قراءات في الأنثروبولوجيا الجنائية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬

‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫قراءات في ألانثروبولوجيا الجنائية‬


‫‪Readings in the criminal anthropology‬‬
‫رزيقة رزاق*‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪rezakrazika@gmail. com ،‬‬

‫جهيدة زرزوني‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬الجزائر‪djahidazarzouni@gmail. com ،‬‬

‫تاريخ النشر‪7676/17/61 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪7676/16/10 :‬‬ ‫تاريخ إلارسال‪7676/60/72 :‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫إذا كانت ألانثروبولوجيا تقوم على العلوم الطبيعية وتستند إلى العلوم إلانسانية وتنظر نحو‬
‫العلوم الاجتماعية‪ ،‬فإن اهتمام ألانثروبولوجيا بالجريمة يتأتى لكونها ظاهرة تاريخية‪ ،‬واقعية وإنسانية‬
‫الزمت املجتمعات منذ حدوثها وارتبطت بالنظم الاجتماعية املختلفة‪ ،‬تاركة أبعادها في عمق املجتمع‬
‫باعتبارها اعتداءات على الحياة الاجتماعية التي تقوم على توازن املصالح والقيم داخل املجتمع‪ .‬ومع‬
‫ظهور ألانثروبولوجيا الجنائية كعلم مستقل ال يفسر الظاهرة إلاجرامية على أساس الدالالت املجردة‬
‫التي يكشف عنها الفعل إلاجرامي‪ ،‬وإنما يشمل التفسير كافة جوانب شخصية املجرم وعلى وجه‬
‫الخصوص البحث في العوامل ألانثروبولوجية أو العضوية إذ ال وجود للخطأ والذنب باعتبار املجرم‬
‫فاقدا لإلرادة مجبرا على ارتكاب الجريمة‪ ،‬باعتبارها نتيجة حتمية ينساق إليها املجرم طواعية‪ ،‬وعليه‬
‫فإن التدابير املتخذة ضده تتسم بالطابع الوقائي‪ .‬ولعل أهم ما ركزت عليه ألانثروبولوجيا الجنائية هو‬
‫الدعوة إلعادة تقييم قواعد املسؤولية الجزائية وأساسها‪ ،‬فاملسؤولية ألاخالقية ترتكز على حرية‬
‫الاختيار وقد تراجعت أمام املسؤولية الاجتماعية أو القانونية‪ ،‬وعليه رفض العقوبة ونكران املسؤولية‬
‫ألاخالقية‪ ،‬وقد ترتب على ذلك استحداث صورة جديدة للجزاء الجنائي هدفها عالج املجرم‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬ألانثروبولوجيا‪ ،‬الجريمة‪ ،‬الجنائية‪ ،‬املجتمع‪ ،‬الجزاء‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪If the anthropology is based on natural sciences and is based on‬‬
‫‪the humanities and looks towards social sciences, anthropology's‬‬
‫‪interest in crime comes from being a historical, realistic and human‬‬
‫‪phenomenon that has haunted societies since their occurrence and‬‬

‫* املؤلف املرسل‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫‪linked to different social systems, leaving their dimensions deep in‬‬


‫‪society. With the emergence of criminal anthropology as an‬‬
‫‪independent science, it does not explain the criminal phenomenon on‬‬
‫‪the basis of the abstract indications revealed by the criminal act, but‬‬
‫‪the interpretation includes all aspects of the personality of the‬‬
‫‪criminal, particularly the research of factors. The refore, the measures‬‬
‫‪taken against him are preventive.‬‬
‫‪Keywords: anthropology, crime, criminality, society, the penalty.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫بما أن الجريمة سلوك إنساني فإنها تصدر عن شخصية إنسانية إجرامية‪ ،‬باعتبارها ثمرة‬
‫تفاعل هذه الشخصية مع ظروف العالم الخارجي‪ ،‬وعلى هذا فإن عوامل السلوك إلاجرامي تتمثل في‬
‫تلك الشخصية عند اصطدامها بالوسط الاجتماعي املحيط‪ .‬ويؤدي تحليل الشخصية إلاجرامية إلى‬
‫القول بأن القرار إلاجرامي البد وأنه صادر عن نفسية منحرفة وأن الانحراف النفس ي مصدره خلل في‬
‫أعضاء الجسم خصوصا ألاعضاء الداخلية باعتبار أن هذا الخلل العضوي ال يؤدي لإلجرام إال إذا‬
‫توافر الوسط الاجتماعي الذي يتفاعل معه‪ ،‬أي أن الجريمة وليدة عوامل عضوية واجتماعية‪.‬‬
‫تعتبر ألانثروبولوجيا الجنائية مدخال تفسيريا يقوم على السلوك أو الفعل إلاجرامي في ضوء‬
‫خصائص محددة للمجرم نفسه‪ ،‬وترتبط إما بتكوينه العضوي أو التشريحي أو العقلي بحيث تعتمد في‬
‫ذلك على املالحظة العلمية املقصودة والقياسات العيادية املخبرية والتشريحية املعملية‪ ،‬ولقد كان‬
‫لتقدم الدراسات إلانسانية أثر بالغ ألاهمية في إنكماش إلاتجاه البيولوجي حيث بينت تلك الدراسات‬
‫الدور الهام التي تلعبه العوامل البيئية من جميع النواحي في تكوين الشخصية وبالتالي أثرها على‬
‫السلوك إلانساني بصفة عامة‪.‬‬
‫وعلى هذا ألاساس فإن هذه الورقة البحثية تحاول أن تجيب على التساؤل الرئيس‪ :‬ماذا نعني‬
‫باألنثروبولوجيا الجنائية؟ هذه الدراسة نظرية إعتمدت على املنهج الوصفي في تصوير ووصف الجريمة‬
‫من منظور ألانثروبولوجيا وعلى إثره أفرز علم ألانثروبولوجيا الجنائية‪ .‬فالجريمة باملعنى الكالسيكي‬
‫تعني إلاعتداء على الحياة الاجتماعية‪ .‬في حين أدرج علماء ألانثروبولوجيا الجنائية فلسفة حديثة كون‬
‫الجريمة ظاهرة فردية وذلك من خالل ذات املجرم بوصفه إنسانا له كيان معقد التركيب‪ .‬ذلك أن‬
‫املقاربة ألانثروبولوجية تمنح نظرة شاملة ديناميكية وعالئقية للظاهرة إلاجرامية في إطار إلانسان‬

‫‪111‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫الشامل‪ ،‬فاإلشكال هنا هو كيف نربي؟ كيف نربي إنسانا ممتثال لنظم املجتمع؟ بإعتبار أن إلانسان‬
‫ذات مستقلة له ميول وغرائز‪ .‬وهنا ترسم مالمح ألانثروبولوجيا الجنائية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إلاطار املفاهيمي‬


‫‪ -1‬ألانثروبولوجيا‬
‫تعرف ألانثروبولوجيا من حيث الداللة اللغوية بأنها كلمة التينية مشتقة من ألاصل اليوناني‬
‫املكون من شقين‪ -‬أنثروبوس‪ -‬معناه إلانسان و‪-‬لوجوس‪ -‬معناه علم‪ .‬أي علم إلانسان‪1.‬‬

‫أما من حيث –الداللة إلاصطالحية‪ -‬فهي العلم الذي يدرس إلانسان يإعتباره كائنا حيا‪.‬‬
‫في حين ذهب –والتر تايلور‪-walter Taylor-‬في تعريفه لألنثروبولوجيا بأنها الدراسة البيوثقافية املقارنة‬
‫لإلنسان مع الكائنات الحية ألاخرى‪.‬‬
‫كما عرفها إدوين سنرالند ‪ Edwein sutherland‬بأنها العالقة بين املظاهر البيولوجية املوروثة لإلنسان‬
‫وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية‪2 .‬‬

‫‪ .7‬الجريمة‬
‫تعرف الجريمة من املنظور السوسيولوجي بأنها‪ :‬كل فعل يتعارض مع كل ما هو نافع للجماعة‪،‬‬
‫وهي كل سلوك ال إجتماعي يكون موجها ضد مصالح املجتمع ككل‪33 .‬‬

‫في حين عرف‪-‬إيميل دوركايم‪ Émile Durkheim -‬الجريمة بأنها‪ :‬الفعل الذي يقع باملخالفة لشعور‬
‫الجماعة‪ ،‬فالجريمة تعبر عن إنعدام شعور التضامن الاجتماعي لدى الفرد والذي يفسره عدم تزود‬
‫الفرد بالقيم واملعايير والقواعد الاجتماعية‪4 .‬‬

‫‪ 1‬سمير سعيد حجازي‪ ،‬معجم املصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم الاجتماع‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪،7662 ،‬‬
‫ص‪.122‬‬
‫‪ 2‬علي الجباوي‪ ،‬ألانثروبولوجيا علم إلاناسة‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،1112،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 3‬أكرم عبد الرزاق الشهداني‪ ،‬موسوعة علم الجريمة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ألاردن‪ ،7617 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ 4‬محمد محمود الجوهري وآخرون‪ ،‬علم إجتماع الجريمة وإلانحراف‪ ،‬دار املسيرة للنشر‪ ،‬عمان ألاردن‪ ،7616 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫أما من املنظور ألانثروبولوجي فقد تبنى علماء ألانثروبولوجيا وجهة نظر علماء إلاجتماع في‬
‫تعريفهم للجريمة‪ ،‬وذلك نظرا إلى إمكانية تطبيق هذا التعريف على املجتمعات البدائية التي ال تملك‬
‫قانونا مكتوبا‪1 .‬‬

‫فقد عرف العالم ألانثروبولوجي البريطاني ‪-‬ألفريد راد كليف براون‪-Alfred Radcliffe-Brown -‬‬
‫الجريمة بأنها‪ :‬خرق للعادات التقاليد تتطلب تطبيق القانون‪2 .‬‬

‫‪ .3‬ألانثروبولوجيا الجنائية‬
‫تعرف ألانثروبولوجيا الجنائية بأنها علم طبائع املجرم ومضمون هذا العلم هو دراسة املظاهر‬
‫العضوية والنفسية للمجرمين سواء ما يتعلق بخصائصهم البدنية الظاهرة أو بأجهزة جسمهم‬
‫الداخلية‪ ،‬غرائزهم‪ ،‬عواطفهم وعالقة هذه املظاهر بخصائص الجريمة‪3 .‬‬

‫تعرف أيضا بأنها تركز على تكوين الفرد املجرم من جميع النواحي البيولوجية والنفسية وبتأثير تكوين‬
‫شخصيته بالبيئة الاجتماعية املحيطة به‪ ،‬لتقدم لنا ألاساب الدافعة للجريمة من وجهة النظر الفردية‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ثانيا‪ -‬الجريمة إشكالية أنثروبولوجية‬


‫شكلت نظرية التطور التي إقترحها علماء الطبيعة وعلماء ألانثروبولوجيا أساسا لدراسة‬
‫السلوك البشري وتحديدا للسلوك إلاجرامي‪ ،‬فقد كان لظهور ألانثروبولوجيا التأثير النهائي على علم‬
‫الجريمة الوضعي في حين الزالت ألانثروبولوجيا في مهدها كفرع أكاديمي إذ قدمت أدلة على أن‬
‫املجتمعات ألاكثر بدائية من خالل املالحظة وقد تم دمجها في نظريات العلوم الاجتماعية‪ .‬إبتداءا من‬
‫التساؤل الهام‪ :‬ملاذا يتصرف البشر هكذا؟ وقد كان أول عمل موجه وضعيا حول موضوع الجريمة‬
‫ألدولف كيتيلييه ‪ ADOLF QUETELET -‬وأندرييه جيري ‪ ANDRE JERRY‬في عشرينيات القرن ‪.11‬‬
‫والعمل املبكر آلاخر كان لعلماء البيولوجيا وعلماء التشريح الدين درسوا الجسم البشري وعالقته‬
‫بالسلوك‪.‬‬

‫‪ 1‬رمضان السيد‪ ،‬الجريمة والانحراف‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر ‪ ،7661،‬ص‪.77‬‬


‫‪ 2‬نبيل السمالوطي‪ ،‬علم إلاجتماع العقابي‪ ،‬دار الشروق للنشر‪ ،‬القاهرة مصر‪ ،1113 ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ 3‬منصور إسحاق إبراهيم‪ ،‬املوجز في علم إلاجرام والعقاب‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،1121‬ص‪.13‬‬
‫‪ 4‬نشأت أكرم حسن‪ ،‬علم ألانثروبولوجيا الجنائي‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬عمان ألاردن‪ ،7661 ،‬ص‪.77‬‬
‫‪171‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫لم ترتبط ألانثروبولوجيا الجنائية مع ‪-‬سيزاري لومبروزو‪- Cesare Lombroso -‬كما يعتقد‬
‫البعض بل بدأت قبله بكثير‪ ،‬فقد إهتم إلاغريق منذ القدم بدراسة "الفراسة" أو مظاهر جسم إلانسان‬
‫وحاولوا إعطاء تفسيرات ملا ذلك من عالقة بأخالقيات وسلوكيات البشر أو خصالهم‪ ،‬حيث أن أرسطو‬
‫نفسه بحث في علم الفراسة وأكد أنه من املمكن التعرف على الكثير من أخالق الفرد عن طريق دراسة‬
‫سماته الجسمية وعالماته املميزة كلون الشعر والبشرة‪ .‬كذلك إهتم الفالسفة إلاغريق أمثال سقراط‬
‫وأفالطون بموضوع العوامل البيولوجية وعالقتها بالجريمة‪ ،‬حيث ذهبوا إلى أن الظاهرة إلاجرامية هي‬
‫نتاج نفسية مضطربة ترجع إلى عيوب خلقية أو إلى إنحرافات عقلية عند إلانسان‪ .‬وقد حاول قدماء‬
‫مصر كذلك ربط موضوع السمات والخصائص الجسمية بطباع النفس وأخالق إلانسان وطباعه‪ ،‬أما‬
‫العرب فقد بحثوا هم أيضا في علم الفراسة وذلك عند تعرضهم ملواضيع مثل‪ :‬القيافة‪ ،‬العيافة‬
‫والكهانة أما القيافة فتعني الفراسة أو معرفة أوجه التشابه بين الولد وأقاربه‪ ،‬وتحولت إلى التنبؤ‬
‫بسلوك الفرد وطباعه عن طريق دراسة سماته الجسمية‪ ،‬أما العيافة فتعني فن معرفة الدواب‬
‫وألاشخاص عن طريق دراسة آثار أقدامهم‪ ،‬في حين تعني الكهانة محاولة إلادعاء بمعرفة املستقبل‪.‬‬
‫وفي الحقيقة فإن –ملبروزو‪ -‬في هذا امليدان يعتبر املجدد للمدرسة البيولوجية وليس املنش ئ لها‪ ،‬بل هو‬
‫املنش ئ للمدرسة الوضعية العلمية في الدراسات إلاجرامية‪ ،‬بإعتماده على الدراسات امليدانية مستعمال‬
‫املنهج العلمي املستعار من العلوم الطبيعية‪ .‬فقد كانت املدرسة البيولوجية ألاوروبية في صورها ألاولى‬
‫هي ألاخرى تركز على الخصائص الجسمية للمجرم أو ما يعرف بالتفسير البيولوجي للجريمة‪ ،‬بحيث‬
‫ذهبت هذه املدرسة إلى التأكيد على وجود عالقة بين الجريمة والنقائص والعيوب الجسمية عند الفرد‪،‬‬
‫هذه العيوب والنقائص كما يقول أصحاب هذا إلاتجاه يمكن أن تكون عضوية‪ ،‬جسدية‪ ،‬عقلية أو‬
‫نفسية داخلية بحيث تؤدي إلى تكوين عالقة بين الطباع وإلاحساسات الفردية الناتجة عن ضعف‬
‫خلقي أو نتيجة لإلحساس بالنقائص الجسمية من جهة‪ ،‬وظهور النوازع إلاجرامية من جهة أخرى‪ ،‬كما‬
‫يذهب إلى ذلك زعمائها‪ :‬دي البروتا في كتابه الشهير‪ -‬السمات الخارجية للفرد‪ ،-‬والتي تعرف بعلم دراسة‬
‫التكوينات الخارجية للفرد أو التركيز على دراسة قياس الجمجمة أو دراسة شكل وتضاريس املخ‪1 .‬‬

‫ظهرت فكرة معرفة املجرم من خالل السمات الخارجية في أوروبا سنة ‪1210‬م على يد الباحث‬
‫دي البورتا‪ ،‬الذي حاول بحث دراسة الطبائع الفردية إنطالقا من السمات الجسمية الظاهرة وعالقتها‬
‫باإلجرام‪ .‬وقد ركز على مناطق معينة من الجسم مثل‪ :‬الوجه‪ ،‬العينين‪ ،‬الجبهة وشكل ألانف‪ .‬وبعدها‬
‫تطورت على يد عالم التشريح النمساوي‪ -‬فرانز جوزيف غايل‪– Franz Joseph Gall --‬الذي أسس علم‬

‫‪ 1‬أحسن طالب‪ ،‬الجريمة والعقوبة واملؤسسات إلاصالحية‪ ،‬دار الطليعة للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت لبنان‪ .7667 ،‬ص‪.37‬‬
‫‪177‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫فراسة الدماغ أو الفرينولوجيا‪ ،‬وقد كان دي البورتا أول من نادى بفكرة أن سمات بعض املجرمين‬
‫تشبه إلى حد كبير جماجم بعض الحيوانات املتوحشة‪- ،‬وهي الفكرة التي أخذها عنه فيما بعد‪-‬‬
‫لومبروزو‪ -‬وطورها إلى فكرة إلارتداد الوراثي‪ -‬وبعد دي البورتا يمكن إلاشارة في هذا املجال إلى الباحث‬
‫الفرنس ي ‪-‬جوزيه كابانيس ‪ -José Cabanis‬الذي خالف ألافكار الشائعة في وقته عن مبدأ إنفصال الوعي‬
‫عن النفس‪ ،‬حيث ذهب في كتابه –حول العالقات بين الجسد والنفس لدى إلانسان‪ -‬والذي نشر سنة‬
‫‪1167‬م‪ ،‬إلى التأكيد على أن الوعي يرتبط بعمل الدماغ والتأكيد على عالقة الدماغ بالسلوك وهو‬
‫تأكيد واضح على أن النفس البشرية غير مستقلة عن الجسد‪1 .‬‬

‫أما الطبيب الفرنس ي ‪-‬بول بروكا ‪- Paul Broca‬فقد ربط بين الجريمة وشكل الجمجمة والقامة‬
‫أو املالمح العضوية وأضاف إليها املالمح النفسية فيما بعد أي التكوين النفس ي والعقلي للفرد‪ ،‬وعالقته‬
‫بالسلوك إلاجرامي بعدها جاء العالم البريطاني‪ -‬تشارلز داروين ‪- Charles Darwin‬حيث أكد على فكرة‬
‫أن الكائنات الحية تولد بإستعدادات مختلفة وهي معرضة في حياتها للصراع واملنافسة‪ ،‬وألاقوى فقط‬
‫هومن يستطيع البقاء وإلاستمرارية‪ ،‬وهذا تأكيد واضح على إلاستعدادات الجسمية البيولوجية‪ .‬إن‬
‫ظهور النزعة ألانثروبولوجية في دراسة إلانسان ليست سوى إمتدادا للنزعة التطورية الداروينية التي‬
‫طغت على مناهج دراسة جميع الكائنات الحية‪.2‬‬
‫قام علماء الفراسة في أوائل القرن ‪ 11‬بقياس شكل الرأس في محاولة لتحديد العالقة بين‬
‫الدماغ والسلوك‪ ،‬وقد ركز رائد علم فراسة الدماغ الطبيب النمساوي ‪-‬غايل‪ -‬على أن خصائص الدماغ‬
‫تنعكس في نتوءات الجمجمة وقد تم التركيز على توثيق العالقة بين هذه النتوءات والسلوك إلاجرامي‪،‬‬
‫وقد جاء في مؤلفاته ألاربعة املوسومة –بنية وظائف الجهاز العصبي بصفة عامة واملخ بصفة خاصة‪-‬‬
‫فقد ركز في بحثه على مشكلة التمركزات العصبية إنطالقا من سؤال فرض ي مفاده ‪:‬كيف يشتغل املخ‬
‫هل يشتغل كوحدة متكاملة أو وحدة منفصلة؟ تشتغل كل منها على حدى؟ وقد إعتمد –غايل‪-‬على‬
‫الجزء الثاني من الفرضية إنطالقا من مالحظاته إلامبريقية التي إستخلصها من دراسات بيوغرافية‬
‫لشخصيات مرموقة في املجتمع حيث إستنتج أن سلوك إلانسان موجه من خالل ‪ 72‬ميال أو ملكة‬
‫حيث نجد كل واحد منها مكانها في قطعة ثنائية متراصة ومتوازية مع جهة املحيط الخارجي لعضلة املخ‪،‬‬
‫تكون القطعة بارزة إذا كان امليل ناميا‪ ،‬أما إذا كان مضمورا فالعضو هنا يعاني من تشوه‪ .‬وبالنتيجة‬
‫فقد ربط –غايل‪-‬شكل الجمجمة والسلوك إلاجرامي‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد زيعور‪ ،‬السلوك والقياس الشخص ي في علم النفس‪ ،‬الطليعة للنشر والتوزيع بيروت لبنان‪ ،1116 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 2‬عدنان الدوري‪ ،‬علم العقاب ومعاملة املذنبين‪ ،‬دار السالسل للنشر‪ ،‬الكويت‪ ،1111 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪173‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫بما أن السلوك إلاجرامي يرجع في ألاساس حسب املدرسة الوضعية إلى تكوين الفرد العضوي‬
‫أو إلى تكوينه النفس ي أو إلى العوامل والظروف الاجتماعية‪ ،‬فقد عرضوا املجرم للعديد من التجارب‬
‫الحقلية و الفحوصات املخبرية‪ ،‬البيولوجية‪ ،‬البايوكيميائية‪ ،‬الفيزيولوجية والنفسية بحيث قاموا‬
‫بدراسة خصائصه وسماته الشخصية وخصائصه املزاجية‪ ،‬العصبية‪ ،‬إلانفعالية وإلادراكية كما قاموا‬
‫بدراسة وتشريح مختلف وظائف أعضائه الجسمية ومكوناتها وذلك بهدف معرفة أثر إلاستعدادات‬
‫البيولوجية على السلوك‪ ،‬إضافة إلى دراسة وتشخيص جهازه العصبي‪ ،‬املخ‪ ،‬املخيخ والنخاع الشوكي‬
‫للبحث عن القدرات الفكرية وامللكات العقلية وعالقتها بالسلوك‪ .‬كذلك درس رواد النظرية‬
‫ألانثروبولوجية الغدد الصماء وإفرازاتها الهرمونية‪ ،‬الكروموزومات‪ ،‬الهرمونات والجينات ملعرفة أثر‬
‫الوراثة على السلوك‪ .‬وقد كان الهدف من إجراء تلك الدراسات إثبات إلاختالف بين التكوين الخلقي‬
‫والنفس ي ملن يقدم على إرتكاب الجريمة والشخص العادي‪.‬‬
‫تبنت املدرسة الوضعية فكرة إلاختالف هذه بين املجرم والشخص العادي‪ ،‬لتبين أن املجرم‬
‫مضطر إلرتكاب الجريمة بسبب نقص أو تشوه في تكوينه الجسمي‪ ،‬النفس ي والعقلي‪ ،‬وفي هذا إلاطار‬
‫تبلور التفسير البيولوجي العلمي ملفهوم ألانثروبولوجيا الجنائية على يد العالم إلايطالي‪ -‬لومبروزو‪-‬‬
‫عندما قام وألول مرة ببحث العوامل البيولوجية للجريمة على أساس علمي منظم حيث قام بدراسة‬
‫‪ 566‬مجرم خلص إلى أن إلانسان املجرم يتميز بسمات وصفات شاذة والتي تشبه خصائص الحيوانات‬
‫السفلية والقردة والتي مردها الردة الوراثية لإلنسان البدائي أو النكسة‪ .‬وتقوم فرضية –ملبروزو‪-‬‬
‫ومقاربته ألانثروبولوجية في تفسير السلوك إلاجرامي على فكرة الحتمية أو الجبرية البيولوجية‪ ،‬ومفادها‬
‫أن املجرم يولد وسمات الجريمة مطبوعة على جسمه‪ ،‬ومثل هذه السمات تخلق فيه إندفاعية فطرية‬
‫طبيعية تجعله ألاكثر من غيره إندفاعا نحو إرتكاب الجريمة‪ ،‬وبذلك فإن أهم ما إستحدثته املدرسة‬
‫الوضعية هو مبدأ الجبرية في تفسير السلوك إلاجرامي وذلك على العكس من ألاسس التي بنيت عليها‬
‫املدرسة التقليدية السابقة لها‪ ،‬التي كانت تؤمن بفكرة إلارادة والحرية في السلوك‪.‬‬
‫شغل‪ -‬لومبروزو‪ -‬منصب طبيب في الجيش إلايطالي ثم شغل منصب طبيب معالج في سجون‬
‫الجيش ملعاينة ومعالجة النزالء فيها‪ ،‬وقد هيأ له هذا املنصب مالحظة عدة أنواع من الجنود السوي‬
‫منهم واملنحرف أخالقيا وسلوكيا‪ ،‬ولفت إنتباهه خصوصيات يتميز بها أصحاب السلوك غير السوي‬
‫من الجنود فدفعه ذلك إلى زيادة البحث في هذا املجال‪ ،‬فقام بأول دراسة ميدانية علمية ملوضوع‬
‫الجريمة ومحاولة تفسيرها تفسيرا علميا إنطالقا من دراسة وتشريح الجماجم البشرية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫قياس املواصفات الطبيعية لإلنسان‪ ،‬وكانت البداية عندما إستدعى إهتمامه بعض الصفات والسمات‬
‫الخاصة ببعض الجنود ونزالء املصحات النفسية‪ ،‬وبعد فترة تكونت لديه أفكار معينة حول هؤالء‬
‫‪175‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫وسماتهم وصفاتهم الجسمية الخاصة وعالقة ذلك بسلوكياتهم‪ .‬وقد قام بوضع أفكاره في كتابه‪-‬الرجل‬
‫املجرم‪-‬عام ‪1120‬م فقد أكد ‪ -‬لومبروزو‪ -‬على وجود عنصر التخلف الحضاري والبشري بالنسبة‬
‫للمجرم بالوالدة‪ ،‬كما أشار إلى وجود عالقة شبه مباشرة بين إلاجرام ومرض الصرع أو الجنون‪ ،‬وكذلك‬
‫أشار إلى وجود سمات جسمية وعقلية لدى املجرم بالوالدة‪ .‬وبصفة عامة كانت الرؤيا لدى –لومبروزو‪-‬‬
‫تشير إلى أن املجرم شخص يتصف باإلرتداد الوراثي بمعنى أنه بدائي متخلف ومتوحش أكثر من مثيله‬
‫املتحضر‪ .‬وقد جاء تفسيره للسلوك إلاجرامي باإلرتداد الوراثي نتيجة لتأثره بالعالم –داروين‪ -‬ونزعته‬
‫التطورية إلى حد كبير‪ ،‬إذ يرى –داروين‪ -‬في هذا املجال أنه إذا كان من املمكن ظهور خروف أسود بين‬
‫مجموعة من الخراف البيضاء فإن ذلك يعزى إلى رجعة وراثية‪ ،‬ولهذا فإن املجرم بهذا املعنى هو ذلك‬
‫الخروف ألاسود في عائلته التي تختلف عنه‪ ،‬وبهذا يعتبر املجرم إنسانا ولد بطريق الصدفة في العصر‬
‫الخطأ فليس بوسع إنسان كهذا إال أن يكون متوحشا يمثل عصرا متوحشا ينتمي إليه وينسجم معه‪.‬‬
‫إن هذا إلارتداد الوراثي يؤدي إلى ضعف مقاومة الفرد للمواقف والفرص إلاجرامية‪ ،‬أي أن هذا إلارتداد‬
‫الوراثي يجعل منه غير قادر على إلانضباط والتكيف مع الضوابط وألاعراف والقوانين الاجتماعية‪،‬‬
‫وهذا يعني وجود إندفاع شبه آلي إلى الفعل والسلوك إلاجرامي عند ألافراد الذين تتوفر لديهم‬
‫إستعدادات إجرامية‪ .‬وقد توصل –لومبروزو‪ -‬إلى إلاقتناع بالصفات إلارتدادية وإلانحطاطية عند بعض‬
‫املجرمين بعد فحصه لجماجم املئات من املجرمين‪ ،‬خاصة جمجمة املجرم –ميديا‪ -‬الذي خدم لعدة‬
‫سنوات في الجيش إلايطالي ولم يعرف عنه سوى حسن الخلق وفجأة طارد هذا الجندي ‪1‬أفراد من‬
‫رؤساءه وزمالئه في الجيش وقتلهم سقط بعدها فاقدا للوعي‪ ،‬وبعد دراسته لهذه الحالة تبين له أن‬
‫الجندي يجمع صفات الحيوانات ألاكثر توحشا‪ ،‬كما أنه مصاب بالصرع وقد عزى ذلك إلى وجود‬
‫عوامل وراثية‪ ،‬كما خلص إلى وجود عالفة بين الصرع والجريمة‪ .‬بعد جملة الدراسات التي قام بها –‬
‫ملبروزو‪ -‬توصل إلى مجموعة من صفات وسمات جسمية نفسية مزاجية وعقلية تتشابه لدى املجرمين‬
‫وأعتبر أن هذه السمات البيولوجية والنفسية تشكل في مجموعها إندفاعات فطرية نحو الجريمة لدى‬
‫الشخص املجرم أكثر من سواه من ألافراد ألاسوياء‪ ،‬وقد أطلق ملبروزو على تلك الصفات والسمات‬
‫مصطلح‪-‬وصمات إلانحالل‪-‬معتبرا إياها صفات مميزة لتشخيص املجرم وليست سببا بحد ذاتها إلرتكاب‬
‫السلوك إلاجرامي‪ ،‬وإن كانت تزيد من قابلية الفرد وتضاعف إستعداده إلرتكاب الجريمة إضافة إلى‬
‫سمات وصفات املجرم فقد قسم لومبروزو خمسة أنواع من الجرمين املجرم بامليالد‪ ،‬املجرم بالصدفة‪،‬‬
‫املجرم بالعاطفة‪ ،‬املجرم املجنون واملجرم املعتاد‪1 .‬‬

‫‪ 1‬نشأت أكرم حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪172‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫على الرغم من أهمية ما جاء به لومبروزو ومدرسته ألانثروبولوجية الوضعية من أفكار جديدة‬
‫في تفسيره للسلوك إلاجرامي على أساس بيولوجي‪ ،‬إال أن هذه ألافكار لم تلقى رواجا وقبوال كما كان‬
‫مقدرا لها‪ ،‬بسبب إلانتقادات التي وجهت إليها من عدد من العلماء والباحثين خاصة علماء الاجتماع‬
‫وعلماء النفس بسبب إهمالها لقيمة الفعل إلاجرامي بإعتباره املعبر الوحيد والكاشف لشخصية‬
‫مرتكبيه‪.‬‬
‫إذ تتفاعل فيه جميع عناصر الشخصية البيولوجية‪ ،‬النفسية والاجتماعية‪ ،‬فاإلنسان ليس‬
‫جسدا فقط وإنما يتأثر في تكويناته النفسية بجميع الظروف املحيطة به‪ ،‬سواء أكانت ظروفا طبيعية‬
‫أم اجتماعية أم غيرها وقد أبرزت تلك إلانتقادات ألاساس الواهي الذي بنت عليه ألانثروبولوجيا‬
‫الجنائية تقسيمها املجرمين إلى أقسام ونماذج‪ ،‬بحسب تكوينهم البيولوجي بإعتباره سببا للجريمة‪.‬‬
‫فاملجرم كنموذج املجرم بامليالد ال يمكن إعتباره مجرم ملجرم توافر شروط وسمات جسمية معينة‬
‫لديه‪ ،‬فالجريمة هي مادة قانونية قبل كل ش يء وتستند أساسا في وجودها على إلاتيان بفعل معين يراه‬
‫املشرع ضارا باملجتمع‪ ،‬وذلك يعني أن الجريمة تتغير في صورها وأشكالها من مجتمع آلخر وفي نفس‬
‫املجتمع من فترة ألخرى‪ ،‬ولذا يكون من الخطأ إدراج شخص معين في قائمة املجرمين ملجرد توفر‬
‫صفات جسمية لديه دون النظر إلى الفعل إلاجرامي الذي تظهر فيه شخصيته بكامل مقوماتها‬
‫الاجتماعية والنفسية‪.‬‬
‫نظرا لإلنتقادات املختلفة التي القتها مدرسة ألانثروبولوجيا الجنائية وإنقاذا للفكر الوضعي‬
‫فقد حاول أنصار املدرسة الوضعية تعويض النقص الذي أظهرته إلانتقادات املختلفة املوجهة لها من‬
‫إهمالها للظروف البيئية‪ ،‬فحاولوا إبراز أهمية العوامل البيئية و أثرها في الجريمة وتكوين الفرد املجرم‪،‬‬
‫خاصة العوامل البيئية الاجتماعية وهو ما أشار إليه تلميذ ملبروزو وأحد أهم مؤسس ي املدرسة الوضعية‬
‫إلايطالية العالم ‪-‬أنريكو فييري ‪ ،- Enrico Ferri‬الذي ضم العوامل الاجتماعية إلى العوامل البيولوجية‬
‫في تفسيره للجريمة‪ ،‬فقد نشر فيري سنة ‪1111‬م كتابا بعنوان‪-‬آفاق جديدة في القانون الجزائي‪ -‬وفي‬
‫سنة ‪1117‬م غير بعنوان‪-‬علم إلاجتماع الجنائي‪-‬وهذا يدل على بداية إهتماماته بالعوامل الاجتماعية‬
‫للجريمة‪ ،‬وقد تأثر فيري بعالم إلاحصاء والرياضيات البلجيكي‪-‬أدولف كتيليه‪ -‬وأخذ منه نظرية العوامل‬
‫املتعددة للجريمة‪ .‬ويؤكد فيري أنه في بيئة معينة يقع عدد ثابت من الجرائم في ظل ظروف شخصية‪،‬‬
‫طبيعية واجتماعية غير مالئمة إذا وصلت هذه الظروف إلى درجة التشبع إلاجرامي‪ ،‬حيث ربط حتمية‬
‫الجريمة بحالة التشبع إلاجرامي‪.‬‬
‫‪-‬العوامل الشخصية‪ :‬التكوين العضوي‪ ،‬النفس ي والفيزيولوجي للمجرم وحالته املدنية‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫‪-‬العوامل الطبيعية‪ :‬البيئة الجغرافية بكافة عناصرها كاملناخ والتضاريس‪.‬‬


‫‪-‬العوامل الاجتماعية‪ :‬متشبعة واليمكن حصرها وقد تقع تحت نظام ألاسرة‪.‬‬
‫إضافة إلى مبدأ التشبع إلاجرامي فقد صنف فيري املجرمين إلى فئات متعددة فهم ليسوا من نمط‬
‫واحد ألنهم يختلفون بإختالف شذوذهم البيولوجي‪.‬‬
‫‪-‬املجرم املجنون‪ :‬يصاب بمرض عقلي يفقده إلادراك ويدفعه إلرتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪-‬املجرم املعتاد‪ :‬يرتكب أكثر من جريمة ويصبح محترفا‪.‬‬
‫‪-‬املجرم بالعاطفة‪ :‬يتصف باإلنفعال الشديد‪ ،‬املزاج العصبي والغيرة‪.‬‬
‫‪-‬املجرم بالصدفة‪ :‬يفتقر للميل إلى الجريمة ولكن قد يرتكب جريمة بصورة عرضية‪.‬‬
‫‪-‬املجرم بامليالد‪ :‬املجرم بالفطرة‪.‬‬
‫ساهم رافاييل جاروفالو ‪ Rafaele garovalo‬بقسم كبير في وضع النظرية ألانثروبولوجية‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر ثاني أهم مؤسس للمدرسة إلايطالية‪ ،‬من خالل دراسته للتخفيف من حدة التطرف الذي نادت‬
‫به مدرسة ألانثروبولوجيا الجنائية‪ .‬أجرى العديد من الدراسات على املجرمين شملت بصورة خاصة‬
‫الجانبين النفس ي والعقلي وحاول الربط بين السلوك إلاجرامي والخصائص الخلقية والعضوية في‬
‫شخصية املجرم‪ ،‬حيث أكد –جاروفالو‪ -‬إلى أن العيوب التي تتوفر في عظم الفك السفلي تعد دليال‬
‫على العنف والوحشية‪ ،‬وأن الجزء الخلفي من الرأس يمتاز عموما لدى املجرمين بزيادة في النمو عن‬
‫الجزء ألامامي‪ .‬وقد أسس جاروفالو نظريته على أساس أنه من أجل أن نفهم املجرم يجب علينا فهم‬
‫وتصنيف الجريمة إلى صنفين‪:‬‬
‫أ‪-‬الجريمة الطبيعية‪ :‬هي ذلك الفعل الثابت الذي ال يختلف شعور الناس تجاهه في كافة املجتمعات‬
‫وألازمنة‪ ،‬ورأى أن هذه الجريمة ال تحترم مسألتين إيثاريتين في غاية ألاهمية بالنسبة للمجتمع تتمثل‬
‫في العاطفة ووجدان املجتمع ومن أبرز هذه الجرائم‪ :‬إلاعتداء على ألاشخاص‪.‬‬
‫ب‪-‬الجريمة املصطنعة‪ :‬هي تلك ألافعال التي يخلقها املشرع خلقا بهدف حماية املصالح املجتمعية‪،‬‬
‫حيث تأخذ مصدرها من القانون الخاص بالدولة وتتعلق بتنظيم املجتمع ومن أبرز هذه الجرائم جرائم‬
‫التهريب الجمركي‪1 .‬‬

‫‪ 1‬عبود السراج‪ ،‬الوجيز في علم إلاجرام والعقاب‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،1115 ،‬ص‪.00‬‬
‫‪172‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫وقد أدرج املنادون بعلم إلاجتماع الجنائي على دراسة الظواهر النفسية املختلفة ضمن‬
‫دراساتهم للظروف الداخلية بشخص املجرم‪ ،‬وحاولوا تعميق تلك الدراسات النفسية لشخص املجرم‪،‬‬
‫إلظهار ألاسباب الدافعة إلرتكاب الجريمة‪ ،‬وقد شكلت تلك الدراسات النواة ألاولى لعلم النفس الجنائي‬
‫الذي إهتم بالتحاليل النفسية لشخصية املجرم‪ ،‬لبيان أنواع الخلل أو الضعف النفس ي الذي يدفع‬
‫املجرم إلرتكاب الجريمة‪ ،‬وهكذا إتسعت حدود مفهوم ألانثروبولوجيا الجنائية لتشمل دراسة‬
‫الخصائص البيولوجية‪ ،‬النفسية والاجتماعية للمجرم بإعتبار أن الجريمة هي حصيلة عوامل فردية‬
‫واجتماعية‪ ،‬وملا كانت ذاتية الفرد مزيجا من تكوينين بيولوجي ونفس ي‪ ،‬فإن العوامل الفردية تنشطر إلى‬
‫عوامل بيولوجية وعوامل نفسية‪ ،‬وإن كان في واقع الحال اليوجد فاصل دقيق بين هاتين املجموعتين‬
‫من العوامل‪ ،‬فضال عن إرتباطهما الوثيق من جهة أخرى مع العوامل الاجتماعية‪ ،‬وبالتالي فإن من‬
‫يرتكب الجريمة هو الفرد ولكنه اليعبر في هذا الفعل عن فرديته ألاصيلة فحسب بل عن بناء شخصيته‬
‫املتكونة من إمتزاج املؤثرات الاجتماعية بهذه الفردية‪ .‬وهو ماذهب إليه عالم النفس‪ -‬سيجموند فرويد‬
‫‪ -Sigmund Freud-‬مؤسس مدرسة التحليل النفس ي‪ ،‬معتبرا أن السلوك إلاجرامي هو نتيجة لوجود‬
‫صراع داخلي مستمر ودائم بين الرغبات الفردية والقيم وألاخالق الاجتماعية التي تشكل عوائق في‬
‫سبيل تحقيق تلك الرغبات‪.‬‬
‫وبذلك فإن علم أنثروبولوجيا الجريمة يجب أال يقتصر على دراسة املكونات البيولوجية‬
‫لإلنسان املجرم وإنما يتسع ليشمل دراسة املكونات النفسية بإعتبارها جزءا ال يتجزأ من تكوين‬
‫إلانسان املجرم إضافة إلى دراسة البيئة الاجتماعية املحيطة باإلنسان املجرم وأثرها على سلوكاته‪ ،‬ال‬
‫سيما أن مفهوم أنثروبولوجيا الجريمة –كما سبق لنا تعريفه‪-‬يهتم بدراسة إلانسان وكل ما يتعلق به‪،‬‬
‫فهو بختص بدراسة جسم إلانسان من حيث صفاته ومقاييسه إضافة إلى دراسة سلوك إلانسان‬
‫املكتسب الذي يتأثر بنوع البيئة املحيطة‪1‬‬

‫ذلك يعني أن ألانثروبولوجيا الجنائية ال تعطي تفسيرا لظاهرة إلاجرام بوجه عام‪ ،‬ولكنها تفسر‬
‫ألاسباب التي تدفع املجرم في حالة معينة إلى إرتكاب جريمة بعينها‪ .‬وأنثروبولوجيا الجريمة في سبيل‬
‫بيان أسباب الجريمة بالنسبة للفرد تتناول بالدراسة العوامل الفردية سواء بالوراثة أو مكتسبة‬
‫كالجنس‪ ،‬الساللة‪ ،‬الوراثة إضافة إلى املظاهر البيولوجية الخارجية للمجرم‪ ،‬وأجهزة الجسم الداخلية‬
‫وخاصة إفرازات الغدد الصماء التي أثبت البحث العلمي تأثيرها املباشر على تصرفات إلانسان‪ ،‬فضال‬
‫عن دراستها ألثر ألامراض العقلية والتخلف العقلي وأثر الوراثة على السلوك إلاجرامي للفرد‪ ،‬كما تتناول‬

‫‪ 1‬نشأت أكرم حسن‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.57‬‬


‫‪171‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫بالدراسة كل ما يتعلق بالتكوين النفس ي للمجرم مثل ألامراض النفسية‪ ،‬التخلف النفس ي‪ ،‬إلاختالالت‬
‫الغريزية والعواطف املنحرفة‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬أنثروبولوجيا السجون‬
‫يدخل املجرم املحكوم عليه بعقوبة محددة املؤسسة العقابية حيث يصبح داخلها نزيال‬
‫يتشارك جميع النزالء املعيشة في ذات النسيج من النظم املتداخلة والعالقات املتشابكة‪ ،‬التي تعتبر‬
‫مصدرا للمعلومات وإلاتصال كما تعتبر ألاساس في تبادل الحاجات الالزمة إلستقرار النظام الاجتماعي‬
‫وهذه النظم تعمل متكاملة وبينها عالقات وظيفية كاملة ‪ ،‬بحيث يتوافق ذلك بالطبع مع ما يتطلبه‬
‫العلم من الخصائص في الظاهرة التي يمكن أن تكون موضوعا للدراسة‪ ،‬وعليه فإن إستخدام الطريقة‬
‫ألانثروبولوجية في دراسة العقوبة أمر صعب‪ ،‬وإن إستخدامها في دراسة السجن أكثر صعوبة دون شك‬
‫حيث يتواجد آالف املجرمين بكل سماتهم وصفاتهم املتنوعة وهو ما تسعى إليه ألانثروبولوجيا في دراسة‬
‫ثقافة املجتمعات من خالل ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬جماعة النزالء‪ :‬تتشارك جماعة النزالء جميعها بيئة السجن ويتقاسمون نفس الظروف ويتكيفون‬
‫مع نفس البدائل املحدودة جدا‪ ،‬فالنزالء يعانون من نفس املعاناة ويمرون بذات ألازمة التي تمثلها‬
‫الحياة بالسجن فليس لهم الخيار بالخروج من هذا املحيط‪ .‬بإعتبار أن السجن مجتمع محلي مغلق‬
‫يضع الكثير من املوانع دون الحصول على الكثير من املمتلكات املالية‪ ،‬الطعام‪ ،‬املالبس والحركة فعلى‬
‫النزالء مع ذلك أن يتكيفوا للحياة فيه‪ ،‬لذا فهم يتفاعلون في أنماط من العالقات واملبادالت التي تجعل‬
‫تكييفهم لهذه الحياة ممكنا‪.‬‬
‫‪ – 7‬ثقافة السجين‪ :‬هو دليل على شرط إلاحساس باإلنتماء وإدراك النزيل إلنتمائه إلى جماعة السجن‬
‫ويشير مصطلح الثقافة عند علماء ألانثروبولوجيا إلى أسلوب الحياة الذي تميز مجتمعا ما عن غيره من‬
‫املجتمعات‪ ،‬وقد أوضحت الدراسات ألانثروبولوجية أن السجن يتميز بأسلوب حياة خاص مختلف عن‬
‫نظيره في املجتمع املحلي الكبير‪ ،‬وللحياة في مجتمع السجن نمط خاص فقد طور النزالء ثقافة خاصة‬
‫تستجيب للظروف التي يعيشونها بحيث تسود السجون عادات وأعراف وقيم وتقاليد متميزة تماما عن‬
‫تلك السائدة في املجتمع الكبير‪ ،‬تأخذ شكل مجموعة مقررة من العادات تحض ى بالقبول في كل سجن‬
‫من سجون العالم وتنتقل هنا الثقافة من النزالء القدامى إلى النزالء الجدد كنوع من الخبرة الالزمة‬
‫للتكيف مع الحياة داخل السجن‪ ،‬وأن أولئك الذين ليست لديهم مثل تلك الخبرات الثقافية يتعرضون‬
‫لكثير من املواقف الصعبة‪ ،‬فقد أثبتت أحد الدراسات أن النزيل يتعرف على ثقافة السجن من خالل‬
‫عملية محددة أسماها املختصون بعملية التنشئة الاجتماعية بالسجن‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫‪ -3‬التنشئة الاجتماعية في السجن‪ :‬يستخدم مصطلح التنشئة في السجن ليشير إلى مدى إلتزام السجين‬
‫بطرق السلوك املتبعة في مجتمع السجن وغيرها من جوانب الثقافة الخاصة باملؤسسات العقابية وقد‬
‫سميت هذه العملية بعملية التنشئة الاجتماعية في السجون ليشير بذلك إلى أن ألاثر الذي يحدثه‬
‫السجن في النزيل يماثل أثر عملية التنشئة الاجتماعية‪ ،‬حيث أنه عندما يودع السجين ألول مرة‬
‫بالسجن يتعلم ثقافة السجن بنفس الطريقة التي يتعلم بواسطتها الطفل ثقافة املجتمع وسلوكيات‬
‫من يكبرونه سنا‪ ،‬وعلى ذلك فالنزيل الجديد كالشخص الذي ينتقل إلى ثقافة جديدة‪ ،‬بحيث ال يقتصر‬
‫التعلم على الطرق الحديثة للسلوك فحسب بل إن عليه أن ال ينس ى بعض نماذج سلوكه السابق‪،‬‬
‫ويتعلم التنظيم الفني للمجتمع الجديد ومن ثم فإنه سرعان ما يغير عاداته الشخصية ليتماش ى مع‬
‫أحوال املقيمين معه داخل السجن‪ ،‬ويخضع النزيل الجديد تدريجيا لبعض مؤثرات السجن‪ ،‬فيتقبل‬
‫بذلك وضعه الجديد كما أنه سرعان ما يعتاد رؤية إسمه مشارا إليه برقم ويتعلم معاني لغة السجن‬
‫وسرعان ما يدرك أن املسجونين هم الذين يتحكمون كثيرا من ألاحيان في حياة السجين‪ ،‬بعدها يقوم‬
‫بالبحث عن عمل مريح داخل السجن‪.‬‬
‫‪ -5‬مجتمع السجن‪ :‬أصبح مجتمع السجن مدخال متميزا في دراسة املؤسسات العقابية بإعتباره مجتمعا‬
‫له كل مقومات املجتمع املحلي املعروفة‪ ،‬وقد تبنى هذا املدخل رواد علم إلاجرام ستذر الند وكريس ي‪،‬‬
‫اللذين سلما بأنه ال يمكن تعديل ظاهرة الجريمة في الحاالت الفردية إال إذا عدلت عالقات املجرم‬
‫بالجماعات الاجتماعية‪ ،‬فقد خصصا فصال بعنوان‪-‬مجتمع السجن‪-‬في كتابهما الشهير‪-‬مبادئ علم‬
‫إلاجرام‪-‬كما خصص نورمان جونسون‪ ،‬ليونارد سافينتر وولفجانج في كتابهم‪-‬علم إجتماع العقاب‪-‬‬
‫فصال كامال بعنوان –مجتمع السجن‪-‬وقد سبق هؤالء كليمر الذي أصدر كتابا سنة ‪1156‬م بعنوان‪-‬‬
‫مجتمع السجن‪ -‬وقد إعتنق هذا املدخل عددا كبيرا من الباحثين‪ ،‬بعد ذلك إنطلقوا في دراساتهم‬
‫للسجن بالتركيز على الثقافة الفرعية للسجن أو البناء الاجتماعي للسجن أو عمليات التنشئة الاجتماعية‬
‫ملجتمع السجن‪.‬‬
‫إذن فإنه من املسلم به آلان أن هناك مدخال بالغ ألاهمية لدراسة السجون وهذا املدخل أخذ‬
‫في التزايد وإلانتشار بين الباحثين في ميدان السجون بشكل متنام‪ ،‬وطبقا لهذا املدخل فإن السجن هو‬
‫البيئة الجغرافية ملجتمع يرتبط املوجودون داخله بعالقات ثابتة وراسخة ومتماثلة مع نظيراتها في كل‬
‫سجن من سجون العالم بغض النظر عن مكانة ونوعية نزالئه‪ ،‬في هذا املجتمع يشكل النزالء القاعدة‬
‫ألاساسية واملؤثرة في بناء هذا املجتمع إضافة للضبط‪ ،‬الحراس‪ ،‬إلاداريون وألاخصائيون وغيرهم‪1 .‬‬

‫‪ 1‬غانم عبد هللا عبد الغني‪ ،‬علم إجتماع السجون‪ ،‬أكاديمية نايف للعلوم ألامنية‪ ،‬الرياض السعودية‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪136‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫أسفرت دراستنا املوسومة ب‪-‬قراءات في ألانثروبولوجيا الجنائية‪ -‬إلى إستنتاج أن‪:‬‬
‫منهج البحث ألانثروبولوجي يستدعي بعد إلاستعمال القسري لكثير من التقسيم أو التجزيء والتجريد‬
‫إعادة تركيب الكل‪ ،‬ألن تطور العلوم إلانسانية‪ ،‬ما إنفك أن يؤكد مفاهيم التعقد والترابط‪ ،‬تعدد‬
‫العالقات املنظومات والعمليات‪ ،‬وفي ظل هذا التوجه املنهجي والنظري ترسم مالمح ألانثروبولوجيا‬
‫الجنائية متجاوزة العقيدة البيولوجية الصرفة التي ظلت أسيرة لها املمارسة السوسيولوجية إلى عهد‬
‫قريب‪.‬‬
‫وقد أصبح اللجوء إلى الفعل إلاجرامي مسألة خاصة ال تتطلب تفسيرا أو حالة مرضية في نظر‬
‫البعض‪ ،‬لكن املقاربة ألانثروبولوجية تدرس الظاهرة إلاجرامية مواجهة تركيبة نفسية فيزيولوجية بالغة‬
‫التعقيد والتداخل‪ .‬لذا فإن دراسة جملة العالقات املختلفة بين املكونات العقلية لإلنسان في عالقتها‬
‫بالجسد تمككنا من الفهم املوضوعي للسلوك البشري‪.‬‬

‫قائمة املراجع‬
‫‪ .1‬إبراهيم منصور‪ ،‬إسحاق‪ .‬املوجز في علم إلاجرام والعقاب‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪.1121‬‬
‫أكرم حسن‪ ،‬نشأت‪ .‬علم ألانثروبولوجيا الجنائي‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬عمان ألاردن‪.7661 ،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫الجباوي‪ ،‬علي‪ .‬ألانثروبولوجيا علم ألاناسة‪ .‬جامعة دمشق‪ ،‬سوريا‪.1112،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الجوهري‪ ,‬محمد محمود وآخرون‪ ،‬علم إجتماع الجريمة وإلانحراف‪ .‬دار املسيرة للنشر‪ ،‬عمان‬ ‫‪.5‬‬
‫ألاردن‪.7616 ،‬‬
‫حجازي‪ ،‬سمير سعيد‪ .‬معجم املصطلحات الحديثة في علم النفس وعلم إلاجتماع‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪.2‬‬
‫العلمية‪ ،‬لبنان‪.7662 ،‬‬
‫الدوري عدنان‪ .‬علم العقاب ومعاملة املذنبين‪ ،‬دار السالسل للنشر‪ ،‬الكويت‪.1111 ،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫زيعور‪ ،‬محمد‪ .‬السلوك والقياس الشخص ي في علم النفس‪ ،‬الطليعة للنشر والتوزيع بيروت لبنان‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.1116‬‬
‫السراج‪ ،‬عبود‪ .‬الوجيز في علم إلاجرام والعقاب‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬سوريا‪.1115 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫السمالوطي‪ ،‬نبيل‪ .‬علم إلاجتماع العقابي‪ .‬دار الشروق للنشر‪ ،‬القاهرة مصر‪.1113 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫السيد‪ ،‬رمضان‪ .‬الجريمة وإلانحراف‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر ‪.7661،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫‪131‬‬
‫‪ISSN: 2437-041X‬‬ ‫مجلة أنثروبولوجيا‬
‫‪E-ISSN:2588-2325‬‬ ‫مجلد‪ 06 :‬عدد‪ 02 :‬السنة ‪2020‬‬

‫‪ .11‬الشهداني‪ ،‬أكرم عبد الرزاق‪ .‬موسوعة علم الجريمة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ألاردن‪،‬‬
‫‪.7617‬‬
‫‪ .17‬طالب‪ ،‬أحسن‪ .‬الجريمة والعقوبة واملؤسسات إلاصالحية‪ ،‬دار الطليعة للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان‪.7667 ،‬‬
‫‪ .13‬عبد الغني غانم‪ ،‬عبد هللا‪ .‬علم إجتماع السجون‪ .‬أكاديمية نايف للعلوم ألامنية‪ ،‬الرياض‬
‫السعودية‪.‬‬

‫‪137‬‬

You might also like