Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫فقـ ـ ــه اللغة وعلم اللغـ ـ ـ ــة‬

‫ش اع يف الّد راسات الّلغوّي ة الـحديثة مص طلحان هـما‪( :‬علم الّلغ ة) و (فق ه الّلغ ة)‪ ،‬فاس م عل ـــم الّلغ ة عند‬
‫الغرب يني (‪ ،)Linguistic‬أي‪ :‬العلم الـمختّص ب الكالم أو الّلغ ة‪ ،‬واس م فق ه الّلغ ة عندهـم هـ ـ ـــو‪( :‬‬
‫‪ ،)Philology‬ويعن ـــي لفظ ‪ :( )Philo‬الّص ديق‪ ،‬و(‪ :)Logos‬الـخطبة أو الكالم‪ ،‬فكأّن واضع الّتسمية‬
‫الح ظ أّن فق ه الّلغ ة يق وم على حّب الكالم للّتعّم ق ف ـــي دراس ته من حيث قواع ده وأص وله وتواريـخه‪.‬‬
‫وكان الّلغوّيون العرب القدامى قـ ــد صّنفوا ف ـ ــي فق ــه الّلغــة العربّية‪ ،‬واّتسمت مصنفاتـهم بالّد قة واالستيعاب‬
‫لـخصائص العربّية ومواّدها وموضوعاتـها‪.‬‬
‫وانقسمت مصّنفات القدامى فـي فقه الّلغة العربّية على قسمين‪:‬‬
‫قسـ ـ ــم يضم مـجموعة ِم ـن مباحث فقه الّلغــة ف ــي كتاب‪ ،‬وآخر يتناول مبحًثا واح ًد ا فحسـب‪ .‬ولع ّل لفظة‬
‫(فقه الّلغة) كانت شائعة يف مؤّلفات العلماء يف القرنني الّر ابع والـخامس للهجرة‪ ،‬فأّو ل ظهور لـمصطلح‬
‫فقه الّلغة كان عند أمحد بن فارس ‪-‬املتوىّف سنة‪395‬للهجرة‪ -‬ف ـ ـ ـ ــي كتابـه‪( :‬الّص احّيب يف فقه الّلغة وسنن‬
‫الع رب ف ـ ـــي كالمه ا)‪ ،‬أه داه إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــى تلمي ذه الّلغ وي األديب الّص احب بن عّب اد ‪-‬املت وىّف س نة‬
‫‪385‬للهج رة‪-‬؛ ل ذلك ّمساه الّص احّيب ‪ ،‬وقــد ض ّم نه كث ًريا مـن موض وعات فقــه الّلغ ة مث ل‪ :‬نشـــأة الّلغ ة‬
‫العربي ة‪ ،‬وهلج ات الع ـ ـــرب‪ ،‬وخص ائص العربّي ة‪ ،‬والقي اس‪ ،‬واالش تقاق‪ ،‬وأث ر اإلس الم يف الّلغ ة‪ ،‬مش ًريا إىل‬
‫الـمعىن الّلغوّي والّش رعّي ‪ ،‬فضاًل عن موضوعات ُأخرى كالـمرتادف‪ ،‬وحروف الـهجاء‪ ،‬وحروف الـمعاين‪.‬‬
‫وق د ض ّم ن ابن ف ارس كتاب ه الّص احّيب نظريت ه ال يت ابت دعها يف الّنحت‪ ،‬فه و ي رى أّن األلف اظ ال يت تزي د‬
‫حروفها على ثالثة أكثرها منحوت ِم ن لفظني‪ ،‬فـ(الِّص ْلدم)‪ ،‬أي‪ :‬الّش ديد الـحافر من الـحيوان‪ ،‬مأخوذ يف‬
‫رأيه من (الَّص ْلد) و (الَّص ْد م)‪.‬‬
‫مث ظهر مصطلح فقه الّلغة عند أيب منصور الّثعالّيب ‪-‬املتوىّف سنة‪ 429‬للهجرة‪ -‬ف ـ ـ ـ ــي كتابه (فقه الّلغة وس ّر‬
‫العربية)‪ ،‬وليس الكتاب كّله يف فقه الّلغة‪ ،‬بل القسم الّثاين منه فحسب‪ ،‬وهو الذي سـّم اه (س ّر العربية)‪.‬‬
‫أّم ا القسم األّو ل منه فهو معجم للمعاين‪ ،‬يبنّي فيه معىن عاًم ا‪ ،‬ثـم يذكر تـحته ما يتعّل ق به من مفردات‬
‫الّلغة‪ .‬وُع ين القسم الّث اين ِم ن الكتاب بفقه الّلغة وقضايا بالغيـة ونـحويـة‪ ،‬فِم ـــن مباحثه الّلغوية الـمّتصلة‬
‫بفق ـــه اللغ ـــة كالمــه عل ـــى اإلبـ ـــدال‪ ،‬والقلب الـمكاّين‪ ،‬واألض ـــداد‪ ،‬والّنـــحت‪ ،‬واإلتبــاع‪ ،‬والـمشــرتك‬
‫الّلفظـ ـّي ال ــذي سـّم ـ ــاه (وقوع اسم واحد على أشياء خمتلفة)‪.‬‬
‫وثـّم ة كتب تض ّم نت مب احث ف ـــي فق ه اللغ ة‪ ،‬أو عالـجت ش يًئا من ه لكّن عنوانـها خال من مص طلح فق ه‬
‫اللغة‪ ،‬ككتاب الـخصائص البن جين ‪-‬املتوىّف سنة‪392‬للهجرة‪ -‬فمـن مباحث فقه اللغة فيه‪ :‬القول على‬
‫الّلغة وما هي‪ ،‬والقول علــى أصل اللغة أإلـهام هي أم اصطالح؟ وما ِقيس عل ـ ـــى كالم العرب‪ ،‬والفصيح‬
‫يـجتمع ف ـــي كالمه لغتان فصاعًد ا‪ ،‬وما يرد عن العربـّي مـخالفـ ـًـا لـما علي ـــه الـجمهور‪ ،‬وتــداخل الّلغات‪،‬‬
‫واختالف الّلغ ات‪ ،‬واالش تقاق األكبــر‪ ،‬ومط ل الـحركات‪ ،‬ومط ل الـحروف‪ ،‬وح ذف الـهمزة وإبدالـها‪،‬‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫ويع ّد كتاب (الـمخّص ص) البن سيده األندلس ّي ‪-‬املتوىّف سنة‪458‬للهجرة‪ ،-‬وهو معجم من معجمات‬
‫الـمعاين من الكتب ال يت تض ّم نت بـحوًثا يف فق ه الّلغ ة كاالش رتاك‪ ،‬والرّت ادف‪ ،‬واالش تقاق‪ ،‬والّتع ريب‪،‬‬
‫واإلتباع الّلفظّي ‪ ،‬والقصر والـمّد ‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وتن اول كت اب (الـمزهر يف علوم الّلغ ة وأنواعه ا ) لـجالل ال ّد ين الّس يوطّي ‪-‬املت وىف س نة‪ 911‬للهج رة‪-‬‬
‫مباحث كثرية يف فقه الّلغة‪ ،‬نذكر منها‪ :‬نشأة الّلغة‪ ،‬والغريب‪ ،‬والـحوشي‪ ،‬ولغات العرب‪ ،‬والـمستعمل‬
‫والـمهمل من كالمهم‪ ،‬وت داخل الّلغ ات وتوافقه ا‪ ،‬والـمعّر ب وال ّد خيل ‪ ،‬واإلبـــدال‪ ،‬واالشـــتقاق‪،‬‬
‫والـمشــرتك‪ ،‬والرّت ادف‪ ،‬واألضداد‪ ،‬واإلتباع‪ ،‬والقلب الـمكاّين‪.‬‬
‫وتوجــد غيـ ــر الـخصائص والـمخّص ص والـمزهر كتب كثرية تضّم نت مباحث فــي فقــه الّلغة‪.‬‬
‫خالصة القول أّن أبرز الكتب اليت عنيت بفقه الّلغة هذه الـخمسة‪ ،‬اثنان منها حـمل مصطلح فقه الّلغة‪،‬‬
‫وهـما الّص احّيب البن فارس وفقه الّلغة وس ّر العربّي ة للّثعالّيب‪ ،‬وثالثة لـم تـحمل مصطلح فقه الّلغة‪ ،‬وهي‬
‫الـخصائص البن جيّن ‪ ،‬والـمخّص ص البن سيده‪ ،‬والـمزهر للّس يوطّي ‪.‬‬
‫وأّم ا الكتب القديـمة اليت اختّص ت ببحث واحد من مباحث فقه الّلغة فهي كثرية جًّدا‪ ،‬سنذكر أمثلة لـها‬
‫دون استقصائها‪:‬‬
‫فمــن الكتب التــي ُعِنيت باأللف اظ اإلس المّية كتـ ـ ـ ـــاب (الِّز ين ة يف األلف اظ اإلس المّية العربّي ة) ألبـي حاتـم‬
‫الّر ازّي ‪-‬املتوىّف سنة‪322‬للهجرة‪.-‬‬
‫وِم ــن كتب الـمشرتك الّلفظّي كتاب (األجناس من كالم العرب وما اشتبه يف األلفاظ واختلف يف الـمعىن)‬
‫أليب عبيد القاسم بن ساّل م ‪-‬املتوىّف سنة‪224‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب (ما اّتفق لفظه واختلف معناه) إلبراهيم‬
‫اليزيدّي ‪-‬املتوىّف سنة‪225‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب (ما اّتفق لفظه واختلف معناه) أليب العميثل ‪-‬املتوىّف سنة‬
‫‪240‬للهج رة‪ ،-‬وكت اب (م ا اّتف ق لفظ ه واختلف معن اه من الق رآن الـمجيد) للم ربد ‪-‬املت وىّف س نة‬
‫‪285‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب(الـمنَّج د يف الّلغة) لُك راع الَّنمل الـُه نائّي –الـمتوىّف سنة‪310‬للهجرة‪.-‬‬
‫ومن كتب األض داد كت اب (األض داد) لُق ْط ُر ب –الـمتوىّف س نة‪206‬للهج رة‪ ،-‬وكت اب (األض داد)‬
‫لألصمعّي ‪-‬املتوىّف سنة‪216‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب (األضداد) للَّتّو زّي ‪-‬املتوىّف سنة‪233‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب‬
‫(األضداد) البن الِّس ِّك يت ‪-‬املتوىّف سنة‪244‬للهجرة‪ ،-‬وكت ــاب (األضداد) أليب حاتـم الّس جستاّين ‪-‬املتوىّف‬
‫س نة‪255‬للهج رة‪ ،-‬وكتـــاب (األض داد) أليب بك ر بن األنب ارّي ‪-‬املت وىّف س نة‪328‬للهج رة‪ ،-‬وكت اب‬
‫(األضداد ِم ن كالم العرب) أليب الّطيب الّلغوّي ‪-‬املتوىّف سنة‪351‬للهجرة‪.-‬‬
‫ومن كتب الرّت ادف كتـــاب (م ا اختلف ألفاظ ه واّتفقت معاني ه) لألص معي‪ ،‬وكتـ ـ ـــاب (األلف اظ) البن‬
‫الِّس ِّك يت‪ ،‬وكتـاب (األلف اظ الكتابّي ة) لعبـــد الّر حـمـن الـهمدانـّي ‪-‬املت وىّف س ـــنة‪320‬للهج رة‪ ،-‬وكتـاب‬
‫(جواهر األلفاظ) لُق دامة بن جعفر ‪-‬املتوىّف سنة‪337‬للهجرة‪ ،-‬واأللفاظ الـمتقاربة الـمعىن للّر ّم اّين‪-‬املتوىّف‬
‫س نة‪384‬للهج رة‪ .-‬وأّل ف أب و هالل العسـكرّي ‪-‬املت وىّف س نة‪395‬للهج رة‪ -‬كت اب (الف روق الّلغوّي ة)‬
‫عرض فيه الفروق الّد قيقة يف الّلفظني الّلذين ُيظّن أنّـهما ِم ن الرّت ادف‪.‬‬
‫ومن كتب االشتقاق كتاب (االشتقاق) البن دريد ‪-‬املتوىّف سنة‪321‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب (االشتقاق) البن‬
‫الّسّر اج ‪-‬املتوىّف سنة‪316‬للهجرة‪.-‬‬
‫ومن كتب الّتع ريب كت اب (الـمعّر ب) أليب منص ور الـجواليقّي ‪-‬املت وىّف س نة‪539‬للهج رة‪ ،-‬وكتــاب‬
‫(الـمهّذ ب يف ما وقع يف القرآن من الـمعّر ب) للّس يوطّي ‪ ،‬وكتاب (شفاء الغليل يف ما يف كالم العرب من‬
‫الّد خيل) لشهاب الّد ين اخلفاجّي ‪-‬املتوىّف سنة‪1069‬للهجرة‪.-‬‬
‫ومن كتب اإلتب اع الّلفظّي كت اب (اإلتب اع) أليب الّطيب الّلغ وّي ‪ ،‬وكت اب (اإلتب اع والـمزاوجة) البن‬
‫فارس‪.‬‬
‫ومن كتب اإلبدال كتاب (اإلبدال) البن الِّس ِّك يت‪ ،‬وكتاب (اإلبدال) أليب الّطيب الّلغوّي ‪.‬‬
‫ومن كتب الّلغات كتاب (الّلغات) رواية ابن حسنون الـمقرئ عـن ابن عّباس‪.‬‬
‫ومن كــتب الّلحن والّتصحيح الّلغوّي كتاب (ما تلحن فيه العاّم ة) للكسائي ‪-‬املتوىّف سنة‪189‬للهجرة‪،-‬‬
‫وكتـاب (لـحــن الع وام) ألبـي بـكر الُّز بي دّي ‪-‬الـمتوّفـى سنـــة‪379‬للهج رة‪ ،-‬وكتـاب (ُدَّر ة الَغ َّو اص يف‬
‫أوهام الـخواّص ) للحريرّي ‪-‬املتوىّف سنة‪516‬للهجرة‪.‬‬
‫ومن كتب الـُمَثىَّن كت اب (املث ىن) أليب الّطّيب الّلغ وّي ‪ ،‬وكت اب (ج ىن الـجّنتني يف تـمييز ن وعي الـمثّنيني)‬
‫للـُم ِح ّبـّي ‪-‬الـمتوّفـى سن ــة‪1111‬للهجرة‪-‬‬
‫ومن كتب الـمثّلث كت اب الـُم ثّلث لقط رب‪ ،‬وكت اب الـمثّلث البن الِّس يد الَبَطْلَيْو س ّي ‪-‬الـمتوّفـى سنـــة‬
‫‪521‬للهجرة‪ ،-‬وكتاب إكمال اإلعالم بتثليث الكالم البن مالك الـّنحوّي ‪-‬الـمتوّفـى سن ــة‪672‬للهجرة‪-‬‬
‫ومن كتب الـمقصور والـممدود كتاب (الـمقصور والـممدود) لنفطويه ‪-‬املتوىّف سنة‪323‬للهجرة‪ ،‬وكتاب‬
‫(الـمقصور والـممدود) أليب عمر الّز اهد املتوىّف سنة‪345‬للهجرة‪ ،‬و(الـمقصور والـممدود) أليب علّي القايل‬
‫‪-‬املتوىّف سنة‪356‬للهجرة‪.-‬‬
‫ويطلق مص طلح فق ه الّلغ ة عن دنا اآلن على العلم ال ذي يـحاول الكش ف عن أس رار الّلغ ة؛ للوق وف على‬
‫القوانني اليت تسري عليها يف حياتـها‪ ،‬ومعرفة س ّر تطّو رها‪ ،‬ودراسة ظواهرها الـمختلفة دراسة تاريـخية من‬
‫ج انب‪ ،‬ووص فّية من ج انب آخ ر‪ ،‬وه و بـهذا يض ّم ك ّل الّد راس ات الّلغوّي ة ال يت تبحث يف نش أة الّلغ ة‬
‫اإلنسانّية‪ ،‬واحتكاك الّلغات الـمختلفة بعضها ببعض‪ ،‬ونشأة الّلغة الفصحى والّلهجات‪ ،‬وكذلك تلك اليت‬
‫تبحث يف أص وات الّلغ ة‪ ،‬ودالل ة األلف اظ وبنيته ا من الّن واحي التاريـخّية الـمقارنة‪ ،‬والّن واحي الوص فّية‪،‬‬
‫وكذلك العالقات الّنحوّية بني مفرداتـها‪.‬‬
‫وحني اكتش ف العلمـاء أّن الّلغ ات يـمكـن الـموازنة بينه ا نش أ فقــه الّلغــة الـمقارن‪Comparative‬‬
‫‪ ،Philology‬وق د انص ّب أك ثر ه ذه الّد راس ات الـمقارنة أواًل على الّلغ ات الـهندّية‪-‬األوربّي ة‪ ،‬وهن اك‬
‫دراس ات تتعلق بالّلغ ات الّر ومانس ّية الـمنبثقة عن الالتينّي ة كالفرنس ّية واإليطالّي ة واإلس بانّية والربتغالّي ة‬
‫والّر ومانّية‪.‬‬
‫وأّم ـا علــم الّلغــة الــذي ُيطلق عليــه أحياًنا علم الّلغــة العـام ‪ General Linguistics‬فقد دخل الـجامعات‬
‫العربّية حديًثا‪ ،‬وُيْع ىَن بدراسة الّلغة دراسة علمّية‪ ،‬ويقوم بدراسة الّلغة ِم ن الـجوانب اآلتية‪:‬‬
‫أواًل ‪ :‬األصوات ‪Phonetics - Phonology‬‬
‫ثانًيا‪ :‬بناء الكلمة (الّص رف) ‪Morphology‬‬
‫ثالًثا‪ :‬بناء اجلملة (الّنحو) ‪Syntax , Grammar‬‬
‫رابًعا‪ :‬الداللة (علم الـمعىن) ‪Semantics‬‬
‫واألس اس الّنظ رّي لـهذا العلم ه و أّن الّلغ ة ظ اهرة إنس انية تس تعملها ك ّل الـمجتمعات؛ ألداء وظ ائف‬
‫مـحّد دة‪ ،‬وبناء هذه الّلغات يتأّلف ِم ن أصوات تنتظم يف كلمات‪ ،‬والكلمات تتألف منها جـمل‪ ،‬والبشر‬
‫جـميًعا يستعملون لغاتـهم يف الّتعبري عن أفكارهم ورغباتـهم وتوصيلها إىل اآلخرين‪.‬‬
‫ويسعى علم الّلغة العاّم إىل وضع نظرية يف الّلغة‪ ،‬ونظ ًر ا لـهذه الّطبيعة الّنظرّية َأْطلق عليه بعض الباحثني‬
‫تسمية (علم الّلغة الّنظرّي )‪ ، Theoretical Linguis‬ويعتمد علم الّلغة العاّم يف وضع نظريته ومناهجه‬
‫على ما تصل إليه علوم الّلغة الـمختلفة‪.‬‬
‫ويتصل علم الّلغة اّتص ااًل وثيًق ا بعلوم أخرى إنسانية كعلم االجتماع والتاريخ والـجغرافيا‪ ،‬وعلوم صرفة‬
‫كعلم وظ ائف األص وات‪ ،‬وعلم وظ ائف األعض اء‪ ،‬وعلم الّتش ريح‪ ،‬وعلم الوراث ة‪ .‬فعن د دراس ة الّلغ ة ِم ن‬
‫الّناحية الّص وتّية ال بّد ِم ن االستعانة بعلم وظائف األعضاء الذي يقوم بدراسة أعضاء الّنطق عند اإلنسان‪،‬‬
‫واالستعانة بعلم الفيزياء الذي يـحّلل األمواج الّص وتّية يف الـهواء بني الـمتكِّلم والَّس امع‪.‬‬
‫ولـّم ا كانت الّلغة ال تـحيا إاّل يف ظّل مـجتمع إنساين ظهر علم الّلغة االجتماعّي ؛ الّتصال علم الّلغة الوثيق‬
‫بالعلوم االجتماعّية‪ ،‬ولـّم ا كانت الّلغة سلوًك ا إنسانًيا حدث امتزاج بني علم الّلغة وعلم الّنفس فظهر علم‬
‫الّلغة الّنفسّي ‪.‬‬
‫وال ب ّد من الّتنبي ه على أّن ه ليس ِم ن اليس ري تـحديد الف روق الّد قيق ة بني علم الّلغ ة وفق ه الّلغ ة؛ ألّن أغلب‬
‫مباحثهما متداخل لدى كثري من العلماء‪ ،‬وكان الّلغويون القدامى ال يفّر قون بيـن فقه الّلغة وعلم الّلغة؛‬
‫ألّن الّلفظ تني تعنيان ‪-‬يف مفه ومهم‪ -‬شيًئا واح ًد ا‪ ،‬فمع ىن الفق ه يف معجمات األلف اظ هو‪ :‬العلم بالّش يء‬
‫والفهم له؛ مـّم ا دعا بعض الباحثني إىل الّتمّس ك بـمصطلح فقه الّلغة وتعميمه على جـميع البحوث الّلغوّية؛‬
‫ألّن كّل علم بشيء فهو فقه له‪ ،‬فما أجدر هذه الّد راسات جـميًعا أْن ُتَس ّم ى فقًه ا‪.‬‬
‫وتـميل الّد راسات الّلغوية الـحديثة بـمفهومها الـحديث إىل الّتفريق بني فقه الّلغة وعلم الّلغة؛ ألّن منهجّي ة‬
‫فقه الّلغة تـختلف عن منهجّية علم الّلغة‪ ،‬فاُألوىل تدرس الّلغة وسيلًة لدراسة الـحضارة أو األدب ِم ن خالل‬
‫الّلغة‪ ،‬يف حني أّن علم اللغة يدرس الّلغة لذاتـها‪.‬‬
‫وأّن اصطالح فقه اللغة سبق ِم ن الّناحية الّز مانّية اصطالح علم الّلغة‪ ،‬وأّن فقه الّلغة ُيوصف يف الغالب بأّنه‬
‫مقارن‪ ،‬يف حني أّن علم الّلغة ال ُيعىن بـما حول الّلغة‪.‬‬
‫وأّن ميدان فقه الّلغة أوسع وأشـمل إذ إّن الغاية الّنهائّية منه دراسة الـحضارة واألدب‪ ،‬والبحث عن الـحياة‬
‫العقلّي ة ِم ن جـميع وجوهها‪ ،‬لذلك ُعَيِن فقهاء الّلغة بتقسيم الّلغات ومقارنتها بعضها مع بعض‪ ،‬وبإعادة‬
‫ص ياغة الّنص وص القديـمة؛ لش رحها يف س بيل الوق وف على م ا تتض ّم نه ِم ن مض امني حض ارّية بـمختلف‬
‫وجوهها‪ .‬أّم ا علم اللغة فريكز على التحليل لرتكيب الّلغة بوصفها ميدانه األساس‪.‬‬
‫وأّن علم اللغة اتصف منذ نشأته بكونه علًم ا حسب الـمفهوم ال ّد قيق لـهذا الـمصطلح‪ ،‬وقد ش ّد د معظم‬
‫علماء اللغة على هذه الّناحية‪.‬‬

You might also like