Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫‪T.

Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬

‫‪online access : https://revues.imist.ma/index.php/ReMaDiP‬‬


‫‪ISSN Electronic Edition : 2737-8063‬‬

‫التفكي اإلبداع‬
‫ر‬ ‫المهارات الحياتية بالمدرسة المغربية‪ :‬مدخل لتنمية‬

‫د‪ .‬طارق غرماوي‬


‫‪Corresponding author‬‬ ‫المركز الجهوي لمهن ر‬
‫التبية والتكوين لجهة ر‬
‫الشق‬
‫‪Received 25 May.. 2023‬‬
‫‪Revised 02 Jun. 2023‬‬
‫‪R e v u e M a r o c a i n e d e D i d a c ti q u e e t P é d a g o g i e‬‬

‫‪Accepted 13 Jun. 2023‬‬


‫‪R e s e a r c h Revue Marocaine de Didactique et Pédagogie‬‬

‫‪MOTS CLES‬‬ ‫ملخص‪ :‬تسىع األنظمة ر‬


‫التبوية إىل تحقيق النمو الشامل والمتكامل للمتعلم‪ ،‬وتلبية احتياجاته الفردية‬
‫األنظمة ر‬ ‫ً‬
‫التغيت الفاعل‪،‬‬
‫ر‬ ‫التبوية‪،‬‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬واالرتقاء بإمكاناته ليترصف بنجاعة وفعالية ف حياته اليومية‪ ،‬ويكون قادرا عىل التكيف‬
‫المهارات الذاتية‪ ،‬تنمية المهارات‬ ‫التغيت الفاعل واإليجاب ف بيئته االجتماعية‪ .‬وف هذا السياق‪،‬‬
‫ر‬ ‫والتطور‪ ،‬ومواجهة التحديات‪ ،‬وإحداث‬
‫الحياتية‪،‬‬ ‫التفكت‬ ‫تندرج العناية ر‬
‫المتايدة بالمهارات الحياتية ف المناهج التعليمية المعارصة‪ ،‬وف مقدمتها مهارة‬
‫ر‬
‫المدرسة الجديدة المنفتحة‬ ‫وبوتتة متسارعة عىل نحو‬
‫ر‬ ‫اإلبداع‪ ،‬باعتبار اإلبداع أحد المطالب الملحة ف عالم ال يفتأ يتجدد باستمرار‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والدامجة‪ ،‬المنهاج الدراس‬ ‫فضاء تربويا مناسبا يوفر للمتعلم فرص تنمية جوانبه‬ ‫غت مسبوق‪ .‬ذلك أن فضاء المدرسة يمثل‬ ‫ر‬
‫الشخصية‪ ،‬ويمكنه من المهارات الذاتية التخاذ القرارات الصائبة‪ ،‬وحل المشكالت الطارئة ف سياقات‬
‫ً‬
‫التدبت الناجع والرشيد لتفاصيل الحياة المختلفة‪ ،‬بشكل يعينه عىل أن يكون فاعال‬
‫ر‬ ‫معقدة‪ ،‬ويقدره عىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ومنتجا خالقا ف مجتمعه‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬حرص المنهاج الدراس ببالدنا عىل إدراج أنشطة تنمية‬
‫ر‬
‫يتماس مع‬ ‫تعلمي منذ السنوات األوىل للتمدرس بما‬
‫ر‬ ‫ستورة إعداد المتعلمات والم‬‫المهارات الحياتية ف ر‬
‫الغايات الكتى لنظام ر‬
‫التبية والتكوين‪ ،‬ويعزز أدوار المدرسة المغربية الجديدة المنفتحة والدامجة ر‬
‫الت‬
‫المتعلمي فرص االندماج الناجح ف الحياة العملية‪ ،‬ويستجيب لحاجات المجتمع المغرب‬
‫ر‬ ‫تمنح‬
‫المتجددة وتطلعاته المستقبلية‪ .‬الورقة اآلتية تروم إبراز دور إدراج المهارات الحياتية ف المنهاج الدراس‬
‫المتعلمي‪ ،‬وتتغيا الوقوف عىل مختلف المجاالت والفرص‬
‫ر‬ ‫التفكت اإلبداع لدى‬
‫ر‬ ‫المغرب ف تنمية‬
‫المتعلمي‪ ،‬وشحذ حسهم اإلبداع‪ ،‬وتعزيز‬
‫ر‬ ‫لترصيف مهارة اإلبداع ف األنشطة المدرسية لتفتيق مدارك‬
‫ميوال تهم االبتكارية‪.‬‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪93‬‬


‫‪ .1‬تقديم‬
‫تسىع األنظمة ر‬
‫التبوية إىل تحقيق النمو الشامل والمتكامل للمتعلم‪ ،‬وتلبية احتياجاته الفردية واالجتماعية‪ ،‬واالرتقاء بإمكاناته ليترصف بنجاعة‬
‫ً‬
‫لتغيت الفاعل واإليجاب ف بيئته االجتماعية‪ .‬وف هذا‬
‫وفعالية ف حياته اليومية‪ ،‬ويكون قادرا عىل التكيف والتطور‪ ،‬ومواجهة التحديات‪ ،‬وإحداث ا ر‬
‫التفكت اإلبداع‪ ،‬باعتبار اإلبداع أحد المطالب‬ ‫السياق‪ ،‬تندرج العناية ر‬
‫المتايدة بالمهارات الحياتية ف المناهج التعليمية المعارصة‪ ،‬وف مقدمتها مهارة‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فضاء تربويا مناسبا يوفر للمتعلم فرص‬ ‫غت مسبوق‪ .‬ذلك أن فضاء المدرسة يمثل‬ ‫وبوتتة متسارعة عىل نحو ر‬
‫ر‬ ‫الملحة ف عالم ال يفتأ يتجدد باستمرار‬
‫تدبت الناجع‬
‫تنمية جوانبه الشخصية‪ ،‬ويمكنه من المهارات الذاتية التخاذ القرارات الصائبة‪ ،‬وحل المشكالت الطارئة ف سياقات معقدة‪ ،‬ويقدره عىل ال ر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والرشيد لتفاصيل الحياة المختلفة‪ ،‬بشكل يعينه عىل أن يكون فاعال ومنتجا خالقا ف مجتمعه‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬حرص المنهاج الدراس ببالدنا‬
‫ر‬
‫يتماس مع الغايات الكتى لنظام‬ ‫والمتعلمي منذ السنوات األوىل للتمدرس بما‬
‫ر‬ ‫ستورة إعداد المتعلمات‬
‫عىل إدراج أنشطة تنمية المهارات الحياتية ف ر‬
‫المتعلمي فرص االندماج الناجح ف الحياة العملية‪ ،‬ويستجيب‬ ‫الت تمنح‬ ‫ر‬
‫التبية والتكوين‪ ،‬ويعزز أدوار المدرسة المغربية الجديدة المنفتحة والدامجة ر‬
‫ر‬
‫لحاجات المجتمع المغرب المتجددة وتطلعاته المستقبلية‪ .‬والورقة اآلتية تروم إبراز دور إدراج المهارات الحياتية ف المنهاج الدراس المغرب ف تنمية‬
‫المتعلمي‪،‬‬
‫ر‬ ‫المتعلمي‪ ،‬وتتغيا الوقوف عىل مختلف المجاالت والفرص لترصيف مهارة اإلبداع ف األنشطة المدرسية لتفتيق مدارك‬
‫ر‬ ‫التفكت اإلبداع لدى‬
‫ر‬
‫وشحذ حسهم اإلبداع‪ ،‬وتعزيز ميوال تهم االبتكارية‪.‬‬

‫‪ .2‬مفهوم المهارات الحياتية‪:‬‬


‫التبوية أو لدى صناع السياسات الثقافية واالجتماعية‪ .‬ر‬
‫ويأب هذا‬ ‫عرف مفهوم المهارات الحياتية انتشارا واسعا ف العقدين األختين سواء ف األوساط ر‬
‫ر‬
‫المتايد بالمهارات الحياتية ف سياق كوب يتسم بتطور تكنولوج متسارع‪ ،‬وثورة معلوماتية فائقة‪ ،‬وتنافس اقتصادي محتدم أرج بظالله عىل‬ ‫االهتمام ر‬

‫الخريجي لمواجهة التحديات‪ ،‬والتكيف اإليجاب مع متطلبات القرن‬ ‫كافة المناشط الحياتية‪ ،‬وفرض عىل األنظمة ر‬
‫التبوية توجيه جهودها إلعداد‬
‫ر‬
‫الجديد‪ ،‬ومواجهة تداعياته‪ ،‬وإقدارهم عىل تحقيق أهدافهم بنجاح‪ .‬وتعرف المهارات الحياتية بكونها‪" :‬مهارات إدارة الحياة‪ ،‬والتكيف مع الذات‪،‬‬
‫المتغتات الحادثة ومع متطلبات الحياة؛ بحيث تجعل الفرد قاد ًرا عىل تحمل المسؤولية‪ ،‬ومواجهة المشكالت‪ ،‬ومقابلة التحديات ر‬
‫الت‬ ‫ر‬ ‫والتعايش مع‬
‫يفرضها العرص‪ ،‬وتزيد ف الوقت ذاته من ثقته بنفسه‪ ،‬وتحقيق االتصال الفعال مع اآلخرين‪ ،‬والتفاعل اإليجاب مع متطلبات الحياة اليومية"‪ 1‬وتعرف‪،‬‬
‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬بكونها‪" :‬القدرة عىل حل المشكالت الحياتية الشخصية أو االجتماعية‪ ،‬أو مواجهة تحديات يومية‪ ،‬أو إجراء تعديالت و تحسينات ف أسلوب‬
‫ونوعية حياة الفرد والمجتمع"‪ .2‬وكانت منظمة الصحة العالمية ف العام‪ 1993‬قد عرفت المهارات الحياتية بأنها‪ ":‬قدرة الفرد عىل الحفاظ عىل حياة‬
‫عقلية جيدة بتبت سلوك مناسب وإيجاب ف تعامله مع اآلخرين ومع ثقافته ومحيطه"‪ .3‬وف إطار مبادرة "المهارات الحياتية ر‬
‫والتبية عىل المواطنة"‬
‫)الت أطلقتها اليونيسيف عرفت المهارات الحياتية بكونها‪ ":‬المهارات القابلة للنقل ر‬
‫الت تسمح ل ألفراد بمواجهة الحياة اليومية وبالنمو وبالنجاح‬ ‫(‪ LSCE‬ر‬
‫ف المدرسة‪ ،‬وف العمل‪ ،‬وف حياتهم االجتماعية"‪ .4‬وقد حدد المكتب الدوىل ر‬
‫للتبية التابع لليونسكو المهارات الحياتية من خالل المحاور األربعة‬
‫للتعليم العرصي‪ :‬مهارات اإلدارة(كتقدير الذات والثقة بالنفس)‪ ،‬والمهارات اإلدراكية(اتخاذ القرار وحل المشكالت)‪ ،‬والمهارات االجتماعية( التواصل‬
‫المشتك(التخطيط والقيادة)‪ .5‬يتضح لنا من خالل التعريفات السابقة أن المهارات الحياتية مجال واسع من المهارات‬ ‫ر‬ ‫والتفاوض)‪ ،‬ومهارات العمل‬
‫التغتات الحادثة ف الحياة‬
‫ر‬ ‫الشخصية‪ ،‬والوجدانية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والمهنية ر‬
‫الت تمكن الفرد من تفعيل كل ما لديه من طاقات كامنة للتعامل مع‬
‫وتحسي أدائه المهت واالجتماع‪.‬‬
‫ر‬ ‫المعارصة‪ ،‬والتكيف اإليجاب مع تطوراتها‪ ،‬ومواجهة التحديات اليومية‪،‬‬

‫‪ .3‬المهارات الحياتية ف المدرسة المغربية‪:‬‬


‫لقد سىع المغرب‪ ،‬عىل غرار دول كثتة ف العالم‪ ،‬إىل إدراج المهارات الحياتية ف المناهج التعليمية‪ ،‬وذلك ف سياق إصالح قطاع ر‬
‫التبية‬ ‫ر‬
‫والتكوين الذي يمثل الرهان األساس لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة‪ ،‬عىل اعتبار أن إصالح ر‬
‫التبية والتعليم هو باألساس استثمار ف‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪94‬‬


‫اإلستاتيجية لمواجهة تحديات العولمة ومتطلبات اقتصاد السوق ومقتضيات مجتمع المعرفة‪ ،‬وتعزيز‬ ‫ر‬ ‫البشي الذي يشكل ال رتوة الوطنية‬
‫الرأسمال ر‬
‫يتماس مع الغايات الكتى لنظام ر‬
‫التبية والتكوين‪،‬‬ ‫ر‬ ‫مكانة البالد عىل الصعيد العالم‪ .‬وف الحقيقة إن االهتمام بالمهارات الحياتية ف المدرسة المغربية‬
‫المتعلمي فرص االندماج الناجح ف الحياة العملية‪ ،‬ويستجيب لحاجات المجتمع‬
‫ر‬ ‫الت تمنح‬‫ويعزز أدوار المدرسة المغربية الجديدة المنفتحة والدامجة ر‬
‫ً‬
‫متماشيا مع ما جاء ف الميثاق الوطت ر‬ ‫المغرب المتجددة وتطلعاته المستقبلية‪ .‬كما ر‬
‫للتبية‬ ‫يأب االهتمام بالمهارات الحياتية ف المدرسة المغربية‪،‬‬
‫ويتماس هذا االهتمام أيضا مع ما جاء ف الرؤية‬ ‫ر‬ ‫والتكوين خصوصا المادة ‪ 68‬منه المتعلقة بـ"اكتساب الكفايات الذاتية والتقنية والمهنية"‪.‬‬
‫عشة المتعلقة بتطوير نموذج بيداغوج قوامه التنوع واالنفتاح والنجاعة واالبتكار‪ ،‬والرافعة الرابعة‬ ‫ر‬
‫اإلستاتيجية ‪ 2030-2015‬خصوصا الرافعة الثانية ر‬
‫ُّ‬
‫تنص عىل ترسيخ مجتمع المواطنة والديمقراطية والمساواة‪ .‬كما‬ ‫عشة ر‬
‫الت‬ ‫عشة المتعلقة بالنهوض بالبحث العلم والتقت واالبتكار‪ ،‬والرافعة الثامنة ر‬
‫ر‬

‫نش المعرفة والعلوم‬ ‫ُّ‬


‫ينص ف مادته الثالثة عىل ر‬ ‫نجده حارصا ضمن القانون اإلطار رقم ‪ 51-17‬المتعلق بمنظومة ر‬
‫التبية والتكوين والبحث العلم الذي‬
‫ومواكبة التحوالت والمستجدات ر‬
‫الت تعرفها مختلف ميادين العلوم والتكنولوجيا والمعرفة‪ ،‬باإلضافة إىل التطوير المستمر للنموذج البيداغوج‬
‫المعتمد ف المنظومة بكل مكوناتها والعمل عىل تجديده‪ ،‬بما يمكن المتعلم من اكتساب المهارات المعرفية األساسية والكفاية الالزمة‪ .‬وهو حارص أيضا‬
‫ً‬
‫وتحديدا ر‬
‫المشوع الثامن المتعلق بتطوير النموذج البيداغوج حيث نجد‬ ‫ف ما نصت عليه حافظة المشاري ــع المتعلقة بتتيل أحكام القانون اإلطار‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التنصيص عىل رصورة إدماج المهارات الحياتية ف منهاج كل األسالك الدراسية‪ .‬ولي كانت المهارات الحياتية تعد‪ ،‬اليوم‪ ،‬مفهوما جديدا ف الخطاب‬
‫التبوي والتعليم بالمغرب‪ ،‬فإن مضامينه وأنشطته وتطبيقاته ليست باألمر الجديد؛ ذلك أن تفحص الكفايات الخاصة بكل مادة دراسية‪ ،‬وبكل سلك‬ ‫ر‬

‫التبوية ف المنظومة‬‫الت أصبحت أداة لتنظيم المناهج وتنظيم الممارسة ر‬


‫تعلم‪ ،‬يقودنا إىل االستنتاج بوجودها بشكل متضمن ف هذه الكفايات ر‬
‫ر‬
‫‪R e v u e M a r o c a i n e d e D i d a c ti q u e e t P é d a g o g i e‬‬

‫حت التطبيق‪ .‬وقد حدد الكتاب األبيض خمس كفايات أساسية للمنهاج الدراس المغرب‪ ،‬وه‪:‬‬ ‫التعليمية مع دخول الميثاق الوطت للتبية والتكوين ر‬
‫ر‬
‫اإلستاتيجية أو كفايات الوع بالذات‪ ،‬والكفايات التواصلية والمتعلقة بالتواصل الفعال مع الذات ومع اآلخرين‪ ،‬و الكفايات الثقافية‬ ‫الكفايات‬
‫والمرتبطة بالوع بمكونات الذات الثقافية ف تفاعلها مع الحضارة اإلنسانية‪ ،‬والكفايات المنهجية والمرتبطة بتنمية القدرات العقلية العليا‪ ،‬والكفايات‬
‫التكنولوجية والمرتبطة بالتحكم ف المهارات الرقمية وتوظيفها‪ ،‬باإلضافة إىل ترسيخ قيم العقيدة اإلسالمية وقيم الهوية الحضارية وقيم المواطنة؛‬
‫‪R e s e a r c h Revue Marocaine de Didactique et Pédagogie‬‬

‫المتعلمي منها إلقدارهم عىل التكيف مع المحيط االجتماع‪ ،‬وتحقيق االندماج المهت‪ ،‬واالستجابة لمتطلبات‬
‫ر‬ ‫تمكي‬
‫ر‬ ‫حيث يسىع النظام التعليم إىل‬
‫سوق الشغل‪ ،‬واالرتقاء بهم إىل مستوى اإلبداع والخلق واإلنتاج الجيد‪ .‬وإذا تأملنا ف الكتب المدرسية المقررة ف مختلف المواد التعليمية‪ ،‬وما ر‬
‫تقتحه‬
‫ً‬
‫المتعلمي‪ ،‬بدءا من السنوات‬
‫ر‬ ‫مضامي وأنشطة تعليمية‪-‬تعلمية‪ ،‬نجدها تعت ف العمق عن وع مصمم المقررات الدراسية برصورة تدريب‬
‫ر‬ ‫من‬
‫التعليمية األوىل‪ ،‬عىل ممارسة هذه المهارات وتطويرها لديهم‪.‬‬

‫يبق هو نفسه؛ إذ إنه يرتبط ربتجمة ما يكتسبه المتعلم ف المدرسة إىل أفعال‬ ‫وسواء أتعلق األمر بكفايات أم بمهارات حياتية‪ ،‬فإن المضمون ر‬
‫ر‬ ‫َّ َّ‬
‫وإنجازات وسلوكات عملية ف مختلف أوجه الحياة‪ .‬إال أن تقديم المهارات الحياتية باعتباره مفهوما قائما ف حد ذاته‪ ،‬والت ر‬
‫كت عليها ف المنهاج التعليم‬
‫ً‬
‫الت من أجلها تم استقدام هذا المفهوم إىل الحقل ا رلتبوي وف‬ ‫تحقيقا للغايات ر‬ ‫سيقوي‪ ،‬ال محالة‪ ،‬من حضورها واالشتغال بها ف المدرسة المغربية‬
‫مقدمتها الرفع من مردودية األداء البيداغوج بإعطاء معت للمعرفة المدرسية‪ ،‬وربط فضاء المدرسة بالحياة العملية‪ ،‬واستحداث دينامية جديدة ف‬
‫ً‬
‫تحقيقا لهذه الغاية أطلقت مديرية المناهج بوزارة ر‬ ‫طرق التدريس‪ ،‬ودعم التعلمات داخل الفصول الدراسية وجعلها ر‬
‫التبية الوطنية‬ ‫أكت جاذبية‪.‬‬
‫مشوع "مهار راب"‬
‫والتكوين المهت والتعليم العاىل والبحث العلم ف إطار برنامج التعاون مع منظمة اليونيسيف الموقع بتاري ــخ ‪ 2016 /12/22‬ر‬

‫المتعلمي من المهارات الحياتية والمواطنة بسلك التعليم الثانوي اإلعدادي‪ ،‬وذلك عت تكييف األنشطة التعليمية‪ -‬التعلمية المتضمنة ف‬ ‫ر‬ ‫لتمكي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫المقتحة ف اإلطار المفاهيم للمهارات الحياتية األساسية‪ ،‬ويتعلق األمر بالبعد المعرف‬ ‫مختلف المواد الدراسية باالرتكاز عىل األبعاد التعليمية األربعة‬
‫ر‬
‫الذاب أو" تعلم الفرد ليكون"‪ ،‬والبعد االجتماع أو"التعلم للعيش مع‬ ‫أو "التعلم من أجل المعرفة"‪ ،‬والبعد الفعال أو" التعلم من أجل العمل"‪ ،‬والبعد‬
‫الت تعزز لديهم النجاح المدرس‬‫اهقي والشباب بسلك التعليم الثانوي اإلعدادي بالمهارات والقيم ر‬ ‫ر‬ ‫اآلخرين"‪ .‬ويتوج ر‬
‫مشوع "مهاراب" تزويد المر ر‬
‫واالنتماء االجتماع والمهت‪ ،‬وتقوي عندهم تشبعهم بقيم المواطنة‪ ،‬وبالتاىل تعدهم لالندماج اإليجاب والفعال ف محيطهم السوسيو‪ -‬اقتصادي ف‬
‫انسجام تام مع غايات نظام ر‬
‫التبية والتكوين القائم عىل إعداد جيل متمسك بالثوابت الوطنية‪ ،‬ومتصف باالستقامة والتاهة‪ ،‬ومتحل بقيم االعتدال‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪95‬‬


‫والتسامح‪ ،‬وشغوف بطلب العلم والمعرفة وتنمية مهارات تطوير الذات‪ ،‬ومتوقد لالطالع واإلبداع‪ ،‬ومطبوع بروح المسؤولية والمبادرة اإليجابية‬
‫مشوع "مهار راب" إىل‪:‬‬
‫لإلسهام ف حيوية نهضة البالد الشاملة‪ .‬وباإلضافة إىل ما سبق يهدف ر‬

‫تحسي‬
‫ر‬ ‫ترصيد المبادرات والتجارب الوطنية والدولية‪ ،‬من أجل تعزيز تعليم المهارات الحياتية والمواطنة لما لها من آثار إيجابية عىل‬ ‫▪‬
‫التعلمات‪ ،‬واستحداث دينامية متجددة لطرق التدريس‪ ،‬ودعم التعلمات داخل الفصول الدراسية؛‬

‫تيست انتقال التلميذات والتالميذ من مرحلة الطفولة إىل مرحلة البلوغ واالنخراط ف الحياة المهنية؛‬
‫ر‬ ‫▪‬

‫المشوع مجالي للتدخل عىل النحو ر‬


‫اآلب‪:‬‬ ‫وقد حدد ر‬
‫ر‬

‫والمدرسي من خالل تقديم مقاربات تعليمية‪-‬تعلمية داعمة لتطوير أساليب وطرائق مبتكرة تعزز التمكن من المهارات‬
‫ر‬ ‫‪ -1‬تعزيز قدرات المدرسات‬
‫الحياتية والمواطنة؛‬
‫َّ‬
‫الالصفية كامتداد لألنشطة الصفية لتعزيز التكامل بينهما‪.‬‬ ‫‪ -2‬تطوير المهارات الحياتية والمواطنة من خالل األنشطة‬

‫وقد تم االعتماد ف هذا ر‬


‫المشوع عىل مقاربة تشاركية ترتكز عىل تشكيل لجان جهوية تخصصية لكل مادة دراسية مدعومة بلجنة تقنية مركزية‪،‬‬
‫توفت أدوات عمل من خالل ترصيد التجارب الوطنية‬
‫خبت وطت مكلف بتنسيق أعمال اللجان الجهوية ودعم قدراتها مع ر‬ ‫وذلك بمواكبة ر‬
‫وبإشاف ر‬
‫والدولية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الشق األوسط وشمال أفريقيا‪ ،‬قد ر‬ ‫وكانت منظمة اليونسف‪ ،‬ف نطاق عملها بمنطقة ر‬
‫اقتحت إطارا مفاهيميا وبرنامجيا إلدماج مهارات الحياة‬
‫عشة مهارة حياتية رئيسية‪ ،‬ر‬
‫متابطة فيما بينها‪ ،‬ومنظمة حول أربعة أبعاد وه‪ :‬التعلم‪ ،‬قابلية‬ ‫اثنت ر‬
‫والمواطنة ف وضعيات التعليم والتعلم‪ ،‬وتبنت ر‬

‫تمكي الذات‪ ،‬المواطنة الفعالة‪.‬‬


‫ر‬ ‫التوظيف‪،‬‬

‫والتفكت النقدي‪ ،‬وحل المشكالت‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتفاوض‪ ،‬وصنع القرارات‪ ،‬وإدارة الذات‪ ،‬والصمود‪،‬‬ ‫ر‬ ‫أما المهارات المستهدفة فتتمثل ف‪ :‬اإلبداع‪،‬‬
‫بتغيت ف المناهج أو ف المحتوى التخصص‬ ‫المشوع‪ ،‬ال يتعلق‬ ‫ر‬
‫واحتام التنوع‪ ،‬والتعاطف‪ ،‬والمشاركة‪ .‬وحري بالتنبيه أن األمر‪ ،‬ف إطار هذا ر‬ ‫والتواصل‪،‬‬
‫ر‬
‫كت عليها للرفع‬ ‫ر‬
‫للمواد الدراسية‪ ،‬وال بإحداث مادة دراسية جديدة‪ ،‬وإنما بتسليط الضوء عىل هذه المهارات المتضمنة ف التامج الدراسية القائمة والت ر‬
‫التبية الوطنية عىل بث كبسوالت تلفزية تكوينية وتعليمية‪،‬‬ ‫من حظوظ النجاح المدرس واإلدماج االجتماع‪ .‬وف هذا المسىع‪ ،‬كذلك‪ ،‬عملت وزارة ر‬
‫باللغتي العربية والفرنسية‪ ،‬حول اكتساب المهارات الحياتية وتعزيز منظومة القيم بعضها ُم َّ‬
‫وجه للعموم‪ ،‬خاصة ف سياق ر‬
‫فتة الحجر الصح‪ ،‬وبعضها‬ ‫ر‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪96‬‬


‫تحسي التعلمات‪ ،‬واستحداث دينامية متجددة لطرق التدريس ودعم‬ ‫التبوية واإلدارية بالسلك الثانوي اإلعدادي بغاية‬ ‫اآلخر ُم َّ‬
‫وجه للتالميذ واألطر ر‬
‫ر‬
‫التعلمات داخل الفصول الدراسية‪ .‬وقد وضعت مختلف الموارد الرقمية المنجزة ف فضاء خاص عىل بوابة(‪.)taalim TICE‬‬

‫عشة المتعلقة ربتسيخ‬ ‫اإلستاتيجية لإلصالح ر‬


‫التبوي‪ ،2030-2015‬وخاصة الرافعة الثامنة ر‬ ‫ر‬ ‫وف إطار جهود وزارة ال رتبية الوطنية لتتيل الرؤية‬
‫مجتمع المواطنة والديمقراطية والمساواة‪ ،‬وتفعيال لالتفاقية ر‬
‫الت أبرمتها مع الرابطة المحمدية للعلماء وبرنامج األمم المتحدة للتنمية بتاري ــخ‪:‬‬
‫مشوع" دعم تعزيز التسامح والسلوك المدب والمواطنة والوقاية من السلوكات المشينة بالوسط المدرس"(‪)APT2C‬‬ ‫‪ 2018/03/23‬تبنت الوزارة ر‬
‫الرام إىل التفعيل األمثل لألندية ر‬
‫التبوية وتزويدها بوسائل العمل الرصورية‪ ،‬بغية تعزيز السلوك المدب والمواطنة لدى التلميذات والتالميذ‪.‬‬
‫ر‬
‫اإلستاتيجية‬ ‫وف الموسم الدراس ‪ 2021/2022‬أصدرت مديرية المناهج بوزارة ر‬
‫التبية الوطنية المنهاج الدراس الجديد لمواكبة الرؤية‬
‫التبية والتكوين؛ حيث تم إدراج أنشطة المهارات الحياتية بهدف إعداد‬‫‪ ،2030/2015‬وتتيال لمقتضيات القانون اإلطار ‪ 51.17‬المتعلق بمنظومة ر‬

‫والمتعلمي منذ السنوات األوىل من التعليم لمواجهة مواقف الحياة اليومية بشكل إيجاب والتمكن من اتخاذ القرار المناسب‪ ،‬والتغلب‬
‫ر‬ ‫المتعلمات‬
‫الت أصبحت تفرض نفسها نتيجة الطفرة الهائلة ر‬
‫الت حدث ف عرصنا الحاىل‪ ،‬خاصة ف ميادين العلوم والتكنولوجيا‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫عىل المشكالت ر‬

‫والمتعلمي فرص اكتساب القيم و الكفايات المؤهلة لالندماج ف‬


‫ر‬ ‫تعزيز أدوار المدرسة المغربية الجديدة المنفتحة والدامجة ر‬
‫الت تمنح المتعلمات‬
‫الحياة العملية‪ ،‬وإظهار النبوغ مما يضمن تزويد المجتمع بالكفاءات واألطر القادرة عىل خلق تنمية شاملة ومستدامة عىل جميع المستويات‪.‬‬
‫ً‬
‫وانسجاما مع الفرص ر‬
‫الت يتيحها االشتغال عىل المهارات الحياتية من ربط عمىل ربي التعلمات المرتبطة بالمواد الدراسية المختلفة‪ ،‬وأنشطة الحياة‬
‫‪R e v u e M a r o c a i n e d e D i d a c ti q u e e t P é d a g o g i e‬‬

‫المدرسية لتعزيز الممارسات السليمة‪ ،‬تم إعداد تصور جديد يقارب إدماج المهارات الحياتية ف المنهاج الدراس عت المداخل اآلتية‪:‬‬

‫مدخل مستعرض‪ :‬من خالل المواد الحاملة لهذه المبادئ ف انسجام وتواز مع أهداف كل مادة عىل حدة‪.‬‬ ‫•‬

‫مدخل مستقل‪ :‬عت إفراد حصة زمنية قارة ضمن الغالف الزمت للتعلم‪.‬‬ ‫•‬
‫‪R e s e a r c h Revue Marocaine de Didactique et Pédagogie‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫مجاال خصبا للممارسة وتطوير المهارات الحياتية‪.‬‬ ‫مدخل الحياة المدرسية؛ إذ تعد الحياة المدرسية بكل أبعادها‬ ‫•‬

‫التبية عىل السالمة الطرقية إلكساب المتعلم سلوكات مرورية صحيحة‬ ‫التكت عىل مجاالت بعينها لتنمية مهارات حياتية بعينها وه‪ :‬مجال ر‬ ‫وتم ر‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫َّ ً‬ ‫احتام مبادئ السالمة الطرقية‪ ،‬ومجال ر‬
‫وتعويده عىل ر‬
‫فعاال ومسؤوال عن مستقبله‪،‬‬ ‫التبية المالية والرصيبية والمقاوالتية إلعداد المتعلم ليكون مواطنا‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫المشوع الشخص لتطوير قدرة المتعلم عىل وضع أفكار مستقبلية‪،‬‬ ‫واستشاف‬ ‫ومساهما ف الرفع من اقتصاد وطنه‪ ،‬ومجال استكشاف المهن‬
‫ً‬
‫فعليا ف الواقع‪ .‬ومما ال شك فيه أن برمجة المهارات الحياتية ف المدرسة المغربية تشكل أداة لالرتقاء بالمنظومة ر‬
‫التبوية‪ ،‬ورافعة‬ ‫والتخطيط لبلورتها‬
‫الخريجي عىل‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫فضاء يعمل عىل تطوير شخصية المتعلم ف جميع جوانبها‪ ،‬ويساعد‬ ‫أساسية للتحديث وتعميق المواطنة تعزز دور المدرسة لتصبح‬
‫االندماج ف المجتمع‪ ،‬ويعينهم عىل التكيف مع تقلبات الحياة والحصول عىل مستقبل آمن‪.‬‬

‫التفكي اإلبداع‪:‬‬
‫ر‬ ‫‪ .4‬تنمية مهارة‬

‫للتفكت باتباعه أنماطا جديدة"‪ 6‬تفص إىل‬


‫ر‬ ‫التفكت اإلبداع "االستجابة ر‬
‫الت يبديها الفرد ف قدرته عىل التخلص من النسق العادي‬ ‫ر‬ ‫يقصد بمهارة‬
‫التفكت‬
‫ر‬ ‫فالتفكت اإلبداع هو عملية عقلية موجهة وهادفة تتحرر من أنماط‬
‫ر‬ ‫تحقيق إنتاج يتصف بالجدة واألصالة والفائدة بالنسبة للفرد والمجتمع‪.‬‬
‫الشائعة وتمارس بفعالية للوصول إىل حلول جديدة تنطوي عىل نفع وفائدة‪ .‬والتفكت اإلبداع يتكون من عدة مهارات نجملها ر‬
‫كاآلب‪:‬‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫والمتادفات (الطالقة اللغوية) بشأن موضوع‬ ‫‪-‬الطالقة وه القدرة عىل إنتاج أكت قدر ممكن من البدائل واألفكار (الطالقة الفكرية)‬ ‫•‬
‫واحد؛‬

‫بتغت المواقف والوضعيات؛‬


‫التفكت فيه ر‬
‫ر‬ ‫تغيت زاوية النظر إىل الموضوع وأسلوب‬
‫‪-‬المرونة وه القدرة عىل ر‬ ‫•‬
‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪97‬‬
‫غت المسبوقة؛‬
‫‪-‬األصالة وه القدرة عىل إنتاج األفكار الجديدة وتقديم الحلول ر‬ ‫•‬

‫‪-‬التوسيع وه القدرة عىل إضافة تفاصيل جديدة ومتنوعة إىل الموضوع‪.‬‬ ‫•‬
‫ً‬
‫والموهوبي‪ ،‬بل هو فعالية توجد عند كل الناس وبدرجات‬
‫ر‬ ‫وتشت الدراسات ف مجال علم نفس اإلبداع إىل أن اإلبداع ليس حكرا عىل فئة األذكياء‬
‫ر‬
‫تتمت بالجدة والنجاعة والمالءمة‪ ،‬كما تؤكد‪ ،‬ف الوقت ذاته‪ ،‬أن اإلبداع ال‬
‫متفاوتة‪ ،‬فكل شخص بمكنه أن يتعامل مع المواقف المختلفة بكيفية ابتكارية ر‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫والموسيق والشعر والسينما والمشح‪ ،‬بل يطال‪ ،‬أيضا‪ ،‬المجاالت المهنية‪ ،‬والعالقات االجتماعية‪ ،‬وإدارة‬ ‫يعت ميادين بعينها من مثل ميادين التصوير‬
‫َّ‬
‫التغيت المتسارع ف الحياة المعارصة ف مختلف قطاعاتها يتطلب ِمنا أن‬
‫ر‬ ‫الشؤون الشخصية‪ ،‬والمواقف الحياتية‪ ،‬وتلفت هذه الدراسات االنتباه إىل أن‬
‫ر‬
‫التفكت اإلبداع يتأثر بمجموعة من العوامل النفسية‪ ،‬والتبوية‪ ،‬والمدرسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والبيئية‪،‬‬ ‫نتعاىط مع المشكالت بطريقة إبداعية‪ ،‬وأن‬
‫ر‬
‫والثقافية‪ ،‬وأن القدرات اإلبداعية‪ ،‬يمكن تنميتها وتطويرها من خالل الرعاية والتدريب والتشجيع منذ المراحل األوىل من عمر الطفل‪. 7‬‬

‫التفكت اإلبداع باعتبارها من أهم المهارات الحياتية ر‬


‫الت تسهم ف إعداد األفراد لمواجهة المستقبل‪ ،‬بكل ما‬ ‫ر‬ ‫والحقيقة أن المدرسة تراهن عىل مهارة‬
‫تغتات وتحديات‪ ،‬وذلك من خالل تمكينهم من مفاتيح النجاح العمىل‪ ،‬وتدريبهم عىل ابتكار الحلول الفعالة للمشاكل الطارئة سواء ف بيئة‬
‫يطرحه من ر‬
‫التفكت بطريقة تعينهم عىل االبتكار واإلبداع والتغلب عىل‬
‫ر‬ ‫الباحثي من يرى أن"تنمية قدرة الطلبة عىل‬
‫ر‬ ‫العمل أو ف الحياة االجتماعية‪ ،‬بل إن هناك من‬
‫‪8 .‬‬ ‫الت تواجههم تمثل الغاية النهائية ر‬
‫للتبية "‬ ‫مشاكل الحياة ر‬

‫الحقيق للمدرسة هو إبداع جيل خالق ومبدع يشارك ف ر‬


‫شت مجاالت المعرفة‪ ،‬و يسهم ف تقدم بلده‪ ،‬وف بناء الحضارة اإلنسانية‪،‬‬ ‫ر‬ ‫إن الرهان‬
‫ويكون قاد ًرا عىل إبداع الحلول للمواقف اليومية المعقدة والمشكالت الحياتية ر‬
‫الت ر‬
‫تعتضه‪ .‬لذلك أصبح إدماج البعد اإلبداع ف كل المقررات الدراسية‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التفكت اإلبداع هدفا أساسيا لكل مادة دراسية‪ ،‬ولكل برنامج دراس سواء أتعلق األمر بالمواد األدبية أم‬
‫ر‬ ‫مطلبا ملحا ومستعجال؛ بحيث تكون مهارة‬
‫ً‬
‫العلمية أم التقنية‪ ،‬أو تعلق بالتخصصات النظرية أم التطبيقية‪ .‬ونظرا لكون المهارات الحياتية منهجية عملية وتفاعلية وتعليمية‪ ،‬فإنها تربط أنشطة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مي‪ ،‬مما يعط للتعلمات ُبعدا وظيفيا وتطبيقيا ينعكس عىل واقع المتعلم‪ .‬ولهذه الغاية نجد‬ ‫التفكت اإلبداع بالحياة اليومية وحاجات المتعل ر‬
‫ر‬
‫الوضعيات التعليمية المستندة إىل المهارات الحياتية تنطلق من حياة المتعلم وواقعه المعيش مما يعط معت للتعلمات‪ ،‬ويضق النجاعة والفاعلية‬
‫عىل الممارسة التعليمية‪ .‬ولعل االنشغال القائم اليوم يتمثل ف بناء وضعيات ديداكتيكية وبيداغوجية محفزة‪ ،‬وتقديم تصورات عملية لتنمية مهارة‬
‫والمتعلمي‪.‬‬ ‫وتيست تملكها من قبل المتعلمات‬ ‫التفكت اإلبداع ف المنهاج ر‬
‫التبوي المغرب الحاىل‪ ،‬ومن خالل أنشطة الحياة المدرسية‪،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫التفكي اإلبداع ف درس اللغات‪:‬‬


‫ر‬ ‫‪ .5‬تنمية مهارات‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫التفكت اإلبداع ف درس اللغات بالمدرسة المغربية‪ ،‬باعتبار اللغة مجاال خصبا لتنمية هذا النوع‬
‫ر‬ ‫تقتح هذه الورقة االشتغال عىل تنمية مهارة‬
‫التفكت‪ ،‬لوجود عالقة تالزمية ربي اللغة والفكر؛ فمن خالل اللغة تتكون أفكار اإلنسان‪ ،‬وبــها ريتجم كل ما يقوم به من عمليات عقلية من مثل‬
‫ر‬ ‫من‬
‫وغتها‪ .‬هذا فضال عن كون ممارسة اللغة تنم لدى المتعلم القدرة عىل التنوي ــع والتفي‬‫والتفست‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والموازنة‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬والتقييم ر‬
‫ر‬ ‫الوصف‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ف أساليب التعبت تحدثا وكتابة‪ ،‬وإبداعا للصور الفنية‪ ،‬ر‬
‫لتعابت جديدة تتخلص من األنماط اللغوية المألوفة‪ ،‬كما‬
‫ر‬ ‫وافتاعا لالنزياحات اللغوية‪ ،‬واستحداثا‬ ‫ر‬
‫تفكت المتعلم‬
‫ر‬ ‫تنم لديه القدرة عىل إنتاج نصوص ذات وظيفة جمالية وفنية مبتكرة‪ .‬وبناء عىل ما سلف تفص تنمية اإلبداع اللغوي إىل تنمية‬
‫ً‬
‫كثتا من الدراسات ر‬ ‫ً‬
‫عموما ف ر‬
‫التبوية العلمية الجادة‪ ،‬أثبتت أن‬ ‫شت مجاالت المعرفة‪ ،‬خاصة أن ر‬ ‫وإبداعيته‪ ،‬بحيث كلما زاد اإلبداع اللغوي زاد اإلبداع‬
‫المتعلمي ف‬
‫ر‬ ‫التفوق ف تملك اللغة‪ ،‬يرتبط بالتفوق ف تحصيل المواد الدراسية األخرى‪ .‬وفيما يىل بعض األنشطة التعليمية التعلمية الكفيلة بتدريب‬
‫درس اللغات عىل ممارسة المهارات اإلبداعية‪ ،‬وتمكينهم من تملكها‪:‬‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪98‬‬


‫األنشطة الكفيلة بتنميتها‬ ‫المهارة اإلبداعية‬
‫‪ -‬توظيف الكلمات ف أكت عدد ممكن من سياقات دالة‪.‬‬
‫ـ ‪-‬استبدال كلمات النص بكلمات أخرى‪،‬‬ ‫مهارة تنمية المعجم اللغوي‬
‫‪ -‬توليد أكت عدد ممكن من الكلمات الدالة عىل المعت نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬ر‬
‫اقتاح أكت عدد من العناوين البديلة لعنوان النص‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة صياغة مضمون النص بلغة المتعلم‪.‬‬
‫التعبت الكتاب‪،‬‬
‫ر‬ ‫التعبت الشفه استعدادا الستعمالها ف‬
‫ر‬ ‫‪ -‬استعمال أساليب متنوعة ف‬ ‫‪ -‬مهارة الطالقة‬
‫‪ -‬ر‬
‫اقتاح حلول مختلفة للمشكلة ر‬
‫الت يطرحها النص‪،‬‬
‫معي‪،‬‬
‫‪ -‬طرح أكت عدد من األسئلة حول موضوع ر‬
‫‪ -‬إثارة النقاشات والحوارات داخل حجرة الدرس‪،‬‬
‫غته‬ ‫ر‬
‫‪ -‬تحويل النص الشعري إىل نص نتي أو لوحة فنية‪ ،‬أو ر‬
‫ـ مشحة النصوص المقروءة‬
‫ـ لعب األدوار‬
‫‪ -‬النظر إىل الموضوع من زوايا مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬امتداح الفكرة الواحدة وذمها‪.‬‬
‫‪R e v u e M a r o c a i n e d e D i d a c ti q u e e t P é d a g o g i e‬‬

‫‪ -‬التنوي ــع ف األساليب اللغوية‪.‬‬


‫تفستات متعددة للظاهرة الواحدة‪.‬‬
‫ر‬ ‫‪ -‬تقديم‬ ‫مهارة المرونة‬
‫‪ -‬تقبل األفكار الغريبة وعدم نقدها والسخرية منها‪.‬‬
‫‪R e s e a r c h Revue Marocaine de Didactique et Pédagogie‬‬

‫مثتة للنقاش‪.‬‬
‫‪ -‬إثارة أفكار جديدة وموضوعات ر‬
‫‪ -‬تخيل حكاية عجيبة‪ ،‬وإنتاج نصوص تحاك قصص الخيال العلم‪...‬‬
‫‪ -‬إنتاج أفكار جديدة ومناقشتها‪.‬‬
‫غت تقليدية للمشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬ابتكار حلول ر‬
‫التعبت باستعمال الصور البالغية المختلفة‪.‬‬
‫ر‬ ‫‪-‬‬ ‫مهارة األصالة‬
‫‪ -‬استعمال االنزياحات المعجمية واألسلوبية‪.‬‬
‫التعبت عن وجهة النظر الشخصية بأسلوب رائق‪....‬‬
‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫ـ إنتاج نص عىل غرار نص سابق‬
‫‪ -‬إبداع نص جديد‪،‬‬
‫‪ -‬البحث عن األفكار الجزئية والفرعية ألفكار النص األساسية‪،‬‬
‫‪ -‬إضافة أمثلة واستشهادات جديدة إىل النص‪.‬‬
‫‪ -‬إضافة شخصيات جديدة إىل النص‪.‬‬ ‫التوسع‬
‫تغيت بناء النص‬
‫ــ ر‬
‫‪ -‬تخيل نهايات أخرى للنص (خاصة النصوص الحكائية والقصصية)‪...‬‬
‫غت متوقعة‬
‫ـ استكمال النص بالتوجه به نحو آفاق ر‬
‫ـ تفري ــع النص حسب الشخصيات أو األحداث أو الزمان‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪99‬‬


‫وتجدر اإلشارة إىل أن التدريب عىل اإلبداع يقتص خلق فضاء تربوي إيجاب ومحفز يتم رت باالنفتاح والمرونة‪ ،‬ويتسامح مع الخطإ‪ ،‬ويجعل‬
‫المتعلم عىل درجة عالية من الثقة واالستعداد واالنشغال بموضوع التعلم‪ ،‬كما يقتص اعتماد ر‬
‫استاتيجيات تدريسية تقوم عىل فاعلية المتعلم ومشاركته‬
‫ر‬
‫الذاب‪.‬‬ ‫ر‬
‫وإستاتيجية التأليف ربي األشتات‪ ،‬واللعب الدرام‪ ،‬والتعلم‬ ‫ر‬
‫وإستاتيجية الحل اإلبداع للمشكالت‪،‬‬ ‫ر‬
‫كإستاتيجية العصف الذهت‪،‬‬ ‫ف فعل التعلم‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن المدرسة المغربية مطالبة بإيالء التدريب عىل ممارسة المهارات اإلبداعية اهتماما أكت خاصة بعد أن أضحت تمثل ف عرصنا هذا هدفا‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫استاتيجيا لتنمية شخصية المتعلم بكيفية متوازنة ومتكاملة‪ ،‬ومساعدته عىل التكيف مع متطلبات العرص‪ ،‬وحل المشكالت‪ ،‬واالندماج اإليجاب‬
‫المدرسي من تملك مفهوم المهارات الحياتية‪ ،‬وتطوير قدراتهم ف مجال تنمية المهارات‬
‫ر‬ ‫تمكي‬
‫ر‬ ‫والفعال ف المجتمع‪ .‬ولتحقيق هذه األهداف‪ ،‬يقتص‬
‫تضمي المناهج التعليمية ما َي ُه ّم تنمية المهارات الحياتية‪ ،‬مع رصورة ربط المهارات اإلبداعية‬
‫ر‬ ‫اإلبداعية عىل نحو أخص‪ ،‬كما يقتص استكمال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كثتا من‬
‫باستخدام التكنولوجيا باعتبارها متحكمة ف مفاصل الحياة الحديثة‪ ،‬وباعتبار العيش ف المستقبل مرهونا بامتالك ناصية التقنية‪ ،‬ونظرا ألن ر‬
‫المهن مهددة باالنقراض ما لم يتم دمج تلك المهن ضمن التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬

‫الهوامش واإلحاالت‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد حسن عبد العاطي ودعاء محمد مصطفى‪ ،‬المهارات الحياتية‪ ،‬دار السحاب للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2008،‬ص‪.20:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أبو حماد ناصر الدين إبراهيم‪ ،‬المهارات الحياتية الشخصية‪-‬االجتماعية –المعرفية‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمان األردن‪ ، 2017 ،‬ص‪.22:‬‬


‫‪- Helene Beaucher, Les compétences de vie: une priorité internationale ,Revue internationale d’éducation de 3‬‬
‫‪94sèvres ,N87,septembre 2021,p: 01‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-idem-‬‬

‫‪ -‬الحقيبة التكوينية لمشروع‪ :‬دعم االرتقاء بقيم التسامح والسلوك المدني والمواطنة والوقاية من السلوكيات المشينة في الوسط‬ ‫‪5‬‬

‫المدرسي(‪ ،)APT2C‬و ازرة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬ص‪.11-10:‬‬

‫‪ ‬انظر‪ :‬محمد زمراني والسعيد الزاهري‪ ،‬المهارات الحياتية في المدرسة المغربية‪ :‬واقع وأفاق التجربة‪ ،‬المجلة المغربية للتقييم والبحث‬
‫التربوي‪ ،‬العدد ‪ ،06‬دجنبر‪.2021 ،‬‬
‫وانظر‪ :‬المصطفى والي علمي‪ ،‬درجة تضمين مهارات التفكير الناقد في درس القراءة بكتب اللغة العربية يالثانوي التأهيلي‪volume ،‬‬
‫‪revue langues, cultures et sociétés, 06,numéro 02,decembre 2020‬‬
‫‪ ‬النشرة اإلخبارية لو ازرة التربية الوطنية ‪ ،2018‬يوم دراسي حول المهارات الحياتية والمواطنة ضمن المنهاج الدراسي للتعليم الثانوي‬
‫اإلعدادي‪ ،‬على الرابط‪:‬‬

‫= ‪https://aref-sm.men.gov.ma/Ar//Pages/DetailActualite.aspx?ActuID=25n8zOjOjt4‬‬

‫بالغ إخباري لو ازرة التربية الوطنية حول إنتاج كبسوالت تأطيرية في مجال المهارات الحياتية‪ ،‬بتاريخ ‪،08‬يونيو ‪ 2020‬على الرابط‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪https://www.men.gov.ma/Ar/Pages/Publication.aspx?IDPublication=5992‬‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪100‬‬


‫المذكرة الو ازرية ‪132×19‬بتاريخ ‪06‬ديسمبر ‪ 2019‬في موضوع مشروع دعم تعزيز التسامح والسلوك المدني والمواطنة والوقاية من‬ ‫‪‬‬

‫السلوكات المشينة بالوسط المدرسي ‪APT2C‬‬


‫‪ -‬زيتون عايش محمود‪ ،‬تنمية اإلبداع والتفكير اإلبداعي في تدريس العلوم‪ ،‬المطابع التعاونية‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،1987 ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫ص‪.11:‬‬

‫‪ -‬انظر‪ :‬مصطفى حجازي‪ ،‬علم النفس والعولمة‪ :‬رؤى مستقبلية في التربية والتنمية‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪.2001،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬األغا إحسان‪ ،‬اللؤلؤ فتيحة‪ ،‬تدريس العلوم‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة‪ ،2005 ،‬ص‪.15 :‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪R e v u e M a r o c a i n e d e D i d a c ti q u e e t P é d a g o g i e‬‬
‫‪R e s e a r c h Revue Marocaine de Didactique et Pédagogie‬‬

‫‪T. Gharmaoui, 2023 Volume 3 Issue 2, Page 93-101‬‬ ‫‪101‬‬

You might also like