Professional Documents
Culture Documents
قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية
قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية
قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية
ملخص:
إذا كانت ألانثروبولوجيا تقوم على العلوم الطبيعية وتستند إلى العلوم إلانسانية وتنظر نحو
العلوم الاجتماعية ،فإن اهتمام ألانثروبولوجيا بالجريمة يتأتى لكونها ظاهرة تاريخية ،واقعية وإنسانية
الزمت املجتمعات منذ حدوثها وارتبطت بالنظم الاجتماعية املختلفة ،تاركة أبعادها في عمق املجتمع
باعتبارها اعتداءات على الحياة الاجتماعية التي تقوم على توازن املصالح والقيم داخل املجتمع .ومع
ظهور ألانثروبولوجيا الجنائية كعلم مستقل ال يفسر الظاهرة إلاجرامية على أساس الدالالت املجردة
التي يكشف عنها الفعل إلاجرامي ،وإنما يشمل التفسير كافة جوانب شخصية املجرم وعلى وجه
الخصوص البحث في العوامل ألانثروبولوجية أو العضوية إذ ال وجود للخطأ والذنب باعتبار املجرم
فاقدا لإلرادة مجبرا على ارتكاب الجريمة ،باعتبارها نتيجة حتمية ينساق إليها املجرم طواعية ،وعليه
فإن التدابير املتخذة ضده تتسم بالطابع الوقائي .ولعل أهم ما ركزت عليه ألانثروبولوجيا الجنائية هو
الدعوة إلعادة تقييم قواعد املسؤولية الجزائية وأساسها ،فاملسؤولية ألاخالقية ترتكز على حرية
الاختيار وقد تراجعت أمام املسؤولية الاجتماعية أو القانونية ،وعليه رفض العقوبة ونكران املسؤولية
ألاخالقية ،وقد ترتب على ذلك استحداث صورة جديدة للجزاء الجنائي هدفها عالج املجرم.
الكلمات املفتاحية :ألانثروبولوجيا ،الجريمة ،الجنائية ،املجتمع ،الجزاء.
Abstract:
If the anthropology is based on natural sciences and is based on
the humanities and looks towards social sciences, anthropology's
interest in crime comes from being a historical, realistic and human
phenomenon that has haunted societies since their occurrence and
* املؤلف املرسل.
111
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
111
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
الشامل ،فاإلشكال هنا هو كيف نربي؟ كيف نربي إنسانا ممتثال لنظم املجتمع؟ بإعتبار أن إلانسان
ذات مستقلة له ميول وغرائز .وهنا ترسم مالمح ألانثروبولوجيا الجنائية.
أما من حيث –الداللة إلاصطالحية -فهي العلم الذي يدرس إلانسان يإعتباره كائنا حيا.
في حين ذهب –والتر تايلور-walter Taylor-في تعريفه لألنثروبولوجيا بأنها الدراسة البيوثقافية املقارنة
لإلنسان مع الكائنات الحية ألاخرى.
كما عرفها إدوين سنرالند Edwein sutherlandبأنها العالقة بين املظاهر البيولوجية املوروثة لإلنسان
وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية2 .
.7الجريمة
تعرف الجريمة من املنظور السوسيولوجي بأنها :كل فعل يتعارض مع كل ما هو نافع للجماعة،
وهي كل سلوك ال إجتماعي يكون موجها ضد مصالح املجتمع ككل33 .
في حين عرف-إيميل دوركايم Émile Durkheim -الجريمة بأنها :الفعل الذي يقع باملخالفة لشعور
الجماعة ،فالجريمة تعبر عن إنعدام شعور التضامن الاجتماعي لدى الفرد والذي يفسره عدم تزود
الفرد بالقيم واملعايير والقواعد الاجتماعية4 .
1سمير سعيد حجازي ،معجم املصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم الاجتماع ،دار الكتب العلمية ،لبنان،7662 ،
ص.122
2علي الجباوي ،ألانثروبولوجيا علم إلاناسة ،جامعة دمشق ،سوريا ،1112،ص.11
3أكرم عبد الرزاق الشهداني ،موسوعة علم الجريمة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ألاردن ،7617 ،ص.1
4محمد محمود الجوهري وآخرون ،علم إجتماع الجريمة وإلانحراف ،دار املسيرة للنشر ،عمان ألاردن ،7616 ،ص.11
176
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
أما من املنظور ألانثروبولوجي فقد تبنى علماء ألانثروبولوجيا وجهة نظر علماء إلاجتماع في
تعريفهم للجريمة ،وذلك نظرا إلى إمكانية تطبيق هذا التعريف على املجتمعات البدائية التي ال تملك
قانونا مكتوبا1 .
فقد عرف العالم ألانثروبولوجي البريطاني -ألفريد راد كليف براون-Alfred Radcliffe-Brown -
الجريمة بأنها :خرق للعادات التقاليد تتطلب تطبيق القانون2 .
.3ألانثروبولوجيا الجنائية
تعرف ألانثروبولوجيا الجنائية بأنها علم طبائع املجرم ومضمون هذا العلم هو دراسة املظاهر
العضوية والنفسية للمجرمين سواء ما يتعلق بخصائصهم البدنية الظاهرة أو بأجهزة جسمهم
الداخلية ،غرائزهم ،عواطفهم وعالقة هذه املظاهر بخصائص الجريمة3 .
تعرف أيضا بأنها تركز على تكوين الفرد املجرم من جميع النواحي البيولوجية والنفسية وبتأثير تكوين
شخصيته بالبيئة الاجتماعية املحيطة به ،لتقدم لنا ألاساب الدافعة للجريمة من وجهة النظر الفردية.
4
لم ترتبط ألانثروبولوجيا الجنائية مع -سيزاري لومبروزو- Cesare Lombroso -كما يعتقد
البعض بل بدأت قبله بكثير ،فقد إهتم إلاغريق منذ القدم بدراسة "الفراسة" أو مظاهر جسم إلانسان
وحاولوا إعطاء تفسيرات ملا ذلك من عالقة بأخالقيات وسلوكيات البشر أو خصالهم ،حيث أن أرسطو
نفسه بحث في علم الفراسة وأكد أنه من املمكن التعرف على الكثير من أخالق الفرد عن طريق دراسة
سماته الجسمية وعالماته املميزة كلون الشعر والبشرة .كذلك إهتم الفالسفة إلاغريق أمثال سقراط
وأفالطون بموضوع العوامل البيولوجية وعالقتها بالجريمة ،حيث ذهبوا إلى أن الظاهرة إلاجرامية هي
نتاج نفسية مضطربة ترجع إلى عيوب خلقية أو إلى إنحرافات عقلية عند إلانسان .وقد حاول قدماء
مصر كذلك ربط موضوع السمات والخصائص الجسمية بطباع النفس وأخالق إلانسان وطباعه ،أما
العرب فقد بحثوا هم أيضا في علم الفراسة وذلك عند تعرضهم ملواضيع مثل :القيافة ،العيافة
والكهانة أما القيافة فتعني الفراسة أو معرفة أوجه التشابه بين الولد وأقاربه ،وتحولت إلى التنبؤ
بسلوك الفرد وطباعه عن طريق دراسة سماته الجسمية ،أما العيافة فتعني فن معرفة الدواب
وألاشخاص عن طريق دراسة آثار أقدامهم ،في حين تعني الكهانة محاولة إلادعاء بمعرفة املستقبل.
وفي الحقيقة فإن –ملبروزو -في هذا امليدان يعتبر املجدد للمدرسة البيولوجية وليس املنش ئ لها ،بل هو
املنش ئ للمدرسة الوضعية العلمية في الدراسات إلاجرامية ،بإعتماده على الدراسات امليدانية مستعمال
املنهج العلمي املستعار من العلوم الطبيعية .فقد كانت املدرسة البيولوجية ألاوروبية في صورها ألاولى
هي ألاخرى تركز على الخصائص الجسمية للمجرم أو ما يعرف بالتفسير البيولوجي للجريمة ،بحيث
ذهبت هذه املدرسة إلى التأكيد على وجود عالقة بين الجريمة والنقائص والعيوب الجسمية عند الفرد،
هذه العيوب والنقائص كما يقول أصحاب هذا إلاتجاه يمكن أن تكون عضوية ،جسدية ،عقلية أو
نفسية داخلية بحيث تؤدي إلى تكوين عالقة بين الطباع وإلاحساسات الفردية الناتجة عن ضعف
خلقي أو نتيجة لإلحساس بالنقائص الجسمية من جهة ،وظهور النوازع إلاجرامية من جهة أخرى ،كما
يذهب إلى ذلك زعمائها :دي البروتا في كتابه الشهير -السمات الخارجية للفرد ،-والتي تعرف بعلم دراسة
التكوينات الخارجية للفرد أو التركيز على دراسة قياس الجمجمة أو دراسة شكل وتضاريس املخ1 .
ظهرت فكرة معرفة املجرم من خالل السمات الخارجية في أوروبا سنة 1210م على يد الباحث
دي البورتا ،الذي حاول بحث دراسة الطبائع الفردية إنطالقا من السمات الجسمية الظاهرة وعالقتها
باإلجرام .وقد ركز على مناطق معينة من الجسم مثل :الوجه ،العينين ،الجبهة وشكل ألانف .وبعدها
تطورت على يد عالم التشريح النمساوي -فرانز جوزيف غايل– Franz Joseph Gall --الذي أسس علم
1أحسن طالب ،الجريمة والعقوبة واملؤسسات إلاصالحية ،دار الطليعة للنشر والتوزيع ،بيروت لبنان .7667 ،ص.37
177
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
فراسة الدماغ أو الفرينولوجيا ،وقد كان دي البورتا أول من نادى بفكرة أن سمات بعض املجرمين
تشبه إلى حد كبير جماجم بعض الحيوانات املتوحشة- ،وهي الفكرة التي أخذها عنه فيما بعد-
لومبروزو -وطورها إلى فكرة إلارتداد الوراثي -وبعد دي البورتا يمكن إلاشارة في هذا املجال إلى الباحث
الفرنس ي -جوزيه كابانيس -José Cabanisالذي خالف ألافكار الشائعة في وقته عن مبدأ إنفصال الوعي
عن النفس ،حيث ذهب في كتابه –حول العالقات بين الجسد والنفس لدى إلانسان -والذي نشر سنة
1167م ،إلى التأكيد على أن الوعي يرتبط بعمل الدماغ والتأكيد على عالقة الدماغ بالسلوك وهو
تأكيد واضح على أن النفس البشرية غير مستقلة عن الجسد1 .
أما الطبيب الفرنس ي -بول بروكا - Paul Brocaفقد ربط بين الجريمة وشكل الجمجمة والقامة
أو املالمح العضوية وأضاف إليها املالمح النفسية فيما بعد أي التكوين النفس ي والعقلي للفرد ،وعالقته
بالسلوك إلاجرامي بعدها جاء العالم البريطاني -تشارلز داروين - Charles Darwinحيث أكد على فكرة
أن الكائنات الحية تولد بإستعدادات مختلفة وهي معرضة في حياتها للصراع واملنافسة ،وألاقوى فقط
هومن يستطيع البقاء وإلاستمرارية ،وهذا تأكيد واضح على إلاستعدادات الجسمية البيولوجية .إن
ظهور النزعة ألانثروبولوجية في دراسة إلانسان ليست سوى إمتدادا للنزعة التطورية الداروينية التي
طغت على مناهج دراسة جميع الكائنات الحية.2
قام علماء الفراسة في أوائل القرن 11بقياس شكل الرأس في محاولة لتحديد العالقة بين
الدماغ والسلوك ،وقد ركز رائد علم فراسة الدماغ الطبيب النمساوي -غايل -على أن خصائص الدماغ
تنعكس في نتوءات الجمجمة وقد تم التركيز على توثيق العالقة بين هذه النتوءات والسلوك إلاجرامي،
وقد جاء في مؤلفاته ألاربعة املوسومة –بنية وظائف الجهاز العصبي بصفة عامة واملخ بصفة خاصة-
فقد ركز في بحثه على مشكلة التمركزات العصبية إنطالقا من سؤال فرض ي مفاده :كيف يشتغل املخ
هل يشتغل كوحدة متكاملة أو وحدة منفصلة؟ تشتغل كل منها على حدى؟ وقد إعتمد –غايل-على
الجزء الثاني من الفرضية إنطالقا من مالحظاته إلامبريقية التي إستخلصها من دراسات بيوغرافية
لشخصيات مرموقة في املجتمع حيث إستنتج أن سلوك إلانسان موجه من خالل 72ميال أو ملكة
حيث نجد كل واحد منها مكانها في قطعة ثنائية متراصة ومتوازية مع جهة املحيط الخارجي لعضلة املخ،
تكون القطعة بارزة إذا كان امليل ناميا ،أما إذا كان مضمورا فالعضو هنا يعاني من تشوه .وبالنتيجة
فقد ربط –غايل-شكل الجمجمة والسلوك إلاجرامي.
1محمد زيعور ،السلوك والقياس الشخص ي في علم النفس ،الطليعة للنشر والتوزيع بيروت لبنان ،1116 ،ص.21
2عدنان الدوري ،علم العقاب ومعاملة املذنبين ،دار السالسل للنشر ،الكويت ،1111 ،ص.21
173
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
بما أن السلوك إلاجرامي يرجع في ألاساس حسب املدرسة الوضعية إلى تكوين الفرد العضوي
أو إلى تكوينه النفس ي أو إلى العوامل والظروف الاجتماعية ،فقد عرضوا املجرم للعديد من التجارب
الحقلية و الفحوصات املخبرية ،البيولوجية ،البايوكيميائية ،الفيزيولوجية والنفسية بحيث قاموا
بدراسة خصائصه وسماته الشخصية وخصائصه املزاجية ،العصبية ،إلانفعالية وإلادراكية كما قاموا
بدراسة وتشريح مختلف وظائف أعضائه الجسمية ومكوناتها وذلك بهدف معرفة أثر إلاستعدادات
البيولوجية على السلوك ،إضافة إلى دراسة وتشخيص جهازه العصبي ،املخ ،املخيخ والنخاع الشوكي
للبحث عن القدرات الفكرية وامللكات العقلية وعالقتها بالسلوك .كذلك درس رواد النظرية
ألانثروبولوجية الغدد الصماء وإفرازاتها الهرمونية ،الكروموزومات ،الهرمونات والجينات ملعرفة أثر
الوراثة على السلوك .وقد كان الهدف من إجراء تلك الدراسات إثبات إلاختالف بين التكوين الخلقي
والنفس ي ملن يقدم على إرتكاب الجريمة والشخص العادي.
تبنت املدرسة الوضعية فكرة إلاختالف هذه بين املجرم والشخص العادي ،لتبين أن املجرم
مضطر إلرتكاب الجريمة بسبب نقص أو تشوه في تكوينه الجسمي ،النفس ي والعقلي ،وفي هذا إلاطار
تبلور التفسير البيولوجي العلمي ملفهوم ألانثروبولوجيا الجنائية على يد العالم إلايطالي -لومبروزو-
عندما قام وألول مرة ببحث العوامل البيولوجية للجريمة على أساس علمي منظم حيث قام بدراسة
566مجرم خلص إلى أن إلانسان املجرم يتميز بسمات وصفات شاذة والتي تشبه خصائص الحيوانات
السفلية والقردة والتي مردها الردة الوراثية لإلنسان البدائي أو النكسة .وتقوم فرضية –ملبروزو-
ومقاربته ألانثروبولوجية في تفسير السلوك إلاجرامي على فكرة الحتمية أو الجبرية البيولوجية ،ومفادها
أن املجرم يولد وسمات الجريمة مطبوعة على جسمه ،ومثل هذه السمات تخلق فيه إندفاعية فطرية
طبيعية تجعله ألاكثر من غيره إندفاعا نحو إرتكاب الجريمة ،وبذلك فإن أهم ما إستحدثته املدرسة
الوضعية هو مبدأ الجبرية في تفسير السلوك إلاجرامي وذلك على العكس من ألاسس التي بنيت عليها
املدرسة التقليدية السابقة لها ،التي كانت تؤمن بفكرة إلارادة والحرية في السلوك.
شغل -لومبروزو -منصب طبيب في الجيش إلايطالي ثم شغل منصب طبيب معالج في سجون
الجيش ملعاينة ومعالجة النزالء فيها ،وقد هيأ له هذا املنصب مالحظة عدة أنواع من الجنود السوي
منهم واملنحرف أخالقيا وسلوكيا ،ولفت إنتباهه خصوصيات يتميز بها أصحاب السلوك غير السوي
من الجنود فدفعه ذلك إلى زيادة البحث في هذا املجال ،فقام بأول دراسة ميدانية علمية ملوضوع
الجريمة ومحاولة تفسيرها تفسيرا علميا إنطالقا من دراسة وتشريح الجماجم البشرية ،إضافة إلى
قياس املواصفات الطبيعية لإلنسان ،وكانت البداية عندما إستدعى إهتمامه بعض الصفات والسمات
الخاصة ببعض الجنود ونزالء املصحات النفسية ،وبعد فترة تكونت لديه أفكار معينة حول هؤالء
175
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
وسماتهم وصفاتهم الجسمية الخاصة وعالقة ذلك بسلوكياتهم .وقد قام بوضع أفكاره في كتابه-الرجل
املجرم-عام 1120م فقد أكد -لومبروزو -على وجود عنصر التخلف الحضاري والبشري بالنسبة
للمجرم بالوالدة ،كما أشار إلى وجود عالقة شبه مباشرة بين إلاجرام ومرض الصرع أو الجنون ،وكذلك
أشار إلى وجود سمات جسمية وعقلية لدى املجرم بالوالدة .وبصفة عامة كانت الرؤيا لدى –لومبروزو-
تشير إلى أن املجرم شخص يتصف باإلرتداد الوراثي بمعنى أنه بدائي متخلف ومتوحش أكثر من مثيله
املتحضر .وقد جاء تفسيره للسلوك إلاجرامي باإلرتداد الوراثي نتيجة لتأثره بالعالم –داروين -ونزعته
التطورية إلى حد كبير ،إذ يرى –داروين -في هذا املجال أنه إذا كان من املمكن ظهور خروف أسود بين
مجموعة من الخراف البيضاء فإن ذلك يعزى إلى رجعة وراثية ،ولهذا فإن املجرم بهذا املعنى هو ذلك
الخروف ألاسود في عائلته التي تختلف عنه ،وبهذا يعتبر املجرم إنسانا ولد بطريق الصدفة في العصر
الخطأ فليس بوسع إنسان كهذا إال أن يكون متوحشا يمثل عصرا متوحشا ينتمي إليه وينسجم معه.
إن هذا إلارتداد الوراثي يؤدي إلى ضعف مقاومة الفرد للمواقف والفرص إلاجرامية ،أي أن هذا إلارتداد
الوراثي يجعل منه غير قادر على إلانضباط والتكيف مع الضوابط وألاعراف والقوانين الاجتماعية،
وهذا يعني وجود إندفاع شبه آلي إلى الفعل والسلوك إلاجرامي عند ألافراد الذين تتوفر لديهم
إستعدادات إجرامية .وقد توصل –لومبروزو -إلى إلاقتناع بالصفات إلارتدادية وإلانحطاطية عند بعض
املجرمين بعد فحصه لجماجم املئات من املجرمين ،خاصة جمجمة املجرم –ميديا -الذي خدم لعدة
سنوات في الجيش إلايطالي ولم يعرف عنه سوى حسن الخلق وفجأة طارد هذا الجندي 1أفراد من
رؤساءه وزمالئه في الجيش وقتلهم سقط بعدها فاقدا للوعي ،وبعد دراسته لهذه الحالة تبين له أن
الجندي يجمع صفات الحيوانات ألاكثر توحشا ،كما أنه مصاب بالصرع وقد عزى ذلك إلى وجود
عوامل وراثية ،كما خلص إلى وجود عالفة بين الصرع والجريمة .بعد جملة الدراسات التي قام بها –
ملبروزو -توصل إلى مجموعة من صفات وسمات جسمية نفسية مزاجية وعقلية تتشابه لدى املجرمين
وأعتبر أن هذه السمات البيولوجية والنفسية تشكل في مجموعها إندفاعات فطرية نحو الجريمة لدى
الشخص املجرم أكثر من سواه من ألافراد ألاسوياء ،وقد أطلق ملبروزو على تلك الصفات والسمات
مصطلح-وصمات إلانحالل-معتبرا إياها صفات مميزة لتشخيص املجرم وليست سببا بحد ذاتها إلرتكاب
السلوك إلاجرامي ،وإن كانت تزيد من قابلية الفرد وتضاعف إستعداده إلرتكاب الجريمة إضافة إلى
سمات وصفات املجرم فقد قسم لومبروزو خمسة أنواع من الجرمين املجرم بامليالد ،املجرم بالصدفة،
املجرم بالعاطفة ،املجرم املجنون واملجرم املعتاد1 .
على الرغم من أهمية ما جاء به لومبروزو ومدرسته ألانثروبولوجية الوضعية من أفكار جديدة
في تفسيره للسلوك إلاجرامي على أساس بيولوجي ،إال أن هذه ألافكار لم تلقى رواجا وقبوال كما كان
مقدرا لها ،بسبب إلانتقادات التي وجهت إليها من عدد من العلماء والباحثين خاصة علماء الاجتماع
وعلماء النفس بسبب إهمالها لقيمة الفعل إلاجرامي بإعتباره املعبر الوحيد والكاشف لشخصية
مرتكبيه.
إذ تتفاعل فيه جميع عناصر الشخصية البيولوجية ،النفسية والاجتماعية ،فاإلنسان ليس
جسدا فقط وإنما يتأثر في تكويناته النفسية بجميع الظروف املحيطة به ،سواء أكانت ظروفا طبيعية
أم اجتماعية أم غيرها وقد أبرزت تلك إلانتقادات ألاساس الواهي الذي بنت عليه ألانثروبولوجيا
الجنائية تقسيمها املجرمين إلى أقسام ونماذج ،بحسب تكوينهم البيولوجي بإعتباره سببا للجريمة.
فاملجرم كنموذج املجرم بامليالد ال يمكن إعتباره مجرم ملجرم توافر شروط وسمات جسمية معينة
لديه ،فالجريمة هي مادة قانونية قبل كل ش يء وتستند أساسا في وجودها على إلاتيان بفعل معين يراه
املشرع ضارا باملجتمع ،وذلك يعني أن الجريمة تتغير في صورها وأشكالها من مجتمع آلخر وفي نفس
املجتمع من فترة ألخرى ،ولذا يكون من الخطأ إدراج شخص معين في قائمة املجرمين ملجرد توفر
صفات جسمية لديه دون النظر إلى الفعل إلاجرامي الذي تظهر فيه شخصيته بكامل مقوماتها
الاجتماعية والنفسية.
نظرا لإلنتقادات املختلفة التي القتها مدرسة ألانثروبولوجيا الجنائية وإنقاذا للفكر الوضعي
فقد حاول أنصار املدرسة الوضعية تعويض النقص الذي أظهرته إلانتقادات املختلفة املوجهة لها من
إهمالها للظروف البيئية ،فحاولوا إبراز أهمية العوامل البيئية و أثرها في الجريمة وتكوين الفرد املجرم،
خاصة العوامل البيئية الاجتماعية وهو ما أشار إليه تلميذ ملبروزو وأحد أهم مؤسس ي املدرسة الوضعية
إلايطالية العالم -أنريكو فييري ،- Enrico Ferriالذي ضم العوامل الاجتماعية إلى العوامل البيولوجية
في تفسيره للجريمة ،فقد نشر فيري سنة 1111م كتابا بعنوان-آفاق جديدة في القانون الجزائي -وفي
سنة 1117م غير بعنوان-علم إلاجتماع الجنائي-وهذا يدل على بداية إهتماماته بالعوامل الاجتماعية
للجريمة ،وقد تأثر فيري بعالم إلاحصاء والرياضيات البلجيكي-أدولف كتيليه -وأخذ منه نظرية العوامل
املتعددة للجريمة .ويؤكد فيري أنه في بيئة معينة يقع عدد ثابت من الجرائم في ظل ظروف شخصية،
طبيعية واجتماعية غير مالئمة إذا وصلت هذه الظروف إلى درجة التشبع إلاجرامي ،حيث ربط حتمية
الجريمة بحالة التشبع إلاجرامي.
-العوامل الشخصية :التكوين العضوي ،النفس ي والفيزيولوجي للمجرم وحالته املدنية.
170
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
1عبود السراج ،الوجيز في علم إلاجرام والعقاب ،منشورات جامعة دمشق ،سوريا ،1115 ،ص.00
172
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
وقد أدرج املنادون بعلم إلاجتماع الجنائي على دراسة الظواهر النفسية املختلفة ضمن
دراساتهم للظروف الداخلية بشخص املجرم ،وحاولوا تعميق تلك الدراسات النفسية لشخص املجرم،
إلظهار ألاسباب الدافعة إلرتكاب الجريمة ،وقد شكلت تلك الدراسات النواة ألاولى لعلم النفس الجنائي
الذي إهتم بالتحاليل النفسية لشخصية املجرم ،لبيان أنواع الخلل أو الضعف النفس ي الذي يدفع
املجرم إلرتكاب الجريمة ،وهكذا إتسعت حدود مفهوم ألانثروبولوجيا الجنائية لتشمل دراسة
الخصائص البيولوجية ،النفسية والاجتماعية للمجرم بإعتبار أن الجريمة هي حصيلة عوامل فردية
واجتماعية ،وملا كانت ذاتية الفرد مزيجا من تكوينين بيولوجي ونفس ي ،فإن العوامل الفردية تنشطر إلى
عوامل بيولوجية وعوامل نفسية ،وإن كان في واقع الحال اليوجد فاصل دقيق بين هاتين املجموعتين
من العوامل ،فضال عن إرتباطهما الوثيق من جهة أخرى مع العوامل الاجتماعية ،وبالتالي فإن من
يرتكب الجريمة هو الفرد ولكنه اليعبر في هذا الفعل عن فرديته ألاصيلة فحسب بل عن بناء شخصيته
املتكونة من إمتزاج املؤثرات الاجتماعية بهذه الفردية .وهو ماذهب إليه عالم النفس -سيجموند فرويد
-Sigmund Freud-مؤسس مدرسة التحليل النفس ي ،معتبرا أن السلوك إلاجرامي هو نتيجة لوجود
صراع داخلي مستمر ودائم بين الرغبات الفردية والقيم وألاخالق الاجتماعية التي تشكل عوائق في
سبيل تحقيق تلك الرغبات.
وبذلك فإن علم أنثروبولوجيا الجريمة يجب أال يقتصر على دراسة املكونات البيولوجية
لإلنسان املجرم وإنما يتسع ليشمل دراسة املكونات النفسية بإعتبارها جزءا ال يتجزأ من تكوين
إلانسان املجرم إضافة إلى دراسة البيئة الاجتماعية املحيطة باإلنسان املجرم وأثرها على سلوكاته ،ال
سيما أن مفهوم أنثروبولوجيا الجريمة –كما سبق لنا تعريفه-يهتم بدراسة إلانسان وكل ما يتعلق به،
فهو بختص بدراسة جسم إلانسان من حيث صفاته ومقاييسه إضافة إلى دراسة سلوك إلانسان
املكتسب الذي يتأثر بنوع البيئة املحيطة1
ذلك يعني أن ألانثروبولوجيا الجنائية ال تعطي تفسيرا لظاهرة إلاجرام بوجه عام ،ولكنها تفسر
ألاسباب التي تدفع املجرم في حالة معينة إلى إرتكاب جريمة بعينها .وأنثروبولوجيا الجريمة في سبيل
بيان أسباب الجريمة بالنسبة للفرد تتناول بالدراسة العوامل الفردية سواء بالوراثة أو مكتسبة
كالجنس ،الساللة ،الوراثة إضافة إلى املظاهر البيولوجية الخارجية للمجرم ،وأجهزة الجسم الداخلية
وخاصة إفرازات الغدد الصماء التي أثبت البحث العلمي تأثيرها املباشر على تصرفات إلانسان ،فضال
عن دراستها ألثر ألامراض العقلية والتخلف العقلي وأثر الوراثة على السلوك إلاجرامي للفرد ،كما تتناول
بالدراسة كل ما يتعلق بالتكوين النفس ي للمجرم مثل ألامراض النفسية ،التخلف النفس ي ،إلاختالالت
الغريزية والعواطف املنحرفة.
ثالثا -أنثروبولوجيا السجون
يدخل املجرم املحكوم عليه بعقوبة محددة املؤسسة العقابية حيث يصبح داخلها نزيال
يتشارك جميع النزالء املعيشة في ذات النسيج من النظم املتداخلة والعالقات املتشابكة ،التي تعتبر
مصدرا للمعلومات وإلاتصال كما تعتبر ألاساس في تبادل الحاجات الالزمة إلستقرار النظام الاجتماعي
وهذه النظم تعمل متكاملة وبينها عالقات وظيفية كاملة ،بحيث يتوافق ذلك بالطبع مع ما يتطلبه
العلم من الخصائص في الظاهرة التي يمكن أن تكون موضوعا للدراسة ،وعليه فإن إستخدام الطريقة
ألانثروبولوجية في دراسة العقوبة أمر صعب ،وإن إستخدامها في دراسة السجن أكثر صعوبة دون شك
حيث يتواجد آالف املجرمين بكل سماتهم وصفاتهم املتنوعة وهو ما تسعى إليه ألانثروبولوجيا في دراسة
ثقافة املجتمعات من خالل ما يأتي:
-1جماعة النزالء :تتشارك جماعة النزالء جميعها بيئة السجن ويتقاسمون نفس الظروف ويتكيفون
مع نفس البدائل املحدودة جدا ،فالنزالء يعانون من نفس املعاناة ويمرون بذات ألازمة التي تمثلها
الحياة بالسجن فليس لهم الخيار بالخروج من هذا املحيط .بإعتبار أن السجن مجتمع محلي مغلق
يضع الكثير من املوانع دون الحصول على الكثير من املمتلكات املالية ،الطعام ،املالبس والحركة فعلى
النزالء مع ذلك أن يتكيفوا للحياة فيه ،لذا فهم يتفاعلون في أنماط من العالقات واملبادالت التي تجعل
تكييفهم لهذه الحياة ممكنا.
– 7ثقافة السجين :هو دليل على شرط إلاحساس باإلنتماء وإدراك النزيل إلنتمائه إلى جماعة السجن
ويشير مصطلح الثقافة عند علماء ألانثروبولوجيا إلى أسلوب الحياة الذي تميز مجتمعا ما عن غيره من
املجتمعات ،وقد أوضحت الدراسات ألانثروبولوجية أن السجن يتميز بأسلوب حياة خاص مختلف عن
نظيره في املجتمع املحلي الكبير ،وللحياة في مجتمع السجن نمط خاص فقد طور النزالء ثقافة خاصة
تستجيب للظروف التي يعيشونها بحيث تسود السجون عادات وأعراف وقيم وتقاليد متميزة تماما عن
تلك السائدة في املجتمع الكبير ،تأخذ شكل مجموعة مقررة من العادات تحض ى بالقبول في كل سجن
من سجون العالم وتنتقل هنا الثقافة من النزالء القدامى إلى النزالء الجدد كنوع من الخبرة الالزمة
للتكيف مع الحياة داخل السجن ،وأن أولئك الذين ليست لديهم مثل تلك الخبرات الثقافية يتعرضون
لكثير من املواقف الصعبة ،فقد أثبتت أحد الدراسات أن النزيل يتعرف على ثقافة السجن من خالل
عملية محددة أسماها املختصون بعملية التنشئة الاجتماعية بالسجن.
171
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
-3التنشئة الاجتماعية في السجن :يستخدم مصطلح التنشئة في السجن ليشير إلى مدى إلتزام السجين
بطرق السلوك املتبعة في مجتمع السجن وغيرها من جوانب الثقافة الخاصة باملؤسسات العقابية وقد
سميت هذه العملية بعملية التنشئة الاجتماعية في السجون ليشير بذلك إلى أن ألاثر الذي يحدثه
السجن في النزيل يماثل أثر عملية التنشئة الاجتماعية ،حيث أنه عندما يودع السجين ألول مرة
بالسجن يتعلم ثقافة السجن بنفس الطريقة التي يتعلم بواسطتها الطفل ثقافة املجتمع وسلوكيات
من يكبرونه سنا ،وعلى ذلك فالنزيل الجديد كالشخص الذي ينتقل إلى ثقافة جديدة ،بحيث ال يقتصر
التعلم على الطرق الحديثة للسلوك فحسب بل إن عليه أن ال ينس ى بعض نماذج سلوكه السابق،
ويتعلم التنظيم الفني للمجتمع الجديد ومن ثم فإنه سرعان ما يغير عاداته الشخصية ليتماش ى مع
أحوال املقيمين معه داخل السجن ،ويخضع النزيل الجديد تدريجيا لبعض مؤثرات السجن ،فيتقبل
بذلك وضعه الجديد كما أنه سرعان ما يعتاد رؤية إسمه مشارا إليه برقم ويتعلم معاني لغة السجن
وسرعان ما يدرك أن املسجونين هم الذين يتحكمون كثيرا من ألاحيان في حياة السجين ،بعدها يقوم
بالبحث عن عمل مريح داخل السجن.
-5مجتمع السجن :أصبح مجتمع السجن مدخال متميزا في دراسة املؤسسات العقابية بإعتباره مجتمعا
له كل مقومات املجتمع املحلي املعروفة ،وقد تبنى هذا املدخل رواد علم إلاجرام ستذر الند وكريس ي،
اللذين سلما بأنه ال يمكن تعديل ظاهرة الجريمة في الحاالت الفردية إال إذا عدلت عالقات املجرم
بالجماعات الاجتماعية ،فقد خصصا فصال بعنوان-مجتمع السجن-في كتابهما الشهير-مبادئ علم
إلاجرام-كما خصص نورمان جونسون ،ليونارد سافينتر وولفجانج في كتابهم-علم إجتماع العقاب-
فصال كامال بعنوان –مجتمع السجن-وقد سبق هؤالء كليمر الذي أصدر كتابا سنة 1156م بعنوان-
مجتمع السجن -وقد إعتنق هذا املدخل عددا كبيرا من الباحثين ،بعد ذلك إنطلقوا في دراساتهم
للسجن بالتركيز على الثقافة الفرعية للسجن أو البناء الاجتماعي للسجن أو عمليات التنشئة الاجتماعية
ملجتمع السجن.
إذن فإنه من املسلم به آلان أن هناك مدخال بالغ ألاهمية لدراسة السجون وهذا املدخل أخذ
في التزايد وإلانتشار بين الباحثين في ميدان السجون بشكل متنام ،وطبقا لهذا املدخل فإن السجن هو
البيئة الجغرافية ملجتمع يرتبط املوجودون داخله بعالقات ثابتة وراسخة ومتماثلة مع نظيراتها في كل
سجن من سجون العالم بغض النظر عن مكانة ونوعية نزالئه ،في هذا املجتمع يشكل النزالء القاعدة
ألاساسية واملؤثرة في بناء هذا املجتمع إضافة للضبط ،الحراس ،إلاداريون وألاخصائيون وغيرهم1 .
1غانم عبد هللا عبد الغني ،علم إجتماع السجون ،أكاديمية نايف للعلوم ألامنية ،الرياض السعودية ،ص.31
136
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
خاتمة:
أسفرت دراستنا املوسومة ب-قراءات في ألانثروبولوجيا الجنائية -إلى إستنتاج أن:
منهج البحث ألانثروبولوجي يستدعي بعد إلاستعمال القسري لكثير من التقسيم أو التجزيء والتجريد
إعادة تركيب الكل ،ألن تطور العلوم إلانسانية ،ما إنفك أن يؤكد مفاهيم التعقد والترابط ،تعدد
العالقات املنظومات والعمليات ،وفي ظل هذا التوجه املنهجي والنظري ترسم مالمح ألانثروبولوجيا
الجنائية متجاوزة العقيدة البيولوجية الصرفة التي ظلت أسيرة لها املمارسة السوسيولوجية إلى عهد
قريب.
وقد أصبح اللجوء إلى الفعل إلاجرامي مسألة خاصة ال تتطلب تفسيرا أو حالة مرضية في نظر
البعض ،لكن املقاربة ألانثروبولوجية تدرس الظاهرة إلاجرامية مواجهة تركيبة نفسية فيزيولوجية بالغة
التعقيد والتداخل .لذا فإن دراسة جملة العالقات املختلفة بين املكونات العقلية لإلنسان في عالقتها
بالجسد تمككنا من الفهم املوضوعي للسلوك البشري.
قائمة املراجع
.1إبراهيم منصور ،إسحاق .املوجز في علم إلاجرام والعقاب ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر
.1121
أكرم حسن ،نشأت .علم ألانثروبولوجيا الجنائي ،دار الثقافة للنشر ،عمان ألاردن.7661 ، .7
الجباوي ،علي .ألانثروبولوجيا علم ألاناسة .جامعة دمشق ،سوريا.1112، .3
الجوهري ,محمد محمود وآخرون ،علم إجتماع الجريمة وإلانحراف .دار املسيرة للنشر ،عمان .5
ألاردن.7616 ،
حجازي ،سمير سعيد .معجم املصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم إلاجتماع ،دار الكتب .2
العلمية ،لبنان.7662 ،
الدوري عدنان .علم العقاب ومعاملة املذنبين ،دار السالسل للنشر ،الكويت.1111 ، .0
زيعور ،محمد .السلوك والقياس الشخص ي في علم النفس ،الطليعة للنشر والتوزيع بيروت لبنان، .2
.1116
السراج ،عبود .الوجيز في علم إلاجرام والعقاب ،منشورات جامعة دمشق ،سوريا.1115 ، .1
السمالوطي ،نبيل .علم إلاجتماع العقابي .دار الشروق للنشر ،القاهرة مصر.1113 ، .1
السيد ،رمضان .الجريمة وإلانحراف ،املكتب الجامعي الحديث ،مصر .7661، .16
131
ISSN: 2437-041X مجلة أنثروبولوجيا
E-ISSN:2588-2325 مجلد 06 :عدد 02 :السنة 2020
.11الشهداني ،أكرم عبد الرزاق .موسوعة علم الجريمة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ألاردن،
.7617
.17طالب ،أحسن .الجريمة والعقوبة واملؤسسات إلاصالحية ،دار الطليعة للنشر والتوزيع ،بيروت
لبنان.7667 ،
.13عبد الغني غانم ،عبد هللا .علم إجتماع السجون .أكاديمية نايف للعلوم ألامنية ،الرياض
السعودية.
137