلياء مدده ا‪٣‬باص بو من غّب برزخية أحد بينو كبْب سيد األنبياء‬
‫عليو كعليهم الصبلة كالسبلـ كال اطبلع ألحد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪371‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على ذلك الفيض‪ .‬الثالثة الٍب ُب داخلها دائرة حضرات سادتنا األنبياء كما تَباىا مصورة ك‪٥‬با‬
‫ابب من جهة األعلي يفيض منو على حضرة ا‪٣‬باًب ما فاض منها‪ .‬كالرابعة الٍب ُب داخلها دائرة‬
‫حضرة ا‪٣‬باًب ك‪٥‬با ابابف ابب من جهة اليمْب يفيض منو على حضرة أىل طريقتو خاصة كابب‬
‫من جهة الشماؿ يفيض منو على حضرة الشيوخ الٍب فيها حضراهتم عامة لكن الفيوضات الٍب‬
‫تفيض من دائرة حضرة ا‪٣‬باًب إٔب دائرة أىل طريقتو خاصة أكثر كأفضل كأعظم كأجزؿ كأضخم‬
‫كأغزر من الفيوضات الٍب تفيض منها إٔب دائرة حضرات ساداتنا الشيوخ أىل الطرؽ من‬
‫ساداتنا‬

‫األكلياء مهنع هللا يضر بل ما يفيض من دائرة حضرة ا‪٣‬باًب إٔب دائر حضرات الشيوخ ابلنسبة إٔب ما يفيض‬
‫من دائرة حضرة ا‪٣‬باًب إٔب حضرة أىل طريقتو ا‪٣‬باصة هبم كنسبة نقطة إٔب البحر احمليط كمن ىنا‬
‫أيضا فضل أىل طريقتو على غّبىم‪ .‬كا‪٣‬بامسة الٍب ُب داخلها دائرة حضرة أىل طريقتو ك‪٥‬با‬
‫ابب يفيض منو عليهم خاصة ما فاض من ا‪٣‬باًب من مدده ا‪٣‬باص بو الفائض من ا‪٢‬بقيقة‬
‫احملمدية الذم ال شعور لساداتنا األنبياء بو كمن ىنا يظهر فضلهم أيضا على غّبىم‬
‫الختصاصهم هبذا الفيض مع مشاركتهم غّبرىم ُب سائر الفيوضات الٍب تفيض من حضرة‬
‫ا‪٣‬باًب على الدكاف مع كونو نصيبهم كحظهم منها أكثر كأغزر أيضا من نصيب غّبىم منها بل‬
‫نصيب غّبىم منها إذا نشب إٔب نصيبهم يكوف كنسبة نقطة أك بسقة إٔب البحر احمليط كما تقدـ‬
‫كإٔب ىذا يشّب ما أيٌب ُب فصل فضل ا‪٤‬بتعلقْب بو هنع هللا يضر كفصل سبب تسمية طريقتو الطريقة‬
‫األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ألف ألىلها لطفا من هللا تعأب خاصا هبم بعد لطفو العاـ ‪٥‬بم‬
‫كلغّبىم العتناء موالىم الكر‪ٙ‬ب هبم ُب أزلو كاعتنائو ٖباًب أكلياءه ألنو تعلى كما اصطفى ىذا‬
‫ا‪٣‬باًب احملمدم ابلغوثية كا‪٣‬بتمية اصطفائية ‪٧‬بضة ال تعلق ‪٥‬با بسبب من‬
‫األسباب كخصو هبذه ا‪٤‬برتبة الٍب قصر عن إدراكها ‪ٝ‬بيع األقطاب كاألغواث بغّب علة‪ ،‬كذلك‬
‫اصطفى أىل طريقتو ُب الوالية كالتقريب كاحملبوبية كالقبوؿ عنده تعأب كالتأىيل ‪٥‬بذا ا‪٣‬باًب‬
‫كطريقتو ك‪ٚ‬بصيصهم كجعلو نصيبهم كجعلهم نصيبو اصطفائية ‪٧‬بضة كال تعلق ‪٥‬با بسبب من‬
‫األسباب بل كما سبق لو ُب األزؿ العناية اب‪٣‬بتمية كٔبميع ما انؿ كذلك سبقت ‪٥‬بم ُب األزؿ‬
‫العناية ابلوالية كالفضل كأىلية ‪٧‬ببتو كموافقتو فلذلك كقعت ‪٥‬بم ‪٧‬ببتو كموافقتو كمن تلك‬
‫األىلية اتبعوه كقبلوا أمره ككضعوا رقاهبم ‪ٙ‬بت قدمو كلوال تلك العناية األزلية كاف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪372‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حا‪٥‬بم كحاؿ األعداء ا‪٤‬بنكرين ا‪٤‬بنتقدين احملركمْب لكن األمر كما قاؿ تعأب‪{ :‬الفضل بيد هللا‬
‫يوتيو من يشاء} كمن ىذه ا‪٢‬بيثية كاف فضلهم على غّبىم كفضلو هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو على غّبه‬
‫من األكلياء ألف فضل التابع على قدر فضل ا‪٤‬بتبوع كمن ىنا فضل أصحاب رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم على غّبىم على اإلطبلؽ بعد ساداتنا األنبياء على ‪ٝ‬بيعهم أفضل الصبلة كأزكى‬
‫السبلـ ك‪٥‬بذا عظمهم هللا تعأب بقولو‪{ :‬كال تطرد الذين يدعوف رهبم ابلغدات كالعشي يريدكف‬
‫كجهو ما عليك من حساهبم من شيء}‪.‬‬
‫كُب عرائس البياف‪ :‬بْب هللا سبحانو كتعأب ُب ىذه اآلية ‪ٚ‬بصيص الوالية بعد ‪ٚ‬بصيصو النبوة‬
‫كالرسالة كصرح ُب بيانو أف الوالية اصطفائية ‪٧‬بضة كما أف النبوة كالرسالة اصطفائية ‪٧‬بضة ال‬
‫تتعلقاف بسبب من األسباب من العرش إٔب الثراء‪ ،‬ككما أنو كتعأب أحب األنبياء كالرسل كذلك‬
‫أحب األكلياء كاألصفياء ‪٧‬ببة ببل علة‪ ،‬ككما أف هللا سبحانو خص نبينا ملسو هيلع هللا ىلص ابلرسالة بغّب علة إٔب‬
‫أصحابة ك‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق من ا‪١‬بن كاإلنس كا‪٤‬بلك كذلك خص أصحابو بشرؼ الوالية بغّب سبب‬
‫من جهتو كال جهده كصحة ذلك قولو تعأب‪{ :‬ما عليك من‬
‫حساهبم من شيء كما من حسابك عليهم من شيء}‪ .‬قاؿ صاحب العرائس‪ :‬بل كما سبق ُب‬
‫األزؿ العناية لو ابلرسالة كذلك سبقت ‪٥‬بم ُب األزؿ العناية ابلوالية فلذلك كقعت ‪٥‬بم الصحبة‬
‫كا‪٤‬بوافقة كمن جهة تلك األىلية تلقوه كقبلوا أمره ككضعوا رقاهبم ‪ٙ‬بت قدميو‪ ،‬كلوال تلك العناية‬
‫األزلية لكاف حا‪٥‬بم كحاؿ ىؤالء األعداء لكن الفضل بيد هللا يوتيو من يشاء فمن هللا تعأب على‬
‫نبيو عليو الصبلة كالسبلـ بتأييده لو كنصر أصحابو بقولو تعأب‪{ :‬ىو الذم أيدؾ بنصره‬
‫كاب‪٤‬بومنْب} ك‪٤‬با بلغ شرفهم إٔب ىذه ا‪٤‬برتبة أكصى هللا نبيو عليو السبلـ‬

‫ٗبراعاهتم كراعاية حا‪٥‬بم كتربيتهم بقولو تعأب‪{ :‬كال تطرد الذين يدعوف رهبم ابلغدات كالعشي‬
‫يريدكف كجهو} اآلية ال ‪ٛ‬بنع ىؤالء صحبتك لو كاف ُب ‪٢‬بظة ألجل حرصك إبسبلـ الطالبْب‬
‫طردىم فإف ىدايتهم عندم كإنك ال هتدم من أحببت كلكن هللا يهدم من يشاء من ىؤالء‬
‫الفقرا مثل ببلؿ كصهيب كسلماف كعمار كحذيفة كنضائرىم من أصحاب الصفة الذين يدعوف‬
‫هللا لوصو‪٥‬بم إليو كل صباح كمساء لشوقهم إٔب ‪ٝ‬بالو ك‪٧‬ببتهم اللحوؽ بو كىذا معُب قولو‬
‫يريدكف كجهو أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ك‪٤‬با ثبت كظهر كاتضح ‪٩‬با تقدـ ُب ىذا الفصل أف شيخنا سيدم أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪373‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ىو خاًب األكلياء كما أف جده ملسو هيلع هللا ىلص ىو خاًب األنبياء ثبت‬
‫فضلو على ‪ٝ‬بيع األكلياء بعد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ألف فضلو على األكلياء حينئذ كفضل خاًب األنبياء‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص على ‪ٝ‬بيع األنبياء‪ ،‬ك‪٤‬با كاف األمر كذلك فبل شك أف فضل أىل طريقتو على غّبىم من‬
‫أىل طرؽ ىذه ا‪٤‬بلة احملمدية يكوف كفضل ىذه األمة احملمدية على ‪ٝ‬بيع أمم األنبياء عليهم‬
‫كلهم من هللا تعأب أفضل الصبلة‬
‫كأزكى السبلـ كما سيأٌب بياف ذلك إف شاء هللا تعأب ُب آخر ىذا الفصل كفصل فضل ا‪٤‬بتعلقْب‬
‫بو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كفصل سبب تسمية طريقتو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو ابلطريقة احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية إف شاء هللا تعأب‪.‬كيكفي ُب أتييد ذلك ما تقدـ من‬
‫قوؿ الشيخ ا‪٤‬بختار الكنٍب رضي هللا تعأب عنو أف القرف الذم فيو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ‬
‫ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬بتم احملمدم ا‪٤‬بعلوـ شيخنا أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‬
‫كذلك القرف ىو القرف الثا٘ب عشر من ا‪٥‬بجرة احملمدية على‬

‫صاحبها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ يشاكل قرنو صلى هللا تعأب عليو كسلم من كجوده‪ ،‬أك‪٥‬با‬
‫أف فيو خاًب األكلياء كما أف ُب قرنو ملسو هيلع هللا ىلص خاًب األنبياء‪ ،‬الثا٘ب أف أتباع ىذا الوٕب اجملدد ا‪٣‬باًب‬
‫يدعوف إٔب ا‪٣‬بّب كأيمركف اب‪٤‬بعركؼ كينهوف عن ا‪٤‬بنكر كيسارعوف ُب ا‪٣‬بّبات كما أف أصحاب‬
‫ذلك ا‪٣‬باًب ا‪٤‬باحي أيمركف اب‪٤‬بعركؼ كينهوف عن ا‪٤‬بنكر كيؤمنوف ابهلل كحده كٯباىدكف األمم‬
‫الضالة كما أف ىؤالء ٯباىدكف النفس كا‪٥‬بول كالشيطاف ا‪١‬بهاد األكرب‪ ،‬قاؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬
‫"رجعنا من ا‪١‬بهاد األصغر إٔب ا‪١‬بهاد‬
‫األكرب‪ ،‬قالوا‪ :‬كما ا‪١‬بهاد األكرب؟ قاؿ‪ :‬جهاد النفس كا‪٥‬بول"‪ .‬الثالث اإلشارة إٔب أف ىذا القرف‬
‫أفضل من ‪ٝ‬بيع ما تقدمو من القركف السالفة سول القركف الثبلثة الوارد ُب النص أبفضليتها‪،‬‬
‫قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬خّب القركف قر٘ب ٍب الذين يلوهنم" ا‪٢‬بديث‪ٍ .‬ب فسر ذلك ملسو هيلع هللا ىلص بقولو‪ :‬خّب ىذه األمة‬
‫أك‪٥‬با كآخرىا اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كىذه البشارة للطائفة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية التجانية أعظم من الدنيا كما فيها‪،‬‬
‫ىنيئا ألىل ىذه الطريقة الصادقْب فقد حازكا شرؼ الدنيا كاآلخرة‪ ،‬اللهم إان نسألك أف ‪ٙ‬بيينا‬
‫عليها ك‪ٛ‬بيتنا عليها ك‪ٙ‬بشران ُب زمرة أىلها ٔباه من تفضل هبا عليو النيب ا‪٤‬بختار كٔباىو صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم آمْب اي رب العا‪٤‬بْب‪ .‬كالسادسة دائرة حضرة الشيوخ الٍب فيها حضراهتم كما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪374‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سَباىا مصورة كفيها ابب ألىل طرقهم‪.‬‬
‫كالسابعة الٍب ُب داخلها دائرة أىل طرقهم كما سَباىا مصورة‪ ،‬كحضرة أىل كل طريقة تستمد‬
‫من شيخهم‪ ،‬كالشيوخ يستمدكف من ا‪٣‬باًب فصار الكل مستمدا منو‪ ،‬كإف رأل غّبه أنو يستمد‬
‫من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أك من نيب من األنبياء فهو من حيث عدـ شعوره ابالستمداد منو ال من‬
‫حيث حقيقة األمر‪ ،‬كذلك كمثل من رأل من األكابر أنو أيخذ عن هللا علما أك سرا كٓب يشعر‬
‫بواسطة من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫كإذا نظرت إٔب ما أسلفناه كأعطيتو من التأمل حقو كدققت فيو النظر كفهمتو حقيقة الفهم‬
‫حصلت على طائل ُب حقيقة برزخية ا‪٣‬باًب ألف دائرة حضرتو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا‬
‫بو ىي ا‪٤‬بتوسطة بْب الدكائر‪ ،‬فوقها ثبلث ك‪ٙ‬بتها ثبلث ال يصل شيء إٔب الثبلث الٍب ‪ٙ‬بتها إال‬
‫ابستمداد أىلها من حضرتو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قد حبب إٕب أف أنشئ ىنا قصيدة مناسبة ‪٤‬با تقدـ ك‪٤‬با سيأٌب ‪٥‬بذا الفصل كُب الفصل‬
‫الذم بعده كُب فصل سبب تسمية ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية كُب فصل‬
‫فضل األذكار البلزمة كُب فصل فضل األذكار غّب البلزمة أجراىا هللا تعأب على خاطرم يفرح‬
‫هبا ا‪٤‬بوفق ا‪٤‬بستمد السعيد على رغم أنف ا‪٤‬بخذكؿ الشقي ا‪٤‬بنتقد البعيد‪ ،‬فبتوفيق هللا كأتييده‬
‫أقوؿ‪ ،‬كٕبولو كقوتو على األعداء أصوؿ كىي‪ :‬اي رائم ا‪٣‬بّبات ركـ رجا‪٥‬با *** اي مبتغي األنوار‬
‫ٍب ظبل‪٥‬با إف رمت نيل كالية بكما‪٥‬با *** كىداية فأجب نداء رجا‪٥‬با أك‬
‫رمت إدراؾ ا‪٤‬بعإب كلها *** ركـ الربازخ نيل طيف خيا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة غوثية ***‬
‫ختمية ال يرتقي لقبل‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة لعلوىا *** خضعت هبا األغواث ركـ ‪ٝ‬با‪٥‬با يدعوؾ‬
‫داعي حضرة خفيت على الػ *** أغواث طلعة مشسها كىبل‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من فيضها‬
‫*** ما انؿ كل األكليا ٖبصا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من مفزع الػ *** أقطاب كاألغواث ٲبن‬
‫‪ٜ‬با‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من فضلها *** إف األكابر أذعنوا لكما‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة‬
‫أعناؽ كل *** األكلياء تطأطأت لنعا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة حبية *** خلية موركثة ٖببل‪٥‬با‬
‫يدعوؾ داعي حضرة‬

‫مفتوحة *** فياضة مشدكدة ٕببا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة مكنونة *** من غّب جنس رجا‪٥‬با‬
‫كرحا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة لطفية *** قهرية قتالة بشبا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة أسرارىا ***‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪375‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كعلومها ال يهتدل ٗبثا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من حاد عنػ *** ىا مبغضا يرديو مدح جا‪٥‬با‬
‫يدعوؾ داعي حضرة من زاغ عنػ *** ىا جاحدا يهلكو سهم ‪ٜ‬با‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة يسمى‬
‫‪٥‬با *** ‪٧‬ببوب للمطركد سم نبا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة أصحاهبا *** يتعاكنوف على التقى ‪٤‬بآ‪٥‬با‬
‫يدعوؾ داعي حضرة عشاقها *** يتعاضدكف لرهبم بنصا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة فردية ***‬
‫كىبية فضلية لنوا‪٥‬با‬
‫موالىم بشما‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من خاضها‬
‫ي‬ ‫يدعوؾ داعي حضرة أحباهبا *** قد حبهم‬
‫*** بشركطها يدرؾ ‪ٝ‬بيع ٭با‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة من خاض فيػ *** ىا صادقا يغشاه ظل‬
‫ظبل‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة لرجا‪٥‬با *** ركح كرٰباف كشرب زال‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة أبدا‪٥‬با‬
‫*** فانوا ا‪٣‬بصوص فكيف حاؿ نبا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة جودية *** ال منتهى لدقافها‬
‫كعيا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة فياضة *** من حضرة الر‪ٞ‬بوت فيض رجا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة‬
‫أكرادىا *** يسقوف سر ٕبورىا بسجا‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة خبلهنا *** ىذا النيب ٰببهم لفعا‪٥‬با‬
‫يدعوؾ داعي حضرة خدامها‬
‫*** جّباف ىذا ا‪٤‬بصطفى ‪١‬ببل‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة أتباعها *** بعد الصحابة فضلت ال اث‪٥‬با‬
‫يدعوؾ داعي حضرة سبلكها *** إخواف صحب دمحم لكما‪٥‬با يدعوؾ داعي حضرة فقراؤىا ***‬
‫رفقاء صحب دمحم هبزا‪٥‬با ‪ٞ‬بد ا‪٤‬بثاؿ بيمنها كبنيلها *** كنبيها كإمامها كنوا‪٥‬با كبنيل ما فيها من‬
‫األفكار كالػ *** دعوات كاألسرار ٍب نقا‪٥‬با كىذه صورهتا كما ترل‪.‬‬

‫فإف قلت‪ :‬كيف يكوف الوٕب ا‪٤‬بتأخر أفضل من األكلياء الكبار ا‪٤‬بتقدمْب الذين شاع فضلهم‬
‫كذاع كطار صيتهم شرقا كغراب كالشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب كالشيخ أيب ا‪٢‬بسن الشاذٕب ك‪٫‬بوٮبا‬
‫مهنع هللا يضر أ‪ٝ‬بعْب‪ ،‬قلت‪ :‬من حيث كاف النيب ا‪٤‬بتأخر دمحم صلى هللا تعأب عليو كسلم أفضل من إبراىيم‬
‫خليل هللا كموسى كليم هللا كعيسى ركح هللا كغّبىم من األنبياء كالرسل على نبينا كعليهم أفضل‬
‫الصبلة كالسبلـ‪.‬‬
‫قاؿ أبو ا‪٤‬بواىب التونسي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كاحذركا من قولكم ذىب األكابر كالصادقوف‬
‫من الفقراء فإهنم ما ذىبوا حقيقة كإ٭با ىم ككنز صاحب ا‪١‬بدار‪ ،‬كقد يعطي هللا من جاء ُب آخر‬
‫الزماف ما حجبو عن أىل العصر األكؿ‪ ،‬فإف هللا تعأب قد أعطى دمحما ملسو هيلع هللا ىلص ما ٓب يعط األنبياء قبلو‬
‫ٍب قدمو ُب ا‪٤‬بدح عليهم اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪376‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ رضي هللا تعأب عنو ُب أتسيس القواعد‪ :‬النظر لؤلزمنة كاألشخاص من‬
‫حيث ىو أصل شرعي ال أمر ‪ٝ‬بإب‪ ،‬حيث قاؿ الكفار‪{ :‬لوال نزؿ ىذا القرآف على رجل من‬
‫القريتْب عظيم} فرد هللا تعأب عليهم بقولو‪{ :‬أىم يقسموف ر‪ٞ‬بة ربك} اآلية‪ .‬كقالوا‪{ :‬كقالوا إان‬
‫كجدان آابءان على أمة كإان على آاثرىم مقتدكف} فرد هللا تعأب عليهم بقولو‪{ :‬قل اك لو جئتكم‬
‫أبىدل ‪٩‬با كجدًب عليو آابءكم} اآلية‪.‬‬
‫فلزـ النظر لعموـ فضل هللا تعأب من غّب مباالة بوقت كال شخص إال من خصو هللا تعأب بو‪،‬‬
‫كاألكلياء ُب ذلك تبع األنبياء ألف الكرامة شاىد ا‪٤‬بعجزة‪ ،‬كالعلماء كرثة األنبياء ُب ا‪٢‬برمة‬
‫كالر‪ٞ‬بة كإف تباينا ُب أصل الفضل فافهم اىػ‪ .‬كفيو‪ :‬أف كجود ا‪١‬بحد مانع من قبوؿ اجملحود أك‬
‫نوعو لنفور القلب عنو‪ ،‬كالتصديق مفتاح الفتح ‪٤‬با صدؽ بو كإف ٓب يتوجو إذ ال دافع فا‪٤‬بتوقف‬
‫مع الفقو يتعْب عليو ٘بويز ا‪٤‬بواىب كالفتح من غّب قيد بزماف كال مكاف كال عْب ألف القدرة ال‬
‫تتوقف أسباهبا على شيء كإال كاف ‪٧‬بركما ٗبا قاـ بو جحوده ٍب ىو‬

‫إف استند إٔب أضل معذكر كإال فبل عذر لو إبنكار ما ال علم لو بو فسلم تسلم اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كما‬
‫‪ٞ‬بل من أنكر بلوغ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ىذا ا‪٤‬بقاـ الذم ىو ا‪٣‬بتمية‬
‫الكربل الٍب ٓب يبلغها أحد من األكلياء إال ظنهم أف حصوؿ ىذا ا‪٤‬بقاـ ألحد بعد ا‪٤‬بشايخ‬
‫ا‪٤‬بتقدمْب ‪٩‬بنوع شرعا كمستحيل عقبل ككبل األمرين منتف كاعتقاد من اعتقد أف بلوغو رضي هللا‬
‫تعأب عنو ىذا ا‪٤‬بقاـ ال يصح ال يلزـ منو كوف معتقده ُب نفس األمر كذلك قد تقدـ أف الشيخ‬
‫الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو قاؿ ُب العهود احملمدية‪ :‬إف رد العلماء على‬
‫الصوفية ىو لدقة مدارؾ الصوفية عليهم ال غّب‪ ،‬فبل يلوؾ من الرد عليهم فساد قو‪٥‬بم ُب نفس‬
‫األمر كما قاؿ الغزإب‪ :‬كنا ننكر على القوـ أمورا حٌب كجدان ا‪٢‬بق معهم‪ ،‬قاؿ تعأب‪{ :‬بل كذبوا‬
‫ٗبا ٓب ٰبيطوا بعلمو ك‪٤‬با ايهتم اتكيلو} كقاؿ تعأب‪{ :‬كإذ ٓب يهتدكا بو فسيقولوف ىذا إفك قد‪ٙ‬ب}‬
‫ىو ‪٩‬با يؤيد قوؿ اإلماـ الغزإب قوؿ اإلماـ أيب القاسم ا‪١‬بنيد‪ :‬كاف عندم كقفة ُب قو‪٥‬بم يبلغ‬
‫الذاكر ُب الذكر إٔب حد لو ضرب ابلسيف ٓب ٰبس إٔب أف كجدان األمر كما قالوا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كلو شاء هللا تعأب لرزؽ ‪ٝ‬بيع إخواننا ا‪٤‬بؤمنْب مثل ما رزقنا ‪٫‬بن ك‪ٝ‬بيع اإلخواف بفضلو من‬
‫اإلٲباف ٖبتمية ىذا ا‪٣‬بتم كالتصديق بربزخيتو كقبوؿ ما يربز منو من العلوـ كاالنتساب إٔب طريقتو‬
‫كالتعلق أبذايلو كلكنو تعأب ‪٤‬با ٓب يؤ‪٥‬بم لذلك صرفهم عن التصاريف كلو شاء هللا تعأب ألطلعهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪377‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على ما أطلعنا كجذهبم بو إٔب ىذا ا‪٣‬بتم ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كلكنو تعأب قضى على قوـ‬
‫ابلضبلؿ كا‪٥‬ببلؾ فصرفهم عن ىذا السيد بعدا كطردا كلعنا كخذالان كصرؼ عنو آخرين ال‬
‫لتبعيدىم عن ر‪ٞ‬بتو تعأب كال لطردىم كلكنو تعأب حجبهم عن‬

‫معرفة مقامو لكونو القطب ا‪٤‬بكتوـ كما تقدـ فظنوا أف ال مقاـ ٯباكز مقاماهتم فقل‪ :‬كل على‬
‫قدر مقامو كرحم قوـ بتعليمهم مقاـ القطب ا‪٤‬بكتوـ كا‪٣‬بتم احملمدم ا‪٤‬بعلوـ‪ ،‬فمنهم من عرؼ‬
‫عينو كانتسب إليو كمنهم من ال كٓب ينكر كاألمر بيده تعأب كما قاؿ جل كعبل‪{ :‬كلو شاء ربك‬
‫‪١‬بعل الناس أمة كاحدة كال يزالوف ‪٨‬بتلفْب إال من رحم ربك كلذلك خلقهم} كُب عرائس البياف‪:‬‬
‫{كلو شاء ربك ‪١‬بعل الناس أمة كاحدة} على سبيل كاحد من توحيده كمعرفتو كقربو كمشاىدتو‪،‬‬
‫كلكن حكمتو األزلية كعلمو القد‪ٙ‬ب يغرقهم ُب طرؽ ا‪٤‬بعارؼ كأعطى كل كاحد منهم‬
‫سبيبل يسلك فيو من معرفة ذاتو كصفاتو ‪ٝ‬بيعا فيسّبكف إليو بسبيل الصفات كطرؽ معارؼ‬
‫الذات على حسب مذاقهم كمشارهبم‪ ،‬فبعض ُب ا‪٤‬بعرفة كبعض ُب التوحيد كبعض ُب احملبة‬
‫كبعض ُب العشق كبعض ُب الشوؽ كبعض ُب اإلرادة كبعض ُب ا‪٢‬باالت كبعض ُب ا‪٤‬بعامبلت‪،‬‬
‫كال يشبو حاؿ ا‪٤‬بريدين حاؿ ا‪٤‬بتوسطْب كال حاؿ ا‪٤‬بتوسطْب حاؿ العارفْب كال حاؿ العارفْب حاؿ‬
‫األنبياء كا‪٤‬برسلْب كابختبلؼ قدر علومهم كمعرفتهم ٓب يرتفع االختبلؼ بينهم‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪:‬‬
‫{كال يزالوف ‪٨‬بتلفْب} أم ُب األحواؿ كا‪٤‬بقامات كاألفعاؿ كاألقواؿ‪{ .‬‬
‫إال من رحم ربك} يبلغو إٔب مقاـ الغيبة عنو ُب ك‪٥‬بو ُب أنوار القدـ كفنائو ُب سطوات األزؿ‬
‫أيضا إال من يبلغو مقاـ الصحو كالتمكْب حٌب يطلع على الكل كال ٱبالفهم فيما ىم فيو ألنو ُب‬
‫مقاـ االتصاؼ كنعت التمكْب خارج عن التلوين كلذلك خلقهم أم طباعهم ‪٦‬ببولة ابختبلؼ‬
‫طرؽ ا‪٤‬بقامات كدرجات ا‪٢‬باالت كىذه سنة هللا تعأب جرت ُب ا‪١‬بميع‪ ،‬قاؿ تعأب‪{ :‬قد علم كل‬
‫أانس مشرهبم} أىػ‪.‬‬

‫ككما قاؿ أيضا سبحانو كتعأب‪{ :‬لكل جعلنا منكم شرعة كمنهاجا كلو شاء هللا ‪١‬بعلكم أمة‬
‫كاحدة كلكن ليبلوكم ُب ما أاتكم فاستبقوا ا‪٣‬بّبات على هللا مرجعكم ‪ٝ‬بيعا فينبؤكم ٗبا كنتم فيو‬
‫‪ٚ‬بتلفوف} قاؿ ُب العرائس‪ :‬إف هللا تعأب جعل ُب ٕبار القدـ كالبقاء الشرائع ليورد األكراح‬
‫القدسية كمشارب القيود العارفة بو كسواقي العقوؿ الصادرة من نوره كلكل كاحد منها شرعة‬
‫من تلك البحار‪ ،‬فلبعض شرعة العلم كلبعض شرعة القدرة‪ ،‬كلبعض شرعة الصمدية‪ ،‬كلبعض‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪378‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫شرعة ا‪٢‬بكمة‪ ،‬كلبعض شرعة الكبلـ كا‪٣‬بطاب‪ ،‬كلبعض شرعة احملبة كا‪٤‬بعرفة‪ ،‬كلبعض شرعة‬
‫العظمة كالكربايء‪ٍ ،‬ب جعل ‪٥‬با منهاجا من الصفات إٔب ا‪٣‬بّبات كمن الذات إٔب الصفات كمن‬
‫الصفات إٔب الصفات كمن الذات إٔب الذات كمن األ‪٠‬باء إٔب النعوت كمن النعوت إٔب األ‪٠‬باء‬
‫كمن األ‪٠‬باء إٔب األفعاؿ ليعرفو كل كاحد بقدر ذكقو كشربو كطريقو كجعل بينهم تباعدا كتقاراب‪،‬‬
‫قاؿ تعأب‪{ :‬قد علم كل أانس مشرهبم} فمن كافق شربو شرب صاحبو ٓب يقع بينهما خبلؼ ُب‬
‫الشرعة كا‪٤‬بنهاج‪ ،‬كمن ٓب يكن شربو موافقا لشرب صاحبو ٓب يعرؼ أحدٮبا مكاف اآلخر كيكوف‬
‫بينهما نزاع كذلك من غّبة هللا تعأب عليهم كعلى نفسو ليبل يركن بعضهم إٔب بعض فبل‬
‫يطلع عليو أحد سواه‪ ،‬أال ترل كيف كصف مزاج األبرار من مزاج ا‪٤‬بقربْب كفرؽ بينهم اب‪٤‬بشارب‬
‫كالسواقي ككيف خص بعضا ابلرحيق ا‪٤‬بختوـ بقولو تعأب‪{ :‬يسقوف من رحيق ‪٨‬بتوـ ختامو‬
‫مسك} كُب ذلك ر‪ٞ‬بة منو على ا‪١‬بمهور لتفاكت فوائد استنباطهم علوـ الغيبة من قرآف هللا‬
‫تعأب‪ .‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬اختبلؼ العلماء ر‪ٞ‬بة " كالختبارىم ُب طريقهم ُب حقائق العبودية كعرفاف‬
‫الربوبية‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬كىذا معُب قولو تعأب‪{ :‬كلو شاء هللا ‪١‬بعلكم أمة كاحدة} يعِب شيوخا كأكابر بغّب ا‪٤‬بريدين‬
‫كالسالكْب كلكن ليبلوكم ُب ما أاتكم من ا‪٤‬بقامات الشريفة كاألصوؿ السنية كيف ‪ٚ‬برجوف من‬
‫دعواكم ٕبقيقة عبوديٍب ك‪ٚ‬برجوف جواىر العلوـ من كتايب كحكمٍب‪ .‬قاؿ‪ٍ :‬ب خاطبهم ‪ٝ‬بيعا‬
‫بقولو‪{ :‬فاستبقوا ا‪٣‬بّبات} عرفهم مكاف تقصّبىم أم ما أدركتم مِب ُب جنب ما عندم لكم‬
‫كقطرة ُب ٕبر سارعوا إٔب خّبات مشاىدٌب ك‪ٝ‬بيل عطياٌب‪.‬‬
‫قاؿ‪ٍ :‬ب أفدىم ‪٩‬با كجدكا إٔب عْب جبلؿ بقولو‪{ :‬إٔب هللا مرجعكم ‪ٝ‬بيعا} أم إليو مرجعكم‬
‫الفتقاركم من مقاماتكم إليو لزايدة القربة كا‪٤‬بعرفة‪ ،‬كىناؾ يظهر تفاضل درجاتكم كما غاب‬
‫عنكم من دقائق أسرارم كنودر لطائفي‪ .‬قاؿ‪ :‬كىذا معُب قولو تعأب‪{ :‬فينبؤكم ٗبا كنتم فيو‬
‫‪ٚ‬بتلفوف} أىػ‪ .‬قلت‪ :‬كسيبْب غدا ُب احملشر تفاضل األكلياء كالعارفْب كالصديقْب كالؤلغواث‬
‫كتفاكت درجاهتم كمراتبهم إبظهار هللا الفاضل ك‪ٛ‬بييزه ا‪٤‬بفضوؿ فيظهر عْب الفاضل كيعرؼ من‬
‫غّب نزاع كال خبلؼ‪ ،‬كما أنو تعأب سّبفع كل أشكاؿ ُب ختمية شيخنا أ‪ٞ‬بد بن دمحم‬
‫التجتِب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كيبْب أنو ىو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬بتم‬
‫احملمدم ا‪٤‬بعلوـ إذا اندل مناداي على صوتو يسمعو كل من ُب ا‪٤‬بوقف‪ :‬اي أىل احملشر ىذا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪379‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إمامكم الذم كاف مددكم منو كيزكؿ حينئذ كل نزاع كما أشار إٔب ‪ٝ‬بيع ما ذكران ىذا العارؼ‬
‫مبينا بعض معا٘ب ىذه اآلية الشريفة على طريق اإلشارة‪ٍ .‬ب قاؿ‪ :‬كقاؿ ىذا األستاذ ُب قولو‬
‫تعأب‪{ :‬كلو شاء هللا ‪١‬بعلكم أمة كاحدة} أم كلو شاء هللا لسول مراتبكم كلكن غاير بينكم‬
‫ابتبلء كفضل بعضكم على بعضا امتحاان أىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كمن أتمل ىذا الكبلـ من ىذا العارؼ تفجر لو من ىذه اآلية الكرٲبة بعض األسرار الٍب‬
‫‪ٙ‬بمل أكابر العارفْب فأحرل األكلياء على إنكار بعض ا‪٤‬براتب الٍب ينا‪٥‬با بعض األفراد منهم ألف‬
‫بعض مراتب أفراد الصديقْب ال شعور لبعض الصديقْب هبا كال شعور ألفراد الصديقْب ببعض‬
‫مراتب األغواث كال شعور لبعض األغواث ببعض مراتب جواىر األغواث كال شعور ٔبواىر‬
‫األغواث ببعض مراتب جواىر ا‪١‬بواىر الذين ىم برازخ ا‪١‬بواىر كال شعور لربازخ ا‪١‬بواىر ببعض‬
‫مراتب برزخ الربازخ ىو القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬بتم احملمدم ا‪٤‬بعلوـ‪.‬‬
‫كاألسرار الٍب ‪ٙ‬بملهم على االختبلؼ كالنزاع كثّبة منها اختبلؼ ا‪٤‬بشارب كمنها تباعد مقامات‬
‫تلك ا‪٤‬بشارب كمنها إرادة تكفّب مشايخ ىذه األمة كإف كاف بعضهم كأاتبعهم أفضل من بعض‬
‫كأتباعهم ليكوف اختبلفهم ر‪ٞ‬بة ‪٥‬با‪ .‬قاؿ أبو يزيد البسطامي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬الطرؽ إٔب هللا‬
‫تعأب بعدد ا‪٣‬بلق لكن السعيد من ىدم إٔب طريق من تلك الطرؽ‪.‬‬
‫كمنها أف هللا تعأب غاير بينهم ابتبلء كمنها أنو فضل بعضهم على بعض إمتحاان كمنها غّبة هللا‬
‫تعأب على بعضهم من أف يطلع عليهم كعلى مقاماهتم غّبه تعأب كالقطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ‬
‫ا‪٤‬بختوـ شيخنا كسيدان أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو قبل ظهوره‪ ،‬كمنها إرادة هللا‬
‫تعأب جعل أىل طريقة كل شيخ ‪٧‬بصورين بعدد معلوـ عنده ُب أزلو فلذلك ٰبجبهم عن معرفة‬
‫غّبه كمنها إرادتو تعأب تفضيل من شاء على من شاء فيخصهم بطريقة سيد األكلياء كابلتعلق بو‬
‫كالتمسك أبكراده كأذكاره كالتوجو إٔب هللا بتوجهاتو كالتأدب آبدابو‬

‫كاالنتظاـ ُب سلكو كالدخوؿ ُب زمرتو كاللحوؽ بدرجتو ك‪٦‬باكرتو ُب ا‪٤‬بلئ األعلى مع أصفيائو‬
‫كأحبتو كليجب مع من ٯبيب يوـ يدعو هللا تعأب كل أانس ابسم شيخهم كيدعوىم إٔب ‪٦‬باكرة‬
‫شيخهم ُب منزلتو قاؿ تعأب‪{ :‬يوـ ندعوا كل أانس إبمامهم}‪ .‬قاتل ُب عرائس البياف بعد أف‬
‫تكلم بكبلـ ُب معا٘ب اآلية‪ :‬كأيضا يدعو ا‪٤‬بريدين أب‪٠‬باء مشاٱبهم كيدعوىم إٔب مناز‪٥‬بم كليناؿ‬
‫منو ا‪٢‬بظ األكفر ‪٩‬با يناؿ منو أكالده الذين ىم أىل طريقتو ا‪٤‬بتمسكوف أبكراد كىو اللحوؽ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪380‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بدرجتو‪.‬‬
‫قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬كالذين آمنوا كاتبعتهم ذريتهم} أم الصغار كالكبار‬
‫فالكبار إبٲباهنم أبنفسهم‪ ،‬كالصغار إبٲباف آابئهم‪ ،‬فإف الولد الصغّب ٰبكم إبٲبانو تبعا ألحد أبويو‬
‫إبٲباف أم‪ :‬سبب إٲباف حاصل منهم كلو كاف ُب أدٗب درجات اإلٲباف كلكنهم ثبتوا عليو إٔب أف‬
‫ماتوا كذلك شرط اتباعهم الذرايت‪{ .‬‬
‫أ‪٢‬بقنا هبم} فضبل منا عليهم ذرايهتم كإف ٓب يكن للذرية أعماؿ ألنو لعْب ٘بازل ألف عْب كتكرـ‪،‬‬
‫كالذرايت ىنا تصدؽ على اآلابء كاألبناء‪ ،‬كأف ا‪٤‬بؤمن إذا كاف عملو أكثر أ‪٢‬بق بو من دكنو ُب‬
‫العمل آابء كانوا أك أبناء كىو منقوؿ عن ابن عباس كغّبه‪ .‬كيلحق ابلذرية من النسب الذرية‬
‫ابلسبب كىو احملبة‪ ،‬فإف كاف منها أخذ العلم أك عمل كانت أجدر فتكوف ذرية اإلفادة كذرية‬
‫الوالدة كذلك لقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ا‪٤‬برء مع من أحب" ُب جواب من سأؿ عمن ٰبب القوـ ك‪٤‬با يلحق‬
‫هبم اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ ُب العرائس أيضا‪ :‬ىذا إذا كقع فطرة الذرية من العدـ سليمة طيبة طاىرة مستمدة لقبوؿ‬
‫معرفة هللا تعأب كٓب تتغّب من أتثّب صحبة األضداد لقولو عليو السبلـ‪" :‬كل مولود يولد على‬
‫الفطرة فأبواه يهودانو أك ينصرانو أك ٲبجسانو" فإذا بقيت على النعت األكؿ ككصل إليها فيض‬
‫مباشرة أ‪٢‬بق كٓب تتم عليها األحواؿ كاألعماؿ يوصلها هللا تعأب إٔب درجة آابئهم كأمهاهتم الكبار‬
‫من ا‪٤‬بؤمنْب إذ ىناؾ يتم أركاحهم كعقو‪٥‬بم كقلوهبم كمعرفتهم كعلمهم ابهلل تعأب عند كشف‬
‫مشاىدتو كبركز أنوار جبللو ككصالو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ككذلك حاؿ ا‪٤‬بريدين عند العارفْب يبلغوف إٔب درجات كربائهم كشيوخهم ما آمنوا أبقوا‪٥‬بم‬
‫كقبلوا كبلمهم كما قاؿ رك‪ٙ‬ب قدس هللا تعأب سره‪ :‬من آمن بكبلمنا ىذا كراء سبعْب حجااب فهو‬
‫من أىلو‪ .‬كقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من أحب قوما فهو منهم"‪ .‬كقاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬كمن يطع هللا‬
‫كالرسوؿ فأكلئك مع الذين أنعم هللا عليهم من النبيئْب كالصديقْب كالشهداء كالصا‪٢‬بْب} قاؿ‪:‬‬
‫كال تعجب من ذلك فإنو تعأب يبلغهم إٔب أعلى الدرجات‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فإذا كانوا ُب منازؿ الوحشة يصلوف إٔب الدرجات العلية فكيف ال يصلوف إليها ُب مقاـ‬
‫الوصلة‪ .‬قلت‪ :‬كإذا كاف األتباع يدعوىم هللا تعأب أب‪٠‬باء مشاٱبهم كيدعو أىل كل طريقة إٔب‬
‫منازؿ شيخهم كيلحقهم بدرجتو ظهر أبدٗب أتمل أف أتباع ختم األكلياء ا‪٤‬بختصْب بطريقتو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪381‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٤‬بتعلقْب بو ا‪٤‬بتمسكْب أبكراده كأذكاره ال يلحق درجتهم غّبىم إف كانوا من أكابر العارفْب‬
‫كالصديقْب كاألغواث ما عدا أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما مر ككما سيأٌب‪.‬‬

‫كمن ىنا كاف عواـ أىل طريقتنا األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية التجانية أفضل من غّبىم‬
‫كما سيأٌب إف شاء هللا تعأب‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع ما تقدـ إ٭با ىو ُب بعض األسرار الٍب حجب هبا بعض‬
‫الكمل منهم أف مقاـ ختمهم األكرب يفوؽ ‪ٝ‬بيع‬
‫األكلياء عن معرفة مراتب بعض مع معرفة ٌ‬
‫مقامات الوالية‪ ،‬كاتفاقهم على أف ‪ٝ‬بيع األكلياء من كاف كمن سيكوف إٔب يوـ القيامة إ٭با‬
‫يستمدكف منو رضي هللا تعأب عنو كعنهم أ‪ٝ‬بعْب كما تقدـ ذلك أكؿ الفصل‪.‬‬
‫كأما أىل الظبلـ كالغباكة كالضبللة كالطغياف فلم ٲبنعهم من التعلق بشيخنا أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو مع ظهور فضلو كفضل طريقتو كفضل أىلها كظهور الشمس كقت‬
‫الظهّبة صيفا رضي هللا تعأب عنو كعنهم كأرضاىم كعنا بو إال الطرد عن ر‪ٞ‬بة هللا تعأب كا‪٢‬برماف‬
‫كاللعن كالشقاكة كا‪٣‬بسراف‪.‬‬
‫خرجت مع سيدان دمحم الغإب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ذات يوـ من ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة‬
‫على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى التسليم لزايرة شهداء أحد رضواف هللا تعأب عليهم‪ ،‬فلما‬
‫فرغنا من زايرهتم كرجعنا قلت لو‪ :‬اي سيدم أان أكرد عليك اعَباضات على شيخنا رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو على تقدير أ٘ب منكر عليو كأعوذ ابهلل تعأب من ذلك ككن أنت ‪٦‬بيبا‬
‫عليها‪ ،‬فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قل ما بدا لك‪ .‬فشرعت ُب اإليراد كاالعَباض كىو رضي‬
‫هللا تعأب عنو يدفع اإليرادات كاالعَباضات كٰبل اإلشكاالت‪.‬‬

‫فلما قربنا من دخوؿ ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأًب التسليم قلت لو‪ :‬اي سيدم‬
‫إ٘ب ال أزاؿ أتعجب ‪٩‬بن اطلع على فضل ىذا الشيخ كعلى فضل طريقتو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو كعلى فضل أىلها كنظر إٔب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب ككاف معو من لو اإلذف ا‪٣‬باص ُب‬
‫تلقْب أذكارىا كنظم من طلبها ُب سلسلة أتباعها ٍب تريث قدر ‪٢‬بظة كٓب يكن من زمرة أىلها‪،‬‬
‫كنظر إٕب فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬تعجب مثلك من مثل ىذا أعجب‬
‫كأغرب عندم‪.‬‬
‫فقلت‪ٓ :‬ب؟ فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أم ا‪٤‬بلل كالكتب كاألنبياء خّب‬
‫كأفضل؟‪ .‬قلت‪ :‬اإلسبلـ كالقرآف كدمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬فقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪٤ :‬با بعث‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪382‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا تعأب دمحما ملسو هيلع هللا ىلص كأنزؿ عليو القرآف كأمره بدعوة ا‪٣‬بلق إٔب التوحيد كاإلسبلـ فكيف كاف حا‪٥‬بم‬
‫معو ملسو هيلع هللا ىلص؟ قلت‪ :‬انقسموا قسمْب‪ ،‬أما السعداء فآمنوا بو كنصركه كقاتلوا بْب يديو فحازكا بو‬
‫شرؼ الدنيا كعز اآلخرة‪ ،‬كأما األشقياء فكذبوه كقاتلوه فخسركا بو دنيا كلعنوا كطردكا برزخا‬
‫كأخرل‪.‬‬
‫فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو كأعاد علينا من بركاتو‪ :‬كيف يتعجب من يعلم ىذا ‪٩‬با تعجبت منو؟‬
‫كأنت تعلم أف سيدان أ‪ٞ‬بد رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو إ٭با كاف خليفة ‪٥‬بذا النيب صلى‬
‫هللا عليو كسلم ال غّب‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع ما حوتو ىذه الطريقة من األنوار كاألسرار كا‪٤‬بواىب كالتحف‬
‫كالعلوـ كا‪٤‬بعارؼ كا‪٤‬بقامات كالفيوضات كاألكراد كاألحزاب كالدعوات كالتوجهات كا‪٤‬بقاصد‬
‫كا‪٣‬بلوات كالكشوفات كالتجليات كما يفشى كما ال يفشى أرزاؽ مقسومة‪ ،‬فمن قدر لو شيء‬
‫منها يوفقو هللا تعأب لو‪ ،‬كمن ال فبل‪ ،‬كلكل لقمة آكل قسمت لو فبل أيكلها غّبه‬

‫اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كال شك أهنم ‪٤‬با جهلوا مرتبة اإلسبلـ الذم ىو أشرؼ ا‪٤‬بلل كأفضلها كأرفعها‬
‫كأعبلىا كأعظمها عند هللا تعأب كجهلوا ما انطول عليو اإلٲباف من ا‪٤‬بنازؿ كا‪٤‬بقامات كالدرجات‬
‫كاألحواؿ كاألخبلؽ كاآلداب كاألنوار كاألسرار كأعرضوا عنو كطعنوا فيو كقالوا للمؤمنْب‬
‫استهزاء إف أنتم إال ُب ضبلؿ كبّب كما أخرب ربنا سبحانو كتعأب ككما قاؿ أيضا سبحانو كتعأب‪:‬‬
‫{كإذا رأكىم قالوا إف ىؤالء لضالوف} كقاؿ تعأب أيضا‪{ :‬كقاؿ الذين كفركا للذين آمنوا لو كاف‬
‫خّبا ما سبقوان إليو}‪ ،‬ك‪٤‬با ٓب يشاىدكا من األنبياء كالرسل إال ىياكل‬
‫بشرية كعموا عن إدراؾ حقائقهم كاختصاصهم ٗبا خصوا بو من فناء حظوظهم فيهم كبقاء‬
‫أشباحهم كىياكلهم ر‪ٞ‬بة للخلق قالوا ُب حق ‪ٝ‬بيعهم أهنم إ٭با هبم سحر أك جنوف كما قاؿ‬
‫تعأب‪{ :‬كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسوؿ اال قالوا ساحر اك ‪٦‬بنوف} كما قالوا ُب حق‬
‫نبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪{ :‬اي أيها الذم نزؿ عليو الذكر إنك جملنوف}‪.‬‬
‫قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ :‬كذكر القرطيب أف ا‪٤‬بشركْب كانوا يقولوف للنيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪٦‬بنوف بو شيطاف كىو‬
‫قو‪٥‬بم‪{ :‬اي أيها الذم نزؿ عليو الذكر إنك جملنوف} فأنزؿ هللا تعأب ردا عليهم كتكذيبا لقو‪٥‬بم‪:‬‬
‫{ما أنت بنعمة ربك بكاىن كال ‪٦‬بنوف} ك‪٤‬با جهلوا أمر القرآف كما انطول عليو من ٕبار عجائب‬
‫الربوبية كأخبار غرائب أسرار الصفة القدسية قالوا فيو‪{ :‬إف ىذا إال سحر يوثر إف ىذا إال قوؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪383‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫البشر} ىذا عادة السلفة كأىل ا‪١‬بهل كالغباكة الذين قاسوا آبرائهم الفاسدة حاؿ األنبياء‬
‫كالصديقْب‪ ،‬كلو شاىدكا ذرة من حا‪٥‬بم ‪٤‬باتوا‬

‫حسرة من الشوؽ إليها لكن سبق ‪٥‬بم الشقاء األزٕب ‪٢‬بجبهم عن ‪ٝ‬باؿ أحوا‪٥‬بم كأنوار أسرارىم‬
‫كبقوا بظنوهنم ا‪٤‬بختلفة كقياساهتم الفاسدة ُب األشكاؿ كا‪٥‬بياكل كاحتجبوا عن رؤية األركاح‬
‫كطّباهنا ُب ا‪٤‬بلكوت كا‪١‬بربكت كتكربكا على أكلياء هللا من قلة معرفتهم بنفوسهم كمن قلة‬
‫إدراكهم فبل جرـ أف هللا يضلهم ٗبا يهدم بو أحبابو‪ ،‬كيهلكهم بعْب ما يكرـ بو أصفيائو‪ ،‬كما‬
‫قيل‪ :‬إف بْب العبد كبْب هللا ٕبرين‪ٕ :‬بر النجاة كٕبر ا‪٥‬ببلؾ قد يهلك ُب ٕبر النجاة خلق كثّب كما‬
‫قاؿ تعأب‪{ :‬يضل بو كثّبا كيهدم بو كثّبا} كقاؿ تعأب‪{ :‬كمنهم من‬
‫يستمع إليك كجعلنا على قلوهبم أكنة أف يفقهوه كُب آذاهنم كقرا} قاؿ تعأب‪{ :‬كاتل عليهم نبأ‬
‫الذم آتيناه آايتنا فانسلخ منها فأتبعو الشيطاف فكاف من الغاكين كلو شئنا لرفعناه هبا كلكنو‬
‫أخلد إٔب االرض كاتبع ىواه فمثلو كمثل الكلب إف ‪ٙ‬بمل عليو يلهث كإف تَبكو يلهث ذلك‬
‫مثل القوـ الذين كذبوا آبايتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكركف ساء مثبل القوـ الذين كذبوا‬
‫آبايتنا كأنفسهم كانوا يظلموف من يهدم هللا فهو ا‪٤‬بهتدم كمن يضلل فأكلئك ىم ا‪٣‬باسركف}‬
‫كقاؿ تعأب‪{ :‬كننزؿ من القرآف ما ىو شفاء كر‪ٞ‬بة للمومنْب كال يزيد الظا‪٤‬بْب إال‬
‫خسارا} كقاؿ تعأب‪{ :‬قل ىو للذين آمنوا ىدل كشفاء كالذين ال يومنوف ُب آذاهنم كقر كىو‬
‫عليهم عمى} كقاؿ تعأب‪{ :‬كإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقوؿ أيكم زادتو ىذه إٲباان فأما‬
‫الذين آمنوا فزادهتم إٲباان كىم يستبشركف كأما الذين ُب قلوهبم مرض فزادهتم رجسا أب رجسهم‬
‫كماتوا كىم كافركف} كقاؿ تعأب‪{ :‬كليزيدف كثّبا منهم ما أنزؿ إليك من ربك طغياان ككفرا} فقد‬
‫ظهر ‪٩‬با تقدـ أف هللا سبحانو كتعأب يهدم بشيء أقواما كيضل بو آخرين‪ ،‬كيسعد بشيء أقواما‬
‫كيهلك بو آخرين كاألنبياء كالرسل صلوات هللا كسبلمو على ‪ٝ‬بيعهم ككتبهم‬

‫كنبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كالقرآف كدين اإلسبلـ فإف ‪ٝ‬بيع ما ذكر خّب كلو ال شر فيو لكنو تعأب ٓب يوفق‬
‫من أراد ىبلكهم بتصريف األنبياء كالرسل كأتباعهم كفركا ابلرسل كأعرضوا عنهم فكاف ىبلكهم‬
‫ُب ذلك فذلك حاؿ األكلياء مع من عاصرىم كمن أيٌب بعدىم‪ .‬كإذا فهمت ىذا اي أخي فاعلم‬
‫كفقنا هللا كإايؾ ‪٤‬با ٰببو كيرضاه أف القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬بتم احملمدم ا‪٤‬بعلوـ شيخنا‬
‫كسيدان ككسيلتنا إٔب ربنا الشيخ أ‪ٞ‬بد بن دمحم الشريف ا‪٢‬بسِب التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪384‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأرضاه كعنا بو ٕبر لنجاة كل من تعلق بو أبم كجو‬
‫من كجوه التعلقات كما سيأٌب ُب الفصل الثامن كالثبلثْب إف شاء هللا تعأب‪ ،‬كما أنو سفينة لنجاة‬
‫من يغرؽ ُب ٕبر ا‪٥‬ببلؾ‪ ،‬كإايؾ أف هتلك ُب ٕبر النجاة أك ُب سفينة النجاة من ٕبر ا‪٥‬ببلؾ إف ٓب‬
‫تربح هبما كالسبلـ‪ .‬قلت‪ :‬كٗبا قرران يظهر أنو ما بقي إال منع فضل هللا تعأب كاإلنكار لوجود‬
‫العناد‪ ،‬كا‪٤‬بنكر عنادا ال يعترب ألنو ال يقبل ما ظهر كال تضبط دعواه كال يصحبو اعتداؿ ُب‬
‫أمره‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد ُب أتسيس القواعد‪ :‬إنكار ا‪٤‬بنكر إما أف يستند الجتهاد ك‪٢‬بسم ذريعة أك لعدـ‬
‫التحقيق أك لضعف الفهم أك لقصور العلم أك ‪١‬بهل ا‪٤‬بناط أك البساط أك االنبهاـ لوجود العناد‪،‬‬
‫فعبلمة الكل الرجوع للحق عند تعينو إال األخّب فإنو ال يقبل ما ظهر كال تضبط دعواه كال‬
‫يصحبو اعتداؿ ُب أمره اىػ‪ .‬فإف قلت‪ :‬ماذا يكوف جوابك ُب قوؿ الشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قدمي ىذه على رقبة كل كٕب هلل‪ .‬قلت‪ :‬جوايب ما قالو الشيخ رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬يعِب أىل عصره‪ .‬فإف قلت‪ :‬من كافق شيخكم ُب ذلك‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كافقو الشيخ عبد القادر بنفسو رضي هللا تعأب عنو‪ .‬كُب كتابو ذكر مناقبو ككاف يقوؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أان ٕبر ال ساحل لو‪ ،‬أان دليل الوقت اىػ‪ .‬ككافقو كثّب من األئمة األعبلـ‪،‬‬
‫قاؿ ابن ابديس رضي هللا تعأب عنو ُب سينيتو ا‪٤‬بسماة ابلنفحات القدسية‪ :‬كاب‪١‬بيلي فابدأ فذلك‬
‫قطبهم *** كمنو استمدكا ُب اإلضافة كالقبس ٍب ‪ٛ‬بادل على مدحو رضي هللا تعأب عنو إٔب أف‬
‫قاؿ‪ :‬فأضحى أمّب األكلياء بعصره *** لو ا‪٢‬بكم كالتصريف ُب ا‪٤‬بنح كا‪٢‬ببس قاؿ شارحو‬
‫ا‪٤‬بعركؼ أب‪ٞ‬بد بن دمحم ا‪٤‬بعركؼ اببن ا‪٢‬باج‪ :‬أشار ُب ىذا البيت إٔب أف ىذا‬
‫الشيخ صار ُب كقتو إماـ األكلياء يقتدكف بو كسيدىم يرجعوف إليو ُب ما ٰبتاجوف إليو من‬
‫األمور‪ ،‬كأف هللا تعأب كاله عليهم كحكمو فيهم كصرفو ُب شؤكهنم اىػ‪ .‬كُب الكتاب السابق سئل‬
‫الشيخ عقيل ا‪٤‬بنبجي رضي هللا تعأب عنو يوما‪ :‬من القطب ُب ذلك الوقت؟ فقاؿ‪ :‬ىو ُب كقتنا‬
‫ىذا ٗبكة ‪٨‬بفي ال يعرفو إال األكلياء كسيظهر ىنا ػ كأشار إٔب العراؽ ػ فٌب أعجمي شريف يتكلم‬
‫على الناس ببغداد يعرؼ كراماتو ا‪٣‬باص كالعاـ كىو قطب كقتو يقوؿ‪ :‬قدمي ىذا على رقبة كل‬
‫كٕب هلل تعأب أىػ‪.‬‬
‫كفيو‪ :‬ككاف الشيخ أبو الربكات بن صخر األموم رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬أخذ الشيخ عبد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪385‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫القادر العهد على كل كٕب ُب زمانو أال يتصرؼ ُب حالة ابطن كال ظاىر إال إبذنو أىػ‪ .‬كُب حياة‬
‫ا‪٢‬بيواف للشيخ الدميمرم عند تر‪ٝ‬بة الذابب‪ :‬فعليك ابالعتقاد كترؾ االنتقاد على ا‪٤‬بشايخ‬
‫العارفْب كالعلماء العاملْب كا‪٤‬بؤمنْب الصا‪٢‬بْب فإف حراهبم مسمومة فكل من تعرض ‪٥‬بم ٓب يسلم‬
‫فسلم تسلم كال تنتقد فتندـ‪ ،‬كاقتد إبماـ العارفْب كرأس الصديقْب كعبلمة العارفْب ُب كقتو‬
‫الشيخ ‪٧‬بيي الدين عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب هنع هللا يضر‪.‬‬

‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ ُب أتسيس القواعد‪ :‬إثبات ا‪٢‬بكم للذات ليس كإثباتو بعوارض‬
‫الصفات فقولو عليو الصبلة كالسبلـ‪ ":‬سلماف منا أىل البيت" التصافو ٗبجامع النسب الدينية‬
‫حٌب لو كاف اإلٲباف منوطا ابلثراي ألدركو‪ .‬كقد قيل ُب قولو عليو الصبلة كالسبلـ‪ ":‬األقربوف أكٔب‬
‫اب‪٤‬بعركؼ" يعِب إٔب هللا تعأب إذ ال توارث بْب ملتْب فلمعترب أىل النسب الديِب كفرعو ‪٦‬بد دائم‬
‫إف انضاؼ إٔب الطيِب كاف لو مؤكدا فبل نلحق رتبة صاحبو ٕباؿ كبذا أجيب عن قوؿ الشيخ أيب‬
‫دمحم عبد القادر ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬قدمي ىذه على رقبة كل كٕب هلل ُب‬
‫زمانو ألنو ‪ٝ‬بع من علوم النسب كشرؼ العبادة كالعلم ما ٓب يكن لغّبه من أىل كقتو أىػ‪ .‬قلت‪:‬‬
‫قد أخرب٘ب بعض من لقي الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أنو رجع يوما من ا‪٤‬بسجد‬
‫يوـ ا‪١‬بمعة إٔب بيتو فلما بلغ ابب بيتو جلس كحولو ‪ٝ‬باعات فقاؿ‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل الذم بلغِب ُب‬
‫ىذا الوقت مرتبة الشيخ عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب كزاد٘ب على ما أعطاه أربعْب مقاما‪ .‬كقاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضو كعنا بو‪ :‬أعطا٘ب هللا ُب السبع ا‪٤‬بثا٘ب ما ٓب يعطو إال لؤلنبياء‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف هللا أعطا٘ب ما ٓب يعطو ألحد من الشيوخ أبدا فضبل‬
‫منو كجودا ببل استحقاؽ شيء عليو بل ُب سابق علمو قضى بذلك فللو ا‪٢‬بمد كمزيد الشكر‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أعطا٘ب هللا تعأب الشفاعة ُب أىل عصرم من حْب‬
‫كالدٌب إٔب حْب ‪٩‬باٌب‪ .‬كعن تلميذه األكرب كخادمو األشهر العارؼ األطهر أيب ا‪٢‬بسن سيدم‬
‫ا‪٢‬باج علي حرازـ ابلراده جامع جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬إف هللا أعطى للشيخ الشفاعة ُب أىل عصره من‬
‫حْب كالدتو إٔب حْب ‪٩‬باتو كزايدة عشرين سنة بعد كفاتو‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كقد أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو توُب عاـ‬
‫يشكر ‪ 1231‬من ا‪٥‬بجرة النبوية على صاحبها أفضل الصبلة كأًب السبلـ كعلى ىذا فكل‬
‫مؤمن لو اليوـ كىو عاـ ألف كمائتْب كإحدل كستْب من ا‪٥‬بجرة النبوية على صاحبها أفضل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪386‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الصبلة كأزكى السبلـ أكثر من إحدل عشرة سنة فهو داخل ُب ىذه الشفاعة األ‪ٞ‬بدية التجانية‬
‫قطعا ىنيئا ٍب ىنيئا ‪٥‬بذه األمة احملمدية ككيل ٍب كيل ‪٤‬بن حرـ من ىذا ا‪٣‬بّب العظيم الذم يناؿ من‬
‫غّب عمل كال كلفة كال مشقة ألجل اإلنكار كاالنتقاد كإذاية أىل طريقتو أحينا هللا على‬
‫‪٧‬ببتو كأماتنا عليها كحشران ُب زمرتو ٔباىو عند ربو كجاه جده خّب األانـ كسر خليقة ا‪٤‬بلك‬
‫العبلـ‪ .‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل الطرؽ تدخل ُب طريقة الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو إال‬
‫طريقتنا ىذه احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية فإهنا مستقلة بنفسها فبل ينبغي التفرد هبا ألنو أعطاىا‬
‫لنا منو إلينا كقاؿ‪ :‬ال يصلك شيء إال على يدم كىو الذم رابان كأكصلنا حٌب بلغنا ا‪٤‬بُب صلى‬
‫هللا عليو كسلم ‪ٞ‬بدا كشكرا هلل تعأب‪ .‬كقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬كل الطرؽ تدخل عليها طريقتنا فتبطل كطابعنا‬
‫يركب على كل طابع كال ٰبمل طابعنا غّبه‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه عنا بو من ترؾ كردا من أكراد الشيخ ألجل الدخوؿ ُب طريقتنا‬
‫ىذه احملمدية الٍب شرفها هللا على ‪ٝ‬بيع الطرؽ أمنو هللا تعأب ُب الدنيا كاآلخرة فبل ٱباؼ من‬
‫شيء يصيبو ال من هللا عز كجل كال من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كال من شيخو أين كاف من األحياء أك من‬
‫األموات‪ ،‬كأما من دخل زمرتنا كأتخر عنها كدخل غّبىا ‪ٙ‬بل بو ا‪٤‬بصائب دنيا كأخرل كال يعود‬
‫أبدا‪.‬‬

‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف ‪ٝ‬بيع األكلياء يدخلوف زمرتنا كأيخذكف أكرادان‬
‫كيتمسكوف بطريقتنا من أكؿ الوجود إٔب يوـ القيامة حٌب اإلماـ ا‪٤‬بهدم رضي هللا تعأب عنو إذا‬
‫قاـ آخر الزماف أيخذ عنا كيدخل زمرتنا بعد ‪٩‬باتنا كانتقالنا إٔب دار البقاء‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬لو ٕبت ٗبا علمنيو هللا تعأب أل‪ٝ‬بع أىل العرفاف على قتلي‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو يتحدث ألصحابو ٗبا أنعم هللا تعأب عليو كتفضل‪ :‬بعد‬
‫البسملة كا‪٢‬بمدلة كالصبلة كالسبلـ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يليو إعبلمكم أف فضل هللا ال حد لو‬
‫كأف الفضل بيد هللا يوتيو من يشاء كأقوؿ لكم أف مقامي عند هللا تعأب ُب اآلخرة ال يصلو أحد‬
‫من األكلياء كال يقاربو من كرب شأنو كال من صغر كأف ‪ٝ‬بيع األكلياء من عصر الصحابة إٔب النفخ‬
‫ُب الصور ليس فيهم من يصل مقامنا كال يقاربو لبعد مرامو عن ‪ٝ‬بيع العقوؿ كصعوبة مسلكو‬
‫على أكابر الفحوؿ كٓب أقل لكم ذلك حٌب ‪٠‬بعتو منو صلى‬
‫هللا عليو كسلم ‪ٙ‬بقيقا‪ .‬كليس ألحد من الرجاؿ أف يدخل كافة أصحابو ا‪١‬بنة بغّب حساب كال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪387‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عقاب كلو عملوا من الذنوب ما عملوا كبلغوا من ا‪٤‬بعاصي ما بلغوا إال أان كحدم ككراء ذالؾ‬
‫‪٩‬با ذكر ٕب فيهم كضمنو ملسو هيلع هللا ىلص أمرا ال ٰبل ٕب ذكره كال يرل كال يعرؼ إال ُب اآلخرة‪ .‬كقاؿ رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه أف سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص ضمن لنا أف من سبنا كداكـ على ذلك كٓب يتب ال‬
‫ٲبوت إال كافرا كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪٠ :‬بعت ُب ا‪٢‬بضرة أنو ال يصل إٕب أحد‬
‫بسوء أبدا ككذا بقي ُب عصمتو كصيانة ربو‬

‫حٌب لقي هللا تعأب‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص أخربه بقولو عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ :‬بعزة ريب يوـ اإلثنْب كيوـ ا‪١‬بمعة ٓب أفارقك فيهما من الفجر إٔب الغركب كمعي‬
‫سبعة أمبلؾ ككل من رآؾ ُب اليومْب تكتب ا‪٤‬ببلئكة ا‪٠‬بو ُب كرقة من ذىب كيكتبونو من أىل‬
‫ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫كقد أخرب٘ب بعض من لقيو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أنو ما تنزؿ إٔب إفادة ا‪٣‬بلق بعدما‬
‫أخربه ملسو هيلع هللا ىلص بذلك إال بعد قولو للنيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إف كنت اباب لنجاة كل عاص مسرؼ على نفسو تعلق‬
‫يب فنعم كإال فأم فضل ٕب فقاؿ لو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أنت ابب لنجاة كل عاص تعلق بك كحينئذ طابت‬
‫نفسو لذلك أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كمن أىم ما ينبغي ذكره ليتنبو لو كل موفق الدائرة العظيمة الٍب أكقع هللا تعأب فيها ىذا‬
‫الشيخ العظيم كأىل طريقتو كحزبو الصميم كيتبْب لكل انظر ُب ىذا احملل أنو ال ينكر فضلو‬
‫رضي هللا تعأب عنو كعلى ‪ٝ‬بيع األكلياء كفضل أىل طريقتو على غّبه من أىل سائر الطرؽ كال‬
‫يستغربو إال من غفل عن ىذه الدائرة العظيمة كجهل أهنا ىي دائرة طريقو كفيها يسبح أىلها‬
‫ككاف مسجوان ُب سجن عقلو جاىبل بسعة فضل ربو ككونو ‪٨‬بتارا فيفضل من يشاء كيعطي من‬
‫يشاء ال يسأؿ عما يفعل فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء‬
‫الطريق‪ :‬اعلم أف هلل سبحانو كتعأب دائرة تسمى الدائر ة الفضلية كتلك الدائرة مكنوزة من كراء‬
‫خطوط الدكائر الٍب ىي دكائر األمر كالنهي كا‪١‬بزاء خّبا أك شرا كاالعتبارات كاللوازـ‬
‫كا‪٤‬بقتضيات فإف ىذه الدائر ىي دكائر عموـ ا‪٣‬بلق كتلك الدائرة الفضلية ىي دائر اختصاصو‬
‫كاصطفائو سبحانو كتعأب فيضعها ‪٤‬بن يشاء من خلقو كىذه الدكائر جعلنا سبحانو كتعأب عنده‬
‫فيضها فائض من ٕبر ا‪١‬بود الكرـ ال يتوقف فيضها على كجود سبب كال شرط كال زكاؿ مانع‬
‫بل األمر فيها كاقع على اختصاص مشيأتو فقط كال يبإب ٗبن كاف فيها كُب العهود أـ ال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪388‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أنتهج الصراط ا‪٤‬بستقيم أـ سقط ُب ا‪٤‬بعاصي ُب الطريق الوخيم كال يبإب فيها ‪٤‬بن أعطى كال‬
‫على ما إذا أعطى كمن كقع ُب ىذه الدائرة من خلق هللا كملت لو السعادة ُب اآلخرة ببل شوب‬
‫أٓب كال تركيع كفيها أكقع هللا تعأب ىذا الشيخ األ‪ٞ‬بدم احملمدم اإلبراىيمي كجعلها سبحانو‬
‫كتعأب دائر أىل طريقتو كأكقعهم فيها فضبل منو سبحانو كتعأب كجودا ككرما لشدة عنايتو هبذا‬
‫الشيخ العظيم الذم ‪ٝ‬بع لو بْب مقاـ احملبة كا‪٣‬بلة الناشئتْب من ىذه الدائرة الٍب هبا ا‪ٚ‬بذ هللا‬
‫تعأب نبيو دمحما ملسو هيلع هللا ىلص حبيبا كسيدان إبراىيم عليو‬
‫السبلـ خليبل لوراثتو إايٮبا من ىذين النبيْب كلذلك كانت طريقتو رضي هللا تعأب عنو طريقة‬
‫احملبة كالشكر‪ .‬قاؿ تعأب‪{ :‬إف إبراىيم كاف أمة قانتا هلل حنيفا كٓب يك من ا‪٤‬بشركْب شاكرا ألنعمو‬
‫اجتباه كىداه إٔب صراط مستقيم} كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬بن قاؿ لو‪ :‬أتفعل ىذا كقد غفر هللا لك ما تقدـ‬
‫من ذنبك كما أتخر " أفبل أكوف عبدا شكورا" أك كما قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬ككانت أسهل الطرؽ على‬
‫اإلطبلؽ ككاف أىلها ‪٧‬ببوبْب مقبولْب على أية حالة كانوا ما ٓب يلبسوا حلة األماف من مكر هللا‬
‫كمن ٕبرىا سخر هللا تعأب لو جده‬
‫سيده كموالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌب أحبو ‪٧‬ببة ال تعرؼ كال تكيف كمن ٕبرىا جعلو هللا تعأب‬
‫القطب ا‪٤‬بكتوب كالربزخ ا‪٤‬بختوـ ا‪٣‬باًب احملمدم ا‪٤‬بعلوـ كمركزا يتفجر منو ُب ‪ٝ‬بيع األغواث‬
‫الفيوض كالعلوـ سيبْب ذلك ُب احملشر تصديقا ابلنيب ا‪٤‬بعصوـ إذا اندل مناديو ابحملشر‪ :‬ىذا‬
‫إمامكم الذم كاف مددكم منو كمن ٕبرىا تفضل عليو موالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بكيفيات منو ما‬
‫تفضل بو على غّبه كمن ٕبرىا تفضل عليو موالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بدائر اإلحاطة الٍب ىي خاصة‬
‫بو ملسو هيلع هللا ىلص كٗبقامو‬

‫كمن ٕبرىا تفضل عليو موالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابلكنز ا‪٤‬بطلسم الذم ىو خاص بو ملسو هيلع هللا ىلص كٗبقامو‬
‫كمن ٕبرىا تفضل عليو كموالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص اب‪٣‬بريدة الفريدة الٍب ىي خاصة بو ملسو هيلع هللا ىلص كمن ٕبرىا‬
‫تفضل عليو كموالان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص إبطبلقو رضي هللا تعأب عنو ُب إعطاء ‪ٝ‬بيع أكراده من االسم‬
‫األعظم الكبّب كما دكنو ‪٤‬بن شاء كمعها ‪٩‬بن شاء ككذا ‪ٝ‬بيع من قدمو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫ُب إعطائها كمن قدمو من قدمو ىكذا األمر إٔب أف يرث هللا تعأب األرض كمن‬
‫عليها ككاف يقوؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬ىذا عطاؤان فامنن أك امسك بغّب حساب‬
‫كمن ىنا يعلم كل من لو أدٗب علم كمعرفة أف أىل طريقة ا‪٣‬بتم احملمدم أفضل من غّبىم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪389‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لوجهْب أحدٮبا أنو ‪٤‬با كاف إماـ أىلها رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كبرزخ الربازخ كشيخ‬
‫ا‪٤‬بشايخ ا‪٤‬بأخوذ منو ‪ٝ‬بيع الطرؽ ا‪٤‬بتقدمة كاف أىل طريقتو ا‪٣‬باصة بو أفضل من غّبىم كراثة‬
‫أ‪ٞ‬بدية دمحمية كاثنيهما أنو ‪٤‬با كاف دائرة اإلحاطة الذم ىو سره ىو السارم ُب ‪ٝ‬بيع أ‪٠‬باء هللا‬
‫تعأب الظاىرة كالباطنة كاالسم الذم ال يلقنو إال القطب ك الكنز ا‪٤‬بطلسم‬
‫الذم ما أنزؿ ُب القرآف كال ُب ‪ٝ‬بيع الكتب اإل‪٥‬بية مثلو كا‪٣‬بريدة الفريدة ليس فوقها إال االسم‬
‫األعظم الكبّب ككل ما سواه فهو دكهنا كنوز مطلسمات فيها من العلوـ كاألسرار الذخائر ما‬
‫ليس ُب غّبىا من ‪ٝ‬بيع األذكار كانؿ ىذا ا‪٣‬باًب من أسرارىا كعلومها كخباايىا ما ٓب ينلو غّبه‬
‫من أكابر األغواث ككذا كاف مأذكان من جده رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب إعطاء ‪ٝ‬بيع ما ذكر كىو رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو تفضل بتلك األسرار كاألذكار كأسرارىا كعلومها كخباايىا كظاىرىا‬
‫كابطنها كمفشوىا كمكتومها على أىل طريقتو لكل‬

‫منهم ما يناسب حالو كمقامو كقابليتو كاستعداده كاف أىل طريقتو أفضل من غّبىم ببل ريب‬
‫كسيأٌب ُب فصل فضائل ا‪٤‬بتعلقْب بو الذم ىو الثامن كالثبلثوف من ىذا الكتاب طرؼ من ىذا‬
‫ا‪٤‬بعُب كقد أكدعها ُب فصل سبب تسمية طريقتنا ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية‬
‫ا‪٢‬بنيفية التجانية ما ينبو هبذا ا‪٤‬بعُب على فضل أىلها على غّبىم بعضو على طريق التصريح‬
‫كبعضو على طريق اإلشارة كالرمز كقولو‪ :‬فلنذكر ىنا بعض ألفاظ أذكار ىذه الطريقة لئلشارة إٔب‬
‫أهنا بلغت الغاية القصول ُب الفضل كأف مرتبة أىلها ال يبلغها غّبىم ٕباؿ ما‬
‫كأهنا أ‪ٞ‬بدية على التحقيق فنقوؿ‪ :‬اللهم صل على سيدان دمحم إٔب قولو‪ :‬حٌب ‪٢‬بظة سكو٘ب كىذا‬
‫ُب غّب األذكار البلزمة للطريقة فإهنا ال ‪ٛ‬بنع ‪٩‬بن قبل شركطها على أم حالة كانت كما تقدـ‪،‬‬
‫كُب ىذه الدائرة الفضلية قاؿ موالان جل كعبل‪{ :‬ما يود الذين كفركا من اىل الكتاب كال‬
‫ا‪٤‬بشركْب أف ينزؿ عليكم من خّب من ربكم كهللا ٱبتص بر‪ٞ‬بتو من يشاء كهللا ذك الفضل‬
‫العظيم} كقاؿ‪{ :‬قل اف الفضل بيد هللا يوتيو من يشاء كهللا كاسع عليم ٱبتص بر‪ٞ‬بتو من يشاء‬
‫كهللا ذك الفضل العظيم} كقاؿ‪{ :‬يستبشركف بنعمة من هللا كفضل} كقاؿ‪{ :‬ككاف فضل هللا‬
‫عليك عظيما} كقاؿ‪{ :‬أـ ٰبسدكف الناس على ما آاتىم هللا من فضلو} كقاؿ‪{ :‬كاسألوا هللا من‬
‫فضلو} كقاؿ‪{ :‬كمن يطع هللا كالرسوؿ فأكلئك مع الذين أنعم هللا عليهم من النبيئْب كالصديقْب‬
‫كالشهداء كالصا‪٢‬بْب كحسن أكلئك رفيقا ذلك الفضل من هللا} كقاؿ‪{ :‬فسوؼ ايٌب هللا بقوـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪390‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٰببهم كٰببونو} إٔب قولو‪{ :‬ذلك فضل هللا يوتيو من يشاء} كقاؿ‪{ :‬كلوال فضل هللا عليكم‬
‫كر‪ٞ‬بتو لكنتم من ا‪٣‬باسرين} {كلوال فضل هللا عليكم كر‪ٞ‬بتو التبعتم الشيطاف إال قليبل} كقاؿ‪:‬‬
‫{اي أيها الناس قد جاءكم برىاف من ربكم كأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين‬

‫آمنوا ابهلل كاعتصموا بو فسيدخلهم ُب ر‪ٞ‬بة منو كفضل} كقاؿ حكاية عن سيدان يوسف عليو‬
‫السبلـ‪{ :‬ذلك من فضل هللا علينا كعلى الناس كلكن أكثر الناس ال يشكركف} كقاؿ‪{ :‬كلوال‬
‫فضل هللا عليكم كر‪ٞ‬بتو ما زكا منكم من احد ابدا} كقاؿ‪{ :‬كلوال فضل هللا عليكم كر‪ٞ‬بتو ُب‬
‫الدنيا كاالخرة ‪٤‬بسكم فيما أفضتم فيو عذاب عظيم} كقاؿ‪{ :‬إف فضلو كاف عليك كبّبا}‬
‫كقاؿ‪{ :‬قل فبفضل هللا كبر‪ٞ‬بتو فبذلك فليفرحوا ىو ‪٩‬با ٯبمعوف} كقاؿ‪{ :‬إف الذين يتلوف كتاب‬
‫هللا كأقاموا الصبلة كأنفقوا ‪٩‬با رزقناىم سرا كعبلنية يرجوف ٘بارة لن تبور ليوفيهم أجورىم‬
‫كيزيدىم من فضلو} كقاؿ‪{ :‬كقالوا ا‪٢‬بمد هلل الذم أذىب عنا ا‪٢‬بزف إف ربنا لغفور شكور الذم‬
‫أحلنا دار ا‪٤‬بقامة من فضلو} كقاؿ‪{ :‬لئبل يعلم أىل الكتاب أال يقدركف على شيء من فضل‬
‫هللا كأف الفضل بيد هللا يوتيو من يشاء كهللا ذك الفضل العظيم} كقاؿ‪{ :‬كآخرين منهم ‪٤‬با‬
‫يلحقوا هبم كىو العزيز ا‪٢‬بكيم ذلك فضل هللا يوتيو من يشاء كهللا ذك الفضل العظيم}‪.‬‬
‫كركل البخارم عن ابن عمر قاؿ‪٠ :‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كىو قائم على ا‪٤‬بنرب يقوؿ‪ :‬إ٭با بقاؤكم‬
‫فيمن سلف قبلكم من األمم كما بْب صبلة العصر إٔب غركب الشمس أعطي أىل التوراة التوراة‬
‫فعملوا هبا حٌب تنصف النهار ٍب عجزكا فأعطوا قّباطا قّباطا‪ٍ ،‬ب أعطي أىل اإل‪٪‬بيل اإل‪٪‬بيل‬
‫فعملوا بو حٌب صبلة العصر ٍب عجزكا فأعطوا قّباطا قّباطا‪ٍ ،‬ب أعطيتم القرآف فعملتم بو حٌب‬
‫غربت الشمس فأعطيتم قّباطْب قّباطْب‪ ،‬قاؿ أىل التوراة كاإل‪٪‬بيل‪ :‬ربنا ىؤالء أقل عمبل كأكثر‬
‫أجرا‪ ،‬قاؿ‪ :‬ىل ظلمتم من أجركم شيئا؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪:‬‬

‫فذلك فضلي أؤتيو من أشاء كُب ركاية‪ :‬فغضبت اليهود كالنصارل كقالوا‪ :‬ربنا‪ ،‬ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫كاألحاديث الدالة على ىذه الدائرة كثّب جدا كإ٭با نبهنا على ىذه الدائرة مع أننا قد أكدعنا ُب‬
‫الفصوؿ ا‪٤‬بتقدمة ما ينفر كل من لو أدٗب عقل كبصّبة من اإلنكار لكوف غرضنا ُب ىذا الكتاب‬
‫سد ابب اإلنكار على السادات األخيار‪ .‬قاؿ تعأب‪{ :‬إف ُب ذلك لذكرل ‪٤‬بن كاف لو قلب اك‬
‫القى السمع كىو شهيد} كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪391‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل السابع كالثبلثوف‬
‫ُب بياف أف من أعماؿ الرب ما يقتضي غفراف الذنوب الكبائر كالصغائر كُب بياف جواز مغفرة هللا‬
‫تعأب لعبده ‪ٝ‬بيع ذنوبو ا‪٤‬باضية الٍب فعلها كا‪٤‬بستقبلة الٍب سيفعلها‪ ،‬كأف الوٕب قد يعلم كاليتو‬
‫كقد ال يعلمها‪ ،‬كقد يعلم أنو مأموف العاقبة‪.‬‬
‫فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم كفقنا هللا تعأب كإايؾ ‪٤‬با ٰببو‬
‫كيرضاه أان كضعنا ىذا الفصل ُب ىذا احملل تتمة للفصل ا‪٤‬بتقدـ ك‪ٛ‬بهيدا للفصل الذم بعد ىذا‬
‫الفصل لعلك تنجو من االنتقاد الذم يؤدم إٔب تكذيب نبيك ا‪٤‬بعصوـ دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كتكذيب‬
‫ساداتك األكلياء العارفْب كمن ا‪٢‬برماف اآلف من أنكر شيئا عوقب ٕبرمانو‪ .‬كُب دالئل ا‪٣‬بّبات‪:‬‬
‫علي‬
‫علي مرة كاحدة صلى هللا عليو عشر صلوات‪ ،‬كمن صلى ٌ‬ ‫كعنو ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ‪" :‬من صلى ٌ‬
‫علي مائة مرة صلى هللا تعأب عليو ألف‬
‫عشر صلوات صلى هللا تعأب عليو مائة‪ ،‬كمن صلى ٌ‬
‫علي ألف مرة حرـ هللا جسده على النار"‪ .‬قاؿ الفاسي ُب مطالع ا‪٤‬بسرات‪ :‬أم‬
‫مرة‪ ،‬كمن صلى ٌ‬
‫انر جهنم أم‪ :‬جعلو حراما عليها أم ‪٩‬بتنعا فبل سبيل ‪٥‬با إليو كىو كناية على كماؿ النجاة من‬
‫النار مطلقا ٕبسب ظاىر اللفظ فيقتضي غفراف الذنوب الكبائر كالصغائر‪.‬‬

‫كقد جاءت أحاديث ُب أعماؿ الرب تقتضي ذلك أيضا كا‪٢‬بج فقد ثبت فيو أحاديث تقتضي‬
‫تكفّبه للذنوب الكبائر كالصغائر فاختلف ُب ذلك العلماء‪ ،‬فقاؿ قوـ‪ :‬إف كل ما جاء ُب ذلك‬
‫إ٭با ىو ُب الصغائر كإهنا مقيدة ٕبديث "ما اجتنبت الكبائر" ا‪٤‬بخرج ُب الصحيحْب إٔب أف قاؿ‪:‬‬
‫كحكى ابن العريب كغّبه على ذلك اإل‪ٝ‬باع كأف الكبائر كإ٭با تكفر ابلتوبة‪ .‬قاؿ ابن دقيق العيد‪:‬‬
‫كفيو نظر‪ .‬كقاؿ الشيخ زركؽ ُب شرح الرسالة بعد نقلو‪ :‬كفيو نظر‪ .‬كظواىر األحاديث تقتضي‬
‫خبلؼ ذلك سيما حديث "أف هللا غفر ألىل عرفة كضمن عنهم التبعات" كىو حديث صحيح‬
‫اىػ‪.‬‬
‫كصرح قوـ ٔبواز تكفّب الكبائر كالصغائر ابألعماؿ الصا‪٢‬بة بفضل هللا تعأب منهم ابن ا‪٤‬بنذر‬
‫فيما نقلو كٕب الدين العراقي ُب تكملة شرح التقريب لوالده كأبو نعيم األصبها٘ب فيما نقلو ابن‬
‫حجر ُب شرح فتح البارم مفسرا بو حديث الَبمذم كغّبه‪" :‬من قاؿ أستغفر هللا العظيم الذم‬
‫ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ كأتوب إليو غفرت لو ذنوبو كإف كاف فر من الزحف" كمشى على ذلك‬
‫ُب كتاب الرضا من فتح البارم أيضا ككذلك السيوطي ُب الكبلـ على حديث مسلم‪ :‬من قتل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪392‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كافرا كالباجي ُب ا‪٤‬بنتقى ُب حديث التأمْب كالقاضي عياض ُب اإلكماؿ كنقل كبلمو‬
‫الشيخ أبو زيد الثعاليب ُب كتابو جامع الفوائد كاستحسنو كجعلو قاعدة عظيمة ُب كل ما كرد من‬
‫الوعد ا‪١‬بميل ُب القرآف كاألحاديث من أف من عمل كذا ككذا دخل ا‪١‬بنة كما نقلو الشيخ أبو‬
‫زيد أيضا ُب تفسّبه كُب كتابو العلوـ الفاخرة ُب أمور اآلخرة كبلـ الفخر الرازم كقاؿ بذلك‬
‫أيضا القرطيب ُب ا‪٤‬بفهم كنقل كبلمو األيب ٍب نقل كبلـ ابن العريب كزينو ٍب نقل كبلـ اختيار بن‬
‫بزيزة تكفي الطاعات للكبائر كاحتجاجو بقولو‪ٍ :‬ب قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬ا‪١‬بارم على مذىب األشعرية أنو‬
‫ٯبوز مغفرة الكبائر دكف توبة كصحة تكفّب ا‪٢‬بج ‪٥‬با كنقلو الشيخ‬

‫السنوسي ُب تكملو الكماؿ كأقره كنقل القوؿ بذلك ابن التْب الصفاقسي ُب شرح البخارم‬
‫كالبدر الدماميِب ُب حواشيو ككذا قاؿ بذلك أيضا ابن عرفة ُب ما نقلو عنو السيد الشريف‬
‫السلوم كالبسيلي ُب تقييدٮبا ُب التفسّب كقد ألف ُب ىذه ا‪٤‬بسألة الشيخ أبو العباس أ‪ٞ‬بد اباب‬
‫أقيت كنقل نصوص األئمة ا‪٤‬بسلمْب كلهم كغّبىم ٍب قاؿ‪ :‬كأقوؿ الذم يتبادر للفهم كيظهر‬
‫للنظر ىو القوؿ الثا٘ب كىو جواز غفراف الكبائر كالصغائر ببعض األعماؿ ا‪٤‬بقبولة بفضل هللا‬
‫تعأب ألمور أحدىا ما ثبت من قواعد أىل السنة كأصو‪٥‬بم أف هللا تعأب بفضلو ككرمو‬
‫سبب لنجاة من شاء لعباده العاصْب عمبل صا‪٢‬با يعملو كقوال طيبا يقولو من أم أنوع الطاعات‬
‫سيما الٍب جاءت األخبار أهنا تكفر الذنوب اثنيها ما قالو األئمة أف ظواىر الشرع ىي ا‪١‬بادة‬
‫عند اختبلط اآلراء كاشتباؾ األقواؿ إف ٓب ‪ٚ‬بالف األدلة العقلية كال شك أف ما جاء ُب‬
‫األحاديث من تكفّب األعماؿ للذنوب كثّب جدا ٕبيث ال ٰبيط هبا أحد ٍب ذكر ‪ٝ‬باعة الفواُب‬
‫ا‪٣‬بصاؿ ا‪٤‬بكفرة ‪٤‬با تقدـ كما أتخر من الذنوب من حفاظ ا‪٤‬بتأخرين ٍب قاؿ‪ :‬كليس رد ‪ٝ‬بيع‬
‫األحاديث الواردة ُب ذلك ٕبديث‪ ":‬ما اجتنبت الكبائر " كا‪٢‬بكم عليها ابلتقييد بو‬
‫بينا سيما منها ما ال ٲبكن تقييده بو ٍب ذكر أحاديث كثّبة ‪٩‬با ال ٲبكن تقييده ٍب إٔب غّبىا من‬
‫األحاديث ُب ا‪٤‬بعُب الٍب لو تتبعت ‪١‬باء منها أكراؽ عدة بعضها صحيح كبعضها ضعيف كال‬
‫ٲبكن تقييدىا ٕبديث "‪ :‬ما اجتنبت الكبائر " أصبل ألهنا صرٰبة ُب تكفّب الكبائر صراحة ال‬
‫تقبل التقييد ٍب ذكر أتكيل حديث "ما اجتنبت الكبائر " ٍب ذكر كجودىا أخر ُب تقوية ىذا‬
‫القوؿ الثا٘ب ذكر ُب خامسها ما جاء ُب ركاايت كثّبة عن الصا‪٢‬بْب كتواتر ُب رؤيتهم خلقا من‬
‫الناس ُب ا‪٤‬بناـ بعد موهتم فتذكر كل أحد أنو غفر لو بسبب عمل خاص كقد كاف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪393‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مات على غّب توبة ٍب سرد من ذلك ‪ٝ‬بلة صا‪٢‬بة ٍب قاؿ‪ :‬كغّبىا ‪٩‬با يكثر ُب ذه ا‪٤‬بنامات كإف‬
‫كانت ال يستدؿ هبا على األحكاـ الشرعية كما قاؿ احملققوف‪ :‬كنقضوا ألجلو ما كقع كثّبا أليب‬
‫األصبغ بن سهل ُب أحكامو منها ما قالو اإلماـ القدكة احملقق ‪٬‬ببة العلماء أبو إسحاؽ الشاطيب‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا ُب موافقاتو ككذا عز الدين بن عبد السبلـ قبلو ُب فتاكيو كالشيخ البسيلي ُب نكت‬
‫التفسّب‪ :‬لكنها ‪٩‬با يستأنس هبا كيتقول رجاء العاصي هبا على رفقة لعلو ٰبصل لو مثل ذلك‬
‫اعتمادا على فضلو تعأب اىػ ما نقلو ُب مطالع ا‪٤‬بسرات كنقلتو منو ملخصا‪.‬‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬كالذم يظهراف خبلفهم ٓب يتوارد على ‪٧‬بل كاحد كإف ا‪٤‬بانعْب لتكفّب الكبائر السيئات‬
‫اب‪٢‬بسنات إ٭با يعنوف مطلق ا‪٢‬بسنات الٍب ُب قولو تعأب‪{ :‬إف ا‪٢‬بسنات يذىَب السيئات} ك‪٫‬بوه‬
‫‪٩‬با كرد فيو تكفّب السيئات من غّب تصريح فيو بتكفّب الكبائر كال ٖبركجو من ذنوبو كيوـ كلدتو‬
‫أمو ك‪٫‬بو ذلك كىذا ىو الذم تقتضيو قاعدة السنة من عدـ ا‪٤‬بوازنة كاإلبطاؿ‪ ،‬كإف اجمليزين‬
‫لتكفّب الكبائر ابألعماؿ الصا‪٢‬بة إ٭با يعنوف ما كرد فيو نص بتكفّبه ‪٥‬با أك من شاء هللا تعأب أف‬
‫يغفر لو ذنوبو كلها بعمل صاّب عملو‪.‬‬
‫كمن قاعدة السنة أف هللا تعأب يغفر ذنوب من يشاء ببل توبة فضبل من هللا تعأب كر‪ٞ‬بة‪ ،‬كمن‬
‫فضلو كر‪ٞ‬بتو غفر لو بسبب العمل الذم عملو كترتبو لذلك فيقبلو منو بفضلو كمنتو اىػ‪ .‬كقاؿ‬
‫ُب كتاب ا‪٣‬بصاؿ ا‪٤‬بكفرة للذنوب ا‪٤‬بتقدمة كا‪٤‬بتأخرة‪ :‬كبعد فهذه أحاديث نبوية تتبعتها من كتب‬
‫غريبة كمشهورة ككلها داخلة ‪ٙ‬بت معُب كاحد كىو العمل ٗبا كرد الوعد فيو بغفراف ما تقدـ من‬
‫الذنوب كما أتخر على لساف الصادؽ ا‪٤‬بصدكؽ ملسو هيلع هللا ىلص كقد رتبتها على األبواب ليسهل كشفها‬
‫على الطبلب ك‪٠‬بيتها اب‪٣‬بصاؿ الكفرة للذنوب ا‪٤‬بتقدمة‬

‫كا‪٤‬بتأخرة‪ ،‬كقبل الشركع ُب إيراد ا‪٢‬بديث فقد أردت أف أذكر شيئا من كبلـ األئمة ىناؾ ُب‬
‫جواز كقوع ذلك‪ ،‬فمن ذلك أف األئمة رضي هللا تعأب عنهم تكلموا على قولو ملسو هيلع هللا ىلص ُب أىل بدر‬
‫"أف هللا تعأب اطلع عليهم كقاؿ‪ :‬اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" اب‪١‬بزـ‪ ،‬كالركاية األخرل‪:‬‬
‫"لعل هللا" كقولو‪ :‬اعملوا للتكر‪ٙ‬ب‪ ،‬كا‪٤‬براد أف كل عمل عملو البدرم ال يؤاخذ بو‪ .‬كقيل أف‬
‫أعما‪٥‬بم السيئة تقع مغفورة كأهنا ٓب تقع‪ .‬كقيل أهنم ‪٧‬بفوظوف فبل تقع منهم سيئة‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدخل ُب ىذا ا‪٤‬بعُب ما كرد ُب صوـ يوـ عرفة فإنو يكفر ذنوب سنتْب ا‪٤‬باضية كا‪٤‬بستقبلة‬
‫فهو داؿ على كجود التكفّب قبل كقوع الذنب‪ .‬كمن ذلك ما أخرجو ابن حباف ُب صحيحو عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪394‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عائشة اهنع هللا يضر قالت لرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ادع ٕب‪ ،‬فقاؿ‪" :‬اللهم اغفر لعائشة ما تقدـ من ذنوهبا كما‬
‫أتخر كما أسرت كما أعلنت" ا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫كقاؿ لعمر رضي هللا تعأب عنو‪" :‬غفر هللا لك ما قدمت كما أخرت كما ىو كائن إٔب يوـ القيامة"‬
‫فدعاء ا‪٤‬بعصوـ ملسو هيلع هللا ىلص بذلك لبعض أمتو داؿ على جواز كقوع ذلك‪ ،‬كإذا علم أف هللا تعأب مالك‬
‫كل شيء لو ما ُب السماكات كما ُب األرض كما بينها كما ‪ٙ‬بت الثرل ٓب ٲبنع أف يعطي ما شاء‬
‫‪٤‬بن شاء ذلك فضل هللا يؤتيو من يشاء كهللا ذك الفضل العظيم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كاألحاديث الٍب أكردىا نوردىا إف شاء هللا تعأب آخر الكتاب ُب فصل مكفرات الذنوب‬
‫ىنالك كلكِب أكرد لك أحاديث تبْب لك أف ما أيٌب ذكره ُب الفصل الذم أيٌب بعد ىذا الفصل‬
‫ال ينتقده إال من كاف منتقدا على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ألف األذكار الٍب نذكرىا ىي الٍب ذكر فيها النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ما سيذكر ُب ذلك الفصل كمن قاؿ أف ذلك يوجب األمن من مكر هللا تعأب كما يوجب إال‬
‫من من مكر هللا تعأب ال ينبغي أف يذكركا أنو الكذب فكبلمو متوجو إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ال إلينا‬
‫فنقوؿ كابهلل تعأب‬

‫التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬عن أنس كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ؼ ‪ 6‬م مسّبه فقاؿ‪:‬‬
‫استغفركا فاستغفران فقاؿ‪ :‬أ‪ٛ‬بوىا سبعْب مرة فأ‪ٛ‬بمناىا فقاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم‪":‬ما من عبد كال أمة استغفر هللا سبعْب مرة إال غفر لو سبع مائة ذنب كقد خاب عبد أك‬
‫أمة عمل ُب يوـ كليلة أكثر من سبع مائة ذنب " ركاه ابن أيب الدنيا كالبيهقي كاألصبها٘ب‪.‬‬
‫كركل أبو داككد ُب سننو كالطربا٘ب ُب كتاب الدعاء كأبو يعلى كابن مردكيو عن أيب الدرداء‬
‫رضي هللا تعأب عنو أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪":‬أات٘ب آت من ريب فقاؿ‪{ :‬من يعمل سوء أك يظلم‬
‫نفسو ٍب يستغفر هللا ٯبد هللا غفورا} رحيما كقد كانت شقت عليهم اآلية الٍب قبلها من يعمل‬
‫سوء ٯبز بو فأردت أف أبشر أصحايب قاؿ‪ :‬قلت اي رسوؿ هللا كإف زٗب كإف سرؽ ٍب استغفر غفر‬
‫لو؟ قاؿ‪ :‬نعم قلت اي رسوؿ هللا‪ :‬كإف زٗب كإف سرؽ ٍب استغفر غفر لو؟ قاؿ‪ :‬نعم ٍب قلت‪ :‬اي‬
‫رسوؿ هللا كإف زٗب كإف سرؽ؟ قاؿ‪ :‬نعم على رغم أنف عوٲبر ٍب قاؿ‬
‫كعب بن ذىل‪ :‬كأان رأيت أاب الدرداء يضرب أنف نفسو‪ .‬كركل بن جرير كابن ا‪٤‬بنذر من طريق‬
‫عن ابن عباس ُب قولو تعأب‪{ :‬كمن يعمل سوء أك يظلم نفسو ٍب يستغفر هللا ٯبد هللا غفورا‬
‫رحيما} قاؿ‪ :‬أخرب هللا عباده ٕبلمو كعفوه ككرمو كسعة ر‪ٞ‬بتو كمغفرتو فمن أذنب ذنبا صغّبا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪395‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاف أك كبّبا ٍب استغفر هللا ٯبد هللا غفورا رحيما كلو كانت ذنوبو أعظم من السماكات كاألرض‬
‫كا‪١‬بباؿ‪.‬‬
‫كركل الطربا٘ب مرفوعا‪ :‬من صلى صبلة كاحدة صلى هللا تعأب عليو عشرا كمن صلى علي عشرا‬
‫ص ‪ٔ 3‬ب هللا تعأب عليو مائة مرة كمن صلى مائة مرة كتب هللا تعأب بْب عينية براءة من النفاؽ‬
‫كبراءة من النار كاسكنو هللا يوـ القيامة مع الشهداء‪ .‬كركل الَبمذم عن ابن مسعود قاؿ النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص إف أكٔب الناس يب يوـ القيامة أكثرىم علي صبلة‪.‬‬

‫‪,‬اخرج البزار عن أيب ىريرة عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬قاؿ هللا تبارؾ كتعأب عمودا من نور بْب يدم‬
‫العرش فإذا قاؿ العبد ال إلو إال هللا اىتز ذلك العمود فيقوؿ هللا تبارؾ كتعأب‪ :‬اسكن فيقوؿ‬
‫كيف أسكن كٓب تغفر لقائلها؟ فيقوؿ قد غفرت لو فيسكن عند ذلك‪ .‬كعن أنس قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬إذا قاؿ العبد ا‪٤‬بسلم ال إلو إال هللا خرقت السماكات حٌب تقف بْب يدم هللا عز كجل‬
‫فيقوؿ هللا عز كجل‪ :‬اسكِب فتقوؿ‪ :‬كيف أسكن كٓب تغفر لقائلها فيقوؿ هللا عز كجل‪ :‬ما‬
‫أجريتها على لسانو إال كقد غفرت لو ركاه أبو منصور‬
‫الديلمي ُب مسند الفردكس‪ ،‬قولو خرقت أم قطعت كجاكزت‪ .‬كُب الفردكس عن أيب سعيد‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪":‬مكتوب على ابب ا‪١‬بنة ال إلو إال هللا ال أعذب‬
‫من قا‪٥‬با "‪ .‬كعن عمر قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إ٘ب ألعلم كلمة ليقو‪٥‬با عبد حقا من قلبو‬
‫فيموت على ذلك إال حرـ هللا جسده على النار ركاه ا‪٢‬باكم‪.‬‬
‫كركل الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء عن عبد الر‪ٞ‬بن بن ‪٠‬برة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬رأيت رجبل‬
‫من أمٍب انتهى إٔب أبواب ا‪١‬بنة فغلقت األبواب دكنو فجاءت شهادة أف ال إلو إال هللا فأخذت‬
‫بيده كأدخلتو ا‪١‬بنة "‪ .‬كعن ابن عمر قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ليس على أىل ال إلو إال هللا‬
‫كحشة ُب قبورىم كال منشرىم ككأ٘ب أنظر إٔب أىل ال إلو إال هللا كىو ينفضوف الَباب عن‬
‫رؤكسهم كيقولوف ا‪٢‬بمد هلل الذم أذىب عنا ا‪٢‬بزف "‪.‬‬

‫كُب ركاية‪ ":‬ليس على أىل ال إلو إال هللا كحشة عند ا‪٤‬بوت كال عند القبور " ركاه الطربا٘ب‬
‫كالبيهقي‪ .‬كركل أبو منصور الديلمي كقاؿ متصل اإلسناد عن أيب ىريرة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬حضر ملك ا‪٤‬بوت رجبل فنظر ُب كل عضو من أعضائو فلم ٯبد لو حسنة ٍب شق عن قلبو‬
‫فلم ٯبد شيئا ٍب فك ‪٢‬بييو فوجد طرؼ لسانو الصقا ٕبنكو يقوؿ ال إلو إال هللا فقاؿ‪ :‬كجبت‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪396‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لك ا‪١‬بنة بقولك كلمة إخبلص " انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كسيأٌب ُب فصل فضائل األذكار البلزمة كفصل فضائل الغّب البلزمة كفصل مكفرات‬
‫الذنوب من األحاديث كثّب ‪٩‬با يؤيد ىذا ا‪٤‬بقدـ كإذا ‪ٙ‬بر ىذا كفهمتو كأعطيتو حقو من التأمل‬
‫ظهر لك ظهورا ال غبار عليو أ٭با سنورده ُب الفصل الذم بعد ىذا الفصل ال ينتقد إال من يريد‬
‫االنتقاد على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص الصادؽ ا‪٤‬بصدكؽ ملسو هيلع هللا ىلص ال علينا ألف الفضائل الٍب سنذكرىا ُب ذلك‬
‫الفصل لذاكر أذكار طريقتنا ىذه ىي الٍب ذكر فيها النيب ملسو هيلع هللا ىلص ما ‪٠‬بعتو من األحاديث ا‪٤‬بتقدمة‬
‫قريبا كمن قاؿ إف ذلك يوجب إال‬
‫من مكر هللا كما يوجب ذلك ال ينبغي أك قاؿ إنو كذب أك جنوف فكبلمو متوجو إٔب النيب‬
‫ا‪٤‬بعصوـ ملسو هيلع هللا ىلص كحينئذ فقد اسَبحنا لكفره ككذا ا‪٤‬بستهزئ الذم يقوؿ أنظركا إٔب الذين دخلوا‬
‫ا‪١‬بنة أك الذين جاكزكا الصراط كالذين غفر هللا ‪٥‬بم ‪ٝ‬بيع ذنوهبم أك الذين صاركا أكلياء هللا‬
‫الستهزائهم بشعائر الدين كآبايت هللا كأبحاديث رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ تعأب‪{ :‬قل أابهلل كآايتو‬
‫كرسولو كنتم تستهزءكف ال تعتذركا قد كفرًب بعد إٲبانكم} كأما ‪٫‬بن معاشر فقراء الطريقة‬
‫األ‪ٞ‬بدية احملمدية فبل كبلـ لنا معهم إذ ال‬

‫يتوجو شيء من كبلمهم إلينا ألان ال أنمن من مكر هللا ككيف أنمن كعدـ األمن من مكر هللا‬
‫تعأب شرط الزـ ُب طرقتنا ىذه كمن خالف كأمن ينسلخ عنها كال ٲبوت إال كافرا كالعياذ ابهلل‬
‫تعأب أنظر الفصل الثا٘ب كالثبلثْب من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ إف قيل بقي عليك إيراداف األكؿ‪ :‬من‬
‫مقتضى كبلـ شيخكم أنو علم أنو مأموف العاقبة كإف عاقبتو ال تتغّب كالوٕب ال يبلغ ذلك ا‪٤‬بقاـ‪.‬‬
‫الثا٘ب‪ :‬إان نرل ‪٩‬بن أحب الشيخ التجا٘ب كأىل طريقتو كأكراده كٓب تر فيهم الوالية كذلك يدؿ‬
‫على أف ما قيل‪ :‬كل من أحبو كأخذ طريقتو ال ٲبوت حٌب يكوف كليا قطعا ابطل‪ .‬قلت‪ :‬كىذاف‬
‫اإليراداف مردكداف على موردٮبا كداالف على أنو من ا‪١‬بهلة ألف ساداتنا األكلياء كالعلماء نصوا‬
‫على أف الوٕب قد يكوف مأموف العاقبة كأنو ال تتغّب عاقبتو كقد يعلم ذلك كعلى أف الوٕب ال‬
‫يشَبط ُب كونو كليا أف يعلم أنو كٕب بل ٯبوز أف يعلم الوٕب أنو كٕب كقد ٯبهلو‪ ،‬كقد يشَبط أيضا‬
‫ُب كونو كليا أف تكوف لو كرامة ظاىرة كإذا كاف الوٕب نفسو ٯبهل‬
‫أنو كٕب فكيف ٰبكم بعدـ كاليتو غّبه أنو كٕب‪ .‬قاؿ اإلماـ أبو القاسم القشّبم رضي هللا تعأب‬
‫عنو ُب رسالتو‪ :‬كاختلف أىل ا‪٢‬بق ُب الوٕب ىل ٯبوز أف يعلم أنو كٕب أـ ال‪ ،‬فكاف اإلماـ أبو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪397‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بكر بن فورؾ يقوؿ‪ :‬ال ٯبوز ذلك ألنو يسلبو ا‪٣‬بوؼ كيوجب لو األمن‪ ،‬ككاف األستاذ أبو علي‬
‫الدقاؽ يقوؿ ٔبوازه كىو الذم نؤثره كنقوؿ بو كليس ذلك بواجب ُب ‪ٝ‬بيع األكلياء حٌب يكوف‬
‫كوف كل كٕب يعلم أنو كٕب كاجبا لكن ٯبوز أف يعلم بعضهم ذلك كما ٯبوز أف ال يعلم بعضهم‪.‬‬

‫فإذا علم بعضهم أنو كٕب كانت معرفتو كرامة لو انفرد هبا كليس كل كرامة لوٕب ٘بب أف تكوف‬
‫تلك بعينها ‪١‬بميع األكلياء‪ ،‬بل لو ٓب تكن للوٕب كرامة ظاىرة ٓب يقدح عدمها بكونو كليا ٖببلؼ‬
‫األنبياء فإنو ٯبب أف تكوف ‪٥‬بم معجزات ألف النيب مبعوث إٔب ا‪٣‬بلق فللناس حاجة إٔب معرفة‬
‫صدقو كال يعلم إال اب‪٤‬بعجزة كبعكس ذلك حاؿ الوٕب فإنو ليس بواجب على ا‪٣‬بلق كال على‬
‫الوٕب أيضا العلم أبنو كٕب كالعشرة من أصحابو صدقوا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فيما أخربىم بو من أهنم‬
‫من أىل ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ككذا شيخنا كسيدان ككسيلتنا إٔب ربنا أ‪ٞ‬بد بن دمحم رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‬
‫صدؽ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص فيما أخربه بو من أنو ىو ك‪ٝ‬بيع أحبابو كأىل طريقتو من أىل ا‪١‬بنة‪ ،‬ك‪٫‬بن‬
‫معاشر الفقراء األ‪ٞ‬بدية احملمدية التجانية صدقنا كذلك كهلل ا‪٢‬بمد‪ .‬قاؿ اإلماـ أبو القاسم‬
‫القشّبم رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كقوؿ من قاؿ‪ :‬ال ٯبوز ذلك ألنو ٱبرجهم من ا‪٣‬بوؼ فبل أبس أف‬
‫ٱبافوا تغّب العاقبة‪ ،‬كالذين ٯبدكف ُب قلوهبم من ا‪٥‬بيبة كالتعظيم كاإلجبلؿ للحق سبحانو يزيد‬
‫كيرقى على كثّب من ا‪٣‬بوؼ‪ ،‬كقاؿ بعد كبلـ‪ :‬ٯبوز أف يكوف‬
‫من جهة كرامات كٕب أف يعلم أنو مأموف العاقبة كأنو ال تتغّب عاقبتو فتلحق ىذه ا‪٤‬بسألة ٗبا‬
‫ذكران أف الوٕب ٯبوز أف يعلم أنو كٕب اىػ‪ .‬كُب اإلبريز‪ :‬أف ابن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي هنع هللا يضر قاؿ ُب‬
‫الفتوحات ا‪٤‬بكية ُب الباب الرابع كالستْب كثبل‪ٜ‬بائة‪ :‬أف الوٕب إذا نزؿ عليو ا‪٤‬بلك فقد أيمره‬
‫ابالتباع كٱبربه بصحة حديث ضعفو العلماء‪ ،‬كقد ينزؿ عليو ابلبشرل من هللا تعأب كأنو من أىل‬
‫السعادة كاألماف كما قاؿ تعأب‪٥{ :‬بم البشرل ُب ا‪٢‬بياة الدنيا كُب اآلخرة} اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ الشيخ الشعرا٘ب ُب كشف ا‪٢‬بجاب كالراف على كجو أسئلة ا‪١‬باف‪ :‬كسألو٘ب‪ :‬أٲبا أفضل‬
‫األكلياء عندكم؟ من كاف كثّب الكرامة أك من كاف قليلها‪ ،‬فأجبتهم‪ :‬الفضيلة ‪٥‬با جهتاف‪ :‬جهة‬
‫تتعلق ابلوٕب كجهة تتعلق أبىل عصره‪ ،‬فجهة الوٕب ُب نفسو أف يكوف على الكتاب كالسنة ال‬
‫ٱبرج عنهما قيد شرب‪ ،‬كأما جهة أىل عصره فإنو كلما كثر تكذيبهم لو كثرت كرامتو‪ ،‬فأكثر‬
‫األكلياء كرامة من كثر تكذيب قومو لو‪ ،‬كأقلهم كرامة من كثر تصديق قومو لو‪ ،‬ألف الرسوؿ إ٭با‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪398‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يبعث إلقامة ا‪٢‬بجة على أىل الضبلؿ ككذلك أتباعو من األكلياء كمن ىداه هللا ال‬
‫يتوقف ُب إجابة الداعي إٔب حضرتو على ظهور كرامة أبدا‪ .‬قد أنشدكا ُب الكرامات‪ :‬بعض‬
‫الرجاؿ يرل كوف الكرامات *** دليل حق على نيل ا‪٤‬بقامات كأهنا غّب بشرل قد أتتك هبا ***‬
‫رسل ا‪٤‬بهيمن من فوؽ السماكات كعندان فيو تفصيل إذا علمت *** بو ا‪١‬بماعة ٓب تفرح آبايت‬
‫كيف السركر كاالستدراج يصحبها *** ُب حق قوـ ذكم جهل كآفات كليس يدركف حقا أهنم‬
‫جهلوا *** كذا إذا كاف من أقول ا‪١‬بهاالت كما الكرامة إال عصمة كجدت *** ُب حق قوـ‬
‫أبفعاؿ كنيات تلك الكرامة ال تبغي بو بدال *** كاحذر من ا‪٤‬بكر ُب طي الكرامات كأنشدكا‪:‬‬
‫ترؾ الكرامة‬
‫ال يكوف دليبل *** فا‪٠‬بع لقوٕب فهو أقوـ قيبل أف الكرامة قد يكوف كجودىا *** ‪٢‬بظ ا‪٤‬بكرـ ٍب‬
‫ساء سبيبل فاحرص على العلم الذم كلفتو *** ال تتخذ غّب اإللو بديبل سَب الكرامة كاجب‬
‫متحقق *** عند الرجاؿ فبل تكن ‪٨‬بذكال كظهورىا ُب ا‪٤‬برسلْب فريضة *** كهبا تنزؿ كحيو تنزيبل‬
‫كإيضاح ذلك‪ :‬أف الوٕب يدعو إٔب هللا تعأب بشرع صحيح اثبت قد تقرر قلبو من غّبه من‬
‫النبيْب كالنيب يدعو إٔب هللا تعأب بشرع غريب قد أتى بو ٓب يتقدمو أحد من أىل عصره فاحتاج‬
‫إٔب ظهور ا‪٤‬بعجزات الدالة على صدقو كصحة ما جاء بو اىػ‪.‬‬

‫كقاؿ ُب فرائد الفوائد‪ :‬كقد يفَبقاف يعِب ا‪٤‬بعجزة كالكرامة أيضا ُب أف داللة ا‪٤‬بعجزة على النبوة‬
‫قطعية كأف النيب يعلم أنو نيب‪ ،‬كالكرامة ظنية كال يعلم مظهرىا أك من ظهرت على يده أنو كٕب‪.‬‬
‫كقد قاؿ القشّبم‪ :‬الذم نقوؿ بو جواز علم الوٕب بواليتو كتكوف معرفتو تلك كرامة ظاىرة ُب‬
‫حقو إذا أطلعو هللا تعأب على ما كىبو كىذا ىو الراجح كعليو ‪ٝ‬باىّب العلماء‪ .‬قاؿ ابن فورؾ‪:‬‬
‫ال ٯبوز أف يعلم أنو كٕب ألف ذلك يسلبو ا‪٣‬بوؼ كيوجب لو األمن فهذا مذىب ضعيف ألف من‬
‫كاف ابهلل تعأب أعرؼ كاف من هللا تعأب أخوؼ‪.‬‬
‫كقاؿ ابن مغزاؿ ذلك كفاقا أليب علي الدقاؽ كأيب القاسم القشّبم كردا على من انزع ُب ذلك‬
‫أبنو يناُب ا‪٣‬بوؼ ألف التحقيق أف علم الوالية ال يناُب ا‪٣‬بوؼ‪ ،‬أال ترل أف العشرة ا‪٤‬ببشرين‬
‫اب‪١‬بنة عا‪٤‬بوف أبهنم من أىلها مع ذلك كاف عندىم من ا‪٣‬بوؼ ما ال ٰبد اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كمع ‪ٝ‬بيع ما‬
‫تقدـ فإان نطمع بر‪ٞ‬بة من ر‪ٞ‬بتو سبقت الغضب كفيض من ال ٱبص من طلب ك‪٫‬بن كإف كنا‬
‫لسنا أىبل ألف نرحم فربنا الكر‪ٙ‬ب أىل ألف يرحم فكيف ال كقد قوم رجاؤان بقولو تعأب‪{ :‬قل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪399‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل يعمل على شاكلتو} كبقولو تعأب‪{ :‬إف هللا ال يظلم مثقاؿ ذرة كإف تك حسنة‬
‫يضاعفها كيوت من لدنو أجرا عظيما} كاي هلل ا‪٢‬بجب من قوـ هبت يلوموننا ُب حسن ظننا بربنا‬
‫كيطلبوف منا سوء الظن بو بعد ما ‪٠‬بعوا هللا تعأب يقوؿ ُب كتابو‪{ :‬كذلكم ظنكم الذم ظننتم‬
‫بربكم أدراكم فأصبحتم من ا‪٣‬باسرين} كرسولو ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪ ":‬خصلتاف ليس فوقهما شيء من‬
‫الشر سوء الظن ابهلل كسوء الظن بعباد هللا تعأب " أك كما قاؿ ‪٩‬با ىذا معناه‪ :‬كَب كيف ال ‪٫‬بسن‬
‫ظننا ٗبلك كر‪ٙ‬ب يرضى من عبده العمل اليسّب كيثيبو ا‪٣‬بّب الكثّب‪.‬‬

‫كُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬إف هللا ال يظلم مثقاؿ ذرة كإف تك مثقاؿ حبة يضاعفها}‬
‫كعن أيب عثماف النهدم أنو قاؿ أليب ىريرة‪ :‬بلغِب عنك أنك تقوؿ‪٠ :‬بعت رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم يقوؿ‪ ":‬إف هللا تعأب يعطي عبده ا‪٤‬بؤمن اب‪٢‬بسنة الواحدة ألف حسنة قاؿ أبو ىريرة‪:‬‬
‫بل ‪٠‬بعتو يقوؿ‪ ":‬إف هللا تعأب يعطي عبده ا‪٤‬بؤمن ألفي أؼ حسنة ٍب تبل ىذه اآلية‪ٍ .‬ب قاؿ ُب‬
‫السراج‪ :‬كيؤٌب أم يعطي صاحب ا‪٢‬بسنة من لدنو أم من عند هللا تعأب سبيبل التفضل زائدا‬
‫على ما كعد ُب مقابلة العمل أجرا عظيما أم عطاء جزيبل أىػ‪.‬‬
‫كمن أتمل ىذا علم أنو ال ينكر ما سنذكره ُب الفصل الذم بعد ىذا الفصل إال من جهل سعة‬
‫فضل هللا تعأب ككيف ال ‪٫‬بسن ظننا كقد أعلمنا أنو ال يعطي عبدا من عباده األماف ظن بو تعأب‬
‫إف خّبا فخّب كإف شرا فشر ٍب أمر ٕبسن الظن بو بقولو كما ُب ا‪٢‬بديث القدسي‪ :‬أان عند ظِب‬
‫يب فليظن يب خّبا "‪ .‬كُب البحر ا‪٤‬بوركد ُب ا‪٤‬بواثيق كالعهود للشيخ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫أخذ علينا العهود أف ‪٫‬بسن ظننا ُب هللا عز كجل كال نسيء الظن بو كلو فعلنا من معاصي أىل‬
‫اإلسبلـ ما فعلنا كاعلم اي أخي أف حسن الظن ابهلل تعأب ىو ‪٧‬بط رحاؿ‬
‫األكلْب كاآلخرين كلذلك ختمنا بو عهود ىذا الكتاب ا‪٣‬باص اب‪٤‬بريدين‪ ،‬كقد حث ا‪٢‬بق عز‬
‫كجل على حسن الظن بو بقولو ُب ا‪٢‬بديث القدسي‪ " :‬أان عند ظن عبدم يب فليظن يب خّبا "‬
‫كا‪٤‬براد بو العبد ا‪٤‬بسلم دكف الكافر ابإل‪ٝ‬باع كُب ا‪٢‬بديث بشرل عظيمة من هللا عز كجل ألف ُب‬
‫الظن نوع ترجيح إٔب جانب العلم الشامل لذلك الظن ا‪٣‬بّب أك الشر كلكن ا‪٢‬بث تعأب ما كقف‬
‫ىنا ألف ر‪ٞ‬بتو عز كجل سبقت غضبو بل قاؿ سبحانو كتعأب معلما لعباده" فليظن يب خّبا "‬
‫بصيغة األمر فكل مسلم ٓب يظن ابهلل تعأب خّبا فقد عصى أمره سبحانو كتعأب كجهل ما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪400‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يقتضيو ا‪٢‬برـ اإل‪٥‬بي يوـ القيامة حْب يبسط ا‪٢‬بق تعأب بساط الكرـ فتدخل ‪ٝ‬بيع الذنوب ُب‬
‫حواشيو كتقوؿ ا‪٤‬ببلئكة عليهم الصبلة كالسبلـ ما بقي لغضب ربنا موضع‪ .‬لكن ىنا دقيقة كىي‬
‫أف ا‪٤‬براد من حصوؿ حسن الظن إ٭با ىو حالة طلوع الركح ألف ا‪٢‬بكم ‪٥‬با كىو أمر مغيب عنا ال‬
‫نعرؼ ىل نوُب بو أـ ال‪ ،‬كأما قبل طلوع الركح فبل مدار عليو كإف كاف ‪٧‬بمودا أيضا‪ .‬كمن ىنا‬
‫خاؼ األكابر من سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة كالعياذ ابهلل تعأب فافهم‪ ،‬فعلم أف الواجب على كل مسلم دكاـ‬
‫حسن الظن ليبل كهنارا فإنو عنواف السعادة لكن يكوف ذلك ٗبيزاف الشريعة‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فإف قبل أف بعض العلماء يقوؿ إف ترجيح جانب الرجاء كحسن ال يؤمر بو العبد إال إذا‬
‫كاف ‪٧‬بتضرا كإال فَبجيح جانب ا‪٣‬بوؼ أكٔب ُب حقو فا‪١‬بواب أان نقوؿ أف الوفاة حاضرة عند‬
‫العبد ُب كل نفس من أنفاسو كليس ىو على يقْب من ا‪٢‬بياة نفسا كاحدا فهو ‪٧‬بتضر حينئذ‬
‫على الدكاـ فبل ٯبوز لو سوء الظن ابهلل تعأب أبدا ُب نفس من األنفاس الحتماؿ أف يكوف ذلك‬
‫النفس ىو آخر العمر فتخرج على تلك ا‪٢‬بالة فيلقى ربو كىو ظاف بو السوء فيجِب ‪ٜ‬برة ذلك‬
‫من أنواع العقوابت كا‪٣‬بزم ُب الربزخ يوـ القيامة نسأؿ هللا تعأب العافية فيما يعود‬
‫على العبد إال ظنو بربو عز كجل إف خّبا فخّب كإف شرا فشر‪ ،‬فعلم أف من ظن بربو عز كجل‬
‫خّبا فإنو يشاىد من كرمو سبحانو كتعأب ما ٓب ٱبطر لو على ابؿ‪ .‬قاؿ الشعرا٘ب‪ :‬فإف ظننت أنو‬
‫ال يضيعك ُب الدنيا كال يكلك إٔب نفسك طرفة عْب فعل‪ ،‬كإف ظننت بو أنو يوُب عنك ما‬
‫عليك من حقوؽ العباد ُب األمواؿ كاألعراض كال يؤاخذؾ ٕبقوقو تعأب فعل‪ ،‬كإف ظننت بو أنو‬
‫ٲبيتك على التوحيد ككماؿ اإلٲباف كاألحواؿ فعل‪ ،‬كإف ظننت أنو ال يفتنك ُب قربؾ بل يلقنك‬
‫حجتك فعل‪ ،‬كإف ظننت بو أنو ال يريك أىواؿ يوـ القيامة بل تقوـ من قربؾ فَبكب على‬

‫براؽ أعمالك إٔب ا‪١‬بنة فعل‪ ،‬كإف ظننت بو أنو ال ٰباسبك على شيء كال يسألك عن تقصّب‬
‫فعل‪ ،‬كإف ظننت بو أنو يثبت قدميك على الصراط كال يوقعك ُب انر جهنم فعل‪ ،‬كإف ظننت بو‬
‫أنو يدخلك ا‪١‬بنة بر‪ٞ‬بتو كيعطيك فيها ما ال عْب رأت كال أذف ‪٠‬بعت كال خطر على قلب بشر‬
‫فعل فا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب اىػ كبلـ الشعرا٘ب رضي هللا تعأب عنو‪.‬‬
‫انظر أخي ر‪ٞ‬بك هللا تعأب كأتمل مناسبة ىذا الكبلـ ٗبا سَباه مذكورا ُب الفصل الذم بعد ىذا‬
‫الفصل كأتملو راشدا تعلم أنو ال ينكر ما فيو إال احملركموف بسوء ظنهم برهبم كسوء أدهبم بنبيهم‬
‫كسوء أدهبم أبكلياء هللا تعأب كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪401‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثامن كالثبلثوف‬

‫ُب فضل ا‪٤‬بتعلقْب بو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أبم كجو من كجوه التعلقات كما أعد‬
‫هللا تعأب ‪٥‬بم‪ ،‬كفضل األذكار البلزمة للطريقة‪ ،‬كما أعد هللا لتاليها على اإل‪ٝ‬باؿ‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم اي أخي كفقنا هللا تعأب كإايؾ‬
‫‪٤‬با ٰببو كيرضاه أف أىل ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية التجانية ‪٧‬ببوبوف‬
‫مقبولوف على أم حالة كانوا ما ٓب ينسلخوا عنها كٓب يلبسوا حلة األماف من مكر هللا تعأب‪ .‬كقد‬
‫أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب رضي هللا تعأب عنو أف كاحدا من أصحاب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كاف جالسا ُب مسجد من مساجد فاس صاهنا هللا تعأب من كل أبس ككاف ٔبانبو كاحد من‬
‫الفقهاء فقاؿ لصاحب الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إنكم تعمركف‬

‫ا‪٤‬بساجد أببدانكم كال تعمركهنا بقلوبكم فقاؿ لو صاحب الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو‪٫ :‬بن ‪٧‬ببوبوف مقبولوف على أم حالة كنا فخاؼ من ىذه القولة كرجع إٔب الشيخ رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو خائفا كجبل مشفقا على نفسو كذكر لو القصة كلها‪ ،‬فقاؿ لو رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬نعم أنتم ‪٧‬ببوبوف مقبولوف على أم حالة كنتم‪ ،‬فهبل قلت لو‪٫ :‬بن‬
‫‪٧‬ببوبوف مقبولوف على أم حالة كنا على رغم أنوفكم‪.‬‬
‫كقد تقدـ أف بعض من لقيو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أخرب٘ب أنو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو ما تنزؿ إلفادة ا‪٣‬بلق بعدما أمره جده رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بذلك إال بعد قولو للنيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إف كنت اباب لنجاة كل عاص مسرؼ على نفسو تعلق يب فنعم كإال فأم فضل ٕب؟ فقاؿ لو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أنت ابب لنجاة كل عاص تعلق بك كحينئذ طابت نفسو لذلك‪.‬‬
‫كأخرب٘ب سيدم دمحم الغإب أبو طالب الشريف ا‪٢‬بسِب التجا٘ب أنو سأؿ الشيخ التجا٘ب رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو عن سبب الفضل الذم كاف ُب أذكاره‪ ،‬فقاؿ لو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬ألجل انتهى‪ .‬كىذا ظاىر لكل من عرؼ هللا تعأب أكقعو ُب دائرة الفضيلة الٍب‬
‫تقدـ ذكرىا كعرؼ أهنا دائرة أىل طريقتنا‪ ،‬كإذا فهمت ىذا اي أخي فاعلم كفقِب هللا كإايؾ لنيل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪402‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىذا ا‪٣‬بّب العظيم كالفوز العميم إف هللا تعأب بفضلو ككرمو تفضل على ا‪٤‬بتعلقْب هبذا القطب‬
‫ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ أبمور ضمنها ‪٥‬بم جده ك‪٧‬ببو كحبيبو سيد‬

‫الوجود كعلم الشهود سيدان كموالان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص يقظة ال مناما كأكثر تلك األمور ال ٰبل ذكره كال‬
‫إفشاؤه كال يرل كال يعرؼ إال ُب اآلخرة‪ .‬كذكر رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو منها جلة‬
‫كافية يستبشر هبا ا‪٤‬بعتقد على رغم أنف ا‪٤‬بنتقد‪ ،‬فلذلك أرادان أف نذكر منها ىنا ما يسعنا ذكره‬
‫ك٭بسك عن ما ينبغي كتمو‪ ،‬فالٍب رأينا أف نذكر منها تسعا كثبلثْب فضيلة‪ ،‬أربعة عشر منها‬
‫‪ٙ‬بصل ‪١‬بميع من تعلق بو ابلتسليم كاالعتقاد كتعظيمو ك‪٧‬ببتو كترؾ االعَباض عليو كاالنتقاد‬
‫كحبة أىل طريقتو كاحَبامهم كتعظيمهم كعدـ إذايتهم‪،‬‬
‫كالبقية ٱبتص هبا أىل طريقتو ا‪٤‬بتمسكوف أبكراده‪ .‬فلنبدأ ابلقسم األكؿ فنقوؿ‪ :‬األكٔب أف جده‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ضمن ‪٥‬بم أف ٲبوتوا على اإلٲباف كاإلسبلـ‪ ،‬كالثانية أف ٱبفف هللا تعأب عنهم سكرات ا‪٤‬بوت‪،‬‬
‫كالثالثة ال يركف ُب قبورىم إال ما يسرىم‪ ،‬كالرابعة أف يؤمنهم هللا تعأب من ‪ٝ‬بيع أنواع عذابو‬
‫ك‪ٚ‬بويفو ك‪ٝ‬بيع الشركر من ا‪٤‬بوت إٔب ا‪٤‬بستقر ُب ا‪١‬بنة‪ ،‬كا‪٣‬بامسة أف يغفر هللا تعأب ‪٥‬بم ‪ٝ‬بيع‬
‫ذنوهبم ما تقدـ منها كما أتخر‪ ،‬كالسادسة أف يؤدم هللا تعأب عنهم ‪ٝ‬بيع تبعاهتم كمظا‪٤‬بهم من‬
‫خزائن فضلو عز كجل ال من حسناهتم‪،‬‬
‫كالسابعة أف ال ٰباسبهم هللا تعأب كال يناقشهم كال يسأ‪٥‬بم عن القليل كالكثّب يوـ القيامة‪،‬‬
‫كالثامنة أف يظلهم هللا تعأب ُب ظل عرشو يوـ القيامة‪ ،‬كالتاسعة أف ٯبيزىم هللا تعأب على الصراط‬
‫أسرع من طرفة عْب على كواىل ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كالعاشرة أف يسقيهم هللا تعأب من حوضو ملسو هيلع هللا ىلص يوـ‬
‫القيامة‪ ،‬كا‪٢‬بادية عشرة أف يدخلهم هللا تعأب ا‪١‬بنة بغّب حساب كال عقاب ُب أكؿ الزمرة األكٔب‪،‬‬
‫كالثانية عشرة أف ٯبعلهم هللا تعأب مستقرين ُب ا‪١‬بنة ُب عليْب من جنة الفردكس كجنة عدف‬
‫كسبب ضمانو ملسو هيلع هللا ىلص كل ما ذكر رضي‬

‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ‪٤‬با رأل ما صدر لو من جده ملسو هيلع هللا ىلص من احملبة كصرح لو هبا تذكر‬
‫أصحابو كمن كصلو إحساهنم كأىل طريقتو ككتب كتااب كطلب فيو لنفسو ك‪٥‬بم كلغّبىم ‪٩‬بن ال‬
‫أطيل بذكرىم ‪ٝ‬بيع ىذه ا‪٤‬بطالب كجعلو ُب يد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فلما نظر ملسو هيلع هللا ىلص إٔب ا‪٤‬بكتوب أجاب‬
‫أبنو ملسو هيلع هللا ىلص ضمن لو ‪ٝ‬بيع ما طلب‪ ،‬كقد طلب ‪ٝ‬بيع ىذه ا‪٤‬بطالب أيضا منو ملسو هيلع هللا ىلص بغّب كتاب‬
‫مشافهة كضمن لو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٝ‬بيع ما طلب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪403‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كزبدة السؤاؿ‪ :‬أسأؿ من فضل سيدان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف يضمن ٕب ‪ٝ‬بيع ىؤالء أف أموت أان‬
‫ككل حي منهم على اإلٲباف كاإلسبلـ كأف يؤمننا هللا تعأب ك‪ٝ‬بيعهم من ‪ٝ‬بيع عذابو كعقابو‬
‫كهتويلو ك‪ٚ‬بويفو كرعبو ك‪ٝ‬بيع الشركر من ا‪٤‬بوت إٔب ا‪٤‬بستقر ُب ا‪١‬بنة كأف يغفر ٕب ك‪١‬بميعهم ‪ٝ‬بيع‬
‫ما تقدـ كما أتخر كأف يؤدم عنا كعنهم ‪ٝ‬بيع تبعاتنا كتبعاهتم ك‪ٝ‬بيع مظا‪٤‬بنا كمظا‪٤‬بهم من خزائن‬
‫هللا عز كجل ال من حسناتنا كحسناهتم كأف يوفقنا عز كجل ك‪ٝ‬بيعهم من ‪ٝ‬بيع ‪٧‬باسبتو كمناقشتو‬
‫كسؤالو عن القليل كالكثّب يوـ القيامة كأف يظلِب هللا‬
‫تعأب ك‪ٝ‬بيعهم ُب ظل عرشو يوـ القيامة كأف ٯبيز٘ب ريب ككل كاحد من ا‪٤‬بذكورين على الصراط‬
‫أسرع من طرفة عْب على كواىل ا‪٤‬ببلئكة كأف يسقيِب هللا تعأب كإايىم من حوض سيدان دمحم‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يوـ القيامة كأف يدخلِب ريب ك‪ٝ‬بيعهم ا‪١‬بنة ببل حساب كال عقاب ُب أكؿ الزمرة األكٔب كأف‬
‫ٯبعلِب ريب ك‪ٝ‬بيعهم مستقرين ُب ا‪١‬بنة ُب عليْب من جنة الفردكس كمن جنة عدف كأسأؿ سيدان‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابهلل تعأب أف يضمن ٕب ك‪١‬بميع الذين ذكرهتم ُب ىذا الكتاب ‪ٝ‬بيع ما طلبت من‬
‫هللا ٕب ك‪٥‬بم ُب ىذا الكتاب بكمالو كلو‬

‫ضماان يوصلِب ك‪ٝ‬بيع الذين ذكرهتم ُب ىذا الكتاب لكل ما طلبت من هللا ٕب ك‪٥‬بم ُب ىذا‬
‫الكتاب كالسبلـ‪ .‬فأجاب ملسو هيلع هللا ىلص بقولو الشريف‪ :‬كل ما ُب ىذا الكتاب ضمنتو لك ضماان ال‬
‫يتخلف عنك كعنهم أبدا إٔب أف تكوف أنت ك‪ٝ‬بيع من ذكرت ُب جوارم ُب أعلى عليْب‬
‫كضمنت لك ‪ٝ‬بيع ما طلبت ضماان ال يتخلف عليك الوعد فيو كالسبلـ‪.‬‬
‫ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كىذا كلو كقع يقظة ال مناما ٍب قاؿ‪ :‬أنتم ك‪ٝ‬بيع األحباب ال‬
‫‪ٙ‬بتاجوف إٔب رؤيٍب إ٭با من ٰبتاج إٔب رؤيٍب من ٓب يكن حبيبا كال أخذ عِب ذكرا كال أكلت طعامو‬
‫كأما ىؤالء فقد ضمنهم ٕب ببل شرط رؤية مع زايدة أهنم معي ُب عليْب كال ظاف أف عليْب كعموـ‬
‫ا‪١‬بنة على حد سواء بل النسبة بينهما أف لو خرجت حبة عنب أك غّبىا من الثمار الٍب ُب ا‪١‬بنة‬
‫األكٔب إٔب الدنيا فضبل عن ا‪٢‬بور العْب ألطفأت نور الشمس كلو خرجت حبة عنب أك غّبىا‬
‫من ا‪١‬بنة الثانية إٔب األكٔب ألطفأت ‪ٝ‬بيع أنوارىم كفتنتهم كىكذا إٔب أف‬
‫ذكرا سبعة رضي هللا تعأب عنو كالفردكس ىي السابعة كعليوف فوؽ الفردكس كلو خرجت حبة‬
‫عنب أك غّبىا إٔب الفردكس ألطفأت ‪ٝ‬بيع أنوارىم كفتنتهم عن كل ما عندىم كعليوف مقاـ‬
‫األنبياء كأكابر األكلياء من ىذه األمة كمن اىتدل من األمم السابقة من غّب نبوة من عداىم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪404‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فاعرؼ النسبة بْب عليْب كا‪١‬بنات كقس عليو كل ما خلق هللا تعأب ُب ا‪١‬بنة من حور كقصور‬
‫كغّبىا فإذا أتملت ىذا عرفت قدر درجة عليْب ُب ا‪١‬بنات كأم نسبة بينها كبْب ا‪١‬بنات كقد‬
‫تفضل ٕب ملسو هيلع هللا ىلص حٌب ضمن ٕب دخوؿ من ذكرهتم إليهم ببل حساب كال عقاب‬

‫كاستقرارىم فيها كأما من رآ٘ب فقط فغايتو أف يدخل ا‪١‬بنة بغّب حساب كال عقاب كال مطمع لو‬
‫ُب عليْب إال أف يكوف ‪٩‬بن ذكرهتم كىم أحبابنا كمن أحسن إلينا كمن أخذ عنا ذكرا فإنو يستقر‬
‫ُب عليْب معنا كقد ضمن ‪٥‬بم ىذا بوعد صادؽ ال خلف فيو إال أ٘ب استثنيت من عادا٘ب بعد‬
‫احملبة كاإلحساف فبل مطمع لو ُب ذلك فإف كنتم متمسكْب ٗبحبتنا فأبشركا ٗبا أخربتكم بو فإنو‬
‫كاقع ‪١‬بميع األحباب قطعا‪ ،‬كالثالثة عشر‪ :‬أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص ٰبب كل من كاف ‪٧‬ببا لو رضي هللا تعأب‬
‫عنو‪ ،‬كالرابعة عشرة‪ :‬أف ‪٧‬ببو هنع هللا يضر ال ٲبوت حٌب‬
‫يكوف كليا قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬قد أخرب٘ب سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص أف كل من‬
‫أحبِب فهو حبيب للنيب ملسو هيلع هللا ىلص كال ٲبوت حٌب يكوف كليا قطعا‪ ،‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو‪ :‬قاؿ ٕب سيد الوجود أنت من اآلمنْب كمن أحبك من اآلمنْب أنت حبييب كمن أحبك‬
‫حبييب ككل من أخذ كردؾ فهم ‪٧‬برر من النار‪ .‬كقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬أبشركا أف كل من كاف ُب ‪٧‬ببتنا إٔب‬
‫أف مات عليها يبعث من اآلمنْب على أم حالة كاف ما ٓب يلبس حلة األماف من مكر هللا‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كأما من كاف ‪٧‬ببا كٓب أيخذا الورد فبل ٱبرج من الدنيا‬
‫حٌب يكوف من األكلياء‪ .‬فلنجعل ىذا آخر القسم األكؿ كنشرع ُب ما اختص بو أىل طريقتو‬
‫ا‪٤‬بتمسكوف أبذكاره فنقوؿ‪ :‬كا‪٣‬بامسة عشر أف أبوم آخذم كرده كأزكاجو كذريتو يدخلوف ا‪١‬بنة‬
‫بغّب حساب كال عقاب مع أف أحدا منهم ٓب يكن لو تعلق بو بوجو من كجوه التعلقات كإ٭با انلوا‬
‫ىذا الفضل العظيم كا‪٣‬بّب ا‪١‬بسيم بسبب ىذا اآلخذ ا‪٤‬بتمسك أبذكاره اللهج هبا قاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كمن أخذ عِب الورد ا‪٤‬بعلوـ الذم ىو الزـ‬

‫للطريقة أك عن من أذنتو يدخل ا‪١‬بنة ىو ككالداه كأزكاجو كذريتو ا‪٤‬بنفصلة عنو كال ا‪٢‬بفدة ببل‬
‫حساب كال عقاب بشرط أال يصدر منهم سب كال بغض كال عداكة كيداكـ ‪٧‬ببة الشيخ ببل‬
‫انقطاع إٔب ا‪٤‬بمات ككذا مداكمة الورد إٔب ا‪٤‬بمات ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قلت لرسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ىذا الفضل ىل ىو خاص ٗبن أخذ عِب الذكر مشافهة أك ىو لكل من أخذه كلو بواسطة؟‬
‫فقاؿ ٕب‪ :‬كل من أذنتو كأعطى لغّبه فكأ٭با أخذ عنك مشافهة كأان ضامن ‪٥‬بم كىذا الفضل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪405‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫شامل ‪٤‬بن تبل ىذا الورد سواء رآ٘ب أك ٓب ير٘ب‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل من أخذ كردان يبعث من اآلمنْب كيدخل ا‪١‬بنة‬
‫بغّب حساب كال عقاب ىو ككالداه كأزكجو كذريتو ا‪٤‬بنفصلة عنو ال ا‪٢‬بفدة بشرط االعتقاد كعدـ‬
‫نكث احملبة كعدـ األمن من مكر هللا تعأب كما قدمنا كيكوف من اآلمنْب من موتو إٔب دخوؿ‬
‫ا‪١‬بنة‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ٱباطب من سألو من أصحابو أف يبشره‪ :‬كأما ما‬
‫ذكرت من أف أخربؾ ببعض األمور ليطمئن قلبك كتزيد ‪٧‬ببتك كيدكـ سركرؾ فأقوؿ لك األكٔب‬
‫من تلك الكرامة الٍب شاعت كذاعت عند ا‪٤‬بعتقد على رغم أنف ا‪٤‬بنتقد كىي أعظم خّب‬
‫يرجى كأفضل موعدة للعاقل تَبجى كىي أف كل من أخذ كردان كداكـ عليو إٔب ا‪٤‬بمات أنو‬
‫يدخل ا‪١‬بنة بغّب حساب كال عقاب ىو ككالداه كأزكاجو كذريتو إف سلم ا‪١‬بميع من االنتقاد‪.‬‬
‫كالساسة عشر أهنم تبلميذ للنيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كالسابعة عشر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪٠‬باىم أصحااب لو صلى هللا‬
‫عليو كسلم قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قاؿ ٕب سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أنت من اآلمنْب ككل من أحبك‬
‫من اآلمنْب أنت حبييب ككل من أحبك حبييب كفقراؤؾ فقرائي كتبلميذؾ تبلميذم كأصحابك‬
‫أصحايب ككل من أخذ كردؾ فهو ‪٧‬برر من النار‬

‫أىػ‪ .‬قلت‪ :‬ك‪٥‬بذا صار أىل طريقتو صحابيْب هبذا ا‪٤‬بعُب حٌب قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب حقهم مثلما قاؿ ُب‬
‫الصحابة رضي هللا تعأب عنهم إذ قاؿ لشيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو يقظة ال‬
‫مناما‪ :‬قل ألصحابك ال يؤذك٘ب إبذاية بعضهم بعضا‪ ،‬كقاؿ ُب حق الصحابة رضواف هللا تعأب‬
‫عليهم‪ " :‬ال تؤذك٘ب ُب أصحايب " أك كما قاؿ‪.‬‬
‫كالثامنة عشر أف كل من يؤذيهم فإنو يؤذم النيب ملسو هيلع هللا ىلص كذلك أف كمحاكرة كقعت بْب رجلْب من‬
‫أصحابو فأمر أف يصلحوا بينهما فورا ٍب أخرب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أنو كقع ٕب‬
‫األمر ابلصلح بينهما من النيب ملسو هيلع هللا ىلص كاخربه عليو الصبلة كالسبلـ أبنو يؤذيو ملسو هيلع هللا ىلص ما يؤذم‬
‫أصحابو رضي هللا تعأب عنهم‪.‬‬
‫كالتاسعة عشر أف اإلماـ ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر أخ ‪٥‬بم ُب الطريقة قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا‬
‫بو‪ :‬أف ‪ٝ‬بيع األكلياء يدخلوف زمرتنا كأيخذكف أكرادان كيتمسكوف بطريقتنا من أكؿ الوجود إٔب‬
‫يوـ القيامة حٌب اإلماـ ا‪٤‬بهدم إذا قاـ آخر الزماف أيخذ عنا كيدخل زمرتنا بعد ‪٩‬باتنا كانتقالنا‬
‫إٔب دار البقاء أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪406‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪:‬قد أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب أبو طالب الشريف ا‪٢‬بسِب أف كاحدا من أصحاب الشيخ‬
‫قاؿ آلخر ٕبضرة الشيخ أف اإلماـ ا‪٤‬بهدم يذٕبنا إذا ظهر فقاؿ لو الشيخ هنع هللا يضر‪ :‬ال يذٕبكم ألهنم‬
‫أخ لكم ُب الطريقة كإ٭با يذبح علماء السوء كقاؿ‪ :‬إذا جاء ا‪٤‬بنتظر يطلب من أصحابنا الفا‪ٙ‬بة‬
‫أىػ‪ .‬كقد أخرب٘ب أيضا ك‪٫‬بن ُب ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كأزكى السبلـ أبنو إ٭با‬
‫جاكر ا‪٢‬برمْب الشريفْب ألمور منها أنو يَبصد ظهور اإلماـ ا‪٤‬بهدم كىو حاضر لعل هللا ٲبن عليو‬
‫أبخذ اإلماـ ىذه الطريقة على يديو كقد تركتو ىناؾ ‪٦‬باكرا‬

‫رضي هللا تعأب عنو‪ .‬ا‪٤‬بوفية عشرين أف أىل طريقتو كلهم أعلى مرتبة من أكابر األقطاب قاؿ‬
‫هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال مطمع ألحد من األكلياء ُب مراتب أصحابنا حٌب األقطاب األكابر ما‬
‫عدا أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬لو اطلع أكابر‬
‫األقطاب على ما أعد هللا تعأب ألىل ىذه الطريقة لبكوا كقالوا‪ :‬اي ربنا ما أعطيتنا شيئا‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كليس ألحد من الرجاؿ أف يدخل كافة أصحابو ا‪١‬بنة‬
‫بغّب حساب كال عقاب كلو عملوا من الذنوب ما عملوا كبلغوا من ا‪٤‬بعاصي ما بلغوا إال أان‬
‫كحدم ككراء ذلك ما ذكر ٕب فيهم كضمنو ملسو هيلع هللا ىلص أمر ال ٰبل ذكره كال يرل كال يعرؼ إال ُب‬
‫اآلخرة‪ .‬كُب بعض الرسائل كقاؿ قدس هللا تعأب ركحو‪ :‬إف هللا تعأب أعطا٘ب يعِب لو كألصحابو‬
‫ما ٓب يعطو ألحد من الشيوخ كال يعطيو ألحد من بعدىم أبدا فضبل منو كجودا ببل استحقاؽ‬
‫شيء عليو سبحانو بل ُب سابق أزلو قضى بذلك فلو ا‪٢‬بمد كمزيد الشكر‬
‫كهللا يرزؽ من يشاء بغّب حساب‪ .‬كقد أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أف الشيخ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬قاؿ يوما ُب ‪٦‬بلسو من كاف ٰببِب هلل تعأب كلرسولو فليحبِب‬
‫كمن كاف ٰببِب لغرض فباهلل الذم ال إلو إال ىو أان عامي صرؼ ٓب يكن ٕب شيء كغافلو سيدم‬
‫دمحم الغإب حٌب قبل رجلو كقاؿ‪ :‬مرحبا ابلعامي الصرؼ الذم فاؽ أصحابو أكابر األقطاب‬
‫فأجابو الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو بقولو‪ :‬نعم كأم شيء ُب ذلك عند هللا تعأب‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كال عجب أف يكوف غّب ا‪٤‬بفتوح عليو ُب الدنيا أكمل كأكرب ُب اآلخرة من ا‪٤‬بفتوح عليو‬
‫ُب الدنيا‪ .‬كُب اإلبريز‪ :‬ك‪٠‬بعتو يعِب القطب عبد العزيز بن مسعود الدابغ هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬شأف الفتح‬
‫عجيب كأمره كلو غريب ككم من عبد هلل ‪٧‬ببوب عند هللا تعأب ٲبنعو هللا سبحانو من الفتح ر‪ٞ‬بة‬
‫بو كذلك أف ُب الفتح أمورا إذا شاىدىا ا‪٤‬بفتوح عليو قبل أف تطيب ذاتو كأف تصل ففي ساعة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪407‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يرجع نصرانيا كفيو أىو إذا شاىدىا يرجع يهوداي‪ ،‬ككم من رجل ال يفتح عليو إال عند خركج‬
‫ركحو‪ ،‬ككم من رجل ٲبوت غّب مفتوح عليو كيبعثو هللا تعأب على‬
‫حالة ىي أكمل كأكرب من ا‪٤‬بفتوح عليو‪ .‬كقاؿ مرة لبعض أصحابو‪ :‬ىذا ىو ا‪٢‬بمل الكبّب الذم‬
‫خزنوه ُب ىذا التابوت ػ يشّب إٔب ا‪٤‬بعُب السابق ػ ٍب قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر يقوؿ ‪٥‬بذا ا‪٢‬ببيب أف لك‬
‫حسنات عظيمة جسيمة إذا رأيتها غبطتك فيها‪ .‬كمرة قاؿ لو‪ :‬ىل لك أف تقسم معنا حسناتك‬
‫فإ٘ب ال أزاؿ أتعجب منها كمن عظمها اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كبفهم ىذا الكبلـ أيضا يظهر لكل موفق سعيد منصف كجو كوف عواـ أىل طريقتنا ىذه‬
‫أعلى مرتبة ُب اآلخرة من أكابر األقطاب كاألغواث فأحرل من دكهنا ألنو قد تقدـ أف أىل كل‬
‫طريقة يدعوف يوـ القيامة ابسم شيخهم كيدعوف إٔب ‪٦‬باكرتو‪ ،‬قاؿ تعأب‪{ :‬يوـ ندعو كل أانس‬
‫إبمامهم}‪ .‬كتقدـ أيضا أف ا‪٤‬بريدين يبلغوف إٔب درجات كربائهم كشيوخهم ما آمنوا أبحوا‪٥‬بم‬
‫كفقهوا كبلمهم كما قاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬كالذين آمنوا كاتبعتهم ذريتهم إبٲباف أ‪٢‬بقنا هبم‬
‫ذرايهتم} كبفهم ىذا الكبلـ أيضا يظهر سر قولو ملسو هيلع هللا ىلص لشيخ أىل طريقتنا‬

‫ىذه‪ :‬فقراؤؾ فقرائي كتبلميذؾ تبلميذم كأصحابك أصحايب‪ ،‬فعلم ملسو هيلع هللا ىلص أف بْب أصحابو ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫كبْب أصحاب ىذا الشيخ هنع هللا يضر مناسبة اتمة كبتلك ا‪٤‬بناسبة كانوا عند هللا تعأب أكرب من أكابر‬
‫العارفْب كاألغواث كإف كانوا ُب الظاىر من ‪ٝ‬بلة العواـ‪ .‬قلت‪ :‬كشواىد ىذا ُب الشرع ال‬
‫‪ٙ‬بصى‪ ،‬قاؿ تعأب‪{ :‬مثل الذين ينفقوف أموا‪٥‬بم ُب سبيل هللا كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ُب كل‬
‫سنبلة مائة حبة كهللا يضاعف ‪٤‬بن يشاء} كقاؿ تعأب‪{ :‬ليلة القدر خّب من ألف شهر}‪.‬‬
‫كا‪٢‬بادية كالعشركف أف ُب األذكار البلزمة للطريقة صيغة من صيغ االسم األعظم قد من هللا‬
‫تعأب علي ٗبعرفتها على يد سيدم دمحم الغإب ك‪٫‬بن ُب ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة‬
‫كأزكى السبلـ كىذه الصيغة ليست بصيغة االسم األعظم الكبّب الٍب ىي خاصة بو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمن‬
‫أخذ ىذه الصيغة بسند متصل لو نصف ثواب الكبّب‪.‬‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف الفضل ا‪٤‬بذكور ُب االسم الكبّب خاص ابلصيغة الٍب‬
‫ىي خاصة بو ملسو هيلع هللا ىلص كال يلقنها كال أيذف فيها إال القطب ا‪١‬بامع‪ ،‬كأما غّبىا من صيغ االسم ففيها‬
‫النصف من ثواب الكبّب‪ٍ ،‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كىذا الفضل الكبّب لكل من أخذ صيغة‬
‫من صيغ االسم األعظم بسند متصل‪ ،‬كأما من عثر عليو ُب كتاب أك غّبه كذكره من غّب إذف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪408‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فثوابو حرؼ بعشر حسنات فقط ال غّب اىػ‪.‬‬
‫كالثانية كالعشركف أف ُب أذكار ىذه الطريقة االسم األعظم الكبّب الذم ىو خاص بو ملسو هيلع هللا ىلص قد‬
‫من هللا تعأب علي بو كأان ُب ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة كما تقدـ كهلل تعأب ا‪٢‬بمد‪ .‬كالثالثة كالعشركف أف‬
‫آحادىم آمنوف من السلب‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كمن خواص دائرة‬
‫اإلحاطة أف من علمو هللا تعأب إايه أم لفظو دكف أسراره كاف مأموان من السلب ال يقدر عليو‬
‫أحد كإف كاف ٓب يفتح عليو ابلوالية كال يقدر على سلبو إال القطب‪.‬‬

‫كالرابعة كالعشركف أف لكل كاحد من أصحابو فرد فرد حظا من ثواب االسم األعظم الكبّب‬
‫الذم ىو دائرة اإلحاطة كلو ٓب يعرؼ االسم فضبل عن ذكره كذلك أنو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو مهما ذكر كلمة من كل ذكر على اإلطبلؽ ذكر معو سبعوف ألف ملك كذكر‬
‫كل ملك بسبعة آالؼ كلمة كل كلمة بعشر حسنات كقد تفضل سيدان رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه هببة ىذا الفضل العظيم ألصحابو كذلك ُب شهر هللا ‪ٝ‬بادل الثانية سنة ثبلث عشرة‬
‫كمائتْب كألف رزقنا هللا تعأب من ذلك حظا كأجرا ٗبحض فضلو آمْب‪.‬‬
‫كا‪٣‬بامسة كالعشركف أهنم ينالوف من ثواب األذكار العالية من االسم األعظم الكبّب كما دكنو ما‬
‫ال ينالو من أكابر العارفْب كاألقطاب قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه بعد ذكره ثواب األقطاب‬
‫الذين كانوا قبلو من ذكر االسم األعظم كثواب أىل طريقتو من ذكرىم االسم األعظم كمن‬
‫ذكرىم الكنز ا‪٤‬بطلسم‪ :‬كلعلك ترل أف ما ُب مراتب القطب من قبلنا يقل دكنو ثواب الواحد‬
‫من أصحابنا ُب االسم األعظم كذلك من قلة التأمل كإذا أتملت ثواب القطب من قبل ىذا‬
‫الوقت مع ثواب مرة كاحدة من أصحابنا ابف لك أف ثواب القطب من قبلنا ابلنسبة إٔب ثواب‬
‫مرة كاحدة من ذكر كاحد من أصحابنا كنقطة ُب البحر احمليط ك‪٤‬با قيل لو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ِ :‬ب انلوا ذلك؟ قاؿ‪ :‬من أجلي‪ .‬قلت‪ :‬كسره يظهر ُب قولو ملسو هيلع هللا ىلص لو رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كفقراؤؾ فقرائي كتبلميذؾ تبلميذم كأصحابك أصحايب فعلم صلى‬
‫هللا عليو كسلم أف بْب أصحابو ملسو هيلع هللا ىلص كبْب أصحاب ىذا الشيخ رضي هللا تعأب عنو مناسبة اتمة‬
‫كلتلك ا‪٤‬بناسبة كانوا عند هللا من األكابر كإف كانوا ُب الظاىر من ‪ٝ‬بلة العواـ‪.‬‬

‫كالسادسة كالعشركف أف هللا تعأب يعطيهم من عمل كل عامل تقبل هللا تعأب منهم أكثر من مائة‬
‫ألف ضعف ‪٩‬با يعطي صاحب ذلك العمل قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪409‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عمل عمل صا‪٢‬با من أعماؿ الرب كتقبل منو يعطينا هللا تعأب كألصحابنا على ذلك العمل أكثر‬
‫من مائة ألف ضعف ‪٩‬با يعطي صاحب ذلك العمل سواء قل ذلك العمل أك كثر مفركضا كاف‬
‫أك غّب مفركضا ك‪٫‬بن رقود كهلل ا‪٢‬بمد أىػ‪.‬‬
‫سبحاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بختار الذم قاؿ‪{ :‬ال يسأؿ عما يفعل} كقاؿ {فعاؿ ‪٤‬با يريد} كقاؿ‪{ :‬كترزؽ‬
‫من تشاء بغّب حساب} كقاؿ‪{ :‬كهللا يرزؽ من يشاء بغّب حساب} كقاؿ‪{ :‬إف الفضل بيد هللا‬
‫يوتيو من يشاء} كعليك ابلنظر إٔب الفصوؿ ا‪٤‬بتقدمة أكؿ الكتاب كإٔب دائرة الفضيلة الٍب تقدـ‬
‫ذكرىا لعلك تنجو من اإلنكار الذم يؤدم إٔب الطرد كالسلب‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬قد أفدت كأفهمت كنصحت كرغبت كحذرت كأتيت من الدليل ٗبا يشفي الغليل‬
‫كلكِب أخاؼ أف يعَبض عليك بعض القاصرين بقولو تعأب‪{ :‬كأف ليس لئلنساف إال ما سعى}‬
‫قلت‪ :‬ال يعَبض علي بتلك اآلية الكرٲبة إال من ال إ‪٤‬باـ لو بعلم الشريعة كا‪٢‬بقيقة كال دراية لو‬
‫ابلكتاب كالسنة كال معرفة لو إب‪ٝ‬باع األمة‪ .‬قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند ىذه اآلية‪ :‬كقاؿ ابن‬
‫عباس‪ :‬ىذا منسوخ ا‪٢‬بكم ُب ىذه الشريعة أم كإ٭با ىو ُب صحف موسى كإبراىيم عليهما‬
‫الصبلة كالسبلـ بقولو‪{ :‬أ‪٢‬بقنا هبم ذرايهتم} فأدخل األبناء ُب ا‪١‬بنة بصبلح اآلابء‪.‬‬

‫كقاؿ عكرمة‪ :‬إف ذلك لقوـ موسى كإبراىيم عليهما السبلـ كأما ىذه األمة فلهم ما سعوا كما‬
‫سعى ‪٥‬بم غّبىم ‪٤‬با يركل أـ امرأة رفعت صبيا ‪٥‬با فقالت‪ :‬اي رسوؿ هللا أ‪٥‬بذا حج؟ فقاؿ‪ :‬نعم‬
‫كلك أجر‪ .‬كقاؿ رجل للنيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إف أمي أنسلت نفسها فهل ‪٥‬با أجر إف تصدقت عنها؟ قاؿ‪:‬‬
‫نعم‪ .‬قاؿ الشيخ تقي الدين أبو العباس أ‪ٞ‬بد بن تيمية‪ :‬من اعتقد أف اإلنساف ال ينتفع إال‬
‫بعملو فقد خرؽ اإل‪ٝ‬باع كذلك ابطل من كجوه كثّبة أحدىا أف اإلنساف ينتفع بدعاء غّبه كىو‬
‫انتفاع بعمل الغّب اثنيها كاثلثها أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص يشفع‬
‫ألىل ا‪٤‬بوقف ُب ا‪٢‬بساب ٍب ألىل ا‪١‬بنة ُب دخو‪٥‬با ٍب ألىل الكبائر ُب ا‪٣‬بركج من النار كىذا‬
‫انتفاع بسعي الغّب رابعها أف ا‪٤‬ببلئكة يدعوف كيستغفركف ‪٤‬بن ُب األرض كذلك منفعة بعمل الغّب‬
‫خامسها أف هللا تعأب ٱبرج من النار من ٓب يعمل خّبا قط ٗبحض ر‪ٞ‬بتو كىذا انتفاع بغّب عملهم‬
‫سادسها أف أكالد ا‪٤‬بؤمنْب يدخلوف ا‪١‬بنة بعمل آابئهم كذلك انتفاع بعمل الغّب سابعها قاؿ تعأب‬
‫ُب القصة الغبلمْب اليتيمْب‪{ :‬ككاف أبوٮبا صا‪٢‬با} فانتفعا بصبلح أبيهما كليس من سعيهما‬
‫اثمنها أف ا‪٤‬بيت ينتفع ابلصدقة عنو كابلعتق بنص السنة كاإل‪ٝ‬باع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪410‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كىو من عمل الغّب اتسعها أف ا‪٢‬بج ا‪٤‬بفركض يسقط عن ا‪٤‬بيت ٕبج كليو بنص السنة كىو‬
‫انتفاع بعمل الغّب عاشرىا أف ا‪٢‬بج ا‪٤‬بنذكر أك الصوـ يسقط بعمل غّبه بنص السنة كىو انتفاع‬
‫بعمل الغّب حادم عشرىا ا‪٤‬بدين الذم امتنع النيب ملسو هيلع هللا ىلص من الصبلة عليو حٌب قضى دينو أبو‬
‫قتادة كقضى دين اآلخر علي بن أيب طالب هنع هللا يضر كانتفع بصبلة النيب ملسو هيلع هللا ىلص كبرئة ذمتو بقضاء دينو‬
‫كىو من عمل غّبه اث٘ب عشرىا أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ‪٤‬بن صلى كحده‪ ":‬أال رجل يتصدؽ فيصلي‬
‫معو " فقد حصل لو فضل ا‪١‬بماعة بفعل‬

‫الغّب اثلث عشرىا أف اإلنساف تربأ ذمتو من ديوف ا‪٣‬بلق إذا قضاىا قاض عنو كذلك انتفاع‬
‫بعمل الغّب رابع عشرىا أف من عليو تبعات كمظآب إذا حلل منها سقطت عنو كىذا انتفاع بعمل‬
‫الغّب خامس عشرىا أف ا‪١‬بار الصاّب ينفع ُب احمليا كا‪٤‬بمات كما جاء ُب األثر كىذا انتفاع بعمل‬
‫الغّب سادس عشرىا أف جليس أىل الذكر يرحم هبم كىو ٓب يكن ٯبلس لذلك بل ‪٢‬باجة عرضت‬
‫لو كاألعماؿ ابلنيات فقد انتفع بعمل غّبه‪ .‬سابع عشرىا الصبلة على ا‪٤‬بيت كالدعاء لو ُب‬
‫الصبلة انتفاع للميت بصبلة ا‪٢‬بي عليو كىو عمل غّبه‪.‬‬
‫اثمن عشرىا أف ا‪١‬بمعة ‪ٙ‬بصل ابجتماع العدد ككذلك ا‪١‬بماعة بكثرة العدد ىو انتفاع البعض‬
‫ابلبعض‪ .‬اتسع عشرىا أف هللا تعأب قاؿ لنبيو ملسو هيلع هللا ىلص‪{ :‬كما كاف هللا ليعذهبم كأنت فيهم} كقاؿ‬
‫تعأب‪{ :‬كلوال رجاؿ مؤمنوف كنساء مؤمنات} كقاؿ تعأب‪{ :‬كلوال دفاع هللا الناس بعضهم‬
‫ببعض} فقد دفع هللا تعأب العذاب عن بعض الناس بسبب بعض كذلك انتفاع بعمل الغّب‪.‬‬
‫عشركهنا أف صدقة الفطر ٘بب على الصغّب كغّبه ‪٩‬بن ٲبونو الرجاؿ ينتفع بذلك من ٱبرج عنو‬
‫كال سعي لو‪.‬‬
‫ا‪٢‬بادم كالعشركف أف الزكاة ٘بب ُب ماؿ الصيب كاجملنوف كيثاب على ذلك كال سعي لو‪ .‬كمن‬
‫أتمل العلم كجد من انتفاع اإلنساف ٗبا ٓب يعملو ما ال يكاد ٰبصى فكيف تؤكؿ اآلية على‬
‫خبلؼ صريح الكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع األمة أىػ كبلـ صاحب السراج‪ .‬كالثانية كالعشركف أف من‬
‫آحادىا من إذا رآه شخص كل يوـ االثنْب أك يوـ ا‪١‬بمعة فإف الرائي يدخل ا‪١‬بنة بغّب حساب‬
‫كال عقاب كراثة أ‪ٞ‬بدية ٘بانية‪ .‬قلت‪ :‬قد تقدـ أ٘ب رأيت ُب يد الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو حلة من نور كقاؿ ٕب‪ :‬من رآىا يدخل ا‪١‬بنة ٍب ألبسِب إايىا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪411‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالثالثة كالعشركف أف منها من إذا رآه شخص كقاؿ لو الرائي‪ :‬اشهد ٕب أ٘ب رأيتك‪ ،‬كقاؿ لو‬
‫ا‪٤‬برئي‪ :‬شهدت لك أنك رأيتِب‪ ،‬فإف الرائي يدخل ا‪١‬بنة كما تقدـ أيضا أف ىذا حصل ٕب من‬
‫سيدم دمحم الغإب‪ .‬كالرابعة كالعشركف أف ‪٥‬بم ُب احملشر موضعا ُب ظل العرش يكونوف فيو‬
‫كحدىم‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف أصحابنا ال يدخلوف احملشر مع الناس كال‬
‫يذكقوف مشقة كال يركف ‪٧‬بنة من تغميض أعينهم إٔب االستقرار ُب عليْب‪.‬‬
‫كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف أصحابنا يوـ القيامة ليسوا مع الناس ُب ا‪٤‬بوقف‬
‫بل ىم مكتنفوف ُب ظل العرش ُب موضع كحدىم كال يقدـ عليهم أحد ُب دخوؿ ا‪١‬بنة إال‬
‫الصحابة رضي هللا تعأب عنهم‪ .‬كا‪٣‬بامسة كالعشركف أهنم ُب أعلى عليْب‪ ،‬كأما أحبابو الذين‬
‫ليسوا من أىل طريقتو كأكراده فغاية أمرىم كوهنم ُب عليْب‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو‪ :‬أصحايب ُب جواره ملسو هيلع هللا ىلص ُب أعلى عليْب مع أكٕب العزـ من الرسل كغّبىم من األنبياء‬
‫عليهم الصبلة كالسبلـ‪.‬‬
‫كالسادسة كالعشركف أف ‪٥‬بم برزخا كحدىم‪ ،‬كُب بعض الرسائل‪ :‬كأخربان أيضا قدس هللا تعأب‬
‫ركحو أف ‪٥‬بم برزخا كحدىم يستظلوف بو كىذا كلو من كثرة االعتناء هبم ‪٤‬با خصهم هللا تعأب بو‬
‫من ‪٧‬ببتو كمعرفتو‪ .‬كالسابعة كالعشركف أهنم ال ٰبضركف أىواؿ ا‪٤‬بوقف كال يركف صواعقو كزالزلو‬
‫بل يكونوف مع اآلمنْب عند ابب ا‪١‬بنة حٌب يدخلوف مع ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص ُب الزمرة األكٔب مع‬
‫أصحابو كيكوف مستقرىم ُب جواره ملسو هيلع هللا ىلص ُب أعلى عليْب ‪٦‬باكرين أصحابو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فسبحاف من‬
‫تفضل ٗبا يشاء على من يشاء اختيارا‬

‫منو ال ‪ٙ‬بكم عليو ُب شيء‪ .‬كالثامنة كالعشركف أف أكثرىم ٰبصل لو ُب كل يوـ فضل زايرتو‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب ركضتو الشريفة كزايرة ‪ٝ‬بيع أكلياء هللا تعأب كالصا‪٢‬بْب من أكؿ‬
‫الوجود إٔب كقتو‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أعطا٘ب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص صبلة تسمى‬
‫ٔبوىرة الكماؿ من ذكرىا اثنٍب عشرة مرة كقاؿ‪ :‬ىذه ىدية مِب إليك اي رسوؿ هللا فكأ٭با زاره‬
‫ُب ركضتو الشريفة ككأ٭با زار أكلياء هللا تعأب كالصا‪٢‬بْب من أكؿ الوجود إٔب كقتو‪.‬‬
‫كالتاسعة كالعشركف أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص كا‪٣‬بلفاء األربعة ٰبضركف مع أىل ىذه الطريقة كل يوـ‪ .‬قاؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬أف من قرأىا سبعا فأكثر ٰبضره صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم كا‪٣‬بلفاء األربعة ما داـ يذكرىا‪ .‬قلت‪ :‬قد من هللا تعأب على إخواننا ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪412‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الطريقة أبهنا تذكر ُب الوظيفة اثنٍب عشرة مرة فإهنا تكفي أىل الكسل‪ .‬كا‪٣‬بامسة كالثبلثوف أف‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص ٰببهم ‪٧‬ببة خاصة غّب الٍب تقدمت ‪٥‬بم ك‪ٝ‬بيع األحباب ُب القسم األكؿ‪.‬‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬أف من الزمها ُب كل يوـ أزيد من سبع مرات فإنو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ٰببو ‪٧‬ببة خاصة كال ٲبوت حٌب كليا‪ .‬قلت‪ :‬كىذا الفضل أيضا حاصل ألىل الكسل‬
‫الشتماؿ الوظيفة عليو إال إذا كانوا ال يقرأكهنا ُب الوظيفة‪ .‬ا‪٤‬بوفية ثبلثْب أف ‪٥‬بم عبلمة يتميزكف‬
‫هبا عن غّبىم كيعرؼ هبا أهنم تبلميذ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كفقراؤه كىي أف كل كاحد منهم مكتوب‬
‫بْب عينيو دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كعلى قلبو ‪٩‬با يلي ظهره دمحم بن عبد هللا‪ ،‬كعلى رأسو اتج من نور مكتوب‬
‫فيو الطريقة‬

‫التجانية منشؤىا ا‪٢‬بقيقة احملمدية‪ .‬كا‪٢‬بادية كالثبلثوف أف ‪٥‬بم من هللا تعأب لطفا خاصا هبم‪.‬‬
‫أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب أبو طالب الشريف ا‪٢‬بسِب الذم قاؿ لو جده سيد الوجود سيدان دمحم‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬من نظر إٔب كجهك غفر هللا تعأب لو أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو قاؿ‬
‫من هللا تعأب لطفا خاصا هبم بعد لطفو العاـ ‪٥‬بم كلغّبىم‪ ،‬كلذلك قاؿ رضي‬
‫ألىل ىذه الطريقة‪ٌ :‬‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف صاحيب ال أتكلو النار كلو قتل سبعْب ركحا إذا اتب بعدىا‪.‬‬
‫كالثانية كالثبلثوف أف كل من ٓب ٰبَبمهم ككاف يؤذيهم طرده هللا تعأب عن قربو كسلبو ما منحو‬
‫كذلك أنو ملسو هيلع هللا ىلص يغار ألىل ىذه الطريقة غّبة خاصة كما كاف ملسو هيلع هللا ىلص يغار ألصحابو‪ ،‬ألف أىلها‬
‫فقراؤه كتبلميذه كما أف الصحابة رضواف هللا تعأب عليهم كذلك‪ ،‬كلذا قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص لو رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إذا أمر أصحابك أبصحايب فليزكركىم فقط كأما غّبىم من األكلياء‬
‫فبل كذلك كلو لشدة اعتنائو أبىلها ألجل حبيبو ككلده الذم قاؿ لو‪ :‬أنت كلدم حقا كقاؿ لو‪:‬‬
‫أنت حبييب كمن أحبك حبييب‬
‫كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص لبعض أصحبو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أنت ابن ا‪٢‬ببيب كدخلت ُب‬
‫طريقة ا‪٢‬ببيب كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬بن أرسلو إٔب الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو يقظة ال مناما‪:‬‬
‫قل ‪٢‬ببييب التجا٘ب‪ .‬كلشدة ‪٧‬ببتو ملسو هيلع هللا ىلص فيو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أخربه أف كل من‬
‫أحبو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ال ٲبوت حٌب يكوف كليا كضمن صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم لو هنع هللا يضر أف كل من سبو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كداكـ على ذلك ال ٲبوت إال‬
‫كافرا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪413‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كىذه احملبة منو لشيخنا رضي هللا تعأب عنو ىي الٍب سرت منو ملسو هيلع هللا ىلص إٔب أىل طريقتو حٌب قاؿ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص لو رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قل ألصحابك ال يؤذك٘ب إبذاية بعضهم بعضا‪ .‬كقد تقدـ أنو ملسو هيلع هللا ىلص أمر‬
‫الشيخ رضي هللا تعأب عنو أف يصلح بْب اثنْب من أصحابو ككاف قد كقعت بينهما خصومة‬
‫كأخربىم النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو يؤذيو ملسو هيلع هللا ىلص ما يؤذم أصحابو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كذلك‬
‫لشفقتو ملسو هيلع هللا ىلص عليهم كلئبل يصيبهم ضرر من إذاية بعضهم بعضا ألف من آذل كاحدا‬
‫منهم فقد آذاه ملسو هيلع هللا ىلص كما قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب حق أصحبو رضي هللا تعأب عنهم‪ :‬ال تؤذك٘ب ُب أصحايب أك‬
‫كما قاؿ ك‪٥‬بذا قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أف لنا مرتبة عند هللا تناىت ُب العلو‬
‫عند هللا إٔب حد ٰبرـ ذكره ليست ىي ما أفشيتو لكم كلو صرحت هبا أل‪ٝ‬بع أىل ا‪٢‬بق كالعرفاف‬
‫على كفرم فضبل عمن عداىم كليست ىي الٍب ذكرت لكم بل ىي من كرائها كمن خاصية‬
‫تلك ا‪٤‬برتبة أف من ٓب يتحفظ على تغيّب قليب بعدـ حفظ حرمة أصحابنا طرده هللا تعأب عن قربو‬
‫كسلبو ما منحو نعوذ ابهلل من الطرد كالسلب بعد‬
‫العطاء أىػ‪ .‬كالثالثة كالثبلثوف أهنم ال يذكقوف حرارة ا‪٤‬بوت كىي ا‪٤‬بعرب عنها بسكرات ا‪٤‬بوت‬
‫كسيأٌب أف من داـ على قراءة ا‪٢‬بزب السيفي صباحا كمساء ال يذكؽ حرارة ا‪٤‬بوت أصبل بل‬
‫‪ٚ‬برج ركحو كىو ال يدرم كال يتوجع كإف من داكـ على قراءة السبلـ عليك أيها النيب كر‪ٞ‬بة هللا‬
‫كبركاتو كل يوـ مائة مرة فإنو ال يذكؽ سكرات ا‪٤‬بوت أصبل كداكـ بعضهم على ذلك فمات‬
‫كىو ساجد ُب الصبلة‪.‬‬
‫كالفرؽ بْب ىذا كبْب ما تقدـ ُب القسم األكؿ ىو أف أىل القسم األكؿ يسهل عليهم كىؤالء ال‬
‫يذكقوف أصبل كرأسا كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‬
‫الفصل التاسع كالثبلثوف‬

‫ُب ذكر فضل األذكار البلزمة للطريقة على التفصيل كدالئلها ُب الكتاب كالسنة كإ‪ٝ‬باع األمة‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف االستغفار من أىم‬
‫األبواب الٍب يعتُب هبا كٰبافظ على العمل هبا‪ ،‬قاؿ ٰبٓب بن معاذ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ليس‬
‫بعارؼ من ٓب يكن غاية أملو من هللا العفو‪.‬‬
‫كقاؿ ابن كىب‪ :‬من عظمة ذنوب نفسو ٓب يطمع ُب الرضا ككاف غاية أملو أف يطمع ُب العفو‬
‫كمن كملت معرفتو ٓب بر نفسو إال ُب ىذه ا‪٤‬بنزلة‪ .‬كقاؿ الشيخ أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪414‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تعأب عنو‪ :‬عليك ابالستغفار كإف ٓب يكن ىناؾ ذنب كاعترب استغفار النيب ملسو هيلع هللا ىلص بعد البشارة‬
‫كاليقْب ٗبغفرة ما تقدـ من ذنبك كما أتخر ىذا ُب معصوـ ٓب يقَبؼ ذنبا قط كتقدس عن ذلك‬
‫فما ظنك ٗبن ال ٱبلوا من العيب كالذنب ُب كقت من األكقات أىػ‪.‬‬
‫ككاف إبراىيم ا‪٣‬بليل عليو السبلـ كثّب التبلكة كالبكاء فبكى يوما بكاء شديدا فنزؿ عليو جربيل‬
‫عليو السبلـ فقاؿ‪ :‬اي إبراىيم إف ربك يقوؿ لك ىل رأيت خليبل يعذب خليلو؟ فقاؿ‪ :‬اي جربيل‬
‫إذا ذكرت خطيئٍب نسيت خلٍب‪ .‬كإذا كاف ىذا حاؿ إبراىيم عليو السبلـ مع نبوتو كخلتو فما‬
‫حاؿ العاصي مع زلتو كخطيئتو فحاسب نفسك قبل أف ‪ٙ‬باسب كمهد ‪٥‬با قبل أف تعذب‬
‫كجاىدىا ا‪١‬بهاد األكرب كقل عند ذٕبها ابسم هللا كهللا أكرب فالعاقل يقيم ىذا ا‪٤‬بيزاف على نفسو‬
‫حٌب يتبْب لو من أم الفريقْب ىو كفى بنفسك اليوـ عليك حسيبا‪.‬‬

‫كإذا فهمت ىذا فاعلم أف اآلايت كاألحاديث قد حضت على االستغفار‪ ،‬أما اآلايت فكثّبة‬
‫منها قولو تعأب‪{ :‬ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا كقنا عذاب النار الصابرين كالصادقْب كالقانتْب‬
‫كا‪٤‬بنفقْب كا‪٤‬بستغفرين ابألسحار} كقولو تعأب‪{ :‬كلو اهنم إذ ظلموا أنفسهم جاؤكؾ فاستغفركا‬
‫هللا كاستغفر ‪٥‬بم الرسوؿ لوجدكا هللا توااب رحيما} كقولو تعأب‪{ :‬كمن يعمل سوء أك يظلم نفسو‬
‫ٍب يستغفر هللا ٯبد هللا غفورا رحيما} كقولو تعأب‪{ :‬كما كاف هللا معذهبم كىو يستغفركف} كقولو‬
‫تعأب حكاية عن نوح عليو السبلـ‪{ :‬فقلت استغفركا ربكم إنو‬
‫كاف غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا كٲبددكم أبمواؿ كبنْب كٯبعل لكم جنات كٯبعل لكم‬
‫أهنارا} كقولو تعأب‪{ :‬فاعلم أنو ال إلو إال هللا كاستغفر لذنبك كللمومنْب كا‪٤‬بومنات كهللا يعلم‬
‫متقلبكم كمثواكم} كقولو تعأب‪{ :‬سارعوا إٔب مغفرة من ربكم كجنة عرضها السماكات كاألرض‬
‫أعدت للمتقْب الذين ينفقوف ُب السراء} إٔب أف قاؿ‪{ :‬كالذين إذا فعلوا فاحشة أك ظلموا‬
‫أنفسهم ذكركا هللا فاستغفركا لذنوهبم} كقولو تعأب‪{ :‬فسبح ٕبمد ربك كاستغفره إنو كاف توااب}‬
‫كآلايت ُب االستغفار كثّبة كأما األحاديث فكثّبة معركفة ال ٲبكن استقصاؤىا‬
‫كلكن أشّب إٔب طرؼ منها فأقوؿ‪ :‬ركل البخارم كمسلم عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو‪ :‬عن‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ " :‬ينزؿ ربنا كل ليلة إٔب ‪٠‬باء الدنيا حْب يبقى الثلث األخّب فيقوؿ‪ :‬من‬
‫يدعو٘ب فأستجيب لو من يسألِب فأعطيو من يستغفر٘ب فأغفر لو " كُب ركاية ‪٤‬بسلم‪ ":‬ينزؿ هللا‬
‫سبحانو كتعأب إٔب ‪٠‬باء الدنيا حْب ٲبضي ثلث الليل فيقوؿ‪ :‬أان ا‪٤‬بلك من ذا الذم يدعو٘ب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪415‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فأستجيب لو من ذا الذم يسألِب فأعطيو من ذا الذم يستغفر٘ب فأغفر لو فبل يزاؿ كذلك حٌب‬
‫يضيء الفجر " كُب ركاية‪" :‬إذا مضى شطر الليل أك ثلثاه" كركل‬

‫ابن جرير كابن ا‪٤‬بنذر كابن حاًب عن ابن عمر أنو كاف ٰبيي الليل صبلة يقوؿ‪ :‬اي انفع أسحران؟‪،‬‬
‫فيقوؿ‪ :‬ال‪ .‬فيعاكد للصبلة‪ ،‬فإذا قاؿ انفع‪ :‬نعم يستغفر هللا كيدعو حٌب يصبح‪ .‬كركل أبو‬
‫داككد ُب سننو كالطربا٘ب ُب كتاب الدعاء كأبو يعلى كابن مردكيو عن أيب الدرداء رضي هللا تعأب‬
‫عنو أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أات٘ب آت من ريب فقاؿ‪ :‬من يعمل سوءا أك يظلم نفسو ٍب يستغفر‬
‫هللا ٯبد هللا غفورا رحيما‪ ،‬كقد كانت شقت عليهم اآلية الٍب فيها‪{ :‬من يعمل سوءا ٯبز بو}‬
‫فأردت أف أبشر أصحايب" قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬اي رسوؿ هللا كإف زٗب‬
‫كإف سرؽ ٍب استغفر غفر لو؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬اي رسوؿ هللا كإف زٗب كإف سرؽ ٍب استغفر غفر‬
‫لو؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ٍ ،‬ب ثلثت‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم على رغم أنف عوٲبر‪ٍ .‬ب قاؿ كعب بن ذىل‪ :‬كأان رأيت أاب‬
‫الدرداء يضرب أنف نفسو‪ .‬كركل ابن جرير كابن ا‪٤‬بنذر من طريق عن ابن عباس ُب قولو‪{ :‬كمن‬
‫يعمل سوءا أك يظلم نفسو ٍب يستغفر هللا} قاؿ‪ :‬أخرب هللا تعأب عباده ٕبلمو كعفوه ككرمو كسعة‬
‫ر‪ٞ‬بتو كمغفرتو‪ ،‬فمن أذنب ذنبا صغّبا كاف أك كبّبا ٍب يستغفر هللا ٯبد هللا غفورا رحيما كلو‬
‫كانت ذنوبو أعظم من السماكات كاألرض كا‪١‬بباؿ‪.‬‬
‫كركل ابن جرير كعبد بن ‪ٞ‬بيد كالبيهقي ُب شعب اإلٲباف عن ابن مسعود قاؿ‪ :‬كاف بنو إسرائيل‬
‫إذا أصاب أحدىم ذنبا أصبح قد كتبت لو كفارة ذلك الذنب على اببو‪ ،‬كإذا أصاب البوؿ شيئا‬
‫منو قرضو ٗبقراض‪ .‬فقاؿ رجل‪ :‬لقد آتى هللا بِب إسرائيل خّبا‪ .‬فقاؿ ابن مسعود‪ :‬ما آاتكم خّب‬
‫‪٩‬با آاتىم‪ ،‬جعل هللا األرض طهورا‪ .‬كقاؿ‪{ :‬كمن يعمل سوءا أك يظلم نفسو ٍب يستغفر هللا ٯبد‬
‫هللا غفورا رحيما}‪.‬‬

‫كركل ابن جرير عن حبيب بن اثبت قاؿ‪ :‬جاءت امرأة إٔب عبد هللا بن مغفل فسألتو عن امرأة‬
‫فجرت فحملت ك‪٤‬با كلدت قتلت كلدىا‪ ،‬فقالت‪ :‬ما ‪٥‬با؟ فقاؿ‪٥ :‬با النار‪ ،‬فانصرفت كىي تبكي‬
‫فدعاىا فقاؿ‪ :‬ما أرل أمرؾ إال أحد أمرين‪{ ،‬من يعمل سوءا أك يظلم نفسو ٍب يستغفر هللا ٯبد‬
‫هللا غفورا رحيما} فمسحت عينها ٍب مضت‪ .‬كركل الَبمذم عن أيب موسى األشعرم قاؿ‪ :‬قاؿ‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أنزؿ هللا تعأب أمانْب ألمٍب‪{ :‬كما كاف هللا ليعذهبم كأنت فيهم كما كاف هللا معذهبم‬
‫كىم يستغفركف} فإذا مضيت تركت فيهم االستغفار"‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪416‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كُب ترغيب الطالب إٔب أشرؼ ا‪٤‬بطالب عن علي رضي هللا تعأب عنو أنو قاؿ‪ :‬عجبت ‪٤‬بن يهلك‬
‫كمعو النجاة‪ .‬قالوا‪ :‬كما ىي؟ قاؿ‪ :‬االستغفار‪ .‬قاؿ‪ :‬كقرأ‪{ :‬كما كاف هللا معذهبم كىم‬
‫يستغفركف}‪ .‬كركل عن ‪٧‬بكوؿ‪ :‬ما داـ ُب الناس ‪ٟ‬بسة عشر يستغفر كل كاحد منهم هللا ُب‬
‫اليوـ ‪ٟ‬بسا كعشرين مرة ٓب يهلكوا بعذاب عاـ‪ .‬كُب ترغيب الطالب قاؿ علي بن أيب طالب‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أ٘ب عجبت ‪٩‬بن يشكو ضيق الرزؽ كمعو مفاتيحو‪ .‬قيل لو‪ :‬كما ىي؟ قاؿ‪:‬‬
‫االستغفار‪.‬‬
‫كقد نبو عليو قولو تعأب‪{ :‬فقلت استغفركا ربكم إنو كاف غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا‬
‫كٲبددكم أبمواؿ كبنْب كٯبعل لكم جنات كٯبعل لكم أهنارا}‪ .‬كركل مسلم عن أيب ىريرة رضي‬
‫هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬كالذم نفسي بيده لو ٓب تذنبوا‬
‫لذىب هللا بكم ك‪١‬باء بقوـ يذنبوف كيستغفركف هللا فيغفر ‪٥‬بم"‪.‬‬

‫كركل أبو داكد كالَبمذم عن مؤب أليب بكر رضي هللا تعأب عنو عن أيب بكر الصديق رضي هللا‬
‫تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما أصر من استغفر كإف عاد ُب اليوـ سبعْب مرة"‪ ،‬قاؿ‬
‫الَبمذم‪ :‬ليس إسناده ابلقوم‪ .‬كركل الَبمذم عن أنس رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪٠ :‬بعت رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪ :‬قاؿ هللا تعأب‪" :‬اي ابن آدـ إنك ما دعوتِب كرجوتِب غفرت لك على ما كاف منك‬
‫كال أابٕب‪ ،‬اي ابن آدـ لو بلغت ذنوبك عناف السماء ٍب استغفرتِب غفرت لك‪ ،‬اي ابن آدـ كلو‬
‫أتيتِب بقراب األرض خطااي ٍب لقيتِب ال تشرؾ‬
‫يب شيئا ألتيتك بقراهبا مغفرة"‪ .‬كركل ابن ماجة إبسناد جيد عن عبد هللا بن بشّب قاؿ‪ :‬قاؿ‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬طوىب ‪٤‬بن كجد ُب صحيفتو استغفارا كثّبا"‪ .‬كركل البخارم كمسلم عن أيب‬
‫ىريرة أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ فيما ٰبكيو عن ربو عز كجل‪" :‬إذا أذنب عبد ذنبا فقاؿ‪ :‬اللهم‬
‫اغفر ٕب ذنويب فقاؿ تبارؾ كتعأب‪ :‬أذنب عبدم ذنبا فعلم أف لو راب يغفر الذنوب كأيخذ ابلذنب‬
‫فقاؿ‪ :‬أم رب اغفر ٕب ذنيب‪ .‬فقاؿ تبارؾ كتعأب‪ :‬عبدم أذنب ذنبا فعلم أف لو راب يغفر الذنوب‬
‫كأيخذ ابلذنب‪.‬‬
‫ٍب عاد فأذنب فقاؿ‪ :‬أم رب اغفر ٕب ذنيب‪ .‬فقاؿ تبارؾ كتعأب‪ :‬أذنب عبدم ذنبا فعلم أف لو‬
‫راب يغفر الذنوب كأيخذ ابلذنب قد غفرت لو فليفعل ما يشاء"‪ .‬كُب ركاية‪" :‬اعمل ما شئت قد‬
‫غفرت لك"‪ .‬كركل مسلم عن ابن عمر رضي هللا تعأب عنو عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬اي معشر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪417‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النساء أكثرف من االستغفار فإ٘ب رأيتكن أكثر أىل النار‪ ،‬قالت امرأة منهن‪ :‬ما لنا أكثر أىل‬
‫النار؟ قاؿ‪ :‬تكثرف اللعن كتكفرف العثّب‪ ،‬ما رأيت من انقصات عقل كدين أغلب لذم لب‬
‫منكن‪ ،‬قالت‪ :‬ما نقصاف العقل كالدين؟ قاؿ‪ :‬شهادة امرأتْب بشهادة رجل‪ ،‬ك‪ٛ‬بكث‬

‫األايـ ال تصلي "‪ .‬كركل ابن حنبل كا‪٢‬باكم كقاؿ‪ :‬صحيح اإلسناد‪ .‬عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي‬
‫هللا تعأب عنو عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬قاؿ إبليس لعنو هللا‪ :‬كعزتك ال أبرح أغوم عبادؾ ما دامت‬
‫أركاحهم ُب أجسادىم‪ .‬فقاؿ هللا‪ :‬كعزٌب كجبلٕب ال أزاؿ أغفر ‪٥‬بم ما استغفرك٘ب "‪ .‬كُب ترغيب‬
‫الطالب ركل إبسناد ال أبس بو عن الزبّب رضي هللا تعأب عنو أف رجبل جاء إٔب النيب صلى هللا‬
‫عليو كسلم فقاؿ‪ :‬اي رسوؿ هللا أحب أف تقل ذنويب‪ .‬فقاؿ لو النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬استغفر هللا دائما تقل‬
‫ذنوبك"‪.‬‬
‫كُب ترغيب الطالب‪ :‬كركل أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أكثركا من االستغفار فإف االستغفار أيكل‬
‫الذنوب كما أتكل النار ا‪٢‬بطب ككما أتكل الشاة ا‪٣‬بضرة كإف صحيفة ا‪٤‬برء إذا عرج هبا إٔب‬
‫السماء كٓب يكن فيها استغفار ٓب يكن ‪٥‬با نور كإذا طلعت كفيها االستغفار كاف ‪٥‬با نور يتؤللؤ كإف‬
‫ٓب يكن فيها إال استغفار يسّب‪ ،‬كما جلس قوـ ٗبجلس ‪٥‬بو ٍب ختموه ابالستغفار إال كتب ‪٥‬بم‬
‫‪٦‬بلسهم ذلك استغفار كلو"‪.‬‬
‫كركل الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء عن أنس بن مالك هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬جاء رجل إٔب رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم فقاؿ‪ :‬اي رسوؿ هللا إ٘ب أذنب فقاؿ لو النيب ملسو هيلع هللا ىلص إذا أذنبت فاستغفر ربك قاؿ‬
‫فإ٘ب أستغفر ريب ٍب أعود فأذنب قاؿ‪ :‬فإذا أذنبت فاستغفر ربك فقاؿ ُب الرابعة‪ :‬استغفر ربك‬
‫عز كجل حٌب يكوف الشيطاف ىو ا‪٤‬بخسأ‪.‬‬

‫كركل صاحب الفردكس عن أيب الدرداء رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ما من عبد ٱبتم‬
‫صحيفتو عند مغيب الشمس ابالستغفار إال ‪٧‬بي ما دكهنا " كركل أبو منصور الديلمي عن أنس‬
‫بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف لكل صدئ جبلء كإف جبلء‬
‫القلوب االستغفار "‪ .‬كركل الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء عن عائشة رضي هللا تعأب عنها قالت‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ما لقي عبد ربو عز كجل ُب صحيفتو بشيء خّب لو من االستغفار " أىػ‪.‬‬
‫كاألحاديث الواردة ُب فضل االستغفار كثّبة جدا كُب ما ذكرانه كفاية‪ .‬كأما فضل الصبلة على‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص فمعلوـ مشهور بَب ا‪٤‬بسلمْب كيكفي ُب ذلك قولو تبارؾ كتعأب‪{ :‬إف هللا كمبلئكتو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪418‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يصلوف على النيب اي أيها الذين آمنوا صلوا عليو كسلموا تسليما} كأما األحاديث الواردة ُب‬
‫فضلها فكثّبة مشهورة‪ .‬ركل مسلم كأبو داككد كالَبمذم كالنسائي كابن حباف ُب صحيحو‬
‫مرفوعا‪ " :‬من صلى علي كاحدة صلى هللا تعأب عليو هبا عشرا "‪ .‬كركل الَبمذم‪ ":‬من صلى‬
‫علي كاحدة كتب هللا لو هبا عشر حسنات "‪.‬‬
‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كالنسائي كاللفظ لو كابن حباف ُب صحيحو‪ ":‬البخيل من ذكرت عنده فلم‬
‫يصل علي كمن صلى علي مرة كاحدة صلى هللا تعأب عليو هبا عشرا " كُب ركاية " عشر‬
‫صلوات "‪ .‬كركل الطربا٘ب مرفوعا‪ " :‬من صلى علي صبلة كاحدة صلى هللا عليو عشرا كمن‬
‫صلى علي عشرا صلى هللا عليو مائة كمن صلى علي مائة كتب هللا بْب عينيو براءة من النفاؽ‬
‫كبراءة من النار كأسكنو هللا تعأب يوـ القيامة مع الشهداء "‪.‬‬

‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كا‪٢‬باكم كقاؿ صحيح اإلسناد مرفوعا‪ " :‬إف جربيل قاؿ ٕب‪ :‬أال أبشرؾ أف هللا‬
‫عز كجل يقوؿ‪ :‬من صلى عليك صليت عليو كمن سلم عليك سلمت عليو "‪ .‬كركل اإلماـ‬
‫أ‪ٞ‬بد مرفوعا إبسناد حسن‪ :‬من صلى على النيب ملسو هيلع هللا ىلص كاحدة صلى هللا عليو كمبلئكتو سبعْب‬
‫صبلة‪ .‬كركل الطربا٘ب إبسناد حسن مرفوعا‪ " :‬حيث ما كنتم فصلوا فإف صبلتكم تبلغِب "‪.‬‬
‫كركل أبو حفص بن شاىْب‪ ":‬من صلى علي ُب يوـ ا‪١‬بمعة ألف مرة ٓب ٲبت حٌب يرل مقعده ُب‬
‫ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫كركل البيهقي إبسناد حسن‪ ":‬إف صبلة أمٍب تعرض علي ُب كل يوـ ‪ٝ‬بعة فمن كاف أكثرىم‬
‫علي صبلة كاف أقرهبم مِب منزلة"‪ .‬كركل الطربا٘ب مرفوعا‪ ":‬من قاؿ جزل هللا عنا دمحما ما ىو‬
‫أىلو أتعب سبعْب كاتبا ألف صباح" كُب ركاية‪ :‬ألفي صباح " كركل الطربا٘ب مرفوعا‪ " :‬من قاؿ‬
‫اللهم صل على دمحم كأنزلو ا‪٤‬بقعد ا‪٤‬بقرب عندؾ يوـ القيامة كجبت لو شفاعٍب "‪.‬‬
‫كُب لوامع األنوار ُب األدعية كاألذكار لشهاب الدين أ‪ٞ‬بد القسطبل٘ب كٰبكي عن سفياف الثورم‬
‫قاؿ‪ :‬رأيت رجبل من ا‪٢‬بجاج يكثر الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقلت لو‪ :‬ىذا موضع الثناء على هللا‬
‫عز كجل فقاؿ‪ :‬أال أخربؾ أ٘ب كنت ُب بلدم كٕب أخ قد حضرتو الوفاة فنظرت فإذا كجهو قد‬
‫اسود ك‪ٚ‬بيلت أف البيت قد أظلم فأحزنِب ما رأيت من حاؿ أخي فبينما أان كذلك إذ دخل علي‬
‫رجل البيت كجاء إٔب أخي ككجو الرجل كأنو سراج منّب فكشف عن كجو أخي كمسح بيده‬
‫فزاؿ ذلك السواد كصار كجهو كالقمر فلما رأيت ذلك فرحت كقلت لو‪ :‬من أنت جزاؾ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪419‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا تعأب خّبا عما صنعت فقاؿ‪ :‬أان ملك موكل ٗبن يصلي على النيب ملسو هيلع هللا ىلص أفعل بو ىكذا كقد‬
‫كاف أخوؾ يكثر من الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ككاف قد ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كركل‪ :‬إذا كاف يوـ القيامة ٯبيء‬
‫أصحاب ا‪٢‬بديث كمعهم احملابر فيقوؿ هللا تعأب ‪٥‬بم‪ :‬أنتم أصحاب ا‪٢‬بديث طا‪٤‬با كنتم تكتبوف‬
‫الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص انطلقوا إٔب ا‪١‬بنة‪ .‬ركاه الطربا٘ب‪.‬‬
‫كعن الشيخ علي بن عبد الكر‪ٙ‬ب الدمشقي قاؿ‪ :‬رأيت ُب ا‪٤‬بناـ دمحما بن اإلماـ زكي الدين‬
‫ا‪٤‬بنذرم بعد موتو عند كصوؿ ا‪٤‬بلك الصاّب كتزيْب ا‪٤‬بدينة لو فقاؿ ٕب‪ :‬فرحتم ابلسلطاف قلت‪:‬‬
‫نعم فرح الناس بو فقاؿ‪ :‬أما ‪٫‬بن فدخلنا ا‪١‬بنة كقبلنا يده يعِب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كقاؿ‪ :‬أبشركا كل من‬
‫كتب بيده قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬فهم معي ُب ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫كحكى أبو اليمن بن عساكر عن أيب العباس بن عبد الدائم ككاف كثّب النقل لكتب العلم على‬
‫اختبلؼ فنونو أنو حدثو من لفظو قاؿ‪ :‬كنت إذا كتبت ُب كتب ا‪٢‬بديث كغّبىا أكتب لفظ‬
‫الصبلة دكف لفظ التسليم فرأيت النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا‪٤‬بناـ فقاؿ ٕب‪ٓ :‬ب ‪ٙ‬برـ نفسك أربعْب حسنة؟‬
‫قلت‪ :‬ككيف ذلك اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪ :‬إذا جاء ذكرم تكتب صلى هللا عليو كال تكتب كسلم‬
‫كىو أربعة أحرؼ كل حرؼ بعشر حسنات قاؿ‪ :‬كعدىن رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أك كما قاؿ أىػ‪.‬‬
‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كالَبمذم كا‪٢‬باكم كصححو كقاؿ الَبمذم حسن صحيح عن كعب بن عجرة‬
‫قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬اي رسوؿ هللا إ٘ب أكثر الصبلة عليك فكم أجعل لك من صبلٌب؟ قاؿ‪ :‬ما شئت‬
‫قلت‪ :‬الربع قاؿ‪ :‬ما شئت كإف زدت فهم خّب لك قلت‪ :‬النصف قاؿ‪ :‬ما شئت كإف زدت‬
‫فهو خّب لك قلت‪ :‬أجعل لك صبلٌب كلها قاؿ‪ :‬إذف تكفى ٮبك كيغفر ذنبك كُب ركاية ‪٥‬بم‬
‫إذف يكفيك هللا ىم دنياؾ كآخرتك‪ .‬كقولو‪ :‬فكم أجعل لك من صبلٌب؟ قاؿ ا‪٢‬بافظ ا‪٤‬بنذرم‪:‬‬
‫أم كم أجعل لك من دعائي صبلة عليك أىػ‪.‬‬

‫قاؿ الشيخ أبو ا‪٤‬بواىب الشاذٕب‪ :‬رأيت النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم فقلت‪ :‬اي رسوؿ هللا ما‬
‫علي كهتدم ثواب ذلك إٕب‬
‫معُب كعب بن عجرة‪ :‬فكم أجعل لك من صبلٌب؟ قاؿ‪ :‬أف تصلي ٌ‬
‫ال لنفسك‪ .‬كُب لواقح األنوار للقسطبل٘ب‪ :‬كحكى الشيخ أبو حفص عن ا‪٢‬بسن السمرقندم‬
‫فيما يركيو عن بعض األسانيد عن أبيو قاؿ‪ :‬كقف رجل ُب ا‪٢‬برـ ككاف كثّب الصبلة على النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص حيث كاف بْب ا‪٢‬برـ كعرفة كمُب فقلت لو‪ :‬أيها الرجل إف لكل مقاـ مقاال فما ابلك ال‬
‫تشتغل ابلدعاء كال ابلتطوع ابلصبلة سول أنك تصلي على النيب صلى هللا عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪420‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسلم؟ فقاؿ‪ :‬إ٘ب خرجت من خراساف حاجا إٔب ىذا البيت ككاف كالدم معي فلما بلغنا الكوفة‬
‫اعتل كالدم كقويت بو العلة فمات‪ ،‬فلما مات غطيت كجهو إبزارم ٍب غبت عنو كجئت إليو‬
‫فكشفت كجهو ألراه فإذا صورتو كصورة ا‪٢‬بمار‪ ،‬فلما رأيتو كذلك عظم ٮبي كتشوشت بسببو‬
‫كحزنت حزان شديدا كقلت ُب نفسي‪ :‬أظهر للناس ىذا ا‪٢‬باؿ الذم صار كالدم فيو‪ ،‬فقعدت‬
‫عنده مهموما فأخذتِب سنة من النوـ فنمت‪ ،‬فبينما أان انئم إذ رأيت ُب منامي كأف رجبل دخل‬
‫علينا كجاء إٔب كالدم ككشف عن كجهو فنظر إليو ٍب قاؿ ٕب‪ :‬ما ىذا ا‪٥‬بم العظيم الذم أنت‬
‫فيو؟ فقلت‪:‬‬
‫ككيف ال أىتم كقد صار كالدم هبذه احملنة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أبشر إف هللا عز كجل أزاؿ عن كالدؾ ىذه‬
‫احملنة‪ .‬قاؿ‪ٍ :‬ب كشف الغطاء عن كجهو فإذا ىو كالقمر الطالع فقلت للرجل‪ :‬ابهلل من أنت فقد‬
‫كاف قدكمك مباركا؟ فقاؿ‪ :‬أان ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فلما قاؿ ذلك فرحت فرحت عظيما كأخذت‬
‫بطرؼ ردائو ملسو هيلع هللا ىلص فلففتو على يدم كقلت‪ٕ :‬بق هللا اي سيدم اي رسوؿ هللا أال أخربتِب ابلقصة‪،‬‬
‫فقاؿ‪ :‬إف كالدؾ آكل الراب كإف من حكم هللا عز كجل أف من أكل الراب ٰبوؿ هللا صورتو عند‬
‫ا‪٤‬بوت كصورة ا‪٢‬بمار إما ُب الدنيا كإما ُب اآلخرة‪ ،‬كلكن‬

‫علي ُب كل ليلة قبل أف يضطجع إٔب فراشو مائة مرة‪ ،‬فلما‬


‫كاف من عادة كالدؾ أف يصلي ٌ‬
‫علي أعماؿ أمٍب فأخرب٘ب ٕباؿ‬
‫عرضت لو ىذه احملنة من أكل الراب جاء٘ب ا‪٤‬بلك الذم يعرض ٌ‬
‫كالدؾ فسألت هللا تعأب فشفعِب فيو‪ .‬فاستيقظت فكشفت عن كجو كالدم فإذا ىو كالقمر‬
‫ليلة البدر فحمدت هللا تعأب كشكرتو كجهزتو كدفنتو كجلست عند قربه ساعة‪ ،‬فبينما أان بْب‬
‫النائم كاليقظاف إذا أان هباتف يقوؿ ٕب‪ :‬أتعرؼ ىذه الوضاءة الٍب حفت كالدؾ ما كاف سببها؟‬
‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬كاف سببها الصبلة كالسبلـ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫فآليت على نفسي أ٘ب ال أترؾ الصبلة كالسبلـ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص على أم حالة كنت كُب أم‬
‫مكاف كنت اىػ‪ .‬كُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪ :‬أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف نكثر من الصبلة كالتسليم على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ليبل كهنارا‪ ،‬ك نذكر إلخواننا ما ُب‬
‫ذلك من األجر كالثواب كنرغبهم فيو كل الَبغيب إظهارا حملبة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كإف جعلوا ‪٥‬بم‬
‫كردا كل يوـ كليلة كصباحا كمساء من ألف صبلة إٔب عشرة آالؼ صبلة كاف ذلك من أفضل‬
‫األعماؿ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪421‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت سيدم عليا ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬صبلة هللا تعأب على عباده ال يدخلها‬
‫العدد ألنو ليس لصبلتو ابتداء كال انتهاء كإ٭با دخلها العدد من حيث مرتبة العبد ا‪٤‬بصلي ألنو‬
‫مقيد ‪٧‬بصور ابلزماف‪ ،‬فتنزؿ ا‪٢‬بق تعأب للعبد ٕبسب شاكلة العبد كأخرب لو تعأب يصلي على‬
‫عبده بكل مرة عشرا فافهم‪.‬‬

‫كيؤيد ما قلناه كوف العبد يسأؿ هللا تعأب أف يصلي على نبيو دكف أف يقوؿ‪ :‬اللهم إ٘ب صليت‬
‫على دمحم مثبل‪ ،‬ألف العبد إذا كاف ٯبهل رتبة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فرتبة ا‪٢‬بق تعأب أكٔب‪ ،‬فعلم أف تعداد‬
‫الصلوات على النيب ملسو هيلع هللا ىلص إ٭با ىو من حيث سؤالنا ‪٫‬بن هللا تعأب أف يصلي عليو فيحسب لنا كل‬
‫سؤاؿ مرة كٰبتاج ا‪٤‬بصلي عليو إٔب طهارة كحضور مع هللا تعأب ألهنا مناجاة هلل كالصبلة ذات‬
‫الركوع كالسجود كإف ٓب تكن الطهارة ‪٥‬با شرطا ُب صحتها كصاحبها بْب يدم هللا عز كجل ُب‬
‫‪٧‬بل القرب كيسأؿ هللا أف يصلي على‬
‫نبيو كإف كاف الفضل حملمد ملسو هيلع هللا ىلص أصالة فإنو ىو الذم سن لنا أف نصلي عليو ليحصل للمصلي‬
‫الصبلة من هللا تعأب‪ ،‬فمن كاضب على ما ذكرانه كاف لو أجر عظيم كىو ىنا أكٔب ما تقرب بو‬
‫متقرب إليو ملسو هيلع هللا ىلص كما ُب الوجود من جعل هللا تعأب لو ا‪٢‬بل كالربط دنيا كأخرل مثل دمحم صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم‪ ،‬فمن خدمو على الصدؽ كاحملبة كالصفاء دانت لو رقاب ا‪١‬ببابرة كأكرمو ‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب كما ترل ذلك فيمن كاف مقراب عند ملوؾ الدنيا كمن خدـ السيد خدمتو العبيد‪ ،‬ككانت‬
‫ىذه طريقة الشيخ نور الدين الشو٘ب‪ ،‬ككانت‬
‫طريقة الشيخ العارؼ ابهلل تعأب أ‪ٞ‬بد الزكاكم‪ ،‬فكاف كرد الشيخ نور الدين الشو٘ب كل يوـ‬
‫عشرة آالؼ صبلة‪ ،‬ككاف كرد الشيخ أ‪ٞ‬بد الزكاكم أربعْب ألف صبلة‪ .‬كقاؿ ٕب مرة‪ :‬طريقتنا أف‬
‫نستكثر من الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌب يصّب ٯبالسنا يقظة كنصحبو مثل الصحابة كنسألو‬
‫ُب أمور ديننا كعن األحاديث الٍب ضعفها ا‪٢‬بفاظ كتعمل بقولو ملسو هيلع هللا ىلص فيها‪ ،‬ك‪٤‬با ٓب يقع ذلك لنا‬
‫فلسنا من ا‪٤‬بكثرين للصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬كاعلم اي أخي أف طريق الوصوؿ إٔب حضرة هللا تعأب من طريق الصبلة على النيب صلى هللا‬
‫عليو كسلم من أقرب الطرؽ‪ ،‬فمن ٓب ٱبدمو ملسو هيلع هللا ىلص ا‪٣‬بدمة ا‪٣‬باصة بو كطلب دخوؿ حضرة هللا‬
‫تعأب فقد راـ احملاؿ كال ٲبكنو حجاب ا‪٢‬بضرة أف يدخل كذلك ‪١‬بهلو ابألدب مع هللا تعأب‬
‫فحكمو حكم الفبلح إذا طلب االجتماع ابلسلطاف بغّب كاسطة فافهم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪422‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فعليك اي أخي ابإلكثار من الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كلو كنت سا‪٤‬با من ا‪٣‬بطااي‪ ،‬فإف غبلـ‬
‫السلطاف أك عبده إذا سكر ال يتعرض لو الوإب ٖببلؼ من ٓب يكن غبلما لو كيرل نفسو فوؽ‬
‫خداـ السلطاف كعبيده كغّبىم كال يدخل من دائرة الوسائط‪ .‬كما رأينا قط أحدا يتعرض لغبلـ‬
‫الوإب إذا سكر أبدا إكراما للوإب‪ ،‬ككذلك خداـ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ال تتعرض ‪٥‬بم الزابنية يوـ القيامة‬
‫إكراما لرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فقد فعلت ا‪٢‬بماية مع التقصّب ما ال تفعلو األعماؿ الصا‪٢‬بة مع عدـ‬
‫االستناد لرسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم االستناد ا‪٣‬باص‪ ،‬كقد كاف ُب زمن شيخنا الشيخ نور الدين الشو٘ب من ىو أكثر‬
‫علما كعمبل منو كلكنو ٓب يكثر من الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما كاف يكثر الشيخ فلم يكن‬
‫ينقص لو علمو كعلمو إال التقرب الذم فيو الشيخ نور الدين فكانت حوائجو مقضية كطريقتو‬
‫ماشية كسائر العلماء كاجملاذيب ‪ٙ‬ببو كهللا ليس مقصود كل قاصد من ‪ٝ‬بيع الناس على ذكر هللا‬
‫إال للمحبة ُب هللا تعأب كال ‪ٝ‬بعهم على الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص إال احملبة فيو فافهم‪.‬‬

‫قاؿ الشعرا٘ب‪ :‬كقد قدمنا أكائل العهود أف صحبة النيب ملسو هيلع هللا ىلص الصحبة الربزخية ‪ٙ‬بتاج إٔب صفاء‬
‫عظيم حٌب يصلح العبد جملالستو ملسو هيلع هللا ىلص كإف من كانت لو سريرة سيئة يستحيي من ظهورىا ُب‬
‫الدنيا كاآلخرة ال تصلح لو صحبة مع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كلو كاف على عبادة الثقلْب كما ٓب تنفع‬
‫صحبة ا‪٤‬بنافقْب كمثل ذلك تبلكة الكفار القرآف كال ينتفعوف هبا لعدـ إٲباهنم أبحكامو‪.‬‬
‫ركل الثعليب ُب كتاب العرائس‪ :‬أف هلل تعأب خلقا كراء جبل قاؼ ال يعلم عددىم إال هللا ليس‬
‫‪٥‬بم عبادة إال الصبلة على رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم ٍب قاؿ الشعرا٘ب‪ :‬كقد حبب إٕب‬
‫أف أذكر لك اي أخي ‪ٝ‬بلة من فوائد الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص تشويقا لك لعل هللا تعأب أف‬
‫يرزقك ‪٧‬ببتو ا‪٣‬باصة كيصّب شغلك ُب أكثر أكقاتك الصبلة على سوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كتصّب هتدم‬
‫ثواب كل عمل عملتو ُب صحيفة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما أشار إليو كعب بن عجرة‪ :‬إ٘ب أجعل لك‬
‫صبلٌب كلها أم أجعل لك ثواب أعمإب‬
‫فقاؿ لو النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إذف يكفيك هللا ىم دنياؾ كآخرتك من ذلك كىو أٮبها صبلة هللا تعأب‬
‫كسبلمو كمبلئكتو كرسلو على من صلى كسلم عليو كتكفّب ا‪٣‬بطااي كتزكية األعماؿ كرفع‬
‫الدرجات كمنها مغفرة الذنوب كاستغفار الصبلة عليو لقائلها كمنها كتابة قّباط من األجر مثل‬
‫جبل أحد كالكيل اب‪٤‬بكياؿ األكَب كمنها كفاية أمر الدنيا كاآلخرة ‪٤‬بن جعل صبلتو عليو كلها لو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪423‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كما تقدـ كمنها ‪٧‬بو ا‪٣‬بطااي كفضلها على عتق الرقاب كمنها النجاة من سائر األىواؿ كشهادة‬
‫رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم لو هبا يوـ القيامة ككجوب‬

‫الشفاعة كمنها رضى هللا تعأب كر‪ٞ‬بتو كاألماف من سخطو كالدخوؿ ‪ٙ‬بت ظل العرش كمنها‬
‫رجحاف ا‪٤‬بيزاف ُب اآلخرة ككركد ا‪٢‬بوض كاألماف من العطش كمنها العتق من النار كا‪١‬بواز على‬
‫الصراط كالربؽ ا‪٣‬باطف كرؤية ا‪٤‬بقعد ا‪٤‬بقرب من ا‪١‬بنة قبل ا‪٤‬بوت كمنها كثرة األزكاج ُب ا‪١‬بنة‬
‫كا‪٤‬بقاـ الكر‪ٙ‬ب كمنها رجحاهنا على أكثر من عشرين غزكة كقيامها مقامها‪ ،‬كمنها زكاة كطهارة‬
‫ك٭بو ا‪٤‬باؿ بربكتها كمنها أنو تقضى لو بكل صبلة مائة حاجة بل أكثر‪ ،‬كمنها أهنا عبادة كمن‬
‫أحب األعماؿ إٔب هللا تعأب‪ ،‬كمنها أهنا عبلمة على أف صاحبها من أىل ا‪١‬بنة‪،‬‬
‫كمنها أف ا‪٤‬ببلئكة تصلي على صاحبها ما داـ يصلي على النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمنها أهنا تزين اجمللس‬
‫كتنفي الفقر كضيق العيش كمنها أنو يلتمس هبا مظاف ا‪٣‬بّب‪ ،‬كمنها أف صاحبها أكٔب الناس بو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يوـ القيامة‪ ،‬كمنها أنو ينتفع ىو ككالده هبا كبثواهبا ككذلك من أىديت ُب صحيفتو‪ ،‬كمنها‬
‫أهنا تقرب إٔب هللا تعأب كإٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمنها أهنا نور لصاحبها ُب قربه كيوـ حشره كعلى‬
‫الصراط‪ ،‬كمنها أهنا تنصر على األعداء كتربئ القلوب من النفاؽ كالصدأ‪ ،‬كمنها رؤية النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ُب‬
‫ا‪٤‬بناـ كإف أكثر منها ُب اليقظة كىي من أبرؾ األعماؿ كأفضلها كأكثرىا نفعا ُب الدنيا كاآلخرة‬
‫كغّب ذلك من األمور الٍب ال ‪ٚ‬بفى اىػ‪ .‬كعن حذيفة قاؿ‪ :‬الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص تدرؾ الرجل‬
‫ككلده ككلد كلده‪ ،‬ذكره ابن بشكواؿ اىػ‪ .‬كٰبكى أف الشبلي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب قاؿ‪ :‬مات رجل من‬
‫جّبا٘ب فرأيتو ُب ا‪٤‬بناـ فقلت لو‪ :‬ما فعل هللا تعأب بك؟ قاؿ‪ :‬اي شبلي مرت يب أىواؿ عظيمة‬
‫كذلك أنو ارتج علي عند السؤاؿ فقلت ُب نفسي‪ :‬من أين أتى علي؟ أٓب أمت على اإلسبلـ؟‬
‫فنوديت‪ :‬ىذه عقوبة إٮبالك لسانك ُب الدنيا‪.‬‬

‫فلما ىم يب ا‪٤‬بلكاف حاؿ بيِب كبينهما رجل ‪ٝ‬بيل الشخص طيب الرائحة فذكر٘ب حجٍب فقلت‪:‬‬
‫من أنت ير‪ٞ‬بك هللا تعأب؟ قاؿ‪ :‬أان شخص خلقت من صبلتك على النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأمرت أف‬
‫أنصرؾ ُب كل كرب‪ ،‬ذكره ابن بشكواؿ أىػ‪ ،‬انظر لوامع األنوار للقسطبل٘ب‪ .‬كقاؿ ُب الفتح‬
‫ا‪٤‬ببْب‪ :‬الصبلة على سيد السادات من أىم ا‪٤‬بهمات ُب ‪ٝ‬بيع األكقات ‪٤‬بن يريد القرب من رب‬
‫األرضْب كالسماكات كأهنا ٘بلب األسرار كالفتوحات كتصفي البواطن من ‪ٝ‬بيع الكدكرات كأهنا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪424‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تتأكد ُب حق أىل البداية كأرابب اإلرادات كأصحاب النهاايت كيستوم ُب االحتياج‬
‫إليها الطالب كالسالك كا‪٤‬بريد ا‪٤‬بقارب كالعارؼ الواصل‪ ،‬الطالب تربيو كالعارؼ تبقيو بعدما‬
‫تفنيو‪ ،‬كإف شئت قلت‪ :‬الطالب تعينو على السلوؾ‪ ،‬كا‪٤‬بريد ترفعو عند الشكوؾ‪ ،‬كالعارؼ تقوؿ‬
‫لو‪ :‬ىا أنت كربك‪ ،‬كإف شئت قلت‪ :‬الطالب تزيده قوة‪ ،‬كا‪٤‬بريد تكسبو الفتوة‪ ،‬كالعارؼ ‪ٛ‬بسكو‬
‫ُب مقاـ ا‪٥‬بيبة‪ ،‬كإف شئت قلت‪ :‬الطالب ‪ٙ‬بملو كا‪٤‬بريد تكملو كالعارؼ تلونو‪ ،‬كإف شئت قلت‪:‬‬
‫الطالب ‪ٙ‬ببب إليو األعماؿ‪ ،‬كا‪٤‬بريد تكسبو األحواؿ‪ ،‬كالعارؼ تثبتو ُب مقامات ال تزاؿ‪ ،‬كإف‬
‫شئت قلت‪ :‬الطالب تكسبو استنارة‪ ،‬كا‪٤‬بريد ‪ٛ‬بده ابلعبارة‪ ،‬كالعارؼ تغنيو عن‬
‫اإلشارة‪ ،‬كإف شئت قلت‪ :‬الطالب يقول هبا إيقانو‪ ،‬كا‪٤‬بريد يكثر منها إٲبانو‪ ،‬كالعارؼ يزداد منها‬
‫عيانو‪ ،‬كإف شئت قلت‪ :‬الطالب تثبتو كا‪٤‬بريد تزيده كالعارؼ تعينو كإف شئت قلت الطالب‬
‫تكسبو اإلطراؽ كا‪٤‬بريد تفيض عليو اإلشراؽ كالعارؼ تؤيده عند التبلؽ كإف شئت قلت‬
‫الطالب تزداد هبا أنواره كا‪٤‬بريد تفيض منها أسراره كالعارؼ يستوم لربو ليبل كهنارا كإف شئت‬
‫قلت الطالب ‪ٙ‬بببو إليو األعماؿ كا‪٤‬بريد تصحح لديو األحواؿ كالعارؼ تؤيده عند الوصاؿ كإف‬
‫شئت قلت الطالب تزيده تشوقا كا‪٤‬بريد تطربو ‪ٛ‬بلقا كالعارؼ يستمد منها ‪ٙ‬بققا كإف‬

‫شئت قلت الطالب تكسبو النشاط كا‪٤‬بريد ‪ٙ‬بميو من اال‪٫‬بطاط كالعارؼ يتأدب هبا على البساط‬
‫كإف شئت قلت الطالب تكسبو األنوار كا‪٤‬بريد تكشف لو اآلاثر كالعارؼ تلزمو االضطرار كال‬
‫يكوف لو مع غّب هللا قرار كإف شئت قلت الطالب تشومو اب‪٤‬بنامات كا‪٤‬بريد ابلكرامات كالعارؼ‬
‫‪ٙ‬بولو ُب ا‪٤‬بقامات كإف شئت قلت الطالب تؤيده ابلثبوت كا‪٤‬بريد تطلعو على غيب ا‪٤‬بلكوت‬
‫كالعارؼ هتيمو اب‪١‬بربكت كإف شئت قلت الطالب تشوقو إٔب اللقا كا‪٤‬بريد تدعوه للملتقى‬
‫كالعارؼ تزيده ‪ٙ‬بققا اىػ‪.‬‬
‫كلنورد ىنا قصيدة الشيخ ا‪٢‬بضرمي ‪٤‬با ضمنها ر‪ٞ‬بو هللا تعأب من إغراء األحباب على مبلزمة‬
‫خدمة ىذا ا‪١‬بناب كالتمسك هبذا الركاب كإدامة قرع ىذا الباب كىي ىذه‪ :‬صبلة ٍب تسليم‬
‫‪٦‬بدد *** على ا‪٥‬بادم إماـ ا‪٣‬بلق أ‪ٞ‬بد إذا ما شئت ُب الدارين تسعد *** فكثر ابلصبلة على‬
‫دمحم كإف صلْب فابغ األجر فيها *** كشفع ابلصبلة على دمحم كإف شئت القبوؿ هبا يقينا ***‬
‫فختم ابلصبلة على دمحم فبل صوـ يصح كال صبلة *** ‪٤‬بن ترؾ الصبلة على دمحم كفعلك كلو‬
‫عقباه خّب *** إذا صليت فيو على دمحم كقم ُب الليل كادع هللا كارغب *** لربك ابلصبلة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪425‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على دمحم كقل اي رب ال تقطع رجائي *** ككن ٕب ابلصبلة على دمحم فعجل اب‪٤‬بتب على عبيد‬
‫*** توسل ابلصبلة على دمحم ٱباؼ ذموبو لكن كيرجو *** أماان ابلصبلة على دمحم فكن ٕب عند‬
‫خا‪ٛ‬بٍب فإ٘ب *** سألتك ابلصبلة على دمحم فما تتضاعف ا‪٢‬بسنات إال *** بتكريرب الصبلة‬
‫على دمحم كإف أبصرت قوما ليس فيهم *** منيب ابلصبلة على دمحم فجنب عنهم كاطلب‬
‫سواىم *** كذكر ابلصبلة على دمحم فما ا‪٣‬بّبات كالربكات ‪ٝ‬بعا *** ترل إال الصبلة على دمحم‬
‫فما ا‪٣‬بّبات كالربكات إال *** ‪ٝ‬بيعا ابلصبلة على دمحم كخف موالؾ ُب سر كجهر *** كصل‬
‫على‬

‫الشفيع لنا دمحم كإف كانت ذنوبك ليس ‪ٙ‬بصى *** تكفر ابلصبلة على دمحم كإف جاء ا‪٤‬بمات‬
‫ترل أمورا *** تسرؾ ابلصبلة على دمحم كعند القرب تظفر ابألما٘ب *** كترحم ابلصبلة على دمحم‬
‫كال ‪ٚ‬بشى من ا‪٤‬بلكْب رعبا *** إذا سأالؾ قل ‪٥‬بما دمحم رسوؿ هللا حقا اتبعنا *** كآمنا كصدقنا‬
‫دمحم كُب ضيق الضريح لك اتساع *** كتلهم ابلصبلة على دمحم كُب يوـ ا‪٢‬بساب إذا بعثنا ***‬
‫أنمن ابلصبلة على دمحم كأتٌب ا‪٢‬بوض تشرب منو كأسا *** فَبكل ابلصبلة على دمحم كتدخل جنة‬
‫ال موت فيها *** ٗبا قدمت من ذكرل دمحم فهذا كلو من فضل ريب *** ىداان‬
‫ابلصبلة على دمحم كتنعم ابلنعيم كحور عْب *** بدار جاران فيها دمحم كتنظر كجو ربك ذم ا‪١‬ببلؿ‬
‫*** ٕبظك للصبلة على دمحم فتحمده كتشكره كثّبا *** على فضل الصبلة على دمحم رسوؿ‬
‫أبطحي ىامشي *** شفيع ا‪٤‬بذنبْب غدا دمحم سبلـ طيب أرج هبيج *** على ا‪٤‬بختار سيدان دمحم أاي‬
‫ىادم األانـ كاي شفيعا *** كاي خّب الربية اي دمحم عسى منك القبوؿ ‪٢‬بضرمي *** ٱبصك‬
‫ابلتحية اي دمحم قلت‪ :‬أاي ىادم الربااي اي حبييب *** عمادم انصرم غوثي دمحم توؿ أمور عبد‬
‫كىو عمر *** لوعد منك يصدؽ اي دمحم فأنت حياة نفسي ماء عيِب *** كقوت الركح أم‬
‫كهللا أ‪ٞ‬بد كاي خّب الربااي كن شفيعا *** لو دكف انقطاع اي دمحم فائدة ُب اعتبار كثرة ا‪٤‬ببلئكة‬
‫كأهنم أكثر جند هللا تعأب ففي ا‪٢‬بديث عنو ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ‪ ":‬أطت السماء كحق ‪٥‬با أف تئط ما فيها‬
‫موضع قدـ إال كفيو ملك ساجد أك راكع " كركم أف بِب آدـ عشر ا‪١‬بن كا‪١‬بن كبنو آدـ عشر‬
‫حيواانت الرب كىؤالء كلهم عشر حيواانت البحر ككل عشر مبلئكة األرض ا‪٤‬بوكلْب ككل ىؤالء‬
‫عشر مبلئكة ‪٠‬باء الدنيا ككل ىؤالء عشر مكبلئكة السماء الثانية ٍب على ىذا الَبتيب إٔب‬
‫السابعة ٍب الكل ُب مقابلة الكرسي نزر قليل ٍب ىؤالء عشر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪426‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مبلئكة السرادؽ الواحد من سرادقات العرش الٍب عددىا ستمائة ألف سرادؽ طوؿ السرادؽ‬
‫كعرضو ك‪٠‬بكو إذا قوبلت بو السماكات كاألرض كما بينهما فإ٭با تكوف شيئا يسّبا كقدرا صغّبا‬
‫كما من مقدار موضع قدـ منها إال كفيو ملك ساجد أك راكع أك قائم ‪٥‬بم زجلي ابلتسبيح‬
‫كالتقديس ٍب كل ىؤالء ُب مقابلة ا‪٤‬ببلئكة الذين ٰبفوف حوؿ العرش كقطرة ُب ٕبر كال يعلم‬
‫عددىم إال هللا تعأب كقيل‪ :‬حوؿ العرش سبعوف ألف صف من ا‪٤‬ببلئكة يطوفوف بو مهللْب‬
‫كمكربين كمن كرائهم سبعوف ألفا قياما قد كضعوا أيديهم على عواتقهم رافعْب أصواهتم ابلتهليل‬
‫كالتكبّب كمن كرائهم مائة ألف صف قد كضعوا اليمْب على الشماؿ ما منهم أحد إال كىو‬
‫يسبح ٗبا ٓب يسبح بو اآلخر ٍب كل ىؤالء ُب مبلئكة اللوح الذين ىم أشياع إسرافيل عليو السبلـ‬
‫نزر قليل‪ .‬كقيل‪ :‬بْب القائمتْب من قوائم العرش خفقاف الطّب ا‪٤‬بسرع ‪ٜ‬بانْب ألف عاـ‪ ،‬كقيل ُب‬
‫عظم العرش أف لو ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستْب قائمة قدر كل قائمة كالدنيا ألف مرة‪ ،‬كبْب القائمتْب‬
‫ستوف ألف صحراء ُب كل صحراء ستوف ألف عاـ‪ ،‬كفوؽ العرش سبعوف حجااب ُب كل حجاب‬
‫سبعوف ألف عاـ كبْب كل حجاب كحجاب سبعوف ألف عاـ‪ ،‬ككل ذلك معمور اب‪٤‬ببلئكة‬
‫الكراـ‪،‬‬
‫ككذلك ما فوؽ ا‪٢‬بجب السبعْب من عآب الرقا بتشديد الراء كالقاؼ فإف ىؤالء ا‪٤‬ببلئكة كلهم‬
‫يصلوف عشرا على من صلى على النيب ملسو هيلع هللا ىلص مرة كاحدة ىكذا دائما أبدا كثر أك قلل‪ ،‬ىذا ُب‬
‫غّب صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق‪ ،‬كأما ىي فإف من صلى هبا مرة كاحدة كتب لو بكل صبلة صدرت‬
‫من كل ملك ُب العآب بستمائة ألف صبلة مع صبلة كل ملك عليو عشرا فهذا ُب عموـ‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب‪ ،‬كأما صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق فلها ثبلث مراتب‪ :‬مرتبة ظاىرة كمرتبة ابطنة كمرتبة ابطن‬
‫الباطن‪ ،‬ككنت أردت أف أبينها كلها ُب ىذا احملل كأذكر منها العجائب كالغرائب‬

‫لكن منعِب من ذلك عدـ استحقاؽ أكثر الناس معرفة ما ىنالك‪ ،‬فها أان أكتفي بذكر بعض ما‬
‫ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب من ذكر بعض ما ‪ٝ‬بعتو ا‪٤‬برتبة الظاىرة فقط‪ ،‬فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق‪ :‬قاؿ‬
‫شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كأما صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق فإ٘ب سألتو صلى هللا عليو‬
‫كسلم عنها فأخرب٘ب أكال أبهنا بستمائة ألف صبلة فقلت لو‪ :‬ىل ُب ‪ٝ‬بيع تلك الصلوات أجر‬
‫من صلى بستمائة ألف صبلة مفردة؟ فقاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ :‬نعم ٰبصل ُب كل مرة‬
‫منها أجر من صلى بستمائة ألف صبلة مفردة‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪427‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسألتو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ىل يقوـ منها طائر كاحد على ا‪٢‬بد ا‪٤‬بذكور ُب ا‪٢‬بديث لكل صبلة كىو الطائر‬
‫الذم لو سبعوف ألف جناح إٔب آخر ا‪٢‬بديث أـ يقوـ منها ُب كل مرة ستمائة ألف طائر على‬
‫تلك الصفة كثواب تسبيحها للمصلي على النيب ملسو هيلع هللا ىلص؟ فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬يقوـ منها ُب كل صبلة‬
‫ستمائة ألف طائر على تلك الصفة ُب كل مرة كعدد السنة طائر كاحد كما قاؿ الشيخ رضي‬
‫هللا تعأب عنو‪ :‬ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف لساف إٔب أف تعد ‪ٜ‬بانية مراتب‪ ،‬كستمائة‬
‫ك‪ٜ‬بانوف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف لساف إٔب أف‬
‫تعد سبع مراتب‪ ،‬كسبعمائة ألف ألف ألف ألف ألف لساف إٔب أف تعد ‪ٟ‬بس مراتب‪ ،‬فهذا‬
‫‪٦‬بموع عدد األلسنة‪ ،‬ككل لساف يسبح هللا تعأب بسبعْب لغة ُب كل ‪٢‬بظة كثواهبا للمصلي على‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب كل مرة‪ ،‬ىذا ُب غّب الياقوتة الفريدة كأما فيها فإنو ٱبلق ُب كل مرة ستمائة ألف‬
‫طائر على الصفة ا‪٤‬بذكورة كما تقدـ‪.‬‬

‫ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬فسألتو ملسو هيلع هللا ىلص عن حديث أف الصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص تعدؿ‬
‫ثواب أربعمائة غزكة ككل غزكة تعدؿ أربعمائة حجة ىل صحيح أـ ال؟ فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫فسألتو ملسو هيلع هللا ىلص عن عدد ىذه الغزكات ىل يقوـ من صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق مرة أربعمائة غزكة أـ‬
‫يقوـ أربعمائة غزكة لكل صبلة من الستمائة ألف صبلة ككل صبلة على انفرادىا أربعمائة‬
‫غزكة؟ فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ما معناه أف صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق بستمائة ألف صبلة‪ ،‬ككل صبلة من‬
‫الستمائة ألف صبلة‬
‫أبربعمائة غزكة‪ٍ ،‬ب قاؿ بعده ملسو هيلع هللا ىلص أف من صلى هبا ػ أم ابلفاتح ‪٤‬با أغلق اْب ػ مرة كاحدة حصل‬
‫لو ثواب ما إذا صلى بكل صبلة كقعت ُب العآب من كل جن كإنس كملك بستمائة ألف صبلة‬
‫من أكؿ الدىر إٔب كقت تلفظ ا‪٤‬بصلي هبا أم كأنو صلى بكل صبلة ستمائة ألف صبلة من‬
‫‪ٝ‬بيع صلوات ا‪٤‬بصلْب عموما من ملك كجن كإنس‪ ،‬ككل صبلة من ذلك أبربعمائة غزكة‪ ،‬ككل‬
‫صبلة من ذلك بزكجة من ا‪٢‬بور كعشر حسنات ك‪٧‬بو عشر سيئات كرفع عشر درجات كأف هللا‬
‫يصلي عليو كمبلئكتو بكل صبلة عشر مرات‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬فإذا أتملت ىذا بقلبك علمت أف ىذه الصبلة‬
‫ال تقوـ ‪٥‬با عبادة ُب مرة كاحدة فكيف من صلى مرات ماذا لو من الفضل عند هللا تعأب؟ كىذا‬
‫حاصل ُب كل مرة منها‪ٍ .‬ب قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كأخرب٘ب صلى هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪428‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تعأب عليو كسلم أهنا ٓب تكن من أتليف البكرم كلكنو توجو إٔب هللا مدة طويلة أف ٲبنحو صبلة‬
‫على النيب ملسو هيلع هللا ىلص فيها ثواب ‪ٝ‬بيع الصلوات كسر ‪ٝ‬بيع الصلوات كطاؿ طلبو مدة ٍب أجاب هللا‬
‫تعأب دعوتو فأاته ا‪٤‬بلك هبذه الصبلة مكتوبة ُب صحيفة من‬

‫النور‪ٍ ،‬ب قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬فلما أتملت ىذه الصبلة كجدهتا ال‬
‫تزهنا عبادة ‪ٝ‬بيع اإلنس كا‪١‬بن كا‪٤‬ببلئكة‪ٍ .‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬يكتب‬
‫لذاكر الفاتح ‪٤‬با أغلق ستة آالؼ مرة من ذكر كل حيواف ك‪ٝ‬باد كذكر ا‪١‬بمادات ىو ذكرىا‬
‫لبلسم القائم هبا ألف كل ذرة ُب الكوف ‪٥‬با اسم قائمة بو‪ ،‬كأما ا‪٢‬بيواانت فأذكارىا ‪٨‬بتلفة‪ ،‬كا‪٤‬برة‬
‫الواحدة من الفاتح ‪٤‬با أغلق تعدؿ من كل ذكر كمن كل تسبيح كمن كل استغفار كمن كل دعاء‬
‫ُب الكوف صغّبا أك كبّبا سنة آالؼ مرة‪ ،‬كىذا ما أخرب بو سيد الوجود صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم سيدان رضي هللا تعأب عنو من فضل صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق‪ٍ ،‬ب قاؿ رضي‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كخاصية الفاتح ‪٤‬با أغلق أمر إ‪٥‬بي ال مدخل فيو للعقوؿ‪ ،‬فلو‬
‫قدرت مائة ألف أمة ُب كل أمة ألف قبيلة ُب كل قبيلة مائة ألف رجل كعاش كل كاحد منهم‬
‫مائة ألف عاـ يذكر كل كاحد منهم ُب كل يوـ مائة ألف صبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص من غّب الفاتح‬
‫ك‪ٝ‬بع ثواب ىذه األمم كلها ُب مدة ىذه السنْب كلها ُب ىذه األذكار كلها ما ‪٢‬بقوا كلهم ثواب‬
‫مرة كاحدة من صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق‪.‬‬
‫ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬اعلم أنك إذا صليت بصبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق مرة‬
‫كاحدة كانت بستمائة ألف صبلة من كل صبلة كقعت ُب العآب من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بن كاإلنس كا‪٤‬ببلئكة‬
‫ٍب إذا ذكرت الثانية كاف فيها ما ُب األكٔب كصارت األكٔب بستمائة ألف صبلة من صبلة الفاتح‬
‫‪٤‬با أغلق ٍب إذا ذكرت الثالثة كاف فيها ما ُب األكٔب من الصلوات كيزاد ‪٥‬با الفتح ‪٤‬با أغلق‬
‫ستمائة ألف مرتْب فهي اثنا عشر مائة ألف ٍب سر على ىذا التضعيف إٔب العشرة ٍب إٔب مائة‬
‫ككاحدة كاف ُب الواحدة ما ُب األكٔب قبلها كفيها صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق‬

‫ستمائة ألف متضاعفة مائة مرة كذلك ستوف ألف ألف من الفاتح ‪٤‬با أغلق كسر على ىذا‬
‫ا‪٤‬بنواؿ إٔب ألف ككاحدة فيكوف فيها ما ُب األكٔب من األلوؼ كفيها ستمائة من الفاتح ‪٤‬با أغلق‬
‫ألف مرة متضاعفة كذلك ستمائة ألف ألف كىكذا على ىذا ا‪٤‬بنواؿ كىضا الضابط فإذا ذكرىا‬
‫ُب الوقت السحر يكوف كل كاحدمنها ٖبمسمائة فإذا ذكرىا ألفا ككاحدة كاف ُب الواحدة بعد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪429‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األلف ثبل‪ٜ‬بائة ألف ألف ألف ثبلت مراتب كأما ُب األلف ككاحدة فيكوف فيها مائة ك‪ٟ‬بسوف‬
‫ألف ألف ألف ألف أربع مراتب كأربعمائة ك‪ٟ‬بسوف ألف ألف ألف ثبلث مراتب فهذا خاص‬
‫بوقت السحر‬
‫كأما ُب غّبه فهو ما ذكره أكال من التضعيف السابق ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ما صلى علي أحد أبفضل من صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق‪ .‬كقاؿ رضي الو تعأب‬
‫عنو‪ :‬لو اجتمع أىل السماكات السبع كما فيهن كاألرضْب السبع كما فيهن على أٖب يصفوا‬
‫ثواب الفاتح ‪٤‬با أغلق ما قدركا أىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬اعلم أ٘ب كنت عازما على أف ال أذكر من فضل ىذه الصبلة إال ما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب كما‬
‫تقدـ ك‪٤‬با أ‪ٛ‬بمت ما فيو منعتِب الشفقة على الصادقْب من أىل ىذه الطريقة من ذلك فأردت أف‬
‫أزيد على ما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب شيئا قليبل من ثواب مرتبتها الظاىرة ليزدادكا ‪ٛ‬بسكا هبا كثبتا‬
‫عليها كنشاطا ُب ذكرىا رغبة فيها ُب أىلها كاعَباضا عن كل شيطاف من اإلنس كا‪١‬بن مارد‬
‫كجهوؿ معاند حاسد يريد أف يصدىم عن كل خّب كيوقعهم ُب كل شر ك٭بسك عن التوغل فيها‬
‫كعن ذكر فضل مرتبتها الباطنة كعن ابطن الباطن لئبل يدعي معرفة ذلك كاإلذف فيو من‬

‫ليس كذلك على أف من ادعى ما ليس فيو كذبتو شواىد االمتحاف كما قيل‪ :‬من ‪ٙ‬بلى بغّب ما‬
‫ىو فيو *** فضحتو شواىد االمتحاف ألف من ادعى معرفة مراتبها ككونو مأذكان فيها يطلب منو‬
‫إظهار حقائقها كتبيْب مقاصدىا كإبداء أسرارىا ككيفية إدراكها كِب يدرؾ ثواهبا فإف بْب كل‬
‫ا‪٤‬بطلوب فهو كما قاؿ كإال فهو دجاؿ من الدجاجلة مفَب كذاب‪ :‬ىكذا ىكذا كإال فبل ال ***‬
‫طرؽ ا‪١‬بد غّب طرؽ ا‪٤‬بزاح كإذا فهمت ىذا فاعلم أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا‬
‫بو قاؿ‪ :‬اعلم أنو ملسو هيلع هللا ىلص أمر٘ب أف أفصح كأبْب عن حكم ا‪٤‬برتبتْب الظاىرة‬
‫كالباطنة ُب صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق كعن ا‪٤‬برتبتْب الظاىرة كالباطنة ُب الفا‪ٙ‬بة بنية االسم األعظم‬
‫فها أان ‪٩‬بتثل أمره ملسو هيلع هللا ىلص فيما أمر٘ب بو كلكِب أقدـ مقدمة قبل ا‪٤‬بقصود تكوف مهادا لو الحتياح‬
‫الناظر إليها إذ ال يفهم ما ُب ا‪٤‬براتب األربع إال من عرؼ ىذه ا‪٤‬بقدمة كىي أف أركاح‬
‫ا‪٤‬بوجودات كلها انطقها كصامتها كمتحركاهتا كساكنها حيواهنا ك‪ٝ‬بادىا كلها ابلنسبة إٔب هللا عز‬
‫كجل على حد سواء كإ٭با اختلفت خواصها ُب النطق كالصمت كا‪٢‬بكة كالسكوف كا‪٢‬بيوانية‬
‫كا‪١‬بمادية بتخصيص إ‪٥‬بي صدر ذلك التخصيص عن ا‪٤‬بشيئة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪430‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫اإل‪٥‬بية كىذا ُب األركاح كلها كإ٭با االختبلؼ بينها حاصل ابألجساـ الٍب تلبسها األركاح ال ُب‬
‫األركاح ألف األركاح كلها متحركة انطقة حيوانية عا‪٤‬بة عارفة عابدة هلل تعأب ذاكرة دائما أبدا‬
‫سرمدا ببل فتور كىذا العلم كلو غيب عن إدراكات البشرية كا‪١‬بانية ال تعلمو كال يعلمو إال‬
‫الصديقوف كاألقطاب كالنبيوف ال غّب كمن سواىم ال علم لو بو حٌب األكلياء ال يعلمونو كال‬
‫يعلمو إال من كصل إٔب مقاـ الصديقية فقط ٍب اعلم أف األركاح ُب ىذا على حد سواء حٌب‬
‫أركاح البشر كا‪١‬بن كالكفار كأصحاب ا‪٢‬بجاب من ا‪٤‬بؤمنْب فإف أركاحهم‬

‫تناؿ ىذا األمر الذم ذكرانه كال يعلمونو من نفوسهم لكنو مستور عنهم فإنو أ‪ٝ‬بع أىل الكشف‬
‫على أف لكل فرد من ا‪١‬بن كاإلنس ُب غيب ذات نورانية متصلة بذات ذلك الشخص ٱبيط من‬
‫نور تلك الذات النورانية ىي الٍب تعبد هللا تعأب حق عبادتو ُب الغيب كتفعل ما تفعلو األركاح‬
‫ألجل أف الركح من ا‪١‬بن كاإلنس ا‪٫‬بصرت ُب قاركرة ا‪١‬بسم كتلطخت أبكساخو فا‪٫‬بجبت عن‬
‫مطالعة الغيب فصارت تلك الذات النورانية انئبة عنها ُب الغيب تفعل ما تفعلو ‪ٝ‬بيع األركاح‬
‫كال علم ‪١‬بميع ا‪١‬بن كاإلنس هبذا حٌب علماؤىم كإ٭با يدركو أرابب الكشف كالشهود كليس‬
‫للجن كاإلنس انتفاع هبذه العبادة ألف ىذه الذكات ٓب ‪ٚ‬بلق إال لعبادة هللا عز كجل فقط دكف‬
‫طمع كبذلك يتحقق قولو تعأب‪{ :‬كما خلقت ا‪١‬بن كاإلنس إال ليعبدكف} فتعأب هللا أف ٱبلقها‬
‫لعبادتو فتتخلف كلكن طرأ على أركاح ا‪٤‬بكلفْب كأجسامهم حكم القبضتْب ُب األزؿ حيث قاؿ‬
‫ُب قبضة‪ :‬ىؤالء إٔب ا‪١‬بنة كال أابٕب كُب قبضة ىؤالء للنار كال أابٕب كطرأ عليها حكم قولو تعأب‪:‬‬
‫{كال يزالوف ‪٨‬بتلفْب إال من رحم ربك كلذلك خلقهم} كال معارض هلل تعأب ُب حكمو كال منازع‬
‫ُب مراده ُب كل ما أرد ٖبلقو كىذا موقف أصحاب الكشف ابلغيب كالعلماء‬
‫ابهلل تعأب كال يستنكف عغن ىذا العلم كينكره إال ظاىرم جامد على ظاىره فهم ُب حجاب‬
‫كسجن ال يعبأ بقو‪٥‬بم كال إبنكارىم قاؿ ابن عطاء هللا ُب ا‪٢‬بكم الكائن ُب الكوف‪ :‬كٓب تفتح لو‬
‫ميادين الغيوب مسجوف ٗبحيطاتو ‪٧‬بصور ُب ىيكل ذاتو مسجوف ٗبحيطات األكواف كقاؿ صلى‬
‫هللا عليو كسلم‪" :‬إف من العلم كهيئة ا‪٤‬بخزكف ال يعلمو إال العلماء ابهلل تعأب فإذا نطقوا بو ال‬
‫ينكره عليهم إال أىل الغرة ابهلل تعأب " كٗبا ذكران يتحقق قولو سبحانو كتعأب‪{ :‬كإف من شيء‬
‫إال يسبح ٕبمده} كىذا التسبيح صريح ال ضمِب كما يظنو أىل الظاىر بل ىو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪431‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عند الصديقْب كما ذكران‪ٍ .‬ب اعلم أف األركاح كلها ‪٥‬با القوة اإل‪٥‬بية ٘بلى هللا تعأب عليها بصفة‬
‫كبلمو‪ ،‬فكل ركح ُب الكوف ىي قادرة على النطق ٔبميع ألفاظ األكواف كلها ُب لفظة كاحدة‬
‫ككل الصديقْب يعلموف ىذا كال ٯبهلونو‪ ،‬كال ٯبهلو إال أىل الظاىر ألهنم سجونوف ُب سجن‬
‫العقل فالركح كا‪١‬بسد عندىم مهما تكلم بكلمة حجبت عن غّبىا حٌب يفرغ من تلك‬
‫الكلمات‪ ،‬كعند أرابب الكشف أف األركاح كلها قادرة على أف تذكر ‪ٝ‬بيع ألفاظ الكوف ُب‬
‫كلمة كاحدة فتكوف تتكلم ُب الكلمة الواحدة أبمور كثّبة متباينة إٔب غّب هناية أدركوا ىذا كشفا‬
‫كذكقا فإف هللا عز كجل ىو الذم ٘بلى ُب األركاح بذلك كأقدرىا عليو كليس ينكر ىذا إال من‬
‫أنكر قدرة هللا تعأب ُب األمور ا‪٣‬بارقة للعادة كجعل غاية قدرة هللا تعأب ُب األمور العادية فقط‪،‬‬
‫كصاحب ىذا العلم جاىل ابهلل تعأب كليس ىذا احملل ‪٧‬بل البحث ُب إٲبانو ككفره ككيف يتأتى‬
‫ألحد أف يغفل عن قولو تعأب‪{ :‬كٱبلق ما ال تعلموف}‪ .‬قلت‪ :‬كقوؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬كال يستنكف عن ىذا العلم كال ينكره إال ظاىرم جامد على ظاىره‪ ،‬كقولو‪:‬‬
‫ليس ينكر ىذا إال من أنكر قدرة هللا تعأب ُب األمور ا‪٣‬بارقة للعادة ‪..‬‬
‫إٔب آخره قوؿ حق كصدؽ يعلمو كل من لو قدـ ُب الشريعة كا‪٢‬بقيقة‪ .‬قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪:‬‬
‫كبياف التأكيل كاللفظ لو عند قولو تعأب‪{ :‬كإف من ا‪٢‬بجارة ‪٤‬با يتفجر منو األهنار كإف منها ‪٤‬با‬
‫يشقق فيخرج منو ا‪٤‬باء كإف منها ‪٤‬با يهبط من خشية هللا} فإف قلت‪ :‬ا‪٢‬بجر ‪ٝ‬باد ال يعقل كال‬
‫يفهم فكيف ٱبشى قلت‪ :‬إف هللا تعأب قادر على إفهاـ ا‪٢‬بجر كا‪١‬بماد فتعقل ك‪ٚ‬بشى إب‪٥‬بامو ‪٥‬با‬
‫قاؿ‪ :‬كمذىب أىل السنة أف هلل علما ُب ا‪١‬بمادات كا‪٢‬بيواانت كال يقف عليو غّبه فلها صبلة‬
‫كتسبيح كخشية يدؿ عليو قولو سبحانو كتعأب‪{ :‬كإف من شيء إال يسبح ٕبمده}‬

‫كقاؿ تعأب‪{ :‬كالطّب صافات كل قد علم صبلتو كتسبيحو} فيجب على ا‪٤‬برء اإلٲباف بو كبكل‬
‫علمو إٔب هللا تعأب اىػ‪ .‬كُب السراج‪ :‬ركل النيب ملسو هيلع هللا ىلص كاف بثبّب كالكفار يطلبونو فقاؿ ا‪١‬ببل‪ :‬انزؿ‬
‫علي فيعاقبِب هللا تعأب بذلك‪ ،‬فقاؿ لو جبل حراء‪ :‬إٕب إٕب اي رسوؿ‬
‫عِب فإ٘ب أخاؼ أف تؤخذ ٌ‬
‫هللا‪ٍ ،‬ب قاؿ ُب اللباب‪ :‬ركل مسلم عن جابر بن ‪٠‬برة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إ٘ب ألعرؼ‬
‫علي قبل أف أبعث إ٘ب ألعرفو اآلف"‪.‬‬
‫حجرا ٗبكة كاف يسلم ٌ‬
‫كعن علي قاؿ‪" :‬كنت مع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٗبكة فخرجنا إٔب بعض نواحيها فما استقبلو شجر كال‬
‫جبل إال كىو يقوؿ‪" :‬السبلـ عليك اي رسوؿ هللا" أخرجو الَبمذم كقاؿ‪ :‬حديث غريب‪ .‬كركل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪432‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫البخارم عن جابر بن عبد هللا قاؿ‪ :‬كاف ُب مسجد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص جذع ُب قبلتو يقوـ إليو‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب خطبتو‪ ،‬فلما كضع ا‪٤‬بنرب ‪٠‬بعنا للجذع مثل أصوات العشار حٌب نزؿ رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص فوضع يده عليو‪ ،‬كُب ركاية‪ :‬صاحت النخلة صياح الصيب‪ ،‬يسكت حٌب استقرت قاؿ‪:‬‬
‫بكت على ما كانت تسمع من الذكر‪،‬‬
‫قاؿ ‪٦‬باىد‪ :‬ما ينزؿ حجر من أعلى إٔب أسفل إال من خشية هللا تعأب كذلك يشهد ‪٤‬با قلنا اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز‪ :‬ك‪٠‬بعتو يعِب القطب الشيخ عبد العزيز بن مسعود‬
‫الدابغ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ ُب أحاديث تسبيح ا‪٢‬بصى كحنْب ا‪١‬بذع كتسليم ا‪٢‬بجر‬
‫كسجود الشجر ك‪٫‬بوىا من معجزاتو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إف ذلك ىو كبلمها تسبيحها دائما‪ ،‬كإ٭با سأؿ النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ربو أف يزيل ا‪٢‬بجاب عن ا‪٢‬باضرين حٌب يسمعوا ذلك منها‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقلت لو‪ :‬كىل فيها‬
‫حياة كركح؟ فقاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬قد أثبت ‪٥‬با ا‪٢‬بياة صاحب مطالع‬

‫ا‪٤‬بسرات عند قوؿ الشيخ ا‪١‬بزكٕب‪ :‬كما سبح لك من شيء فكل شيء يسبح هلل تعأب‪ ،‬كإف من‬
‫شيء إال يسبح ٕبمده‪ ،‬سبح هلل ما ُب السماكات‪ ،‬كىل ىذا التسبيح بلساف ا‪٢‬باؿ أك بلساف‬
‫ا‪٤‬بقاؿ اختلف ُب ذلك إٔب أف قاؿ‪ :‬بعض ا‪٤‬بشايخ كاف يقوؿ أنو بلساف ا‪٤‬بقاؿ فيثبتو زائدا على‬
‫تسبيح ا‪٢‬باؿ كإال فهو البد منو ُب كل شيء‪ :‬كُب كل شيء لو آية *** تدؿ على أنو كاحد‬
‫كالتسبيح ا‪٤‬بقإب إف كاف على كبلـ نفسا٘ب فهو يستلزـ اإلدراؾ‪ ،‬كاإلدراؾ يستلزـ ا‪٢‬بياة كالبد‬
‫إال أنو إدراؾ خاص مشركط ٕبياة خاصة ال نعرفها بغّب نية كال مزاج‪ ،‬كمن قاعدة أىل‬
‫السنة أف البنية مشركطة للحياة‪ ،‬كأما ‪٦‬برد اللفظ ا‪٤‬بشتمل على ا‪٢‬بركؼ كاألصوات فهو يستلزـ‬
‫ا‪٢‬بياة كاإلدراؾ عند الشيخ أيب ا‪٢‬بسن األشعرم اىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ األكرب ابن العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي‬
‫هنع هللا يضر‪ :‬اعلم أف سر ا‪٢‬بياة سرل ُب ا‪٤‬باء فهو أصل العناصر كاألركاف كلذلك جعل هللا تعأب من‬
‫ا‪٤‬باء كل شيء حي كما ٍب إال كىو حي فإنو ما من شيء إال كىو حي فإنو ما من شيء إال كىو‬
‫يسبح ٕبمد هللا تعأب فبل نفقو تسبيحو إال بكشف إ‪٥‬بي كال يسبح إال حي فكل شيء حي‪.‬‬
‫كقاؿ أيضا‪ :‬جعل هللا تعأب صور العآب تسبح ٕبمده كلكن ال نفقو تسبيحهم ألان ال ‪٫‬بيط ٗبا ُب‬
‫العآب من الصور‪ ،‬كُب شرحو‪ :‬ال ‪٫‬بيط عند ا‪٢‬بجاب ٗبا ُب العآب أم بشيء ‪٩‬با ُب العآب من الصور‬
‫إحاطة تؤدينا إٔب فهم ما ٯبرم على ألسنتها ُب مراتبها ا‪٢‬بسية كا‪٤‬بثالية كالركحية‪ ،‬كأما إذا من هللا‬
‫سبحانو الكشف عن تلك الصور ابإلحاطة هبا فقد نعلم ألسنتها كنفقو تسبيحها‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪433‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب ُب آخر الباب الثا٘ب عشر من الفتوحات ا‪٤‬بكية ا‪٤‬بسمى اب‪١‬بماد‬
‫كالنبات‪ :‬عندان ‪٥‬بم أركاح بطنت عن إدراؾ غّب أىل الكشف أايىا ُب العادة فبل ٰبس هبا مثلما‬
‫ٰبس هبا ا‪٢‬بيواف فإف الكل عند أىل الكشف حيواف انطق‪ ،‬غّب أف ىذا ا‪٤‬بزاج ا‪٣‬باص يسمى‬
‫إنساان ال غّب ك‪٫‬بن زدان مع اإلٲباف ابألخبار الكشف فقد ‪٠‬بعنا األحجار تذكر هللا تعأب لساف‬
‫طلق تسمعو آذاننا منها ك‪ٚ‬باطبنا ‪٨‬باطبة العارفْب ٔببلؿ هللا تعأب ٗبا ليس يدركو كل إنساف‪ ،‬كقد‬
‫قاؿ ُب موضع آخر منو‪ :‬كليس ىذا التسبيح بلساف ا‪٢‬باؿ كما يقولو أىل‬
‫النظر ‪٩‬بن ال كشف لو‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو ُب جواب السؤاؿ الرابع كا‪٣‬بمسْب‪ :‬فأما‬
‫حديث رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب الصوامت فهو عند العامة من علماء الرسوـ‬
‫حديث حاؿ أم يفهم من حالو كذا ككذا حٌب أنو لنطق ٗبا أفهم ىذا الفهم منو قالت القوـ ُب‬
‫مثل ىذا‪ :‬قالت األرض للوتد‪ٓ :‬ب تشقِب؟ قاؿ الوتد ‪٥‬با‪ :‬سلي من يدقِب فهذا عندىم حديث‬
‫حاؿ كعليو خرجوا قولو تعأب‪{ :‬كإف من شيء إال يسبح ٕبمده} كقولو تعأب‪{ :‬إان عرضنا‬
‫األمانة على السماكات كاألرض كا‪١‬بباؿ فأبْب أف ٰبملنها} إابية حاؿ‪ ،‬كأما عند أىل الكشف‬
‫فيسمعوف نطق كل شيء من ‪ٝ‬باد كنبات كحيواف يسمعو العاقل أبذنو ُب عآب ا‪٢‬بس ال ُب عآب‬
‫ا‪٣‬بياؿ كما يسمع نطق ا‪٤‬بتكلم من الناس اىػ‪ .‬كلنعد إٔب كبلـ القطب عبد العزيز فيقوؿ‪ٍ :‬ب قاؿ‬
‫هنع هللا يضر‪ :‬كلكن ا‪٤‬بخلوقات كلها انطقها كصامتها إذا سئلت عن خالقها قالت بلساف فصيح‪ :‬هللا‬
‫تعأب ىو الذم خلقِب فافَباؽ ا‪٤‬بخلوقات إٔب انطق كصامت كحيواف ك‪ٝ‬باد ابلنسبة إٔب‬
‫ا‪٤‬بخلوقات فيما يعرؼ بعضهم من بعض‪ ،‬كأما ابلنسبة إٔب ا‪٣‬بالق سبحانو فالكل بو عارؼ كلو‬
‫عابد كخاشع كخاضع فإف ا‪١‬بمادات ‪٥‬با كجهتاف‪ :‬كجهة إٔب خالقها كىي فيو عا‪٤‬بة بو‬

‫عابدة لو قانتة‪ ،‬ككجهة إلينا كىي أيضا ال تعلم كال تسمع كال تنطق كىذه ىي الٍب سأؿ النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ربو أف يرفعها عن ا‪٢‬باضرين حٌب تظهر ‪٥‬بم الوجهة األخرل إٔب ا‪٣‬بالق سبحانو‪ ،‬كابعتبار‬
‫كجهة ا‪٣‬بالق قاؿ تعأب‪{ :‬كإف من شيء إال يسبح ٕبمده} قاؿ‪ :‬كمن ىذا ا‪٤‬بعُب أجابِب عن‬
‫حكاية سيدان داككد على نبينا كعليو الصبلة كالسبلـ مع الضفدع ‪٤‬با استكثر السيد داككد عليو‬
‫السبلـ تسبيحو لربو عز كجل فشاىد الضفدع ا‪٤‬بذكور يسبح طوؿ عمره ال يفَب طرفة عْب‬
‫فاستصغر سيدان داككد عليو السبلـ حالتو الٍب كاف استكثرىا فقاؿ رضي‬
‫هللا عنو ُب ا‪١‬بواب‪ :‬أف سيدان داككد عليو السبلـ شاىد من الضفدع حالتو ُب الوجهة إٔب ا‪٢‬بق‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪434‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سبحانو كىي حالة الباطن فإف التسبيح فيها دائم ال فتور فيو‪ٍ .‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أف‬
‫لؤلرض علما ىي حاملتو كعارفة بو كما ٰبمل أحدان كتاب هللا عز كجل كيعرفو ككذا لكل ‪٨‬بلوؽ‬
‫من ا‪١‬بمادات علم ىو حامل لو‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ‪ :‬فقلت‪ :‬فتكوف عاقلة عا‪٤‬بة كيف كىي ‪ٝ‬باد؟ فقاؿ رضي هللا تعأب‬
‫عنو‪ :‬إ٭با كانت ‪ٝ‬بادا ُب أعيننا كأما ابلنسبة إٔب خالقها سبحانو فهي بو عارفة كما خبل ‪٨‬بلوؽ‬
‫أم ‪٨‬بلوؽ كاف عن قولو‪ :‬هللا ريب‪ ،‬فهي سارية ُب كل ‪٨‬بلوؽ‪ ،‬كما خبل ‪٨‬بلوؽ أم ‪٨‬بلوؽ كاف عن‬
‫ا‪٣‬بضوع ‪٣‬بالقو سبحانو كا‪٣‬بوؼ منو كا‪٣‬بشية لو كالوجل من سطوتو كالناس يظنوف حيث كجدكا‬
‫أنفسهم جاىلْب ما عليو األرض كغّبىا من ا‪١‬بمادات أهنم ٲبشوف على ‪ٝ‬باد كٯبيئوف كيذىبوف‬
‫على موات كذلك ىو الذم أخبلىم كأىلكهم كلو علم الناس ما عليو األرض ما أمكن‬

‫أحدا أف يعصي هللا عليها أبدا قاؿ‪ :‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كقد كنت قبل أف يفتح علي مع‬
‫سيدم دمحم اللهواج ككاف مفتوحا عليو كذكر أهنما مرا على عْب ٘برم قاؿ‪ :‬فأخذت السنارة‬
‫كجعلت فيها خبزا كأردت أصطاد ا‪٢‬بوت لكثرتو بتلك العْب فرميت السنارة فيها كبقرب عنصر‬
‫ا‪٤‬باء حجرة كبّبة فسمعتها تقوؿ ابلصياح‪ :‬هللا هللا فما فرغت حٌب صاح كل حجر ىناؾ ٍب صاح‬
‫كل حوت كصاح ا‪٢‬بوت الذم أكل الطعاـ ُب الصنارة كمعُب ذلك الصياح هللا هللا أما تتقي هللا‬
‫اي من اشتغل ابالصطياد؟ قاؿ‪ :‬فقلت‪ :‬كىل ‪٠‬بعتم قو‪٥‬با ا‪٣‬بارؽ للعادة بلغة العرب أـ‬
‫بلغة ا‪١‬بمادات؟ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬بلغة ا‪١‬بمادات ك‪٥‬با لغات كألسن تليق بذكاهتا ك‪٠‬باعنا‬
‫‪٥‬با يكوف ابلذات كلها ال ابألذف الذم ُب الرأس فقط‪ٍ .‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو ككنت ذات‬
‫يوـ جالسا ‪ٙ‬بت زيتونة فينما أان كذلك إذا ٔبميع ا‪٢‬بجر صغّبه ككبّبه كاألشجار كاألغصاف‬
‫تسبح هللا تبارؾ كتعأب بلغتها فكدت أىرب ‪٩‬با ‪٠‬بعت كجعلت أنظر إٔب بعض األحجار فأ‪٠‬بع‬
‫منها أصواات عديدة فقلت‪ :‬حجر كاحد كلو أصوات عديدة فتأملتو فإذا ىو معجوف اجتمعت‬
‫فيو عدة أحجار فلذلك تعددت األصوات فيو قلت‪ :‬كقد حصل لو ىذا أكائل فتحو رضي هللا‬
‫تعأب عنو أىػ‪ .‬كقاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬أكٓب يرك إٔب ما خلق هللا من شيء يتفيؤ‬
‫ظبللو عن اليمْب كالشمائل سجدا هلل} ككاف ا‪٢‬بسن يقوؿ أما ظلك فيسجد لربك كأما أنت‬
‫فبل تسجد لربك بئس ما صنعت‪ .‬كعن ‪٦‬باىد‪ :‬ظل الكافر يصلي كىو ال يصلي‪ .‬كقيل ظل كل‬
‫شيء يسجد هلل تعأب سواء كاف ذلك الشيء ساجدا أـ ال أىػ‪ .‬قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬كقاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪435‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٦‬باىد‪ :‬إذا زالت الشمس سجد كل شيء هلل تعأب سواء كاف ذلك الشيء يسجد هلل تعأب أـ ال‬
‫كيقاؿ أف ظل الكافر ساجد هلل تعأب كىو غّب ساجد هلل تعأب أىػ‪.‬‬

‫كقاؿ صاحب اللباب كالسراج كاللفظ لو عند قولو تعأب‪{ :‬كإف من شيء إال يسبح ٕبمده}‪:‬‬
‫كقاؿ إبراىيم النخعي‪ :‬كإف من شيء ‪ٝ‬باد كحي إال يسبح ٕبمد حٌب صرير الباب كنقيق‬
‫السقف‪ .‬كقاؿ ‪٦‬باىد‪ :‬كل األشياء تسبح هلل تعأب حيا كاف أك ‪ٝ‬بادا كتسبيحها سبحاف هللا‬
‫كٕبمده يدؿ على ذلك ما ركم عن بن مسعود‪ :‬كنا نعد اآلايت بركة كأنتم تعدكهنا ‪ٚ‬بويفا كنا مع‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب سفر فقل ا‪٤‬باء فتفل ملسو هيلع هللا ىلص ُب اإلانء ٍب قاؿ‪ " :‬حي على الطهور ا‪٤‬ببارؾ كالربكة‬
‫من هللا تعأب " كلقد رأيت ا‪٤‬باء ينبع من بْب أصابعو صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم كلقد كنا نسمع تسبيح الطعاـ كىو يؤكل‪ .‬قاؿ ُب اللباب أخرجو البخارم‪.‬‬
‫كعن جابر بن ‪٠‬برة أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬إف ٗبكة حجرا كاف يسلم علي ليإب بعثت إ٘ب‬
‫ألعرفو اآلف " قاؿ ُب اللباب أخرجو مسلم‪ .‬كعن ابن عمر أنو ملسو هيلع هللا ىلص كاف ٱبطب إٔب جذع فلما‬
‫ا‪ٚ‬بذ ا‪٤‬بنرب ‪ٙ‬بوؿ إليو فحن ا‪١‬بذع فأاته فمسح يده عليو كُب ركاية فنزؿ فاحتضنو كساره بشيء‬
‫كُب اللباب أخرجو البخارم ففي ىذه األحدايث دليل على أف ا‪١‬بماد يتكلم كأنو يسبح‪.‬‬
‫قاؿ بعض أىل ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬تسبيح السماكات كاألرض كا‪١‬بمادات كا‪٢‬بيواانت سول العقبلء بلساف‬
‫ا‪٢‬باؿ حيث تدؿ على الصانع كقدرتو كلطيف حكمتو فكأهنا تنطق بذلك كيصّب ‪٥‬با ٗبنزلة‬
‫التسبيح قاؿ البغوم‪ :‬كالقوؿ األكؿ ىو ا‪٤‬بنقوؿ عن السلف‪ .‬كقاؿ ابن ا‪٣‬بازف ُب لباب التأكيل‪:‬‬
‫كالقوؿ األكؿ ىو األصح ‪٤‬با دلت عليو األحاديث كأنو منقوؿ عن السلف قاؿ البغوم‪ :‬كاعلم‬
‫أف هلل تعأب علما ُب ا‪١‬بمنادات ال يقف عليو غّبه فينبغي أف يوكل علمو إليو أىػ‪.‬‬

‫كُب لباب التأكيل عند قولو تعأب‪{ :‬أٓب تر أف هللا يسجد لو من ُب السماكات كمن ُب األرض‬
‫كالشمس كالقمر كالنجوـ كا‪١‬بباؿ كالشجر كالدكاب} قيل‪ :‬معُب سجودىا الطاعة فإنو ما من‬
‫‪ٝ‬باد إال كىو مطيع هلل تعأب خاشع كمسبح لو كما كصفها اب‪٣‬بشية كالتسبيح كىذا مذىب أىل‬
‫السنة أىػ‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب ُب ىذا احملل‪ :‬ركم عن عمر بن دينار قاؿ‪٠ :‬بعت رجبل يطوؼ‬
‫ابلبيت كىو يبكي فإذا ىو طاكس فقاؿ‪ :‬أعجبت من بكائي؟ قلت‪ :‬نعم قاؿ‪ :‬كرب الكعبة إف‬
‫ىذا القمر يبكي من خشية هللا تعأب كال ذنب لو أىػ‪.‬‬
‫كفيو أيضا عند قولو تعأب‪{ :‬أٓب تر أف هللا يسبح لو من ُب السماكات كاألررض كالطّب صافات‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪436‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كل قد علم صبلتو كتسبيحو} ركم أف أىب اثبت قاؿ‪ :‬كنت جالسا عند أيب جعفر الباقر فقاؿ‪:‬‬
‫أتدرم ما تقوؿ ىذه العصافّب عند طلوع الشمس كبعد طلوعها؟ قاؿ‪ :‬ال قاؿ‪ :‬فإهنن يقدسن‬
‫هللا رهبن كيسألنو قوت يومهن‪ .‬قاؿ بعض العلماء‪ :‬إان نشاىد من الطيور كسائر ا‪٢‬بيواانت‬
‫أعماال لطيفة يعجز عنها كثّب من العقبلء فإذا كاف كذلك فلم ال ٯبوز أف يلهمها معرفتو كدعاءه‬
‫كتسبيحو كبيانو أنو تعأب أ‪٥‬بمها األعماؿ اللطيفة من كجو أحدىاأف الدب يرمي‬
‫اب‪٢‬بجارة كأيخذ العصا كيرمي اإلنساف حٌب يتوىم أنو مات فيَبكو كرٗبا عاد كيشمو كيتجسس‬
‫نفسو كيصعد الشجر أخف صعود كيهشم ا‪١‬بوز بْب كفيو تعريضا ابلواحدة كصدمو ابألخرل ٍب‬
‫ينفخ فيو فيذر قشره كيتغذل بو‪ .‬كعن الفأر ُب سرقتو أمور عجيبة اثنيها أمر النحل كما ‪٥‬با من‬
‫الرائسة كالبوت ا‪٤‬بهندسة الٍب ال يتمكن من بنائها أفاضل ا‪٤‬بهندسْب اثلثها انتقاؿ الكركي من‬
‫طرؼ من أطراؼ العآب إٔب الطرؼ اآلخر طالبا ما يوافقها من األىوية كيقاؿ‪ :‬من خواص ا‪٣‬بيل‬
‫أف كل كاحد يعرؼ صوت الفرس الذم قاتلو كقتا ما كالتماسيح تفتح أفواىها لطائر‬

‫يقع عليها يقاؿ لو القطقاط كينظف ما بْب أسناهنا كعلى رأس ذلط الطائر كالشوكة فإذا ىم‬
‫التمساح ابلتقاـ ذلك الطائر أتذل من تلك الشوكة فيفتح فاه فيخرج ذلك الطائر‪ .‬كالسلحفاة‬
‫تتناكؿ بعد أكل ا‪٢‬بية سعَبا جبليا ٍب تعود كقد عوفيت من ذلك‪ .‬كحكي عن بعض الثقات‬
‫اجملربْب للصيد أنو شاىد ا‪٢‬ببارم تقاتل األفعى كينهزـ عنها إٔب بقلة يتناكؿ منها ٍب يعود كال يزاؿ‬
‫كذلك ككاف ذلك الشخص قاعدا ُب كن ككانت البقلة قريبة من مسكنو فلما اشتغل ا‪٢‬ببارم‬
‫ابألفعى قلع البقلة فعاد ا‪٢‬ببارم إٔب منبتها فلم ٯبدىا فأخذ يدكر حوؿ منبتها دكراان‬
‫متتابعا حٌب خر ميتا فعلم الشخص أنو يعاِب أبكلها من اللسعة كتلك البقلة ىي الكركاز الربم‪.‬‬
‫كابن عرس يستظهر ُب مقاتلة ا‪٢‬بية أبكل السراب فالنكهة السرابية تنفر عنها األفعى كالكبلب‬
‫إذا داكت بطوهنا أكلت سنبل القمح كإذا خرجت داكت ا‪١‬براحة ابلسعَب ا‪١‬ببلي‪ .‬رابعها القنافذ‬
‫قد ‪ٙ‬بس ابلشماؿ كا‪١‬بنوب قبل ا‪٥‬ببوب فتغّب ا‪٤‬بدخل إٔب جحرىا ككاف رجل ابلقسطنطينية قد‬
‫أثرل بسبب أنو ينذر ابلريح قبل ىبوهبا كينتفع الناس إبنذاره ككاف السبب فيو قنفذا ُب داره‬
‫يفعل الصيغ ا‪٤‬بذكور فيستدؿ بو‪.‬‬
‫كا‪٣‬بطاب صناعة ُب ا‪ٚ‬باذ العش من الطْب كقطع ا‪٣‬بشب فإف أعوزه الطْب ابتل ك‪ٛ‬برغ ُب الَباب‬
‫ليحمل جناحاه قدرا من الطْب كإذا فرغ ابلغ ُب تعهد الفراخ كأتخذ ذرقتها ٗبناقرىا كترميها من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪437‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العش‪ .‬كالغرانيق تصعد ُب ا‪١‬بو عند الطّباف فإف حجب بعضها عن بعض سحاب أك ضباب‬
‫أحدثت عن أجنحتها خفقا مسموعا يتبع بو بعض بعضا كإذا ابتت على جبل فإهنا تضع‬
‫رؤكسها ‪ٙ‬بت أجنحتها إال القائد فإنو يناـ مكشوؼ الرأس فيسرع انتباىو كإذا ‪٠‬بع حسا صاح‪.‬‬

‫كحاؿ النمل ُب الذىاب إٔب مواضعها على خط مستقيم ٰبفظ بعضها بعضا أمر عجيب كإذا‬
‫كشف عن بيوهتا الساتر الذم كاف يسَبىا ككاف ‪ٙ‬بتو بيض ‪٥‬با فإف كل ٭بلة أتخذ بيضة ُب فمها‬
‫كتذىب ُب أسرع كقت‪ .‬كاالستقصاء ُب ىذا الباب مذكور ُب كتب طبائع ا‪٢‬بيواف كا‪٤‬بقصود من‬
‫ذلك أف الفضبلء من العقبلء يعجزكف عن أمثاؿ تلك ا‪٢‬بيل كإذا كاف كذلك فلم ال ٯبوز أف‬
‫يقاؿ أهنا تسبح هللا تعأب كتثِب عليو كإف كانت غّب عارفة بسائر األمور الٍب يعرفها الناس كيؤيد‬
‫ىذا قولو تعأب‪{ :‬كلكن ال تفقهوف تسبيحهم} كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف نوحا عليو‬
‫السبلـ أكصى ابنو عند موتو ببل إلو إال هللا فإف السماكات السبع كاألرضْب السبع لو كن ُب‬
‫حلقة مبهمة قصمتهن كالسبحاف هللا كٕبمده فإهنا صبلة كل شيء كهبا يرزؽ كل ا‪٣‬بلق "‪ .‬كقاؿ‬
‫الغزإب ُب اإلحياء ركم أف رجبل جاء إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬تولت عِب الدنيا كقلت ذات يدم‬
‫فقاؿ لو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬فأين أنت من صبلة ا‪٤‬ببلئكة كتسبيح ا‪٣‬ببلئق كهبا يرزقوف قاؿ‪ :‬فقلت‪:‬‬
‫كما ىي اي رسوؿ هللا قاؿ‪ :‬قل‪ :‬سبحاف هللا كٕبمده سبحاف هللا العظيم مائة مرة ما بْب طلوع‬
‫الفجر إٔب أف يضيء الصبح أتتيك الدنيا راغمة‬
‫صاغرة كٱبلق هللا عز كجل من كل كلمة ملكا يسبح هللا تعأب إٔب يوـ القيامة لك ثوابو أىػ‪ .‬كُب‬
‫لباب التأكيل كالسراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬ككرث سليماف داككد كقاؿ اي أيها الناس علمنا‬
‫منطق الطّب} ركم عن كعب ا‪٢‬ببار أنو قاؿ‪ :‬صاح كرشاف عند سليماف عليو السبلـ فقاؿ‪:‬‬
‫أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬يقوؿ‪ :‬لدكا للموت كابنوا للخراب‪ ،‬كصاحت فاختة فقاؿ‪:‬‬
‫أتدركف ما تقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإهنا تقوؿ‪ :‬اي ليت ىذا ا‪٣‬بلق ٓب ٱبلقوا‪ ،‬كصاح طاككس فقاؿ‪:‬‬
‫أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإنو يقوؿ‪ :‬كما تدين تداف‪ ،‬كصاح ىدىد‬

‫فقاؿ‪ :‬أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإنو يقوؿ‪ :‬من ال يرحم ال ييرحم‪ ،‬كصاح صرد فقاؿ‪:‬‬
‫أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإنو يقوؿ‪ :‬كل كائن حي ميت ككل جديد بلل‪ ،‬كصاح خطاؼ‬
‫فقاؿ‪ :‬أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإنو يقوؿ‪ :‬قدموا خّبا ٘بدكه‪ ،‬كىدلت ‪ٞ‬بامة فقاؿ‪:‬‬
‫أتدركف ما تقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإهنا تقوؿ‪ :‬سبحاف ريب األعلى مؤل ‪٠‬بائو كأرضو‪ ،‬كصاح‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪438‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قمرم فقاؿ‪ :‬أتدركف ما يقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬إنو يقوؿ‪ :‬سبحاف ريب األعلى‪ ،‬قاؿ‪ :‬فالغراب‬
‫يدعو على العشار‪ ،‬كا‪٢‬بدأة تقوؿ‪ :‬كل شيء ىالك إال كجو هللا‪ ،‬كالقطاة تقوؿ‪ :‬من سكت‬
‫سلم‪ ،‬كالببغاء تقوؿ‪ :‬كيل ‪٤‬بن كانت الدنيا ٮبو‪ ،‬كالضفدع يقوؿ‪ :‬سبحاف ريب القدكس كيقوؿ‬
‫أيضا‪ :‬سبحاف ا‪٤‬بذكور بكل لساف‪ ،‬كالبازم يقوؿ‪ :‬سبحاف ريب العظيم كٕبمده‪ .‬كعن مكحوؿ‬
‫قاؿ‪ :‬صاح دراج عند سليماف فقاؿ‪ :‬أتدركف ما تقوؿ؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإنو يقوؿ‪ :‬الر‪ٞ‬بن على‬
‫مر سليماف على بلبل فوؽ شجرة ٰبرؾ رأسو‬
‫العرش استول‪ .‬كركم عن فرقد السنجي قاؿ‪ٌ :‬‬
‫كٲبيل ذنبو فقاؿ ألصحابو‪ :‬أتدركف ما يقوؿ ىذا البلبل؟ قالوا‪ :‬هللا كرسولو أعلم‪ ،‬قاؿ‪ :‬يقوؿ‪:‬‬
‫أكلت نصف ‪ٜ‬برة فعلى الدنيا العفاء كىو ابلفتح كا‪٤‬بد الَباب‪ .‬كقاؿ أبو عبيدة‪ :‬كىو الدركس‪.‬‬
‫كُب حديث صفواف‪ :‬إذا دخلت بيٍب فأكلت رغيفا كشربت عليو ماء فعلى الدنيا العفاء‪ .‬كركم‬
‫أف ‪ٝ‬باعة من اليهود قالوا البن عباس‪ :‬إان سائلوؾ عن سبعة أشياء فإف أخربتنا آمنا كصدقنا‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬اسألوا تفقها كال تسألوا تعنتا‪ ،‬قالوا‪ :‬أخربان ما يقوؿ القنرب ُب صفّبه كالديك ُب صعيقو‬
‫كالضفدع ُب نقيقو كا‪٢‬بمار ُب هنيقو كالفرس ُب صهيلو كما يقوؿ الزرزكر كالدراج‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬أما‬
‫القنرب فيقوؿ‪ :‬اللهم العن مبغضي دمحم كآؿ دمحم‪ ،‬كأما الديك فيقوؿ‪ :‬اذكركا هللا اي غافلْب‪ ،‬كأما‬
‫الضفدع فيقوؿ‪ :‬سبحاف هللا ا‪٤‬بعبود ُب ‪١‬بج البحار‪ ،‬كأما ا‪٢‬بمار‬

‫فيقوؿ‪ :‬اللهم العن العشار‪ ،‬كأما الفرس فيقوؿ‪ :‬إذا التقة الصفاف سبوح قدكس رب ا‪٤‬ببلئكة‬
‫كالركح‪ ،‬كأما الزرزكر فيقوؿ‪ :‬اللهم إ٘ب أسألك قوت يوـ اي رزاؽ‪ ،‬كأما الدراج فيقوؿ‪ :‬الر‪ٞ‬بن‬
‫على العرش استول‪ .‬قاؿ‪ :‬فأسلم اليهود كحسن إسبلمهم‪ .‬كركم عن جعفر بن دمحم الصادؽ عن‬
‫أبيو عن جده عن ا‪٢‬بسْب بن علي قاؿ‪ :‬إذا صاح النسر قاؿ‪ :‬اي ابن آدـ عش ما شئت آخرؾ‬
‫ا‪٤‬بوت‪ ،‬كإذا صاح العقاب قاؿ‪ُ :‬ب البعد من الناس أنس‪ ،‬كإذا صاح القنرب قاؿ‪ :‬إ‪٥‬بي العن‬
‫مبغضي دمحم كآؿ دمحم‪ ،‬كإذا صاح ا‪٣‬بطاؼ قرأ‪{ :‬ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب} كٲبد {كال الضالْب}‬
‫كما‬
‫ٲبد القارئ اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كيكفي ُب الرد على ا‪٤‬بنكر قولو تعأب‪{ :‬قالت ٭بلة اي أيها النمل ادخلوا‬
‫مساكنكم} اآلية‪ ،‬حٌب أثبت ‪٥‬با أىل ا‪٤‬بعا٘ب أنواعا من الببلغة ُب ىذا الكبلـ ا‪٤‬بوجز حيث‬
‫اندت كنبهت ك‪٠‬بت كأمرت كنصت كحذرت كخصت كعمت كأشارت كأعذرت ككجهة‪ ،‬اندت‬
‫اي نبهت ىا ‪٠‬بت النمل أمرت ادخلوا نصت مساكنكم حذرت ال ٰبطمنكم خصت سليماف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪439‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عممت جنوده أشارت كىم أنذرت ال يشعركف ك‪٤‬با كاف ىذا أمرا معجبا ‪٤‬با فيو من جزالة‬
‫األلفاظ كجبللة ا‪٤‬بعا٘ب تسبب عنو قولو‪{ :‬فتبسم ضاحكا من قو‪٥‬با} أم‪٤ :‬با أكتيتو من الفصاحة‬
‫كالبياف كسركرا ٗبا‬
‫كصفتو من العدؿ ُب أنو ىو كجنوده ال يؤذكف أحدا كىم يعلموف كٗبا آاته هللا تعأب من ‪٠‬بعو‬
‫كبلـ النملة كإحاطتو اىػ‪ ،‬انظر السراج ا‪٤‬بنّب‪ .‬كُب لباب التأكيل كالسراج ا‪٤‬بنّب كاللفظ لو عند‬
‫قولو تعأب‪{ :‬كتفقد الطّب فقاؿ مإب ال أرل ا‪٥‬بدىد أـ كاف من الغائبْب} ككاف سبب غيبة‬
‫ا‪٥‬بدىد على ما ذكره العلماء أف سليماف ‪٤‬با فرغ من بناء بيت ا‪٤‬بقدس عزـ على ا‪٣‬بركج إٔب‬
‫أرض ا‪٢‬برـ فتجهز للمسّب كاصطحب من ا‪١‬بن كاإلنس كالشياطْب كالطّب كالوحوش ما بلغ‬
‫معسكره مائة فرسخ فحملتهم الريح‪ ،‬فلما كاَب ا‪٢‬برـ أقاـ بو ما شاء هللا أف يقيم‬

‫ككاف ينحر ُب كل يوـ مدة مقامو ٗبكة ‪ٟ‬بسة آالؼ انقة كيذبح ‪ٟ‬بسة آالؼ بقرة كعشرين ألف‬
‫شاة‪ ،‬كقاؿ ‪٤‬بن حضره من أشراؼ قومو‪ :‬إف ىذا ا‪٤‬بكاف ٱبرج منو نيب عريب صفتو كذا ككذا‬
‫كيعطي النصر على ‪ٝ‬بيع من انكأه كتبلغ ىيبتو مسّبة شهر‪ ،‬القريب كالبعيد عنده ُب ا‪٢‬بق سواء‬
‫ال أتخذه ُب هللا لومة الئم‪ ،‬قالوا لو‪ :‬فبأم دين يدين اي نيب هللا؟ قاؿ‪ :‬بدين ا‪٢‬بنيفية فطوىب ‪٤‬بن‬
‫أدركو كآمن بو‪ ،‬قالوا‪ :‬فكم بيننا كبْب خركجو اي نيب هللا؟ قاؿ‪ :‬مقدار ألف عاـ فليبلغ الشاىد‬
‫منكم الغائب فإنو سيد األنبياء كخاًب الرسل كأقاـ ٗبكة حٌب قضى نسكو ٍب‬
‫خرج منها صباحا كسار ‪٫‬بو اليمن فواَب صنعاء كقت الزكاؿ كذلك مسّبة شهر فرأل أرضا‬
‫حسنا تزىو خضرهتا فأحب النزكؿ ليصلي كيتغذل فلما نزؿ قاؿ ا‪٥‬بدىد‪ :‬إف سليماف اشتغل‬
‫ابلنزكؿ فارتفع ‪٫‬بو السماء فنظر إٔب طوؿ الدنيا كعرضها ٲبينا كمشاال فرأل بستاان لبلقيس فماؿ‬
‫إٔب ا‪٣‬بضرة فوقع فيو فإذا ىو هبدىد من ىداىد اليمن فهبط عليو ككاف اسم ىدىد سليماف‬
‫يعفور فقاؿ ىدىد اليمن ليعفور‪ :‬من أين أقبلت كأين تريد؟ قاؿ‪ :‬أقبلت من الشاـ مع صاحيب‬
‫سليماف بن داككد عليهما السبلـ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كمن سليماف؟ قاؿ‪ :‬ملك ا‪١‬بن كاإلنس كالشياطْب‬
‫كالطّب‬
‫كالوحوش كالريح كذكر لو من عظمة ملك سليماف كما سخر هللا لو من كل شيء فمن أين‬
‫أنت؟ فقاؿ لو ا‪٥‬بدىد اآلخر‪ :‬أان من ىذه الببلد ككصف لو ملك بلقيس كأف ‪ٙ‬بت يدىا اثنا‬
‫عشر ألف قائد‪ٙ ،‬بت كل قائد مائة ألف مقاتل‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬فهل أنت منطلق معي حٌب تنظر إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪440‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ملكها‪ ،‬قاؿ‪ :‬أخاؼ أف يتفقد٘ب سليماف ُب كقت الصبلة إذا احتاج إٔب ا‪٤‬باء‪ ،‬فقاؿ ا‪٥‬بدىد‬
‫الثا٘ب‪ :‬إف صاحبك يسره أف أتتيو ٖبرب ىذه ا‪٤‬بلكة‪ ،‬فانطلق معو كنظر إٔب ملك بلقيس كما رجع‬
‫إٔب سليماف إال بعد العصر ككاف سليماف قد نزؿ على غّب ماء‪.‬‬

‫قاؿ ابن العباس‪ :‬ككاف ا‪٥‬بدىد دليل سليماف على ا‪٤‬باء ككاف يعرؼ ا‪٤‬باء كيرل ا‪٤‬باء ‪ٙ‬بت األرض‬
‫كما يرل ُب الزجاجة كيعرؼ قربو كبعده فينقر األرض ٍب ٘بيء الشياطْب فيسلخوهنا كما يسلخ‬
‫اإلىاب كيستخرجوف ا‪٤‬باء إٔب أف قاؿ‪ :‬فلما دخل على سليماف كقت الصبلة سأؿ اإلنس‬
‫كا‪١‬بن كالشياطْب عن ا‪٤‬باء فلم يعلموه فتفقد ا‪٥‬بدىد فلم ٯبده فدعا عريف الطّب كىو النسر‬
‫فسألو عن ا‪٥‬بدىد فقاؿ‪ :‬أصلح هللا تعأب ا‪٤‬بلك ما أدرم أين ىو كال أرسلتو إٔب مكاف‪ ،‬فغضب‬
‫سليماف عند ذلك كقاؿ‪{ :‬ألعذبنو عذااب شديدا أك ألذٕبنو أك لياتيِب بسلطاف مبْب} إٔب أف‬
‫علي اب‪٥‬بدىد الساعة‪ ،‬فرفع العقاب نفسو دكف‬
‫قاؿ‪ٍ :‬ب دعا ابلعقاب سيد الطّب فقاؿ لو‪ٌ :‬‬
‫السماء حٌب التزؽ اب‪٥‬بواء فنظر إٔب الدنيا كالقصعة ُب يد الرجل ٍب التفت ٲبينا كمشاال فإذا ىو‬
‫اب‪٥‬بدىد مقببل من ‪٫‬بو اليمْب فانقض عليو العقاب يريده‪ ،‬فلما رأل ا‪٥‬بدىد ذلك علم أف‬
‫العقاب يقصده هبدكء انشده كقاؿ‪ :‬أسألك ٕبق الذم قواؾ كأقدرؾ علي إال ما ر‪ٞ‬بتِب كٓب‬
‫تتعرض ٕب بسوء فَبكو ٍب قاؿ‪ :‬كيلك ثكلتك أمك إف نيب هللا قد حلف ليعذبنك أك يذٕبنك‬
‫فقاؿ‪ :‬أك ما استثُب نيب هللا؟ قاؿ‪ :‬بلى قاؿ‪ :‬أك ليأتيِب بسلطاف مبْب‪ ،‬قاؿ ا‪٥‬بدىد‪ :‬قد ‪٪‬بوت‬
‫إذا‪ٍ ،‬ب طارا متوجهْب ‪٫‬بو سليماف عليو السبلـ فلما انتهيا إٔب ا‪٤‬بعسكر تلقاه النسر كالطّب فقاال‬
‫لو‪ :‬أين غبت ُب يومك ىذا فلقد توعدؾ نيب هللا كأخربكه ٗبا قاؿ‪ ،‬فقاؿ ا‪٥‬بدىد‪ :‬أك ما استثُب‬
‫نيب هللا عليو السبلـ‪ ،‬قاال‪ :‬بلى قاؿ‪ :‬أك ليأتيِب بسلطاف مبْب‪ ،‬قاؿ‪ :‬قد ‪٪‬بوت إذا‪ٍ ،‬ب طار‬
‫ا‪٥‬بدىد كالعقاب حٌب أتيا سليماف ككاف قاعدا على كرسيو فقاؿ العقاب‪ :‬قد أتيتك بو اي نيب هللا‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬فلما قرب منو ا‪٥‬بدىد أرخى ذنبو كجناحيو ٯبرٮبا على األرض تواضعا لسليماف‪ ،‬فلما‬
‫دان منو أخذ برأسو فمده إليو كقاؿ لو‪ :‬أين كنت ألعذبنك عذااب‬

‫شديدا قاؿ لو ا‪٥‬بدىد‪ :‬اي نيب هللا اذكر كقوفك بْب يدم هللا تعأب‪ ،‬فلما ‪٠‬بع سليماف ذلك منو‬
‫ارتعد كعفا عنو ٍب سألو‪ :‬ما الذم أبطأؾ عِب؟ اىػ‪ٍ .‬ب قاؿ ُب السراج‪{ :‬فقاؿ أحطت} أم علما‬
‫ٗبا ٓب ‪ٙ‬بط بو كجئتك أم اآلف من سبأ بنبأ أم خرب يقْب أم ‪٧‬بقق‪ ،‬فقاؿ سليماف‪ :‬كما ذلك؟‬
‫قاؿ‪{ :‬إ٘ب كجدت امرأة ‪ٛ‬بلكهم كأكتيت من كل شيء ك‪٥‬با عرش عظيم} ك‪٤‬با كاف ا‪٥‬بدىد ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪441‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫خدمة أقرب أىل ذلك الزماف إٔب هللا تعأب فحصل لو من النورانية ما حصل لو‪ ،‬قاؿ مستأنفا‬
‫معجبا‪{ :‬كجدهتا كقومها يسجدكف للشمس من دكف هللا كزين ‪٥‬بم الشيطاف أعما‪٥‬بم} ٍب‬
‫تسبب عن ذلك ضبل‪٥‬بم فلهذا قاؿ‪{ :‬فهم ال يهتدكف أال يسجدكا هلل الذم ٱبرج ا‪٣‬ببء ُب‬
‫السماكات كاألرض كيعلم ما ٱبفوف كما يعلنوف هللا ال إلو إال ىو رب العرش العظيم} فإف قيل‪:‬‬
‫من أين للهدىد التهدم إٔب معرفة هللا تعأب ككجوب السجود لو كإنكاره سجودىم للشمس‬
‫كإضافتو إٔب الشيطاف كتزيينو‪ ،‬أجيب أبنو ال يبعد أف يلهمو هللا تعأب ذلك كما أ‪٥‬بم غّبه من‬
‫الطيور كسائر ا‪٢‬بيواانت ا‪٤‬بعارؼ اللطيفة الٍب ال يكاد ذكك العقوؿ الراجحة يهتدكف ‪٥‬با خصوصا‬
‫ُب زمن نيب سخرت لو الطيور كعلم منطقها كجعل ذلك معجزة‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬ك‪٤‬با فرغ ا‪٥‬بدىد‬
‫من كبلمو قاؿ سليماف‪ :‬سننظر أصدقت فيو فنعذرؾ أـ كنت من الكاذبْب اذىب بكتايب ىذا‬
‫فألقو إليهم‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬إذا ألقيتو إليهم توؿ أم تنح عنهم إٔب مكاف تسمع فيو كبلمهم كال يصلوف‬
‫معو إليك فانظر ماذا يرجعوف أم يردكف من ا‪١‬بواب اىػ‪ٍ .‬ب قاؿ ُب اللباب كالسراج كاللفظ لو‪:‬‬
‫فأخذ ا‪٥‬بدىد الكتاب كأتى بو إٔب بلقيس ككانت أبرض يقاؿ ‪٥‬با مأرب من صنعاء على ثبلثة‬
‫أايـ‪.‬‬

‫قاؿ قتادة‪ :‬فوافاىا ُب قصرىا كقد غلقت األبواب ككانت إذا رقدت غلقت األبواب كأخذت‬
‫ا‪٤‬بفاتيح فوضعت ‪ٙ‬بت رأسها فأاتىا ا‪٥‬بدىد كىي انئمة مستلقية على قفاىا فألقى الكتاب على‬
‫‪٫‬برىا‪ ،‬كقيل‪ :‬نقرىا فانتبهت فزعة‪ .‬كقاؿ مقاتل‪ٞ :‬بل ا‪٥‬بدىد الكتاب ٗبنقاره حٌب كقف على‬
‫رأس ا‪٤‬برأة كحو‪٥‬با القادة كا‪١‬بنود فرفرؼ ساعة كالناس ينظركف إليو حٌب رفعت ا‪٤‬برأة رأسها‬
‫فألقى الكتاب ُب حجرىا‪.‬‬
‫كقاؿ كىب بن منبو كابن زيد‪ :‬كانت ‪٥‬با كوة مستقبلة الشمس تقع الشمس فيها حْب تطلع فإذا‬
‫نظرت إليها سجدت ‪٥‬با فجاء ا‪٥‬بدىد إٔب الكوة فسدىا ٔبناحيو فارتفعت الشمس كٓب تعلم هبا‪،‬‬
‫فلما استبطأت الشمس قامت تنظر إليها فرمى ابلصحيفة إليها فأخذت بلقيس الكتاب ككانت‬
‫قارئة اىػ‪ٍ .‬ب قاؿ صاحب اإلبريز‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إف الثور إذا رأل ثورا آخر‬
‫تكلم معو ٗبا كقع لو ُب سائر يومو فيقوؿ لو‪ :‬رعيت عشية كذا ككذا كشربت ماء كذا ككذا كبقي‬
‫ُب خاطرم كذا‪ ،‬فيجيب اآلخر ٗبثل ذلك كيتحداثف ٗبا شاء هللا تعأب كُب كبلمهما‬
‫تقطيع كتقدير ٗبنزلة ا‪٢‬بركؼ كا‪٤‬بخارج من كبلمنا كلكن ذلك ‪٧‬بجوب عنا ككذا كبلـ سائر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪442‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بيواانت كاألشجار كاألحجار كما أنو حجب عنها ‪٠‬باع كبلمنا ٗبخارجو كحركفو ا‪٤‬بقطعة بل ال‬
‫يسمعوف منو إال صياحا كأصواات‪ ،‬كأما من فتح هللا عليو فإنو يسمع كبلمها كيفهم معناه كيعرؼ‬
‫التقطيعات الٍب فيو كفهمو ابلركح‪ ،‬كالركح تعرؼ ا‪٤‬بقاصد كاألغراض قبل النطق هبا‪ ،‬كمادمت ٓب‬
‫تر مفتوحا عليو من العجم كمفتوحا عليو من العرب كٮبا يتحداثف سائر يومهما يتكلم ىذا‬
‫بعجميتو كٯبيب اآلخر بعربيتو فإنك ٓب تر شيئا‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬كم مرة أذىب ألقضي حاجٍب ُب بيت الوضوء فأرجع‬
‫من غّب قضائها ‪٤‬با أ‪٠‬بع من ذكر ا‪٤‬باء السم ا‪١‬ببللة اىػ‪ .‬ك‪٩‬با يؤيد كبلـ الشيخ رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنا بو ُب قوؿ الشيخ الور٘بيِب ُب عرائس البياف عند قولو تعأب‪{ :‬يسبح لو‬
‫السماكات السبع كاألرض كمن فيهن كإف من شيء إال يسبح ٕبمده كلكن ال تفقهوف‬
‫تسبيحهم}‪ :‬إف هللا سبحانو أكجد ا‪٣‬بلق بقدرتو القدٲبة األزلية كا‪٤‬بشيئة السابقة كاإلرادة القائمة‬
‫بذاتو كعلمو كحكمتو فخرج الكوف من العدـ ‪٩‬با ظهر عليها صفات القدـ فباشر أنوار‬
‫قدرتو الوجود فأثرت قدرتو كمباشرهتا ُب األشياء األركاح ا‪٢‬بضرية كالعقوؿ الرابنية كاأللسنة‬
‫ا‪٢‬بيارية كا‪٤‬بعرفة األبدية كرفع ا‪٢‬بجاب من بينها كبْب معادف القدرة كمصادر الفعل فشاىدت‬
‫األشياء مصادرىا فاىتزت أركاحها بنعت عشقها إٔب معادىا كتكلمت ألسنتها بقدس خالقها‬
‫كتقديس ابرئها كتسبيح صانعها كذلك من حياة انقصة شائعة من أتثّب ا‪٢‬بياة األزلية فالكل ُب‬
‫حياهتا قائمة بتلك ا‪٢‬بياة مسبحة لصانعها بتلك األلسنة كذلك من استيبلء غواشي أنوار القدرة‬
‫كسبحات العظمة عليها فالسماكات تسبح لو بلساف العظمة كاألرض تسبح لو بلساف‬
‫القدرة كمن فيهن يسبح لو من ذكات األركاح كا‪٢‬بياة أبلسنة الصفات كاألفعاؿ على قدر‬
‫مراتبهم ك‪ٝ‬بيع األشياء تسبح لو الناميات كا‪١‬بمادات ابلظاىر من قوؿ أىل الرسوـ ال من قوؿ‬
‫أىل ا‪٤‬بعرفة يسبح بلساف األكصاؼ كاأل‪٠‬باء كالنعوت كالعارفوف بو من بينهم يسبحوف لو‬
‫ابأللسنة الذاتية ألهنم ُب شركؽ مشوس األزؿ كأنوار طلوع أقمار اآلابد كلكن ال يعرؼ تسبيح‬
‫ا‪١‬بميع إال من ٘بلى ا‪٢‬بق لسره كركحو كعقلو كقلبو كصورتو ٔبميع الذات كالصفات كاألشياء‬
‫الغيبية ركحانية ملكوتية تسبح ا‪٢‬بق هبا بلغات غيبية كإشارات أزلية كال يسمعها إال أىل‬

‫شهود الغيب الذين ينطقوف اب‪٢‬بق كيسمعوف اب‪٢‬بق كيعقلوف اب‪٢‬بق كيعرفوف ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق كينظركف‬
‫اب‪٢‬بق إٔب ا‪٢‬بق كتصديق ما ذكران ُب تسبيح ا‪١‬بمادات ما ركل أنس بن مالك قاؿ‪ :‬كنا عند‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪443‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فأخذ كفا من حصى فسبحن ُب يد رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌب ‪٠‬بعنا التسبيح ٍب صبهن‬
‫ُب يد أيب بكر فسبحن ُب يد أيب بكر حٌب ‪٠‬بعنا التسبيح ٍب صبهن ُب يد عمر فسبحن حٌب‬
‫‪٠‬بعنا التسبيح ٍب صبهن ُب أيدينا فما سبحن ُب أيدينا " كالدليل على صدؽ ىذا ا‪٢‬بديث قولو‬
‫تعأب‪{ :‬اي جباؿ أكيب معو} أك سبحي معو كمعركؼ أف ا‪١‬بباؿ‬
‫تسبحن بتسبيح داككد عليو السبلـ‪ .‬كعن جعفر بن دمحم عن أبيو قاؿ‪ :‬مرض رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم فأاته جربيل عليو السبلـ بطبق فيو رماف كعنب فأكل النيب ملسو هيلع هللا ىلص فسبحن ٍب دخل‬
‫ا‪٢‬بسن كا‪٢‬بسْب فتناكال منو فسبح العنب كالرماف ٍب دخل علي رضي هللا تعأب عنو فتناكؿ منو‬
‫فسبح أيضا ٍب دخل رجل من أصحابو فتناكؿ فلم يسبحن فقاؿ جربيل‪ :‬إ٭با أيكل ىذا نيب أك‬
‫كلد نيب‪.‬‬
‫كأصدؽ التصديق قولو سبحانو ُب آخر اآلية‪{ :‬إنو كاف حليما غفورا} كمن حلمو كغفرانو أنو‬
‫عرؼ ا‪٤‬بخلوقات كلها نفسو بصفاتو القدٲبة األزلية كلوال حلمو كغفرانو ما كاف الكوف كٓب يكن‬
‫لساف يذكره كلكن بكرمو كر‪ٞ‬بتو كىب للكل من سلطانو كبرىانو لساان يسبح ٕبمده ك‪ٞ‬بده‬
‫شامل لكل ذرة كثناؤه ُب لساف كل ذرة سبحاف الغِب احملسن كىب عطاءه العميم كالكرـ القد‪ٙ‬ب‬
‫بغّب استحقاؽ من الكوف كال يبإب‪.‬‬

‫قاؿ أبو عثماف ا‪٤‬بغريب‪ :‬ا‪٤‬بكوانت كلها يسبحن هللا ابخبلؼ اللغات كلكن ال يسمع تسبيحها‬
‫كال يفقو عنها ذلك إال العلماء الرابنيوف الذم فتحت أ‪٠‬باع قلوهبم أىػ‪ .‬قلت‪ :‬كيكفي ُب ىذه‬
‫ا‪٤‬بسألة قولو تعأب‪{ :‬قالو أنطقنا هللا الذم أنطق كل شيء}‪ .‬قلت‪ :‬كإذا تقرر كاتضح كظهر‬
‫صحة كبلـ الشيخ ظهورا ال غبار عليو كتبْب جهل من لعلو قد يعَبض عليو فلنرجع إٔب ما كنا‬
‫بصدده فنقوؿ‪ٍ :‬ب قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬فإذا عرفت ىذا فاعلم أف‬
‫أركاح ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات فردا فردا من كل ما سول هللا تعأب ُب كل حملة من الزماف‬
‫مشتغلة أبمور ال تنفك عنها حٌب طرفة عْب كتلك األمور ىي صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق كفا‪ٙ‬بة‬
‫الكتاب ك‪ٝ‬بيع القرآف كاالسم الذم خلقها بو كاالسم األعظم الكبّب كالتسبيح ا‪٣‬باص هبا‪،‬‬
‫كقولنا‪ :‬االسم الذم خلقها بو إذ لكل ركح اسم من أ‪٠‬باء هللا تعأب خلقها بو كبو قوامها ال‬
‫تشَبؾ ركحاف فأكثر ُب اسم كاحد فهي ُب كل كمقدار طرفة عْب تذكر ىذه األمور بتمامها كإذا‬
‫عرفت ىذا عرفت ما تذكره بعد ىذا كىذا أكاف الشركع ُب ا‪٤‬بقصود فسلم األمور كال تنكر فإذا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪444‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أخذانه من كجو ال أيتيو الباطل من بْب يديو كال من خلفو بل ىو ُب ‪ٙ‬بقيقو ككضوحو‬
‫أشد كضوحا من الشمس ُب كقت الظهّبة صيفا‪ :‬أما ا‪٤‬برتبة الظاىرة ُب الفاتح ‪٤‬با أغلق مهما‬
‫قرأىا أحد بشرطها كتب هللا لو فيها أف يؤخذ ‪ٝ‬بيع تلك األذكار من تسبيح كهتليل كتكبّب‬
‫ك‪ٙ‬بميد كاستغفار كصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص كقراءة القرآف كغّبه من الكتب اإل‪٥‬بية كلها مثل التوراة‬
‫كاإل‪٪‬بيل مثبل من أكؿ منشأ العآب إٔب بركز تلك الصبلة من الذاكر ك٘بمع تلك ا‪١‬بمعية ا‪٤‬بذكورة‬
‫كتتضاعف ستة آالؼ مرة ٍب ‪ٙ‬بسب ألسنة ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات من كل ما سول هللا تعأب‬
‫كتتضاعف فيها تلك ا‪١‬بمعية بعد مضاعفتها ستة آالؼ مرة كتتضاعف أيضا على‬

‫عدد ألسنة ‪ٝ‬بيع العوآب من كل ما سول هللا تعأب ٍب تتضاعف مضاعفة اثلثة على قدر مرتبة كل‬
‫لساف فإف من األلسنة من ليس لو من ذكره إال مرة كاحدة من كل لفظ كفيهم من لو التضاعف‬
‫مائة مرة ُب كل كلمة من كل ذكر كفيهم من لو عشرة آالؼ كفيهم من لو ألف ألف إٔب عشرة‬
‫آالؼ ألف إٔب مائة ألف ألف إٔب ألف ألف ألف إٔب ما كراء ذلك ‪٩‬با يكثر ذكره ٍب ‪ٙ‬بسب كل‬
‫لفظة على حدهتا بعد التضاعف ا‪٤‬بذكور كٯبرم القانوف ُب ثواهبا على قدر ما ذكر ُب رسم‬
‫الشركع من كوف كل صبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص خواصها ُب الشركع ككل صبلة ٕبوراء كقصر‬
‫ُب ا‪١‬بنة كعشر درجات كعشر حسنات ك‪٧‬بو عشر سيئات كالطائر الذم يقوـ منها على صورة‬
‫ما ذكر ُب ا‪٢‬بديث يسبح هللا تعأب إٕب يوـ القيامة كثوابو للمصلي كعشر صلوات من هللا تعأب‬
‫من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة كىذه الصلوات من هللا تعأب ُب غّب الٍب أتٌب ُب ا‪٤‬برتبة الباطنة فإف تلك‬
‫ليست ىذه كُب كل صبلة أيضا ٱبلق منها ملك ينغمس ُب ٕبر ا‪٢‬بياة ٍب ٱبرج فينتفض فيخلق‬
‫هللا تعأب من كل قطرة تقطر منو ملكا يستغفر للمصلي إٔب يوـ القيامة ٍب ُب كل صبلة ثواب‬
‫أربعمائة غزكة كثواب أربعمائة حجة مقبولة كاما كل تسبيحة ك‪ٙ‬بميدة كهتليلة فكلها‬
‫فيها ثواب القرآف كأما ثواب القرآف ُب ىذا فهو غّب ما عند أىل الظاىر فثواب القرآف ُب ىذا‬
‫أنو لو اجتمعت األذكار كلها من كل ركح ُب العآب فردا فردا من أم ذكر كاف ك‪ٝ‬بيع أ‪٠‬باء هللا‬
‫تعأب الظاىرة كالبطنة ك‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بسنات من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات ُب العآب فردا فردا ك‪ٝ‬بيع العبادات‬
‫ُب العآب من ‪ٝ‬بيع األركاح ُب ‪ٝ‬بيع العآب فردا فردا ك‪ٝ‬بعت ىذا الثواب الذم ذكرانه كلو ٓب‬
‫يعادؿ ثواب حرؼ من القرآف كىذا ُب غّب الفا‪ٙ‬بة كأما الفا‪ٙ‬بة فثواهبا ثواب ختمة من القرآف‬
‫كاملة ُب كل مرة كفيها أيضا ُب كل مرة منها من ا‪٢‬بور كالقصور ألف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪445‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ألف حوراء يعِب ألف ألف ٍب ألف ألف أخرل ٍب ستمائة ألف كسبعة آالؼ ككسر ىذا العدد‬
‫فيها كلو كامل من ا‪٢‬بور كاألبكار كمثلو من القصور كفيها ثواب قياـ ليلة القدر كامبل كفيها‬
‫أيضا أكثر ما سبح بو ربنا ُب ‪ٝ‬بيع كورة العآب من ‪ٝ‬بيع األذكار كلها ك‪ٝ‬بيع القرآف من كل اتؿ‬
‫كمن كل ركح من كل ما سول هللا تعأب كىذا كلو ُب الفا‪ٙ‬بة من كل قارئ ‪٥‬با كاألذكار احملسوبة‬
‫ُب كورة العآب من كل ركح من أكؿ منشأ العآب كقت بركز صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق من ذاكرىا ىذا‬
‫الذم ذكر ُب الفا‪ٙ‬بة بعد مضاعفتها اب‪٤‬بضاعفات الثبلث الٍب تقدمت ككل‬
‫سلكة ُب القرآف أيضا من كل قارئ من منشأ العآب إٔب كقت بركز الصبلة ابلفاتح ‪٤‬با أغلق من‬
‫ذاكرىا تتضاعف أيضا تلك السلكة من القرآف من كل اتؿ على قدر ا‪٤‬بضاعفات الثبلث‬
‫ا‪٤‬بتقدمة كيكوف حكم ثواب تلك السلكة على قدر ما ذكران آنفا ُب ثواب القرآف عند أىل‬
‫الظاىر كخذ ٔبميع األذكار ىذا القياس كىذا ا‪٤‬بهيع كاعمل بو ُب ا‪٤‬بضاعفات الثبلث ا‪٤‬بتقدمة‬
‫كال يستثُب من ىذه ا‪١‬بمعية الٍب ُب الفاتح ‪٤‬با أغلق من ‪ٝ‬بيع ما ذكر ُب الفا‪ٙ‬بة كالقرآف ك‪ٝ‬بيع‬
‫األذكار إال االسم األعظم كأذكاره ملسو هيلع هللا ىلص فبل مدخل ‪٥‬بذين ُب صبلة الفاتح‬
‫‪٤‬با أغلق لعلوىا عنها لكن ٕبسب لسانو ملسو هيلع هللا ىلص مع ألسنة األكواف ُب ا‪٤‬بضاعفات فإف لو ملسو هيلع هللا ىلص مائة‬
‫ألف لساف كأربعة كعشرين ألف لساف ككل لساف من ألسنتو ملسو هيلع هللا ىلص إذا ‪ٝ‬بعت لو آية كاحدة من‬
‫القرآف كتسبيحة كاحدة من أم ذكر ٓب يعاد‪٥‬با ذكر ‪ٝ‬بيع العآب من كل ذكر كتبلكة الفا‪ٙ‬بة‬
‫كالقرآف من أكؿ منشأ العآب إٔب النفخ ُب الصور من كل ما ذكركه كمن كل ما قرأكه قرآان كفا‪ٙ‬بة‬
‫كمن كل ما عبدكه من أكؿ العآب كجودا إٔب النفخ ُب الصور ٓب يعادلوا تسبيحة كاحدة من‬
‫تسبيحتو أك آية من تبلكتو فضبل عن‬

‫الفا‪ٙ‬بة ٍب من بعده ملسو هيلع هللا ىلص كل إنساف على قدر مبلغ ثوابو فما عسى أف يكوف األمر إذا حسبت‬
‫ا‪١‬بمعية الٍب ذكرانىا قبل كلها إٔب لساف كاحد من ألسنتو ملسو هيلع هللا ىلص كما عسى أف يكوف ثوابو ذلك‬
‫فكيف إذا أضيف ا‪١‬بمعية العظمى إٔب كل لساف من ألسنتو ملسو هيلع هللا ىلص فما عسى أف يبلغ ثواهبا؟‬
‫ككذلك لساف أيب بكر الصديق هنع هللا يضر حيث يقوؿ جربيل لنبينا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬لو حدثتك بفضائل عمر ُب‬
‫السماء ما لبث نوح ُب قومو ما نفذت فضائل عمر كإف عمر ‪٢‬بسنة من حسنات أيب بكر فما‬
‫عسى أف يكوف األمر إذا تلى‬
‫أبو بكر رضي هللا تعأب عنو تلك ا‪١‬بمعية كلها بلسانو ككاف ثوابو فيها على قدر رتبتو كأعطي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪446‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذلك كلو لصاحب الفاتح ‪٤‬با أغلق ُب كل مرة فما عسى أف يكوف ثوابو؟ ككذا ُب ا‪٤‬ببلئكة‬
‫العالْب الذين ىم كراء العرش إذا ذكر كل كاحد منهم تلك ا‪١‬بمعية بلسانو ستة آالؼ مرة كىو‬
‫أبعد من أيب بكر الصديق بكثّب ال حصر لو ككذا إف تبل كل لساف من ألسنتو ملسو هيلع هللا ىلص تلك ا‪١‬بمعية‬
‫ستة آالؼ مرة فما عسى أف ٰبسب ثواهبا ككل لساف من كل نيب يتلو تلك ا‪١‬بمعية كل لساف‬
‫منهم ستة آالؼ مرة كىو أبعد من ا‪٤‬ببلئكة العالْب كىم خارجوف عن ا‪٢‬بصر‬
‫كالعد كىذا الثواب كلو بتمامو ُب كل مرة من صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق فانظر ما ‪ٝ‬بعت من الثواب‬
‫كىذا آخر مرتبتها الظاىرة أىػ‪ .‬تكميل‪ :‬بقي علينا من الكبلـ على مرتبتها الظاىرة ُب الفاتح ‪٤‬با‬
‫أغلق ٍب اعلم أف عدد األركاح ال يوقف لو على غاية ألف عدد العوآب اإل‪٥‬بية ‪ٜ‬بانية آالؼ‬
‫عآب‪،‬العرش بكل ما ُب جوفو عآب كاحد من ىذه العوآب كُب جوفو الكرسي كالفلك األطلس‬
‫كفلك الكواكب الثابتة كالسماكات السبع كاألرضوف كا‪١‬بنة كالنار ككلها ‪٩‬بلوءة اب‪٤‬بخلوقات‬
‫كأرض السمسمة كاسعة جدا لو كضع العرش فيها ٔبميع ما ُب جوفو لكاف كحلقة‬

‫ملقاة ُب فبلة كىي ‪٩‬بلوءة ٗبا ال ٰبصي عدده إال هللا تعأب ٍب ىي كل مقدار طرفة عْب يتزايد‬
‫ا‪٣‬بلق فيها تزايدا ال عد لو منذا خلقت إٔب األبد كأىلها ال ٲبوتوف ككل من خلق فيها بقي إٔب‬
‫األبد كأكؿ نشأهتا حْب كوف هللا طينة آدـ عليو الصبلة كالسبلـ كمن حْب أنشأىا هللا تعأب‬
‫كا‪٣‬بلق يتزايدكف فيها تزايدا ال يقع عليو عدد من كثرتو كفيها من أعداد عوآب ا‪٤‬بخلوقات ما ال‬
‫ٰبصي عدده إال هللا تعأب كىي على ىذا ا‪٤‬بهيع إٔب أألبد ككل أىلها مع الثمانية آالؼ ٔبميع ما‬
‫فيهم من ا‪٤‬بخلوقات داخلوف ‪ٙ‬بت حيطة الفاتح ‪٤‬با أغلق كألىل‬
‫أرض السمسمة ‪٦‬ببولوف على تعظيم هللا عز كجل كعبادتو كزمنها ‪٨‬بالف لزمننا منذ خلقت فإف‬
‫مقدار اليوـ عندان ‪ٛ‬بر عليهم فيو سنوف كُب كل نفس ٰبدث هللا تعأب فيها من ا‪٣‬بلق ما ال يعلمو‬
‫إال هللا تعأب كُب كل نفس ٰبدث هللا تعأب فيها عوآب يسبحوف الليل كالنهار ال يفَبكف مثل‬
‫ا‪٤‬ببلئكة كىكذا إٔب األبد ببل هناية ٍب ُب عا‪٤‬بنا كغّبه كل ذرة على انفرادىا ‪٥‬با ركح ال تفَب عن‬
‫ذكر هللا تعأب كال عن عبادتو من حيواف ك‪ٝ‬باد حٌب أكراؽ األشجار كرقة كرقة كحٌب ا‪٢‬بصى‬
‫كالرمل كا‪٥‬بباء فردا فردا كحٌب قطر ا‪٤‬بطر فردا فردا كحٌب حبوب‬
‫الثمار ا‪٤‬بأكولة كغّب كا‪٤‬بأكولة فردا فردا ككل ما ىلك من أجساد ىذه ا‪٤‬بخلوقات ٗبوت أك ىدـ‬
‫أك أكل بقية أركاحها ال تفُب ألف األركاح خلقت لؤلبد فهي على حا‪٥‬با منذا خلقت ٓب تفَب عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪447‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذكر هللا تعأب ُب األمور الٍب ذكرانىا ككذا من ا‪٤‬بخلوقات الٍب ‪٥‬با أركاح كا‪٢‬بركؼ ا‪٤‬بكتوبة فما‬
‫من حرؼ يوضع ُب ‪٧‬بل أم ‪٧‬بل كاف إال ألبسو هللا تعأب ركحا جديدة تذكر هللا تعأب بتلك‬
‫األذكار الٍب قدمناىا ككذا آاثر األقداـ كا‪٤‬بشي ككذا آاثر العيداف ُب ا‪١‬بدراف كالَباب إذا‬
‫حركتها الرايح كل فرد من ذلك لو ركح حيث انطمثت تلك األجساـ ٗبوت‬

‫أك ىبلؾ بقيت أركاحها إٔب األبد ال تفُب بفنائها فانظر ُب ىذا كم ُب األشجار من أكراؽ‬
‫متجددة ُب كل عاـ كحبوب متجددة ُب كل عاـ بل ك‪ٝ‬بيع ما يصور ا‪٣‬بلق ُب األكا٘ب عودا‬
‫كمعدان ‪٫‬باسا كغّبه أك طينا أك آجرا أك زليجا أك دكرا أك جدراان كل شيء من ذلك لو ركح‬
‫حكمها حكم ما تقدـ ذكره ابقية إٔب األبد ال ‪ٛ‬بوت ٗبوت جسدىا كىدمو كىذا كلو من منشأ‬
‫العآب إٔب األبد منسحب عليو ىذا ا‪٢‬بكم ٍب كل تلك ا‪١‬بمعية العظمى الٍب تقدمت ُب أكؿ‬
‫ا‪٤‬برتبة الظاىرة تتضاعف على ىذه األلسنة ُب ‪ٝ‬بيع العوآب ٍب ُب ستة آالؼ أخرل ُب مراتب‬
‫الذاكرين‬
‫كما قدمنا فإف مرتبة النيب إذا ذكر تلك ا‪١‬بمعية كلها كل كلمة منو ال يقدر قدرىا ُب الثواب‬
‫كال ٰبصى ثواهبا من كل من كاف من األنبياء لو لساف كاحد كمن كل من كاف قطبا فإف كل‬
‫قطب من األنبياء كالصديقْب لو ثبل‪ٜ‬بائة لساف كستة كستوف لساان كغّب القطب لو لساف كاحد‬
‫كانظر ا‪٤‬ببلئكة العالْب ُب عددىم كىم ال ٰبصى عددىم فإف السماكات السبع كاألرضْب السبع‬
‫‪٩‬بلوءة اب‪٤‬ببلئكة كإف أضيفت إٔب مبلئكة الكواكب الثابتة كاف نزرا قليبل‪ ،‬ككذا نسبة مبلئكة‬
‫الفلك الثامن إٔب األطلس على ىذا ا‪٤‬بهيع ككذا الفلك األطلس مع الكرسي على ىذا‬
‫ا‪٤‬بهيع كالكرسي مع العرش على ىذا ا‪٤‬بهيع‪ ،‬إف حوؿ العرش ستمائة ألف سرادؽ كالسرادؽ ىو‬
‫الصور بعد ما بْب كل سرادؽ كسرادؽ قدر مسافة السماكات كاألرض كذلك ثبلثة عشر ألفا‬
‫ك‪ٟ‬بسمائة سنة ككلها ‪٩‬بلوءة اب‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كمن كراء السرادقات مائة ألف صف كسبعوف ألف صف‬
‫من ا‪٤‬ببلئكة ككل ىذه ا‪٤‬ببلئكة ُب مبلئكة الصور نزر قليل‪ٍ ،‬ب من كراء العرش سبعوف حجااب‬
‫‪٧‬بيطة بو كإحاطة بيضة النعامة غلظ كل حجاب سبعوف ألف عاـ سّبا‪ ،‬كسعة كل ما بْب‬
‫حجاب كحجاب مسّبة سبعْب ألف عاـ ىواء‪ ،‬ككل ذلك ا‪٥‬بواء ‪٩‬بلوء اب‪٤‬ببلئكة ال ٘بد فيها قدر‬
‫األ٭بلة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪448‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فراغا‪ ،‬كبْب ا‪٢‬بجاب األكؿ كالعرش سبعوف ألف عاـ ىواء كلو ‪٩‬بلوء اب‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كمن كراء العرش‬
‫حجاب عآب الرقا‪ ،‬ككل حجاب فوؽ حجاب مثل ا‪٢‬بجب الٍب فوؽ العرش حٌب قاؿ الشيخ‬
‫العارؼ ابهلل تعأب سيدم إبراىيم ا‪٤‬بتبوٕب إف كشفو انتهى إٔب مشاىدة سبعمائة حجاب كراء‬
‫العرش يعِب مثل ا‪٢‬بجب السبعْب ُب القدر كالسعة‪ٍ ،‬ب عآب الرقا كلو حجب مثلما تقدـ ُب‬
‫السبعْب حجااب إٔب الطوؽ األخضر احمليط بكورة العآب‪ ،‬ككراء الطوؽ األخضر حجب كثّبة بْب‬
‫كل حجاب كحجاب سبعوف ألف حجاب كلها ‪٩‬بلوءة اب‪٤‬ببلئكة‪ ،‬ككل مبلئكة ا‪٢‬بجب من‬
‫العرش إٔب الطوؽ‬
‫األخّب األخضر إٔب ما كراءه كلهم عالوف‪ ،‬كمرتبة كل ملك من العالْب ُب الثواب كمرتبة النيب أك‬
‫أقل بكثّب أك تقرب منو‪ ،‬كلكل ملك من العالْب سبعوف لساان فإذا زادت تلك ا‪١‬بمعية ا‪٤‬بتقدمة‬
‫على كل لساف من ألسنة ا‪٤‬ببلئكة العالْب على كثرهتم إٔب غّب هناية كم يكوف ثوابو؟ كىذا ُب كل‬
‫مرة من الفاتح ‪٤‬با أغلق‪.‬‬
‫إ‪٢‬باؽ‪ٍ :‬ب من ‪ٝ‬بلة ما تتلوه األركاح كال تفُب عنو دعاء‪ :‬اي من أظهر ا‪١‬بميل من أكؿ العآب إٔب‬
‫األبد‪ٍ ،‬ب التسبيح الذم يقدس هللا تعأب بو نفسو دائما تذكره األركاح ال تفَب عنو‪ ،‬فأما‪ :‬اي من‬
‫أظهر ا‪١‬بميل فذكر ُب ا‪٢‬بديث أف هللا تعأب يعطي لذاكره ُب كل مرة ثواب ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق كىو‬
‫عاـ ‪١‬بميع ا‪٣‬بلق ُب العوآب كلها من كل عابد كذاكر‪ ،‬فإذا كانت األركاح تذكره من حْب خلقت‬
‫إٔب األبد ٍب أخذت ‪ٝ‬بعية ذلك من كل ركح ك‪ٝ‬باد كضوعف اب‪٤‬بضاعفات الثبلث ا‪٤‬بتقدمة كم‬
‫يبلغ ثوابو؟ كمثلو التسبيح الذم يقدس هللا تعأب بو نفسو دائما تذكره‬

‫األركاح ال تفَب عنو‪ .‬كذكر ُب ا‪٢‬بديث أف ثوابو ُب كل مرة أف يعطيو هللا تعأب عبادة أىل‬
‫السماكات كاألرض فإذا ‪ٝ‬بعت أذكار األركاح هبا كلها من حْب أنشأ هللا تعأب العآب إٔب األبد‬
‫كضوعف اب‪٤‬بضاعفات الثبلث كم يبلغ ثوابو؟ كُب ىذين الذكرين اي من أظهر ا‪١‬بميل كالتسبيح‬
‫الذم يقدس هللا تعأب بو نفسو يستغرؽ ‪ٝ‬بيع الثواب حٌب ثواب األنبياء كاألقطاب كالصديقْب‬
‫من غّب ما يذكركنو ابالسم األعظم فبل مدخل لو فيو كالباقي من الثواب كلو داخل كيدخل فيو‬
‫ثواب أعماؿ قلوهبم فإف ثواب عمل الصديقْب إبعطاء حقوؽ التجليات أبدا ككظائف‬
‫لو أضيف أعماؿ ا‪١‬بن كاإلنس ككثّب من العوآب من منشأ العآب إٔب قياـ الساعة ما بلغت من‬
‫عمل الصديق مقدار طرفة عْب‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع الصديقْب ال يبلغ ثواهبم ثواب قطب كاحد‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪449‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األقطاب من غّب األنبياء ال يبلغ ثواهبم ثواب نيب كاحد من أعماؿ القلوب كىو حاصل لكل‬
‫ذكر ُب ىذين الذكرين فاعتبارٮبا ُب ىذه ا‪١‬بمعية مع ا‪٤‬بضاعفات الثبلث كم تبلغ؟ ٍب اعترب‬
‫أعماؿ ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة العالْب كثواهبا من حْب أنشأ هللا تعأب العآب إٔب النفخ ُب الصور كىو داخل‬
‫ُب ثواب اي من أظهر ا‪١‬بميل كاعترب بقدر ا‪١‬بمعية الٍب تذكره ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات ال‬
‫تفَب عنو من حْب أنشأ هللا تعأب العآب إٔب الوقت الٍب ذكرت فيو صبلة الفاتح كاعترب ‪ٝ‬بعيتو‬
‫اب‪٤‬بضاعفات الثبلث من كل ملك عاؿ كانظر كم بلغ ثوابو‪ ،‬انتهى ما أردان ذكره من ا‪٤‬برتبة‬
‫الظاىرة ُب الفاتح ‪٤‬با أغلق‪ .‬كاعلم أف ما ذكرانه من فضل مرتبتها الظاىرة ابلنسبة ‪٤‬با ٓب نذكره‬
‫منها كنقطة ُب ٕبر‪ٍ ،‬ب اعلم أف ما ذكرانه فيها ال يناؿ إال ٗبا ىو معلوـ عند أىلو كذلك ال‬
‫يكتب ُب كتاب بل ال يكاد يذكر ‪٣‬بواص خواص ا‪٣‬بواص فضبل عن أف يذكر للعواـ‪ ،‬كأما ما ُب‬
‫مرتبتها الباطنة فبل نذكر شيئا منو ُب ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ كلو‬

‫ابإلشارة كُب كقت آخر يفعل هللا تعأب ما يريد‪ .‬كأما فضل ا‪٥‬بيللة فمعلوـ مشهور ُب ىذه ا‪٤‬بلة‬
‫احملمدية كما جاء ُب الكتاب كالسنة‪ ،‬أما الكتاب فقد قاؿ تعأب لسر خليقتو كأفضل بريتو صلى‬
‫هللا عليو كسلم‪{ :‬فاعلم أنو ال إلو إال هللا} كقاؿ ُب ذـ أىل النار‪{ :‬إهنم كانوا إذا قيل ‪٥‬بم ال إلو‬
‫إال هللا يستكربكف}‪ .‬كأما السنة فقد كرد ُب فضلها أحاديث كثّبة‪ ،‬ركل مالك بن أنس عن‬
‫طلحة بن عبيد هللا أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أفضل ما قلت أان كالنبيوف من قبلي ال إلو إال هللا"‪.‬‬
‫كركل ابن منصور الديلمي عن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من‬
‫قاؿ ال إلو إال هللا كمدىا ىدمت لو أربعة آالؼ ذنب من الكبائر"‪ .‬كركل أبو منصور الديلمي‬
‫أيضا عن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ٜ" :‬بن ا‪١‬بنة ال إلو إال هللا‬
‫ك‪ٜ‬بن النعمة ا‪٢‬بمد هلل"‪ .‬كركل صاحب الفردكس من غّب إسناد عن أـ ىانئ رضي هللا تعأب عنها‬
‫قالت‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال إلو إال هللا ال يسبقها عمل كال تَبؾ ذنبا"‪.‬‬
‫كركل ا‪٤‬بوصلي كأبو منصور الديلمي عن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال إلو إال هللا ‪ٛ‬بنع العبد من سخط هللا عز كجل ما ٓب يؤثركا صفقة دنياىم فإذا آثركا‬
‫صفقة دنياىم على دينهم كتركوا ال إلو إال هللا ردت إليهم كقاؿ هللا عز كجل‪ :‬كذبتهم"‪ .‬كركل‬
‫صاحب الفردكس عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو‪" :‬لقنوا أمواتكم ال إلو إال هللا فإهنا خفيفة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪450‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على اللساف ثقيلة ُب ا‪٤‬بيزاف لو جعلت ال إلو إال هللا ُب كفة كجعلت السماكات كاألرض ُب كفة‬
‫لرجحت هبن ال إلو إال هللا"‪.‬‬

‫كركل النسائي كابن حباف ُب صحيحو كا‪٢‬باكم عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم عن رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬قاؿ‬
‫موسى عليو السبلـ‪ :‬اي رب علمِب شيئا أذكرؾ بو كأدعوؾ بو قاؿ‪ :‬اي موسى قل ال إلو إال هللا‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬اي رب كل عبادؾ يقولوف ىذا قاؿ‪ :‬قل ال إلو إال هللا قاؿ‪ :‬إ٭با أريد شيئا ‪ٚ‬بصِب بو قاؿ‪ :‬اي‬
‫موسى لو أف السماكات السبع كاألرضْب السبع ُب كفة كال إلو إال هللا ُب كفة مالت هبن ال إلو‬
‫إال هللا‪.‬‬
‫كركل عبد بن ‪ٞ‬بيد عن عبد هللا بن عمرك بن العاص رضي هللا تعأب عنهما أف رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم قاؿ‪" :‬يؤتى برجل يوـ القيامة ٍب يؤتى اب‪٤‬بيزاف ٍب يؤتى بتسعة كتسعْب سجبل كل‬
‫سجل منها مد البصر فيها خطاايه كذنوبو فتوضع ُب كفة ا‪٤‬بيزاف ٍب ٱبرج لو قرطاس مثل ىذا ػ‬
‫كأمسك إبهبامو على نصف أصبعو ػ فيها أشهد أف ال إلو إال هللا كأف دمحما عبده كرسولو فتوضع‬
‫ُب كفة أخرل فَبجح ٖبطاايه كذنوبو" قاؿ الفشِب ُب شرحو على األربعْب النوكية عند قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬
‫"أمرت أف أقاتل الناس حٌب يقولوا ال إلو إال هللا"‬
‫ا‪٢‬بديث‪ .‬فصل‪ُ :‬ب الكبلـ عن ال إلو إال هللا كبعض فضائلها‪ :‬اعلم أف هللا سبحانو كتعأب أمر‬
‫عباده أف يعتقدكىا كيقولوىا فقاؿ سبحانو‪{ :‬فاعلم أنو ال إلو إال هللا} كذـ مشركي العرب‬
‫بقولو‪{ :‬إهنم كانوا إذا قيل ‪٥‬بم ال إلو إال هللا يستكربكف} كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص لعمو أيب طالب‪" :‬قل ال إلو‬
‫إال هللا كلمة أشهد لك هبا يوـ القيامة" فبل إلو إال هللا كلمة التقول كما فسرىا ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫كُب حديث عثماف رضي هللا تعأب عنو‪٠ :‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪" :‬إ٘ب ألعلم كلمة ال يقو‪٥‬با‬
‫عبد حقا من قلبو إال حرمو هللا تعأب على النار" فقاؿ عمر رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أان أحدثك ما‬
‫ىي كلمة اإلخبلص الٍب الزمها دمحم كأصحابو‪ .‬قاؿ سهل النسَبم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬ليس لقوؿ ال‬
‫إلو إال هللا ثواب إال النظر إٔب كجو هللا عز كجل كا‪١‬بنة ثواب األعماؿ‪.‬‬

‫كقيل أف كلمة التوحيد إذا قا‪٥‬با الكافر ينتفي عنو ظلمة الكفر كيثبت ُب قلبو نور التوحيد كإذا‬
‫قا‪٥‬با ا‪٤‬بؤمن ُب كل يوـ ألف مرة فكل مرة تنفي عنو شيئا ٓب تنفو ا‪٤‬برة األكٔب كىي أفضل الذكر‬
‫كما قالو النيب ملسو هيلع هللا ىلص كىي أدب الناسكْب كعمدة السالكْب كعدة السائرين ك‪ٙ‬بفة السابقْب‪ .‬كعن‬
‫ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما قاؿ‪ :‬يفتح هللا أبواب ا‪١‬بنة كينادم مناد من ‪ٙ‬بت العرش‪ :‬أيتها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪451‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪١‬بنة ككل ما فيك من النعم ‪٤‬بن أنت؟ فتنادم ا‪١‬بنة ككل ما فيها‪٫ :‬بن ألىل ال إلو إال هللا‪ ،‬كعند‬
‫ىذا تقوؿ النار ككل ما فيها من العذاب‪:‬‬
‫ال يدخلِب إال من أنكر ال إلو إال هللا كال أطلب إال من كذب ببل إلو إال هللا كأان حراـ على من‬
‫قاؿ ال إلو إال هللا كأان أمتلئ ٗبن جحد ال إلو إال هللا كليس غيظي كزفّبم إال على من أنكر ال‬
‫إلو إال هللا قاؿ فتجيء ر‪ٞ‬بة هللا كمغفرتو فتقوؿ‪ :‬أان ألىل ال إلو إال هللا كانصرة ‪٤‬بن قاؿ‪ :‬ال إلو‬
‫إال هللا ك‪٧‬ببة ‪٤‬بن قاؿ ال إلو إال هللا كا‪١‬بنة مباحة ‪٤‬بن قاؿ ال إلو إال هللا كالنار ‪٧‬برمة على من قاؿ‬
‫ال إلو إال هللا كا‪٤‬بغفرة من كل ذنب ألىل ال إلو إال هللا كالر‪ٞ‬بة كا‪٤‬بغفرة غّب ‪٧‬بجوبة عن أىل ال‬
‫إلو إال هللا‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم‪ :‬ا‪٢‬بكمة ُب قولو تعأب‪{ :‬إذا الشمس كورت كإذا النجوـ انكدرت} أف يوـ القيامة‬
‫يتجلى نو ال إلو إال هللا فيضمحل ُب ذلك نور الشمس كالقمر ألف أنوار تلك أنوار ‪٦‬بازية كنور‬
‫ال إلو إال هللا نور حقيقي ذاٌب كاجب الوجود لذاتو تعأب كاجملاز يبطل ُب مقابلة ا‪٢‬بقيقة‪ .‬كجاء ُب‬
‫اآلاثر أف العبد إذا قاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا أعطاه هللا تعأب من الثواب بعدد كل كافر ككافرة قيل‪:‬‬
‫كالسبب أنو ‪٤‬با قاؿ ىذه الكلمة فكأنو قد رد على كل كافر ككافرة فبل جرـ يستحق الثواب‬
‫بعددىم‪.‬‬

‫كسئل بعض العلماء عن معُب قولو تعأب‪{ :‬كبّب معطلة كقصر مشيد} فقاؿ‪ :‬البئر ا‪٤‬بعطلة قلب‬
‫الكافر معطل من قوؿ ال إلو إال هللا كالقصر ا‪٤‬بشيد قلب ا‪٤‬بؤمن معمور بشهادة أف ال إلو إال‬
‫هللا‪ .‬كقيل ُب قولو تعأب‪{ :‬كقولوا قوال سديدا} يعِب قوؿ ال إلو إال هللا‪ .‬كركم أف النيب صلى هللا‬
‫عليو كسلم كاف ٲبشي ُب الطريق كيقوؿ‪ " :‬قولوا ال إلو إال هللا تفلحوا "‪ .‬كقاؿ سفياف بن عيينة‪:‬‬
‫ما أنعم هللا على العباد بنعمة أفضل من أف عرفهم ال إلو إال هللا كأف ال إلو إال هللا ُب اآلخرة‬
‫كا‪٤‬باء ُب الدنيا‪.‬‬
‫كذكر سفياف الثورم ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬أف لذة قوؿ ال إلو إال هللا ُب اآلخرة كلذة شرب ا‪٤‬باء البارد ُب‬
‫الدنيا‪ .‬كقاؿ ‪٦‬باىد ُب تفسّب قولو تعأب‪{ :‬كأصبغ عليكم نعمو ظاىرة كابطنة} أنو ال إلو إال هللا‪.‬‬
‫كقيل أف كل كلمة يصعد هبا ا‪٤‬بلك إال قوؿ ال إلو إال هللا فإنو يصعد بنفسو دليلو قولو تعأب‪:‬‬
‫{إليو يصعد الكلم الطيب} أم قوؿ ال إلو إال هللا {كالعمل الصاّب يرفعو} أم ا‪٤‬بلك يرفعو إٔب‬
‫هللا تعأب حكاه الرازم‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪452‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كحكى أيضا‪ :‬أنو إذا كاف آخر الزماف فليس لشيء من الطاعات فضل كفضل ال إلو إال هللا‬
‫إلف صبلهتم كصيامهم يشوهبا الرايء كالسمعة كصدقاهتم يشوهبا ا‪٢‬براـ كال إخبلص ُب شيء منها‬
‫أما كلمة ال إلو إال هللا فهي ذكر هللا تعأب كا‪٤‬بؤمن ال يذكرىا إال عن صميم قلبو‪ .‬كُب ا‪٣‬برب يقوؿ‬
‫هللا تعأب‪ :‬ال إلو إال هللا حصِب فمن دخل حصِب أمن من عذايب‪ .‬كيقاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا دمحم‬
‫رسوؿ هللا سبع كلمات كللعبد سبعة أعضاء كللنار سبعة أبواب فكل كلمة من ىذه الكلمات‬
‫السبع تغلق اباب من األبواب السبعة على كل عضو من األعضاء السبعة‪.‬‬

‫حكي عن اإلماـ الرازم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب أف رجبل كاف كاقفا بعرفة فكاف ُب يده سبعة أحجار‬
‫فقاؿ‪ :‬اي أيتها األحجار اشهدكا ٕب أ٘ب أشهد أف ال إلو إال هللا كأشهد أف دمحما رسوؿ هللا فناـ‬
‫فرأل ُب ا‪٤‬بناـ كأف القيامة قد قامت كحوسب ذلك الرجل فوجبت لو النار فلما ساقوا بو إٔب‬
‫ابب من أبواب جهنم جاء حجر من تلك األحجار السبعة كألقى نفسو على ذلك الباب‬
‫فاجتعمت مبلئكة العذاب على رفعو فما قدركا ٍب سيق إٔب الثا٘ب فكاف األمر كذلك كىكذا‬
‫األبواب السبعة فسيق بو إٔب العرش فقاؿ هللا سبحانو كتعأب‪ :‬عبدم أشهدت األحجار فبل‬
‫يضيع‬
‫حقك كأان شاىد على شهادتك بتوحيدم ادخل ا‪١‬بنة فلما قرب من أبواب ا‪١‬بناف كجد أبوهبا‬
‫مغلوقة فجاءت شهادة ال إلو إال هللا كفتحت األبواب كدخل الرجل ا‪١‬بنة‪ .‬كركل القرطيب‬
‫بسنده أف اتلنيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ " :‬حضر ملك ا‪٤‬بوت عليو السبلـ رجبل فنظر ُب كل عضو من‬
‫أعضائو فلم ٯبد فيو حسنة ٍب شق عن قلبو فلم ٯبد فيو شيئا ٍب فك عن ‪٢‬بييو فوجد طرؼ‬
‫لسانو الصقا ٕبنكو يقوؿ ال إلو إال هللا فقاؿ كجبت لك ا‪١‬بنة بقوؿ كلمة اإلخبلص يعِب ال إلو‬
‫إال هللا‪ .‬كُب ا‪٢‬بديث‪ :‬من كاف آخر كبلمو من الدنيا ال إلو إال هللا دخل ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫كفيو أيضا‪ :‬ليس على أىل ال إلو إال هللا كحشة ُب قبورىم كال نشورىم ككأ٘ب أبىل ال إلو إال هللا‬
‫ينفضوف الَباب عن رؤكسهم كيقولوف‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل الذم أذىب عنا ا‪٢‬بزف‪ .‬كاألحاديث كاآلاثر ُب‬
‫فضلها كثّبة شهّبة كُب ىذا كفاية أىػ‪ .‬كأما فضل قوؿ الذاكر‪ :‬عليو سبلـ هللا بعد قولو ُب ا‪٤‬برة‬
‫األخّبة من كلمة الشهادة ال إلو إال هللا سيدان دمحم رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فسيأٌب ُب الفصل ا‪٤‬بوُب أربعْب‬
‫ُب ذكر فضائل األذكار غّب البلزمة للطريقة عند تعرضنا لذكر فضل السبلـ عليو كذكر فضل‬
‫السبلـ عليك أيها النيب كر‪ٞ‬بة هللا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪453‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كبركاتو‪ .‬كأما فضل أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ فركل أبو يعٓب ا‪٤‬بوصلي‬
‫كالطربا٘ب عن الرباء بن عازب رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من استغفر هللا دبر‬
‫كل صبلة ثبلث مرات فقاؿ‪ :‬أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ كأتوب إليو‬
‫غفرت لو ذنوبو كإف كاف فر من الزحف "‪.‬‬
‫كركل ابن أيب شيبة عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم‪ ":‬من قاؿ أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ كأتوب إليو ‪ٟ‬بس‬
‫مرات غفر لو كإف كاف عليو مثل زبد البحر " أىػ‪ .‬كأما فضل جوىرة الكماؿ فقد قاؿ الشيخ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ذكر ‪٥‬با خواص منها‪ :‬ا‪٤‬برة الواحدة تعدؿ‬
‫تسبيح العآب ثبلث مرات كمنها من قرأىا سبعا فأكثر ٰبضره رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كا‪٣‬بلفاء األربعة ما‬
‫داـ يذكرىا كمنها أف من الزمها كل يوـ‬
‫أزيد من سبع مرات ٰببو النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪٧‬ببة خاصة كال ٲبوت حٌب يكوف من األكلياء‪ ،‬كقاؿ الشيخ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬من داكـ عليها سبعا عند النوـ على طهارة كاملة كفراش‬
‫طاىر يرل النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كقاؿ هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬أعطا٘ب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص صبلة تسمى جوىرة‬
‫الكماؿ كل من ذكرىا اثنٍب عشرة مرة كقاؿ ىذه ىدية مِب إليك اي رسوؿ هللا فكأ٭با زاره ُب‬
‫قربه يعِب ُب ركضتو الشريفة ككأ٭با زار أكلياء الو كالصا‪٢‬بْب من أكؿ الوجود إٔب كقتو ذلك‪.‬‬

‫كأما فضل‪ :‬سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف كسبلـ على ا‪٤‬برسلْب كا‪٢‬بمد هلل كرب العا‪٤‬بْب‬
‫ففي لباب التأكيل عند ىذه اآلية‪ :‬كقيل العرض من ذلك تعليم ا‪٤‬بؤمنْب أف يقولوا كال ينحلوا بو‬
‫كال يغفلوا عنو ‪٤‬با ركم عن علي بن أيب طالب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من احب أف يكتاؿ اب‪٤‬بكياؿ‬
‫األكَب من األجر يوـ القيامة فليكن آخر كبلمو إذا قاـ من ‪٦‬بلسو‪ :‬سبحاف ربك رب العزة عما‬
‫يصفوف كسبلـ على ا‪٤‬برسلْب كا‪٢‬بمد هلل كرب العا‪٤‬بْب‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو‬
‫سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل األربعوف‬

‫‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪454‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب ذكر فضائل األذكار غّب البلزمة الٍب ٱبتص هبا ا‪٣‬بواص من أىل الطريقة‬
‫اعلم اف ‪ٝ‬بيع أذكار ىذه الطريقة بل كغّبىا ال يناؿ شيئا من أسرارىا ا‪٤‬بطلوبة منها إال من كاف‬
‫لو اإلذف الصحيح حٌب ينتهي إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما تقدـ ُب الفصل الثالث كالعشرين من ىذا‬
‫الكتاب ا‪٤‬ببارؾ كذلك اف الشيخ هنع هللا يضر ال يذكر إال ما رتبو لو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬قاؿ هنع هللا يضر كما ُب‬
‫جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬ال أذكر ذكرا إال ما رتبو ٕب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ٍب اعلم أهنا ال تذكر إال ابلطهارة ا‪٤‬بائية‬
‫إال‬
‫لعذر كاألذكار البلزمة‪ ،‬قاؿ ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عمن احتلم ُب السفر‬
‫كٓب يقدر على االغتساؿ بوجو من الوجوه ىل يذكر ‪ٝ‬بيع ما عنده من األكراد فأجاب رضي هللا‬
‫تعأب عنو بقولو‪ :‬أنو يتيمم كيذكر ‪ٝ‬بيع أكراده كالسيفي كغّبه إال الفا‪ٙ‬بة بنية االسم فبل يقرؤىا‬
‫كلو طاؿ ا‪٢‬باؿ إٔب األبد إال بطهارة مائية كاملة ٍب قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬قد سألت سيدان رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ىل‬
‫أذكر االسم األعظم ابلتيمم للمرض إذا أصابِب كٓب أقدر على الوضوء قاؿ‪ :‬ال إال أف تذكر‬
‫ابلقلب دكف اللساف ٍب قاؿ سيدان رضي‬

‫هللا تعأب عنو‪ :‬ىذا حكم من احتلم ُب السفر كأما من احتلم ُب ا‪٢‬بضر كالصحة فبل يذكر شيئا‬
‫من أكراده إال إذا اغتسل‪ٍ ،‬ب قاؿ بعد كبلـ كأما ذكر الفا‪ٙ‬بة بنية االسم فبل يقرؤىا ابلتيمم ال ُب‬
‫السفر كال ُب ا‪٢‬بضركلو طاؿ إٔب األبد أىػ‪ .‬كإذا فهمت ىذا فلنشرع ُب ا‪٤‬بقصود ٕبوؿ ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بعبود فنقوؿ‪ :‬كأما فضل ايقوتة ا‪٢‬بقائق ففي جواىر ا‪٤‬بعا٘ب أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو ذكر أف من داكـ على قراءهتا تضمن لو خّب الدنيا كاآلخرة كأف من ذكرىا مرتْب‬
‫ُب الصباح كمرتْب ُب ا‪٤‬بساء غفرت لو ذنوبو الكبائر كالصغائر‬
‫ابلغة ما بلغت كال يقع لو كىم ُب التوحيد لكن ابإلذف الصحيح منو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو أك ‪٩‬بن أذف لو‪ .‬كأما حزب السيفي فلو اثنتا عشرة ألف خاصية‪ ،‬قاؿ شيخنا رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬قاؿ جربيل للنيب ملسو هيلع هللا ىلص للسيفي اثنتا عشرة ألف خاصية ستة آالؼ ُب‬
‫الدنيا كستة آالؼ ُب اآلخرة فمن داكـ على قراءتو حصلت لو ا‪٣‬بواص أب‪ٝ‬بعها الدنيوية‬
‫كاألخركية أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ السيد دمحم عوث هللا ُب جواىره‪ :‬اعلم أف السيفي آية من آايت هللا تعأب فيها عجائب ال‬
‫‪ٙ‬بصى كغرائب ال تنكر كأكثر أىل هللا كجدكا الفيض الفياض من ىذا الدعاء كصاركا منو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪455‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫‪٧‬بفوظْب اب‪٢‬بظ األكفر‪ .‬كعن اإلماـ جعفر الصادؽ رضي هللا تعأب عنو أف لو أ‪٠‬باء عديدة منها‪:‬‬
‫سيف هللا كٲبْب هللا كقدرة هللا كيد هللا كبرىاف هللا كصمصاـ هللا كا‪٢‬بزب اليما٘ب كحزب هللا كسهم‬
‫هللا كحرز الربرة كا‪٢‬بزب األعظم كا‪٢‬بزب السيفي اىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ أبو عبد هللا األندلسي‪ :‬اعلم‬
‫أف من كاف سعيدا ُب الدنيا كاآلخرة يصل إليو ىذا الدعاء ا‪٤‬ببارؾ‪.‬‬

‫كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أف حزب السيفي كصبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق يغنياف‬
‫عن ‪ٝ‬بيع األذكار حيث كانت‪ ،‬كما توجو متوجو كال تقرب متقرب إٔب هللا تعأب أبفضل منهما‬
‫كأما السيفي فهو للنيب ملسو هيلع هللا ىلص كلو ستوف ألف كرامة اىػ‪ .‬كمرادم أف أذكر من كراماتو األخركية‬
‫فقط شيئا قليبل ٲبكن ٕب ذكره كإفشاؤه فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء‬
‫الطريق‪ :‬منها‪ :‬أف من الزـ قراءتو صباحا كمساء ٰببو هللا ‪٧‬ببة خاصة‪ ،‬كمنها أف من كتبو كعلقو‬
‫عليو يعد من الذاكرين هللا كثّبا كالذاكرات كإف ٓب‬
‫يذكره‪ ،‬كمنها أف من الزـ قراءتو صباحا كمساء ال يكتب عليو ذنب‪ ،‬كمنها أف من الزـ قراءتو‬
‫صباحا كمساء غفر هللا تعأب ما تقدـ من ذنبو‪ ،‬كمنها أف من قرأه ُب سنة ال تكتب ذنوبو تلك‬
‫السنة‪ ،‬كمنها أف من قرأه مرة يعطى عبادة سنة كمرتْب يعطى عبادة سنتْب كثبلاث يعطى عبادة‬
‫ثبلث سنْب كىكذا على ىذا ا‪٤‬بهيع‪ ،‬كمنها أف هللا تعأب يعطي قارئو ثواب صوـ رمضاف‪ ،‬كمنها‬
‫أف هللا تعأب يعطي قارئو مرة مثل ثواب قياـ ليلة القدر ابلغا ما بلغ ُب كل مرة‪ ،‬كمنها أف من‬
‫قرأه إحدل كأربعْب مرة فإف هللا تعأب يرزقو كرامات األكلياء كٯبعلو‬
‫مصباحا ‪٥‬بم ُب أم مكاف إبذف هللا تعأب‪ ،‬كمنها أف من قرأه كل صباح ثبلث مرات إٔب ‪ٛ‬باـ‬
‫أربعْب صباحا انؿ كرامة األكلياء كصار عزيزا مكرما بْب ا‪٣‬ببلئق ال ٱباصم كال يدافع‪ ،‬كمنها أف‬
‫من قرأه إحدل كأربعْب مرة صباحا متواليا بلغو هللا تعأب مرتبة الوالية ككاف من أكلياء هللا تعأب‬
‫الذين يتصرفوف ُب الغيب‪ ،‬كمنها أف من أراد رؤية نيب من األنبياء أك كٕب من األكلياء أك كاحد‬
‫من أىلو أك أقاربو فليقرأه إحدل كأربعْب مرة فإنو يراه إبذف هللا تعأب‪ ،‬كمنها أف من قرأه على‬
‫نفسو ككالده إحدل كأربعْب مرة ال يركف ُب الدنيا شدة‬

‫كال ُب اآلخرة مشقة‪ ،‬كمنها أف من قرأه مرة كاحدة أ‪٪‬باه هللا تعأب من موت الفجأة‪ ،‬كمنها أف‬
‫من قرأه أربعْب مرة إلحضار ا‪٣‬بضر ٰبضره ا‪٣‬بضر رضي هللا تعأب عنو‪ ،‬كمنها أف ا‪٤‬بداكـ على‬
‫قراءتو ال ٱبرج من الدنيا إال مع اإلٲباف كلو كانت أعمالو ال تصلح كلو كانت ذنوبو مثل زبد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪456‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫البحر غفر هللا تعأب لو بفضلو كاتب عليو توبة نصوحا‪ ،‬كمنها أف من داكـ على قراءتو خلق هللا‬
‫تعأب لو شخصا حسن الوجو فإذا دان أجلو جاء إليو ذلك الشخص كجلس قبالتو فينظر إليو‬
‫فيعجبو حسنو ك‪ٝ‬بالو كيسبح هللا ٍب ‪ٚ‬برج ركحو من غّب تعب كال مشقة كىو ال‬
‫يتوجع كال يدرم بشيء‪ ،‬كمنها أف ا‪٤‬بلكْب إذا جاآه ُب قربه ليسأالنو عن حالو أيمر هللا تعأب‬
‫ىذا ا‪٢‬برز ٯباكب عنو أبحسن جواب‪ ،‬كمنها أنو إذا قاـ يوـ القيامة ٱبرج من قربه ككجهو كالقمر‬
‫ليلة نصفو بربكتو‪ ،‬كمنها أنو إذا قاـ من قربه أكؿ ما يصافح النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمنها أنو إذا حضر‬
‫للميزاف أمر هللا تعأب أف ال ٰباسبوه كيقوؿ أنو كاف يداكـ ُب الدنيا على قراءة الدعاء‪ ،‬كمنها أنو‬
‫إذا كصل إٔب الصراط جعل هللا تعأب ىذا ا‪٢‬برز مركبا على الصراط كيقوؿ اركبِب كاعرب على‬
‫الصراط ُب أقل من ‪٤‬بح البصر كقيل‪ٰ :‬بملو ملك‬
‫كٲبر بو فإذا سلم يقوؿ لو‪ :‬من أنت؟ فيقوؿ‪ :‬دعاؤؾ الذم كنت تدعو بو ُب الدنيا‪ ،‬كمنها أف‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص أيمر الزائرين إذا أتوه لزايرتو إبكراـ قارئ ىذا الدعاء‪ ،‬كمنها أف من داكـ على قراءتو‬
‫خلده هللا تعأب ُب ا‪١‬بنة بربكتو‪ ،‬كمنها أنو ال يكوف ألحد خلعة كال أعلى درجة أكثر من قارئ‬
‫ىذا ا‪٢‬برز‪ ،‬كمنها أف هللا تعأب يهب لو بكل حرؼ من ىذا الدعاء درجة ُب ا‪١‬بنة بربكتو‪ ،‬كمنها‬
‫أف من كتبو كسقى ‪٧‬بوه للصيب يفتح لو ابب التحصْب‪ ،‬كمنها أف من قرأه معتقدا بركتو حضره‬
‫سبعوف ألف ملك فإذا قاؿ‪ :‬اللهم أنت ا‪٤‬بلك ا‪٢‬بق‬

‫ا‪٤‬ببْب إٔب قولو‪ :‬ال إلو إال أنت سجدت ا‪٤‬ببلئكة كلهم هلل عز كجل كسألوه أف يقضي حاجة‬
‫الداعي‪ ،‬اىػ ما أردان ذكره كقد ‪ٝ‬بعنا بعض خواصو ككراماتو ُب أتليف مستقل مفيد فانظره فإف‬
‫فيو ما يكفيك إف شاء هللا تعأب‪ .‬كأما حزب ا‪٤‬بغِب فإنو يقرؤ بعد قراءة حزب السيفي لكن إف‬
‫قرأت حزب السيفي مرة كاحدة كٓب تزد فإنك تقرأ حزب ا‪٤‬بغِب مرة كاحدة‪ ،‬كمن فضائل حزب‬
‫ا‪٤‬بغِب أف من الزـ قراءة حزب السيفي صباحا كمساء ٰببو هللا تعأب ‪٧‬ببة خاصة كما تقدـ كمن‬
‫الزـ تلك احملبة ا‪٣‬باصة أف هللا تعأب ٲبتحن صاحبها ابلفقر ك‪٫‬بوه كال ٲبنع بفضل‬
‫هللا تعأب من ذلك االمتحاف إال قراءة حزب ا‪٤‬بغِب بعد قراءة حزب السيفي على الوصف‬
‫ا‪٤‬بتقدـ‪ .‬كأما سورة القدر فإهنا مثل السيفي ُب الثواب كما أخرب بو الشيخ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو عن سيد الوجود كعلم الشهود سيدان كموالان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كأما سورة اإلخبلص‬
‫فقد ركم ُب فضلها أحاديث كثّبة‪ ،‬ركل البخارم عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪457‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رجبل ‪٠‬بع رجبل يقرأ‪{ :‬قل ىو هللا أحد} يرددىا‪ ،‬فلما أصبح جاء إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فذكر ذلك‬
‫لو ككاف الرجل يتقا‪٥‬با فقاؿ رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم‪" :‬كالذم نفسي بيده إهنا لتعدؿ ثلث القرآف" كُب ركاية قاؿ‪ :‬قاؿ النيب صلى هللا‬
‫عليو كسلم‪" :‬اي أصحايب أيعجز أحدكم أف يقرأ ثلث القرآف ُب ليلة؟ فشق ذلك عليهم فقالوا‪:‬‬
‫أينا يطيق ذلك؟ فقاؿ‪{ :‬قل ىو هللا أحد} ثلث القرآف"‪ .‬كركل مسلم أيضا عن أيب ىريرة رضي‬
‫هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬خرج علينا النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪" :‬أقرأ عليكم ثلث القرآف فقرأ {قل ىو هللا أحد‬
‫هللا الصمد ٓب يلد كٓب يولد} حٌب ختمها"‪.‬‬

‫كركل الَبمذم كقاؿ‪ :‬حسن غريب عن أنس رضي هللا تعأب عنو عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من قرأ كل يوـ‬
‫مائة مرة {قل ىو هللا أحد} ‪٧‬با هللا عنو ذنوبو ‪ٟ‬بسْب سنة إال أف يكوف عليو دين" كُب ركاية عنو‬
‫عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬من أراد أف يناـ على فراشو فناـ على ٲبينو ٍب قرأ {قل ىو هللا أحد} مائة‬
‫مرة فإذا كاف يوـ القيامة يقوؿ الرب تبارؾ كتعأب‪ :‬اي عبدم ادخل على ٲبينك ا‪١‬بنة"‪.‬‬
‫كركل الَبمذم ايضا عن أنس رضي هللا تعأب عنو أف رجبل قاؿ‪ :‬اي رسوؿ هللا إ٘ب أحب ىذه‬
‫السورة {قل ىو هللا أحد الو الصمد} قاؿ حبك إايىا أدخلك ا‪١‬بنة‪ .‬كركل الَبمذم أيضا كقاؿ‬
‫حديث حسن صحيح عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬أقبلت مع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فسمع‬
‫رجبل يقرأ {قل ىو هللا أحد هللا الصمد} فقاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬كجبت لك ا‪١‬بنة‪ .‬كركل أبو يعلى‬
‫أف أنس بن مالك رضي الو تعأب عنو قاؿ‪:‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من قرأ قل ىو هللا أحد ‪ٟ‬بسْب‬
‫مرة غفر هللا لو ذنوب ‪ٟ‬بسْب سنة "‪.‬‬
‫كركل مسدد كأبو بكر بن أيب شيبة كالنسائي إبسناد صحيح عن مهاجر بن ا‪٢‬بسن قاؿ‪٠ :‬بعت‬
‫رجبل ٰبدث قاؿ‪ :‬إ٘ب ألسّب مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب ليلة مظلمة فسمع قارائ يقرأ قل اي أيها الكافركف‬
‫فقاؿ‪ :‬أما ىذا فقد برئ من النفاؽ فسمع قارائ يقرأ قل ىو هللا أحد فقاؿ‪ :‬أما ىذا فقد كفر لو‬
‫فكففت راحلٍب ألنظر من الرجل فأبشره فنظرت ٲبينا كمشاال فما رأيت أحدا‪.‬‬

‫كركل الطربا٘ب عن أيب ىريرة أنو ‪٠‬بع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬من قرأ قل ىو هللا أحد بعد صبلة‬
‫الصبح انٍب عشرة مرة فكأ٭با قرأ القرآف أربع مرات ككاف أفضل أىل األرض يومئذ إذا اتقى‪.‬‬
‫كركل سعيد بن ا‪٤‬بسيب أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬من قرأ قل ىو هللا أحد إحدل عشرة مرة بُب‬
‫هللا لو قصرا ُب ا‪١‬بنة كمن قرأىا عشرين مرة بُب هللا لو قصرين ُب ا‪١‬بنة كمن قرأىا ثبلثْب مرة بُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪458‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا لو ثبلثة قصور ُب ا‪١‬بنة فقاؿ عمر‪ :‬إذف تكثر قصوران فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬فضل هللا أكسع من ذلك‬
‫"‪.‬‬
‫كركم أنو ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬من قرأ قل ىو هللا أحد ُب مرضو الذم ٲبوت فيو ٓب يفًب ُب قربه كمن كأمن‬
‫من ضغطة القرب ك‪ٞ‬بلتو ا‪٤‬ببلئكة أبكفها حٌب ٘بيزه من الصراط إٔب ا‪١‬بنة " كقد أفرت أحاديثها‬
‫ابلتأليف كُب ىذا القدر كفاية ألكٕب األلباب‪ .‬قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ :‬ك‪٥‬با أ‪٠‬باء كثّبة كزايدة‬
‫األ‪٠‬باء تدؿ على شرؼ ا‪٤‬بسمى أحدىا أهنا سورة التفريد اثنيها سورة التجريد‪ ،‬اثلثها سورة‬
‫التوحيد‪ ،‬رابعها سورة اإلخبلص خامسها سورة النجاة سادسها سورة الوالية سابعها سورة‬
‫النسبة لقو‪٥‬بم‪ :‬انسب لنا ربك اثمنها سورة ا‪٤‬بعرفة اتسعها‬
‫سورة ا‪١‬بماؿ عاشرىا سورة القشقشة حادم عشرىا سورة ا‪٤‬بعوذة اث٘ب عشرىا سورة الصمد‬
‫اثلث عشرىا سورة األساس قاؿ‪ :‬أسست ا‪٤‬باكات السبع كاألرضوف السبع على قل ىو هللا أحد‬
‫رايع عشرىا ا‪٤‬بانعة ألهنا ‪ٛ‬بنع فتنة القرب ك‪٥‬بجات النار خامس عشرىا سورة احملتضر ألف ا‪٤‬ببلئكة‬
‫‪ٙ‬بضر الستماعها إذا قرأت سادس عشرىا ا‪٤‬بنفرة ألف الشياطْب تنفر عند قراءهتا سابع عشرىا‬
‫سورة الرباءة من الشرؾ ‪ٜ‬بن عشرىا ا‪٤‬بذكرة ألف تذكر العبد خالص التوحيد اتسع عشرىا سورة‬
‫النور ألهنا تنور القلب العشركف سورة ا‪٢‬بصن قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إذا قاؿ العبد‬

‫هللا قاؿ هللا‪ :‬دخل حصِب كمن دخل حصِب أمن من عذايب "‪ .‬كركل مسلم عن عائشة اهنع هللا يضر أف‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص بعث رجبل ُب سرية فكاف يقرأ ُب صبلتو فيختم بقل ىو هللا أحد فلما رجعوا ذكركا‬
‫ذلك لرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬سلوه ألم شيء يفعل ذلك فسألوه فقاؿ‪ :‬ألهنا صفة الر‪ٞ‬بن فأان‬
‫أحب أف أقرأىا فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أخربكه أف هللا ٰببو " نسأؿ هللا بفضلو ككرمو أف ٰببنا ك‪٫‬ببو حٌب نلقاه‬
‫على ذلك كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كرد ُب‬
‫ا‪٢‬بديث الشريف أف من قرأ‬
‫سورة اإلخبلص مائة ألف مرة أعتقو هللا من النار كبعث مناداي ينادم يوـ القيامة من كاف لو دين‬
‫على فبلف فليأتِب أؤديو عنو كليفعل ما يقدر عليو كل يوـ حٌب يكمل كتبلكهتا تكوف مع‬
‫البسملة ُب كل مرة كاستقباؿ القبلة كعدـ الكبلـ ُب كقت الذكر كفيها عدد ثبلثة كثبلثْب ألف‬
‫سلكة كثبل‪ٜ‬بائة ألف سلكة كثبلث كثبلثْب سلكة كثلث سلكة كبينهما عشرة آالؼ قصر ُب‬
‫ا‪١‬بنة أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪459‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأما آخر سورة ا‪٢‬بشر كىو‪ :‬لو أنزلنا إٔب آخر السورة فلو فضائل كثّبة كركل الَبمذم كقاؿ‬
‫حديث غريب عن معقل بن يسار أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬من قرأ حْب يصبح ثبلث مرات‬
‫أعوذ ابهلل السميع العليم من الشيطاف الرجيم كقرأ الثبلث آايت من آخر سورة ا‪٢‬بشر ككل هللا‬
‫بو سبعْب ألف ملك يصلوف عليو حٌب ٲبسي كإف مات ُب ذلك اليوـ مات شهيدا كمن قا‪٥‬با‬
‫حْب ٲبسي كذلك "‪ .‬كركل أبو منصور الديلمي عن ابن عباس رضي هللا عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬اسم هللا األعظم ُب ثبلث آايت من آخر سورة ا‪٢‬بشر "‪.‬‬

‫كعن أيب ىريرة هنع هللا يضر قاؿ سألت خليلي أاب القاسم رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن اسم هللا األعظم فقاؿ‪:‬‬
‫عليك آبخر سورة ا‪٢‬بشر فأكثركا قراءهتا فأعدت عليو فأعاد "‪ .‬أىػ‪ .‬كمن قرأىا كل صباح بدكف‬
‫االستعاذة غفر هللا لو ذنوبو كإف مات ُب ذلك اليوـ مات شهيدا ككذلك ُب ا‪٤‬بساء‪ .‬كقاؿ‬
‫شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬كمن مكفرات الذنوب الدكاـ على قراءة آخر‬
‫ا‪٢‬بشر فإف صاحبها يغفر ما تقدـ من ذنبو كما أتخر‪.‬‬
‫كركل أبو إسحاؽ الثعليب ُب تفسّبه عن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من قرأ آخر سورة ا‪٢‬بشر غفر هللا لو ما تقدـ من ذنبو كما أتخر "‪ .‬كأما حزب البحر فهو‬
‫من إمبلء رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص على شيخ الطريقة كا‪٢‬بقيقة الشيخ أيب ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا تعأب‬
‫عنو ٍب أخذه شيخنا كسيدان أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو عن النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كقيل إف فيو اسم هللا األعظم كفيو خاصية التحصْب ُب الرب كالبحر مع اإلذف الصحيح من‬
‫أراببو كفيو كيفيات‬
‫ُب قراءتو كُب ‪ٙ‬بصينو كمن أرادىا فليطلبها من أرابهبا كأيت البيوت من أبواهبا أىػ ما ُب جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب‪ .‬قلت‪ :‬فها أان أذكر لك بعض فضائلو كخواصو‪ :‬أما فضلو فيتبْب بوجوده أك‪٥‬با‪ :‬أف‬
‫معظمو مأخوذ من كتاب هللا تعأب كسنة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كقد تضمن ‪٫‬بو من ستة كثبلثْب آية من‬
‫كتاب هللا تعأب كمن األذكار ا‪٤‬بأثورة ست أحاديث ك‪٫‬بوا من أربعْب ا‪٠‬با من أ‪٠‬باء هللا تعأب‪،‬‬
‫كقاؿ بعض أكابر األكلياء أف فيو اسم هللا األعظم ُب ثبلث مواضع‪.‬‬

‫كاثنيها‪ :‬انتشاره كشهرتو ُب األقطار حٌب لقد اهتم كأ‪٦‬بد كغار كطار ُب اآلفاؽ كل مطار كشاع‬
‫ُب البدك كا‪٢‬بضر كسار ُب الناس مسّب الشمس مشرقا كمغراب كالقمر كشاما كحجازا كمصرا ككم‬
‫ترل من بلدة ىو يقرأ ُب مساجدىا كنواحيها ككم من قرية ىو مشهور فيها‪ ،‬كقد حفظو الكثّب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪460‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من الصا‪٢‬بْب كاألكلياء كالصديقْب يكرركنو ُب ا‪٢‬باجات عند الضركرات ُب ا‪٤‬بساء كالبكرات‬
‫كيستعيذكف بو عند ا‪٤‬بخلوقات قد حفظو األكابر كالعلماء كاعتُب بو األحبار كالصلحاء كقد‬
‫صار ‪ٛ‬باـ على الصدكر كجعل حرزا على النحور كعلى الدكاب كا‪٢‬بيواف كمسطورا ُب البيوت‬
‫كا‪١‬بدراف كشاع ُب الناس كذاع كملئت بو األفواه كاأل‪٠‬باع كاألماكن كالبقاع كما قيل‪ :‬كأهنم‬
‫حزب األ‪ٞ‬بدية مشرقا *** كبدر ‪ٛ‬باـ ُب األانـ كأ‪٪‬بدا كسار بو من ال يسّب مشمرا *** كفاه بو‬
‫من ال يفوه مرددا كتسمعو إف شئت شرقا كمغراب *** كشهرتو ُب ا‪٣‬بلق كالنجم موقدا كُب‬
‫الركب إف ساركا تلوه تربكا *** كُب القوـ إف خافوا بو أيمن العدا كُب الطفل إف رقى ٘بده مباركا‬
‫*** كُب ا‪٢‬باج إف يرجى ترل النجح قد يدا كُب البحر فاذكره يريك عجائبا *** كتيسّب أسباب‬
‫كأمر مسددا ترل البحر مطوا عاترم الريح لينا *** ترل اللطف من قرب ترل‬
‫الوقت مسعدا فأكرـ هبذا من دعاء مبارؾ *** عظيم حجاب ظاىر النفع كا‪١‬بدا كإ٭با قلت‪:‬‬
‫كاهتم حزب األ‪ٞ‬بدية مع أف الشارح صاحب القصيدة إ٭با قاؿ‪ :‬كإهنم حزب الشاذلية لكوف‬
‫شيخنا أ‪ٞ‬بد التجا٘ب هنع هللا يضر أخذ ىذا ا‪٢‬بزب عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص مشافهة يقظة ال مناما فلذلك نسبتو‬
‫إليو هنع هللا يضر كإٔب أىل طريقتو مهنع هللا يضر أ‪ٝ‬بعْب ك‪٥‬بذه الكثرة كاالنتشار سر ابطن كعناية من هللا تعأب كلوال‬
‫كجود نفع بو ك٘بربة ‪٤‬بنافعو ‪٤‬با كاف ىذا االنتشار‪.‬‬

‫كالناس أكيس من أف ٲبدحوا رجبل *** حٌب يركا عنده آاثر إحساف كالوجو الثالث ٘بربتو ُب‬
‫ا‪٢‬باالت كعند الضركرات كىذا ابب كاسع فكثّب من الناس كجدكا لو بركة كحالة صادقة كأمورا‬
‫ظاىرة‪ ،‬كحكاايت ٘بربتو كثّبة منتشرة يضيق الوقت عن ذكرىا‪ .‬قاؿ بعضهم‪ :‬كقد اتفق ٕب منو‬
‫أمور ُب بعض ا‪٢‬باالت كال سيما ُب ا‪٢‬بركب يطوؿ ذكره‪ .‬كأما بعض خواصو فقد جاء عن‬
‫الشيخ أنو قاؿ‪ :‬لو قرئ حزب ببغداد ‪٤‬با أخذت‪.‬‬
‫كىو العدة الوافية كا‪١‬بنة الواقية الٍب فيها تفريج الكركب بلطائف الغيوب‪ ،‬كما قرئ ُب مكاف‬
‫إال سلم من اآلفات كحفظ من حوادث العاىات كُب ذكره ألىل البداايت أسرار شافية كألىل‬
‫النهاايت أنوار صافية‪ ،‬كمن ذكره كل يوـ عند طلوع الشمس أجاب هللا دعوتو كفرج كربتو كرفع‬
‫بْب الناس قدره كشرح ابلتوحيد صدره كسهل أمره كيسر عسره ككفاه شر اإلنس كا‪١‬بن كأمنو‬
‫من شر طوارؽ الليل كالنهار فبل يقع عليو بصر أحد إال أحبو‪ ،‬كإذا قرأه عند جبار أمن من‬
‫شره‪ ،‬كمن قرأه عقب كل صبلة أغناه هللا تعأب عن خلقو كأمنو من حوادث دىره كيسر عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪461‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أسباب السعادة ُب حركاتو كسكناتو‪ ،‬كمن أراد أف يبلغ مراده فليقرأ عقب كل صبلة الصبح‬
‫سورة يس عشر مرات ٍب يقرأ ىذا الدعاء سبعْب مرة فإف هللا تعأب يبلغو مراده إبذنو‪ ،‬كمن ذكره‬
‫ُب الساعة األكٔب من يوـ ا‪١‬بمعة ألقى هللا ‪٧‬ببتو ُب القلوب‪ .‬قاؿ بعض العلماء‪ :‬من كتبو على‬
‫شيء كاف ‪٧‬بفوظا ٕبوؿ هللا تعأب كقوتو كمن استداـ قراءتو ال ٲبوت غريقا كال حريقا كال بريقا كال‬
‫شريقا‪ ،‬كإذا احتبس الريح عن أىل السفينة كذكركه جاءت الريح الطيبة إبذف هللا تعأب‪ ،‬كمن‬
‫كتبو على سور مدينة أك حائط دار مديرا عليها حرس هللا تعأب تلك‬

‫ا‪٤‬بدينة من شر طوارؽ ا‪٢‬بداثف كاآلفات كلو منفعة جليلة ُب ا‪٢‬بركب كىو دعاء النصر كالغلبة‬
‫على سائر ا‪٣‬بصوـ‪ .‬قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ‪ :‬كأما التصرؼ هبذا ا‪٢‬بزب فهو ٕبسب النية كا‪٥‬بمة‬
‫يتصرؼ بو ُب ا‪١‬بلب كالدفع كينوم ا‪٤‬براد عند قولو‪ :‬كسخر لنا ىذا البحر كما قاؿ ابن عباد‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا تعأب فيما رأيتو ٖبطو كىو صحيح‪ .‬كلوال خوؼ التطويل كإفشاء ما ينبغي كتمو لذكرت‬
‫ىنا العجائب كالغرائب كفيما ذكرانه كفاية‪.‬‬
‫كأما األ‪٠‬باء اإلدريسية فلها خواص عظاـ كفضائل كثّبة كمن أرادىا فعليو ٗبطالعة كتاب ا‪١‬بواىر‬
‫ا‪٣‬بمس لسيدان دمحم الغوث مع شارحو سيدم دمحم الشناكم رضي هللا عنهما‪ .‬كأما فضل فا‪ٙ‬بة‬
‫الكتاب فقد كرد ُب ا‪٢‬بديث أهنا أعظم آم القرآف كىي السبع ا‪٤‬بثا٘ب كالقرآف العظيم إٔب غّب‬
‫ذلك ‪٩‬با كرد ُب فضلها من األحاديث ا‪٤‬بشهورة فمن أراد ذلك فليطلبها ُب ‪٧‬با‪٥‬با‪.‬‬
‫كأما ما أخرب بو الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬فقد ذكراف‪ :‬قارئ الفا‪ٙ‬بة بنية االسم‬
‫األعظم يكتب لو بكل مرة سبعوف ألف مقاـ من كل ما خلق هللا تعأب ُب ا‪١‬بنة كعند التلفظ هبا‬
‫يتلقاه من فيو أربعة من ا‪٤‬ببلئكة الكراـ كيقولوف لو كىو أعلم‪ :‬إف فبلان ذكر ا‪٠‬بك‪ ،‬فيقوؿ ‪٥‬بم‪:‬‬
‫اكتبوه من أىل السعادة كاكتبوه من جوار دمحم صلى هللا تعأب عليو كسلم كتذكره معو ا‪٤‬ببلئكة ُب‬
‫‪ٝ‬بيع عوا‪٤‬بو كذكر كل ملك يتضاعف بعشر مرات كيكتب ذلك لتإب الفا‪ٙ‬بة ابلنية ا‪٤‬بذكورة‬
‫كيكتب لو مع ذلك ثواب الفا‪ٙ‬بة لكل حرؼ مائتا حسنة كال يكتب‬

‫عليو سيئة كيكوف من احملبوبْب كا‪٤‬بقربْب كىذا من األسرار العلية ا‪٤‬بكتومة‪ ،‬فاعرؼ كال ٘بهل أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ أيضا رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كأما ا‪٤‬برتبة الظاىرة ُب ذكر الفا‪ٙ‬بة بنية االسم فهي للشخص‬
‫نفسو ُب ذكر نفسو أربعة آالؼ آالؼ آالؼ آالؼ مرة من ذكر صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق كمعها‬
‫مئتا ألف ألف ألف مرة من الفاتح ‪٤‬با أغلق ىذا ُب ذكر نفسو كأما ُب ذكر ا‪٤‬ببلئكة معو فلو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪462‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بكل لفظة من لساف كل ملك ُب كورة العآب اثناف كأربعوف ألف ألف ألف ألف مرة من الفاتح‬
‫‪٤‬با أغلق كاعترب صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق ٗبا قدمناه فيها فلو فيها ‪ٝ‬بيع ما‬
‫قدمنا ُب مرتبتها الظاىرة كالباطنة كثواب كل مرة من ذكره كمن ذكر كل لساف من كل ملك ُب‬
‫كورة العآب كلعلك ترل أف ما ُب مراتب القطب من قبلنا يقل دكنو ثواب الواحد من أصحابنا‬
‫ُب االسم األعظم كذلك من قلة التأمل كإذا أتملت ثواب القطب من قبل ىذا الوقت مع ثواب‬
‫مرة كاحدة أبصحابنا ابف لك أف ثواب القطب من قبلنا ابلنسبة إٔب ثواب مرة كاحدة من ذكر‬
‫كاحد من أصحابنا كنقطة ُب البحر احمليط‪.‬‬
‫قاؿ ررضي هللا تعأب عنو كال يعرؼ كمية الزماف ا‪٤‬باضي لكن هللا عز كجل ‪٤‬با خلق ركح اإلنساف‬
‫أقامها سبحانو كتعأب ُب حجر تربيتو يبلطفها ابحملاسن كالتكر‪ٙ‬ب كاإلعزاز ‪٥‬با أقامها هللا تعأب ُب‬
‫ىذا ا‪٢‬باؿ تسعمائة ألف عاـ ك‪ٜ‬بانْب ألف عاـ ٍب قاؿ‪ٍ :‬ب اطلعت على زماف ُب الغيب مضى بعد‬
‫ىذا كقدره ثبل‪ٜ‬بائة ألف ألف ألف عاـ كسبعوف ألف ألف ألف عاـ ك‪ٜ‬بانية آالؼ ألف ألف عاـ‬
‫ك‪ٜ‬بانوف ألف ألف ألف ألف ألف ألف عاـ أخرل أىػ‪.‬‬

‫فاعلم أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو قاؿ أيضا‪ٍ :‬ب إف الفا‪ٙ‬بة ‪٥‬با ثبلث مراتب‬
‫األكٔب ىي ا‪٤‬برتبة الظاىرة كالثانية ىي ا‪٤‬برتبة الباطنة كالثالثة ىعي مرتبة ابطن الباطن ككلها ُب‬
‫ثواب الفا‪ٙ‬بة كىذا من غّب ما تقدـ‪ ،‬أما ا‪٤‬برتبة الظاىرة ففي الفا‪ٙ‬بة مرة كاحدة ثواب كل ما ذكر‬
‫بو ربنا من منشأ ا‪٢‬بقيقة احملمدية صلى هللا تعأب عليو كسلم إٔب كقت تلفظ التإب ابلفا‪ٙ‬بة فكل‬
‫ما ذكر ربنا ُب ‪ٝ‬بيع العوآب من كل ما أحاط بو علمو من خلقو ا‪٤‬بوجودين كما ٱبلقو من ا‪٣‬بلق‬
‫بعد الفا‪ٙ‬بة ا‪٤‬بذكورة فكل تسبيح كقع ُب الوجود ُب‬
‫‪ٝ‬بيو تلك ا‪٤‬بدة ككل ذكر ذكر بو ربنا ُب ‪ٝ‬بيع العوآب يعطى ثوابو لتإب الفاحة مرة كاحدة من أم‬
‫ذكر كاف ما عدا ثواب تبلكة االسم األعظم ُب ‪ٝ‬بيع العوآب فبل مدخل لو ‪ٙ‬بت تبلكة الفا‪ٙ‬بة إال‬
‫إذا تبل الفا‪ٙ‬بة بنية االسم األعظم فيدخل ‪ٙ‬بتها ثواب ‪ٝ‬بيع االسم األعظم من كل اتؿ ُب‬
‫الوجود كُب مرتبتها الظاىرة أيضا ثواب ختمة من القرآف كفيها أيضا أف ٰبسب ‪ٝ‬بيع حركفها‬
‫كحركؼ ‪ٝ‬بيع القرآف كيعطى لتاليها بكل حرؼ من ذلك سبعة أبكار من ا‪٢‬بور العْب كبسعة‬
‫قصور ُب ا‪١‬بنة كىكذا دائما كلما تبل‪.‬‬
‫كُب ا‪١‬بواىر‪ :‬قلت‪ :‬كقد قيل أف حركؼ القرآف ثبل‪ٜ‬بائة ألف كإحدل كعشركف ألفا ك‪ٟ‬بسة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪463‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسبعوف حرفا فإذا ضربتها ُب سبعة كىي عدد ا‪٢‬بور العْب لكل حرؼ سبعة ٱبرج ألف ألف‬
‫كمائتا ألف كسبع كأربعوف ألفا ك‪ٟ‬بسمائة ك‪ٟ‬بسة كعشركف حوراء أىػ‪ .‬كُب سورة القدر ثبل‪ٜ‬بائة‬
‫ألف كستوف ألفا لكوهنا فيها فضل صياـ رمضاف ككل يوـ منو ابثِب عشر ألفا كإذا ‪ٝ‬بع ىذا‬
‫العدد مع األكؿ يكوف ألفي ألف كستمائة ألف كسبعة آالؼ ك‪ٟ‬بسمائة ك‪ٟ‬بسة كعشرين أىػ‪.‬‬

‫فهذا ُب غّب الصبلة كأما ُب الصبلة فيتضاعف مرتْب إف صلى جالسا كأربع مرات إف صلى‬
‫قائما كىذا للفذ فإذا قرأىا ُب صبلة ا‪١‬بماعة فيتضاعف ٗبائة ك‪ٜ‬باف مرات فإذا نظرت على عدد‬
‫الركعات سبعة عشر ركعة بْب النهار كالليل يصّب ‪ٜ‬بانية عشر مائتا كستا كثبلثْب أعِب فضلها‬
‫ا‪٤‬بتقدـ ُب عدد ا‪٢‬بركؼ كىو ألف ألف أعِب يتضاعف إٔب ىذا القدر كمثلو تسبيح العآب كمثلو‬
‫قياـ ليلة القدر كمثلو عبادة سنْب كمثلو ختمات من القرآف كا‪٢‬باصل أف من قرأىا ُب صبلة‬
‫ا‪١‬بماعة يعطى من األجر ُب اليوـ الواحد أربعة آالؼ ألف ألف مرتبتاف كسبعمائة ألف‬
‫ألف مرتبتاف كستا ك‪ٜ‬بانْب ألف ألف مرتبتاف كثبلثة كستْب ألفا كتسعمائة حوراء مع األجر‬
‫ا‪٤‬بتقدـ من تسبيح العآب كختماتى القرآف إٔب غّبىا قاؿ الشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كُب ا‪٢‬بديث‬
‫من صلى خلف اإلماـ فقراءة الئلماـ لو قراءة ٍب قاؿ سيدان رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كىذا ‪٤‬بن ال‬
‫يفهم معُب التفسّب كأما من فهم التفسّب فيضاعف لو األجر مرتْب كىو مائتا حسنة لكل حرؼ‬
‫ٍب قاؿ سيدان رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كال تكتب عليو سيئة ُب تلك السنة يعِب قارئ الفا‪ٙ‬بة ٍب قاؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كىذكا ُب غّب نية االسم كأما قراءة الفا‪ٙ‬بة بنية‬
‫االسم فبل ٰبيط بفضلها إال هللا كال يستعظم ىذا ُب جنب الكر‪ٙ‬ب هلالج لج فإف فضل هللا ال حد لو‬
‫كالسبلـ‪ٍ .‬ب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬قاؿ ٕب سيد الوجود ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬كٯباكر٘ب ُب عليْب كىذا الثواب‬
‫كلو ‪٤‬بن تبلىا مرة كاحدة‪ .‬قلت‪ :‬كما ذكرت ىنا من فضل الفا‪ٙ‬بة ابلنسبة ‪٤‬با ٓب أذكره كنقطة ُب‬
‫ٕبر ال يعلمو إال هللا تعأب‪ .‬كأان فضل صبلة رفع األعماؿ فقد كرد ُب بعض اآلاثر أف من صلى‬
‫على النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم هبا عضرا ُب الصباح كعشرا ُب ا‪٤‬بساء رفع لو مثل عمل‬
‫أىل أألرض‪.‬‬

‫كأان اللهم مغفرتك أكسع من ذنويب كر‪ٞ‬بتك إٔب آخره فهو من مكفرات الذنوب كُب ا‪٢‬بديث‬
‫كما ُب ا‪٤‬بستدرؾ أف رجبل شكى إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كثرة الذنوب فقاؿ لو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬قل‬
‫اللهم مغفرتك أكسع من ذنويب كر‪ٞ‬بتك أرجى عندم من عملي فقاؿ ذلك أعدىا فأعادىا فقاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪464‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أعدىا فقاؿ قد غفر هللا لك‪.‬‬
‫كأما فضل كظيفة الليل كالنهار كىي‪ :‬ال إلو إال هللا كهللا أكرب إٔب آخره فمن ذكرىا ُب الصباح‬
‫ثبلاث ال يكتب عليو ذنب ُب ذلك اليوـ حٌب ٲبسي كمن ذكرىا ُب ا‪٤‬بساء كذلك ال يكتب عليو‬
‫ذنب ُب تلك الليلة حٌب يصبح‪ .‬كأما استغفار ا‪٣‬بضر على نبينا كعليو السبلـ فقد قاؿ سيدان‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من ذكره غفر هللا لو ما تقدـ من ذنبو كما أتخر‪.‬‬
‫كأما ا‪٤‬بسبعات العشر فقد قاؿ الشيخ أبو عبد هللا ا‪٣‬بركيب الطرابلسي أهنا من األكراد العظيمة‬
‫الٍب جرت عادة الصا‪٢‬بْب كالعباد على قراءهتا يقرؤهنا كيضيفوهنا إٔب كظائفهم كأكرادىم قدٲبا‬
‫كحديثا غدكة كغشية كٓب يزؿ الشيوخ رضي هللا تعأب عنهم أيمركف إخواهنم كاصحاهبم بقراءهتا‬
‫كٰبضوهنم عليها كقد أسند حيثها أبو طالب ا‪٤‬بكي ُب القوت عن كرزين كبرة قاؿ‪ :‬من األبداؿ‬
‫عن أخ لو من أىل الشاـ عن إبراىيم التيمي عن ا‪٣‬بضر عن ا‪٤‬بيب ملسو هيلع هللا ىلص أىػ‪.‬‬
‫كُب األحياء فذكر إبراىيم التيمي أنو رأل ذات يوـ ُب ا‪٤‬بناـ كأف ا‪٤‬ببلئكة جاءتو فاحتملتو حٌب‬
‫أدخلتو ا‪١‬بنة فرأل ما فيها ككصف أمورا عظيمة ‪٩‬با رآه ُب ا‪١‬بنة قاؿ‪ :‬سألت ا‪٤‬ببلئكة‪٤ :‬بن ىذا‬
‫كلو؟ فقالوا‪ :‬للذم يعمل مثل عملك كذكر أنو أكل من ‪ٜ‬بارىا كسقوه من شراهبا قاؿ‪ :‬فأات٘ب‬
‫النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كمعو سبعوف نبيا كسبعوف صفا من ا‪٤‬ببلئكة كل صف مثل ما‬
‫علي كأخذ بيدم فقلت‪ :‬اي رسوؿ هللا إف ا‪٣‬بضر أخرب٘ب أنو ‪٠‬بع‬
‫بْب ا‪٤‬بشرؽ كا‪٤‬بغرب فسلم ٌ‬
‫منك حديثا قاؿ‪ :‬صدؽ ا‪٣‬بضر ككل ما ٰبكيو فهو حق كىو عآب أىل األرض كىو رئيس‬

‫األبداؿ كىو من جنود هللا تعأب فقلت‪ :‬اي رسوؿ هللا فمن قبل ىذا كعملو كٓب ير مثل الذم‬
‫رأيتو ُب ا‪٤‬بناـ ىل يعطى شيئا ‪٩‬با أعطيتو؟ فقاؿ‪ :‬كالذم بعثِب اب‪٢‬بق نبيا إنو يعطي العامل هبذا‬
‫كإف ٓب ير٘ب كإنو ليغفر لو ‪ٝ‬بيع الكبائر الٍب عملها كيرفع هللا تعأب عنو غضبو كمقتو كأيمر‬
‫صاحب الشماؿ أف ال يكتب عليو السيئات إٔب سنة كالذم بعثِب اب‪٢‬بق نبيا ال يعمل هبذا إال‬
‫من خلقو هللا عز كجل سعيدا كال يَبكو إال من خلقو هللا تعأب شقيا‪.‬‬
‫كذكر الشيخ أبو طالب ا‪٤‬بكي أف إبراىيم التيمي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب مكث أربعة أشهر ال يطعم كال‬
‫يشرب بعد ىذه الرؤية اىػ‪ .‬كقاؿ العلماء من أىل ا‪٢‬بقائق‪ :‬إف ُب قراءهتا ابلغداة كالعشي أسرار‬
‫نورانية للسالكْب من أىل البداايت كأنوارا رابنية للسالكْب من أىل النهاايت‪ ،‬كمن استداـ‬
‫قراءهتا فتح هللا تعأب عليو أبواب ا‪٣‬بّبات كالزايدات كأطفأ عنو حرارة الشهوات الَبابية كرزقو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪465‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كنور ابطنو أبنوار السعادة ك‪ٝ‬بٌل ظاىره آباثر السيادة كأغُب فقره‬
‫الربكة ُب دينو كدنياه كآخرتو ٌ‬
‫كسهل أسبابو ككشف ضره ككفاه شر كل طاغ كابغ‬
‫كيسر عسره ٌ‬
‫ٌ‬
‫كحاسد كحرسو من شر الشيطاف الرجيم كفيها اسم هللا األعظم كذاكرىا ال يقع عليو بصر أحد‬
‫إال أحبو كال يسأؿ هبا شيئا إال أعطاه ما سألو كفوائدىا كثّبة كأسرارىا جليلة يعرفها أىل التفريد‬
‫من األصفياء كيشهدىا أىل التجريد من األكلياء اىػ‪ .‬كأما فضل‪ :‬أشهد أف ال إلو إال هللا كحده‬
‫ال شريك لو كأف دمحما عبده كرسولو كأف عيسى إٔب آخره ففي البخارم عن عبادة بن الصامت‬
‫عنو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من قاؿ أشهد أف ال إلو إال هللا إٔب آخره أدخلو هللا ا‪١‬بنة من أم أبواهبا الثمانية شاء‬
‫على ما كاف منو من عمل"‪.‬‬

‫كأما األذكار الٍب بعد الصبلة فالفا‪ٙ‬بة تقدـ فضلها كآية الكرسي من قرأىا دبر كل صبلة ٓب ٲبنعو‬
‫من دخوؿ ا‪١‬بنة إال ا‪٤‬بوت‪ .‬كأما سورة اإلخبلص فقد تقدـ فضلها‪ .‬كأما‪ :‬أعوذ بكلمات هللا اْب‬
‫فمن ذكرىا ثبلاث ُب الصباح كثبلاث ُب ا‪٤‬بساء ٓب يضره السم‪ .‬فضل‪ :‬تباركت إ‪٥‬بي إٔب آخره فمن‬
‫ذكره دبر كل عمل كاف مقبوال‪ .‬كأما‪ :‬لقد جاءكم رسوؿ إٔب آخره فمن ذكرىا سبعا ُب الصباح‬
‫كسبعا ُب ا‪٤‬بساء ٓب يضره سم كال سحر كال يلحقو ضرر من جانب جن كال إنس كال غّبٮبا كال‬
‫ٲبوت موت الفجأة كال ٲبوت ما داـ يذكرىا‪.‬‬
‫ٍب أعوذ بكلمات هللا التامات تقدـ فضلها ٍب حزب البحر تقدـ فضلو‪ .‬كأما‪ :‬اي من أظهر‬
‫ا‪١‬بميل ففي جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬قاؿ بعضهم‪ :‬جاء بو جربيل عليو السبلـ إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كقاؿ لو‪:‬‬
‫أتيتك هبدية قاؿ‪ :‬كما تلك ا‪٥‬بدية؟ قاؿ‪ :‬فذكر ىذا الدعاء فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ما ثواب ىذا الدعاء؟‬
‫قاؿ لو جربيل‪ :‬لو اجتمعت مبلئكة السماكات السبع على أف يصفوه ما كصفوه إٔب يوـ القيامة‬
‫ككل كاحد يصفو ٗبا ال يصفو اآلخر فبل يقدركف عليو‪.‬‬
‫كمن ‪ٝ‬بلة ذلك أف هللا تعأب يقوؿ‪ :‬أعطيو من الثواب بعدد ما خلقت ُب السماكات السبع كُب‬
‫ا‪١‬بنة كالنار كالعرش كالكرسي كعدد القطر كا‪٤‬بطر كالبحار كعدد ا‪٢‬بصى كالرمل‪ .‬كمن ‪ٝ‬بلتها‬
‫أيضا أف هللا تعأب يعطيو ثواب ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق‪ .‬كمن ‪ٝ‬بلتها أيضا أف هللا تعأب يعطيو ثواب سبعْب‬
‫نبيا كلهم بلغوا الرسالة إٔب غّب ذلك كىذا حديث صحيح اثبت ُب صحيفة عمرك بن شعيب‬
‫عن أبيو عن جده عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص ىو عبد هللا بن عمرك بن العاص من أكابر الصحابة رضي هللا‬
‫تعأب عنهم‪ ،‬صححو ا‪٢‬باكم كركاتو كلهم مدنيوف اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪466‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٍب األ‪٠‬باء اإلدريسية تقدمت ُب اإلخبلص كذلك‪ٍ .‬ب السيفي كذلك‪ .‬ال إلو إال هللا اي دافع إٔب‬
‫آخره‪ٍ .‬ب الدعاء الذم ذكره أبو طالب ا‪٤‬بكي كىو‪ :‬أنت هللا ال إلو أنت إٔب آخره فضلو‪ :‬من‬
‫ذكره يكتب من الساجدين ا‪٤‬بخبتْب الذين ٯباكركف سيدان دمحما ملسو هيلع هللا ىلص كإبراىيم كموسى ُب دار‬
‫ا‪١‬ببلؿ كلو ثواب العابدين ُب السماكات كاألرضْب اىػ‪.‬‬
‫كأما فضل‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب إٔب آخره فمن ذكره مرة كاحدة‬
‫يكتب عند هللا تعأب من الذاكرين كيكوف أفضل من ذكره ابلليل كالنهار كينظر هللا تعأب إليو‬
‫زكجو هللا تعأب‬
‫كمن نظر هللا تعأب إليو ٓب يعذبو ك‪٧‬با عنو ذنوبو كيكوف لو غرسا ُب ا‪١‬بنة كأيضا ٌ‬
‫من ا‪٢‬بور العْب اىػ ىكذا ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪.‬‬
‫قاؿ رضي هللا تعأب عنو ُب رسالتو‪ :‬كمن مكفرات الذنوب‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا‬
‫كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم ملئ ما علم كعدد ما علم كزنة ما علم فإف‬
‫ا‪٤‬برة الواحدة منها كتؤمن العبد من عذاب هللا تعأب‪ .‬قاؿ ُب الرسالة الٍب أرسلها إٔب بعض‬
‫أحبائو من ٘بار فاس‪ :‬كاجعل ُب اليوـ كالليلة مائة مرة من قولك‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو‬
‫إال هللا كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل ملئ ما علم كعدد ما علم كزنة ما علم فمرة كاحدة‬
‫من ىذا التسبيح أفضل من استغراقك الليل كالنهار ُب‬

‫ذكر هللا اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كىذه األذكار ىي الباقيات الصا‪٢‬بات عند ‪ٝ‬بهور ا‪٤‬بفسرين كفضلها معلوـ‬
‫مشهور ُب الكتاب كالسنة‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪{ :‬ا‪٤‬باؿ كالبنوف زينة ا‪٢‬بياة الدنيا كالباقيات الصا‪٢‬بات‬
‫خّب عند ربك ثوااب كخّب أمبل} ككردت أحاديث تدؿ على أف‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو‬
‫إال هللا كهللا أكرب ىي الباقيات الصا‪٢‬بات منها ما ركاه الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء عن أيب الدرداء‬
‫رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬كلمات قلهن قبل أف ٰباؿ بينك كبينهن فإهنن‬
‫الباقيات الصا‪٢‬بات كإهنن كنز ا‪١‬بنة" قلت‪ :‬كما‬
‫ىن اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪" :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب" ركاه ابن ماجة‬
‫كا‪٤‬بنذرم من طريق عمرك بن راشد‪ .‬كأخرج الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء عن علي بن أيب طالب‬
‫رضي هللا تعأب عنو أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم قاؿ‪" :‬ىن الباقيات الصا‪٢‬بات من‬
‫قاؿ ال إلو إال هللا كهللا أكرب سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كال حوؿ كال قوة إال ابهلل من‬
‫قا‪٥‬بن ‪ٟ‬بس مرات أعطاه هللا تعأب ‪ٟ‬بس مسائل اللهم اغفر ٕب كار‪ٞ‬بِب كاىد٘ب كأرشد٘ب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪467‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كارزقِب"‪.‬‬
‫كأخرج أ‪ٞ‬بد بن حنبل كأبو منصور الديلمي ُب مسند الفردكس كالَبمذم كحسنو ا‪٤‬بنذرم‪ :‬عن‬
‫رجل من بِب سليم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو‬
‫إال هللا كهللا أكرب ليس ‪٥‬بن عدؿ من القوؿ كىن الباقيات الصا‪٢‬بات سبحاف هللا نصف اإلٲباف‬
‫كا‪٢‬بمد هلل ‪ٛ‬بؤل ا‪٤‬بيزاف كال إلو إال هللا ‪ٛ‬بؤل ما بْب السماء كاألرض عدؿ أم مثل"‪.‬‬

‫كأخرج النسائي كا‪٢‬باكم عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬خذكا جنتكم‬
‫من النار قولوا‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب فإهنن أيتْب يوـ القيامة مقدمات‬
‫معقبات ك‪٦‬بنبات كىن الباقيات الصا‪٢‬بات" من فضائلها أهنا أحب الكبلـ إٔب هللا تعأب كأفضلو‬
‫عنده كمصطفاه كمقاليد السماكات كاألرض‪ .‬كأخرج أ‪ٞ‬بد بن حنبل عن ‪٠‬برة بن جندب أف‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أحب الكبلـ إٔب هللا تعأب أربع‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا‬
‫أكرب ال يضرؾ أبيهن بدأت"‪.‬‬
‫كأخرج أ‪ٞ‬بد بن حنبل عن ‪٠‬برة بن جندب أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أفضل الكبلـ سبحاف هللا‬
‫كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب"‪ .‬كأخرج اإلماـ أ‪ٞ‬بد كا‪٢‬باكم كالضياء عن أيب سعيد كأيب‬
‫ىريرة أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬إف هللا اصطفى من الكبلـ أربعا‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو‬
‫إال هللا كهللا أكرب فمن قاؿ‪ :‬سبحاف هللا كتب لو عشركف حسنة كحطت عنو عشركف خطيئة‬
‫كمن قاؿ‪ :‬هللا أكرب مثل ذلك كمن قاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا مثل ذلك كمن قاؿ‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل رب‬
‫العا‪٤‬بْب من قبل من قبل نفسو كتب لو ثبلثوف‬
‫حسنة كحطت عنو ثبلثوف خطيئة"‪ .‬كأخرج الطربا٘ب ُب الكبّب عن أيب الدرداء رضي هللا تعأب‬
‫عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف هللا اختار لكم من الكبلـ أربعا ليس القرآف كىي من القرآف‬
‫سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب"‪ .‬ركل ا‪٢‬برث بن أسامة بسند منقطع عن أيب‬
‫ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬سئل عثماف بن عفاف هنع هللا يضر عن مقاليد السماكات كاألرض فقاؿ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب لو مقاليد السماكات‬
‫كاألرض كال حوؿ كال قوة‬

‫إال ابهلل من كنوز العرش"‪ .‬كمنها أهنا ٘بزئ عن القرآف‪ .‬كأخرج البيهقي ُب الكبّب كابن حباف ُب‬
‫صحيحو عن عبد هللا بن أيب أكَب رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬جاء رجل إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬اي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪468‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رسوؿ هللا إ٘ب ال أحسن شيئا من القرآف فعلمِب ما ٯبزيِب عنو قاؿ‪" :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال‬
‫إلو إال هللا كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل" فذىب ٍب رجع فقاؿ‪ :‬ىؤالء لريب فمإب؟ فقاؿ‪:‬‬
‫"قل اللهم اغفر ٕب كار‪ٞ‬بِب كاىد٘ب كارزقِب كعافِب كاعف عِب"‪ ،‬فلما كٔب الرجل قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أما ىذا فقد مؤل‬
‫يده من ا‪٣‬بّب" ركاه ا‪٤‬بنذرم ‪٨‬بتصرا‪ .‬كمنها أهنا تقوـ مقاـ الصبلة النافلة أخرج السعيد بن‬
‫منصور ُب سننو موقوفا بسند ركاتو ثقات كدمحم بن نصر ا‪٤‬بركزم عن طارؽ بن شهاب قاؿ‪:‬‬
‫دخلت على سلماف رضي هللا تعأب عنو ُب حصن ابلقادسية كىو يعاِب علجة لو على أف تصلى‬
‫ٍب قاؿ سلماف‪ :‬ينزؿ الناس ثبلث منازؿ فمنهم من لو كال عليو كمنهم من عليو كال لو كمنهم من‬
‫ال لو كال عليو فقلت‪ :‬أم شيء لو كال عليو كمن عليو كال لو كمن ال عليو كال لو فقاؿ‪ :‬اي ابن‬
‫أخي يغتنم الرجل ظلمة الليل كغفلة الناس فيقوـ فيصلي فهذا الذم لو كال عليو‬
‫كيغتنم الرجل ظلمة الليل كغفلة الناس فيقوـ فيسعى ُب معاصي هللا عز كجل فهذا الضي عليو‬
‫كال لو كيناـ الرجل حٌب يصبح فهذا الذم ال لو كال عليو قاؿ‪ :‬فأعجبِب ما ‪٠‬بعت منو فقلت‪:‬‬
‫ألصحبنو فخرجت معو فكنت ال أستطيع أف أفضلو ُب عملو حٌب إذا كاف الليل طرح لبدة‬
‫فتكأ عليها فجئت فتكأت إٔب جنبو ككانت ٕب ساعة الليل أقومها قاؿ‪ :‬فاستيقظت فإذا ىو انئم‬
‫ككاف إذا قاـ من الليل قاؿ‪ :‬سبحاف سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب حٌب إذا‬
‫أقبل الفجر قاـ فتوضأ ٍب صلى ركعات يسّبة ٍب جلس فصلينا قلت‪ :‬اي أاب عبد هللا‬

‫كانت ٕب ساعة من الليل أقومها فلما استيقظت فإذا أنت انئم فقاؿ‪ :‬ما ٭بت الليل قلت‪:‬‬
‫رأيتك تذكر هللا عز جل قاؿ‪ :‬اي ابن أخي فإف تلك الصبلة فعليك ابلقصد فإنو أفضل كركاه‬
‫الطربا٘ب كا‪٤‬بنذرم‪ .‬كقاؿ الشيح نظاـ الدين األربلي‪ :‬من توظأ كعنده أبوه كأستاذه أك شيخو أك‬
‫من يكوف أفضل منو فيَبؾ الركعتْب كيقرأ آية الكرسي ك سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا‬
‫كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم فيجزئو‪.‬‬
‫كمنها أف الصبلة كلها ذكر هللا تعأب كالباقيات الصا‪٢‬بات من أعظم ما فيها قاؿ تعأب‪{ :‬كأقم‬
‫الصبلة إف الصبلة تنهى عن الفحشاء كا‪٤‬بنكر كلذكر هللا أكرب} كالصبلة مشتملة على التكبّب‬
‫كالتسبيح كالتحميد كالتهليل قاؿ النوكم‪ :‬اعلم أف الصبلة الٍب ىي ركعتاف يشرع فيها إحدل‬
‫عشرة تكبّبة كالٍب ىي ثبلث ركعات سبع عشرة تكبّبة كالٍب ىي أربع ركعات اثنتاف كعشركف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪469‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تكبّبة فإف ُب كل ركعة ‪ٟ‬بس تكبّبات تكبّبة للركوع كأربعة للسجدتْب كالرفع منهما كتكبّبة‬
‫اإلحراـ كتكبّبة القياـ من التشهد األكؿ كإذا حسبت تكبّبات الفرائض كالنوافل‬
‫الركاتب كغّبىا من النوافل ا‪٤‬بشركعة ُب األحواؿ كأغراض ‪٩‬با ىو خاص ابليوـ كالليلة كقفت‬
‫على عدد كثّب ككذلك التسبيحات كالتحميدات كالتهليبلت‪ .‬كمنها أهنا تقوـ مقاـ الصدقة‬
‫كتفضلها كُب الصحيح‪" :‬أك ليس قد جعل هللا لكم ما تصدقوف إف بكل تسبيحة صدقة كبكل‬
‫تكبّبة صدقة كبكل ‪ٙ‬بميدة صدقة كبكل هتليلة صدقة " كمن حديث الطربا٘ب "لو أف رجبل ُب‬
‫حجره دراىم يقسمها كآخر يذكر هللا تعأب لكاف الذاكر أفضل "‪.‬‬

‫كالصحيح أف ىذا موقوؼ كحيثو أيضا‪ " :‬من كرب مائة كسبح مائة كىلل مائة كانت لو خّبا من‬
‫عشر رقاب يعتقها كمن سبع بدانت ينحرىا " كأخذ بقضية ىذه األحاديث ‪ٝ‬باعة من الصحابة‬
‫كالتابعْب فقالوا‪ :‬إف الذكر أفضل من الصدقة بعدده من ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كيدؿ لو أيضا حديث أ‪ٞ‬بد‬
‫النسائي أنو ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ألـ ىانئ‪" :‬قوٕب‪ :‬سبحاف هللا تعأب مائة تسبيحة فإهنا تعدؿ مائة رقبة من‬
‫كلد إ‪٠‬باعيل كا‪ٞ‬بدم هللا مائة ‪ٙ‬بميدة فإهنا تعدؿ مائة فرس ملجمة كمسرجة ‪ٙ‬بملْب عليها ُب‬
‫سبيل هللا تعأب ككربم هللا تعأب مائة تكبّبة فإهنا تعدؿ لك مائة‬
‫بدنة مقلدة متقبلة كىللي هللا تعأب مائة هتليلة كال أحسبو إال قاؿ‪ٛ :‬بؤل ما بْب السماء كاألرض‬
‫كال يرفع ألحد يومئذ مثل عملك إال أف أيٌب ٗبثل ما أتيت"‪ .‬كأخرج البيهقي ُب شعب اإلٲباف‬
‫كابن حنبل إبسناد حسن كالَبمذم كا‪٢‬باكم كصححو عن ابن عمر رضي هللا تعأب عنهما قاؿ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أال أخربكم ٖبّب أعمالكم كأزكاىا عند مليككم كأرفعها ُب الدرجات كخّب‬
‫لكم من إعطاء الذىب كالورؽ خّب من أف لو غدكًب إٔب عدككم فضربتم رقاهبم كضربوا رقابكم"‬
‫قالوا‪ :‬بلى اي رسوؿ هللا قاؿ‪" :‬فاذكركا هللا كثّبا"‪.‬‬
‫كأخرج مسدد بسند ركاتو ثقات عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬ألف أقوؿ‪:‬‬
‫سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب أحب إٕب من أنفق بعددىن ُب سبيل هللا‪ .‬كمنها‬
‫أهنا تقوـ مقاـ الصوـ كتفضلو‪ ،‬أخرج الشيخ أبو دمحم بن حباف كأبو منصور الديلمي عن أيب‬
‫ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما سبحت كال سبح األنبياء قبلي أبفضل‬
‫من‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب"‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪470‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمنها أهنا تقوـ مقاـ ا‪٢‬بج كتفضلو بكثّب ألف ا‪١‬بهاد أفضل من ا‪٢‬بج كذكر هللا أفضل من ا‪١‬بهاد‬
‫كرأس الذكر الباقيات الصا‪٢‬بات‪ .‬كأخرج أبو منصور الديلمي ُب كتابو مسند الفردكس عن معاذ‬
‫بن جبل رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أيها الناس اذكركا هللا على كل حاؿ فإنو‬
‫ليس من شيء أحب إٔب هللا عز كجل كال أ‪٪‬بى للعبد من كل سيئة ُب الدنيا كاآلخرة من ذكر هللا‬
‫عز كجل"‪.‬‬
‫كأخرج الشيخاف عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬سئل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أم األعماؿ‬
‫أفضل؟ قاؿ‪" :‬اإلٲباف ابهلل كرسولو" قيل‪ٍ :‬ب ماذا؟ قاؿ‪" :‬ا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا" قيل‪ٍ :‬ب ماذا؟‬
‫قاؿ‪" :‬حج مربكر"‪ .‬كأخرج اإلماـ أ‪ٞ‬بد بسند رجالو رجاؿ الصحيح عن ماعز رضي هللا تعأب‬
‫عنو عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو سئل‪ :‬أم األعماؿ أفضل؟ قاؿ‪" :‬إٲباف ابهلل كحده ٍب ا‪١‬بهاد ٍب حجة برة‬
‫تفضل سائر األعماؿ كما بْب مطلع الشمس إٔب مغرهبا"‪.‬‬
‫كذكر بعضهم عن ‪٦‬باىد أف آدـ عليو السبلـ طاؼ ابلبيت فلقيتو ا‪٤‬ببلئكة ٍب صافحتو كسلمت‬
‫عليو كقالت‪ :‬بر حجك اي آدـ طف هبذا البيت فإان قد طفنا قبلك أبلفي عاـ فقاؿ ‪٥‬بم آدـ‬
‫عليو السبلـ‪ :‬ماذا كنتم تقولوف ُب طوافكم؟ قالوا‪ :‬كنا نقوؿ‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال‬
‫هللا كهللا أكرب قاؿ آدـ‪ :‬كأان أريد أف أقوؿ أيضا‪ :‬كال حوؿ كال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫كعن ابن عباس هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬حج آدـ عليو السبلـ فطاؼ ابلبيت سبعا فلقيتو ا‪٤‬ببلئكة ُب الطواؼ‬
‫فقالوا‪ :‬بر حجك اي آدـ إان قد حججنا هبذا البيت قبلك أبلفي عاـ قاؿ‪ :‬فما كنتم تقولوف ُب‬
‫الطواؼ؟ قالوا‪ :‬كنا نقوؿ‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب قاؿ آدـ‪ :‬فزيدكا‬
‫فيها‪ :‬كال حوؿ كال قوة إال ابهلل فزادت ا‪٤‬ببلئكة فيها ذلك‪ٍ ،‬ب حج إبراىيم عليو السبلـ بعد‬
‫بنائو البيت فلقيتو ا‪٤‬ببلئكة ُب الطواؼ فسلموا عليو فقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬ماذا كنتم تقولوف ُب طوافكم؟‬
‫قالوا‪ :‬كنا نقوؿ قبل أبيك آدـ‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال‬
‫إلو إال هللا كهللا أكرب فزاد فيها أبوؾ‪ :‬كال حوؿ كال قوة إال ابهلل فقاؿ إبراىيم‪ :‬زيدكا فيها‪ :‬العلي‬
‫العظيم فقالت ا‪٤‬ببلئكة ذلك‪ .‬كمنها أهنا تقوـ مقاـ ا‪١‬بهاد كتفضلو‪ ،‬أخرج إسحاؽ بن راىويو‬
‫موقوفا عن معاذ بن جبل رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬ما عمل آدمي عمبل أ‪٪‬بى لو من عذاب هللا‬
‫أفضل من ذكر هللا قالوا‪ :‬كلو ا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا؟ قاؿ‪ :‬قاؿ‪ :‬كلو ضرب بسيفو قاؿ‪ :‬كلذكر هللا‬
‫أكرب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪471‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كركاه أبو بكر عن أيب شيبة مرفوعا‪ ،‬كعند عبد بن ‪ٞ‬بيد بسند صحيح كلفظو‪ :‬عن معاذ قاؿ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ما عمل ابن آدـ عمبل أ‪٪‬بى لو من النار من ذكر هللا تعأب" قالوا‪ :‬اي رسوؿ‬
‫هللا كال ا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا تعأب؟ قاؿ‪ :‬كال ا‪١‬بهاد ُب سبيل هللا تضرب بسيفك حٌب ينقطع ٍب‬
‫تضرب بسيفك حٌب ينقطع قائلها ثبلاث"‪.‬‬

‫كأخرج البيهقي ُب شعب اإلٲباف عن عبد هللا يعِب ابن مسعود رضي هللا تعأب عنو عن النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬إف هللا قسم بينكم أخبلقكم كما قسم بينكم أرزاقكم كأف هللا يعطي ا‪٤‬باؿ من ٰبب‬
‫كمن ال ٰبب كال يعطي اإلٲباف إال من ٰبب‪ ،‬فإذا أحب هللا عبدا أعطاه اإلٲباف فمن ضن اب‪٤‬باؿ‬
‫أف ينفقو كىاب الليل أف يكابده كخاؼ العدك أف ٯباىده فليكثر من‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل‬
‫كال إلو إال هللا كهللا أكرب فإهنن متقدمات متجنبات متعقبات كىن الباقيات الصا‪٢‬بات‪.‬‬
‫ركاه البيهقي كركاه الطربا٘ب ‪٨‬بتصرا كا‪٤‬بنذرم ٍب قاؿ‪ :‬كُب رفعو مقاؿ‪ .‬كمنها أهنا من أثقل‬
‫األعماؿ ُب ا‪٤‬بيزاف‪ ،‬كُب الصحيح‪" :‬كلمتاف خفيفتاف على اللساف ثقيلتاف ُب ا‪٤‬بيزاف حبيبتاف إٔب‬
‫الر‪ٞ‬بن‪ :‬سبحاف هللا كٕبمده سبحاف هللا العظيم"‪ .‬كأخرج أبو داككد الطيالسي بسند فيو راك ٓب‬
‫يسم عن أيب أمامة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬بخ بخ ‪ٟ‬بس ما أثقلهن‪:‬‬
‫سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب كالولد الصاّب ٲبوت فيحتسبو كالده" كىكذا‬
‫ركاه أ‪ٞ‬بد بن حنبل كمسدد لكن لو شاىد صحيح عن أيب‬
‫سآب‪ .‬كأخرج الطربا٘ب ُب كتاب الدعاء كالبزار إبسناد حسن عن ثوابف هنع هللا يضر‪٠ :‬بعت رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪" :‬بخ بخ ‪ٟ‬بس ما أثقلهن ُب ا‪٤‬بيزاف‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب‬
‫كالولد الصاّب يتوُب للمرء ا‪٤‬بسلم فيحتسبو"‪ .‬كمنها أهنا من موجبات ا‪٤‬بغفرة‪ ،‬أخرج سعيد بن‬
‫منصور موقوفا بسند ركاتو ثقات عن عبد هللا بن عمر رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬من قاؿ‪ :‬سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كال إلو إال هللا كهللا أكرب كال حوؿ كال قوة إال ابهلل‬
‫‪ٙ‬باتت خطاايه كما‬

‫‪ٙ‬بات كرؽ األشجار" أخرج الَبمذم كابن ماجة عن أيب رافع رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص للعباس‪" :‬اي عم أال أصلك أال أحبوؾ أال أنفعك قلت‪ :‬بلى اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪:‬‬
‫اي عم صل أربع ركعات تقرأ ُب كل ركعة فا‪ٙ‬بة الكتاب كسورة فإذا انقضت القراءة فقل‪ :‬هللا‬
‫أكرب كا‪٢‬بمد هلل كسبحاف هللا كال إلو إال هللا ‪ٟ‬بس عشرة مرة قبل أف تركع ٍب اركع فقها عشرا ٍب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪472‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ارفع فقلها عشرا ٍب اسجد فقلها عشرا ٍب ارفع فقلها عشرا ٍب اسجد الثانية فقلها عشرا ٍب ارفع‬
‫فقلها عشرا قبل أف تقوـ فذلك ‪ٟ‬بس كسبعوف ُب كل ركعة كىي‬
‫ثبل‪ٜ‬بائة أبربع ركعات فلو كانت ذنوبك مثل رمل عاِب غفرىا هللا تعأب لك قاؿ‪ :‬اي رسوؿ هللا من‬
‫يستطيع أف يقو‪٥‬با قاؿ‪ :‬إف ٓب تستطع أف تقو‪٥‬با ُب كل يوـ فقلها ُب ‪ٝ‬بعة كإف ٓب تستطع أف تقو‪٥‬با‬
‫ُب ‪ٝ‬بعة فقلها ُب شهر فلم يزؿ يقوؿ لو حٌب قاؿ‪ :‬قلها ُب سنة " قاؿ الَبمذم ىذا حديث‬
‫غريب كمنها أهنا من موجبات النجاة من النار أخرج أبو يعلى ا‪٤‬بوصلي كأبو منصور الديلمي‬
‫عن أيب ىريرة كأيب سعيد رضي هللا تعأب عنهما أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬إذا قاؿ العبد ال إلو إال‬
‫هللا كهللا أكرب صدقو ربو فقاؿ‪ :‬صدؽ عبدم ال إلو‬
‫إال أان كأان أكرب فإذا قاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا كحده ال شريك لو قاؿ‪ :‬صدؽ عبدم ال إلو إال أان‬
‫كحدم ال شريك ٕب كإذا قاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا لو ا‪٤‬بلك كلو ا‪٢‬بمد قاؿ صدؽ عبدم ال إلو إال أان‬
‫ٕب ا‪٤‬بلك كٕب ا‪٢‬بمد كإذا قاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا كال حوؿ كال قوة إال ابهلل قاؿ‪ :‬صدؽ عبدم ال إلو‬
‫إال أان كال حوؿ كال قوة إال يب" ركاه ا‪٢‬باكم كقاؿ ىذا حيث صيح كٓب ٱبرجاه‪.‬‬

‫كأما السبلـ عليك أيها النيب كر‪ٞ‬بة هللا كبركاتو فمن بعض فضائلو أف من داكـ على قراءتو مائة‬
‫مرة ُب كل يوـ ال يذكؽ سكرات ا‪٤‬بوت كقد أخرب٘ب سيدم دمحم الغإب رضي هللا تعأب عنو كأان‬
‫معو ُب ا‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة كالسبلـ أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو كاف ٰبض على ذلك كالدكاـ عليو كيقوؿ أف ا‪٤‬بداكـ عليو ال يذكؽ مرارة ا‪٤‬بوت أصبل‬
‫أىػ‪ .‬قلت‪ :‬قد رأيت ُب بعض الكتب أف بعض الصا‪٢‬بْب داكـ عليو فمات كىو ساجد ُب‬
‫الصبلة أىػ‪.‬‬
‫كُب ‪ٙ‬بفة األخيار ُب فضل الصبلة على النيب ا‪٤‬بختار‪ :‬قد كرد ُب فضل السبلـ عليو صلى هللا‬
‫عليو كسلم أحاديث ك‪٩‬با ركم ُب ذلك عن كىب بن منبو أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم قاؿ‪ ":‬من سلم علي عشرا فكأ٭با أعتق رقبة " كُب ركاية‪":‬ما سلم عليك أحد اي دمحم إال‬
‫سلمت عليو عشرا" كسبلـ الرب جبل جبللو على عبده عنايتو بو كأتمنو لو من عذابو‬
‫فاستحضر اي أخي أف رب العزة ٔبوده ككرمو ا‪٤‬بستغِب عنك كعن ‪ٝ‬بيع خلقو سبحانو يرد عليك‬
‫السبلـ كيناجيك ابلتحية كاإلكراـ كمن أين بلغت ىذا ا‪٤‬بقاـ مع بعدؾ كقطيعتك كقلة حيائك‬
‫من ربك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪473‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمع ذلك ‪٤‬با سلمت على أكرـ خلقو كأىل كده سَبؾ سبلمو عن قبائحك ككنت أىبل عند‬
‫ربك ألف يرد عليك السبلـ فسبحاف من عم جوده كإحسانو ‪ٝ‬بيع خلقو كظهر عزه كسلطانو ُب‬
‫‪٠‬بائو كأرضو فبل رب غّبه كال معبود سواه‪ :‬سبلـ على الداعي إٔب هللا أ‪ٞ‬بد *** سبلـ على‬
‫ا‪٥‬بادم الشفيع دمحم سبلـ على من شق طفبل فؤاده *** فطهر عن غي الرجيم ا‪٤‬ببعد سبلـ على‬
‫ا‪٤‬بختار من آؿ ىاشم *** كأكرـ مولود كأطيب مولد ك‪٩‬با ركم ُب فضل السبلـ عليو أنو عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ قاؿ‪" :‬ما من مسلم يسلم علي إال رد هللا علي ركحي حٌب أرد عليو " كىذا‬
‫ا‪٢‬بديث العظيم‬

‫فيو عناية كتكرمة للمحبْب من أمتو عليو الصبلة كالسبلـ كىو تشريف للمسلمْب على سيد‬
‫األانـ صلى هللا تعأب عليو كسلم كشرؼ ككرـ ما دامت الليإب كألياـ فاستحضر اي أخي ر‪ٞ‬بك‬
‫هللا تعأب زادؾ كزاد٘ب هللا تعأب ‪٥‬بذا النيب الكر‪ٙ‬ب زايدة ُب التبجيل كالتكر‪ٙ‬ب ‪٨‬باطبتك كالسبلـ‬
‫عليك من نبيك كحبيبك كشفيعك ككيف جعلو مواله ر‪ٞ‬بة ُب حياتو كر‪ٞ‬بة ُب بعثو كٓب ينس أمتو‬
‫ُب ‪ٝ‬بيع أحوالو فإايؾ أف تغفل عن منفعتك كعن السبلـ عليك من نبيك كربك ألنك إذا‬
‫سلكت على نبيك ُب أم كقت كحاؿ سلك عليك ربك كمنحك منو اإلقباؿ كرد عليك‬
‫السبلـ‬
‫نبيك كحبيبك كشفيعك عند ذم ا‪١‬ببلؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم تسليما‪ .‬ك‪٩‬با ركم ُب فضل‬
‫السبلـ عليو أنو قاؿ‪ :‬السبلـ على أفضل من عتق الرقاب كىذا ا‪٢‬بديث الكر‪ٙ‬ب ينظر فيو ىنا‬
‫مع ما قدمناه قبل ُب قولو عليو السبلـ‪ " :‬من سلم علي عشرا فكأ٭با أعتق رقبة " فظاىره أف‬
‫عتق الرقبة أفضل من السبلـ الواحد فإنو عليو الصبلة كالسبلـ جعل العشر التسليمات عليو‬
‫تقوـ مقاـ عتق الرقبة كىذا ا‪٢‬بديث اآلخر ظاىره أف السبلـ الواحد أفضل من عتق رقاب‬
‫متعددة فكبلمو عليو الصبلة كالسبلـ حق كصدؽ كالبد من ‪ٙ‬بققو كيستحيل فيو أف يتوىم‬
‫خبلؼ ذلك‬
‫قاؿ‪ :‬كلعل ا‪١‬بواب عن ىذا أف الرقبة الواحدة الٍب قاـ مقامها السبلـ عليو عشر مرات من كلد‬
‫إ‪٠‬باعيل قاؿ‪ :‬كذا أظنو كرد ُب بعضها كا‪٢‬بديث اآلخر الذم اقتضى أف السبلـ الواحد عليو‬
‫أفضل من عتق الرقاب تكوف من غّب كلد إ‪٠‬باعيل‪ .‬قلت‪ :‬كٲبكن ىنا جواب آخر كىو أف‬
‫ٰبمل اختبلؼ الركاايت على اختبلؼ مراتب ا‪٤‬بسلمْب عليو صلى هللا تعأب عليو كسلم قاؿ‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪474‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فهذا منة من هللا سبحانو على ىذه األمة احملمدية ألف عتق الرقبة هلل تعأب كرد فيو أف من أعتق‬
‫رقبة أعتق هللا تعأب بكل عضو منها عضوا منو من النار حٌب فرجو بفرجو فإف قاؿ احملب‪:‬‬

‫السبلـ عليك أيها النيب كر‪ٞ‬بة هللا كبركاتو حصل لو العتق من النار برقبة كاحدة كابقي ذلك‬
‫ثواب كرفع درجات عند هللا تعأب مع سبلـ النيب عليو السبلـ كرده على ا‪٤‬بسلم عليو ٍب بسبلـ‬
‫رب العزة جبل جبللو عليهوىو يرحع إٔب أتمينو كتبشّبه ابإلنعاـ عليو فاشكركا عباد هللا موالكم‬
‫على إحسانو إلينا كمنتو علينا ٗبن بعثو إلينا ر‪ٞ‬بة ملسو هيلع هللا ىلص كُب فضل السبلـ عليو عليو أفضل الصبلة‬
‫كالسبلـ‪":‬إف هلل مبلئكة سياحْب ُب األرض يبلغوف السبلـ عليو إليو ملسو هيلع هللا ىلص تسليما كثّبا‪.‬‬
‫كأما ما بقي من األذكار فقد ذكر مع كل كاحد فضلو ككيفية استعمالو كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو‬
‫للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‬

‫الفصل ا‪٢‬بادم كاألربعوف‬

‫ُب شرح معا٘ب األذكار البلزمة للطريقة ألف إحضار القلب عند الذكر مطلوب من الذاكر‬
‫كا‪٢‬بضور ال ٲبكن إال ٗبعرفة معا٘ب األذكار كا‪٢‬بضور ىو ركح األعماؿ كاحتياج الذاكر إٔب معِب‬
‫ما يذكر إذف أمر ضركرم ال ‪٧‬بالة كحيث كاف األمر كذلك ينبغي لنا أف نذكر شيئا من معانيها‬
‫فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف الوظيفة تشتمل على ‪ٝ‬بيع‬
‫األذكار البلزمة للطريقة فلنقتصر على ذكر معانيها فنقوؿ‪ :‬أف مغُب الغفر ُب اللغة السَب ا‪٢‬باجز‬
‫بْب الشيئْب كغفراف هللا تعأب للعبد سَبه إاي عن العقوبة أك عن حالة يستحق هبا العقوبة كمعُب‬
‫أستغفر هللا أطلب من هللا سَبا حاجزا بيِب كبْب العقوبة أك بيِب كبْب حالة أستحق هبا العقوبة‬
‫كذلك السَب يعطيو هللا تعأب للعبد على يد ا‪٠‬بو الغفار كلذلك كانت مادة السؤاؿ بلفظ‬
‫االستغفار ألف العطاء اإل‪٥‬بي كما قاؿ ا‪٢‬با‪ٛ‬بي ال يكوف إال‬

‫على يد سادف من سدنة األ‪٠‬باء فتارة يعطي االسم هللا على يد اسم الر‪ٞ‬بن فيخلص العطاء‬
‫الواصل إٔب ا‪٤‬بعطى لو على يديو من الشوب الذم ال يبلئم الطبع ُب الوقت أك ال ينيل الغرض‬
‫الذم كاف يعطى لو فبل يبلئمو ُب ا‪٤‬باؿ كٱبلص أيضا ‪٩‬با أشبو الشوب الغّب ا‪٤‬ببلئم أك ا‪٤‬بنيل من‬
‫موجبات الكدكرة ا‪٢‬بالية كا‪٤‬بآلية كلها كاترة يعطي اسم هللا يد االسم الواسع أك على يد ا‪٢‬بكيم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪475‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فينظر ُب األصلح ُب الوقت أك على يد الوىاب فيعطي لينعم كال يكوف مع الوىاب تكليف‬
‫ا‪٤‬بعطى لو بعوض على ذلك العطاء من شكر ابللساف أك اعتقاده اب‪١‬بناف أك عمل‬
‫ابألركاف ككجوب شكر النعم إ٭با ىو ألجل عبودية ا‪٤‬بعطى لو ال لتكليف الواىب أك على يد‬
‫ا‪١‬ببار فينظر ُب ا‪٤‬بوطن كما يستحقو أك على يد الغفار فينظر احملل ا‪٤‬بعطى لو كما ىو عليو من‬
‫األحواؿ فإف كاف على حالة يستحق هبا العقوبة فيسَبه هللا سبحانو كتعأب ابالسم الغفار عن‬
‫العقوبة أك كاف على حاؿ ال يستحق هبا العقوبة فيسمى ا‪٤‬بعطى لو معصوما على التقدير الثا٘ب‬
‫بشرط أف يكوف من األنبياء معتُب بو على التقدير ك‪٧‬بفوظا على التقدير بشرط اف يكوف من‬
‫األكلياء اعلم أف بعض ىذه األ‪٠‬باء ا‪٤‬بذكورة لو دخل ُب كل من الفعل كالقبوؿ‬
‫كالر‪ٞ‬بن فإف كاف من اإلعطاء كقابلية احملل لو من مقتضيات الر‪ٞ‬بة الر‪ٞ‬بنية ككذلك ا‪٢‬بكيم فإف‬
‫كل كاحد منهما ٕبسب ا‪٢‬بكمة ككذلك الوىاب فإف الكل مواىبو كظاىر أف الواسع يعم الكل‬
‫ٖببلؼ ا‪١‬ببار كالغفار ألف أثرٮبا ا‪١‬برب كالسَب فا‪١‬ببار كالغفار من حيث أنفسهما ال يقتضياف إال‬
‫الفعل كإذا عرفت ىذا عرفت حكمة أمر هللا عبده أف يسألو حصوؿ ىذا ا‪٤‬بطلب العظيم على‬
‫يد ا‪٠‬بو الغفار ا‪٤‬بفهوـ من لفظ االستغفار كإ٭با قاؿ‪ :‬أستغفر هللا كعلق الفعل ابسم هللا كٓب يقل‬
‫أستغفر الغفار لوجهْب أحدٮبا أف ا‪٤‬بعطي ُب ‪ٝ‬بيع ىذه الصور ىو هللا‬

‫أحدية ‪ٝ‬بعو ‪ٝ‬بيع األ‪٠‬باء من حيث أنو خازف كجامع ‪٤‬با ىو ‪٨‬بزكف عنده ُب خزائنو العلمية الٍب‬
‫ىي حقائق األشياء كأعياهنا الثابتة ا‪٤‬بنتقشة بكل ما كاف كما يكوف ‪٩‬با ٱبرج ما يكوف ‪٨‬بزكان عنده‬
‫من الغيب إٔب الشهادة كمن القوة إٔب الفعل إال بقدر معلوـ كمقدار معْب على يد اسم خاص‬
‫بذلك األمر ا‪٤‬بخزكف عنده ا‪٤‬براد إعطاؤه فأعطى كل شيء خلقو على يد االسم العدؿ كإخوانو‬
‫كاثنيهما أف الذاكر الذم أراد الشركةع ُب االستغفار ‪٤‬با كاف ا‪٤‬بطلوب ُب حقو الوقوؼ ُب مقاـ‬
‫العبودية الٍب ىي إخبلص العبودية هلل كالتربم من ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بظوظ مع‬
‫االعَباؼ ابلعجز كالتقصّب كعدـ توفية الربوبية حقها كسكوف ذلك ُب القلب على ‪٩‬بر‬
‫الساعات كاألزماف كال يتأت لو ذلك إال إذا كاف مستغرقا ُب مشاىدة هللا تعأب ُب مرتبة ألوىيتو‬
‫انسب تعليق فعل االستغفار ابسم هللا ا‪٤‬بفهم مرتبة األلوىية كىي عكوؼ الوجود على عبادتو‬
‫سبحانو كتعأب اب‪٣‬بضوع ‪ٙ‬بت كربايئو كعظمتو كجبللو كالتذلل لكماؿ عزه كا‪٣‬بمود ‪ٙ‬بت قهره‬
‫بتسليم القياـ إليو يفعل ما يشاء كيكحم ما يريد ال منزع لو ُب حكمو كهللا ىو الذم خضع لو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪476‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الوجود كلو ابلعبادة كالتذلل كا‪٣‬بمود ‪ٙ‬بت قهره كالتصاغر لعظمتو ككربايئو كليس ُب‬
‫الوجود شيء يشذ عن ىذا قاصيو كدانيو فهو االلو الذم قهر ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات بسطوتو كقهره‬
‫كإنفراده بعظمتو ككربايئو كعلوه كجبللو ك‪٥‬بذا انسب تعقيب االسم ا‪٤‬بفهم مرتبة لعظمتو تعأب‬
‫بقولو العظيم ألف العظمة أمر كجودم ُب ذاتو فهو عظيم سبحانو كتعأب ال ٰبل بو االحتقار‬
‫بوجو من الوجوه ككل من دكنو إذا تبدت لو عظمتو ذاب ذال كتصاغرا كصعق ىيبة كإجبلال لو‬
‫كالعظيم ىو الذم ال نسب ألحد معو ُب علوه شأنو كجبللة قدره ذاات كصفاات كأ‪٠‬باء كأ‪٠‬باء‬
‫كأفعاال ىو العلي ُب عظمتو فوؽ كل عظمة لغّبه كالعظيم ُب علوه على كل ما ال يليق‬

‫بذاتو فكل توجو ال يشعر صاحبو بعظمة الربوبية كذلة العبودية فيو فهو تبلعب فبذلك كقع‬
‫ا‪١‬بواب عن عدـ انتفاع كثّب أبدعية كأذكار صحيحة الوعد ابإلجابة ‪٦‬بربة عند أىل الصدؽ‬
‫كاإلخبلص ك‪٤‬با كاف العبد ال يرل نفسو كلو بلغ ما بلغ متأىبل ألف يطلب من ربو إال التخلي‬
‫عن الرذائل كالتجلي ابلفضائل لعلو يليق ٖبدمة ربو رب األرض كالسماكات كالتحلي ال ٰبصل‬
‫إال ‪٤‬بن كصل إٔب أكؿ ا‪٤‬بقامات الذم ىو مقاـ التوبة كمن كاف ىذا منظره ال يفارؽ االستغفار‬
‫كاالعَباؼ ابلعجز رجع إٔب االعَباؼ ابأللوىية هلل تعأب اثنيا لعجزه عن الثبوت ‪٤‬ببادئ‬
‫العظمة ا‪٤‬بفهومة من االسم العظيم ألف من تبدت لو عظمة هللا تعأب ذاب ذال كتصاغرا كصعق‬
‫ىيبة كإجبلال بقولو ال إلو أم ال معبود ٕبق إال ىو كلكنو ٓب يقدر أف يصرح ابسم ا‪١‬ببللة فيقوؿ‬
‫الذم ال إلو إال ىو ألنو إما أف يكوف من أىل البداية أك من أىل النهاية فإف كل من أىل‬
‫البداية فتقدـ اال‪٠‬بْب الشريفْب اللذين ٮبا اسم هللا كاسم العظيم يغِب عن إعادة ذكر اسم هللا‬
‫لظهركر ا‪٤‬بذكور أك تعينو عند الذاكر تعيينا ال يقبل إٔب اشَباؾ ابلغّب كالسول فلم يبق لو إال‬
‫الَبقي إٔب مقاـ أعلى من ذلك ا‪٤‬بقاـ كما ىو ا‪٤‬بقصود األعظم ُب‬
‫الذكر فلزـ االنتقاؿ من التصريح إٔب اإلضمار لبلستغراؽ الذاكر ُب مشاىدة ا‪٤‬بذكور كلذلك‬
‫رجع من مرتبة األلوىية الٍب كصفها ابلعظمة إٔب مرتبة ا‪٥‬بوية كىوية ا‪٢‬بق كما ُب اإلنساف الكامل‬
‫غيبة الذم ال ٲبكن ظهوره كلكن ابعتبار ‪ٝ‬بلة األ‪٠‬باء كالصفات ككأهنا إشارة إٔب ابطن الواحدية‬
‫لعدـ اختصاصها ابسم كنعت أك مرتبة أك كصف أك مطلق ذات ببل اعتبار أ‪٠‬باء كصفات بل‬
‫ا‪٥‬بوية إشارة إٔب ‪ٝ‬بيع ذلك على سبيل ا‪١‬بملة كاالنفراد كشأهنا اإلشعار ابلبطوف كالغيوبة كىي‬
‫مأخوذة من لفظة‪ :‬ىو الذم لئلشارة إٔب الغائب كىو ُب حق هللا تعأب إشارة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪477‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إٔب كنو ذاتو ابعتبار أ‪٠‬بائو كصفاتو مع الفهم بغيوبية ذلك‪ ،‬قاؿ‪ :‬كمن قاؿ قوٕب‪ :‬إف ا‪٥‬بوية غيب‬
‫ذات الواجد *** كمن احملاؿ ظهورىا ُب الشاىد فكأهنا نعت كقد كقعت على *** شأف البطوف‬
‫كما لذا من جاحد كاعلم أف ىذا االسم أخص من ا‪٠‬بو هللا كىو سر اسم هللا أال ترل أف اسم‬
‫هللا ما داـ ىذا االسم موجودا فيو كاف لو معُب يرجع بو إٔب ا‪٢‬بق كإذا فك منو بقيت أحرفو غّب‬
‫مفيدة ‪٤‬بعُب كإذا حذفت األلف من اسم هللا يبقى هلل ففيو الفائدة كإذا حذفت البلـ األكٔب يبقى‬
‫لو كفيو الفائدة كإذا حذفت البلـ الثانية يبقى ىو كاألصل ُب ىو أهنا‬
‫ىاء كاحدة ببل كاك كما أ‪٢‬بقت بو الواك إال من قبيل اإلشباع كاالستمرار العادم جعلهما شيئا‬
‫كاحدا فاسم ىو أفضل األ‪٠‬باء‪ .‬قاؿ‪ :‬اجتمعت ببعض أىل هللا ٗبكة زادىا هللا تعأب شرفا ُب‬
‫آخر سنة تسع كتسعْب كسبعمائة فذكر ُب االسم األعظم الذم قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬إنو ُب آخر‬
‫سورة البقرة كآؿ عمراف كقاؿ أنو كلمة ىو كأف ذلك مستفاد من ظاىر كبلـ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ألف ا‪٥‬باء‬
‫آخر قولو كأكؿ سورة آؿ عمراف كىذا الكبلـ كإف كاف مقبوال فإ٘ب أجد لبلسم األعظم رائحة‬
‫أخرل كما أكردت ما قالو ىذا العارؼ إال تنبيها على‬
‫شرؼ ىذا االسم ككوف اإلشارة النبوية كقعت عليو من ا‪١‬بهة ا‪٤‬بذكورة أنو أعظم األ‪٠‬باء‪ ،‬كاعلم‬
‫أف ىو عبارة عن حاضر ُب الذىن يرجع إليو اإلشارة من شاىد ا‪٢‬بسن إٔب غاية ا‪٣‬بياؿ كذلك‬
‫الغائب لو كاف غائبا عن ا‪٣‬بياؿ ‪٤‬با صحت اإلشارة إليو بلفظة ىو فبل تصح اإلشارة بلفظ ىو‬
‫إال إٔب ا‪٢‬باضر‪ ،‬أال ترل أف الضمّب ال يرجع إال إٔب أقرب مذكور إما لفظا كإما قرينة كإما حاال‬
‫كالشكل كالقصة كفائدة ىذا أنو يقع الوجود احملض الذم يصح فيو عدـ كال شيء بو العدـ من‬
‫الغيوبة كالفناء ألف الغائب معدكـ من ا‪١‬بهة الٍب ٓب يكن مشهودا فيها فبل‬

‫يصح ىذا ُب ا‪٤‬بشار إليو بلفظ ىو فعلم من ىذا الكبلـ أف ا‪٥‬بوية ىي الوجود احملض الصريح‬
‫ا‪٤‬بستوعب لكل كماؿ كجودم شهودم لكن ا‪٢‬بكم على ما كقعت عليو ابلغيبة ىو من أجل أف‬
‫ذلك غّب ‪٩‬بكن ابالستيفاء فبل ٲبكن استيفاؤه كال يدرؾ فقيل أف ا‪٥‬بوية غيب لعدـ اإلدراؾ ‪٥‬با‬
‫فافهم ألف ا‪٢‬بق ليس لو غيب غّب شهادتو كال شهادة غّب غيبو ٖببلؼ اإلنساف ككل ‪٨‬بلوؽ‬
‫كذلك فإف لو شهادة كغيبا لكن شهادتو بوجو كاعتبار كغيبو من كجو كابعتبار‪ ،‬كأما ا‪٢‬بق فغيبو‬
‫عْب شهادتو كشهادتو عْب غيب فبل غيب عنده كال شهادة بل لو ُب نفسو غيب يليق بو‬
‫كشهادة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪478‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تليق بو كما يعلم ذلك لنفسو كال يصح تعقل ذلك لنا إذ ال يعلم غيبو كشهادتو على ما ىو‬
‫عليو إال ىو سبحانو كتعأب‪ .‬كإف كاف من النهاية فذكره الذكر ا‪٢‬بقيقي الذم ىو الغاية القصول‬
‫كىو الذم إذا أخذ العبد فيو أخذ من ‪ٝ‬بيع دائرة حسو فليس فوقو مرتبة‪ ،‬كصاحب ىذه ا‪٤‬برتبة‬
‫كلما قاؿ‪ :‬أستغفر هللا العظيم يزداد استغراقا ٍب يعقبو بقولو‪ :‬الذم ال إلو إال ىو لغلبة ا‪٥‬بوية‬
‫السارية ُب ‪ٝ‬بيع الوجود عليو فما يقدر أف ينطق اب‪٠‬بو ىيبة كإجبلال كلوال أف هللا تعأب يتفضل‬
‫على كل كاحد من أىل ىذا ا‪٤‬بقاـ ٗبنو ككرمو كٰبفظ ‪٥‬بم أعما‪٥‬بم‬
‫الظاىرة كالباطنة شريعة كحقيقة ُب صحوىم ك‪٧‬بوىم ‪٤‬با جرل على لسانو ذكر فأحرل أف يقدر‬
‫على أف يقوؿ‪ :‬أستغفر هللا العظيم على الدكاـ كيصرح هبذين اال‪٠‬بْب العظيمْب فبفضلو تعأب‬
‫أعقبهما اب‪٠‬بْب من أ‪٠‬باء ا‪١‬بماؿ كٮبا‪ :‬ا‪٢‬بي القيوـ حٌب أجراٮبا على لساف الذاكر بقولو‪ :‬ا‪٢‬بي‬
‫القيوـ ألف فيهما أتثّبا رافعا داء ا‪٥‬بم كالكرب ألف صفات ا‪٢‬بياة متضمنة ‪١‬بميع صفات األفعاؿ‬
‫كمستلزمة ‪٥‬با‪ ،‬كصفة القيومية مستلزمة ‪١‬بميع صفات األفعاؿ ألف معُب القيوـ الدائم القائم‬
‫بتدبّب ا‪٣‬بلق كحفظو على أحسن األحواؿ كأ‪ٝ‬بعها ك‪٥‬بذا كاف االسم األعظم‬

‫الذم إذا دعي بو أجاب كإذا سئل بو أعطى كىو االسم ا‪٢‬بي القيوـ ُب إحدل األقواؿ‪ ،‬كا‪٢‬بياة‬
‫التامة تضاد ‪ٝ‬بيع اآلالـ كاألسقاـ ك‪٥‬بذا ‪٤‬با كملت حياة أىل ا‪١‬بنة ٓب يلحقهم ىم كال غم كال‬
‫حزف كال شيء من اآلفات فالتوسل بصفة ا‪٢‬بياة كالقيومية لو أتثّب ُب إزالة ما يضاد ا‪٢‬بياة كيضر‬
‫ابألفعاؿ فلهذا االسم ا‪٢‬بي القيوـ أتثّب عظيم خاص ُب إجابة الدعوات ككشف الكرابت ك‪٥‬بذا‬
‫كاف ملسو هيلع هللا ىلص إذا اجتهد ُب الدعاء قاؿ‪ :‬حي قيوـ‪.‬‬
‫كٗبا قررانه يظهر لك حكمة اإلتياف هبذه األ‪٠‬باء ُب ىذا االستغفار على ىذا الَبتيب العجيب‬
‫كهللا تعأب يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم‪ .‬كأما معُب صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق ففي جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب قولو‪ :‬اعلم أف ىذه الكلمة تقو‪٥‬با العرب جرت ُب ألسنتها أهنا ‪ٚ‬باطب هللا تعأب هبا ُب‬
‫‪ٝ‬بيع أدعيتها كىي جارية منهم ٔبرم االستغاثة كالتضرع كىذا االبتهاؿ ىو طلب التعجيل ُب‬
‫عجل إغاثٍب اي هللا ىذا ىو ا‪٤‬براد هبا عند العرب اىػ ما‬
‫عجل إجابٍب أك ٌ‬
‫إجابة الدعاء كاف يقوؿ‪ٌ :‬‬
‫ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪.‬‬
‫اعلم أف الصبلة ُب حق هللا تعأب على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كصف قائم بذاتو على ا‪٢‬بد الذم يليق بعظمتو‬
‫كجبللو ىو أمر فوؽ ما يدرؾ كيعقل فإف الوصف الوارد ُب حق كل موجود كأف اشَبؾ ُب اللفظ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪479‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاالسم فا‪٢‬بقيقة مباينة ُب حق ا‪٤‬بوجودات‪ ،‬فالصبلة ُب حقنا عليو عليو الصبلة كالسبلـ ىي‬
‫األلفاظ البارزة من ألسنتنا ابلدعاء كالتضرع إٔب هللا تعأب ُب ما ينبئ عن تعظيم نبيو ملسو هيلع هللا ىلص منا‬
‫كليست صبلتو سبحانو كتعأب على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كال تكيف صبلتو‪ ،‬أال ترل أف السجود ا‪٤‬بعهود ُب‬
‫حق اآلدمي هلل تعأب ال‬

‫ٲباثل سجود ا‪١‬بمادات كا‪٢‬بيواانت كاألشجار فردا فردا فإف لكل كاحد من تلك األفراد سجودا‬
‫يليق ٕبالو فإف السجود ُب حق ‪ٝ‬بيعها ‪٩‬باثل ُب االسم كاإلطبلؽ كا‪٢‬بقيقة مفَبقة ُب ‪ٝ‬بيعها‬
‫كسجود كل كاحد غّب سجود اآلخر‪ .‬كأما صبلة ا‪٤‬ببلئكة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص فتعلقها ُب حقهم‬
‫كتعلقها ُب حقنا على سيدان دمحم‪.‬‬
‫أما سيداتو كتفضيو على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق فأشهر من انر على علم كاظهر من الشمس كقت الظهّبة‬
‫من غّب سحاب صيفا ‪,‬يكفي ُب تبيْب سيادتو شهادة هللا تعأب أف بعثو ملسو هيلع هللا ىلص ر‪ٞ‬بة للعا‪٤‬بْب حيث‬
‫قاؿ جل كعز من قائل‪{ :‬كما أرسلناؾ إال ر‪ٞ‬بة للعا‪٤‬بْب} كيكفي أيضا ُب بياف سيادتو اختصاصو‬
‫ابلشفاعة العظمى ُب ا‪٤‬بوقف األكرب من بْب ا‪٣‬ببلئق كٓب ينازعو ُب ىذه ا‪٤‬برتبة كاحد من أكابر‬
‫الرسل عليو كعليهم من هللا أفضل الصبلة كأزكى السبلـ كإٔب ىذا أشرت بقوٕب ُب قصيدٌب الٍب‬
‫مدحتو هبا ملسو هيلع هللا ىلص أب‪٠‬باء سور القرآف كلها حيث‬
‫قلت فيها‪ :‬هنظت كقت كموف الكوف جاثية *** إٔب الشفاعة دكف ا‪٣‬بوؼ كالكيد كفتو خّبا‬
‫على أىل السماء كأىل *** األرض قاؼ كأحقاؼ لذم أكد كيكفي ُب سيادتو قولو تعأب‪:‬‬
‫{كإنك لعلى خلق عظيم} كقولو تعأب‪{ :‬قل إف كنتم ‪ٙ‬ببوف هللا فاتبعو٘ب ٰبببكم هللا} كقولو‬
‫تعأب‪{ :‬فبل كربك ال يومنوف حٌب ٰبكموؾ ُب ما شجر بينهم ٍب ال ٯبدكا ُب أنفسهم حرجا ‪٩‬با‬
‫قضيت كيسلموا تسليما} كقولو تعأب‪{ :‬من يطع الرسوؿ فقد أطاع هللا} من غّب زايدة قيد كأما‬
‫من زعم أنو يطيع هللا تعأب من غّب أف يطيع خليفتو دمحما ملسو هيلع هللا ىلص فقد خسر مع‬
‫ا‪٣‬باسرين كىلك مع ا‪٥‬بالكْب كال يطيع هللا تعأب أحد حٌب يطيع دمحما ملسو هيلع هللا ىلص كأما من أطاع دمحما ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫فقد أطاع هللا تعأب كإٔب ىذا يشّب ما ركم عن عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو أنو قاؿ‪:‬اي‬
‫رسوؿ هللا من فضيلتك عند هللا تعأب أف طاعتك طاعتو فقاؿ‪ ":‬من يطع الرسوؿ فقد أطاع هللا‬
‫" أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪480‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقولو تعأب‪{ :‬إف الذين يبايعونك إ٭با يبايعوف هللا يد هللا فوؽ أيديهم} أم إ٭با يبايعوف هللا‬
‫ٗببايعتهم إايؾ يد الو فوؽ أيديهم يريد عند البيعة ألف يد الرسوؿ ىي النائبة عن هللا تعأب‬
‫كيكفي بياف سيادتو ملسو هيلع هللا ىلص قولو‪ " :‬أان سيد كلد آدـ كال فخر " كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬كنت نبيا كآدـ بْب‬
‫ا‪٤‬باء كالطْب " كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬آدـ فمن دكنو من األنبياء يوـ القيامة ‪ٙ‬بت لوائي كقولو صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم‪ ":‬أان أكؿ مشفع كأكؿ من تنشق عنو األرض " كسيأٌب إف شاء هللا تعأب ُب‬
‫أثناء تفسّب‬
‫ألفاظ صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق كتفسّب ألفاظ جوىرة الكماؿ ما ينبو على سيادتو كعلو قدره إف‬
‫شاء هللا تعأب‪ .‬الفاتح ‪٤‬با أغلق من صور األكواف فإهنا كانت مغلقة ُب حجاب البطوف كصورة‬
‫العدـ كفتحت مغاليقها بسبب كجوده ملسو هيلع هللا ىلص كخرجت من صورة العدـ إٔب صورة الوجود كمن‬
‫حجابية البطوف إٔب نفسها ُب عآب الظهور إذ لوال ىو ما خلق هللا موجودا كال أخرجو من العدـ‬
‫إٔب الوجود فهذا أحد معانيو كالثا٘ب أنو فتح مغاليق الر‪ٞ‬بة اإل‪٥‬بية بسببهم انفتحت على ا‪٣‬بلق‬
‫كلوال أف هللا تعأب خلق سيدان دمحما ملسو هيلع هللا ىلص ما رحم‬
‫‪٨‬بلوقا فالر‪ٞ‬بة من هللا تعأب ‪٣‬بلقو بسبب نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كالثالث من معانيو كانت القلوب مغلقة على‬
‫الشرؾ ‪٩‬بلوءة بو كٓب ٯبد اإلٲباف مدخبل ‪٥‬با ففتحها بدعوتو ملسو هيلع هللا ىلص حٌب دخلها اإلٲباف كطهرىا عن‬
‫الشرؾ كامتؤلت ابإلٲباف كا‪٢‬بكمة أىػ‪ .‬كا‪٤‬بعُب أنو فتح هللا تعأب بو على عباده أنواع ا‪٣‬بّبات‬
‫كأبواب السعادات الدنيوية كاألخركية كبْب ألمتو ما أكحى إليو بتفسّبه كتيسّبه كإيضاحو أك‬
‫فتح ٕبكمتو ما أغلق أم التبس كانبهم أك فتح النبوة أكؿ األنبياء أك النور فأكؿ ما خلق هللا‬
‫تعأب نوره أك ابب الشفاعة أك‬

‫ابب ا‪١‬بنة كال تفتح ألحد قبلو أىػ من مطالع ا‪٤‬بسرات‪ .‬قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‪:‬‬
‫قولو‪ :‬كا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق من النبوة كالرسالة ألنو ختمها كأغلق ابهبا ملسو هيلع هللا ىلص فبل مطمع ألحد فيها بعده‬
‫ككذا ا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق من صور التجليات اإل‪٥‬بية الٍب ٘بلى ا‪٢‬بق سبحانو كتعأب بصورىا ُب عآب‬
‫الظهور ألنو صلى هللا تعأب عليو كسلم أكؿ موجود أكجده هللا تعأب ُب العآب من حجاب البطوف‬
‫كصور العماء الراب٘ب ٍب ما زاؿ يبسط صور العآب بعدىا ُب ظهور أجناسها ابلَبتيب القائم على‬
‫ا‪٤‬بشيئة الرابنية جنسا بعد جنس إٔب أف‬
‫كاف آخرىا ما ٘بلى بو ُب عآب الظهور الصورة اآلدمية على صورتو ملسو هيلع هللا ىلص كىو ا‪٤‬براد ابلصورة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪481‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫اآلدمية فكما افتتح بو ظهور الوجود كذلك أغلق بو ظهور صور ا‪٤‬بوجودات ملسو هيلع هللا ىلص كعلى آلو‬
‫كبعبارت قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أكؿ موجود أكجده هللا تعأب من حضرة الغيب ىو ركح سيدان‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ٍب نسل هللا تعأب أركاح العآب من ركحو ملسو هيلع هللا ىلص كالركح ىهنا الكيفية الٍب هبا مادة ا‪٢‬بياة ُب‬
‫األجساـ كخلق من ركحو ملسو هيلع هللا ىلص األجساـ النورانية كا‪٤‬ببلئة كمن ضاىاىم كأما األجساـ‬
‫الكثيفة الظلمانية فإهنا خلقت من النسبة الثانية من ركحو ملسو هيلع هللا ىلص فإف لركحو ملسو هيلع هللا ىلص نسبتْب أفاضهما‬
‫على الوجود كلو فالنسبة األكٔب نسبة النور احملض كمنو خلقت األركاح كلها كاألجساـ النورانية‬
‫الٍب ال ظلمة فيها كالنسبة الثانية من نسبة ركحو ملسو هيلع هللا ىلص نسبة الظبلـ كمن ىذه النسبة خلق‬
‫األجساـ الظلمانية كالشياطْب كسائر األجساـ الكثيفة كا‪١‬بحيم كدركاهتا كما أف ا‪١‬بنة ك‪ٝ‬بيو‬
‫درجاهتا خلقت من النسبة النورانية فهذه نسبة العآب كلو إٔب ركحو ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫قولو‪ :‬انصر ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق قاؿ رضي هللا تعأب عنو ُب شرح ايقوتة ا‪٢‬بقائق‪ :‬إف ا‪٢‬بق ُب اللفظْب ىو‬
‫هللا تعأب كمعناه أنو نصر هللا تعأب ابهلل سبحانو هنض إٔب نصرة هللا تعأب حيث توجو إليو أمر هللا‬
‫تعأب ابلنصرة لو فنهض مسرعا إٔب نصرة هللا تعأب ابهلل تعأب اعتمادا كحوال كقوة كاستنادا‬
‫كاضطرارا إٔب هللا سبحانو كتعأب كقياما بو على كل شيء فهذا ىو الوجو األكؿ كالوجو الثا٘ب أف‬
‫ا‪٢‬بق ُب اللفظ األكؿ ىو دين هللا الذم أمر هللا تعأب بتبليغو كإقامتو كىو دين اإلسبلـ نصره‬
‫اب‪٢‬بق أداة كآلة يعغِب أنو ٓب ينصر اإلسبلـ‬
‫بباطل كال ‪ٙ‬بيل كال خديعة بل هنض إٔب نصرة دين اإلسبلـ ٕباؿ يعطي التصريح اب‪٢‬بق تصرٰبا ال‬
‫ٲبازجو كجو من الباطل فما زاؿ كذلك حٌب ‪ٛ‬بكن دينو كشرعو ُب األرض أىػ كٰبتمل أف يكوف‬
‫ا‪٤‬براد اب‪٢‬بق القرآف قالو ُب مطالع ا‪٤‬بسرات‪ .‬قولو‪ :‬كا‪٥‬بادم إٔب صراطك ا‪٤‬بستقيم معناه أنو صلى‬
‫هللا عليو كسلم ىو الذم يهدم ‪ٝ‬بيع عباد هللا تعأب إٔب دينو القو‪ٙ‬ب الذم ال تبديل فيو كال تغيّب‬
‫كال زايدة كال نقصاف كما قاؿ ُب حقو ملسو هيلع هللا ىلص‪{ :‬كإنك لتهدم إٔب صراط مستقيم صراط هللا الذم‬
‫لو ما ُب السماكات كما ُب األرض} كالصراط ا‪٤‬بستقيم‬
‫ىو النيب ملسو هيلع هللا ىلص ك‪٠‬بي بو لكونو طريقا موركدا إٔب ا‪٢‬بق ال كصوؿ ألحد إٔب ا‪٢‬بضرة القدسية كذكؽ‬
‫أسرارىا كاالبتهاج أبنوارىا إال ابلسلوؾ عليو ملسو هيلع هللا ىلص كىو ابب هللا األعظم كىو الصراط ا‪٤‬بستقيم‬
‫إٔب هللا تعأب فمن راـ من السالكْب الوصوؿ إٔب هللا تعأب ُب حضرة جبللو كقدسو معرضا عن‬
‫حبيبو ملسو هيلع هللا ىلص طرد كلعن كسدت عليو الطرؽ كاألبواب كرد بعصا األدب إٔب إسطبل الدكاب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪482‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقولو‪ :‬كعلى آلو أم‪ :‬صل على آلو طلب ا‪٤‬بصلي من هللا تعأب أف يصلي على رسولو صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم‪.‬‬

‫كقولو‪ :‬حق قدره كمقداره العظيم معناه أف ا‪٤‬بصلي طلب من هللا تعأب أف يصلي على نبيو‬
‫كرسولو ملسو هيلع هللا ىلص كعلى آلو حق قدره كمقداره العظيم عنده تعأب‪ .‬كقولو‪ :‬قدره يصح أف تكوف الداؿ‬
‫ا‪٤‬بهملة ‪٧‬بركة كمضمومة أك ساكنة‪ ،‬كُب القاموس‪ :‬القدر ‪٧‬بركة القضاء كا‪٢‬بكم كمبلغ الشيء‬
‫كيضم كا‪٤‬بقدار إٔب أف قاؿ‪{ :‬كما قدركا هللا حق قدره} ما عظموه حق تعظيمو كقدرت الثواب‬
‫فالقدر جاء على ا‪٤‬بقدار اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قد حصل لنا من الكبلـ أف القدر كا‪٤‬بقدار ٗبعُب كاحد كأف القدر كا‪٤‬بقدار ُب ىذا احملل‬
‫يصلح أف يكوف ٗبعُب مبلغ الشيء كٗبعُب الغُب‪ ،‬فمعُب الصبلة‪ :‬اللهم صل على سيدان دمحم اْب‬
‫صبلة يكوف مبلغها على قدر مبلغ رسولك صلى هللا تعأب عليو كسلم أك‪ :‬اللهم صل على‬
‫سيدان دمحم الفاتح اْب صبلة تساكم كتطابق غناه الذم أغنيتو بك ٍب ٗبا منحتو بو من سبوغ‬
‫فضلك ككماؿ طولك كما قلت ُب ‪٧‬بكم كتابك‪{ :‬ككاف فضل هللا عليك عظيما} {كلسوؼ‬
‫يعطيك ربك فَبضى}‪ ،‬أك‪ :‬اللهم صل على سيدان دمحم الفاتح ‪٤‬با أغلق اْب صبلة تساكم عظمة‬
‫رسولك‪،‬‬
‫أك‪ :‬اللهم صل على سيدان دمحم الفاتح ‪٤‬با أغلق اْب صبلة إذا قيست ٗبرتبة رسولك صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم تكوف مقايسة ‪٥‬با‪ .‬كفائدة الكبلـ أف ا‪٤‬بصلي على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص طلب من هللا‬
‫أف يصلي على رسولو ملسو هيلع هللا ىلص صبلة ابلغة مبلغ رسولو مطابقة لغناه صلى هللا تعأب عليو كسلم بربو‬
‫ٍب ٗبا منحو بو ‪٩‬با ال يعلم قدره إال ىو ربو مساكية لعظمتو صلى هللا تعأب عليو كسلم مقايسة‬
‫لرتبتو ملسو هيلع هللا ىلص كعلو قدره كمكانتو كحظوتو عنده فلنذكر ىنا بعض ما ينبو على علو قدره كمرتبتو‬
‫كحظوتو عند ربو كغناه‬

‫بو صلى هللا تعأب عليو كسلم فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم‬
‫أف علو شأنو كجبللة قدره كعظمتو كارتفاع مكانتو على ‪ٝ‬بيع خلق هللا تعأب كغناه صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم بربو تعأب ‪٩‬با شاع كذاع كعلم ككيف ال كىو ملسو هيلع هللا ىلص السبب ُب كجود كل موجود‬
‫من ا‪٣‬بلق كمن نوره كاف كل نور كىو الر‪ٞ‬بة ا‪٤‬بهداة للخلق كإنو ر‪ٞ‬بة األكلْب كاآلخرين كىداية‬
‫ا‪٣‬بلق أ‪ٝ‬بعْب إ٭با ىي منو كمن أجلو ألنو صلى هللا تعأب عليو كسلم ىو األ٭بوذج ا‪١‬بامع ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪483‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إفاضة الوجود على ‪ٝ‬بيع الوجود فإنو لوال كجوده صلى‬
‫هللا عليو كسلم ‪٤‬با كاف كجود ‪٤‬بوجود من ا‪٤‬بخلوقات‪ ،‬فإف كجود كل موجود من ذرات الوجود‬
‫متوقف على سبقية كجوده ملسو هيلع هللا ىلص من كجود ذلك ا‪٤‬بوجود إبفاضتو فإنو لوال ىو ملسو هيلع هللا ىلص ما خلق شيء‬
‫من األكواف كال رحم شيء منها ال ابلوجود كال إبفاضة الر‪ٞ‬بة فإفاضة الوجود على كجود ‪ٝ‬بيع‬
‫األكواف مفاضة من ذاتو الكرٲبة صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ،‬فباف لك أف الفيض من ذاتو ينقسم‬
‫إٔب ر‪ٞ‬بتْب‪ :‬الر‪ٞ‬بة األكٔب‪ :‬إفاضة الوجود على ‪ٝ‬بيع األكواف حٌب خرجت من العدـ إٔب‬
‫الوجود‪ ،‬كالر‪ٞ‬بة الثانية‪ :‬إفاضة فيض الر‪ٞ‬بة اإل‪٥‬بية على‬
‫‪ٝ‬بيعها من ‪ٝ‬بلة األرزاؽ كا‪٤‬بواىب كا‪٤‬بنافع كا‪٤‬بنح من العلم بصفات هللا تعأب كأ‪٠‬بائو ككماالت‬
‫ألوىيتو كأبحواؿ السكوف كأسراره كمنافعو كمضاره كابألحكاـ اإل‪٥‬بية أمرا كهنيا فبذلك يدكـ‬
‫‪ٛ‬بتعها ابلوجود‪ ،‬فإذا علمت ىذا علمت أنو ملسو هيلع هللا ىلص عْب الر‪ٞ‬بة الرابنية ألف ‪ٝ‬بيع الوجود رحم‬
‫ابلوجود بوجوده ملسو هيلع هللا ىلص كمن فيض كجوده أيضا رحم ‪ٝ‬بيع الوجود‪.‬‬

‫كُب اإلبريز للشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ عن شيخو سيدم عبد العزيز رضي هللا تعأب عنو أف أكؿ ما‬
‫خلق هللا نور دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ٍب خلق منو القلم كا‪٢‬بجب السبعْب كمبلئكتها ٍب خلق اللوح ٍب قبل كمالو‬
‫كانعقاده خلق العرش كاألركاح كا‪١‬بنة كالنار كالربزخ‪ ،‬أما العرش فإنو خلقو تعأب من نور كخلق‬
‫ذلك النور من النور ا‪٤‬بكرـ كىو أم النور ا‪٤‬بكرـ نور نبينا ملسو هيلع هللا ىلص كخلقو أم العرش من ايقوتة‬
‫عظيمة ال يقاس قدرىا كعظمها كخلق ُب كسط ىذه الياقوتة جوىرة عظيمة فصار ‪٦‬بموع‬
‫الياقوتة كا‪١‬بوىرة كبيضة بياضها ىو الياقوتة‬
‫كصفارىا ىو ا‪١‬بوىرة‪ٍ ،‬ب إف هللا تعأب أمد تلك ا‪١‬بوىرة كسقاىا من نوره ملسو هيلع هللا ىلص فجعل ٱبرؽ‬
‫الياقوتة كيسقي ا‪١‬بوىرة فسقاىا مرة ٍب مرة إٔب أف انتهى إٔب سبع مرات فسالت ا‪١‬بوىرة إبذف‬
‫هللا تعأب فرجعت ماء فنزلت إٔب أسفل الياقوتة الٍب ىي العرش‪ٍ ،‬ب إف النور ا‪٤‬بكرـ الذم خرؽ‬
‫العرش إٔب ا‪١‬بوىرة الٍب سالت ماء ٓب يرجع فخلق هللا منو مبلئكة ‪ٜ‬بانية كىم ‪ٞ‬بلة العرش‬
‫فخلقهم من صفائو كخلق من ثقلو الريح كلو قوة كجهد عظيم فأمرىا هللا تعأب أف تنزؿ ‪ٙ‬بت‬
‫ا‪٤‬باء فسكنت ‪ٙ‬بتو فحملتو ٍب جعلت ‪ٙ‬بوـ كجعل الربد يقول ُب ا‪٤‬باء‬
‫فأراد ا‪٤‬باء أف يرجع إٔب أصلو كٯبمد فلم تدعو الريح بل جعلت تكسر شقوقو الٍب ٘بمد‬
‫كجعلت تلك الشقوؽ تنعقد كيدخلها الثقل كالنتونة كشقوؽ تزيد على شقوؽ ٍب جعلت تكرب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪484‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كتتسع كذىبت إٔب جهات سبع كأماكن سبع فخلق هللا تعأب منهن األرضْب السبع لو دخل‬
‫ا‪٤‬باء بينها كالبحور كجعل الضباب يتصاعد من ا‪٤‬باء لقوة جهد الريح ٍب جعل يَباكم فخلق هللا‬
‫منو السماكات السبع ٍب جعلت الريح ‪ٙ‬بوـ حومة عظيمة على عادهتا أكال كآخرا فجعلت النار‬
‫تزيد ُب ا‪٥‬بواء من قوة خرؽ الريح للماء كا‪٥‬بواء ككلما زندت انر أخذهتا ا‪٤‬ببلئكة كذىبت هبا إٔب‬

‫‪٧‬بل جهنم اليوـ فذلك أصل جهنم‪ ،‬فالشقوؽ الٍب تكونت منها األرضوف تركوىا على حا‪٥‬با‬
‫كالضباب الذم تكونت منو السماكات تركوه على حالو أيضا كالنار الٍب زندت ُب ا‪٥‬بواء‬
‫أخذكىا كنقلوىا إٔب ‪٧‬بل آخر ألهنم لو تركوىا ألكلت الشقوؽ الٍب منها األرضوف السبع‬
‫كالضباب الذم منو السماكات السبع بل كأتكل ا‪٤‬باء كتشربو ابلكلية لقوة جهد الريح‪ٍ ،‬ب إف‬
‫هللا تعأب خلق مبلئكة األرضْب من نوره ملسو هيلع هللا ىلص كأمرىم أف يعبدكه عليها كخلق مبلئكة السماكات‬
‫من نوره ملسو هيلع هللا ىلص كأمرىم أف يعبدكه عليها‪.‬‬
‫كأما األركاح كا‪١‬بنة إال مواضع منها فإهنا أيضا خلقت من نور كخلق ذلك النور من نوره ملسو هيلع هللا ىلص‪،‬‬
‫كأما الربزخ فنصفو األعلى من نوره ملسو هيلع هللا ىلص فخرج من ىذا أف القلم كاللوح كنصف الربزخ كا‪٢‬بجب‬
‫السبعْب ك‪ٝ‬بيع مبلئكتها ك‪ٝ‬بيع مبلئكة السماكات كاألرضْب كلها خلقت من نوره ملسو هيلع هللا ىلص ببل‬
‫كاسطة كأف العرش كا‪٤‬باء كا‪١‬بنة كاألركاح خلقت من نور خلق من نوره ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كذا ُب اإلبريز‪ :‬كأما‬
‫للقلم فإنو سقي سبع مرات سقيا عظيما كىو أعظم ا‪٤‬بخلوقات ٕبيث أنو لو كشف نوره ‪١‬برـ‬
‫األرض لتدككت كصارت‬
‫رميما ككذا ا‪٤‬باء فإنو سقي سبع مرات كلكن ليس كسقي القلم‪ ،‬كأما ا‪٢‬بجب السبعوف فإهنا ُب‬
‫سقي دائم‪ ،‬كأما العرش فإنو سقي مرتْب‪ :‬مرة ُب بدئ خلقو كمرة عند ‪ٛ‬باـ خلقو لتستمسك‬
‫ذاتو‪ ،‬ككذلك ا‪١‬بنة فإهنا سقيت مرتْب مرة ُب بدئ خلقها كمرة بعد ‪ٛ‬باـ خلقها لتستمسك ذاهتا‪.‬‬
‫كأما األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ ككذا سائر ا‪٤‬بؤمنْب من األمم ا‪٤‬باضية كمن ىذه األمة فإهنم‬
‫سقوا ‪ٜ‬باف مرات‪ ،‬األكٔب ُب عآب األركاح حْب خلق هللا تعأب نور األركاح ‪ٝ‬بلة فسقاه‪ ،‬الثانية‬
‫حْب جعل يصور منو األركاح فعند تصوير كل ركح سقاىا بنوره صلى هللا‬

‫عليو كسلم‪ ،‬الثالثة يوـ ألست بربكم فإف كل من أجاب هلل تعأب من أركاح ا‪٤‬بؤمنْب كاألنبياء‬
‫عليهم الصبلة كالسبلـ سقي من نوره ملسو هيلع هللا ىلص لكن منهم من سقي كثّبا كمنهم من سقي قليبل فمن‬
‫ىنا كقع التفاكت بْب ا‪٤‬بؤمنْب حٌب كاف منهم أكلياء كغّبىم كأما أركاح الكفار فإهنا كرىت شرب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪485‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذلك النور كامتنعت منو فلما رأت ما كقع لؤلركاح الٍب شربت منو من السعادة األبدية‬
‫كاالرتقاءات السرمدية ندمت كطلبت سقيا فسقيت من الظبلـ كالعياذ ابهلل‪ ،‬الرابعة عند تصويره‬
‫ُب بطن أمو كتركيب مفاصلو كشق بصره فإف ذاتو تسقى من النور‬
‫الكر‪ٙ‬ب لتليْب مفاصلو كتفتيح أ‪٠‬باعها كأبصارىا كلوال ذلك ما النت مفاصلها ا‪٣‬بمسة عند‬
‫خركجو من بطن أمو فإنو يسقى من النور الكر‪ٙ‬ب ليلهم األكل من فمو كلوال ذلك ما أكل من‬
‫فمو أبدا‪ ،‬السادسة عند التقامو ثدم أمو أكؿ رضعة فإنو سقي من النور الكر‪ٙ‬ب أيضا‪ ،‬السابعة‬
‫عند نفخ الركح فيو فإنو لوال سقي الذات ابلنور الكر‪ٙ‬ب ما دخلت فيو الركح أبدا كمع ذلك فبل‬
‫تدخل فيو إال بكلفة عظيمة كتعب ٰبصل ا‪٤‬ببلئكة معها بو ما قدر ملك على إدخالو ُب الذات‪.‬‬
‫ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو مرة أخرل يقوؿ‪ :‬مثل ا‪٤‬ببلئكة الذين يريدكف أف يدخلوا الركح ُب‬
‫الذات كعبيد صغار ‪٤‬بلك يرسلهم إٔب الباشا العظيم ليدخلوه إٔب السجن فإذا نظران إٔب الغلماف‬
‫الصغار كإٔب الباشا العظيم كجدانىم ال يقدركف على معا‪١‬بة الباشا ُب أمر من األمور‪ ،‬كإذا نظران‬
‫إٔب ا‪٤‬بلك الذم أرسلهم كأنو ا‪٢‬باكم ُب الباشا كغّبه حكمنا أبنو ٯبب أف يذؿ ‪٥‬بم الباشا كغّبه‪،‬‬
‫كإذا أرادكا إدخا‪٥‬با ُب الذات حصل ‪٥‬بم كرب عظيم كانزعاجات كثّبة ك٘بعل ترغرغ بصوت‬
‫عظيم فبل يعلم ما نزؿ هبا إال هللا تعأب كهللا أعلم‪ ،‬الثامنة عند‬

‫تصويره عند البعث فإنو يسقى من النور الكر‪ٙ‬ب لتستمسك ذاتو‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فهذا‬
‫السقي ُب ىذه ا‪٤‬برات الثماف اشَبؾ فيو األنبياء كا‪٤‬بؤمنوف من سائر األمم كمن ىذه األمة كلكن‬
‫الفرؽ حاصل‪ ،‬فإف ما سقي بو األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ قدر ال يطيقو غّبىم فلذلك‬
‫حازكا درجة النبوة كالرسالة‪ ،‬كأما غّبىم فكل سقي بقدر طاقتو‪.‬‬
‫كأما الفرؽ بْب سقي ىذه األمة الشريفة كبْب سقي غّبىا من سائر األمم فهو أف ىذه األمة‬
‫الشريفة سقيت من النور الكر‪ٙ‬ب بعد أف دخل ُب الذات الطاىرة كىي ذاتو ملسو هيلع هللا ىلص فحصل لو من‬
‫الكماؿ ما ال يكيف كال يطاؽ ألف النور الكر‪ٙ‬ب أخذ سر ركحو الطاىرة كسر ذاتو الطاىرة ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫ٖببلؼ سائر األمم فإف النور ُب سقيها إ٭با أخذ من سر الركح فقط فلهذا كاف ا‪٤‬بؤمنوف من ىذه‬
‫كسطا ككانت ىذه األمة خّب أمة أخرجت للناس كهلل ا‪٢‬بمد كالشكر‪.‬‬
‫كمبل كع ٌدال ٌ‬
‫األمة الشريفة ٌ‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬ككذا سائر ا‪٤‬بخلوقات سقيت من النور الكر‪ٙ‬ب كلوال النور الكر‪ٙ‬ب الذم فيها ما‬
‫انتفع أحد منها بشيء‪ ،‬قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬ك‪٤‬با نزؿ سيدان آدـ على نبينا كعليو الصبلة كالسبلـ إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪486‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األرض كانت األشجار تتساقط ‪ٜ‬بارىا ُب أكؿ ظهورىا‪ ،‬ك‪٤‬با أراد هللا تعأب تثمّبىا سقاىا من نوره‬
‫الكر‪ٙ‬ب ملسو هيلع هللا ىلص فمن ذلك اليوـ جعلت تثمر كلقد كانت قبل ذلك كلها أذكارا تنفتح ٍب تتساقط‪،‬‬
‫كلوال نوره ملسو هيلع هللا ىلص الذم ُب ذكات الكافرين فإهنا سقيت بو عند تصويرىا ُب البطوف كعند نفخ‬
‫الركح كعند ا‪٣‬بركج كعند‬

‫الرضاع ‪٣‬برجت إليهم جهنم كأكلتهم أكبل كال ‪ٚ‬برج إليهم ُب اآلخرة كأتكلهم حٌب ينزع منهم‬
‫ذلك النور الذم صلحت بو ذكاهتم كهللا تعأب أعلم‪ .‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر مرة أخرل يقوؿ‪٤ :‬با خلق هللا‬
‫تعأب النور ا‪٤‬بكرـ كخلق بعده القلم كالعرش كاللوح كالربزخ كا‪١‬بنة كخلق ا‪٤‬ببلئكة الذين ىم‬
‫سكاف العرش كا‪١‬بنة كا‪٢‬بجب قاؿ العرش‪ :‬اي ريب ٓب خلقتِب؟ فقاؿ هللا تعأب‪ :‬ألجعلك حجااب‬
‫‪ٙ‬بجب أحبايب من أنوار ا‪٢‬بجب الٍب فوقك فإهنم ال يطيقوهنا أل٘ب أخلقهم من تراب كٓب يكن ُب‬
‫ذلك الوقت أعداء كال دارىم الٍب ىي جهنم فظن ا‪٤‬ببلئكة أف أحبابو‬
‫الذين ٱبلقهم هللا تعأب من تراب ٱبلقهم ُب ا‪١‬بنة كيسكنهم فيها كٰبجبهم ابلعرش ٍب خلق هللا‬
‫تعأب نور األركاح ‪ٝ‬بلة فسقاه من النور الكر‪ٙ‬ب ٍب ميزه تعأب قطعا قطعا فصور من كل قطعة‬
‫ركحا من األركاح كسقاىم عند التصوير من النور الكر‪ٙ‬ب أيضا ٍب بقيت األركاح على ذلك مدة‬
‫كمنهم من استحلى ذلك الشراب كمنهم من ٓب يستحلو كلما أراد هللا تعأب أف ٲبيز أحبابو من‬
‫أعدائو كأف يلحق ألعدائو دارىم الٍب ىي جهنم ‪ٝ‬بع األركاح كقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬ألست بربكم فمن‬
‫استحلى ذلك النور ككانت منو إليو رقة كحنو عليو أجاب ‪٧‬ببة كرضا كمن ٓب يستحلو‬
‫أجاب كرىا كخوفا فظهر الظبلـ الذم ىو أصل جهنم فجعل الظبلـ يزيد ُب كل ‪٢‬بظة كجعل‬
‫النور أيضا يزيد ُب كل ‪٢‬بظة فعند ذلك علموا قدر النور ا‪٤‬بكرـ حيث رأكا من ٓب يستحلو‬
‫استوجب الغضب كخلقت جهنم من أجلهم كهللا تعأب أعلم‪ .‬كفيو أنو قاؿ مرة أخرل‪ :‬فإف‬
‫أألنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ كإف سقوا من نوره ٓب يشربوه بتمامو بل كل كاحد منهم شرب‬
‫منو ما يناسبو ككتب لو فإف النور ا‪٤‬بكرـ ذك ألوف كثّبة كأحواؿ عديدة كأقساـ كثّبة فكل كاحد‬
‫شرب لوان خاصا كنوعا خاصا قاؿ‪:‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬لسيدان عيسى عليو الصبلة‬
‫كالسبلـ شرب‬

‫من النور ا‪٤‬بكرـ فحصل لو مقاـ الغربة كىو مقاـ ٰبمل صاحبو على السياحة كعدـ القرار ُب‬
‫موضع كاحد كسيدان إبراىيم عليو الصبلة كالسبلـ شرب من النتور ا‪٤‬بكرـ فحصل لو مقاـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪487‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الر‪ٞ‬بة كالتواضع مع ا‪٤‬بشاىدة الكاملة فَباه إذا تكلم مع أحد ٱباطبو بلْب كيكلمو بتواضع‬
‫عظيم فيظن ا‪٤‬بتكلم أنو يتواضع لو كىو إ٭با يتواضع هلل عز كجل لقوة مشاىدتو كسيدان موسى‬
‫عليو الصبلة كالسبلـ شرب من النور ا‪٤‬بكرـ فحصل لو مقاـ مشاىدة ا‪٢‬بق سبحانو ُب نعمو‬
‫كخّباتو كعطاايه الٍب ال يقدر قدرىا كىكذا سائر األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ كا‪٤‬ببلئكة‬
‫الكراـ كهللا تعأب أعلم‪ .‬كفيو‪ :‬إ٭با ظهر ا‪٣‬بّب ألىلو بربكتو ملسو هيلع هللا ىلص كأىل ا‪٣‬بّب ىم ا‪٤‬ببلئكة كاألنبياء‬
‫كألولياء كعامة ا‪٤‬بؤمنْب قاؿ‪ :‬فقلت‪ :‬ككيف يفرؽ بينهم فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ا‪٤‬ببلئكة‬
‫ذكاهتم من النور كأركاحهم من النور كألنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ ذكاهتم من تراب كأركاحهم‬
‫من نور كبْب الركح كالذات نور آخر ىو شراب ذكاهتم ككذا األكلياء غّب أف األنبياء عليهم‬
‫الصبلة كالسبلـ زادكا عليهم بدرجة النبوة الٍب ال تكيف كال تطاؽ كأما عواـ ا‪٤‬بؤمنْب فلهم‬
‫ذكات ترابية كأركاح نورانية كلذكاهتم شبو عرؽ‬
‫من ذلك النور الذم لؤلكلياء كاألنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ فقلت‪ :‬كما نسبة ىذه األنوار من‬
‫نور نبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ككيف استمدادىا منو فضرب رضي هللا تعأب عنو مثبل عاميا على عادتو كقاؿ‪:‬‬
‫كمن جوع ‪ٝ‬بلة من القطط مدة حٌب اشتاقوا لؤلكل اشتياقا كثّبا ٍب طرح خبزة بينهم فجعلوا‬
‫أيكلوف أكبل حفيفا كا‪٣‬ببزة ال ينقص منها قبلمة ظفر فكذا نوره ملسو هيلع هللا ىلص تستمد منو العوآب كال‬
‫ينقص منو شيء كا‪٢‬بق سبحانو كتعأب ٲبده ابلزايدة دائما كال تظهر فيو الزايدة أبف يتسع فراغها‬
‫بل الزايدة ابطنة فيو ال تظهر أبدا‬

‫كما أف النقص ال يظهر فهذا النور ا‪٤‬بكرـ تستمد منو ا‪٤‬ببلئكة كاألنبياء كاألكلياء كا‪٤‬بؤمنوف‬
‫كا‪٤‬بدد ‪٨‬بتلف كما سبق كهللا تعأب أعلم‪ .‬كفيو‪ :‬كسألتو رضي هللا تعأب عنو عن كبلـ صاحب‬
‫اإلحياء ُب كتاب التفكر حيث قاؿ الغزإب‪ :‬أف سيدان جربيل أعلم من سيد األكلْب كاآلخرين‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬لو عاش سيدان جربيل مائة ألف عاـ إٔب‬
‫مائة ألف عاـ إٔب ما ال هناية لو ما أدرؾ ربعا من معرفة النيب ملسو هيلع هللا ىلص كال من علمو بربو ككيف ٲبكن‬
‫أف يكوف سيدان جربيل أعلم كىو إ٭با خلق من نور‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص فهو ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة بعض نوره ملسو هيلع هللا ىلص ك‪ٝ‬بيعهم ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات يستمدكف ا‪٤‬بعرفة منو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كقد كاف ا‪٢‬ببيب مع حبيبو عز كجل ال جربيل كال غّبه كاستمد صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫من ربو إذا ذاؾ ما يليق ٗبنصبو الكر‪ٙ‬ب كإجبللو كعظمتو مع حبيبو ملسو هيلع هللا ىلص ٍب بعد ذلك ٗبدة مديدة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪488‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫جعل تعأب ٱبلق من نوره لكر‪ٙ‬ب جربيل كغّبه من ا‪٤‬ببلئكة عليهم الصبلة كالسبلـ قاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ :‬كجربيل ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة ك‪ٝ‬بيع األكلياء أرابب الفتح حٌب ا‪١‬بن يعلموف أف سيدان‬
‫جربيل‬
‫عليو السبلـ حصلت لو مقامات ُب ا‪٤‬بعرفة كغّبىا بربكتو كصحبتو لو ملسو هيلع هللا ىلص ٕبيث لو عاش سيدان‬
‫جربيل عليو السبلـ طوؿ عمره كٓب يصحب سيد الوجود صلى هللا تعأب عليو كسلم كسعى ُب‬
‫‪ٙ‬بصيلها كبذؿ اجملهود كالطاقة ما حصل لو مقاـ كاحد منها فالنفع الذم حصل لو من النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ال يعرفو إال ىو كمن فتح هللا تعأب عليو‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كسيدان جربيل إ٭با خلق ‪٣‬بدمة النيب ملسو هيلع هللا ىلص كليكوف من ‪ٝ‬بلة حفظة‬
‫ذاتو الشريفة صلى هللا تعأب عليو كسلم ككنيسو لو إذ ىو ملسو هيلع هللا ىلص سر هللا من ىذا الوجود ك‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٤‬بوجودات تستمد منو فيحتاج إٔب مشاىدهتا كذاتو الشريفة خلقت من تراب كذكات بِب آدـ‬
‫فهي ال أتلف إال من يشاكلها فإذا شاىد ما ال يشاكلو آنسو جربيل ٍب قاؿ‪ :‬ذكر لنا رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ :‬أف صور ا‪٤‬ببلئكة ‪ٚ‬بلع ىذه الذات كتدىش منها لكوهنا على صورة ال تعرؼ مع كثر‬
‫األيدم كاألرجل كالرؤكس كالوجوه ككوهنا على سعة‬
‫عظيمة ٕبيث ‪ٛ‬بؤل ما بْب ا‪٣‬بافقْب‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كال يعلم ذلك إال من فتح هللا تعأب‬
‫عليو فكاف سيدان جربيل عليو السبلـ كنيسة للذات الَبابية الشريفة ُب أمثاؿ ىذه األمور كأما‬
‫ركحو الشريفة ملسو هيلع هللا ىلص فإهنا ال هتاب شيئا من ىذه الصور كال من غّبىا ألهنا عارفة اب‪١‬بميع قاؿ‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬كٓب كانت الركح الشريفة ال تكفي ُب الونيسة فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ألف الذات ال‬
‫تشاىدىا منفصلة عنها كالوحدانية هلل تعأب كحده ال يطيق الدكاـ عليها إال ذاتو تعأب كمن عداه‬
‫شفع ٰبب الشفع ٲبيل إليو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كسيدان جربيل إ٭با كاف كنيسو فيما تطيقو ذاتو كيعرفو ٗبا ىو ‪ٙ‬بت‬
‫سدرة ا‪٤‬بنتهى أما ما ىو فوؽ ذلك من ا‪٢‬بجب السبعْب كالمبلئكة الذم فيها فإنو ٓب يكن كنيسو‬
‫ُب ذلك ألنو أم سيدان جربيل عليو السبلـ ال يطيق مشاىدة ما فوؽ سدرة ا‪٤‬بنتهى لقوة األنوار‬
‫ك‪٥‬بذا ذىب ملسو هيلع هللا ىلص ُب قطع تلك ا‪٢‬بجب كحده كٓب يذىب معو جربيل عليو السبلـ كطلب منو‬
‫الذىاب معو فقاؿ ال أطيقو كإ٭با تطيقو أنت الذم قواؾ هللا تعأب عليو قاؿ‪ :‬كتكلمت معو ُب‬
‫أمر الوحي ككيفية تلقي النيب ملسو هيلع هللا ىلص كىل يتلقاه‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪489‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بواسطة جربيل كما ىو ظاىر كثّب من األذل أكال فإ٘ب فيو بكبلـ ال تطيقو العقوؿ كال ينبغي كتبو‬
‫كهللا تعأب أعلم‪ .‬كفيو أف هللا تعأب ‪٤‬با أراد إخراج بركات األرض كأسرارىا مثل ما فيها من‬
‫العيوف كاآلابر كاألهنار كاألشجار كالثمار كاألزىار أرسل سبعْب ألف ملك إٔب سبعْب ألف ملك‬
‫ملك إٔب سبعْب ألف ملك ثبلث سبعينات من األلوؼ فنزلوا يطوفوف ُب األرض فالسبعوف‬
‫األكٔب يذكركف اسم النيب ملسو هيلع هللا ىلص كمرادان ابالسم االسم العإب كالسبعوف الثانية يذكركف قربو ملسو هيلع هللا ىلص من‬
‫ربو عز كجل كمنزلتو منو كالسبعوف‬
‫الثالثة تصلي عليو ملسو هيلع هللا ىلص كنوره ملسو هيلع هللا ىلص مع الطوائف الثبلث فتكونت الكائنات بربكة ذكر ا‪٠‬بو ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫كحضوره بينها كمشاىدهتا قربو ملسو هيلع هللا ىلص من ربو عز كجل قاؿ‪ :‬كذكركه على األرض فاستقرت كعلى‬
‫السماكات فاستقلت كعلى مفاصل ذات ابن آدـ فبلنت إبذف هللا تعأب كعلى مواضع عينيو‬
‫ففتحت ابألنوار الٍب فيها فهذا معُب قولو‪ :‬انشقت منو األسرار فقلت‪ :‬فهذا معُب قوؿ صاحب‬
‫دالئل ا‪٣‬بّبات‪ :‬كابالسم الذم كضعتو على الليل فأظلم كعلى النهار فاستنار كعلى السماكات‬
‫فاستقلت كعلى األرض فاستقرت‬
‫كعلى ا‪١‬ببار فرست كعلى البحار فجرت كعلى العيوف فنبعت كعلى السحاب فأمطرت فقاؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو‪ :‬نعم ذلك االسم ىو اسم نبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فبربكتو تكونت الكائنات كهللا تعأب‬
‫أعلم‪ .‬كفيو أف سيدان أ‪ٞ‬بد بن عبد هللا الغوث رضي هللا تعأب عنو قاؿ رمريده‪ :‬اي كلدم لوال نور‬
‫سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ما ظهر سر من أسرار األرض فلوال ىو ما تفجرت عْب من العيوف كال جرل هنر‬
‫من األهنار كإف نوره ملسو هيلع هللا ىلص اي كلدم يفوح ُب شهر مارث ثبلث مرات على سائر ا‪٢‬ببوب فيقع ‪٥‬با‬
‫اإل‪ٜ‬بار بربكتو صلى هللا عليو‬

‫كسلم كلوال نوره ملسو هيلع هللا ىلص ما أ‪ٜ‬برت كاي كلدم إف أقل الناس إٲباان من يرل إٲبانو على ذاتو مثل ا‪١‬ببل‬
‫كأعظم منو فأحرل غّبه كإف الذات تكل أحياان عن ‪ٞ‬بل اإلٲباف فَبيد أف ترميو فيفوح نور النيب‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم فيكوف معينا ‪٥‬با على ‪ٞ‬بل اإلٲباف فتستحليو كتستطلبو‪ .‬كفيو لوال ىو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ما أظهر تفاكت الناس ُب ا‪١‬بنة كالنار كلكانوا كلهم على مرتبة كاحدة فيهما كذلك أنو تعأب‬
‫‪٤‬با خلق نوره ملسو هيلع هللا ىلص كسبق ُب سابق علمو تفاكت الناس ُب قبولو كا‪٤‬بيل عنو ظهر ذلك عليهم‬
‫حيث خلق ذلك‬
‫النور فعلم ىناؾ أف منهم من يبلغ من ا‪٣‬بشوع درجة كذا كمن ا‪٤‬بعرفة درجة كذا كمن ا‪٣‬بوؼ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪490‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫درجة كذا كأف فبلان شرب من ذلك النور لوف كذا من نوع كذا كفبلان شرب منو نوعا آخر قبل‬
‫ظهورىم كىم ُب عدـ العدـ‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬فتفاكت ا‪٤‬براتب كتباينها ىو معُب‬
‫انشقاؽ األسرار منو ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫كأما غناه ملسو هيلع هللا ىلص عن ‪ٝ‬بيع خلق هللا تعأب ‪ٝ‬بلة كتفصيبل فظاىر ‪٩‬با تقدـ ظهورا ال غبار عليو لكِب‬
‫إزيد ُب إيضاحو فأقوؿ‪ :‬قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪:‬‬
‫اعلم أنو ملسو هيلع هللا ىلص غِب عن ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق ‪ٝ‬بلة كتفصيبل فردا فردا كعن صبلهتم عليو من إىدائهم ثواب‬
‫األعماؿ لو ملسو هيلع هللا ىلص بربو أكال كمن ما منحو من سبوغ فضلو ككماؿ طولو فهو ُب ذلك عند ربو ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫ُب غاية ال ٲبكن كصوؿ غّبه إليها كال يطلب معها من غّبه زايدة أك إفادة يشهد لذلك قولو‬
‫سبحانو‬

‫كتعأب‪{ :‬كلسوؼ يعطيك ربك فَبضى} كىذا العطاء كإف كرد ُب ا‪٢‬بق هبذه الصفة سهلة ا‪٤‬بأخذ‬
‫قريبة احملتد فإف ‪٥‬با غاية ال تدرؾ العقوؿ أصغرىا فضبل عن الغاية الٍب ىي أكربىا فإف ا‪٢‬بق‬
‫سبحانو كتعأب يعطيو من فضلو على قدر سعة ربوبيتو كيفيض على مراتبو ملسو هيلع هللا ىلص على قدر حظوتو‬
‫كمكانتو عنده فما ظنك بعطاء يرد من مرتبة ال غاية ‪٥‬با كعظمة ذلك العطاء على قدر تلك‬
‫ا‪٤‬برتبة كيرد على مرتبة ال هناية ‪٥‬با أيضا كعظمتو أيضا على قدر كسعها أيضا فكيف يقدر ىذا‬
‫العطاء ككيف ‪ٙ‬بمل العقوؿ سعتو كلذا قاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬ككاف فضل‬
‫هللا عليك عظيما} كأقل مراتبو ُب غناه ملسو هيلع هللا ىلص أنو من لدف بعثتو ملسو هيلع هللا ىلص إٔب قياـ الساعة كل عامل‬
‫يعمل هلل ‪٩‬بن دخل ُب طوؽ رسالتو ملسو هيلع هللا ىلص يكوف لو مع ثواب عملو ابلغا ما بلغ فليس ٰبتاج مع‬
‫ىذه ا‪٤‬برتبة زايدة إىداء الثواب ‪٤‬با فيها من كماؿ الغُب الذم ال حد لو كىذا أصغر مراتب غناه‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص فكيف ٗبا كراءىا من الفيض األكرب كالفضل األعظم األخطر الذم ال تطيق ‪ٞ‬بلو عقوؿ‬
‫األقطاب فضبل عمن دكهنم‪ ،‬كإذا عرفت ىذا فاعلم أنو ليس لو حاجة إٔب صبلة ا‪٤‬بصلْب عليو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫كال شرعت ‪٥‬بم ليحصل لو النفع هبا ملسو هيلع هللا ىلص كليست لو حاجة إٔب إىداء الثواب ‪٩‬بن يهدم لو ثواب‬
‫األعماؿ كما مثل ا‪٤‬بهدم لو ُب ىذا الباب ثواب العمل متوٮبا أنو يزيده بو ملسو هيلع هللا ىلص أك ٰبصل لو بو‬
‫نفعا إال كمن رمى نقطة قلم ُب ٕبر طولو مسّبة مائة ألف عاـ كعرضو كذلك كعمقو كذلك‬
‫متوٮبا أنو ٲبد ىذا البحر بتلك النقطة كيزيده فأم حاجة ‪٥‬بذا البحر هبذه النقطة كما عسى أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪491‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تزيد فيو‪ ،‬كإذا عرفت رتبة غناه ملسو هيلع هللا ىلص كحظوتو عند ربو فاعلم أف أمر هللا تعأب للعباد ابلصبلة‬
‫عليو صلى هللا تعأب عليو‬

‫كسلم ليعرفهم علو مقداره عنده كتفوؽ مرتبتو لديو كعلو اصطفائو على ‪ٝ‬بيع خلقو كليخربىم‬
‫أنو ال يقبل العمل من عامل إال ابلتوسل إٔب هللا تعأب بو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمن طلب القرب من هللا تعأب‬
‫كالتوجو إليو دكف التوسل بو ملسو هيلع هللا ىلص معرضا عن كر‪ٙ‬ب جنابو كمدبرا عن تشريع خطابو كاف مستوجبا‬
‫من هللا غاية السخط كالغضب كغاية اللعن كالطرد كالبعد كضل سعيو كخسر عملو كال كسيلة‬
‫إٔب هللا تعأب إال بو ملسو هيلع هللا ىلص كالصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص فيها تعريف لنا بعلو مقداره عند ربو كفيها تعليم لنا‬
‫ابلتوسل‬
‫بو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ‪ٝ‬بيع التوجهات كا‪٤‬بطالب ال غّب ىذه ‪٩‬بن توىم النفع لو هبا ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬با ذكرانه سابقا من‬
‫كماؿ الغُب‪ ،‬كأما إىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص فتعقل ما ذكران من الغُب أكال ٍب تعقل مثاال آخر يضرب‬
‫إلىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص ٗبلك عظيم ا‪٤‬بملكة ضخم السلطنة قد أكٌب ُب ‪٩‬بلكتو من كل متموؿ‬
‫خزائن ال حد لعددىا كل خزانة عرضها كطو‪٥‬با ما بْب السماء كاألرض ‪٩‬بلوءة كل خزانة على‬
‫ىذا القدر ايقوات أك ذىبا أك فضة أك زرعا أك غّب ذلك من ا‪٤‬بتموالت ٍب قدر فقّبا ال ٲبلك مثبل‬
‫غّب‬
‫خبزتْب ُب دنياه فسمع اب‪٤‬بلك كاشتد حبو كتعظيمو لو ُب قلبو فأىدل لذلك ا‪٤‬بلك إحدل‬
‫ا‪٣‬ببزتْب معظما لو ك‪٧‬ببا كا‪٤‬بلك متسع الكرـ فبل شك أف ا‪٣‬ببزة ال تقع منو بباؿ ‪٤‬با ىو فيو من‬
‫الغُب الذم ال حد لو ككجودىا عنده كعدمو على حد سواء ٍب ا‪٤‬بلك التساع كرمو علم فقر‬
‫الفقّب كغاية جهده كعلم صدؽ حبو كتعظيمو ُب قلبو كأنو ما أىدل لو ا‪٣‬ببزة إال ألجل ذلك‬
‫كلو قدر على أكثر من ذلك ألىداه لو فا‪٤‬بلك يظهر الفرح كالسركر لذلك الفقّب كهبديتو ألجل‬
‫تعظيمو لو كصدؽ حبو ال ألجل انتفاعو اب‪٣‬ببزة كيثيب على تلك ا‪٣‬ببزة ٗبا ال يقدر قدره من‬

‫العطااي ألجل صدؽ احملبة كالتعظيم ال ألجل النفع اب‪٣‬ببزة كعلى ىذا القدير كضرب ا‪٤‬بثل قدر‬
‫إىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كأما غناه ملسو هيلع هللا ىلص فقد تقدـ ذكره ُب ضرب ا‪٤‬بثل بعظمة البحر ا‪٤‬بذكورة أكال‬
‫كإمداده بنقطة القلم كأما إىداؤه ملسو هيلع هللا ىلص فقد ذكر ا‪٤‬بثل إبىداء ا‪٣‬ببزة للملك ا‪٤‬بذكور كالسبلـ اىػ‪.‬‬
‫كإذا فهمت ‪ٝ‬بيع ما قدمناه ك‪ٙ‬بقق فهمك ُب ذىنك علمت يقينا أف قدره ملسو هيلع هللا ىلص كما كصف قدره‬
‫كمقداره بو كأف سؤاؿ ا‪٤‬بصلي عليو ملسو هيلع هللا ىلص من ربو تعأب أف يصلي على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص حق قدره كمقداره‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪492‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العظيم كاقع موقعو‪ .‬كأما ال إلو إال هللا فقد ذكر العلماء ُب معناه أقواال كثّبة كأصوهبا قوؿ من‬
‫قاؿ‪ :‬ال معبود ٕبق سواه‪.‬‬
‫قاؿ زين الدين ا‪٣‬بواُب ُب الوصااي القدسية‪ :‬كينوم ا‪٤‬ببتدئ بكلمة ال إلو إال هللا ال معبود غّب هللا‬
‫كا‪٤‬بتوسط ال ا‪٤‬بطلوب أك ال مراد كال مقصود إال هللا كإذا كجد ُب قلبو ‪٧‬ببة ‪٨‬بلوؽ ‪٩‬بن ليس لو‬
‫كاسطة بينو كبْب هللا تعأب ينوم ال ‪٧‬ببوب إال هللا تعأب كينبغي أف يكوف صادقا ُب ا‪٤‬بعا٘ب الثبلثة‬
‫ُب النفي كاإلثبات ٱبلص نفسو هبمتو من التعلقات ابلكائنات كا‪٤‬بيل إٔب ا‪٤‬بشتهيات كا‪٤‬بستلذات‬
‫الٍب ىي ا‪٤‬بعبودات الباطبلت كمن ا‪٤‬بيل إٔب الكشوفات الكونية كالكرامات العيانية فبل طائل‬
‫‪ٙ‬بتها كيطلب ا‪٢‬بق كحده كينزه طلبو من ا‪٤‬بزج‬

‫هبول النفس أىػ‪ .‬كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية ُب ابب آداب الذكر‪ :‬ا‪٢‬بادم عشر إحضار معُب‬
‫الذكر بقلبو مع كل مرة فبظهور البشرية كالوسواس يقوؿ بلسانو ال إلو إال هللا كبقلبو ال معبود‬
‫إال هللا كٖبمودىا كبصفاء القلب كطلب شيء من ا‪٤‬بعارؼ كطلب شيء من الذكؽ كالشوؽ‬
‫كغّب ذلك يقوؿ بلسانو‪ :‬ال إلو إال هللا كبقلبو ال موجود إال هللا ‪٤‬بشاىدتو أنو ينطق بو ٍب قاؿ‪:‬‬
‫الثا٘ب عشر نفي كل موجود ابلقلب سول هللا تعأب ليتمكن أتثّب ال إلو إال هلل ابلقلب كيسرم‬
‫إٔب األعضاء ‪٤‬با قيل‪ :‬إف الرجل إذا قاؿ‪ :‬هللا يهتز من فوؽ راسو إٔب إصبع‬
‫قدميو كإف ٓب يهتز فليس برجل كىذه ا‪٢‬بالة يستدؿ هبا على أنو سالك فّبجى لو التقدـ إٔب‬
‫أعلى منها إف شاء هللا تعأب انتهى‪ .‬كقاؿ شيخنا هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬اعلم أف اإللو ُب لغة‬
‫العرب ىو ا‪٤‬بعبود اب‪٢‬بق كأطلقوه على غّبه غلطا منهم قاؿ جل من قائل‪{ :‬هللا ال إلو إال ىو‬
‫ا‪٢‬بي اليوـ} معناه ال معبود اب‪٢‬بق إال ىو كاإللو الذم قلنا أنو ا‪٤‬بعبود ىو ا‪٤‬بتحقق ٗبرتبة األلوىية‬
‫كىو الذم خضع لو الوجود كلو ابلعبادة كالتذلل كا‪٣‬بمود ‪ٙ‬بت قهره كالتصاغر لعظمتو ككربايئو‬
‫كليس ُب الوجود شيء يشذ عن ىذا قاصيو كدانيو فهو اإللو‬
‫اغلحق الذم قهر ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودا بسطوتو كقهره كانفراده بعظمتو كربايئو كعلوه كجبللو كقاؿ‬
‫قبل ىذا الكبلـ‪ :‬كىي يعِب مرتبة األكىية عكوؼ الوجود على عبادتو سبحانو كتعأب اب‪٣‬بضوع‬
‫‪ٙ‬بت كربايئو كعظمتو كجبللو كالتذلل لكماؿ عزه كا‪٣‬بمود ‪ٙ‬بت قهره بتسليم القياد إليو يفعل ما‬
‫يشاء كٰبكم ما يريد ال منازع لو ُب حكمو أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪493‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪:‬قاؿ القطب الشيخ عبد العزيز بن مسعود الدابغ‪ُ :‬ب اسم ا‪١‬ببللة ثبلثة أسراراألكؿ أف‬
‫‪٨‬بلوقاتو تعأب ال حد ‪٥‬با كأهنا ‪٨‬بتلفة فتنقسم إٔب إنس كجن كحيواف كغّب ذلك من أألنواع الٍب‬
‫ال يعلمها أكثر ا‪٣‬بلق كمع ىذه الكثرة فهو تعأب كاحد ُب ملكو ال مدبر معو كال كزير لو فهو‬
‫كحده تعأب يتصرؼ فيها ٔبملتها كال يفوتو منها شيء كال ٱبرج عن قدرتو تعأب منها كاحد فهو‬
‫قاىر للكل ‪٧‬بيط بو كما قاؿ تعأب‪{ :‬كهللا من كرائهم ‪٧‬بيط} الثا٘ب أنو يتصرؼ فيها كيف شاء‬
‫فيغِب ىذا كيفقر ىذا كيعز ىذا كيذؿ ىذا كٯبعل ىذا أبيض كىذا أسود‬
‫كٯبيب سؤاؿ ىذا كٲبنع ىذا كيفرؽ بينهما ُب األزمنة كاألمكنة كاب‪١‬بملة فهو كل يوـ ُب شأف‬
‫كال يشغلو شأف عن شأف كاالختيار لو ال للمخلوقات فهو يفعل ما يشاء ال ما تشاء ىي‬
‫سبحانو ال إلو إال ىو الثالث أنو تعأب مقدس منزه ال يكيف كال يشبو بشيء من ا‪٤‬بخلوقات‬
‫كمع ذلك فلو السطوة كالقهر حٌب أنو لوال ا‪٢‬بجاب الذم حجب بو ا‪٤‬بخلوقات لرجعوا ىباء‬
‫منثورا كلتهافتوا كصاركا دكا رميما عند ٘بليو تعأب ‪٥‬بم بل ال يبقى ‪٥‬بم أثر حٌب يقوؿ القائل‪ :‬ما‬
‫كاف ىذا ُب العآب شيء من ا‪٤‬بخلوقات أصبل إال انو تعأب بر‪ٞ‬بتو كعظيم حكمتو ‪٤‬با سبق‬
‫ُب قضائو أف يوصل أىل كل دار إليها إذا أراد أف ٱبلق ‪٨‬بلوقا أم ‪٨‬بلوؽ كاف ال ٱبلقو حٌب ٱبلق‬
‫حجابو قبلو قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كىذه األسرار يعلمها أرابب البصّبة من ‪٦‬برد النطق ابسم‬
‫ا‪١‬ببللة من غّب احتياج إٔب مشاىدة شيء من ا‪٤‬بخلوقات أىػ‪ .‬كإذا فهمت مضموف ما تقدـ‬
‫علمت حكمة إثبات األكىية لو جل كعبل كنفيها عن غّبه بقولو جل كعبل‪{ :‬فاعلم أنو ال إلو‬
‫إال هللا} كٓب يقل ال إلو إال الر‪ٞ‬بن ألف ‪ٝ‬بيع صفات هللا تعأب ترجع إٔب صفة كاحدة كىي مرتبة‬
‫األلوىية ألف األلوىية كاحدة كحقيقتها ترجع ‪ٝ‬بيع غّب هللا تعأب ابلعبادة‬

‫كا‪٣‬بضوع كالتذلل كالتصاغر لعظمتو كجبللو كىذه الصفة مع كدحدهتا استغرقت ‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٤‬بوجودات فبل يشذ عنها شيء ٍب أهنا مع كحدهتا قد ‪ٝ‬بعت ‪ٝ‬بيع الصفات كاأل‪٠‬باء الكمالة‬
‫فلو انعدـ منها صفة أك اسم ٓب يصح اتصاؼ ا‪٢‬بق ابأللوىية كالكبلـ على اسم ا‪١‬ببللة كأسرره‬
‫يطوؿ بنا فلنكتف هبذا القدر كنشرع ُب ذكر بعض معا٘ب جوىره الكماؿ فنقوؿ كابهلل تعأب‬
‫التوفيق‪:‬أما لفظ اللهم فقد تقدـ الكبلـ عليو كأما صل كسلم فقد تقدـ الكبلـ أيضا على أف‬
‫صبلة هللا على نبيو فوؽ ما يدرؾ كما يعقل فبل تفسر بشيء كا‪٢‬باصل أف الكبلـ فقد تقدـ‬
‫عليها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪494‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمعناىا السبلـ ىهنا األماف من هللا تعأب ‪٢‬ببيبو ملسو هيلع هللا ىلص من كل ما يوجب تشويشا أك تنقيصا أك‬
‫نقصا ُب ا‪٢‬بظ العاجل كاآلجل‪ .‬على سيدان دمحم عْب أم حقيقة كذات‪ .‬الر‪ٞ‬بة الرابنية نسبة إٔب‬
‫الرب نعت الر‪ٞ‬بة كإ٭با أضيفت إٔب ا‪٢‬بضرة الرابنية ألف ا‪٤‬بوجودات إ٭با نشأت من ا‪٢‬بضرة‬
‫الرابنية فلذلك أضيفت الر‪ٞ‬بة إليها كالرب ىو العلي عن كل ما سواه كمعناه أنو ا‪٤‬بلك‬
‫كا‪٤‬بتصرؼ كا‪٣‬بالق كالظاىر كالنافذ مشيئتو ككلمتو ُب كل ما سواه كأما حضرة األلوىية فإنو‬
‫أصل عبادة ا‪٤‬بودات فاإللو ىو ا‪٤‬بعبود اب‪٢‬بق الذم توجو إليو كل ما‬
‫عداه اب‪٣‬بضوع كالتذلل كالعبادة كاحملبة كالتعظيم كاإلجبلؿ كحضرة الوىية الشاملة ‪١‬بميع األ‪٠‬باء‬
‫كالصفات كا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية كإ٭با ‪٠‬بي ملسو هيلع هللا ىلص عْب الر‪ٞ‬بة ألنو األ٭بوذج ا‪١‬بامع ُب إفاضة لوجود ؼ‪،‬‬
‫ق لوال كجوده ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬با كاف كجود ‪٤‬بوجود من ا‪٤‬بخلوقات أصبل كجود كل موجود من ذكات‬
‫الوجود متوقف على سبقية كجوده صلى هللا تعأب عليو كسلم من كجود ذلك الوجود فإنو لوال‬
‫ىو ملسو هيلع هللا ىلص ما خلق شيء من األكواف كال رحم شيء منها إال ابلوجود كال إبفاضة الر‪ٞ‬بة فإفاضة‬
‫الوجود على ‪ٝ‬بيع كجود األكواف‬

‫مفاض من ذاتو الكرٲبة ملسو هيلع هللا ىلص كإفاضة الر‪ٞ‬بة من ‪ٝ‬بيعها مفاض من ذاتو الكرٲبة صلى هللا تعأب‬
‫عليو كسلم فباف لك أف الفيض من ذاتو الكرٲبة ينقسم إٔب ر‪ٞ‬بتْب الر‪ٞ‬بة األكٔب إفاضة الوجود‬
‫على ‪ٝ‬بيع األكواف حٌب خرجت من العدـ إٔب الوجود كالر‪ٞ‬بة الثانية إفاضة عْب الر‪ٞ‬بات اإل‪٥‬بية‬
‫على ‪ٝ‬بيعها من ‪ٝ‬بلة الرزاؽ كا‪٤‬بواىب كا‪٤‬بنافع كا‪٤‬بنح من العلم بصفات هللا تعأب كأ‪٠‬بائو‬
‫ككماالت ألوىيتو كأبحواؿ الكوف كأسراره كمنافعو كمضاره كابألحكاـ اإل‪٥‬بية أمرا كهنيا فبذلك‬
‫يدكـ ‪ٛ‬بتعها ابلوجود فإذا علمت ىذا علمت أنو صلى هللا‬
‫عليو كسلم عْب الر‪ٞ‬بة الرابنية ألف ‪ٝ‬بيع الوجود رحم ابلوجود بوجوده ملسو هيلع هللا ىلص كمن فيض كجوده‬
‫أيضا رحم ‪ٝ‬بيع الوجود فلهذا قيل فيو أنو عْب الر‪ٞ‬بة صلى هللا تعأب عليو كسلم كىو ا‪٤‬براد‬
‫بقولو‪{ :‬كر‪ٞ‬بٍب كسعت كل شيء} كقولو تعأب‪{ :‬كما أرسلناؾ إال ر‪ٞ‬بة للعا‪٤‬بْب} ألف أصلو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ر‪ٞ‬بة كال يلزـ من مشوؿ الر‪ٞ‬بة عدـ كقوع العذاب كالوعيد ُب الغضب ألف تلك مقتضيات‬
‫الكماالت اإل‪٥‬بية فإف الكر‪ٙ‬ب كإف عظم كرمو لوال بطشو كغضبو كعذابو ما خيف جانبو كلو أمن‬
‫منو ىذا ا‪٢‬باؿ احتقر جانبو كليست ىذه صفة الكر‪ٙ‬ب كال‬
‫ينبغي لو ىذا فتبْب لك أف صفة الكر‪ٙ‬ب الغضب كالبطش كالتعذيب ليكوف جانبو معظما ‪٨‬بافا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪495‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مهااب كما كاف جانبو مرجوا لعفوه كر‪ٞ‬بتو‪ ،‬ك‪٤‬با كاف الياقوت غاية ما يدرؾ الناس ُب الصفاء‬
‫كالشرؼ كالعلو إذ ىو غاية ما يدرؾ من ا‪١‬بواىر الصافية الغالية الشريفة ‪٠‬بي النيب صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم بو ُب ىذه الصبلة بقولو‪ :‬كالياقوتة‪ ،‬كإذا كاف ىو أشرؼ من الياقوت كأصفى‬
‫كأعلى على حد قولو تعأب‪{ :‬مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} ٍب كصفها بقولو‪ :‬ا‪٤‬بتحققة أم‬
‫ٔبميع الصفات كاأل‪٠‬باء اإل‪٥‬بية الٍب يتوقف عليها كجود الكوف كبقي كراءىا من‬

‫األ‪٠‬باء كالصفات ما ال توقف لوجود الكوف عليو كا‪٤‬بعُب أنو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٙ‬بقق ٗبعرفة ‪ٝ‬بيع الصفات‬
‫كاأل‪٠‬باء اإل‪٥‬بية الٍب يتوقف عليها كجود الكوف دكف غّب ىائم كصفو ملسو هيلع هللا ىلص أبف الفهوـ الٍب‬
‫قسمها هللا تعأب ‪٣‬بلقو ُب إدراؾ معا٘ب كبلمو ‪ٝ‬بيع كتبو كُب إدراؾ معا٘ب األحكاـ اإل‪٥‬بية كُب‬
‫إدرؾ معا٘ب أ‪٠‬بائو كصفاتو كمعارفو كإذا ‪ٝ‬بعت ‪ٝ‬بعا كاحدا كجعلت كالشيء ا‪٤‬بركوز ُب األرض‬
‫كالعنزة كاف ملسو هيلع هللا ىلص دائرة ‪٧‬بيطة بو بقولو‪ :‬ا‪٢‬بائطة أم احمليطة ٗبركز الفهوـ كا‪٤‬بعا٘ب أم ابلفهوـ‬
‫كا‪٤‬بعا٘ب الٍب كا‪٤‬بركز‬
‫من إضافة ا‪٤‬بشبو بو إٔب ا‪٤‬بشبو بعد حذؼ أداة التشبيو مبالغة كا‪٤‬بعُب أنو ملسو هيلع هللا ىلص ‪٧‬بيط ٔبميعها ما‬
‫شذ عنو شيء منها صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ .‬كنور معطوؼ على عْب‪ .‬األكواف أم‬
‫ا‪٤‬بخلوقات‪ .‬ا‪٤‬بتكونة نعت لؤلكواف أم الٍب تتكوف شيئا بعد شيء كيقابلها ما بقي ُب طي العدـ‬
‫فاألشياء ا‪٤‬بقررة ُب العلم األزٕب منقسمة قسمْب قسم منها أعياف اثبتة كىي الٍب سبق ُب علمو‬
‫أهنا ‪ٚ‬برج من العدـ إٔب الوجود‪ ،‬كقسم منها أعياف عدمية كىي الٍب سبق ُب علمو أهنا ال ‪ٚ‬برج‬
‫إٔب الوجود كتبقى ُب طي العدـ فإنو علمها أف لو خرجت إٔب‬
‫الوجود كعلى أم حالة تكوف كأبم أمر تتكوف كأبم مكاف كزماف تقع كماذا ينصب عليها من‬
‫األحكاـ اإل‪٥‬بية ضرا كنفعا فإنو ‪٧‬بيط ٔبميعها علما كىو ملسو هيلع هللا ىلص نورىا‪ .‬اآلدمي صاحب ا‪٢‬بق نعت‬
‫لو كىو ما قرره سبحانو ُب شرعو الذم حكم بو على خلقو أمرا كهنيا ككيفية كابتداء غاية كىو‬
‫صاحبو صلى هللا تعأب عليو كسلم ا‪٤‬بقرر لو كالناىي عنو كا‪٤‬بنفذ لو‪ .‬الراب٘ب نعت للحق‪ .‬الربؽ‬
‫ا‪٤‬براد بو ا‪٢‬بقيقة احملمدية‪.‬‬

‫األسطع أم األرفع كارتفاعها ظهورىا على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق ألنو مقرر الر‪ٞ‬بة الفائضة من حضرة ا‪٢‬بق‬
‫كمنها تفيض على ا‪٣‬بلق كىذه الر‪ٞ‬بة اإل‪٥‬بية ا‪٤‬بنصبة على ا‪٣‬بلق ىي ا‪٤‬براد بقولو‪ٗ :‬بزكف األرابح‬
‫كا‪٤‬بزكف ‪ٝ‬بع مزف كا‪٤‬براد الر‪ٞ‬بات اإل‪٥‬بية كاألرابح ‪ٝ‬بع ربح استعّب الربؽ للحقيقة احملمدية كا‪٤‬بزف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪496‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النصباب الر‪ٞ‬بة اإل‪٥‬بية على ا‪٣‬بلق ألف الربؽ مبلزـ ‪٤‬بزف األمطار كما أف ا‪٢‬بقيقة احملمدية مبلزمة‬
‫للر‪ٞ‬بة اإل‪٥‬بية كا‪٢‬باصل أف مزكف األرابح ىي الر‪ٞ‬بة الفائضة من حضرة ا‪٢‬بق على خلقو كيعِب‬
‫هبا ىهنا فيوض العلوـ كا‪٤‬بعارؼ كاألسرار كالتجليات‬
‫كاألنوار كدقائق ا‪٢‬بكم كما ال ينتهى إٔب ساحلو كغايتو من ا‪٤‬بنح كا‪٤‬بواىب كصفاء األحواؿ‬
‫كالصفات القدسية ا‪٤‬بخزكنة ا‪٤‬بنصبة على قلوب العارفْب كاألقطاب‪ .‬ا‪٤‬بالئة نعت ‪٤‬بزكف‪ .‬لكل‬
‫متعرض كىو اترة يكوف ابلتوجو إٔب هللا تعأب كالتهيؤ كاالستعداد كاترة ابالقتطاع اإل‪٥‬بي‪ .‬من‬
‫البحور قلوب أكابر العارفْب‪ .‬كاألكا٘ب قلوب األكلياء‪ .‬كنورؾ معطوؼ على عْب‪ .‬البلمع نعت‬
‫للنور‪ .‬الذم مؤلت بو الضمّب عائد إٔب الذم‪ .‬كونك مفعوؿ مؤلت‪.‬‬
‫ا‪٢‬بائط نعت لكوف كالكوف ا‪٢‬بائط ىو األمر اإل‪٥‬بي الصادر عن كلمة كن الذم أقاـ هللا تعأب‬
‫فيو ظواىر الوجود‪ .‬أبمكنة متعلق اب‪٢‬بائط كاألمكنة ‪ٝ‬بع مكاف كىو الذم ٰبل فيو ا‪٤‬بتمكن‪.‬‬
‫ا‪٤‬بكا٘ب بتخفيف الياء للسجع كأصلو التشديد ألف ايءه للنسبة إٔب ا‪٤‬بكاف كا‪٤‬براد ىنا الذات‬
‫الٍب منو ‪ٙ‬بل كتستقر مكاهنا كا‪٤‬بعُب‪ :‬كنورؾ البلمع الذم مؤلت بو مكوانتك ا‪٢‬بائط أبمكنة كل‬
‫مكاف ألف الكوف كلو ‪٩‬بلوء بو ملسو هيلع هللا ىلص كقد تقدـ أف الشيخ جبلؿ الدين السيوطي ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‬
‫قاؿ ُب تنوير ا‪٢‬بلك‪ :‬قاؿ الشيخ صفي الدين أبو منصور ُب‬

‫رسالتو‪ :‬كالشيخ عبد الغفار ُب التوحيد حكى عن الشيخ أيب ا‪٢‬بسن الوانئي قاؿ‪ :‬أخرب٘ب أبو‬
‫ا‪٢‬بسن الطنجي قاؿ‪ :‬كردت على سيدم أ‪ٞ‬بد بن الرافعي فقاؿ ٕب‪ :‬ما أان شيخك إ٭با شيخك‬
‫عبد الرحيم بقنا رح إليو فسافرت إٔب قنا فدخلت على الشيخ عبد الرحيم فقاؿ‪ :‬أعرفت رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص؟ قلت‪ :‬ال قاؿ ٕب‪ :‬رح إٔب البيت ا‪٤‬بقدس حٌب تعرؼ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فرحت إٔب بيت‬
‫ا‪٤‬بقدس فحْب كضعت رجلي كإذا ابلسماء كاألرض كالعرش كالكرسي ‪٩‬بلوءة من رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص انتهى ا‪٤‬براد منو‪.‬‬
‫اللهم صل كسلم تقدـ الكبلـ على الصبلة كالسبلـ‪ .‬على عْب ا‪٢‬بق فا‪٢‬بق لو إطبلقاف األكؿ‬
‫إطبلقو على الذات كالثا٘ب إطبلقو على صفة الذات فاألكؿ يقابلو الباطل من كل كجو فا‪٢‬بق‬
‫احملض ىو الذات العلية ا‪٤‬بقدسة كما عداىا كلو ابطل كإٔب ىذا اإلطبلؽ يشّب قوؿ لبيد الذم‬
‫شهد لو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابلصدؽ كالتحقيق‪ :‬أال كل شيء ما خبل هللا ابطل *** ككل نعيم ال ‪٧‬بالة‬
‫زائل كىذا ال يطلق عليو ملسو هيلع هللا ىلص إذ ىذا اإلطبلؽ عْب الذات ا‪٤‬بقدسة ال يطلق على غّبىا أصبل‪،‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪497‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاإلطبلؽ الثا٘ب ىو العدؿ الذم ىو صفة ا‪٢‬بق‬
‫سبحانو كتعأب القائم بصورة العلم األزٕب النافذ ُب كل شيء كىذا العدؿ ا‪٤‬بذكور كىو السارم‬
‫ُب ‪ٝ‬بيع آاثر األ‪٠‬باء كالصفات اإل‪٥‬بية ك‪٦‬بموع ىذا العدؿ كبل كبعضا ‪٦‬بموع ُب ا‪٢‬بقيقة احملمدية‬
‫فلذا أطلق عليها عْب ا‪٢‬بق ُب ىذا االعتبار فكلها حٌب ال تنحرؼ عن ميزاف العدؿ اإل‪٥‬بي الذم‬
‫ىو عْب ا‪٢‬بق ُب اإلطبلؽ الثا٘ب‪ .‬الٍب أنث نظرا إٔب معُب عْب ا‪٢‬بق الذم ىو الذات أيضا كلذا‬
‫قاؿ‪ :‬تتجلى منها كالضمّب راجع إٔب عْب‪ .‬عركش ‪ٝ‬بع عرش فاعل تتجلى‪.‬‬

‫ا‪٢‬بقائق ‪ٝ‬بع حقيقة من إضافة ا‪٤‬بشبو بو إٔب ا‪٤‬بشبو بعد حذؼ أداة التشبيو مبالغة كا‪٤‬بعُب‪ :‬اللهم‬
‫صل كسلم على عْب ا‪٢‬بق الٍب تتجلى منها ا‪٢‬بقائق الٍب ىي كالعركش ‪٤‬با كانت كل حقيقة‬
‫منطوية على ما ال غاية لو من العلوـ كا‪٤‬بعارؼ كاألسرار كا‪٤‬بواىب كالفيوض شبهت ابلعركش‬
‫ألف العرش ‪٧‬بيط ٗبا ُب جوفو من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات كأيضا ‪٤‬با كاف العرش ىو غاية الرفعة‬
‫كالشرؼ من ا‪٤‬بخلوقات ُب علم ا‪٣‬بلق ككانت ا‪٢‬بقائق ُب غاية العلو كالرفعة كالشرؼ ألهنا‬
‫صدرت من حضرة ا‪٢‬بق الذم ال غاية لعلوه كشرفو كال علو كراءه فهو غاية الغاايت ُب العلو‬
‫كالرفعة كالشرؼ ككانت ا‪٢‬بقائق الصادرة من حضرتو سبحانو كتعأب مكسوة هبذه الصفة العلية‬
‫كالعلو كالشرؼ كا‪١‬ببلؿ أطلق عليها اسم العرش من ىذا الباب فهو حقيقة عرش ك‪٤‬با كانت‬
‫ا‪٤‬بعارؼ اإل‪٥‬بية ا‪٤‬بفاضة على ‪ٝ‬بيع األكابر من النبيْب كا‪٤‬برسلْب كاألقطاب كلها فائضة من‬
‫ا‪٢‬بقيقة احملمدية كليس شيء من ا‪٤‬بعارؼ يفاض من حضرة ا‪٢‬بق خارجا عن ا‪٢‬بقيقة احملمدية كال‬
‫يفاض شيء منها على أحد من خلق هللا تعأب إال ىو ابرز من ا‪٢‬بقيقة احملمدية كصف ملسو هيلع هللا ىلص أبنو‬
‫عْب ا‪٤‬بعارؼ بقولو‪ :‬عْب ا‪٤‬بعارؼ ألنو صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫خزانتها كينبوعها‪ .‬األقوـ أم ا‪١‬بارم ُب ‪٦‬بارم العدؿ اإل‪٥‬بي ال يعوج بوجو كال ٱبرج عن ا‪١‬بادة‬
‫ا‪٤‬بستقيمة ُب العدؿ كىذا التفسّب ىو معُب األسقم‪ ،‬أك أنو ملسو هيلع هللا ىلص أكمل من كل من قاـ بتوفية‬
‫حقوؽ ا‪٢‬بق سبحانو كتعأب كىذا التفسّب الثا٘ب ىو ا‪٤‬بلحوظ ُب تسميتو صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم أب‪ٞ‬بد فهو صلى هللا تعأب عليو كسلم أكمل ا‪٣‬بلق ُب القياـ بتوفية آداب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية‬
‫علما كحاال كذكقا كمنزلة ك‪ٚ‬بلقا ك‪ٙ‬بققا فهو أكمل من ‪ٞ‬بد هللا من خلقو من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بهات ك‪٤‬با‬
‫كاف صلى هللا تعأب عليو كسلم ىو الصراط إٔب حضرة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪498‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بق هلالج لج ال عبور ألحد إٔب حضرة ا‪٢‬بق إال عليو فمن خرج عنو انقطع عن حضرة ا‪٢‬بق كانفصل‬
‫كصف أبنو ىو الصراط التاـ إٔب حضرة ا‪٢‬بق بقولو‪ :‬صراطك التاـ ألنو ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬بن أراد الوصوؿ إٔب‬
‫حضرة ا‪٢‬بق كالصراط الذم يكوف عليو عبور الناس ُب احملشر إٔب ا‪١‬بنة ال مطمع ألحد من‬
‫ا‪٣‬بلق ُب الوصوؿ إٔب ا‪١‬بنة من أرض القيامة إال على الصراط الذم ىو عليو العبور فمن راـ‬
‫الوصوؿ إٔب ا‪١‬بنة من أرض القيامة على غّب الصراط ا‪٤‬بعلوـ للعبور انقطع عن ا‪١‬بنة كانفصل كال‬
‫مطمع لو ُب الوصوؿ إليها كذلك ىو صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫ىو الصراط ا‪٤‬بستقيم بْب يدم ا‪٢‬بق ال مطمع ألحد ُب الوصوؿ إٔب حضرتو إال ابلعبور عليو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كمن رامها بغّب العبور عليو ملسو هيلع هللا ىلص انقطع كانفصل كطرد كلعن كإٔب ىذه اإلشارة يقوؿ الشيخ‬
‫األكرب رضي هللا تعأب عنو ُب صبلتو‪ :‬إذ ىو اببك الذم من ٓب يقصدؾ منو سدت عليو الطرؽ‬
‫كاألبواب كيرد بعد األدب إٔب إسطبل الدكاب‪.‬‬
‫األسقم أم الكامل ُب االستقامة ببل اعوجاج‪ :‬اعلم أف األسقم أفعل تفضيل من استقاـ‬
‫السداسي الذم أصلو قاـ الثبلثي زيد على بنائو ثبلثة أحرؼ فصار استفعل فلما أريد بناء أفعل‬
‫التفضيل منو حذفت األلف كالتاء كاأللف ا‪٤‬بنقلبة من الواك مع أهنا عْب الكلمة كأبقيت السْب‬
‫مع أهنا زائدة لتدؿ أبنو مصوغ من استقاـ السداسي ال من قاـ كمثلو ُب ما ذكر أشوؽ فإنو‬
‫أفعل تفضيل مصوغ من اشتاؽ ا‪٣‬بماسي ا‪٤‬بزيد الذم أصلو شاؽ الثبلثي زيد على بنائو حرفاف‬
‫فصار أفعل فلما أريد صوغ فعل أفعل التفضيل منو حذفت األلف الزائدة مع التاء األصلية‪.‬‬

‫إف قلت‪ٓ :‬ب ‪ٙ‬بذؼ عْب الكلمة من استقاـ كٓب ٰبذؼ من اشتاؽ فا‪١‬بواب أف إبقاءه ال يضر ألنو‬
‫‪ٟ‬باسي فإبقاؤه ال ٲبنع من كوف بناء الشوؽ على بناء أفعل بعد حذؼ األلف كالتاء ٖببلؼ‬
‫استقاـ فإف بقاء عْب الكلمة منو ٲبنع من كوف بناء اسم التفضيل منو على أفعل إال إذا حذفت‬
‫السْب بعد حذؼ األلف كالتاء فحينئذ يصّب أقوـ فيفوت ا‪٤‬بقصود الذم ىو التفنن ُب السجع‬
‫على التفسّب األكؿ ُب تفسّبم أقوـ‪ ،‬كا‪٤‬بعُب ا‪٤‬براد ‪ٙ‬بصيلو الذم ىو االستقامة ببل اعوجاج على‬
‫التفسّب الثا٘ب من تفسّب األقوـ فبلنتفاء تلك العلة على األقوـ ثبت فيو عْب‬
‫الكلمة ألنو من قاـ الثبلثي غّب ا‪٤‬بزيد‪ ،‬فإف قلت‪ :‬من سلفك فيما ذكرت من أئمة اللغة قلت‪:‬‬
‫قاؿ ُب القاموس‪ :‬القوـ ا‪١‬بماعة من الرجاؿ كالنساء معا أك الرجاؿ خاصة إٔب أف قاؿ‪ :‬كقاـ‬
‫قوما كقومة كقياما كقامة انتصب فهو قائم من قوـ كقم كقواـ كقياـ كقاكمتو قواما قمت معو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪499‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالقومة ا‪٤‬برة الواحدة كبْب الركعتْب قومة كا‪٤‬بقاـ موضع القدمْب كقامت ا‪٤‬برأة تنوح طفقت‬
‫كاألمر اعتدؿ كإسقاـ اىػ‪ .‬كأما اشتقاقو فقد قيل فيو‪ :‬الشوؽ نزاع النفس إٔب أف قاؿ‪ :‬كقد‬
‫شاقِب حبها ىاجِب كشوقِب إٔب أف قاؿ‪ :‬كأشتاقو كإليو ٗبعُب اىػ‪.‬‬
‫إف قلت‪ :‬من سلفك من أئمة النحو قلت‪ :‬قاؿ ابن مالك ُب ابب التعجب من التسهيل‪ :‬كقد‬
‫يبنياف يعِب التعجب كالتفضيل من فعل ا‪٤‬بفعوؿ إف أمن اللبس كفعل أفعل مفهم عسر أك جهل‬
‫كمن مزيد فيو اىػ‪ .‬كقاؿ الدماميِب ُب شرحو‪٫ :‬بو ما أعطاه الدراىم كما أشوقِب إٔب عفو هللا‬
‫تعأب فإهنما من أعطى كاشتاؽ كليس من ذلك ما أفقره فإنو من فقر الرجل ٗبعُب افتقر كأما ما‬
‫أشهاه فإنو من شهي الشيء ٗبعُب اشتهاه اىػ‪.‬‬

‫اللهم صل كسلم على طلعة أم ‪٦‬بلى كمظهر ا‪٢‬بق كىو هللا تعأب بذاتو سبحانو كتعأب ك٘بليو‬
‫اب‪٢‬بق أم بذاتو ال بشيء دكهنا فإف السبب الذم ٘بلت بو الذات العلية للحقيقة احملمدية‬
‫ك٘بليها ‪٥‬با كاف عن الذات العلية ا‪٤‬بقدسة ا‪٤‬بنزىة ال عن غّبىا كىذا أحد تفسّبم طلعة ا‪٢‬بق‬
‫اب‪٢‬بق‪ .‬التفسّب الثا٘ب أف طلعة ا‪٢‬بق طوالع األ‪٠‬باء كالصفات اإل‪٥‬بية الٍب ‪٦‬بموعها ىو عْب ا‪٢‬بق‬
‫الكلي ٔبميع ما تفرغ عنها من األحكاـ اإل‪٥‬بية كا‪٤‬بقادير الرابنية كاللوازـ كا‪٤‬بقتضيات ا‪٤‬ببلزمة‬
‫لتلك الصفات كاأل‪٠‬باء فمجموعها ىو عْب ا‪٢‬بق الكلي فكاف صلى هللا‬
‫عليو كسلم مطلعا ‪٥‬با جامعا ‪٢‬بقائقها كأحكامها كمقتضياهتا كلوازمها فكاف طلوعها ُب ا‪٢‬بقية‬
‫احملمدية عن مادة أسرار الصفات كاأل‪٠‬باء اإل‪٥‬بية الذم ىو السبب ا‪٤‬بعرب بو ابلباء فكاف طلوعها‬
‫فيو ملسو هيلع هللا ىلص ٕبسب أسرارىا كأنوارىا فكلها حق كا‪٤‬بعُب اللهم صل كسلم على طلعة أم ‪٦‬بلى أم‬
‫مظهر أم مطلع ا‪٢‬بق الذم ىو صفاتك كأ‪٠‬باؤؾ ك‪ٝ‬بيع ما تفرع عنها من أحكامك كمقاديرؾ‬
‫كاللوازـ كا‪٤‬بقتضيات ا‪٤‬ببلزمة لتلك الصفات كاأل‪٠‬باء ا‪١‬بامع ‪٢‬بقائقها كأحكامها كمقتضياهتا‬
‫كلوازمها الٍب كاف طلوعها ُب ا‪٢‬بقيقة اب‪٢‬بق عن مادة أسرار صفاتك‬
‫كأ‪٠‬بائك ككاف طلوعها فيو ٕبسب أسرارىا كأنوارىا فكاف كلو حقا ك‪٤‬با ًب قيامو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ىذا‬
‫ا‪٤‬بيداف ٕبقوؽ التجليْب ا‪٤‬بذكورين كتوفيتو بوظائف خدمتها كآداهبا ‪ٝ‬بلة كتفصيبل كتكملة‬
‫‪٤‬بقابلتهما بعبوديتو الكاملة عرب عن ىذه األلطاؼ ُب الصبلة الكرٲبة بقولو‪ :‬عبدؾ من حيث‬
‫أنت كما ىو عبدؾ من حيث أ‪٠‬بائك كصفاتك ك‪٤‬با كاف ‪ٝ‬بيع أ‪٠‬بائك كاألسرار كالعلوـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪500‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كا‪٤‬بعارؼ كالفتوحات كالفيوضات كالتجليات الشريفة منها يستفاد ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بطالب كصف صلى‬
‫هللا عليو كسلم أبنو ىو الكنز األعظم بقولو الكنز أألعظم إذ من فائدة الكنز ‪ٙ‬بصيل‬

‫ا‪٤‬بطالب كا‪٤‬بنافع لذكم ا‪٢‬باجات فبسبب كونو ملسو هيلع هللا ىلص كنزا عظيما يستفاد منو ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بطالب كا‪٤‬بنح‬
‫كالفيوضات الرابنية كالدنيوية كا‪٣‬بركية كالعلوـ كا‪٤‬بعارؼ كاألسرار كاألنوار كاألعماؿ كاألحواؿ‬
‫كا‪٤‬بشاىدات كالتوحيد كاليقْب كاإلٲباف كآداب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية إذ ىو ا‪٤‬بفيض ‪١‬بميعها على ‪ٝ‬بيع‬
‫الوجود ‪ٝ‬بلة كتفصيبل فردا فردا من غّب شذكذ‪.‬‬
‫إفاضتك الٍب ىي مورد األلطاؼ الذم سألتو منك عندما ٘بليت بنفسك كأكصافك كسألت‬
‫ذاتك بذاتك فتلقيت ذلك السؤاؿ منك ابلقبوؿ كاإلسعاؼ ككاف قوامو راجعا إليك فأكجدت‬
‫ذلك ا‪٤‬بود الذم ىو ا‪٢‬بقيقة من حضرة علمك عيوان كأهنارا ٍب سلخت العآب منها كاقتطعتو كلو‬
‫تفصيبل على تلك الصورة اآلدمية اإلنسانية اعلم أنو ‪٤‬با تعلقت إرادتو إبٯباد خلقو أبرز ا‪٢‬بقيقة‬
‫احملمدية كذلك عندما ٘بلى بنفسو من األكصاؼ كسأؿ ذاتو بذاتو مورد األلطاؼ فتلقى ذلك‬
‫السؤاؿ منو ابلقبوؿ كاإلسعاؼ فأكجد ا‪٢‬بقيقة احملمدية فكانت عيوان كأهنارا ٍب سلخ العآب‬
‫منها كاقتطعو كلو تفصيبل على تلك الصورة اآلدمية اإلنسانية فإهنا كانت ثواب على تلك ا‪٢‬بقيقة‬
‫احملمدية النورانية شبو ا‪٥‬بواء كا‪٤‬باء ُب حكم الرقة كالصفاء فتشكل الثوب شكل الصورة النورانية‬
‫فكاف دمحم صلى هللا عليو كسلممجمع الكل كبرىاف الصفات كا‪٤‬ببدأ األعلى ككاف آدـ عليو‬
‫السبلـ نسخة منو على التماـ ككانت نسخة الذرية من آدـ عليو السبلـ فتحقق ىذه التسخ‬
‫تعش سعيدا غّب أف األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ من كتايب دمحم كآدـ على الكماؿ كالعارفوف‬
‫الوارثوف نسخة من آدـ كظاىر سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كأما أىل‬

‫الشماؿ فنسخة من طينة آدـ ال غّب كأما التناسل إٔب أف جاء زمانو عليو الصبلة كالسبلـ فصّب‬
‫هللا تعأب العآب ُب قبضة ك‪٨‬بضة جسم دمحم ملسو هيلع هللا ىلص زبدة ‪٨‬بضة العآب كما كانت حقيقة أصل نشأتو‬
‫فلو الفضل ابإلحاطة إ كانت البداءة كا‪٣‬بتم فقد حصلت ُب علمك نشأة أكؿ كل موجود كأين‬
‫مرتبتو من الوجود كمنزلتو من الوجود‪ .‬كا‪٢‬باصل أف سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص أكؿ ا‪٤‬بوجودات كأصلها‬
‫كبركتها كبربكتو كجدت كبو استمدت‪ .‬إحاطة مصدر كصف بو مبالغة أم احمليط كرجل عدؿ أم‬
‫عادؿ‪.‬‬
‫النور أم ابلنور ا‪٤‬بطلسم أم ا‪٤‬بكتوـ أم احمليط بسر ألوىيتك ا‪٤‬بكتوـ الذم أردت أف تطلع عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪501‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫غّبؾ من خلقك من ذكم ا‪٣‬بصوصية ألف سر األكؿ قسمو ا‪٢‬بق سبحانو ٕبكمة ا‪٤‬بشيئة قسمْب‬
‫قسم استبد بعلمو ال يطلع عليو غّبه كقسم اختار أف يطلع عليو غّبه من ذكم االختصاص‬
‫ككاف مقسوما بينهم اب‪٤‬بشيئة األزلية لكل كاحد منهم ما قدر لو من سر األلوىية ككاف ذلك‬
‫ا‪٤‬بقسوـ ‪٣‬بلقو أف يطلعوا عليو كلو أحاط بو ملسو هيلع هللا ىلص علما كذكقا كاجتمع ُب ذاتو الكرٲبة ُب حقيقتو‬
‫احملمدية كتفرؽ منو إٔب ا‪٣‬بلق أم كاصل إٔب كل كاحد ما قسم لو كبعبارة‬
‫أف ا‪٤‬براد ابلنور ا‪٤‬بطلسم الكماالت اإل‪٥‬بية الٍب سبق ُب سابق علمو أف يكشفها ‪٣‬بلقو كيطلعهم‬
‫عليها ‪ٝ‬بلة كتفصيبل لكل فرد من الوجود ما يناسبو كما ٱبتص بو من أكؿ ظهور العآب إٔب األبد‬
‫ككاف ذلك النور ا‪٤‬بذكور مطلسما ُب حجاب الغيب كضرب عليو حجب عظيمة ٕبيث ال ٲبكن‬
‫عليو الوصوؿ إٔب االطبلع عليو أك على شيء منو فأشهد هللا تعأب نبيو ملسو هيلع هللا ىلص دفعة كاحدة كأطلعو‬
‫عليو ُب حقيقتو احملمدية من غّب شذكذ كا‪٤‬بعُب حينئذ إحاطة النور أم العآب ا‪٤‬بشاىد أم ا‪٤‬بطلع‬
‫ابلنور أم كماالتك ا‪٤‬بطلسمة أم احملجوبة ا‪٤‬بغيبة الٍب‬

‫سبق ُب سابق علمك أف تكشفها ‪٣‬بلقك كتطلعهم عليها كإ٭با أفرد النور كأريد بو الكماالت‬
‫اإل‪٥‬بية ألهنا كلها حق كا‪٢‬بق كلو نور‪ .‬صلى هللا تعأب عليو كعلى آلو كصبلة هللا تعأب على نبيو‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم توقيفية ال تعرؼ حقيقتها كما يقولو فيها أىل الظاىر ال يلتفت إليو‬
‫كتقدـ أهنا فوؽ ما يدرؾ كيعقل فبل تفسر بشي ببل تقوؿ يصلي على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كال تكيف صبلتو‬
‫كتقدـ أيضا أف الصبلة ُب حق هللا تعأب على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كصف قائم بذاتو على ا‪٢‬بد الذم يليق‬
‫بذاتو كعظمتو كجبللو ىو أمر فوؽ ما‬
‫يدرؾ كيعقل‪ .‬صبلة معموؿ صل كسلم على طلعة ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق إٔب آخره صبلة تعرفنا هبا أم‬
‫ابلصبلة‪ .‬إايه أم نبيك دمحما صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب مراتب بطونو صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم طلب ا‪٤‬بصلي من هللا أف يعرفو رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم إما ابلوصل إٔب معرفة‬
‫حقيقة ركحو أك حقيقة عقلو أك قلبو أك نفسو أما حقيقة ركحو فبل يصل إليها إال األكابر من‬
‫النبيْب كا‪٤‬برسلْب كاألقطاب كمن ضاىاىم من األفراد كمن العارفْب من يصل إٔب مقاـ عقلو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص فتكوف معارفو كعلومو ٕبسب ذلك إذ ليس مقاـ العقل كعلومو‬
‫كمقاـ الركح كعلومو كمنهم من يصل إٔب مقاـ قلبو ملسو هيلع هللا ىلص فتكوف معارفو كعلومو ٕبسب ذلك‬
‫كىو دكف مقاـ العقل ُب ا‪٤‬بعارؼ كالعلوـ كمنهم من يصل إٔب مقاـ نفسو صلى هللا تعأب عليو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪502‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسلم فتكوف معارفو كعلومو ٕبسب ذلك كىو دكف مقاـ القلب كأما مقاـ سره ملسو هيلع هللا ىلص فبل مطمع‬
‫ألحد ُب دركو ال من عظم شأنو كال من صغر كالفرؽ بْب مقاـ سره كعقلو كقلبو كنفسو أف مقاـ‬
‫سره ملسو هيلع هللا ىلص ىي ا‪٢‬بقيقة احملمدية الٍب ىي ‪٧‬بض النور اإل‪٥‬بي الٍب عجزت العقوؿ كاإلدراكات من‬
‫كل ‪٨‬بلوؽ عن إدراكها كفهمها ٍب ألبست ىذه‬

‫ا‪٢‬بقيقة احملمدية لباسا من أألنوار اإل‪٥‬بية كاحتجبت هبا عن الوجود فسميت ركحا ٍب تنزلت‬
‫أبلباس أخرل من األنوار اإل‪٥‬بية كاحتجبت هبا فكانت بسبب ذلك تسمى عقبل ٍب تنزلت‬
‫أبلباس أخرل من األنوار اإل‪٥‬بية كاحتجبت هبا فسميت بذلك قلبا ٍب تنزلت أبلباس أخرل من‬
‫األنوار اإل‪٥‬بية احتجبت هبا فكانت بسبب ذلك تسمى نفسا انتهى كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق للصواب‬
‫كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثا٘ب كاألربعوف‬

‫ا‪٤‬بقاصد الٍب تبُب عليها األذكار البل زمة للطريقة فقط‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق اعلم أنو ما من ذكر من أذكار ىذه‬
‫الطريقة البلزمة كغّبىا إال كلو مقصد بِب عليو ذلك الذكر كمنها ما يكوف لو مقاصد متعددة‬
‫كمرادان أف نذكر منها ما ال أبس بذكره كا‪٤‬بانع من كتب الكل خوؼ إفشاء األسرار اإل‪٥‬بية إذ ال‬
‫يؤمن أف يقع الكتاب على يد شياطْب اإلنس كالطلبة الكذبة الفجرة الدجلة الظالْب الذين‬
‫يدعوف أف ‪٥‬بم اإلذف فيما ليس ‪٥‬بم فيو من علم فيعطوهنا من ال علم ‪٥‬بم ٕبا‪٥‬بم فيصدقهم اغَبارا‬
‫ٗبقالتهم فيستعملو على ذلك ا‪٤‬بقصد فيهلك أك يستعملو ا‪١‬باىل ٕبقيقة‬
‫األمر من غّب ادعاء إذف فيتعب نفسو من غّب أف ٰبصل على طائل كغايتو سبلمتو من الطعن‬
‫كإذا تقرر ىذا فاعلم أف ا‪٤‬بقصد ىو ما ٰبصل بو القاعدة الٍب عليها بناء الذكر كٱبتلف‬
‫ابختبلؼ األذكار كىو آكد شركط الذكر كألزمها ألنو الذم عليو ٯبرم معُب الذكر ألف الذكر‬
‫يدكر على اللساف ليؤثر معناه اتصافا ُب النفس ٗبا يقتضيو ا‪٤‬بعُب فإذف البد من إحضار قصد‬
‫بْب يدم الذاكر يبُب عليو الفكر تدبر ا‪٤‬بعُب الذكر كٕبسن تلمح الفكر معُب القصد أثناء الذكر‬
‫تكوف قوة التأثّب ُب النفس كأىل التمكْب ُب ىذا الطريق ال ‪ٚ‬بلو حركة من حركاهتم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪503‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كال سكنة من سكناهتم عن قصد يتوجهوف ٗبعناه إٔب هللا تعأب فبل أقل ‪٥‬بم من تواصل معُب‬
‫قصد الذكر أببلغ ما ٲبكنهم ككذلك سائر العبادات‪ .‬ركم عن طاككس أنو سئل منو الدعاء‬
‫فقاؿ‪ :‬لك أجد لو قصدا ألف ا‪٤‬بقاصد من أركاح األعماؿ كال يستقيم عمل ال ركح لو ٍب اعلم‬
‫أف مقاصد األذكار ‪ٚ‬بتلف ابختبلؼ ا‪٤‬بنازؿ كا‪٤‬بقاصد من األذكار كاألركاح من األجساد‬
‫ككا‪٤‬بعا٘ب من األلفاض كىي أساس أألذكار عليها بناء الذكر كإليها يرجع عند حضور الفكر كمن‬
‫صفحات معناه تتلمح الثمرات كمن تلقائو هتب نواسم األسرار كالربكات كمن أغمي عليو ُب‬
‫معُب‬
‫قصده خاب مسعاه كبعد مأكاه أىػ ملخصا انظر بغية السالك‪ .‬كإذا ‪ٛ‬بهد ىذا فاعلم أف مقاصد‬
‫األذكار البلزمة للطريقة ظاىرة كاضحة ‪٤‬بن أتمل كيفية قراءة الورد كالوظيفة كالذكر الذم يفعل‬
‫بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة من حْب ابتداء قراءهتا حٌب ‪ٚ‬بتم كذلك أف العبد ال ٱبلو غالبا من أقواؿ‬
‫كأفعاؿ كاخبلؽ كأحواؿ توجب لو من ربو نقصا أك شكا أك لوما أك ذما أك إبعادا ك‪٤‬با كاف‬
‫الغالب على العبد ما ذكران كاف مطلواب ابلتوبة كاالستغفار من كل ما ٱبل ابلعبودية كيوجب‬
‫الشْب على العبد كٲبنعو التطهر من األخبلؽ كاألكصاؼ البهيمية كالطبيعية‬
‫النفسانية كاالتصاؼ ابلصفات احملمودة من صفت ا‪٤‬ببلئكة كالركحانيْب كالنبيْب ك‪٤‬با علم أف‬
‫الذم طلبو ٗبا ذكر ىو ربو ا‪٤‬بتصف ابلعظمة كا‪١‬ببلؿ علم أف ىذا ال ينبغي لعاقل أف يعبده‬
‫لطلب ا‪٢‬بظوظ كالغراض كإ٭با ينبغي لو أف يعبد هللا عز كجل ألجل هللا سبحانو كتعأب كإلرادة‬
‫كجهو كامتثاؿ أمره بعبادتو كألداء حق العبودية كللقياـ ٕبق الربوبية كلتعظيمو كإجبللو ك‪٧‬ببتو‬
‫كحياء منو أف يراه ‪ٚ‬بلف عن أمره كشوقا إليو كشكرا لنعمو كابتغاء مرضاتو مع االعَباؼ ابلعجز‬
‫كالتقصّب كعدـ توفية الربوبية حقها كسكوف ذلك ُب القلب ما داـ ُب قيد‬

‫ا‪٢‬بياة مع إقراره أبنو إف رزقو هللا تعأب عبادتو أنو ال يدكـ لو ذلك إال إذا أمده هللا إبدامتو كأعانو‬
‫ٗبعرفة منو ٍب يتربأ من حولو ك قوتو كيعَبؼ أف العزـ على ذكر ربو قبل الشركع منو ‪٧‬بض موىبة‬
‫كإنعاـ كتوفيق من هللا تعأب ٍب يستعْب ابهلل تعأب على الشركع منو ُب مقصد األذكار الٍب ىي‬
‫الورد كالوظيفة كالذكر الذم يفعل بعد العصر يوـ ا‪١‬بمعة ٍب يقوؿ بلسانو مستحضرا معُب ما‬
‫يقوؿ ُب قلبو‪ :‬اللهم إ٘ب نويت بتبلكة ىذا الورد تعظيما كإجبلال لك كابتغاء مرضاتك كقصدا‬
‫لوجهك الكر‪ٙ‬ب ‪٨‬بلصا لك من أجلك كأقوؿ إبمدادؾ كعونك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪504‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كحولك كقوتك كٗبا كىبتِب من إنعامك كتوفيقك مستعينا بك ٍب يقرأ فا‪ٙ‬بة الكتاب إٔب آخرىا‬
‫أبف يقوؿ‪ :‬أعوذ ابهلل من الشيطاف الرجيم بسمميحرلا نمحرلا هللا ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب إٔب آخر‬
‫السورة كيقوؿ‪ :‬آمْب كُب ذلك من األسرار ما ال ٰبيط بو إال هللا تعأب كال ينبغي لنا إفشاء ما‬
‫علمنا منو كىا ‪٫‬بن نكتفي بذكر قليل ‪٩‬با ال أبس ُب ذكره فنقوؿ‪ :‬إف ُب قراءة الفا‪ٙ‬بة مقاصد‬
‫األذكار البلزمة أك‪٥‬با أف العبد ‪٤‬با كاف الضعف كالعجز كالذؿ كاالفتقار كعدـ ا‪٢‬بوؿ كالقوة من‬
‫أكصافو الذاتية كأف القدرة كا‪٢‬بوؿ كالقوة كا‪٤‬بعونة كالتوفيق‬
‫للقياـ أبمر هللا كاجتناب هنيو من هللا كأف الشيطاف مسلط على العبد ال حيلة للعبد ُب النجاة‬
‫منو إال ابهلل تعأب بدأ ابالستعاذة ابهلل تعأب كبذكر البسملة فلما علم أف ربو جل كعبل تفضل‬
‫عليو ابلعزـ ا‪٤‬باضي كا‪٢‬بزـ النافذ ابدر اب‪٢‬بمد هلل كالثناء عليو كما ىو أىلو كال ٰبمده أحد كيثِب‬
‫عليو ٗبثل فا‪ٙ‬بة الكتاب‪ٍ ،‬ب أنو ‪٤‬با قاؿ‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب قوم رجاؤه على تربئو ‪٩‬با سول‬
‫هللا تعأب حْب أ‪٥‬بمو اإلقرار بقلبو كالنطق بلسانو أف ال يستحق ا‪٢‬بمد إال مواله ألنو ىو ا‪٤‬بنعم‬
‫إبٯباده أكال كابلتفضل ُب خلق اإلٲباف فيو‬

‫اثنيا كبتوفيقو إٔب النهوض إٔب ىذه العبادة اثلثا‪ٍ ،‬ب أنو ‪٤‬با قاؿ‪ :‬الر‪ٞ‬بن الرحيم ازداد رجاؤه قوة‬
‫كرسوخا ُب قلبو كازداد فرحا كسركرا هبذا ا‪٤‬بنعم الكر‪ٙ‬ب‪ ،‬ك‪٤‬با قاؿ‪ :‬ملك يوـ الدين كادت نفسو‬
‫تزىق كتصّب ترااب كتطّب ‪٤‬با امتؤل قلبو من ىيبة عظمة ىذا ا‪٤‬بلك ك‪٤‬با ‪ٙ‬بقق لو ىذا ا‪٤‬بشهد خضع‬
‫لربو كذؿ كتربأ من سواه بقولو‪ :‬إايؾ نعبد كازداد تذلبل كتصاغرا ‪٤‬بواله بطلب ا‪٤‬بعونة منو لعلمو‬
‫أبنو ال يقول على عبادتو إال بو ألنو ىو الفاعل كا‪٤‬بوُب بقولو‪ :‬كإايؾ نستعْب‪ٍ ،‬ب أنو ‪٤‬با امتثل‬
‫قوؿ مواله جل كعبل‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا‬
‫اتقوا هللا كابتغوا إليو الوسيلة} كقدـ الوسيلة إليو ٔبميع ما تقدـ شرع ُب السؤاؿ من هللا تعأب أف‬
‫يرزقو نيل ما يطلبو من مواله الكر‪ٙ‬ب ألنو ىو ا‪٤‬بقصود األعظم الذم كاف بصدده كىو سلوؾ‬
‫الطريق ا‪٤‬بستقيم الذم يوصلو إٔب ما كصل إليو الذين أنعم عليهم موالىم الكر‪ٙ‬ب كىم النبيوف‬
‫كالصديقوف كالشهداء كالصا‪٢‬بوف كالعدكؿ عن طريق الفرؽ الضالة من ىذه األمة كغّبىا‬
‫كالوصوؿ إٔب ىذا ا‪٤‬بطلب الرب ىو ا‪٤‬بقصد األعظم من الذكر بقولو‪ :‬اىدان الصراط ا‪٤‬بستقيم‬
‫صراط الذين أنعمت عليهم غّب ا‪٤‬بغضوب عليهم كال الضالْب‪ٍ ،‬ب أنو ‪٤‬با علم أف‬
‫ا‪٤‬بتنجس ابألدانس كالرذائل ال يصلح لو الوقوؼ بباب ا‪٤‬بلك فضبل عن الدخوؿ فا‪٣‬بدمة لو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪505‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أكٔب كأحرل كأٗب طمعو ُب دخوؿ مداخل ا‪٣‬باصة سوء أدب كجراءة على ا‪٤‬بلك كعلم أف البلئق‬
‫بصاحب ىذا ا‪٢‬باؿ ما يطهره ليصلح للخدمة كعلم أيضا أنو ال بد لو من الوسيلة كالوسيلة ال‬
‫ٯبَبئ على توصيلو كىو متلطخ ابلنجاسة كعلم أف التطهر من تلك النجاسات ال ٰبصل إال‬
‫ابلتوبة كاالستغفار شرع ُب االستغفار بقولو‪ :‬استغفر هللا‪ٍ ،‬ب إنو ‪٤‬با أكمل من االستغفار ما كاف‬
‫اجتناه قوم رجاؤه على أنو قد يصلح اآلف للوقوؼ بْب يدم سيده كخدمتو كلكنو ُب خوؼ‬

‫شديد ككجل عظيم ‪٤‬با علم من عظمة ىذا ا‪٤‬بلك ككربايئو كعلو شأنو ككونو ‪٨‬بتارا يفعل ما يشاء‬
‫ك‪٤‬با علم ذلك خاؼ من االستبداد بنفسو كاالستقبلؿ أبمره ألف مثلو ال يستحق بذلك إال‬
‫الطرد كاإلبعاد من ا‪٤‬بلك كىذا كالعياذ ابهلل تعأب ىو الذم كاف ٱباؼ أف يلحقو من جناب‬
‫سيده‪ ،‬ك‪٤‬با علم أنو ىو ك‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق ُب ىذا ا‪٤‬بيداف على حد سواء رجع إٔب التوسل إٔب هللا تعأب‬
‫برسولو الذم ىو كسيلة ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات إليو تعأب ُب ‪ٝ‬بيع التوجهات كا‪٤‬بطالب لعلمو بعلو‬
‫مقداره عند هللا تعأب كشفوؼ مرتبتو لديو كعلو اصطفائو على ‪ٝ‬بيع خلقو كعلمو‬
‫أبف هللا تعأب ال يقبل العمل من كل عامل إال ابلتوسل إٔب هللا تعأب بو ملسو هيلع هللا ىلص فمن طلب القرب‬
‫من هللا تعأب كالتوجو إليو دكف التوسل بو ملسو هيلع هللا ىلص معرضا عن كر‪ٙ‬ب جنابو كمدبرا عن تشديد خطابو‬
‫كاف مستوجبا من هللا غاية السخط كالغضب كغاية اللعن كالطرد كالبعد كضل سعيو كخسر‬
‫عملو كال كسيلة إٔب هللا تعأب إال بو صلى هللا تعأب عليو كسلم كامتثاؿ شرعو كىذا الذم ذكرانه‬
‫ىنا يكفي مقصدا ُب الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬بن علمو بقلبو كٓب ينطق بو بلسانو إذا كاف‬
‫مستحضرا ذلك من أكؿ الورد إٔب‬
‫ا‪٣‬بتم مع أف ا‪٤‬بقصد الذم ذكرانه أكال يكفي ‪٤‬بن أراد الشركع ُب األكراد البلزمة من غّب تفصيل‬
‫كإذا نطق بو كقت الشركع بلسانو مستحضرا معناه ُب قلبو يكفيو ُب الورد كالوظيفة كالذكر‬
‫الذم يفعل بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة كلكن إذا أردت أف نزيدؾ مقصدا كاحدا للصبلة على النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص لرغبتك فيو فقل بلسانك مستحضرا معناه ُب قلبك‪ :‬اللهم إ٘ب نويت أف أتقرب إليك‬
‫ابلصبلة على رسولك الكر‪ٙ‬ب ملسو هيلع هللا ىلص عبادة كتعظيما كابتغاء مرضاتك كمرضاة رسولك الكر‪ٙ‬ب‬
‫علي‬
‫كمقصدا لوجهك العظيم لك من أجلك ‪٨‬بلصا لك كأنت الذم مننت ٌ‬
‫علي لبيك اللهم كسعديك كا‪٣‬بّب كلو بيديك اللهم صل على سيدان دمحم إٔب‬
‫هبذا كتفضلت بو ٌ‬
‫آخره‪ٍ .‬ب إنو ‪٤‬با توسل إٔب هللا تعأب بسر خليقتو كعركس ‪٩‬بلكتو كزين بريئتو كسيد أىل ا‪٤‬بعرفة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪506‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كا‪ٚ‬بذه مسايرا لو ُب طريقو كإماما لو ُب حضوره كغيبتو صلى هللا تعأب عليو كسلم ما قسم هللا‬
‫تعأب على قدر حالو كمقامو كأمره ملسو هيلع هللا ىلص بقدر ما كاف كردا لو ُب ذلك اجمللس كاكتسب من أنوار‬
‫ىذا النيب الكر‪ٙ‬ب صلى هللا تعأب عليو كسلم من األسرار كاألنوار كاألحواؿ كاألخبلؽ كالعلوـ‬
‫بقدر حالو كمقامو ما يزداد بو إٲباان كطهارتو‬
‫كيقينو كإخبلصو كحبو ُب هللا تعأب كاستغراقو ُب التوجو إليو كالتربم من سواه ليكوف بذلك‬
‫صا‪٢‬با بو التوجو إليو بذكر الكلمة ا‪٤‬بشرفة ألنو ملسو هيلع هللا ىلص أكرـ على هللا تعأب من أف يتوسل بو صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم متوسل إٔب هللا تعأب ككاف صادقا أف ٱبيب هللا تعأب لو أملو كيضيع سعيو‬
‫أراد أف ينتقل إٔب ذكر الكلمة ا‪٤‬بشرفة ك‪٤‬با علم أف من استغرؽ ُب ظهرىا رٗبا ظهر لو الشيطاف‬
‫كيقوؿ لو‪ :‬أان ربك أك يظهر لو اللعْب صورة من الصور كيقوؿ لو‪ :‬إف الذم رأيتو ىو ربك ك‪ٚ‬بيل‬
‫نفسو شيئا ُب ا‪٣‬بياؿ أك ُب نظره فيظن أنو ربو‬
‫قدـ قبل الشركع مقصدا فيها هبدـ ‪ٝ‬بيع ذلك كيكوف ذلك ا‪٤‬بقدـ بْب عينيو ال يغفل عنو إذا‬
‫اعَباه ُب أثناء الذكر كىو ىذه اآلية الشريفة‪{ :‬سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف} ٍب أردؼ‬
‫ذلك ابلسبلـ على ‪ٝ‬بيع إخواف ىذه الوسيلة كىم ‪ٝ‬بيع الرسل على نبينا كعليهم الصبلة‬
‫كالسبلـ مع كونو صلى هللا تعأب عليو كسلم إمامنا كنبينا ككسيلتنا إٔب ربنا لكنا ‪٤‬با كنا مأمورين‬
‫ابإلٲباف هبم كعدـ التفريق بْب أحد منهم كمأمورين بتعظيمهم كاف علينا أف نعظمهم كنسلم‬
‫عليهم كال شك أننا نستمد منهم ما يزيدان قوة كثباات كانشراح صدر لذكر ىذه الكلمة‬

‫الشريفة كمع ذلك أننا ما سلمنا عليهم ابنفرادىم بل على نبينا ملسو هيلع هللا ىلص كعليهم أفضل الصبلة‬
‫كأزكى التسليم ليكوف استمدادان منهم اتبعا الستمدادان منو ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬با علم أف التوفيق إٔب التوسل‬
‫إٔب هللا تعأب بو ملسو هيلع هللا ىلص كابلصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص كابلسبلـ عليو كعلى ‪ٝ‬بيع الرسل عليو كعليهم أفضل‬
‫الصبلة كأزكى التسليم كأف ‪ٝ‬بيع ما حصل من النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كمنهم عليو‬
‫كعليهم من هللا تعأب أفضل الصلوات كأًب التسليمات من اإلفراد ‪٧‬بض منة من ربو ا‪٤‬بناف رجع‬
‫إٔب ‪ٞ‬بده‬
‫تعأب كحده بقولو‪{ :‬كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب} ك‪٤‬با اكتسب بفضل هللا تعأب من ‪ٝ‬بيع ما تقدـ‬
‫الصبلحية لذكر الكلمة الشريفة شرع ُب ذكرىا بقولو‪ :‬ال إلو إال هللا ٍب إنو ‪٤‬با حصل لو شهود‬
‫االستغراؽ ُب شهود ا‪٤‬بذكور كعلم أنو ال يثبت لبلستغراؽ بشهوده تعأب على الوجو األكمل إال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪507‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الذم توسل بو إٔب هللا تعأب كىو سيدان دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كأف هللا تعأب ال يقبل عمبل من عامل إال‬
‫ابلتوسل بو ملسو هيلع هللا ىلص كإف شكر الواسطة ىو الوجو األكمل ألنو ىو ا‪١‬بامع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة كأنو‬
‫كإف رجع إليو صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم يستمد منو صلى هللا تعأب عليو كسلم ما يزيده قوة كثباات على دؤب االستغراؽ بشهوده‬
‫تعأب رجع إٔب اإلقرار ابلرسالة لو صلى هللا تعأب عليو كسلم بقولو ُب ا‪٤‬برة األخّبة من ذم‬
‫الكلمة الشريفة‪ :‬دمحم رسوؿ هللا ك‪٤‬با علم أف إشراكو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص مع الرسل ُب السبلـ ا‪٤‬بتقدـ‬
‫ما يوُب ما لرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من ا‪٢‬بقوؽ سلم عليو ملسو هيلع هللا ىلص خاصة بقولو‪ :‬عليو سبلـ هللا ٍب إنو إف كاف‬
‫ُب الوظيفة يزداد رجوعا إٔب رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم ألنو ىو الربزخ األعظم بينو‬
‫كبْب ا‪٢‬بق‬

‫بل كبْب ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بخلوقات كا‪٢‬بق لعلمو أف ‪ٝ‬بيع ما انلو من هللا تعأب من ا‪٣‬بّبات إ٭با انلو بتوسلو‬
‫إٔب هللا تعأب بو ملسو هيلع هللا ىلص بل لوال ظهور رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فيو كسراية ركحانيتو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ذاتو كأعضائو‬
‫كركحو ٗبا كجد فضبل من أف يؤمن فضبل من أف يذكر فضبل من أف يقبل ذكره بل رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ىو الذاكر هلل تعأب كا‪٤‬بتوجو إليو كا‪٤‬بصلي على نفسو كالعابد هلل تعأب ُب ذكات ‪ٝ‬بيع‬
‫الذاكرين كا‪٤‬بتوجهْب كا‪٤‬بصلْب عليو ملسو هيلع هللا ىلص كالعابدين ألنو ملسو هيلع هللا ىلص ىو‬
‫ركح رحم بو ‪ٝ‬بيع الوجود كبو بقاء الوجود كبو ‪ٝ‬بيع ما انلوه من ا‪٣‬بّبات الدنيوية كالدينية‬
‫كاألخركية كىو أصل ا‪٤‬بخلوقات كلها كمنو كجدت كما تقدـ ك‪٤‬با علم ‪ٝ‬بيع ما تقدـ رجع إٔب‬
‫شكر ا‪٤‬بنعم بشكر الواسطة ٗبدحو ابلصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص بصبلة ‪ٝ‬بعت بْب مدحو ملسو هيلع هللا ىلص كابلصبلة‬
‫عليو ملسو هيلع هللا ىلص بقولو‪ :‬اللهم صل كسلم على عْب الر‪ٞ‬بة الرابنية إٔب آخره كال شك أف الصبلة عليو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ٗبدحو أبنو ىو عْب الر‪ٞ‬بة الرابنية فيو إعبلـ أبف الذاكر ‪٤‬با ختم ذكره هبذه الصبلة كاف من‬
‫أكمل الرجاؿ‬
‫ألنو ‪ٝ‬بع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة حيث امتثل أمر مواله ابلصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص كابلتوسل بو إٔب مواله‬
‫أيضا كبشكره ملسو هيلع هللا ىلص حيث كاف ظهوره كخلقو كبعثو ككونو لنا ر‪ٞ‬بة كمع ذلك إ٭با نسب الر‪ٞ‬بة إٔب‬
‫الرب ألنو ىو الراحم حقيقة ٍب أنو ‪٤‬با ختم العدد الذم يقرؤه من جوىرة الكماؿ صار كأنو‬
‫يسمع ىاتفا من ا‪٥‬بواتف ا‪٢‬بقية يقوؿ لو‪ :‬احذر اي عبدم أف يقع ُب كٮبك أنك كفيت شيئا من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪508‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حقوؽ نبيي كرسوٕب كسر خليقٍب هبذه الصلوات الٍب صليت هبا كأنو ينتفع هبا فأان بعظمٍب‬
‫كجودم كسعة ملكي كغنام كمبلئكٍب الكراـ نصلي عليو‬

‫فبل ٰبتاج مع ذلك إٔب صبلتك كال إٔب صبلة غّبؾ كإ٭با أمرتك ابلصبلة عليو لتكوف مقبوال‬
‫عندم بربكة توسلك بو إٕب فأجابو الذاكر بسرعة ليعلم نفسو ٗبا خوطب بو بقولو‪{ :‬إف هللا‬
‫كمبلئكتو يصلوف على النيبء اي أيها الذين آمنوا صلوا عليو كسلموا تسليما} فأجاب فورا‬
‫بقولو‪ :‬صلى هللا عليو كعلى آلو كصحبو كسلم تسليما ٍب صار كأنو يسمع ىاتفا من ا‪٥‬بواتف‬
‫لدم كحيب فيو‬
‫ا‪٢‬بقية يقوؿ لو اثنيا‪ :‬كإذا كاف ُب ‪٨‬بلوقاٌب من صار ‪٤‬بكانتو عندم كعلو شأنو ٌ‬
‫غنيا عن ‪ٝ‬بيع خلقي ك‪ٝ‬بيع خلقي ‪٧‬بتاجوف إليو فكيف بربو الذم لو األلوىية كالربوبية‬
‫كاحذر اي عبدم أف تنسب ٕب شريكا أك شبيها أك افتقار إٔب عبادتك أك إٔب شيء ما كلذلك‬
‫أجاب فورا بقولو‪ :‬سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف‪ ،‬ك‪٤‬با بلغ بو األمر إٔب ىذا ا‪٢‬باؿ صار‬
‫كأنو يسمع ىاتفا من ا‪٥‬بواتف ا‪٢‬بقية يقوؿ لو‪ :‬اعلم أيها العبد أنك لو ارتقيت إٔب ما عسى أف‬
‫ترقى إليو من مقامات القرب كالدنو كالوصوؿ إٔب حضرة ا‪٢‬بق تعأب ال تكوف عنده مقبوال كال‬
‫تسلم من ا‪٤‬بصائب الدنيوية كالدينية كاألخركية إال ابلتوسل برسلو إليو ألنك ما سلمت من‬
‫الشرؾ كغّبه إال بربكتهم كاتباع ما أتوؾ بو منو كحيث كاف األمر كذلك فسلم عليهم‬
‫تعظيما ‪٥‬بم لتعظيم ا‪٢‬بق تعأب كإايىم كذلك يستدعي تسليم ا‪٢‬بق تعأب عليك ألف عنايتو برسلو‬
‫توجب أف يعتِب ٗبن عظمهم كنفع تسليمك عليهم عائد إليك ال إليهم ألف تسليمك عليهم ال‬
‫يزيدىم فأجاب ىذا ا‪٥‬باتف بقولو‪ :‬كسبلـ على ا‪٤‬برسلْب‪ ،‬ك‪٤‬با بلغ بو األمر إٔب ىذا ا‪٢‬باؿ صار‬
‫كأنو يسمع أيضا ىاتفا من ا‪٥‬بواتف ا‪٢‬بقية يقوؿ‪ :‬اعلم أف نعمة بعث الرسل إليك كغّبىا من‬
‫النعم الظاىرة كالباطنة الٍب أسبغها ا‪٢‬بق تعأب عليك كعلى غّبؾ منو تعأب كحده فا‪ٞ‬بده كحده‬
‫كما أنو ىو ا‪٤‬بنعم كحده ليس بيد غّبه نفع كال ضر كال جلب كال دفع ُب العاجل‬

‫كاآلجل فأجاب ىذا ا‪٥‬باتف بقولو‪ :‬كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب‪ .‬ك‪٤‬با كاف ذكر الكلمة الشريفة ىو‬
‫ا‪٤‬بقصود األعظم من األذكار ألف االستغراؽ بشهود ا‪٤‬بذكور ال ٰبصل للعبد إال إذا حصل لو‬
‫التوحيد ا‪٢‬بقيقي كال شيء يثمر للعبد التوحيد ا‪٢‬بقيقي مثل مبلزمة ذكر هللا تعأب على الدكاـ‬
‫كالكلمة الشريفة أفضل األذكار ألف ‪ٜ‬برات األذكار ‪٦‬بموعة ُب ذكر الفرد‪.‬‬
‫كُب التسهيل البن جزم بتقد‪ٙ‬ب بعض كبلمو كأتخّب بعضو‪ :‬كاعلم أف الذكر أنواع كثّبة فمنها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪509‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫االستغفار كالصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص كالتهليل كالتسبيح كالتكبّب كالتحميد كا‪٢‬بوقلة كا‪٢‬بسبلة‬
‫كذكر كل أ‪٠‬باء هللا تعأب‪ ،‬أما االستغفار فثمرتو االستقامة على التقول كاحملافظة على شركط‬
‫التوبة مع انكسار القلب بسبب الذنوب ا‪٤‬بتقدمة‪ ،‬كأما الصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص فثمرهتا شدة احملبة فيو‬
‫كاحملافظة على اتباع سنتو‪ ،‬كأما التهليل كالتوحيد أعِب التوحيد ا‪٣‬باص فإف التوحيد العاـ حاصل‬
‫لكل مؤمن‪ ،‬كأما التسبيح فثمرتو‬
‫ثبلث مقامات كىي الشكر كقوة الرجاء كاحملبة فإف ا‪٢‬بسن ‪٧‬ببوب ال ‪٧‬بالة‪ ،‬كأما ا‪٢‬بوقلة‬
‫كا‪٢‬بسبلة فثمرهتا التوكل على هللا تعأب كالتفويض إٔب هللا عز كجل كالثقة ابهلل سبحانو‪ٍ ،‬ب إف‬
‫‪ٜ‬برات الذكر ٔبميع األ‪٠‬باء كالصفات ‪٦‬بموعة ُب الذكر الفرد كىو قولو‪ :‬هللا هللا فذلك ىو الغاية‬
‫كإليو ا‪٤‬بنتهى‪ ،‬كإذا كاف األمر ىكذا فاعلم أف الذكر الذم يقرأ بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة مقاصدا‬
‫‪ٙ‬بوم أسرارا ال ٲبكن ٕب ذكرىا كلها كلكِب أذكر منها ما ٲبكن ذكره أك‪٥‬با أف ينوم الذاكر شكر‬
‫هللا تعأب على ما أكفقو من النهوض إٔب ذكره كيسر لو إ‪ٛ‬باـ ما‬

‫التزمو من األذكار البلزمة ستة أايـ فإذا فرغ من الستة يتعوذ ابهلل تعأب من الشيطاف الرجيم ٍب‬
‫يستعْب ابهلل تعأب على الشركع ُب الذكر كُب إ‪ٛ‬بامو على كجو يرتضيو ربو احملسن إليو قائبل‪:‬‬
‫{بسمميحرلا نمحرلا هللا ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب الر‪ٞ‬بن الرحيم ملك يوـ الدين إايؾ نعبد كإايؾ‬
‫نستعْب اىدان الصراط ا‪٤‬بستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غّب ا‪٤‬بغضوب عليهم كال الضالْب}‪،‬‬
‫كاثنيها أف ينوم ابالستغفار ثبلث مرات الطهارة من الذنوب كاالستقامة على التقول كاحملافظة‬
‫على شرط التوبة‪ ،‬كابلصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ثبلث‬
‫مرات العبودية هلل تعأب كالتعظيم لو كالبتغاء مرضاتو‪ ،‬كاثلثها أف يستحضر ُب قلبو كيتلمح بنظره‬
‫إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كىو الشيخ ا‪٢‬بقيقي ألنو ملسو هيلع هللا ىلص ىو الذم سن تلقْب ىذه الكلمة الشريفة كما تقدـ‬
‫ألنو ملسو هيلع هللا ىلص لقنها عليا كىو ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ثبلث مرات ال إلو إال هللا كعلي يسمع ٍب أنو ملسو هيلع هللا ىلص أمر عليا‬
‫رضي هللا تعأب عنو أف يقو‪٥‬با ثبلث مرات كىو ملسو هيلع هللا ىلص يسمع‪ ،‬فإذا علم الذاكر ىذا األصل كاف‬
‫االستغفار ثبلث مرات كالصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫كذلك مذكورين لو ىذا األصل فإذا تذكره صار كأنو ينظر إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فلما حصل لو ىذا‬
‫الشهود كعلم أنو صلى هللا تعأب عليو كسلم ىو الواسطة على ا‪٢‬بقيقة كشكر الواسطة مطلوب‬
‫شرعا علم أف أحدا ال يشكره أبفضل من الصبلة عليو صلى هللا تعأب عليو كسلم تبل اآلية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪510‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الشريفة بقولو‪{ :‬إف هللا كمبلئكتو يصلوف على النيبء اي أيها الذين آمنوا صلوا عليو كسلموا‬
‫تسليما} لتكوف تبلكتو إايىا مذكرة لو بتعظيم هللا تعأب نبيو ملسو هيلع هللا ىلص كأجاب بسرعة‪ :‬صلى هللا عليو‬
‫كعلى آلو كصحبو كسلم تسليما‪ ،‬كرابعها أف‬

‫يقصد بذكر الكلمة الشريفة تنزيو ا‪٢‬بق عن كل ما ال يليق ٔببللو كعلوه كعظمتو ككربايئو ك‪٤‬با‬
‫علم أف ا‪٢‬بادث عاجز عن معرفة القد‪ٙ‬ب فضبل عن أف ينزىو التنزيو الذم يليق بو قاؿ‪ :‬سبحاف‬
‫ربك رب العزة عما يصفوف‪ ،‬ك‪٤‬با كاف علم الذاكر أف توحيد ا‪٢‬بق تعأب كتنزيهو عن ‪ٝ‬بيع‬
‫النقائص ٓب ٰبصل لو إال من تبليغ الرسل ذلك من رهبم عمم السبلـ على ‪ٝ‬بيعهم بعد ‪ٚ‬بصيص‬
‫سيد ا‪٣‬بلق بو عليو كعليهم من هللا تعأب أفضل الصبلة كأًب التسليم بقولو‪ :‬كسبلـ على‬
‫ا‪٤‬برسلْب‪ ،‬كخامسها أف يكوف مقصود الذاكر بذكر الكلمة الشريفة أيضا قطع العبلئق كالعوائق‬
‫الٍب تصده عن اإلقباؿ إٔب مواله كالتدبّب عن كل ما سواه كذلك ‪٤‬بعرفتو أف ما سول ا‪٢‬بق تعأب‬
‫‪٩‬بلوؾ كمقهور ال ٲبلك لنفسو نفعا كال ضرا كال جلبا كال دفعا كأف ا‪٣‬بّب دنيا كبرزخا كأخرل بيد‬
‫ا‪٢‬بق تعأب ككل ما سواه عاجز كمفتقر إليو على ‪ٝ‬بيع األحواؿ ك‪٤‬با علم ىذا اسَباح عما كاف‬
‫ٯبده من االشتغاؿ بسول ربو كرجع إٔب مواله كشكره على ما أكاله من تعليمو فإنو ال يستحق‬
‫أف ٰبب لذاتو سواه كال أف ٰبمد من عداه فضبل عن أف يعتمد عليو أك يعبده بقولو‪ :‬كا‪٢‬بمد هلل‬
‫رب العا‪٤‬بْب ك‪٤‬با ًب الفرح ٗبواله كاستغرؽ ُب حبو كاستؤب عليو‬
‫سلطاف ‪٧‬ببتو كسرت ُب ‪ٝ‬بيع عوا‪٤‬بو ركحا كعقبل كقلبا كقالبا حسا كعنا فكرا كخياال شرع ُب‬
‫ذكره بقولو‪ :‬ال إلو إال هللا كاستمر على الذكر فإذا حصل لو االستغراؽ ُب مشاىدة ا‪٤‬بذكور ترؾ‬
‫النفي كاكتفى ابإلثبات بقولو‪ :‬هللا هللا هللا إٔب آخر اجمللس‪ ،‬كسادسها أف يعلم أف ا‪٤‬بقصود‬
‫األعظم من ىذا الذكر كتكثّبه تعظيم يوـ ا‪١‬بمعة ألف هللا تعأب عظمها كتعظيم ما عظمو هللا‬
‫تعأب كاجب كيشهد ‪٤‬با ذكرانه ما ركاه اإلماـ أ‪ٞ‬بد كأبو داككد كابن ماجو كابن حباف عن أكس‬
‫بن أكس قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من أفضل أايمكم‬

‫ا‪١‬بمعة فيو خلق آدـ كفيو قبض كفيو النفخة كفيو الصعقة فأكثركا علي من الصبلة فيو فإف‬
‫صبلتكم معركضة علي " كما ركاه بن ماجو إبسناد جيد عن أيب الدرداء قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬أكثركا من الصبلة علي يوـ ا‪١‬بمعة فإنو مشهود تشهده ا‪٤‬ببلئكة " كتعظيم األزمنة‬
‫كاألمكنة الٍب عظمها هللا تعأب إ٭با ىو بزايدة العبادة كُب صحيح البخارم عن ابن عباس رضي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪511‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا تعأب عنهما قاؿ‪ :‬كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أجود الناس اب‪٣‬بّب ككاف أجود ما يكوف برمضاف حْب‬
‫يلقاه جربيل ككاف جربيل عليو السبلـ يلقاه كل ليلة‬
‫ُب رمضاف حٌب ينسلخ يعرض عليو النيب ملسو هيلع هللا ىلص القرآف فإذا لقيو جربيل كاف أجود اب‪٣‬بّب من الريح‬
‫ا‪٤‬برسلة قاؿ ابن أيب ‪ٝ‬برة ُب هبجة النفوس‪ :‬كالكبلـ عليو من كجوه منها أف فيو دليبل على‬
‫تعظيم شهر رمضاف يؤخذ ذلك من كثرة نزكؿ جربيل عليو الصبلة كالسبلـ فيو لتدريس القرآف‬
‫إٔب أف قاؿ‪ :‬كفيو دليل علىا أف تعظيم األزمنة الٍب عظمها هللا تعأب كاألمكنة إ٭با ىو بزايدة‬
‫العبادة فيها يؤخذ ذلك من فعل جربيل عليو السبلـ مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص الذم كاف ُب كل ليلة يدارسو‬
‫القرآف كما ذاؾ إال لينبو األمة على‬
‫كيفية التعظيم لو كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص فيمن قامو إٲباان كاحتسااب غفر لو ما تقدـ من ذنبو قاؿ‪ :‬فإف‬
‫سابو أحد أك قاتلو فليقل‪ :‬إ٘ب امرأ صائم أك كما قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص كقاؿ هللا عز كجل ُب حق األشهر‬
‫ا‪٢‬برـ تعظيما ‪٥‬با‪{ :‬منها أربعة حرـ ذلك الدين القيم فبل تظلموا فيهن أنفسكم} كعدـ الظلم‬
‫يتضمن اإلحساف كىو زايدة العبادة كإذا ‪ٙ‬برر ىذا كفهمتو فاعلم أ٭با يذكره ا‪٤‬بنفرد من الكلمة‬
‫الشريفة ُب الورد البلزـ الذم يذكر صباحا كمساء كُب الوظيفة مرة كاحدة ُب كل يوـ من األايـ‬
‫الستة الٍب ىي السبت كاألحد كاإلثنْب‬

‫كالثبلاثء كاألربعاء كا‪٣‬بميس ألف ك‪ٜ‬با٭بائة كىذا العدد بعينو ىو الذم يذكره ا‪٤‬بنفرد منن الكلمة‬
‫الشريفة تذكر ثبل‪ٜ‬بائة مرة ُب كل يوـ مائة ُب كرد الصباح كمائة ُب كرد ا‪٤‬بساء كمائة ُب الوظيفة‬
‫كإذا ضربت ثبل‪ٜ‬بائة ُب ستة ٰبصل لك ‪ٜ‬بانية عشر مائة كىي ألف ك‪ٜ‬با٭بائة مرة كا‪٤‬بنفرد يذكر‬
‫الكلمة الشريفة ثبل‪ٜ‬بائة مرة يوـ ا‪١‬بمعة من غّب ما يذكر منها بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة مائة ُب كرد‬
‫الصباح كمائة ُب كرد ا‪٤‬بساء كمائة ُب الوظيفة كيذكر منها بعد عصر يوـ ا‪١‬بمعة ألفا ك‪ٟ‬بسمائة‬
‫فإذا ‪ٝ‬بعت ما ذكران ٰبصل لك ألف ك‪ٜ‬با٭بائة مرة كهبذا‬
‫البياف تعلم أف ا‪٤‬بنفرد يذكر من الكلمة الشريفة ُب اليوـ الشريف الذم ىو يوـ ا‪١‬بمعة قدر ما‬
‫ذكره منها ُب األايـ الستة كلها كإذا فهمت ىذا علمت أف الشيوخ من أعظم نعم هللا الٍب أنعم‬
‫هللا تعأب هبا على التبلميذ كأهنم من أعظم جنود هللا تعأب يسوؽ هبم ا‪٤‬بريدين كالطلبة إٔب حضرتو‬
‫تعأب إذ لوال الشيخ ما قدر أحد أف يلتزـ بنفسو على نفسو فعل ىذا ا‪٣‬بّب كالدكاـ عليو على‬
‫ىذه الكيفية العجيبة كتعلم أيضا أف ىذه الزايدة إ٭با ىي تعظيم ‪٥‬بذا اليوـ فإذا كاف ىذا ا‪٤‬بنفرد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪512‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىكذا فما ترل اجملتمعن لذكرىا ككانوا ‪ٝ‬باعة كثّبة ٰبصل‬
‫لكل كاحد منهم ثواب ذكر رفيقو كأسراره كأنواره كإذا كاف ىذا ُب األذكار البلزمة كُب الورد‬
‫البلزـ كُب الوظيفة البلزمة فماذا ترل ُب تلك األذكار الٍب تذكر ابإلذف الصحيح كٓب تكن الزمة‬
‫كإذا كاف ىذا ُب هنارىا فماذا ترل فيمن ٰبيي ليلها بصبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق ابإلذف الصحيح كٓب‬
‫تكن الزمة مع ما اشتملت عليو الصبلة من الفضائل الٍب تقدـ ذكرىا ُب فصل فضائل األذكار‬
‫البلزمة‪ ،‬كسابعها أف يعلم أنو ينبغي للذاكر أف يقصد هبذا الذكر الواقع بعد عصر ىذا اليوـ‬
‫الشريف شكر مواله الذم امًب عليو إبٯباده ُب آخر ىذا اليوـ الشريف‬

‫حْب أكجد أاب البشر آدـ عليو السبلـ فيو كٓب يزؿ مواله الكر‪ٙ‬ب ٰبفظو ٕبفظ أصولو كينقلو من‬
‫أصل إٔب أصل حٌب أخرجو من اصلو القريب سا‪٤‬با كحفظو حٌب امًب عليو ٗبحض فضلو ابإلٲباف‬
‫بو كبرسلو كبكل ما بلغوا عنو تعأب‪ .‬قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬قاؿ أصحاب األخبار‬
‫كالسّبكالتواريخ‪ :‬إف هللا عز كجل خلق الَببة الٍب ىي األرض ببل دحو كال بسط ُب يوـ األحد‬
‫كاإلثنْب ٍب استول إٔب السماء فسواىن سبع ‪٠‬باكات ُب يومْب ٮبا الثبلاثء كاألربعاء ٍب دحا‬
‫األرض كبسطها كطحاىا كأخرج منها ماءىا كمرعاىا كخلق دكاهبا كحشيشها ك‪ٝ‬بيع ما فيها ُب‬
‫يومْب كٮبا ا‪٣‬بميس كا‪١‬بمعة كخلق آدـ ُب يوـ ا‪١‬بمعة آخر ساعة من ساعات ا‪١‬بمعة كقاؿ بعد‬
‫كبلـ‪ :‬كقيل إف أكؿ ما خلق هللا تعأب القلم ٍب اللوح فكتب فيو ما كاف كما سيكوف كما خلق‬
‫كما ىو خالق إٔب يوـ القيامة ٍب خلق الظلمة كالنور ٍب خلق العرش ٍب خلق السماء من درة‬
‫بيضاء ٍب خلق الَببة ٍب خلق السماكات كما فيهن من ‪٪‬بوـ كمشس كقمر ٍب مد األرض كبسطها‬
‫من الَببة الٍب خلقها ٍب خلق ‪ٝ‬بيع ما فيها من جباؿ كشجر كدكاب كغّب ذلك ٍب خلق آدـ‬
‫آخر ا‪٣‬بلق ُب ساعة من ساعات يوـ ا‪١‬بمعة أىػ‪.‬‬
‫كاثمنها أف يعلم الذاكر أف هللا تعأب اتب على أبيو آدـ ُب ىذا اليوـ كُب ىذه الساعة من‬
‫ساعاتو لرجوعو إٔب ربو ابإلقرار ابلربوبية كتذهلل بْب يديو بقولو‪{ :‬ربنا ظلمنا أنفسنا كإف ٓب تغفر‬
‫فبْب تعأب أنو اتب عليو بقولو تعأب‪{ :‬فتلقى آدـ من ربو‬
‫لنا كتر‪ٞ‬بنا لنكونن من ا‪٣‬باسرين} ٌ‬
‫كلمات فتاب عليو إنو ىو التواب الرحيم} كىذا السر العظيم من األسرار الٍب جعل ىذا الذكر‬
‫من أجلها ُب ىذه الساعة كُب ىذا اليوـ كال أحد يرجع ‪٤‬بواله أبفضل من ىذه الكلمة الشريفة‬
‫فمن رجع إليو هبا ُب ىذا اليوـ كُب ىذه الساعة من أكالده اتب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪513‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليو مواله كإذا فهمت ىذا فبل غرك أف ٰبذك الفٌب حذك كالده‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو‬
‫تعأب‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا إذا نودم للصبلة من يوـ ا‪١‬بمعة} ركل مالك عن أيب ىريرة أف‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬خّب يوـ طلعت فيو الشمس يوـ ا‪١‬بمعة فيو خلق آدـ عليو السبلـ كفيو‬
‫أىبط كفيو مات كفيو تيب عليو كفيو تقوـ الساعة كىو عند هللا تعأب يوـ ا‪٤‬بزيد"‪ ،‬كاتسعها أف‬
‫ىذا اليوـ عيد عظيم ‪٥‬بذه األمة الشريفة كيوـ العيد يكرـ فيو الناس أبلواف األطعمة كاألشربة‬
‫كىذا العيد يكرـ فيو ا‪٤‬بؤمنوف بزايدة األنوار كاألسرار‬
‫كا‪٤‬بعارؼ كاألحواؿ السنية كاألخبلؽ الزكية كىذه الساعة الشريفة الٍب يذكر فيها أىل ىذه‬
‫الطريقة الشريفة ىذه ساعة من ساعاتو كال شك أف هللا تعأب يزيد أىل ىذه الطريقة ُب الساعة‬
‫عند ذكر ىذه الكلمة من ا‪٣‬بّبات زايدة ال يعلم قدرىا إال هللا تعأب ألف ىذا اليوـ الشريف‬
‫يسمى يوـ ا‪٤‬بزيد‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب أيضا عند قولو تعأب‪{ :‬إذا نودم للصبلة من يوـ ا‪١‬بمعة}‬
‫كركم أنو ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬أتى جربيل كُب كفو مرآة بيضاء قاؿ‪ :‬ىذه يوـ ا‪١‬بمعة يعرضها عليك ربك‬
‫لتكوف لك عيدا كألمتك من بعدؾ كىو سيد األايـ عندان ك‪٫‬بن‬
‫ندعوه يوـ القيامة كيوـ ا‪٤‬بزيد" كُب آخر حديث مالك ا‪٤‬بتقدـ أخرجو عن أيب ىريرة رضي هللا‬
‫تعأب عنو قريبا‪" :‬كىو عند هللا تعأب يوـ ا‪٤‬بزيد" كعامره أف يعلم أف من ‪ٝ‬بلة األسرار الٍب جعل‬
‫ألجلها ذكر ىذه الكلمة الشريفة ألىل ىذه الطريقة ُب ىذه الساعة العظيمة أف القيامة تقوـ‬
‫يوـ ا‪١‬بمعة ُب ىذه الساعة ليعمر أىل ىذه الطريقة ىذه الساعة الٍب تقوـ فيها القيامة بذكر‬
‫ىذه الكلمة الشريفة الٍب ىي كلمة الشهادة فتشهد ‪٥‬بم الساعة كالكلمة كا‪٢‬بفظة كالطلبة‬
‫كالبقعة غدا عند رهبم أهنم من أىل التوحيد كاإلٲباف برهبم كبلقائو‬

‫ا‪٤‬بعتنْب أبمره كتلك الساعة تنجيهم إف شاء موالىم الكر‪ٙ‬ب من أىواؿ ذلك اليوـ كشدائده‬
‫كغضبو كعقابو كتوجب ‪٥‬بم الرضواف األكرب من موالىم ُب دار رضوانو مع الذين أنعم هللا عليهم‬
‫من النبيْب كالصديقْب كالشهداء كالصا‪٢‬بْب مع فائدة أخرل ‪ٙ‬بصل ‪٥‬بم ُب ىذه الدنيا كىي أف‬
‫ا‪٤‬بعرفة أبهنا ىي الساعة الٍب تقوـ فيها القيامة تعينهم على ا‪٢‬بضور عند ذكر الكلمة الشريفة‬
‫كاالعتناء بتدبّب معانيها كفهم أسرارىا كحقائقها كالعمل ٗبقتضاىا ‪ٚ‬بليا ك‪ٙ‬بليا ك‪ٚ‬بلقا ك‪ٙ‬بققا‬
‫كتعلقا‪.‬‬
‫قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا إذا نودم للصبلة من يوـ ا‪١‬بمعة}‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪514‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فيو خلق آدـ عليو السبلـ كفيو أىبط كفيو مات كفيو تيب عليو كفيو تقوـ الساعة كىو عند هللا‬
‫تعأب يوـ ا‪٤‬بزيد‪ .‬كُب السراج ا‪٤‬بنّب أيضا عند قولو تعأب‪{ :‬فقضاىن سبع ‪٠‬باكات ُب يومْب}‪:‬‬
‫قاؿ أىل األثر‪ :‬إف هللا تعأب خلق األرض يوـ األحد كاإلثنْب كخلق سائر ما ُب األرض يوـ‬
‫الثبلاثء كاألربعاء كخلق السماكات كما فيها يوـ ا‪٣‬بميس كا‪١‬بمعة كفرغ ُب آخر ساعة يوـ‬
‫ا‪١‬بمعة كخلق فيها آدـ كىي الساعة الٍب تقوـ القيامة فيها‪ ،‬ك‪٩‬با يؤيد ما‬
‫ذكران أف السيوطي قاؿ ُب حاشيتو على صحيح مسلم‪ :‬قاؿ القاضي الظاىر أف ىذه القضااي‬
‫ا‪٤‬بعدكدة ليست بذكر فضيلة ألف إخراج آدـ من ا‪١‬بنة كقياـ الساعة ال يعد فضيلة كإ٭با ىو بياف‬
‫‪٤‬با كقع فيو من األمور العظاـ كما سيقع بتأىب العبد ابألعماؿ الصا‪٢‬بة لنيل ر‪ٞ‬بة هللا تعأب‬
‫كدفع نقمتو‪ .‬كقاؿ ابن العريب ُب األحوذم‪ :‬ا‪١‬بميع من الفضائل كخركج آدـ من ا‪١‬بنة ىو سبب‬
‫كجود ىذه الذرية كىذا النسل العظيم ككجود الرسل كاألنبياء كالصا‪٢‬بْب كاألكلياء كٓب ٱبرج منها‬
‫طردا بل لقضاء أكطار ٍب يعود إليها‪ ،‬كأما قياـ الساعة فسبب لتعجيل ثواب‬

‫النبيْب كالصديقْب كاألكلياء كغّبىم كإظهار كراماهتم كشرفهم انتهى‪ .‬كهبذا تعلم أف كقوع ىذا‬
‫الذكر ُب ىذه الساعة كاقع موقعو ألف من كفقو هللا تعأب لتعمّب ىذه الساعة هبذه الطاعة كاف‬
‫من الفائزين السابقْب يوـ القيامة‪ .‬قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬اتفق البخارم كمسلم ُب التخريج عن‬
‫أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪٫" :‬بن اآلخركف السابقوف يوـ القيامة بيد‬
‫أهنم أكتوا الكتاب من قبلنا كأكتيناه من بعدىم فهذا اليوـ الذم اختلفوا فيو فهداان هللا تعأب لو‬
‫فالناس لنا فيو تبع اليهود غدا كبعد‬
‫غد للنصارل" كُب ركاية‪ :‬قد ‪٠‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪٫" :‬بن اآلخركف السابقوف بيد أهنم أكتوا‬
‫الكتاب من قبلنا ٍب ىذا يومهم الذم فرض هللا تعأب عليهم فاختلفوا فهداان هللا تعأب" زاد‬
‫مسلم‪" :‬لو يعِب يوـ ا‪١‬بمعة ٍب اتفقا فالناس لنا تبع اليهود غدا كالنصارل بعد غد"‪ .‬كأخرج‬
‫مسلم عن حذيفة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أضل هللا تعأب عن ا‪١‬بمعة من‬
‫كاف قبلنا فكاف لليهود يوـ السبت كللنصارل يوـ األحد فجاء هللا تعأب بنا فهداان ليوـ ا‪١‬بمعة‬
‫فجعل ا‪١‬بمعة كالسبت كاألحد كذلك ىم‬
‫تبع لنا يوـ القيامة ‪٫‬بن اآلخركف من أىل الدنيا األكلوف يوـ القيامة ا‪٤‬بقضى ‪٥‬بم يوـ القيامة قبل‬
‫ا‪٣‬ببلئق"‪ .‬كأخرج مسلم عن أيب ىريرة قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪٫" :‬بن اآلخركف األكلوف يوـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪515‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫القيامة ك‪٫‬بن أكؿ من يدخل ا‪١‬بنة بيد أهنم أكتوا الكتاب من قبلنا كأكتيناه من بعدىم فهداان هللا‬
‫تعأب ‪٤‬با اختلفوا فيو من ا‪٢‬بق إبذنو ىذا يومهم الذم اختلفوا فيو ىداان هللا تعأب يوـ ا‪١‬بمعة‬
‫فاليوـ لنا كغدا لليهود كبعد غد للنصارل" اىػ‪.‬‬

‫قاؿ السيوطي ُب الديباج ُب حاشيتو على صحيح مسلم‪٫ :‬بن اآلخركف ُب الزماف أم ُب الوجود‬
‫ك‪٫‬بن السابقوف أم ُب الفضل كدخوؿ ا‪١‬بنة فتدخل ىذه األمة ا‪١‬بنة قبل سائر األمم اىػ‪ .‬فقد‬
‫اتضح لك ‪٩‬با تقرر أف إيقاع ىذا الذكر ُب ىذا اليوـ ا‪٤‬ببارؾ كُب ىذه الساعة ا‪٤‬بباركة كاقع موقعو‬
‫فجزل هللا تعأب عنا سيدان دمحما صلى هللا تعأب عليو كسلم الذم رتب ىذه األذكار لسيدان أ‪ٞ‬بد‬
‫رضي هللا تعأب عنو كلقنو إايىا كجعلها لو صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب الساعات الشريفة الٍب‬
‫منها ىذه ما ىو أىلو‪ ،‬كحادم عشرهتا أف يعلم أف نيل ‪ٝ‬بيع‬
‫أسرارىا ىذا الذكر ك‪ٜ‬براتو منوط ابتصالو للغركب ككيف ال كقد كرد ُب بعض األحاديث‪:‬‬
‫الساعة الٍب يستجاب فيها الدعاء ىي آخر ساعة بعد العصر‪ .‬كُب اإلبريز‪ :‬قاؿ أبو داككد عن‬
‫جابر بن عبد هللا عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬يوـ ا‪١‬بمعة ثنتا عشرة يعِب ساعة ال يوجد عبد مسلم‬
‫يسأؿ هللا تعأب شيئا إال آاته فلتمسوا آخر ساعة بعد العصر قاؿ عبد ا‪٢‬بق ُب إسناده‪ :‬ا‪٢‬ببلج‬
‫مؤب عبد العزيز بن مركاف كقد ذكره أبو عمر بن عبد الرب بن عبد السبلـ بن حفص كيقاؿ لو‬
‫ابن مصعب عن العبلء بن عبد الر‪ٞ‬بن عن أبيو عن أيب رضي هللا تعأب‬
‫عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬أف الساعة الٍب ٰبرل فيها الدعاء يوـ ا‪١‬بمعة ىي آخر ساعة من‬
‫ا‪١‬بمعة أىػ كحينئذ فبل بد أف يقصد تعمّب ىذه الساعة بذكره ىذه الكلمة الطيبة إٔب غركب‬
‫الشمس كأف يقصد بذلك كجو هللا تعأب قصدا ‪٦‬بردا من ‪ٝ‬بيع الشوائب كأألغراض كالعوارض‬
‫كأتىب ٮبتو أف تلتفت إٔب شيء دكف مواله كيشّب إٔب ما ذكرانه كونو استفتح ‪٦‬بلس الذكر بقولو‪:‬‬
‫أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ كأكؿ ذنب يستغفر العبد لو الشرؾ كالكفر‬
‫كآخره أف ٱبطر ُب قلبو ما سول مواله فضبل عن أف يلتفت إليو‬

‫كالذم ٰبملو على االستغفار إذا التفت إٔب غّب مواله علمو أف ا‪٣‬بلق ‪٨‬بلوؽ مقهور مغلوب‬
‫عاجز مفتقر ال ٲبلك لنفسو ضرا كال نفعا كال جلبا كال دفعا ُب عاجلو كالتفاتو إٔب من شأنو‬
‫ىكذا عبث كسفو كىوس كجنوف كرفع ٮبتو عمن ىذه صفتو إال مواله كخالقو القهار القادر‬
‫الغِب الذم خضع لو كل شيء ىو البلئق كعلمو أيضا أف ‪ٝ‬بيع ما ُب األرض ‪٨‬بلوؽ لو فعبل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪516‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يشتغل بو عن مواله كعلمو أيضا أف أابه آدـ عليو السبلـ اصطفاه ىذا ا‪٣‬بالق كفضلو على‬
‫‪ٝ‬بيع ‪٨‬بلوقاتو الٍب ليست من جنس ىذه النشأة اآلدمية كأسجد لو مبلئكة قدسو كتفضل أبيو‬
‫إ٭با ىو‬
‫ابإلشتغاؿ أبمر خالقو فيو فبو استحق ا‪٣‬ببلفة فعبلـ ٱبالف أابه ُب االشتغاؿ أبمر ا‪٣‬بالق كيشتغل‬
‫أبمر ا‪٤‬بخلوؽ كٰبط بذلك عن مّباثو الذم كاف يناؿ من أبيو لو اتبع سبيلو كإذا كاف ىذا منظره‬
‫فبل غرك أف ٰبذك الفٌب حذك كالده ك‪٤‬با علم ىذا كلو كعلم أف ا‪١‬بمعة سيد األايـ لتعظيم هللا‬
‫تعأب إايه كترغيبو ُب تكثّب الذكر ُب الساعات الٍب بعد صبلة ا‪١‬بمعة كىذه الساعة منها كتعليقو‬
‫الفبلح بفعلو لقولو تعأب‪{ :‬فإذا قضيت الصبلة فانتشركا ُب االرض كابتغوا من فضل هللا‬
‫كاذكركا هللا كثّبا لعلكم تفلحوف} علم ابلضركرة أف االلتفات‬
‫إٔب غّب ىذا الرب الكر‪ٙ‬ب كا‪٤‬بؤب العظيم ‪٧‬بض سفو كجنوف فلذلك شرع ُب االستغفار من كل ما‬
‫يوجب االشتغاؿ عنو بسواه كقاؿ‪ :‬أستغفر هللا العظيم الذم ال إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ ثبلث‬
‫مرات ٍب أتى ابلصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص ليكوف دليبل لو إٔب مواله الكر‪ٙ‬ب كقاؿ‪ :‬اللهم صل على سيدان‬
‫دمحم الفاح ‪٤‬با أغلق كا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق إٔب آخر ثبلث مرات ٍب نبو نفسو على تعظيم هللا تعأب نبيو‬
‫دمحما ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬إف هللا كمبلئكتو يصلوف على النيب اي أيها الذين آمنوا صلوا عليو كسلموا‬
‫تسليما ٍب امتثل أمر مواله إايه‬

‫بتعظيم ىذا النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم الوارد ُب ىذه اآلية الشريفة قاؿ‪ :‬صلى هللا تعأب‬
‫عليو كعلى آلو كصحبو كسلم تسليما ٍب نزه مواله عما ال يليق بتعظيمو كجبللو ككربايئو كعلوه‬
‫كقاؿ‪ :‬سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف ٍب رجع إٔب التوسل برسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كٔبميع رسل هللا‬
‫عليهم الصبلة كالسبلـ ابلسبلـ عليهم أف يشفعوا لو عند رهبم أف يطهره من كل عيب كشْب‬
‫يوجب لو االلتفات إٔب غّبه كقاؿ‪ :‬كسبلـ على ا‪٤‬برسلْب ٍب ‪ٞ‬بد هللا تعأب على ما أ‪٥‬بمو ككفقو‬
‫لفعل ما تقدـ كقاؿ‪ :‬كا‪٢‬بمد هلل لرب العا‪٤‬بْب ٍب ترقى إٔب‬
‫اإلقرار ابلوحدانية لو تعأب ُب أفعالو كأ‪٠‬بائو كصفاتو كذاتو كنفى الشركة كالتشريك لو ُب أم‬
‫شيء ما كقاؿ‪ :‬ال إلو إال هللا على قدر ما قدر هللا تعأب لو ٍب أنو ‪٤‬با غاب عن كجوده ككجود‬
‫غّبه الستغراقو ُب مشاىدة من كوره الذم ىو مواله من هللا تعأب برده إٔب التوسل بسيد أىل‬
‫ا‪٢‬بضرة لتكوف كاسطتو صلى هللا تعأب عليو كسلم بينو كبْب ا‪٢‬بق مقوية على الثبوت ‪٥‬بذا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪517‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الشهود بقولو‪ :‬دمحم رسوؿ هللا عليو سبلـ هللا ك‪٤‬با حصل لو بواسطتو ملسو هيلع هللا ىلص قوة زائدة على ما‬
‫حصل لو قبلها انتقل من مقاـ النفي إٔب مقاـ اإلثبات لفاء‬
‫كل ما سول هللا تعأب عن نظره شهودا كاعتذارا فقاؿ‪ :‬هللا هللا هللا إٔب منتهى ما قسم لو ُب ذلك‬
‫اجمللس كهبذا تعلم أف ا‪٤‬بقصود األعظم من ىذا الذكر انتقاؿ الذكر من رؤية األكواف إٔب‬
‫االستغراؽ برؤية ا‪٤‬بكوف ألنو زبدة ‪ٝ‬بيع األذكار ا‪٤‬بتقدمة ُب األايـ الستة ‪٤‬با تقدـ من أف ‪ٜ‬برات‬
‫الذكر ٔبميع األ‪٠‬باء كالصفات ‪٦‬بموعة ُب الذكر الفرد كىو قولنا‪ :‬هللا هللا هللا ىو الغاية كإليو‬
‫ا‪٤‬بنتهى ألف الذم يكرر كيقوؿ‪ :‬هللا هللا هللا ٰبث نفسو كسامعو علة مبلزمة ذكره كا‪١‬بمع على‬
‫مسماه سبحانو كتعأب ابلرجوع إليو تعويبل كاستنادا‬

‫كاعتمادا كتوكبل كالتجاء ك‪٧‬ببة كتعظيما كاعتبارا ُب ‪ٝ‬بيع األمور ٕبيث ال يستند إٔب أمر من‬
‫األمور إال كاف ا‪٤‬بطلوب من العبد الرجوع إٔب هللا تعأب فيو كاف الذم يذكر ىذا االسم يقوؿ‪:‬‬
‫عليك ابهلل كإف شئت قلت‪ :‬إف ذاكر ىذه الكلمة كوف اىتمامو ُب ابتداء أمره تطهّب قلبو من‬
‫الشرؾ بنفي الشريك ‪٤‬بواله كأنو يقوؿ ال معبود ٕبق سواه ٍب انتقل إٔب نفي التوٮبات الٍب تعرض‬
‫لو من خوؼ ‪٨‬بلوؽ أك طمع فيو ألنو ال ‪٧‬بيي كال ‪٩‬بيت كال انفع كال ضار إال هللا ال معطي كال‬
‫مانع إال هللا ال معز كال مذؿ إال هللا كال قابض كال ابسط إال هللا‬
‫تعأب إٔب غّب ذلك ‪٩‬با يطوؿ ٍب انتقل إٔب نفي تعلقو ٗبحبوب لو مع هللا تعأب ك‪٫‬بو ذلك كأنو‬
‫يقوؿ‪ :‬ال ‪٧‬ببوب إال هللا تعأب ال مطلوب إال هللا تعأب ال مراد إال هللا تعأب ال ‪٨‬بتار إال هللا تعأب‬
‫أم ال أحد يستحق أف ٰبب أك يطلب أك يراد أك ٱبتار لذاتو من ذاتو ألف ٰبب كٰبمد كيشكر‬
‫كيعبد كيتذلل كٱبضع لو كٱباؼ كيرجى كيعظم كيطاع كٰبذر من ‪٨‬بالفتو كال يلتفت إٔب غّبه ك‪٤‬با‬
‫انتقل إٔب ىذه ا‪٢‬بالة صار كأنو يسمع ىاتفا من ا‪٥‬بواتف ا‪٢‬بقية يقوؿ لو‪ :‬ما مطلوبك؟ فأجاب‬
‫بقولو‪ :‬هللا هللا هللا ٍب إف هللا تعأب ‪٤‬با ‪ٛ‬بم لو ما قدر‬
‫أف ٯبرم على لسانو من ىذا الذكر أ‪٥‬بمو التعوذ من الشيطاف الرجيم لّبده عن رؤية حولو كقوتو‬
‫فقاؿ‪ :‬أعوذ ابهلل من الشيطاف الرجيم ك‪٤‬با رجع إٔب مواله كاعَبؼ بعجزه أ‪٥‬بمو تعأب ‪ٞ‬بده‬
‫من بو كأسبغ عليو من النعم الظاىرة كالباطنة الٍب من ‪ٝ‬بلتها ىذا الذكر‬
‫كشكره على ما ٌ‬
‫الشريف كقاؿ فرحا كسركرا هبذا ا‪٤‬بؤب الرحيم ا‪٤‬بنعم الكر‪ٙ‬ب‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ا‪٢‬بمد هلل رب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪518‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العا‪٤‬بْب الر‪ٞ‬بن الرحيم ملك يوـ الدين إٔب آخره ك‪٤‬با شكر ا‪٤‬بنعم على ا‪٢‬بقيقة رجع إٔب شكر‬
‫الواسطة ليجمع بْب الشريعة كا‪٢‬بقيقة كقاؿ امتثاال ألمر مواله‪ :‬اللهم‬

‫صل على سيدان دمحم الفاتح ‪٤‬با أغلق إٔب آخره كقرأ ىذه الصبلة ثبلث مرات للسر الذم سبق‬
‫ذكره ٍب قرأ ما يشّب إليو إٔب أنو إ٭با صلى على ىذا النيب لتعظيمو كحبو كامتثاؿ أمر مواله حيث‬
‫أمره بذلك كقاؿ‪ :‬إف هللا كمبلئكتو يصلوف على النيب اي أيها الذين آمنوا صلوا عليو كسلموا‬
‫تسليما ٍب ‪٤‬با علم أنو ال يكوف مقبوال عند ىذا ا‪٤‬بلك العظيم كلو بلغ ُب االجتهاد ُب عبادتو‬
‫تعأب ما بلغ إال بتعظيم ىذا النيب الكر‪ٙ‬ب كاالجتهاد ُب تبجيل جنابو ا‪١‬بسيم كجاىو العظيم‬
‫كإكثار التوسل بو إٔب ربو الرحيم رجع إٔب الصبلة عليو صلى هللا عليو‬
‫كسلم إعبلما أبنو امتثل أمر مواله الوارد ُب ىذه اآلية الشريفة حيث عمل ٗبقتضاىا قبل تبلكهتا‬
‫كبعدىا فقاؿ‪ :‬صلى هللا تعأب عليو كعلى آلو كصحبو كسلم تسليما ك‪٤‬با علم أف تنزيو ا‪٢‬بق تعأب‬
‫كما ينبغي ‪١‬ببللو ككربايئو كعلوه كعظمتو غّب مقدكر لو إ٭با ينزه ا‪٢‬بق تعأب على قدر معرفتو بو‬
‫كمعرفة ذات ا‪٢‬بق تعأب كصفاتو كأ‪٠‬بائو على ما ىي عليو غّب مقدكر لو كما قاؿ تعأب‪{ :‬كما‬
‫قدركا هللا حق قدره} كمن راـ أف يقف على حقيقة ذلك خسر دنيا كبرزخا كأخرل لذا توعد‬
‫تعأب بقولو‪{ :‬كٰبذركم هللا نفسو} رجع إٔب أعلى ا‪٤‬بقامات كىو‬
‫االعَباؼ ابلعجز عن إدراؾ كنو ذاتو كقاؿ‪ :‬سبحاف ربك رب العزة عما يصفوف‪ ،‬ك‪٤‬با علم أف‬
‫ىذا العلم النافع إ٭با انلو بواسطة رسل هللا تعأب رجع إٔب السبلـ على ‪ٝ‬بيعهم لعلمو أبف علم‬
‫شكر الواسطة كاجب شرعا قاؿ‪ :‬كسبلـ على ا‪٤‬برسلْب‪ٍ ،‬ب إنو ‪٤‬با علم أف اإلنعاـ عليو بتوفيقو‬
‫لفعل ما ينفع كصرفو عن فعل ما يضر هللا تعأب كحده ترقى عن شكر الواسطة إٔب شكر ا‪٤‬بنعم‬
‫ا‪٢‬بقيقي كقاؿ‪ :‬ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب‪.‬‬

‫فإف قلت‪ :‬فلم ال يكتفي اإلنساف بعلم الباطن ا‪٤‬بسمى علم ا‪٢‬بقيقة فيعمل هبا حيث كانت ىي‬
‫ا‪٤‬بقصودة ابلذات فلم يقدـ على الظاىر ا‪٤‬بسمى ابلشريعة الٍب ىي الوسيلة فأم فائدة ُب إحراـ‬
‫الوسيلة كاالستعماؿ هبا كالتوسل هبا بعد حصوؿ ا‪٤‬بقصود ابلذات؟ قلت‪ :‬اعلم كفقِب هللا تعأب‬
‫كإايؾ ‪٤‬با ٰببو كيرضاه أف علم الشريعة الذم ىو علم الظاىر كسيلة إٔب ا‪٤‬بقصود ابلذات الذم‬
‫ىو علم ا‪٢‬بقيقة كما ذكرت كعلم ا‪٢‬بقيقة أفضل كأشرؼ منو إال االنتفاع بعلم ا‪٢‬بقيقة منوط‬
‫ابستصحاب علم الشريعة‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪519‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬ببارؾ ُب اإلبريز أف شيخو عبد العزيز بن مسعود القطب رضي هللا تعأب‬
‫عنهما قاؿ‪ :‬إف علم الباطن إذا ٓب يكن معو علم الظاىر قل أف يفلح صاحبو‪ ،‬كقاؿ أيضا أنو‬
‫قاؿ‪ :‬إف علم الباطن ٗبثابة من كتب تسعا كتسعْب سطرا ابلذىب كعلم الظاىر ٗبثابة من كتب‬
‫السطر ا‪٤‬بكمل مائة اب‪٤‬بداد كمع ذلك فإف ٓب يكن السطر األسود مع سطور الذىب ا‪٤‬بذكورة ٓب‬
‫تفد شيئا كقل أف يسلم صاحبها ٍب قاؿ ٕب مرة أخرل‪ :‬إف علم الظاىر ٗبثابة الفنار الذم يضيء‬
‫ليبل فإنو يفيد ُب ظلمة الليل فائدة جليلة كعلم الباطن ٗبثابة طلوع الشمس كطلوع‬
‫أنوارىا كقت الظهّبة فرٗبا يقوؿ صاحبو‪ :‬ال فائدة ُب ىذا الفنار الذم ُب يدم قد أغنا٘ب هللا‬
‫تعأب بضوء النهار كعند ذلك يذىب عنو ضوء النهار كيعود إٔب ظبلـ الليل فبقاء ضوء هناره‬
‫مشركط بعدـ إطفاء الفنار الذم بيده ككم كاحد زؿ ُب ىذا الباب كال يرجع لو ضوء هناره إال‬
‫إذا أخذ الفنار كأشعلو مرة اثنية كقد يوفقو هللا تعأب كقد ال يوفقو نسأؿ هللا السبلمة كالعافية‬
‫ٗبنو ككرمو اىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ككم من متوسل بو إٔب مقصود فيحصل ذلك ا‪٤‬بقصود لطالبو ٍب تكوف طاعة الوسيلة‬
‫كالتزاـ كاحَبامو كدكاـ التوسل بو شرطا ُب دكاـ ذلك ا‪٤‬بقصود ا‪٢‬باصل لطالبو كذلك كالرسل‬
‫مع أ‪٩‬بهم فبل شك أف ا‪٤‬بقصود األعظم من بعث الرسل إٔب ا‪٣‬بلق تبليغ أكامر هللا تعأب كنواىيو‬
‫إٔب من أرسلوا إليهم كأف ا‪٤‬بقصود األعظم للذين صدقوا الرسل كآمنوا ابهلل تعأب كبكل ما جاءكا‬
‫بو عن هللا تعأب أف تد‪٥‬بم الرسل على هللا تعأب ك٘بمعهم عليو حٌب ٰبصل ‪٥‬بم العلم بو تعأب‬
‫كمعرفتو كمعرفة رسلو كمبلئكتو ككتبو كاليوـ اآلخر ك‪ٝ‬بيع ما اشتمل عليو‬
‫كاإلٲباف ٔبميع ما ٯبب اإلٲباف بو كمعرفة أحكامو التكليفية ككيفية التعبد هبا كمعرفة ما يقرب‬
‫إليو كما يبعد كالعمل ٗبقتضاه كإذا حصل ما ذكر فقد حصل ‪٥‬بم ا‪٤‬بقصود بواسطة الرسل بينهم‬
‫كبْب رهبم إال أف االنتفاع ٗبا حصلوا مشركط منوط ببقاء توسلهم ابلرسل إٔب ا‪٤‬بمات كمٌب‬
‫انقطعت الواسطة بْب أحد كبْب الرسل يكفر ُب تلك الساعة كالعياذ ابهلل تعأب‪.‬‬
‫ككذلك ا‪٤‬بريد من شيخو فإف ا‪٤‬بريد إذا انتهى سّبه ككصل إٔب ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية ينفصم عنو شيخو‬
‫مع أف فبلح ا‪٤‬بريد كانتفاعو ٗبا حصل منوط ببقاء احَبامو لشيخو كعدـ مقاطعتو كاستهانتو مع‬
‫أنو قد زاؿ تقيده ابلشيخ كصار مستقبل بنفسو كىو مع ما يلقي هللا تعأب إليو إذا أتىل لذلك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪520‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أتىبل اتما كامبل لكن مٌب زالت حرمة الشيخ من قلبو كتعظيمو خسر ُب ا‪٢‬باؿ نسأؿ هللا‬
‫السبلمة كالعافية ٗبنو ككرمو‪.‬‬

‫كسئل سيدان سيدم أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬ىل‬
‫غاية توٕب الشيخ للمريد كصولو للحضرة اإل‪٥‬بية ٍب ينفصم عنو؟ أك ال ينفصم عنو أبدا؟ فأجاب‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬اعلم أنو ينفصم عنو عند كصولو إٔب مطالعة ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية‬
‫كال يبقى عليو من مبلحظة الشيخ إال تعظيمو كاحَبامو كإجبللو كمعرفة شفوؼ رتبتو عليو فإنو‬
‫إف قطع التلميذ نظره عن ىذا ُب حق شيخو سلب كطرد اىػ كإذا فهمت ما قدمنا ك‪ٙ‬بقق فهمو‬
‫لديك علمت حكمة قراءة ىذه األكراد على ىذا الَبتيب العجيب ككيف ال كنور‬
‫األنوار كسر األسرار سيد الوجود كعلم الشهود سيدان دمحم صلى هللا تعأب عليو كسلم كىو‬
‫الذم رتبها على ىذه الكيفية العجيبة كهللا تعأب يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم كالسبلـ‪.‬‬
‫كأما ا‪٤‬بقصد الذم ‪ٚ‬بتص بو صبلة الفاتح ‪٤‬با أغلق فبل ٲبكن لنا كتبو بل نكتفي اب‪٤‬بقصد ا‪٤‬بتقدـ‬
‫الذم يعمها كغّبىا كلكنا نتكلم بشركطها الٍب منها معرفة ا‪٤‬بقصد فنقوؿ‪ :‬شركطها عشرة أك‪٥‬با‬
‫اإلذف من القدكة أك ‪٤‬بن أذف لو كاثنيها أف يعتقد أهنا من كبلـ هللا تعأب كاثلثها استحضار‬
‫الصورة الكرٲبة بْب يديو كرابعها أف يتلمح معُب الصبلة بقلبو كخامسها أف‬
‫يعتقد أف هللا تعأب ينوب عليو ُب الصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص كسادسها أف يعتقد أنو صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم عْب الذات كسر الذات كسر ا‪٤‬بوجودات كسابعها أف هللا تعأب أقرب إليو من حبل الوريد‬
‫كاثمنها أف يستحضر معُب ألفاظ الصبلة كاتسعها القصد كىو تكوف قوة التأثّب ُب النفس‬
‫كعاشرىا أف ينوم عند إرادة الصبلة التعظيم كاإلجبلؿ هلل تعأب كلرسولو ملسو هيلع هللا ىلص ال لشيء آخر‬
‫فمن صلى على النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم هبذه النية كانت ا‪٤‬برة الواحدة من صبلتو لو‬
‫ضرب العآب ُب نفسو مائة ألف مرة كقسمت صبلتو‬

‫عليهم لكفرت ‪ٝ‬بيع ذنوهبم‪ .‬قلت‪ :‬كىذا ا‪٤‬بقصد ال يكتب ُب األكراؽ كإ٭با يذكر مشافهة ‪٤‬بن‬
‫من علينا ٗبعرفتو‪.‬‬
‫حسن أدبو كراؽ كمن عرؼ ىذا ا‪٤‬بقصد بلغ غاية القصد كا‪٢‬بمد هلل الذم ٌ‬
‫كأما مقصد الذكر فهو ىذا‪{ :‬قل هللا ٍب ذرىم ُب خوضهم يلعبوف} لبيك اي ريب كسعديك كا‪٣‬بّب‬
‫كلو ُب يديك ككل شيء منك كبك كإليك كأمتثل أمرؾ كأكاصل ذكرؾ إفرادا كبك أستعْب‬
‫استنجادا فأقوؿ إبمدادؾ‪ :‬هللا هللا هللا كىذا آخر ما أردان ذكره من ىذه ا‪٤‬بقاصد كبقيت مقاصد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪521‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أخرل ٓب تذكر ‪٤‬بوانع قامت بنا ُب ىذا الوقت كلعلنا نذكرىا ُب كقت آخر إذا ارتفعت عنا‬
‫تلك ا‪٤‬بوانع إف شاء هللا تعأب كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثالث كاألربعوف‬

‫ُب بياف تسمية طريقتنا ىذه الطريقة األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنفية التجانية‪.‬‬
‫فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف اسم طريقتنا ىذه على‬
‫ىذا الَبتيب على عدة أ‪٠‬باء إف شئت ‪٠‬بها ابلطريقة األ‪ٞ‬بدية أك الطريقة احملمدية أك الطريقة‬
‫اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية أك الطريقة التجانية إف قلت‪ٓ :‬ب ‪٠‬بيتها أب‪٠‬باء عديدة كغّبىا من الطرؽ‬
‫‪٠‬بيت ابسم كاحد قلت‪٠ :‬بيت أب‪٠‬باء كثّبة‬
‫ألف ‪٥‬با من الفضائل كا‪٣‬بصائص ما ليس لغّبىا ألف كثرة األ‪٠‬باء دالة على فضل ا‪٤‬بسمى‪ .‬قاؿ‬
‫ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ :‬ك‪٥‬با يعِب سورة اإلخبلص أ‪٠‬باء كثّبة كزايدة األ‪٠‬باء تدؿ على شرؼ ا‪٤‬بسمى‬
‫اىػ‪ .‬كقاؿ ابن أيب ‪ٞ‬بزة ُب هبجة النفوس‪ٰ :‬بتمل أف تكوف ػ يعِب فا‪ٙ‬بة الكتاب ػ ‪٠‬بيت أب‪٠‬باء‬
‫‪ٟ‬بسة ألف ‪٥‬با من ا‪٣‬بصائص كالفضائل ما ليس لغّبىا فكانت أ‪٠‬باؤه عديدة دكف غّبىا ألف كثرة‬
‫األ‪٠‬باء دالة على فضل ا‪٤‬بسمى إما مطلقا أك على جنسو كلذلك ‪٠‬بي النيب ملسو هيلع هللا ىلص ٖبمسة أ‪٠‬باء‬
‫كقد قاؿ بعض العلماء‪ :‬أهنا تبلغ إٔب ‪٫‬بو مائة اسم كغّبه من‬

‫األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ ليس لو إال اسم كاحد ألنو ملسو هيلع هللا ىلص صاحب اللواء ا‪٤‬بعقود كا‪٤‬بقاـ‬
‫احملمود فكانت كثرة األ‪٠‬باء ألجل عظم قدره ككذلك أيضا كثرة أ‪٠‬باء هللا عز كجل ألنو ليس‬
‫كمثلو شيء فكانت أ‪٠‬باؤه ال يشبهها شيء لكثرىا كعظمها اىػ‪ .‬كإذا علمت سبب تركيب‬
‫أ‪٠‬بائها من أ‪٠‬باء كثّبة فاعلم أف كوهنا أ‪ٞ‬بدية ال يظهر لك إال إذا ذكران ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية كبياهنا‬
‫ليظهر أبدٗب برىة لكل انظر عاقل كجو تسميتها أ‪ٞ‬بدية فنقوؿ‪ :‬قاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو كما شرح ُب الصبلة الغيبية‪ :‬كأما ا‪٢‬بقيقة‬
‫األ‪ٞ‬بدية فهي األمر الذم سبق بو ُب ‪ٞ‬بد هللا تعأب كل حامد من الوجود فما ‪ٞ‬بد هللا تعأب أحد‬
‫ُب الوجود مثل ما ‪ٞ‬بد النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب الوجود إف ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية غيب من غيوب هللا فلم يطلع‬
‫أحد على ما فيها من ا‪٤‬بعارؼ كالعلوـ كاألسرار كالفيوضات كالتجليات كا‪٤‬بنح كا‪٤‬بواىب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪522‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كاألحواؿ العلية كاألخبلؽ الزكية فما ذاؽ منها أحد شيئا كال ‪ٝ‬بيع الرسل كالنبيْب اختص صلى‬
‫هللا عليو كسلم كحده ٗبقامها ككل مدارؾ النبيْب كا‪٤‬برسلْب ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬ببلئكة كا‪٤‬بقربْب ك‪ٝ‬بيع‬
‫األقطاب كالصديقْب ك‪ٝ‬بيع األكلياء كالعارفْب كل ما‬
‫أدركوه على ‪ٝ‬بلو كتفصيلو من فيض حقيقتو احملمدية كأما ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية فما انؿ منها أحد‬
‫اختص هبا ملسو هيلع هللا ىلص لكماؿ عزىا كغاية علوىا اىػ‪ .‬كإذا علمت معُب ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية كحصل ُب‬
‫ذىنك فهمها فاعلم أهنا ‪٠‬بيت أ‪ٞ‬بدية لوجوه أحدىا أهنا ‪٠‬بيت أ‪ٞ‬بدية لكوهنا انشئة عن سيد‬
‫الوجود كعلم الشهود الذم ‪٠‬باه هللا تعأب ُب كتابو احملكم أب‪ٞ‬بد صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫فنسبت إٔب من صدرت عنو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كالثا٘ب أهنا ‪٠‬بيت أ‪ٞ‬بدية لكوف من تفضل هبا عليو موالان‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أ‪ٞ‬بد بن دمحم رضي هللا‬

‫تعأب عنو فنسبت إليو لذلك‪ ،‬كالثالث أهنا ‪٠‬بيت أ‪ٞ‬بدية لئلشارة إٔب أنو رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو ىو أكؿ األكلياء كمددىم كإف أتخر كجود طينتو فإنو ٕبقيقتو موجود كما تقدـ‬
‫من أف ا‪٢‬با‪ٛ‬بي رضي هللا تعأب عنو قاؿ أف معُب‪" :‬كنت نبيا كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب" كنت نبيا‬
‫ابلفعل عا‪٤‬با بنبوٌب كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب ٍب قاؿ‪ :‬كغّبه من األنبياء ما كاف نبيا كال عا‪٤‬با بنبوتو‬
‫إال حْب بعث بعد كجوده ببدنو العنصرم كاستكمالو شرائط النبوة ٍب قاؿ‪ :‬ككذلك خاًب األكلياء‬
‫كاف كليا ابلفعل عا‪٤‬با بواليتو كآدـ بْب ا‪٤‬باء كالطْب‬
‫كغّبه من األكلياء ما كاف كليا ابلفعل كال عا‪٤‬با بواليتو إال بعد ‪ٙ‬بصيلو ما يشَبط ُب االتصاؼ‬
‫ابلوالية من األخبلؽ اإل‪٥‬بية الٍب يتوقف االتصاؼ ابلوالية عليها اىػ‪ .‬كإذا تقرر ىذا فبل ٱبفى‬
‫عليك ما تقدـ أف ا‪٢‬بقيقة األ‪ٞ‬بدية ىي األمر الذم سبق ٕبمد هللا تعأب كل حامد من الوجود‬
‫فما ‪ٞ‬بد هللا تعأب أحد ُب الوجود مثل ما ‪ٞ‬بده النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب الوجود كإذا فهمت ىذا فاعلم أف‬
‫خاًب األكلياء سبق ُب ‪ٞ‬بد هللا تعأب كل حامد من األكلياء فما ‪ٞ‬بد هللا تعأب أحد من األكلياء‬
‫مثل ما ‪ٞ‬بده خاًب الولياء ألنو الوارث‬
‫اآلخذ عن األصل ا‪٤‬بشاىد ‪٤‬براتب قاؿ ا‪٢‬با‪ٛ‬بي رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كخاًب األكلياء ىو الوٕب‬
‫الوارث اآلخذ عن األصل ا‪٤‬بشاىد للمراتب العارؼ ابستحقاؽ أصحاهبا ليعطي كل ذم حق‬
‫حقو كىو حسنة من حسنات سيد ا‪٤‬برسلْب مقدـ ا‪١‬بماعة أىػ‪ .‬كقاؿ سيدم علي ا‪٣‬بواص كما‬
‫قاؿ الشعرا٘ب ُب درر الغواص‪ :‬إف ‪٥‬بذه األمة خا‪ٛ‬بْب جامعْب لكل رتبة كمقاـ كارث ككالية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪523‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أبحدية ‪ٝ‬بعها كتنوع كحدهتا حٌب تستغرؽ كل نعمة ككصف كإمداد كاستمداد أحدية كاف أك‬
‫أ‪ٞ‬بداي بسر تنزلو كإحاطتو بعلومو ا‪٤‬بطلقة كا‪٤‬بقيدة كما ىو خصيص بو أصبل كفرعا حكما كعينا‬
‫سعة كضيقا‬

‫قيدا كإطبلقا حٌب أف كل كٕب كاف أك يكوف إ٭با أيخذ من ىذين ا‪٣‬بتمْب الذم يكوف أحدٮبا‬
‫خاًب كالية ا‪٣‬بصوص كاآلخر ٱبتم بو الوالية العامة فاألكٔب بعده إٔب قياـ الساعة أىػ‪ .‬قلت‪ :‬قد‬
‫ظهر كاتضح كابف من كبلـ ىذين السيدين أف خاًب األكلياء سبق ُب ‪ٞ‬بد هللا تعأب كل حامد من‬
‫األكلياء فما ‪ٞ‬بد هللا تعأب أحد من األكلياء مثل ما ‪ٞ‬بده خاًب األكلياء ألف ا‪٤‬بأخوذ منو يتقدـ‬
‫اآلخذ إذ ال يصح أتخر ا‪٤‬بمد على ا‪٤‬بستمد أبدا كلذا كانت طريقتو طريقة احملبة كالشكر كما‬
‫تقدـ بيانو ُب الفصل السابع عشر من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ ألهنا انشئت‬
‫عن الدائرة الفضيلة الٍب رفع هللا تعأب عنو منة غّب جده ملسو هيلع هللا ىلص القائل لو‪ :‬ال منة ‪٤‬بخلوؽ عليك‬
‫من أشياخ الطريق فأان كاسطتك ك‪٩‬بدؾ على التحقيق فاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع ما أخذت من ‪ٝ‬بيع‬
‫الطرؽ كقاؿ لو‪ :‬الزـ ىذه الطريقة من غّب خلوة كال اعتزاؿ عن الناس حٌب تصل مقامك الذم‬
‫كعدت بو كأنت على ذلك من غّب ضيق كال حرج كال كثرة ‪٦‬باىدة كاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع األكلياء‪،‬‬
‫فلكوهنا طريقة سهلة يصل إٔب هللا تعأب ‪ٝ‬بيع أىلها ٗبحض الفضل كالكرـ كا‪١‬بود من غّب أف‬
‫ٰبوجهم رهبم الكر‪ٙ‬ب إٔب خلوة كاعتزاؿ عن الناس كىو على ما ىم عليو من غّب‬
‫ضيق كال حرج كال كثرة ‪٦‬باىدة كانوا مطالبْب اب‪٢‬بمد على ما خصهم هللا تعأب بو من الفضل‬
‫العظيم كالشكر على ما عمهم بو من الطوؿ ا‪١‬بسيم ‪٠‬بيت ‪٤‬با ذكر طريقة أ‪ٞ‬بدية كالرابع أف‬
‫مقاـ صاحبها ابلنيبة إٔب مقامات ‪ٝ‬بيع األكلياء كنسبة مقاـ األ‪ٞ‬بدية إٔب مقامات ‪ٝ‬بيع األنبياء‬
‫ألنو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو قاؿ‪ :‬أان سيد األكلياء كما كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص سيد‬
‫األنبياء كقاؿ رضي رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬ال يشرب كٕب كال يسقى إال من ٕبران‬
‫من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور كقاؿ رضي هللا تعأب‬

‫عنو كأرضاه كعنا بو مشّبا إبصبعو السبابة كالوسطى‪ :‬ركحو ملسو هيلع هللا ىلص كرحي ىكذا ركحو ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٛ‬بد‬
‫الرسل كالنبياء عليهم السبلـ كركحي ‪ٛ‬بد األقطاب كالعارفْب كاألكلياء من األزؿ إٔب األبد كقاؿ‬
‫رضي هللا تعاأب عنو كأرضاه كعنا بو أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص أخربه أبف مقامو أعلى من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بقامات كقاؿ‬
‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف نسبة األقطاب معي كنسبة العامة مع األقطاب كقاؿ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪524‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف لنا مرتبة تناىت ُب العلو عند هللا تعأب إٔب حد ٰبرـ‬
‫ذكره ليس ىو ما‬
‫أفشيتو لكم كلو صرحت بو أل‪ٝ‬بع أىل ا‪٢‬بق كالعرفاف على كفرم فضبل عمن عداىم كليست‬
‫ىي الٍب ذكرت لكم بل ىي من كراءىا كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ألصحابو‪ :‬يليو‬
‫إعبلمكم أف فضل هللا تعأب ال حد لو كأف الفضل بيد هللا يوتيو من يشاء كإف مقامنا عند هللا‬
‫تعأب ُب اآلخرة ال يصلو أحد من األكلياء كال يقابلو من كرب شأنو كال من صغر كإف ‪ٝ‬بيع‬
‫األكلياء من عصر الصحابة إٔب النفخ ُب الصور ليس فيهم من يصل إٔب مقامنا كال يقاربو لبعد‬
‫مرامو عن ‪ٝ‬بيع العقوؿ كصعوبة مسلكو على أكابر الفحوؿ كٓب أقل لكم ذلك حٌب ‪٠‬بعتو من‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪ٙ‬بقيقا كإف مراتب أىلها ابلنسبة إٔب مراتب أىل سائر الطرؽ كذلك حٌب أف ذلك‬
‫انتهى إٔب حد ٰبرـ ذكره كإفشاؤه كقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬لو اطلع أكابر األقطاب على ما أعد هللا تعأب‬
‫ألىل ىذه الطريقة لبكوا كقالوا‪ :‬اي ربنا ما أعطيتنا شيئا‪ .‬قلت‪ :‬كإذا كاف ىذا حاؿ األقطاب‬
‫معهم فما ظنك ٗبن دكهنم من الصديقْب كالعارفْب كاألكلياء كإذا كاف حاؿ ا‪٤‬بذكورين فما ظنك‬
‫أبىل طرقهم ‪٩‬بن ٓب يصل إٔب مراتبهم كإٔب ما ذكران أشار رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‬
‫بقولو‪ :‬إف لنا مرتبة عند هللا تعأب إٔب قولو‬

‫هنع هللا يضر‪ :‬كمن خاصية تلك ا‪٤‬برتبة أف من ٓب يتحفظ على تغيّب قلب أصحابنا بعدـ حفظ حرمة‬
‫أصحابنا طرده هللا تعأب عن قربو كسلبو من منحو كبقولو هنع هللا يضر‪ :‬كليس ألحد من الرجاؿ أف‬
‫يدخل كافة أصحابو ا‪١‬بنة بغّب حساب كال عقاب كلو عملوا من الذنوب ما عملوا كبلغوا من‬
‫ا‪٤‬بعاصي ما بلغوا إال أان كحدم ككراء ذلك ما ذكر ٕب فيهم كضمنو ‪٥‬بم ملسو هيلع هللا ىلص أمر ال ٰبل ٕب ذكره‬
‫كال يرل كال يعرؼ إال ُب االخرة أىػ‪.‬‬
‫فلذكر ىنا بعض ألفاظ من أذكار ىذه الطريقة لئلشارة إٔب أهنا بلغت الغاية القصول ُب الفضل‬
‫كأف مرتبة أىلها ال يبلغها غّبىم ٕباؿ كأهنا أ‪ٞ‬بدية على التحقيق فنقوؿ‪ :‬اللهم صل على سيدان‬
‫دمحم الفاتح ‪٤‬با أغلق كا‪٣‬باًب ‪٤‬با سبق انصر ا‪٢‬بق اب‪٢‬بق كا‪٥‬بادم إٔب صراطك ا‪٤‬بستقيم كعلى آلو‬
‫حق قدره كمقداره العظيم الر‪ٞ‬بة الرابنية كالياقوتة ا‪٤‬بتحققة ا‪٢‬بائطة ٗبركز الفهوـ كا‪٤‬بعا٘ب ا‪٤‬بالئة‬
‫لكل متعرض من البحور كاألكا٘ب صراطك التاـ األسقم ال يدركو دارؾ كال يلحقو الحق اللهم‬
‫إ٘ب أ‪ٞ‬بدؾ كأنت احملمود كأنت للحمد أىل كأشكرؾ كانت ا‪٤‬بشكور‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪525‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأنت للشكر أىل على ما خصصتِب بو من مواىب الرغائب كأكصلت إٕب من فضائل الصانع‬
‫كأكليتِب بو من إحسانك كبوأتِب بو من مظنة الصدؽ عندؾ كأنلتِب بو من منتك الواصلة إٕب‬
‫كأحسنت بو إٕب كل كقت من دفع الببلء عِب كالتوفيق ٕب فكن ٕب جهرا حاضرا حاميا ابرا كليا‬
‫فيب األمور كلها انظرا كعلى األعداء كلهم انصرا كللخطااي كالذنوب كلها غافرا كللعيوب كلها‬
‫ساترا فأان عبدؾ كاجعلِب اي رب عتيقك اي إ‪٥‬بي كموالم خلصِب كأىلي من النار كمن ‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٤‬بضار خّبؾ ٕب شامل كلطفك ٕب كافر كبرؾ ٕب غامر كفضلك علي دائم متواتر كنعمك عندم‬
‫متصلة‬

‫ٓب ‪ٚ‬بفر ٕب جوارم كأمنت خوُب كصدقت رجائي كحققت آمإب كرميت من رما٘ب بسوء ككفيتِب‬
‫شر من عادا٘ب اللهم إ٘ب أ‪ٞ‬بدؾ إذ ٓب تكلفِب فوؽ طاقٍب كٓب ترض مِب إال طاعٍب كرضيت مِب‬
‫من طاعتك كعبادتك دكف استطاعٍب كأقل من كسعٍب كمقدرٌب اللهم لك ا‪٢‬بمد مثل ما ‪ٞ‬بدت‬
‫بو نفسك كأضعاؼ ما ‪ٞ‬بدؾ بو ا‪٢‬بامدكف كسبحك بو ا‪٤‬بسبحوف ك‪٦‬بدؾ بو ا‪٤‬بمجدكنوكربؾ بو‬
‫ا‪٤‬بكربكف كىللك بو ا‪٤‬بهللوف كقدسك بو ا‪٤‬بقدسوف ككحدؾ بو ا‪٤‬بوحدكف كعظمك بو ا‪٤‬بعظموف‬
‫كاستغفرؾ بو ا‪٤‬بستغفركف حٌب يكوف لك مِب كحدم ُب كل طرفة عْب كأقل من ذلك مثل ‪ٞ‬بد‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بامدين‬
‫كتوحيد أصناؼ ا‪٤‬بوحدين كا‪٤‬بخلصْب كتقديس أجناس العارفْب كثناء ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بهللْب كا‪٤‬بصلْب‬
‫كا‪٤‬بسبحْب كمثل ما أنت ‪٧‬بمود ك‪٧‬ببوب كحجوب من ‪ٝ‬بيع خلقك كلهم من ا‪٢‬بيواانت كالربااي‬
‫كاألانـ فما أيسر ما كلفتِب بو من حقك كأعظم ما كعدتِب بو من نعمائك كمزيد ا‪٣‬بّب على‬
‫شكرم ابتدأتِب ابلنعم فضبل كطوال كأمرتِب ابلشكر حقا كعدال ككعدتِب عليو أضعافا كمزيدا‬
‫كشرعت ٕب أيسر القصد كضاعفت ٕب أشرؼ الفضل مع ما عبدتِب بو من احملجة الشريفة‬
‫كبشرتِب بو من الدرجة العالية الرفيعة كاصطفيتِب أبعظم النبيْب دعوة كأفضلهم شفاعة كأرفعهم‬
‫درجة‬
‫كأقرهبم منزلة كأكضحهم حجة دمحم صلى هللا تعأب عليو كسلم كعلى ‪ٝ‬بيع األنبياء كا‪٤‬برسلْب‬
‫كأصحابو الطاىرين ليلة القدر خّب من ألف شهر سبلـ ىي سَب العرش مسبوؿ علينا كعْب هللا‬
‫انظرة إلينا ٕبوؿ هللا ال يقدر علينا إف شانئك ىو األبَب اي عجيب الصنائع فبل تنطق األلسن‬
‫بكل ثنائو كنعمائو اي ‪٦‬بيد فبل تبلغ األكىاـ كنو ثنائو ك‪٦‬بده اي ‪ٞ‬بيد الفعاؿ ذا ا‪٤‬بن على ‪ٝ‬بيع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪526‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫خلقو بلطفو كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب إٔب كال الظالْب اي من أظهر ا‪١‬بميل كسَب القبيح كٓب آيخذ‬
‫اب‪١‬بريرة كٓب يهتك السَب اي عظيم العفو اي حسن التجاكز اي كاسع‬

‫ا‪٤‬بغفرة كاي ابسط اليدين ابلر‪ٞ‬بة كاي كر‪ٙ‬ب الصفح كاي عظيم ا‪٤‬بن كاي مبتدأ ابلنعم قبل استحقاقها‬
‫أف تعطيِب كتعطي فبلان من كل ما شئت من ابتداء خلقك إٔب انتهاء يوـ القيامة ُب كل مقدار‬
‫طرفة عْب لكل كاحد على انفراده عشرين فيضة من ٕبار رضتاؾ كأف تعطي كل كاحد ُب كل‬
‫فيضة أكفر حظ كنصيب من كل ما سألك منو سيدان دمحم نبيك كرسولك ملسو هيلع هللا ىلص ما علمت من‬
‫ذلك كما ٓب أعلم من خّبات الدنيا كاآلخرة كالنجاة ‪٩‬با استعاذؾ منو سيدان دمحم نبيك كرسولك‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص ما علمت من ذلك كما ٓب أعلم من شر الدنيا كاآلخرة‬
‫كمغفرة ‪ٝ‬بيع ذنوبنا ما تقدـ منها كما أتخر ُب الدنيا كاآلخرة كأداء ‪ٝ‬بيع تبعاتنا من خزائن‬
‫فضلك ككرمك ال من حسناتنا اللهم عليك معوٕب كبك مبلذم كإليك التجائي كعليك توكلي‬
‫كعلى حولك كقوتك اعتمادم كٔبميع ‪٦‬بارم أحكامك رضام كإبقرار سرايف قيوميتك ُب كل‬
‫شيء كعدـ احتماؿ خركج شيء دؽ أك جل عن علمك كقهرؾ حٌب ‪٢‬بظة سكوٌب‪.‬‬
‫كأما سبب تسميتها دمحمية مع أف طرؽ أىل هللا تعأب كلها كذلك فلوجوه أحدىا أنو إ٭با كاف‬
‫‪ٝ‬بيع الفيوضات الٍب تفيض على ‪ٝ‬بيع الولياء إ٭با فاضت من ذاتو رضي هللا تعأب عنو كما أف‬
‫‪ٝ‬بيع الفيوضات على ‪ٝ‬بيع األنبياء إ٭با تفيض عليهم من ذاتو ملسو هيلع هللا ىلص ‪٠‬بيت دمحمية ‪٥‬بذه ا‪٤‬بناسبة‬
‫التامة‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف الفيوض الٍب تفيض من ذات سيد الوجود‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص تتلقاىا ذكات النبياء عليهم الصبلة كالسبلـ ككل ما فاض كبرز من ذكات األنبياء عليهم‬
‫الصبلة كالسبلـ تتلقاه ذاٌب كمِب يتفرؽ على‬

‫‪ٝ‬بيع ا‪٣‬ببلئق من نشأة العآب إٔب النفخ ُب الصور‪ .‬قلت‪ :‬كإذا فهمت ىذا فوجو تسميتها دمحمية‬
‫ال ٱبفى عليك كاثنيها أنو رضي هللا تعأب عنو ‪٤‬با كاف لو مدد خاص بو يتلقاه من النيب صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم ال اطبلع على ألحد من األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ على فيضو ا‪٣‬باص بو‬
‫ألف لو مشراب معهم منو ملسو هيلع هللا ىلص كاثلثها أهنا طريقتو صلى هللا تعأب عليو كسلم ابلوجو ا‪٣‬باص ألنو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص صرح بذلك لشيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو تصرٰبا يزيل كل إشكاؿ بقولو ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫لو رضي هللا تعأب‬
‫عنو‪ :‬فقراؤؾ فقرائي كتبلميذؾ تبلميذم كقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم لو رضي هللا تعأب عنو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪527‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل من أذنتو كأعطى لغّبه فكأ٭با أخذ عنك مشافهة كأان ضامن ‪٥‬بم كىذا ينبئ‬
‫عن فضلهم على غّبىم كقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم لبعض أىل ىذه الطريقة أنت ابن‬
‫ا‪٢‬ببيب كدخلت ُب طريقة ا‪٣‬بليفة األكرب كالوارث األشهر التجا٘ب األطهر كفى هبذا بشارة ألىل‬
‫طريقتو فإهنا أعظم من الدنيا ٕبذافّبىا كا‪١‬بنة كقصورىا كابقي نعيمها كال مطلب بعدىا إال النظر‬
‫إٔب كجو موالان الكر‪ٙ‬ب كرابعها أف ألىلها عبلمة يتميزكف هبا عن غّبىم‬
‫كيعرؼ هبا أنو صلى هللا تعأب عليو كسلم ىو الضامن ‪٥‬بم كمتوٕب أمرىم بوجو خاص كىي أف كل‬
‫أحد من الأىلها يكتب بْب عينيو بطابع النيب دمحم رسوؿ هللا كعلى قلبو ‪٩‬با يلي ظهره دمحم بن‬
‫عبد هللا كعلى رأسو اتج من نور مكتوب فيو الطريقة التجانية منشؤىا ا‪٢‬بقيقة احملمدية كىذا‬
‫ينبئ عن فضل أىلها على غّبىم كخامسها أف هللا تعأب ‪٤‬با ختم ٗبقامو مقامات األكلياء كٓب ٯبعل‬
‫فوؽ مقامو إال مقامات األنبياء كجعلو القطب ا‪٤‬بكتوب كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬باًب احملمدم ا‪٤‬بعلوـ‬
‫كمركزا يتفجر منو ‪١‬بميع األغواث الفيوض كالعلوـ كما سيبْب ذلك‬

‫ُب احملشر تصديقا ابلنيب ا‪٤‬بعصوـ إذ اندل مناد يسمعو ا‪٤‬بمنوح كاحملركـ‪ :‬اي أىل احملشر ىذا‬
‫إمامكم الذم يستمد منو ا‪٣‬بصوص كالعموـ كانت طريقتو الطريقة احملمدية ‪٥‬بذه ا‪٤‬بناسبة التامة‬
‫كألجلها كاف عواـ أىلها الصادقوف أعلى مرتبة عند هللا تعأب ُب اآلخرة من أكابر األقطاب ما‬
‫عدا أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما تقدـ‪ ،‬كسادسها أنو رضي هللا تعأب عنو كعنا بو حاز ما كاف‬
‫عند األكلياء من الكماالت اإل‪٥‬بية كاحتول على ‪ٝ‬بيعها كما تقدـ ُب الفصل السادس كالثبلثْب‬
‫كما أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم حاز ما عند‬
‫األنبياء من الكماالت اإل‪٥‬بية كىذا السر العظيم ىو الذم سرل ُب طريقتو كُب أىلها فسميت‬
‫دمحمية ‪٥‬بذه ا‪٤‬بناسبة التامة‪ ،‬كسابعها أف طريقتو رضي هللا تعأب عنو ىي خّب الطرؽ فبل أيٌب كٕب‬
‫بعده بطريقة جديدة كما أف ملتو صلى هللا تعأب عليو كسلم آخر ا‪٤‬بلل‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه كعنا بو‪ :‬كل الطرؽ تدخل ُب طريقة الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو إال طريقتنا ىذه‬
‫احملمدية اإلبراىيمية ا‪٢‬بنيفية فإهنا مستقلة بنفسها فبل ينبغي لنا إال االنفراد هبا ألنو أعطاىا لنا‬
‫منو إلينا صلى هللا تعأب عليو كسلم كقاؿ‪ :‬ال يصل لك شيء‬
‫يدم كىو الذم رابان كأكصلنا حٌب بلغنا ا‪٤‬بُب كشكرا هلل تعأب‪ ،‬كاثمنها أف طريقتو رضي‬
‫إال على ٌ‬
‫هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو تدخل على ‪ٝ‬بيع الطرؽ فتبطلها كطابعو يطبع على كل طابع كال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪528‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٰبمل طابعو غّبه كما تقدـ كما أف شرع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يدخل على ‪ٝ‬بيع الشرائع كال يدخل‬
‫على شريعتو‪ ،‬كاتسعها أف من ترؾ كردا من أكراد ا‪٤‬بشايخ ألجل الدخوؿ ُب ىذه الطريقة‬
‫احملمدية أمنو هللا تعأب ُب الدنيا كاآلخرة كال ٱباؼ من شيء ال من هللا تعأب كال من رسولو صلى‬
‫هللا عليو كسلم كال من شيخو أاي كاف من األحياء أك من‬

‫األموات كأما من دخلها كأتخر عنها كدخل غّبىا فإنو ‪ٙ‬بل بو ا‪٤‬بصائب دنيا كأخرل كما أف‬
‫شرع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كذلك‪ ،‬كعاشرىا أف اإلماـ ا‪٤‬بهدم رضي هللا تعأب عنو إذا قاـ آخر الزماف‬
‫أيخذ طريقتو كيدخل زمرتو كما تقدـ فتصّب الطرؽ طريقة كاحدة سيعاين ذلك من حضر ظهوره‬
‫إف شاء هللا تعأب كما أف الشرائع صارت شريعة كاحدة كىي اإلسبلـ‪ ،‬كحادم عشرهتا أنو صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم يغار ألىل ىذه الطريقة غّبة خاصة كما كاف يغار ألصحابو ألف أىلها‬
‫فقراؤه كتبلميذه كما أف الصحابة رضي هللا تعأب عنهم كذلك كقد تقدـ‬
‫أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص أخرب الشيخ رضي هللا تعأب عنو أنو صلى هللا تعأب عليو كسلم يؤذيو ما يؤذم أىل‬
‫ىذه الطريقة كتقدـ أيضا أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬لنا مرتبة عند هللا تعأب إٔب أف قاؿ‪:‬‬
‫كمن خاصية تلك ا‪٤‬برتبة أف من ٓب يتحفظ على تغيّب قلب أصحابو بعدـ حفظ حرمتهم طرده هللا‬
‫تعأب عن قربو كسلبو ما منحو كىذا كلو لسر كوف طريقة شيخهم دمحمية ابلوجو ا‪٣‬باص‪ ،‬كاث٘ب‬
‫عشرهتا أنو ملسو هيلع هللا ىلص تفضل على ىذا الشيخ ا‪٣‬باًب احملمدم هبذه الطريقة لكوهنا دمحمية ابلوجو ا‪٣‬باص‬
‫فيكوف تضعيف ثواب حسنات أىلها‬
‫ابلنسبة لتضعيف حسنات غّبىم من أىل سائر الطرؽ كنسبة تضعيف حسنات ىذه األمة إٔب‬
‫تضعيف ثواب حسنات غّبىم من سائر األمم كراثة دمحمية حبيبية كلذا كاف من أذكارىا ما تكوف‬
‫ا‪٤‬برة منو تستغرؽ ‪ٝ‬بيع أذكار العارفْب كالياقوتة الفريدة كمنها ما تكوف ا‪٤‬برة منو تعدؿ عبادة‬
‫‪ٝ‬بيع العآب ثبلث مرات كجوىرة الكماؿ كمنها ما يكوف كل العبادات إذا ‪ٝ‬بعت ابلنسبة إٔب‬
‫مرة منو كنقطة ُب ٕبر كالكنز ا‪٤‬بطلسم كال ينكر ىذا إال من ينكر كجود األذكار ا‪١‬بامعة كحينئذ‬
‫فبل يتكلم معو عاقل ألنو إ٭با أنكر على صاحب الشريعة صلى هللا تعأب عليو‬

‫كسلم‪ ،‬كاثلث عشرهتا أهنا ‪٠‬بيت دمحمية لئلشارة إٔب أف هللا تعأب يعامل أىلها معاملة احملب حبيبو‬
‫كقد تقدـ ُب الفصل الثامن كالثبلثْب من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ أف سيدم دمحما الغإب رضي هللا‬
‫تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أخرب٘ب أف الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أخربه أف ألىل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪529‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىذه الطريقة من هللا تعأب لطفا خاصا هبم بعد لطفو العاـ ‪٥‬بم كلغّبىم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كىذا اللطف مشاىد هبم ُب الدنيا كمضموف ‪٥‬بم ُب العقىب كقد أشهد٘ب هللا تعأب بفضلو‬
‫من ىذا ما ال ٲبكن ٕب ذكره فأحرل استنقاصو كلو اطلعت اي أخي على ىذا اللطف العظيم من‬
‫ىذا الرب الرحيم ألىل طريقة ىذا الشيخ الكر‪ٙ‬ب كحزبو الصميم لعرفت معرفة حقيقية كدريت‬
‫دراية يقينية أهنا دمحمية حبيبية كمن ىنا قولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف أصحابنا ال‬
‫يدخلوف حضرة احملشر مع الناس كال يذكقوف مشقة كال يركف ‪٧‬بنة من تغميض أعينهم إٔب‬
‫االستقرار ُب عليْب‪ ،‬كقولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‪ :‬إف أصحايب ال ٰبضركف أىواؿ‬
‫ا‪٤‬بوقف كال يركف صواعقو كزالزلو بل يكونوف مع اآلمنْب عند ابب ا‪١‬بنة حٌب يدخلوا مع‬
‫ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص ُب الزمرة األكٔب مع أصحابو كيكوف مستقرىم ُب جواره ملسو هيلع هللا ىلص ُب أعلى عليْب‬
‫‪٦‬باكرين أصحابو ملسو هيلع هللا ىلص فسبحاف من تفضل ٗبا شاء على من شاء اختيارا منو ال ‪ٙ‬بكم عليو ُب‬
‫شيء‪.‬‬
‫كقولو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو‪ :‬إف صاحيب ال أتكلو النار كلو قتل سبعْب ركحا إذا‬
‫اتب بعدىا‪ ،‬كرابع عشرهتا أهنا ‪٠‬بيت دمحمية لئلشارة إٔب أهنا أكثر من سائر الطرؽ كما أف ىذه‬
‫األمة احملمدية أكثر من سائر ا‪٤‬بلل كيكفي ُب ذلك أف اإلماـ ا‪٤‬بهدم ا‪٤‬بنتظر من أىلها ك‪ٝ‬بيع‬
‫أتباعو هنع هللا يضر من أىلها كلوال أف ُب القلب ما فيو ألكدعنا ُب ىذا احملل ما يبهر العقوؿ كيعجز عن‬
‫إدراكو أكابر الفحوؿ ك‪١‬بلبنا من كبلمو أيضا ما يعرؼ بو كل من لو أدٗب بصّبة أف اسم طريقتو‬
‫مطابق ‪٤‬بسماه‪.‬‬

‫كأما سبب تسميتها إبراىيمية حنيفية فلوجوه أيضا أحدىا أهنا لتكوف دمحمية ابلوجو ا‪٣‬باص كما‬
‫تقدـ إال ككانت إبراىيمية ابلضركرة كما قاؿ تعأب‪{ :‬قل إنِب ىدا٘ب ريب إٔب صراط مستقيم دينا‬
‫قيما ملة إبراىيم حنيفا} كقاؿ‪{ :‬إف أكٔب الناس إببراىيم للذين اتبعوه كىذا النيب كالذين آمنوا‬
‫كهللا كٕب ا‪٤‬بؤمنْب} كاثنيها أ٭با ‪٠‬بيت إبراىيمية لئلشارة إٔب أف هللا تعأب ‪ٝ‬بع لو رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنا بو بيم مقامْب احملبة كا‪٣‬بلة كراثة حبيبية خليلية ككوهنا دمحمية يستلزـ كوهنا حبيبية‬
‫خليلية ألف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب‬
‫عليو كسلم صاحب احملبة كا‪٣‬بلة فهو صلى هللا تعأب عليو كسلم حبيب هللا تعأب كخليلو كما ُب‬
‫البخارم كغّبه كمع ذلك فقد قاؿ تعأب ُب ‪٧‬بكم كتابو {كمن أحسن دينا ‪٩‬بن أسلم كجهو هلل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪530‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كىو ‪٧‬بسن كاتبع ملة إبراىيم حنيفا كا‪ٚ‬بذا هللا إبراىيم خليبل} قاؿ بعض أىل اإلشارة معُب‬
‫قولو‪{ :‬كمن أسلم دينا ‪٩‬بن أسلم كجهو هلل كىو ‪٧‬بسن} ٘بمل بسر ابؿ جبللو الذم يتؤللؤ منو‬
‫حسن كجهو القدير كطار ٔبناح احملبة كالشوؽ ُب ىواء ىويتو فيجد طريقا من األزؿ إٔب األبد‬
‫فيسّب مع هللا تعأب إٔب هللا سبحانو إٔب األبد تلك ا‪٤‬بسالك دينو كأم دين‬
‫أحسن من ىذا كىو ٔببللو كعظمتو دليلو منو إليو ٓب ينطمس مسلك األزؿ كاآلابد ما داـ بعزتو‬
‫ك‪٦‬بده ما داـ أماـ مطااي أسراره كعلم ركاحل أنوره إذف ‪٫‬بن أد‪١‬بنا كأنت أمامنا كفى ‪٤‬بطاايان‬
‫بلقياؾ ىاداي فإف ‪٠‬بات ا‪٢‬بسن حْب أسلم كجهو هلل تعأب كإٔب ‪ٝ‬باؿ هللا سبحانو كتعأب فتجلى‬
‫عن كجهو تعأب لوجهة قاصده فيظهر نور كجهو القدـ من كجهو أفُب كجوده كىو ‪٧‬بسن أم‬
‫عارؼ كعآب ‪٤‬با يطلب كمطلبو كمقعده مشاىدة الباقي بنعت الفناء فيها فيسهل عليو اضمحبللو‬
‫ابهلل تعأب ُب هللا عز كجل قاؿ إبراىيم بن أدىم‪ :‬من عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما‬

‫يبذؿ فنعتو ُب الفناء فيو برضاه كيرضى فيما يرد منو كمثل ىذا الدين ىو الدين ا‪٢‬بنيفية ا‪٢‬ببيبية‬
‫ا‪٣‬بليلية ا‪٤‬بائلة عن ا‪٢‬بداثف ككيف كصف خليلو حْب أظهر أنوار جبللو من مطالع القدـ بربائتو‬
‫عن ا‪٢‬بدث لقولو‪{ :‬إ٘ب برمء ‪٩‬با تشركوف إ٘ب كجهت كجهي للذم فطر السماكات كاالرض‬
‫حنيفا} كبْب تعأب أف ‪ٛ‬باـ السالك ٓب يكن إال ٗبتابعة خليلو عليو السبلـ بقولو‪{ :‬كاتبع ملة‬
‫إبراىيم حنيفا} كملتو كسر أصناـ الطبيعة بفأس ا‪٢‬بقيقة ُب بداية احملبة كإذىاب عرائس ا‪٤‬بلكوت‬
‫من خاطره بقولو‪{ :‬إ٘ب برمء ‪٩‬با تشركوف} قولو‪{ :‬ىذا ريب} حْب ينكشف ُب‬
‫عينو جبلؿ ا‪١‬بربكت األكؿ مقاـ اإليقاف كالثا٘ب مقاـ العرفاف كُب طريق تسليمو نفسو هلل تعأب‬
‫ُب ‪٧‬بل االمتحاف بنعت سبلمة القلب عما دكف الرب قاؿ‪{ :‬يوـ ال ينفع ماؿ كال بنوف إال من‬
‫أتى هللا بقلب سليم} كزاد ُب كصفو بقولو‪{ :‬أسلم قاؿ أسلمت لرب العا‪٤‬بْب} امتحن بتسليمو‬
‫بذبح الولد فأمر السكْب على حلقو سبعْب مرة امتحن بنفسو إبلقائو ُب النار فعرض عليو جربيل‬
‫عليو السبلـ ا‪٤‬بعاكنة فقاؿ‪ :‬ألك حاجة فقاؿ‪ :‬أما إليك فبل كبْب هللا سبحانو كتعأب كإف ا‪٣‬بليل‬
‫إذا كاف هبذه الصفة ُب عبوديتو كعرفاف ربوبيتو كأعده خليبل كاف ُب‬
‫األزؿ خليل هللا تعأب ببل علة كال هتمة اصطفاه اب‪٣‬بلة ُب األزؿ كلو كاف خلة بعوض ما كاف‬
‫فضبل ألف اصفائيتو ُب للخلة ُب األزؿ كاألزؿ قد‪ٙ‬ب قبل كجود ا‪٢‬بادث حْب أقبل صفتو تعأب‬
‫كىي احملبة إٔب الذات كأقبل الذات إٔب الصفات ٍب ٘بلى الذات كالصفات للفعل ك٘بلى الفعل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪531‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إٔب العدـ فظهر ا‪٣‬بليل بوصف ا‪٣‬بليل كيرل ا‪٣‬بليل ا‪٣‬بليل بعْب ا‪٣‬بليل فصار خليبل للخليل‬
‫فلذلك قاؿ تعأب‪{ :‬كا‪ٚ‬بذ هللا إبراىيم خليبل} كىذا الدين بعينو للحبيب كا‪٢‬ببيب أفضل من‬
‫ا‪٣‬بليل ألف احملبة لب ا‪٣‬بلة ٍب صرح ابإلشارة أف احملسن الراضي إذا اتبع ا‪٢‬ببيب‬

‫كا‪٣‬بليل فيما ذكران صار حبيب هللا تعأب كخليل هللا تعأب قلت‪ :‬فبوقوع ىذا ا‪٣‬بات احملمدم‬
‫اإلبراىيمي ا‪٢‬ببييب ا‪٣‬بليلي ُب ٕبر ىذا الفضل اإل‪٥‬بي الذم كقع فيو أىل طريقتو ٍب ابتباعو ىذا‬
‫النيب ا‪٢‬ببيب ا‪٣‬بليل دمحما صلى هللا تعأب عليو كسلم كالنيب ا‪٣‬بليل إبراىيم عليو السبلـ اللذين‬
‫كرثهما ُب ىذين ا‪٤‬بقامْب ‪٠‬بيت طريقتو إبراىيمية كاثلثها‪ :‬أ٭با ‪٠‬بيت إبراىيمية لكوهنا طريقة سهلة‬
‫انشئة عن الدائرة الفضلية الٍب جعل هللا تعأب هبا القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ كا‪٣‬باًب‬
‫احملمدم ا‪٤‬بعلوـ قبل إٯباد الكوف كما فيو كما أنو‬
‫تعأب بتلك الدائرة الفضلية ا‪ٚ‬بذ إبراىيم خليبل قبل إٯباد الكوف كما فيو كما قاؿ تعأب‪{ :‬كلقد‬
‫آتينا إبراىيم رشده من قبل} ككجو تسميتها إبراىيمية ظاىر ألهنا أسهل الطرؽ كما أف شرع‬
‫إبراىيم الذم ىو داخل ُب شرع دمحم عليو الصبلة كالسبلـ كذلك كما قاؿ تعأب‪{ :‬كجاىدكا ُب‬
‫هللا حق جهاده ىو اجتباكم كما جعل عليكم ُب الدين من حرج ملة أبيكم إبراىيم} كلذلك‬
‫كانت طريقتو العشق كالشكر كاحملبة كما قدمنا ُب الفصل ا‪٤‬بوُب عشرين من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ‬
‫كما أف شرع إبراىيم كذلك قاؿ تعأب‪{ :‬إف إبراىيم كاف أمة قانتا هلل حنيفا‬
‫كٓب يك من ا‪٤‬بشركْب شاكرا ألنعمو اجتباه كىداه إٔب صراط مستقيم} كرابعها إ٭با ‪٠‬بيت إبراىيمية‬
‫لكوف ‪ٝ‬بيع أىل الطرؽ متفقْب على صحة ملة إبراىيم كما من ملة إال كأىلها يثنوف عليو على‬
‫نبينا كعليو السبلـ كالشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو لو ىذا ا‪٤‬بقاـ كراثة دمحمية‬
‫إبراىيمية ألف ‪ٝ‬بيع الكل من أىل هللا تعأب يعلموف أف هلل تعأب كليا ٱبتم ٗبقامو مقامات األكلياء‬
‫كٓب يكن فوؽ مقامو إال مقامات األنبياء ك‪ٛ‬بُب كل كاحد منهم أف يكوف ىو ذلك الوٕب حٌب ظن‬
‫بعضهم أنو ىو ‪٤‬با الح لو ابرؽ ذلك ا‪٤‬بقاـ كظن أنو بلغ ذلك‬

‫ا‪٤‬براـ ٍب تبْب لو أنو ما بلغو على التماـ كسلم األمر كلو إٔب مكوف األانـ نع علمو أبف هللا تعأب‬
‫سيظهره بعد اكتتاـ كأما الشيح رضي هللا تعأب عنو فقد تقدـ ُب الفصل السادس كالثبلثْب من‬
‫ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص أخربه يقظة ال مناما أبنو ىو الوٕب ا‪٤‬بكتوـ مشافهة فلذه‬
‫ا‪٤‬بناسبة التامة ‪٠‬بيت إبراىيمية كخامسها أف هللا تعأب قاؿ ُب حق إبراىيم عليو السبلـ‪{ :‬كمن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪532‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫دخلو} أم البيت ا‪٤‬بنسوب إٔب إبراىيم {كاف آمنا} كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب حق ىذا الشيخ كُب طريقتو‬
‫كأىلها‪ :‬كأنت من اآلمنْب ككل من‬
‫أحبك من اآلمنْب أنت حبييب ككل من أحبك حبييب ككل من أخذ كردؾ فهو ‪٧‬برر من النار ىو‬
‫ككالداه كأزكاجو كذريتو كقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬أبشركا أف من كاف ُب ‪٧‬ببتنا إٔب أف مات عليها‬
‫يبعث من اآلمنْب على أية حالة كاف ما ٓب يلبس حلة األماف من مكر هللا تعأب‪ .‬كقاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ :‬من ترؾ كردا من أكراد ا‪٤‬بشايخ ألجل الدخوؿ ُب طريقتنا ىذه احملمدية الٍب شرفها‬
‫هللا على ‪ٝ‬بيع الطرؽ آمنو هللا تعأب ُب الدنيا كاآلخرة فبل ٱباؼ من شيء يصيبو ال من هللا تعأب‬
‫كال من رسولو صلى هللا تعأب عليو كسلم كال من شيخو أاي كاف‬
‫من األحياء كاألموات‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إف أصحايب ال ٰبضركف أىواؿ ا‪٤‬بوقف كال يركف‬
‫صواعقو كال زالزلو بل يكونوف مع اآلمنْب عند ابب ا‪١‬بنة حٌب يدخلوا مع ا‪٤‬بصطفى صلى هللا‬
‫عليو كسلم ُب الزمرة األكٔب مع أصحابو كيكوف مستقرىم ُب جواره ملسو هيلع هللا ىلص ُب أعلى عليْب ‪٦‬باكرين‬
‫أصحابو ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬

‫كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أنت ابن ا‪٢‬ببيب كدخلت ُب طريقة ا‪٢‬ببيب فبل كاسطة بيِب كبينك إال ىذه الواسطة‬
‫فهو مِب كأان منو ككل من دخل ُب طريقٍب ك‪ٙ‬بت كتفي ك‪ٞ‬بايٍب فلو ‪ٝ‬بيع ما ذكره ا‪٣‬بليفة األكرب‬
‫كالوارث األشهر التجا٘ب األطهر‪ .‬قلت‪ :‬ككفى هبذه بشارة فلهذه ا‪٤‬بناسبة التامة ‪٠‬بيت‬
‫إبراىيمية‪ ،‬كسادسها أف إبراىيم عليو السبلـ أخلص كجهتو إٔب مواله كأعرض عن كل ما سواه‬
‫حٌب أف أعداء هللا تعأب كأعداءه ‪٤‬با أرادكا أف يلقوه ُب النار ككضعوه ُب ا‪٤‬بنجنيق مقيدا مغلوال‬
‫كصاحت السماكات كمن فيهن من ا‪٤‬ببلئكة ك‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق إال‬
‫الثقلْب صيحة كاحدة‪ :‬أم ربنا إبراىيم خليلك يلقى ُب النار كليس ُب أرضك أحد يعبدؾ غّبه‬
‫فأذف لنا ُب نصرتو‪ ،‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬ىو خليلي كليس خليل غّبه كأان إ‪٥‬بو ليس لو إلو غّبم فإف‬
‫استغاث أبحد منكم أك دعاه فلينصره فقد أذنت لو كإف ٓب يدع غّبم فأان أعلم بو كأان كليو‬
‫فخلوا بيِب كبينو‪ .‬ك‪٤‬با أرادكا إلقاءه ُب النار أاته خازف ا‪٤‬بياه فقاؿ‪ :‬إف أردت أ‪ٟ‬بدت النار كأاته‬
‫خازف ا‪٥‬بواء فقاؿ‪ :‬إف شئت طّبت النار ُب ا‪٥‬بواء فقاؿ‪ :‬ال حاجة ٕب إليكم حسيب هللا كنعم‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫ك‪٤‬با رموا بو ُب ا‪٤‬بنجنيق إٔب النار استقبلو جربيل كقاؿ‪ :‬اي إبراىيم ألك حاجة؟ قاؿ‪ :‬أما إليك فبل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪533‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أم‪ :‬فبل أ٘بو إال إٔب موالم كما أخرب تعأب أنو عليو السبلـ قاؿ‪{ :‬إ٘ب كجهت كجهي للذم‬
‫فطر السماكات كاألرض} أم‪ :‬أسلمت قليب للذم خلقو كانقطعت إليو من كل شاغل كشغل ٍب‬
‫أخرب تعأب أنو قاؿ‪{ :‬فمن تبعِب} أم ُب طريق اجملاىدة كاحملبة كا‪٣‬بلة كا‪٤‬بوافقة ُب بذؿ الركح بْب‬
‫يدم فاطر السماكات كاألرض {فإنو مِب} أم طينو من طيِب كقلبو من قليب كركحو من ركحي‬
‫كسره من سرم كمشربو ُب احملبة كا‪٤‬بعرفة كا‪٣‬بلة مشريب‪.‬‬

‫كىذه الطريقة ا‪٣‬بليلية األ‪ٞ‬بدية احملمدية اإلبراىيمية ىي طريقة شيخنا رضي هللا تعأب عنو كما ُب‬
‫جواىر ا‪٤‬بعا٘ب حيث قاؿ‪ :‬كاألمر الثا٘ب ‪٩‬با أكصيك بو ترؾ احملرمات شرعا أكبل كلباسا كىكذا‬
‫إٔب أف قاؿ‪ :‬األمر الثا٘ب الذم ال بد منو بعد ىذا كىو الذم بداية ‪ٝ‬بيع األمور كهنايتها ىو تعلق‬
‫القلب ابهلل تعأب ابال‪٫‬بياش إليو كالرجوع إليو كترؾ كل ما سواه عموما كخصوصا فإف قدر العبد‬
‫على ار‪ٙ‬باؿ القلب إٔب هللا تعأب بكل كجهو على كل حاؿ ٕبركة القلب حسا فهو الغاية اىػ‪.‬‬
‫ككما قاؿ‪ :‬كالواجب ُب حق السالك أف ٲبسي كيصبح كيظل كيبيت ليس مراده إال شيئْب األكؿ‬
‫ىو هللا عز كجل اختيارا لو من ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بوجودات كاستغناء بو عنها كأنفة من ‪٢‬بظها حملة كغّبة أف‬
‫ٱبتار سواه كليكوف هللا عز كجل ىو مبدأ أمره كمنتهاه كأكؿ مراده كآخره كمفتتحو كختمو‬
‫كمستغرقا لقصر مراده عليو فيما بْب ذلك كلو حٌب ال تبقى حملة يريد فيها غّبه ألف إرادة الغّب‬
‫إما طمع أك عبث‪ ،‬كالثا٘ب من مرادات السالك أف يكوف كلو هلل تعأب عز كجل منسلخا عن‬
‫‪ٝ‬بيع اإلرادات كاالختيارات كالتدبّبات كا‪٢‬بظوظ كالشهوات كاألغراض كاقفا ُب ذلك‬
‫كلو ابهلل سبحانو مع هللا عز كجل من أجلو كإرادة لوجهو كأداء ‪٢‬بق ربوبيتو ال ليعود عليو منو‬
‫شيء اىػ‪ .‬فلهذه ا‪٤‬بناسبة التامة ‪٠‬بيت إبراىيمية حنيفية‪ ،‬كسابعها أف هللا تعأب أمر إبراىيم عليو‬
‫السبلـ أف يسكن عيالو كادم ا‪٢‬برـ ببل زاد كال راحلة ليصفو حاؿ توكلو كاعتماده على هللا‬
‫تعأب كليبلغ إٔب كماؿ ا‪٣‬بلة فنادل ربو إ‪٥‬بو كدعا ابسم الرب طمعا ُب تربية عيالو كأىلو كإيوائهم‬
‫إٔب جار الكرامة بقولو‪{ :‬ربنا إ٘ب أسكنت من ذريٍب بواد غّب ذم زرع عند بيتك احملرـ} كالبيت‬
‫احملرـ ما ٲبنع قاصديو عن كل مستأنس غّب هللا تعأب‬

‫كفيو إشارة إٔب تربية أىلو ٕبقائق التوكل كالرضا كالتسليم كنعت الَببية ىذا فعلمنا ابلنسبة‬
‫القائمة ا‪٢‬بنيفية السهلة السمحة ا‪٣‬بليلية ا‪٢‬ببيبية األ‪ٞ‬بدية ا‪٤‬بصطفوية صلوات هللا تعأب عليهما‬
‫أف العارؼ الصادؽ ينبغي أف ال يكوف معولو على األمبلؾ كاألسباب ُب حياتو كبعد ‪٩‬باتو لَببية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪534‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عيالو فإنو تعأب حسبو كما أف شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو أسكن أكالده الذين‬
‫ىم أىل طريقتو عند بيت هللا احملرـ الذم ال يضيع من سكن عنده كىو حبيب هللا األعظم‬
‫كرسولو األكرـ كصفيو األفخم سيدان دمحم صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫ألنو ملسو هيلع هللا ىلص ىو الضامن ألىل ىذه الطريقة كمربيهم كمتوٕب أمورىم بوعد صادؽ ال خلف فيو بقولو‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم للشيخ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كل من أذنتو كأعطى لغّبه فكأ٭با أخذ‬
‫عنك مشافهة كأان ضامن ‪٥‬بم كىذا من ‪ٝ‬بلة األسرار الٍب منعهم الشيخ ألجلها من التطفل على‬
‫أحد من أشياخ الطريق ألف جده ك‪٧‬ببو ملسو هيلع هللا ىلص أعطاه ىذه الطريقة ا‪٤‬بستقلة بنفسها كقاؿ لو‪ :‬ال منة‬
‫‪٤‬بخلوؽ عليك من أشياخ الطريق فأان كاسطتك ك‪٩‬بدؾ على التحقيق فاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع ما‬
‫أخذت من ‪ٝ‬بيع الطرؽ كاترؾ عنك ‪ٝ‬بيع األكلياء كأمره‬
‫ىو رضي هللا تعأب عنو ك‪ٝ‬بيع أىل طريقتو بَبؾ زايرة األكلياء كأعلمو أف كل من زار منهم‬
‫ينسلخ عن حضرتو كيذؿ ‪٥‬بم ما ٰبصل لفاعلو فضل زايرتو ملسو هيلع هللا ىلص ُب الركضة ا‪٤‬بشرفة كزايرة ‪ٝ‬بيع‬
‫األكلياء كالصا‪٢‬بْب من أكؿ الوجود إٔب كقت ذلك فلهذه ا‪٤‬بناسبة ‪٠‬بيت إبراىيمية‪ ،‬كاثمنها أف‬
‫تسميتها إبراىيمية إشارة إٔب أف هللا تعأب يعامل أىلها معاملة ا‪٣‬بليل خليلو كما أنو يعاملهم‬
‫معاملة ا‪٢‬ببيب ‪٢‬ببيبو كقد تقدـ أف ألىلها من هللا تعأب لطفا خاصا هبم بعد لطفو العاـ ‪٥‬بم‬
‫كلغّبىم كذلك مشاىد ‪٥‬بم ُب الدنيا كمضموف ‪٥‬بم ُب‬

‫العقىب أما ُب الدنيا فقد رأيت من بركاتو رضي هللا تعأب عنو ‪٤‬با سافرت من أرضنا إٔب ا‪٢‬برمْب‬
‫كإٔب أرض الشاـ ذىااب كإاياب ما ال ٲبكن ٕب ذكره كلو تتبعتو ‪٤‬بؤلت منو أسفارا كأما ُب العقىب‬
‫فكل ما ذكر من فضلهم ُب ىذا الكتاب كغّبه فشيء يسّب بل كنقطة ُب ٕبر ابلنسبة ‪٤‬با ىو‬
‫مكتوب نسأؿ هللا تعأب ٗبحض فضلو أف ٰبيينا عليها كٲبيتنا عليها كٰبشران ُب زمرة أىلها مع من‬
‫تفضل هبا عليو سيدان رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم جده خّب األانـ عليو من هللا تعأب‬
‫الصبلة كأفضل السبلـ‪ ،‬كاتسعها أف هللا تعأب جعل ُب ذرية‬
‫إبراىيم عليو السبلـ من األنبياء كالرسل أصحاب الشرائع كغّبىم ما يطوؿ عده قاؿ تعأب‪:‬‬
‫{كجعلنا ُب ذريتو النبوءة كالكتاب} كما جعل ُب ىذه الطريقة من األكلياء الصغار كالكمل‬
‫أصحاب الطرؽ كغّبىم من اإلنس كا‪١‬بن ما يطوؿ عده كقد ذكر رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو أف أصحاب الطرؽ من كمل أىل طريقتو سيبلغوف ستمائة من اإلنس كثبل‪ٜ‬بائة من ا‪١‬بن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪535‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أك قريبا من ىذا كالذىن خواف ٍب قاؿ رضي هللا تعأب عنو أهنا كلها منو كإليو رضي هللا تعأب عنو‬
‫لكمل غّب أصحاب الطرؽ‬
‫كأفاض علينا من بركاتو‪ ،‬كأما أكلياء أىلها من العارفْب ا ٌ‬
‫كاألكلياء فبل نتعرض لذكر عددىم لكثرهتم ألنو رضي هللا تعأب عنو قد أخربه النيب ملسو هيلع هللا ىلص أف كل‬
‫من أحبو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ال ٲبوت حٌب يكوف كليا قطعا كإذا كاف ىذا ُب‬
‫احملبْب الذين ما أخذ كاحد منهم أذكاره فكيف الظن أبىل طريقتو ا‪٤‬بستغرقْب ُب حبو ا‪٤‬بتمسكْب‬
‫أبكراده نسأؿ هللا تعأب ٗبحض فضلو أف يدٲبنا على ‪٧‬ببتو إٔب يوـ لقائو كٰبشران ُب أىل ‪٧‬ببتو‬
‫كزمرتو عند هللا تعأب حٌب يوصلنا إٔب جده ملسو هيلع هللا ىلص آمْب اي ستار العيوب كاي غافر الذنوب اسَب٘ب‬
‫كاغفر ٕب كأنت عبلـ الغيوب كلوال‬

‫أف قلوب األحرار قبور األسرار ك‪٨‬بافة أف الكتاب يقع ُب يد بعض األشرار ‪٩‬با ال خبلؽ لو ُب‬
‫نفحات السادات األخيار فيغريو ا‪١‬بهل كا‪٢‬بسد على ‪ٛ‬بزيق أعراض األبرار كيستفيد غّب شكر‬
‫الواسطة الذم ىو سنة ا‪٤‬بختار ألكدعنا ىنا بعض ما ‪٥‬بذه الطريقة من األسرار كاألنوار على أف‬
‫الطريقة تغربت ‪٩‬بن كطن أىلها ا‪٤‬بقبلْب عليها من القرل كاألمصار كلذلك كتمنا أسرارىا‬
‫كعلومها كمعارفها عمن ال يكن هلل تعأب من األنصار كفيما كتبناه كفاية لكل موفق من أكٕب‬
‫األبصار قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال تعطوا ا‪٢‬بكمة لغّب أىلها" ا‪٢‬بديث أك كما قاؿ‬
‫كرضي هللا تعأب عن اإلماـ الشافعي حيث قاؿ‪ :‬سأكتم علمي عن ذكم ا‪١‬بهل غالبا *** كال‬
‫أنثر الدر النفيس على الغنم فإف يسر هللا الكر‪ٙ‬ب بفضلو *** كصادفت أىبل للعلوـ كللحكم‬
‫بثثت مفيدا كاستفدت كدادىم *** كإال فمخزكف لدم كمكتتم فمن منح ا‪١‬بهاؿ علما أضاعو‬
‫*** كمن منع ا‪٤‬بستوجبْب فقد ظلم كقاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪٫ ":‬بن معاشر األنبياء ال‬
‫نورث أمران أف ‪٬‬باطب الناس على قدر عقو‪٥‬بم " أك كما قاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم ‪٩‬با ىذا‬
‫معناه‪ ،‬كرضي هللا تعأب عن زين العابدين حيث قاؿ ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪ :‬إ٘ب ألكتم من علمي‬
‫جواىره *** كي ال يرل ا‪٢‬بق ذك جهل فيفتتنا اي رب جوىر علم لو أبوح بو *** لقيل ٕب أنت‬
‫‪٩‬بن يعبد الوثنا كالستحل رجاؿ مسلموف دمي *** يركف أقبح ما أيتونو حسنا كلوال خوؼ‬
‫التطويل ‪١‬بلبنا من ىذه الوجوه الدالة على أف اسم طريقتو مطابق ‪٤‬بسماىا ما يركم الغليل كفيما‬
‫ذكرانه كفاية كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪536‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الرابع كاألربعوف‬

‫ُب ذكر الدليل على ا‪٣‬بلوات كشرطها ا‪٤‬بعترب عند الصوفية‬

‫فأقوؿ ابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ السهركردم‪ :‬الدليل على‬
‫ا‪٣‬بلوات الصوفية ىو ما ركاه البخارم عن عائشة اهنع هللا يضر قالت‪ :‬أكؿ ما بدأ بو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من‬
‫الوحي الرؤاي الصا‪٢‬بة ُب النوـ فكاف ال يرل رؤاي إال جاءت مثل فلق الصبح ٍب حبب إليو‬
‫ا‪٣‬ببلء فكاف ٱبلوا بغار حراء فيتحنث فيو كىو التعبد الليإب ذكات العدد قبل أف ينزع إٔب أىلو‬
‫كيتزكد لذلك ٍب يرجع إٔب خدٯبة اهنع هللا يضر فيتزكد ‪٤‬بثلها حٌب جاؤه ا‪٢‬بق كىو ُب غار حراء فجاءه‬
‫ا‪٤‬بلك فقاؿ‪ :‬اقرأ‪.‬‬
‫ا‪٢‬بديث قاؿ السهركردم‪ :‬فهذا ا‪٢‬بديث ا‪٤‬بنبئ عن بدئ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ىو األصل ُب إيثار‬
‫ا‪٤‬بشايخ ا‪٣‬بلوة للمريد من الطالبْب فإهنم إذا أخلصوا هلل تعأب خلواهتم يفتح هللا تعأب عليهم ٗبا‬
‫يؤنسهم ُب خلواهتم تعويضا من هللا تعأب إايىم أىػ‪ .‬كُب القواعد الزركقية‪ :‬ا‪٣‬بلوة أخص من‬
‫العزلة كىي بوجهها كصورهتا نوع من االعتكاؼ لكن ُب ا‪٤‬بسجد كرٗبا كانت فيو كأكثرىا عند‬
‫القوـ ال حد لو لكن السنة تشّب لؤلربعْب ٗبواعدة موسى عليو الصبلة كالسبلـ كللقصد ُب‬
‫ا‪٢‬بقيقة الثبلثوف إذ ىي أصل ا‪٤‬بواعدة كجاكر صلى هللا عليو‬
‫كسلم ٕبراء شهرا كما ُب مسلم ككذا اعتزؿ من نسائو كشهر الصوـ كاحد كزايدة القمر كنقصانو‬
‫كا‪٤‬بريد ُب سلوكو كأقلو عشر العتكافو عليو الصبلة كالسبلـ العشر كىي للكامل زايدة ُب حالو‬
‫كلغّبه ترقية كالبد من أصل يرجع إليو كالقصد هبا تطهّب القلب من أدانس ا‪٤‬ببلبسة كإفراد‬
‫القلب لذكر كاحد كحقيقة كاحدة كلكنها ببل شيخ ‪٨‬بطرة ك‪٥‬با فتوح عظيم كقد ال تصح ألقواـ‬
‫فليخترب كل أحد هبا حالو أىػ‪.‬‬

‫كإذا تقرر ىذا فشركط ا‪٣‬بلوة ستة كعشركف شرطا األكؿ أف يعود نفسو قبل دخو‪٥‬با إذا أراد‬
‫الشركع السهر كالذكر كخفة األكل كالعزلة حٌب يتمرف على ذلك كالثا٘ب أف يكوف دخوؿ‬
‫ا‪٣‬بلوة ٕبضور الشيخ كأمره الظاىر كأمره الباطن البد من ذلك فإف ا‪٤‬بريد إذا صحت رابطتو مع‬
‫شيخو ُب حضوره ككاف مسلما ألكامره كإشاراتو يرل شيخو ُب كاقعتو فيأمره كينهاه كٰبل كاقعتو‬
‫أيضا كالثالث أف يعتقد ُب نفسو أنو إ٭با يدخل ‪٣‬بلوة كي يسَبيح الناس من شره كالرابع أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪537‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يدخلها كما يدخل ا‪٤‬بسجد مبسمبل متعوذا ابهلل تعأب من شر نفسو مستعينا مستمدا من‬
‫أركاح مشاٱبو بواسطة شيخو ‪٨‬بلصا هلل تعأب منقطعا عنا سواه إليو ٯبعل ا‪٣‬بلوة كأهنا قربه يدخل‬
‫فيها ذاىبا إٔب هللا تعأب اتركا ما سواه‪ ،‬كا‪٣‬بامس أف يدخل الشيخ ا‪٣‬بلوة كيركع فيها ركعتْب قبل‬
‫دخوؿ ا‪٤‬بريد كيتوجو إٔب هللا تعأب ُب توفيق ا‪٤‬بريد كتسهيل األمر عليو فإذا فعل ذلك قرب‬
‫الفتح على ا‪٤‬بريد كعجل خّبه‪ ،‬كالسادس أف يعتقد عند دخولو ا‪٣‬بلوة أف هللا تعأب ليس كمثلو‬
‫شيء فكل ما يتجلى لو ُب خلوتو من الصور كيقوؿ لو‪ :‬أان هللا فليقل‪ :‬سبحاف هللا آمنت ابهلل‬
‫الذم ليس كمثلو شيء كليحفظ صورة ما رأل حٌب يذكرىا لشيخو‬
‫كليشتغل ابلذكر حٌب يتجلى لو مذكوره فإذا أفناه عن الذكر بو فتلك ا‪٤‬بشاىدة كالنومة كالفرؽ‬
‫بينهما أف ا‪٤‬بشاىدة تَبؾ ُب احملل شاىدىا فتقع اللذة عقبها كالتيقظ كالنومة ال تَبؾ شيئا فيقع‬
‫عقبها الندـ كاالستغفار‪ ،‬كالسابع أف ال يعلق ا‪٥‬بمة بكرامة ‪ٙ‬بصل كلو عرض عليو ‪ٝ‬بيع ما ُب‬
‫الكوف فيأخذه أبدب كيتحققو كال يقف معو كليحذر من التعشق كٰبفظو فإنو ٰبتاج إليو إذا أرىب‬
‫كأكثر الشيوخ إ٭با أتى عليهم ُب الَببية فلما فرطوا ُب حفظ ما ذكرانه كزىدكا فيها زىدا كليا‬
‫ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬برشدين نفركا ا‪٤‬بريد عن ا‪٤‬بيل إٔب الكرامات كقالوا‪:‬‬

‫إهنا حيض الرجاؿ‪ .‬قاؿ ابن عطاء هللا‪ :‬ما أرادت ٮبة سالك أف تقف عند ما كشف ‪٥‬با إال‬
‫كاندتو ىواتف ا‪٢‬بقية‪ :‬الذم تتطلب أمامك كال تربجت لو ظواىر ا‪٤‬بكوانت إال كاندتو حقائقها‪:‬‬
‫إ٭با ‪٫‬بن فتنة فبل تكفر‪ ،‬كالثامن أف يكوف غّب مستند إٔب جدار ُب ا‪٣‬بلوة كال متكئا على شيء‬
‫مطرقا رأسو تعظيما هلل تعأب مغمضا عينيو مبلحظا قولو تعأب‪ :‬أان جليس من ذكر٘ب ٍب ٯبعل‬
‫خياؿ شيخو بْب عينيو فإنو رفيقو ُب طريقو كىو معو ٗبعناه كركحانيتو فإف من ىو شيخ حقيقة‬
‫تكوف ركحانيتو رفيقة كمتعلقة بركحانية كل كاحد من مريديو كإف كانوا ألفا‪،‬‬
‫كالتاسع أف يشغل قلبو ٗبعُب الذكر على قدر مقامو مراعيا معُب اإلحساف كىو أف تعبد هللا‬
‫كأنك تراه‪ ،‬كالعاشر دكاـ الصوـ ألنو يؤثر ُب تقليل األجزاء الَبابية كا‪٤‬بائية فيصفو القلب من‬
‫الكدر كيفطر قبل صبلة ا‪٤‬بغرب كيؤثر األكل إٔب أف يصلي العشاء األخّبة كاألحسن أف يؤخر‬
‫السحور كلكن إذا شوشتو نفسو كطالبتو ابألكل بعد ا‪٤‬بغرب أيكل بْب العشائْب‪ ،‬كا‪٢‬بادم عشر‬
‫أف تكوف ا‪٣‬بلوة مظلمة ال يدخل فيها شعاع الشمس كضوء النهار فيسد على نفسو طرؽ‬
‫ا‪٢‬بواس الظاىرة كسد طرؽ ا‪٢‬بواس الظاىرة شرط لفتح حواس القلب‪ ،‬كالثا٘ب عشر دكاـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪538‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الوضوء‬
‫فإف الوضوء نور ساطع يظهر ابتداء كنوز القمر فتنور ا‪٣‬بلوة بو كانتهاء كنوز الشمس فإنو إذا‬
‫داكـ على الوضوء يوشك أف تتؤلأل فيو األنوار لقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬الوضوء نور"‪ ،‬كالثالث عشر دكاـ‬
‫السكوت إال عن ذكر هللا تعأب ال ينبغي أف يتكلم الذاكر ا‪٤‬بتبتل ُب خلوتو كبلما إال إذا تعْب‬
‫عليو ُب الشرع أك ٰبتاج إليو ُب أمر ‪٩‬با ىو بصدده فمهما تكلم بكلمة غّب ضركرية خرج شيء‬
‫من نورانية قلبو مع تلك الكلمة فإف زادت ػ أم الكلمة ػ لغّب الضركرة خرجت األنوار ا‪٢‬باصلة‬
‫ابألذكار كبقي القلب خاليا نعوذ ابهلل تعأب من ا‪٢‬بور‬

‫بعد الكور فالواجب على الذاكر ا‪٤‬بنقطع ُب ا‪٣‬بلوة حتما أف ال يتكلم مع أحد أبدا ما كائنا ما‬
‫كاف إال مع شيخو لغرض كاقعة ضركرية البياف أك ا‪٣‬بادـ الذم أقامو الشيخ ُب خدمة الفقراء‬
‫‪٢‬باجة‪ ،‬كالرابع عشر أف تكوف ا‪٣‬بلوة بعيدة عن حسن الكبلـ أم كبلـ الناس فإف القلب الرقيق‬
‫تؤثر فيو ا‪٣‬بطرات ا‪٤‬بذمومات كأثر القليل عليو كثّب‪ ،‬كا‪٣‬بامس عشر كونو إذا خرج للضوء‬
‫كالصبلة ٱبرج مطرقا رأسو إٔب األرض غّب انظر إٔب أحد كٰبذر كل ا‪٢‬بذر نظر الناس إليو مغطيا‬
‫رأسو كرقبتو بشيء ألنو رٗبا ٰبصل لو عرؽ الذكر فيلحقو ا‪٥‬بواء فيضره كيعطلو عن‬
‫الذكر كيوقفو زمنا طويبل‪ ،‬كالسادس عشر احملافظة على صبلة ا‪١‬بماعة كا‪١‬بمعة كترؾ احملافظة‬
‫على صبلة ا‪١‬بماعة خطأ غلط كإف كجد نفقتو ُب خركجو فليتخذ لو شخصيا يصلي معو ُب‬
‫خلوتو كال يرضى ابلصبلة منفردا فإف ترؾ صبلة ا‪١‬بماعة ٱبشى عليو آفات‪ .‬قاؿ السهركردم‪:‬‬
‫لقد رأينا من يتشوش عقلو ُب خلوتو كلعل ذلك لشؤـ إصراره على ترؾ صبلة ا‪١‬بماعة غّب أنو‬
‫ٱبرج لصبلة ا‪١‬بماعة ذاكرا ال يفَب عن الذكر كال يكثر إرساؿ الطرؼ إٔب ما يرل كال يصغي إٔب‬
‫ما يسمع فيكثر لذلك الوسواس كحديث النفس كا‪٣‬بياؿ كٯبتهد أف ٰبضر مع ا‪١‬بماعة ٕبيث‬
‫يدرؾ مع‬
‫اإلماـ تكبّبة اإلحراـ فإذا سلم انصرؼ إٔب خلوتو‪ ،‬كالسابع عشر احملافظة على األمر الوسط ُب‬
‫الطعاـ ال فوؽ الشبع كال ا‪١‬بوع ا‪٤‬بفرط‪ .‬قاؿ اإلماـ الغزإب هنع هللا يضر‪ :‬اعلم أف ا‪٤‬بطلوب األقصى ُب‬
‫‪ٝ‬بيع األمور كاألخبلؽ الوسط إذ خّب األمور أكساطها ككبل طرُب قصد األمور ذميم كما أكردانه‬
‫ُب فضائل ا‪١‬بوع رٗبا يومئ إٔب أف اإلفراط فيو مطلوب كىيهات فمن أسرار حكمة هللا تعأب ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪539‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الشريعة أف كل ما يطلب الطبع فيو الطرؼ األقصى ككاف فيو فساد جاء الشرع اب‪٤‬ببالغة ُب ا‪٤‬بنع‬
‫منو على كجو يومئ عند ا‪١‬باىل إٔب أف ا‪٤‬بطلوب مضادة ما‬

‫يقتضيو الطبع بغاية األماكن كالعآب يدرؾ أف ا‪٤‬بقصود الوسط ألف الطبع إذا طلب غاية الشبع‬
‫فالشرع ينبغي أف ٲبدح غاية ا‪١‬بوع حٌب يكوف الطبع ابعثا كالشرع مانعا فيتقاكماف كٰبصل‬
‫االعتداؿ فإف من يقدر على قمع الطبع ابلكلية بعيد فيعلم أنو ال ينتهي إٔب الغاية فإنو إف‬
‫أسرؼ مسرؼ ُب مضادة الطبع كاف ُب الشرع أيضا ما يدؿ على إساءتو كما أف الشرع ابلغ ُب‬
‫الثناء على قياـ الليل كصياـ النهار ٍب ‪٤‬با علم النيب ملسو هيلع هللا ىلص من حاؿ بعضهم أنو يصوـ الدىر كلو‬
‫كيقوـ الليل كلو هناه عنو فإذا عرفت ىذا فاعلم أف األفضل‬
‫ابإلضافة إٔب الطبع ا‪٤‬بعتدؿ أف أيكل ٕبيث ال تثقل ا‪٤‬بعدة كال ٰبس أبٓب ا‪١‬بوع بل ينسى بطنو فبل‬
‫يؤثر فيو ا‪١‬بوع أصبل فإف مقصود األكل بقاء ا‪٢‬بياة كقوة العبادة كثقل ا‪٤‬بعدة ٲبنع من العبادة‬
‫كأٓب ا‪١‬بوع أيضا يشغل القلب كٲبنع منها فا‪٤‬بقصود أف أيكل أكبل ال يبقى للمأكوؿ فيو أثر‬
‫ليكوف متشبها اب‪٤‬ببلئكة فإهنم مقدسوف عن ثقل الطعاـ كأٓب ا‪١‬بوع كغاية اإلنساف االقتداء هبم‬
‫كإذا ٓب يكن لئلنساف خبلص من الشبع كا‪١‬بوع فأبعد األحواؿ عن الطرفْب الوسط كىو‬
‫االعتداؿ انتهى‪.‬‬
‫كالثامن عشر إال يناـ إال عن غلبة كحد الغلبة أف يتشوش عليو الذكر فإذا لزـ العبادة كترؾ‬
‫النوـ كاالسَباحة ذىبت عليو األركاف األربعة من الَبابية كا‪٤‬بائية كا‪٥‬بوائية كالنارية فيعرل القلب‬
‫عن العجب فحينئذ ينظر إٔب ا‪٤‬بلكوت بعْب قلبو فيشتاؽ إٔب ربو‪ ،‬التاسع عشر نفي ا‪٣‬بواطر‬
‫خّبا كاف أك شرا دكف االشتغاؿ ابلتمييز إذ ال ‪ٚ‬بلو النفس أف تشتغل ابلفكر فيما خطر فلينف‬
‫من أكؿ األمر ما خطر ببالو ألنو إذا تفكر قويت النفس كضعف القلب فبل يقول النفي بعد‬
‫ذاؾ قاؿ زين الدين ا‪٣‬بواُب‪ :‬جربنا ىذا مرارا كالنفس تفرح كتنشرح ابلفكر‬

‫ُب أمر الكوف فيصعب عليها اإلقباؿ على ا‪٤‬بكوف فإذا ٓب ‪ٛ‬بنعها من الفكر فيما خطر بباؿ‬
‫كأقبلت على الكوف كأعرضت عن ا‪٤‬بكوف كأساءت األدب عوقبت بتسليط ا‪٣‬بواطر كحديث‬
‫النفس عليك كذىبت نضارت الوقت كيتكدر القلب كرٗبا ا‪٪‬بر إٔب النفور عن الذكر كا‪٣‬بلوة‬
‫كأدل إٔب االختبلط أببناء ا‪١‬بنس فوسوس إليك الشيطاف ابلركاح إٔب خلوة تقبل إٔب هللا تعأب‬
‫فشوشت عليك كقتك كشغلتك عن ذكر هللا تعأب فأدركك ا‪٤‬بقت قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من شغل مشغوال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪540‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ابهلل عن هللا أدركو ا‪٤‬بقت ُب الوقت " فحسرت كخسرت ككل ىذه ا‪٤‬بصائب سبب إساءت‬
‫األدب‬
‫كعدـ نفي ا‪٣‬بواطر فليحذر الفطن من إيقاع ا‪٣‬بواطر كال ٯبوز للذاكر ُب مذىب أىل الذكر‬
‫كا‪٣‬بلوة أف يتفكر ُب معُب آية أك حديث أك غّبٮبا إال إذا كرد عليك معُب من ا‪٤‬بعا٘ب أثناء‬
‫الذكر من التنبيهات اإل‪٥‬بية كالواردات ا‪٢‬بقيقية من غّب أتنس ابألفكار البشرية فيهما كيشتغل‬
‫ابلذكر كإف خاؼ على الفوت ابلنسياف لنفاستها فليكتبها سريعا كلّبجع إٔب الذكر كأما ما يرد‬
‫من األشعار كاألسجاع فينفيها كينفي كل خاطر ُب ا‪١‬بملة ٱبطر ابلباؿ كقاؿ ‪٪‬بم الدين البكرم‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬كإ٭با أمران ا‪٤‬بريد ُب االبتداء بنفي ا‪٣‬بواطر ‪ٝ‬بيعا ألنو‬
‫دخل ُب طريقة ليس لو أىلية أف ٲبيز بْب ا‪٣‬بواطر كطريق ‪ٛ‬بييزه أف ينفي ا‪٣‬بواطر ‪ٝ‬بيعا فما كاف‬
‫‪٧‬بمودا كخواطر ا‪٢‬بق كا‪٤‬بلك كالقلب فيثبت كال ينتفي كما كاف للشيطاف كالنفس فبل ينتفي‬
‫كقاؿ الشيخ جربيل ا‪٣‬برماابذم قدس هللا سره العزيز‪ :‬كالذاكر ُب بدئ السلوؾ ينفي ا‪٣‬بواطر‬
‫كال يشتغل ابلتمييز بينهما كبْب معرفة أقسامها ال يكوف إال بتخصيص أنواع األسرار كا‪٤‬ببتدئ ٓب‬
‫يعط لو ىذا ا‪٤‬بقاـ فيجب أف ينفي ا‪١‬بميع لئبل يضيع أكقات ذكره كألف السالك ُب ابتداء أمره‬
‫صاحب الوالية ُب ابطنو النفس كالشيطاف فأكثر خواطره شيطانية كنفسانية‬

‫فيجب النفي لكل‪ .‬ا‪٤‬بوُب عشرين‪ :‬دكاـ ربط القلب ابلشيخ ابالعتقاد كاالتستمداد عل كصف‬
‫التسليم كاحملبة كالتحكيم كيكوف ُب اعتقاده أف ىذا ا‪٤‬بظهر ىو الذم عينو ا‪٢‬بق سبحانو‬
‫لئلفاضة علي كال ٰبصل ٕب الفيض إال بواسطتو دكف غّبه كلو كانت الدنيا كلها ‪٩‬بلوءة اب‪٤‬بشايخ‬
‫كمٌب يكوف ُب ابطن ا‪٤‬بريد تطلع إٔب غّب شيخو ٓب ينفتح ابطنو إٔب ا‪٢‬بضرة الواحدية فاإلنساف ُب‬
‫ا‪١‬بهات كلو بدف كركح كهللا تعأب ا‪٤‬بنزه عن ا‪١‬بهات فحكمتو اقتضت االستفاضة الواحدة إٔب‬
‫ا‪٢‬بضرة الواحدية كىي الكعبة ُب عآب األجساـ كاألبداف كعْب الركح اإلنسا٘ب‬
‫الٍب ىي مهبط الصفات اإل‪٥‬بية جهة كاحدة يكوف من تلك ا‪١‬بهة توجهها إٔب هللا تعأب كتلك‬
‫ا‪١‬بهة ىي ركحانية رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب عآب األركاح فكما ال تقبل الصبلة إال‬
‫ابلتوجو إٔب الكعبة كذلك ال ٰبصل التوجو إٔب هللا تعأب إال ابلتوجو إٔب الكعبة كذلك ال ٰبصل‬
‫إٔب هللا تعأب إال ابتباع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كالتسليم لو كربط القلب بنبوتو كأنو ىو الواسطة بينو كبْب‬
‫هللا تعأب دكف غّبه من األنبياء كأهنم كإف كانوا أنبياء هللا تعأب ككلهم على ا‪٢‬بق كلكن ال ٰبصل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪541‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من هللا تعأب فيض إال ابرتباط‬
‫القلب ٗبحمد رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم فيتوجو البدف إٔب ا‪١‬بهة الواحدة كتوجو‬
‫الركح إٔب ا‪١‬بهة الواحدة حصل لئلنساف استمداد اإلفاضة من ا‪٢‬بضرة الواحدية كمن ىهنا‬
‫يعرؼ أف ا‪٤‬بناسبة بْب ا‪٤‬بفيض كا‪٤‬بستفيض فيما يتعلق ابالستفاضة شرط كقد كرد ُب بعض‬
‫األحاديث على ما أثبت ا‪٤‬بشايخ ُب كتبهم أف الشيخ ُب قومو كالنيب ُب أمتو فبل بد للمريد أف‬
‫يتوجو إٔب شيخو بربط قلبو معو كيتحقق أف القبض ال ٯبيء إال بواسطتو كإف كاف األكلياء كلهم‬
‫ىادين مهتدين يعتقد ُب كلهم كيدعو ‪٥‬بم لكن استمداده ا‪٣‬باص كاستفاضتو يكوف من ركحانية‬

‫شيخو كحده كيعلم أف استمداده من شيخو استمداده من النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم فإف‬
‫شيخو متعلق مستمد من شيخو كشيخو من شيخو أيضا كىكذا إٔب رسوؿ هللا صلى هللا تعأب‬
‫عليو سلم فهذا مستمد اب‪٢‬بقيقة من رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو سلم كىو من ا‪٢‬بق جل ا‪٠‬بو‬
‫سنة هللا الٍب قد خلت من قبل كلن ٘بد لسنة هللا تبديبل فالربط ابلقلب مع الشيخ أصل كبّب ُب‬
‫االستفاضة بل ىو أصل األصوؿ ك‪٥‬بذا ابلغ ا‪٤‬بشايخ قدس هللا تعأب أركاحهم ُب رعاية ىذا‬
‫الشرط فاؿ الشيخ ‪٪‬بم الدين البكرم قدس الو تعأب سره أنو كما أف األستاذ شرط ابلنسبة‬
‫لصنعة ا‪٤‬برآة فكما أف ا‪٤‬بطرقة كالسنداف كا‪٤‬بنفخ كالفحم كالنار كغّبىا من اآلالت إذا اجتمعت‬
‫كال يكوف ٍب أستاذ سصنع ا‪٤‬برآة ال يتحقق كجود ا‪٤‬برآة كذلكم الشرائط للخلوة ال تصفو هبا‬
‫مرآة القلب دكف ربط القلب مع الشيخ كقد جربناىا فوجدانىا كما قاؿ قدس هللا تعأب سره‬
‫كلكن ا‪٤‬بريدين إذا انقطعوا عن الفيض كالَبقي ال ينقطعوف إال من ىذه ا‪١‬بهة أعِب عدـ ربط‬
‫القلب ابلشيخ كالتسليم كاإلذعاف كاحملبة الصادقة كاالمتثاؿ‪.‬‬
‫ا‪٢‬بادم كالعشركف ترؾ االعَباض على هللا تعأب كعلى الشيخ كدكاـ الرضا بقضاء هللا تعأب على‬
‫ما قدر من ا‪٤‬بدد كالفتح كالقبض كالبسط كاتلصحة كا‪٤‬برض مبلحظا قولو تعأب {كعسى أف‬
‫تكرىوا شيئا كىو خّب لكم كعسى أف ‪ٙ‬ببوا شيئا كىو شر لكم كهللا يعلم كأنتم ال تعلموف}‬
‫كقولو تعأب‪{ :‬فبل كربك ال يومنوف حٌب ٰبكموؾ ُب ما شجر بينهم ٍب ال ٯبدكا ُب أنفسهم حرجا‬
‫‪٩‬با قضيت كسلموا تسليما} كمتحققا أف هللا سبحانو كتعأب أرحم ابلعبد من الوالدة بولدىا‬
‫كأعلم ٗبصلحة العبد من نفسو كالشيخ أعلم ٗبزاؿ ا‪٤‬بريد كمضالو كمصا‪٢‬بو كمفاسده‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪542‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمراشده كقد جرب األمور كمارس األحواؿ كركب األىواؿ كبلغ مبلغ الرجاؿ كا‪٤‬بريد كمن‬
‫دخل برية ٓب يسكنها كال يعرؼ مواضع ا‪٣‬بطر كال ٲبيز بْب النفع كالضرر كطبيب ‪٤‬برض اعتقد أف‬
‫الطبيب الفبل٘ب عآب بعبلجو كشفائو من مرضو ا‪٤‬بهلك فيسقيو حلوا كمرا كىو يتناكؿ ما يعطيو‬
‫كيسقيو آمبل لشفائو متيقنا بصحتو من دائو كمٌب ٓب يتناكؿ ما يسقيو من األشربة كاألدكية أٗب‬
‫يزكؿ مرضو ىذا قانوف ا‪٢‬بكمة كالَببية كىذا العآب عآب ا‪٢‬بكمة رتب ا‪٢‬بكيم ا‪٢‬بق سبحانو‬
‫ا‪٤‬بسببات على األسباب كمهد القواعد كالقوانْب كجعل لؤلبواب مفاتيح فاتوا البيوت‬
‫من أبواهبا كافتحوا األبواب ٗبفاتيحها‪ ،‬قاؿ هللا سبحانو‪{ :‬كالذين جاىدكا فينا لنهدينهم سبلنا}‬
‫كقاؿ‪{ :‬إف ىذه تذكرة فمن شاء ا‪ٚ‬بذ إٔب ربو سبيبل} اآلية‪ ،‬كالثا٘ب كالعشركف أهنم ُب أكاف‬
‫خلواهتم ال يفتحوف أبواب خلواهتم جمليء الناس إليهم كزايرهتم كالتربؾ هبم كلينظركا إٔب حاؿ‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب ابتداء أمره كإرادتو تكميل ‪ٝ‬بعيتو على هللا تعأب كيف كاف يتحنث ُب غار‬
‫حراء ٗبكة كال يستصحب أحدا فإذا جاءؾ من يشغلك عن هللا تعأب كال تريد مبلقاتو ‪٢‬بفظ‬
‫حالك كإجراء عزمك فرٗبا يوٮبك الشيطاف كيقوؿ لك أف ىذا‬
‫فبلف فبل ينفعك إف داريتو كيضرؾ إف كاريتو كالنفس تسمع قوؿ الشيطاف فتتساىل ُب أمرؾ مع‬
‫هللا تعأب كمعاملتو فتبتلى حينئذ أبصعب من ذلك كتنصت عليك أمور ال تقدر على مقاكمتها‬
‫فتضطر إٔب ‪ٚ‬بريب األساس كتضييع األصوؿ ك‪٠‬باع كلمات خارجة عن قواعد ا‪٤‬بعقوؿ كا‪٤‬بنقوؿ‬
‫من ظلوـ جهوؿ كرٗبا ا‪٪‬بر إٔب مراعاة دكائو بل احملافظة على كبلمو عدكؿ عن خدمة ا‪٣‬بالق إٔب‬
‫خدمة ا‪٤‬بخلوؽ كلذا قاؿ بعض العلماء قدس هللا تعأب سره‪ :‬من ٓب يعبد ا‪٢‬بق اختيارا يعبد ا‪٣‬بلق‬
‫اضطرارا فاقطع الطمع منو كال ‪ٚ‬بف منو كازىد ُب اعتقاده ككداده كعده ينكر عليك‬

‫كال يعتقد فيك فإف اعتقاد ىؤالء غمرة ا‪٥‬ببلؾ كضمرة النساؾ كلقد رأيت أنواع الضرر كالفتور‬
‫كالقصور من االختبلط أبرابب الدنيا ا‪٤‬بتبعْب للهول كإايؾ كتلبيسات النفس كخدع الشيطاف‬
‫ابإللقاء فيك أف ىذا الشخص يهتدم بك كبكبلمك كينتفع ٗببلقاتك ُب الدين فإهنا من‬
‫شبكات مكر اللعْب‪ .‬كالثالث كالعشركف أهنم إذا شاىدكا أشياء ُب الواقعة الٍب ُب اليقظة أك بْب‬
‫النوـ كاليقظة ال يستحسنوف ذلك كال يستقبحونو كال يزيدكف كال ينقصوف كيعرضوف ‪ٝ‬بيع ذلك‬
‫على شيخهم من غّب طلب أتكيل فرٗبا ال يرل الشيخ ا‪٤‬بصلحة ُب التأكيل كال يكتم عن‬
‫الشيخ كاقعتو فإف الكتماف منو خيانة كهللا ال ٰبب ا‪٣‬بائنْب قاؿ تعأب‪{ :‬إف هللا ايمركم أف تودكا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪543‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫االماانت إٔب أىلها} كال يعرؼ أتكيل كاقعة الذاكر غّب الذاكر كا‪٤‬بعرب ‪٤‬بنامات العواـ ٗبعرفة عن‬
‫معرفة يعرؼ كاقعة الذاكرين السالكْب‪ ،‬قاؿ السهركردم ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬كشرط صحة الواقعة‬
‫اإلخبلص ٍب االستغراؽ ُب الذكر اثنيا كينبغي للمريد أف ال يظهر على كاقعتو غّب شيخو اللهم‬
‫إال أف أيمره إبظهارىا ‪٤‬بصلحة تعود على الفقراء من ترغيب كنشاط كما تقدـ كالرابع كالعشركف‬
‫دكاـ الذكر كاألذكار ىي كما قاؿ شيخنا كسيدان ككسيلتنا إٔب‬
‫ربنا أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو نوعاف نوع منها أذكار تقطع كتزيل‬
‫كل حجاب عن الركح من أم أمر كاف كمنها أذكار ال تقطع كال تزيل إال حجااب كاحدا من نوع‬
‫كاحد فأما الٍب تقطع كتزيل كل حجاب فهي ال إلو إال هللا أك الصبلة على رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم أك سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل أك هللا أكرب كبسمميحرلا نمحرلا هللا أك هللا هللا هللا أك هللا ال‬
‫إلو إال ىو ا‪٢‬بي القيوـ كأما الٍب تقطع كتزيل حجااب كاحدا فهي سائر األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب ككل اسم‬
‫يذىيب ٔبزئ من ا‪٢‬بجاب كال يتعدل للجزء اآلخر أىػ‬

‫كا‪٣‬بامس كالعشركف اإلخبلص كحسم مادة الرايء كطلب السمعة ابلكلية فإف صحة ا‪٣‬بلوة ٗبنية‬
‫على ذلك كال يدخل ا‪٣‬بلوة لقصد كشف كو٘ب ك‪ٙ‬بصيل كرامات عيانية فإف من دخل ا‪٣‬بلوة‬
‫على ىذه األما٘ب كٓب يراع شرط اإلخبلص الصرؼ يتصرؼ فيو الشيطاف كيلعب كيسخر بو‬
‫كيريو األشياء الباطلة بصور ا‪٢‬بق‪ .‬دخل كاحد من األصحاب ُب خسراف ا‪٣‬بلوة ببل إذف ك ببل‬
‫كقت فجاء إليو الشيطاف على صورة ا‪٣‬بضر فقاؿ‪ :‬أتريد أف ‪ٙ‬بصل لك العلوـ اللدنية فقاؿ‪:‬‬
‫نعم ككاف مائبل إٔب أف يتكلم اب‪٤‬بعارؼ على جرايف اللساف فقاؿ لو‪ :‬افتح فاؾ ففتح فاه فرمى‬
‫الشيطاف بصاقو‬
‫ُب فيو ٍب بعد ذلك صنف كتااب مشتمبل على أبواب من ا‪٤‬بعارؼ فلما كصل إٔب ا‪٤‬ببلقاة عرض‬
‫علي ما صنف كحكى كاقعتو فقلت‪ :‬اي مسكْب ذلك الشيطاف جاء إليك ُب صورة ا‪٣‬بضر لعب‬
‫بك كشغلك عن طاعة هللا تعأب كذكره اغسل الكتاب كتب إٔب هللا تعأب من االختبار‪ .‬قاؿ‬
‫الشيخ ‪٪‬بم الدين البكرم قدس هللا تعأب سره العزيز‪ :‬أكؿ ما دخلت ا‪٣‬بلوة كاف ُب قليب نوع‬
‫رايء ك‪٠‬بعة كطلب لكبلـ أىل الطريق حٌب أعظ الناس ُب رؤكس ا‪٤‬بنابر كأعد من ‪ٝ‬بلتهم مع أ٘ب‬
‫لست منهم فأعطيت شيئا من الكشف بقدر ما علمت أف ىذا الطرؽ صحيح كلكن كاف أثناء‬
‫ا‪٣‬بلوة فاسد‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪544‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من أجل أنو ما كاف غرضي صحيحا كنيٍب صادقة ككاف ٕب شيء من الكتب خارج ا‪٣‬بلوة التفت‬
‫إليها فأخرجت من ا‪٣‬بلوة كما دخلت ُب ا‪٢‬بادم عشر ٍب بقيت خارج ا‪٣‬بلوة بقدر ما زاؿ عِب‬
‫ضرر ا‪٣‬بلوة ٍب أردت الدخوؿ إليها فقلت ُب نفسي‪ :‬إف دخلت كما دخلت أخرجت كلكن‬
‫أدخل مدخل صدؽ حٌب أخرج ‪٨‬برج صدؽ فصفيت النية ألجلو ككضعت الركح ُب الكف‬
‫كقلت‪ :‬ىا ىو ذا خذه ككقفت الكتب ككىبت ثيايب كتصدقت ابلدراىم كنبذت الدنيا كراء‬
‫ظهرم كجعلت القيامة بْب عيِب كخلعت عذار العار كالشاف أف يقوؿ الناس يب ذؿ كاستكانة أك‬
‫جن ككاف من أمرم ما كاف كجعلت‬

‫النفس بْب يدم الشيخ كا‪٤‬بيت على اللوح بْب يدم الغاسل فقلت‪ :‬الساعة أدخل القرب فبل‬
‫أنتشر منو إٔب يوـ القيامة حٌب قلت‪ :‬ىذه البقية من الثياب أكفن فيها فإف قوية ا‪٣‬بواطر‬
‫اب‪٣‬بركج من ا‪٣‬بلوة مزقت ثيايب على البدف خرقا حٌب أستحيي من الناس فبل أخرج فيكوف‬
‫حينئذ لباسي جدراف ا‪٣‬بلوة كذلك كلو من شدة شوقو إٔب طلب النجاة فلما دخلت ىكذا ما‬
‫خرجت منها إال إبذف من الشيخ كالواجب على ا‪٤‬بريد الصادؽ أف ٱبلص هلل تعأب بقلبو كقالبو‬
‫ُب ‪ٝ‬بيبع حركاتو كسكناتو كعدـ التطلع كااللتفات إٔب شيء مطلقا سول هللا سبحانو كأف يقطع‬
‫عبلئقو‬
‫من أمور الدنيا قطعا كيصحح غرضو كيصدؽ مع ا‪٢‬بق تعأب كيصفي نيتو من كل شوب‪.‬‬
‫كالسادس كالعشركف أف ال يعْب مدة ٱبرج بعد كما‪٥‬با فإف النفس يصّب ‪٥‬با بذلك تطلع إٔب‬
‫انقضاء ا‪٤‬بدة فإذا كاف األمر على ىذا ٰبصل للقلب الشتات كالتفرقة قاؿ الشيخ ‪٪‬بم الدين‬
‫البكرم قدس هللا تعأب سره العزيز‪ :‬قاؿ للشيخ عمار‪ :‬إذا دخلت ا‪٣‬بلوة فبل ‪ٙ‬بدث نفسك‬
‫أبنك ‪ٚ‬برج بعد األربعْب فإف من حدثها خرج من اليوـ األكؿ كلكن حدثها أبف ىذا قربؾ إٔب‬
‫يوـ القيامة قاؿ‪ :‬كىذا دقيق ال ينتبو لو إال البالغوف كال أينس السائر إٔب ا‪٣‬بلوة إال إذا استوحش‬
‫من‬
‫ضدىا كحينئذ أينس ٗبا دخل ُب ا‪٣‬بلوة ألجلو ٍب ال يزؿ مستأنسا ابلذكر كا‪٣‬بلوة حٌب تنقطع‬
‫عنو األضداد فيكوف حينئذ ابهلل تعأب أنسو كذلك ىو هناية مبدئ صورتو كمن ٍب بداية ا‪٣‬بلوة‬
‫ا‪٤‬بعنوية فيكوف بصورتو مع األغيار كٗبعناه للمعارؼ ككاف ا‪١‬بنيد ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ ‪٤‬بريده ُب‬
‫أكقات ا‪٣‬بلوة‪ :‬إف كاف أنسكم ُب ا‪٣‬بلوة اب‪٣‬بلوة ذىب أنسكم إذا خرجتم منها كإف كاف أنسكم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪545‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب ا‪٣‬بلوة ابهلل تعأب استوت عندكم السحارل كا‪٣‬بلوات كاف صاحب خلوة قد ذكر عند الشيخ‬
‫أيب النجيب السهركردم انتهاء استغراقو ُب الذكر إٔب حد يسمع الذكر من صدره‬

‫كلكنو إذا ‪٠‬بع صوات أك رأل شيئا من عآب الشهادة تشوش عليو الذكر كخرج صده كغضب‬
‫كأنكر فكاف يقوؿ ‪٤‬بريديو‪ :‬ال تكونوا مثلو معناه صححوا األنس ابهلل تعأب حٌب ال يشوشكم‬
‫شيء قلت‪ :‬كلما ُب ىذا الفصل إال قليبل ملخص من الوصااي القدسية كا‪٣‬ببلصة ا‪٤‬برضية كهللا‬
‫تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل ا‪٣‬بامس كاألربعوف‬

‫ُب ذكر بعض خلوات ىذه الطريقة‬


‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أان ‪٤‬با ذكران لك اي أخي ر‪ٞ‬بنا‬
‫هللا تعأب كإايؾ أصل ا‪٣‬بلوة كشركطها كأذكارىا كبينا ‪ٝ‬بيع ذلك حٌب ظهر لك ‪ٝ‬بيع ما ىنالك‬
‫أردت أف أذكر لك بعض خلوات ىذه الطريقة لعلمي أنك تطلب مِب ذلك أتيت لك هبذا‬
‫الفصل كلكِب أقدـ لك كبلما ال غُب لك عنو كىو اف ا‪٤‬بريد الصادؽ الذم يريد أف يراتض‬
‫اب‪٣‬بلوة كغّبىا ٰبتاج كما قاؿ شيخنا القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬
‫كعنا بو إٔب أمور أك‪٥‬با معرفة تعديل ا‪٤‬بزاج ٍب معرفة غاية القصد ٍب معرفة‬
‫كيفية السعي إليو ٍب معرفة ا‪٢‬بجاب القاطع عنو ٍب معرفة كيفية زكالو ٍب معرفة أصوؿ ا‪٢‬بجاب‬
‫الٍب منها مواده ٍب ا‪١‬بد ُب قطع تلك األصوؿ ٍب معرفة األمور الٍب هبا زكاؿ ا‪٢‬بجاب إما كلية أك‬
‫تفصيلية ٍب سل سيف العزـ كركوب جواد اجملاىدة ٗبتابعة ما عرؼ من ىذه األمور كالعمل على‬
‫مقتضاىا أما معرفة تعديل ا‪٤‬بزاج فهو لزكـ طريق االعتداؿ ُب األكل كالشرب من غّب إفراط كال‬
‫تفريط ٍب النظر ُب الوقت كالبلد حرارة كبركدة كرطوبة كيبوسة ككذلك السن ٍب مقاكمة كل ٗبا‬
‫يقويو عن اال‪٫‬براؼ‪ ،‬كأما معرفة غاية القصد فهو رفع ا‪٢‬بجاب عن الركح‬

‫الراب٘ب كرده ُب حالة الصفا الٍب كاف عليها قبل الَبكيب ُب ا‪١‬بسم فإف ىذا الذم يكوف بو‬
‫إدراؾ سائر العلوـ كا‪٤‬بعارؼ كاألحواؿ كاألخبلؽ كا‪٤‬بقامات كالفتوحات كا‪٤‬بواىب كالقرب‬
‫ا‪٢‬بقيقي كبو إدراؾ سعادة الدنيا كاآلخرة كمن فقده ٓب يصل إٔب سعادة اآلخرة كأما معرفة كيفية‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪546‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫السعي إليو فهي متابعة الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب سائر قولو كفعلو كحالو كخلقو إبقامة حقوؽ هللا تعأب عز‬
‫كجل سرا كعبلنية ‪٨‬بلصا هلل تعأب من ‪ٝ‬بيع الشوائب الدنيوية كاألخركية كأف يكوف ذلك هلل‬
‫تعأب تعظيما كإجبلال هلل على بساط الرضا كالتسليم‬
‫كالتعويض كاالعتماد عليو تعأب ُب كل شيء‪ ،‬كأما معرفة ا‪٢‬بجاب القاطع عن ا‪٤‬بطلوب فهو‬
‫غرؽ الركح ُب ٕبر ا‪٢‬بظوظ كالشهوات كتعظيم نفسها كالسعي ُب جلب مصا‪٢‬بها كقطع دفع‬
‫مضارىا ابلزىد فيها ابلكلية لكن بلطف كرفق‪ ،‬كأما معرفة أصوؿ ا‪٢‬بجاب فهو كثرة األكل‬
‫كالشرب كمبلقاة ا‪٣‬بلق ككثرة الكبلـ ككثرة ا‪٤‬بناـ كدكاـ الغفلة عن ذكر هللا تعأب‪ ،‬كأما السعي‬
‫كا‪١‬بد ُب قطع تلك األصوؿ فهو ا‪١‬بوع كالعطش ابلرفق كدكاـ االنقطاع عن مبلقاة ا‪٣‬بلق كدكاـ‬
‫الصمت مطلقا إال ُب ما قل من ضركرايتو كدكاـ السهر ابلرفق كمداكمة ذكر هللا تعأب ابلقلب‬
‫كاللساف دائما أبم ذكر كاف ٍب إف األذكار الٍب هبا زكاؿ ا‪٢‬بجاب منها كليات كىي الٍب تقطع‬
‫ا‪٢‬بجاب عن الركح من أم أمر كاف كمنها تفصيليات كىي الٍب ال تقطع إال حجااب كاحدا من‬
‫نوع كاحد‪ ،‬أما الكليات فهي ال إلو إال هللا أك الصبلة على رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫أك سبحاف هللا كا‪٢‬بمد هلل كهللا أكرب أك بسمميحرلا نمحرلا هللا أك هللا هللا هللا أك هللا ال إلو إال ىو‬
‫ا‪٢‬بي القيوـ‪ ،‬كأما التفصيليات فهي سائر األ‪٠‬باء ا‪٢‬بسُب ككل اسم يذىب ٔبزء من ا‪٢‬بجاب كال‬
‫يتعدل للجزء اآلخر كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق‪.‬‬

‫أما قولو‪ :‬سل سيف العزـ إٔب آخره ٓب يتكلم عليها لوضوحها اىػ كإذا فهمت ىذا فخلوات‬
‫طريقتنا ىذه كثّبة كلكننا نذكر منها ُب ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ ‪ٟ‬بس خلوات‪ :‬األكٔب‪ :‬ا‪٣‬بلوة‬
‫ا‪٤‬بعلومة ا‪٤‬بشهورة الٍب ىي خلوة األربعْب الكليمة كذكرىا أحد األذكار الٍب تقدمت قريبا بعد‬
‫األذكار البلزمة للطريقة كأذكار التحصن ا‪٤‬بعلومة عند أىلها ككذا ُب خلوة أتٌب‪ ،‬كالثانية‪ :‬خلوة‬
‫فا‪ٙ‬بة الكتاب ككيفيتها أف تصوـ أربعْب يوما ك‪ٙ‬بَبز فيها من أكل ا‪٢‬بيواف كما ٱبرج منو كتقرأ‬
‫الدعاء الذم أيٌب ذكره بعد كل فريضة أربعْب مرة‪ ،‬كأما الفا‪ٙ‬بة فبل تفَب‬
‫عنها ليبل كهنارا إال لغلبة نوـ‪ ،‬كأما الدعاء فهو ىذا الدعاء ا‪٤‬ببارؾ‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ا‪٢‬بمد‬
‫هلل رب العا‪٤‬بْب الر‪ٞ‬بن الرحيم ملك يوـ الدين إٔب آخره ال إلو إال هللا ا‪٤‬بلك الفتاح الرزاؽ الكر‪ٙ‬ب‬
‫الوىاب ال إلو إال هللا ا‪٤‬بلك ا‪٢‬بي القيوـ ال إلو إال هللا ا‪٤‬بلك العزيز الرحيم العلي الكبّب ا‪٤‬بتعاؿ‬
‫اي إلو اآل‪٥‬بة كإ‪٥‬بكم إلو كاحد ال إلو إال ىو الر‪ٞ‬بن الرحيم ابأل‪٠‬باء الرابنية أٓب هللا ال إلو إال ىو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪547‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٢‬بي القيوـ ابإلرادة األزلية إ٭با قولنا لشيء إذا أردانه أف نقوؿ لو كن فيكوف ابألقساـ السراينية‬
‫كهيعص طو طسم‬
‫طس يس ابإلشارة الرابنية النورانية حم عسق ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب ابلصمدانية‬
‫الوحدانية قل ىو هللا أحد إْب اي رب ابلنور ا‪٤‬بكنوف ٍب ابللوح ا‪٤‬بصوف ٍب ابلسر ا‪٤‬بخزكف ٍب‬
‫ابلقلم كالنوف ٍب أب‪٠‬باء الر‪ٞ‬بن ابختبلؼ األلواف بلطف الرضواف بسعة الغفراف ٗبتشابو القرآف‬
‫هبيبة ا‪٤‬بناف بعدؿ الدايف اي حنٌاف اي مناف اي كر‪ٙ‬ب اي رحيم اي ر‪ٞ‬بن أسألك أف تصلي على سيدان‬
‫دمحم رسولك كأف تسخر ٕب خداـ ىذه السورة كاأل‪٠‬باء كأف ٘بمع مشلي بنبيك سيدان كموالان دمحم‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم تسخّبا ترفعِب بو من ا‪٤‬بلك إٔب ا‪٤‬بلكوت‬

‫كمن العزة إٔب ا‪١‬بربكت فأحيا برؤية كماؿ جبللك كال ا‪٤‬بوت إال مع النبيْب كالصديقْب كالشهداء‬
‫كالصا‪٢‬بْب كحسن أكلئك رفيقا ذلك الفضل من هللا ككفى ابهلل عليما اللهم صل على رسولك‬
‫سيدان دمحم كعلى آلو الطيبْب الطاىرين كعلينا معهم بر‪ٞ‬بتك اي أرحم الرا‪ٞ‬بْب‪ .‬كالثالثة خلوة‬
‫الفا‪ٙ‬بة أيضا كىي أف يبلزـ قراءهتا اب‪٣‬بلوة أربعْب يوما‪.‬‬
‫كالرابعة خلوة البسملة كخلوهتا تسعة عشر يوما كمن فاتو سر بسمميحرلا نمحرلا هللا فبل يطمع‬
‫أف يفتح عليو بشيء فإهنا الباب ا‪٤‬بفتوح كالسر ا‪٤‬بمنوح كفضائلها ‪ٝ‬بة يعرفها كل األمة كتتلى‬
‫كل يوـ ُب ا‪٣‬بلوة تسعة عشر ألفا‪ .‬كا‪٣‬بامسة خلوة الياقوتة الفريدة كخلوهتا عشركف يوما تتلى‬
‫كل يوـ ُب ا‪٣‬بلوة ألفي مرة كىذا العدد ال بد منو كبعد ‪ٛ‬بامو يقرؤىا دكاما على حسب الطاقة‬
‫انتهى ما أردان ذكره منها كلكل كاحد منها ‪ٜ‬برات ال ٲبكن حصرىا منعِب من ذكر بعضها ا‪٣‬بوؼ‬
‫من شياطْب الطلبة كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو‬
‫كتعأب ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل السادس كاألربعوف‬

‫ُب ا‪١‬بواب عنو رضي هللا تعأب عنو ُب مسائل متفرقة أخذىا عن النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫شفاىا ما من كاحدة منها إال كفيها من الفضل كاألسرار ما ال ٰبيط بو إال مواله الكر‪ٙ‬ب الوىاب‬
‫كجده عليو من هللا تعأب أفضل الصبلة كأزكى السبلـ قد يعَبض فيها بعض من ال قدـ لو ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪548‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العلم كمرادان تنبيهو على قصور علمو كسوء فهمو ألهنا كلها منصوص عليها ُب مذىب إمامو‬
‫كغّبه من ا‪٤‬بذاىب كإف كنا قد قدمنا أف أصحاب الفتح األكابر ال يتقيدكف ٗبذىب من مذاىب‬
‫اجملتهدين بل يدكركف مع‬
‫ا‪٢‬بق عند هللا تعأب أينما دار‬

‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬منها إىداء الثواب للنيب صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم اعلم أف ُب ىذه ا‪٤‬بسألة سؤالْب أحدٮبا‪ :‬ىل ينتفع النيب صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم ٗبا هنديو إليو صلى هللا تعأب عليو كسلم من ثواب صبلتنا صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫كغّبىا من األعماؿ كاألقواؿ أكال ينتفع بشيء من ذلك كالنفع عائد إلينا؟ كالثا٘ب‪ :‬ىل إىداء‬
‫الثواب إليو صلى هللا تعأب عليو كسلم جائز ُب الشرع أـ ال؟ أما األكؿ فا‪١‬بواب كهللا ا‪٤‬بوفق ٗبنو‬
‫للصواب أف النيب صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم ال ينتفع بشيء من ذلك كإ٭با النفع عائد إلينا كأما الثا٘ب‪ :‬فا‪١‬بواب أنو‬
‫جائز كفيو خّب كثّب كفضل جسيم للعامل كالدليل على جوازه كعلى أف النفع عائد إلينا فقط ما‬
‫ركاه أ‪ٞ‬بد كالَبمذم كا‪٢‬باكم كصححو كقاؿ الَبمذم حسن صحيح عن كعب بن عجرة قاؿ‪:‬‬
‫قلت‪ :‬اي رسوؿ هللا إ٘ب أكثر الصبلة عليك فكم أجعل لك من صبلٌب قاؿ ما شئت قلت‪:‬‬
‫الربع قاؿ‪ :‬ما شئت كإف زدت فهو خّب لك قلت النصف قاؿ‪:‬ما شئت كإف زدت فهو خّب‬
‫لك قلت‪ :‬أجعل صبلٌب كلها لك قاؿ‪ :‬إذف تكفى ٮبك كيغفر ذنبك كُب ركاية ‪٥‬بم إذف يكفيك‬
‫هللا ىم دنياؾ‬
‫كآخرتك‪ .‬قاؿ الشعرا٘ب ُب العهود احملمدية‪ :‬قولو‪ :‬فكم أجعل لك من صبلٌب؟ قاؿ ا‪٢‬بافظ‬
‫ا‪٤‬بنذرم أم كم أجعل لك من دعائي صبلة عليك أىػ‪ٍ .‬ب قاؿ الشيخ أبو ا‪٤‬بواىب‪ :‬رأيت النيب‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم فقلت لو‪ :‬اي رسوؿ هللا ما معُب قوؿ كعب بن عجرة فكم أجعل لك‬
‫من صبلٌب؟ قاؿ‪ :‬أف تصلي علي كهتدم ثواب ذلك إٕب ال إٔب نفسك أىػ‪.‬‬

‫ٍب قاؿ‪ :‬كقد حبب ٕب أف أذكر لك ‪ٝ‬بلة من فوائد الصبلة على سوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص تشويقا لك لعل‬
‫هللا تعأب أف يرزقك ‪٧‬ببتو ا‪٣‬بالصة فيكوف شغلك ُب أكثر أكقاتك الصبلة على سوؿ هللا صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم كتصّب هتدم كل عمل عملتو ُب صحيفة رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم كما أشار إليو كعب بن عجرة إ٘ب أجعل لك صبلٌب كلها أم أجعل لك ثواب أعمإب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪549‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فقاؿ لو النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم إذف يكفيك هللا تعأب ىم دنياؾ كآخرتك أىػ‪.‬‬
‫كُب ا‪٤‬بواىب كغّبىا إف كعب بن عجرة قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬اي رسوؿ هللا إ٘ب أكثر الصبلة عليك فكم‬
‫أجعل لك من صبلٌب قاؿ‪ :‬ما شئت قلت‪ :‬الربع قاؿ‪ :‬ما شئت كإف زدت فهو خّب لك قلت‪:‬‬
‫النصف قاؿ‪ :‬ما شئت كإف زدت فهو خّب لك قلت‪ :‬أجعل صبلٌب كلها لك قاؿ‪ :‬إذف تكفى‬
‫ٮبك كيغفر ذنبك أىػ‪ .‬كىذا صريح ُب جواز إىداء الثواب للنيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫كقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم لكعب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬إذف تكفى ٮبك كيغفر ذنبك دليل‬
‫على فضيلة إىداء الثواب للنيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كعلى أف نفعو راجع إٔب ا‪٤‬بهدم ال‬
‫إليو صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم كما تقدـ‪ .‬كُب حاشية البنا٘ب على شرح الزرقا٘ب عند قوؿ ا‪٤‬بصنف‪ :‬كتطوع‬
‫كليو عنو بغّبه كصدقة كدعاء نقل ا‪٢‬بطاب ىنا ما للعلماء من ا‪٣‬ببلؼ ُب جواز إىداء ثواب‬
‫قراءة القرآف للنيب ملسو هيلع هللا ىلص أك شيء من القرب قاؿ‪ :‬كجلهم أجاب اب‪٤‬بنع قاؿ‪ :‬ألنو ٓب يرد فيو أثر‬
‫كال شيء عمن يقتضي بو من السلف انظره كقد اعَبضو ابن ذكرم ٕبديث كعب بن عجرة‬
‫كذكر ا‪٢‬بديث إٔب آخره كمثلو ُب حاشية الدسوقي نقبل عن البنا٘ب‪.‬‬

‫كقاؿ الشيخ الدردير ُب شرحو على ا‪٤‬بختصر ُب ىذا احملل بعد أف ذكر ا‪٣‬ببلؼ بْب العلماء ُب‬
‫كراىتو كجوازه‪ :‬ككثّب من الصوفية على ا‪١‬بواز كإذا تقرر ىذا فاعلم أف شيخنا رضي هللا تعأب‬
‫عنو كأرضاه كعنا بو سئل عن مسألة إىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص فأجاب رضي هللا تعأب عنو كما ُب‬
‫جواىر ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬اعلم أنو صلى هللا تعأب عليو كسلم غِب عن ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق ‪ٝ‬بلة كتفصيبل فردا فردا‬
‫كعن صبلهتم عليو صلى هللا تعأب عليو كسلم فردا فردا كعن إىدائهم ثواب األعماؿ لو صلى‬
‫هللا عليو كسلم بربو أكال كٗبا منحو من سوابغ فضلو ككماؿ‬
‫طولو فهو ُب ذلك عند ربو صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب غاية ال ٲبكن كصوؿ غّبه إليها كال‬
‫يطلب معها من غّبه زايدة أك إفادة يشهد لذلك قولو سبحانو كتعأب‪{ :‬كلسوؼ يعطيك ربك‬
‫فَبضى} كىذا العطاء كإف كرد من ا‪٢‬بق هبذه الصفة سهلة ا‪٤‬بأخذ قريبة احملتد فإف ‪٥‬با غاية ال‬
‫تدرؾ العقوؿ أصغرىا فضبل عن الغاية الٍب ىي أكربىا فإف ا‪٢‬بق سبحانو كتعأب يعطيو من فضلو‬
‫على قدر سعة ربوبيتو كيفيض على مرتبتو ملسو هيلع هللا ىلص على قدر حضوتو عنده كمكانتو كما ظنك بعطاء‬
‫يرد من مرتبة ال غاية ‪٥‬با كعظمة ذلك العطاء على قدر تلك ا‪٤‬برتبة ٍب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪550‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يرد على مرتبة ال غاية ‪٥‬با أيضا كعظمتو على قدر كسعها أيضا فكيف يقدر ىذا العطاء ككيف‬
‫‪ٙ‬بمل العقوؿ سعتو كلذا قاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬ككاف فضل هللا عليك عظيما} كأقل مراتبو ُب‬
‫غناه ملسو هيلع هللا ىلص أنو من لدف بعثو إٔب قياـ الساعة كل عامل يعمل هلل تعأب ‪٩‬بن دخل ُب طوؼ رسالتو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يكوف لو من ثواب عملو ابلغا ما بلغ فليس ٰبتاج مع ىذه ا‪٤‬برتبة إٔب إىداء الثواب لو ‪٤‬با‬
‫فيها من كماؿ الغُب الذم ال حد لو كىذه أصغر مراتب غناه ملسو هيلع هللا ىلص فكيف ٗبا كراءىا من الفيض‬
‫ال تطيق ‪ٞ‬بلو عقوؿ األقطاب فضبل عمن دكهنم‪ ،‬كإذا الكرب كالفضل األعظم األخطر الذم‬
‫عرفت ىذا فاعلم أنو ليست لو حاجة إٔب صبلة ا‪٤‬بصلْب عليو كال شرعت ‪٥‬بم ليحصل لو النفع‬
‫هبا ملسو هيلع هللا ىلص كليست لو حاجة إٔب إىداء الثواب ‪٩‬بن يهدم لو ثواب األعماؿ كما مثل ا‪٤‬بهدم لو ُب‬
‫ىذا الباب ثواب األعماؿ متوٮبا أنو يزيده بو ملسو هيلع هللا ىلص أك ٰبصل لو بو نفعا إال كمن رمى نقطة ُب ٕبر‬
‫طولو مسّبة عشرة آالؼ كعرضو كذلك كعمقو كذلك متوٮبا أنو ٲبد ىذا البحر هبذه النقطة‬
‫كيزيده فأم حاجة ‪٥‬بذا البحر هبذه النقطة كما عسى أف تزيد فيو‪ ،‬كإذا عرفت رتبة غناه صلى‬
‫هللا عليو كسلم كحظوتو عند ربو فاعلم أف أمر هللا تعأب العباد ابلصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص ليعرفهم علو‬
‫مقداره عنده كشفوؼ مرتبتو لديو كعلو اصطفائو على ‪ٝ‬بيع ا‪٣‬بلق كليخربىم أنو ال يقبل العمل‬
‫من عامل إال ابلتوسل إٔب هللا تعأب بو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمن طلب القرب من هللا كالتوجو إليو دكف التوسل‬
‫بو ملسو هيلع هللا ىلص معرضا عن كر‪ٙ‬ب جنابو كمدبرا عن تشريع خطابو كاف مستوجبا من هللا تعأب غاية السخط‬
‫كالغضب كغاية اللعن كالطرد كالبعد كضل سعيو كخسر عملو كال كسيلة إٔب هللا تعأب إال بو‬
‫كالصبلة عليو صلى‬
‫هللا عليو كسلم كامتثاؿ أمر شرعو فإذف فالصبلة عليو ملسو هيلع هللا ىلص فيها تعريف لنا بعلو مقداره عند ربو‬
‫كفيها تعليم لنا ابلتوسل بو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ‪ٝ‬بيع التوجهات كا‪٤‬بطالب ال غّب أين ىذا من توىم النفع لو‬
‫هبا ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬با ذكرانه سابقا من كماؿ الغُب‪ ،‬كأما إىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص فتعقل ما ذكران من الغُب‬
‫أكال ٍب تعقل مثاال آخر يضرب إلىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص ٗبلك عظيم ا‪٤‬بملكة ضخم السلطنة قد‬
‫أكٌب ُب ‪٩‬بلكتو من كل متموؿ خزائن ال حد لعددىا كل خزانة عرضها كطو‪٥‬با ما بْب‬

‫السماء كاألرض ‪٩‬بلوءة كل خزانة على ىذا القدر ايقوات أك ذىبا أك فضة أك زركعا أك غّبىا من‬
‫ا‪٤‬بتموالت ٍب قدر فقّبا ال ٲبلك مثبل غّب خبزتْب ُب دنياه يسمع اب‪٤‬بلك كاشتد حبو كتعظيمو ُب‬
‫قلبو فأىدل لذلك ا‪٤‬بلك إحدل ا‪٣‬ببزتْب معظما لو ك‪٧‬ببا كا‪٤‬بلك متسع الكرـ فبل شك أف ا‪٣‬ببزة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪551‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ال تقع منو بباؿ ‪٤‬با ىو فيو من الغُب الذم ال حد لو فوجودىا عنده كعدمو على حد سواء ٍب‬
‫ا‪٤‬بلك التساع كرمو علم فقر الفقّب كغاية جهده ك صدؽ حبو كتعظيمو ُب قلبو كأنو ما أىدل لو‬
‫ا‪٣‬ببزة إال ألجل ذلك كلو قدر على أكثر من ذلك ألىداه لو فا‪٤‬بلك يظهر‬
‫الفرح كالسركر لذلك الفقّب كهبديتو ألجل تعظيمو لو كصدؽ حبو ال ألجل انتفاعو اب‪٣‬ببزة‬
‫كيثيب على تلك ا‪٣‬ببزة ٗبا ال يقدر قدره من العطاء ألجل صدؽ احملبة كالتعظيم ال ألجل النفع‬
‫اب‪٣‬ببزة كعلى ىذا التقدير كضرب ا‪٤‬بثل قدر إىداء الثواب لو ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كأما غناه عنو ملسو هيلع هللا ىلص فقد تقدـ‬
‫ذكره ُب ضرب ا‪٤‬بثل بعظمة البحر ا‪٤‬بذكورة أكال كإمداده بنقطة كأما إىداؤه لو ملسو هيلع هللا ىلص فقد ذكر‬
‫ا‪٤‬بثل لو إبىداء ا‪٣‬ببزة للملك ا‪٤‬بذكور كالسبلـ كمنها البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة فاعلم أنو‬
‫ينبغي أف نبْب أكال‬
‫اختبلؼ العلماء ُب البسملة ىل ىي آية من الفا‪ٙ‬بة كغّبىا من السور سول براءة أك ال إذ ال‬
‫يتبْب حكمها ُب الصبلة إال بذلك فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنتو إٔب سواء الطريق‪:‬‬
‫قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬ذىب الشافعي ك‪ٝ‬باعة من العلماء إٔب أهنا آية من الفا‪ٙ‬بة كمن كل سورة‬
‫ذكرت ُب أك‪٥‬با سول براءة كىو قولو ابن عباس كابن عمر كأيب ىريرة كسعيد بن جبّب كعطاء‬
‫كابن ا‪٤‬ببارؾ كأ‪ٞ‬بد ُب غحدل الركايتْب عنو كإسحاؽ كنقل البيهقي ىذا القوؿ عن علي بن أيب‬
‫طالب كالزىرم كالثورم كدمحم بن كعب كذىب األكزاعي كمالك كأبو حنيفة إٔب‬

‫أف البسملة ليست آية من الفا‪ٙ‬بة زاد أبو داككد كال من غّبىا من السور كإ٭با ىي بعض آية ُب‬
‫سورة النمل كإ٭با كتبت للفصل كالتربؾ قاؿ مالك كال يفتتح هبا ُب الصبلة ا‪٤‬بفركضة كللشافعي‬
‫قوؿ أبهنا ليست من أكائل السور مع القطع أبهنا من الفا‪ٙ‬بة كأما حجة من منع كوف البسملة‬
‫آية من الفا‪ٙ‬بة كغّبىا ٕبديث أنس ا‪٤‬بشهور ا‪٤‬بخرج ُب الصحيحْب كحديث عائشة رضي هللا‬
‫تعأب عنها قالت‪ :‬كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يفتتح الصبلة ابلتكبّب كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب قالوا‪ :‬ألف‬
‫أكؿ ما نزؿ بو جربيل‪{ :‬اقرأ ابسم ربك الذم خلق} كٓب يذكر‬
‫البسملة ُب أك‪٥‬با فدؿ على أهنا ليست منها قالوا‪ :‬كألف ‪٧‬بل القرآف ال يثبت إال ابلتواتر‬
‫كاالستفاضة كألف الصحابة أ‪ٝ‬بعوا على عدد كثّب من السور منها سورة ا‪٤‬بلك ثبلثوف آية كسورة‬
‫الكوثر ثبلث آايت كسورة اإلخبلص أربع آايت فلو كانت البسملة منها كانت ‪ٟ‬بسا كأما حجة‬
‫من ذىب إٔب إثباهتا ُب أكؿ السور من جهة النقل ما قد صح عن أـ سلمة رضي هللا تعأب عنها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪552‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قرأ البسملة ُب أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة كعدىا آية منها‪.‬‬
‫كعن ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما ُب قولو تعأب‪{ :‬كلقد آتيناؾ سبعا من ا‪٤‬بثا٘ب كالقرآف‬
‫العظيم} قاؿ‪ :‬ىي فا‪ٙ‬بة الكتاب قيل‪ :‬فأين السابعة؟ قاؿ‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ .‬أخرجهما ابن‬
‫خزٲبة كغّبه‪ .‬كركم عن ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص كاف ال يعلم فصل‬
‫السورة‪ ،‬كُب ركاية‪ :‬انقضاء السورة حٌب ينزؿ عليو بسمميحرلا نمحرلا هللا ‪ .‬أخرجو أبو داككد‬
‫كا‪٢‬باكم أبو عبد هللا ُب مستدركو كقاؿ فيو أنو صحيح على شرط الشيخْب‪.‬‬

‫كركل الدارقطِب عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إذا قرأًب ا‪٢‬بمد هلل‬
‫فاقرأكا بسمميحرلا نمحرلا هللا فإهنا أـ القرآف كأـ الكتاب كالسبع ا‪٤‬بثا٘ب بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬
‫إحدل آايهتا" رجاؿ إسناده كلهم ثقات كركم موقوفا‪ .‬كركل الدارقطِب عن أـ سلمة رضي هللا‬
‫تعأب عنها أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم كاف يقرأ‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ا‪٢‬بمد هلل‬
‫رب العا‪٤‬بْب إٔب آخرىا قطعها آية آية كعددىا عدد األعراب كعد بسمميحرلا نمحرلا هللا آية كٓب‬
‫يعد‪.‬‬
‫كأخرج مسلم ُب أفراده عن أنس بن مالك هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬بينا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ذات يوـ بْب أظهران إذ‬
‫علي آنفا‬
‫أغفى إغفاءة ٍب رفع رأسو مبتسما فقلنا‪ :‬ما أضحكك اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪" :‬أنزلت ٌ‬
‫سورة فقرأ‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا إان أعطيناؾ الكوثر" ا‪٢‬بديث‪ ،‬قاؿ البيهقي‪ :‬أحسن ما احتج‬
‫بو أصحابنا ُب أف بسمميحرلا نمحرلا هللا من القرآف كأهنا من فواتح السور سول براءة ما ركيناه‬
‫ُب ‪ٝ‬بع الصحابة كتاب هللا عز كجل ُب ا‪٤‬بصاحف كأهنم كتبوا فيها بسمميحرلا نمحرلا هللا على‬
‫رأس كل سورة سول سورة براءة فكيف يتوىم‬
‫متوىم أهنم كتبوا مائة كثبلث عشرة آية ليست من القرآف إٔب أف قاؿ‪ :‬كقد علمنا ابلركاايت‬
‫الصحيحة عن ابن عباس رضي هللا عنهما أنو كاف يعد بسمميحرلا نمحرلا هللا آية من الفا‪ٙ‬بة‪.‬‬
‫كركل الشافعي بسنده عن ابن عمر رضي هللا تعأب عنهما أنو كاف ال يدع بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬
‫ألـ القرآف كالسورة الٍب بعدىا‪ ،‬زاد غّبه أنو كاف يقوؿ ‪٤‬با كتبت ُب ا‪٤‬بصحف ٓب يقرأ‪ .‬كركل‬
‫الشافعي عن ابن عباس رضي هللا عنهما أنو كاف يفعلو كيقوؿ‪ :‬انتزع الشيطاف منهم خّب آية ُب‬
‫القرآف‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪553‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كُب أفراد البخارم من حديث أنس هنع هللا يضر أنو سئل‪ :‬كيف قراءة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬كانت مدا ٍب‬
‫قرأ‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا ٲبد هللا كٲبد الر‪ٞ‬بن كٲبد الرحيم‪ .‬كقد ثبت هبذه األدلة الصحيحة‬
‫الواضحة أف البسملة من الفا‪ٙ‬بة كمن كل موضع ذكرت فيو كأيضا فالصحابة أ‪ٝ‬بعوا على إثباهتا‬
‫ُب ا‪٤‬بصاحف كأهنم طلبوا بكتابة ا‪٤‬بصاحف ٘بريد كبلـ هللا عز كجل ا‪٤‬بنزؿ على دمحم صلى هللا‬
‫عليو كسلم قرآان كتدكينو من غّب أف يزيدكا فيو أك ينقصوا فيو كلذا ٓب يكتبوا فيو لفظة آمْب أك‬
‫من كاف قد كرد أنو كاف يقو‪٥‬با بعد‬
‫الفا‪ٙ‬بة‪ ،‬فلو ٓب تكن البسملة من القرآف ُب أكائل السور ‪٤‬با كتبوىا ككاف حكمها كحكم آمْب‪.‬‬
‫كُب السراج ا‪٤‬بنّب‪ :‬بسمميحرلا نمحرلا هللا آية من الفا‪ٙ‬بة كعليو قراءة مكة كالكوفة كفقهاؤٮبا‬
‫كابن ا‪٤‬ببارؾ كالشافعي كقيل‪ :‬ليست منها كعليو قراء ا‪٤‬بدينة كالبصرة كالشاـ كفقهاؤىم‬
‫كاألكزاعي كمالك‪ ،‬كيدؿ لؤلكؿ ما ركم أنو ملسو هيلع هللا ىلص عد الفا‪ٙ‬بة سبع آايت كعد‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا آية منها‪ ،‬ركاه البخارم‪.‬‬
‫كركل الدارقطِب عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو أنو ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬إذا قرأًب ا‪٢‬بمد هلل فاقرأكا‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا إهنا أـ القرآف كأـ الكتاب كالسبع ا‪٤‬بثا٘ب كبسمميحرلا نمحرلا هللا إحدل‬
‫آايهتا"‪ .‬كركل ابن خزٲبة بسند صحيح عن أـ سلمة رضي هللا تعأب عنها أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص عد‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا آية كا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب ست آايت كآية من كل سورة إال براءة إل‪ٝ‬باع‬
‫الصحابة على إثباهتا ُب ا‪٤‬بصحف ٖبطو أكائل السور سول سورة براءة مع ا‪٤‬ببالغة ُب ٘بريد‬
‫القرآف عن األعشار كتراجم السور‬

‫كالتعوذ حٌب ٓب تكتب آمْب‪ ،‬فلو ٓب تكن قرآان ‪٤‬با أجازكا ذلك ألنو يؤدم إٔب اعتقاد ما ليس‬
‫بقرآف قرآان‪ ،‬كأيضا ىي آية من القرآف ُب سورة النمل قطعا ٍب إان نراىا مكررة ٖبط القرآف‬
‫فوجب أف تكوف منو كما أان ‪٤‬با رأينا قولو تعأب‪{ :‬فبأم آالء ربكما تكذابف} كقولو‪{ :‬كيل‬
‫يومئذ للمكذبْب} مكررا ُب القرآف ٖبط كاحد بسورة كاحدة قلنا إف الكل من القرآف‪.‬‬
‫فإف قيل‪ :‬لعلها ثبتت للفصلي أجيب أبنو يلزـ عليو اعتقاد ما ليس بقرآف قرآان كإثباهتا ُب أكؿ‬
‫براءة كٓب تثبت ُب أكؿ الفا‪ٙ‬بة‪ ،‬فإف قيل‪ :‬القرآف إ٭با تثبت ابلتواتر أجيب أبف ‪٧‬بلو ُب ما يثبت‬
‫قرآان أما ما يثبت قرآان حكما فيكفي فيو الظن كما يكفي ُب كل ظِب خبلفا للقاضي أيب بكر‬
‫الببليبل٘ب كأيضا إثباهتا ُب ا‪٤‬بصحف ٖبطو من غّب نكّب ُب معُب التواتر كأيضا قد يثبت التواتر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪554‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عند قوـ دكف آخرين‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬لو كانت قرآان لكفر جاحدىا أجيب أبهنا لو ٓب تكن قرآان لكفر مثبتها كأيضا ال‬
‫يكوف ابلظنيات‪ ،‬أما براءة فليست البسملة آية منها إب‪ٝ‬باع كأما حكمها ُب الصبلة فاعلم أف‬
‫إ‪ٝ‬باع األمة قد انعقد على أف من قرأىا أكؿ الفا‪ٙ‬بة فصبلتو صحيحة كٓب يقل أحد من العلماء‬
‫ببطبلف صبلة قارئها ٍب اختلفوا بعد ذلك فقاؿ بعضهم‪ :‬ال تصح صبلة اتركها أصبل كىو‬
‫مذىب الشافعي كبعض العلماء‪ ،‬كأما مذىب مالك ففي قراءهتا أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الفريضة أربعة‬
‫أقواؿ‪ :‬الوجوب كالندب كاإلابحة كالكراىة كلكن ‪٧‬بل كراىة البسملة ُب الفريضة إذا أتى هبا‬
‫على كجو أهنا فرض من غّب تقليد ‪٤‬بن يقوؿ بوجوهبا أما إذا أتى هبا مقلدا لو أك يقصد ا‪٣‬بركج‬
‫من ا‪٣‬ببلؼ من غّب تعرض لفريضة كال تقليد فبل كراىة بل كاجبة إذا قلد القائل ابلوجوب‬
‫كمستحبة بغّبىا ىذا ىو مذىب مالك هنع هللا يضر ككذب غّب ىذا كما سيأٌب إف شاء هللا تعأب بيانو‬
‫ابلنقوؿ الصحيحة كالدالئل الواضحة الصرٰبة‪.‬‬

‫إف قلت‪ :‬ىات النصوص ا‪٤‬بوافقة ‪٤‬با ذكرت قلت‪ :‬قاؿ ُب لباب التأكيل‪ :‬إذا ثبت ٗبا تقدـ من‬
‫األدلة أف البسملة من الفا‪ٙ‬بة كمن غّبىا من السور فيجهر ٗبا مع الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة ا‪١‬بهرية‬
‫كيسر هبا مع الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة السرية ك‪٩‬بن قاؿ اب‪١‬بهر من الصحابة أبو ىريرة كابن عباس كابن‬
‫عمر كابن الزبّب مهنع هللا يضر ك‪٩‬بن بعدىم سعيد بن جبّب كأبو قبلبة كالزىرم كعكرمة كعطاء كطاككس‬
‫ك‪٦‬باىد كعلي بن ا‪٢‬بسْب كسآب بن عبد هللا كدمحم بن كعب القرظي كابن سّبين كابن ا‪٤‬بنكدر‬
‫مؤب ابن عمر كيزيد بن أسلم كمكحوؿ كعمر بن عبد العزيز كعمرك بن‬
‫دينار كمسلم بن خالد كإليو ذىب الشافعي كأحد قوٕب أكىب صاحب مالك كٰبٓب أيضا عن‬
‫ابن ا‪٤‬ببارؾ كأيب ثور كقيل يسر هبا مطلقا ك‪٩‬بن ذىب إٔب اإلسرار هبا من الصحابة أبوبكر كعمر‬
‫كعثماف كعلي كابن مسعود كعمار بن ايسر كابن معقل كغّبىم مهنع هللا يضر ك‪٩‬بن بعدىم ا‪٢‬بسن كالشعيب‬
‫كإبراىيم النخعي كقتادة كاألعمش كالثورم كإليو ذىب مالك كأ‪ٞ‬بد كغّبىم‪.‬‬
‫كأما حجة من قاؿ اب‪١‬بهر فقد ركل ‪ٝ‬باعة منهم أبو ىريرة كابن عباس كعلي بن أيب طالب ك‪٠‬برة‬
‫بن جندب كأـ سلمة مهنع هللا يضر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص جهر ابلبسملة فمنهم من صرح بذلك كمنهم من أكمأ‬
‫بذلك ُب عبارتو كٓب يرد ُب صريح اإلسرار هبا عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص إال ركايتاف أحدٮبا ضعيفة كىي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪555‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ركاية عبد هللا بن معقل كاألخرل عن أنس ُب الصحيح كىي معللة ٗبا أكجب سقوط االحتجاج‬
‫هبا‪.‬‬

‫كركل نعيم بن عبد هللا قاؿ‪ :‬صليت كراء أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو فقاؿ‪:‬‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ٍب قرأ أبـ القرآف كذكر ا‪٢‬بديث كفيو‪ٍ :‬ب يقوؿ إذا سلم‪ :‬إ٘ب ألشبهكم‬
‫برسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬أخرجو النسائي كابن خزٲبة ُب صحيحو كقاؿ‪ :‬إ٭با ا‪١‬بهر ببسم هللا الر‪ٞ‬بن‬
‫الرحيم فقد صح كثبت عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كركل الدارقطِب بسنده عن أيب ىريرة هنع هللا يضر عن النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ :‬كاف إذا قرأ كىو يؤـ الناس افتتح ببسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحيم قاؿ الدارقطِب‪ :‬رجالو كلهم‬
‫ثقات‪.‬‬
‫كعن ابن عباس رضي هللا عنهما قاؿ‪ :‬كاف النيب ملسو هيلع هللا ىلص ٯبهر ببسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحيم‪ .‬أخرجو‬
‫الدارقطِب كقاؿ‪ :‬ليس ُب ركايتو ‪٦‬بركح كأخرجو ا‪٢‬باكم أبو عبد هللا كقاؿ‪ :‬إسناده صحيح كليس‬
‫لو علة‪ .‬كُب ركاية عن ابن عباس رضي هللا عنهما قاؿ‪ :‬كاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يفتتح ببسم هللا‬
‫الر‪ٞ‬بن الرحيم‪ .‬أخرجو الدارقطِب كقاؿ‪ :‬إسناده صحيح ليس ُب إسناده ‪٦‬بركح كأخرجو الَبمذم‬
‫كقاؿ‪ :‬ليس إسناده كذلك كقاؿ أبو شامة‪ :‬أم ال ٲباثل إسناده ما ُب الصحيح كلكن إذا انضم‬
‫إٔب ما تقدـ من األدلة رجح على الصحيح‪.‬‬
‫كعن أنس هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬كاف النيب ملسو هيلع هللا ىلص ٯبهر ُب القراءة ببسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحيم‪ .‬أخرجو الدارقطِب‬
‫كقاؿ‪ :‬إسناده صحيح‪ .‬كفيو عن دمحم بن أيب السرم العسقبل٘ب قاؿ‪ :‬صليت خلف ا‪٤‬بعترب بن‬
‫سليماف ما ال ٰبصى صبلة الصبح كصبلة ا‪٤‬بغرب فكاف ٯبهر ببسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحيم قبل‬
‫الفا‪ٙ‬بة كبعدىا‪ ،‬ك‪٠‬بعت ا‪٤‬بعترب قاؿ‪ :‬ما آلوا أقتدم بصبلة أنس بن مالك هنع هللا يضر‪ ،‬كقاؿ أنس بن‬
‫مالك‪ :‬ما آلوا أقتدم بصبلة رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬أخرجو الدارقطِب كقاؿ‪ :‬ركاتو كلهم ثقات اىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كُب الباب أحاديث كأدلة كإيرادات كأجوبة من ا‪١‬بانبْب يطوؿ ذكرىا كُب ىذا القدر كفاية‬
‫كابهلل التوفيق‪ .‬كقاؿ ُب الذىب اإلبريز‪ :‬كعلى القوؿ أبهنا من الفا‪ٙ‬بة ٯبهر هبا ُب الصبلة ا‪١‬بهرية‬
‫كيسر هبا معها ُب السرية قاؿ ىذا من الصحابة أبو ىريرة كابن عباس كابن عمر كابن الزبّب مهنع هللا يضر‬
‫كمن التابعْب فمن بعدىم عركة بن الزبّب كأبو قبلبة كالزىرم كعكرمة كعطاء كطاككس ك‪٦‬باىد‬
‫كعلي بن ا‪٢‬بسْب كدمحم بن كعب القرظي كابن سّبين كابن ا‪٤‬بنكدر كانفع مؤب ابن عمر كزيد بن‬
‫أسلم كمكحوؿ كعمر بن عبد العزيز كعمرك بن دينار‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪556‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمسلم بن خالد كإليو ذىب الشافعي كأحد قوٕب ابن كىب صاحب مالك كٰبكى أيضا عن ابن‬
‫ا‪٤‬ببارؾ كأيب ثور كقاؿ أبو القاسم ا‪٤‬بخزكٕب‪ :‬سأؿ مالك انفعا عن البسملة فقاؿ‪ :‬السنة ا‪١‬بهر هبا‬
‫فسلم إليو كقاؿ‪ :‬كل علم سل عنو أىلو أىو ال شك أف من كاف إماما ُب علم ككاف ذلك العلم‬
‫يتعلق بو علم آخر كىو متقن لو داخلو الوىم كالغلط قالو ابن الفاض ُب أتليفو على قراءة ابن‬
‫كثّب كقيل‪ :‬يسر هبا ك‪٩‬بن قالو من الصحابة ا‪٣‬بلفاء األربعة كابن مسعود كعمار بن ايسر كابن‬
‫معقل كغّبىم مهنع هللا يضر كمن التابعْب فمن بعدىم ا‪٢‬بسن كالشعيب كالنخعي‬
‫كقتادة كاألعمش كالثورم كإليو ذىب مالك كأبو حنيفة كأ‪ٞ‬بد كغّبىم إٔب أف قاؿ‪ :‬كقاؿ‬
‫صاحب الفركع‪ :‬يكفر جاحد البسملة كيفسق اتركها‪ .‬قاؿ اإلماـ ُب تفسّبه‪ :‬سألت عمرة‬
‫الراعية ككانت من كبار العارفات‪ :‬ما ا‪٢‬بكمة ُب أف ا‪١‬بنب كا‪٢‬بائض ٲبنعاف من القرآف دكف‬
‫البسملة قالت‪ :‬ألف البسملة اسم ا‪٢‬ببيب كا‪٢‬ببيب ال ٲبنع من ذكر ا‪٢‬ببيب‪.‬‬

‫كركل الزرقا٘ب عن أيب سهل األيب كرداف خطيبا ببخارل كجع سنو ٍب أنو زاد كجعو كرأل رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬ركيت عنك خربا اي رسوؿ هللا فعلتو فلم يسكن كجعي فقاؿ‪ :‬ألنك قرأت كٓب تقرأ‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا فانتبو كقرأىا ابلبسملة فزاؿ كجع سنو كٓب يعد‪ .‬قاؿ ا‪٣‬بطيب‪ :‬اعتقدت‬
‫مذىب الشافعي ُب ىذه ا‪٤‬بسألة كال أصلي إال هبا‪ .‬كركم عن بعض العارفْب كقد قيل لو‪ :‬فبماذا‬
‫ترل ظهور اسم الشافعي كعلو ذكره على ‪ٝ‬بيع من ُب عصره قاؿ‪ :‬إبظهار‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا لكل صبلة اىػ‪.‬‬
‫كُب الفواكو الدكا٘ب للنفرا٘ب على الرسالة عند قولو‪ :‬فإف كنت ُب الصبح فقرأت جهرا أبـ القرآف‬
‫كال تفتتح ببسم هللا الر‪ٞ‬بن الرحيم ُب أـ القرآف كال ُب السور بعدىا ال سرا كال جهرا إماما كنت‬
‫أك فذا أك مأموما ألهنا عند اإلماـ كأ‪ٞ‬بد كأيب حنيفة ليست آية من الفا‪ٙ‬بة كال من أكؿ كل سورة‬
‫فينهى ا‪٤‬بصلي عن قراءهتا ُب الفريضة هني كراىة ىذا ىو ا‪٤‬بشهور ُب ا‪٤‬بذىب‪ .‬كالبن انفع قوؿ‬
‫ُب كجوهبا كمذىب الشافعي‪.‬‬
‫كعن اإلماـ مالك إبابٕبتها كعزم البن مسلمة ندهبا كدليل ا‪٤‬بشهور حديث عبد هللا بن مغفل‬
‫كالعمل ككاف ا‪٤‬بازرم أيٌب هبا سرا فكلم ُب ذلك فقاؿ‪ :‬مذىب مالك كلو على صحة صبلة من‬
‫بسمل كمذىب الشافعي على قوؿ كاحد ببطبلف صبلة اتركها كا‪٤‬بتفق عليو خّب من ا‪٤‬بختلف‬
‫فيو كقد ذكر القراُب كابن رشد كالغزإب ك‪ٝ‬باعة أف من الورع ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ بقراءة البسملة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪557‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ُب الصبلة كمثل ذلك قراءة الفا‪ٙ‬بة ُب صبلة ا‪١‬بنازة بعد إحدل التكبّبات لكن مع بعض الدعاء‬
‫لتصّب الصبلة صحيحة ابتفاؽ ألف الدعاء عندان ركن ك‪٧‬بل كراىة البسملة ُب الفريضة إذا‬

‫أتى هبا على كجو أهنا فرض من غّب تقليد ‪٤‬بن يقوؿ بوجوهبا أما إذا أتى هبا مقلدا لو أك يقصد‬
‫ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ من غّب تعرض لفريضة كال تقليد فبل كراىة بل ىي كاجبة إذا قلد القائل‬
‫ابلوجوب كمستحبة ُب غّبىا أىػ كقاؿ أبو ا‪٢‬بسن ُب شرح ‪ٙ‬بقيق ا‪٤‬ببا٘ب ُب ىذا احملل‪ :‬كإذا قرأت‬
‫ُب صبلة الصبح ككذا غّبىا من الصلوات ا‪٤‬بفركضات ال تستفتح القراءة فيها ببسم هللا الر‪ٞ‬بن‬
‫الرحيم مطلقا ال ُب أـ القرآف كال ُب السورة الٍب بعدىا ال سرا كال جهرا إماما كنت أك غّبه‬
‫كالنهي ُب كبلمو للكراىة كىو مذىب ا‪٤‬بدكنة‪.‬‬
‫ٍب قاؿ‪ :‬كفيها ثبلثة أقواؿ أيضا الوجوب البن انفع كىو مذىب الشافعي هنع هللا يضر كاإلابحة ‪٤‬بالك‬
‫هنع هللا يضر كالندب البن مسلمة إٔب أف قاؿ بعد كبلـ أف الشيخ أ‪ٞ‬بد زركقا قاؿ‪ :‬ككاف ا‪٤‬بازرم يبسمل‬
‫سرا فقيل لو ُب ذلك فقاؿ‪ :‬مذىب مالك على قوؿ كاحد أف من يبسمل ال تبطل صبلتو‬
‫كمذىب الشافعي على قوؿ كاحد أف من تركها بطلت صبلتو ك‪٫‬بوه قوؿ األقفهسي كاستحب‬
‫بعضهم أف يقرأىا ليأٌب بصبلة متفق على صحتها إٔب أف قاؿ‪ :‬كقاؿ ُب جامع الذخّبة‪ :‬الورع‬
‫ترؾ ما ال أبس بو حذا ‪٩‬با بو البأس كاختبلؼ العلماء ُب مشركعية الفا‪ٙ‬بة ُب صبلة‬
‫ا‪١‬بنازة فمالك يقوؿ ليست مشركعة كالشافعي يقوؿ‪ :‬كاجبة فالورع أف تقرأ كالبسملة كمالك‬
‫يقوؿ‪ :‬الصبلة مكركىو كالشافعي يقوؿ‪ :‬كاجبة فالورع أف تقرأ أىػ كُب شرح الشيح أ‪ٞ‬بد زكركؽ‬
‫ُب ىذا احملل قولو ال تستفتح إٔب آخره يعِب ألف ذلك مكركه على ا‪٤‬بشهور ٍب قاؿ بعد كبلـ‪:‬‬
‫كأليب عمر عن ابن انفع ال ابس هبا كالبن رشد عن ابن مسلمة استحباهبا كرابعها الوجوب نقلها‬
‫ا‪٤‬بازرم عن ابن انفع كعياض عن ابن مسلمة كىو مذىب الشافعي على قوؿ كاحد من تركها‬
‫بطلت صبلتو كُب الذخّبة عن الطراز ال ٱبتلف ُب جواز البسملة ُب النافلة كأهنا ال تبطل‬

‫صبلة الفريضة كمذىب ا‪٤‬بدكنة التخيّب ُب النافلة ُب البسملة كحكى ابن رشد ركايتْب ال يقو‪٥‬با‬
‫أك يقو‪٥‬با عياض عن ابن انفع ال يَبكها ٕباؿ ُب فرض كال نفل أىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ عبد الباقي ُب‬
‫شرحو على ا‪٤‬بختصر ككرىا بفرض كالورع البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة للخركج من ا‪٣‬ببلؼ قاؿ القراُب‬
‫كغّبه ككاف ا‪٤‬بازرم يبسمل سرا فقيل لو ُب ذلك فقاؿ‪ :‬مذىيب مالك على قوؿ كاحد من بسمل‬
‫ٓب تبطل صبلتو كمذىب الشافعي على قوؿ كاحد من تركها بطلت صبلتو كصبلة يتفقاف على‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪558‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫صحتها خّب من صبلة يقوؿ أحدٮبا ببطبلهنا إٔب أف قاؿ‪ :‬ك‪٧‬بلي كراىة البسملة فيو إذا‬
‫اعتقد أف الصبلة ال تصح بَبكها كٓب يقصد ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ فإف قصده ٓب تكره أىػ‪ .‬كقاؿ‬
‫ا‪٣‬برشي ُب ىذا احملل أم ككرىت البسملة كالتعوذ ُب الفرض لئلماـ كغّبه سرا كجهرا ُب الفا‪ٙ‬بة‬
‫كغّبىا ابن عبد الرب كىو ا‪٤‬بشهور عند مالك ك‪ٙ‬بصيل مذىبو عند أصحابو كقيل ابإلابحة‬
‫كالندب كالوجوب لكن من الورع ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ ابلبسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة كيسرىا كيكره ا‪١‬بهر‬
‫هبا أىػ‪.‬‬
‫قاؿ العبلمة الشيخ علي العدكم ُب حاشيتو على ا‪٣‬برشي‪ :‬قولو يسرىا أم مراعاة لشافعي‬
‫كمعلوـ أف السر عنده ال تكفي فيو حركة اللساف بل البد من إ‪٠‬باع نفسو فيكوف ا‪٤‬براد بقولو‬
‫يسرىا أم كيسمع نفسو اىػ‪ .‬قاؿ ا‪٣‬برشي‪ :‬كال يقاؿ قو‪٥‬بم يكره اإلتياف هبا ُب الفريضة يناُب‬
‫قو‪٥‬بم يستحب اإلتياف هبا للخركج من ا‪٣‬ببلؼ ألان نقوؿ متعلق الكراىة اإلتياف هبا على رجو أهنا‬
‫فرض أك على أف صحة الصبلة تتوقف عليها كمتعلق االستحباب اإلتياف هبا دكف نية الفرضية‬
‫كالنفلية فبل تناُب بينهما أىػ‪.‬‬

‫كقاؿ بعض العلماء ا‪٤‬بدققْب النحققْب قولو ػ يعِب الشيخ خليبل ػ ُب ‪٨‬بتصره ككرىا بفرض‬
‫كا‪٢‬باصل أنو إما أف يقصد الفرضية أك النفلية أكٮبا معا أم على العموـ أبف يكوف مراده كاحدا‬
‫ال بعينو أك ٓب يقصد شيئا أصبل فهذه أربع كُب كل إما أف يقصد ا‪٣‬بركج أك ال فهذه ‪ٜ‬بانية‬
‫الكراىة ُب سبع كعدمها ُب صورة كاحدة كىي ما إذا ٓب يقصد شيئا أصبل كنية ا‪٣‬بركج من‬
‫ا‪٣‬ببلؼ لعبد الباقي القائل بعدـ الكراىة ُب صورتْب ىذه كأما إذا قصد الفرضية كنول ا‪٣‬بركج‬
‫‪٤‬با فيو من التناُب ألف إذا قصد الفرضية كاف شافعيا خالصا كا‪٤‬براد بقاؤه مالكيا‬
‫مبلحظا أىػ‪ .‬كُب قريبة ا‪٤‬بسالك ‪٤‬بذىب اإلماـ مالك للعآب العبلمة الشيخ علي بن ا‪٣‬بضر‬
‫العمركسي‪ :‬كمن الورع البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة للخركج من ا‪٣‬ببلؼ كقد كاف ا‪٤‬بازرم يبسمل سرا‬
‫فقيل لو ُب ذلك فقاؿ‪ :‬مذىب مالك على قوؿ كاحد من بسمل ٓب تبطل صبلتو كمذىب‬
‫الشافعي على قوؿ كاحد من تركها بطلت صبلتو أم كصبلة يتفقاف على صحتها خّب من صبلة‬
‫يقوؿ أحدٮبا ببطبلهنا إٔب أف قاؿ ك‪٧‬بل الكراىة ما ٓب يقصد ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ كإال استحب‬
‫اإلتياف هبا‪.‬‬
‫كُب حاشية الدسوقي على رح الدردير على ا‪٤‬بختصر أف ٘بب البسملة ابلنذر ُب صبلة الفريضة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪559‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٗبنزلة من نذر صوـ يوـ رابع النحر كمن نذر صبلة ركعتْب بعد العصر أك ال ٯبب أف يوُب بذلك‬
‫النذر؟ ٓب أر من تعرض لذلك كالظاىر اللزكـ كخصوصا بعض من أىل ا‪٤‬بذاىب يقوؿ بوجوهبا ُب‬
‫الفريضة كىذا إذا كاف غّب مبلحظ ابلنذر ‪٥‬با ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ كإال كانت كاجبة قوال كاحدا‬
‫أىػ‪.‬‬
‫كُب اجملموع ككرىا بفرض إال ‪٤‬براعاة خبلؼ أىػ كُب حاشية ضوء الشموع على اجملموع‪ :‬قولو إال‬
‫‪٤‬براعاة خبلؼ أكرد البنا٘ب أف الكراىة حاصلة غّب أنو ٓب يباؿ هبا لفرض الصحة عند ا‪٤‬بخالف‬
‫لكن قد يقاؿ إذا كانت ا‪٤‬براعاة أكرع فتنتفي الكراىة قطها كُب حاشية السبٍب أنو يتسلسل ُب‬
‫ا‪٣‬ببلفيات كىو حرج أقوؿ إف شأف الورع التشمّب‪.‬‬

‫كاعلم أنو قد قيل بوجوب البسملة ُب مذىبنا كما ُب العشماكية كُب غّبىا كُب البا٘ب ما نصو‬
‫فائدة ُب عنواف الزماف بَباجم الشيوخ كاألقراف للبقاعي ُب تر‪ٝ‬بة شيخو ا‪٢‬بافظ بن حجر كمنها‬
‫ٕبثو ا‪٤‬برقص ا‪٤‬بطرب ُب إثبات البسملة آية من الفا‪ٙ‬بة أك نفيها ك‪٧‬بلو النظر إليها ابعتبار طرؽ‬
‫القراء فمن تواترت عنده ُب حرفو آية من أكؿ السورة ٓب تصح صبلة أحد بركايتو إال بقراءهتا‬
‫على أهنا آية ٓب تتصل بو إال كذلك كمن ٍب أجبها الشافعي هنع هللا يضر لكوف قراءتو قراءة ابن كثّب‬
‫كىذا من نفائس األنظار الٍب ادخرىا هللا تعأب أىػ قاؿ بعض‬
‫العلماء‪ :‬كهبذا ا‪١‬بواب البديع يرتفع ا‪٣‬ببلؼ بْب أئمة الفركع كيرجع النظر إٔب كل قارئ من‬
‫القراء ابنفراده فمن تواترت ُب حرفو ٘بب على كل قارئ بذلك ا‪٢‬برؼ كتلك القراءة ُب الصبلة‬
‫‪٥‬با كتبطل بَبكها أاي كاف كإال فبل كال ينظر إٔب كونو شافعيا أك مالكيا أك غّبٮبا‪ ،‬قاؿ بعضهم‪:‬‬
‫كىو حسن اىػ ىذا ما نقلو البنا٘ب اب‪٢‬برؼ أقوؿ ‪٧‬بل خبلؼ القراء إ٭با ىو ُب الوصل بْب‬
‫السورتْب كأما ُب ابتداء السورة فاتفقوا على إثباهتا ُب غّب براءة‪ ،‬قاؿ الشاطيب‪ :‬كالبد منها ُب‬
‫ابتدائك سورة *** سواىا كُب األجزاء خّب من تبل كظاىرىا أف الفا‪ٙ‬بة‬
‫مبدكءة هبا فهي ‪٧‬بل اتفاؽ القراء ال ‪ٚ‬بتلف طرقهم فيها فكيف يصح رد ا‪٣‬ببلؼ إٔب طرقهم‬
‫كىي متفقة ُب ىذا ا‪٤‬بوضع فضبل عن أف يكوف حسنا مرقصا مطراب كأيضا اإل‪ٝ‬باع على جواز‬
‫القراء السبع ‪٥‬با ُب الصبلة كخارجها كنفس الراكم كابن كثّب ٯبيز القراءة بغّب ركايتو من السبع‬
‫ُب الصبلة كخارجها عمن قرأ بركايتو غاية األمر إلو اعتُب بضبط ىذه السورة ك‪ٚ‬بّبىا كغّبه من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪560‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫العدكؿ قاـ بغّبىا ككل من عند ربنا فالصواب أف خبلؼ الفقهاء ابؽ كرفع ا‪٣‬ببلؼ بْب أئمة‬
‫الفركع كنسخو إٔب اختبلؼ القراء فاسد على أف القراء ال يرجع إليهم ُب صحة كال‬

‫بطبلف بل ىذه للفقهاء كغاية منصبهم االستعاذة كالتهليل كالتكبّب كلو سلم فيكوف من‬
‫األحرؼ الٍب نزؿ هبا القرآف تسهيبل لؤلئمة أقرأه جربيل مرة ابلبسملة كمرة بَبكها كما أقرأه ُب‬
‫آخر التوبة‪٘{ :‬برم من ‪ٙ‬بتها االهنار} إبثبات من اترة كبَبكها كآخر ا‪٢‬بديد‪{ :‬كمن يتوؿ فإف هللا‬
‫ىو الغِب ا‪٢‬بميد} إبثبات ىو كاترة ٕبذفها اىػ ٍب إذا فهمت ىذا فالعجب كل العجب أف يدعي‬
‫اإلنساف أنو مالك ا‪٤‬بذىب ٍب يدعي أنو عآب كيدعي أنو ال يتبع إال ما ُب ‪٨‬بتصر خليل ٍب يقوؿ‬
‫إنو ال يصلي خلف من يقرأ البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب صبلة الفريضة لزعمو‬
‫أف اإلماـ شافعي فلذلك ال يصلي خلفو كٓب يدر ا‪١‬بهوؿ أنو صار أضحوكة بْب الناس لوجهْب‬
‫أحدٮبا جهلو أف قراءة البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب صبلة الفريضة ال يصّب اإلنساف شافعيا لنص‬
‫علماء ا‪٤‬بذىب أف ذلك يفعل فبعض منهم أكجبو كبعض ندبو كمالك بنفسو أابحو ٍب اتفقوا على‬
‫أف فعلو لقصد ا‪٣‬بركج من ا‪٣‬ببلؼ كرع فكيف يعيب صاحب الورع كتلك جهالة عظيمة ألف‬
‫الذم يصلي صبلة متفق على صحتها إذا عابو من يصلي صبلة ‪٨‬بتلفا ُب صحتها كبطبلهنا‬
‫ينبغي أف يتعجب منو عند كل عاقل‪ ،‬كالثا٘ب أان لو فرضنا أف من بسمل أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب صبلة‬
‫الفريضة شافعي‬
‫ال نسلم أف االقتداء بو ال يصح لقوؿ خليل ُب ‪٨‬بتصره‪ :‬كجاز اقتداء أبعمى ك‪٨‬بالف ُب الفركع‬
‫اىػ‪ .‬قاؿ ا‪٣‬برشي‪ :‬ككذا ٯبوز االقتداء اب‪٤‬بخالف ُب الفركع كالصبلة ا‪٤‬بالكي خلف الشافعي أك‬
‫غّبه من ا‪٤‬بذاىب كلو رآه يفعل خبلؼ مذىب ا‪٤‬بقتدم كٓب يدر ا‪١‬بهوؿ الضليل أف كبلمو ىذا‬
‫طعن ُب خليل كُب ‪٨‬بتصره قاؿ‪ :‬إف ا‪٤‬ببسمل شافعي كال تصح صبلة ا‪٤‬بالكي خلفو لوجهْب‬
‫أحدٮبا أف يكوف خليل هنع هللا يضر جاىبل أبف صبلة ا‪٤‬بالكي خلف إماـ شافعي ‪٩‬بنوعة كابطلة شرعا‬
‫مع أف االقتداء اب‪٤‬بخالف ُب الفركع ‪٩‬بنوع إ‪ٝ‬باعا فيكوف جاىبل ابلكلية‪ ،‬كاثنيها‬

‫أف يكوف ر‪ٞ‬بو هللا تعأب عا‪٤‬با اب‪٤‬بنع كلكنو أابح ما منعو هللا تعأب جرأة على هللا تعأب كرسولو ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫ليغر هبذا ا‪٤‬بختصر ىذه األمة احملمدية كأبم ىذين اتصف ينتفي الوثوؽ بو كٗبختصره كٔبميع‬
‫مؤلفاتو كقد أبطل ا‪٢‬بس كالعقل كليهما كا‪٢‬بمد هلل على ذلك كإذا كاف حاؿ ىذا ا‪٤‬بنكر ىكذا‬
‫فبل ينبغي لعاقل أف يشتغل ٗبناظرتو كال أف يبإب إبنكاره فاهلل حسبو كسائلو‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪561‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪ :‬إذا تقرر ‪ٝ‬بيع ما تقدـ كرأيتو بعيِب رأسك كحصل عندؾ علمو كفهمتو ُب ذىنك‬
‫كاستقرت معرفتو ُب قلبك على بصّبة كبينة من ربك فهو معتمدان على قراءة البسملة أكؿ‬
‫الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة من جهة علم الشريعة كأما معتمدان على قراءهتا أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة من‬
‫جهة علم ا‪٢‬بقيقة فقد أمر٘ب سيدم دمحم الغإب ك‪٫‬بن اب‪٤‬بدينة ا‪٤‬بنورة على ساكنها أفضل الصبلة‬
‫كأزكى السبلـ بقراءهتا أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة كغّبىا كأذف ٕب ُب ذلك كُب إعطائها كىو عن‬
‫سيدان ككسيلتنا إٔب ربنا القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ شيخنا أ‪ٞ‬بد بن ا‪٢‬بسن التجا٘ب‬
‫هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو كىو قد أمره بذلك كأذف لو سيد الوجود كعلم الشهود سيدان كموالان دمحم‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كذكر ٕب سيدم دمحم الغإب أيضا ك‪٫‬بن ُب مكة ا‪٤‬بكرمة أف اقرأ البسملة متصلة ابلفا‪ٙ‬بة ُب‬
‫نفس كاحد ُب الصبلة كغّبىا كىو عن الشيخ هنع هللا يضر عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأطلعِب على أسرار ُب ذلك‬
‫منها أنو أعطا٘ب كرقة فيها ما نصو‪ :‬قاؿ الشيخ القاضي ‪٦‬بد الدين الفّبكزاابدم ر‪ٞ‬بو هللا‪ :‬كهللا‬
‫العظيم لقد أخرب٘ب الشيخ صفي الدين البعلبكي عن الشيخ القارك٘ب عن دمحم العريب أنو قاؿ‪ :‬إذا‬
‫قرأت الفا‪ٙ‬بة‬

‫فقل بسمميحرلا نمحرلا هللا ُب نفس كاحد فأٗب أقوؿ‪ :‬كهللا العظيم لقد ‪٠‬بعت من لفظ أيب بكر‬
‫الفضيل بن دمحم الكاتب كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثنا أبو دمحم علي السالسي عن لفظو كقاؿ‪:‬‬
‫ابهلل العظيم لقد حدثِب عبد هللا ا‪٤‬بعركؼ أبيب نصر الضرخاكم كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب‬
‫أبو عبد هللا الوراؽ كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب دمحم بن يونس الطويل كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد‬
‫حدثِب دمحم بن ا‪٢‬بسْب العلوم الزاىد كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب أبو بكر الراجي كقاؿ‪ :‬ابهلل‬
‫العظيم لقد حدثِب عمر بن موسى الربمكي كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم‬
‫لقد حدثِب أنس بن مالك هنع هللا يضر كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب علي بن أيب طالب هنع هللا يضر كقاؿ‪ :‬ابهلل‬
‫العظيم لقد حدثِب أبو بكر الصديق هنع هللا يضر كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب ا‪٤‬بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص كقاؿ‪:‬‬
‫"ابهلل العظيم لقد حدثِب جربيل عليو السبلـ كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب ميكائيل عليو‬
‫السبلـ كقاؿ‪ :‬ابهلل العظيم لقد حدثِب إسرافيل عليو السبلـ كقاؿ‪ :‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬اي إسرافيل‬
‫كعزٌب كجبلٕب كجودم ككرمي من قرأ بسمميحرلا نمحرلا هللا متصلة بفا‪ٙ‬بة الكتاب مرة كاحدة‬
‫فاشهدكا على أ٘ب قد غفرت لو‬
‫كقبلت منو ا‪٢‬بسنات ك٘بازكت لو عن السيئات كال أحرؽ لسانو ابلنار كأجّبه من عذاب القرب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪562‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كعذاب النار كعذاب يوـ القيامة كالفزع األكرب" اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كإف رغبت اي أخي عن ‪ٙ‬بصيل ىذا‬
‫الفوز العظيم كنيل ىذا الربح ا‪١‬بسيم أك كجدت ما ترد بو ‪ٝ‬بيع ما ُب ىذه األسطار فاجلب‬
‫كعلمت أنك ال تكوف ُب رده ‪٩‬بن طرد كلعن كسلب فهات ما أكدعتو من ا‪٤‬بسائل ُب رحالك‬
‫كإال فالتصديق أكفق كأصلح ‪٢‬بالك كالعمى ال يقود البصّب كمن ٓب يهد هللا فما لو من نصّب‪.‬‬

‫كمنها قراءة ا‪٤‬بأموـ فا‪ٙ‬بة الكتب خلف اإلماـ ُب الصبلة السرية كا‪١‬بهرية اعلم أ٭با أكدعناه ُب‬
‫الفصل السابع من ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ من أف العلماء متفقوف على ا‪٢‬بث عن ا‪٣‬بركج من‬
‫ا‪٣‬ببلؼ ابتقاء مواضعو يغِب عن مسألة قراءة البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة ا‪٤‬بتقدمة كعن ىذه‬
‫ا‪٤‬بسألة الٍب نشرع فيها اآلف ‪٤‬بن نور هللا تعأب قلبو من اإلخواف ا‪٤‬بنصفْب لكي ‪٤‬با كاف غرضنا ُب‬
‫ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ رد األغبياء من الطلبة ا‪١‬بهلة تعرضنا إليراد ىذه ا‪٤‬بسائل ُب ىذا الفصل‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق قيل ُب أقرب ا‪٤‬بسالك ‪٤‬بذىب اإلماـ‬
‫مالك‪ :‬كمن الورع البسملة أكؿ الفا‪ٙ‬بة ُب الفرض للخركج من ا‪٣‬ببلؼ فقد كاف ا‪٤‬بازرم يبسمل‬
‫سرا فقيل لو ُب ذلك فقاؿ‪ :‬مذىب مالك على قوؿ كاحد من بسمل ٓب تبطل صبلتو كمذىب‬
‫الشافعي على قوؿ كاحد من تركها بطلت صبلتو كصبلة يتفقاف على صحتها خّب من صبلة‬
‫يقوؿ أحدٮبا ببطبلهنا ككذلك القراءة خلف اإلماـ ُب ا‪١‬بهر كإب‪٠‬باع نفسو كال يكتفي ٕبركة‬
‫اللساف أىػ‪ .‬كُب شرح عبد الباقي على ‪٨‬بتصر خليل عند قولو‪ :‬ككرىا بفرض مثلو كقاؿ ُب‬
‫اجملموع عاطفا على سنن الصبلة كإنصات مأموـ كإف ٓب يسمع أك سكت اإلماـ كال ‪ٚ‬بفى مراعاة‬
‫ا‪٣‬ببلؼ أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الدسوقي ُب حاشيتو على شرح الشيخ الدردير على ‪٨‬بتصر خليل عند قولو‪ :‬كإنصات‬
‫مقتد كلو سكت إمامو كتكره قراءتو أم ما ٓب يقصد هبا ا‪٣‬بركج من خبلؼ الشافعي كإال فبل‬
‫كراىة أىػ‪ .‬كقاؿ القرطيب ُب تفسّبه‪ :‬اختلف العلماء ُب كجوب قراءة الفا‪ٙ‬بة ُب الصبلة فقاؿ‬
‫مالك كأصحابو‪ :‬ىي متعينة لئلماـ كا‪٤‬بنفرد ُب كل ركعة قاؿ ابن خويز منداد البصرم ا‪٤‬بالكي‪ٓ :‬ب‬
‫ٱبتلف قوؿ مالك أف من نسيها ُب ركعة من صبلة ركعتْب أف صبلتو تبطل كال ٘بزيو كاختلف‬
‫قولو فيمن تركها انسيا ُب ركعة من صبلة الرابعية أك ثبلثية فقاؿ مرة‪ :‬يعيد الصبلة كقاؿ‬

‫مرة أخرل‪ :‬يسجد سجدٌب السهو كىي ركاية ابن عبد ا‪٢‬بكم كغّبه عن مالك قاؿ ابن خويز‬
‫منداد‪ :‬كقد قيل أنو يعيد تلك الركعة كيسجد للسهو بعد السبلـ قاؿ ابن عبد الرب‪ :‬الصحيح‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪563‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من األقواؿ إلغاؤه تلك الركعة كأيٌب بركعة بدال منها كمن أسقط سجد سواء كىو اختيار ابن‬
‫القاسم كقاؿ البصرم كأكثر أىل البصرة كا‪٤‬بغّبة بن عبد الر‪ٞ‬بن ا‪٤‬بد٘ب‪ :‬إذا قرأ أبـ القرآف مرة‬
‫ُب الصبلة أجزاه كلك تكن عليو إعادة ألهنا صبلة قد قرئ فيها أبـ القرآف كىي اتمة لقولو عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪":‬ال صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ أبـ القرآف " كىذا قد قرأ هبا قاؿ‬
‫القرطيب كٰبتمل ال صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ هبا ُب كل ركعة كىو الصحيح على ما أيٌب‪ ،‬كٰبتمل ال‬
‫صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ هبا ُب أكثر عدد الركعاف كىذا سبب ا‪٣‬ببلؼ كهللا أعلم‪ .‬كقاؿ أبو حنيفة‬
‫كالثورم كاألكزاعي‪ :‬أف من تركها عامدا ُب صبلتو كلها كقرأ غّبىا أجزاه على االختبلؼ عند‬
‫األكزاعي ُب ذلك كقاؿ أبو يوسف كدمحم بن ا‪٢‬بسن‪ :‬أقلو ثبلث آايت أك آية طويلة كآية الدين‬
‫كعن دمحم بن ا‪٢‬بسن أيضا قاؿ‪ :‬االجتهاد ُب مقدار آية كمقدار كلمة مفهمة ‪٫‬بو ا‪٢‬بمد هلل كال‬
‫أسوغو ُب حرؼ ال يكوف كبلما كقاؿ الطربا٘ب‪ :‬يقرأ ا‪٤‬بصلي أبـ القرآف ُب كل ركعة‬
‫إف ٓب يقرأ هبا ٓب ٯبزه إال مثلها من القرآف عدد آايهتا كحركفها كقاؿ ابن عبد الرب‪ :‬كىذا ال معُب‬
‫لو ألف التعْب ‪٥‬با كالنص عليها قد خصها هبذا ا‪٢‬بكم دكف غّبىا فمحاؿ أف ٯبيء ابلبدؿ هبا من‬
‫كجبت عليو فَبكها كىو قادر عليها كإ٭با عليو أف ٯبيء هبا كيعود إليها كسائر ا‪٤‬بفركضات‬
‫ا‪٤‬بعينات ُب العبادات كأما ا‪٤‬بأموـ فإف أدرؾ اإلماـ راكعا اإلماـ ٰبمل القراءة عنو إل‪ٝ‬باعهم على‬
‫أنو إذا أدركو راكعا أف يكرب كيركع كال يقرأ شيئا فإف أدركو قبل أف يركع فإنو يقرأ كال ينبغي‬
‫ألحد أف يدع القراءة خلف إمامو ُب صبلة السر فإف فعل‬

‫فقد أساء كال شيء عليو عند مالك كأصحابو كأما إذا جهر اإلماـ فبل قراءة بفا‪ٙ‬بة الكتاب كال‬
‫غّبىا ُب ا‪٤‬بشهور من مذىب مالك لقوؿ هللا تبارؾ كتعأب‪{ :‬كإذا قرئ القرآف فاستمعوا لو‬
‫كأنصتوا} كقاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬مإب أانزع القرآف " كقولو ُب اإلماـ‪ ":‬إذا قرأ فأنصتوا " كقولو‪:‬‬
‫"من كاف لو إماـ فقراءة اإلماـ لو قراءة " كقاؿ الشافعي فيما حكى عنو البويطي كأ‪ٞ‬بد بن‬
‫حنبل‪ :‬ال ٘بزئ أحد صبلة حٌب يقرأ فيها بفا‪ٙ‬بة الكتاب ُب كل ركعة إماما كاف أك مأموما جهر‬
‫إمامو أك أسر ككاف الشافعي ابلعراؽ يقوؿ ُب ا‪٤‬بأموـ‪:‬‬
‫يقرؤ إذا أسر كال يقرؤ إذا جهر كمشهور مذىب مالك كقاؿ البصرم‪ :‬فيما ٯبهر فيو إماـ‬
‫ابلقراءة قوالف أحدٮبا أف يقرأ كاآلخر ٯبزئو أف ال يقرأ أك يكتفي بقراءة اإلماـ حكاه ابن ا‪٤‬بنذر‬
‫كقاؿ ابن كىب كأشهب كابن عبد ا‪٢‬بكم كابن حبيب كالكوفيوف‪ :‬ال يقرأ ا‪٤‬بأموـ شيئا جهر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪564‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إمامو أك أسر لقولو‪" :‬فقراءة اإلماـ لو قراءة" كىذا عاـ لقوؿ جابر‪ :‬من صلى ركعة فلم يقرأ‬
‫فيها أبـ القرآف فلم يصل إال كراء اإلماـ‪.‬‬
‫كالصحيح من ىذه األقواؿ قوؿ الشافعي كأ‪ٞ‬بد كمالك ُب اآلخر‪ :‬إف الفا‪ٙ‬بة متعينة ُب كل‬
‫ركعةف لكل أحد على العموـ لقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ فيها أبـ القرآف " كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪":‬‬
‫أمرت أف أاندم أف ال صبلة إال بقراءة فا‪ٙ‬بة الكتاب فما زاد " أخره أبو داكد ككما ال ينوب‬
‫سجود ركعة كال ركوعها عن ركعة أخرل فكذلك ال تنوب قراءة ركعة عن غّبىا كبو قاؿ عبد هللا‬
‫بن عوؼ كأيوب السختيا٘ب كأبو ثور كغّبه من أصحاب الشافعي كداككد كركم مثلو عن‬
‫األكزاعي كبو كقاؿ مكحوؿ كركم عن عمر بن ا‪٣‬بطاب كعبد هللا‬

‫بن عباس كأيب ىريرة كأيب بن كعب كأيب أيوب األنصارم كعبد هللا بن عمرك بن العاص كعبادة‬
‫بن الصامت كأيب سعيد ا‪٣‬بدرم كعثماف بن أيب العاص كخوات بن جبّب رضي هللا تعأب عنهم‬
‫أهنم قالوا‪ :‬ال صبلة إال بفا‪ٙ‬بة الكتاب كىو قوؿ ابن عمر كا‪٤‬بشهور مذىب الوزاعي كىؤالء‬
‫الصحابة هبم القدكة كهبم السوة ككلهم يوجبوف الفا‪ٙ‬بة ُب كل ركعة كقد أخرج اإلماـ أبو عبد‬
‫هللا دمحم بن يزيد بن ماجو القزكيِب ُب سننو ما يرفع ا‪٣‬ببلؼ كيزيل كل احتماؿ فقاؿ‪ :‬حدثنا أبو‬
‫كريب أخربان دمحم بن فضيل كحدثنا سويد بن سعيد أخربان علي بن ا‪٤‬بطهر ‪ٝ‬بيعا عن‬
‫أيب سفياف السعدم عن أيب نضرة عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم هنع هللا يضر قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال‬
‫صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ ُب كل ركعة ا‪٢‬بمد هلل كسورة ُب فريضة أك غّبىا " كُب صحيح مسلم عن أيب‬
‫ىريرة هنع هللا يضر أنو عليو الصبلة كالسبلـ قاؿ للذم علمو الصبلة كافعل ُب صبلتك كلها كسيأٌب‬
‫كمن ا‪٢‬بجة ُب ذلك أيضا ما ركاه ابو داكد عن انفع بن ‪٧‬بمود بن الربيع األنصارم قاؿ‪ :‬أبطأ‬
‫عبادة عن صبلة الصبح فأقاـ أبو نعيم ا‪٤‬بئذف للصبلة فصلى أبو نعيم ابلناس كأقبل عبادة كأان‬
‫معو حٌب صففنا خلف أيب نعيم ٯبهر ابلقراءة فجعل‬
‫عبادة يقرؤ أبـ القرآف فلما انصرؼ قلت لعبادة ‪٠‬بعتك تقرأ أبـ القرآف كأبو نعيم ٯبهر ابلقراءة‬
‫قاؿ‪ :‬أجل صلى بنا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص بعض الصلوات ٯبهر هبا ُب القراءة فلتبست عليو فلما‬
‫انصرؼ أقبل علينا بوجهو الكر‪ٙ‬ب كقاؿ‪ :‬فهل تقرؤف إذا جهرت ابلقراءة فقاؿ بعضنا إان نصنع‬
‫ذلك قاؿ‪ :‬أفبل كأان نقوؿ مإب تنازعو٘ب القرآف فبل تقرؤكا بشيء من القرآف إذا جهرت إال أبـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪565‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫القرآف كىذا نص صريح ُب ا‪٤‬بأموـ كأخرجو أبو عيسى الَبمذم من حديث دمحم بن إسحاؽ‬
‫ٗبعناه كقاؿ‪ :‬حديث حسن كالعمل على ىذا ا‪٢‬بديث ُب القراءة خلف اإلماـ‬

‫عند أكثر أىل العلم من أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كالتابعْب كىو قوؿ مالك بن أنس كابن ا‪٤‬ببارؾ‬
‫كالشافعي كأ‪ٞ‬بد كإسحاؽ يركف القراءة خلف اإلماـ كأخرجو أيضا الدارقطِب كقاؿ‪ :‬ىذا إسناد‬
‫حسن كرجالو كلهم ثقات كذكر أف ‪٧‬بمود بن الربيع كاف يسكن إيلياء كأف أاب نعيم أكؿ من أذف‬
‫ُب بيت ا‪٤‬بقدس كقاؿ أبو دمحم عبد ا‪٢‬بق كانفع بن دمحم ٓب يذكره البخارم ُب اترٱبو كال ابن أيب‬
‫حاًب كال أخرج لو البخارم كمسلم سيئا كقاؿ فيو أبو عمر ‪٦‬بهوؿ كذكر الداراقطِب عن يزيد بن‬
‫شريك قاؿ‪ :‬سألت عمر عن القراءة خلف اإلماـ فأمر٘ب أف أقرأ‬
‫قلت‪ :‬كإف كنت أنت قاؿ‪ :‬كإف كنت أان قلت‪ :‬كإف جهرت قاؿ‪ :‬كإف جهرت قاؿ الداراقطِب‬
‫ىذا اإلسناد صحيح كركم عن جابر بن عبد هللا قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬اإلماـ ضامن فما‬
‫صنع فاصنعوا " قاؿ أبو حاًب‪ :‬ىذا يصح ‪٤‬بن قاؿ ابلقراءة خلف اإلماـ كهبذا أفٌب أبو ىريرة أف‬
‫يقرأ هبا ُب نفسو حْب قاؿ لو أبو السائيب‪ :‬إ٘ب أحيناان أكوف كراء اإلماـ قاؿ ابو ىريرة‪ :‬فإ٘ب‬
‫‪٠‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪":‬قاؿ هللا تبارؾ كتعأب قسمت الصبلة بيِب كبْب نصفْب فنصفها ٕب‬
‫كنصفها لعبدم كلعبدم ما سأؿ " قاؿ رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم‪ ":‬اقرأكا يقوؿ العبد ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب " ا‪٢‬بديث كأما ما استدؿ بو األكلوف‬
‫فقولو عليو السبلـ‪ ":‬فإذا قرأ فأنصتوا " أخرجو مسلم من حديث أيب موسى األشعرم كقاؿ ُب‬
‫حديث جرير عن سليماف عن قتادة بن زايد‪ :‬كإذا قرأ فأنصتوا قاؿ الداراقطِب‪ :‬ىذه اللفظة ٓب‬
‫يتابع فيها سليماف عن قتادة كخالفو ا‪٢‬بفاظ من أصحاب قتادة فلم يذكركىا منهم شعبة كىشاـ‬
‫كسعيد كابن أيب عركة كٮباـ كأبو عوانة كمعمر كعدم بن أيب عمارة قاؿ الداراقطِب‪ :‬فإ‪ٝ‬باعهم‬
‫يدؿ على كٮبو كقد ركم عن عمر بن عامر عن قتادة متابعة التيمي كلكن ليس ىو‬

‫ابلقوم تركو ابن القطاف كأخرج أيضا ىذه الزايدة أبو داككد من حديث أيب ىريرة كقاؿ عنده‪:‬‬
‫ىذه الزايدة إذا قرأ فأنصتوا ليست ٗبحفوظة كذكر أبو دمحم عبد ا‪٢‬بق أف مسلما صحح حديث‬
‫أيب ىريرة كقاؿ‪ :‬عندم صحيح قاؿ القرطيب‪ :‬ك‪٩‬با يدؿ على صحتها عنده إدخا‪٥‬با ُب كتابو من‬
‫حديث أيب موسى كإف كانت ‪٩‬با ٓب ٯبمعوا عليها كقد صححها اإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل كابن ا‪٤‬بنذر‬
‫كأما قولو تعأب‪{ :‬كإذا قرئ القرآف فاستمعوا لو كأنصتوا} فإنو نزؿ ٗبكة ك‪ٙ‬بر‪ٙ‬ب الكبلـ ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪566‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الصبلة نزؿ ُب ا‪٤‬بدينة كما قاؿ زيد بن أرقم فبل حجة فيها فإف ا‪٤‬بقصود ا‪٤‬بشركوف‬
‫على ما قاؿ سعيد بن ا‪٤‬بسيب كقد ركل الدارقطِب عن أيب ىريرة أهنا نزلت ُب رفع الصوت‬
‫خلف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كقاؿ عبد هللا بن عامر‪ :‬ضعيف كأما قولو عليو السبلـ‪ ":‬كمإب أانزع‬
‫القرآف " فأخرجو مالك عن ابن شهاب عن أيب الليثي كا‪٠‬بو فيما قاؿ مالك عمرك كغّبه يقوؿ‪:‬‬
‫عامر كقيل يزيد كقيل‪ :‬عمارة كقيل‪ :‬عباد كيكُب أاب الوليد توُب سنة إحدل كمائة كىو ابن تسع‬
‫كسبعْب سنة ٓب يرك عنو الزىرم إال ىذا ا‪٢‬بديث الواحد كىو ثقة ركل عنو دمحم بن عمرك كغّبه‬
‫كا‪٤‬بعُب ُب حديثو فبل ٘بهركا إذا جهرت فإف ذلك تنازع ك٘باذب ك‪ٚ‬باِب‬
‫اقرأكا ُب أنفسكم بينة حديث قتادة كفينا العارفوف كأبو ىريرة اتلراكم للحديثْب فلو فهم ا‪٤‬بنع‬
‫‪ٝ‬بلة من قولو‪ :‬مإب أانزع القرآف ‪٤‬با أفٌب ٖببلفو كقوؿ الزىرم ُب حديث أيب فانتهى الناس عن‬
‫القراءة مع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فيما جهر فيو رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ابلقراءة حْب ‪٠‬بعوا ذلك من رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص يريد ا‪١‬بهر على ما بينا كابهلل تعأب التوفيق كأما قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من كاف لو إماـ فقراءة اإلماـ لو‬
‫قراءة " فحديث ضعيف أسنده ا‪٢‬بسن بن عمارة كىو مَبكؾ كأبو ‪[---‬ىكذا بياض األصل‬

‫كال نعلم ما اسم الراكم الضعيف] كىو ضعيف كبلٮبا عن موسى بن أيب عائشة عن عبد هللا بن‬
‫شداد عن جابر أخرجو الدارقطِب كقاؿ‪ :‬ركاه سفياف الثورم كشعبة كإسرائيل كشريك كأبو خالد‬
‫الداال٘ب كأبو األحوص كسفياف بن عيينة كجرير بن عبد ا‪٢‬بميد كغّبىم عن موسى بن عائشة‬
‫عن عبد هللا بن شداد مرسبل عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص كىو الصواب‪.‬‬
‫كأما قوؿ جابر‪ :‬من صلى ركعة ٓب يقرأ فيها أبـ القرآف فلم يصل إال كراء اإلماـ فركاه عن كىب‬
‫بن كيساف عن جابر قاؿ ابن عبد الرب ركاه ٰبٓب بن سبلـ صاحب التفسّب عن مالك عن أيب‬
‫نعيم كىب بن كيساف عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص كصوابو موقوؼ على جابر كما ُب ا‪٤‬بوطأ كفيو من الفقو‬
‫إبطاؿ الركعة الٍب ال يقرأ فيها أبـ القرآف كىو يشهد لصحة ما ذىب إليو ابن القاسم كركاه عن‬
‫مالك ُب إلغاء الركعة كالبناء على غّبىا كال يعتد ا‪٤‬بصلي بركعة ال يقرأ فيها أبـ القرآف‪ ،‬كفيو أف‬
‫اإلماـ قراءتو ‪٤‬بن خلفو قراءة كىو مذىب جابر كقد خالفو‬
‫فيو غّبه كقاؿ ابن العريب ‪٤‬با قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ بفا‪ٙ‬بة الكتاب" كاختلف الناس ُب‬
‫ىذا األصل ىل ٰبمل النفي على التماـ كالكماؿ أك على األجزاء كاختبلؼ الفتول ٕبسب‬
‫اختبلؼ الناظر ك‪٤‬با كاف األشهر ُب ىذا األصل كاألقول أف النفي على العموـ ككاف األقول من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪567‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ركاية مالك‪ :‬من ٓب يقرأ فا‪ٙ‬بة الكتاب بطلت ٍب نظران ُب تكرارىا ُب كل ركعة فمن فهم من قوؿ‬
‫النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬افعل كذلك ُب صبلتك كلها لزمو أف يعيد القراءة كما يعيد الركوع كالسجود كهللا‬
‫تعأب أعلم فما ذكران ُب ىذا الباب من‬

‫األحاديث كا‪٤‬بعا٘ب ُب تعيْب الفا‪ٙ‬بة يرد على الكوفيْب قو‪٥‬بم ُب أف الفا‪ٙ‬بة ال تتعْب كأهنا كغّبىا‬
‫من آم القرآف سواء كقد عينها النيب ملسو هيلع هللا ىلص بقولو كما ذكران كىو ا‪٤‬ببْب عن هللا تعأب مراده ُب‬
‫قولو‪{ :‬كأقيموا الصبلة} كقد ركل أبو داككد عن أيب سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪:‬‬
‫أمران أف نقرأ بفا‪ٙ‬بة الكتاب كما تيسر فدؿ ىذا ا‪٢‬بديث على أف قولو ملسو هيلع هللا ىلص لؤلعرايب‪" :‬اقرأ ما‬
‫تيسر معك من القرآف ما زاد على الفا‪ٙ‬بة" كىو يفسر قولو تعأب‪{ :‬فاقرأكا ما تيسر منو}‪.‬‬
‫كقد ركل مسلم عن عبادة بن الصامت أخربه أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬ال صبلة ‪٤‬بن ٓب يقرأ أبـ‬
‫القرآف" زاد ُب ركاية‪ :‬فصاعدا‪ .‬كقاؿ عليو السبلـ‪ :‬فهي خداج ثبلاث غّب ‪ٛ‬باـ أم غّب ‪٦‬بزأة‬
‫ابألدلة ا‪٤‬بذكورة‪ ،‬كا‪٣‬بداج النقصاف كالفساد‪ .‬قاؿ األخفش‪ :‬يقاؿ‪ :‬خدجت الناقة إذا ألقت‬
‫كلدىا قبل أكاف النتاج كإف كاف اتـ ا‪٣‬بلق كالنظر يوجب ُب النقصاف أال ٘بزئ معو الصبلة ألهنا‬
‫صبلة ال تتم من خرج كمن صبلة كىي ٓب تتم فعليو إعادهتا على حسب حكمها كمن ادعى أهنا‬
‫٘بزئ مع إقراره بنقصها فعليو الدليل كال سبيل إليو من كجو يلزـ‬
‫كهللا تعأب أعلم‪ .‬كمنها تكرار الفا‪ٙ‬بة ُب ما عدا الفرائض ا‪٣‬بمس كإ٭با قيدان تكرارىا بغّب‬
‫الفرائض ا‪٣‬بمس ألف الواقع من الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأىل طريقتو ُب غّب ا‪٣‬بمس كما‬
‫أمره النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كأذف لو ُب ذلك فأما الفقهاء فقد صرحوا بصحة الصبلة‬
‫بتكرار الفا‪ٙ‬بة فيها مطلقا‪ .‬قاؿ عبد الباقي ُب شرحو على ‪٨‬بتصر خليل عند قولو‪ :‬كبتعمد‬
‫كسجدة أم كبتعمد زايدة ركن فعلي كسجدة ُب فرض أك نفل ال قوٕب فبل تبطل بتعمد زايدة‬
‫على ا‪٤‬بعتمد‪.‬‬

‫كقاؿ ا‪٣‬برشي ُب شرحو على ا‪٤‬بختصر ُب ىذا احملل‪ :‬كقولو كسجدة من كل ركن فعلي كخرج‬
‫بتمثيلو ابلركن الفعلي القوٕب كتكرير الفا‪ٙ‬بة كالظاىر ال تبطل ألهنا من الذكر كتقدـ فيو خبلؼ‬
‫كاعتمد ُب شرحو عدـ البطبلف أيضا اىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ العدكم ُب حاشيتو على ا‪٣‬برشي‪ :‬قولو‪:‬‬
‫عدـ البطبلف أيضا مرتبط بفاعل اعتمد أم كاعتمد أيضا كما اعتمدان ُب قولنا كالظاىر ال‬
‫تبطل‪ .‬كُب قريبة ا‪٤‬بسالك ‪٤‬بذىب مالك للشيخ العمركسي‪ :‬كزايدة ركن فعلي عمدا أك جهبل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪568‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كسجدة ُب فرض أك نفل ال قوٕب فبل تبطل بتعمد زايدتو على ا‪٤‬بعتمد كتكرير الفا‪ٙ‬بة اىػ‪.‬‬
‫كُب أقرب ا‪٤‬بسالك ‪٤‬بذىب اإلماـ مالك للشيخ الدردير‪ :‬كيتعمد زايدة ركن فعلي كركوع أك‬
‫سجود ٖببلؼ زايدة ركن قوٕب اىػ‪ .‬كُب حاشيتو قولو‪ :‬قوٕب فيو رد على من يقوؿ إنو إذا كرر‬
‫الفا‪ٙ‬بة تبطل كىو أحد قولْب كمعتمد شارحها تبعا للتتائي كاعتمده احملشي ألنو من ‪ٝ‬بلة تكرار‬
‫الذكر اىػ‪ .‬كمنها تطويل الركوع كالرفع منو كالسجود كا‪١‬بلوس بْب السجدتْب‪ ،‬قاؿ شيخنا هنع هللا يضر‬
‫كما ُب رسالتو ألىل الشاـ‪ :‬فالواجب ‪٥‬با ػ يعِب الصبلة ػ احملافظة ‪٥‬با على شركطها كىي معلومة‬
‫كاستكماؿ فرائضها كىي مشهورة كتثقيل ىيئتها ُب الركوع كالسجود على‬
‫ا‪٢‬بد الذم ذكره صلى هللا تعأب عليو كسلم ُب ا‪٣‬برب الصحيح بقولو‪ٍ" :‬ب تركع حٌب تطمئن راكعا‬
‫ٍب ترفع حٌب تستوم قائما ٍب تسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب ترفع حٌب تستوم جالسا ٍب تسجد‬
‫حٌب تستوم ساجدا" كقاؿ‪" :‬كافعل ُب بقية صبلتك ىكذا" كاحذركا كل ا‪٢‬بذر من الوقوع ُب‬
‫ا‪٥‬ببلؾ الذم كقع الناس فيو من عدـ مباالهتم بتكميلهم للصبلة فإهنم ينقركهنا نقر الديكة‬
‫للحب كذلك مبطل بشاىد قولو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا‪٣‬برب الصحيح للرجل الذم رآه يفعل ذلك‪" :‬ارجع‬
‫فصل فإنك ٓب تصل" كىو يصلي كذلك ثبلاث على تلك ا‪٥‬بيئة الٍب ىي اإلسراع ُب‬

‫الركوع كالسجود ٍب ُب الرابعة علمو الكيفية السابقة كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬صلوا كما رأيتمو٘ب أصلي"‬
‫فإنو ملسو هيلع هللا ىلص كاف يتم الركوع كالسجود ابلطمأنينة كالطمأنينة ُب الشرع عدـ االضطراب كمعناه أف‬
‫الراكع كالساجد إذا بلغ حد الركوع كالسجود يَباخى فيهما قدر ما يسبح هللا ثبلث تسبيحات‬
‫كىو راكع أك ساجد ابلَباخي يعِب ابلَبتيل ُب التسبيح ال أقل من ذلك ىذا أقل الطمأنينة كمن‬
‫نقص عن ىذا القدر فسدت صبلتو فإهنا ىي الٍب كقع فيها ا‪٣‬برب إذا صبلىا صاحبها فبعد‬
‫فراغو منها أيخذىا ا‪٤‬بلك فيلفها كما يلف الثوب‬
‫ا‪٣‬بلق ٍب يضرب هبا كجو صاحبها كا‪٤‬بطلوب ُب الشرع أف أيخذ اإلنساف من صبلتو مثل إتيانو‬
‫لنومو إذا غلبو النوـ فإف أتى النوـ ال أيتيو مستحبل كال متخففا بل يلقي عنو ‪ٝ‬بيعا أشغالو ٍب‬
‫يناـ متمهبل للنوـ مطمئنا ككذلك حالة الصبلة أيتيها متشاغبل هبا فيها قد ألقى كليتو فيها اتركا‬
‫كل ما يشغلو عنها ٍب يفعلها بشركطها ا‪٤‬بذكورة‪ ،‬كأما من صبلىا مستعجبل ال يطمئن بركوعو كال‬
‫سجوده على ا‪٢‬بد الذم ذكرانه فإهنا غّب مقبولة كإليو يشّب قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أكؿ ما ينظر هللا تعأب‬
‫إليو من أعماؿ العبد الصبلة فإف قبلت نظر ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪569‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سائر عملو كإف ٓب تقبل ٓب ينظر هللا تعأب ُب شيء من عملو" اىػ‪ .‬كإذا عرفت ىذا فاعلم أف‬
‫العلماء متظافركف على نص ما قالو شيخنا رضي هللا تعأب عنو كعنهم أ‪ٝ‬بعْب‪ .‬كُب العهود‬
‫احملمدية أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف ال نتساىل بَبؾ الركوع كالسجود‬
‫كاالعتداؿ فيهما سواء كنا أئمة أك مأمومْب أك منفردين كأما الزايدة ُب التطويل على الذكر‬
‫الواجب أك ا‪٤‬بندكب فبل يليق ابإلماـ بل رٗبا أبطل صبلهتم إف طوؿ االعتداؿ زايدة على الذكر‬
‫الوارد فيو ا‪٤‬بطلوب منو كإ٭با يليق ذلك اب‪٤‬بنفرد كأما ا‪٤‬بأموـ فهو‬

‫اتبع إلمامو ٍب إف طوؿ تطويبل خارجا عن ا‪٤‬بأمور بو فلو مفارقتو كلو ببل عذر‪ .‬ك‪٠‬بعت سيدم‬
‫عليا ا‪٣‬بواص هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬ال ينبغي لفقّب إذا كاف يغلب عليو الذىوؿ ُب حضرة هللا تعأب على‬
‫شهود ا‪٤‬بأمومْب أف ٯبعل نفسو إماما ابلناس ألف مثل ىذا ‪ٙ‬بت أسرار القدرة اإل‪٥‬بية ال اختيار لو‬
‫أف أيمره الشارع بتطويل قراءة الثانية عن األكٔب كقراءة سورة الغاشية ُب الركعة الثانية من ا‪١‬بمعة‬
‫كُب األكٔب بسبح اسم ربك األعلى مع أهنا أصغر من الغاشية فقد ثبت أنو ملسو هيلع هللا ىلص نص على أف‬
‫تكوف الثانية دكف األكٔب كالقراءة ُب‬
‫الرابعة دكف الثالثة كُب حديث عائشة رضي هللا تعأب عنها‪ :‬ككانت صبلتو بعد إٔب التخفيف‬
‫كمن ا‪٢‬بكمة ُب ذلك كوف النفس تزىق بطوؿ الوقوؼ بْب يدم هللا تعأب على الدكاـ من غّب‬
‫أف يتخلل ذلك شهود الكوف فإف ذلك ليس من مقدكر البشر إال أف ٲبن هللا تعأب بذلك على‬
‫بعض أصفيائو كأتمل اي أخي نفسك إف طوؿ اإلماـ الثانية على األكٔب كطوؿ الدعاء ُب التكبّبة‬
‫ُب الرابعة ُب صبلة ا‪١‬بنازة تكاد ركحك ‪ٚ‬برج من حضرة هللا تعأب كال يضّب كاقفا يصلي معك‬
‫إال ٔبسم فقط كتلك صبلة ال تصلح للقبوؿ بل ىي إٔب الرد أقرب كما مر ُب عدـ ا‪٣‬بشوع‬
‫ُب قسم ا‪٤‬بأمورات‪ ،‬كاعلم اي أخي أف االعتداؿ قد كردت فيو أحاديث ُب تطويلو كُب تقصّبه‬
‫فركل البخارم عن رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أنو كاف يطوؿ االعتداؿ حٌب نقوؿ أنو نسي كُب ركاية كاف إذا‬
‫جلس بْب السجدتْب كأ٭با جلس على الرضف يعِب ا‪٢‬بجارة احملماة كأما اإلماـ أبو حنيفة فقاؿ‪:‬‬
‫ٯبب االعتداؿ ُب الرفع من الركوع ك السجود بقدر ما يفعل الركن من األركاف ألف االعتداؿ ُب‬
‫ىذين ا‪٤‬بوضعْب إ٭با شرع تنفيسا للمصلي مع ا‪٢‬بضور من ات‪٤‬بشقة العظيمة الٍب ٘بلب لو ُب‬
‫ركوعو كسجوده كأما اإلماـ الشافعي فقاؿ‪ :‬ٯبب االعتداؿ من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪570‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الركوع كالسجود حٌب يرد كل عضو إٔب موضعو الٍب ىي حالة القياـ كقد بسطنا الكبلـ على‬
‫ذلك ُب أسرار الصبلة فراجعو كهللا تعأب أعلم‪ .‬كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كبن ماجو كغّبٮبا مرفوعا‪ :‬ال‬
‫٘بزئ صبلة الرجل حٌب يقيم ظهره ُب الركوع كالسجود‪ .‬كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص هنى‬
‫عن نقر الغراب‪ .‬كرل الطربا٘ب كابن خيزٲبة ُب صحيحو أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص رأل رجبل ال يتم‬
‫ركوعو كينقر ُب سجوده كىو يصلي فقاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬لو مات على حالتو ىذه‬
‫مات على غّب ملة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫كركل النسائي مرفوعا‪ " :‬منكم من يصلي الصبلة كاملة كمنكم من يصلي الربع كا‪٣‬بمس حٌب‬
‫قاؿ كمنكم من يصلي العشر " كُب ركاية النسائي أبطوؿ من ىذا‪ .‬كُب حديث ا‪٤‬بسيء‬
‫صبلتو‪":‬فاركع حٌب تطمئن راكعا ٍب ارفع حٌب تعتدؿ قائما ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب ارفع‬
‫حٌب طمئن جالسا ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب افعل ذلك ُب صبلتك كلها " أىػ‪.‬‬
‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كابن خزٲبة ُب صحيحو كا‪٢‬باكم كصحح إسناده عن أيب قتادة رضي هللا تعأب‬
‫عنو قاؿ قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬أسوأ الناس سرقة الذم يسرؽ من صبلتو قالوا‪ :‬اي رسوؿ هللا‬
‫كيف يسرؽ من صبلتو قاؿ ال يتم ركوعها كال سجودىا " كركل الطربا٘ب كابن حباف كا‪٢‬باكم‬
‫من حديث أيب ىريرة أيضا كركل أبو يعلى كابن خزٲبة ُب صحيحو عن عمرك بن العاص كخالد‬
‫بن الوليد كشرحبيل بن حسنة رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص رأل رجبل ال يتم‬
‫ركوعو كينقر ُب سجوده كىو يصلي فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‬

‫لو مات ىذا على حالو ىذا مات على غّب ملة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كقاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬مثل الضي ال‬
‫يتم ركوعو كينقر ُب سجوده مثل ا‪١‬بائع أيكل التمرة أك التمرتْب ال يغنياف عنو شيئا "‪ .‬كركل‬
‫الطربا٘ب إبسناد رجالو كلهم ثقات عن ببلؿ رضي هللا تعأب عنو أنو أبصر رجبل يتم الركوع كال‬
‫السجود فقاؿ‪ :‬لو مات ىذا ‪٤‬بات على غّب ملة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫كركل أ‪ٞ‬بد إبسناد جيد عن أيب ىريرة هنع هللا يضر قاؿ قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬ال‬
‫ينظر هللا تعأب إٔب عبد ال يقيم صلبو ُب ركوعو كسجوده " كُب ا‪٤‬بوطأ عن النعماف بن مرة رضي‬
‫هللا تعأب عنو أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم قاؿ‪ " :‬ما تركف ُب الشارب كالزا٘ب‬
‫كالسارؽ كذلك قبل أف تنزؿ فيهم ا‪٢‬بدكد قالوا‪ :‬هللا تعأب كرسولو أعلم قاؿ‪ :‬ىي فواحش‬
‫كفيهن عقوبة كأسوأ السرقة الذم يسرؽ ُب صبلتو قالوا‪ :‬كيف يسرؽ ُب صبلتو قاؿ‪ :‬ال يتم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪571‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ركوعها كال سجودىا "‪.‬‬
‫كركل األصبها٘ب ُب الَبغيب عن عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا‬
‫صلى هللا عليو كسل‪ ":‬ما من مصل إال كملك عن ٲبينو ك ملك عن مشالو فإذا أ‪ٛ‬بها عرجا هبا‬
‫كإذا ٓب يتمها ضراب هبا على كجهو "‪ .‬كركل الطربا٘ب عن أنس بن مالك رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬من صلى الصبلة لوقتها كأسبغ كضوءىا كأًب قيامها‬
‫كخشوعها كركوعها كسجودىا عرجت كىي بيضاء مسفرة تقوؿ‪ :‬حفظك هللا تعأب كما حفظتِب‬
‫كمن صبلىا لغّب كقتها كٓب يسبغ كضوءىا كٓب يتم خشوعها كال ركوعها كال سجودىا عرجت‬
‫كىي‬

‫سوداء مظلمة تقوؿ‪ :‬ضيعك هللا كما ضيعتِب حٌب إذا كانت حيث شاء هللا تعأب لفت كما يلف‬
‫الثوب ا‪٣‬بلق ٍب ضرب هبا كجهو"‪ .‬كركل األصبها٘ب عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو‪ :‬عن النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪ ":‬إف الرجل ليصلي ستْب سنة ما تقبل لو صبلة لعلو يتم الركوع كال يتم السجود أك يتم‬
‫السجود كال يتم الركوع "‪.‬‬
‫كرل أبو داككد كالنسائي كابن حباف ُب صحيحو عن عمار بن ايسر رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪:‬‬
‫‪٠‬بعت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقوؿ‪ ":‬إف الرجل لينصرؼ ما كتب لو إال عشر صبلتو تسعها ‪ٜ‬بنها سبعها‬
‫سدسها ‪ٟ‬بسها ربعها ثلثها نصفها " كاألحاديث ُب ىذا كثّبة أىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ زركؽ ُب شرحو‬
‫على الرسالة‪ :‬كقولو‪ :‬أف تطمئن مفاصلك متمكنا يعِب كأقل اللبث أف تستقر مفاصلك من‬
‫االضطراب اطمئناان متمكنا ٍب قاؿ‪ :‬كالزائد على أقل الطمأنينة قاؿ ابن شعباف‪ :‬فرض موسع‬
‫كبعضهم نقل كصوبو اللخمي كاستشكل إبدراؾ ا‪٤‬بسبوؽ آخر الركوع فانظر ذلك اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ زركؽ‪ :‬قلت‪ :‬يعِب أف الزائد لو ٓب يكن فرضا ‪٤‬با صحت صبلة مسبوؽ أدركو كقد‬
‫حكما العلماء بصحة صبلتو من غّب خبلؼ فدؿ على أف الزائد فرض‪ .‬كُب شرح الدردير على‬
‫ا‪٤‬بختصر عند قوؿ ا‪٤‬بصنف‪ :‬كعلى الطمأنينة كيطلب تطويلو الركوع كالسجود عن الرفع منهما‬
‫اىػ‪ .‬كُب حاشية الدسوقي ُب ىذا احملل‪ :‬كاعَبض البنا٘ب على ا‪٤‬بصنف ُب عده الزائد على‬
‫الطمأنينة سنة فقاؿ‪ :‬انظر من نص على أف الزائد عليها سنة كنص اللخمي اختلف ُب حكم‬
‫الزائد على أقل ما يقع عليو اسم الطمأنينة فقيل‪ :‬فرض موسع كقيل‪ :‬نفل كىو األحسن كىكذا‬
‫عباراهتم ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪572‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أيب ا‪٢‬بسن كابن عرفة كغّبىم‪ .‬قلت‪ :‬كاألمر كما ذكره ُب حاشية البنا٘ب‪ .‬كقاؿ ابن أيب ‪ٝ‬برة عند‬
‫حديث األعرايب الذم قاؿ لو النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ارجع فصل فإنك ٓب تصل" كذكر ا‪٢‬بديث كفيو‪:‬‬
‫"فاركع حٌب تطمئن راكعا ٍب ارفع حٌب تعتدؿ قائما ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب ارفع حٌب‬
‫تطمئن جالسا ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب افعل ذلك ُب صبلتك كلها" ظاىر ا‪٢‬بديث‬
‫يوجب توفية أركاف الصبلة من قياـ كركوع كغّبٮبا من شأهنا كمن ٓب يفعل ٓب ٘بز صبلتو‪ٍ ،‬ب قاؿ‬
‫بعد كبلـ‪ :‬كىنا ٕبث ما ىو حد االستواء اختلف العلماء ُب ذلك ا‪٢‬بد فمنهم من‬
‫قاؿ‪ :‬بقدر ثبلث تسبيحات كمنهم من قاؿ غّب ذلك كمنهم من ٓب ٯبعل لو حدا إال ما حده ىنا‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم كىو قوؿ مالك ر‪ٞ‬بو هللا تعأب كمن تبعو كىو األظهر ألف الذم‬
‫أعطي الببلغة كالنور كا‪٢‬بكمة أخرب ابألمر الذم أيخذ كل الناس منو القدر الذم فيو أجزاء‬
‫فرضو ألف الناس فيهم خفيف البدف خفيف ا‪٢‬بركة فهذا ٗبقدار ثبلث تسبيحات تعتدؿ ‪ٝ‬بيع‬
‫مفاصلو كمنهم الثقيل البدف الثقيل ا‪٢‬بركة فهذا ٗبقدار الثبلث تسبيحات ال يتم لو فرضو كمنهم‬
‫ما بْب ذلك كىم أيضا ُب النطق ابلتسبيح ‪٨‬بتلفوف اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كحجة من جعل أقل الطمأنينة قدر ثبلث تسبيحات حديث أيب داككد كالَبمذم أف‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬إذا ركع أحدكم فقاؿ ُب ركوعو‪ :‬سبحاف ريب العظيم كٕبمده ثبلث مرات‬
‫فقد ًب ركوعو كذلك أدانه كإذا سجد فقاؿ ُب سجوده‪ :‬سبحاف ريب األعلى ثبلث مرات فقد ًب‬
‫سجوده كذلك أدانه" اىػ‪ .‬كقاؿ ابن أيب ‪ٝ‬برة أيضا عند قوؿ أنس رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ما‬
‫صليت كراء إماـ قط أخف صبلة كال أًب من النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كإف كاف ليسمع‬
‫بكاء الصيب فيخفف ‪٨‬بافة أف تفتًب أمو كإف ‪ٚ‬بفيف الصبلة يكوف بتقصّب القراءة كقد‬

‫يكوف بتقصّب القياـ كقد يكوف بتقصّب أركاهنا كلها إال أنو بشرط أف ال ٱبل بركن كاحد منها‬
‫فإنو إذا أخل بواحد منها فليست بصبلة فبل يبهم التخفيف حٌب ينكر شيء من عاداهتم‬
‫ا‪٤‬بنقولة عنهم ُب طوؿ صبلهتم ألف هللا تعأب قد أثُب على ا‪٤‬بطولْب ُب صبلهتم ُب كتابو حيث‬
‫يقوؿ‪{ :‬كقوموا هلل قانتْب} كالقنوت ُب الصبلة لغة ىو طوؿ القياـ فيها كما كاف للنيب صلى هللا‬
‫عليو كسلم كال للصحابة رضي هللا تعأب عنهم أف يَبكوا ما ىو أقل من ىذا فيكوف ‪٥‬بم ىذا‬
‫الثناء ا‪١‬بميل كما تورمت قدماه صلى هللا تعأب عليو كسلم إال لطوؿ القياـ ُب‬
‫الصبلة كقد نقل عن الصحابة كعن السلف رضي هللا تعأب عنهم أهنم يكونوف ُب الركعة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪573‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الواحدة فيخرج الرجل إٔب البقيع كيرجع إٔب ا‪٤‬بسجد كىم ُب الركعة الواحدة ٓب يتموىا كإف‬
‫الرجل منهم كاف يدعو ُب سجوده بقدر ما يسبح هللا تعأب سبحانو كيصلي على النيب صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم كيستغفر لنفسو كألبويو كلسبعْب من أصحابو كقرابتو كيسميهم أب‪٠‬بائهم كأ‪٠‬باء‬
‫آابئهم كقبائلهم‪.‬‬
‫كأما حديث معاذ بن جبل رضي هللا تعأب عنو أنو صلى ا‪٤‬بغرب بقوـ بسورة البقرة فقاؿ لو‬
‫رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أفتاف أنت اي معاذ؟ " فإ٭با قاؿ لو ذلك ألف صبلة ا‪٤‬بغرب السنة فيها التخفيف‬
‫كمن أجل أف ذلك كقت إفطارىم ككقت الضركرات أيضا ككاف اب‪٤‬بؤمنْب رحيما ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كما ركم‬
‫عن أيب بكر رضي هللا تعأب عنو أنو كاف يصلي الصبح بسورة البقرة ُب الركعتْب معا فأبو بكر‬
‫رضي هللا تعأب عنو كعن ‪ٝ‬بيعهم فهم عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص فجعل التطويل ُب ‪٧‬بلو كالكل سادة على‬
‫خّب‪.‬‬

‫كركم عن عثماف رضي هللا تعأب عنو أنو قاؿ لبعض الصحابة‪ :‬ما حفظت سورة يوسف إال من‬
‫عثماف رضي هللا تعأب عنو لكثرة ما كاف يرددىا ُب صبلة الصبح‪ .‬كجاء ُب ا‪٤‬بوطأ عن أـ الفضل‬
‫بنت ا‪٢‬برث أهنا ‪٠‬بعت عبد هللا بن عباس رضي هللا تعأب عنهما يقرأ‪{ :‬كا‪٤‬برسبلت عرفا} فقالت‬
‫لو‪ :‬اي بِب لقد ذكرتِب بقراءتك ىذه السورة أهنا آلخر ما ‪٠‬بعت من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص يقرأ هبا ُب‬
‫ا‪٤‬بغرب فكانت قراءتو ملسو هيلع هللا ىلص بطيئة حسنة كما نعتها الواصف ‪٥‬با‪ .‬قاؿ‪ :‬كانت قراءتو عليو السبلـ‬
‫لو شئت أف أعد حركفها لعددهتا‪.‬‬
‫فبتقرير ىذه اآلاثر علمنا أنو عليو الصبلة كالسبلـ ما كاف هنيو ‪٤‬بعاذ رضي هللا تعأب عنو على‬
‫اإلطبلؽ كإ٭با كاف لكونو طوؿ ذلك التطويل ُب ا‪٤‬بغرب كقد ثبت ابلسنة خلفا من سلف أف‬
‫العمل جرل على أف ا‪٤‬بستحب ُب صبلة ا‪٤‬بغرب أف تكوف أخف الصلوات كلوال ذلك ما كاف‬
‫أبو بكر يصلي ُب الصبح ابلبقرة كما ذكران ك‪٤‬با كاف ا‪٤‬بعهود منهم ُب الصلوات التطويل فإذا‬
‫كانت ىناؾ علة كما ذكر من بكاء الصيب كما يشبو ذلك خفف عليو السبلـ حٌب خرج بذلك‬
‫التخفيف عن العادة ا‪١‬بارية ‪٥‬بم كما قاؿ بعض الصحابة رضي هللا تعأب عنهم‪ :‬ما رأيت رسوؿ‬
‫هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص صلى صبلة لغّب ميقاهتا إال صبلتْب صبلة ا‪٤‬بغرب كالعشاء ٔبمع كصلى الفجر يومئذ قبل‬
‫ميقاهتا كليس يعِب ميقاهتا أنو صبلىا قبل الوقت الذم كقت ‪٥‬با ذلك ‪٧‬باؿ كإ٭با يعِب بغّب كقتها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪574‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الذم كاف ملسو هيلع هللا ىلص يصليها فيو فإنو كاف بعد طلوع الفجر كما جاء عنو ملسو هيلع هللا ىلص أنو يركع ركعٍب الفجر ٍب‬
‫يضطجع ما شاء هللا تعأب ٍب ٱبرج كيصلي كُب ىذا اليوـ صلى عند انصداع أكؿ الفجر كىذا‬
‫أكؿ الوقت الذم كاف يصليها فيو فقد أخرجها عن الوقت ا‪٤‬بعلوـ ‪٥‬با كىو التأخر اليسّب كما‬
‫شرحناه كىذا مثل ذلك سواء‬

‫ألنو من أجل تلك القربة خفف كيَبتب عليو من الفقو جواز ‪ٙ‬بويل النية ُب خبلؿ الصبلة إٔب‬
‫حاؿ ما دخل عليو من زايدة أك نقص لكن بشرط أال ينقص من ا‪٢‬بد اجملزم شيئا كمن أجل‬
‫ذلك صرح الصحابة رضي هللا تعأب عنهم ٖبركج الصبلة عن كقتها كُب ذلك دليل فضلهم‬
‫كصدقهم ُب الركاية كيَبتب عليو أيضا أنو ‪٤‬با كانت الصبلة كىي رأس الدين ٯبوز فيها ‪ٙ‬بويل‬
‫النية من األعلى إٔب األدٗب مع حرز الكماؿ كال يرجع لقدر اإلجزاء إال عند األعذار كإذا رجع‬
‫إٔب قدر اإلجزاء ٰبافظ على أف ال ينقص من الواجبات شيئا كعلى ىذا البياف ا‪٤‬بتقدـ من‬
‫أحوا‪٥‬بم قد اختلفت األحواؿ كظهر النقص كقد ‪٠‬بعت كرأيت بعض من ينسب ُب الوقت إٔب‬
‫العلم كىو ‪٩‬بن يقتدل بو كىو ال يكمل الواجب من بعض أركاف الصبلة فإان هلل كإان إليو‬
‫راجعوف على تضييع العلم كحقيقتو كىو العمل ك‪ٛ‬بامو كلذلك قاؿ رزين ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬ما أكقع‬
‫الناس ُب األمور احملذكرات إال كضعهم األ‪٠‬باء على غّب ا‪٤‬بسميات ا‪٤‬بعركفة أكال ألان اآلف إذا‬
‫أخذان ابلتخفيف ُب صلواتنا خرجنا عن حد اإلجزاء ألف ا‪٤‬بطوؿ منا ُب صبلتو ال يصل ٔبهده‬
‫إال إٔب اإلجزاء فضبل عن أف ينقص منو شيئا عما طلب كيَبتب على ‪ٚ‬بفيفها من أجل بكاء‬
‫الصيب كما قاؿ فيو فإنو حصل لو ُب صبلتو القدر اجملزئ كبدؿ الكماؿ ٖبّب صبلة أـ الصيب‬
‫يرفع الفتنة عنها بتعجيل الصبلة كخرب الصيب نفسو فجاء ا‪٣‬برب ىنا متعداي كىو األكمل كأما‬
‫على قصدىا من غّب بكاء الصيب فتبيْب منو ملسو هيلع هللا ىلص للقدر اجملزئ ُب العمل كما بينو ُب القوؿ‬
‫كالتبيْب ‪٤‬بقادير األحكاـ ارفع األعماؿ كيَبتب ىذا من الفقو أنو ملسو هيلع هللا ىلص ُب كل األحواؿ على أ‪ٛ‬بها‬
‫كأعبلىا كأما ا‪١‬بواب عن حد إ‪ٛ‬بامها فنعرفو ٕبده ملسو هيلع هللا ىلص حيث قاؿ للمسيء ُب صبلتو‪" :‬ارجع‬
‫فصل فإنك ٓب تصل" فعل ذلك معو‬

‫ثبلاث قاؿ لو ‪٤‬با سألو التعليم‪" :‬إذا قمت إٔب الصبلة فكرب ٍب اقرأ ما تيسر معك من القرآف ٍب‬
‫اركع حٌب تطمئن راكعا ٍب ارفع حٌب تعتدؿ قائما ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب ارفع حٌب‬
‫تطمئن جالسا ٍب اسجد حٌب تطمئن ساجدا ٍب افعل ذلك ُب صبلتك كلها" كبقولو عليو الصبلة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪575‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالسبلـ‪" :‬كل صبلة ٓب يقرأ فيها أبـ القرآف فهي خداج" فإف التماـ ُب الصبلة على ثبلثة أشياء‬
‫ُب اإلجزاء ابلقراءة كُب إكماؿ األركاف كُب إكماؿ عدد الركعات كيكوف ذلك بعد ‪ٙ‬بقق دخوؿ‬
‫كقتها كفيو دليل على ‪ٙ‬برز الصحابة رضي هللا تعأب عنهم ألهنم كانوا يعتدكف ُب‬
‫الكماؿ أبًب ا‪٢‬باالت ُب اإلجزاء ال أيتوف بو إال كمع ذلك زايدة خفيفة أف ينقصها من اإلجزاء‬
‫شيء ما كال يتحقق اإلجزاء ُب األقل إال ابلقطع ابلزايدة اليسّبة فيو ما ٓب تكن تلك الزايدة‬
‫‪٧‬بظورة ُب الشرع مثل منعنا الرابعة ُب الوضوء أك تكوف تلك الزايدة ٓب يفعل ىو ملسو هيلع هللا ىلص شيئا منها‬
‫لئبل ٱبرج هبا إٔب البدعة كقد جاء فيها من الذـ ما جا بقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من أحدث ُب أمران ىذا ما‬
‫ليس منو فهو رد " كقولو عليو الصبلة كالسبلـ‪ ":‬كل بدعة ضبللة " كما أشبهو ٍب قاؿ‪:‬كيَبتب‬
‫على تقصّبىا من غّب عذر أنو جائز‬
‫كأف األفضل ما كاف داـ ىو صلى هللا تعأب عليو كسلم كمن بعده من السلف الصاّب كفيو دليل‬
‫على فضل العلم ألنو بو يعرؼ حد ا‪١‬بائز فيما كلف بو كحد الكماؿ ألنو أيٌب ابألشياء على ما‬
‫أمر هبا ألف ا‪١‬باىل قد ٯبعل الكماؿ كاجبا فيكوف قد زاد ُب فرض هللا تعأب أك يكوف ٯبعل‬
‫زايدة الكماؿ بدعة فيكوف أيضا ٯبعل ُب دين هللا تعأب ما ليس فيو أك يكوف ٯبعل حد اإلجزاء‬
‫ىو الكماؿ ٍب أيخذ ُب نقص منو فيجعلو من ابب التخفيف كىذا الداء العضاؿ قد كثر ُب‬
‫أكقاتنا كمثل ىذا ينبغي ُب ‪ٝ‬بيع أمور الدين أف يعرؼ الشخص القدر الذم ٯبب عليو‬

‫كما ىو قدر الزايدة ا‪٤‬بستحبة كلذا قاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬طلب العلم فريضة " قاؿ‬
‫العلماء‪ :‬كل ما كاف عليك فعلو فرضا فطلبو فرض ألنو ال ٲبكن أف يوقف عليو من جهلو أىػ‬
‫كبلـ ابن أيب ‪ٝ‬برة رضي الو تعأب عنو‪ .‬كُب شرح العزية البن عبد الصادؽ‪ :‬كإف أقل الطمأنينة‬
‫قدر ما يسبح اإلنساف فيو ثبلث مرات‪.‬‬
‫كقاؿ حجة اإلسبلـ أبو حامد الغزإب ُب بداية ا‪٥‬بداية ُب آداب الصبلة‪ٍ :‬ب كرب للركوع إٔب أف‬
‫قاؿ‪ :‬كقل سبحاف ريب العظيم كٕبمده ثبلاث كإف كنت منفردا فالزايدة على السبعة كالعشرة‬
‫حسن إٔب أف قاؿ‪ٍ :‬ب اسجد كقل‪ :‬سبحاف ريب األعلى ثبلاث كإف كنت منفردا فزد كقاؿ ُب‬
‫آداب اإلمامة‪ :‬كال يزيد اإلماـ على الثبلث ُب تسبيحات الركوع كالسجود ٕبيث أف ٲبل القوـ‬
‫لئبل يؤدم إٔب تغيّب القوـ‪ .‬كعن سفياف‪ :‬يقوؿ اإلماـ ‪ٟ‬بسا حٌب يتمكن القوـ من الثبلث كقاؿ‬
‫الشافعي‪ :‬ال يزيد على الثبلث فيهما أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪576‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كمنها قضاء الشفع كالوتر كُب بعض الرسائل أنو رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬إذا فات الشفع‬
‫كالوتر ٖبرجهما عن كقتهما فإف صبلة اليوـ الذم قبلهما ال ترفع ألهنا تبقى معلقة ما عدا صبلة‬
‫العصر ك‪٠‬بع منو بعض أصحابو أف من فاتو الشفع كالوتر كأراد أف يقضيهما فليقضهما مٌب شاء‬
‫ٍب يذكر عقبهما جوىرة الكماؿ ثبلث مرات ُب التحية األخّبة منها بنية ا‪١‬برب فإهنا ٘برب الشفع‬
‫كالوتر كترفع الصبلة اعلم أف تعليق رفع عمل بعمل آخر ال بدع فيو كتعليق رفع الصوـ أبداء‬
‫زكاة الفطر كقد كرد مثلو كثّبا كالقضاء ا‪٤‬بذكور إما ُب قضاء حقيقة أك‬

‫قضاء ٗبعُب العوض ككبل األمرين مذكور عند علماء الشريعة كعند علماء ا‪٢‬بقيقة قاؿ الشيخ‬
‫زركؽ ُب شرحو على الرسالة‪ :‬تنبيو لييس ُب النوافل ما يقضى كما يطلب فيو االقتصار على‬
‫الفا‪ٙ‬بة غّب ركعٍب الفجر كإف كاف التعويض مطلواب كاالقتصار جائزا أىػ‪ ،‬كقاؿ ُب أتسيس‬
‫القواعد كاألصوؿ ك‪ٙ‬بصيل الفوائد كالوصوؿ‪ :‬إقامة الورد ُب كقتو عند إمكانو الزـ لكل صادؽ‬
‫فإذا عارضو عارض بشرية أك ما ىو كاجب من األمور الشريعة لزـ إنفاذه بعد التمسك ٗبا ىو‬
‫فيو جهده من غّب إفراط ٱبل بواجب الوقت ٍب يتعْب تداركو ٗبثلو لئبل يعتاد البطالة كألف‬
‫الليل كالنهار خلفو كاألكقات كلها هلل تعأب فليس لئلختصاص كجو إال من حيث خصوصات‬
‫فمن ٍب قاؿ بعض ا‪٤‬بشايخ‪ :‬ليس عندكم ليل كال هنار يشّب للكوف ٕبكم الوقت ما ال يفهمو‬
‫البطالوف من عدـ تدارؾ الورد أىػ كبلـ الشيخ زركؽ كىو نفيس‪ .‬كقاؿ ا‪٣‬برشي على ‪٨‬بتصر‬
‫خليل عند قولو‪ :‬كال يقضى غّب فرض إال ىي فللزكاؿ أم ال يقضي من الصلوات إال الفرائض‬
‫كالفجر فيقضي حقيقة من حل النافلة على ا‪٤‬بشهور كقيل أهنا ليست بقاء حقيقة بل ركعتاف‬
‫تنوابف عنها أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب اجملموع كال يقضى غّب فرض إال ىي كإف قاؿ بو غّبان كُب ا‪٢‬بديث ما يدؿ على ذلك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قد قاؿ بعض العلماء من أىل ا‪٤‬بذىب‪ :‬أف ُب قضاء غّب الفرض ثبلثة أقواؿ القضاء‬
‫مطلقا كعدمو مطلقا كقضاء ركعٍب الفجر فقط ىذا ىو الذم مشى عليو خليل أىػ‪ .‬كقاؿ الشيخ‬
‫الدسوقي ُب حاشيتو على الشيخ الدردير على ‪٨‬بتصر الشيخ خليل عند قولو‪ :‬كال يقضى غّب‬
‫فرض إال ىي أم ٰبرـ إٔب آخره قاؿ شيخنا العدكم ىذا بعيد جدا كليس منقوال ال سيما‬
‫كاإلماـ الشافعي ٯبوز القضاء أىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪577‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب عند قولو تعأب‪{ :‬كىو الذم جعل الليل كالنهار خلفة} قاؿ ابن عباس‬
‫رضي هللا تعأب عنهما كا‪٢‬بسن‪ :‬يعِب خلفا كعوضا يقوـ أحدٮبا مقاـ صاحبو فمن فاتو عملو ُب‬
‫أحدٮبا قضاه ُب اآلخر قاؿ شقيق جاء رجل إٔب عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو فقاؿ‪:‬‬
‫فاتتِب الصبلة الليلة قاؿ‪ :‬أدرؾ ما فاتك منن ليلتك ُب هنارؾ فإف هللا عز كجل جعل الليل‬
‫كالنهار خلفة ‪٤‬بن أراد أف يذكر أك أراد شكورا‪ .‬كعن ا‪٢‬بسن‪ :‬من فاتو عمل من الذكر كالشكر‬
‫ابلنهار كاف لو ُب الليل مستعتب كمت فاتو ابلليل كاف لو ُب النهار مستعتب أىػ‪.‬‬
‫كُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪ :‬أخذا علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم أف نقضي أكرادان الٍب ٭بنا عنها أك غفلنا ُب الليل ما بْب صبلة الصبح إٔب صبلة‬
‫الظهر كال نتساىل ُب ترؾ ذلك كىذا العهد ال يعمل بو ُب ىذا الزماف إال القليل من الناس‬
‫لكثرة غفلتهم عن هللا كعن الدار اآلخرة فيفوت أحدٮبا ا‪٣‬بّب الكثّب فبل يتأثر لو كيقع منو‬
‫النصف فيتأثر منو لكوف الدنيا أكرب ٮبو كال حوؿ كال قوة إال ابهلل العلي العظيم‪.‬‬
‫كاعلم أف أمر الشارع لنا ابلقضاء إ٭با ىو تنبيو لنا على مقدار ما فاتنا ُب الليل فإف النهار كقت‬
‫حجاب فإذا حصل ا‪٢‬بجاب لئلنساف ُب عبادة النهار عرؼ مقدار ما فاتو من مناجاة هللا تعأب‬
‫كا‪٢‬بضور فيها كقوية داعيتو إٔب قياـ الليل ُب ا‪٤‬بستقبل كُب ا‪٢‬بقيقة ما ذـ قضاء ألف كل عبادة‬
‫كقعت إ٭با ىي كظيفة ذلك الوقت أبمر جديد من الشارع كذلك الوقت ذىب فارغا فبل ٲبلؤه‬
‫مكا فعل ُب غّبه أبدا كمن عنا قاؿ اإلماـ الشافعي‪:‬الوقت سيف إف ٓب تقطعو قطعك كهللا تعأب‬
‫أعلم‪.‬‬

‫ركل مسلم كأبو داككد كالَبمذم كالنسائي كابن ماجو كابن خزٲبة ُب صحيحو مرفوعا‪ :‬من انـ‬
‫عن حزبو أك عن شيء منو فقرأه فيما بْب صبلة الفجر كصبلة الظهر كتبو هللا لو كأ٭با قرأه ُب‬
‫الليل كهللا تعأب أعلم‪ .‬كمنها أمر ا‪٤‬بريدين ابالقتصار على شيخ كاحد كقد تقدـ ُب الفصل‬
‫التاسع عشر ما فيو كفاية‪ .‬كمنها أمر اإلخواف ُب الطريقة اب‪١‬بتماع للذكر ُب الوظيفة كقد ذكران‬
‫ُب كتاب سيوؼ السعيد ُب الفصل ا‪٣‬بامس كُب الفصل ا‪٢‬بادم كالعشرين من ىذا الكتاب ما‬
‫فيو كفاية‪.‬‬
‫كمنها حضور النيب ملسو هيلع هللا ىلص عند قراءة جوىرة الكماؿ كمعو ا‪٣‬بلفاء األربعة ككوف األكلياء يركنو يقظة‬
‫كمنهم القطب ا‪٤‬بكتوـ كالربزخ ا‪٤‬بختوـ شيخنا كسيدان أ‪ٞ‬بد التجا٘ب رضي هللا تعأب عنو كأرضاه‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪578‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كعنا بو كقد تقد ُب الفصل السابع كالعشرين ما فيو كفاية بل ‪ٝ‬بيع ما ُب ىذا الكتاب ا‪٤‬ببارؾ‬
‫إف شاء هللا تعأب أجوبة عنو كعن إخوانو من أىل هللا تعأب رضي هللا تعأب عنو كعنهم أ‪ٝ‬بعْب‬
‫كحشران ُب زمرهتم آمْب‪.‬‬
‫كمنها غّب ما ذكر ال نطيل بذكره ُب ىذا الكتاب إذ ال حاجة ُب تتبعو كما ‪ٞ‬بلنا على ذكر ما‬
‫ذكران مع أننا قدمنا ُب الفصوؿ ا‪٤‬بتقدمة أكؿ الكتاب ما ٲبنع كل عاقل من اإلنكار كاالنتقاد‬
‫كٰبض كل عاقل على التسليم كاالعتقاد إال ألجل األف يعلم ا‪٤‬بولع ابالعَباض على أىل هللا‬
‫تعأب أننا نعلم ابلكتاب كالسنة كمذاىب علماء األمة كأنو ما أداء إٔب االعَباض على سادة‬
‫األمة إال جهلو الناشئ عن سوء األدب كحبث الطوية كلو أحسن ظنو ‪٤‬با رأل شيئا من كبلمهم‬
‫إال فتح هللا تعأب عليو كأراه ُب علوـ الشريعة كا‪٢‬بقيقة ما يسَبيح بو من‬
‫اإلنكار كيعلم بو أهنم على ىدل كبينة من رهبم ا‪٤‬بختار ا‪٢‬بمد هلل الذم من علينا بذلك ك‪٪‬باان‬
‫بفضلو ‪٩‬با كقع عليو أىل اإلنكار من ا‪٤‬بهالك كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو‬
‫ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل السابع كاألربعوف‬

‫ُب إعبلمهم أنو ٯبب عليهم طاعة ا‪٤‬بقدمْب ُب إعطاء الورد كٰبرـ عليهم ‪٨‬بالفتهم‪.‬‬
‫فأقوؿ كابهلل تعاؿ التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف الشيوخ رضي هللا تعأب‬
‫عنهم ‪٤‬با كاموا كارث رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كنوابو ُب تبليغ شريعتو ا‪٤‬بطهرة إٔب أمتو كجب على األمة‬
‫تعظيمهم كتوقّبىم كطاعتهم كحرـ على كل متدين ‪٨‬بالفتهم ٕبكم الوراثة ألف للوارث ما‬
‫للموركث ك‪٤‬با كاف األمر كذلك كاف من قدمو الشيخ من التبلميذ كا‪٤‬بريدين ٕبكم النيابة ٯبب‬
‫على من سواء طاعتو ابمتثاؿ أمره كاجتناب هنيو ك‪ٙ‬برـ عليو ‪٨‬بالفتو كعصيانو كاحتقاره كعدـ‬
‫ا‪٤‬بباالت بو ألف من خالفو فإ٭با خالف الشيخ الذم قدمو قاؿ‬
‫تعأب‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا أطعوا هللا كأطيعوا الرسوؿ كأكٕب األمر منكم} قاؿ ُب لباب التأكيل‪:‬‬
‫كاختلف العلماء ُب أكٕب األمر الذين أكجب هللا تعأب طاعتهم بقولو‪{ :‬كأكٕب األمر منكم} يعِب‬
‫كأطيعوا أكٕب األمر منكم فقاؿ ابن عباس كجابر رضي هللا تعأب عنهم‪ :‬الفقهاء كالعلماء الذين‬
‫يعلموف الناس معآب دينهم كىو قولو ا‪٢‬بسن كالضحاؾ ك‪٦‬باىد كركل البخارم كمسلم عن أيب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪579‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ىريرة رضي هللا تعأب عنو أنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من أطاعِب فقد أطاع هللا كمن عصا٘ب‬
‫فقد عصى هللا تعأب كمن يطع أمّبم فقد أطاعِب‬
‫كمن يعص أمّبم فقد عصا٘ب " أىػ‪ .‬كال شك أف كل كاحد من الشيوخ الدعاة إٔب هللا تعأب من‬
‫أمرائو ملسو هيلع هللا ىلص كمن قدموه ابلدعاء إٔب هللا تعأب من تبلميذىم من أمرائهم كمن كاف من أمرائهم فهو‬
‫إذا من أمرائو ملسو هيلع هللا ىلص كألجل ذلك أ‪ٝ‬بعوا على حض ا‪٤‬بريدين كالتبلميذ على طاعة من جعلوه‬
‫مقدما كانئبا عنهم ُب إعطاء طرقهم كخليفة ‪٥‬بم‪.‬‬

‫قاؿ ُب لواقح األنوار القدسية ُب العهود احملمدية‪ :‬أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم أف ‪٪‬بل العلماء كالصا‪٢‬بْب كاألقطاب كلو ٓب يعملوا بعلمهم كنقوـ بواجب‬
‫حقهم كحقوقهم كنكل أمرىم إٔب هللا تعأب فمن أخل بواجب حقوقهم من اإلكراـ كالتبجيل فقد‬
‫خاف هللا كرسولو فإف العلماء نواب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ك‪ٞ‬بلة شرعو كخدامو من استهاف هبم تعدل‬
‫ذلك إٔب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كذلك كفر كقد ماؿ إٔب ذلك من كفر من قاؿ عن عمامة عآب‪ :‬ىذه‬
‫عميمة عآب ابلتصغّب كأتمل من استهاف بغبلـ‬
‫السلطاف إذا أرسلو إليو كيف يسمع السلطاف من رسولو فيو كيسلب نعمة ذلك الذم استهاف‬
‫كيطرده عن حضرتو ٖببلؼ من ٔبلو كعظمو كقاـ بواجب حقو يقربو السلطاف كلو كاف بعيدا‬
‫كيكرمو كٯبلو كٰبتاج من يريد العمل هبذا العهد إٔب شيخ يسلك بو الطريق حٌب يدخل حضرة‬
‫الوالية الكربل كيشهد ىناؾ من ىو ا‪٤‬بقدـ عند هللا تعأب كمن ىو ا‪٤‬بؤخر كيصّب يقدـ من قدمو‬
‫هللا تعأب كيؤخر من أخره هللا تعأب على الكشف كالشهود كما يشاىد ذلك ُب حضرة ملوؾ‬
‫الدنيا فإف ٓب تسلك اي أخي كما ذكران فبل يصح لك تقد‪ٙ‬ب أحد على أحد إال لعلة دنيوية كليس‬
‫ذلك‬
‫التقد‪ٙ‬ب ىو الذم أيمرؾ هللا تعأب بو فعلم أف كل من أقاـ ا‪٤‬بيزاف بغّب حق على العلماء كاألكابر‬
‫حرـ النفع هبم كعصى هللا تعأب كرسولو صلى هللا تعأب عليو كسلم يهدم من يشاء إٔب صراط‬
‫مستقيم‪ .‬كركل الطربا٘ب مرفوعا‪" :‬تواضعوا ‪٤‬بن تتعلموا منو" كُب ركاية لو أيضا مرفوعا‪" :‬ثبلثة ال‬
‫يستخف هبم إال منافق‪ :‬ذك الشيبة ُب اإلسبلـ كذك العلم كاإلماـ ا‪٤‬بقسط"‪.‬‬

‫كقاؿ السيد دمحم بن ‪٨‬بتار الكنٍب‪ :‬قل ما أفلح مريد فطم قبل أكاف فطامو بل مٌب مات شيخو أك‬
‫فصلو عنو عارض ككاف لو انئب أك خليفة تعْب عليو مبلزمتو برسم ما كاف عليو من الشيخ كمٌب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪580‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٓب ٱبلف انئبا كال خليفة لزمو االنتقاؿ إٔب مرشد أك شيخ يتخذه ُب بقية سّبه اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كبلـ‬
‫ىذا اإلماـ ىو نص ا‪٤‬بقاـ ألنو ‪٤‬با تعْب على ا‪٤‬بريد طاعة من كل انئب شيخو الذم مات أك‬
‫فصلو عن عارض كا‪٢‬باؿ أف شيخو ما أمره تصرٰبا بطاعة ذلك النائب كا‪٣‬بليفة بل إ٭با تتعْب‬
‫عليو طاعتو لكونو انئب الشيخ أك خليفتو فما ظنك ٗبقدـ أمرؾ شيخك بطاعتو نصا‬
‫أك كاف ا‪٤‬بقدـ ىو الذم لقنك األذكار كنظمك ُب سلك أىل الطريقة‪ .‬كقاؿ ُب ا‪٣‬ببلصة‬
‫ا‪٤‬برضية ُب ابب آداب ا‪٤‬بريد مع شيخو‪ :‬كيتلمذ كٱبدـ أكابر كل من قدمو عليو شيخو كإف كاف‬
‫أقل علما منو اىػ‪ .‬كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ُب الرسالة الٍب كتبها إٔب‬
‫فقراء فاس‪ :‬كعليكم بطاعة ا‪٤‬بقدـ ُب الورد مهما أمركم ٗبعركؼ أك هناكم عن منكر أك سعى ُب‬
‫إصبلح ذات بينكم اىػ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كإايؾ أف تظن أف مرتبة ا‪٣‬بليفة كمرتبة ا‪٤‬بقدـ ُب إعطاء الورد من غّب أف ٯبعل خليفة على‬
‫حد سواء بل ا‪٤‬بقدـ من ‪ٝ‬بلة رعية ا‪٣‬بليفة ٘بب عليو طاعة ا‪٣‬بليفة ىو ك‪ٝ‬باعتو كما ٯبب على‬
‫‪ٝ‬باعتو طاعتو كىذا ا‪٢‬بكم ىو كجوب االمتثاؿ للخليفة كحرمة ‪٨‬بالفتو ٯبب على ‪ٝ‬بيع أىل‬
‫الطريقة يستوم فيو من لقنو ا‪٣‬بليفة كمن ٓب يلقنو ‪٤‬برتبة ا‪٣‬ببلفة فاعلم ذلك كاعمل عليو ترشد‬
‫كهللا تعأب يهدم من يشاء إٔب صراط مستقيم كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو‬
‫ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثامن كاألربعوف‬

‫ُب إعبلـ ا‪٤‬بقدمْب ُب إعطاء الورد إذان صحيحا ‪٩‬بن لو اإلذف الصحيح عن شيخو ا‪٤‬بأذكف‬
‫ابلتلقْب كاإلرشاد ال سيما من بلغ منهم مرتبة ا‪٣‬ببلفة ابستخبلؼ من كاف خليفة ألنو ال بد لكل‬
‫من يدعو إٔب هللا تعأب ككاف صادقا ُب دعواه من الصرب على إساءة إخوانو كما صرب من كاف‬
‫قبلو من الدعاة إٔب هللا تعأب حْب أكذكا‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف ا‪٤‬بقصود من البعثة أف‬
‫يبلغ الرسوؿ تكاليف هللا تعأب إٔب ا‪٣‬بلق كذلك ال يتم إال ٗبيل قلوهبم إليو كسكوف نفوسهم لديو‬
‫كىذا ا‪٤‬بقصود ال يتم إال إذا كاف رحيما هبم كرٲبا يتجاكز عن ذنوهبم كيعفو عن سيئاهتم كٱبصهم‬
‫ابلرب كالشفقة فلهذه األسباب كجب أف يكوف الداعي إٔب هللا تعأب مربأ عن سوء ا‪٣‬بلق كغلظ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪581‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫القلب كيكوف كثّب ا‪٤‬بيل إٔب إعانة الضعفاء كثّب القياـ إبعانة الفقراء قاؿ تعأب‪{ :‬فبما ر‪ٞ‬بة من‬
‫هللا لنت ‪٥‬بم كلو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك‬
‫فاعف عنهم كاستغفر ‪٥‬بم} قاؿ أستاذان كسيدان ككسيلتنا إٔب ربنا شيخنا كسيدان أ‪ٞ‬بد بن دمحم‬
‫ا‪٢‬بسِب التجا٘ب هنع هللا يضر كأرضاه كعنا بو‪ :‬كأكصي من كاف مقدما على إعطاء الورد أف يعفو لئلخواف‬
‫عن الزلل كأف يبسط رداء عفوه عن كل خلل كأف يتجنب ما يوجب ُب قلوهبم ضغينة أك شينا‬
‫أك حقدا كأف يسعى ُب إصبلح ذات بينهم كُب كل ما يوجب خلبل ُب قلوب بعضهم على بعض‬
‫كإف اشتعلت انر بينهم سارع ُب إطفائها كليكن سعيو ُب ذلك ُب مرضاة هللا تعأب ال ‪٢‬بظ زائد‬
‫على ذلك كينهى من رآه يسعى ابلنميمة بينهم كأف يزجره برفق ككبلـ لْب كعليو‬

‫أف يعاملهم ابلرفق كالتيسّب كالبعد عن التنفّب كالتعسّب ُب كل ما أيمرىم بو كينهاىم عنو من‬
‫حقوؽ هللا تعأب كحقوؽ اإلخواف كيراعي ُب ذلك قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬يسركا كال تعسركا كبشركا كال‬
‫تنفركا" كعليو أف يتباعد عن تقد‪ٙ‬ب دنياىم كأف ال يلتفت إٔب ما ُب أيديهم معتقدا أف هللا تعأب‬
‫ىو ا‪٤‬بعطي كا‪٤‬بانع كا‪٣‬بافض كالرافع كليجعل ٮبتو ُب ‪ٙ‬برير دنياىم ُب ما أبيديهم من التشتيت‬
‫كالتبذير كأف ال يطالبهم إبعطاء شيء ال من القليل كال من الكثّب إال ما ‪٠‬بحت نفوسهم ببذلو‬
‫من غّب طلب اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ الشعرا٘ب ُب البحر ا‪٤‬بوركد‪ :‬فاعلم أف الواجب على كل داع إٔب هللا تعأب مداراة ا‪٤‬بارقْب‬
‫ابلرب كاإلحساف ال ا‪٢‬برماف كالكبلـ ا‪٤‬بر فإنو راع ككل راع مسؤكؿ عن رعيتو قاؿ‪ :‬كقد كقع ٕب‬
‫أنٍب نفرت نفسي مرة من القراء اجملاكرين عندم فأردت مفارقتهم فرأيت تلك الليلة سيدم عليا‬
‫ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب كىو يقوؿ ٕب‪ :‬قاؿ لك رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص اصرب على أصحابك طالبا كجو‬
‫هللا تعأب كتعهدىم اب‪٤‬بوعظة ا‪٢‬بسنة كل حْب كال تكن كمن غضب على غنمو ُب الربية حٌب‬
‫انتشرت منو ُب أرض كعرة فرجع إٔب البلد كتركها للذئب‬
‫يفَبسها فانتبهت من النوـ مرعواب كرجعت عما أردتو‪ .‬كقاؿ أيضا ُب العهود احملمدية‪ :‬يتعْب على‬
‫الشخص أف يوطن نفسو على ‪ٙ‬بمل أذل من أيمره من إخوانو بَبؾ الدنيا كىو ٓب يشرؼ على‬
‫الدار اآلخرة بقلبو فإنو كالكلب العاكف على ا‪١‬بيفة كل من منعو من األكل منها يكشر أسنانو‬
‫كيهبهذ عليو كرٗبا عضو حٌب يرجع عنو فليكن الشخص إذا أمر إخوانو بَبؾ الدنيا بسياسة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪582‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كر‪ٞ‬بة كرفق كتقد‪ٙ‬ب مقدامات كذكر ما كاف السلف الصاّب عليو ٍب يقوؿ‪ :‬يرحم هللا تعأب من‬
‫أقتدم هبم كليحذر من التكدر منهم ابلباطن إذا عصوا أمره كليس عليو إال أف يظهر ‪٥‬بم‬

‫عدـ الرضا بكثرة رغبتهم ُب الدنيا ال غّب كما يظهر الوالد غضبو لولده إذا خالفو كيعبس ُب‬
‫كجهو كقلبو راحم مشفق كرٗبا ضربو ابلعصا كرٗبا ‪٬‬بست األـ كلدىا ابإلبرة ُب يده حٌب أخرجت‬
‫دمو كمع ذلك فيقضي العقل أبف ذلك كلو ليس ببغض للولد كإ٭با ىو لظهور شفقة كالديو عليو‬
‫كليوطن الداعي إٔب هللا تعأب عز كجل نفسو على ‪٠‬باع كل كبلـ مكركه ‪٩‬بن يدعوىم ألهنم عمي‬
‫عما يدعوىم إليو ٍب إف ا‪٪‬بلى حجاهبم فسوؼ يشكركف الداعي إٔب ا‪٣‬بّبات كإف ٓب ينجل‬
‫حجاهبم فقد كَب الداعي ٗبا عليو من النصح كا‪١‬بهاد فسهم ٍب ال ٱبفى أنو ال بد أف‬
‫ينقسم ‪ٝ‬باعة كل داع إٔب هللا تعأب كما انقسم من دعاىم النيب ملسو هيلع هللا ىلص إٔب دين اإلسبلـ إذ ىو‬
‫الشيخ ا‪٢‬بقيقي ‪١‬بميع األمة ك‪ٝ‬بيع الدعاة نوابو صلى هللا تعأب عليو كسلم فبل بد أف يقع ‪٥‬بم‬
‫مع أصحبهم كما كقع لو صلى هللا تعأب عليو كسلم مع قومو فمنهم من يقوؿ ‪٠‬بعنا كأطعنا‬
‫كأكلئك ىو ا‪٤‬بفلحوف كمنهم من يقوؿ ‪٠‬بعنا كعصينا كمنهم من يقوؿ ‪٠‬بعنا كأطعنا نفاقا كمنهم‬
‫من يقوؿ إ٭با يريد الشيخ بدعائنا إٔب هللا تعأب التفضل علينا كالرائسة عند الناس كمنهم من‬
‫يقوؿ إ٭با يريد نصحنا ك‪٪‬باتنا من النار كمنهم من ال يتحوؿ‬
‫عن ‪٧‬ببة شيخو ُب شدة كال رخاء كمنهم من ىو معو ُب الرخاء فإذا جاءت الشدة تربأ من شيخو‬
‫كمنهم من ال يربح حوؿ شيخو كلو أعلظ عليو كمنهم من إذا أغلظ عليو الشيخ القوؿ ىرب‬
‫منو كما أشار إليو قولو تعأب‪{ :‬كلو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من حولك} كمنهم من يريد‬
‫الدنيا كزينتها كىو غافل عن اآلخرة كمنهم من يريد الدنيا لآلخرة كعبد الر‪ٞ‬بن بن عوؼ كمنهم‬
‫من ال يريد الدنيا كاىل الصفة كمنهم من يقوؿ لشيخو كما قاؿ قوـ نوح‪{ :‬اي نوح قد جادلتنا‬
‫فأكثرت جدالنا فاتنا ٗبا تعدان إف كنت من الصادقْب} فبل أيمنوا لنصحو حٌب يرك‬

‫العذاب األليم كمنهم من يقوؿ‪ :‬قد أكثرت جدالنا كتنقيصنا من الناس كمنهم من يقوؿ لشيخو‬
‫بلساف ا‪٤‬بقاؿ أك ا‪٢‬باؿ‪ :‬لن نؤمن لقولك إال أف أتتينا كرامة كما قالت قريش‪{ :‬كقالوا لن نومن‬
‫لك حٌب تفجر لنا من األرض ينبوعا} إٔب آخره أك ا‪٣‬بسف كما قاؿ بنو إسرائيل ‪٤‬بوسى عليو‬
‫السبلـ‪{ :‬لن نومن لك حٌب نرل هللا جهرة} اآلية كٍب طائفة ال يؤمنوف يقوؿ شيخهم ‪٥‬بم‪ :‬إف‬
‫فعلتم كذا كقع لكم كذا من العقوبة إال إف كقع كمنهم من يفدم شيخو بنفسو كما فعل سعد بن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪583‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أيب كقاص كمنهم من ال يقدر على ذلك كمنهم من إذا ذكرت عياؿ شيخو بسوء يكاد يتميز‬
‫غيظا كما كقع ألكابر الصحابة ُب قصة عائشة اهنع هللا يضر كمنهم من ال يتميز غيظا بل خاض من‬
‫ا‪٣‬بائضْب كمنهم من ٲبتثل أمر شيخو ُب السفر ُب مصاّب العباد كما كاف أكابر الصحابة يفعلوف‬
‫كمنهم من يكره ذلك كيؤثر الدعة كالراحة كما كقع ‪٤‬بن ‪ٚ‬بلف عن غزكة تبوؾ كمنهم من ٰبب‬
‫شيخو أكثر من مالو ككلده كمنهم من يؤثر أىلو كمالو ككلده ُب احملبة على شيخو فلو قاؿ لو‪:‬‬
‫أخرج لفبلف عن دينار كإال ىجرتك كمنعتك من ‪٦‬بالسٍب الختار عدـ الدفع للدينار عن القرب‬
‫من شيخو كمنهم من ٱباؼ على تغيّب شيخو كيعتقد أف ا‪٢‬بق تعأب يغضب لغضبو كمنهم‬
‫من يؤذم شيخو ككلده كعيالو كال عليو من تغيّب خاطره كمنهم من ٲبتثل أمر شيخو فيما إذا‬
‫قاؿ‪ :‬أعط أخاؾ نصف مالك كقا‪٠‬بو كما كقع للمهاجرين مع األنصار كمنهم من ال ٲبتثل كال‬
‫يسمح ألخيو بدرىم كمنهم من ٲبتثل أمر شيخو على أف يؤثر أخاه على نفسو ُب كظيفة أك بيت‬
‫أك خلوة أك ماؿ كمنهم من ال ٲبتثل ذلك ك٭بنهم من ال يتمُب مقاـ شيخو عن أف يتزكج لو‬
‫مطلقة ُب حياتو أك بعد ‪٩‬باتو كمنهم من يتزكج مطلقة شيخو لوال قوؿ هللا تعأب‪{ :‬كال أف تنكحوا‬
‫أزكاجو من بعده أبدا} لرٗبا كقع ذلك ُب بعض الناس كمنهم من إذا كجد كثّب الذىب ال‬

‫أيخذ منو إال قوت يومو فقط كمنهم من ال يقنعو إال أف ينقلو كلو كمنهم من قصده ٔبمع الدنيا‬
‫الطمع كشره النفس كمنهم من قصده بذلك إظهار الفاقة كما كقع أليوب عليو السبلـ ‪٤‬با‬
‫أمطرت عليو السماء الذىب كصار ٰبثوا ُب ثوبو كيقوؿ‪ :‬ال غُب ٕب عن بركة ريب كمنهم من يرل‬
‫الدنيا بعْب االحتقار كيكوف الذىب عنده كالبعرة كمنهم من يراىا بعْب التعظيم تبعا ‪٤‬براد ا‪٢‬بق‬
‫تعأب ُب ‪ٛ‬بييزىا ُب قلوب عباده عن الَباب كمنهم من إذا قيل لو كاظب على صبلة ا‪١‬بماعة ُب‬
‫ا‪٤‬بسجد يتعلل ابلنوـ كلو كاف ىناؾ تفرقة ذىب ألتى ا‪٤‬بسجد كٓب يتعلل بذلك‬
‫كما كقع لبعض األنصار حْب جاء أبو عبيدة ٗباؿ من البحرين كحضر من ٓب تكن عادتو ا‪٢‬بضور‬
‫ُب صبلة الصبح ك‪٤‬با ‪ٚ‬بلف ‪ٝ‬باعة عن صبلة العشاء قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬لو أف أحدىم علم أف ُب‬
‫ا‪٤‬بسجد عرقا ‪٠‬بينا ‪٢‬بضر " كمنهم من ٰبضر صبلة ا‪١‬بمعة قبل الناس كاىل الصفة كمنهم من ال‬
‫أيٌب إال كا‪٣‬بطيب فوؽ ا‪٤‬بنرب كُب الركعة األكٔب أك الثانية أك ال أيٌب حٌب تفوتو ا‪١‬بمعة كمنهم من‬
‫ٰبضر قبل الناس فيلغو كيلعب كمنهم من ٰبضر ُب خشوع كعبادة حٌب ينصرؼ كمنهم من‬
‫يستأذف شيخو ُب كل فعل من سفر أك تزكيج أك بناء دار أك زرع أك ‪٫‬بو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪584‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذلك كمنهم من ال يستأذنو ُب ذلك إما حياء منو أك استهانة بو كقد رأل صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم أثر صفرة على عبد الر‪ٞ‬بن بن عوؼ فقاؿ‪ ":‬مهيم فقاؿ‪ :‬تزكجت " ا‪٢‬بديث ككاف ذلك‬
‫من عبد الر‪ٞ‬بن حياء من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ال استهانة ببل شك‪ .‬كمنهم من كاف يتكرـ على ‪ٝ‬بيع‬
‫أصحابو بكل ما دخل لو كال يبقي لنفسو شيئا كمعاذ بن جبل كأيب الدرداء رضي هللا تعأب‬
‫عنهما كغّبٮبا ‪٩‬بن كاف يقوؿ بتحر‪ٙ‬ب االدخار كمنهم من كاف يتكرـ ابلبعض كٲبسك البعض‬
‫كمنهم من ال يطعم أحدا شيئا بل يشح على نفسو أف يطعمها كمنهم من كاف يسمح‬

‫لصاحبو ٔبميع مالو كأيب بكر رضي هللا تعأب عنو كمنهم من كاف يسمح لصاحبو بنصف مالو‬
‫كعمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو كمنهم من كاف الناس منو ُب أماف كعثماف بن عفاف كأيب‬
‫سعيد ا‪٣‬بدرم رضي هللا تعأب عنهما كمنهم من كاف ينفق كال ٱبشى من هللا إقبلال كببلؿ كمنهم‬
‫من كاف ٱبرج مالو كلفة تكلفا ككعب بن مالك فقاؿ لو النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‪:‬‬
‫"أمسك بعض مالك فهو خّب لك" كمنهم من يرضى بقضاء رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كما ُب قصة أسامة‬
‫بن زيد حْب نقم على كاليتو بعض الناس ككما ُب قوؿ بعضهم‪ :‬ىذه قسمة ما أريد‬
‫هبا إال هللا تعأب اىػ‪ .‬كقوؿ بعضهم‪ :‬آف كاف ابن عمتك ُب حديث‪" :‬اسق اي زبّب" كمنهم من‬
‫كاف يغضب إذا فرؽ النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم ماال كنسيو كمخرمة كمنهم من ال يغضب‬
‫كالنيب صلى هللا تعأب عليو كسلم منهم ُب أماف كلذلك كاف النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫يوازم من نسيو ُب العطاء بقولو‪" :‬إف الدنيا حلوة خضرة كإ٘ب أعطي الرجل أأتنفو كالذم أمنع‬
‫أحب إٕب ‪٩‬بن أعطي" كمنهم من كاف يهاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص إذا رآه يصّب يرتعد من ىيبتو فيقوؿ‬
‫لو رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬ىوف عليك اي أخي فإ٭با‬
‫أان ابن امرأة من قريش أتكل القديد" كمنهم من ال يهابو كال يرتعد‪ ،‬كمنهم من كاف مطهرا من‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بعاصي كالعشرة ا‪٤‬بشهود ‪٥‬بم اب‪١‬بنة كمنهم من كاف يقع ُب الكبائر كنعيماف ككاف نعيماف‬
‫كلما سكر أيتوا بو إٔب النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كىو سكراف فيجلده ككاف نعيماف‬
‫مضحكا يضحك النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كمن ‪ٝ‬بلة ما كقع لنعيماف أنو رأل رجبل‬
‫أعمى يقوؿ‪ :‬من يقود٘ب إٔب الربارم؟ فأخذه نعيماف كأجلسو ُب ‪٧‬براب اجمللس كمشر ثيابو‬
‫للجلوس فصاحوا بو‪ :‬إنك ُب ا‪٤‬بسجد فقاؿ األعمى‪ :‬لئن كجدت نعيماف ألضربنو بعصام‬
‫فسمعو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪585‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫نعيماف فجاء إليو فقاؿ‪ :‬ىل لك ُب ما يدلك على نعيماف؟ فقاده إٔب عثماف بن عفاف كىو‬
‫ساجد كقاؿ‪ :‬ىو ىذا فصار األعمى يضرب عثماف هنع هللا يضر‪ .‬كمنهم من كاف يؤذم أصحاب النيب‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص كال يكرمهم ألجلو كما كقع أليب بكر حْب خطب النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كقاؿ‪:‬‬
‫ىل أنتم اتركوا ٕب صاحيب حٌب أخرج النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم بقولو‪" :‬سدكا عِب كل‬
‫خوخة ُب ا‪٤‬بسجد إال خوخة أيب بكر" كمنهم من كاف يتحمل األذل من ‪ٝ‬بيع أصحاب رسوؿ‬
‫هللا ملسو هيلع هللا ىلص كيكرمهم ألجلو صلى هللا تعأب عليو كسلم كلو فعلوا‬
‫معو من األذل ما فعلوا‪ ،‬كمنهم من كاف يؤذم جاره كما يدؿ عليو قصة من شكا إٔب النيب صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم أف جاره يؤذيو كقاؿ لو النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬اطرح متاعك ُب‬
‫الطريق ككل من مر عليك كقاؿ ما ىذا؟ فقل‪ :‬جارم يؤذيِب" كمنهم من كاف ٯبالس النيب صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم ألجل أف ٲبؤل لو صلى هللا تعأب عليو كسلم بطنو كأيب ىريرة كذلك لئبل‬
‫يصّب يلتفت إٔب غّبه صلى هللا تعأب عليو كسلم كينقطع خاطر مفارقتو ألجل ا‪١‬بوع‪ ،‬كمنهم من‬
‫كاف ٯبالس النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم للعلم كاألدب كال يشرؾ معو‬
‫علة من العلل‪ ،‬كمنهم من كاف يسمح أبطايب أموالو للفقراء كمنهم من كاف كثّب ا‪٤‬باؿ كعبد‬
‫الر‪ٞ‬بن بن عوؼ كمنهم من ال ٲبلك عشاء ليلة كقصة من كقع على زكجتو ُب رمضاف‪ ،‬كمنهم‬
‫من كاف يعجب ٗبلبسو كالذم خسف بو ُب زقاؽ أيب ‪٥‬بب ٗبكة كمنهم من ال يعجب بشيء من‬
‫ملبسو كال غّبه كأيب ‪٥‬بب‪ ،‬كمنهم من تكوف عنده الدنيا كىو يظهر الفقر كأيخذ من الصدقة‬
‫كالزكاة كالذم كجد ُب حجة إطماره بعد موتو ثبلثة داننّب أك ديناراف فقاؿ لو النيب صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم‪" :‬كيات أك كيتاف من انر" كمنهن من كانت ‪ٙ‬بب النيب صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم‬

‫كترل الفضل لو إذا خطبها لتكوف معدكدة من أزكاجو كمنهن من كانت تكره ذلك كتستعيذ‬
‫كابنة ا‪١‬بوف‪ ،‬كمنهن من كانت تستحي من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص إذا جالستو كتصّب ترتعد من ىيبتو‬
‫كمنهن من كانت ال هتابو كال تستحي منو كهند فإف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ‪٤‬با ابيع النساء قاؿ‪" :‬كال‬
‫تقتلن أكالدكن" فقالت ىند‪٫ :‬بن ربيناىم صغارا كقتلتهم أنت كبارا فسكت النيب صلى هللا عليو‬
‫كسلم كٓب يتم ا‪٤‬ببايعة‪.‬‬
‫كمنهن من تعلقت بو ‪٤‬با ذاقت معيشتو ملسو هيلع هللا ىلص كطلبت الفراؽ كمنهن من اختارت ا‪٤‬بقاـ معو ملسو هيلع هللا ىلص‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪586‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالصرب على ذلك كعائشة رضي هللا تعأب عنها‪ ،‬كمنهن من كانت كثّبة الغّبة كعائشة ‪٤‬با ركم‬
‫أهنا رأت سودة كىي ذاىبة إبانء فيو طعاـ إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص فكسرت اإلانء كساح الطعاـ ُب األرض‬
‫فقاـ النيب ملسو هيلع هللا ىلص غضباان‪ ،‬كمن خدامو من كانت ال ٘بيبو إذا انداىا فيقوؿ‪" :‬كالذم نفسي بيده‬
‫لوال خوؼ القصاص ألكجعتك هبذا السوط" كمنهن من كانت تعي كل ما ‪٠‬بعتو من النيب صلى‬
‫هللا عليو كسلم كعائشة‬
‫كبريرة رضي هللا تعأب عنهما‪ ،‬كمنهن من ال تركم عنو فعبل كال حديثا فهذا ما خطر٘ب اآلف من‬
‫الشواىد الٍب تشهد النقساـ أصحاب كل داع إٔب هللا تعأب كما انقسم من دعاىم النيب صلى‬
‫هللا عليو كسلم كمن طلب زايدة على ذلك فليتبع أحواؿ األمم السالفة مع أنبيائهم فإف تلك‬
‫األقساـ ٓب تزؿ ُب أصحاب ‪ٝ‬بيع الدعاة إٔب هللا تعأب كعلم من ‪ٝ‬بيع ما قررانه أف من يطلب من‬
‫ا‪٤‬بشايخ أف يكوف ‪ٝ‬بيع أصحابو مستقيمْب متجردين كمتأدبْب معو ال اعَباض ‪٥‬بم عليو كال‬
‫اختيار ‪٥‬بم معو أك يشاكركنو على ‪ٝ‬بيع أمورىم كما شرط القوـ ذلك ُب حق ا‪٤‬بريدين‬

‫الصادقْب فهو أعمى البصّبة كإ٭با كظيفة ‪ٝ‬بيع الدعاة إٔب هللا تعأب أف يبلغوا اآلداب الشرعية‬
‫إٔب قومهم ال غّب فهم مأجوركف على كل حاؿ سواء امتثل ا‪٣‬بلق أمرىم أك ٓب ٲبتثلوه كقد أرسل‬
‫النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم إٔب الناس فأقر كل صاحب حرفة على حرفتو كٓب أيمر أحدا‬
‫اب‪٣‬بركج عما أقامو هللا تعأب فيو من ا‪٢‬برؼ بل سلكهم كأرشدىم كىم ُب حرفهم كلكن اعرض‬
‫نفسك اي أخي أف يقع من أصحابك ‪ٝ‬بيع ما تقدـ ُب حق أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من اآلداب‬
‫معو كمن ضده ُب حقو كحق أصحابو كذلك ليسًب هبم من بعدىم كىذا ىو‬
‫البلئق ٗبقامهم كأما أف يكوف ما كيقع من سوء األدب ُب بعض األكقات بياان لعدـ العمة ٍب‬
‫ينوبوف على الفور أىػ‪ .‬كقاؿ‪ :‬أخذ علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم أف‬
‫ال نتهاكف بَبؾ رايضة نفوسنا فيتعْب على كل من كاله هللا تعأب كالية أف يركض نفسو على يد‬
‫شيخ انصح ليصّب سداه ك‪٢‬بمتو ا‪٢‬بلم عن رعيتو إال ُب مواضع أمره الشارع فيها بعدـ ا‪٢‬بلم‬
‫كإقامة ا‪٢‬بدكد الشرعية على أرابهبا أك ‪٫‬بو ذلك فمن راض نفسو كما ذكران قل غضبو على‬
‫كلده كزكجتو كغبلمو كصاحبو ال يغضب إال إذا انتهكت حرمات هللا تعأب عز كجل‬
‫ال غّب كقد درجت األئمة ك‪ٝ‬بيع مشايخ الصوفية على العمل على عدـ الغضب جهدىم فإف‬
‫الغضب بئس الصفة ال سيما ُب حق من كثر دعاؤه إٔب هللا تعأب فإف حكم غضبو على تبلمذتو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪587‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫حكم راعي الغنم إذا غضب على غنمو من شدة شتاهتا كتركها ُب الربية للذئب كالسبع بعد أف‬
‫كاف تعب فيهم من حْب كانوا يرضعوف اللَب كذلك معدكد بيقْب من سخافة العقل فاسلك اي‬
‫أخي على يد شيخ انصح ٱبرجك من رعوانت النفس كيلطف كثائفها حٌب تكاد تلحق اب‪٤‬ببلئكة‬
‫لتصّب تتحمل مع رعيتك ‪ٝ‬بيع الصفات ا‪٤‬بخالفة األغراضك كال تتأثر كهللا تعأب يتؤب ىداؾ‪.‬‬

‫كقد ركل البخارم أف رجبل قاؿ للنيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬أكصِب قاؿ ال تغضب فردد مرارا قاؿ‪ :‬ال تغضب‪.‬‬
‫كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد عن بعض أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ‪ :‬فكرت ُب قوؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ُب‬
‫الغضب ما قاؿ فإذا الغضب ٯبمع الشر كلو‪ .‬كركل اإلماـ أ‪ٞ‬بد كبن حباف ُب صحيحو أف ابن‬
‫عمر سأؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬ما يباعد٘ب من غضب هللا عز كجل قاؿ‪ ":‬ال تغضب "‪.‬‬
‫كركل الَبمذم مرفوعا‪ ":‬أال إف بِب آدـ خلقوا على طبقات أال كإف منهم البطيء الغصب سريع‬
‫الفيء كمنهم سريع الغضب بطيء الفيء ٯبمع الشر كلو "‪ .‬كالركل البزار مرفوعا‪ ":‬أال إف بِب‬
‫آدـ خلقوا على طبقات أال كإف منهم البطيء الغضب السريع الفيء كمنهم سريع الغضب‬
‫بطيء الفيء فتلك بتلك أال كإف منهم سريع الغضب بطيء الفيء أال كخّبىم بطيء الغضب‬
‫سريع الرجوع كشرىم سريع الغضب بطيء الرجوع "‪ .‬كركل البخارم تعليقا‪ " :‬من صرب عند‬
‫الغضب كعفى عند اإلساءة عصمو هللا كخضع لو عدكه "‪.‬‬
‫كركل الطربا٘ب مرفوعا‪ ":‬من دفع غضبو دفع هللا تعأب عنو عذابو " كهللا تعأب أعلم أىػ‪ .‬كقاؿ‪:‬‬
‫أخذا علينا العهد العاـ من رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص أف نرغب من كٔب من إخواننا كالية ُب العدؿ ُب رعيتو‬
‫كمعانلتهم ابلرفق كالشفقة كاألدب ُب الدخوؿ عليو ُب كل كقت إال لظركرة شرعية ألف من ٓب‬
‫يكن مع رعيتو كذا دائما عزلتو ا‪٤‬برتبة كنفرت منو كما كٔب هللا تعأب عبدا على عباده إال ليكوف‬
‫كاألب الشفيق كاألـ ا‪٢‬بنونة كٰبتاج من يريد العمل هبذا العهد إٔب السلوؾ إٔب يد شيخ كرايضة‬
‫نفس حٌب يصّب يستلذ ٗبخالفة رعيتو ألكامره‬

‫العرفية ليحلم عليهم ألف ا‪٣‬بلق ُب حجرة الوالية كالغنم كا‪٤‬بعز ُب يد راعيهم كذا رٗبا انتشركا منو‬
‫ُب أرض ذات شوؾ كىو حاؼ فهذا حكمو كلو أهنم هبائم ‪٤‬با احتاجوا إٔب من يرعاىم‪ُ .‬ب ألثر‬
‫أف موسى عليو السبلـ ما كلمو ربو إال بعد صربه على رعاية الغنم كما من نيب إال كرعى الغنم‬
‫كالسر ُب ذلك ليتأنس بصربه على الغنم قبل صربه على قومو كبلغنا أنو ابلغ ُب الشفقة حٌب‬
‫أكرد الغنم مرة على ا‪٤‬باء فكاف فيها نعجة عرجاء ٓب تستطع أف تشرب من ا‪٤‬باء بنفسها فنزؿ إٔب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪588‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٤‬باء كجعلها على ظهره حٌب شربت أىػ‪.‬‬
‫فرعية‪ :‬كل راع من سلطاف أك أمّب أك شيخ ُب الطريق ىم رٕبو كخسرانو فبهم يربح كهبم ٱبسر‬
‫قاؿ ك‪٠‬بعتو سيدم عليا ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ينبغي لكل من كاله هللا تعأب كالية على‬
‫الناس أف يصرب على ‪٨‬بالفتهم السيما ُب أكائل أمر الوالية حٌب تراتض نفسو كيتمكن من مقاـ‬
‫الصرب ُب ا‪٢‬بلم فإف من كانت رعيتو منقادة لو فهو خداع ال يظهر مقامو ُب ا‪٢‬بلم فليقل من‬
‫ضجر ‪٩‬بن كاله هللا لنفسو إف ٓب ‪ٙ‬بمل أنت عوج رعيتك فمن ٰبملو أىػ قاؿ‪ :‬كقد كرد أف ذا‬
‫الكفل ٓب يكل رسوال كإ٭با كفل رسوؿ زمانو حْب خرج ُب غزاة كقاؿ لو‪ :‬اخلفِب ُب‬
‫قومي خبلفة حسنة فكاف ال يناـ ُب الليل كال ُب النهار فتقلق من ذلك كأراد يوما أف يناـ‬
‫القائلة فغلق اببو ككضع رأسو فأكؿ ما خلل ابلنوـ دؽ إبليس على الباب فتصدع رأسو فقاؿ‪:‬‬
‫قم افصل بيِب كبْب خصمي ككاف قصد إبليس أنو يتفلق كيَبؾ ا‪٣‬ببلفة فلما علم ذك الكفل ما‬
‫لو من األجر العظيم قاؿ كفصل بينهما كأاته ُب اليوـ الثا٘ب كذلك كالثالث كذلك إٔب أف أ‪٥‬بمو‬
‫هللا تعأب أنو إبليس فاستعاذ ابهلل تعأب منو فانصرؼ عنو فلوال أنو كاف من الصا‪٢‬بْب لفتنو ُب‬
‫دينو فليتنبو كل كٕب كالية ‪٤‬بثل ذلك كرٗبا كسوس إبليس للمريدين ابألمور‬

‫ا‪٤‬بخالفة لؤلدب مع الشيخ من كجو كل فتعرض للشيخ النفرة منهم فليلتقمهم كما يلتقم‬
‫التمساح السمكة فيصّب يسخر ابلشيخ فإهنم قالوا‪ :‬حكم الشيخ حكم الصياد‪ :‬الذم يصداد‬
‫ا‪٤‬بريدين من أفواه الشياطْب كٱبرجهم من ‪ٙ‬بت أسناهنم قاؿ‪ :‬كحكي ٕب أف ‪ٝ‬بيع إخوا٘ب‬
‫ا‪٤‬بقيقمْب ابلزاكية تغّبت أحوا‪٥‬بم كثقل الذكر على نفوسهم حٌب ٓب يبق ُب يد أحد منهم شعرة‬
‫كاحدة فأردت االنتقاؿ من الزاكية فتمثل ٕب إبليس ٘باىها كىو يصفق كيرقص كيقوؿ غلبت‬
‫فرجعت فزاد عليهم األمر كطلبوا أف ٰبَبفوا ابلقرآف ُب ليإب ا‪١‬بمع كغّبىا كيَبكوا ‪٦‬بلس ذكر‬
‫هللا تعأب‬
‫كالصبلة على نبيهم ملسو هيلع هللا ىلص احتسااب فتوجهت إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب االستئذاف ُب ذلك فرأيت سيدم‬
‫عليا ا‪٣‬بواص كىو كاقف خلف ابب ال أرل من كجهو إال أنفو كيقوؿ ٕب‪ :‬يقوؿ لك رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬اصرب على إخوانك طالبا كجو هللا تعأب كال تباؿ ٗبخالفتهم ألكامر هللا عز كجل ك‪ٚ‬بو‪٥‬بم‬
‫اب‪٤‬بوعظة كل حْب اىػ‪.‬‬
‫فعلمت أف ذلك إ٭با كاف امتحاان ُب الصرب حْب كسوس ٕب إبليس كقاؿ‪ :‬إف ٕب إخوانك ليس‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪589‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فيهم ‪ٜ‬برة كاإلنساف إ٭با يزرع ُب أرض تنبت الزرع كمن زرع ُب السباخي كقليل العقل غاب عِب‬
‫أف هللا تعأب ما يطلب إ‪٪‬بادىم ابمتثاؿ أكامره كإ٭با يطلب مِب ما طلب من رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو كسلم بقولو‪{ :‬إف عليك إال الببلغ} ككاف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من كفور شفقتو يود أف لو دخل‬
‫الناس كلهم ا‪١‬بنة كقاؿ هللا تعأب‪{ :‬كلو شاء هللا ‪١‬بمعهم على ا‪٥‬بدل فبل تكونن من ا‪١‬باىلْب}‬
‫فكل داع إٔب هللا تعأب ال بد أف يقع لو ما كقع لرسوؿ هللا‬

‫ملسو هيلع هللا ىلص كراثة دمحمية فيحجبو هللا تعأب عن شهود القبضتْب إٔب شقي كسعيد كعن كوف ذلك حتما ال‬
‫بد منو فلذلك يضيق صدر الداعي إذا عصوا أمره فيحتاج الداعي إٔب هللا تعأب إٔب مراقبة‬
‫شديدة على الدكاـ عرفا فإهنم قالوا‪ :‬مراقبة هللا تعأب على الدكاـ من غّب ‪ٚ‬بلل فَبة ليس ٗبقدكر‬
‫البشر فافهم‪.‬‬
‫قاؿ ٕب مرة شخص من حذاؽ ا‪٤‬بريدين ا‪٤‬بقيمْب عندم‪ :‬لوال كثرة ‪٨‬بالفتنا لك ما عظم هللا تعأب‬
‫أجرؾ فأنت مأجور على كل حاؿ أطعناؾ أـ عصيناؾ فلك األجر من ا‪١‬بهتْب فاهلل تعأب يزيده‬
‫توفيقا كما أيد٘ب آمْب فإنو نبهِب على أف ذائق األمور ليس ىو كالسامع هبا كثبتِب حٌب ٓب أتزلزؿ‬
‫كما ثبت هللا تعأب الرسل ٗبا قصو عن بعضهم‪{ :‬فاصرب كما صرب أكلوا العزـ من الرسل} كقاؿ‪:‬‬
‫{كاصرب ‪٢‬بكم ربك فإنك أبعيننا} كقاؿ‪{ :‬فاصرب ‪٢‬بكم ربك كال تكن كصاحب ا‪٢‬بوت} ككل‬
‫داع إٔب هللا تعأب على قدـ رسوؿ من الرسل ككل من جاءه ببلء فوؽ طاقتو احتاج‬
‫ضركرة كهللا تعأب ا‪٤‬بصّب لو إٔب الصرب فبل يوجد أتعب قلبا كال بدان ‪٩‬بن يتؤب أمور ا‪٤‬بسلمْب‬
‫لغلبة كقوع ا‪٤‬بلل منو كعدـ ‪ٙ‬بملو أذل رعيتو ك‪٤‬با تؤب عمر بن عبد العزيز ا‪٣‬ببلفة ‪٠‬بع جّبانو‬
‫بكاء كعويبل ُب داره فسألوا عن ذلك فقالوا‪ :‬إف عمر خّب زكجاتو كسراريو بْب اإلقامة عنده من‬
‫غّب مسيس إٔب أف ٲبوت كبْب أف يذىَب كيطلقهن كقاؿ‪ :‬قد جاء٘ب أمر يشغلِب عنكن فبل أقدر‬
‫التفت إٔب كاحدة منكن حٌب أفرغ من ا‪٢‬بساب يوـ القيامة هنع هللا يضر كبلغنا أنو ال يناـ ليبل كال هنارا‬
‫إال بعض خفقات كىو جالس كيقوؿ‪ :‬إف ٭بت ابلليل ضيعت‬

‫نفسي كإف ٭بت ابلنهار ضيعت أمر الرعية‪ .‬قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت أخي أفضل الدين ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‬
‫يقوؿ‪ٰ :‬باسب ا‪٤‬بؤمن الذم ٓب يتوؿ كالية عن نفسو ُب يوـ كاف مقداره كقت صبلة يصليها‬
‫كٰباسب من يتؤب كالية عن نفسو كعن رعيتو ُب يوـ كاف مقداره ‪ٟ‬بسْب ألف سنة فاصرب اي‬
‫أخي على رعيتك كلما ملت نفسك كاعذر كل من فر من كاليتو ُب ىذا الزماف ا‪٤‬ببارؾ كال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪590‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تسخر بو تبتل بنظّب ذلك‪.‬‬
‫كقد حكى األمّب ‪٧‬بيي الدين بن أيب األصبغ أحد أركاف الدكلة ٗبصر احملركسة أف شيخا كاف لو‬
‫جار من القضاة سيء ا‪٣‬بلق ككاف ٱبرج خلقو عند ا‪٣‬بصاـ فكاف جاره يبالغ ُب اإلنكار عليو‬
‫كيقوؿ‪ :‬إف ىذا سيء ا‪٣‬بلق ككاف لذلك القاضي بيت فوؽ ‪٦‬بلس حكمو فلما أكثر عليو جاره‬
‫من اإلنكار قاؿ لو‪ :‬احكم مكا٘ب غدا أل٘ب عازـ على شرب دكاء قاؿ‪ :‬نعم فجاء خصم ادعى‬
‫على خصمو أف لو عنده مائة دينار ُب صرة فقاؿ لو‪ :‬ما عندم شيء فالتمس من ا‪٤‬بدعي البينة‬
‫فأتى بثمانية يشهدكف هبا فقاؿ‪ :‬إف ىؤالء شهود زكر فأت ٗبزكيهم فزكوىم فثب ا‪٢‬بق على ذلك‬
‫ا‪٣‬بصم‬
‫كطلب التقسيط فأىب عليو صاحب ا‪٢‬بق فما أجاب إال بعد أف كادت ركحو تزىق منو فقاؿ‪ :‬كم‬
‫يقدر على كل يوـ على نصف فقاؿ‪ :‬ال أقدر على ذلك فجعل عليو القاضي عثمانيا كل يوـ‬
‫فقاؿ‪ :‬ال أقدر فقاؿ‪ :‬كل ‪ٝ‬بعة عثمانيا فقاؿ‪ :‬ال أقدر فقاؿ‪ :‬كل شهر عثمانيا فقاؿ‪ :‬ال أقدر‬
‫فقاؿ‪ :‬كل سنة عثمانيا فقاؿ‪ :‬ال أقدر فقاـ القاضي النائب كرمى عمامة نفسو كصار ينطحو‬
‫برأسو كيرفسو برجلو كىو يقوؿ‪ :‬ال أقدر على عثما٘ب ٍب اندل القاضي األصيل فقاؿ‪ :‬تعاؿ انزؿ‬
‫‪٢‬بكمك عند ربك قاؿ‪ :‬كما ذكرت ذلك إال لتقيم األعذار للناس ُب ىذا الزماف الذم اختفى‬
‫فيو‬

‫أكابر األكلياء لعجزىم عن شركط الظهور من الصرب على مركؽ الناس من ا‪٢‬بق كتكليفهم الوٕب‬
‫أف يرد عنهم األقدار مع ‪ٛ‬باديهم على القبائح فاعلم ذلك كهللا عليم حكيم‪ .‬كركل الشيخاف‬
‫مرفوعا‪" :‬سبعة يضلهم هللا تعأب بظلو يوـ ال ظل إال ظلو فذكر منهم‪ :‬إماـ عادؿ" كرل اإلماـ‬
‫أ‪ٞ‬بد كحسنو ابن ماجو كابن خزٲبة كابن حباف ُب صحيحهما مرفوعا‪" :‬ثبلثة ال ترد دعوهتم‪:‬‬
‫الصائم حٌب يفطر كاإلماـ العادؿ كدعوة ا‪٤‬بظلوـ"‪.‬‬
‫كركل مسلم كالنسائي مرفوعا أف ا‪٤‬بقسطْب عند هللا تعأب على منابر من نور عن ٲبْب الر‪ٞ‬بن‬
‫ككلتا يديو ٲبْب الذين يعدلوف ُب حكمهم كأىليهم كما كلوا‪ .‬كركل مسلم مرفوعا‪" :‬أىل ا‪١‬بنة ذك‬
‫سلطاف مقسط رفيق ا‪٢‬بديث كا‪٤‬بقسط العادؿ"‪ .‬كركل الطربا٘ب إبسناد جيد مرفوعا‪" :‬يوـ من‬
‫إماـ عادؿ أفضل من عبادة ستْب سنة" ا‪٢‬بديث‪ ،‬زاد ُب ركاية األصبها٘ب‪" :‬قياـ ليلها كصياـ‬
‫هنارىا كجور ساعة ُب حكم أشد كأعظم عند هللا من معاصي ستْب سنة"‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪591‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كركل الَبمذم كالطرب٘ب مرفوعا‪" :‬أحب الناس إٔب هللا تعأب يوـ القيامة كأدانىم منو ‪٦‬بلسا إماـ‬
‫عادؿ" زاد ُب ركاية‪" :‬رفيق"‪ .‬كقاؿ شيخنا رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب‪ :‬كليكن شديد االىتماـ ٕبقوؽ إخوانو ُب طريقتو الٍب ال ٲبكن التأخّب عنها لكن مبلزمة‬
‫الواجب منها فقط من غّب أف ٯبعلها ىجّباء فإف لكل عاقل أكقاات ٱبلو فيها بربو ال ٲبكنو‬
‫التأخّب عنها كال االشتغاؿ عنها كأكقات ٯبالس فيها إخوانو ُب الطريقة هلل تعأب لتعلم أك تعليم‬
‫أك استفادة ٗبا ٓب يكن عنده من العلم من غّب إفراط كال‬

‫تفريط اىػ‪ .‬كقاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ُب موضع آخر‪ :‬كعليكم ٗبناصحة إخوانكم‬
‫ُب الطريقة برفق فإف من عفا عن زلة عفا هللا تعأب لو عن زالت كثّبة كمن كقع فيكم بزلة ٍب‬
‫جاءكم معتذرا فاقبلوا عذره كسا‪٧‬بوه لكي يقبل هللا تعأب أعذاركم كيسا‪٧‬بكم ُب زالتكم فإف شر‬
‫اإلخواف عند هللا تعأب من ال يقبل عذرا كال يقيل عثرة كأتملوا قولو سبحانو كتعأب‪{ :‬سارعوا إٔب‬
‫مغفرة من ربكم} إٔب قولو‪{ :‬كهللا ٰبب احملسنْب} اىػ‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق للصواب كإليو سبحانو‬
‫ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل التاسع كاألربعوف‬


‫ُب أمر اإلخواف ا‪٤‬بنتسبْب إٔب طرؽ هللا تعأب أف يتحملوا إذاية ا‪٤‬بنكرين كا‪٤‬بعَبضْب عليهم كعلى‬
‫ساداهتم األكلياء اقتداء أبنبياء هللا تعأب كرسلو كالتأسي هبم‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ العلقمي ُب شرحو الكوكب‬
‫ا‪٤‬بنّب على ا‪١‬بامع الصغّب عند قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬أشد الناس ببلء األنبياء ٍب األمثل فاألمثل" قاؿ ُب‬
‫فتح البارم‪ :‬كذا لؤلكثر كللنسقي األكؿ فاألكؿ ك‪ٝ‬بعهما ا‪٤‬بستملي كا‪٤‬براد ابألكؿ األكلوية ُب‬
‫الفضل كاألمثل أفعل من األماثل ىم الفضبلء كشرح ا‪٢‬بديث أف أشد الناس‬
‫ببلء األنبياء كيلحق هبم األكلياء لقرهبم منهم كإف كانت درجاهتم منحطة عنهم قاؿ شيخ‬
‫شيوخنا‪ :‬كالسر فيو أف الببلء مقابل للنعمة فمن كاف منهم نعم هللا تعأب عليو أكثر كاف ببلؤه‬
‫أشد كمن ٍب ضوعف حد ا‪٢‬بر على العبد كقيل ألمهات ا‪٤‬بؤمنْب‪{ :‬من أيت منكن بفاحشة مبينة‬
‫يضاعف ‪٥‬با العذاب ضعفْب} قاؿ ابن ا‪١‬بوزم ُب ا‪٢‬بديث‪ :‬داللة على القوم ٰبمل ما ‪ٞ‬بل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪592‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كالضعيف يرفق بو إال أنو كلما قرنت النعمة اب‪٤‬ببتلى ىاف الببلء‪ ،‬كمنهم من ينظر إٔب أجر الببلء‬
‫فيهوف عليو الببلء كأعلى من ذلك درجة من يرل أف ىذا تصرؼ ا‪٤‬بالك ُب ملكو فيسلم‬

‫كال يعَبض كأرفع منو من شغلتو ‪٧‬ببتو عن طلب رفع الببلء كأهنى ا‪٤‬براتب من يتلذذ بو ألنو عن‬
‫اختياره نشأ اىػ‪ .‬كقاؿ الدمّبم‪ :‬قد ٯبهل بعض الناس فيظن أف شدة الببلء ككثرتو إ٭با تنزؿ‬
‫ابلعبد ‪٥‬بوانو ال يقولو إال من أعمى هللا تعأب قلبو فإف العبد يبتلى على حسب دينو كما ُب‬
‫حديث الباب‪ .‬قاؿ سفياف الثورم‪ :‬ليس بفقيو من ٓب يعد الببلء نعمة كالرخاء مصيبة اىػ‪.‬‬
‫قاؿ الدمّبم‪ :‬كقد ابتلي خلق كثّب من أكلياء هللا تعأب أبنواع الببلء كاألذل فبعضهم حبس‬
‫كبعضهم نفي كبعضهم قتل مظلوما شهيدا ىذا أمّب ا‪٤‬بؤمنْب عثماف بن عفاف قتل مظلوما شهيدا‬
‫دخل عليو ‪ٝ‬باعة من الفجرة فقتلوه كىو صابر ‪٧‬بتسب ككذا علي بن أيب طالب رضي هللا تعأب‬
‫عنو ككلده ا‪٢‬بسْب قتل مظلوما شهيدا ككذا عبد هللا بن الزبّب قتل مظلوما شهيدا قتلو ا‪٢‬بجاج‬
‫كصلبو ٗبكة ككذا قتل سعيد بن جبّب ككاف من سادات التابعْب‪.‬‬
‫قاؿ ُب جامعو‪ :‬أحصي من قتلو ا‪٢‬بجاج بن يوسف صربا فكانوا مائة ألف كعشرين ألفا كىذا‬
‫سعيد بن ا‪٤‬بسيب كىو سيد التابعْب جلد ابلسياط ُب أايـ عبد ا‪٤‬بلك بن مركاف طافوا بو ُب جلد‬
‫بتاف كعزركه كحبسوه كمنعوا الناس عن ‪٦‬بالستو كاإلماـ أبو حنيفة ابتلي ابلقضاء فلم يقبل‬
‫فضرب كحبس كمات ُب السجن كاإلماـ مالك بن أنس جردكه كضربوه ابلسياط كجذبت يده‬
‫حٌب ا‪٬‬بلعت من كتفو كسفياف أمر بصلبو فاختفى مدة كاإلماـ أ‪ٞ‬بد بن حنبل امتحن ‪٧‬بنتو‬
‫ا‪٤‬بشهورة على أف يقوؿ القرآف ‪٨‬بلوؽ فلم يقبل بل قاؿ‪ :‬القرآف كبلـ هللا تعأب منزؿ غّب ‪٨‬بلوؽ‬
‫فضرب‬

‫ابلسياط حٌب أغشي عليو ٍب قطع من بعد ذلك من ‪٢‬بمو ابلسكْب كىو ُب ‪ٝ‬بيع ذلك صابر‬
‫كقد ضرب ُب ‪٧‬بنة القوؿ ٖبلق القرآف ‪ٝ‬باعة من العلماء كاألخيار كقيدكا كحبسوا فمنهم من‬
‫مات ُب قيوده كدفن هبا منهم نعيم بن حامد شيخ البخارم كصى أف يدفن ُب قيوده ليخاصم‬
‫هبا عند هللا تعأب كمنهم أبو يعقوب البيوطي أحد أصحاب الشافعي ‪ٞ‬بل من مصر إٔب بغداد ُب‬
‫أربعْب رطبل من حديد كمات ُب قيوده مسجوان كاإلماـ أبو عبد هللا البخارم تعصب عليو كنفي‬
‫علي األرض ٗبا رحبت فاقبضِب إليك فما جاء‬
‫من بلده ٖبارل ككاف يقوؿ‪ :‬اللهم قد ضاقت ٌ‬
‫عليو يوـ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪593‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫منذ ىذا الكبلـ حٌب مات اىػ‪ .‬كقاؿ ُب البحر ا‪٤‬بوركد‪ :‬أخذ علينا العهد أف نوطن نفوسنا إذا‬
‫طلبنا أف نكوف من حزب هللا عز كجل على ‪ٙ‬بمل الببلاي كاحملن ككثرة اإلنكار علينا ‪٩‬بن عرفنا‬
‫ك‪٩‬بن ال يعرفنا كذلك ألنو ال بد لكل أحد أراد ا‪٢‬بق تعأب اصطفاءه أف ٰبصل لو شيء من ذلك‬
‫ساء أك بر ٍب ال ٱبفى عليك اي أخي أف سبب كقوع غالب الناس ُب أعراض القوـ كوف أحدىم‬
‫يطلب أف يكوف من أىل حضرة هللا تعأب كىو ٰبرـ دخو‪٥‬با على من يراعي ا‪٤‬بقاـ عند ا‪٣‬بلق‬
‫فلذلك يسلط هللا تعأب على أحدىم ا‪٣‬بلق ابلزكر كالبهتاف ك‪ٛ‬بزيق األعراض حٌب يصّب‬
‫ال يركن ألحد من ا‪٣‬بلق دكف هللا تعأب فإذا كاف كذلك اعتمد على هللا تعأب ضركرة كطلب‬
‫ا‪٤‬بقاـ عنده كىناؾ يعطيو هللا تعأب ٍب يَبقى بعد ذلك ُب درجات التقرب إٔب احملل الذم قسمو‬
‫هللا تعأب لو كما داـ العبد يطلب مقاما عند ا‪٣‬بلق فهو ‪٧‬بجوب عن هللا تعأب ككلما ازداد ُب‬
‫الصفات ا‪٣‬ببيثة تزايد حجبا حٌب أنو رٗبا ٰبجب عن هللا تعأب بسبعْب ألف حجاب أك أكثر‪.‬‬

‫كقاؿ‪٠ :‬بعت سيدم عليا ا‪٣‬بواص ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬ال يصطفي ا‪٢‬بق تعأب عبدا حٌب‬
‫تتحزب عليو شياطْب اإلنس كا‪١‬بن كيرمونو ابلزكر كالبهتاف فإذا نفرت نفسو من ا‪٣‬بلق كصار ال‬
‫يركن إٔب أحد منهم اصطفاه هللا تعأب اىػ‪ .‬كقاؿ‪ :‬ككاف سيدم أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‬
‫يقوؿ‪٤ :‬با علم هللا تعأب ما سيقوؿ الناس ُب أنبيائو كأصفيائو من الزكر كالبهتاف قسا على قوـ‬
‫ابلشقاء كالعياذ ابهلل فجعلوا لو زكجة ككلدا كقالوا‪ :‬يد هللا مغلولة ك‪٫‬بو ذلك حٌب إذا ضاؽ ذرع‬
‫الوٕب مثبل من كبلـ قيل فيو اندتو ىواتف ا‪٢‬بق عز كجل‪ :‬أمالك إسوة‬
‫بربك سبحانو كتعأب قد جعلوا لو زكجة ككلدا كنسبوه إٔب ما يليق ٔببللو غارقْب ُب فضلو‬
‫كأركاحهم بيده فبل يسع ذلك الوٕب إال التأسي بربو عز كجل اىػ‪ .‬ككاف الشيخ اتج الدين بن‬
‫عطاء هللا ر‪ٞ‬بو هللا تعأب يقوؿ‪ :‬قد جرت سنة هللا تعأب ُب أنبيائو كأصفيائو أف يسلط عليهم‬
‫األذل ُب ابتداء امرىم ٍب تكوف الدكلة ‪٥‬بم آخرا إذا صربكا كقد بسطت الكبلـ على ذلك ُب‬
‫مقدمات اللطيفات فافهم كهللا تعأب يتوؿ ىداؾ أىػ‪.‬‬
‫كيف عرائس البياف عند قولو تعأب‪{ :‬فالذين ىاجركا كأخرجوا من دايرىم كأكذكا ُب سبيلي} إف‬
‫القوـ إذا ٓب يذكقوا مرارة إذاء ا‪٤‬بنكرين ٓب يبلغوا حقائق االلتجاء إٔب هللا تعأب كالفرار إليو فإذف‬
‫األضداد هتيج األكلياء إٔب مقاـ الغيط كضيق الصدر كذلك ‪٧‬بل االمتحاف من هللا تعأب لكطم‬
‫غيظ عصص ا‪٤‬بنكرين لتنفتح بعد ذلك أبواب ا‪٣‬بطاب كصفاء البسط كمركر ا‪٤‬بنة قاؿ ا‪١‬بنيد‪:‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪594‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫جزل هللا تعأب عنا إخواننا خّبا ردكان ٔبفائهم إٔب هللا تعأب كىذه سنة الو تعأب قد جرت على‬
‫أىل سلوؾ طريق ا‪٤‬بعارؼ كالكواشف كقاؿ هللا تعأب‪{ :‬كلن ٘بد‬

‫لسنة هللا تبديبل}‪ .‬كُب القواعد الزركقية‪ :‬ما ظهرت حقيقة قط ُب الوجود إال قوبلت بدعول‬
‫مثلها كإدخاؿ ما ليس منها عليهم ككجود تكذيبها كل ذلك ليظهر فضل االستئثار هبا كتبيْب‬
‫حقيقتها ابنتفاء معارضيها فيسخ هللا ما يلقي الشيطاف ٍب ٰبكم هللا آايتو كللوارث نسبة من‬
‫ا‪٤‬بوركث كأشد الناس ببلء األنبياء ٍب األمثل فاألمثل إ٭با يبتلى الرجل على قدر دينو فمن ٍب كاف‬
‫أىل ىذه الطريق مبتلْب بتسليط ا‪٣‬بلق عليهم إبذايتهم أكال كإبكرامهم كسطا كهبما آخرا لئبل‬
‫يفوهتم الشكر على ا‪٤‬بدح كال الصرب على الذـ فمن أراد ذلك فليوف نفسو‬
‫على الشدة إف هللا يدافع عن الذين آمنوا كمن يتوكل على هللا فهو حسبو فافهم أىػ كبلـ‬
‫الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ رضي هللا تعأب عنو‪ .‬قلت‪ :‬كإذا ‪ٙ‬برر ىذا كثبت فهمو ُب ذىنك فاعلم أف‬
‫الرجل مبتلى على حسب دينو كما تقدـ ذكره فلكل نيب كصديق عدك فقد كاف آلدـ إبليس‬
‫كلداككد جالوت كإلبراىيم ٭بركذ ك‪٤‬بوسى فرعوف كلعيسى ٖبتنصر كالدجاؿ كاليهود كلسينا دمحم‬
‫أبو جهل كغّبه قاؿ أبو علي ا‪٣‬بواص‪ :‬لو كاف كماؿ الدعاة إٔب هللا تعأب موقوفا على إطباؽ‬
‫ا‪٣‬بلق ‪٥‬بم ابلتصديق لكاف األكٔب بذلك رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كألنبياء قبلو كصدقهم‬
‫قوـ فهداىم هللا تعأب بفضلو ككذب آخركف فأشقاىم هللا تعأب بعدلو كلؤلصفياء كاألكلياء أعداء‬
‫ُب عصر الصحابة إٔب كقتنا ىذا يؤذكهنم كيتكلموف فيهم بسوء كدليل ىذا كلو قولو تعأب‪:‬‬
‫{كجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ك‪٤‬با كاف االبتبلء شرفا ‪ٝ‬بع هللا تعبلل ‪٣‬بواص ىذه األمة من‬
‫الببلء كاحملن ‪ٝ‬بيع ما كاف متفرقا ُب األمم السالفة لعلو درجتهم فقد كاف عبد هللا بن الزبّب كثّب‬
‫ا‪٣‬بشوع ُب الصبلة كقالوا فيو‪ :‬إنو مراء زاف كصبوا على رأسو ماء ‪ٞ‬بيما كىو ساجد كىو ال‬
‫يشعر كمكث زماان يتأٓب من رأسو ككاف البن عباس رضي هللا عنهما انفع بن‬

‫األزرؽ يقوؿ إنو يفسر القرآف بغّب علم ككاف لسعد بن أيب كقاص بعض جهاؿ الكوفة يؤذكنو‬
‫كيقولوف‪ :‬إنو ال ٰبسن أف يصلي كقد نفي أبو يزيد البسطامي من بلده سبع مرات أبمر ا‪٢‬بسْب‬
‫بن عيسى ‪٤‬با تكلم ابو يزيد بعلوـ ال عهد ألىل بلده هبا ُب مقامات األنبياء كاألكلياء كٓب يعد‬
‫البسطامي إال بعد ا‪٢‬بسْب ٍب بعد ذلك ألفو الناس كعظموه ككذلك ذك النوف ا‪٤‬بصرم أخرجوه‬
‫من مصر إٔب بغداد مقيدا مغلوال كسافر معو مصر يشهدكف عليو ابلزندقة كأخرجوا دمحم بن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪595‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفضل البلخي من بلخ لكوف مذىبو مذىب أىل ا‪٢‬بديث من إجراء آايت الصفات كإخبارىا‬
‫على‬
‫ظاىرىا ببل أتكيل كال ٘بسس على علم هللا تعأب فيها ك‪٤‬با أخره أىل بلخ قاؿ ‪٥‬بم‪ :‬نزع هللا من‬
‫قلوبكم معرفتو كٓب ٱبرج بعد ذلك صوُب من بلخ مع أهنا كانت أكثر ببلد هللا صوفية ككذلك‬
‫شهدكا على ا‪١‬بنيد ابلكفر كاف يتكلم ُب علم التوحيد على رؤكس األشهار فصار يقرره ُب قعر‬
‫بيتو عقدكا على الشيخ بن أيب ‪ٝ‬برة ‪٦‬بلسا ُب الرد عليو حْب قاؿ أان أجتمع ابلنيب ملسو هيلع هللا ىلص فلزـ بيتو‬
‫كٓب ٱبرج إال إٔب ا‪١‬بمعة حٌب مات كرموه ابلكفر كابلقوؿ إبابحة ا‪٣‬بمر كاللواط كأنو لبس ُب‬
‫الليل العيار كىو يشبو الزانر كأتو بو مقيدا مغلوال‬
‫من الشاـ إٔب مصر كرموا أاب مدين ابلزندقة كأخرجوه من ٔباية إٔب تلمساف فمات كدفن هبا‬
‫كأخرجوا ا‪٢‬بكيم الَبمذم حْب صنف كتابو علل الشريعة ككتاب ختم األكلياء كأنكركا عليو‬
‫بسبب ىذين الكتابْب كقالوا‪ :‬إنو فضل األكلياء على األنبياء كأغلظوا عليو فجمع الكتابْب‬
‫كبلٮبا كألقاٮبا ُب البحر فابتلعتهما ‪٠‬بكة سنْب ٍب لفظتهما كانتفع هبا كرموا سعد بن عبد هللا‬
‫ابلقبائح كأخرجوه إٔب مصر حٌب مات كرموا أاب سعيد ا‪٣‬براز ابلعظائم كالكفر أبلفاض كجدكىا‬
‫ُب كتبو كرموا يوسف بن ا‪٢‬بسْب ابلعظائم إٔب أف مات لكنو ٓب يباؿ هبم لتمكنو‬

‫كأخرجوا أاب ا‪٢‬بسن البوسنجي إٔب نيسابور فلم يزؿ هبا حٌب مات كرموا سحنوف احملب ابلعظائم‬
‫ككشوا بو بغيا فادعت أنو كاف أيتيها ىو كأصحابو كشهدكا على الشبلي ابلكفر مرارا حٌب أف‬
‫من كاف ٰببو شهدكا عليو اب‪١‬بنوف كأدخلوه ا‪٤‬بارستاف لّبجع الناس عنو‪ .‬كقاؿ أحد مشايخ بغداد‬
‫لو ٓب تكن هلل تعأب جهنم ‪٣‬بلقها للذين آذكا البلي ككفركه كقاؿ‪ :‬إف ٓب يدخل الشبلي ا‪١‬بنة فمن‬
‫يدخلها؟ كأخرج أىل ا‪٤‬بغرب اإلماـ أاب بكر القابسي من الغرب مقيدا إٔب مصر فأخذ كسلخ‬
‫حيا كىو يقرؤ القرآف بتدبر كخشوع ككاد أف يفتًب بو الناس فرفع األمر إٔب‬
‫السلطاف فقاؿ‪ :‬اقتلوه كاسلخوه ككذا سلخوا النسفي ٕبلب ككاف ينظر على الذم يسلخو‬
‫كيتبسم كعمل ‪ٟ‬بسمائة بيت من موشحات التوحيد كىو يسلخوانو كذلك حْب كاف يقطعهم‬
‫اب‪٢‬بجج فاحتالوا لو أبف كتبوا سورة اإلخبلص ُب كرقة كخاطوا عليها نعبل فأىدكىا إٔب الشيخ‬
‫من طريق بعيدة فلبسها كىو ال يشعر كقالوا لنائب حلب‪ :‬إف النسفي كتب قل ىو هللا أحد‬
‫كجعلها ُب طباؽ نعلو فبعث النائب إليو فاستخرج الورقة فسلم الشيخ هلل تعأب كٓب يذب عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪596‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫نفسو كعلم أنو ال بد أف يقتل على تلك الصورة كأخرجوا أاب القاسم ا‪٥‬برابذم من البصرة كأاب‬
‫عبد هللا‬
‫صاحب أيب حفص ا‪٢‬بداد كشهدكا على أيب ا‪٢‬بسن البصرم ابلكفر كتكلموا ُب ابن مشعوف‬
‫ابلكبلـ الفاحش حٌب مات فلم ٰبضركا لو جنازة كتكلمو ُب اإلماـ أيب القاسم بن ‪ٝ‬بيل‬
‫ابلعظائم إٔب أف مات كٓب يتزلزؿ عما فيو من االنشغاؿ ابلعلم كا‪٢‬بديث كصياـ الدىر كقياـ الليل‬
‫كزىده ُب الدنيا حٌب لبس ا‪٢‬بصّب كقاؿ أبو بكر السمطا٘ب‪ :‬كاف أبو دينار ٰبط على ا‪١‬بنيد‬
‫كعلى رك‪ٙ‬ب كعلى سحنوف كابن عطاء هللا تعأب كعلى مشايخ العراؽ ككاف إذا ‪٠‬بع كاحدا‬
‫يذكرىم يغيظ كتغّب كأخرجوا أاب ا‪٢‬بسن الشاذٕب من ا‪٤‬بغرب إٔب مصر كرموه ابلزندقة كاإل‪٢‬باد‬
‫ك‪ٙ‬بليل‬

‫احملرمات كقتلوا اإلماـ أاب القاسم بن قسي كابن حباف كا‪١‬بو٘ب كا‪٤‬برجا٘ب كمازلوا ينكركف على ابن‬
‫العريب ا‪٢‬با‪ٛ‬بي كابن الفارض إٔب كقتنا ىذا كعقدكا على عز الدين بن عبد السبلـ ‪٦‬بلسا ُب كلمة‬
‫قا‪٥‬با ُب العقائد كحسدكا تقي الدين بن ليث األعزكز كرككا عليو كبلما ُب السلطاف حٌب ىم‬
‫بقتلو ٍب تداركو هللا تعأب كقاؿ السيوطي‪ :‬كمن ما من هللا تعأب بو أنو أقاـ ٕب عدكا يؤذيِب كٲبزؽ‬
‫عرضي لتكوف ٕب أسوة ابألنبياء كاألكلياء كاعلم أنو ما كاف كبّب على عصر إال كاف لو عدك من‬
‫السفلة إذ أألشراؼ ٓب تزؿ تبتلى ابألطراؼ أىػ‪.‬‬
‫ككاف سيدم أبو ا‪٢‬بسن الشاذٕب رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪٤ :‬با علم هللا عز كجل ما سيقاؿ ُب‬
‫ىذه الطائفة على ما سبق بو العلم القد‪ٙ‬ب بدأ سبحانو كتعأب بنفسو فقضى على قوـ أعرض‬
‫عنهم ابلشقاء فنسبوا لو زكجة ككلدا كفقرا كجعلوه مغلوؿ اليدين فإذا ضاؽ ذرع الوٕب‬
‫كالصديق ألجل كبلـ قيل فيو من كفر كزندقة كسحر كجنوف كغّب ذلك اندتو ىواتف ا‪٢‬بق‬
‫تعأب‪ :‬الذم قيل فيك ىو كصفك لوال فضلي عليك أما ترل إخوانك من بِب آدـ كيف كقعوا‬
‫ُب جانيب كنسبوا إٕب ما ال ينبغي فإف ٓب ينشرح ‪٤‬با قيل فيو بل انقبض اندتو ىواتف ا‪٢‬بق أيضا‪:‬‬
‫أما لك ُب‬
‫أسوة؟ فقد قيل ُب ما ال يليق ٔببلٕب كقيل ُب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كُب إخوانو من األنبياء كالرسل ما ال يليق‬
‫ٗبرتبتهم من السحر كا‪١‬بنوف كأهنم ال يريدكف بدعائهم إال الرايسة أىػ‪ .‬كقاؿ أيضا‪ :‬كقد جرت‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪597‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سنة هللا ُب أنبيائو كأصفيائو أف يسلط عليهم ا‪٣‬بلق ُب مبدئ أمرىم كُب حاؿ هنايتهم ‪٤‬با مالت‬
‫قلوهبم لغّب هللا تعأب ٍب تكوف الدكلة كالنصرة ‪٥‬بم آخر األمر إذا أقبلوا على هللا تعأب أىػ‪.‬‬

‫قاؿ الشعرا٘ب ُب أكؿ طبقاتو‪ :‬قلت‪ :‬كذلك ألف ا‪٤‬بريد ا‪٤‬بالك يتعذر عليو ا‪٣‬بلوص إٔب حضرة هللا‬
‫تعأب مع ميلو إٔب ا‪٣‬بلق كركونو إٔب اعتقادىم فيو فإذا آذاه الناس كنقصوه كرموه ابلزكر كالبهتاف‬
‫نفرت نفسو منهم كٓب يصر عنده ركوف إليهم البتة كىنالك يصفوات لو الوقت مع ربو لذىاب‬
‫التفاتو إٔب ما كراء فافهم ٍب إذا رجعوا بعد انتهاء سّبىم إٔب إرشاد ا‪٣‬بلق يرجعوف كعليهم خلعة‬
‫ا‪٢‬بلم كالعفو كالسَب فتحملوا أذل ا‪٣‬بلق كرضوا عن هللا تعأب ُب ‪ٝ‬بيع ما يصدر عن عباده ُب‬
‫حقهم فرفع بذلك قدرىم بْب عباده ككمل بذلك أنوارىم كحقق بذلك‬
‫مّباثهم للرسل ُب ‪ٙ‬بمل ما يرد عليهم من أذل ا‪٣‬بلق كظهر بذلك تفاكت أمرىم فإف الرجل‬
‫مبتلى على حسب دينو قاؿ تعأب‪{ :‬كجعلناىم منهم أٲبة يهدكف أبمران ‪٤‬با صربكا} {كلقد كذب‬
‫رسل من قبلك فصبوا على ما كذبوا كأكذكا حٌب أاتىم نصران} كذلك ألف الكمل ال ٱبلوا‬
‫أحدىم من ىذين الشهودين إما أف يشهد ا‪٢‬بق سبحانو بقلبو فهو مع ا‪٢‬بق ال التفات لو إٔب‬
‫عباده كإما أف يشهد ا‪٣‬بلق فيجدىم عبيد هللا تعأب فيكرمهم لسيدىم كإف كاف مصطلما فبل‬
‫كبلـ لنا معو لزكاؿ تكليفو حاؿ اصطبلمو فعلم أنو ال بد ‪٤‬بن اقتفى آاثر األنبياء من األكلياء‬
‫كالعلماء أف يؤذكا كما اذكا كيقاؿ فيهم الزكر كالبهتاف كما قيل فيهم ليصبوا كما صربكا‬
‫كليتخلقوا ابلر‪ٞ‬بة على ا‪٣‬بلق رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب أىػ‪ .‬كُب ىذا القدر كفاية لكل موفق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كيكفي أىل هللا تعأب كا‪٤‬بعتقدين فيهم شرفا أف يكونوا مقتفْب آاثر األنبياء كالرسل‬
‫كيكوف من آذاىم ابإلنكار كاالنتقاد مقتداي ابلشياطْب كالكفار كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب‬
‫كإليو سبحانو كتعأب ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل ا‪٣‬بمسوف‬

‫ُب إعبلمهم خصلة تسهل ‪٥‬بم صحبة ا‪٣‬ببلئق أ‪ٝ‬بعْب‬

‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف تلك ا‪٣‬بصلة مستخرجة‬
‫من القرآف العظيم قاؿ هللا تعأب‪{ :‬كما من دابة ُب االرضص كال طائر يطّب ٔبناحيو إال أمم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪598‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أمثالكم} فأثبت هللا تعأب ا‪٤‬بمثالة بيننا كبْب سائر البهائم كمعلوـ أهنا ٓب ‪ٛ‬باثلنا ُب ا‪٣‬بلق كالشكل‬
‫كالعقل بل ُب األخبلؽ فبل أحد من ا‪٣‬بلق إال كفيو خلق من أخبلؽ البهائم فإذا رأيت أحدا‬
‫خارجا عن ا‪٣‬بلق ا‪٤‬بعتدؿ ُب الناس فانظر ما ٲباثلو ُب خلقو من البهائم كأ‪٢‬بقو بو كعاملو معاملتو‬
‫تسَبح منو كيسَبح منك فإذا رأيت الرجل ا‪١‬باىل ُب أخبلقو‬
‫الغليظ ُب طباعو القوم ُب بدنو الذم ال يؤمن طغيانو فأ‪٢‬بقو بعآب النمور فالعرب تقوؿ أجهل‬
‫من ٭بر كأنت إذا رأيت النمر بعدت منو ال ‪ٚ‬باصمو فاجعل الرجل كذلك كإذا رأيت من خلقو‬
‫سرقة خفيفة فأ‪٢‬بقو بعآب القرد الذم يفسد رحلك فدع ‪٨‬باصمتو كصن رحلك كإذا رأيت ىجاما‬
‫على أعراض الناس فأ‪٢‬بقو بعآب الكبلب إذ دأهبا أف ٘بفو من ال ٯبفوىا كتبدأ إبذاية من ال‬
‫يؤذيها فبل ‪ٚ‬باصمو إذا ىجم على عرضك فاجعلو ككلب ينبحك ألست تذىب ُب شأنك كال‬
‫تسبو كإذا رأيت إنساان قد جبل على خبلؼ بغّب حق إف قلت نعم قاؿ ال كإف قلت ال قاؿ‬
‫نعم فأ‪٢‬بقو‬
‫بعآب ا‪٢‬بمّب فإف دأب ا‪٢‬بمار إذا أدنيتو بعد كإذا أبعدتو قرب فأنت تسحب ا‪٢‬بمار كال تسبو كال‬
‫تفارقو كإذا رأيت رجبل يطلب عورات الناس فأ‪٢‬بقو بعآب الذابب فإنو يقع على ا‪١‬بسد كال‬
‫يطلب إال موضع الدـ كالنجاسة فاطرحو كال تلتفت إليو كما يفعل الذابب كإذا ابتليت‬
‫بسفلطاف يهجم على األمواؿ كاألركاح فأ‪٢‬بقو بعآب األسود فخذ حذرؾ كاىرب منو كما قاؿ‬
‫النابغة‪ :‬كال قرار على زأر من األسد‪ ،‬كإذا ابتليت إبنساف كثّب الركغاف فأ‪٢‬بقو بعآب الثعلب‪،‬‬
‫كإذا ابتليت ابلنماـ ا‪٤‬بفرؽ بْب األحبة فأ‪٢‬بقو بعآب الظرابف كىي دكيبة ال يطاؽ‬

‫فسوىا تقوؿ العرب عند التفريق‪ :‬فسا الظرابف بينهم فتفرقوا ككما أف ا‪١‬بماعة إذا أقبلت ‪٫‬بوىم‬
‫ىذه الدابة طردكىا كمنعوىا الدخوؿ بينهم كذلك النماـ ٱبرج من بْب ا‪١‬بماعة أك يقوموا عنو‪،‬‬
‫كإذا رأيت رجبل ال يسمع العلم كا‪٢‬بكمة كيعرض عن ‪٦‬بالسة العلماء كا‪٢‬بكماء كأيلف ‪٠‬باع‬
‫أخبار الدنيا كسائر ا‪٣‬برافات كما ٯبرم ُب ‪٦‬بالس العواـ فأ‪٢‬بقو بعآب ا‪٣‬بنافس كا‪١‬بعبلف فإنو‬
‫يعجبو أكل القاذكرات كأيلف ركائح النجاسات فبل تراه إال مبلبسا لؤلخبية كا‪٤‬برحاضات كينفر‬
‫من ركائح ا‪٤‬بسك كالورد كإذا طرح عليو ا‪٤‬بسك كالورد مات‪ ،‬كإذا رأيت من‬
‫دأبو خطب الدنيا ال يستحي ُب الوثوب عليها فأ‪٢‬بقو بعآب ا‪٢‬بدأة فإنك تصوف رحلك منو فإنو‬
‫ال ٰبفظ ذمة‪ ،‬كإذا رأيت إنساان عليو الدماثة كالسكينة كقد نصب شراكو القتناص الدنيا كأكل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪599‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األمواؿ كاألماانت كالودائع كأمواؿ األرامل كاأليتاـ فأ‪٢‬بقو بعآب الذائب كما قاؿ القائل‪ :‬ذئب‬
‫تراه مصليا *** فإذا مررت بو ركع يدعو كجل دعائو *** ما للفريسة ال تقع عجل هبا اي ذا‬
‫العبل *** إف الفؤاد قد انصدع فاحَبز منو كما ‪ٙ‬بَبز من الذائب‪ ،‬كإذا ابتليت بصحبة إنساف‬
‫كذاب فاجعل حكمو كا‪٤‬بيت ال خرب لو فبل ٘بعل للكذاب خربا كأ‪٢‬بقو بعآب‬
‫النعاـ يدفن ‪ٝ‬بيع بيضو ‪ٙ‬بت الرمل ٍب يربؾ على كجو األرض كأخرل ‪ٙ‬بت طاقة من الرمل‬
‫فسائر بيضو ُب قعر ا‪٢‬بفرة فإذا انغمر أخذ تلك البيضة أك يكشف كجو الرمل فيجد األخرل‬
‫فيظن أف ليس ىناؾ شيء كا‪٣‬ببّب ال يزاؿ ٰبفر حٌب يصل إٔب حاجتو ال يغَب بتلك البيضة‬
‫كذلك الكذاب إذا ‪٠‬بعت منو خربا ال تصدقو كأعرض عنو كفتشو حٌب تبلغ الغاية ُب كشفو‪،‬‬
‫كإذا رأيت رجبل دأبو التزين كالعركس يبيض ثيابو كيعدؿ عمامتو كيتقي أف ٲبسو شيء ينظر ُب‬
‫عطفيو ليس لو ٮبة إال الزينة فأ‪٢‬بقو بعآب الطاككس فأعرض عنو‪ ،‬كإذا رأيت رجبل حقودا ال‬
‫ينسى‬

‫ا‪٥‬بفوات فأ‪٢‬بقو اب‪١‬بمل كاجتنبو تقوؿ العرب‪ :‬أحقد من ‪ٝ‬بل‪ ،‬كإذا رأيت رجبل منافقا يبطن‬
‫خبلؼ ما يظهر فأ‪٢‬بقو بعآب الّببوع كىو فأر يكوف ُب الربية يتخذ جحرا ‪ٙ‬بت األرض يقاؿ ‪٥‬با‬
‫النافقاء فوىتاف يدخل من أحدىا كٱبرج من األخرل كمنو اشتق ا‪٤‬بنافق فأعرض عنو كاب‪١‬بملة‬
‫فأحواؿ الناس كثّبة فاصحب كبل على مقتضى حالو تسَبح منو كُب اإلبريز كبلـ مناسب ‪٥‬بذا‬
‫الكبلـ قاؿ فيو أف كاحدا من الفقهاء سأؿ شيخو رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ىل ٲبكن لئلنساف أف‬
‫يعرؼ قابليتو لئلرادة كعدمها أم القابلية ا‪٣‬باصة أك ال يعرفو بذلك إال غّبه من شيخ‬
‫صاّب أك أخ انصح؟ فأجاب رضي هللا تعأب عنو أبف القابلية يعرفها الشخص من نفسو أبف‬
‫ينظر إٔب الغالب على فكره فهو الذم خلقت الذات لو كال بد للذات أف تتبع ما الفكر فيو‬
‫سواء أقيمت فيو من أكؿ األمر أك ال فمن غلب على فكره ‪٧‬ببة هللا تعأب كا‪٤‬بيل إٔب جنابو‬
‫كاستحضار عظيم سطوتو كا‪٣‬بوؼ من جبللو ككربايئو فلذلك عبلمة إرادة ا‪٣‬بّب بو سواء كانت‬
‫ذاتو مقامة ُب ا‪٤‬بخالفات أك ُب ا‪٤‬بوافقات فإهنا كإف أقيمت ُب ا‪٤‬بخالفات فّبجع هللا سبحانو هبا‬
‫إٔب ا‪٣‬بّب كالفبلح كالرشد كالنجاح ٍب القابلية ا‪٤‬بذكورة كالرجولية كالشجاعة ‪ٚ‬بتلف‬
‫ابلقوة كالضعف كتعلم مراتبها ا‪٤‬بختلفة فمن نظر إٔب ‪ٝ‬باعة من الصبياف كىم يلعبوف علم من‬
‫رجلتو قوية كمن رجلتو ضعيفة كمن رجلتو متوسطة فكذلك أىل القابلية يتفاكتوف ُب حضور‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪600‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٤‬بعُب السابق فمنهم من ىو ُب الدرجة العليا أبف يكوف ىو الغالب عليو ُب سائر أكقاتو كمنهم‬
‫من أيتيو ُب أقل أكقاتو كمنهم ا‪٤‬بتوسط كسر ذلك أف الفكر كا‪٣‬بواطر الٍب ُب الباطن نور من‬
‫أنوار العقل ٲبد هبا العقل الذات على كفق القدر كما سبق ُب القسمة فإف أريد ابلذات ا‪٣‬بّب‬
‫ألقى العقل عليها الفكر فيو كُب أسبابو حٌب تدركو كإف أريد ابلذات الشر ألقى‬

‫العقل عليها الفكر فيو كُب أسبابو حٌب تبلغ إليو كتنالو ٍب ا‪٣‬بّب يتبع ُب مراتب الفكر الثبلثة‬
‫السابقة كالشر يتبع أيضا مراتب الفكر فيو ٍب القابلية ال ‪ٚ‬بتص ٗبا سبق بل كل ما سبق ُب القدر‬
‫أف الذات تدركو كتصل إليو فإف أمر القابلية يظهر فيو فمن نظر إٔب ‪ٝ‬باعة من الصبياف كسبق‬
‫لواحد منهم أف يكوف كاتبا كآلخر أف يكوف حجاما كآلخر أف يكوف شرطيا مثبل فإف األكؿ‬
‫يعرؼ كيف يشد القلم للكتابة كٰبصل لو ذلك أبدٗب تنبيو كال يعرؼ كيف يشد ا‪٤‬بوسى‬
‫للتخفيف كال كيف يعلق السكْب كلو نبو ما عسى أف ينبو‪ ،‬كالثا٘ب يعرؼ كيف يشد‬
‫ا‪٤‬بوسى كال يعرؼ كيف يشد القلم كال السكْب‪ ،‬كالثالث يعرؼ كيف يعلق السكْب كال يعرؼ‬
‫كيف يشد القلم كال ا‪٤‬بوسى ككل ميسر ‪٤‬با خلق لو ككذا من غلب على فكره التجر ُب الرب‬
‫ك‪٫‬بوه كأراد أبوه أف يقيمو ُب الفبلحة فإنو ال ٯبيء منو خّب كلو أقامو أبوه ُب التجارة جاء منو‬
‫ما ٰبب كما يريد فخرج من ىذا أف قابلية كل شيء مبنية على الفكر فيو ككل كاحد يعلم ما‬
‫ٯبوؿ فيو فكره كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت من الشيخ رضي هللا تعأب عنو أف امرأة من ا‪٤‬بتقدمْب كاف ‪٥‬با ابناف كبنت ك‪٤‬با‬
‫قاربت أف ‪ٛ‬بوت قالت ‪٥‬بم‪ :‬إف ابِب فبلان ٱبرج من الصا‪٢‬بْب كاآلخر ٱبرج من الظا‪٤‬بْب كالبنت‬
‫سيكوف ‪٥‬با ماؿ كثّب كدنيا عريضة فقيل ‪٥‬با‪ :‬أتعلمْب الغيب؟ فقالت‪ :‬ما أعلم الغيب كلكِب‬
‫نظرت إٔب األكؿ فرأيتو شديد ا‪٣‬بوؼ من هللا تعأب ال يظلم أحدا من الصبياف كربو تعأب حاضر‬
‫ُب قلبو دائما فعلمت أنو سيصّب إٔب خّب‪ ،‬كنظرت إٔب الثا٘ب فرأيتو على العكس فعلمت أف‬
‫مآلو إٔب شر‪ ،‬كنظرت إٔب البنت ككانت صغّبة فوجدهتا تصنع من ا‪٢‬برؼ العالية خبلخل‬

‫كقبلئد كدماليج كما يلبسو النساء كيتزين بو ىذا شغلها دائما فعلمت أهنا ستصّب إٔب دنيا‬
‫كثّبة‪ .‬قاؿ‪ :‬كأخرب٘ب بعض الناس أنو كاف يتيما كأدخلتو أمو ُب صنعة ا‪٢‬برير ككاف يتعاانىا كتثقل‬
‫عليو كثّبا حٌب مر ذات يوـ بقوـ كىم يتعاطوف صنعة ا‪١‬ببس ك‪ٚ‬بمّبه كتزكيقو فقاؿ‪ :‬فنظرت‬
‫إليهم فذىب عقلي معهم فأبطلت ذلك اليوـ صنعة ا‪٢‬برير كخدمت معهم فأسرعت جوارحي ُب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪601‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٣‬بدمة كنشط قليب ككأ٘ب كنت ُب السجن كخرجت منو كحصل ٕب تيسّب عظيم ُب فهمي صنعة‬
‫ا‪١‬ببس كما عدت إٔب صنعة ا‪٢‬برير أبدا قلت‪ :‬كىو اليوـ رئيس القوـ الذم يتعاطوف صنعة‬
‫ا‪١‬ببس‬
‫ككل ميسر ‪٤‬با خلق لو‪ .‬كأخرب٘ب بعض الناس أنو كاف لو ‪ٞ‬بار ضعيف ككاف يسكن إبزاء قوـ ُب‬
‫الباديو ككاف ‪٥‬بم يتيم صغّب ال شغل لو إال الركوب على ا‪٢‬بمار كلكن يركبو على صفة من يركب‬
‫ا‪٣‬بيل فيجعل ُب رجلو مهمازا من شوؾ كللحمار ‪١‬باما من سعف الدكـ كٯبعل ُب يده حربة من‬
‫العيداف كيظل ٰبرؾ اب‪٤‬بهماز ككلما طردانه عاد إليو إف غفلنا عنو فلما كرب الطفل كبلغ رجع من‬
‫القواد الذين يسوسوف ا‪٣‬بيل للسلطاف ككل ميسر ‪٤‬باخلق لو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كلنذكر ىنا حكاية معلم الصبياف الذين اختربىم أبف أعطاىم طيورا كأمر كل كاحد بذبح‬
‫طائره ُب ا‪٤‬بوضع الذم ال يراه أحد فجاؤكا كقد ذٕبوا طيورىم إال كاحدا منهم يقاؿ أنو أبو‬
‫العباس السبٍب رضي هللا تعأب عنو فإنو رجع إٔب الشيخ بطائره فقاؿ‪ُ :‬ب كل موضع أريد فيو‬
‫ذٕبو أجد هللا تعأب معي فعلم الشيخ رضي هللا تعأب عنو أنو سيصّب إٔب مقاـ ا‪٤‬بعرفة كأكصى‬
‫عليو كٓب يزؿ يبلحظو كهللا تعأب أعلم أىػ‪.‬‬

‫قاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعت الشيخ رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إف الرجل إذا كاف فيو عرؽ الوالية كأقامو هللا‬
‫تعأب مع أىل ا‪٤‬بخالفة كبقي معهم مدة فإنو إذا مر بو كٕب من األكلياء كىو مع أكلئك القوـ فإف‬
‫عرؽ الوالية الذم فيو ٰبييا إبذف هللا تعأب كيقع لصاحبو اشراح كفرح كانطبلؽ صدر ىذا ٗبجرد‬
‫مركر الوٕب عليهم كإف كاف صاحب العرؽ ال يعرفو كال تكلم معهم الوٕب كال جرل بينهما‬
‫حديث أما إذا جرت بينهما معاشرة كحصلت معرفة فبل تسأؿ عن حياة العرؽ الذم فيو كزايدة‬
‫ا‪٣‬بّب فيو ُب كل ‪٢‬بظة كإذا كاف ُب الرجل عرؽ الشر كالسرقة مثبل كأقامو هللا‬
‫تعأب مع أىل الوالية كالعرفاف كصار ٱبدمهم كٱبالطهم مدة فإذا مر أبكلئك ا‪١‬بماعة سارؽ مثبل‬
‫فإف الرجل الذم فيو عرؽ السرقة ٰبييا كينشر صدره للشر الذم فيو كتقوـ قيامتو ٗبجرد مركر‬
‫السارؽ عليو من غّب معرفة منو كال ‪٨‬بالطة لو أما إذا حصلت ا‪٤‬بعرفة بينهما فإف شره يتم كالعياذ‬
‫ابهلل تعأب ككل ميسر ‪٤‬با خلق لو‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬كىذا ابب كاسع كطريق انفع يعرفو من مارس تعليم الناس العلم أك ‪٫‬بوه فإنو إذا عرض‬
‫عليو ىذا الكبلـ ُب القابلية كجده كأنو نسخة منقولة ٗبا جرل عليو ُب زماف التعليم كمعاانتو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪602‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ‪ :‬كلقد أقامِب هللا تعأب كلو الفضل كا‪٤‬بنة ُب مقاـ التعليم فبقيت فيو ‪٫‬بوا من سبع كعشرين‬
‫سنة كحْب ‪٠‬بعت كبلـ الشيخ رضي هللا تعأب عنو ُب القابلية كا‪٣‬بواطر الٍب تبتُب عليهما الذكات‬
‫عرضتو على ما جرل ‪٣‬بلق كثّب تعلموا منا فوجدتو ضابطا جامعا مانعا كطرحت عِب بسببو‬
‫أ‪ٞ‬باال كثّبة كنت أ‪ٙ‬بملها ُب تعليمهم فأابلغ ‪٥‬بم ُب النصح كالبياف مع‬

‫إقامة الدليل كالربىاف كأحب ‪٥‬بم ا‪٣‬بّب كثّبا كأ‪ٛ‬بناه ‪٥‬بم حٌب يسكن ذلك ُب ذاٌب كيصّب ذلك‬
‫كلو أكلي كشريب معهم ٍب بعد ذلك ال ٯبيء منهم شيء ككل ما بنيتو معهم ُب مدة سنْب ينهدـ‬
‫ٗبجرد ‪٨‬بالطتهم ‪٤‬بن ىو من أىل البطالة بل ينهدـ ٗبجرد غفلٍب عنهم كعدـ تنبيههم كالدابة الٍب‬
‫‪ٛ‬بشي ما دامت تضرب كإذا قطع عنها الضرب كقفت كجرل ‪٣‬بلق كثّب غّبىم عكس ىذا‬
‫كذلك أهنم ٗبجرد ‪٨‬بالطتهم لنا كمعاشرهتم إايان يسكن ُب قلوهبم ما يسمعونو منا ٍب ال يزالوف ُب‬
‫زايدة ُب كل ‪٦‬بلس جلسوه معنا مع كو٘ب ال أابلغ ‪٥‬بم ا‪٤‬ببالغة الٍب كنت أفعلها مع‬
‫القسم األكؿ فلم أزؿ أتفكر ُب ذلك كأطلب السبب فيو حٌب ‪٠‬بعت كبلـ الشيخ هنع هللا يضر ُب‬
‫القابلية كذكرت لو ما جرل ٕب مع القسم األكؿ فقاؿ ٕب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬اطرح عنك ا‪٢‬بمل‬
‫فإنك تضرب ُب حديد ابرد كالناس ميسركف ‪٤‬با خلقوا لو كالبداايت تدؿ على النهاايت فانظر‬
‫إٔب البداايت كأنزؿ الناس مناز‪٥‬بم ىذا معُب كبلمو رضي هللا تعأب عنو فمن ذلك اليوـ اسَبحت‬
‫كحصل ٕب علم عظيم كا‪٢‬بمد هلل أبحواؿ الناس ُب القابلية ُب كل شيء كا‪٢‬بمد هلل فإف كنت‬
‫كيسا فطنا حاذقا لبيبا فاجعل ىذا الكبلـ نصب عينيك فإنك تطرح بو عن نفسك‬
‫أ‪ٞ‬باال كثّبة ُب معاشرة أصناؼ الناس على اختبلؼ طبقاهتم أىػ‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب‬
‫كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب أىػ‪.‬‬

‫الفصل ا‪٢‬بادم كا‪٣‬بمسوف‬

‫ُب إعبلمهم أنو ينبغي لكل إنساف أف ٯبتهد ُب خبلص نفسو كيشمر كيقوـ بساؽ ا‪١‬بد‬
‫كاالجتهاد ُب عبادة ربو كال يعوقو عنها عائق كال يشغلو عنها شاغل من أىل ككالد ككلد ككطن‬
‫كصديق كداركعشّبة كماؿ كغّب ذلك ‪٩‬با يعوؽ عن اإلقباؿ على هللا كاإلدابر عما سواه كلو أداه‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪603‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ذلك إٔب مفارقة األكطاف بل كضرب األعناؽ اب‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد كإعبلىم أف ا‪٥‬بجرة كاجبة ُب ىذا‬
‫الزماف على كل من‬

‫كاف ُب بلد تعمل ُب ا‪٤‬بعاصي جهارا من غّب مباالة هبا كال ٲبكنو تغيّب ذلك كما ٘بب ا‪٥‬بجرة من‬
‫ببلد الكفار كلكنها قسمْب كربل كصغرل فالكربل ىي ا‪٤‬بعنوم الٍب ُب القلوب كالصغرل ىي‬
‫ا‪٢‬بسية الٍب تشغل ابألبداف كىا أان أبْب ا‪٥‬بجرتْب كليهما مع تبيْب ا‪١‬بهاد األكرب كأما ا‪١‬بهاد‬
‫األصغر فبل أتعرض لو لظهوره زأبدأ اب‪١‬بهاد كا‪٥‬بجرة األكربين كبعد الفراغ منهما أبْب ا‪٥‬بجرة‬
‫الصغرل كلكِب أمهد مهادا يعلم بو من سيقف عليو بطبلف قوؿ من يقوؿ‪ :‬أف ا‪٥‬بجرة قد انقطع‬
‫كجوهبا كاستدؿ على ذلك بقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬ال ىجرة بعد‬
‫الفتح " أىػ‬
‫فأقوؿ كابهلل تعبل التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف ىذا ا‪٢‬بديث األكؿ فيو‬
‫طرؽ فلنبدأ بشيء من طرقو ٍب نذكر ما قيل ُب أتكيلو فنقوؿ‪ :‬قد كرد ُب صحيح البخارم عن‬
‫ابن عباس رضي هللا تعأب عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم يوـ فتح مكة‪":‬‬
‫ال ىجرة بعد الفتح " كُب صحيح البخارم عن مشاجع بن مسعود قاؿ‪ :‬جاء ٗبجاشع أبخيو‬
‫‪٦‬بالد بن مسعود إٔب النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬ىذا ‪٦‬بالد يبايعك على ا‪٥‬بجرة فقاؿ‪ ":‬ال ىجرة بعد فتح‬
‫مكة " كُب صحيح البخارم أيضا‪ :‬قاؿ عمرك بن دينار كابن‬
‫جريح‪٠ :‬بعنا عطاء يقوؿ‪ :‬ذىبت مع عبيد هللا بن عمّب إٔب عائشة كىي ‪٦‬باكرة ثبّبا قالت‪:‬‬
‫انقطعت ا‪٥‬بجرة منذ فتح هللا تعأب على نبيو ملسو هيلع هللا ىلص مكة‪ .‬أما أتكيل قولو صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم‪" :‬ال ىجرة بعد الفتح" فقد قاؿ العلماء‪ :‬ال ىجرة من مكة بعد الفتح أم بعد أف صارت‬
‫دار اإلسبلـ‪ .‬كُب فتح البارم البن حجر على صحيح البخارم‪ :‬كا‪٥‬بجرة إٔب الشيء ىي‬
‫االنتقاؿ إليو عن غّبه كُب الشرع‪ :‬ترؾ ما هنى هللا تعأب عنو كقد كقع ُب اإلسبلـ على كجهْب‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬االنتقاؿ من دار ا‪٣‬بوؼ إٔب دار األمن كما ُب ىجرة ا‪٢‬ببشة‬

‫كابتداء ا‪٥‬بجرة من مكة إٔب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬كالثا٘ب‪ :‬ا‪٥‬بجرة من دار الكفر إٔب دار اإلٲباف كذلك بعد أف‬
‫استقر رسوؿ هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم اب‪٤‬بدينة كىاجر إليو من أمكنو ذلك من ا‪٤‬بسلمْب‬
‫ككانت ا‪٥‬بجرة إذ ذاؾ ‪ٚ‬بتص ابالنتقاؿ من مكة إٔب ا‪٤‬بدينة إٔب أف فتحت مكة انقطع‬
‫االختصاص كبقي عموـ االنتقاؿ من دار الكفر ‪٤‬بن قدر عليو ابقيا اىػ‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪604‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ الفشِب ُب شرحو على األربعْب النوكية‪ :‬كقولو‪" :‬فهجرتو إٔب ما ىاجر إليو" جواب من‬
‫كا‪٥‬بجرة فعلة من ا‪٥‬بجرة كىو لغة الَبؾ كا‪٤‬براد ىنا ترؾ الوطن إٔب غّبه ال أف ا‪٤‬بقصود ا‪٥‬بجرة من‬
‫مكة إٔب ا‪٤‬بدينة ٍب قاؿ‪ :‬كاب‪١‬بملة فحكم ا‪٥‬بجرة من دار الكفر إٔب دار اإلسبلـ مستمرة اىػ‪ .‬كُب‬
‫لباب التأكيل عند قولو تعأب‪{ :‬كالذين آمنوا من بعد كىاجركا كجاىدكا معكم}‪ :‬اختلفوا ُب بعد‬
‫إٔب أف قاؿ‪ :‬كاألصح أف ا‪٤‬براد بو أىل ا‪٥‬بجرة الثانية ألهنا بعد ا‪٥‬بجرة األكٔب كانقطعت بعد فتح‬
‫مكة ألهنا صارت دار اإلسبلـ بعد الفتح كيدؿ عليو قولو صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬ال ىجرة بعد الفتح" كقاؿ ا‪٢‬بسن‪ :‬ا‪٥‬بجرة غّب منقطعة ٍب قاؿ‪ :‬كٯباب‬
‫على ىذا أبف ا‪٤‬براد من ا‪٥‬بجرة ا‪٤‬بخصوصة من مكة إٔب ا‪٤‬بدينة فأما من كاف من ا‪٤‬بؤمنْب ُب بلد‬
‫ٱباؼ على إظهار دينو من الكفر كجب عليو أف يهاجر إٔب بلد ال ٱباؼ فيو على إظهار دينو‬
‫اىػ‪ .‬قاؿ القسطبل٘ب ُب اإلرشاد شرح البخارم‪ :‬ما داـ ُب الدنيا دار الكفر فا‪٥‬بجرة منها كاجبة‬
‫كا‪٢‬بكم يدكر مع علتو اىػ‪.‬‬

‫كيدؿ على ذلك قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال تنقطع ا‪٥‬بجرة حٌب تنقطع التوبة كال تنقطع التوبة حٌب تطلع‬
‫الشمس من ا‪٤‬بغرب" ركاه أبو داككد عن معاكية‪ .‬كُب ابن عبد السبلـ‪ :‬ا‪٥‬بجرة ٘بب ُب آخر‬
‫الزماف كما ٘بب ُب أكؿ اإلسبلـ اىػ‪ .‬كقاؿ كٕب هللا ابن أيب ‪ٝ‬برة ُب هبجة النفوس عند تكلمو‬
‫على ىذا ا‪٢‬بديث أعِب "ال ىجرة بعد الفتح"‪ :‬ظاىر ىذا ا‪٢‬بديث يدؿ على أف ا‪٥‬بجرة قد‬
‫انقطعت بعد الفتح لكنو لو معارض آخر كىو قولو صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬ا‪٥‬بجرة ابقية إٔب‬
‫يوـ القيامة" كا‪١‬بمع بينهما كهللا تعأب أعلم أف يقاؿ أف ا‪٥‬بجرة من‬
‫مكة إٔب ا‪٤‬بدينة كاإلقامة هبا مع رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كا‪١‬بهاد بْب يديو قد انقطعت ال تكوف أبدا كما‬
‫غّبىا من أنواع ا‪٥‬بجرة فذلك ابؽ ٓب يزؿ اىػ‪ .‬كإذا تقرر ىذا كزاؿ اإلشكاؿ كا‪٢‬بمد هلل تعأب‬
‫فاعلموا أف ا‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد األكرب ا‪٤‬بعنويْب اللذين يفعبلف ابلقلوب كاجباف كتااب كسنة كإ‪ٝ‬باعا‪،‬‬
‫أما الكتاب فقولو تعأب‪{ :‬كالذين جاىدكا فينا لنهدينهم سبلنا كإف هللا ‪٤‬بع احملسنْب} كقولو‬
‫تعأب‪{ :‬فأما من طغى كآثر ا‪٢‬بياة الدنيا فإف ا‪١‬بحيم ىي ا‪٤‬بأكل كأما من خاؼ مقاـ ربو كهنى‬
‫النفس عن ا‪٥‬بول فإف ا‪١‬بنة ىي ا‪٤‬بأكل} كقولو‬
‫تعأب‪{ :‬قد افلح من زكاىا كقد خاب من دساىا}‪ ،‬كأما السنة فقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬رجعنا من ا‪١‬بهاد‬
‫األصغر إٔب ا‪١‬بهاد األكرب" قالوا‪ :‬كما ا‪١‬بهاد األكرب اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪" :‬جهاد النفس كا‪٥‬بول"‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪605‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أك كما قاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم ‪٩‬با ىذا معناه‪ ،‬كأما اإل‪ٝ‬باع فقد انعقد إ‪ٝ‬باع العلماء على‬
‫كجوب جهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬بؤذية كخبيث شهواهتا كشياطْب إخواهنا كأىلها‬
‫كبنيها كردىا إٔب هللا تعأب أكرب من جهاد الكفار فبل ريب لوجوه أحدىا أف جهاد النفس‬
‫كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا السيئة فرض عْب كجهاد الكفار فرض‬

‫كفاية‪ ،‬كاثنيها أف النفس أعدل من كل عدك لصاحبها ألف اجملاىد جهاد الكفار إف قتل الكافر‬
‫دخل ا‪١‬بنة كإف قتلو الكافر كاف شهيدا ٖببلؼ النفس فإف غلبها صاحبها استؤب عليها ككاف‬
‫ا‪٢‬بكم للركح سعد كسعدت سعادة األبد كإف غلبت كتسلطت على الركح تسلط عليو الكفر‬
‫كا‪٤‬بعاصي فيهلك ىبلكا أبداي كهتلك معو دنيا كبرزخا كأخرل كأم ىجرة تساكم ا‪٥‬بجرة عن‬
‫مألوفاهتا الردية‪ ،‬كاثلثها أف ضرر الكفار مقصود ُب الدنيا كىي فانية كلذلك كاف جهادىم‬
‫أصغر‪ ،‬كالنفس إف غلبت صاحبها فالضرر يلحقو ُب دينو كدنياه كآخرتو‪.‬‬
‫كُب عرائس البياف عند قولو تعأب‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار"‪:‬‬
‫النفوس الٍب ىي ٘بمع ا‪٥‬بول كالببلء كا‪٢‬بجاب من عرفها قاتلها كأماهتا يعنوف الرايضات حٌب ال‬
‫يبقى ُب عرصات قلبو من عركؽ أشجار الشهوات أثر فينبت فيها بعد ذلك أشجار ا‪٤‬بعارؼ‬
‫كالكواشف كنور ا‪٢‬بكمة كرايحْب احملبة ككرد الشوؽ كاي‪٠‬بْب العشق كيكوف هبذه األنوار مزار‬
‫جنود األسرار كمناؿ نور نزكؿ األسرار كقاؿ‪ :‬قاؿ سهل‪ :‬النفس كافرة تقاتلها ٗبخالفة ىواىا‬
‫كا‪ٞ‬بلها على طاعة هللا تعأب كاجملاىدة ُب سبيلو كأكل ا‪٢‬ببلؿ كقوؿ الصدؽ كما قد‬
‫أمرت بو من ‪٨‬بالفة الطبيعة‪ .‬كعن علي بن موسى الرضا عن أبيو عن جده ما معناه ‪٦‬باىدة‬
‫النفس كشركرىا فإهنا أقرب شر يليك قاؿ‪ :‬صدؽ الصادؽ حيث كافق قوؿ الصديقْب صلوات‬
‫هللا تعأب كتسليماتو عليو‪ :‬أعدل عدكؾ نفسك الٍب بْب جنبيك‪ .‬كرابعها أف جهاد الكفار قد ال‬
‫يكوف فرضا ُب بعض السنْب‪ ،‬كجهاد النفس كردىا عن مقتضى ىواىا كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا‬
‫الباطلة كاجب متعْب على كل مسلم كمسلمة ُب كل ‪٢‬بظة‪.‬‬

‫كخامسها أف بعض فركض الكفاية أفضل من جهاد الكفار كلكوف ذلك البعض فرض كفاية‬
‫على كل مسلم ابلغ حرا كاف أك رقيقا ذكرا أك أنثى كاألمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر فإنو‬
‫كاجب ابإلسالة على كل من ذكر كجهاد الكفار ال ٯبب على عبد كال على امرأة أك لعارض‬
‫يعرض كجهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا القبيحة أفضل من األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪606‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ببل شك ألف جهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬بهلكة فرض عْب على كل ابلغ كابلغة كاألمر‬
‫كالنهي فرض كفاية كسادسها أف فرض جهاد الكفار يسقط ‪٩‬بنع األمر كالنهي من الوالدين من‬
‫كجوب‬
‫طاعتهما على الولد ُب ذلك كٰبرـ عليو طاعتهما إذا منعاه من ‪٦‬باىدة نفسو كا‪٥‬بجرة عن ىواىا‬
‫إذا دعتو إٔب فعل ما حرمو مواله تعأب كسابعها أف جهاد الكفار يقدر عليو كل أحد كجهاد‬
‫النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬بفسدة ك‪٧‬باربتها أبنواع الرايضات كمشاؽ العبادات ال يقدر عليو‬
‫إال ا‪٤‬بوفقْب الصادقوف ُب حب هللا تعأب ألف من ٯباىد الكفار ٰبارب غّبه كالذم ٯباىد النفس‬
‫هبجرتو عن مألوفاهتا ا‪٤‬بفسدة ٰبارب نفسو كإيقاع ا‪٢‬برب كالقتل على الغّب أىوف من ‪٧‬باربة‬
‫الشخص نفسو كىذا أمر ضركرم لكل أحد ال نزاع فيو كلذلك يكثر سواد‬
‫الناىضْب إٔب قتاؿ الكفار مع تلطخهم بنجاسات احملرمات الكبائر كالصغائر كتلبسهم أبفعاؿ‬
‫بعضها كفر كبعضها يؤدم إٔب الكفر كبعضها إٔب سوء ا‪٣‬با‪ٛ‬بة كالعياذ ابهلل تعأب فإذا طولبوا‬
‫ابجملاىدة نفويهم بَبكها ‪٤‬بألوفاهتا عجزكا عن أقل قليل منو كأرادكا قتل من طالبهم ٗبحاربة‬
‫نفوسهم كإذا دعوا إٔب قتاؿ غّبىم أسرعوا إٔب اإلجابة قاؿ ُب عرائس البياف عند قولو تعأب‪:‬‬
‫{كجاىدكا ُب هللا حق جهاده} قاؿ بعضهم‪ :‬اجملاىدة على ضركب ‪٦‬باىدة أعداء هللا تعأب‬
‫ك‪٦‬باىدة مع الشيطاف كأشدىا مع النفس كىو ا‪١‬بهاد ُب هللا تعأب كىو الذم ركم‬

‫عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬رجعنا من ا‪١‬بهاد األصغر إٔب ا‪١‬بهاد األكرب " كىو ‪٦‬باىدة النفس ك‪ٞ‬بلها على‬
‫اتباع ما أمر بو كاجتناب ما هني عنو أىػ‪ .‬كاثمنها أف شهيد جهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا‬
‫ا‪٤‬بخزية سهيد قطعا ُب اآلخرة كأكثر شهداء الكفار شهداء ُب الدنيا فقط دكف اآلخرة كاتسعها‬
‫أف القائم ٔبهاد نفسو كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬بظلة قائم إلصبلح نفسو كساع ُب ‪ٚ‬بليصها من‬
‫الدنيا كعذاب اآلخرة كالقائم ٔبهاد الكفار قائم إلصبلح غّبه كرٗبا يكوف صاّب فاعتناؤه حينئذ‬
‫إبصبلح نفسو أىم كأفضل لو من اعتنائو إبصبلح غّبه‬
‫ببل شك كعاشرىا أف شهيد جهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬ببعدة عن هللا تعأب أفضل من‬
‫شهيد جهاد الكفار بدرجات كما سيأٌب ُب ىذا الفصل إف شاء هللا تعأب كمن أتمل ما أسلفنا‬
‫علم أف السعادة األبدية منوطة ٔبهاد النفس كا‪٥‬بجرة عن مألوفاهتا ا‪٤‬بطغية كهبما ‪ٙ‬بصل أىلية‬
‫القرب من هللا تعأب ألف عيوهبا ال تزكؿ إال هبما كىي متصفة أبخبلؽ الشياطْب كالكرب كاإلغواء‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪607‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كتزيْب ا‪٤‬بعاصي كالشهوت كاإلضبلؿ كتسويف العمل كإلقاء األما٘ب كا‪٤‬بواعيد الكاذبة كالكفر‬
‫كحسد قابيل كعتو عاد ك‪ٛ‬برد ٭بركذ كزاستعبلء فرعوف كبغي قاركف ككقاحة‬
‫ىاماف كىول بلعاـ كالبهائم كحرص الغراب كشره الكلب كخيبلء الطاككس كدانءة العجل‬
‫كعقوؽ الضب كحقد ا‪١‬بمل ككثبة ا‪٥‬بر كصولة األسد كخبث ا‪٢‬بية كمكر الفار كعبث القرد كىي‬
‫كهف الظلمة كموضع الغفلة كأرض الشهوة كخزانة ا‪١‬بهل كمعدف الكسل فبل يصل للعبد‬
‫شيطاف إال بشهواهتا كال يفتحم معصية إال ٕبملها فهعي لكل شر أىل ك‪٥‬با عن كل خّب عجز‬
‫خلقتها ضعيفة كطبعها قوم كىي سرىة مداىنة مدعية متقلقة متمنية خوفها أمن كرجاؤىا خوؼ‬
‫كىي رأس الببلء كمعدف الفضيحة كخزانة إبليس كمسَباحو كمأكل كل سوء كمن رداءتعا‬
‫كجهلها أهنا إذا ٮبت ٗبعصية‬

‫كانبعثت لشهوة لو تشفعت إليها ابهلل تعاؿ ٍب برسولو ملسو هيلع هللا ىلص كٔبميع األنبياء كا‪٤‬برسلْب كا‪٤‬ببلئكة‬
‫كالكتب السماكية كٔبميع سلف الصا‪٢‬بْب من عباد هللا تعأب كعرضت عليها ا‪٤‬بوت كالقرب‬
‫كالقيامة كا‪١‬بنة كالنار ال تنقاد لك كال تَبؾ لك معصية كال شهوة إف قابلتها برغيف سكنت‬
‫كانقادت خاضعة كإ٭با أمر العبد ٔبهادىا ألهنا تشبو الكافر ألنو يريد أف تكوف كلمة الكفر ىي‬
‫العليا ككلمة هللا ىي السفلى كىي تريد أف تكوف كلمة ابطلها كعيوهبا كشهواهتا كأغراضها‬
‫العاجلة ا‪٤‬بشغلة عن هللا تعأب كعن طاعتو كاإلخبلص فيها ىي‬
‫العليا تنافذ أمرىا ُب مدف األجساـ على كلمة الركح كما األمر فيها إال كما قيل‪ :‬توؽ نفسك‬
‫أتمن من غوائلها *** فالنفس أخبث من سبعْب شيطاان كإذا ‪ٙ‬برر ىذا فحقيقة جهادىا كا‪٥‬بجرة‬
‫عن مألوفاهتا الكامدة دكاـ ‪٨‬بالفة ما هتواه كتدعو إليو ‪٩‬با ٱبالف رضا ا‪٤‬بؤب الكر‪ٙ‬ب ا‪٤‬بتعاؿ كإذا‬
‫فهمت ىذا فحاسب نفسك قبل أف ‪ٙ‬باسب كاىجرىا عن مألوفاهتا القبيحة لئبل ‪ٚ‬بسر كجاىده‬
‫ا‪١‬بهاد األكرب كقل عند ذٕبها ابسم هللا كهللا أكرب فلنشرع ُب بياف حقيقة ا‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد الكربين‬
‫فنقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬كُب‬
‫فتح البارم إلبن حجر على صحيح البخارم عند قولو‪ ":‬فمن كانت ىجرتو " إٔب آخره‪ :‬ا‪٥‬بجرة‬
‫الَبؾ كا‪٥‬بجرة إٔب الشيء االنتقاؿ إليو أىػ كُب شرح الفشِب على األربعْب النوكية‪ :‬كقولو‪:‬‬
‫فهجرتو ا‪٥‬بجرة مشتقة من ا‪٥‬بجر كىو لغة الَبؾ إٔب أف قاؿ‪ :‬كقد تطلق ا‪٥‬بجرة على ىجر ما هنى‬
‫هللا تعأب عنو فقد ثبت ُب ‪٢‬بديث‪ ":‬اجملاىد من جاىد نفسو كا‪٤‬بهاجر من ىجر ما هنى هللا تعأب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪608‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عنو " كُب تبيْب احملارـ‪ :‬كا‪٥‬بجرة من ا‪٤‬بعصية إٔب الطاعة فرض على كل مسلم كمسلمة قاؿ عليو‬
‫السبلـ‪ ":‬كا‪٤‬بهاجر من ىجر ما هنى هللا تعأب عنو " كُب كتاب سلم الرضواف‬

‫لذكؽ حبلكة اإلٲباف‪ :‬كأما الذكؽ فهو حاؿ ال يعرفو إال صاحبو كىوكجوده لئلٲباف لذة تغاير‬
‫‪ٝ‬بيع اللذات فمنو ما ىم حظ العامة كىو ا‪٤‬بشار إليو بقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ذاؽ طعم اإلٲباف من رضي‬
‫ابهلل تعأب راب كابإلسبلـ دينا كٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص رسوال " كاعلم أف ىذا الذكؽ ال يناؿ إال بعد مكابدة‬
‫ا‪١‬بهاد األكرب كىو جهاد النفس الٍب ىي أخبث من سبعْب شيطاان فاقهرىا بقيد التهمة كافطمها‬
‫بفطم العزلة كزمها بزماـ ا‪٢‬بكمة كاضرهبا بسوط الكتاب كقيدىا ٕببل التوبيخ كا‪٢‬بساب‬
‫كاضمرىا بضمائر الزجر كالعتاب كشد عليها رحل‬
‫العزـ بباطن ا‪٢‬بزـ كأككبها ٕبرفة الشريعة كسّبىا ُب ميداف ا‪٢‬بقيقة كقل إذا استويت على ظهرىا‬
‫سبحاف الذم سخر لنا ىذا كما كنا لو مقرنْب كاجعل البقل سائسها كالركح ‪٩‬بارسها كالتقول‬
‫حارسها كالذكر شراهبا كا‪٢‬بلم تراهبا بعد افَباش القتاد كمنح ا‪٤‬بهج كقطع األكباد فحينئذ تطمئن‬
‫فتنادل من بساط القرب بعد زكاؿ ا‪٢‬بجب‪{ :‬اي أيتها النفس ا‪٤‬بطمئنة ارجعي إٔب ربك راضية‬
‫مرضية فادخلي ُب عبادم كادخلي جنٍب} فذلك أكؿ قدـ تضعو ُب العبودية احملضة كأكؿ‬
‫شراب تذكقو من ‪ٟ‬برة الدنو كالوصلة فتنعكس أحوا‪٥‬با كتزكو أعما‪٥‬با كتصّب داعية إٔب‬
‫ا‪٣‬بّب حائدة عن الضّب ال ‪ٚ‬بطر الشهوات ‪٥‬با بباؿ كال ٰبوـ ا‪٥‬بول حو‪٥‬با ُب حس كال خياؿ‬
‫كٱبف الدفاع كيقل النزاع كتفر عن الساحة القطاع فيؤذل مؤمن التشريف على منار التعريف‬
‫تبكيتا إلبليس ذم الكيد الضعيف إف عبادم ليس لك عليهم سلطاف فيقع األمن كالسكوف‬
‫كٰبصل الرجاء كالظنوف كيضمحل الشح كالشجوف فيحدك هبا حادم الشوؽ كيقودىا حرية‬
‫للذكؽ إٔب حضرة القدس كشراب األنس كقرة العْب بذىاب البْب فحينئذ تنقاد إليو حقيقة‬
‫الدنيا على صورة انقة ىطبلء فّبكبها فيسّبىا هبمتو العلية بعد ما شد عليها رحل العز بباطن‬
‫ا‪٢‬بزـ كقد تزكد‬

‫بدرىا ا‪٥‬باطل كاستغُب بظنونو حديث حاذؽ جل عن انتجاع سراب الباطل قد ‪ٝ‬بع بْب در‬
‫ا‪٢‬بمراء كشبم السحابة الوطفاء فأصبح ُب نعم هللا يتقلب كهلل سبحانو أبنواع طاعتو يتحبب‬
‫حب الزاد حٌب تركل برم ا‪٤‬بعاد فهو دنيوم أخركم ‪٠‬باكم أرضي فصار ا‪٤‬بعِب بقولو صلى هللا‬
‫عليو كسلم‪" :‬نعم ا‪٤‬بطية للرجل الصاّب الدنيا عليها يبلغ ا‪٣‬بّب كينجو من الشر" عليها يبلغ مًب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪609‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النجيبة ا‪٥‬بطبلء ذات ا‪٣‬بمر كا‪٤‬باء كاللَب كالعسل كالنعماء كينجو من أف يكوف من ‪ٝ‬بلة ا‪٥‬بالكْب‬
‫كىم الذين طلبوا الدنيا فأخذ ٗبجامع قلوهبم شرحا كأصم أ‪٠‬باعهم كأعمى أبصارىم‬
‫كفر ىاراب فاقتادىم ا‪٥‬بول إٔب مهامو النول فوقفوا ُب ا‪٤‬بهامة ا‪٤‬بهلكات كا‪٤‬بفاكز كالفيفاء من غّب‬
‫دليل مرشد فلمع ُب البيداء السراب فظنوه شرااب فلما أتوه ٓب ٯبدكه شيئا فوجدكا هللا تعأب‬
‫عندىم فوفاىم حساهبم بتعجيل ثواهبم كفجأة عذاهبم إذ كرطهم عطش ا‪٢‬برص كاالهتاـ بسهوـ‬
‫الشره كاالرتطاـ فأصبحوا نكاال ‪٤‬با بْب يديها كخلفها كموعظة ‪٤‬بن يتقي خلفها كحلفها فينفسح‬
‫ُب الساحات كٯبمع بْب ا‪٤‬باضي كاآلٌب قد أينعت ‪ٜ‬براهتا فتدلت كذىبت غمراهتا فتجلت فعند‬
‫الصباح ٰبمد القوـ السرل كعلى قدر االرتقاء يبلغ الكراـ الذرل فهذا مثل‬
‫العامة‪ ،‬كأما ا‪٣‬باصة فرجل امتطى ظهر كلمة اإلخبلص كريب بلْب االختصاص فجعل ‪٤‬با توجهت‬
‫إليو مراكب ا‪٢‬بب ٰبمل على ظهراهنا خلع القرب فحنت قلوصو الوجناء إذ رأت تراهبا تثّب من‬
‫معادهنا كسهاهبا فانشدت بفصيح مقا‪٥‬با ا‪٤‬بِب عن سرىا كحا‪٥‬با فقالت ‪٥‬با أحاديث من ذكراؾ‬
‫تشغلها عن الشراب كتلهيها عن الزاد إذ اشتكت من كبلؿ السّب أكعدىا قرب الوصاؿ فتحيا‬
‫عند سعاد فلما ‪٠‬بعها حادم الشوؽ خاطبها بلساف الذكؽ فقاؿ‪ :‬من ٕب ٗبثل سّبؾ ا‪٤‬بدلل ***‬
‫‪ٛ‬بشي ركيدا ك٘بي ُب األكؿ فتعرضت ‪٥‬با حور القصور ابلتحف كا‪٢‬ببور فأنفت من خاطبهن كما‬
‫قرأت‬

‫حرفا من كتاهبن ٍب أنشدت ُب جواهبن فقالت‪ :‬تنحي اي حور جنات عنا *** مالك قاتلنا كال‬
‫قتلنا لكن إٔب ملككن اشتقنا *** قد يفهم السر كما أعلنا فلما ‪٠‬بعت قو‪٥‬بن أنشدت ‪٦‬بيبة ‪٥‬بن‬
‫فقالت‪ٕ :‬ب حبيب خيالو نصب عيِب *** سره ُب ضمّبم مدفوف إف تذكرتو فكلي قلوب ***‬
‫أك أتملتو فكلي عيوف فإذا جاكز ىذا ا‪٤‬بركز خاطبو رجاؿ الغيب كأخرجوا لو ما ُب ا‪١‬بيب‬
‫فيجدكنو كقد أذىلو القلق كخامره الدىش كاألرؽ فيقوؿ ‪٥‬بم‪ :‬ال تكدركا على خلوٌب كال‬
‫تشوشوا على ‪٪‬بمٍب أان إٔب احملبوب قصدت ك‪٤‬با لديو طلبت كإٔب حضرتو ىربت فأنشد كقاؿ‪:‬‬
‫أسّب ا‪٥‬بول‬
‫عينو تدمع *** كُب ليلو العْب ما هتجع تساعده عند تذكاره *** بطمع غزير كما تقلع سل الليل‬
‫عن حاؿ أىل ا‪٥‬بول *** إذا الحت األ‪٪‬بم الطلع ٱبربؾ لو أنو ‪٨‬برب *** أبهنم سجد ركع فطورا‬
‫يناجوف موالىم *** كىم ُب عبادتو خضع يقولوف اي من يرل حالنا *** كيعلم ُب الليل ما نصنع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪610‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أعنا بصرب على شوقنا *** إليك فقد شفنا ا‪٤‬بطمع سأبكي ألىل ا‪٥‬بول ر‪ٞ‬بة *** لعلمي أبف‬
‫ا‪٥‬بول يوجع ىم األكلياء حملبوهبم *** كىم ُب جناف العلى رتع فإذا جاكز ىذا ا‪٤‬بركز اشتاقت إليو‬
‫األركاح الركحانية ‪٤‬با اشتموا من رائحة إرج حبو فيستأذنوف هللا تعأب ُب‬
‫زايرتو كقربو فإذا رأكه كرأكا ما بو من الذبوؿ كالتحرؽ كالذىوؿ اندكه فقالوا‪ :‬ألك حاجة؟‬
‫فيقوؿ‪ :‬أما إليكم فبل كأما إٔب هللا تعأب فبلى فيقولوف‪ :‬أال تسألو؟ فيقوؿ‪ :‬ليس ٔباىل فأنبئو كال‬
‫بغافل فأنبهو فيقبل هللا تعأب عليو حينئذ فيزكؿ عنو ركاؽ دىش ا‪١‬ببلؿ بفسحة ا‪١‬بماؿ فيسكن‬
‫عند ذلك ركعو كٯبعل هللا تعأب لو األكواف طوعو فيقع على قرة العْب بزكاؿ حجاب البْب‬
‫فطاب كغاب كحّب األلباب بسركره بعد قلقو فتكثر ا‪٤‬بقالة كتضمحل الداللة فبل يعرفو إال‬
‫شكلو كال يوصل إليو إال جهلو فهذا كركد القوـ ليس ىو ُب اليقظة كال ُب‬

‫النوـ ألهنم شربوا حضرة الكلف على بساط الدنف ُب كأس الشغف فشربوا فما صحوا إال كقد‬
‫زالت ا‪٢‬بجب ككافحهم احملبوب فقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬أين السبيل إذ ال زمن كال أكاف كال جهة كال مكاف‬
‫فيجيبو قائبل‪ :‬ال كنت إف كنت أدرم كيف السبيل إليك أفردتِب عن ‪ٝ‬بيعي فكنت سلما لديك‬
‫فيقوؿ لو‪ :‬ادر أيها العبد فقد خربتك كلذلك حّبتك فيدركو الدىش ىنيهة حٌب إذا أمده هللا‬
‫تعأب بعلوـ من لدنو فينطلق حينئذ ٔبوامع الكلم فيقوؿ‪ :‬حّب‪ٛ‬بو٘ب ُب جبلؿ ‪ٝ‬بالكم ***‬
‫فاحَبت بْب صفاتكم كالذات فبقيت من دىشي بكم حينا ببل *** ‪ٝ‬بع كال فرؽ كال لذات‬
‫حٌب أفاضت‬
‫من ٕباركم لكم *** سحب العناية كالبقا للذات فينتعش من بعد الفناء كيسَبيح بعد العناء إذ ٓب‬
‫يبق معو بقية من حسو إذا صارت قرة عينيو بنفسو فيقوؿ حينئذ‪ :‬أان الكل كعلي فدؿ كتلك‬
‫رتبة ا‪٤‬بشاىدة ا‪٤‬بعرب عنها ابلوصوؿ فهي سبعوف درجة ‪ٙ‬بار ُب شأهنا العبارة كتستقل اإلشارة أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب هبجة النفوس عند قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال ىجرة بعد الفتح كلكن جهاد كنية كإذا استنفرًب‬
‫فانفركا "‪ :‬كُب ا‪٢‬بديث إشارة صوفية كىي على ثبلثة أكجو األكؿ ُب قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال ىجرة بعد‬
‫الفتح قد أخرب ملسو هيلع هللا ىلص ُب غّب‬
‫ىذا ا‪٢‬بديث أبف ا‪١‬بهاد جهاداف أصغر كأكرب كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ىبطتم من ا‪١‬بهاد األصغر إٔب ا‪١‬بهاد‬
‫الكرب كىو جهاد النفس " فإذا كاف ا‪١‬بهاد على قسمْب فكذلك يلزـ ُب ا‪٥‬بجرة أف تكوف كربل‬
‫كصغرل فالصغرل ما تقدـ كالكربل ىجرة النفس عن مألوفاهتا كشهواهتا كإخواهنا كأىلها كبنيها‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪611‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كردىا إٔب هللا تعأب ُب كل أحوا‪٥‬با كقد نص هللا تعأب عز كجل على ذلك ُب كتابو حيث قاؿ‪:‬‬
‫{قل إف كاف آابؤكم كأبناؤكم كإخوانكم كأزكاجكم كعشّبتكم كأمواؿ اقَبفتموىا ك٘بارة ترجوف‬
‫كسادىا كمساكن ترضوهنا أحب إليكم من هللا كرسولو كجهاد ُب‬

‫سبيلو فَببصوا حٌب ايٌب هللا أبمره} فالزىد ُب األشياء كخلو القلب كالنفس منها ىو ا‪٤‬بطلوب‬
‫كحقيقة أعلى من ىذا كىي ألىل ا‪٣‬بصوص يشهد بذلك ما حكي عن بعض الفضبلء أنو قاؿ‬
‫زىدت ُب ثبلثة األكؿ ُب الدنيا كما فيها كالثانيفي اآلخرة كما فيها كالثالث فيما سول هللا تعأب‬
‫كىذه ىي ا‪٥‬بجرة العظمى فبل يهمل نفسو ابلكلية فإف ذلك عبلمة على ا‪٣‬بسراف كليأخذ نفسو‬
‫ابلرفق كالسياسة ُب ا‪١‬بهاد كا‪٥‬بجرة ألف ا‪٤‬برأ ُب نفسو مأمور بذلك ألف بدنو كا‪٤‬بدينة كالعقل‬
‫كا‪٤‬بلك كا‪٤‬بسلمْب كالشياطْب كجيش الكفار كرجوعو إٔب رأم العقل كا‪٤‬بلك‬
‫الناىيْب حٌب يستفتح ببلد العدك كالفتح ىنا عبارة عن أسر النفس كالشياطْب كا‪٥‬بول كأف يكوف‬
‫العقل كا‪٤‬بلك ٮبا اآلمراف الناىياف فإذا حصل للمريد ىذا ا‪٢‬باؿ فبل ٰبتاج بعد ذلك إٔب ‪٦‬باىدة‬
‫ألف اجملاىدة ال تراد لذاهتا كزإ٭با ا‪٤‬بقصود منها حصوؿ ىذه الصفة كقد حصلت كما أف ا‪١‬بهاد‬
‫ال يراد لذاتو كإ٭با يراد لفتح الببلد لئلسبلـ كأسر العدك كإسبلمو كقد ركم أف القلب كا‪٤‬بلك‬
‫كالعقل كا‪٥‬بول كالنفس كالشيطاف كا‪٤‬بيداف يعَبكوف فيو فأيهم غلب كاف ىو ا‪٤‬بّب على ا‪١‬بوار‬
‫فحصلت النسبة بينو كبْب ما ‪٫‬بن بسببو من حكم الظاىر ال من كل‬
‫ا‪١‬بهاد فمن لو لب يفهم ما أشران إليو كيعمل عليو ٰبصل إنشاء هللا تعأب على ا‪٤‬براد لكن ذلك‬
‫بعد االفتقار إٔب هللا تعأب كطلب العوف منو ُب كل اللحظات كإال فبل ينفع ا‪٢‬بذر كا‪١‬بهاد‬
‫كا‪٥‬بجرة ُب الغالب الوجو الثا٘ب قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬كلكن جهاد كنية " فإذا حصل ىذا الفتح للمريد‬
‫ٰبتاج عند ذلك إٔب ا‪١‬بهاد كنعِب اب‪١‬بهاد ىنا ا‪٤‬ببادرة إٔب أفعاؿ الرب بكل ‪٩‬بكن كال يَبؾ‬
‫ابلتسويف بلعل كعسى فبذلك تفوت الغنائم فإذا ظفر ابلفتح كالغنيمة فيحتاج عند ذؾ إٔب‬
‫إخبلص النية ُب كل األفعاؿ كيبتهل كا‪٢‬بذر من كقوع العمل دكهنا‬

‫ألف األعماؿ ٕبسب ما الحتوت عليو النيات فإذا حصل للمريد ىذا ا‪٢‬باؿ فقد حصل لو‬
‫ا‪١‬بهاد كالنية الثالث قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬كإذا استنفرًب فانفركا " كىو على كجهْب فحكم ٱبتص‬
‫ابلشخص نفسو كحكم متعد لغّبه فأما ما ٱبتص ابلشخص فهو أنو إذا ‪ٙ‬بصلت لو ا‪٢‬بأب السنية‬
‫أعِب الفتح كا‪١‬بهاد ك‪ٙ‬بصلت لو النية على ما قرانه ٰبتاج عند ذلك إٔب ‪٧‬بايبة ُب كل أكقاتو لئبل‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪612‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تقع منو غفلة فيظفر بو العدك فمن ملك القلب ُب شيء من التصرفات فيقع بذلك ا‪٣‬بلل بعد‬
‫كقوع النصر كالظفر فإذا حايب ا‪٤‬برأ نفسو على أقل شيء يقع لو من ذلك استيقظ‬
‫فرجع عنو فإف ٓب يقدر على تركو فقد ظفر العدك كظهر كىذا ىو موضع االستنفار أيضا ألف‬
‫ا‪٤‬بلك كالعقل قد غلبا فيدخل أيضا ُب اجملاىدة حٌب يزيل ما كقع كأما ىدل الشخص فذلك ال‬
‫يكوف إال ‪٤‬بن حصلت لو ىذه األحواؿ الٍب قدمنا ذكرىا كتكن فيها فحينئذ ٯبب عليو أف ينظر‬
‫ُب حق الغّب فإذا جاءه أحد ‪٩‬بن غلب عقلو كملكو يطلب منو النصرة فيجب عليو إذ ذاؾ‬
‫نصرتو ألف ىذا ىو موضع االستنفار كالنصرة ىنا عبارة عن الدعاء ُب ظهر الغيب كبياف كيفية‬
‫خاطر ا‪٤‬بلك كالعقل الذم قد غلب عليو كبياف كيفية خاطر النفس كالشيطاف كٗبا ٰبَبز من‬
‫كقوع‬
‫ا‪٥‬بزٲبة كٗبا ‪٫‬بصل الغنيمة كهللا ا‪٤‬بستعاف أىػ‪ .‬كىذا آخر ما أردان ذكره من ا‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد‬
‫األكربين كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحاف ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪ .‬كبعد فلنشرع ُب الكبلـ‬
‫على ا‪٥‬بجرة ا‪٢‬بسية الصغرل الٍب تفعل ابألبداف فنقوؿ‪ :‬اعلموا اي إخوا٘ب أف ا‪٥‬بجرة من ببلد‬
‫الكفار إٔب ببلد اإلسبلـ كببلد يظهر هبا ا‪٤‬بنكر كال يغّب لعجز من يريد التغيّب عنو لعدـ اإلمكاف‬
‫إٔب احملل الذم يغّب فيو ا‪٤‬بنكر كٲبكن فيو التغيّب كاجبة كتااب كسنة كإ‪ٝ‬باعا أما الكتاب فقولو‬
‫تعأب‪{ :‬إف الذم توفاىم ا‪٤‬ببلئكة ظا‪٤‬بي أنفسهم قالوا‬

‫فيمكنتم قالوا كنا مستضعفْب ُب االرض قالوا أٓب تكن أرض هللا كاسعة فتهاجركا فيها} كُب‬
‫السراج ا‪٤‬بنّب‪ :‬فتهاجركا فيها من بلد الكفر إٔب بلد أخرل كما فعل غّبكم من ا‪٤‬بهاجرين ٍب قاؿ‬
‫عند قولو تعأب‪{ :‬كساءت مصّبا}‪ :‬كُب اآلية دليل على كجوب ا‪٥‬بجرة من موضع ال يتكمن‬
‫الرجل من إقامة الدين فيو كقولو تعأب‪{ :‬اي عبادم الذين آمنوا إلن أرضي كاسعة فإايم‬
‫فاعبدكف} كأما السنة فقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف هللا تعأب برمء من مسلم ساكن بْب ا‪٤‬بشركْب " كقولو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال تَباء انراٮبا " ذكرٮبا السيبد ا‪٤‬بختار ُب‬
‫نصيحة الكافية كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من جامع ا‪٤‬بشرؾ أك سكن معو فهو مثلو " ركاه ل أبو داككد كأما‬
‫اإل‪ٝ‬باع فقد قاؿ الونشريسي‪ :‬كاإل‪ٝ‬باع على كجوب ا‪٥‬بجرة أىػ‪ .‬كُب تبيْب احملارـ‪ :‬كأما ا‪٥‬بجرة ُب‬
‫دار اإلسبلـ من بلد إٔب بلد فليس بواجب ألف من ٓب ٲبكن لو أف يقيم دينو ُب دار اإلسبلـ فبل‬
‫ٯبب عليو ا‪٥‬بجرة لكن إذا غلب ُب بلده أىل الشر ككثرت فيو ا‪٤‬بعاصي يستحب لو أف يفر منو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪613‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إٔب بلد الصبلح فيو غالب على أىلو إال إذا كاف ُب بلده من يلجئوف الظلمة على شهادة الزكر‬
‫كغّب ذلك فإنو حينئذ ٘بب عليو ا‪٥‬بجرة منو اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب السراج عند قولو تعأب ُب الزمر‪{ :‬كأرض هللا كاسعة}‪ :‬كفيو حث على ا‪٥‬بجرة من البلد‬
‫الذم تظهر فيو ا‪٤‬بعاصي كنظّبه قولو‪{ :‬فيم كنتم قالوا كنا مستضعفْب ُب االرض قالوا أٓب تكن‬
‫ارض هللا كاسعة فتهاجركا فيها}‪ .‬كقاؿ سعيد بن جبّب‪ :‬من أمر اب‪٤‬بعاصي ُب بلد فليهرب اىػ‪.‬‬
‫كُب لباب التأكيل عند ىذه اآلية‪ :‬كفيو حث على ا‪٥‬بجرة من البلد الذم يظهر فيو ا‪٤‬بعاصي‬
‫كقيل‪ :‬من أمر اب‪٤‬بعاصي ُب بلده فليهرب اىػ‪.‬‬

‫كُب الصحيحْب عن زينب بنت جحش رضي هللا تعأب عنها أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص دخل عليها يوما فزعا‬
‫يقوؿ‪" :‬ال إلو إال هللا كيل للعرب من شر قد اقَبب فتح اليوـ من ردـ ايجوج كماجوج مثل ىذه‬
‫ػ كحلق إبصبعيو السبابة كالٍب تليها ػ" فقالت‪ :‬اي رسوؿ هللا أهنلك كفينا الصا‪٢‬بوف؟ قاؿ‪" :‬نعم‬
‫إذا كثر ا‪٣‬ببث" قاؿ بعض أىل ا‪٢‬بديث عند إيراده ىذا ا‪٢‬بديث ُب أتليفو‪ :‬ىذه سنة هللا تعأب‬
‫ا‪٤‬باضية ُب خلقو أف العذاب إذا نزؿ يعم كال ٲبيز لقد أمر هللا تعأب األنبياء اب‪٣‬بركج من قومهم‬
‫قبل نزكؿ العذاب مع صبلح القدرة ُب ‪٪‬باهتم كإف‬
‫قعدكا كلكن ال تبديل لسنة هللا تعأب قاؿ‪ :‬ك‪٥‬بذا جاء ُب الصحيح أف النيب صلى هللا تعأب عليو‬
‫كسلم ‪٤‬با أمر اب‪٥‬بجرة قاؿ‪" :‬ال تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إال أف تكونوا ابكْب ٍب قنع‬
‫رأسو كأسرع حٌب جاكز الوادم"‪ .‬كأخرج اإلماـ أ‪ٞ‬بد كالطربا٘ب عن حراشة بن ا‪٢‬بر رضي هللا‬
‫تعأب عنو قاؿ‪ :‬ال يشهد أحدكم قتيبل لعلو أف يكوف مظلوما فتصيبو السخطة عليهم فتصيبو‬
‫معهم‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أ‪ٞ‬بد زركؽ ُب أتسيس القواعد‪ :‬ما ال أثر لو ُب ا‪٣‬بارج ا‪٢‬بسي من ا‪٤‬بضار فاعتباره‬
‫مشوش لغّبه فائدة فمن ٍب كاف كل ما ضر ُب العرض ابلقوؿ أك ابلظن مأمور ابلصرب عليو لقولو‬
‫تعأب‪{ :‬كاصرب على ما يقولوف} ٖببلؼ الفعل إذ أمر رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص اب‪٥‬بجرة لقصدىم لو بو‬
‫كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ا‪٤‬بؤمن كيس فطن حذر" ثلثا تغافل يعِب ُب القوؿ كالظن ال الفعل كرغب عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ ُب الفرار من الفًب كترجم البخارم أف ذلك من الدين فوجبت مراعاتو‪.‬‬

‫كقاؿ أيضا‪ :‬ك‪ٛ‬باـ الشيء من كجو ابتدائو كللوارث من النسبة على قدر موركثو منو كقد بدئ‬
‫الدين غريبا فبل يتم ُب زمن غربتو إال اب‪٥‬بجرة كما كاف أكال كما نصر نيب من قومو غالبا بل ‪ٝ‬بلة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪614‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقوؿ كرقة‪ٓ :‬ب أيت أحد ٗبثل ما جئت بو األعودم كالنسبة معركضة أبد الوجود إال ذم فلذلك‬
‫ال ٘بد كبّبا ُب الدين إال مقاببل بذلك كا‪٢‬بديث‪" :‬أشد الناس ببلء األنبياء فاألكلياء األمثل‬
‫فاألمثل" مثل ا‪٢‬بديث ُب شرح الفشِب على األربعْب النوكية عند قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إ٭با األعماؿ‬
‫ابلنيات" عند قولو‪" :‬فهجرتو" إٔب أف قاؿ‪ :‬كقد تطلق‬
‫ا‪٥‬بجرة على ىجر ما هنى هللا تعأب عنو فقد ثبت ُب ا‪٢‬بديث‪" :‬اجملاىد من جاىد نفسو كا‪٤‬بهاجر‬
‫من ىجر ما هنى هللا تعأب عنو" فيهجر اإلنساف األرض الٍب يغلب على أىلها أكل ا‪٢‬براـ‬
‫كيهجر البلد الٍب يسب فيها العلماء كالصلحاء اىػ‪ .‬كقاؿ بعض العلماء‪ :‬من علم ٗبكاف من بلد‬
‫مناكر ال يقدر على إزالتها ال ٘بب عليو مفارقة تلك البلدة اللهم إال أف تكوف إقامتو توجب أف‬
‫يكلف الفساد أك يكره على مساعدة السبلطْب كإعانة الظلمة ُب الظلم كا‪٤‬بنكرات فتلزمو‬
‫ا‪٥‬بجرة من ذلك البلد إف قدر عليها ك٘بب عليو فإف اإلكراه ال يكوف عذرا ُب حق من‬
‫قدر على ا‪٥‬برب من اإلكراه ىذا ىو الذم جزـ بو الغزإب ُب اإلحياء انتهى‪ .‬قلت‪ :‬كإذا كانت‬
‫‪٨‬بالطة احملجوبْب كذكم الرائسات من أسباب انقطاع العبد عن ربو فكيف ال ٘بب ا‪٥‬بجرة على‬
‫من تكوف إقامتو مع السبلطْب توجب أف يكلف الفساد أك يكره على مساعدهتم كإعانة الظلمة‬
‫ُب الظلم كا‪٤‬بنكرات‪ .‬قاؿ ُب اإلبريز كما أيٌب ُب الفصل الذم بعد ىذا الفصل أف ُب ذات العبد‬
‫ا‪٤‬بؤمن خيطا من نور ٱبرج من ثقبة ُب ذاتو يتصل ذلك النور بعطية ا‪٢‬بق سبحانو يزيد ٗبخالطة‬
‫أكليائو تعأب كيقل بعدمها كٱباؼ عليو من االنقطاع أصبل كانسداد الثقبة‬

‫ٗبخالطة أرابب الرائسة فإهنم برائستهم كأموا‪٥‬بم كجاىهم يستولوف على ذاتو فتكوف ‪ٙ‬بت أسرىم‬
‫ُب حكم قبضتهم فبل يزاؿ يصغي إليهم بقلبو كقالبو كيبقى على ذلك ا‪٤‬بدة الطويلة كال يقع ا‪٢‬بق‬
‫سبحانو ُب مكره كال ُب خاطره فبل يزاؿ كذلك مسَبسبل ُب إعراضو كانقطاعو حٌب تنسد الثقبة‬
‫كالعياذ ابهلل تعأب كىذه آفة حاصلة من ذكم الرائسة نسأؿ هللا تعأب العافية كالسبلمة اىػ‪.‬‬
‫كقد ركل أئمة التفسّب عن سعيد بن جبّب أنو قاؿ‪ :‬إذا عمل اب‪٤‬بعاصي ُب أرض فاخرج منها‬
‫كتبل قولو‪{ :‬أٓب تكن ارض هللا كاسعة فتهاجركا فيها" كقاؿ القرطيب‪ُ :‬ب ىذه اآلية دليل على‬
‫ىجراف األرض الٍب يعمل فيها اب‪٤‬بعاصي ٍب حكى عن مالك أنو قاؿ‪ :‬ىذه اآلية دالة على أنو‬
‫ليس ألحد ا‪٤‬بقاـ أبرض يسب فيها السلف كيعمل فيها بغّب ا‪٢‬بق‪.‬‬
‫كحكى القاضي أبو بكر بن العريب‪ :‬ىذا عن مالك أيضا ذكره ُب أحكاـ القرآف ٍب قاؿ‪ :‬كىذا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪615‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫صحيح فإف ا‪٤‬بنكر إذا ٓب يقدر أف يغّب ا‪٤‬بنكر يزكؿ عنو اىػ ككبلـ مالك ىذا يدؿ على كجوب‬
‫ا‪٥‬بجرة عند العجز عن التغيّب‪ .‬كذكر ابن العريب ُب أقساـ ا‪٥‬بجرة‪ :‬ا‪٣‬بركج أيضا من كل أرض‬
‫غلبت عليها ا‪٢‬براـ كعللها أبف طلب ا‪٢‬ببلؿ فريضة على كل مسلم‪.‬‬
‫كقاؿ القرطيب أيضا عند قولو تعأب‪{ :‬كاتقوا فتنة ال تصيَب الذين ظلموا منكم خاصة} قاؿ‬
‫علماؤان‪ :‬فالفتنة إذا عمت ىلك الكل كذلك عند ظهور ا‪٤‬بعاصي كانتشار ا‪٤‬بنكر كعدـ التغيّب‬
‫كإذا ٓب يغّب كجب على ا‪٤‬بؤمنْب ا‪٤‬بنكرين ‪٥‬با ابلقلوب ىجراف تلك البلد كا‪٥‬بركب منها كىكذا‬
‫كاف ا‪٢‬بكم فيمن قبلنا من األمم كما ُب قصة السبت حْب ىجركا العاصْب كقالوا‪ :‬ال نساكنكم‬
‫كهبذا قاؿ السلف رضي هللا تعأب عنهم‪.‬‬

‫كركم عن مالك أنو قاؿ‪ :‬يهجر األرض الٍب يعمل فيها ا‪٤‬بنكر جهارا كال يستقر فيها كاحتج‬
‫بصنيع أيب الدرداء كخركجو عن أرض معاكية حْب أعلن ابلراب فأجاز بيع سقاية الذىب أبكثر‬
‫من كزهنا أخرجو ُب الصحيح اىػ كهللا تعأب أعلم‪ .‬قلت‪ :‬ككيف ال ٘بب ا‪٥‬بجرة كقد تقدـ ُب‬
‫مقدمة ىذا الكتاب أف ‪٨‬بالطة العصاة آفة ذكرىا القطب عبد العزيز بن مسعود رضي هللا تعأب‬
‫عنو ‪٤‬با سئل عن كبلـ الشيخ ا‪٢‬بطاب ككبلـ الشيخ ا‪٤‬بواؽ حيث اختلفا ُب دخوؿ ا‪٢‬بماـ مع‬
‫مكشوفْب ال يستَبكف قاؿ ا‪٢‬بطاب‪ٰ :‬برـ الدخوؿ على اإلنساف كٯبب عليو التيمم إف خاؼ‬
‫من‬
‫ا‪٤‬باء البارد كقاؿ ا‪٤‬بواؽ‪ :‬يدخل كيستَب كيعض عينيو كال حرج عليو فأجاب أبف الصواب مع‬
‫ا‪٢‬بطاب كأما ما ذكره ا‪٤‬بواؽ ففيو آفة مع فرض ا‪٤‬بستَب ‪٧‬بَبزا إٔب الغاية كزفارا من النظر ُب عورة‬
‫غّبه إٔب النهاية كىي أف ا‪٤‬بعاصي ك‪٨‬بالفة أكامر هللا تعأب ال تكوف إال مع الظآب الذم بينو كبْب‬
‫ظبلـ جهنم خيوط كاتصاالت ٰبصل لو السقاء من جهنم بسببها كال أحد أعرؼ بذلك من‬
‫مبلئكة هللا تعأب فإذا اجتمع قوـ ‪ٙ‬بت سقف ٕبماـ مثبل على معصية كظهرت ا‪٤‬بعصية من‬
‫‪ٝ‬بيعهم عم الظبلـ ذلك ا‪٤‬بوضع فتنفر ا‪٤‬ببلئكة عنهم كإذا نفرت ا‪٤‬ببلئكة جاء‬
‫الشيطاف كجنوده فعمركا ا‪٤‬بوضع فتصّب أنوار إٲباف العصاة حينئذ كا‪٤‬بصابيح الٍب جاءهتا الرايح‬
‫العاصفة من كل مكاف قَبل نورىا مرة يذىب إٔب ىذه ا‪١‬بهة كمرة ينعكس إٔب أسفل حٌب نقوؿ‬
‫أنو انطفأ كاضمحل ك‪٥‬بذا كانت ا‪٤‬بعاصي بريد الكفار كالعياذ ابهلل تعأب فإذا كاف ا‪٢‬بماـ كأىلو‬
‫على ىذه ا‪٢‬بالة الٍب كصفنا كفرضنا رجبل خّبا دينا فاضبل متحرزا جاء كدخلو كاستَب فإنو يقع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪616‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لنور إٲبانو اضطراب ابلظبلـ الذم كجده ُب ا‪٢‬بماـ ألف ذلك الظبلـ ضد افيماف فتضطرب‬
‫مبلئكتو لذلك أيضا فتطمع فيو الشياطْب كتصل إليو كتشهي إليو النظرة ُب‬

‫العورة كتغويو فبل يزاؿ معهم ُب قتاؿ كىم يقودكف عليو كىو يضعف بْب أيديهم حٌب يستحسن‬
‫الشهوة كيستلذ النظر للعورة نسأؿ هللا تعأب السبلمة كلو فرضنا ‪ٝ‬باعة يسربوف ا‪٣‬بمر‬
‫كيستلذكف بو كيظهركف ا‪٤‬بعاصي الٍب تكوف معو كيفحشوف فيها كال يتحرزكف من أحد كال‬
‫ٱبشونو ٍب فرضنا رجبل جاءىم كُب يده دالئل ا‪٣‬بّبات فجلس بينهم كجعل يقرؤىا كأطاؿ معهم‬
‫ا‪١‬بلوس كجلس معهم اليوـ على اخيو كىو على قراءتو كىم على معاصيهم فإنو ال يذىب عليو‬
‫اليل كالنهار حٌب ينقلب إليهم كيرجع من ‪ٝ‬بلتهم للعلة الٍب ذكرانىا قاؿ‪ :‬ك‪٥‬بذا هني عن‬
‫االجتماع‬
‫أبىل الفسق كالعصياف ألف الذـ كالشهوة كالغفلة فينا كفيهم إال من ر‪ٞ‬بو هللا تعأب كقليل ما ىم‬
‫قاؿ بعض العلماء‪ :‬قد اختار ‪ٝ‬باعة من السلف العزلة ك االنفراد خوفا من عجزىم عن تغيّب ما‬
‫قد يشاىدكنو من ا‪٤‬بنكرات ُب ا‪٣‬بلطة كقد قاؿ السيد ا‪١‬بليل الزاىد أمّب ا‪٤‬بؤمنْب عمر بن عبد‬
‫العزيز رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ما ساح السياح كأخلوا دايرىم كأكالدىم إال ‪٤‬بثل ما نزؿ بنا حْب رأكا‬
‫الشر قد ظهر كالشر قد اندرس كرأكا الفًب كٓب أيمنوا أف تغّبىم كأـ ينزؿ العذاب أبكلئك القوـ‬
‫فبل يسلموف منو فرأكا أف ‪٦‬باكرة السباع كأكل البقوؿ خّب‬
‫من ‪٦‬باكرة ىؤالء ُب نعيمهم ٍب قاؿ‪{ :‬ففركا إٔب هللا إ٘ب لكم منو نذير مبْب} قاؿ‪ :‬ففر قوـ فلوال‬
‫ما جعل هللا تعأب جل ثناؤه ُب النبوة لقلنا‪ :‬ما ىم أبفضل من ىؤالء ‪٤‬با بلغنا أف ا‪٤‬ببلئكة تتلقاىم‬
‫كتصافحهم كالسحاب كالسباع ‪ٛ‬بر أبحدىم فيناديها فتجيبو كيسأ‪٥‬با أين مرت فتجيبو كمن‬
‫يهاجر ُب سبيل هللا ٯبد ُب االرض مراغما كثّبة كسعة قاؿ ابن عطية ُب تفسّبه‪ :‬كتفسّب السعة‬
‫بسعة الببلد ىو الذم تقتضيو الفصاحة إذ بذلك تكوف السعة ُب الرزؽ كالصدر كغّب ذلك من‬
‫كجوه الفرح كىذا ا‪٤‬بعُب ظاىر من قولو تعأب‪{ :‬أٓب تكن ارض هللا‬

‫كاسعة} قاؿ مالك بن أنس ر‪ٞ‬بو هللا تعأب‪ :‬اآلية تعطي أف كل مسلم ينبغي لو أف ٱبرج من‬
‫الببلد الٍب تغّب فيها السنن كيعمل فيها بغّب ا‪٢‬بق أىػ‪ .‬كُب لباب التأكيل‪ :‬قاؿ ابن عباس رضي‬
‫هللا تعأب عنهما‪ :‬ٯبد متحوال من ارض إٔب أرض كقاؿ ‪٦‬باىد ٯبد مرخصا عما يكره كقيل‪ :‬ٯبد‬
‫منقلبا إليو كقيل‪ :‬ا‪٤‬براغمة كا‪٤‬بهاجرة كاحدة يقاؿ رغمت قومي أم ىجرهتم ك‪٠‬بيت ا‪٤‬بهاجرة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪617‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٤‬براغمة ألنو يهاجر قومو بغرمهم كقلو كسعة قيل السعة الرزؽ كقيل ٯبد سعة من الضبللة إٔب‬
‫ا‪٥‬بدل كقيل ٯبد سعة من األض الٍب ىاجر إليها كُب السراج ا‪٤‬بنّب ٯبد سعة من‬
‫الرزؽ كما قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬صوموا تصحوا كسافركا تغنموا " أخرجو الطربا٘ب عن أيب ىريرة رضي هللا‬
‫تعأب عنو كلفظو‪ ":‬اغزكا تغنموا كىاجركا تفلحوا " أىػ كُب عرائس البياف عند قولو تعأب‪:‬‬
‫{فالذين ىاجركا كأخرجوا من دايرىم} ُب ىذه اآلية أشار إٔب تنزيو األركاح من ا‪٤‬بخاطرات‬
‫كتقديس األشباح من الشهوات ىاجركا من غّب هللا تعأب إٔب هللا سبحانو كتعأب ٍب أف هللا تعأب‬
‫حث األعداء إبخراجهم دايرىم ‪٢‬بب غربة العاشقْب الصادقْب كي ال يركنوزا ابلطبع كا‪٢‬بب إٔب‬
‫اإلخواف كاألكطاف أىػ‪.‬‬
‫كقاؿ عند قولو تعأب‪{ :‬اي عبادم الذم آمنوا إف أرضي كاسعة فإايم فاعبدكف} قاؿ سهل‪ :‬إذ‬
‫عمل اب‪٤‬بعاصي كالبدع ُب أرض فاخرجوا منهاإٔب أرض ا‪٤‬بطيعْب أىػ‪ .‬كقاؿ تعأب‪{ :‬اي عبادم‬
‫الذين آمنوا إف أرضي كاسعة فإايم فاعبدكف كل نفس ذائقة ا‪٤‬بوت ٍب إلينا ترجعوف كالذين آمنوا‬
‫كعملوا الصا‪٢‬بات لنبوأهنممن ا‪١‬بنة غرفا ٘برم من ‪ٙ‬بتها االهنار خالدين فيها نعم أجر العاملْب‬
‫الذين صربكا كعلى رهبم يتوكلوف ككأين من دابة ال ‪ٙ‬بمل رزقها هللا يرزقها كإايكم كىو السميع‬
‫العليم} قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب ك‪٤‬با ذكر هللا تعأب حاؿ ا‪٤‬بشركْب على‬

‫حدة كحاؿ أىل الكتاب على حدة كجعلهما ُب اإلنذار كجعلهما من أىل النار اشتد عنادىم‬
‫كزاد فسادىم كسعوا ُب إيذاء ا‪٤‬بؤمنْب كمنعهم من العبادة قاؿ تعأب‪{ :‬اي عبادم الذين آمنوا}‬
‫فشرفهم ابإلضافة إليو {إف أرضي كاسعة} ُب الذات كالرزؽ ككل ما تريدكف من الرفق أف‬
‫تتمكنوا بسبب ىؤالء ا‪٤‬بعاندين الذين يفتنونكم ُب دينكم قاؿ مقاتل كالكليب‪ :‬نزلت ُب ضعفاء‬
‫مسلمي مكة يقوؿ هللا تعأب إف كنتم ُب ضيق ٗبكة من إظهار اإلٲباف فاخرجوا منها فإف الدينة‬
‫كاسعة كآمنة كقاؿ ‪٦‬باىد إف أرضي كاسعة فهاجركا كجاىدكا فيها‪.‬‬
‫كقاؿ سعيد بن جبّب‪ :‬إذا عمل ُب األرض اب‪٤‬بعاصي فاخرجوا منها فإف أرضي كاسعة‪ .‬قاؿ‬
‫صاحب السراج‪ :‬ككذا ٯبب على كل من كاف ُب بلد يعمل فيو اب‪٤‬بعاصي كال ٲبكنو تغيّب ذلك‬
‫أف يهاجر إٔب حيث تتهيأ لو العبادة قاؿ‪ :‬كقيل‪ :‬نزلت ُب قوـ ‪ٚ‬بلفوا عن ا‪٥‬بجرة ٗبكة كقالوا‪:‬‬
‫‪٬‬بشى إف ىاجران من ا‪١‬بوع كضيق ا‪٤‬بعيشة فأنزؿ هللا تعأب ىذه اآلية كٓب يعذرىم بَبؾ ا‪٣‬بركج‬
‫كقاؿ‪ :‬قاؿ مطرؼ بن عبد هللا‪ :‬إف أرضي كاسعة كرزقي لكم كاسع فاخرجوا‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪618‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كركل الثعليب عن ا‪٢‬بسن البصرم مرسبل‪ :‬من فر بدينو من أرض إٔب أرض كلو كاف شربا‬
‫استوجب ا‪١‬بنة ككاف رفيق إبراىيم كدمحم صلى هللا عليهما كسلم قاؿ‪ :‬ك‪٤‬با كانت اإلقامة ٗبكة‬
‫قبل الفتح مؤدية إٔب الفًب قاؿ تعأب‪{ :‬فإايم فاعبدكف} أم خاصة اب‪٥‬بجرة إٔب أرض أتمنوف‬
‫فيها كقيل‪{ :‬فاعبدكف} أم كحدك٘ب كإف كاف اب‪٥‬بجرة ككانت ىجرة األىل كاألكطاف شديدة‬
‫قاؿ‪ :‬فإف قيل‪ :‬فما معُب الفاء ُب فاعبدكف؟ أجيب أبف الفاء جواب شرط ‪٧‬بذكؼ ألف ا‪٤‬بعُب‪:‬‬
‫إف أرضي كاسعة إف ٓب ‪ٚ‬بلصوا إٕب العبادة أبرض فأخلصوىا ُب غّبىا‪ ،‬قاؿ‪ :‬ك‪٤‬با أمر هللا تعأب‬

‫عباده اب‪٢‬برص على العبادة كصدؽ االىتماـ حٌب يطلبوا إليها أكفق الببلد كإف شسعت كشق‬
‫عليو ترؾ األكطاف كمفارقة اإلخواف خوفهم اب‪٤‬بوت لتهوف عليهم ا‪٥‬بجرة بقولو‪{ :‬كل نفس ذائقة‬
‫ا‪٤‬بوت} أم كل نفس مفارقة ‪٤‬با ألفتو حٌب بدان طالبا لبستو كأنستو كآنستو فإف أطاعت رهبا‬
‫‪٪‬بت نفسها كٓب تنقصها الطاعة من األجل شيئا كإال أكبقت نفسها كٓب تزدىا ا‪٤‬بعصية ُب األجل‬
‫شيئا قاؿ‪ :‬فإذا قدر اإلنساف أنو ميت سهلت عليو ا‪٥‬بجرة فإنو إف ٓب يفارؽ بعض مألوفو هبا‬
‫فارؽ كل مألوفو اب‪٤‬بوت كقد كرد‪" :‬أكثركا من ذكر ىادـ اللذات أم ا‪٤‬بوت فإنو ما ذكر‬
‫ُب قليل من العمل إال كثر كال ذكر ُب كثّب من أمل الدنيا إال قللو" كقاؿ‪٤ :‬با ىوف أمر ا‪٥‬بجرة‬
‫كحذر من أرض تغّبه ُب دينو بنوع نقص شيء من األشياء حث على االستعداد بغاية ا‪١‬بهد ُب‬
‫التزكد للمعاد بقولو تعأب‪ٍ{ :‬ب إلينا ترجعوف} على أيسر كجو فنجازم كبل ٗبا عمل {كالذين‬
‫آمنوا كعملوا الصا‪٢‬بات} تصديقا إلٲباهنم {لنبويئنهم} أم لننزلنهم {من ا‪١‬بنة غرفا} أم بيوات‬
‫عالية كقاؿ‪٤ :‬با كانت العبلٕب ال تركؽ إال ابلرايض قاؿ‪٘{ :‬برم من ‪ٙ‬بتها االهنار} كمن ا‪٤‬بعلوـ‬
‫أف يكوف ُب موضع أهنار ال يكوف فيها بساتْب كبار أك زركع كرايض‬
‫كأهنار فيشربوف من تلك العبلٕب عليها كقاؿ‪ :‬ك‪٤‬با كانت ٕبالة ال نكد فيها يوجب ىجرة لوقوعها‬
‫ُب ‪٢‬بظة ما كِب عنو بقولو‪{ :‬خالدين فيها ال يبغوف عنها حوال} قاؿ‪ٍ :‬ب عظم قدرىا كشرؼ‬
‫أمرىا بقولو تعأب‪{ :‬نعم أجر العاملْب} أم ىذا األجر ٍب كصفهم ٗبا يرغب ُب ا‪٥‬بجرة بقولو‪:‬‬
‫{الذين صربكا} أم أجركا ىذه ا‪٢‬بقيقة حٌب استقرت عندىم فكانت سجية ‪٥‬بم فأكقعوىا على‬
‫كل شاؽ من التكاليف من عجزة كغّبىا فإف االشتياؽ قل أف ينفك عن أمر شاؽ ينبغي الصرب‬
‫عليو‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪619‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قاؿ‪ٍ :‬ب رغب ابالسَباحة ابلتفويض إليو بقولو‪{ :‬كعلى رهبم} ا‪٢‬بسن إليهم كحده ال على أىل‬
‫كال كطن {يتوكلوف} أم يوجدكف التوكل إٯبادا مستمرا لتجديد كل منهم يفوض لو ك‪٤‬با أشار‬
‫ابلتوكل إٔب أنو الكاُب ُب أمر الرزؽ ُب الوطن كالغربة ال ماؿ كال أىل قاؿ عاطفا على تقديره‪:‬‬
‫ككأين من متوكل عليو كفاؼ كٓب ٰبوجو إٔب أحد سواه فليبادر ‪٤‬بن أنقذه من الكفر كىداه إٔب‬
‫ا‪٤‬ببادرة طلبا لرضاه {ككأين من دابة} أم كثّب من الدكاب العاقلة كغّبىا {ال ‪ٙ‬بمل رزقها} أم‬
‫ال تطيق أف ‪ٙ‬بمل رزقها أم ال تدخر شيئا لساعة أخرل فكأنو قيل‪ :‬فمن‬
‫يرزقها؟ قيل‪{ :‬هللا} أم احمليط علما كقدره ا‪٤‬بتصف بكل كماؿ {يرزقها} على ضعفها كىي ال‬
‫تدخر {كإايكم} مع قوتكم ابدخاركم كاجتهادكم ال فرؽ بْب رزقو ‪٥‬با على ضعفها كعدـ‬
‫ادخارىا كرزقو لكم على قوتكم كادخاركم فإنو ىو ا‪٤‬بسبب كحده فإف الفريقْب اترة ٯبدكف كاترة‬
‫ال ٯبدكف فصار االدخار كعدمو غّب معتد بو كال منظور إليو {كىو السميع} ألقوالكم فبل‬
‫‪ٚ‬بشوا الفقر كالضيعة {العليم} ٗبا ُب ضمائركم‪ ،‬انتهى كبلـ السراج ملخصا‪.‬‬
‫قاؿ ابن جزم ُب قوانْب األحكاـ الشرعية كمسائل الفركع الفقهية على مذىب إماـ ا‪٤‬بدينة‬
‫مالك بن أنس من الباب الرابع عشر ُب حكم السفر كفيو فصبلف‪ :‬الفصل األكؿ ُب أنواعو‬
‫كىو ضرابف‪ :‬ىرب كطلب أما ا‪٥‬برب من دار ا‪٢‬برب إٔب دار اإلسبلـ كا‪٣‬بركج من دار البدعة‬
‫كا‪٣‬بركج من أرض غلب عليها ا‪٢‬براـ كالفرار من اإلذاية كىي ُب البدف كاألىل كا‪٤‬باؿ اىػ‪.‬‬

‫كُب عرائس البياف ُب حقائق القرآف عند قولو تعأب‪{ :‬كسكنتم ُب مساكن الذين ظلموا‬
‫أنفسهم} كمن ٱبرج نفسو زمن اإلرادة من جوار ا‪٤‬بدعْب تعودت نفسو عادة الظلم ُب الدعاكم‬
‫الباطلة كيقع عليو ما يقع على ا‪٤‬بدعْب الكاذبْب‪ ،‬قاؿ أبو عثماف‪٦ :‬باكرة الفساؽ كأىل ا‪٤‬بعاصي‬
‫من غّب ضركرة فسق ظاىر كمعصية مستمرة ُب القلب ألف هللا تعأب ذـ قوما من عباده فقاؿ‪:‬‬
‫{كسكنتم ُب مساكن الذين ظلموا أنفسهم} كٓب يعذر من أقاـ فيها فقاؿ‪{ :‬أٓب تكن ارض هللا‬
‫كاسعة فتهاجركا فيها} كيقاؿ أف معاشرة أىل ا‪٥‬بول كالفسق ك‪٦‬باكرهتم مشاركة ‪٥‬بم ُب فعلهم‬
‫كيستقبل فاعلو ما استقبلوه اىػ‪ .‬قلت‪ :‬كقولو‪ :‬من غّب ضركرة كالضركرة اجملاكرة لو أف يقيم من‬
‫ال ٲبكنو االنتقاؿ أصبل ٕبيلة من ا‪٢‬بيل كما قاؿ تعأب‪{ :‬إال ا‪٤‬بستضعفْب من الرجاؿ كالنساء‬
‫كالولداف ال يستطيعوف حيلة كال يهتدكف سبيبل فأكلئك عسى هللا أف يعفو عنهم}‪ .‬كقاؿ ُب‬
‫هبجة النفوس عند تكلمو على قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ال ىجرة بعد الفتح"‪ :‬ظاىر ا‪٢‬بديث يدؿ على أف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪620‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ا‪٥‬بجرة قد انقطعت بعد الفتح لكن لو معارضا آخر كىو قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ا‪٥‬بجرة ابقية إٔب يوـ‬
‫القيامة" كا‪١‬بمع بينهما كهللا تعأب أعلم أف يقاؿ‪:‬‬
‫ا‪٥‬بجرة من مكة إٔب ا‪٤‬بدينة كاإلقامة هبا مع النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم كا‪١‬بهاد بْب يديو قد‬
‫انقطعت ال تكوف أبدا كأما غّبىا من أنواع ا‪٥‬بجرة فذلك ابؽ ٓب يزؿ من دار الكفر إٔب دار‬
‫ككذلك أيضا ا‪٣‬بركج من مكاف غلب فيو ا‪٤‬بنكر إٔب موضع ليس فيو ذلك يشهد لذلك قولو‬
‫صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬سيأٌب على الناس زماف ال يسلم لذم دين دينو إال من فر من‬
‫شاىق إٔب شاىق من أجل الدين" فهذه ىجرة ال شك فيها ٍب قاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪:‬‬
‫"ا‪٥‬بجرة كالعمل ُب ا‪٥‬برج كا‪٥‬بجرة معي" أم عمل كأم ىجرة أعظم من الفرار ابلدين من‬

‫شاىق إٔب شاىق لكن ىذه ا‪٥‬بجرة إ٭با كقع التشبيو بينها كبْب ا‪٥‬بجرة األكٔب ُب تضعيف الثواب‬
‫كاألجر كأما تلك ا‪٥‬بجرة فقد مضت ألصحابنا كىي مثل الصحبة ال تكوف لغّب الصحابة أبدا‬
‫لقولو تعأب‪{ :‬كالذين آمنوا كىاجركا كجاىدكا ُب سبيل هللا كالذين آككا كنصركا أكلئك ىم‬
‫ا‪٤‬بومنوف حقا ‪٥‬بم مغفرة كرزؽ كر‪ٙ‬ب} ٍب قاؿ‪{ :‬كالذين آمنوا من بعد كىاجركا كجاىدكا معكم‬
‫فأكلئك منكم} نعم قد ٯبتمعاف ُب ا‪٤‬بعُب كىو أف العمدة فيهما على الفرار من موضع كثرت‬
‫فيو ا‪٤‬بخالفة إٔب موضع يرجى فيو ا‪٣‬بّب كقاؿ بعد كبلـ‪ُ :‬ب ا‪٢‬بديث إشارة صوفيو أف قاؿ‪:‬‬
‫كقد أخرب ملسو هيلع هللا ىلص ُب غّب ىذا ا‪٢‬بديث أبف ا‪١‬بهاد جهاداف أكرب كأصغر كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ىبطتم من‬
‫ا‪١‬بهاد األصغر إٔب ا‪١‬بهاد األكرب كىو جهاد النفس " فإذا كاف ا‪١‬بهاد على قسمْب فكذلك يلزـ‬
‫ُب ا‪٥‬بجرة أف تكوف كربل كصغرل فالصغرل ما تقدـ ذكرىا كالكربل ىجرة النفس عن مألوفاهتا‬
‫كشهواهتا كإخولنها كبينها كردىا إٔب هللا تعأب ُب كل أحوا‪٥‬با كقد نص هللا عز كجل ُب كتابو حيث‬
‫قاؿ‪{ :‬قل إف كاف آابؤكم كأبناؤكم كإخوانكم كأزكاجكم كعشّبتكم كأمواؿ اقَبفتموىا ك٘بارة‬
‫ترجوف كسادىا كمساكن ترضوهنا أحب إليكم من‬
‫هللا كرسولو كجهاد ُب سبيلو فَببصوا} أىػ‪ .‬قلت‪ :‬أطبق ا‪٤‬بفسركف على أف يبب نزكؿ ىذه اآلية‬
‫قوؿ الذين أسلموا كٓب يهاجركا إف ‪٫‬بن ىاجران ضاعت أموالنا كذىبت ٘بارتنا كخربت دكران‬
‫كقطعت أرحامنا ألجل ىذا قاؿ ُب السراج ا‪٤‬بنّب‪{ :‬قاؿ} اي دمحم ‪٥‬بؤالء الذين قالوا ىذه ا‪٤‬بقالة‬
‫{إف كاف آابؤكم كأبناؤكم كإخوانكم كأزكاجكم كعشّبتكم} أم قرابتكم {كأمواؿ اقَبفتموىا}‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪621‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أم اكتسبتموىا {ك٘بارة ‪ٚ‬بشوف كسادىا} عدـ نفاقها لفراقكم ‪٥‬با {كمساكن ترضوهنا}‬
‫تستوطنوهنا رضي بسكناىا {أحب إليكم من هللا كرسولو} أم ا‪٥‬بجرة {كجهاد ُب سبيلو}‬

‫فقعدًب ألجل ذلك عن ا‪٥‬بجرة كا‪١‬بهاد أم إف كانت رعاية ىذه ا‪٤‬بصاّب الدنيوية أكٔب عندكم من‬
‫طاعة هللا كرسولو ملسو هيلع هللا ىلص كمن اجملاىدة ُب سبيل هللا تعأب {فَببصوا} أم انتظركا مَببصْب كىو‬
‫هتديد بليغ حٌب ايٌب هللا أبمره أم عقوبة عاجلو كآجلو {كهللا ال يهد القوـ} أم ال ٱبلق ا‪٥‬بداية‬
‫ُب قلوب {القوـ الفاسقْب} ا‪٣‬بارجْب عن طاعتو ٍب قاؿ‪ :‬كُب ىذا دليل على أنو إذا كقع تعارض‬
‫بْب مصاّب الدين كمصاّب الدنيا كجب على ا‪٤‬بسلم ترجيح مصاّب الدين على مصاّب الدنيا أىػ‪.‬‬
‫ٍب قاؿ ابن أيب ‪ٝ‬برة‪ :‬فالزىد ُب ىذه األشياء كخلو القلب منها ىو ا‪٤‬بطلوب أىػ‪ .‬قلت‪ :‬كال‬
‫شك أف األمر كما قاؿ هنع هللا يضر ا‪٤‬بؤمن ال ٲبنعو من ا‪٥‬بجرة من األماكن الٍب ٘بب ا‪٥‬بجرة منها إال‬
‫كراىتو مفارقة بعض مألوفاتو كلو علم أهنا كلها غركر بدلو من مفارقتها كلها اب‪٤‬بوت إف ٓب يفارؽ‬
‫بعضها اب‪٥‬بجرة لزىد فيها كمن زىد فيها ال تصده حينئذ عن شيء من طرؽ السبلمة كالغنيمة‬
‫من ىجرة كغّبىا كحيث كاف األمر ىكذا فاعلم اي أخي أف كل مكن أراد التمسك ابلسنة‬
‫احملمدية ُب ىذا الزماف الذم فسدت فيو األمة كمن تصدل فيو لؤلمر اب‪٤‬بعركؼ‬
‫كالنهي عن ا‪٤‬بنكر ثقل على القلوب كرمي ابلكذب كساءت فيو الظنوف كقصد ابألذل كالقتل‬
‫ك‪٤‬با ذكران قاؿ حذيفة رضي هللا تعأب عنو‪ :‬أيٌب على الناس زماف تكوف جيفة ‪ٞ‬بار أحب إليهم‬
‫من مؤمن أيمرىم اب‪٤‬بعركؼ كينهاىم عن ا‪٤‬بنكر ك‪٤‬با ذكر بعض العلماء ىذا األثر ُب أتليفو قاؿ‪:‬‬
‫كهللا أف ىذا ‪٥‬بو الزماف الذم ذكره حذيفة ألف من تصدل ُب ىذا الزماف لؤلمر اب‪٤‬بعركؼ‬
‫كالنهي عن ا‪٤‬بنكر ثقل على القلوب كإف كاف خفيفا ك‪٠‬بج ُب العيوف إف كاف لطيفا كرمي‬
‫ابلكذب كساءت فيو الظنوف كقصد ابألذل ككثرت أعداؤه كقلت أصدقاؤه كرمي ُب مهارل‬
‫الردل‬

‫كأعملت الفكر ُب كيفية ا‪٣‬ببلص منو كالراحة من مشاىدتو بل ُب قتلو كاسئصاؿ شافتو إٔب أف‬
‫قاؿ كانظر إٔب قولو تعأب حكاية عن كصية لقماف البنو‪{ :‬كآمر اب‪٤‬بعركؼ كانو عن ا‪٤‬بنكر كاصرب‬
‫على ما أصابك} تعلم أف اآلمر كالناىي البد أف ٯبعل لو من الصرب حصنا حصينا كمن‬
‫االحتماؿ أمينا كأف يوطن نفسو على ٘برع كؤكس من ا‪٤‬بررات ك٘بنب حبلكة ا‪٤‬بداىنات كا‪٤‬بداراة‬
‫كأف ٲبرف نفسو على ىجر ا‪٣‬بلق ُب جنب هللا تعأب كيقنع ُب كل أحوالو بنظر هللا تعأب كأال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪622‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫أيسف على من قبله لذلك كيثق بكفالة ا‪٢‬بق كيتوكل على هللا تعأب فهو حسب من توكل‬
‫عليو كفوض إليو ُب ‪ٝ‬بيع أحوالو لرجوع األمور كلها إليو كهللا يهدم من يشاء إٔب صراط‬
‫مستقيم كإذا تقرر ىذا كثبت أف التمسك ابلسنة ال يتيسر ‪٤‬بن أقاـ بْب ظهر أىل ا‪٤‬بناكر‬
‫الظاىرة الٍب ال ٲبكن لو تغيّبىا كأنو إذا تصدل للتغيّب كىو مقيم فيو مع ىجره صار متبلعبا‬
‫آ‪ٜ‬با مستحقا للعذاب كأنو إف كاف صادقا اب‪٢‬بب كالبغض ُب هللا تعأب فبل بد لو من ىجرىم كإذا‬
‫ىجرىم ُب هللا تعأب كرأكا منو تغّب ا‪٤‬بنكر سعوا ُب إضراره بكل ‪٩‬بكن كإذا طلب السبلمة من‬
‫عذاب الدنيا كالربزخ كاآلخرة فبلبد لو من ا‪٥‬بجرة كإذا ىاجر فارا بدينو صادقا‬
‫بذلك يثبتو هللا تعأب ابلشهادة إما من كجو كاحد من األكجو الٍب تناؿ هبا الشهادة أك بوجوه‬
‫كثّبة ٘بتمع هبا أنواع من الشهادة فبهذا اتضح كظهر ظهورا ال غبار عليو أنو ال أ‪ٞ‬بق كال أجهل‬
‫كال أسفو كال أخسر ‪٩‬بن صده غرض من أغراض ىذه الدنيا الدنية الفانية الٍب ال تساكم عند‬
‫هللا تعأب جناح بعوضة عن ا‪٥‬بجرة من أماكن أىل ا‪٤‬بناكر الٍب يشاىدىا ليبل كهنارا كال ٲبكن‬
‫تغيّبىا ككجو كوف ا‪٤‬بهاجر هلل تعأب كحده يناؿ الشهادة بل شهادات قطعا بْب أبنو هبجرتو إٔب‬
‫هللا تعأب كرسولو شرع ُب ا‪١‬بهاد األكرب الذم ىو جهاد النفس فكل ما‬

‫ينالو ُب ذلك كيصيبو فهو ُب سبيل ا‪٥‬بل تعأب فإذا مات حتف أنفو مات شهيدا لكونو غريبا عن‬
‫كطنو كلغربة الدين أيضا بنص ا‪٢‬بديث ُب ىذا الزماف كإف قاتل كقتل ُب ذلك سواء قاتلو مسلم‬
‫ظآب فقتلو الظآب كىو يدافع عن نفسو أك عن مالو أك أىلو فهو ُب ‪ٝ‬بيع ما ذكر شهيد كمن‬
‫‪ٙ‬بزب عليو الظلمة الفسقة إرادة صده عن سبيل هللا تعأب إلرادة إصبلح نفسو كقاتلوه كقاتلهم‬
‫دفاعا عن نفسو فقتلوه فهو شهيد أك قاتلو كافر أك كفار بذلك فقاتلهم فقتلوه فهو شهيد كإذا‬
‫من هللا تعأب عليو ابلوصوؿ إٔب دخوؿ حضرة هللا تعأب كأحب هللا كخافو كما‬
‫ينبغي ٍب مات كاف سيدا من سادات الشهداء كيفوؽ شهداء ا‪٤‬بعَبؾ كالسيف ٗبراتب ال حصر‬
‫‪٥‬با ككذا إذا رزقو هللا تعأب الكماؿ كالتمسك ابلسنة احملمدية عند فساد ىذه األمة‪ .‬كُب كتاب‬
‫سلم الرضواف لذكؽ حبلكة اإلٲباف‪ :‬كأما الشهداء فهم أنواع كثّبة أفضلهم شهداء احملبة‬
‫كا‪٣‬بوؼ كابن معتب قاؿ‪ :‬كقد صنف السيوطي ُب عددىم كتااب ‪٠‬باه بكتاب التشوؽ إٔب شهداء‬
‫احملبة كا‪٣‬بوؼ إٔب أف قاؿ‪ :‬كمن الشهداء شهداء احملبة كا‪٣‬بوؼ إٔب أف قاؿ‪ :‬كمن الشهداء‬
‫شهداء ا‪٤‬بعَبؾ كىم الذين بذلوا أنفسهم كأموا‪٥‬بم ُب سبيل هللا تعأب كىم أنواع كثّبة منهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪623‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الذين استشهدكا ُب سبيل هللا تعأب كمن قاـ إٔب إماـ جائر كأمره اب‪٤‬بعركؼ كهناه عن ا‪٤‬بنكر‬
‫كقتلو فهم سبعوف نوعا أفضلهم ا‪٤‬بتمسك ابلسنة عند فساد األمة قاؿ عليو الصبلة كالسبلـ‪:‬‬
‫"ا‪٤‬بتمسك ابلسنة عند فساد األمة لو أجر مائة شهيد" قالوا‪ :‬منا أك منهم اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪:‬‬
‫"بل منكم" كأفضل الشهداء النبيْب من كشف لو ا‪٢‬بجاب حٌب شاىد ا‪٤‬بلك الوىاب اىػ‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كإذا اتضح كتقرر كظهر ك‪ٙ‬برر أف ا‪٤‬بهاجر هلل تعأب الفار بدينو ا‪٤‬بخلص ُب ذلك القائم‬
‫إبصبلح نفسو ا‪٤‬بقبل على هللا تعأب ا‪٤‬بدبر عن السول ‪٦‬باىد ا‪١‬بهاد األكرب كمتعرض للجهاد‬
‫األصغر بل داخل فيو كما مر كحيث كاف ذلك فبل شك أف ربو الكر‪ٙ‬ب يتفضل عليو ٔبميع أنواع‬
‫الشهادة أك بعضها كحيث كاف األمر كما ذكران قلنا‪ :‬إيراد كبلـ صاحب الكتاب مشارع‬
‫األشواؽ إٔب مصارع دار العشاؽ كمثّب الغراـ إٔب دار السبلـ ألنو ما فصل إال ما أ‪ٝ‬بلو هللا تعأب‬
‫خوؼ عباده ا‪٤‬بؤمنْب اب‪٤‬بوت ألنو من علم أنو ميت ال ‪٪‬باة لو منو سهلت عليو‬
‫حيث ٌ‬
‫ا‪٥‬بجرة لعلمو أنو إف ٓب يفارؽ بعض مألوفاتو اب‪٥‬بجرة فارؽ كل مألوفاتو اب‪٤‬بوت‪ ،‬كقاؿ تعأب‪{ :‬اي‬
‫عبادم الذين آمنوا إف أرضي كاسعة فإايم فاعبدكف كل نفس ذائقة ا‪٤‬بوت} كما تقدـ ُب تفسّب‬
‫اآلية ألف ا‪٥‬بجرة تستدعي ا‪١‬بهاد فلذلك تذكر عند ذكر ا‪١‬بهاد كالقتاؿ ك‪٫‬بوٮبا ألف اإلنساف ال‬
‫يصده عن مفارقة شيء كاحد إال مفارقة ما سنذكره بعد إما ٗبوت أك قتل أك تغرب كأكرب ما‬
‫يصيب ا‪٤‬بؤمن الراغب ُب النجاة من النّباف كدخوؿ ا‪١‬بنة كنيل الرضواف كدخوؿ حضرة الر‪ٞ‬بن‬
‫مفارقة بعض مألوفاتو الدنيوية اب‪٥‬بجرة إٔب هللا تعأب أك ا‪٤‬بوت فيها أك‬
‫القتاؿ ألجلها ال يتجاكز ىذه الثبلثة ككونو مهاجرا غريبا ُب سبيل ربو لو قتل فيو ىو رأس‬
‫ا‪٤‬بطالب كغاية من يناؿ من ا‪٤‬بآرب ألنو شهادة ألنو إما أف ٲبوت ُب ىجرتو كىو طالب علم أك‬
‫متمسك ابلسنة عند فساد األمة أك يقتل دكف دمو أك دكف أىلو كمالو أك ٲبوت غريبا أك يقتلو‬
‫إماـ جائر ألمره ٗبعركؼ أك هنيو عن منكر ك‪٫‬بو ىذا ‪٩‬با ال يعد كقد تقدـ بعضها ككل كاحد منها‬
‫شهادة كالشهادة مطلوبة لكل عاقل ألهنا ىي العافية كالعافية مطلوبة على أم حالة حصلت‪.‬‬

‫كُب القواعد الزركقية‪ :‬مقتضى الكرـ أف ‪ٙ‬بفظ النسبة للمنتسب على أم كجو طلبو كيشهد‬
‫لذلك‪" :‬أان عند ظن عبدم يب" كمن ٍب قيل أف عافية من ابتلي من األكابر ُب ببلئو إذ ال حاجة‬
‫لو ُب سول رضا ربو كرضاه عنو أبم كجو كاف بل يطلب لقاءه على كجو يرضاه كإف كاف فيو‬
‫حتفو‪ ،‬أال ترل عمر بن ا‪٣‬بطاب رضي هللا تعأب عنو حيث كاف يطلب الشهادة فأعطيها كعثماف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪624‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫رضي هللا تعأب عنو اختار القتل ظلما ‪٢‬بقن دماء ا‪٤‬بسلمْب كتعجيل لقاء أصحابو كنبيو كغّب ‪٥‬بذه‬
‫األمة قاؿ‪ :‬اللهم ال تنس معاذا كأىلو من ىذه الر‪ٞ‬بة فأخذتو كابئية ُب كفو يغمى عليو‬
‫ٍب يفيق كيقوؿ‪ :‬اخنق خنقا فوعزتك إ٘ب أحبك إٔب غّب ذلك ك‪٤‬با قتل ا‪٢‬بجاج سعيد بن جبّب‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا تعأب قاؿ سعيد‪ :‬أان آخر الناس قتيبل لك فقاؿ‪ :‬قد قتلت من ىو أفضل منك قاؿ‬
‫سعيد‪ :‬أكلئك كانت قلوهبم ُب الدار اآلخرة فلم يبالوا بل كانوا أحرص الناس على قرهبم منها‬
‫كأان قليب متعلق بنفسي فقتلو فكاف آخر قتيل لو بدعوتو فظهر الفرؽ كإف عافية كل أحد‬
‫ٕبسب حالو كمعاملة ا‪٢‬بق لو على حسب انتسابو اىػ‪.‬‬
‫كإذا تبْب أف التلف ُب هللا تعأب يكوف سببا للسعادة األبدية فاعلم أيها الراغب عما افَبض‬
‫عليو من ا‪٥‬بجرة الناكد على سنن التوفيق كالسداد أنك قد تعرضت للطرد كاإلبعاد حرمت كهللا‬
‫اإلسعاد بنيل ا‪٤‬براد ليت شعرم ىل سبب إحجامك عن ا‪٥‬بجرة كاقتحامك عن معارؾ األبطاؿ‬
‫كٖبلك ُب سبيل هللا تعأب ابلنفس كا‪٤‬باؿ إال طوؿ أمل كخوؼ كىجوـ أجل أك فراؽ ‪٧‬ببوب من‬
‫أىل أك ماؿ أك كلد أك خدـ أك عياؿ أك أخ لك شقيق أك قريب عليك شفيق أك كٕب كر‪ٙ‬ب أك‬
‫صديق ‪ٞ‬بيم أك ازدايد من صاّب األعماؿ أك حب زكجة ذات حسن ك‪ٝ‬باؿ أك جاه منيع أك‬
‫منصب رفيع‬

‫أك بناء مشيد أك ظل مديد أك ملبس هبي أك مأكل ىِب ليس غّب ىذا يقعدؾ عن ا‪٥‬بجرة كال‬
‫سواه يبعدؾ عن رب العباد كاتهلل ما ىذا أيها األخ منك ٔبميل أال تسمع قولو تعأب‪{ :‬اي أيها‬
‫الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفركا ُب سبيل هللا ااثقلتم إٔب االرض أرضيتم اب‪٢‬بياة الدنيا من‬
‫االخرة فما متاع ا‪٢‬بياة الدنيا ُب االخرة إال قليل} اصغ ‪٤‬با أملي عليك من اآلماؿ القاطعة‬
‫كاستمع ‪٤‬با ألقي عليك من الرباىْب الساطعة لتعلم أنو ما يقعدؾ عن ا‪٥‬بجرة سول ا‪٢‬برماف‬
‫كليس لتأخّبؾ سبب إال النفس كالشيطاف أما سكونك إٔب طوؿ األمل كخوفك‬
‫ىجوـ األجل كاالحَباز من ا‪٤‬بوت الذم ال بد من نزكلو كاإلشفاؽ من الطريق الذم ال بد من‬
‫سلوؾ سبيلو فوهللا إف اإلقداـ ال ينقص عمر ا‪٤‬بقدمْب كما ال يزيد اإلحجاـ عمر ا‪٤‬بتأخرين قاؿ‬
‫تعأب‪{ :‬كلكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم ال يستاخركف ساعة كال يستقدموف} {كلن يوخر هللا‬
‫نفسا إذا جاء أجلها كهللا خبّب ٗبا تعملوف} {كل نفس ذائقة ا‪٤‬بوت ٍب إلينا ترجعوف} كإف‬
‫للموت سكرات أيها ا‪٤‬بفتوف كإف ىوؿ ا‪٤‬بطلع لشديد كلكن ال تشعركف كإف للقرب عذااب ال‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪625‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ينجوا منو إال الصا‪٢‬بوف كإف فيو لسؤاؿ ا‪٤‬بلكْب الفاتنْب يثبت هللا الذين آمنوا ابلقوؿ‬
‫الثابت ُب ا‪٢‬بياة الدنيا كُب اآلخرة كيضل هللا الظا‪٤‬بْب ٍب بعد ذلك ا‪٣‬بطر العظيم إما سعيد فإٔب‬
‫النعيم ا‪٤‬بقيم كإما شقي فإٔب عذاب ا‪١‬بحيم كالشهيد آمن من ‪ٝ‬بيع ذلك كال ٱبشى شيئا من‬
‫ىذه ا‪٤‬بهالك كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ال ٯبد الشهيد أٓب القتل إال كمس القرصة فما يقعدؾ أيها األخ‬
‫عن انتهاز ىذه الفرصة ٍب ٘بار ُب القرب من العذاب كتفوز عند هللا ٕبسن ا‪٤‬بآب كأتمن من فتنة‬
‫السؤاؿ كما بعد ذلك من الشدائد كاألىواؿ فالشهداء أحياء عند رهبم يرزقوف ال خوؼ عليهم‬
‫ُب اآلخرة كال ىم ٰبزنوف فرحْب ٗبا أاتىم هللا من فضلو‬

‫مستبشرين أركاحهم ُب جوؼ طيور خضر تسرع ُب عليْب ككم بْب ىذا القتل الكر‪ٙ‬ب كبْب ا‪٤‬بوت‬
‫األليم‪ .‬إف قلت‪ :‬يعوقِب أىلي كمإب كأطفإب كعيإب فقد قاؿ تعأب قوال بينا ال ٱبفى‪{ :‬كما‬
‫أموالكم كال أكالدكم ابلٍب تقربكم عندان زلفى} كقد قاؿ‪{ :‬زين للناس حب الشهوات من‬
‫النساء كالبنْب كالقناطّب ا‪٤‬بقنطرة من الذىب كالفضة كا‪٣‬بيل ا‪٤‬بسومة كاألنعاـ كا‪٢‬برث ذلك متاع‬
‫ا‪٢‬بياة الدنيا كهللا عنده حسن ا‪٤‬بآب} {اعلموا أ٭با ا‪٢‬بياة الدنيا لعب ك‪٥‬بو كزينة كتفاخر بينكم‬
‫كتكاثر ُب األمواؿ كاالكالد كمثل غيث اعجب الكفار نباتو ٍب يهيج فَباه‬
‫مصفرا ٍب يكوف حطاما كُب اآلخرة عذاب شديد كمغفرة من هللا كرضواف كما ا‪٢‬بياة الدنيا إال‬
‫متاع الغركر} كُب ا‪٢‬بديد لو أف الدنيا تزف عند هللا تعأب جناح بعوضة ما سقى منها كافر جرعة‬
‫ماء كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬موضع سوط أحدكم من ا‪١‬بنة خّب من الدنيا كما فيها كغدكة ُب سبيل هللا تعأب‬
‫كركحة خّب من الدنيا كما فيها ك‪ٟ‬بار جارية من ا‪١‬بنة خّب من الدنيا كما فيها " فكيف يصدؾ‬
‫عن ىذا ا‪٤‬بلك العظيم أىل عن قليل يكونوف ُب األموات ‪ٛ‬بزقهم أيدم الشتات كتفرقهم نوازؿ‬
‫اآلفات مع ما يصدر عنهم من ا‪٤‬بنكر كالعداكات كاألخبلؽ‬
‫السيئات كا‪٢‬بقد على ما عرضت من حقوقهم للفوات كىجراهنم إايؾ عند قلة ا‪٤‬باؿ ك‪ٙ‬بو‪٥‬بم عن‬
‫كدؾ عند تغّب األحواؿ كأعظم من ذلك فرارىم منك ُب ا‪٤‬باؿ ك‪٧‬باسبتهم إايؾ عن مثاقيل الذر‬
‫ُب السؤاؿ حٌب يود كل كاحد منهم لو ‪٪‬بى ك‪ٞ‬بلك ما عليو من الذنوب كاألثقاؿ أـ كيف‬
‫يصدؾ ماؿ ىو ُب معرض الذىاب كالزكاؿ ينفر منك عند فقده األخبلء كيتفرؽ العياؿ‬
‫كيهجرؾ كل صديق كاف يكثر لك الوصاؿ ٍب يوـ القيامة تسأؿ من أين اكتسبتو كفيم أنفقتو كاي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪626‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫لو من سؤاؿ يوـ تشيب فيو الطفاؿ كتعظم فيو األىواؿ كيكثر فيو الزحاـ كيشتد فيو ا‪٣‬بصاـ‬
‫كتذىل كل‬

‫مرضعة عن ما أرضعت كتضع كل ذات ‪ٞ‬بل ‪ٞ‬بلها من ىوؿ ذلك ا‪٤‬بقاـ كيعرؼ اجملرموف‬
‫بسيماىم فيؤخذ ابلنواصي كاألقداـ أفتحزف على ماؿ إف قل أك كثر ٮبك كعيناؾ أك كثر‬
‫فأغناؾ كأطغاؾ كإف مت كتركتو أرداؾ كبْب يديك موقف للحساب كما أدراؾ إف كىب لك‬
‫الدنيا ٕبذافّبىا أليس إٔب الفناء مصّبىا كال بد من فراقك ‪٥‬با كإف ركنت إٔب غركرىا كإف تذكرت‬
‫كلدؾ الكر‪ٙ‬ب كحنوت عليو حنو األب الشفيق الرحيم فقد قاؿ تعأب‪{ :‬إ٭با أموالكم كأكالدكم‬
‫فتنة كهللا عنده أجر عظيم} كهللا تعأب ال إلو إال ىو سبحانو أرحم ابلولد من أبيو كأمو كأخيو‬
‫كعمو‬
‫ككيف ال كىو قد رابه قبلهم بثدم ر‪ٞ‬بتو ُب ظلمات األحشاء كقلبو بيد لطفو كرأفتو ُب أرحاـ‬
‫األمهات كأصبلب اآلابء فأين كانت سفقتك إذ ذاؾ كحنوؾ كبعدؾ عنو كدنوؾ ككيف يقعدؾ‬
‫عن دار النعيم كجوار الرب الكر‪ٙ‬ب كلد إف كاف صغّبا فأنت بو مهموـ أك كبّبا فأنت بو مغموـ‬
‫أك صحيحا فأنت عليو خائف أك سقيما فقلبك عليو راجف إف أدبتو غضب كشرد أك نصحتو‬
‫حرد كحقد مع ما تتوقع من العقوؽ ا‪٤‬بعتاد من كثّب من األكالد إف قدمت جبنك كإف ‪٠‬بحت‬
‫ٖبلك كإف رىوت رغبتك عظمت بو الفتنة كأنت تعدىا منية كعم بو الببلد كأنت تراه من‬
‫النعماء تود‬
‫سركره هبمك كفرحو ٕبزنك كرٕبو ٖبسرانك كزايدة درٮبو كديناره ٖبفة ميزانك تتكلف من أجلو‬
‫ما ال تطيق كتدخل بسببو ُب كل مضيق ألقو اي ىذا عن ابلك إٔب الذم خلقك كخلقو كتوكل ُب‬
‫رزقو بعدؾ على الذم رزقك كرزقو كقل أسلمت إٔب هللا تعأب تدبّبه ُب ا‪٤‬بلك كا‪٤‬بلكوت كال‬
‫تسلم إليو تدبّب كلدؾ بعدما ‪ٛ‬بوت فهل إليك من تدبّب قليل أك كثّب كهلل ملك السماكات‬
‫كاألرض كما بينهما كإليو ا‪٤‬بصّب كهللا ال ‪ٛ‬بلك لنفسك كال لو نفعا كال ضرا كال موات كال حياة كال‬
‫نشورا كال تستطيع أف تزيد ُب عمره يسّبا كال ُب رزقو نقّبا كقد تفَبسك ا‪٤‬بنية‬

‫بغتة فتمسي ُب قربؾ صريعا كبعملك أسّبا كسصّب كلدؾ العزيز بعدؾ يتيما كيقسم مالك‬
‫كإرثك عدكا كاف أك رحيما كيفَبؽ عيالك ظاعنا أك مقيما اي ليتِب كنت مع الشهداء فأفوز فوزا‬
‫عظيم فيقاؿ لك‪ :‬ىيهات ىيهات فات ما فات كعظمت ا‪٢‬بسرات كخلوت ٗبا قدمت من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪627‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫سيئات أك حسنات فا‪٠‬بع قوؿ هللا العزيز الغفور ‪٧‬بذرا ‪٩‬با أنت فيو من الغركر اي أيها الناس اتقوا‬
‫ربكم كاخشوا يوما ال ٯبزم كالد عن كلده كال مولود ىو جاز عن كالده شيئا إف كعد هللا حق‬
‫فبل تغرنكم ا‪٢‬بياة الدنيا زال يغرنكم ابهلل الغركر ىذا كإف كاف كلدؾ من السعداء فستجمع بينك‬
‫كبينو ا‪١‬بناف كإف كاف من األشقياء فليكن الفراؽ من األكاف ال ٯبتمع أىل ا‪١‬بنة مع أىل النار‬
‫كال األخيار مع األشرار كلعل هللا تعأب يرزقك الشهادة فتشفع فيو كتكوف بفراقك لو ساعيا ُب‬
‫أف تنجيو كاحرص على ما ينجيك من العذاب كاجهد فيو فقد يفر ا‪٤‬برأ من أبيو كأمو كأبيو‬
‫كصاحبتو كبنيو لكل مرئ منو يومئذ شأف يغنيو إف ىذا ‪٥‬بو البياف العظيم كهللا يهدم من يشاء‬
‫إٔب صراط مستقيم‪.‬‬
‫كإف قلت‪ :‬يشق علي فراؽ األخ كالقريب كالصديق كا‪٢‬ببيب فكأنك ابلقيامة قد قامت على‬
‫ا‪٣‬بلق أ‪ٝ‬بعْب كاألخبلء بعضهم لبعض عدك إال ا‪٤‬بتقْب فإف كانت الصداقة هلل تعأب فسيجمع‬
‫بينكما عليوف ُب نعيم أنتم فيو خالدكف كإف كانت الصحبة لغّب هللا تعأب فالفراؽ الفراؽ من‬
‫قبل أف ٰبشر الرفاؽ إف ا‪٤‬برء ُب اآلخرة مع ‪٧‬ببوبو ‪٤‬بشاركتو إايه ُب مطلوبو فإف كاف من األتقياء‬
‫نفعو إخاؤه كأعبله كإف كاف من األشقياء ضره كأرداه مع ما يتوقع ُب ىذه الدار من األقرابء‬
‫كاألصدقاء من الضرر كا‪١‬بفاء كقلة الوفاء ككثرة الكدر كعدـ الصفاء كتغّبىم‬

‫لديك كتلوهنم عليك كإساءهتم كىجراهنم إايؾ عند عكس األغراض كما تكنو قلوهبم من العلل‬
‫كاألمراض كإف كقعت ُب شدة ‪ٚ‬بلفوا عنك كإف كقعت ُب زلة تربءكا منك إخواف السراء كأعداء‬
‫الضراء صداقتهم مقركنة ابلفناء كصحبتهم مشحونة ابلعناء إف قل مالك ملوؾ فما أخوؾ أخوؾ‬
‫كإف شككت ُب شيء من ىذا البياف فسيظهر لك يقينا عند االمتحاف كإف ظفرت يداؾ منهم‬
‫ابح من إخواف الصفا كأين ذاؾ أك خل من خبلف الوفا كما أدراؾ فأنتما غدا كما قاؿ أصدؽ‬
‫القائلْب‪{ :‬كنزعنا ما ُب صدكرىم من غل اخواان على سرر متقابلْب} فبل يقعدنك عن ىذه‬
‫ا‪٥‬بجرة حبيب‬
‫أك قريب فرٗبا افَبقتما قبل ا‪٤‬بغيب لفاتك الثواب العظيم كابف عنك الصديق ا‪٢‬بميم كحرمت ما‬
‫تركمو من الدرجات كندمت فلم يغنك الندـ على ما فات كُب ا‪٢‬بديث أف جربيل عليو السبلـ‬
‫قاؿ للنيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ :‬اي دمحم إف هللا تعأب يقوؿ لك‪" :‬عش ما شئت فإنك ميت‬
‫كأحبب من شئت فإنك مفارقو كاعمل ما شئت فإنك ‪٦‬بازل بو" فانظر ما اشتملت ىذه‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪628‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الكلمات اليسّبة من ذكر ا‪٤‬بوت كفراؽ األحبة كا‪١‬بزاء على األعماؿ أبعد ىذا اإلنذار إنذار إف‬
‫ُب ذلك لعربة ألكٕب األبصار‪.‬‬
‫فإف قلت‪ :‬فيقعد٘ب منصيب كجاىي الرفيع كعزم كحجايب ا‪٤‬بنيع فليت شعرم كم فارؽ منصبك‬
‫‪٧‬بب إٔب أف كصل إليك ككم زاؿ عن مغتبط بو إٔب أف ظل عليك كسيبْب عنك ما هبم ابف‬
‫ككأنك بذلك كقد كاف فإذا أنت بفراقة ثكبلف كقلبك معمور اب‪٢‬بسد كصدرؾ مغمور ابألحزاف‬
‫فلم يدـ لك ما أنت فيو من ا‪٤‬بنصب كا‪١‬باه كٓب تفز ٗبا أنت طالبو من أسباب النجاه كإف كاف‬
‫آلخر من ٱبرج من النار كيدخل ا‪١‬بنة بعد الداخلْب مثل ملك أعظم من ملوؾ الدنيا كعشرة‬
‫أمثالو معو أ‪ٝ‬بعْب فما ظنك ٗبن يكوف مع السابقْب األكلْب من النبيْب كالصديقْب كالشهداء‬
‫كالصا‪٢‬بْب‬

‫مع ما ٱبفى عليك ‪٩‬با ُب ا‪٤‬بنصب من النصب كالتعب كشر العافية كسوء ا‪٤‬بنقلب كما تكسب‬
‫من كثرة األعداء كا‪٢‬بساد كما اشتملت عليو بواطنهم من الضغائن كاألحقاد كمشاتتهم بك عند‬
‫زكالو كتلهفك حزان على ما فات من إقبالو كزكاؿ أكثر حشمك كخدمك كإعراض من كاف يسر‬
‫بتقبيل قدمك‪ ،‬قد ركم أف ُب ا‪١‬بنة أيٌب ا‪٤‬بلك الكر‪ٙ‬ب ٗبنشور من الرب العظيم فيو مكتوب‪ :‬من‬
‫ا‪٢‬بي الذم ال ٲبوت إٔب ا‪٢‬بي الذم ال ٲبوت اي عبدم أان أقوؿ للشيء كن فيكوف كقد جعلتك‬
‫تقوؿ للشيء كن فيكوف‪.‬‬
‫كُب ا‪٢‬بديث‪" :‬إف أدٗب أىل ا‪١‬بنة منزلة من يقف على رأسو ‪ٟ‬بسة عشر ألف خادـ كإف أدٗب‬
‫لؤلؤة على رأس أحدىم لتضيء ما بْب ا‪٤‬بشرؽ كا‪٤‬بغرب" كركل الَبمذم كابن ماجو ُب صحيحو‪:‬‬
‫"أدٗب أىل ا‪١‬بنة الذم لو ‪ٜ‬بانوف ألف خادـ كاثنتاف كسبعوف زكجة كتنصب لو قبة من لؤلؤ‬
‫كزبرجد كايقوت كما بْب ا‪١‬بابية إٔب صنعاء" كا‪٠‬بع قوؿ العزيز الغفار‪{ :‬كا‪٤‬ببلئكة يدخلوف عليهم‬
‫من كل ابب سبلـ عليكم ٗبا صربًب فنعم عقىب الدار} اتهلل ىذا ما تقربو العيوف ك‪٤‬بثل ىذا‬
‫فليعمل العاملوف‪.‬‬
‫كإف قلت‪ :‬يشق علي فراؽ قصرم كظلو كبناؤه ا‪٤‬بشيد كعلو ‪٧‬بلو كحشمو فيو كخدمو كسركره‬
‫كنعمو فليت شعرم ىل ىو إال بيت من طْب كحجر كتراب كمدر كحديد كخشب كجريد‬
‫كقصب إف ٓب يكنس كثرت فيو القمامة كإف ٓب يسرج فما أشد ظبلمو كإف ٓب يتعاىد ابلبناء فما‬
‫أسرع اهندامو كإف تعهدتو فمآلو إٔب ا‪٣‬براب كعن قريب يصّب إٔب الَباب يتفرؽ عنو الذم كاف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪629‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كينتقل عنو القطاف كيعقى أثره كيندرس خربه كٲبحى ر‪٠‬بو كينسى ا‪٠‬بو‪ ،‬كقد ركم أف هللا عز‬
‫كجل ‪٤‬با أىبط آدـ عليو السبلـ إٔب األرض قاؿ لو‪" :‬ابن للخراب كلد للفناء"‪ ،‬كُب ا‪٣‬برب أف هلل‬
‫تعأب‬

‫ملكا ينادم كل يوـ‪" :‬لدكا للموت كابنوا للخراب" أتبدؿ أيها ا‪٤‬بغركر قصرؾ مع سرعة فنائو‬
‫بدار ابقية قصورىا عالية كأنوارىا زاىية كأهنارىا جارية كقطوفها دانية كأبراجها متدارية كإف‬
‫سألت عن بنائها فلبنة من فضة كلبنة من ذىب ال صخب فيها كبل كال نصب كإف سألت عن‬
‫حصبائها فاللؤلؤ كا‪١‬بوىر كإف سألت عن أهنارىا فأهنار من لَب كأهنار من عسل كهنر الكوثر‬
‫كإف سألت عن قصورىا فالقصر من لؤلؤة ‪٦‬بوفة طو‪٥‬با سبعوف ميبل ُب ا‪٥‬بواء كزبرجدة خضراء‬
‫ابىرة السنا أك ايقوتة ‪ٞ‬براء عالية البناء كللمؤمن ُب كل زاكية من زكاايىا أىل كخدـ ال‬
‫يبصر بعضهم بعضا لسعة الفناء كإف سألت عن فراشها فمن استربؽ بطائنها فما ظنك بظاىرىا‬
‫كىي مرتفعة بْب الفراشْب أربعوف سنة كليس فيها نوـ كال سنة بل عليها متكئوف مقبل بعضهم‬
‫على بعض يتساءلوف‪ ،‬إف سألت عن أكلها فموائد موضوعة أكلها على الدكاـ ‪ٜ‬بارىا ال مقطوعة‬
‫كال ‪٩‬بنوعة لطوؿ ا‪٤‬بقاـ بل فاكهة نضيجة ‪٩‬با يتخّبكف ك‪٢‬بم طّب ‪٩‬با يشتهوف كيسقوف فيها من‬
‫رحيق ‪٨‬بتوـ ختامو مسك كُب ذلك فليتنافس ا‪٤‬بتنافسوف كال يتغوط أىلها كال يبولوف كال‬
‫يبصقوف كال يتمخطوف كلهم يرشح من جلودىم كا‪٤‬بسك رٰبا كلوان كا‪١‬بمار كإف سألت عن‬
‫خدمها‬
‫فالولداف ا‪٤‬بخلدكف إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا كإذا ٍب رأيت نعيما كملكا كبّبا عاليهم ثياب‬
‫سندس خضر كاستربؽ كحلوا أساكر من فضة كسقاىم رهبم شرااب طهورا إف ىذا كاف لكم جزاء‬
‫ككاف سعيكم مشكورا‪ .‬كاب‪١‬بملة فكلما ذكرت لك ىو كما جاء ُب ا‪٣‬برب كإال ففي ا‪١‬بنة ما ال‬
‫عْب رأت كال أذف ‪٠‬بعت كال خطر على بشر كإف سألت عن بقائهم ُب ىذا النعيم كا‪٤‬بقاـ الكر‪ٙ‬ب‬
‫ا‪١‬بسيم فهم فيو أبدا خالدكف أحياء ال ٲبوتوف شباف ال يهرموف أصحاء ال يسقموف فرحوف ال‬
‫ٰبزنوف راضوف ال يسخطوف من خوؼ القطيعة كالطرد آمنوف ُب مقاـ أمْب دعواىم فيها‬

‫سبحانك اللهم ك‪ٙ‬بيتهم فيو سبلـ كآخر دعواىم أف ا‪٢‬بمد هلل رب العا‪٤‬بْب فقس بعقلك بْب ىذا‬
‫ا‪٤‬بلك العظيم ا‪٣‬بطّب كبْب قصرؾ ذم العمر القصّب كالقدر اليسّب كانظر إذا فارقتو اب‪٥‬بجرة أك‬
‫ابلشهادة أك هبما مع إٔب ما تصّب إف ا‪٤‬بقاـ ُب ما أنت فيو لغركر كال ينبؤؾ مثل خبّب‪ .‬كإف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪630‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫قلت‪ :‬أرغب ُب التأخّب إلصبلح العمل اتهلل ما ٍب أتخّب ُب األجل قاؿ تعأب‪{ :‬اي أيها الناس إف‬
‫كعد هللا حق فبل تغرنكم ا‪٢‬بياة الدنيا كال يغرنكم ابهلل الغركر إف الشيطاف لكم عدك فا‪ٚ‬بذكه‬
‫عدكا إ٭با يدعو حزبو ليكونوا من أصحاب السعّب} ال من مقاصد‬
‫األكلياء كالصا‪٢‬بْب أليس الصحابة كخيار التابعْب أكٔب بك من ىذا القصد إف كنت من‬
‫الصادقْب لو ركنوا إال أتخّب األجل ‪٤‬با ارتكبوا ُب هللا تعأب عظيم ا‪٥‬بواؿ ك‪٤‬با ىجركا األكطاف‬
‫كالعشائر كتركوا األمواؿ ك‪٤‬با جاىدكا ا‪٤‬بشركْب كالكفار كافتتحوا الببلد كاألمصار أال تصغي اي‬
‫ىذا ا‪٤‬بفتوف أبذنك إٔب قولو تعأب {انفركا خفافا كثقاال كجاىدكا أبموالكم كأنفسكم ُب سبيل هللا‬
‫ذلكم خّب لكم إف كنتم تعلموف} كىب أنك صادؽ فيما تقوؿ أليس عملك مَبددا بْب الرد‬
‫كالقبوؿ أليس أمامك ما يفزع كيهوؿ أليس قدامك يوـ ا‪٢‬بشر ا‪٤‬بهوؿ ال كهللا‬
‫ما تدرم ىل ينجيك عملك إف عملت أك يرديك كهللا يعلم ما ‪ٚ‬بفوف كما تعلنوف قاؿ تعأب‪:‬‬
‫{كإلف قتلتم ُب سبيل هللا أك متم ‪٤‬بغفرة من هللا خّب ‪٩‬با ٘بمعوف كلئن متم أك قتلتم إلٔب هللا‬
‫‪ٙ‬بشركف} كإف قلت‪ :‬ال تطيب نفسي بفراؽ زكجٍب ك‪ٝ‬با‪٥‬با كأنسي هبا كسركرم بوصا‪٥‬با فهب أف‬
‫زكجتك أحسن النسوة كأ‪ٝ‬بل أىل الزماف أليس أك‪٥‬با نطفة مذرة كآخر جيفة قذرة كىي فيما بْب‬
‫ذلك ‪ٙ‬بمل العذرة حيضها ٲبنعك شطر عمرىا كعقوقها لك أكثر من برىا إف ٓب تكتحل عمشت‬
‫عينها كإف ٓب تتزين ظهر شينها كإف ٓب تتمشط شعثت شعورىا كإف ٓب تدىن طفئ نورىا كإف ٓب‬

‫تتطيب ثقلت كإف ٓب تتطهر نتنت كثّبة العلل سريعة ا‪٤‬بلل إف كربت أيست كإف عجزت ىرمت‬
‫‪ٙ‬بسن إليها جهدؾ فتنكر ذلك عند السخط كما قاؿ صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ ":‬لو أحسنت‬
‫إٔب إحداىن الدىر ٍب رأت منك شيئا قالت‪ :‬ما رأيت منك خّبا قط " تركـ منها أقذر ما فيها‬
‫ك‪ٚ‬بشى ىجرىا ك‪ٚ‬بشى أف ٘بيفيها ٰببلك حبها على الكد كالتعب كالشقاء الشديد كالنصب‬
‫توردؾ ا‪٤‬بوارد ا‪٤‬بهلكة كترضى ُب أدٗب ىواىا هببلكك كما أكشكو تودؾ ‪٤‬برادؾ منها فإف فات‬
‫أعرضت عنك كىجرتك كطلبت سواؾ كملتك كأظهرت قبلؾ كقالت بلساف حا‪٥‬با إف ٓب تفصح‬
‫بلساف مقا‪٥‬با‪:‬‬
‫كاصلِب كأنفق أك فارقِب كطلق كاب‪١‬بملة ال ٲبكن أف تتمتع هبا إال على عوج كال تدكـ صحتك‬
‫إايىا إال مع ضيق كحرج اي هللا للعجب كيف يقعطك حب ىذه عن كصاؿ من خلقت من النور‬
‫كنشأت ُب ظبلؿ القصور مع الولداف كا‪٢‬بور ُب دار النعيم كالسركر كاعلم أف فراؽ زكجتك‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪631‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫تلك ال بد منو ككاف قد كقع كا‪١‬بنة إف شاء هللا ٘بمع بينكما كنعم اجملتمع كما بينك كبْب كصلها‬
‫إف كانت من الصا‪٢‬بات إال كقت ال بد من فراقك ‪٥‬با فيو كىو ا‪٤‬بمات فتجدىا ُب اآلخرة أ‪ٝ‬بل‬
‫من ا‪٢‬بور العْب ٗبا ال يعلمو إال رب العا‪٤‬بْب قد ذىب ما تكره منها كزاؿ ما يسود عنها‬
‫كحسن خلقها ككمل خلقها كحبلء ‪٪‬ببلء حسناء زىراء بكراء عذراء قد طهرت من ا‪٢‬بيض‬
‫كالنفاس ككرمت منها األنواع كاألجناس كزاؿ عوجها كزاد ابتهاجها كعظمت أنوارىا كجل‬
‫مقدارىا كفضلت على ا‪٢‬بور العْب ُب ا‪١‬بماؿ كاألنوار كفضلهن عليها ُب ىذه الدار فأعرض‬
‫عنها اليوـ هلل تعأب فسيعوضك عنها هللا سبحانو كتعأب كإف كانت من أىل ا‪١‬بنة فبل بد لك‬
‫منها كال يلهينك اي ىذا عن دار القرار االغَبار بزخرؼ شيء من ىذه الدار فوهللا ماىي بدار‬
‫ا‪٤‬بقاـ كال ‪٧‬بل اجتماع كالتئاـ دار إف أضحكتك اليوـ أبكتك غدا كإف أسرت أعقبت سركرىا‬
‫الردل كإف‬

‫حلت فيها النعم ‪ٝ‬بيعا حلت فيها النقم سريعا إف أخصبت أجدبت كإف ‪ٝ‬بعت فرقت كإف‬
‫ضمت شتتت كإف ‪ٛ‬بمت نقصت كإف أغنت أعنوت إف زادت أابدت كإف عمرت دمرت كإف‬
‫أسفرت أدبرت كإف راقت أراقت كإف صافت حافت كإف عمت بنوا‪٥‬با عمت بواب‪٥‬با كإف جادت‬
‫بوصا‪٥‬با جاءت بفصا‪٥‬با قريبها بعيد كحبيبها طريد شراهبا سراب كعذهبا عذاب دار ا‪٥‬بموـ‬
‫كاألحزاف كالغموـ كاألشجاف كالبْب كالفراؽ كالشقاء كالشقاؽ كالوصب كالنصب كا‪٤‬بشقة‬
‫كالتعب كثّبىا قليل كعزيزىا ذليل كذليلها حقّب غزيرة اآلفات كثّبة ا‪٢‬بسرات قليلة الصفا‬
‫عدٲبة الوفا ال ثقة بعهودىا ال‬
‫كقت لوعودىا ‪٧‬ببها تعباف كعاشقها ك‪٥‬باف كالواثق هبا خجبلف قد سَبت معاييبها ككثرت‬
‫مصائبها كأخفت نوائبها كخدعت ببطا‪٥‬با كنصبت شباكها ككضعت أشراكها كهبرجت زينتها‬
‫كجردت سيفها كأبدت مبلئحها كسَبت قبائحها كاندت‪ :‬الوصاؿ أيها الرجاؿ فمن راـ كصا‪٥‬با‬
‫كقع ُب حبا‪٥‬با كبدل لو سوء حا‪٥‬با كعلم نكا‪٥‬با ككقع ُب أسرىا ٔبملة شرىا كحاؽ بو مكرىا‬
‫حيث ٓب يتبصر أمرىا فعض يديو ندما كبكى بعد الدمع دما كأسلمو ما طالب إٔب سوء ا‪٤‬بنقلب‬
‫كأجهد ُب الفرار فما أمكنو ا‪٥‬برب فتيقظ لنفسك اي ىذا قبل ا‪٥‬ببلؾ كأطلق نفسك من أسرىا‬
‫قبل أف يعسر‬
‫الفكاؾ كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪632‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الثا٘ب كا‪٣‬بمسوف‬

‫ُب ذكر األسباب ا‪٤‬بوجبة النقطاع العبد عن ربو عز كجل الطارئة على ىذه األمة احملمدية من‬
‫غّب شعور ألكثرىم كىي منحصرة ُب ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستْب سببا كلها موجبة النقطاع العبد عن‬
‫ربو عز كجل‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬قاؿ ُب اإلبريز‪ :‬كسألتو رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ٓ :‬ب كاف الناس يستغيثوف بذكر الصا‪٢‬بْب دكف هللا عز كجل فَبل الواحد إذا جهر ُب‬
‫ٲبينو يقوؿ‪ :‬كحق سيدم فبلف كحق سيدم عبد القادر ا‪١‬بيبل٘ب أك سيدم أيب يعزل أك سيدم‬

‫أيب العباس السبٍب كغّبىم كإذا أراد أف ٱباؼ أحد كيؤكد عليو ُب ٲبينو يقوؿ لو‪ :‬احلف ٕب‬
‫بسيدم فبلف‪ ،‬كإذا أصابو ضرر أراد أف يسأؿ كالسعادة الذين يتكففوف للناس صرح ابسم‬
‫سيدم فبلف كىم ُب ذلك كلو منقطعوف عن هللا عز كجل كإذا قيل ‪٥‬بم توسلوا ابهلل تعأب أك‬
‫احلفوا بو أك ‪٫‬بو ذلك ال يقع ذلك الكبلـ منهم موقعا فما السبب ُب ذلك؟ فقاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ :‬أىل الديواف من أكلياء هللا تعأب فعلوا ذلك عمدا لقوة الظبلـ ُب الذكات ككثرة‬
‫ا‪٤‬بنقطعْب عن هللا عز كجل فصارت ذكاهتم خبيثة كأكلياء هللا تعأب ٰببوف الذين يذكركف‬
‫سيدىم كخالقهم سبحانو أف تكوف ذكاهتم طاىرة ألنو تعأب ٯبيب من دعاء إذا انقطع إليو ابطنا‬
‫كقت الدعاء كإجابتو تكوف أبحد أمرين‪ :‬إما أف يعطيو ما سأؿ كإما أف تبْب لو سر القدر ُب‬
‫ا‪٤‬بنع إذا منعو كىذا ال يكوف إال لؤلكلياء كال يكوف للبعداء احملجوبْب فلو توجهت الذات‬
‫الظلمانية إليو تعأب ٔبميع عركقها كبكل جواىرىا كسألتو أمرا كمنعها كٓب يطلعها على سر القدر‬
‫ُب ا‪٤‬بنع لرٗبا كقع ‪٥‬با كسواس ُب كجود ا‪٢‬بق سبحانو فتقع ُب ما ىو أدىى كأمر من عدـ قضاء‬
‫حاجتها فكاف من ا‪٤‬بصلحة ما فعلو أىل الديواف من ربط عقوؿ الناس بعباد‬
‫هللا تعأب الصا‪٢‬بْب ألنو إذا كقع ‪٥‬بم كسواس ُب كوهنم أكلياء فإف ذلك ال يضرىم قاؿ رضي هللا‬
‫تعأب عنو‪ :‬ك‪٩‬با يدلك على كثرة ا‪٤‬بنقطعْب كزايدة الظبلـ ُب ديواهنم أنك ترل الواحد ٱبرج من‬
‫داره بعشرين موزكنة مثبل كيذىب هبا إٔب ضريح كٕب من أكلياء هللا تعأب فيطرحها عنده ليقضي‬
‫لو حاجتو ككم من فقّب ‪٧‬بتاج يلقاه ُب الطريق كيطلب لو متاع هللا تعأب ُب سبيل هللا تعأب لوجو‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪633‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا تعأب فبل يعطيو درٮبا كاحدا حٌب يبلغ للوٕب فيطرحها عند رأسو كىذا من أقبح ما يكوف‬
‫كسببو أف الصدقة ٓب ‪ٚ‬برج هلل عز كجل كعظمتو ككربايئو ككجهو‬

‫الكر‪ٙ‬ب العظيم إذ لو خرجت لذلك لدفعها صاحبها لكل ‪٧‬بتاج لقيو لكن ‪٤‬با كاف ا‪٢‬بامل عليها‬
‫كالداعي إٔب إخراجها ىو قصد النفع لنفسو كاستكماؿ أغراضو كحظوظو خص هبا موضعا دكف‬
‫موضع لظنو أف النفع يتبع ذلك ا‪٤‬بوضع كجودا كعدما قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كقد رأيت ُب‬
‫ىذا اليوـ ما أىدل للصا‪٢‬بْب من ابب تلمساف إٔب الساقية ا‪٢‬بمراء فإذا ىو من الداننّب ‪ٜ‬بانوف‬
‫دينارا كمن الغنم ثبل‪ٜ‬بائة كستوف شاة كمن البقر اثناف كسبعوف ثورا أخرج ىذا كلو ُب يوـ كاحد‬
‫للصا‪٢‬بْب كما أخرج هلل تعأب ُب ذلك اليوـ عشرة دراىم قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪:‬‬
‫كىذا سبب من األسباب لبلنقطاع عن هللا عز كجل الطارئة على ىذه األمة من غّب شعور‬
‫ألكثرىم هبا كىي منحصرة ُب ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستْب سببا كلها موجبة النقطاع العبد عن ربو عز‬
‫كجل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقلت‪ :‬كىل حضركم اآلف منها شيء؟ فقاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬اكتب‪ :‬األكؿ‬
‫اإلىداء للصا‪٢‬بْب على الوجو السابق دكف كجو هللا عز كجل‪ ،‬الثا٘ب التوسل إٔب الصا‪٢‬بْب ابهلل‬
‫عز كجل قاؿ‪ :‬ليقضوا ا‪٢‬باجة فيقوؿ الزائر‪ :‬قدمت لك كجو هللا اي سيدم فبلف إال ما قضيت‬
‫ٕب حاجٍب كإ٭با كاف سببا لبلنقطاع ألف الزائر قلب الواجب كعكس القضية فإنو كاف من حقو‬
‫أف‬
‫يتوسل هلل عز كجل أبكليائو ال أف يعكس‪ ،‬الثالث زايرة الصا‪٢‬بْب كعلى الزائر دين فرض كعدد‬
‫صلوات كجب قضاؤىا عليو فَبؾ قضائها الذم ىو حق هلل تعأب كفيو نور هللا تعأب كسره الذم‬
‫ير‪ٞ‬بو بو كذىب إٔب زايرة صاّب كال ٱبفى ما فيو من االنقطاع كالظلم‪ ،‬الرابع ا‪٣‬بوؼ من الظآب‬
‫على العمر كالرزؽ كغّبٮبا فيقوؿ لنفسو‪ :‬ال أعصي ىذا الظآب أل٘ب إف عصيتو قتلِب أك منع‬
‫رزقي أك غّب ذلك ‪٩‬با يوجب ا‪٣‬بوؼ منو كلو ‪ٙ‬بقق بوجود ا‪٢‬بق تعأب معو كتصرفو فيو كُب ذلك‬
‫الظآب لعلم أنو ىو الفاعل كحده ال يشاركو ذلك الظآب كال غّبه ُب فعل من‬

‫األفعاؿ كحينئذ فبل ٱباؼ إال منو تعأب كبقدر ما يقول ىذا النظر ُب البعد يقول قربو من ربو‬
‫تعأب كبقدر ما يقل أك ينعدـ يكوف بعده من هللا عز كجل كانقطاعو‪ ،‬ا‪٣‬بامس الطمع ُب الظآب‬
‫فيتقرب إليو ليناؿ منو رزقا كلو ‪ٙ‬بقق أبف هللا سبحانو ىو الرزاؽ ٓب يصدر منو ذلك‪ ،‬السادس‬
‫النصيحة للكافرين فيلهمهم مصا‪٢‬بهم ُب دنياىم أبف يرم ‪٥‬بم طريقا من ‪٫‬بوه فإنو من أسباب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪634‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫االنقطاع عن هللا عز كجل‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬كما رأينا من نصح ظا‪٤‬با إال ككانت عاقبة أمره خسرا كنذكر ىاىنا قصة سفياف‬
‫الثورم هنع هللا يضر مع الذم أراد أف يوقظو سببا للصبلة فقاؿ لو سفياف‪ :‬ال توقظو دعو ىذه الساعة‬
‫نسَبح منو كمن شره فيها‪ ،‬السابع عدـ النصيحة للمسلمْب فّبل ما يضرىم كال أيمرىم ابلتحرز‬
‫منو كيرل ما ينفعهم كال أيمرىم ابلتأىب لو‪ ،‬الثامن استحبلء التعب كا‪٤‬بشقة ُب طلب الدنيا‬
‫على عبادة هللا عز كجل فمن أحس بذلك من نفسو فليعلم أنو مرتكب سببا من أسباب‬
‫االنقطاع‪ ،‬التاسع طلب الدنيا ٗبا ىو أىوف منها كأذؿ كأحقر كقد كاف السلف الصاّب رضي‬
‫هللا عنهم يطلبوهنا ٗبا ىو أعلى منها كأعز كا‪١‬بهاد كالتجارة كالزراعة كغّب ذلك من أسباب‬
‫ا‪٢‬ببلؿ كأما من طلب الدنيا ابلكذب كالفجور كاألٲباف ا‪٢‬بانثة فقد طلبها ٗبعاص ىي أخس منها‬
‫أم من الدنيا فمن أحس بذلك من نفسو فليتب إٔب هللا عز كجل فإف الدنيا ال تدرؾ إال ٗبا ىو‬
‫أعز منها‪ ،‬العاشر أف تكوف أعماؿ العبد كطاعاتو بقصد أف ير‪ٞ‬بو هللا هبا كبقصد نفع نفسو‬
‫ك‪ٙ‬بصيل أغراضو كحظوظو ال بقصد كجو هللا الكر‪ٙ‬ب كجوده العظيم كىذا سبب قد عم أكثر أىل‬
‫الزماف إال من ر‪ٞ‬بو هللا عز كجل جعلنا هللا تعأب منهم ٗبنو كفضلو‪.‬‬

‫قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬كلو ٓب ٱبلق هللا جنة كال انرا لتبْب من يعبده ‪٩‬بن ال يعبده كلكانت عبادة الذم يعبده‬
‫خالصة لوجهو الكر‪ٙ‬ب كحينئذ ‪ٙ‬بصل ا‪٤‬بعرفة ابهلل تعأب على كجهها الكامل ‪٤‬بن عبده كلكن‬
‫الناس ‪٤‬با ‪٠‬بعوا بذكر ا‪١‬بنة كالنار تفرقت أعراضهم ‪٫‬بوٮبا فضلوا على السبيل‪ ،‬ا‪٢‬بادم عشر‬
‫ا‪٤‬بعاصي ُب حرمات هللا تعأب كا‪٤‬بساجد ك‪٫‬بوىا فإف العبد لو ‪ٙ‬بقق إبضافة البيت إٔب ربو كقاؿ ُب‬
‫قلبو‪ :‬ىذا بيت هللا تعأب ٓب تصدر منو فيو معصية‪ ،‬الثا٘ب عشر اللواط كستأٌب إف شاء هللا تعأب‬
‫مفسدتو قلت‪ :‬كىو قولو‪ :‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر يقوؿ‪:‬‬
‫إ٭با حرـ هللا اللواط ألنو يسقط مع نطفة الرجل عدد من ا‪٤‬ببلئكة فإذا كقعت النطفة ُب الدبر‬
‫الذم ىو ليس ‪٧‬ببل للحراثة ماتوا ‪ٝ‬بيعا كمرة قاؿ‪ :‬إهنم ٗبنزلة فرخ ا‪٢‬بماـ إذا سقط على صخرة‬
‫من عش عاؿ أترل يبقى فيو شيء؟ قاؿ‪ :‬كأما إذا كقعت النطفة ُب الفرج الذم ىو ‪٧‬بل ا‪٢‬براثة‬
‫فإنو يبقى مع تلك النطفة العدد إف من ا‪٤‬ببلئكة عدد مبلئكة نطفة األب كعدد مبلئكة نطفة‬
‫األـ ك‪٦‬بموع ذلك ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستوف ملكا أنصافا بينهما إال أف الرجل يزيد بعشرة ألف‬
‫مبلئكتو أكثر لسر ُب أصالة آدـ ‪٢‬بواء قاؿ‪ :‬فإذا قضى هللا تعأب ابلتكوين فإف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪635‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النطفة تصّب علقة ٍب مضغة ٍب ما بقي من األطوار ككذا عدد ا‪٤‬ببلئكة ينمو كل كاحد منهم كما‬
‫تنمو النطفة فإذا خرج الولد للدنيا خرج معو أكلئك ا‪٤‬ببلئكة كىم حفظة ذاتو ككبّبىم ا‪٢‬بافظ‬
‫الذم على اليمْب ككما أف الولد نشأ بْب األب كاألـ كذلك أكلئك ا‪٤‬ببلئكة نشأكا بْب مبلئكة‬
‫ذات األب كىم ثبل‪ٜ‬بائة كستة كستوف كبْب مبلئكة ذات األـ قاؿ‪ :‬كأما إذا قضى هللا تعأب أنو‬
‫ال يكوف كلد من تلك النطفة فإف عدد ا‪٤‬ببلئكة ينزلوف معها إٔب الرحم كٲبوتوف كال ضرر على‬
‫العبد ُب ذلك ألنو ال كسب لو ُب ذلك قاؿ‪ :‬كما شبهتهم حينئذ إال بقطرات‬

‫الزيت النازلة من فتيلة القنديل إذا كاف ‪٩‬بلوءا ابلزيت أكثر من القدر ا‪٤‬بعتاد فتنزؿ مضيئة كال‬
‫تبلغ إٔب األرض حٌب تنطفئ‪ ،‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ك‪٥‬بذا ال ٯبوز التسبب ُب إخراج ا‪٤‬بِب من‬
‫الرحم ألان ال ندرم ىل أراد هللا تعأب أف يكوف من النطفة كلد أـ ال فتسعى ُب ىبلؾ عدد كثّب‬
‫من ا‪٤‬ببلئكة‪ ،‬كأما ا‪٤‬بفسدة الٍب حرـ الزان ألجلها فليست ىي من جهة ا‪٤‬ببلئكة كإ٭با ىي من‬
‫جهة قطع النسب كذلك أف الناس يوـ القيامة ‪٥‬بم نفع عظيم ابألنساب كال تقبل ىناؾ دعول‬
‫نسب إال بشهادة كلذلك أمر النيب ملسو هيلع هللا ىلص ابإلشهاد ُب‬
‫النكاح كإعبلنو كا‪١‬بهر بو كالزان ال يفعل ذلك إال خفية ألنو لو جهر بو ألقيم عليو ا‪٢‬بد فهو‬
‫ساع ُب قطع النسب كاختبلطو‪ ،‬الثالث عشر ضرب الرجل امرأتو من غّب ذنب فذلك الضرب‬
‫سبب ُب االنقطاع ‪٤‬با ‪٥‬با عليو من ا‪٢‬بقوؽ‪ ،‬الرابع عشر ا‪٤‬بنة على العياؿ كاألىل ابلنفقة فيقوؿ‪:‬‬
‫أنفقت عليكم كذا ككذا بقصد ا‪٤‬بنة‪ ،‬ا‪٣‬بامس عشر ا‪٢‬بسد كسيأٌب إف شاء هللا تعأب ما فيو من‬
‫الفساد إف غالب ا‪٤‬بعاصي منو‪ ،‬قلت‪ :‬كىو قولو ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو ٰبكي عن بعض‬
‫الصا‪٢‬بْب أف سبب رسوخ التوبة ُب ذات العبد كمد أغصاهنا فيها ك‪ٛ‬بكن عركقها منها‬
‫كبلوغها الغاية فيها ىو ‪٧‬ببة ا‪٤‬بؤمنْب ‪ٝ‬بيعا من غّب فرؽ كما يبغض الكافرين ‪ٝ‬بيعا من غّب فرؽ‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬فإذا كانت ىذه احملبة ُب العبد نزلت عليو التوبة من هللا تعأب كلو كرىها كأراد دفعها فإهنا‬
‫تنزؿ ال ‪٧‬بالة كسبب ذلك أف العبد ال يفرؽ ُب ‪٧‬ببتو للمؤمنْب حٌب ٰبب بعضا دكف بعض إال‬
‫لدسيسة بغض ُب قلبو نشأت عن حسد أك كرب أك ‪٫‬بو ذلك فتكوف طويتو ُب ذلك خبيثة‬
‫كالتوبة النصوح ال تنزؿ إال أبرض طيبة كطوية طاىرة فإذا أحب ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بؤمنْب فقد ارتفعت‬
‫الدسائس كلها عن قلبو فتنزؿ التوبة عليو حينئذ‪ ،‬كمرة قاؿ‪ :‬مثل ىذا ال ٰبتاج‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪636‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إٔب توبة كىذه احملبة العامة تكفيو ُب ‪٧‬بو ‪ٝ‬بيع الذنوب فإهنا تذىب من القلب ‪ٝ‬بيع الدسائس‬
‫ا‪٤‬بوجبة للذنوب‪ ،‬قاؿ‪ :‬كمن أعظم تلك الدسائس ا‪٢‬بسد كىو ال يبقى قطعا مع ىذه احملبة كإ٭با‬
‫قلنا أف ا‪٢‬بسد ىو أعظم الدسائس ألف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بعاصي كالدسائس إ٭با تتفرع عنو كىو السبب ُب‬
‫‪ٝ‬بيعها فإنك ال تبغض أحدا لكونو أكثر منك ماال ككلدا ك‪٫‬بو ذلك إال ‪٢‬بسد منك لو ككذا ال‬
‫تتكرب عليو إذا كنت أكثر منو ماال ككلدا كأعز نفرا إال لكونك تريد أف تطرده عن بلوغ منزلتك‬
‫بذلك الكرب الذم تتكرب بو عليو كما ذاؾ إال لكونك ال ‪ٙ‬بب تلك ا‪٤‬بنزلة لو‬
‫كذلك ىو ا‪٢‬بسد بنفسو كىكذا القوؿ ُب رد ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بعاصي إٔب ا‪٢‬بسد ٍب قاؿ‪ :‬قلت للشيخ‬
‫هنع هللا يضر‪ :‬فإذا أحب ىذا الرجل ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بؤمنْب من غّب فرؽ فإف ا‪٢‬بب ُب هللا تعأب كالبغض ُب هللا‬
‫تعأب اللذاف ٮبا شعبة من شعب اإلٲباف فإف العاصي يستحق أف يبغض ُب هللا تعأب فإذا أحببناه‬
‫ُب هللا تعأب خالفنا مقتضى عصيانو فقاؿ هنع هللا يضر‪ :‬الذم ٯبب أف يتوجو البغض إليو ُب ا‪٤‬بعاصي ىو‬
‫أفعالو ال ذاتو ا‪٤‬بؤمنة كقلبو الطاىر كإٲبانو الدائم فاألمور الٍب توجب ‪٧‬ببتو الزمة كالذنوب الٍب‬
‫توجب بغضو عارضة طارئة فتكوف ‪٧‬ببتو ىي الساكنة‬
‫ُب قلوبنا كبغضو يتوجو ‪٫‬بو األمور العارضة حٌب أان ٭بثل ذنوبو بْب أعيننا كُب أفكاران ٗبنزلة‬
‫أحجار مربوطة بثيابو خارجة عن ذاتو فنحب ذاتو كنبغض األحجار ا‪٤‬بربوطة بثيابو كىذا القدر‬
‫ىو الذم أمران بو الشارع ُب بغض العاصي من غّب زايدة عليو كأكثر الناس ال يفرقوف بْب بغض‬
‫األفعاؿ ا‪٣‬بارجة عن الذات كبْب بغض الذات فّبيدكف أف يبغضوا األفعاؿ فبل يعلموف كيف‬
‫يبغضوهنا فيقعوا ُب بغض الذات كبغض الذات إ٭با أمران بو ُب حق الكافر فتبغض ذاهتم ككل ما‬
‫يصدر عنها كأما ا‪٤‬بؤمن العاصي فإان ٓب نؤمر ببغضو بغضا يطفئ ‪٧‬ببة ذاتو‬

‫ك‪٧‬ببة إٲبانو ابهلل تعأب ك‪٧‬ببة إٲبانو برسولو ملسو هيلع هللا ىلص ك‪٧‬ببة إٲبانو ٔبميع الرسل ك‪٧‬ببة إٲبانو ٔبميع األنبياء‬
‫عليهم الصبلة كالسبلـ ك‪٧‬ببة إٲبانو بسائر الكتب السماكية ك‪٧‬ببة إٲبانو ابليوـ اآلخر ككل ما فيو‬
‫من حشر كنشر كجنة كانر كصراط كميزاف ك‪٧‬ببة إٲبانو ٔبميع ا‪٤‬ببلئكة عليهم الصبلة كالسبلـ‬
‫ك‪٧‬ببة إٲبانو ابلقدر خّبه كشره كىكذا ‪٫‬ببو على كل كصف ‪٩‬بدكح فيو فإذا تقدمت ‪٧‬ببتنا فيو‬
‫على ىذه ا‪٣‬بصاؿ ا‪٢‬بميدة ٓب ٲبكن أف يدخل بغضو ُب قلوبنا أبدا إ٭با نبغض أفعالو كندعو لو‬
‫ٖبّب كال سيما إف نظران إليو بعْب‬
‫ا‪٢‬بقيقة كأكثر الناس إذا أرادكا أف يبغضوا العاصي توجهوا إليو أكال قبل كل شيء ابلبغض‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪637‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كغفلوا عن ا‪٣‬بصاؿ الٍب توجب ‪٧‬ببتو فبل يستحضركهنا ُب عقو‪٥‬بم فيسكن بغضو ُب قلوهبم‬
‫كيسرم ذلك البغض إٔب ذاتو فتكوف ىي ا‪٤‬ببغوضة ُب نظرىم كذلك ال ٰبل كال ٯبوز كهللا تعأب‬
‫أعلم‪ .‬السادس عشر اإلقداـ على ا‪٤‬بعصية مع معرفتها كسيأٌب إف شاء هللا تعأب بياف ذلك عند‬
‫الكبلـ على أنو أشد الناس عذااب يوـ القيامة قلت‪ :‬كىو قولو‪٠ :‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪:‬‬
‫أتدرم من أشد الناس عذااب يوـ القيامة فقلت لو‪ :‬قل اي سيدم فقاؿ‪ :‬ىو رجل أعطاه‬
‫هللا تعأب ذاات كاملة كعقبل كامبل كصحة كاملة كىد لو ُب العيش كأسباب الرزؽ ٍب يبقى ىذا‬
‫الرجل اليوـ كاليومْب كأكثر كال ٱبطر ببالو ربو سبحانو كتعأب كإذا أمكنتو ا‪٤‬بعصية ػأقبل عليها‬
‫بذاتو الكاملة كعقلو الكامل كاستلذ هبا كاستحسنها من غّب فكر يشوش عليو من انحية ربو‬
‫تعأب فتجده متصل اب‪٤‬بعصية غاية االتصاؿ منقطعا عن ربو تعأب كل االنقطاع ٲبيل بكليتو‬
‫للمعصية كيستحليها غاية االستحبلء فيكوف جزاء ىذا يوـ القيامة أف ينقطع إٔب العذاب ٔبميع‬
‫شراشره كيتشوؼ إليو ابلكلية كيقع فيو ا‪٤‬برة الواحدة كيستحليو استحبلء‬

‫اجملركب للحك كعلى قدر ما حك يكوف كابلو قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كال سيما ُب حاؿ‬
‫ا‪٤‬بعصية شأهنا عظيم كأمرىا جسيم فينبغي للمؤمن إذا عصى هللا أف يعلم أف لو راب قادرا عليو‬
‫فيحصل لو ا‪٣‬بوؼ كالوجل منو تعأب فتنكسر منو صورة العذاب إف ٓب يقع السماح ابلكلية كهللا‬
‫تعأب أعلم‪ .‬السابع عشر ‪ٝ‬بع الدنيا من ا‪٢‬براـ قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬كال تكرركا مع اتلوجو التاسع كما ال‬
‫ٱبفى‪.‬‬
‫الثامن عشر عقوؽ الوالدين فسمعتو رضي هللا تعأب عنو ٰبكي عن شيخو سيدم عمر بن دمحم‬
‫ا‪٥‬بوارم كذكر أنو كاف جالسا معو عند السدرة الٍب ىي خارج ركضة سيدم علي بن حرازـ‬
‫فجاء كلو فودعو كأراد الذىاب إٔب ا‪٢‬بج فأىب عليو أبوه سيدم عمر قاؿ‪ :‬ككاف عاقا ألبيو‬
‫فذىب كأبوه غّب راض عنو فقاؿ ٕب سيدم عمر‪ :‬نتيجة عقوؽ الوالدين أربعة أمور أحدىا أف‬
‫الدنيا تذىب عنو كتبغضو كما يبغض ا‪٤‬بؤمن جهنم اثنيها أنو إذا جلس ُب موضع من ا‪٤‬بواضع‬
‫كجعل يتكلم مع ا‪٢‬باضرين ُب شيء من األشياء صرؼ هللا تعأب قلوهبم عن االستماع لكبلمو‬
‫كينزع هللا‬
‫تعأب الربكة كالنور من كبلمو كيصّب ‪٩‬بقوات بينهم اثلثها أف أكلياء هللا تعأب من أىل الديواف‬
‫كالتصرؼ ال ينظركف إليو نظر ر‪ٞ‬بة كال يرضوف عليو أبدا رابعها أف نور إٲبانو ال يزاؿ ينقص شيئا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪638‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫فشيئا فمن أراد هللا تعأب بو الشقاكة كالعياذ ابهلل تعأب ٓب يزؿ كذلك إٔب أف يذىب نور إٲبانو‬
‫كيضمحل ابلكلية فيموت كافرا نسأؿ هللا السبلمة كالعافية كمن ٓب يرد بو ذلك مات انقص‬
‫اإلٲباف أعاذان هللا تعأب من ذلك قاؿ‪ :‬كنتيجة رضاىم أربعة أمور كىي أضداد ‪٥‬بذه األمور ‪ٙ‬ببو‬
‫الدنيا كما ٰبب ا‪٤‬بؤمن ا‪١‬بنة كٰبلوا كبلمو بْب الناس ك‪ٙ‬بن‬

‫عليو أكلياء هللا تعأب كال يزاؿ إٲبانو يزيد شيئا فشيئا كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق فانظر اي أخي ىذه ا‪٤‬بفاسد‬
‫الربعة الٍب ُب عقوؽ الوالدين كاحملاسن األربعة الٍب ُب بر الوالدين‪ .‬التاسع عذر ‪٨‬بالطة احملجوبْب‬
‫ذكم الرائسات فإف ُب اذت العبد ا‪٤‬بؤمن خيطا من نور ٱبرج من ثقبة ُب ذاتو يتصل ذلك النور‬
‫بعطية ا‪٢‬بق سبحانو كيزيد ٗبخالطة أكليائو تعأب كيقل بعدمها كٱباؼ عليو من االنقطاع أصبل‬
‫كانسداد الثقبة ٗبخالطة أرابب الرائسات فإهنم برائستهم كأموا‪٥‬بم كجاىهم يستولوف على ذاتو‬
‫فتكوف ‪ٙ‬بت أسرىم كُب حكم قبضهم فبل يزاؿ يصغي‬
‫إليهم بقلبو كقالبو كيبقى على ذلك ا‪٤‬بدة الطويلة كال يقع ا‪٢‬بق سبحانو ُب فكره كال ُب خاطره‬
‫فبل يزاؿ كذلك مسَبسبل ُب أغراضو كانقطاعو حٌب تنسد الثقبة أصبل كالعياذ ابهلل تعأب كىذه‬
‫آفة حاصلة من ذكم الرائسات نسأؿ هللا تعأب السبلمة‪ .‬كالعشركف التفريق بْب ا‪٣‬بلفاء األربعة‬
‫أيب بكر كعمر كعثماف كعلي رضي هللا تعأب عنهم أ‪ٝ‬بعْب قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كمعنا‬
‫التفريق أف ٰبب بعضهم كيبغض بعضهم كما شا‪ ،‬ا‪٣‬بوارج كالركافض كإ٭با كاف ذلك التفريق سببا‬
‫ُب االنقطاع عن هللا عز كجل ألف كل كاحد منهم كرث خصلة من خصالو صلى‬
‫هللا تعأب عليو كسلم فبغض ذلك ا‪٣‬بليفة يسرم إٔب بغض النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم‬
‫فلذلك كاف سببا ُب االنقطاع فقلت‪ :‬فما ا‪٣‬بصلة الٍب ُب أيب بكر رضي هللا تعأب عنو فقاؿ‪:‬‬
‫خصلة اإلٲباف ابهلل تعأب فإف ابهلل عز كجل كاف ُب النيب ملسو هيلع هللا ىلص على كيفية خاصة لو طرحت على‬
‫أىل األرض صحابة كغّبىم لذابوا ككرث أبو بكر هنع هللا يضر من تلك الكيفية شيئا قليبل على قدر ما‬
‫تطيقو ذاتو كمع ذلك اـ يكن ُب أمة النيب ملسو هيلع هللا ىلص من يطيق أاب بكر ُب ذلك كال من يدانيو ال من‬
‫الصحابة كال من غّبىم من أىل الفتح‬

‫الكبّب ألف النيب ملسو هيلع هللا ىلص بلغ ُب أسرار األلوىية كحقائق الربوبية كرقائق العرفاف مبلغا ال يكيف كال‬
‫يطاؽ ككاف يتكلم مع أيب بكر ُب البحور الٍب كاف ٱبوضها عليو السبلـ فارتقى أبو بكر ا‪٤‬برتقى‬
‫ا‪٤‬بذكور كمع ذلك فكاف النيب ملسو هيلع هللا ىلص ُب الثبلث سنْب األخّبة ال يتكلم معو ُب تلك ا‪٢‬بقائق خيفة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪639‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫عليو أف يذكب‪.‬‬
‫قاؿ هنع هللا يضر‪:‬كأما ا‪٣‬بصلة الٍب ُب عمر رضي هللا تعأب عنو فهي خصلة النصيحة للمؤمنْب كالنظر لو‬
‫كإيثارىم علة نفسو كتدبّب أمر جيوشهم كما يصلح أمر عامتهم كخاصتهم كىذه خصلة من‬
‫خصالو صلى هللا تعأب عليو كسلم كقد كرث عمر هنع هللا يضر منها القدر الذم تطيقو ذاتو كأما ا‪٣‬بصلة‬
‫التيب ُب عثماف رضي هللا تعأب عنو فهي خصلة الرأفة كالر‪ٞ‬بة كا‪٢‬بنانة كصلة الرحم كىذه‬
‫خصلة من خصالو عليو السبلـ كقد كرث منها عثماف ما تطيقو ذاتو كأما ا‪٣‬بصلة الٍب ُب علي‬
‫كرـ هللا كجهو كرضي عنو فهي خصلة الشجاعة كىي إحدل خصالو صلى هللا‬
‫تعأب عليو كسلم كقد كرث منها رضي هللا تعأب عنو ما تطيقو ذاتو قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬ككذا سائر‬
‫الصحابو رضي الو عنهم كل كاحد منهم كرث شيئا من النيب صلى هللا تعأب عليو كسلم فبغض‬
‫صحايب أم صحايب كاف يوجب النقطاع عن هللا عز كجل قاؿ‪ٍ :‬ب تفرقنا كٓب نسمع منو بقية‬
‫العدد السابق حٌب مات رضي هللا تعأب عنو قلت‪ :‬قد ذكر القطب ا‪٤‬بكتوب كالربزخ ا‪٤‬بختوـ‬
‫سيدان كشيخنا ككسيلتنا إٔب ربنا أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب سقاان هللا تعأب من ٕبره أبعظم األكا٘ب أربع‬
‫كعشرين خصلة تورث قساكة القلب كصاحب القلب القاسي منقطع عن هللا تعأب‬

‫ببل شك قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬كاعلم أرشدان هللا تعأب كإايؾ إٔب سبيل ىدايتو أف قساكة‬
‫القلب أعظم الببلاي كٓب يبتل هللا تعأب قلبا أبشد منها بعد الكفر كأسباب القساكة ‪٧‬بصورة فيما‬
‫أذكره اآلف فمن اجتنبها الف قلبو بعوف هللا تعأب كهنض إٔب الفبلح كىي ىذه اإلضرار على أم‬
‫ذنب كاف كطوؿ األمل كالعضب لغّب هللا عز كجل كا‪٢‬بقد على ا‪٤‬بسلمْب كحب الدنيا كحب‬
‫الرايسة كفعل ما ال يعِب من قوؿ كعمل كلو قل ككثرت الضحك ككثرت ا‪٤‬بزاح كالفرح اب‪٢‬بظوظ‬
‫العاجلة كالغم من أجل فقدىا كالغفلة عن ذكر هللا تعأب عز كجل كعن التفكّب ُب‬
‫أمور اآلخرة كأمر القرب كأمر الناس كسائر أنكا‪٥‬با كأغبل‪٥‬با كأمر ا‪١‬بنة كضركب نغيمها كسركرىا‬
‫من حورىا كقصورىا إٔب غّب ذلك فالغفلة عن ىذا كلو سبب ُب القساكة كا‪٣‬بوض مع أىل‬
‫اللهو كاللعب فيما ىم فيو من قوؿ كعمل ك‪٠‬باع حديثهم ك‪٦‬بالستهم لغّب ذركرة شرعية كصحبة‬
‫السقهاء كاألحداث سنا كعقبل كدينا كأكل ا‪٢‬براـ كا‪٤‬بتشابو كالشبع ككثرت شرب ا‪٤‬باء ككثرت‬
‫تناكؿ الشهوات ككثرت النوـ ككثرت تفكر القلب ُب غّب ذكر هللا عز كجل كالرضا عن النفس‬
‫ابستحساف حا‪٥‬با فهذه أربع كعشركف خصلة نسأؿ هللا تعأب أف يرزقنا اجتناهبا ك‪ٝ‬بيع ما‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪640‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٰبجب بيننا كبْب ربنا حٌب نلقاه كىو راض عنا آمْب ٍب إان ‪٬‬بتم ىذا الفصل بشيء من كبلـ‬
‫اإلبريز ‪٩‬با يناسب ما تقدـ فنقوؿ‪ٍ :‬ب قاؿ ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر ٰبكي ُب استحضار ا‪٣‬بالق سبحانو حاؿ‬
‫ا‪٤‬بعصية حكاية عجيبة عن سيدم عمر بن دمحم ا‪٥‬بوارم قاؿ‪ :‬قاؿ سيدم عمر‪ :‬جاء رجل‬
‫مسرؼ على نفسو مرتكب ا‪٤‬بعاصي إٔب الشيخ كأان حاضر فقاؿ لو‪ :‬سيدم كيف ا‪٣‬ببلص كأان‬
‫مرتكب ا‪٤‬بعاصي مصر عليها ال أقدر على تركها فكيف ا‪٢‬بيلة ُب ا‪٣‬ببلص فقاؿ لو الشيخ‪:‬‬
‫كٰبك أتعصي ربك أترؾ عنك ا‪٤‬بعاصي كال تعد إليها فقاؿ‪ :‬ال أقدر فقاؿ الشيخ‪ :‬كٰبك تب‬
‫إٔب ربك‬

‫فقاؿ‪ :‬ال أقدر فتغافل عنو الشيخ كأقاـ عنده يوما أك يومْب فلما أراد كداعو قاؿ لو‪ :‬اي سيدم‬
‫كيف ا‪٣‬ببلص كأان مرتكب ا‪٤‬بعاصي فقاؿ لو الشيخ‪ :‬إذا أردت أف تعصي ربك فاستحضر ثبلثة‬
‫أمور كافعل ما شئت فاستحضر ا‪٤‬بعصية كقبحها كما توصل إليو من غضب الرب كاستحضر‬
‫ذاتك كنفسك كخساستك كإعراضك عن ربك كاستحضر ربك كسطوتو كقهره كقدرتو عليك‬
‫مٌب أرادؾ ٍب عفوه عنك كما أتبلو عليك من ‪ٝ‬بيل سَبه فإذا استحضرت ىذه األمور كما ينبغي‬
‫فافعل ما بدل لك قاؿ‪ :‬فذىب الرجل ٍب بعد مدة لقيتو فسلم علي فقاؿ‪ :‬أكما تعرفِب؟ فقلت‪:‬‬
‫من أنت؟ فقاؿ‪ :‬أان‬
‫صاحب ا‪٤‬بعاصي كقد أخذ هللا تعأب بيدم بربكة كبلـ الشيخ كذلك أ٘ب أردت ا‪٤‬بعصية‬
‫فاستحضرت األمور الٍب أكصا٘ب هبا فما قدرت عليها فكاف ذلك سبب توبٍب كهللا تعأب أعلم‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬عندم أف الكبّبة ما فعلت ُب حالة انقطاع القلب عن هللا تعأب‬
‫كمبلئكتو ككتبو كرسلو كاليوـ اآلخر ابطنا بل كإف تعلق العبد بذلك ظاىرا فإنو ال ينفعو كإ٭با‬
‫كانت ا‪٤‬بعصية ُب ىذه ا‪٢‬بالة كبّبة ألنو ُب حالة االنقطاع يكوف العبد كاقعا ُب ا‪٤‬بعصية بقلبو‬
‫كقالبو كٕببو كبليو كبيديو كرجليو كبكل ذاتو فبل يزجره من قلبو زاجر كال‬
‫يذكره من ربو ذاكر كالصغّبة ما فعلت حاؿ تعلق القلب ابلرب سبحانو كابألمور ا‪٤‬بوصلة إليو‬
‫من رسلو كمبلئكتو ككتبو فإف العبد إذا كقع ُب ا‪٤‬بعصية حينئذ يقع فيهخا على غّب نية مع شائبة‬
‫بغض فيها ألجل الزاجر الذم ُب قلبو فهو ُب حاؿ مواقعتها ُب حياء من ربو تعأب فقلت‪:‬‬
‫يشكل على ىذا التفريق عده ملسو هيلع هللا ىلص الكبائر ُب ا‪٢‬بديث مع إطبلقها كٓب يقيدىا ٕبالة االنقطاع عن‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪641‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫هللا عز كجل كقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب حديث الصحيحن‪ :‬الكبائر اإلشراؾ ابهلل تعأب كالسحر كعقوؽ‬
‫الوالدين كقتل النفس‪.‬‬

‫زاد البخارم‪ :‬كاليمْب ا‪٣‬بموس كزاد مسلم بد‪٥‬با‪ :‬كقوؿ الزكر‪ .‬كُب حديثهما أيضا "اجتنبوا‬
‫السبع ا‪٤‬بوبقات الشرؾ ابهلل كالسحر كقتل النفس الٍب حرـ هللا إال اب‪٢‬بق كأكل ماؿ اليتيم كأكل‬
‫الراب كالتوٕب يوـ الزحف كقذؼ احملصنات ا‪٤‬بومنات الغافبلت " فقاؿ هنع هللا يضر ىذه ا‪٤‬بعاصي ال‬
‫تصدر من العبد إال إذا كاف منقطعا عن ربو عز كجل فإف معلق القلب ابلرب سبحانو ال يشرؾ‬
‫كال يتعاطى سحرا كال شيئا ‪٩‬با ىو مذكور ُب ىذين ا‪٢‬بديثْب ٍب قاؿ هنع هللا يضر‪ :‬أال ترل إٔب فبلف فإنو‬
‫سيكوف من أكلياء هللا تعأب كىو اآلف ‪٧‬بجوب من ‪ٝ‬بلة‬
‫احملجوبْب كقلبو متعلق بربو تعأب فما ابلو ال يستطيع أف يفعل شيئا من ىذه ا‪٤‬بعاصي كٱباؼ‬
‫منها خوفو من النار كإٔب فبلف فإنو ليس من ا‪٤‬بفتوح عليهم كقلبو منقطع عن هللا عز كجل ك‪٦‬برد‬
‫ذكر اللساف ال ينفع كانظر إٔب ما يرتكبو من القبائح نسأؿ هللا السبلمة ٗبنو ككرمو قاؿ‪:‬‬
‫فمعاصي أىلب القطيعة ال ‪ٚ‬بشى كمعاصي أىل الوصلة ال ‪ٚ‬بفى‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر يقوؿ‪ :‬إ٭با أسباب ا‪٤‬بعاش من حراثة ك٘بارة كغّبٮبا ٗبنزلة الكشاكيل الٍب ُب‬
‫أيدم السعادة فإنو قد جرت عادة الرب سبحانو كتعأب أنو ال ينزؿ الرزؽ على العبد إنزاال أبف‬
‫يعطيو الرزؽ ُب يده من غّب حيلة بل يعطيك إايه حٌب يسألو بكشكوؿ من كشاكيل أسبابو فإذا‬
‫مد لو الكشكوؿ كضع لو ما يليق بو كيصلحو كحينئذ فيجب على ا‪٤‬بتسبب أف ينزؿ سببو هبذه‬
‫ا‪٤‬بنزلة فيكوف نظره عند السبب إٔب ربو عز كجل ال إٔب ا‪٤‬بسبب كما أف الساعي ا‪٤‬بتكفف إ٭با‬
‫ينظر إٔب الناس الذين يعطونو كال ينظر إٔب كشكولو الذم ُب يده‬

‫كإذا كاف نظره عند السبب إٔب ربو عز كجل كاف متعلقا حالة سببو بربو عزكجل فيكوف سببو‬
‫كصلة بينو كبْب ربو تعأب فبل يعتمد على سببو بل على ربو كإذا كاف اعتماده على ربو فبل‬
‫يتعاطى إال سببا أذف لو ربو فيو كحينئذ فبل فرؽ عنده بْب أف يكثر من األسباب أك يقلل فإف‬
‫ا‪٤‬بعطي سبحانو كاحد كىو قادر على اف يعطيو ُب سبب كاحد ما يعطيو لغّبه ُب أسباب عديدة‬
‫فليتق هللا تعأب كليجمل ُب الطلب فهذه صفة أسباب ا‪٤‬بتعلقْب ابهلل عز كجل كأما غّبىم فإهنم‬
‫يقتلوف أنفسهم حالة السبب اب‪٣‬بدمة كال يركف سببا من األسباب إال تعاطوه سواء‬
‫كاف مأذكان فيو أك غّب مأذكان فيو كيعتقدكف أف الرزؽ يكوف على حسب حيلهم كسياستهم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪642‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفاسدة فهؤالء ىم الذين يستحلوف التدبّب ُب أمور الدنيا كالتعب فيها كركوب ا‪٤‬بشاؽ العظيمة‬
‫ُب طلبها على طاعة هللا عز كجل كعبادتو لكماؿ انقطاعهم عنو سبحانو كتعأب‪ .‬ك‪٠‬بعتو هنع هللا يضر مرة‬
‫أخرل يقوؿ ُب ىذا ا‪٤‬بعُب‪ :‬إ٭با مثل الناس كمثل قوـ ربطت ُب أكساطهم حباؿ ٍب دلوا من‬
‫شواىق جباؿ عالية حٌب كانوا بْب األرض كالسماء فَبكوا معلقْب ُب ا‪٥‬بواء كطاؿ ذلك من أمرىم‬
‫فأما العقبلء منهم فإهنم ال يقر ‪٥‬بم قرار كال تسكن أنفسهم إٔب غّب من‬
‫األغيار بل نظهرىم مقسوـ مرة ينظركف إٔب ا‪٤‬بوضع الذم تسقط فيو أرجلهم كىل ىو قريب أك‬
‫بعيد كىل ا‪٤‬بكاف رخو أك صلب ككيف تكوف حالتهم إذا سقطوا على ذلك ا‪٤‬بكاف كىذه أنظار‬
‫تذيب األكباد كتفتت الفؤاد كمرة ينظركف إٔب الذم ُب يده ا‪٢‬ببل ا‪٤‬بعلقوف فيو ىل أراد أف‬
‫يطلقو من يده أـ الوقت ابؽ كىل بينهم كبينو مودة كر‪ٞ‬بة فيحن عليهم إذا أطلقهم كينز‪٥‬بم إٔب‬
‫ا‪٤‬بكاف الذم يسقطوف إليو برفق أك ال مودة كر‪ٞ‬بة بينو كبينهم فبل يبإب كيف رماىم كحينئذ‬
‫فيسعوف ُب طلب مرضاتو كال ٲبكنهم ذلك ٕبيلة من ا‪٢‬ببل إذ ال ٲبكنهم عمل من األعماؿ‬

‫اللهم إال أف يكوف ٖبشوع القلب كخضوع اللساف كنظر العْب إليو نظر ا‪٣‬بائف منو ا‪٤‬بستعطف‬
‫لو ٍب ىو ‪٨‬بتار إف شاء رحم كإف شاء عذب فتحَبؽ قلوهبم من خوفو كعذابو‪ ،‬كأما غّب العقبلء‬
‫من أكلئك ا‪٤‬بعلقْب فإهنم ال ينظركف إٔب ا‪٤‬بكاف الذم يسقطوف فيو كال ينظركف إٔب الذم بيده‬
‫ا‪٢‬ببل بل يغلب عليهم النسياف كيظنوف أف ا‪٤‬بوضع الذم ىم فيو حينئذ موضع إقامة فيشتغلوف‬
‫أبسباب اإلقامة فيبنوف فيو الدكر كالقصور كيتعاطوف ا‪٢‬براثة كالتجارة كىم ُب ذلك ا‪٥‬بواء كال‬
‫شعور ‪٥‬بم أبمر ا‪٢‬ببل فإذا قطع هبم كجدكا أنفسهم قد فرطوا ُب ا‪٤‬بكاف الذم‬
‫يسقطوف إليو حيث ٓب يشتغلوا ابلنظر إليو كال تعاطوا أسباب صبلحو كلو ابلدعاء كالتضرع كال‬
‫أتىبوا للوقوع فيو كُب الذم ُب يده ا‪٢‬ببل فإهنم ما عرفوه فضبل عن أف يتضرعوا لو كيطلبوا منو‬
‫النجاة كالسبلمة‪ .‬قاؿ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬ىذه حالة الغافل عن هللا تعأب كعن اآلخرة كالذاكر‬
‫‪٥‬بما فا‪٢‬ببل ىو العمر كانقطاعو اب‪٤‬بوت كا‪٤‬بكاف الذم يسقط فيو إما جنة كإما انر كالذم ُب يده‬
‫ا‪٢‬ببل ىو هللا سبحانو كتعأب فالعارفوف بو ُب خوؼ دائم من ىذين األمرين فأاثهبم ا‪٢‬بق سبحانو‬
‫ابلراحة يوـ اللقاء كأما الغافلوف فعلى العكس من ذلك كهللا‬
‫تعأب أعلم اىػ‪ .‬كقاؿ‪ :‬ك‪٠‬بعتو رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬إ٭با أرسل هللا للعبادة رسلو كأمرىم‬
‫ابلطاعة ‪٣‬بصلة كاحدة كىو أف يعرفوه فيوحدكه كال يشركوا بو شيئا فمٌب حصل ىذا ا‪٤‬بقصود‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪643‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫من العبد كاف عند هللا ‪٧‬ببواب عزيزا كسيأٌب ُب كبلمو هنع هللا يضر أف الطاعات إ٭با ىي فتح ابب يدخل‬
‫منو نور ا‪٢‬بق على الذكات كأف النهي عن ا‪٤‬بعاصي إ٭با ىو عبارة عن سد أبواب يدخل منها‬
‫ظبلـ الباطل على ذات العاصي فمن كاف مرتكبا للطاعات ‪٦‬بتنبا للمخالفات فقد فتح على‬
‫نفسو أبواب نور ا‪٢‬بق كسد عنها أبواب ظبلـ الباطل كمن ترؾ الطاعات كارتكب‬

‫ا‪٤‬بخالفات فقد فتح على نفسو أبواب ظبلـ الباطل كسد عنها أبواب نور ا‪٢‬بق كمن أطاع‬
‫كعصى كفعلهما معا فقد فتح على نفسو البابْب معا فلينظر العبد ُب أم مقاـ ىو كُب أم ابب‬
‫فتحو على نفسو قبل أف يندـ حيث ال ينفعو الندـ كلكن أكثر الناس يظنوف أف القياـ‬
‫ابلطاعات ظاىرا يكفي ُب فتح أبواب ا‪٢‬بق كما أف فعل ا‪٤‬بخالفات ُب الظاىر يكفي ُب فتح‬
‫أبواب الشر كليس كذلك بل ال بد أف يوافق الظاىر الباطن فإف الناس حينئذ أربعة أقساـ‪:‬‬
‫قسم ظاىره كابطنو مع هللا عز كجل فظاىره مع هللا تعأب ابمتثاؿ ألكامره كابطنو مع هللا تعأب‬
‫بزكاؿ‬
‫الغفلة حاؿ فعل الطاعة كحصوؿ ا‪٤‬براقبة كا‪٤‬بشاىدة فهذا ىو احملبوب عند هللا عز كجل‪ ،‬كقسم‬
‫كالعياذ ابهلل ظاىره كابطنو مع غّب هللا تعأب فظاىره ُب ا‪٤‬بخالفات كابطنو مغمور ابلغفبلت فهذا‬
‫ىو ا‪٤‬بذموـ‪ ،‬كقسم ظاىره مع هللا تعأب كابطنو مع غّب هللا سبحانو كتعأب فظاىره ُب الطاعات‬
‫كابطنو غافل كعلة ىذا حيث ٓب ترده عبادتو إٔب ربو أهنا أم عبادتو صارت عادة لو من ‪ٝ‬بلة‬
‫العادات فاستأنست ذاتو هبا فصارت بفعلها ٕبكم كازع الطبع ال ٰبكم كازع الشرع كقد تضاؼ‬
‫إٔب ىذه العلة علة أخرل كىي أف يكوف عند الناس معركفا ابلعبادة كالزىد‬
‫كحسن السّبة فيخاؼ من تقصّبه ُب عبادتو أف يسقط من أعْب الناس فَباه يعبد ليلو كهناره‬
‫حرصا على أف تزيد درجتو عند الناس فهذا ىو الذم ٓب تزده عبادتو إال بعدا من هللا سبحانو‬
‫كقد ٯبمع هللا سبحانو بعض أىل ىذا القسم مع كاحد من أكابر أكليائو من أىل القسم األكؿ‬
‫فّبل الوٕب علتو فّبيد أف يعا‪١‬بو فيأمره بَبؾ بعض ما ىو عليو من ظاىر العبادة فيأىب عليو ذلك‬
‫الستحكاـ العلة فيهلك مع ا‪٥‬بالكْب‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كما كقع لصاحب أيب يزيد البسطامي رضي هللا تعأب عنو كذلك أنو أمر بعض من كاف‬
‫كهللا تعأب أعلم على ىذه ا‪٢‬بالة بَبؾ صياـ نفل فأىب عليو فقاؿ أصحابو كإخوانو ُب هللا تعأب‪:‬‬
‫كيلك أتعصي قدكتك؟ فقاؿ ‪٥‬بم أبو يزيد‪ :‬دعوا من سقط من عْب هللا عز كجل‪ ،‬كقسم ظاىره‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪644‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫مع غّب هللا تعأب كابطنو مع هللا تعأب فظاىره ُب ا‪٤‬بخالفات كابطنو ُب مراقبة ا‪٢‬بق سبحانو فَباه‬
‫يعصي كربو بْب عينيو ال يغيب عن فكره فتكرب عليو معصيتو كيراىا كاقعة عليو كا‪١‬ببل فهو‬
‫حزين كئيب دائما كىذا أفضل عند هللا تعأب بدرجات من القسم الذم فوقو ألف‬
‫مقصود هللا تعأب من عبادة الذم ىو االنكسار كالوقوؼ بْب يديو ابلذلة كا‪٣‬بضوع حصل ‪٥‬بذا‬
‫دكف الذم فوقو اىػ‪ .‬كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫الفصل الثالث كا‪٣‬بمسوف‬

‫ُب إعبلمهم أنو ٯبب على كل مكلف يريد أف ٱبلص نفسو من سخط هللا تعأب كغضبو كأف يفوز‬
‫برضاه كأف يبادر إٔب التوبة النصوح كأهنا مقبولة قطعا إذا صحت ابستكماؿ شركطها كآداهبا‬
‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬اعلم أف التوبة كاجبة كتااب كسنة‬
‫كإ‪ٝ‬باعا من كل معصية كبّبة أك صغّبة على الفور كال ٯبوز أتخّبىا‪ ،‬أما الكتاب فقولو تعأب‪:‬‬
‫{كتوبوا إٔب هللا ‪ٝ‬بيعا أيها ا‪٤‬بومنوف لعلكم تفلحوف} كقولو تعأب‪{ :‬إال من اتب كآمن كعمل‬
‫عمبل صا‪٢‬با} كقولو تعأب‪{ :‬كإ٘ب لغفار ‪٤‬بن اتب كآمن} اآلية كقولو تعأب‪{ :‬فإنو كاف لبلكابْب‬
‫غفورا} كقولو تعأب‪{ :‬كىو الذم يقبل التوبة عن عباده كيعفو عن السيئات} كقولو تعأب‪:‬‬
‫{كقابل التوب شديد العقاب} كقولو تعأب‪{ :‬اي أيها الذين آمنوا‬

‫توبوا إٔب هللا توبة نصوحا} كغّب ذلك من اآلايت الٍب تدؿ على تدؿ أف التوبة كاالستغفار‬
‫كاجب على من صدر منو شيء من ا‪٤‬بنهيات كمن عصى هللا تعأب ُب شيئ ٍب ٓب يتب منو عن‬
‫قريب فهو ظآب قاؿ هللا تعأب‪{ :‬كمن ٓب يتب فؤلئك ىم الظا‪٤‬بوف} كقاؿ تعأب‪{ :‬كليست التوبة‬
‫للذين يعملوف السيئات حٌب إذا حضر أحدىم ا‪٤‬بوت قاؿ إ٘ب تبت االف كال الذم ٲبوتوف كىم‬
‫كفار أكلئك أحتدان ‪٥‬بم عذااب أليما} سول بْب من يسوؼ التوبة إٔب حضور ا‪٤‬بوت من الفسقة‬
‫كالكافرين كبْب من مات على الكفر ُب نفي التوبة ‪٤‬ببالغة ُب عدـ االعتداد ُب تلك ا‪٢‬بالة‬
‫هبا ككأنو قاؿ كتوبة ىؤالء كعدـ توبة ىؤالء سواء كقيل‪ :‬ا‪٤‬براد ابلذين يعملوف السوء عصاة‬
‫ا‪٤‬بؤمنْب كابلذ‪ٙ‬ب يعملوف السيئات ا‪٤‬بنافقوف يضاعف كفرىم كسوء أعما‪٥‬بم كابلذين ٲبوتوف الكفار‬
‫كحضور ا‪٤‬بوت أكؿ أحواؿ اآلخرة فكأهنم ماتوا ببل توبة على اليقْب كأما من اتب قبل معاينة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪645‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ملك ا‪٤‬بوت كلو ٓب تبلغ الركح ا‪٢‬بلقوـ فتوربتو مقبولة قاؿ هللا تعأب‪{ :‬إ٭با التوبة على هللا للذين‬
‫يعملوف السوء ٔبهالة ٍب يتوبوف من قريب} أم من زمن قريب فؤلئك يتوب هللا عليهم كعد‬
‫ابلوفاء ٗبا كعد بو ككتب على نفسو بقولو‪{ :‬إ٭با التوبة على هللا}‬
‫كأما السنة فقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف هللا تعأب يقبل توبة العبد ما ٓب يغرغر " ركاه الَبمذم كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف‬
‫هللا تعأب يبسط يده ابلليل ليتوب مسيء النهار كيبسط يده ابلنهار ليتوب مسيء الليل مآب‬
‫تطلع الشمس من مغرهبا"ركاه مسلم كالبسط عبادة عن قبوؿ التوبة كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬اي أيها الناس‬
‫توبوا إٔب هللا إ٘ب ألتوب إليو ُب اليوـ مائة مرة " ركاه مسلم كقولو ملسو هيلع هللا ىلص حاكيا عن هللا تعأب‪ ":‬اي‬
‫عبادم إنكم ‪ٚ‬بطئوف ابلليل كالنهار كأان أغفر الذنوب ‪ٝ‬بيعا فاستغفرك٘ب اغفر لكم "‬

‫ركاه مسلم كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف العبد إذا اعَبؼ بذنبو ٍب اتب منو اتب هللا عليو " متفق عليو كقولو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬هلل أشد فرحا بتوبة عبده حْب يتوب إليو من أحدكم كاف على راحلتو أبرض فبلة فانفلتت‬
‫منو كعليها طعامو كشرابو فآيس منها فأتى شجرة فاضطع ُب ظلها قد أيس من راحلتو فبينما‬
‫ىو كذلك إذا ىو هبا قائمة عنده فأخذ ٖبطامها ٍب قاؿ من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدم كأان‬
‫ربك أخطأ من شدة الفرح " ركاه مسلم كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف العبد إذا أذنب فقاؿ‪ :‬رب أذنبت‬
‫فاغفر ٕب قاؿ ربو‪ :‬علم عبدم أف لو‬
‫راب يغفر الذنب كأيخذ بو فغفر لو ٍب مكث ما شاء هللا ٍب أذنب ذنبا آخر فقاؿ‪ :‬رب أذنبت‬
‫فاغفر ٕب فقاؿ ربو‪ :‬علم عبدم أف لو راب يغفر الذنب كأيخذ بو غفرت لعبدم فليفعل ما شاء "‬
‫متفق عليو كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬قاؿ هللا تعأب‪ :‬اي ابن آدـ إنك ما دعوتِب كرجوتِب غفرت لك كال أابٕب‬
‫اي ابن آدـ لو بلغت ذنوبك عناف السماء ٍب استغفرتِب غفرت لك كال أابٕب اي ابن آدـ لو أتيتِب‬
‫بقراب األرض خطااي ٍب لقيتِب كأنت ال تشرؾ يب شيئا ألتيتك بقراهبا مغفرة " ركاه الَبمذم‬
‫كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من لزـ االستغفار جعل هللا‬
‫تعأب لو من كل ضيق ‪٨‬برجا كمن كل ىم فرجا كرزقو من حيث ال ٰبتسب" ركاه أ‪ٞ‬بد كقولو‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬ما أصر من استغفر كإف عاد ُب الليل سبعْب مرة" ركاه الَبمذم‪ .‬كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف العبد‬
‫إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء ُب قلبو فإف اتب كاستغفر صقل قلبو كإف زاد زادت حٌب تعلو‬
‫قلبو فذلك ىو الراف الذم ذكره هللا تعأب ُب قولو‪{ :‬كبل بل راف على قلوهبم ما كانوا يكسبوف}‬
‫" ركاه أ‪ٞ‬بد كغّبه‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪646‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف الشيطاف قاؿ‪ :‬كعزتك اي ريب ال أبرح أغوم عبادؾ ما دامت أركاحهم ُب‬
‫أجسادىم فقاؿ الرب عز كجل‪ :‬كعزٌب كجبلٕب كارتفاع مكا٘ب ال أزاؿ أغفر ‪٥‬بم ما استغفرك٘ب"‬
‫ركاه أ‪ٞ‬بد‪ .‬كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف هللا عز كجل لّبفع الدرجة للعبد الصاّب ُب ا‪١‬بنة فيقوؿ‪ :‬اي رب أٗب‬
‫ٕب ىذا؟ فيقوؿ‪ :‬ابستغفارؾ" ركاه أ‪ٞ‬بد‪ .‬كقولو صلى هللا تعأب عليو كسلم‪" :‬التائب من الذنب‬
‫كمن ال ذنب لو" ركاه ابن ماجو كغّبه كاألخبار ُب الباب أكثر من أف ‪ٙ‬بصى كٓب نشَبط أف‬
‫نوردىا كلها كفيما ذكرانه مقنع لكل عاقل متأٓب‪.‬‬
‫قاؿ سعيد بن ا‪٤‬بسيب‪ :‬نزؿ قولو تعأب‪{ :‬فإنو كاف لبلكابْب غفورا} ُب الرجل يذنب ٍب يتوب ٍب‬
‫يذنب ٍب يتوب‪ .‬كقاؿ ابن عمر رضي هللا تعأب عنهما‪ :‬من ذكر خطيئة أٓب هبا أم داكـ عليها‬
‫فوجل منها قلبو ‪٧‬بيت عنو ُب أـ الكتاب‪ .‬كقاؿ‪ :‬إف العبد ليذنب الذنب فبل يزاؿ اندما حٌب‬
‫يدخل ا‪١‬بنة فيقوؿ إبليس‪ :‬اي ليتِب ٓب أكقعو ُب الذنب‪ .‬كقاؿ عبد هللا بن سبلـ رضي هللا تعأب‬
‫عنو‪ :‬ال أحدثكم إال عن نيب مرسل أك كتاب منزؿ إف العبد إذا عمل ذنبا ٍب ندـ عليو طرفة عْب‬
‫‪٧‬بي عنو ُب أـ الكتاب‪.‬‬
‫كأما اإل‪ٝ‬باع فقد اجتمعت األمة على كجوهبا فورا كحرمة أتخّبىا كعلى أف الذنب الواحد‬
‫يضاعف مرتْب بتأخّبىا قدر ساعتْب كىكذا إٔب العشرات كا‪٤‬بئات كاأللوؼ نسأؿ هللا تعأب‬
‫سبحانو أف يرزقنا توبة نصوحا بفضلو ككرمو كجوده‪ٍ ،‬ب إف التوبة عبارة عن معُب ينتظم من علم‬
‫كحاؿ كعزـ‪ ،‬أما العلم فهو معرفة ضرر الذنوب ككوهنا حجااب بينو كبْب ‪٧‬ببوبو كأما ا‪٢‬باؿ فالندـ‬
‫كىو أتٓب القلب إذا أبصر كونو ‪٧‬بجواب عن ا‪٢‬بضرة اإل‪٥‬بية إبشراؽ نور استيبلء تلك ا‪٤‬بعرفة كأما‬
‫العزـ فثمرة تلك ا‪٢‬باؿ ككثّبا ما يطلق على الندـ كحده لكن العلم‬

‫كا‪٤‬بقدمة كالَبؾ كالثمرة‪ ،‬كقاؿ سهل بن عبد هللا‪ :‬التوبة ىي االنتقاؿ من األحواؿ ا‪٤‬بذمومة إٔب‬
‫األحواؿ احملمودة‪ ،‬كقاؿ بعضهم‪ :‬ىي الندـ على ا‪٤‬باضي كالَبؾ ُب ا‪٢‬باؿ كالعزـ أف ال يعود ُب‬
‫ا‪٤‬بستقبل‪ .‬كسئل أبو ا‪٢‬بسن البوشنجي عن التوبة فقاؿ‪ :‬إذا ذكرت الذنب ال ٘بد لو حبلكة ُب‬
‫القلب‪ .‬كركل جابر أف أعرابيا دخل مسجد النيب ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ‪ :‬اللهم إ٘ب أستغفرؾ كأتوب إليك‬
‫ككرب فلما فرغ من صبلتو قاؿ لو سيدان علي هنع هللا يضر‪ :‬إف سرعة اللساف ابالستغفار توبة الكاذبْب‬
‫فقاؿ‪ :‬اي أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ما التوبة؟ فقاؿ‪ :‬اسم يقع‬
‫على ستة أشياء على ا‪٤‬باضي من الذنوب الندامة كلتضييع الفرائض اإلعادة كرد ا‪٤‬بظآب كإذاقة‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪647‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫النفس مرارة الطاعة كما إذاقتها حبلكة ا‪٤‬بعصية كإذابتها ُب الطاعة كما إذابتها ُب ا‪٤‬بعصية‬
‫كالبكاء بدؿ كل ضحك ضحكتو‪ .‬كقاؿ ابن منصور‪ :‬التوبة ‪٧‬بو البشرية إبثبات األلوىية كميل‬
‫عما دكف هللا تعأب حٌب يرجع إٔب أصل العدـ كيبقى ا‪٢‬بق تعأب كما ٓب يزؿ‪ ،‬كقيل‪ :‬التوبة إتبلؼ‬
‫النفس كقتلها بَبؾ الشهوات كقطعها عن ا‪٤‬ببلذ‪.‬‬
‫كقاؿ الفارسي‪ :‬التوبة ‪٧‬بو البشرية إبثبات األلوىية قاؿ هللا تعأب‪{ :‬فتوبوا إٔب ابرئكم فاقتلوا‬
‫أنفسكم} كأما التوبة النصوح فقد اختلفوا ُب حقيقتها فقاؿ عمر كمعاذ‪ :‬التوبة النصوح أف‬
‫يتوب ٍب ال يعود إٔب الذنب كما ال يعود اللَب إٔب الضرع‪ ،‬كقاؿ ا‪٢‬بسن‪ :‬ىي أف يكوف العبد‬
‫اندما على ما مضى ‪٦‬بمعا على أف ال يعود فيو كقاؿ الكليب‪ :‬أف يستغفر ابللساف كيندـ ابلقلب‬
‫كٲبسك ابلبدف كعن السدل ال تصح إال بنصيحة النفس كنصيحة ا‪٤‬بؤمنْب ألف من صحت‬
‫توبتو أحب أف يكوف الناس مثلو‪.‬‬

‫كقاؿ القرطيب‪ :‬ٯبمعها أربعة أشياء‪ :‬االستغفار ابللساف كاإلقبلع ابألبداف كاإلضمار ترؾ العود‬
‫اب‪١‬بناف كمهاجرة سيء اإلخواف‪ .‬كقاؿ الشيخ أبو عبد هللا بن خفيف‪ :‬التوبة النصوح الصدؽ‬
‫فيها ترؾ ما منو اتب سرا كإعبلان قوال كفكرة كقاؿ الواسطي‪ :‬التوبة النصوح الٍب ال تبقي على‬
‫صاحبها آاثر ا‪٤‬بعصية سرا أك جهرا كقاؿ‪ :‬من كانت توبتو نصوحا ٓب يباؿ كيف أصبح ككيف‬
‫أمسى اىػ‪.‬‬
‫كقاؿ ُب بغية السالك‪ :‬اعلم جعلِب هللا تعأب كإايؾ ‪٩‬بن أسلم كجهو إٔب هللا تعأب كٓب ير ُب‬
‫الوجود إال هللا تعأب أف التوبة كاجبة ُب الطريق كىي بدايتو ألهنا كلوج ألكؿ األبواب الٍب تسرع‬
‫إٔب طريق السالكْب ا‪٤‬بسافرين إٔب هللا تعأب كنعِب ابلتوبة ىنا توبة العامة الٍب فرضها هللا تعأب‬
‫على ‪ٝ‬بيع أىل اإلسبلـ ُب قولو تعأب‪{ :‬كتوبوا إٔب هللا ‪ٝ‬بيعا أيها ا‪٤‬بومنوف لعلكم تفلحوف} كىي‬
‫الرجوع من ا‪٤‬بعاصي إٔب الطاعات قاؿ تعأب‪{ :‬كمن ٓب يتب فأكلئك ىم الظا‪٤‬بوف} ‪٠‬بعت أيب‬
‫رضي هللا تعأب عنو يقوؿ‪ :‬للتوبة ثبلث مراتب‪ :‬توبة‬
‫ُب مقاـ اإلسبلـ كىي الرجوع من ا‪٤‬بخالفات إٔب الطاعة كتوبة ُب مقاـ اإلٲباف كىي الرجوع من‬
‫الغفلة إٔب استصحاب الذكر كتوبة ُب مقاـ اإلحساف كىي الرجوع من األكىاـ إٔب ا‪٢‬بقائق‪.‬‬
‫كأخرج مسلم كالبخارم عن عائشة رضي هللا تعأب عنها قالت‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف العبد‬
‫إذا اعَبؼ بذنبو ٍب اتب إٔب هللا تعأب اتب عليو"‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪648‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأخرج الَبمذم عن أيب ىريرة رضي هللا تعأب عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إف العبد إذا أخطأ‬
‫نكت ُب قلبو نكتة سوداء فإذا ىو نزع كاستغفر كاتب صقل كإف عاد زيد فيها حٌب تعلو قلبو‬
‫كىو الراف الذم ذكره هللا تعأب ُب قولو‪{ :‬كبل بل راف على قلوهبم ما كانوا يكسبوف} " إٔب غّب‬
‫ذلك من أدلة الكتاب كالسنة ا‪٤‬بتضمنة الَبغيب ُب التوبة كذلك أف العبد إذا ىبت عليو نواسم‬
‫ا‪٥‬بداية كاستيقظ من سنة الغفلة كأفاؽ من سكرة ا‪٤‬بعاصي أضاء ُب ابطنو قبس من نور اإلٲباف‬
‫فإف بصر بو عيوب نفسو كاطلع على عوراهتا ‪ٙ‬بركت عنده‬
‫سلسلة ا‪٣‬بوؼ من ىوؿ ا‪٤‬بطلع فلجأ إٔب هللا تعأب ٖبالص ا‪٤‬بتاب طالبا النجاة كراغبا ُب‬
‫اإلخبلص معَبضا للقلوب كىذه التوبة على ثبلثة أقساـ‪ :‬توبة من تضييع الواجبات كتوبة من‬
‫التلبس ابحملرمات كتوبة من ‪ٙ‬بمل الظلمات‪ ،‬أما ترؾ الواجبات فَبؾ الصبلة كالزكاة كغّب ذلك‬
‫‪٩‬با أكجب هللا تعأب القياـ بو على العبد فالتوبة ُب ذلك القياـ ابلواجب عليو حاال كالعزـ على‬
‫القياـ بو مآال كتبلُب ما ٯبب عليو القضاء فيو من الفوائت ابلقضاء مع اإلمكاف‪ ،‬كأما التلبس‬
‫ابحملرمات كشرب ا‪٣‬بمر كالزان كالكذب كغّب ذلك ‪٩‬با حرمو هللا تعأب على‬
‫عباده فالتوبة ُب ذلك اإلقبلع ُب الفور من غّب تواف كالعزـ على استصحاب اإلقبلع أبدا‪ ،‬كأما‬
‫‪ٙ‬بمل الظلمات كىي عمارة الذمة بدـ أك ماؿ أك عرض ك‪٫‬بو ذلك فالتوبة من ذلك اإلقبلع‬
‫عن ذلك حاال كالعزـ على استصحاب اإلقبلع كبذؿ الصدقات كىبة أجر ذلك للمظلوـ‬
‫كالضراعة إٔب هللا تعأب ُب إرضاء ا‪٣‬بصوـ عنو كإقالة العثرة كللتوبة آداب كشركط أما شركطها‬
‫فأربعة‪ :‬األكؿ اإلقبلع عن ‪ٝ‬بيع الذنوب الٍب تلبس هبا ألف اإلقبلع يضاد اإلقامة كال توبة من‬
‫ذنب ‪٤‬بقيم عليو كىو أكرب الكاذبْب‪ ،‬الثا٘ب الندـ على ما فات كىو عمدة من عمد التوبة‬

‫قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬الندـ توبة" كالندـ يضاد اإلصرار كال توبة من ذنب ‪٤‬بصر عليو كىو أعظم‬
‫ا‪٤‬بستهزئْب‪ ،‬الثالث العزـ على أف ال يعود لشيء ‪٩‬با أقلع عنو كاتب منو ألف العزـ ضد الَبدد‬
‫كال تصح توبة ال ثبات لعبدىا كىو أسوأ ا‪٤‬بتبلعبْب كالعزـ توطئة النفس على أف ال عودة للذنب‬
‫البتة كالنفس مهما أرخى ‪٥‬با زمامها مضت على أك‪٥‬با كاسَبسلت ُب شهواهتا اسَبساؿ البهائم ُب‬
‫مرعاىا‪ ،‬الرابع القصد ُب التوبة معاملة ا‪٢‬بي القيوـ بتعظيمو كخوؼ عقابو ألف التوبة قد يكوف‬
‫الباعث غّب ذلك من األكىاـ الٍب ليست من معاملة هللا عز كجل‬
‫ُب شيء كىذا الشرط ىو قلب سائر الشركط كعليها مدارىا‪ ،‬كأما آداهبا فأربعة‪ :‬األكؿ ترؾ‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪649‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األصحاب الذين ألفهم على التقصّب كصحبهم على العصياف فيعرض عنهم كيقاطعهم ككذلك‬
‫من يتوسم فيو الشر فهم شياطْب اإلنس الذين أمر هللا تعأب ابلتعوذ منهم كإف ٓب يدعوا للشر‬
‫أبقوا‪٥‬بم فهم يدعوف إليو أبحوا‪٥‬بم كالطبع يسرؽ من الطبع كإٔب ىذا ا‪٤‬بعُب أشار بقولو صلى هللا‬
‫عليو كسلم‪" :‬ا‪٤‬برء على دين خليلو فلينظر أحدكم من ٱبالل"‪ ،‬الثا٘ب مواصلة أىل ا‪٣‬بّب كمآلفتهم‬
‫ال سيما الذين أقامهم هللا تعأب ىداية للخلق كالعلماء فهم كإف ٓب يدعوا إٔب‬
‫هللا تعأب أبقوا‪٥‬بم فهم يدعوف إليو أبحوا‪٥‬بم كإٔب ذلك اإلشارة بقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬ا‪١‬بليس الصاّب خّب‬
‫من الوحدة كالوحدة خّب من ا‪١‬بليس السوء"‪ ،‬الثالث اجتناب موضع ا‪٥‬بول كاللهو كالغفلة فإف‬
‫النفس تنبعث بذلك إٔب الشهوات كتسَبسل ُب الغفلة كالسماع ا‪٤‬بستعمل اآلف ابآلالت ا‪٤‬بطربة‬
‫ك‪٫‬بو ذلك كال ٱبدعو ُب ذلك ما ٯبده من ‪ٙ‬بريك كىيجاف طباعو فإف ذلك خدعة كشرؾ خفي‬
‫ال مذاؽ فيو من طريق السالكْب كال نفحة لو من سبيل العابدين‪ ،‬الرابع أف ال يذكر شيئا من‬
‫لذاتو الٍب خلت كال ٱبطر ببالو شيء من شهواتو الٍب سلفت على كجو‬

‫االستلذاذ فإف النفس تتحرؾ بذلك ‪٤‬با قد خرجت عنو التوبة كلو أف يذكر ذلك كيتفكر فيو‬
‫مقركان ابلوعيد عليو على كجو التخويف ابلعقوبة ليسكن شره النفس كتعلم قدرىا ٗبا اقَبفتو كال‬
‫تسكن إٔب األمن ٗبا ىو عليو من كظائف التوبة اعلموا اي إخوا٘ب أف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بعاصي كالسيئات ال‬
‫ٯبر اإلنساف إليها إال حب الدنيا ألف حبها رأس كل خطيئة ٍب اعلموا أف راحة الدنيا كما ُب‬
‫الترب ا‪٤‬بسبوؾ ُب نصيحة ا‪٤‬بلوؾ أايـ قبلئل كأكثرىا منغص ابلتعب كمشوب ابلنصب كبسببها‬
‫تفوت راحة اآلخرة الٍب ىي الدائمة الباقية كا‪٤‬بلك الذم ال فناء لو كال هناية‬
‫فعلى العاقل أف يصرب ُب ىذه األايـ القبلئل ليناؿ راحة دائمة ببل انقضاء‪ .‬نكتة لو كاف‬
‫لئلنساف معشوقة كقيل لو إف كنت ُب ىذه الليلة تزكرىا فإنك لتعود تراىا أبدا كإف صربت عنها‬
‫ىذه الليلة سلمت لك ألف ليلة ببل تعب كال نصب فإنو كإف كاف عشقو ‪٥‬با عظيما كصربه عنها‬
‫أليما يهوف الصرب على البعد عنها ليلة كاحدة ليناؿ قرهبا ألف ليلة كىذه الدنيا ليست كاحدة‬
‫من ألف من مدة اآلخرة بل ليست ُب شيء ُب جنب اآلخرة كال نسبة بينهما ألف اآلخرة ال‬
‫هناية ‪٥‬با كال يدرؾ الوىم طو‪٥‬با ٍب قاؿ‪ :‬كقد أفردان ُب صفة الدنيا كتااب لكنا نقنع‬
‫اآلف ٗبا نورده من أحواؿ الدنيا كقد كصفنا حا‪٥‬با على عشرة أمثلة ا‪٤‬بثاؿ األكؿ ُب سحر الدنيا‬
‫قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬احذركا الدنيا فإهنا أسحر من ىاركت كماركت كأكؿ سحرىا أهنا تريك أهنا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪650‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ساكنة عندؾ مستقرة كإذا أتملتها خلتها ساكنة كىي ىاربة انفرت عنك على الدكاـ كإ٭با تنسل‬
‫على تدريج ذرة ذرة كنفسا نفسا كمثل الدنيا كمثل الظل إٔب رأيتو حسبتو رأيتو ساكنا كىو ٲبر‬
‫دائما ككذلك عمر اإلنساف ٲبر ابلتدريج على الدكاـ كينقص كل ‪٢‬بظة فكذلك الدنيا تواعد‬
‫كهترب عنك كأنت غافل ال ‪ٚ‬برب كذاىل ال تشعر ا‪٤‬بثاؿ الثا٘ب‬

‫أهنا تظهر لك ‪٧‬ببة لنعشقها كتريك أهنا مساعدة كأهنا ال تنتقل من عندؾ إٔب غّبؾ ٍب تعود عدكة‬
‫لك على غفلة كمثلها كمثل امرأة فاجرة خداعة للرجاؿ حٌب إذا عشقوىا دعتهم إٔب بيتها‬
‫فاغتالتهم كأىلكتهم كرأل عيسى عليو السبلـ الدنيا ُب بعض مكاشفاتو كىي على صورة عجوز‬
‫ىرمة فقاؿ ‪٥‬با كم كاف لك من زكج فقالت ال ٰبصوف لكثرهتم فقاؿ‪ :‬ماتوا عنك أك طلقوؾ‬
‫فقالت‪ :‬بل أان قتلتهم فقاؿ‪ :‬كا عجبا ‪٥‬بؤالء ا‪٢‬بمقى الذين يشاىدكف ما يسوؤىم من صنعك‬
‫كىم فيك يرغبوف كبغّبىم ال يعتربكف الثالث كمن منخادعتها أهنا تزين ظاىرىا ٗبحاسنها ك‪ٚ‬بفي‬
‫‪٧‬بنها كقبائحها ُب ابطنها لتغر ا‪١‬باىل ٗبا يراه من ظاىرىا كمثلها كمثل عجوز قبيحة ا‪٤‬بنظر ‪ٚ‬بفي‬
‫كجهها كتلبس أحسن ثياهبا كتتزين كتتجمل لتفًب ا‪٣‬بلق من بعيد فإذا كشفوا أعضاءىا أك‬
‫‪ٟ‬بارىا أك ألقوا عنها إزارىا ندموا على ‪٦‬بيئها ‪٤‬با شاىدكا من فضائحها كعاينوا من قبحها‪ .‬كقد‬
‫جاء ُب ا‪٣‬برب أف الدنيا يؤتى هبا يوةـ القيامة ُب صورة عجوز قبيحة مشوىة زرقاء العْب كحشة‬
‫الوجو قد فتحت فاىا ككشرت عن أنياهبا فإذا رآىا ا‪٣‬ببلئق قالوا نعوذ ابهلل من ىذه القبيحة‬
‫ا‪٤‬بشوىة فيقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬ىذه الٍب كنتم عليها تتحاسدكف كألجلها كنتم‬
‫تتحادقوف كتسفكوف الدماء بغّب حق كتقطعوت أرحامكم كتغّبكف بزخرفها ٍب يؤمر هبا إٔب النار‬
‫فتقوؿ‪ :‬إ‪٥‬بي أين أحبائي؟ فيؤمر هبم إٔب النار معها ا‪٤‬بثاؿ الرابع أف ٰبسب اإلنساف كم كاف ُب‬
‫األزؿ قبل أف توجد النيا ككم يكوف مدة عدمو اب‪٤‬بوت ككم قدر ىذه ا‪٤‬بدة الٍب بْب األزؿ كاألبد‬
‫كىي مدة حياتو ُب الدنيا فيعلم أف مثاؿ الدنيا كطريق ا‪٤‬بسافر أكلو ا‪٤‬بهد كآخره اللحد كفيما‬
‫بينهما منازؿ معدكدة كإف ؿ سنة كمنزلة كؿ شهر كفرسخ ككل يوـ كميل ككل نفس كخطوة‬
‫كىو يسّب دائما فيبقى لواحد من طريقو فرسخ كآلخر أقل كآلخر أكثر كىو قاعد ذاىل ساكن‬
‫غافل كأنو مقيم ال يربح كفاطن ال ينزح كقد اشتغل بتدبّب أعماؿ ال ٰبتاج إليها بعد عشرين سنة‬
‫كرٗبا ٰبصل بعد عشرة أايـ ُب الَباب ا‪٤‬بثاؿ ا‪٣‬بامس‪ :‬اعلم أف الدنيا كما ٰبتقب أىلها فيها‬
‫بشهواهتم كلذاهتم من الفضائح الٍب يشاىدكهنا ُب اآلخرة كمثل إنساف أكل فوؽ حاجتو من‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪651‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫طعاـ حلو ‪٠‬بْب إٔب أف حاف ىظمو ىاظت معدتو فرأل فضيحة من خبلؿ معدتو كنتونة نفسو‬
‫ككثرت برازه كحاجتو فندـ بعد ذىاب لذتو كبقاء فضيحتو من ىبلؾ معدتو كلذلك كلما ألف‬
‫اإلنساف لذة الدنيا كتبْب لو ذلك كانت عاقبتو أصعب كابتلي بذلك عند نزع ركحو كخركجها‬
‫من بدنو ألف من كانت لو نعم كثّبة من ذىب كفضة كجوار كغلماف ككركـ كبساتْب كاف أٓب‬
‫فراؽ ركحو أصعب من أٓب من ليس لو إال القليل فإف ذلك األٓب كالعذاب ال يزكؿ اب‪٤‬بوت بل‬
‫يزيد ألف تلك احملبة صفة القلب كالقلب ٕبالو ال ٲبوت ا‪٤‬بثاؿ السادس اعلم اف أمور الدنيا أكؿ‬
‫ما تبدكا كيظنها اإلنساف قريبة ‪٧‬بصورة كإف شغلها ال يطوؿ كرٗبا كاف من بعض أشغا‪٥‬با كأحوا‪٥‬با‬
‫من يتسلسل من مائة أمر كينفق بضاعة العمر قاؿ عيسى عليو السبلـ‪ :‬طالب الدنيا كشارب‬
‫ماء البحر كلما ازداد شراب ازداد عطشا كال يزاؿ يشرب منو إٔب أف يهلك كال‬
‫يركل قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬كما ال ٲبكن لداخل البحر أف ال ينالو البلل ال ٲبكن من دخل ُب أمور‬
‫الدنيا أف ال يتدنس ا‪٤‬بثاؿ السابع مثل من حصل ُب الدنيا كمثل ضيف دعي إٔب مائدة كمن‬
‫عادة ا‪٤‬بضيف أف يزين داره لؤلضياؼ ٍب يدعوا إليو قوـ بعد قوـ فوجا بعد فوج كيضع أضيافو‬
‫طبقا من ذىب ‪٩‬بلؤا اب‪١‬بواىر كمبخرة من فضة فيها عود كٖبور ليتطيبوا كيتبخركا كينا‪٥‬بم طيب‬
‫رائحة ٍب يغادركف الطبق كا‪٤‬ببخرة ٕبا‪٥‬بما ‪٤‬با لكنهما ليدعوا ‪٥‬بما غّبىم كما دعاىم كمن كاف‬
‫عاقبل عارؼ برسم الدعوة منع نفسو من ذلك البخور كالطيب كانطلق‬

‫كٓب يطمع أف يتناكؿ ا‪٤‬ببخرة كالطبق كتركهما بطيب من قلبو كشكر صاحب البيت كانصرؼ‬
‫راشدا كمن كاف أ‪ٞ‬بق أبلو يتوىم أف ذلك الطبق كا‪٤‬ببخرة قد أعدا لو كأهنم يريدكف أف يهبوٮبا لو‬
‫فلما ىم اب‪٣‬بركج أخذ الطبق كا‪٤‬ببخرة فاستعادكٮبا منو فذاؽ صدره كتعب قلبو فطلب اإلقالة إذ‬
‫ظهر ذنبو فالدنيا كدار الضيافة ليتزكدكا هبا لطريقهم كال يطمعوا ٗبا ُب الدار ا‪٤‬بثاؿ الثامن مثل‬
‫أىل الدنيا كاشتغا‪٥‬بم أبشغا‪٥‬با كاىتمامهم أبحو‪٥‬با كنسياف اآلخرة كأىوا‪٥‬با كمثل قوـ ركبوا ُب‬
‫البحر فعدكا إٔب جزيرة ألجل الطهارة كقضاء ا‪٢‬باجة فنزلوا إٔب‬
‫ا‪١‬بزيرة كا‪٤‬بنادم يناديهم ال تطيلوا ا‪٤‬بكث لئبل يفوت الوقت فبل تشتغلوا بغّب الوضوء كالصبلة‬
‫فإف ا‪٤‬بركب سائرة فمضوا كتفرقوا ُب ا‪١‬بزيرة كانتشركا ُب نواحيها فالعقبلء منهم ٓب ٲبكثوا‬
‫كأسرعوا ابلطهارة كعادكا إٔب ا‪٤‬بركي فأصابوا األماكن خالية كجلسوا ُب أطيب ا‪٤‬بواطن كأظهر‬
‫األماكن كأرفقها كأطيب مواضعها كأرفعها كمنهم قوـ نظركا إٔب عجائب تلك ا‪١‬بزيرة فوقفوا‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪652‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يتنزىوف ُب زىرىا ك‪ٜ‬بارىا كرايضها كأشجارىا كيسمعوف طيب ترٖب أطيارىا كيتعجبوـ من حصباهتا‬
‫ا‪٤‬بتلونة كأحجارىا فلما عادكا إٔب ا‪٤‬بركب ٓب ٯبدكا موضعا كال رأكا فيو‬
‫متسعا فقعدكا ُب اضيق ا‪٤‬بواضع ك‪ٞ‬بلوا ما استصحبوه من تلك األحجار على أعناقهم كٓب ٲبض‬
‫إال يوـ أك يوماف حٌب تغّبت ألواف تلك األحجار كاسودت كفاح منها أقبح رائحة فلم ٯبدكا‬
‫‪٧‬ببل من الزحاـ ليلقوا أثقا‪٥‬با من أعناقهم فندموا على ما فعلوا من تلك األحجار على أعناقهم‬
‫إذ كانوا بتحصيلها اشتغلوا كمنهم قوـ كقفوا مع عجائب تلك ا‪١‬بزيرة كأتخركا ُب الرجوع كٓب‬
‫يتفكركا حٌب سار ا‪٤‬بركب فبعد عنهم كانقطعوا ُب أماكنهم ك‪ٚ‬بلفوا إذ ٓب ٲبضوا إٔب ا‪٤‬بنادم كٓب‬
‫يسمعوا فمنهم من ىلك من ا‪١‬بوع كمنهم من أكلتو السباع فالقوـ ىم ا‪٤‬بتقدموف‬

‫ا‪٤‬بؤمنوف كالقوـ ا‪٤‬بتخلفوف ا‪٥‬بالكوف ىم الكفار ا‪٤‬بشركوف الذين استحبوا الدنيا على اآلخرة كأما‬
‫ا‪١‬بماعة ا‪٤‬بتوسطوف فهم العصاة الذين حفظوا أصل اإلٲباف كٓب يكفوا أيديهم عن الدنيا فمنهم‬
‫من ‪ٛ‬بتع بغناه كنعمتو كمنهم من ‪ٛ‬بتع مع فقره كحاجتو إٔب أف ثقلت أكزارىم ككثرت أكساخهم‬
‫ا‪٤‬بثاؿ التاسع ركل أبو ىريرة رضي هللا تعأب عنو أف رسوؿ هللا صلى هللا تعأب سلم قاؿ‪ ":‬اي أاب‬
‫ىريرة تريد أف أريك الدنيا فقلت‪ :‬نعم اي رسوؿ هللا فأخذ بيدم كانطلق حٌب كقف على مزبلة‬
‫فيها رؤكس من اآلدميْب ملقاة كبقااي عضاـ انخرة كخرؽ ابلية ‪ٛ‬بزقت‬
‫كتلوثت بنجاسات اآلدميْب فقاؿ‪ :‬اي أاب ىريرة ىذه رؤكس الناس الٍب تراىا كانت مثل رؤكسكم‬
‫‪٩‬بلوءة من االجتهاد على ‪ٝ‬بع الدنيا ككانوا يرجوف من الدنيا من طوؿ األعمار ما ترجونو ككانوا‬
‫ٯبدكف ُب ‪ٝ‬بع ا‪٤‬باؿ كعمارة الدنيا كما ٘بدكف فاليوـ ‪٬‬برت عضامهم كتبلشت أجسامهم كما‬
‫ترل كىذه ا‪٣‬برؽ كانت أثواهبم الٍب يتزيننوف هبا عند التجمل ككقت الرعوبة فاليوـ قد ألقتها‬
‫الرايح ُب النجاسات كىذه عضاـ دكاهبم الٍب كانوا يطوفوف عليها أقطار األرض كىذه النجاسة‬
‫كانت أطعمتهم اللذيذة الٍب كانوا ٰبتالوف عليها ُب ‪ٙ‬بصيلها كينهبها بعضهم من بعض قد‬
‫ألقوىا ىذه القبيحة الٍب ال يقرهبا أحد من نتنها فهذه ‪ٝ‬بلة الدنيا كما تشهد كترل فمن أراد أف‬
‫يبكي على الدنيا فليبك فإهنا موضع البكاء قاؿ أك ىريرة هنع هللا يضر فبكى ‪ٝ‬باعة ا‪٢‬باضرين ا‪٤‬بثاؿ‬
‫العاشر كاف ُب زمن عيسى بن مر‪ٙ‬ب عليهما السبلـ ثبلثة سائركف ُب طريق كاحد فوجدكا كنزا‬
‫فقالوا‪ :‬قد جعنا فليمض أحدان يشَبم لنا طعاما فمضى أحدىم ليأتيهم بطعاـ فقاؿ‪ :‬الصواب‬
‫أف أجعل ‪٥‬بما ُب الطعاـ ‪٠‬با قاتبل ليأكبل منو فيموات كأنفرد ابلكنز دكهنما ففعل ذلك كسم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪653‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الطعاـ كاتفق الرجبلف أنو إذا كصل إليهما ابلطعاـ قتبله كانفردا ابلكنز دكنو فلما كصل كمعو‬
‫الطعاـ قتبله ٍب أكبل من الطعاـ فماات فاسشتأثر عيسى عليو السبلـ بذلك ا‪٤‬بكاف فقاؿ لو‬
‫ا‪٢‬بيواريوف‪ :‬ما ىؤالء فقاؿ‪ :‬ىذه الدنيا فانظركا كيف قتلت ىؤالء الثبلثة كبقيت بعدىم كيل ‪٤‬بن‬
‫طلب الدنيا من الدنيا كألجل اإلقباؿ على قبح الدنيا كاإلدابر عن ا‪٤‬بؤب ابرتكاب الذنوب‬
‫كا‪٤‬بعاصي بسببها حذر الشيخ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو ‪ٝ‬بيع اإلخواف من ‪٨‬بالفة أمر‬
‫هللا تعأب كأمرىم ابلتقول كا‪٤‬ببادرة إٔب التوبة كالرجوع إٔب هللا سبحانو كتعأب بقولو ُب أكؿ‬
‫الرسائل‪ :‬كأكصيكم كإايم بتقول‬
‫هللا تعأب كارتقاب ا‪٤‬بآخذة منو ابلذنوب فإف لكل ذنب مصيبتْب ال ٱبلوا عنهما كاحدة ُب الدنيا‬
‫ككاحدة ُب اآلخرة فمصيبة اآلخرة كاقعة قطعا إال أف تقابل ابلعفو منو سبحانو كتعأب كمصيبة‬
‫الدنيا كاقعة بكل من اقَبؼ ذنبا إال أف يدفعها كارد إ‪٥‬بي بصدقة ‪٤‬بسكْب أك صلة رحم أك‬
‫تنفيس عن مدين بقضاء الدين عنو أك بعفوفو عنو إف كاف كإال فهي كاقعة فا‪٢‬بذر ا‪٢‬بذر من‬
‫‪٨‬بالفة أمر هللا تعأب كإف كقعت ‪٨‬بالفة كالعبد غّب معصوـ فا‪٤‬ببادرة ابلتوبة كالرجوع إٔب هللا تعأب‬
‫كإف ٓب يكن ذلك عاجبل فليعلم العبد أنو ساقط من عْب ا‪٢‬بق تعأب‬
‫متعرض لغضبو إال أف ٲبن عليو بعفوه كيستد‪ٙ‬ب ُب قلبو أنو مستوحجب ‪٥‬بذا من هللا تعأب‬
‫كيستد‪ٙ‬ب بذلك انكسار قلبو كا‪٫‬بطاط رتبتو ُب نفسو دكف تعزز فما داـ العبد على ىذا فهو على‬
‫سبيل ا‪٣‬بّب كإايكم كالعياذ ابهلل تعأب من لباس حلة األمن من مكر هللا تعأب عند مقاربة الذنوب‬
‫ابعتقاد العبد أنو أمن من مآخذة هللا تعأب لو ُب ذلك فإف من كقف ىذا ا‪٤‬بوقف بْب يدم ا‪٢‬بق‬
‫تعأب فهو دليل على أف ٲبوت كافرا كالعياذ ابهلل تعأب كُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب من كبلـ سيدان رضي‬
‫هللا تعأب عنو‪ :‬الدليل على قبوؿ التوبة أنو قطعي قولو تعأب‪{ :‬‬

‫إ٭با التوبة على هللا للذين يعملوف السوء} اآلية كقولو تعأب‪{ :‬إال من اتب كآمن كعمل عمل‬
‫صا‪٢‬با} إٔب {رحيما} كقولو تعأب‪{ :‬كىو الذم يقبل التوبة عن عباده} إٔب غّب ىذا من اآلايت‬
‫الدالة على القبوؿ أنو قطعي ألنو كعد التائب ابلقبوؿ ككعده ال ٱبلف عدد أىل ا‪٢‬بق فإف قيل‬
‫على مذىب ا‪١‬بمهور أف القبوؿ القطعي ا‪٤‬بأخوذ من الوعد ٲبكن أف يكوف ُب بعض األفراد كال‬
‫يلزـ منو العموـ قلت‪ :‬إف ىذه اآلايت ا‪٤‬بذكور عامة ُب جنس التأديب كال دليل على خصوصها‬
‫بفرد دكف آخر كأيضا إف الكر‪ٙ‬ب إذا كعد ابألمر ال بد من كفائو عند أىل ا‪٢‬بق‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪654‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫ٖببلؼ ما إذا أكعد فإنو من الكرـ أف يَبكو كلو كال يلزـ عليو نقص بل من الكماؿ ‪ٚ‬بلف‬
‫الوعيد دكف الوعد كالدليل من السنة قولو عليو الصبلة كالسبلـ‪ ":‬إف العبد إذا اعَبؼ بذنبو ٍب‬
‫اتب منو اتب هللا تعأب عليو " كُب التعبّب بصيغة ا‪٤‬باضي إشارة إٔب ‪ٙ‬بقيق الوقوع ألف تلك‬
‫حقيقة ا‪٤‬باضي فإف قيل على مذىب ا‪١‬بمهور‪ :‬لو كاف القبوؿ قطعيا لزـ أف ال يعصي من اتب‬
‫قلت‪ :‬ال يلزـ بل كل ذنب ٯبب عليو أف يتوب منو كال يكوف نقضا لتوبتو ُب األكٔب لقولو عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ ":‬ما أصر من استغفر كلو عاد ُب اليوـ سبعْب مرة " كقولو عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪ ":‬التائب من الذنب كمن ال ذنب لو " دليل على قبوؿ توبتو قطعا كإذا قدر‬
‫هللا تعأب عليو ذنبا لرجع إٔب التوبة كُب قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬كلو ٓب تذنبوا " ا‪٢‬بديث إشارة على اعتنائو‬
‫بعبده التائب كلذلك قاؿ هللا تعأب‪{ :‬إف هللا ٯبب التوابْب} كلو ٓب يقبل هللا تعأب توبتهم ما‬
‫أحبهم كال يلزـ من قبوؿ التوبة أف يقطع للتائب ابلسعادة ألف ذلك أمر مغيب العاقبة كإ٭با ‪٫‬بن‬
‫نتكلم عما يظهر من نصوص الكتاب كالسنة كأيضا إف السعادة ليست متقفة على فعل الطاعة‬
‫كترؾ ا‪٤‬بعاصي كلذلك قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬لن‬

‫يدخل أحدكم عملو ا‪١‬بنة " قالوا‪ :‬كال أنت اي رسوؿ هللا قاؿ‪ :‬كال أان إال أف يتغمد٘ب هللا تعأب‬
‫بر‪ٞ‬بتو " كىذا دليل على أف دخوؿ ا‪١‬بنة ٗبحض الفضل كالنار ٗبحض العدؿ كإ٭با الفعل‬
‫عبلمات ُب الظاىر على ما سبق كقد توافق نفس األمر كقد ‪ٚ‬بالف ألف البلحق ال يكوف سببا‬
‫ُب السابق كما قالو بعض احملققْب كقد سئل رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر‬
‫ا‪٤‬بعا٘ب عن قولو تعأب‪{ :‬كلو اهنم إذ ظلموا أنفسهم جاءكؾ فاستغفركا هللا كاستغفر ‪٥‬بم الرسوؿ‬
‫لوجدكا هللا توااب رحيما} فأجاب‪ :‬من كقع ُب ذنب كجاء إليو صلى هللا عليو‬
‫كسلم مستغفرا كاتئبا لوجد هللا تعأب غفورا رحيما كاإلتياف لو ملسو هيلع هللا ىلص بعد موتو كحياتو كقبوؿ التوبة‬
‫كالعمل من كل مؤمن مقطوع هبما إف صدر كل منهما على القانوف الشرعي ظاىرا كابطنا كسلما‬
‫من عوارض اإلبطاؿ كعوارض اإلبطاؿ منها ما يكوف ُب ذات الفعل نفسو كمنها ما يكوف خارجا‬
‫عن ذات الفعل فالٍب من ذات الفعل ىو الرايء كالتصنع ألجل غرض من ا‪٣‬بلق جلبا أك دفعا‬
‫كالعجب ىو شهود ا‪٤‬بنة كىذا األخّب ىو ‪٣‬باصة ا‪٣‬باصة فقط كعوارض اإلبطاؿ ا‪٣‬بارجة عن‬
‫الفعل كَبؾ صبلة العصر حٌب تغرب الشمس من غّب عذر كالنسياف كالنوـ‬
‫ككقذؼ مؤمن ‪٧‬بصن كرميو ابلزان ككأكلو أجرة األجّب بعد كفاء عملو ككتعمده أكل ا‪٢‬براـ كٓب‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪655‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫يتب منو كالردة كالعياذ ابهلل تعأب كسب الصحابة رضواف هللا تعأب عليهم ‪٤‬با ذكر ُب ا‪٢‬بديث‬
‫أنو ال يقبل هللا منو صرفا كال عدال ككل ما كاف من احملبطات ُب ذات الفعل ‪ٙ‬ببط العمل الذم‬
‫كقعت فيو كال تتعدل لغّبه كاحملبطات ا‪٣‬بارجة عن الفعل ىي الٍب ‪ٙ‬ببط كل عمل تقدمها‪.‬‬

‫كسئل رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كما ُب جواىر ا‪٤‬بعا٘ب عن معُب قولو تعأب‪{ :‬كمن‬
‫يعمل سوءا اك يظلم نفسو ٍب يستغفر هللا ٯبد هللا غفورا رحيما} فأجاب رضي هللا تعأب عنو‬
‫كأرضاه‪ :‬كىنا معُب اآلية أف من اقَبؼ ذنبا كبّبا أك صغّبا ٍب رجع إٔب هللا تعأب خائفا من عقوبة‬
‫ذنبو كتضرع إٔب هللا تعأب كسألو ا‪٤‬بغفرة لذنبو الذم اقَبفو كجد هللا تعأب غفورا رحيما ٕبسب‬
‫كعده ا‪١‬بميل كٓب ٱبرج ابستغفاره خائبا من ا‪٤‬بغفرة بشهادة قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬لو ٓب تذنبوا لذىب هللا‬
‫بكم ك‪١‬باء بقوـ يذنبوف فيستغفركف هللا فيغفر‬
‫‪٥‬بم" يريد إظهار فضلو سبحانو كتعأب على خلقو كُب اآلية رجاء عظيم ككعد جزيل ُب أف من‬
‫استغفر هللا تعأب من ذنوبو كتضرع إليو صادقا غفر هللا تعأب لو أم ذنب كاف كىذا ا‪٤‬بشهد فيو‬
‫رجاء عظيم كالناس غافلوف عنو كُب ىذه اآلية طلب االستغفار ال غّب من غّب توبة فإذا صدؽ‬
‫هللا تعأب ابلتضرع إليو ُب طلب ا‪٤‬بغفرة كجد هللا تعأب غفورا رحيما إف العبد إذا نظر ُب صحيفتو‬
‫يوـ القيامة ما كجد فيها من الذنوب أنو سأؿ ا‪٤‬بغفرة من هللا تعأب فيو غفر كٓب يوضع ُب ا‪٤‬بيزاف‬
‫كما ٓب يستغفر هللا تعأب فيو كضع ُب ا‪٤‬بيزاف اىػ‪.‬‬
‫كهللا تعأب ا‪٤‬بوفق ٗبنو للصواب كإليو سبحانو ا‪٤‬برجع كا‪٤‬بآب‪.‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪656‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫الفصل الرابع كا‪٣‬بمسوف‬

‫ُب بعض كبلمو ككصاايه رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كنذكرىا ُب ىذا الفصل تربكا هبا‬
‫كاالستفادة منها كاستمدادا من نفحاتو الشريفة كبركاتو ا‪٤‬بنيفة لعل هللا تعأب يرزقنا حظا كافرا‬
‫ٔباىو رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو كجاه جده ملسو هيلع هللا ىلص‬

‫فأقوؿ كابهلل تعأب التوفيق كىو ا‪٥‬بادم ٗبنو إٔب سواء الطريق‪ :‬فما أكصى بو كافة أصحابو كغّبىم‬
‫كنص الوصية بعد البسملة كالصبلة كالسبلـ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ هنع هللا يضر كصية ‪٤‬بن أراد نصيحة‬
‫نفسو كنصيحة ربو ا‪١‬بارية على حد قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬الدين النصيحة" قالوا‪٤ :‬بن اي رسوؿ هللا؟ قاؿ‪:‬‬
‫"هلل كلرسولو كلكتابو كلعامة ا‪٤‬بؤمنْب كخاصتهم" فأكؿ ذلك تقول هللا الذم ال إلو إال ىو الواقعة‬
‫ُب الوصية ألكالده رضي هللا تعأب عنهم كىو أنو قاؿ ‪٥‬بم‪ :‬اي بِب أكصيكم بتقول هللا العظيم ُب‬
‫الغيب كالشهادة‬
‫ككلمة ا‪٢‬بق ُب الرضا كالغضب كالعدؿ على الصديق كالعدك كالقصد ُب الغُب كُب الفقر ٍب بعد‬
‫ذلك الفزع إٔب هللا تعأب كاللجوء إليو من ضغط كل الحق من األمور كتعلق القلب بو سبحانو‬
‫كتعأب على قدر مرتبة صاحبو كا‪٢‬بياء منو تعأب ا‪١‬بارم على حد قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬استحيوا من هللا‬
‫تعأب حق ا‪٢‬بياء" قالوا‪ :‬إان نستحي كا‪٢‬بمد هلل قاؿ‪" :‬ليس ذلك كذلك كلكن ا‪٢‬بياء أف ‪ٙ‬بفظ‬
‫الرأس كما كعى ك‪ٙ‬بفظ البطن كما حول كتذكر ا‪٤‬بوت كالبلى كمن أراد اآلخرة ترؾ زينة الدنيا‬
‫فمن فعل ذلك فقد استحٓب من هللا تعأب حق ا‪٢‬بياء" كىذا ا‪٢‬بياء الذم خاطب بو رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص أصحابو رضي هللا تعأب عنهم ىو حياء العامة كأما ا‪٢‬بياء ُب حق الصديقْب فهو إطراؽ‬
‫الركح من ىيبة ا‪١‬ببلؿ كما قاؿ بعض العارفْب‪ :‬أشتاقو فإذا بدا *** أطرقت من إجبللو ال خيفة‬
‫بل ىيبة *** كصيانة ‪١‬بمالو كأصد عنو ٘بلدا *** كأركـ طيف خيالو فا‪٤‬بوت ُب إدابره ***‬
‫كالعيش ُب إقبالو ككما قاؿ بعض العارفْب رضي هللا تعأب عنو‪ :‬سبحاف من لو سجدان لو ابلعيوف‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪657‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫على شفا الشوؾ كاحملمى من اإلبر ٓب نبلغ العشر من معاشر نعمتو كال العشر كال عشرا من‬
‫العشر ٍب أنشد بعدىا أبياات كغاب ُب كسط‬

‫ا‪٣‬بلق ككاف ُب موقف عرفات فسألت عنو فقيل ٕب‪ :‬ىو أبو عبيدة ا‪٣‬بواص كلو منذ أربعْب سنة‬
‫ما رفع طرفو إٔب السماء حياء من هللا تعأب كىذا ىو ا‪٢‬بياء من العارفْب‪ٍ .‬ب التقرب من هللا تعأب‬
‫ٗبحو العبلئق كقطع العوائق كترؾ ا‪٤‬ببلبسات كا‪٤‬بساكنات كا‪٤‬ببلحظات ال لغرض كال لتخيل على‬
‫هللا تعأب بل قياما ٕبق عظمتو كجبللو كحبا لذاتو لكن كل شخص ُب ىذا على قدر مقامو كرتبتو‬
‫كمن ابتلي بشيء من ‪٨‬بالفة ىذا األمر فلّبجع إٔب هللا تعأب ابلضراعة كاالبتهاؿ كاالستغفار‬
‫كاالنكسار كالتذلل كاالحتقار معَبفا بْب يدم هللا تعأب بعجزه‬
‫كضعفو ٍب الوقوؼ مع هللا تعأب بلزكـ الذؿ كا‪٤‬بسكنة ُب مركز االفتقار كاالضطرار كخوؼ‬
‫القلب من مزعجات صفوتو كفرقا من خفي مكره كلزكـ الرضا كالتسليم لو سبحانو كتعأب لكل‬
‫كاقع ُب الوجود ببل انزعاج كال اضطراب كال طلب لزكالو إال ما كاف من أفعاؿ نفسو فليبادر إٔب‬
‫التوبة فيما كقع من خركج أفعالو عن الشرع فإنو ال ٰبل البقاء ُب مبلبستو شرعا كأف يعلم أنو‬
‫من حكم هللا تعأب فبل عذر لو ُب ترؾ التوبة كليعمل بعضا من أكقاتو فيما ٯبرم على يديو من‬
‫النفع لعباد هللا تعأب ال عموما بل خصوصا األقرب فاألقرب من غّب إفراط‬
‫كال تفريط كليكن شديد االىتماـ ٕبقوؽ إخوانو ُب طريقتو الٍب ال ٲبكنو التأخّب عنها لكن‬
‫مبلزمة الواجب منها من غّب أف ٯبعلها ىجّباه فإف لكل عاقل أكقاات ٱبلو فيها بربو ال ٲبكنو‬
‫التأخّب كاالشتغاؿ عنها كأكقاات فيها ٯبالس إخوانو ُب الطريقة هلل تعأب لتذكّب أك تعليم أك‬
‫استفادة من ما ٓب يكن عنده من العلم من غّب إفراط كال تفريط ٍب يتحرل ُب خلوتو مع هللا تعأب‬
‫األكقات الفاضلة كوسط الليل بعد نوـ الناس إٔب طلوع الفجر كبعد صبلة الصبح إٔب صبلة‬
‫الضحى كبعد صبلة العصر إٔب صبلة العشاء عامبل ُب ذلك ابلتسديد كالتقريب‬

‫ُب معرفة ما يقدر عليو كال يوجب للنفس كسبل كال ضجرا جاراي على حد قولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف ىذا‬
‫الدين يسر كلن يشاد الدين أحد إال غلبو فسددكا كقاربوا كأبشركا كاستعينوا ابلغدكة كالركحة‬
‫كشيء من الد‪١‬بة " كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬إف ىذا الدين متْب فتوغل فيو برفق كال تبغض لنفسك عبادة‬
‫هللا تعأب فإف ا‪٤‬بنبت ال أرضا قطع كال ظهرا أبقى " ا‪٢‬بديث كقولو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬خذكا من األعماؿ ما‬
‫تطيقوف فإف هللا تعأب ال ٲبل حٌب ‪ٛ‬بلوا " كليحذر كل ا‪٢‬بذر من اجملالس كمآخذ العلم الٍب تؤدم‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪658‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫إٔب الدخوؿ ُب مداخل‬
‫العامة كأألحواؿ ا‪٤‬بخزية فإف من تتبع ذلك ال يفلح ُب الدنيا كال ُب اآلخرة كليكن اىتمامو‬
‫ابألخذ ُب خاصة نفسو كال ٯبعل إلخوانو ُب منافعهم إف أىل لذلك إال ما فضل عن أكقاتو قاؿ‬
‫مالك رضي هللا تعأب عنو كقد سئل عن طلب العلم فقاؿ‪:‬حسن كلكن اعرؼ ما يلزمك من‬
‫صباحك إٔب مسائك فالزمو فإنو آكد على الشخص ُب خاصة نفسو من األمور الٍب يطالبو هللا‬
‫تعأب هبا كال يسا‪٧‬بو ُب تركها كمن أعرض عن ذلك متعلبل بطلب العلم فقد خسر الدنيا‬
‫كاآلخرة كالقوؿ ا‪٢‬بق ُب ذلك‪ :‬ليس لك إال هللا سبحانو كتعأب فبلؿ تشتغل عنو بغّبه كال ٘بعل‬
‫لنفسك إٔب سواه منتجعا كال إٔب اإلعراض عن اببو تعطبل كال عن اال‪٫‬بياش إليو ُب الشدائد‬
‫كا‪٤‬بضائق كالكركب ملجأ كال ُب الر خاء كتواتر النعم عن مراعاة شكره مصرفا كليكن األمر ُب‬
‫ذلك جاراي على قوؿ أيب العباس ا‪٤‬برسي‪ :‬أكقات العبد أربعة ال خامس ‪٥‬با كىي إما أف تكوف‬
‫كقت نعمة فمقتضى ا‪٢‬بق منك كجود الشكر كإما أف تكوف ُب كقت شدة فمقتضى ا‪٢‬بق منك‬
‫كجود الصرب أك تكوف ُب كقت معصية فمقتضى ا‪٢‬بق منك كجود التوبة أك تكوف ُب كقت طاعة‬
‫فمقتضى ا‪٢‬بق منك شهود ا‪٤‬بنة كىذه ا‪٢‬بدكد الٍب ذكرىا فيها استغراؽ أكقات العبد كلها كىي‬

‫ا‪٤‬بذكورة ُب قو‪٥‬بخ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬من أعطي كشكر كابتلي فصرب كظلم فاستغفر كظلم فغفر ٍب سكت‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص حٌب قاؿ بعض ا‪١‬بالسْب ماذا لو اي رسوؿ هللا قاؿ‪ :‬أكلئك ‪٥‬بم االمن كىم مهتدكف " أراد‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص األمن من عذاب هللا تعأب ُب اآلخرة كىم مهتدكف ُب الدنيا كليكن ُب ‪ٝ‬بيع ما ذكرانه‬
‫خاصا هلل تعأب ال ٱبالطو شيء منم غّب هللا تعأب كىذه الوصية ألصحاب ا‪٢‬بجاب كأما من‬
‫صفت لو ا‪٤‬بعارؼ حٌب رسخت قدمو فيها فهو مع ما يعيو كقتو كحالو كمقامو ك٘بليو ليس عن‬
‫نفسو اختيار كال لو مع غّب هللا تعأب قرار‬
‫كاتلسبلـ كصلى هللا على سيدان دمحم كآلو كصحبو كسلم تسليما أىػ‪ .‬ك‪٩‬با كتب بو لكافة الفقراء‬
‫كنصو قاؿ رضي هللا تعأب عنو كأرضاه كعنا بو بعد البسملة كالصبلة كالسبلة على رسوؿ هللا‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬بعد ‪ٞ‬بد هللا تعأب جل ثناؤه يصل الكتاب إٔب كافة أحبابنا الفقراء كل كاحد اب‪٠‬بو كعينو‬
‫عموما من غّب ‪ٚ‬بصيص السبلـ عليكم كر‪ٞ‬بة هللا كبركاتو من أ‪ٞ‬بد بن دمحم التجا٘ب كبعد نسأؿ‬
‫هللا تعأب لكافاتكم كخاصتكم أف يفيض عليكم ٕبور العناية كاحملبة منو كالرضا منو سبحانو‬
‫كتعأب على طبق ما منح من ذلك أكابر العارفْب من عباده‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪659‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كأىل ا‪٣‬بصوصية حٌب تكوف عنده ‪ٝ‬بيع مساكيكم ‪٩‬بحوة غّب مآخذين هبا ك‪ٝ‬بيع ذكبكم كآاثر‬
‫سهوكم مقابلة ابلصفح كالتجاكز منو غّب مقابلْب هبا كنسألو سبحانو كتعأب أف يكتبكم ‪ٝ‬بيعا ُب‬
‫ديواف أىل السعادة الذم ما يكتب فيو إال أكابر أكليائو كأىل خصوصيتو بوجو ال ٲبكن فيو‬
‫احملو كال التبديل كأف يكحل بصائركم ابلنور الذم رشو على األركاح ُب األزؿ كأف يواجهكم‬
‫بفضلو ُب الدنيا كاآلخرة كأف ينظر ُب ‪ٝ‬بيعكم بعْب ر‪ٞ‬بتو الذم من نظر إليو هبا صرؼ عنو‬
‫‪ٝ‬بيع مكاره الدنيا كاآلخرة كىذا كليكن ُب علمكم أف ‪ٝ‬بيع العباد ُب ىذه الدار أغراض‬

‫لسهاـ مصائب الزماف إما ٗبصيبة تنزؿ أك بنعمة تزكؿ أك ٕببيب يفجع ٗبوتو أك ىبلؾ أك غّب‬
‫ذلك ‪٩‬با ال حد ‪١‬بملو كتفصيلو فمن نزؿ بو منكم مثل ىذا فالصرب الصرب لتجرع مرارهتا فإنو‬
‫لذلك نزؿ العباد ُب ىذه الدار كمن كمن كىب بو منكم جواده عن ‪ٙ‬بمل ثقلها كقاكمة ما يطرؤ‬
‫عليو من أعبائها فعليو ٗببلزمة أحد األمرين أك ٮبا معا كىو أكمل األكؿ مبلزمة اي لطيف ألفا‬
‫خلف كل صبلة إف قدر كإال فألفا ُب الصباحج كألفا ُب ا‪٤‬بسا فإنو بذلك يسرع خبلصو من‬
‫مصيبتو كالثا٘ب مائة من الصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص ابلفاح ‪٤‬با أغلق إٔب‬
‫أخره كيهدم ثواهبا للنيب ملسو هيلع هللا ىلص إف قدر مائة خبلؼ كل صبلة كإال فمائة صباحا كمائة ُب الليل‬
‫كينوم هبما ما أعِب اي لطيف كالصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص الٍب يهدم ثواهبا لو ملسو هيلع هللا ىلص أف ينقذه هللا تعأب‬
‫من ‪ٝ‬بيع كحلتو كيعجل خبلصو من كربتو فإنو تسرع لو اإلغاثة أبسرع من طرفة عْب ككذا من‬
‫كثرت عليو الديوف كعجز عن أدائها أك كثرت عيالو كاشتد فقره كاغلقت عليو أبواب أسباب‬
‫ا‪٤‬بعاش فيفعل ما ذكران من أحد األمرين أك ٮبا معا فإنو يرل الفرج من هللا تعأب عن قريب كمن‬
‫دىاه خوؼ ىبلؾ متوقع‬
‫نزكلو بو من خوؼ ظآب كال يقدر على مقاكمتو أزك خوؼ من صاحب دين ال ٯبد نو عذرا كال‬
‫إمهاال كال ٯبد من ا‪٤‬باؿ ما يؤديو لو أك كبل األمرين كمن كل ‪٨‬بوؼ فليبلزـ ما ذكران من أحد‬
‫األمرين أك ٮبا معا فإنو ينقشع عنو عن قريب كإف أسرع مع ذلك بصدقة قلت أك كثرت بنية‬
‫دفع ما يتوقعو من ا‪٣‬بوؼ أك بنية تعجيل ا‪٣‬ببلص من أ‪٤‬بو ككربو كانت أجدر ُب أسرع ا‪٣‬ببلص‬
‫كالفرج كتوصوا ابلصرب كتواصوا اب‪٤‬بر‪ٞ‬بة كإايكم ٍب إايكم أف يهمل أحدكم حقوؽ إخوانو ‪٩‬با ىو‬
‫جلب مودة أك دفع مضرة أك إعانة على كربة فإف من ابتلي بتضييع حقوؽ اإلخواف ابتلي‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪660‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫بتضييع حقوؽ األلوىية كهللا تعأب ُب عوف العبد ما كاف العبد ُب عوف أخيو كصونوا قلوبكم إذا‬
‫رأيتم أحدا فعل حقا ٱبالف ىواكم أك ىدـ ابطبل ٱبالف ىواكم أف تبغضوه أك تؤذكه فإف ذلك‬
‫معدكد من الشرؾ عند هللا تعأب فقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ":‬الشرؾ ُب أمٍب أخفى من دبيب النمل على‬
‫الصفا" كأقل ذلك أألف ‪ٙ‬بب على ابطل أك تبغض على حق أك كما قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ‪٩‬با معناه ىذا ككذا‬
‫صونوا قلوبكم عمن فعل ابطبل أك ىدـ حقا يطابق ىواكم أف ‪ٙ‬ببوه أك تثنوا عليو فإنو أيضا‬
‫معدكد من الشرؾ عند هللا تعأب فإف ا‪٤‬بؤمن ٰبب ا‪٢‬بق‬
‫كٰبب أىلو كٰبب أف يقاـ ا‪٢‬بق كيعمل بو كيبغض الباطل كيبغض أىلو كيبغض أف يقاـ الباطل‬
‫كيعمل بو كالسبلـ‪ .‬استدراؾ ما ذكران من مراعاة حقوؽ اإلخواف فليكن ذلك ُب غّب حرج كال‬
‫ثقل كال كلفة بل ٗبا تيسر كأمكن ُب الوقت إال أف يكوف ُب بعض العوارض ٱباؼ من أخيو‬
‫العداكة كالقطيعة أك فساد القلب فليسرع إلخبلص قلبو فإف ذلك يستجلب الرضا من هللا‬
‫تعأب كأما ما ذكران من بغض أىل الباطل فليكن ذلك ‪٧‬بلو القلب فقط فإف خرج إٔب جارحة‬
‫من ا‪١‬بوارح أدل إٔب منكر أعظم منو فَبؾ إخراجو من القلب إٔب ا‪١‬بوارح أكٔب كأسلم كالسبلـ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با كتب بو إٔب بعض الطلبة قاؿ رضي هللا تعأب عنو بعد البسملة كالصبلة كالسبلـ على رسوؿ‬
‫هللا صلى هللا تعأب عليو كسلم‪ :‬كبعد فالذم أعظك بو كأكصيك بو عليك ابهلل عز كجل ُب سرؾ‬
‫كعبلنيتك بتصفية قلبك من ‪٨‬بالفة أمره كالتعويل على هللا تعأب بقلبك كالرضا ٕبكمو ُب ‪ٝ‬بيع‬
‫أمورؾ كالصرب جملارم مقاديره ُب ‪ٝ‬بيع أحوالك كاستعن على ‪ٝ‬بيع ذلك ابإلكثار من ذكر هللا‬
‫تعأب على قدر االستطاعة ٕبضور قلبك فهو معْب لك على ‪ٝ‬بيع ما أكصيك بو كأكرب ذكر هللا‬
‫تعأب فائدة كأعظمو جدكل كعائدة ىي الصبلة على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‬

‫مع حضور القلب فإهنا متكفلة ٔبميع مطلب الدنيا كاآلخرة دفعا كجلبا ُب كل شيء كإف من‬
‫أكثر من استعما‪٥‬با كاف من أكرب أصفياء هللا تعأب‪ .‬كاألمر الثا٘ب ‪٩‬با أكصيك بو ترؾ احملرمات‬
‫ا‪٤‬بالية شرعا أكبل كلباسا كمسكنا فإف ا‪٢‬ببلؿ ىو القطب الذم تدكر عليو أفبلؾ سائر العبادات‬
‫كمن ضيعو ضيع العبادة كإايؾ أف تقوؿ أين ٘بده فإنو كثّب الوجود ُب كل أرض كُب كل زماف‬
‫لكن يوجد ابلبحث عن توفية أمر هللا تعأب ظاىرا كابطنا كمراعاة ضركرة الوقت إف ٓب يوجد‬
‫ا‪٢‬ببلؿ الصريح كىذا احملل ٰبتاج إٔب فقو دقيق كاتساع معرفة ابألحكاـ الشرعية‬
‫كمن كاف ىكذا ٓب يصعب عليو كجود ا‪٢‬ببلؿ كاألمر الذم ال بد منو بعد ىذا كىو بداية ‪ٝ‬بيع‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪661‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫األمور كهنايتها ىو تعلق القلب ابهلل تعأب كاال‪٫‬بياش إليو كالرجوع إليو كترؾ كل ما سواه عموما‬
‫كخصوصا فإف قدر العبد على ار‪ٙ‬باؿ القلب إٔب هللا تعأب بكل كجو كعلى كل حاؿ ٕبركة‬
‫القلب حسا فهو الغاية كإف ٓب يقدر فليبلزـ بعد كل صبلة ىذا الدعاء ثبلاث أك سبعا ٍب ٲبر بو‬
‫على قلبو ُب غّب الصلوات كٰبمل نفسو عليو يصّب لو ذلك حاال كالدعاء ىو ىذا‪ :‬اللهم‬
‫عليك معوٕب كبك مبلذم كإليك التجائي كعليك توكلي كبك ثقٍب كعلى حولك كقوتك‬
‫اعتمادم كٔبميع ‪٦‬بارم أحكامك رضائي كإبقرارم بسرايف قيوميتك ُب كل شيء كعدـ احتماؿ‬
‫خركج شيء دؽ أك جل عن علمك كقهرؾ حٌب ‪٢‬بظة سكو٘ب اىػ‪ .‬فإذا داكـ عليو كامبل رأل‬
‫من أحواؿ النفس ما ال يطابق ىذا الدعاء كذكر نفسو ٗبعا٘ب ىذا الدعاء كصرب على ‪ٞ‬بل نفسو‬
‫سهل عليو تعلق القلب ابهلل تعأب برفض كل ما سواه كىذا ابب كبّب من العلم يعلمو من ذاؽ‬
‫أدٗب شيء من علم الرجاؿ كيعلم قدره فبل هتملو كعليك إبصبلح نفسك قدر االستطاعة فإف‬
‫العمر قصّب كالسفر طويل كالعقبة كؤب كا‪٢‬بمل ثقيل كا‪٢‬بساب بْب يدم هللا تعأب شديد‬
‫كالعمل أبمر‬

‫هللا تعأب ىو ا‪٤‬بنجي من ىذه األمور قاؿ الشيخ الصاّب كالصدر ا‪٤‬بربكز العارؼ ابهلل سيدم دمحم‬
‫بن السماؾ رضي هللا تعأب عنو‪ :‬من أقبل على هللا تعأب بقلبو أقبل هللا تعأب عليو بر‪ٞ‬بتو كصرؼ‬
‫كجوه الناس إليو كمن أعرض عن هللا سبحانو كتعأب أعرض هللا سبحانو كتعأب عنو ‪ٝ‬بلة كمن‬
‫كاف مرة كمرة فاهلل تعأب ير‪ٞ‬بو كقتا ما‪.‬‬
‫كا‪٢‬باصل عليك ابهلل تعأب برفض ما سواه كإذا ابتليت ٗبعاملة الناس ك‪٨‬بالطتهم فخالطهم‬
‫كعاملهم هلل تعأب فإف هللا تعأب ٰبب اإلحساف إٔب خلقو كأكرب ما أحضك عليو ىو كثرة الصبلة‬
‫ٕبضور القلب على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص فهي الكنز األعظم كالذخر األفخم اىػ‪ .‬ك‪٩‬با كتب بو إٔب كافة‬
‫اإلخواف أينما كانوا كنصو قاؿ رضي هللا تعأب عنو بعد البسملة كالصبلة على رسوؿ هللا صلى‬
‫هللا عليو كسلم كبعد‪ :‬فأكصيكم ٗبا أكصى هللا تعأب بو قاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬كلقد كصينا الذين‬
‫أكتوا الكتاب من قبلكم كإايكم أف اتقوا هللا} كقاؿ‬
‫سبحانو كتعأب‪{ :‬شرع لكم من الدين ما كصى بو نوحا كالذم أكحينا إليك كما كصينا بو‬
‫إبراىيم كموسى كعيسى أف اقيموا الدين كال تتفرقوا فيو كرب على ا‪٤‬بشركْب ما تدعوىم إليو}‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪662‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬


‫كقاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬كاعتصموا ٕببل هللا ‪ٝ‬بيعا كال تفرقوا} كقاؿ سبحانو كتعأب‪{ :‬كمن يتق‬
‫هللا ٯبعل لو من امره يسرا} إٔب قولو‪{ :‬كيعظم لو أجرا}‪.‬‬

‫كاعلموا أف التقول قد صعب مرامها كتناءت بعدا عن ‪ٛ‬بد بيد أحد خطامها كاحتكامها ككعت‬
‫ا‪٥‬بمم دكهنا فبل يصل بيد أحد أساسها كاحتكامها إال الفرد الشاذ النادر ‪٤‬با طبعت عليو القلوب‬
‫كالنفوس من اإلدابر عن هللا تعأب كعن أمره بكل كجو كاعتبار ككحلها ُب رتع أحواؿ البشرية‬
‫كحبلال مطمعا ‪٥‬با ُب االنفكاؾ عنو كىذا حاؿ أىل العصر ُب كل بلد من كل ما على األرض إال‬
‫الشاذ النادر الذم عصمو هللا تعأب كبسبب ما ذكران ىاج ٕبر األىواؿ كالفًب كطما ٕبر‬
‫ا‪٤‬بصائب كاحملن كغرؽ الناس فيو كل الغرؽ كصار العبد كلما سأؿ النجاة من مصيبة‬
‫كعصم منها اكتنفتو مصائب كُب ىذا قيل‪ :‬سيأٌب على الناس زماف تَباكم فيو ٕبور احملن كالفًب‬
‫فبل ينفع فيها إال دعاء كدعاء الغريق كلتكن مبلزمتكم األمر ا‪٤‬بنجي ‪٤‬با ذكران كا‪٤‬بطفئ ألكثر‬
‫نّبانو كىو كثرة االستغفار كالصبلة على النيب ملسو هيلع هللا ىلص كذكر ال إلو إال هللا ‪٦‬بردة كذكر ال إلو إال‬
‫أنت سبحانك إ٘ب كنت من الظا‪٤‬بْب كقوؿ‪ :‬حسبنا هللا كنعم الوكيل فإنو بقدر اإلكثار من ىذه‬
‫األذكار تتناءل عن البعد كثرة ا‪٤‬بصائب كالشركر األكزار كبقدر تقليلو منها يقل بعده عن‬
‫ا‪٤‬بصائب كالشركر كليكن لكل كاحد منكم قدر من ىذه‬
‫األذكار على قدر الطاقة كعليكم بكثرة التضرع كاالبتهاؿ ‪٤‬بن كاف لو كماؿ العز كا‪١‬ببلؿ فإف‬
‫هللا تعأب رحيم بعباده كدكد فإنو أكرـ كأعظم فضبل من أف يتضرع إليو متضرع أحاطت بو‬
‫ا‪٤‬بصائب كاألحزاف كمد إليو يديو مستعطفا نوالو راجيا كرمو كإفضالو أف يرده خائبا أك يعرض‬
‫عنو بر‪ٞ‬بتو ‪264‬‬

‫على نُ ُحور حزب الرجٌم‬ ‫‪663‬‬ ‫رماح حزب الرحٌم‬

You might also like