Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫اﻟتنم�ﺔ وﻤ�ﺎﻓحﺔ اﻟﻔﻘر ﻓﻲ ﻤحﺎﻓظﺎت وﻗر�‬

‫اﻟصﻌید‪ :‬دور اﻟﻘطﺎع اﻟخﺎص*‬

‫(‪ )1‬الفففقفر‬
‫رغم أن الفقر والفقراء لفظان متداوالن على كل لسان‪ ،‬ويمكن أن يكون معناهما تدركهً "النفوس"‪،‬‬
‫غير أن وضع تعريف علمي محدد لهما يكتنفه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬كثير من الصعوبة لتداخل العوامل‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تؤثر على إشباا الحاجات األساسية المادية وغير المادية‬
‫لإلنسان‪ .‬ومع ذلك فهناك اتفاق على أن الفقر يمثل حالة من الحرمان المادي تتضمن انخفاض‬
‫استهالك الغذاء كماً وكيفاً‪ ،‬وتدنى الوضع الصحي والتعليمي والسكنى‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الحرمان‬
‫من السلع المعمرة واألصول المادية األخرى المرتبطة بتوفير حياة البقة (في الدول الغنية)‪ .‬والفقر‬
‫بذلك ليس صفه وانما هو حالة يمر بها الفرد واألسرة تبعاً لمعايير محددة تتلثر بمستوى المعيشة‬
‫السابدة في المجتمع‪ .‬إن الفقر هو وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد‬
‫واإلمكانات التي تمكن الفرد واألسرة من الحصول على االحتياجات األساسية والتمتع بمستوى البق‬
‫من الحقوق المدنية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية‪ .‬وقد حاول االقتصاديون واالجتماعيون وضع‬
‫تصنيفات للفقر بغرض قياسه‪ ،‬فميزوا بين "الفقر المطلق" وهو الفقر الذي ال يتمكن فيه الفقير من‬
‫إشباا حاجاته األساسية (ملكل‪ ،‬ملبس‪ ،‬مسكن‪ ،‬تعليم‪ ،‬صحة)‪ " ،‬والفقر المدقع" أو " الفقر المزرى‬
‫“ وهو الفقر الذي ال يمكن صاحبه من الحصول على عدد معين من السعرات التي تمكنه من‬
‫مواصلة حياته ونشاطه عند حدود معينه‪ .‬وهناك أنواا أخرى من الفقر تصف أحوال بعض الفبات‬
‫في الدول المتقدمة والغنية مثل " فقر الرفاهية " الذي يمتد في تعريفه إلى الحرمان من سلع الرفاهية‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫وفي الواقع المصري يرى الخبراء المختصون أن الفقير هو من يقل دخله في العام عن ‪8827‬‬
‫جنيهاً (خو الفقر عام ‪ )2018‬وبالطبع فإن الفقير فق اًر مدقعاً يقل دخله كثي اًر عن هذا الحد‪.‬‬
‫(‪ )2‬دور الجمعيات والمنظمات والمؤسسات غير الهادفة للربح (المجتمع المدني) في مكافحة‬
‫الفقر‬
‫تلعه المنظمات والجمعيات غير الحكومية غير الهادفة للربال كما تلعه الكثير من المؤسسات‬
‫والهيبات الحكومية التابعة لو ازرات الشؤون االجتماعية والزراعية واألوقاف وبنك ناصر االجتماعي‬
‫وغيرها‪ ،‬وكذلك الشركات في إطار المسؤولية االجتماعية وأيضا "أهل الخير" من األفراد من خالل‬
‫الزكاة والصدقات دو ار مهما في مكافحة الفقر في المناطق التي يسكنها فقراء في جميع أنحاء مصر‬
‫وخصوصا في مدن وقرى الصعيد‪.‬‬
‫وتقدم هذه الجهات مساعداتها للفقراء من خالل الدعم النقدي والعيني وكذلك من خالل خلق فر‬
‫عمل في مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر في القرى واألحياء التي يسكنها فقراء في المدن‪،‬‬
‫وغالباً ما تتجه هذه المساعدات واألنشطة التشغيلية الصغيرة ومتناهية الصغر مباشرة إلى األفراد‬
‫واألسر المستهدفة من هذه البرام ‪ .‬وفي عام ‪ ،2019‬بلغ عدد الجمعيات األهلية المسجلة في‬
‫مصر ‪ 50326‬جمعية‪ ،‬منها في صعيد مصر (‪ 9‬محافظات) ‪ 11188‬جمعية‪ .‬كما بلغ عدد‬
‫المشرعات الصغيرة ومتناهية الصغر المسجلة في مصر ‪ 251085‬مشروعا منها ‪146523‬‬
‫مشروعا في محافظات الصعيد بنسبة ‪ %59‬من إجمالي المشروعات طبقا لبيانات الجهاز المركزي‬
‫للتعببة العامة واإلحصاء (عام ‪.)2018‬‬
‫وال ينكر أحد أن العديد من الجمعيات غير الهادفة للربال والكثير من الجمعيات والمؤسسات العاملة‬
‫في المجال األهلي الخيري تهدف إلى تحويل الفقراء‪ ،‬خصوصا أولبك الذي يقعون في براثن الفقر‬
‫المدقع‪ ،‬من متلقين للدعم واإلحسان إلى " منتجين " صغار يكتسبون دخالً من عمل يصون كرامتهم‬
‫وينقلهم من مرحلة الفقر المدقع إلى حالة اقتصادية واجتماعية أفضل‪ ،‬ويمتاز عمل هذه الجمعيات‬
‫الفقير أو األسرة الفقيرة‪ .‬أي أن عملها يستهدف مباشرة‬ ‫والمؤسسات بلنه موجه مباشرة للشخ‬
‫الفرد أو األسرة‪.‬‬
‫إن من يطلع على نشاط وبرام هذه الجمعيات والمؤسسات على أرض الواقع في مصر‪ ،‬خصوصاً‬
‫في صعيدها‪ ،‬ينبهر بحجم هذا النشاط وحجم األموال التي يتم إنفاقها في مكافحة الفقر في هذه‬

‫المحافظات وخصوصا في القرى الفقيرة‪ ،‬ويشعر باألعجاه بلصحاه القلوه الرحيمة و ّ‬


‫الخيرة التي‬
‫تقوم بهذه األنشطة اإلنسانية العظيمة‪.‬‬
‫ورغم ذلك فإن مؤشرات الفقر المنشورة عام ‪2018‬عن مصر تشير إلى ارتفاا نسبة الفقراء من‬
‫‪ %27.8‬من سكان مصر عام ‪ 2016/2015‬إلى ‪ %32.5‬بنهاية عام ‪ .2018 /2017‬وتدل‬
‫هذه المؤشرات أن نسبة الفقراء في محافظة أسيوط بلغت ‪ %76.6‬وفي سوهاج ‪ %59.6‬وفي‬
‫األقصر ‪ %55.3‬وفي المنيا ‪ %54‬وفي قنا ‪ %41‬من سكان هذه المحافظات‪ ،‬وتدل مؤشرات‬
‫عام ‪ 2018 /2017‬أيضا أن نسبة الفقراء في ‪ 46‬قرية من قرى محافظتي أسيوط وسوهاج بلغت‬
‫ما بين ‪ %100– 80‬من سكان هذه القرى وأن نسبة الفقراء في‪ 236‬قرية في سوهاج قد بلغت‬
‫‪ %87‬من سكانها (الجهاز المركزي للتعببة العامة واإلحصاء)‬
‫والسؤال الذي يطرح نفسه األن بإلحاح هو‪ :‬هل أدت الجهود الضخمة التي تبذلها الجمعيات‬
‫والمؤسسات التي ال تهدف إلى الربال ومعها البرام الحكومية التي تستهدف دعم الفقراء وتحسين‬
‫أحوالهم من خالل البرام والمساعدات النقدية والعينية “والتنمية المجتمعية " هل أدت كل هذه‬
‫الجهود إلى تقليل معدالت الفقر في مصر عموماً وفي محافظات الصعيد وقراها الفقيرة خصوصاً؟‬
‫إذا أغفلنا أثر ق اررات اإلصالح االقتصادي األخيرة‪ ،‬خصوصاً قرار "تعويم " الجنيه المصري نهاية‬
‫عام ‪ ،2016‬على الدخول الحقيقية لمختلف الفبات االجتماعية للشعه المصري خصوصاً الفق ارء‬
‫واعتمدنا على نسبة الفقراء في مصر قبل " التعويم " (عام ‪ )2015‬التي كانت ‪ %27.8‬من عدد‬
‫السكان ونسبة الفقراء في محافظات وقرى صعيد مصر التي كانت تتراوح بين ‪ %36.5‬إلى ‪%64‬‬
‫من سكان هذه المحافظات (الجهاز المركزي للتعببة العامة واإلحصاء)‪ .‬فإن اإلجابة على سؤالنا‬
‫السابق ستكون بالقطع بالنفي‪ .‬أي أن جهود كل من المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الهادفة‬
‫للربال واألفراد والشركات من خالل برام المسبولية االجتماعية‪ ،‬على أهميتها البالغة في مساعدة‬
‫الفقراء واعانتهم‪ ،‬لم تكف لمكافحة الفقر والقضاء عليه‪.‬‬
‫لقد دلت دراسات كثيرة حديثة أن جهود مؤسسات الحكومة والجمعيات والمنظمات األهلية غير‬
‫الهادفة للربال في دعم واعانة الفقراء تؤدى إلى نتاب غير متماثلة من وجهة نظر " النمو– عدالة‬
‫توزيع الدخل – مكافحة الفقر"‪ .‬لقد وجد أن التوسع في التعيينات في الحكومة له تلثير سلبي على‬
‫النمو‪ ،‬وله تلثير إيجابي محدود على كل من عدالة التوزيع ومكافحة الفقر على مستوى المجتمع‬
‫ككل‪ .‬كما وجد أن زيادة نشاط الجمعيات األهلية في دعم الفقراء يكاد يكون عديم األثر على النمو‬
‫وله بعض األثار اإليجابية على عدالة التوزيع ومكافحة الفقر المدقع‪ ،‬لكنه ال يحسم قضية العدالة‬
‫ومكافحة الفقر على مستوى المجتمع بصورة شاملة ودابمة‪ .‬قد نسلم بلن دور هذه الجمعيات األهلية‬
‫وبرام الحكومة الموجهة لدعم ومساندة الفقراء ال غنى عنها في كل الظروف واألحوال خصوصاً‬
‫إلعانة من ال يستطيعون الكسه‪ ،‬لذلك سنجد أنفسنا أمام ضرورة أن تتبنى الدولة سياسة تنمية‬
‫اقتصادية واجتماعية شاملة تهدف‪ ،‬كما تهدف كل سياسة اقتصادية‪ ،‬إلى تحقيق أعلى معدالت‬
‫على تحقيق استقرار نقدي وتوازن مالي‪ .‬إن‬ ‫للنمو‪ ،‬مع مراعاة عدالة التوزيع أثناء النمو‪ ،‬والحر‬
‫هذه السياسة هي الوحيدة التي تحسم قضية زيادة الدخول وتحسين مستوى معيشة أفراد المجتمع‬
‫وتحاره الفقر ليذهه إلى غير رجعة حتى ولو تجادلنا حول إشكالية " التنمية – عدالة التوزيع “‪.‬‬
‫ما هي سياسة التنمية االقتصادية الشاملة المطلوبة؟ ومن يقوم بها؟‬
‫(‪ )3‬التنمية االقتصادية الشاملة والنمو‬
‫تختلف التنمية الشاملة عن النمو‪ .‬فالتنمية الشاملة تعنى حدوث تغير مستمر ومتواصل في البنيان‬
‫االقتصادي واالجتماعي يصاحبه بالضرورة نمو متواصل ومرتفع المعدالت في النات المحلي وفي‬
‫دخول األفراد وتتالشى معه ظواهر الفقر المللوف في الدول ذات الدخل المنخفض‪ .‬وتحدث التنمية‬
‫االقتصادية الشاملة (النمو المرتفع مع العدالة في توزيع النات ) عادة نتيجة تنفيذ استثمارات كثيفة‬
‫ال تقل عادة عن ‪ %30‬من النات المحلى يصاحبها استخدام كثيف لتكنولوجيا متقدمة تستخدم في‬
‫‪ .‬وغالباً ما تكون التكنولوجيا المستخدمة منتجة كلها أو‬ ‫القطاا الصناعي على وجه الخصو‬
‫معظمها داخل االقتصاد‪ .‬يفترض أن تؤدي المعدالت المرتفعة للنمو إلى القضاء التدريجي على‬
‫ظواهر الفقر حتى وان ظلت ظاهرة ضعف عدالة التوزيع قابمة لبعض الزمن (كما يرى كيونتس)‪.‬‬
‫وتختلف التنمية بالمعنى السابق عن النمو االقتصادي الذي يحدث هو األخر حين يتم ضال‬
‫استثمارات محلية أو أجنبية في قطاعات النشاط االقتصادي تؤدى إلى نمو النات المحلى بمعدالت‬
‫غالبا ما تكون متواضعة (أقل من ‪ %5‬في الغاله) وال تكفي هذه المعدالت للقضاء على الفقر‪.‬‬
‫وتتسم ظاهرة النمو االقتصادي غالبا بنمو في حجم االقتصاد دون حدوث تغيرات قوية ومتواصلة‬
‫في الهيكل االقتصادي واالجتماعي للمجتمع‪ .‬واذا حدثت تحوالت في الهياكل والبنيات تكون بطيبة‬
‫ومهددة بالتعثر‪ .‬ودلت تجاره العديد من الدول أن معدالت االستثمار‪ ،‬في هذ الحاالت تكون‬
‫متواضعة (أقل من‪ %20‬من النات المحلى)‪ .‬ومن أهم السمات التي لوحظت على تجاره النمو‪،‬‬
‫بهذا الوصف‪ ،‬أن االستثمارات المنفذة تعتمد على استخدام الت ومعدات (تكنولوجيا) مستوردة من‬
‫الخارج على نطاق واسع وأحيانا كامل‪ ،‬وتستخدم إلنتاج سلع موجهة غالبا لالستهالك النهابي أي‬
‫إلقامة صناعات تجميع تعتمد على مدخالت أغلبها مستوردة من الخارج‪.‬‬
‫(‪ )4‬نموذج (التصنيع – إنتاج التكنولوجيا – التنمية)‬
‫ذكرنا أن التنمية االقتصادية الشاملة تعنى تبنى سياسات اقتصادية تضمن أحداث تغييرات متواصلة‬
‫في الهيكل والبنيان االقتصادي واالجتماعي من خالل توجيه استثمارات كثيفة في قطاعات االقتصاد‬
‫‪ .‬وتتم هذه العملية‬ ‫الوطني‪ ،‬مع التركيز على االستثمار في القطاا الصناعي على وجه الخصو‬
‫من خالل إنتاج سياسة " التصنيع “المعتمد على "إنتاج التكنولوجيا " وهو ما يقود تدريجيا إلى‬
‫حدوث “التنمية “‪.‬‬
‫وتؤدى هذه السياسة‪ ،‬إلى النمو المرتفع وبالتالي إلى مكافحة الفقر والقضاء عليه‪ .‬ويختلف هذا‬
‫المثلث (تصنيع ‪ -‬إنتاج تكنولوجيا – تنمية ) عن المثّلث المقابل وهو ( صناعة – استهالك‬
‫تكنولوجيا – نمو) الذي يفضى إلى نمو بمعدالت متواضعة وال يضمن تشغيال كامال لعناصر‬
‫اإلنتاج ‪ ،‬وخصوصا عنصر العمل ‪ ،‬وبالتالي ينت نمواً متواضعاً وفق اًر متزايداً ‪.‬‬
‫(‪ )5‬التصنيع‬
‫يعرف التصنيع بلنه ليس مجرد إنشاء مصانع تنت سلعا يستهلكها أفراد المجتمع ومؤسساته‪ ،‬وانما‬
‫هو إنشاء نظام متكامل من اآلالت والمعدات ‪L' etablissement d'un systeme coherent‬‬
‫‪ des machines‬في المجتمع بحيث يتيال هذا النظام أن تتبادل الصناعات والقطاعات الهامة‬
‫في االقتصاد الخامات والمنتجات الوسيطة والنهابية بين بعضها البعض ‪ .‬وعلى ذلك تنمو هذه‬
‫القطاعات والصناعات‪ ،‬ألن كالً منها تتشابك مكونة سوقا متنامية ورابجة لألخرى‪ .‬وتزيد قدرة هذه‬
‫القطاعات على التراكم العلمي والمعرفي والتكنولوجي والمالي‪ ،‬وينمو االستثمار بصورة تكاد تكون‬
‫تلقابية وذاتية وترتفع القدرة على االستهالك والتصدير‪ ،‬ويصل المجتمع إلى مستوى قريه من‬
‫التوظف الكامل وتقل معدالت البطالة وترتفع الدخول وتختفي تدريجياً ظواهر " البؤس " والفقر‪،‬‬
‫وتصبال التنمية ذاتية ومستدامة‪.‬‬
‫ولكي تنجال سياسة التصنيع البد أن تتجه االستثمارات إلى إنتاج مكونات وأجزاء السلع الرأسمالية‬
‫واالستهالكية المعمرة وغير المعمرة‪ ،‬وأن توجه نسبه كبيرة من االستثمارات إلى الصناعات‬
‫الميكانيكية والكهربابية والكيماوية والمعدنية واإللكترونية والذكاء االصطناعي وتطبيقاته‪ ،‬ألن هذه‬
‫الصناعات ذات أثار تصنيعية قوية لما تخلقه من تشابكات ديناميكية خلفها وأمامها‪.‬‬
‫ويصاحه التصنيع عادة تحديث الزراعة من خالل إنتاج واستخدام اآلالت الزراعية والكيماويات‬
‫(مبيدات ومخصبات) والبذور إستتباط للسالالت عالية اإلنتاجية مما يقود إلى زيادة إنتاجية وحدات‬
‫كل من المياه واالرض والعمل بالقطاا الزراعي‪.‬‬
‫(‪ )6‬إنتاج التكنولوجيا‬
‫يؤدى انتهاج سياسة التصنيع بالمعنى الموضال في الفقرة السابقة إلى التقدم التدريجى في إنتاج‬
‫التكنولوجيا داخل لألقتصاد الوطنى‪ .‬والتكنولوجيا الحديثة تتالزم مع إنتاج مكونات وأجزاء السلع‪،‬‬
‫أما إنتاج السلع النهابية فال يتطله‪ ،‬في الغاله األعم‪ ،‬استخدام تكنولوجيا حديثة عميقه أو على‬
‫نطاق واسع‪ .‬فمصانع إنتاج السلع النهابية هى مصانع تجميع لمكونات مشتراه من خارج هذه‬
‫المصانع وكثي اًر تكون من خارج البالد‪ ،‬وهذه المكونات هى التي تتضمن محتوى تكنولوجي‪ .‬إن‬
‫انتهاج سياسة إنتاج التكنولوجيا لن يتحقق من تلقاء نفسه انما يتطله إنشاء بنية أساسية تتضمن‬
‫تلسيس نظام تعليم على مستوى عالي من الجودة‪ ،‬وانشاء مؤسسات قوية للتصميم واالبتكار‬
‫والبحث العلمي ومراكز للمعايرة والقياس والجودة وتسجيل براءات االختراا وغيرها من مكونات‬
‫البنية االساسية للتصنيع والتكنولوجيا‪ ،‬هذا بجانه توفير البنية التحتية والمرافق بطبيعة الحال‪.‬‬
‫يقود تلسيس الضلع األول (التصنيع) "لمثلث النجاح " إلى نشلة الضلع الثاني (إنتاج التكنولوجيا)‪،‬‬
‫ويقود الضلعان االول والثاني إلى تحقيق الضلع الثالث وهو التنمية الشاملة المستدامة ليكتمل مثلث‬
‫أو نموذج تحقيق النجاح‪ ،‬حيث ترتفع معدالت االستثمار‪ ،‬ويبدأ االقتصاد في جذه رؤوس االموال‬
‫المحلية واألجنبية (‪ )FDI‬وترتفع معدالت النمو غالباً ألعلى من ‪ %6‬وقد تصل إلى أكثر من ‪9‬‬
‫و‪ %10‬سنويا‪ ،‬وغالبا ما تستمر لفترات طويلة تعمل خاللها عناصر اإلنتاج بكامل طاقتها أو تكاد‪،‬‬
‫وتنخفض معدالت البطالة ألدنى ما يمكن وتزيد دخول األفراد بنسه متفاوتة‪ ،‬ويتالشى الفقر‬
‫المطلق والمدقع ويرتفع خو الفقر ألعلى من مستوىاته قبل التنمية‪ ،‬وتنت عملية التنمية معدالت‬
‫نمو مرتفعة تنعكس على دخول أفراد المجتمع وتختفي ظاهرة إعادة إنتاج الفقراء في المجتمع بشكل‬
‫عام ‪.‬‬
‫(‪ )7‬نموذج " الصناعة – إستهالك التكنولوجيا – النمو " (اعادة إنتاج الفقراء)‪:‬‬
‫تصنف دول العالم من منظور إقتصادى‪ ،‬من بين تصنيفات عديدة‪ ،‬إلى دول صناعية متقدمة‬
‫قديمة‪ ،‬ودول صناعية جديدة‪ ،‬وتبقى البقية الباقية من الدول ذات مستوى صناعى ضعيف بشكل‬
‫عام‪ .‬ومن يتابع التطور االقتصادي للدول المنتمية لكل مجموعة سيجد أن دول المجموعتين‬
‫األولتين (الصناعية القديمة والصناعية الجديدة) قد نجحت في الوصول إلى مستوى عال من النمو‬
‫والتقدم والنجاح في مكافحة الفقر بفضل إنتهاجها جميعا النموذج الذي عرضاه تحت مسمى نوذج‬
‫أو مثلث (التصنيع – إنتاج التكنولوجيا – التنمية)‪ .‬وأن بقية الدول ذات المستوى الصناعي‬
‫المنخفض وبالتالي الدخل المنخفض واعادة إنتاج الفقراء‪ ،‬تنته سياسات تقوم على االستثمار في‬
‫شراء مصانع مستوردة من الخارج‪ ،‬وغالبا بعقود تسليم مفتاح‪ ،‬لتنت منتجات نهابية‪ .‬أى أنها‬
‫صناعات تقوم بتجميع أجزاء ومكونات مستوردة هى اآلخرى‪ .‬وبذلك ال يتاح لها إنتاج التكنولوجيا‬
‫أو المشاركة في إنتاجها‪ ،‬فهى بذلك تكتفي بلستهالك التكنولوجيا‪ ،‬أى تشغيلها وصيانتها على أحسن‬
‫األحوال‪ .‬وينت عن انتهاج هذا النموذج تحقيق معدالت نمو منخفضه وقيم مضافة هزلة وهو ما‬
‫يؤدى إلى ضعف القدرة على الوصول لمستوىات من التوظف تكفي لتشغيل معظم قوة العمل‪ ،‬يقود‬
‫ذلك إلى إنخفاض الدخول وبالتالي زيادة الفقر وأعادة إنتاجه‪ ،‬وضعف مستوى المدخرات المحلية‬
‫وانخفاض مستوى االستثمارات وتقتره األحوال االقتصادية واالجتماعية من الحالة التي وصفها‬
‫في بدايات القرن العشرين االقتصادي الشهير شمبيتر" دابرة الفقر المفرغة "‪.‬‬
‫لذلك فال سبيل للحاق بركه الدول الصناعية إال بالعودة إلى انتهاج نموذج " التصنيع ‪ -‬إنتاج‬
‫التكنولوجيا ‪ -‬التنمية " بما يتطلبه من إتخاذ سياسات فرعية في التعليم ‪ ،‬التدريه ‪ ،‬البحث والتطوير‪،‬‬
‫مراكز التصميم والقياس والجودة والمعايرة ‪ .....‬إلخ‪ .‬وتطوير الجهاز اإلدارى للدولة ليصبال راعياً‬
‫لإلستثمار والمستثمرين وليس معادياً شرساً لهما! كما يتطله األمر منال حوافز سخية لجذه‬
‫االستثمار األجنبي المباشر حتى يضع رأس المال العالمي (الشركات متعدية الجنسيات) مصر‬
‫على خريطة سالسل القيمة العالمية إلنتاج أجزاء ومكونات السلع الصناعية‪.‬‬
‫(‪ )8‬من يقوم بتنفيذ سياسة " التصنيع – إنتاج التكنولوجا – التنمية" المؤدية إلى النمو المرتفع‬
‫ومكافحة الفقر؟‬
‫إنتهينا إلى أن النمو مرتفع المعدالت وما يصاحبه من زيادة كبيرة ومتواصلة في الدخول لن يتحقق‬
‫إال من خالل إنتهاج نموذج التنمية الشاملة التي تحدث من خالل التصنيع وانتاج التكنولوجيا‪ .‬ولن‬
‫تجدى المقاربات المتجهة مباشرة إلعانة ودعم وحتى تشغيل الفرد الفقير أو األسرة الفقيرة في القضاء‬
‫على مشكالت الفقر ال في صعيد مصر وال في بقية المحافظات والقرى‪ .‬إن األمر متعلق بالسياسات‬
‫االقتصادية العامة للدولة‪ ،‬وبتبنى النموذج الذي عرضناه والذي طبقته كل الدول الصناعية القديمة‬
‫والجديدة على حد سواء‪ .‬والسؤال األن هو‪ :‬كيف يتم تبني هذا النموذج وتطبيقه‪ ،‬ومن الذي يقود‬
‫عملية التصنيع وانتاج التكنولوجيا؟‬
‫‪.‬‬ ‫ينقلنا هذا السؤال إلى دور الدولة ودور القطاا الخا‬
‫عرف العالم على مدى المابة عام األخيرة (‪ )2020-1920‬نظامين إقتصاديين ربيسيين إنتهجا‬
‫نموذج (التصنيع – إنتاج التكنولوجيا – التنمية) الذي نشي ارليه‪ :‬نظام إقتصاد السوق حيث ال تتدخل‬
‫الدولة‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬في الشاط االقتصادي وتتركه لألفراد والمؤسسات الخاصة وتلعه دور الحارس‬
‫والمراقه والمخفر من خالل أدواتها القانونية والمالية والنقدية‪ ،‬ونظام التخطيو المركزي الذي تقوم‬
‫فيه الدولة باإلنتاج من خالل ملكيتها للمشروعات وتقوم هى باالستثمار وتهيمن على معظم أوجة‬
‫النشاط االقتصادي وأيضا توزيع الدخل‪.‬‬
‫وقد طبقت مصر نظاماً اقتصادياً قريباً من التخطيو المركزي والدولة المنتجة في أواخر‬
‫الخمسينيات وطيلة الستينيات من القرن الماضى‪ ،‬ثم عدلت عن هذه السياسة تدريجياً أبتدءاً من‬
‫عام ‪ .1974‬ولم يعد مطروحاً‪ ،‬على األقل في المدى المنظور‪ ،‬إن تعود الدولة إلى نموذج التخطيو‬
‫هو المنوط به قيادة االقتصاد لتنفيذ نموذج "‬ ‫المركزي (الدولة المنتجة) لذلك فالقطاا الخا‬
‫التصنيع–إنتاج التكنولوجيا‪ -‬التنمية " ‪.‬‬
‫كان من نتاب إنتهاج نموذج " الصناعة – استهالك التكنولوجيا – النمو " أن حقق االقتصاد‬
‫المصري معدالت منخفضة (متوسو يقل عن ‪ )%4‬طيلة أكثر من ‪ 45‬عاماً‪ .‬وفي التطبيق على‬
‫أرض الواقع تحيزت االستثمارات الحكومية إلى محافظات الشمال بوجه عام على حساه محافظات‬
‫خلف االستثمارات العامة‪ .‬فنشل تناقض بين النمو‬ ‫الجنوه وتوجهت إستثمارات القطاا الخا‬
‫وعدالة التوزيع وتركز الفقر في بعض المناطق‪ .‬وأدت معدالت النمو االقتصادي المنخفضة إلى‬
‫ضعف موارد الدولة‪ ،‬مثلما ضعفت دخول األفراد‪ ،‬ولم تتمكن الدولة من توجيه الموارد الكافية‬
‫لإلستثمار في البنية األساسية والتنمية وال في البحث والتطوير وال في تحديث الزراعة وانصرفت‬
‫معظم االستثمارات الخاصة الجديدة (على القانون ‪ 159‬لسنة ‪ )1981‬إلى القطاا العقارى الذي‬
‫وجه إليه ‪ ،%30.2‬ونالت الصناعة ‪ %13‬فقو من االستثمارات‪ ،‬وحظيت الخدمات بنسبة ‪%51‬‬
‫من إجمالي إستثمارات عام ‪ .2018‬لذلك فإن إنتهاج نموذج التنمية الذي ندعو إليه “التصنيع –‬
‫إنتاج التكنولوجيا – التنمية " سيواجه في بداية تطبيقه تحديات واشكاليات كثيرة متخلفة عن تطبيق‬
‫نموذج " الصناعة – إستهالك التكنولوجيا – النمو " لمدة طويلة‪ .‬ونناقش أهم هذه اإلشكاليات‪.‬‬
‫(‪ )9‬اإلشكالية األولى‪ :‬التوطن الجغرافي لإلستثمارات التنمية المحلية وأقطاب التنمية ( ‪pole‬‬
‫‪)de development‬‬
‫تتوطن االستثمارات الخاصة خصوصاً االستثمارات في قطاا الصناعة جغرافياً عندما تتوافر‬
‫مجموعة من المقومات‪ ،‬أهمها توافر المرافق والبنية األساسية المادية وغير المادية‪ :‬التعليم العام‬
‫والفني والتدريه المهنى وبنية البحث العلمي والصحة وكلها تنشبها الدولة في المنطقة الجغرافية‬
‫التي يراد أن تتجه إليها االستثمارات الخاصة‪ .‬أي أن االستثمارات الحكومية البد أن تسبق‬
‫االستثمارات الخاصة للمنطقة الجغرافية المرغوه تنميتها‪ .‬لذلك يلزم تصميم خريطة جغرافية واضحة‬
‫للمناطق المرغوه التركيز عليها في المراحل األولى لمعالجة االختالالت الحالية وتوجيه‬
‫االستثمارات الحكومية في الم ارفق والبنية األساسية لمختلف األنشطة المبتغاه‪ ،‬صناعية أو زراعية‬
‫أو خدمية‪ ،‬لتتهيل إلستقبال االستثمارات الخاصة المحلية واألجنبية‪.‬‬
‫لكي يتم اإلستفادة من قوة نموذج التنمية المقترح في تحقيق نمو مرتفع ومتواصل يؤدى إلى معالجة‬
‫المشكالت الحالية للفقر في محافظات ومدن وقرى الصعيد نقترح أن تتجة الدولة لتنفيذ برنام‬
‫إستثمارات حكومية مكثفة في البنية األساسية الالزمة لتوطين الصناعة يهدف في مراحله األولى‬
‫إلى تجهيز ‪ 200‬منطقه صناعية في جميع عواصم المراكز بجميع محافظات الصعيد من الجيزة‬
‫معظم هذه المناطق في صناعات تحويلية‬ ‫حتى أسوان ( وعددها ‪ 73‬مدينة ) ويقترح أن تتخص‬
‫خفيفة تنت منتجات نهابية تلبى اإلحتياجات األساسية للسكان‪ ،‬وكذلك تنت مناطق صناعية أخرى‬
‫مكونات صناعية للمصانع التي نقترح إقامتها في مدن صناعية كبرى تقوم الحكومة بإنشاءها‬
‫وبتهيبة مرافقها بواقع مدينة صناعية كبيرة في عاصمة كل محافظة ( وعددها ‪ 9‬محافظات )‪.‬‬
‫واذا أمكن تنفيذ هذا البرنام خالل خمس سنوات تقوم فيها الحكومة بتقديم برنام حوافز سخية‬
‫للمستثمرين للتوجه باستثماراتهم لهذه المناطق‪ :‬كمنال األراضى الصناعيه مجاناً‪ ،‬ومنال تخفيضات‬
‫كبيرة في أثمان الغاز الطبيعى والكهرباء والمياه‪ ،‬واقرار إعفاءات ضريبية وجمركية كبيرة على‬
‫الواردات من اآلالت وبعض المكونات بعد استيفاء نسبة تصنيع محلية تطبق بتدرج واقعي‪ .‬نعتقد‬
‫عمل وفيره لسكان هذة المناطق المهمشة‪ .‬ولن يهاجروا للعمل‬ ‫أن تنفيذ هذا البرنام سيخلق فر‬
‫خارج قراهم ومدنهم في صعيد مصر‪.‬‬
‫(‪ )10‬اإلشكالية الثانية‪ :‬ضعف القوة الشرائية في " المناطق الفقيرة – تعظيم الربح‬
‫‪ ،‬أياً كان حجم أعماله‪ ،‬إلى تحقيق الربال وتعظيمه‪ .‬ويجنى أرباحه من‬ ‫يسعى المستثمر الخا‬
‫التوجه إلى أسواق ذات قوة شرابية عالية تضمن له تصريف كل ما ينتجة بلسعار تحقق له معدالت‬
‫االرباح التي يهدف إليها أو يتوقعها‪ .‬ويعتبر انخفاض دخول معظم مواطنى محافظات الصعيد‬
‫خصوصاً في المراكز والقرى أحد األسباه الهامة التي تجعل المستثمرين يعزفون عن التوجه‬
‫باستثماراتهم لهذه المناطق خصوصاً أولبك أصحاه االستثمارات الصغيرة والمتوسطة الذين ينتجون‬
‫غالباً للمستهلك المحلي‪.‬‬
‫غير أن نظم الحوافز السخية التي يجه أن توفرها الدولة للمستثمرين المطلوه جذبهم لهذه المناطق‬
‫البعيدة والفقيرة يمكن أن تساهم بفعالية في تعويض هؤالء المستثمرين نتيجة انخفاض تكلفة اإلنتاج‬
‫بالنسبة لهم مما يجعلهم يقبلون على االستثمار في هذه المناطق‪ .‬ومع بدء نمو االستثمارات‬
‫والتشغيل سوف يعمل قانون " ساى " ‪ say‬عمله‪ ،‬أى سيؤدى االنفاق على اإلنتاج الجديد (العرض)‬
‫إلى خلق دخول نقدية للعمالة المباشرة في االنتاج والعمالة غير المباشرة فينشل طله متزايد يشعل‬
‫عملية التنمية ويضفي عليها صفه االستدامة ويسهم بفاعلية في عالج الفقر في المناطق االكثر‬
‫فقرا‪.‬‬
‫وسوف يستفيد المستثمرون في البداية من العمالة الكثيفة منخفضة األجور في تحقيق معدالت‬
‫عالية من االرباح وتحقيق تراكم راسمإلى سريع يدعم عملية التنمية ويضمن استمرارها‪ .‬ويالحظ أن‬
‫التنمية القوية التي حدثت في الصين تمت باالعتماد على زحف عشرات الماليين من قوة العمل‬

‫الرخيصة من القرى بعد السماح للقرويين إبتداء من عام ‪ّ 1978‬‬


‫بالسكن في المدن‪ ،‬وهذا العامل‪،‬‬
‫مع عوامل أخرى‪ ،‬كان األهم في جذه االستثمارات األجنبية والمحلية على نطاق واسع لالستثمار‬
‫في المناطق الصناعية الجديدة في جنوه شرق الصين‪.‬‬
‫(‪ )11‬اإلشكالية الثالثة‪ :‬التنمية – عدالة التوزيع – الفقر‬
‫البد أن نعترف أن انتهاج مصر نموذج " الصناعة – استهالك التكنولوجيا – النمو " منذ عام‬
‫‪ 1974‬لم يؤد إلى تحقيق معدالت نمو تجعل متوسو دخل الفرد في مصر (‪ 2549‬دوالر) يصل‬
‫إلى ربع المتوسو العالمي (‪ 11312‬دوالر في السنة)‪ .‬كما البد أن نعترف أن التحيز في توزيع‬
‫االستثمارات العامة في الخدمات والبنية األساسية (سكان الصعيد ‪ %38‬من سكان مصر يحظون‬
‫بنسبة ‪ %24‬في المتوسو من االستثمارات العامة في مصر) الالزمة لتوطن االستثمارات الخاصة‬
‫لم يراا التوازن الجغرافي العادل لجميع المناطق الجغرافية في مصر‪ ،‬أي أن التنمية أخدت طابعا‬
‫مركزيا أو شبه مركزي وأهملت لحد ما البعد المحلى‪ .‬ولهذا السبه نشلت مشكله الفقر في المناطق‬
‫البعيدة عن مناطق شمال البالد وتركزت في الكثير من محافظات وقرى الصعيد‪ ،‬مما دفع مواطني‬
‫هذه المحافظات والقرى إلى الهجرة الداخلية الدابمة في اتجاه محافظات القاهرة والدلتا والقنال‪.‬‬
‫إن انتهاج نموذج " الصناعة ‪ -‬استهالك التكنولوجيا – النمو" في مصر ابتداء من عام‬
‫الموارد المتحيز جغرافياً ساهما معاً في ضعف النمو وفي انخفاض‬ ‫‪1974‬وأسلوه تخصي‬
‫متوسو دخل الفرد في مصر وانتشار الفقر والفقر المدقع في بعض المحافظات والقرى ‪.‬‬
‫من هنا ندعو إلى تبني النموذج الذي طبقته الدول الصناعية القديمة والجديدة والذي كانت تطبقه‬
‫مصر من الفترة ‪ 1967 – 1959‬ألنه هو القادر على تحقيق الهدف األول وهو تحقيق معدالت‬
‫نمو عالية ومستدامة‪ .‬أما فيما يتعلق بعدالة توزيع نات التنمية فطبقاً لمشاهدات االقتصاديين فإنها‬
‫لن تحدث بسرعة‪ ،‬إنها ستتحقق بعد فترة لن تطول كثيرا‪ ،‬ألن استمرار التنمية وزيادة الطله على‬
‫القوى العاملة في األنشطة المباشرة وغير المباشرة المرتبطة باالستثمار الربيسي‪ ،‬سيؤدى إلى ارتفاا‬
‫يحسن من دخول أفراد‬‫مستوىات األجور والعوابد التي يحصل عليها مقدمو هذه الخدمات مما ً‬
‫المجتمع في هذه المناطق الفقيرة‪ ،‬لذلك نوصى بتوجيه االستثمارات الحكومية في الخدمات والبنية‬
‫األساسية بكثافة في هذه المحافظات حتى تتجه االستثمارات الخاصة بقوة إليها‪ .‬وسيؤدى ذلك‬
‫تلقابيا إلى زيادة الدخول ومحاصرة الفقر والقضاء عليه باستمرار‪.‬‬
‫(‪ )12‬اإلشكالية الرابعة‪ :‬البيروقراطية الحكومية ومعوقات االستثمار‬
‫مضى على تحول مصر القتصاد السوق ما يقره من خمسين عاماً (‪ .)2020 – 1974‬ومع‬
‫ذلك ال يزال الكثير من المصريين ال يثقون كثي اًر في القطاا الخا خصوصاً في كبار المستثمرين‬
‫المحليين واألجانه‪ .‬فال تزال النخبة وأجهزة توجيه الرأي العام‪ ،‬تنظر مثالً‪ ،‬إلى عملية تحويل‬
‫الشركات الحكومية الخاسرة " والخربة " إلى القطاا الخا ‪ ،‬التي تمت في نهاية القرن الماضي‬
‫وأوابل القرن الحالي‪ ،‬على أنها جريمة ارتكبت بحق المجتمع رغم أن أغلبية الشركات العامة ما‬
‫تزال مملوكة للدولة وزاد تعثرها وأصبحت عبباً متزايداً يتقل كاهل االقتصاد المصري وال يطرح أحد‬
‫حالً رشيداً للمعضلة‪ .‬هذه هي الثقافة التي ال تزال سابدة‪ .‬ونسمع منذ مطلع التسعينات من القرن‬
‫الماضي عن ضرورة إصدار قانون موحد لالستثمار وتذليل العقبات أمام المستثمرين‪ ،‬وحتى األن‬
‫لم يتحقق هذا الهدف وال نزال نطاله بضرورة تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين! واذا لم ننجال‬
‫في تذليل العقبات والقضاء على البيروقراطية التي يتسم بها عمل الجهاز اإلداري للدولة فلن يجدي‬
‫تبنى نموذج " التصنيع – إنتاج التكنولوجيا – التنمية " وال أي نموذج اقتصادي أخر! (ما هي أهم‬
‫العقبات أمام االستثمار في مصر؟ )‬
‫‪ -1‬أولى العقبات وأخطرها يتمثل في التعقيدات البيروقراطية التي تواجه المستثمر أثناء التعامل‬
‫مع األجهزة الحكومية التي يلزم الحصول منها على موافقات على مشروعه وأهمها‪ :‬هيبة‬
‫االستثمار‪ ،‬وهيبة التنمية الصناعية‪ ،‬وهيبة المجتمعات العمرانية الجديدة‪ ،‬وأجهزة الرقابة‬
‫الصناعية‪ ،‬والبيبة‪ ،‬والدفاا المدني‪ ،‬والتلمينات االجتماعية وغيرها‪ .‬وقد تم تبنى فكرة الشباك‬
‫الواحد منذ عام ‪ 1994‬على أساس أن يتعامل المستثمر مع جهة واحدة‪ .‬إال أنه في التطبيق‬
‫الالزمة إال‬ ‫العملي ال يزال المستثمر يدور حول جميع هذه األجهزة وال يحصل على التراخي‬
‫بشق النفس وبتكلفة عالية ووقت طويل غير مبرر‪ .‬ولكي يفلت من هذه التعقيدات غالباً ما‬
‫يضطر إلى دفع أموال ال يحصل مقابلها على إيصال من خزانة الجهة المتعامل معها!‬
‫‪ -2‬ارتفاا أسعار األراضي الصناعية وكثرة الجهات صاحبة الوالية عليها‪ ،‬واتجار الوسطاء في‬
‫األراضي الصناعية في كثير من الحاالت مما يجعل ارتفاا أسعار الحصول عليها سبباً في‬
‫عزوف المستثمرين عن االستثمار‪.‬‬
‫‪ -3‬البوء الشديد من استكمال مد المناطق الصناعية بالمرافق والبنية األساسية الالزمة للصناعة‪.‬‬
‫‪ -4‬ارتفاا أثمان الغاز الطبيعي والكهرباء عن األسعار العالمية‪ .‬ففي الوقت الذي يبلغ فيه السعر‬
‫العالمي للمليون وحدة ح اررية من الغاز الطبيعي اآلن ‪ 2.3‬دوالر فإن سعر توريده للصناعة‬
‫المصرية يتراوح بين ‪ 5.50 – 5.0‬دوالر‪ .‬وهذه األسعار تجعل المستثمرين في مصر في‬
‫وضع غير تنافسي مع المستثمرين في الدول األخرى‪ ،‬هذا فضالً عن ارتفاا تكلفة توصيل‬
‫هذه المرافق (المقاسات!)‬
‫‪ -5‬تعقيد نظم الضرابه والجمارك‪ ،‬خصوصاً نظم فض المنازعات وطول إجراءاتها وافتراض كثير‬
‫من العاملين في هذه األجهزة في كثير من الحاالت أن المتعامل معها سيء النية ومتهره أو‬
‫يسعى! ناهيك عن عدم استقرار هذه األنظمة وكثرة تغيرها مما يربك المستثمرين‪.‬‬
‫‪ -6‬صعوبة الحصول على التمويل وارتفاا تكاليفه عن التكاليف الذي يتحملها المستثمرون‬
‫المنافسون الذين يستثمرون في األسواق األخرى القريبة والبعيدة!‬
‫‪ -7‬عدم احترام التعاقدات الحكومية ما يثير ذعر المستثمرين ويجعلهم يعزفون عن االستثمار في‬
‫مصر‪ .‬ولعل أبرز األمثلة على ذلك هو تراجع الحكومة عن عقود بيع الشركات العامة‬
‫‪ ،‬وهو ما يزعزا ثقة المستثمرين في مناخ االستثمار في مصر‪.‬‬ ‫للمستثمرين بالقطاا الخا‬
‫‪ -8‬بوء التقاضي وطول اإلجراءات‪ ،‬ولم تحقق لجان فض المنازعات مع المستثمرين ما يطمبن‬
‫المستثمرين بشكل واضال‪.‬‬
‫(‪ )13‬اإلشكالية الخامسة‪ :‬معوقات التنمية الزراعية‬
‫دلت تجاره الدول الصناعية القديمة والجديدة أن " التصنيع – إنتاج التكنولوجيا – التنمية " يقود‬
‫في معظم الحاالت إلى تنمية قوية ومتواصلة للقطاا الزراعي‪ .‬فالتصنيع وما يرافقه من نهضة‬
‫علمية وبحثية وتكنولوجية سيمتد أثره إلى الزراعة‪ ،‬ألنها ‪ -‬بحكم النموذج المقترح‪ -‬ستكون مجاالً‬
‫للتشابك مع قطاعات االقتصاد القومي خصوصاً القطاا الصناعي الذي سيقدم لها اآلالت‬
‫والكيماويات ويحصل منها على خامات التصنيع الزراعي وغذاء السكان ‪ .‬وسينعكس ذلك إيجابيا‬
‫على اإلنتاجية وعلى ربحية النشاط الزراعي‪ .‬وسوف تؤدى التنمية المتزايدة والمستمرة إلى زيادة‬
‫ونمو دخول سكان المدن والقرى باستمرار مما يزيد من الطله على الغذاء ويساهم في استدامة‬
‫التنمية الزراعية‪.‬‬
‫‪ ،‬تواجه عقبات وتحديات تعوق‬ ‫غير أن الزراعة المصرية‪ ،‬وهي قابمة على ملكية القطاا الخا‬
‫امتداد ثار التصنيع وانتاج التكنولوجيا على تنميتها بهذه التلقابية التي توحى بها الفقرة السابقة‪.‬‬
‫والعقبات التي تواجها الزراعة المصرية وهى تلتمس طريقها للتنمية عديدة ‪ :‬منها انتشار األمية‬
‫في أوساط العمالة الزراعية ( نحو ‪ ،)%39‬ومحدودية المساحة الزراعية الكلية ( ‪ 9.133‬مليون‬
‫فدان أرضي)‪ ،‬ومحدودية الكميات الكلية المتاحة من المياه ( ‪ 55.5‬مليار متر مكعه) وهى كمية‬
‫مهددة بمخاطر االنخفاض مستقبالً ( سد النهضة ومشروعات السدود في دول منابع حوض النيل)‪،‬‬
‫الفالح المصري في المحاصيل الحقلية قليلة الثمن‬ ‫وعدم كفاءة التركيه المحصولي ( تخص‬
‫وبالتالي ضعيفة القيمة المضافة) وسيادة نظام الري بالغمر واستهالك نحو ‪ 41‬مليارم‪ 3‬سنوياً في‬
‫الزراعة‪ ،‬انخفاض مستوى استخدام الميكنة‪ .-‬ومعظم المشكالت التي تعاني منها الزراعة المصرية‬
‫ناتجه في نهاية المطاف‪ ،‬عن ضعف القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع‪.‬‬
‫إن الفرق بين إنتاجية وحدة األرض في الزراعة المصرية األن وانتاجيتها منذ مابة عام " يعادل "‬
‫الفرق بين القدر من التكنولوجيا المستخدمة األن والقدر الذي كان مستخدما منها منذ قرن مضى‪.‬‬
‫(‪ )1/ 13‬تفتت الحيازات يعتبر أكبر معوقات إدخال التكنولوجيا على نطاق واسع في الزراعة‬
‫المصرية‬
‫يعوق إدخال التكنولوجيا على نطاق واسع في الزراعة المصرية عوامل عديدة‪ ،‬لكن أهمها على‬
‫اإلطالق هو تفتت الحيازات الزراعية‪ .‬وهذا التفتت هو في الواقع عملية مستمرة تحدث ألسباه‬
‫عديدة أهمها نظام الميراث الذي يعتبر من قواعد النظام العام في المجتمع المصري‪ .‬تشير بيانات‬
‫التعداد الزراعي أن عدد الحيازات اإلجمالية في مصر ‪ 4560000‬حيازة بإجمالي مساحة أرضية‬
‫قدرها نحو ‪ 9.1‬مليون فدان‪ .‬من هذه الحيازات ‪2.144‬مليون حيازة‪ ،‬تمثل ‪ %43‬من إجمالي‬
‫الحيازات تبلغ مساحتها ‪ 924‬ألف فدان تعادل نحو ‪ %10‬من المساحة الكلية بمتوسو ‪10.3‬‬
‫قيراط (أقل من نصف فدان) للحيازة الواحدة‪ ،‬و‪ 1.6‬مليون حيازة تمثل ‪ %35‬من إجمالي الحيازات‬
‫بمساحة قدرها ‪ 2.449‬مليون فدان تعادل ‪ %27‬من المساحة األرضية الكلية‪ ،‬وبمتوسو قدره واحد‬
‫فدان و‪ 12‬قيراط للحيازة‪ .‬وأن ‪ %61‬من جملة األراضي الزراعية (‪ 5.5‬مليون فدان) تتوزا على‬
‫‪ 4.243‬مليون حيازة بمتوسو ‪ 8‬ط و‪1‬ف تقريبا للحيازة‪ .‬وهذا التفتت يعوق استخدام نظم الري‬
‫الحديثة التي تؤدى إلى تخفيض استهالك القطاا الزراعي لمياه الري‪ .‬كما يعوق استخدام الميكنة‬
‫في البذر والجني والحصاد وكذلك يعوق استخدام البذور واألصناف والسالالت عالية التكلفة وعالية‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬ويعوق التوسع في الزراعة المغطاة وغيرها من التطبيقات الحديثة التي تؤدى إلى تطوير‬
‫الزراعة المصرية وزيادة إنتاجية وحدة المساحة فيها‪.‬‬
‫(‪ )2/13‬الحلول المقترحة لحل مشكلة تفتت الحيازات وبالتالي لحل مشكلة إدخال التكنولوجيا‬
‫الحديثة في الزراعة المصرية‬
‫(‪ )1/2/13‬الزراعة التعاقدية‪:‬‬
‫الزراعة التعاقدية هي صيغة يقوم بموجبها طرف (مشترى) بالتعاقد مع بعض أصحاه األراضي‬
‫أو الحيازات الزراعية بزراعة محصول معين لحسابه‪ .‬وينظم العقد شروط توريد هذا المحصول‬
‫وأسعاره‪ .‬واستخدام هذه الصيغة ليس جديداً على الزراعة المصرية‪ ،‬فقد استخدمته شركة السكر‬
‫والتقطير المصرية مع زراا القصه منذ عشرات السنين‪ ،‬واستمرت نفس الشركة (شركة السكر‬
‫والصناعات التكاملية حالياً) في التعاقد مع زراا القصه بصعيد مصر حتى األن‪ .‬كما تطبقه حالياً‬
‫جميع شركات إنتاج السكر المنت من البنجر‪ ،‬حيث تتعاقد كل شركة مع عشرات األالف من‬
‫صغار المزارعين في جميع قرى الوجه البحري وحتى محافظة المنيا‪ .‬ويبلغ عدد المتعاقدين مع‬
‫شركة النوبارية لصناعة وتكرير السكر في موسم ‪ 2020 / 2019‬نحو ‪ 24‬ألف مزارا يزرعون‬
‫نحو ‪ 60‬ألف فدان من بنجر السكر لتزويد مصانع الشركة بالنوبارية بالمادة الخام لصناعة السكر‪.‬‬
‫كما يقوم كثير من مصدري الخضر والفاكهة بالتعاقد مع المزارعين لتلمين احتياجاتهم من منتجات‬
‫الخضر والفاكهة للتصدير‪.‬‬
‫وتقدم هذه الصيغة فرصة ثمينة إلدخال التكنولوجيا الحديثة خصوصاً البذور عالية اإلنتاجية‬
‫وأساليه الزراعة الحديثة في الري والتسميد ومكافحة اآلفات حيث يقوم الطرف المشترى في العالقة‬
‫التعاقدية بتقديم هذه التكنولوجيا للمزارعين نظ اًر لقدرته المالية والفنية‪ .‬وبالطبع فإن استخدام هذه‬
‫الصيغة يؤدى إلى ارتفاا إنتاجية الفدان بما يغطى التكلفة التي ينفقها (المشترى) وبما يحقق للمزارا‬
‫دخالً مجزياً من وحدة األرض التي يزرعها‪ .‬وإلن كانت شركات إنتاج السكر لم تقم حتى األن‬
‫باستغالل هذه الصيغة إلدخال تكنولوجيا متقدمة على نطاق واسع‪ ،‬فإننا ندعو إلى التوسع في‬
‫استخدام هذه الصيغة في الزراعة واستغاللها في إدخال التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع في‬
‫الزراعة المصرية‪ .‬ويمكن أن يتم ذلك بقيام األطراف (المشترين) المتعاقدين بتلسيس شركات‬
‫للتكنولوجيا والبحوث والتطور في المجال الزراعي واستخدام مرشدين زراعيين لنقل نتاب أبحاث‬
‫شركابهم إلى المزارعين‪.‬‬
‫(‪ )2/2/13‬التجميع الزراعي‪:‬‬
‫تعوق زراعة المساحات الصغيرة إدخال تكنولوجيات حديثة في الزراعة المصرية‪ .‬فال يستطيع‬
‫المزارا الصغير أن يدخل أساليه الري الحديثة (الرش‪ ،‬التنقيو وغيرهما) ألنه ال يستطيع مالياً‬
‫استخدام قوى محركة تستخدم مصادر طاقة حديثة لضخ المياه في شبكة ري حديثة كما ال يستطيع‬
‫تمويل ميكنة على نطاق واسع وال حتى شراء بذور وكيماويات تحقق إنتاجيات عالية‪.‬‬
‫وقد حاولت مصر في عام ‪ 1964 / 1963‬تطبيق نموذج التجميع الزراعي في محافظتي كفر‬
‫الشيخ وبني سويف لالستفادة من مزايا خلق مساحات كبيرة مجمعة في القرية المصرية بهدف تهيبة‬
‫الظروف المالبمة لميكنة وتحديث الزراعة‪ .‬غير أن هذه التجربة لم يكته لها النجاح ألسباه‬
‫متعددة‪ ،‬أهمها اعتمادها على اإلدارة الحكومية‪ ،‬وألنها كانت تقوم على تجميع مساحات أرضية‬
‫ضخمة لكل وحدة مجمعة‪.‬‬
‫غير أنه في العامين األخيرين قام الجهاز التنفيذي لمشروعات التنمية الشاملة بو ازرة الزراعة بتجربة‬
‫ناجحة لتجميع مساحات قدرها ‪ 6‬أفدنة حققت نتاب طيبة في تذليل عقبات إدخال قدر من‬
‫التكنولوجيا الحديثة في مساحات كانت أكثر تفتتاً في محافظة قنا ونعتقد أنه يمكن تبني نموذج‬
‫التجميع الزراعي في القرية المصرية على نطاق واسع بحيث يتم تجميع عدد من الحيازات الصغيرة‬
‫لتكوين حيازات أكبر في حدود من ‪ 10‬أفدنة إلى ‪ 20‬فداناً‪ .‬وتصلال هذه الحيازات المجمعة بهذه‬
‫المساحات (أو أكثر منها) إلدخال التكنولوجيا الحديثة مما يتيال المجال ويخلق ظروفاً مواتية للتنمية‬
‫الزراعية ويجه التفكير في الكيانات المؤسسية التي ترعى عملية التجميع وتديره‪.‬‬
‫(‪ )3/2/13‬البحث العلمي واإلرشاد الزراعي‪:‬‬
‫ولكي تتحقق هذه النماذج (الزراعة التعاقدية والتجميع الزراعي) نجاحاً في التطبيق العملي يلزم دعم‬
‫مراكز األبحاث الزراعية والعلمية وزيادة إمكانياتها المالية والبشرية لتستطيع النهوض بلبحاثها‬
‫الهادفة إلى زيادة اإلنتاجية من المحاصيل والمنتجات الزراعية كما يتوجه إعادة إحياء دور اإلرشاد‬
‫الزراعي الذي سيقوم بنقل نتاب األبحاث إلى المزارا‪.‬‬
‫جملة القول إنه إذا كان دور المجتمع المدني في إعانة ودعم غير القادرين على الكسه الزم ًا‬
‫ومفيداً‪ ،‬فإن إحداث تنمية شاملة ومستدامة لالقتصاد والمجتمع المصري تؤدى إلى تحقيق معدالت‬
‫نمو عالية لمدة طويلة من الزمن ترفع مستوى حياة المصريين باستمرار وبسرعة وتقضى على الفقر‬
‫في محافظات وقرى الصعيد وغيرها لن يكون إال بانتهاج نموذج التصنيع – إنتاج التكنولوجيا –‬
‫تطبيقه‬ ‫التنمية وهذا هو الطريق الذي سلكته الدول الصناعية القديمة والجديدة وقاد القطاا الخا‬
‫فيها‪.‬‬
‫ولكي ينجال هذا النموذج في التطبيق العملي ويساهم في حل المشكالت التي تخلفت عن انتهاج نموذج "‬
‫الصناعة – استهالك التكنولوجيا – النمو " وأهمها انخفاض معدالت النمو وانتشار الفقر‪ ،‬يلزم القيام بتهيبة‬
‫منا خ االستثمار من خالل توجيه االستثمارات الحكومية في البنية التحتية واألساسية للتصنيع مع مراعاة‬
‫البعد المحلى في توزيع هذه االستثمارات‪ .‬ولكي يواكه القطاا الزراعي عصر النهضة والتنمية الشاملة‬
‫يجه تمكين المستثمرين في قطاا الزراعة من إدخال التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬وعلى الدولة أن تتبني تشجيع‬
‫الزراعة التعاقدية والتجميع الزراعي وتدعم مراكز البحوث الزراعية وأجهزة اإلرشاد الزراعي وتزيل المعوقات‬
‫أمام المستثمرين المحليين واألجانه حتى يمكن تحقيق أهداف التنمية الشاملة‪.‬‬

You might also like