Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 9

‫مبدأ المناصفة أو صراع الخصوصية والكونية؟‬

‫بي‬ ‫ان قص‬ ‫حن‬

‫الح وار المتم دن‪-‬الع دد‪04:21 - 21 / 1 / 2018 - 5764 :‬‬


‫المح ور‪ :‬حق وق الم راة ومس اواتها الكامل ة في كاف ة المج االت‬

‫ليست المناصفة بين الرجال والنساء في مجال المشاركة السياسية واتخاذ القرار‬
‫مفهوما نظريا‪ ،‬وإنما هي مبدأ أو إجراء‪ .‬وهذا يعني أنها تدبير ق انوني وسياس ي‬
‫مؤقت‪ .‬ولقد تم اللج وء إليه ا في س ياق مح دد‪ ،‬ألنه ا تعت بر حال قانوني ا لض عف‬
‫وتهميش حض ور النس اء في المج ال السياس ي على المس توى الكمي الع ددي‪،‬‬
‫وعلى مس توى ش غل المناص ب القيادي ة‪ ،‬وعلى مس توى المش اركة في اتخ اذ‬
‫رار‪.‬‬ ‫الق‬
‫والمناص فة مب دأ قل ق ومض طرب يت أرجح بين إحق اق الح ق وبين خرق ه‪ ،‬بين‬
‫محاربة التمييز بتمييز آخر حتى وإن ُنِع ت باإليجابي‪ .‬لذلك لم يتوق ف التفك ير في‬
‫هذا المصطلح‪-‬المبدأ منذ ظه وره وال دعوة ل ه في أواخ ر الثمانين ات في فرنس ا‪.‬‬
‫لقد تم اللجوء لهذا الحل القانوني في المغرب بعدما تراجعت النض االت السياس ية‬
‫والنقابية‪ ،‬وضعفت إيديولوجيا المعارضين‪ ،‬وطغى النموذج الليبرالي كح ل وحي د‬
‫يل وح في األف ق‪ ،‬لق د تم االحتم اء بالدول ة بع دما ك انت ُتـحارب وُتـعتبر هي‬
‫ة‪.‬‬ ‫اء المزري‬ ‫اع النس‬ ‫ؤولية عن أوض‬ ‫المس‬
‫ولقد وّض حْت لور فرانك(‪ Laure Frank )1‬الشروط الض رورية ال تي تجع ل‬
‫الفرص ة السياس ية س انحة لقب ول ح ل مث ل ه ذا‪ ،‬وهي أربع ة ش روط‪:‬‬
‫اتية‬ ‫ية والمؤسس‬ ‫ة السياس‬ ‫اح أو انغالق المنظوم‬ ‫‪ -‬انفت‬
‫ية‬ ‫ات السياس‬ ‫تقرار التحالف‬ ‫دم اس‬ ‫تقرار أو ع‬ ‫‪ -‬اس‬
‫ية‬ ‫ة السياس‬ ‫من النخب‬ ‫اء ض‬ ‫اب حلف‬ ‫ور أو غي‬ ‫‪ -‬حض‬
‫ة‬ ‫ع المعارض‬ ‫ة على قم‬ ‫ز الدول‬ ‫درة أو عج‬ ‫‪-‬ق‬
‫فما هي مكامن قوة مبدأ المناصفة وض عفه؟ وكي ف تم التعام ل مع ه في التجرب ة‬
‫ة؟‬ ‫المغربي‬

‫ا‪:‬‬ ‫ة له‬ ‫طلحات المالزم‬ ‫فة والمص‬ ‫المناص‬

‫ال يمكن التفك ير في المناص فة دون التفك ير في الكوت ا‪ ،‬والتمي يز اإليج ابي‪،‬‬
‫المس اواة‪ ،‬اإلنص اف‪ ،‬االختالط‪ .‬ويجب التأكي د بوض وح أن المفه وم الوحي د‬
‫األساس ي فيس ه ذه المس ألة ه و المس اواة‪ ،‬وال ذي ي اطلُب اإلنص اف كإص الح‬
‫وترميم له‪ .‬فالمساواة حق أساسي ال يعترف بجنس بيولوجي أو وضع اجتم اعي‬
‫أو اختالفات بين األفراد‪ ،‬وهذا ما ُيعبر عنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ان‪ .‬وال‬
‫تتماهي (ال تختلط وال تذوب) المساواة مع الهوية‪ ،‬كما ال تتن اقض م ع االختالف‪.‬‬
‫وبما أنه مفهوم كوني ومطلق فإنه ال يتحقق في الواقع بشكل ت ام‪ ،‬ل ذلك يس تلزُم‬
‫مفه وَم اإلنص اف لتص حيح الالمس اواة ع بر تحقي ق تك افؤ الف رص بين الرج ال‬
‫والنس اء‪ .‬أم ا االختالط فه و دمج الجنس ين في مج االت مختلف ة وه و أن واع(‪)2‬‬
‫(اختالط التع ايش‪ ،‬اختالط ُم هي أ ل ه‪ ،‬اختالط غ ير ُم ـتميز‪ ،‬اختالط التع اون)‪ ،‬ثم‬
‫يد‪.‬‬ ‫تي هي بيت القص‬ ‫فة ال‬ ‫يرا المناص‬ ‫أخ‬
‫ُتعتبر المناص فة وس يلة لتحقي ق تمثيلي ة متس اوية للنس اء والرج ال في المج ال‬
‫السياسي‪ .‬وهي أداة تستخدم لتحقيق المساواة التي لم تتحقق بطريقة تلقائية‪ .‬ب ل‬
‫تعت بر ش رطا لتحقي ق العدال ة والديمقراطي ة في مج االت ع دة منه ا المش اركة‬
‫السياسية‪ .‬إنها تهدف إلى اقتسام سلطة التمثيلية وسلطة اتخاذ الق رار بالتس اوي‬
‫بين الرجال والنساء‪ ،‬أي تهدف إلى النهوض بولوج النس اء والرج ال بالتس اوي‬
‫للمهام والوظائف والمسؤوليات السياسية وتلك ال تي له ا عالق ة باتخ اذ الق رار‪.‬‬
‫وبتعبير آخر‪ ،‬فالمناصفة هي العدالة الكمية من أجل الولوج لبعض الوظائف التي‬
‫يتم تقـلدها عن طريق االنتخاب‪ ،‬إنه ا عملي ا "طلب للعدال ة" و"اع تراف بحي ف‬
‫اتجاه النساء"‪ ،‬و"ح ل لم أزق هامش ية مواطن ة النس اء في الديمقراطي ة" ذل ك‬
‫المأزق المتمثل في االختي ار م ا بين المس اواة كح ق ك وني‪ ،‬واالختالف الجنس ي‬
‫الذي يجعل النساء غير متمتعات بذلك الحق بسبب جنسهن‪ .‬وهو األمر الذي أدى‬
‫إلعادة التفكير في مفهوم الكونية وعالقته بالمساواة والخصوصية الفئوي ة (فئ ة‬
‫النساء)‪ .‬فالكونية هنا تبدو مجردة وال تس مح بأخ ذ وض ع النس اء في المش اركة‬
‫ار‪.‬‬ ‫ية بعين االعتب‬ ‫السياس‬
‫ولقد تم تبني المناص فة ك أفق تق ود إلي ه الكوت ا‪ .‬ألن الكوت ا هي نس بة أو حص ة‬
‫مخصصة للنساء لكي يشغلن مسؤوليات أو مهام ا أو وظ ائف‪ .‬وتتطلب ض رورة‬
‫تمثيل النساء بنس بة معين ة (الثلث مثال كم ا ه و األم ر في المغ رب) في مختل ف‬
‫هيآت الدولة (لوائح الترشيح‪ ،‬اللجان‪ ،‬الحكومة‪ .)...‬ووفقا لمنطق الكوتا‪ ،‬فليست‬
‫النساء هن المسئوالت عن وصولهن لتقـلد منصب أو وظيفة أو مسؤولية‪ ،‬وإنما‬
‫تعود مسؤولية ذل ك للدول ة‪ .‬والكوت ا إج راء م ؤقت‪ .‬وإذا ك انت المناص فة تعت بر‬
‫مساواة كمية كاملة‪ ،‬فإن الكوت ا تعت بر عتب ة ال ب د من تجاوزه ا‪ ،‬كم ا تعت بر أداة‬
‫ا‪:‬‬ ‫كال من الكوت‬ ‫دة أش‬ ‫يز بين ع‬ ‫ة‪ .‬ويمكن التمي‬ ‫تمييزي‬
‫تور‪.‬‬ ‫ا الدس‬ ‫ا ينص عليه‬ ‫تورية‪ :‬لم‬ ‫ا الدس‬ ‫‪ -‬الكوت‬
‫‪ -‬الكوت ا القانوني ة‪ :‬لم ا تنص عليه ا الق وانين االنتخابي ة‪.‬‬
‫‪ -‬الكوت ا الحزبي ة‪ :‬لم ا تعتم دها األح زاب في أنظمته ا وقوانينه ا الداخلي ة‪.‬‬
‫‪ -‬الكوت ا الطوعي ة‪ :‬لم ا ُتعتم د ب دون التنص يص عليه ا في أي ة نص وص‪.‬‬
‫تقول إليان فوجيل بولسكي ‪" :Eliane Vogel-Polsky‬ليس ت المناص فة هي‬
‫‪ °/°50‬للنس اء و‪ °/°50‬للرج ال‪ .‬فالمناص فة ض رورية باس م مس اواة يفرض ها‬
‫وضع النساء‪ ،‬وليس باسم تمثيلي ة األقلي ة"‪ .‬إن لج وء المناض الت في الحرك ات‬
‫النس ائية لإلص الح الق انوني وللح ل اآلتي من األعلى‪ ،‬بن اء على ض غوطات‬
‫وتضـحيات‪ ،‬ه و اع تراف بتح ول عمي ق في طبيع ة ه ذه الحرك ات وتخليه ا عن‬
‫مطلب تغيير طبيعة السلطة من أجل تغيير وضع النساء‪ .‬بل قدمت بعض المثقفات‬
‫تبريرا نظريا له ذا االختي ار الجدي د‪ ،‬مث ل "فرانس ين ديميش يل(‪Francine )3‬‬
‫‪ Demichel‬التي اعتبرت "أن المرأة هي الجنس القاصر في النظرية القانوني ة‬
‫بسبب كونها ال ُم ـفَك ـر فيها وغير َم ـرئية"‪ ،‬وخلص ت في تحليله ا إلى "ض رورة‬
‫إدم اج الجنس في نظري ة التمثيلي ة السياس ية ع بر المناص فة"‪.‬‬
‫وتوص ف المناص فة والكوت ا ب التمييز اإليج ابي‪( .‬وه و المص طلح ال ذي ط وره‬
‫مؤتمر بيكين سنة ‪ .)1995‬والمقصود به ممارسة التمييز لصالح فئ ة اجتماعي ة‬
‫على أساس العرق (األقلي ات العرقي ة) أو ال دين (األقلي ات الديني ة) أو المق درات‬
‫الذاتية (ذوو االحتياجات الخاصة) أو الجنس (النساء)‪ ،‬وذلك عبر تبني إجراءات‬
‫تفض يلية‪ .‬ف التمييز اإليج ابي(‪ )4‬يت وخى إلغ اء تمي يز س لبي‪ ،‬ومن ثَّم تحقي ق‬
‫اواة‪.‬‬ ‫المس‬
‫وتهدف الكوت ا والمناص فة لتحقي ق المش اركة السياس ية للنس اء بالتس اوي م ع‬
‫الرجال من أجل بلوغ المساواة والديمقراطية‪ .‬علما أن المشاركة السياسية تع ني‬
‫في األصل االعتراف بالحقوق المتساوية للجماعات واألف راد في ت دبير ش ؤونهم‬
‫بأنفسهم‪ ،‬وترتكز على االع تراف ب اآلخر ب دون أي تمي يز‪ ،‬وتتم من خالل القي ام‬
‫بأنشطة سياسية مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬وتعتبر المشاركة السياسية(‪ )5‬من أهم‬
‫ة‪.‬‬ ‫ائز الديمقراطي‬ ‫رك‬
‫ويع رف "ص اْم ويل َهْنـِتْنْغ تون"(*) ‪ Samuel Huntington‬المش اركة‬
‫السياسية بأنه ا "النش اط ال ذي يق وم ب ه المواطن ون الع اديون قص د الت أثير في‬
‫عملي ة ص نع الق رار الحك ومي"‪ .‬أم ا المارك ة السياس ية للنس اء فتع ني تعزي ز‬
‫دورهن السياسي ومساهمتهم في ص نع الق رارات السياس ية وص نع السياس يات‬
‫العام ة والت أثير على اختي ارات ومواق ف الق ادة السياس يين‪.‬‬
‫ولقد نصت المواثيق الدولي ة لحق وق اإلنس ان على المش اركة السياس ية للنس اء‬
‫كما نجد ذلك في الم واد‪ 1 :‬و‪ 2‬و‪ 21‬من اإلعالن الع المي لحق وق اإلنس ان‪ ،‬وفي‬
‫الم ادتين ‪ 3‬و‪ 25‬في العه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية‪ ،‬وفي‬
‫الم ادة ‪ 7‬من اتفاقي ة القض اء على جمي ع أش كال التمي يز ض د الم رأة (س يداو‬
‫‪.)6()CEDAW‬‬

‫فة‪:‬‬ ‫د المناص‬ ‫فض‬ ‫مواق‬


‫يحيل مص طلح المناص فة على "المحاس باتية"‪ ،‬وعلى الرياض يات وص رامتها (‬
‫‪ °/°50‬للنساء و‪ °/°50‬للرجال)‪ ،‬فالمناصفة تنظيم لالختالط بين الجنس ين بش كل‬
‫متساوي في فضاءات السلطة واتخاذ القرار‪ ،‬وكونه كذلك يجعله محدودا ال يمكن‬
‫أن نستخرج منه أكثر مما فيه‪ ،‬وهو َم ّك ـَن الحركة النسائية من تبني "ديمقراطية‬
‫المناصفة" ع وض "الديمقراطي ة"‪ .‬وإذا ك انت المس اواة مفهوم ا واض حا ف إن‬
‫المس اواة على أس اس الجنس تظ ل غامض ة‪ ،‬ألنه ا مس اواة "األرق ام"‪ ،‬وهي‬
‫وس يلة لبل وغ "مس اواة معين ة" لكنه ا "ليس ت المس اواة"‪.‬‬
‫يمكن رصد عدة انتقادات للمناصفة لتبيين اإلشكاالت التي تطرحها‪ ،‬ومن بين تلك‬
‫ال‪:‬‬ ‫بيل المث‬ ‫ادات على س‬ ‫االنتق‬
‫‪ -‬أَّن المناص فة هي ه دم وتق ويض للكوني ة‪( .‬فتركيزه ا أساس ا على االختالف‬
‫الجنسي يتجاهل أن النساء ُتحتقرن وتهمشن باسم هذا االختالف الجنسي نفس ه‪:‬‬
‫األنثى")(‪.)7‬‬ ‫ذكر ك‬ ‫"وليس ال‬
‫‪ -‬أَّن اعتماد المجالس المنتخبة وفضاءات اتخاذ الق رار كأس اس للمناص فة يه دم‬
‫عملي ات تح رر النس اء في الواق ع ع بر ممارس اتهن ونض االتهن‪ .‬فب دأ التح رر‬
‫يتناقض مع س جن الم رأة أو الرج ل في "طبيعت ه البيولوجي ة" ك ذكر أو ك أنثى‪.‬‬
‫‪ -‬أَّن المناص فة تب الغ في أهمي ة االختالف األنث وي‪ ،‬وتهمش أش كال الالمس اواة‬
‫األساس ية األم ال تي هي الالمس اواة االقتص ادية واالجتماعي ة‪.‬‬
‫تقول سيلفيان أغاسنسكي ‪" :Sylviane Agacinski‬يجب الدفاع عن الكونية‬
‫وليس عن جماع ة ذات خص ائص مش تركة كالنس اء‪ ،‬ألن الم رأة ليس ت مقول ة‬
‫جسدية‪ ،‬وليست مكونا ثقافي ا‪ ،‬وليس ت طبق ة اجتماعي ة‪ ،‬كم ا أن األنوث ة ليس ت‬
‫ائص"‪.‬‬ ‫ة من الخص‬ ‫كمي‬
‫وتقول فرانسواز كاشان ‪( Françoise Cachin‬م ديرة مت احف فرنس ا)‪" :‬إن‬
‫المناصفة فكرة س يئة تب دو جي دة‪ ،‬تب دو مس اعدة للنس اء في الظ اهر‪ ،‬لكنه ا في‬
‫العمق تضر بهن‪ ،‬فهي َتـَص ُو ر س لطوي للسياس ية على أس اس جنس ي‪ .‬والق ول‬
‫بالمناص فة يعت بر تراجع ا عن مكتس بات فك ر األن وار"‪.‬‬
‫وتقول مونا أزوف ‪" :Mona Ozouf‬المناص فة هي كوت ا بنس بة ‪ °/°50‬لك ل‬
‫جنس‪ ،‬وهي كوت ا غ ير عادل ة لم ا نع رف أن ع دد النس اء يتج اوز ‪."°/°50‬‬
‫إن ه دف ه ذه االستش هادات ه و إب راز أن المفك رات والمثقف ات ينتق دن مب دأ‬
‫المناصفة باسم حقوق النساء‪ .‬ويمكن أن نسترسل في س رد مواق ف مش ابهة(‪)9‬‬
‫أخرى (مثل مواقف المحللة النفسية والمؤرخة إل يزابيث روِدِنس كو ‪Elisabeth‬‬
‫‪ ، Roudinesco‬والمحلل ة النفس ية ك ارولين إلياش اف ‪Caroline‬‬
‫‪ ، Eliacheff‬وعالمة االجتماع إرين تيري ‪ ، Irène Thèry‬والمؤرخة ميشال‬
‫ريوت سارساي ‪ ، Michel Riot-Sarcey‬وعالم ة االجتم اع دومني ك ش نابر‬
‫‪.)...Dominique‬‬ ‫‪Schnapper‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫ة المغربي‬ ‫فة على الطريق‬ ‫المناص‬

‫طالبت مذكرة "الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة" س نة ‪ ، 2011‬بخص وص‬


‫التعديالت الدستورية آنذاك "بجعل الفقه الدستوري أداة للوص ول المتس اوي إلى‬
‫الموارد والعوائد والسلط والخ دمات األساس ية للرج ال والنس اء (‪ )...‬م ع اتخ اذ‬
‫ت دابير ق ادرة على توس يع ف رص اس تفادة النس اء باعتب ارهن الجنس األق ل‬
‫تفادة"‪.‬‬ ‫اس‬
‫ولعل غرابة هذا المطلب هو كون ه ي أتي بع د خ وض الحرك ة النس ائية المغربي ة‬
‫نضاالت مكثفة‪ ،‬وطويلة المدى‪ ،‬وفي جميع الجبه ات‪ ،‬وعلى امت داد ع دة عق ود‪،‬‬
‫من أجل ان تزاع حق وق النس اء في جمي ع المج االت (المج ال السياس ي‪ ،‬ومج ال‬
‫الش غل‪ ،‬واألح وال الشخص ية‪ .)...‬ف المرأة المغربي ة حص لت على الح ق في‬
‫التصويت والترش يح س نة ‪ ،1963‬وانـُتـِخ ـبت أوُل ام رأة في البرلم ان المغ ربي‬
‫سنة ‪ ،1993‬كما أن دستور س نة ‪ 1992‬ه و ال ذي نص في ديباجت ه على تش بث‬
‫المغرب بحقوق اإلنسان كم ا هي متع ارف عليه ا دولي ا‪ ،‬ثم ج اء إص الح مدون ة‬
‫األسرة سنة ‪ 2004‬والذي سيعتبر قفزة هامة بالمقارنة مع صيغة مدونة األحوال‬
‫الشخص ية ال تي ص اغتها الق وى المحافظ ة بزعام ة عالل الفاس ي س نة ‪.1958‬‬
‫وج دِت المناص فُة س ندا دس توريا وقانوني ا له ا في دس تور ‪( 2011‬الفص ل ‪،6‬‬
‫والفص ل ‪ ،)19‬وفي الق انون التنظيمي لألح زاب (الفص ل ‪ 26‬على وج ه‬
‫الخص وص)‪ .‬باإلض افة إلى الس ند الحق وقي المتمث ل في المواثي ق الدولي ة ال تي‬
‫صادق عليها المغرب‪ .‬لكن المشكل الذي يطرح هنا هو‪ :‬هل مآل ال زخم النض الي‬
‫النسائي الذي تجسد على امتداد عدة عقود ه و المناص فة؟ وه ل يمكن الثق ة في‬
‫ة؟‬ ‫ا ديمقراطي‬ ‫ة ال يمكن اعتباره‬ ‫دول‬
‫إذا كانت المناصفة إجراء دستوريا وقانونيا تش رف علي ه الدول ة وتض منه‪ ،‬ف إن‬
‫هذه الدولة يجب أن تتوفر على م ا يجعله ا تق وم به ذه المهم ة‪ .‬وال يمكن لدول ة‬
‫متهمة بانتهاك القانون وبعدم احترام حقوق اإلنسان أن تكون وفي ة لعهوده ا في‬
‫هذا الملف‪ .‬وال يمكن فهم هذا الوضع إال بفهم طبيع ة النظ ام السياس ي المغ ربي‪.‬‬
‫تقول الباحثة منية بناني شرايبي أن الحياة السياسية بالمغرب "تتس م بظ اهرتين‬
‫هم ا‪ :‬أح زاب متنافس ة على مراكم ة الوالي ات االنتخابي ة والحكومي ة‪ ،‬وأح زاب‬
‫تقاطع االنتخابات"‪ ،‬وتضيف أن الساحة السياسية المغربي ة تنقس م إلى‪ :‬أ) بني ة‬
‫سياسية ُمَم أسسة ب) وفضاء احتجاجي وسياسة خارج األطر التقليدية‪ .‬كما تميز‬
‫بين" أحزاب المناضلين وأحزاب الوجهاء"‪ .‬وتؤكد على "أن المشهد الح زبي ال‬
‫يعكس البني ة المجتمعي ة حيث أن األح زاب يهيمن عليه ا الحض ريون والرج ال‬
‫والكهول وأصحاب الشهادات واإلطارات العليا والمتوسطة والمشغلين في القطاع‬
‫الع ام" لتخلص إلى "ض عف الحض ور النس ائي داخ ل األح زاب على ال رغم من‬
‫ية"‪.‬‬ ‫زاب السياس‬ ‫انون األح‬ ‫ل ‪ 26‬من ق‬ ‫الفص‬
‫فإذا كانت الدولة محافظة وهاضمة لحقوق المرأة فإن األحزاب والنقابات تس يطر‬
‫عليها الذهنية الذكورية‪ .‬شهد حضور المرأة منذ التسعينيات ارتفاعا ملحوظ ا في‬
‫األجهزة القيادي ة لألح زاب المغربي ة‪ُ ،‬تـِوَج س نة ‪ 2005‬بق انون األح زاب ال ذي‬
‫ف رض عليه ا التنص يص في قوانينه ا على نس بة الم رأة داخ ل أجهزته ا‪ .‬أم ا‬
‫النقابات فوضع المرأة في أجهزتها أسوأ وأضعف‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ :‬ف إن ع دد‬
‫النساء المنخرط ات في أع رق نقاب ة عمالي ة مغربي ة‪ ،‬االتح اد المغ ربي للش غل‪،‬‬
‫حس ب إحص ائيات ‪ ،2006‬بل غ ‪ 57600‬ام رأة من بين ‪ 320000‬منخ رط‪ ،‬أي‬
‫رطين‪.‬‬ ‫وع المنخ‬ ‫بة ‪ °/°12‬من مجم‬ ‫بنس‬
‫لكن حضور النساء بنسبة مهمة في قي ادة األح زاب والنقاب ات ال ي دل دائم ا على‬
‫فعاليتهن وتمثيلهن للنساء ولقضاياهن‪ .‬فحزب االس تقالل مثال ال ذي يعت بر حزب ا‬
‫محافظا وتقليديا‪ ،‬كان أول حزب مغربي وصلت فيه المرأة لمراك ز قيادي ة بنس بة‬
‫‪ °/°10‬سنة ‪ 1982‬دون أن يعني ذل ك أن إيديولوجي ة الح زب تض من دفاع ا عن‬
‫رأة‪.‬‬ ‫وق الم‬ ‫حق‬
‫وفيما يخص نسبة تمثيلية النساء في أجهزة األحزاب‪ ،‬اختارت بعضها نسبة أق ل‬
‫من الثلث‪ ،‬وتب نى بعض ها اآلخ ر الثلث المنص وص علي ه في الق انون التنظيمي‬
‫لألحزاب في المادة ‪ .26‬وتبقى المناصفة سواء في األجهزة الحزبية والنقابي ة أو‬
‫في أجهزة الدولة أفقا بعيد المدى وصعب المنال‪ .‬وهذا ما تدل عليه نسب حض ور‬
‫زاب(‪:)10‬‬ ‫ة لألح‬ ‫زة القيادي‬ ‫رأة في األجه‬ ‫الم‬
‫‪ -‬حزب االستقالل‪ :‬خصص ‪ °/°30‬من بين ‪ 100‬عضو ينتخبهم المجلس الوطني‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة المركزي‬ ‫كيل اللجن‬ ‫لتش‬
‫‪ -‬ح زب التجم ع الوط ني لألح رار‪ :‬بل غ تمثي ل النس اء في المكتب السياس ي‬
‫‪°/°28,57‬‬
‫‪ -‬حزب الحركة الشعبية‪ :‬لم تتجاوز نس بة تمثيلي ة النس اء في قيادت ه ‪°/°13,63‬‬
‫‪ -‬ح زب األص الة والمعاص رة‪ :‬بلغت تمثيلي ة النس اء في المكتب ة السياس ي‬
‫‪( °/°35,71‬تج اوز الح زب النس بة المطلوب ة قانوني ا وهي الثلث)‪.‬‬
‫‪ -‬االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية‪ :‬بلغت تمثيلي ة النس اء في المكتب السياس ي‬
‫‪( °/°34,37‬تج اوز الح زب النس بة المطلوب ة قانوين ا وهي الثلث)‪.‬‬

‫تنتاج‪:‬‬ ‫اس‬

‫إن قل ق المص طلح‪ ،‬واالنتق ال من النض ال السياس ي على أس س الكوني ة إلى‬


‫اإلصالح القانوني على أساس تكريس دور الدولة‪ ،‬وتخبط األحزاب والنقابات في‬
‫تمثيلية شكلية ال تعبر فعال عن مضمون البعد النضالي الحداثي للحرك ة النس ائية‬
‫من جهة‪ ،‬وتجاهلها لمطالب النس اء من جه ة أخ رى‪ ،‬وع دم اح ترام الدول ة لم ا‬
‫أقرته وأنجزته‪ ،‬بسبب غياب آليات للمتابع ة والزج ر‪ ،‬وف رض تط بيق المحت وى‬
‫الدس توري ومض امين الق وانين المتعلق ة بالمناص فة‪ ،‬ك ل ذل ك يجع ل من مب دأ‬
‫المناصفة كآلية للمشاركة السياسية وسيلة هشة وأداة غير فعالة وآلي ة ق د ترت د‬
‫ض د النس اء أنفس هن ب الرغم من أنه ا الح ل األك ثر لمعان ا اآلن واألك ثر واقعي ة‬
‫ة‪.‬‬ ‫وبراغماتي‬

‫بي‬ ‫ان قص‬ ‫حن‬

‫هـــــــــوامـــــــــش‪:‬‬

‫‪)1‬‬
‫‪Laure Frank, Mouvements contestataires dans le monde -‬‬
‫‪arabe et jeu d’échelles :-limit-es à la lecture‬‬
‫‪transnationaliste et explication des particularismes, Green‬‬
‫‪.Lab,‬‬ ‫‪n°‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪2,‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪)2‬‬
‫‪ -‬اختالط التعايش‪ :‬حضور الرجال والنساء في مك ان العم ل م ع اهتم ام ك ل فئ ة‬
‫ها‪.‬‬ ‫ب جنس‬ ‫ا حس‬ ‫ة به‬ ‫ا بمهن خاص‬ ‫منهم‬
‫‪ -‬اختالط مهيأ له‪ :‬يق وم الرج ال والنس اء بنفس العم ل ولكن دون أن يع ني ذل ك‬
‫أنهم يقومون بنمس المهام‪،‬أي يتم توجيه كل طرف حسب الخصائص التي تعت بر‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة في‬ ‫فطري‬
‫‪ -‬اختالط غ ير متم يز‪ :‬يق وم الرج ال والنس اء ينفس المه ام وف ق ش روط عم ل‬
‫ال‪.‬‬ ‫الح الرج‬ ‫ون لص‬ ‫ط يك‬ ‫ة لكن في محي‬ ‫مماثل‬
‫‪ -‬اختالط التعاون‪ :‬يكون فيه تقس يم فعلي للعم ل بين النس اء والرج ال ينتج عن ه‬
‫تفاع ل ونق ل للكف اءات الخاص ة بك ل ف رد لتط وير مج ال العم ل‪.‬‬
‫‪)3‬‬
‫‪Francine Demichel, Recueil. Dalloz Sirey, Paris, 1996 -‬‬
‫‪)4‬‬
‫استعمل التمي يز اإليج ابي ألول في الوالي ات المتح دة األمريكي ة س نة ‪ 1961‬من‬
‫طرف الرئيس كيني دي‪ ،‬وفي س نة ‪ ،1965‬س َّن ال رئيس جونس ون أم را تنفي ذيا‬
‫يف رض على أرب اب العم ل الت ابعين للحكوم ة اتب اع سياس ة التمي يز اإليج ابي‬
‫للتوظيف بغض النظر عن العرق وال دين واألص ل الق ومي‪ ،‬وأض يف الجنس إلى‬
‫قائمة مناهضة التمي يز س نة ‪ .1968‬وتم إدخ ال التمي يز اإليج ابي في العدي د من‬
‫ة‪.‬‬ ‫ق الدولي‬ ‫ات والمواثي‬ ‫االتفاقي‬
‫‪)5‬‬
‫ت دخل األنش طة التالي ة في المش اركة السياس ية‪ :‬التص ويت‪ ،‬الترش يح‪ ،‬النق اش‬
‫السياسي‪ ،‬تنظيم المؤتمرات والن دوات والمش اركة فيه ا‪ ،‬المش اركة في الحمالت‬
‫االنتخابي ة‪ ،‬االنتم اء للجمعي ات واألح زاب والنقاب ات‪ ،‬االتص ال بالمس ؤولين‪،‬‬
‫الترشح للمناصب العامة‪ ،‬تقلد المناصب السياسية‪ ،‬التظاهر‪ ،‬اإلض راب‪ ،‬مقاطع ة‬
‫ات‪.)...‬‬ ‫االنتخاب‬
‫(*)‬
‫ص امويل هنتنجت ون (‪ )Samuel Huntington( )2008 - 1927‬ع الم‬
‫سياسي أميركي‪ ،‬دّر س في جامعة هارفارد م دة ‪ 58‬عام ًا‪ ،‬مفك ر محاف ظ‪ُ .‬ع رف‬
‫على الصعيد العالمي بأطروحته بعنوان صراع الحض ارات ‪ ،)1993‬وال تي تق ول‬
‫بأن صراعات ما بعد الح رب الب اردة س تتمحور ح ول االختالف الثق افي وال ديني‬
‫بين الحضارات الكبرى في العالم‪ .‬وكانت أطروحته هذه ردا مباشرًا على أطروحة‬
‫تلميذه فرانسيس فوكوياما التي اش تهرت بـ "نهاي ة الت اريخ واإلنس ان األخ ير"‬
‫(ومفادهها حسب فوكوياما أن نهاية الحرب الباردة ستعقبها سيطرة الديمقراطية‬
‫الم‪.‬‬ ‫ة في الع‬ ‫ة على األنظم‬ ‫الليبرالي‬
‫‪)6‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫باإلنجليزي‬
‫( ‪Convention on the Elimination of All Forms of‬‬
‫‪)Discrimination‬‬ ‫‪Against‬‬ ‫‪Women,‬‬ ‫‪CEDAW‬‬
‫ية‪:‬‬ ‫وبالفرنس‬
‫‪Convention sur l élimination de toutes les formes de‬‬
‫‪discrimination‬‬ ‫‪à‬‬ ‫‪l‬‬ ‫‪égard‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪femmes‬‬
‫لكن االختص ار اإلنجل يزي ه و األك ثر انتش ارا واس تعماال‪.‬‬
‫‪)7‬‬
‫اآلية ‪ 36‬من سورة آل عمران – ألفت الباحثة التونس ية ألف ة يوس ف كتاب ا تحت‬
‫ية‪.‬‬ ‫ة الجنس‬ ‫األنثى" في الهوي‬ ‫ذكر ك‬ ‫وان‪" :‬وليس ال‬ ‫عن‬
‫‪)8‬‬
‫سيلفيان أغاسنسكي ‪ :Sylviane Agacinski‬فيلسوفة فرنسية‪ ،‬ازدادت س نة‬
‫‪ ، 1945‬زوجها هو ليونيل جوسبان الوزير األول االشتراكي السابق‪ ،‬لها ولد من‬
‫دا‪.‬‬ ‫اك دري‬ ‫وف ج‬ ‫الفيلس‬
‫‪)9‬‬
‫‪ -‬إل يزابيث رودينس كو ‪( Elisabeth Roudinesco‬محل ل نفس ية)‪" :‬هن اك‬
‫خطر يكمن في أن تخت ار النس اء ألنهن نس اء‪ ،‬وليس لكف اءتهن‪ ،‬ب الرغم من أن‬
‫االنتخاب ات ترتك ز على األفك ار وليس على الهوي ة الجنس ية"‪.‬‬
‫‪ -‬ك ارولين إلياش اف ‪(Carline Eliacheff‬محل ل نفس ي)‪" :‬ال يمكن إدخ ال‬
‫نين"‪.‬‬ ‫ل المواط‬ ‫ي في تمثي‬ ‫ون الجنس‬ ‫المك‬
‫‪ -‬إرين تيري ‪( Irène Théry‬عالمة اجتماع)‪" :‬إن المناصفة تختزلنا النتمائنا‬
‫الجنسي كذكور وإناث‪ ،‬ف الوقت الذي نتصرف ككائنات بشرية كوني ة في عالق ة‬
‫ة"‪.‬‬ ‫المواطن‬
‫‪ -‬ميش ال ري وت سارس اي ‪( Michèl Riot-Sarcey‬مؤرخ ة)‪" :‬إن مب دأ‬
‫المناص فة يعي دنا إلى الفك رة ال تي تق ول إن النس اء لس ن أف رادا يتمتعن بكام ل‬
‫مكون ات األف راد‪ ،‬وإنم ا هن فئ ة متم يزة من المواط نين"‪.‬‬
‫‪ -‬دوميني ك ش نابر ‪( Dominique Schnapper‬عالم ة اجتم اع)‪" :‬كلن ا‬
‫مختلف ون عن بعض نا البعض‪ ،‬ولكنن ا نش به بعض نا البعض كمواط نين"‪.‬‬
‫‪)10‬‬
‫تعزيز دور األحزاب والنقابات في النهوض بالمشاركة السياسية والعامة للنساء‪،‬‬
‫إعداد سهام النجارـ وريم الحلواس غربالـ ‪.2014‬‬

‫حنان_قصبي (هاشتاغ)‪#‬‬

You might also like