Professional Documents
Culture Documents
ازمة الطاقة في العالم وانعكاسها
ازمة الطاقة في العالم وانعكاسها
إن نظريات العالقات الدولية تدور جميعها في فلك محاوالتها للتركيز على األمن االقتصادي ،خاصة الطاقة،
ألن أغلبية الدول الكبرى في العالم أصبحت تعتمد على قوتها االقتصادية أكثر من قوتها العسكرية ،ما جعل األهمية
االقتصادية في ظل المتغيرات الدولية الجديدة تتزايد بقوة .وبما أن الطاقة أحد أهم مكونات األمن االقتصادي ،فهى
تعتبر مصدرًا اقتصاديًا حيويًا وهدفًا استراتيجيًا يسعي الجميع إلي امتالكها ،فأهمية قطاع الطاقة كذراع قوية لألمن
القومي للدولة تكمن في كونه إحدى أهم مسائل األمن الداخلي ،ألنه بشكل عام فإن العالقات التي تنتج بين الدول
المنتجة والدول المستهلكة لمصادر الطاقة المختلفة تخلق حالة من حاالت عدم االستقرار ،خاصة إذا كان هناك
عجز في إمدادات الدول المستهلكة من قبل الدول المنتجة ،ما يعمل علي جعل الدول المنتجة في حالة تأهب
الستعمال القوة الرادعة دائمًا .ومن الجهة األخرى ،يساعد الدول المنتجة علي استخدام الطاقة كسالح استراتيجي
إما بتوظيفه بشكل مباشر أو غير مباشر ،ومن منظور آخر فمصادر الطاقة كمورد حيوي واستراتيجي تؤثر فى
مكانة الدولة عالميًا واتباعها لسياسة خارجية نشطة من عدمها وموقعها في النظام العالمي .فالدول الكبرى تولي
اهتمامًا كبيرًا بدور الطاقة ،وضرورة تأمين مصادرها منها حتى ال تتأثر صناعتها ،وبالتالي نموها االقتصادي.
وعلى الناحية األخرى ،تعمل الدول المنتجة والمصدرة للنفط والطاقة على استغالل تلك الميزة في سياساتها
الخارجية وعالقاتها الدولية بهدف تحقيق المناورة.
التحديات التي من الممكن أن تواجهها شركات البترول العالمية ،وهذه التحديات يمكن تلخيصها في ثالث نقاط
رئيسية التي من الممكن أن تحد من قدرة وفاعلية تلك الشركات ،وبالتالي قدرتها على التصدير إلى السوق
العالمية:
التهديدات األمنية التي قد يتعرض لها موظفيها ومنشأتها. o
التهديدات التي قد تنتج عن مصالح سياسية عن طريق تغير في قوانين عقود االستثمار. o
الصورة السلبية عند الشعوب بحق الشركات العالمية ،التي توصف بأنها شركات عدوة للشعوب وسارقة o
لخيراتها.
حدوث اختالل في توازن عمليتي العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية ،بسبب التزايد المستمر في o
استهالك موارد الطاقة ،خاصة البترول والغاز ،وأيضًا مع تزايد النمو السكاني العالمي ،خاصة في دول
شرق القارة اآلسيوية ،مثل دولتي الصين والهند ،وبالتالي فإن موارد الطاقة المتاحة بكافة مصادرها ال
تزال غير كافية لتلبية الطلب العالمي المتزايد الذي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا سنويًا.
القيود المفروضة على إمدادات الطاقة المختلفة ،وتم تصنيفها إلى ثالثة أنواع أساسية بحسب تصنيف بول o
هورسنل ،Paul Horsnellوهي:
إعاقة الحظر ،وهي التي تنشأ من فرض دولة مستهلكة قيود على االستيراد من دولة منتجة معينة.
إعاقة من خالل فرض قيود على الصادرات ،وتنشأ عندما ترغب دولة منتجة أو مجموعة من
الدول المنتج في فرض قيود على صادراتها ألسباب سياسية أو استراتيجية.
إعاقة ألسباب قهرية ،وتنشأ عندما ال يستطيع المنتج أو المورد تصدير إنتاجه من الطاقة ،وذلك
نتيجة لظروف داخلية أو خارجية ،مثل الحرب واألوبئة العالمية.
استهداف المنظمات اإلرهابية لمصادر الطاقة وبنياتها التحتية وإمداداتها الرئيسية.
من الناحية السياسية :تتطلب دراسة دور الطاقة في تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر خالل فترة الدراسة o
حصر عدد من المتغيرات التابعة والمستقلة استنادا إلى النظرية االقتصادية ،فمن خالل تحليلها باالعتماد على
أحد أساليب االقتصاد القياسي وهو النموذج اللوغاريتمي نستطيع بذلك تقديم تفسير عقالني للظاهرة المدروسة.
من الناحية االجتماعية :كان ألزمة التي عرفتها الجزائر خالل التسعينات خاصة في بعدها االقتصادي بالغ o
االثر السلبي على الجانب االجتماعي ،فسياسات تحرير االسعار ورفع الدعم عن السلع االساسية بداية من سنة
1992فضال عن السياسة التقشفية التي قلصت من التخصيصات المالية العمومية للقطاعات االجتماعية،
شكلت السبب الرئيسي االنتشار ظاهرة الفقر المتعدد االبعاد المادية منها وغير المادية ،شرعت على إثرها
الجزائر مع بداية االلفية الثالثة في التوسع في االنفاق العام تمحورت أهدافه االجتماعية في تحسين الظروف
المعيشية للسكان وتحقيق الخدمة العمومية معتمدة في ذلك على العوائد النفطية.
من ناحية التنمية المستدامة :يمثل قطاع الطاقة المصدر االول االنبعاثات غا ازت االحتباس الحراري في o
الجزائر نظرا لألهمية الكبيرة إلنتاج المحروقات في االقتصاد الوطني وسيادة أنماط استهالكية غير مستدامة،
مما كان له أثر مباشر في التدهور البيئي خاصة في المناطق الحضرية ،لذلك فإن دراسة عالقة انبعاثات غاز
ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر أحد أهم الغازات الدفيئة المسببة للتغير المناخي بتطور وتيرة االستخدام
الطاقوي ذو أهمية بالغة.
التحديات التي تواجه استخدام الطاقة ألجل التنمية المستدامة في الجزائر :توجد عدة تحديات مرتبطة باستخدام الطاقة
والتي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على تحقيق تنمية مستدامة وشاملة من أهمها:
التوجهات العامة لسياسات الطاقة الوطنية نحو االستغالل االقصى للموارد الطاقوية عن طريق انجاز العديد o
من المشاريع الكبيرة دون أخذ جانب استدامتها بعين االعتبار ،وقد شجعت التطورات التي عرفتها السوق
النفطية على المضي في تنفيذ هذه السياسة لإلسراع في دفع عجلة التنمية.
دمج االعتبارات البيئية ضمن استراتيجيات وسياسات التنمية الوطنية وخلق تكامل بين هذه األخيرة والسياسات o
القطاعية للطاقة بصورة مناسبة
سياسة تسعير الطاقة التي تشكل تحديا كبيرا لتطوير الطاقات المتجددة واالقتصاد في الطاقة نتيجة الدعم o
الممنوح لمصادر الطاقة االحفورية االعتبارات اجتماعية واقتصادية.
تغيير االنماط غير المستدامة للطاقة من خالل تحسين كفاءة إنتاج واستخدام الطاقة ،خاصة وأن السوق o
الجزائرية تعد منفذا للمنتجات المنخفضة الكفاءة في ظل عدم وجود معايير قياسية لها ،وخفض الطلب المتزايد
على الموارد الطبيعية ومعدل نضوبها المترتب عن استنزافها لدعم أنماط االنتاج واالستهالك الحالية إلى الحد
االدنى وتقليل اآلثار البيئية للقطاع.
إن إعادة توجيه الطاقة كمتغير ضروري لتحقيق التنمية المستدامة في ظل أنماط االنتاج واالستهالك غير
المستدامة يتطلب تكييف النظام االقتصادي الحالي للنماذج الطاقوية الجديدة ،وذلك من خالل االعتماد على
التكنولوجيات الحديثة وإدماج التكاليف البيئية ،خاصة في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة التقليدية مما قد يحول
دون تلبيته دون المساومة على حق االجيال القادمة.
أصبح سعي جميع دول العالم وراء تأمين مصادرها من الطاقة يحتل مرتبة في غاية األهمية في مختلف األجندات
الدولية المختلفة السياسية واالقتصادية ،كما تمثل مصادر الطاقة أولوية بالغة في عملية تشكيل مالمح المشهد الجيوسياسي
ولها انعكاساتها وآثارها بالغة الخطورة على مسار العالقات الدولية.