المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 310

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد البشير اإلبراهيمي – برج بوعريريج ‪-‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬
‫أطروحة لنيل شهادة دكتوراه ‪-‬الطور الثالث‪ -‬ل‪ .‬م‪ .‬د‬
‫تخصـــص قانون خاص‬
‫بعنــــــوان‪:‬‬

‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬


‫في التشريع الجزائري‬

‫إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب ‪:‬‬


‫أ‪ .‬كمال فرشة‬ ‫عادل بوبريمة‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫المؤسسة الجامعية‬ ‫الرتبة‬ ‫الصفة‬ ‫االسم واللقب‬


‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر قسم ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫رئيسا‬ ‫لخضر رفاف‬
‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ‬ ‫مشرفا ومقر ار‬ ‫كمال فرشة‬
‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر قسم ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫مناقشا‬ ‫محمد خضري‬
‫جامعة المسيلة‬ ‫أستاذ محاضر قسم ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫مناقشا‬ ‫كمال داود‬
‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر قسم ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫مناقشا‬ ‫عبد الحق ماني‬
‫جامعة برج بوعريريج‬ ‫أستاذ محاضر قسم ‪ -‬أ ‪-‬‬ ‫مناقشا‬ ‫حسين بن داود‬

‫السنة الجامعية ‪2023/ 2022 :‬‬


‫اإلهــــداء‬

‫اإلهـ ــداء‬

‫إلى ‪ :‬روح والدي رحمه هللا الذي كان يتمنى لي طوال حياته النجاح والتفوق‬

‫والدتي حفظها هللا وأطال في عمرها‬

‫إخوتي حفظهم هللا‬

‫زوجتي الكريمة‪،‬‬

‫ولدي العزيز محمد إياد‪،‬‬

‫بنتاي العزيزتين أسيل وآالء حفظهم هللا‬

‫جميع أصدقائي‪،‬‬

‫زمالء الدراسة وزمالء العمل‬

‫أهدي هذا الجهد‬

‫الباحث ‪ :‬بوبريمة عادل‪.‬‬


‫شكر وتقــدير‬

‫شكر وتقــدير‬

‫الحمد هلل رب العاملين الذي وفقني إلنجازهذه الدراسة ‪...‬وبعد‬

‫أتقدم بشكري الخاص وامتناني لألستاذ املشرف‬

‫د ‪ :‬فرشة كمال على كل ما قدمه لي طوال سنوات الدراسة بكلية الحقوق والعلوم‬

‫والسياسية بجامعة محمد البشيراإلبراهيمي ببرج بوعريريج‪ ،‬وعلى صبره عليا في‬

‫إنجازهذه الدراسة خاصة طول املدة التي استغرقتها وعلى نصائحه لي من أجل‬

‫النجاح في إنجازهذا البحث‪.‬‬

‫* كما أتقدم بالشكرلكل أساتذة الكلية كل باسمه وبرتبته ومقامه على الدعم‬

‫املعنوي الذي لقيته منهم‪.‬‬

‫* كما أتقدم بالشكرالجزيل والتقديرلكل األساتذة أعضاء لجنة املناقشة على‬

‫تفضلهم وتكرمهم بقراءة ومناقشة هذا البحث‪.‬‬

‫شكرا‬
‫مقدمة‬
‫مقدم ــة‬
‫مقدمــة‬
‫أدى التطور االقتصادي في العصر الحديث إلى توسيع األنشطة التجارية وظهور‬
‫كيانات اقتصادية في شكل مغاير والتي لم تعد تعتمد على األشخاص الطبيعية بالشكل‬
‫التقليدي المعروف‪ ،‬إذ أفرزت التحوالت االقتصادية تزايدا كبي ار في عدد األشخاص المعنوية‬
‫التي اتخذت شكل مؤسسات وشركات تجارية والتي تعاظم دورها ال سيما بعد أن أصبحت‬
‫تلك األشخاص المعنوية تتمتع بالحقوق وتتحمل االلتزامات‪ ،‬ومع مرور الوقت أصبحت تلك‬
‫ا لكيانات االقتصادية تخالف القواعد القانونية والتنظيمية بشكل يمس باألنظمة األمر الذي‬
‫دعى للتفكير في كيفية مسائلتها عن األفعال المخالفة للقانون التي ترتكبها‪ ،‬إال أن أفعال تلك‬
‫الكيانات االقتصادية تشكل في الكثير من األحيان وصف الجريمة وعليه لم تعد قواعد‬
‫المسؤولية المدنية التقليدية كافية لضبط النشاط الذي تقوم به‪ ،‬وأصبح التفكير في إقرار‬
‫المسؤولية الجزائية أم ار حتميا ينبغي البحث فيه‪.‬‬
‫ولقد رحبت المؤتمرات الدولية بفكرة التوسع في نطاق المسؤولية الجزائية في المجال‬
‫االقتصادي وأقرته في توصياتها‪ ،‬فأوصى المؤتمر العربي العاشر للدفاع االجتماعي الذي‬
‫خصصه لدراسة الجرائم الناجمة عن النمو االقتصادي على تقرير المسؤولية الجزائية‬
‫لألشخاص المعنوية الخاصة فضال عن مسؤولية ممثل الشخص المعنوي‪.‬‬
‫ونصت التوصية الثالثة (ب) للمؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما‬
‫عام ‪ 1953‬على أن ه "تتطلب المعاقبة على الجرائم االقتصادية توسعا في مفهوم الفاعل‬
‫وأنماط المساهمة اإلجرامية وإمكان تطبيق الجزاءات الجنائية على األشخاص المعنوية‪.‬‬
‫كما أصدرت اللجنة الو ازرية في المجلس األوروبي سنة ‪ 1988‬التوصية رقم ‪R88-‬‬
‫‪ 18‬حثت فيها الدول األعضاء على إقرار المسؤولية وتطبيق الجزاءات الجنائية على‬
‫المشروعات‪ ،‬عن الجرائم التي ترتكب أثناء مباشرة أنشطتها‪.‬‬
‫وتعتبر األشخاص المعنوية " مجموعة من األشخاص واألموال تهدف إلى تحقيق‬
‫غرض معين‪ ،‬يمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق هذا الغرض ويقرر لها‬

‫‪1‬‬
‫مقدم ــة‬
‫شخصية مستقلة عن شخ صية األفراد المكونين لها وأصحاب المصالح فيها ويمنحها الوسائل‬
‫الالزمة لتحقيق أغراضها‪.‬‬
‫كما أن القانون يعترف باألشخاص المعنوية كحقيقة قائمة ويحمي تصرفاتها المشروعة‪،‬‬
‫أما التصرفات غير المشروعة التي تشكل ضر ار على المجتمع فإنه يسائل عنها ويعاقب‬
‫عليها جزائيا‪.‬‬
‫كما أن ترك األشخاص المعنوية تعبث بالقوانين وتخالفها دون إقرار المسائلة الجزائية‬
‫عنها يؤدي إلى المساس بتنفيذ السياسة العقابية‪ ،‬لذلك بات من الضروري المسائلة والعقاب‬
‫على كل خطأ يرتكب أثناء ممارسة أنشطة األشخاص المعنوية‪.‬‬
‫وتأخذ األشخاص المعنوية عدة أشكال لعل أهمها هي الشركات التجارية وهي موضوع‬
‫دراستنا‪ ،‬والتي تعتبر أشخاص معنوية تمارس النشاط التجاري ولها ذمة مالية مستقلة عن‬
‫الذمة المالية لألشخاص الطبيعيين سواءا المالكين لها أو مسيريها‪.‬‬
‫وقد أصبحت الشركات التجارية النواة األساسية التي تقوم عليها التجارة نظ ار لكون‬
‫الشرك ة هي أهم محرك لرؤوس األموال‪ ،‬كما أن الشركات التجارية أصبحت اللبنة األساسية‬
‫لبناء اقتصادات الدول التي قطعت أشواطا متقدمة في التنمية االقتصادية ولذلك فإنه كان‬
‫من الضروري أن تحاط األخيرة باهتمام القائمين على شؤون االقتصاد من أجل تفعيل دور‬
‫الشركات في تحقيق ال تنمية المطلوبة‪ ،‬كما لقيت الشركات التجارية اهتمام رجال الفقه‬
‫القانوني الذين تناولوا هذا المفهوم بالدراسة والتحليل وأثر ذلك على التشريع‪ ،‬أين تدخل‬
‫المشرع في مختلف دول العالم من أجل سن نصوص قانونية تحدد اإلطار العام للشركة‬
‫التجارية‪.‬‬
‫ولعل أهم عنصر قانوني يجعل الشركة التجارية كيانا مغاي ار للتجار بمفهومه التقليدي‬
‫هو اعتراف المشرع لها بالشخصية المعنوية‪ ،‬وبالتالي أصبحت شخصا قانونيا له مجموعة‬
‫من الحقوق المترتبة عن منح الشخصية المعنوية من بينها اسم الشركة ومقرها االجتماعي‬
‫وكذا ذمتها المالية التي تتكون من مجموعة من األموال وهي التي تطور مفهومها أيضا‬

‫‪2‬‬
‫مقدم ــة‬
‫بتطور أشكال الشركات عبر الحقب المختلفة‪ ،‬ونظ ار ألن الشركة تهدف كما سبق بيانه إلى‬
‫استثمار رؤوس األموال من أجل تحقيق الربح فإنه كان على الشركاء التفكير في إدارتها‬
‫طالما أن لها مجموعة من األعمال التي تقوم بها‪ ،‬من أجل تحقيق غرضها بدأ بتأسيسها‬
‫وصوال إلى انحاللها‪ ،‬كما أن القانون تدخل ووضع مجموعة من القواعد القانونية اآلمرة التي‬
‫يتعين على الشركاء مراعاتها في تسيير وإدارة الشركة حسب طبيعتها القانونية وذلك للحفاظ‬
‫على تواجد الشركات التجارية على الميدان ألنها كما سبق بيانه اللبنة األساسية التي يقوم‬
‫عليها البناء االقتصادي ككل‪.‬‬
‫وطالما أن الشركة ينبغي أن يكون لها مسير أو مسيرين حسب طبيعتها فقد يرتكب‬
‫هؤالء أفعال مجرمة أثناء قيامهم بإدارة وتسيير الشركات وقد تكون تلك األفعال المجرمة‬
‫ارتكبت في حدود صالحيات المسيرين وقد ترتكب خارج صالحياتهم وقد ترتكب لفائدة‬
‫الشركة وقد ترتكب لتحقيق مصلحة المسيرين الشخصية‪ ،‬ونظ ار لطبيعة الشركات التجارية‬
‫كونها أشخاص معنوية فإنه ال يمكن مسائلة األخيرة بموجب أحكام المسؤولية الجزائية‬
‫التقليدية التي تعتمد على شخصية الفعل وشخصية الفاعل وهو ما دعا بالمشرعين إلى‬
‫تكريس قواعد قانونية ترتب نوع آخر من المسؤولية وهي المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫ولقد نتج عن تعقد تنظيم وإدارة الشركات التجارية وتعدد فروعها سواءا داخل البلد‬
‫الواحد أو عبر العالم وتشغيلها لعدد هائل من العمال وتوزيع األدوار فيها وتشابك‬
‫االختصاصات في سلسلة ال متناهية إلى أن أصبحت قوة نفوذ كبيرة في السوق العالمية‬
‫وأصبحت تلعب دو ار كبي ار ومؤث ار في الحياة االقتصادية وأصبحت قوة تؤثر حتى في رسم‬
‫السياسات االجتماعية‪ ،‬وهو األمر الذي جعلها تشكل قوة ضغط‪.‬‬
‫ولم يعد كافيا مسائلة األشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون أثناء تأدية أعمالهم لدى تلك‬
‫الشركات التجارية‪ ،‬وإنما أصبح من الضروري التفكير في موضوع المسؤولية الجزائية‬

‫‪3‬‬
‫مقدم ــة‬
‫للشركات التجارية وإقرار قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريعات‬
‫واألنظمة‪.‬‬
‫وبالنسبة للتشريعات فقد كان القانون اإلنجليزي من أقدم التشريعات التي أقرت‬
‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية بداية من سنة ‪ 1889‬إثر صدور قانون التفسير الذي‬
‫نص على عبارة "الشخص" الوارد في كل القوانين ويشمل الشخص المعنوي بما فيه الشركات‬
‫التجارية‪ ،‬ولم تقرر المسؤولية الجزائية للشركات التجارية كشخص معنوي صراحة في القانون‬
‫الفرنسي إال في سنة ‪ 1992‬بصدور قانون العقوبات الفرنسي الجديد بتاريخ ‪ 22‬جويلية‬
‫‪ ،1992‬وانتهت أغلب التشريعات في الوقت الحاضر إلى إقرار المسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية باعتبارها أشخاص معنوية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد تطرق للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب‬
‫األمر رقم ‪ 37-75‬المؤرخ في ‪ 1975-04-29‬المتعلق باألسعار وقمع المخالفات الخاصة‬
‫باألسعار دون أن يضع قواعد التجريم في قانون العقوبات‪ ،‬إال أنه وبموجب القانون رقم ‪-04‬‬
‫‪ 15‬المؤرخ في ‪ 2014-11-10‬المتضمن تعديل قانون العقوبات كرس المشرع الجزائري‬
‫المسؤولية الج ازئية للشخص المعنوي وحدد شروط قيامها وبذلك أصبح ممكنا مسائلة‬
‫األشخاص المعنوية جزائيا عن األفعال المجرمة التي ترتكب من طرف أجهزتها بمناسبة‬
‫قيامها بنشاطها اإلقتصادي‪.‬‬
‫وبعد أن كرس المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي أصبح هناك‬
‫نوعين من المسؤولية الج ازئية ‪ ،‬مسؤولية شخصية وهي المسؤولية التقليدية التي تتعلق‬
‫باألشخاص الطبيعيين ومسؤولية حديثة وهي المسؤولية الناجمة عن فعل التسيير وهي‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي‪ ،‬إال أنه باإلطالع على نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون‬
‫العقوبات فقد أجاز المشرع الجزائري للنيابة متابعة الشخص الطبيعي مع الشخص المعنوي‬
‫في آن واحد ولم يحدد الحاالت التي يمكن تطبيق هذه الحالة األمر الذي يدعونا للحديث عن‬
‫وجود ازدواجية في المسؤولية الجزائية عند ارتكاب جريمة من الجرائم المتعلقة بتسيير‬

‫‪4‬‬
‫مقدم ــة‬
‫الشركات التجارية وعليه فإنه يتعين البحث عن كيفية إسقاط القواعد القانونية المتعلقة‬
‫بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات التجارية باعتبار األخيرة أشخاص‬
‫معنوية وتحديد الحاالت التي يتم فيها متابعة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين في آن‬
‫واحد والحاالت التي يتم فيها متابعة فيها األشخاص الطبيعيين الممثلين الشرعيين للشركات‬
‫التجرية دون متابعة الشركات التي ينتمون إليها من خالل تحليل النصوص التي كرست‬
‫قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتطبيق ذلك على الشركات التجارية وهو ما‬
‫يطرح إشكاال قانونيا حول تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات‬
‫التجارية في التشريع الجزائري وازدواجية المسؤولية الجزائية بين مسؤولية األشخاص الطبيعية‬
‫ومسؤولية الشركات التجارية باعتبارها أشخاص معنوية‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن أسباب اختيار الموضوع فيرجع اختيار هذا الموضوع لدراسته في شكل أطروحة‬
‫دكتوراه لمجموعة من الدواعي الذاتية والموضوعية ‪ ،‬فبالنسبة لألسباب الموضوعية فإن‬
‫حداثة موضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في التشريع الجزائري من بين األسباب‬
‫التي تدفع للبحث في هذا المجال ‪ ،‬كذلك فإن من بين األسباب الموضوعية الغموض السائد‬
‫حول كيفية تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ‪ ،‬ويعتبر ارتباط موضوع‬
‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية بمجال البحث وهو القانون الجنائي لألعمال أحد‬
‫األسباب الموضوعية للبحث في هذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن الدوافع أو األسباب الذاتية للبحث في هذا الموضوع فتعتبر الرغبة الذاتية في‬
‫البحث في مجال الشركات التجارية بشكل عام وفي مجال المسؤولية الج ازئية للشركات‬
‫التجارية بشكل خاص إحدى هذه األسباب ‪ ،‬كذلك من بين األسباب الذاتية الرغبة في إنجاز‬
‫دراسة حديثة حول موضوع المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن أهمية الموضوع ف تمكن الدراسة من معرفة مدى سالمة إسقاط قواعد المسؤولية‬
‫الجزائية للشخص المعنوي على الشركات التجارية وذلك بعد تكريس المشرع الجزائري لقواعد‬
‫المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتمكن كذلك من اإلحاطة بجميع الجوانب المتعلقة بها‬

‫‪5‬‬
‫مقدم ــة‬
‫‪ ،‬نظ ار لكون الشركات التجارية هي األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص ‪ ،‬كما‬
‫الدرسة أيضا من إ ازلة اللبس الحاصل حول قواعد المسؤولية الجزائية للشركات‬
‫ا‬ ‫تمكن‬
‫التجارية من خالل تبيان القواعد المنظمة للشركات التجارية المرتبطة بالتشريع الجزائي ال‬
‫سيما فيما يتعلق بتحديد مفهوم أجهزة الشركات التجارية والممثلين القانونيين والشرعيين لها‬
‫واألشخاص التي يمكن أن تسند لها المسؤولية الجزائية عن األفعال التي ترتكبها الشركات‬
‫التجارية ‪ ،‬كما تمكن الدراسة أيضا من تبيان المسؤولية الجزائية المزدوجة في مجال‬
‫المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والتي تطرق لها المشرع الجزائري إذ أن قيام المسؤولية‬
‫الجزائية للشركة التجارية ال يعني إفالت األشخاص الطبيعيين التي تمثلها أو التي تسيرها من‬
‫المسائلة الجزائية كما أن قيام مسؤولية األشخاص الطبيعيين ليست من طبيعة واحدة فيمكن‬
‫أن يكون هؤالء فاعلين كما يمكن أن يكونوا شركاء وفقا للقواعد العامة للمسؤولية الجزائية‬
‫والتي لم يفصل فيها المشرع الج ازئري بالشكل الذي قام به بمناسبة سن قواعد المسؤولية‬
‫الجزائية في األحكام العامة للمسؤولية الجزائية في قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن منهج الدراسة فاعتمدنا على المنهج الوصفي في إنجاز هذه الدراسة إذ قمنا‬
‫بدراسة المفاهيم والمسائل القانونية التي تتعلق بموضوع الدراسة مثل مفهوم الشخص المعنوي‬
‫ومفهوم أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين ‪ ،‬كما اعتمدنا أيضا على منهج ثانوي‬
‫وهو المنهج التحليلي‪ ،‬إذ قمنا بتحليل النصوص القانونية المنظمة للمسؤولية الجزائية‬
‫للشركات التجارية انطالقا من موقعها ومن خالل سياقها القانوني للوصول إلى النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن أهداف الدراسة فتهدف إلى توضيح قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫وشروط قيامها والنتائج المترتبة عليها وفقا للتشريع الجزائري ‪ ،‬كما تهدف الدراسة لتبيان‬
‫نطاق المسؤولية الجزائية للشركات التجارية وفقا للتشريع الجزائري وتهدف أيضا لتوضيح‬
‫مفهوم المسؤولية المزدوجة في مجال المسؤولية الجزائية للشركات التجارية وفقا للتشريع‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدم ــة‬
‫‪ -‬أما عن الدراسات السابقة فقد تناول الباحثون مجموعة من الدراسات التي لها عالقة بنفس‬
‫المجال البحثي وهي‪:‬‬
‫‪ -‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون عام‪ ،‬االعتراف بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي في القانون الجزائري‪ ،‬الطالب أحمد الشافعي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2012/2011‬‬
‫أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون أعمال‪ ،‬المسؤولية الج ازئية للشخص المعنوي عن‬ ‫‪-‬‬
‫الجريمة االقتصادية‪ ،‬الطالبة بلعسلي ويزة‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2015/2014‬‬
‫‪01 - Nawel (B,K) Approche comparative franco-algerienne de la‬‬
‫‪responsabilité pénale du dirigeant de société commerciale, Thèse de‬‬
‫‪Doctorat en droit , école doctorale droit et sciences politiques,‬‬
‫‪Paris,2016.‬‬
‫‪02 - Youcef (A) , la responsabilité pénale des personnes morales,‬‬
‫‪Thèse de Doctorat en droit,faculté de droit et de sciences politiques‬‬
‫‪d ′ Aix – Marseille , france, 2010.‬‬
‫‪ -‬أما عن إشكالية الدراسة ‪ :‬بعد أن أقر المشرع الجزائري صراحة بالمسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي حاولنا أن نبحث عن مدى تطبيق قواعد هذه المسؤولية الجزائية على‬
‫الشركات التجاري من خالل إشكالية محورية تمثلت في‪:‬‬
‫إلى أي مدى يمكن تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات‬
‫التجارية في التشريع الجزائري ؟‬
‫‪ -‬أما عن تقسيم الدراسة ‪ ،‬ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة تكون من خالل الخطة‬
‫المنهجية التي تعتمد على التقسيم الثنائي الذي يجعل الموضوع متوازنا منهجيا‪ ،‬والتي قمنا‬
‫من خاللها في الباب األول بدراسة اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫والذي تم تقسيمه إلى فصلين‪ ،‬الفصل األول تناولنا فيه إسناد المسؤولية الجزائية للشركة‬

‫‪7‬‬
‫مقدم ــة‬
‫التجارية وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول خصصناه لدراسة مفهوم المسؤولية‬
‫الجزائية للشركة التج ارية وفي المبحث الثاني لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫وتطرقنا في الفصل الثاني لتحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها‬
‫وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول تناولنا فيه مفهوم شركات األشخاص وتحديد‬
‫أجهزتها وفي المبحث الثاني تطرقنا لمفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها‪ ،‬أما في الباب‬
‫الثاني تم من خالله دراسة النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية والذي‬
‫تم تقسيمه إلى فصلين‪ ،‬الفصل األول تعرضنا لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية وتم‬
‫تقسيم الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول تم التطرق لمتابعة الشركة التجارية قضائيا وفي‬
‫المبحث الثاني للعقوبات المقررة للشركة التجارية أما في الفصل الثاني تعرضنا فيه لقيام‬
‫المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين‪ ،‬المبحث األول‬
‫تطرقنا لمتابعة مسيري الشركات التجارية بناءا على مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية وفي‬
‫المبحث الثاني للعقوبات المقررة لمسيري الشركات التجارية‪.‬‬
‫لنأتي في النهاية إلى خاتمة تم تجسيد فيها مختلف النتائج المتوصل إليها من خالل‬
‫الدراسة وأهم التوصيات التي يمكن اقتراحها كحل لما تواجهه هذه الظاهرة على المستوى‬
‫التشريعي أو القضائي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الباب األول‪:‬‬
‫اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية‬
‫للشركات التجارية‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الباب األول‪ :‬اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‪.‬‬


‫إن التطور الذي عرفته الحضارة اإلنسانية السيما في العقود األخيرة وصلت ذروتها بحيث‬
‫استطاع اإلنسان أن يصل إلى فرض فكره ومنطقه على جل الظواهر سواء الطبيعية أو‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وذلك بانتقاله من مرحلة الحياة الفردية إلى الحياة االجتماعية‪ ،‬التي عمد خاللها‬
‫إلى فكرة التكتل في مجموعات سواء على الصعيد االجتماعي أو االقتصادي‪ ،‬في شكل‬
‫شركات تحقق طموحه االقتصادي وتسد العجز الذي واجهه في ظل الحياة الفردية‪.‬‬
‫وإذا كان النشاط الفردي الذي كان يقوم به اإلنسان قد أفرز في جوانبه السلبية بعض الجرائم‬
‫التقليدية القليلة األهمية‪ ،‬فإن هيمنة الشركات التجارية على جل الثروة المتواجدة على الساحة‬
‫االقتصادية‪ ،‬أدى إلى ظهور ج ارئم متعددة وجد خطيرة ال تعرفها القواعد الجزائية التقليدية‬
‫المعروفة‪.‬‬
‫نظ ار لهذه الخطورة التي تشكلها الجرائم المرتكبة من طرف الشركات على مصالح الفرد‬
‫والمجتمع‪ ،‬فإن ردع وقمع هذه الظاهرة لن يكون إال بإتباع سياسة جزائية محكمة تعمل على‬
‫مراقبة وتنظيم نشاط الشركات وفق قواعد تتالءم وطبيعة هذه الشخصية القانونية الجديدة‪،‬‬
‫وإقرار المسؤولية الجزائية لها من طرف المشرع بسن تشريعات قانونية من شأنها محاربة‬
‫جرائم الشركات التجارية التي ترتكب باسمها ولحسابها من طرف أعضائها أو ممثليها تعبي ار‬
‫عن إرادتها وقد تتحمل فيها المسؤولية منفردة أو مزدوجة بينها وبين ممثلها القانوني‪.‬‬
‫من خالل هذا الباب سنقوم بتسليط الضوء على اإلطار القانوني الذي يحكم هذه‬
‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية عبر بيان مفهوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫وشروط قيام هذه المسؤولية أين نتطرق في الفصل األول إلسناد المسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية‪ ،‬ونتطرق في الفصل الثاني ل تحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين‬
‫المسئولين جزائيا حسب طبيعتها القانونية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الفصل األول‪ :‬إسناد المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪.‬‬


‫إن اإلقرار بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يقودنا إلى البحث في مسؤولية‬
‫الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا تخضع لنفس القواعد التي يخضع لها الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬فمبدأ المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية من المواضيع الحديثة التي جاء بها‬
‫المشرع الجزائري بتعديل كل من قانون العقوبات رقم ‪ 15 - 04 :‬المؤرخ في ‪ 10 :‬نوفمبر‬
‫‪ ،2004‬وقانون اإلجراءات الجزائية رقم‪ 14- 04 :‬الصادر بالتاريخ نفسه قبل إق ارره‬
‫للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في بعض القوانين الخاصة والتي سنتطرق إليها في‬
‫حينها‪ ،‬واالعتراف بهذا المبدأ لم يأت من فراغ‪ ،‬بل سبقته تجاذبات فقهية منذ نهاية القرن‬
‫الماضي مع موقف قضائي خضع للتطور على ثالث مراحل ‪ :‬من إنكار مطلق إلى محاولة‬
‫التخفيف من غلو هذا اإلنكار‪ ،‬إلى التكريس الفعلي للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‪.‬‬
‫فضال عن بعض االستثناءات التشريعية وردت على المبدأ العام السائد والذي مفاده أن‬
‫القانون الجنائي ال يطبق إال على األشخاص الطبيعيين‪ ،‬والتي من خاللها تبلورت إشكالية‬
‫المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية والشركات التجارية في حالة ما إذا ارتكب أحد‬
‫ممثليها جريمة باسمه ولحسابه‪ ،‬وعليه سنعالج في هذا الفصل المسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية من خالل التطرق لمفهوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية في المبحث األول‬
‫وشروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬


‫إذا كانت المسؤولية الجزائية إلى وقت غير بعيد تخص الشخص الطبيعي وحده فإنها‬
‫أصبحت تخص الشخص المعنوي والشركة التجارية أيضا‪ ،‬حيث تعد الشركات التجارية أحد‬
‫أنواع األشخاص المعنوية التي تسأل جزائيا‪ ،‬في جميع التشريعات التي أقرت مبدأ المسؤولية‬
‫الجزائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬فيما اختلفت فيما بينها بشأن مدى خضوع باقي األنواع‬
‫(‪)1‬‬
‫األخرى لهذا المبدأ‪".‬‬
‫والمسؤولية الجزائية من النظريات األساسية في قانون العقوبات وعلى الرغم من‬
‫أهميتها فقد انصرف المشرع الجزائري عن رسم معالمها واكتفى باإلشارة إلى بعض أحكامها‬
‫في بعض النصوص والمتعلقة بموانع المسؤولية‪ ،‬حتى أن شروط المسؤولية الجزائية نفسها‬
‫لم تتم معالجتها في نصوص صريحة‪ ،‬مما استوجب تدخل الفقه ليحمل على عاتقه مهمة‬
‫(‪)2‬‬
‫استنباط هذه الشروط واستكشاف معالمها النظرية‪.‬‬
‫إن المسؤولية الجزائية باعتبارها مسؤولية قانونية يقصد بها ثبوت الجريمة إلى الشخص‬
‫الذي ارتكب فعال غير مشروع يصبح بمقتضاه مستحقا للعقوبة التي قررها القانون كونه أهال‬
‫لتحمل نتائج ف عله‪ ،‬فالمسؤولية الجزائية تقوم على أساس توافر ثالثة عناصر هي‪ :‬اإلدراك‬
‫والتمييز وحرية االختيار‪ ،‬فالقانون ال يعتد إال باإلرادة الحرة والمدركة والسليمة فهي مصدر‬
‫(‪)3‬‬
‫الخطر الذي يهدد المجتمع واألشخاص واألموال‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون المقارن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام ( دراسة مقارنة )‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪،2013،‬‬
‫ص‪.167‬‬
‫‪ -3‬محمد كمال الدين‪ ،‬المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص ‪.110‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وعليه سنتطرق إلى تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في المطلب‬
‫األول‪ ،‬وموقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في المطلب‬
‫الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية لدى الفقه القانوني‪.‬‬
‫نتطرق في هذا المطلب لفكرة تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫باعتبارها أشخاص معنوية على اعتبار أن الفكرة األصلية التي اهتم بها الفقه هي فكرة‬
‫المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتعتبر الشركات التجارية أشخاصا معنوية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد لم يجمع الفقهاء على رأي واحد حول مفهوم المسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي فهناك جانب من الفقه من أنكر بشدة إمكانية مسائلة الشخص المعنوي‬
‫جزائيا عن الجرائم التي ترتكب من طرفه‪ ،‬باعتبار أن المسؤول عنها هو الشخص الطبيعي‬
‫المرتكب ألركان الجريمة وهذا الرأي يمثل اتجاه الفقه التقليدي‪ ،‬أما الفقه الحديث فقد أجمع‬
‫على ضرورة مسائلة الشخص المعنوي جنائيا نظ ار لتطور العالقات االقتصادية واالجتماعية‬
‫وما صاحبه من تزايد في النشاط والتعامل التجاري‪ ،‬فبعد أن كان االقتصاد يقوم على‬
‫النشاط الفردي لألشخاص الطبيعيين أصبح يرتكز على تجمع األفراد والثروات في شكل‬
‫شركات ومؤسسات‪ ،‬وهذا الرأي أدى إلى تعاظم دور األشخاص المعنوية في مجال اإلنتاج‪،‬‬
‫التوزيع واالستهالك وظهور العديد من الجرائم االقتصادية التي أضرت بمصالح المجتمع‬
‫تفوق في خطورتها تلك الناجمة عن جرائم األشخاص الطبيعيين‪ ،‬مما يستوجب إقرار هذا‬
‫(‪)1‬‬
‫النوع من المسؤولية في مجال القانون الجنائي‪.‬‬
‫وعليه سنعرج على االتجاه المنكر لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة‬
‫التجارية في الفرع األول‪ ،‬وعلى االتجاه المؤيد لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫والشركة التجارية في الفرع الثاني‪.‬‬

‫‪ -1‬ويزة بلعسلي‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة االقتصادية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص‬
‫قانون أعمال‪ ،‬الطالبة‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬تاريخ المناقشة ‪ ،2014-05-14‬ص ‪.13‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الفرع األول‪ :‬اال تجاه المنكر لفكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫ظهر االتجاه المنكر للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القرن التاسع عشر‬
‫وبداية القرن العشرين‪ ،‬ويؤكد أنصاره على فكرة عدم صالحية الشخص المعنوي لتحمل‬
‫المسؤولية الجزائية والعقوبات المقررة لذلك‪ ،‬بل مسؤوليته تقتصر على المسؤولية المدنية فقط‬
‫أي على الجزاءات التي تستحق بسبب مباشرة نشاطه‪ ،‬وما يرتكبه ممثلوه من أفعال ضارة‬
‫على أساس أن هذه المسؤولية تقع على مال الشخص المعنوي وال تنطوي على تعارض مع‬
‫(‪)1‬‬
‫قواعد المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫وقد ساير هذا الموقف القضاء الفرنسي حيث تجلى ذلك في عدة أحكام قضائية لقضاة‬
‫محكمة النقض الفرنسية طبقا لقاعدة كان معموال بها بكثرة وهي أن الغرامة عقوبة وكل‬
‫عقوبة شخصية إال في حاالت استثنائية منصوص عليها قانونا‪ ،‬بالتالي ال يمكن أن تطبق‬
‫على شخص معنوي‪ ،‬الذي ال يمكن أن يساءل إال مدنيا‪ ،‬هذا االتجاه ال يشجع مبدأ مساءلة‬
‫الشخص المعنوي جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوه من األشخاص الطبيعيين حتى وإن‬
‫ارتكبت هذه الجرائم لحسابه ولمصلحته‪ ،‬بل أن ممثلو الشخص المعنوي هم المسؤولون‬
‫(‪)2‬‬
‫شخصيا عن هذه الجرائم وكأنهم ارتكبوها لحسابهم ولمصلحتهم الخاصة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن هناك جانب من الفقهاء يرى أنه رغم اعتراف القانون الروماني‬
‫بالشخص المعنوي إال أنه لم يقر مسؤوليته الجزائية وتوقيع الجزاءات الجزائية عليه‪ ،‬ألنه‬
‫بالنسبة للقانون الروماني فإن الشخص المعنوي ما هو إال افتراض أو مجاز ليست له إرادة‬
‫خاصة به ومضمون هذه النظرية أنه في المسائل الجنائية ال يجوز االفتراض‪ ،‬وعليه فإنه‬
‫من أجل تقدير مسؤولية الفاعل البد من دراسة شخصيته‪ ،‬ولمعرفة أهليته البد من معرفة‬

‫‪ - 1‬جمااال محمااود الحمااوي وأحمااد عبااد الاارحيم عااودة‪ ،‬المسااؤولية الجزائيااة للشااركات التجاريااة ‪ -‬د ارسااة تحليليااة‬
‫مقارنة‪ -‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان ‪-‬األردن‪ ، 2004،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 2‬إدوار غالي الذهبي‪ ،‬مجموعات بحوث قانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪، 1978،‬‬
‫ص‪.7‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ملكاته الذهنية عند ارتكاب الجريمة‪ ،‬وعالقة الملكات الذهنية بالنشاط المادي‪ ،‬وهو ماال‬
‫يمكن القيام به بالنسبة للشخص المعنوي‪.‬‬
‫فإذا ارتكبت جريمة معينة‪ ،‬تكون اإلرادة التي كانت وراءها هي إرادة من يمثل الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وهو مرتكب الخطأ وتقع عليه مسؤولية الفعل‪ ،‬فالشخص المعنوي ليست له‬
‫(‪)1‬‬
‫الصالحية ألن يكون أهال لتحمل المسؤولية الجنائية وتوقيع الجزاءات الجزائية عليه‪.‬‬
‫والحجج التي يبني عليها هذا االتجاه رأيه يستند إلى األسس التالية‪:‬‬
‫‪ - 01‬إن الشخص المعنوي ال يعدو أن يكون محض افتراض قانوني فرضه الواقع لتحقيق‬
‫مصالح معينة فهو مجرد من كل إرادة شخصية ومن كل حرية‪ ،‬فهو غير مدرك وغير مميز‬
‫وال يملك حرية االختيار‪ ،‬فاال يمكناه ارتكااب السلوك اإلجرامي وال يمكن تحميله نتائج الخطأ‬
‫المرتكب‪ ،‬إذ ال خطأ دون إرادة آثمة‪،‬‬
‫‪ - 02‬كما أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تناقض مبدأ التخصص‪ ،‬فإذا كاان‬
‫القاانون يعتارف للشخص المعنوي باألهلية القانونية‪ ،‬ولكن هذه األهلية تتحدد باألغراض‬
‫التي أناشئ الاشخص المعنوي من أجلها والتي تتضح في وثيقة إنشائه‪ ،‬فالشخص المعنوي ال‬
‫يتصل بالحياة القانونية إال من أجل غاية محددة أنشئ من أجلها‪ ،‬والتي ال يمكن أن تكون‬
‫ارتكاب جريمة وعليه‪ ،‬فاإن المشرع وإن اعترف للشخص المعنوي بالوجود من أجل قيامه‬
‫بأداء مصالح محددة‪ ،‬ال يعقل أن يتسع نطاق هذه المصالح الرتكاب الجرائم‪ ،‬فارتكاب‬
‫الجرائم خارج عن نطاقه ووجوده‪،‬‬
‫‪ - 03‬القول بمسؤولية الشخص المعنوي يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬فمن جهة‬
‫أولى‪ ،‬كيف يعاقب الشخص المعنوي عن جريمة ال يستطيع ارتكاب أركانها وعناصرها سوى‬
‫شخص عاادي ومن جهة أخرى‪ ،‬إن قبول إنشاء مسؤولية مشتركة ينطوي على قبول معاقبة‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،1980 ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أبرياء بطرياق غير مباشر‪ ،‬إذ يترتب على القول بمسؤولية الشخص المعنوي أن تطال‬
‫العقوبة كل المساهمين في إنشائه على الرغم من بعدهم عن الجريمة‪،‬‬
‫‪ - 04‬فضال عن التعارض وأهداف العقوبة الجزائية‪ ،‬حيث أن العقوبة المقررة تساهم في‬
‫تكريس العدالة في المجتمع كونها تنطوي على إيالم المجرم وإرضاء شعور المواطنين‪ ،‬فهي‬
‫تحد من ظاهرة اإلجرام كونها تتضمن ردعا خاصا وهو ردع الجاني وردعا عاما هو ردع‬
‫المجتمع‪ ،‬مع العلم أن الشخص المعنوي ال يمكن ردعه وتخويفه مثل الشخص الطبيعي‪،‬‬
‫فضال على أن أغلب العقوبات غير قابلة للتطبيق على الشخص المعنوي كاإلعدام وسلب‬
‫(‪)1‬‬
‫الحرية والتنفيذ باإلكراه البدني كما سبق بيانه‪.‬‬
‫وقد تم تأكيد نظرة هذا االتجاه من خالل توصيات المؤتمر الدولي السابع لقانون‬
‫العقوبات المنعقد في أثينا عام ‪ ،1957‬بمناسبة مناقشة موضوع المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي عند بحث االتجاهات الحديثة في تعريف الفاعل والشريك في الجريمة‪ ،‬حيث اتجه‬
‫هذا المؤتمر إلى األخذ بالرأي الغالب الذي يقول أن اإلنسان وحده هو الذي يعتبر أهال‬
‫الكتساب الحقوق وتحمل الواجبات‪ ،‬أما الشخص المعنوي فال يعدو أن يكون خلقا أو فرضا‬
‫وقد‬ ‫(‪)2‬‬
‫قانونيا من صنع المشرع اقتضته الضرورة العملية لتحقيق مصالح عامة أو خاصة‪.‬‬
‫تفرع عن هذا االتجاه نظريات عدة يمكن إيجازها فيما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬نظرية الملكية المشتركة‬
‫تبنى هذه النظرية كل من الفقيهين األلماني اهرنج (‪ )Ihring‬والفرنسي كابتان‬
‫(‪،)Capitant‬الذين يعترفان فقط للشخص الطبيعي بالشخصية القانونية‪ ،‬فالشخص المعنوي‬
‫ليس صاحب حق بل األشخاص الطبيعيون الذين ينتسبون إليه يملكون حقوق ملكية مشتركة‬
‫كأنهم فردا واحدا‪ ،‬وهذه الصورة من الملكية هي التي اصطلح على تسميتها بالشخصية‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬


‫‪ -2‬يحااي أحمااد ماوافي‪ ،‬الشااخص المعنااوي ومسااؤولياته قانونااا – ماادنيا وإداريااا وجنائيااا ‪ ،-‬منشااأة المعااارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،1987،‬ص‪.37‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المعنوية‪ ،‬ففي الشركات التجارية مثال الشركاء هم الذين يسعون إلى تحقيق ربح‪ ،‬ويضيفان‪،‬‬
‫أن الملكية الم شتركة هي ملكية من نوع خاص تختلف عن الملكية الفردية فال يجوز ألحد‬
‫المالك ين أن يتصرف بالبيع أو الرهن أو الوصية في ماله المشترك كما أنها تختلف عن‬
‫الملكية الشائعة فال يجوز ألحد المالكين التصرف في حصته وال يمكن له المطالبة بقسمة‬
‫المال المشترك ليحصل على نصيبه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫كما ال يؤيدان نظرية االفتراض القانوني وأيضا ال يؤيدان نظرية الشخصية الحقيقية‬
‫وإنما يقوالن بفكرة مفادها أن األموال التي ينشأ بها الشخص االعتباري تعتبر ملكية مشتركة‬
‫لألفراد الذين خصصت تلك األموال لمنفعتهم‪ ،‬ويضيفان إلى ذلك قولهما بأن الملكية‬
‫المشتركة ملكية من نوع خاص فهي تختلف عن الملكية الفردية بحيث ال يجوز ألحد‬
‫المالكين أن ي تصرف في حصته من المال المشترك وال يجوز له أن يطالب بقسمة المال‬
‫(‪)2‬‬
‫المشترك ليحصل على نصيبه‪.‬‬
‫واألصل أن هذه الفكرة جاءت على ضوء ما جاء به الفقيه برتيليمي (‪)Berthélemy‬‬
‫الذي يرى من جهته أنه بالنسبة للملكية المشتركة يمكننا أن نكون مالكين بثالث كيفيات‬
‫لحقل أو قطيع‪ :‬إما بصفة فردية‪ ،‬ومعنى ذلك أن كل واحد يكون مالكا لجزء مقسم ولعدد‬
‫محدد من الحيوانات‪ ،‬وإما بصفة غير مجزأة‪ ،‬حيث يكون كل واحد مالكا لحصة من الحقل‬
‫أو القطيع أو جماعيا‪ ،‬إذ تكون الملكية في هذه الحالة للجميع معتبرين كأنهم شخصا واحدا‪.‬‬
‫ويضيف الفقيه برتيليمي قوله‪" :‬إني عندما أقول إن الدولة هي شخص معنوي فإنني‬
‫أريد التعبير على ما يلي‪" :‬أن الفرنسيين مالكين جماعيا لألموال وأصحاب حقوق"‪ .‬غير أن‬
‫هذه النظرية واجهت عدة انتقادات نوردها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -2‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬نظريتا القانون والحق وتطبيقهما في القوانين الجزائرية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،1999 ،‬ص‪.238‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬تقوم هذه النظرية على أساس أن الشخصية المعنوية تنحصر في ملكية مجموعة‬
‫األموال في حين أن هذا الفرض خاطئ وأبرز مثال على ذلك هو الدولة‪ ،‬كما أن هناك‬
‫أنشطة يمكن القيام بها دون حاجة إلى توافر المال‪،‬‬
‫‪ -2‬إن فكرة الملكية المشتركة ظهرت في الحضارات القديمة قبل أن تظهر للوجود فكرة‬
‫الشخصية المعنوية‪،‬‬
‫‪ -3‬يتعين على أنصار هذه النظرية عادم الخلط بين مدلول الشخصية في القانون ومدلولها‬
‫في األخالق والفلسفة وعلم النفس‪،‬‬
‫‪ -4‬وفضال عن كل هذا فإن ما تقول به النظرية من نسبه الملكية المشتركة إلى مجموع‬
‫األفراد ككل مستقل عن إرادة أي فرد منهم إنما هو بعينه فكره شخصية االعتبارية التي‬
‫تنكرها هذه النظرية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬نظرية الحق دون صاحب أو ذمة التخصيص‬


‫تزعم الفقيه الفرنسي دوجي (‪ )Duguit‬هذه النظرية إذ أنكر من خاللها وجود حقوق‬
‫طبيعية تولد مع كل فرد سابقة على قيام المجتمع‪ ،‬كاماا يانكر أيضا وجود حقوق ينشئها‬
‫القانون لألفراد في المجتمع‪ ،‬وهكذا فهو ينكر فكرة صاحاب ال اح اق طالما ال وجود للحاق ذاته‬
‫وبالتالي فااال وجود لفكرة مؤداها الشخصية المعنوية في نظره‪ ،‬وسانده في هذا الرأي كل من‬
‫الفقيه األلماني برانز (‪ ،)Brinz‬الفقيه بالنيول (‪ )Planiol‬والفقيه بارتيلمي (‪)Bartilmi‬‬
‫حيث يعتبرون أن الشخصية ال تثبت إال لإلنسان‪ ،‬وأن الشخص الطبيعي وحده صاحب حق‬
‫(‪)2‬‬
‫وشخص القانون وأن الشخصية المعنوية ما هي إال مجرد خيال وافتراض‪.‬‬

‫‪ -1‬إسحاق إبراهيم منصور ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.239‬‬


‫‪2- Léon (M), La Théorie de la personnalité morale et son application au droit‬‬
‫‪français, 2e edition, Librairie Générale de Droit et Jurisprudence, Paris, 1924,p39.‬‬

‫‪17‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ويلح أنصار نظرية الحق دون صاحب ويؤكدون على أن صاحب الحق يجب أن‬
‫تكون له بالضرورة إرادة غير أنهم ال يعترفون للتجمعات بإرادة تختلف عن إرادة األفراد‬
‫المكونين لاه فاهام ياناكارون فاكارة الشاخص الاماعنوي‪ ،‬بال أكثر من ذلك ذهبوا إلى رفض حتى‬
‫فكرة الشخص القانوني المصطنع‪ ،‬فصاحب الحق الوحيد هو الشخص الطبيعي وهو الوحيد‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي يمكن أن يكون محال للمساءلة الجزائية‪.‬‬
‫والفكرة الرئيسية ألصحاب هذه النظرية أن الذمة المالية تنشأ كلما تكونت مجموعة من‬
‫األموال مخصصة لتحقيق غرض معين دون حاجة ألن تنسب هذه األموال لشخص معين‬
‫فهي ليست بالضرورة متوقفة على الشخصية‪ ،‬إذ ال يوجد ما يمنع من قيامها ما دام شرط‬
‫وجودها المتمثل في رصد مجموعة من األموال لتحقيق غرض معين قد توفر وأنه على هذا‬
‫األساس يمكن القول أن هناك حقوق والتزامات مالية مستقلة تسند إلى الغرض من قيام‬
‫شركة أو جمعية أو مؤسسة وتكون مستقلة ومنفصلة عما لكل عضو أو مؤسس أو منتفع‬
‫(‪)2‬‬
‫من حقوق والتزامات خاصة به‪.‬‬
‫لذلك ناد أنصار هذه النظرية بضرورة استبدال فكرة الشخصية المعنوية بفكرة الغرض‬
‫من تجمع األشخاص أو األموال‪ ،‬فوحدة الغرض الذي يسعى إلى تحقيقها تجمع األشخاص‬
‫أو األموال هي التي تفرض االعتراف له بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية لمكونيه‬
‫وبالتالي االعتراف له بحقوق والتزامات‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن هناك حقوق والتزامات مالية‬
‫مستاقلة تستند إلى الغرض من قيام شركة تجارية مثال‪ ،‬تكون مستقلة عن حقوق والتزامات‬
‫وذمة مؤسسيها‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ - 2‬أحمد الشافعي‪ ،‬االعتراف بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القانون الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬‬
‫تخصص قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2012/2011‬ص‪.49‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫غير أن هذه النظرية لم تسلم من النقد وأهم الحجج المقدمة لذلك تمثلت فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ال يمكن االعتراف بالحقوق وااللتزامات والذمة المالية المستقلة إال لشخص يقر له قانونا‬
‫بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫‪ -2‬باإلضافة إلى أن هذه النظرية وقعت في االفت ارض والمجاز بالرغم من أنها حاولت‬
‫االبتعاد عنه إذ أنها تتطلب وجود صاحب الحق إال أنها تتركه دون صاااحب‪ ،‬فااضال عالى‬
‫أنها تنكر شخصية الجماعات والشركات وتعتبرها مجرد تصور مالي‪.‬‬
‫‪ -3‬المسؤولية الفردياة للشركاااء أو األعاضاء ال يكون لهاا محل ألن الشركاء في عالقتهم أو‬
‫األعضاء في عالقتاهم مع الجااماعة يعتبرون ماان الاغايار األجنبي عن الشركة أو‬
‫(‪)1‬‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإل تجاه المؤيد لفكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫رد المؤيدون لمسؤولية الشخص المعنوي والشركة التجارية جنائيا بحجج دحضت حجج‬
‫المعارضين لهم وال أدلة على ذلك من تبني جل التشريعات الحديثة فكرة مساءلة الشخص‬
‫المعنوي والشركة التجارية جزائيا وذلك وفق ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حقيقة الشخص المعنوي‬

‫إن الشخص المعنوي ليس مجرد خيال‪ ،‬ولكنه حقيقة وكائن له وجوده الحقيقي وليس‬
‫افت ارضايا‪ ،‬وذلك بسبب المصالح التي يسعى إلى تحقيقها والتي من شأنها أن تجعل لاه‬
‫شخاصية قانونياة مستقلة عن أصحابه‪ ،‬صحيح أنه ليس كائنا في عالم اآلدميين‪ ،‬ولكنه كائن‬
‫في عالم القاانون لاه وجوده وذمته المالية‪ ،‬كما أن له إرادة مستقلة عن إرادة كل فرد فيه‪،‬‬
‫فإرادته هي خالصة مجموع آراء أعضائه والمساهمين فيه‪ ،‬ومظهرها األوامر والتعليمات التي‬
‫ينفاذها القاائمون باإدارة أعماله‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬


‫‪ -2‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬قانون العقوبات ‪ -‬القسم العام‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ص‪.306‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ تخصص الشخص المعنوي‬

‫كما أنه ال مجال للحجة القائلة‪ :‬أن الجريمة تخرج عن الغاية التي خصص لها‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬فتخصيص الشخص المعنوي ألداء هدف معين ال يرسم حدود الوجود‬
‫القانوني له‪ ،‬ومن ثم فإنه ال ينفي عنه إمكانية إسناد الجريمة إليه‪ ،‬فكما أن اإلنسان العادي‬
‫ال يوجد من أجل اقتراف الجارائم‪ ،‬إذ ليست الغاية من حياته ارتكابها‪ ،‬فالجريمة خروج عما‬
‫يجب أن تكون عليه حياته كذلك‪ ،‬فاإن الشخص المعنوي ليست غاية وجوده ارتكاب الج ارئم‬
‫إال أنه مان الممكان أن يرتكبهاا‪ ،‬ومان المعروف أن الشخص المعنوي يكافأ على أعماله‬
‫الجيدة‪ ،‬فمن العدالة إذا أن يحاسب على أعماله السيئة التي يقترفها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قابلية الشخص المعنوي للعقاب‬
‫إن فكرة أن العقوبات ال تطبق على الشخص المعنوي غير سليمة‪ ،‬فالجزاءات يمكن‬
‫أن تطبق علاى الشخص المعنوي ولكن بما يتالئم مع طبيعته‪ ،‬كحل الشخص المعنوي‬
‫ومراقبته أو إغالقاه‪ ،‬أو تضييق نطاق عمله‪ ،‬باإلضافة إلى الغرامة والمصادرة كما أن‬
‫أغاراض العقوباة فاي الاردع واإلصالح ليست مستبعدة تماما‪ ،‬ألن توقيعها على الشخص‬
‫المعنوي يؤثر في نشاطه‪ ،‬مما يادفع القائمين على إدارته إلى عدم مخالفة القانون مرة‬
‫(‪)1‬‬
‫أخرى‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬مبدأ شخصية العقوبة‬
‫أن القول بأن العقوبات تصيب جميع المساهمين‪ ،‬وفي هذا خروج على مبدأ شخاصية‬
‫العقوباة‪ ،‬فمع أنه قول صحيح نوعا ما‪ ،‬إال أن ذلك له ما يماثله في نطاق األشخاص‬
‫الطبيعيين‪ ،‬أليس فاي تطبيق العقوبة على األب ما يجعل العقوبة تأتي بآثار سيئة على‬
‫جميع أفراد العائلاة فاإلناسان الذي يكون رب أسرة ويعاقب بالحبس أو بالغرامة يتعدى أثر‬
‫العقوبة المحكوم بهاا علياه حتماا وبطريق غير مباشر إلى أسرته وهم أبرياء‪ ،‬ثم أن تطبيق‬

‫‪ -1‬شريف سيد كا مل‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.25‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الجزاء على الشخص المعنوي هو من األمور الضرورية لحمله على الحيطة والحذر في‬
‫تصرفاته كماا ال ياستهان بتطبيق التادابير االحت ارزية على الشخص المعنوي فهي أشد وأبعد‬
‫( ‪)1‬‬
‫أث ار من توقياع العقوباات فاي كثيار مان األحيان‪.‬‬
‫كما أن القول بأن مسؤولية الشخص المعنوي تتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة وتفريد‬
‫(‪)2‬‬
‫العقاب‪ ،‬ينطوي على خلط بين العقوبة والنتائج غير المباشرة لها‪.‬‬
‫ومن أجل كل هذه األسباب ذهب جانب كبير من التاشريعات الحديثاة إلاى االعتاراف‬
‫بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‪ ،‬مع تطوير إجراءات المحاكمة والجزاءات الجنائية بما‬
‫يتفق مع طبيعة ذلك الشخص‪ ،‬هذا إلى جانب مسؤولية الشخص الطبيعي ممثل الشخص‬
‫( ‪)3‬‬
‫المعنوي أو أحاد العاملين فيه إذا توافرت أركان الجريمة بالنسبة له شخصيا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫بعد عرض الحجج والبراهين المقدمة من طرف االتجاه المعارض لمسؤولية الشخص‬
‫المعنوي واالتجاه المؤيد لها‪ ،‬نتطرق في هذا المطلب على التوالي‪ ،‬موقف التشريع من فكرة‬
‫مسؤولية الجزائية للشركات التجارية في الفرع األول‪ ،‬وموقف القضاء في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬موقف التشريع من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫إن موقف التشريع من مسألة تبني فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية تترجمه‬
‫التوصيات العديدة المنبثقة عن أشغال المؤتمرات والندوات الدولية والتي خلصت إلى ضرورة‬
‫المسائلة الجزائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬حيث أكدت الجمعية الدولية للقانون الجنائي سنة‬
‫‪ ،1928‬أن الشخص المعنوي يمكنه أن يرتكب جرائم كثيرة أخطر من تلك التي يرتكبها‬
‫الشخص الطبيعي كالجرائم االقتصادية التي تعطل السياسة االقتصادية للدولة‪ ،‬ومن ثم فإن‬

‫‪ -1‬شريف سيد كامل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.26‬‬


‫‪ -2‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم االقتصادية‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬األردن ‪2006 ،‬‬
‫‪ ،‬ص‪.392‬‬
‫‪ -3‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.73‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫االعتبارات العملية تقتضي أال يسمح له أن يعبث بأرواح المواطنين ومصالحهم ويخالف‬
‫القوانين دون عقاب‪ ،‬غير أن بعض التشريعات لم تأخذ بهذا الطرح مثل المشرع الروسي‬
‫والمشرع األلماني والتي اكتفت بإقامة المسؤولية على الشخص المعنوي في إطار ما يعرف‬
‫(‪)1‬‬
‫بنظام المسؤولية عن الجرائم اإلدارية‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق ل موقف التشريعات المختلفة في العالم حول إقرار المسؤولية الجزائية‬
‫للشركات التجارية باعتبارها شخصا معنويا في األساس‪.‬‬
‫أوال‪ :‬موقف التشريعات األوربية من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫لقد أصدر المجلس الوزاري األوروبي قرار رقم‪ 77-28 :‬بشأن مساهمة القانون‬
‫الجنائي في حماية البيئة في سبتمبر من سنة ‪ 1977‬يتضمن التوصية الخامسة جاء فيها‬
‫أنه‪ ":‬في حالة الجرائم التي ترتكب بسبب أنشطة شخص معنوي عام أو خاص‪ ،‬ودون‬
‫اإلخالل باإلجراءات المتخذة ضد الفاعل المادي‪ ،‬تنعقد مسؤولية ‪...‬والشخص المعنوي‬
‫نفسه‪".‬‬
‫باإلضافة إلى أن المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية تتخذ مجاال واسعا بالنظر‬
‫إلى أن الركن المعنوي يتضائل كثي ار في الجرائم االقتصادية‪ ،‬وأن الكثير من الجزاءات في‬
‫هذا النوع من الجرائم تهدف إلى منع وقوع الجريمة ضمانا إلنجاح السياسة االقتصادية‬
‫(‪)2‬‬
‫للدولة‪.‬‬
‫لكن قبل ذلك كان الشخص المعنوي غير قابل للمسائلة الجزائية على أساس أنه‬
‫محض افتراض ال يملك مقومات الشخص المسؤول جزائيا حتى يكون محال للمسائلة‬
‫الجزائية وعليه فإن موقف المشرع األوربي مثله مثل بقية التشريعات التي لم تكن تأخذ بفكرة‬
‫مسائلة الشخص المعنوي وتحولت بعد ذلك لتقبل هذه الفكرة وهو ما يعكسه موقف تشريعات‬

‫‪ -1‬شريف سيد كامل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬


‫‪ -2‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫بعض الدول األوروبية التي سنتطرق لها على سبيل المثال لتوضيح موقف المشرع‬
‫(‪)1‬‬
‫األوربي‪.‬‬
‫‪ -1‬موقف المشرع الفرنسي من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫حرص المشرع الفرنسي على التأكيد صراحة على مسؤولية األشخاص المعنوية‬
‫الخاصة جنائيا شأنهم في ذلك شأن األشخاص الطبيعيين‪ ،‬وتطبيقا لذلك نصت المادة‬
‫‪ 9/324‬من قانون العقوبات الفرنسي على أنه‪ :‬تسأل األشخاص المعنوية جنائيا وفقا‬
‫للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 2/121‬عن الجرائم الواردة في المادتين ‪1/324‬‬
‫و‪ 2/324‬من قانون العقوبات الفرنسي‪ "،‬وتنص المادة ‪ 2/121‬من قانون العقوبات‬
‫الفرنسي الجديد المذكورة أعاله أن " كافة األشخاص المعنوية الخاصة تسأل جنائيا عما‬
‫يمكن أن ترتكبه من جرائم في الحاالت التي ينص عليها القانون أو اللوائح‪ ،‬وهو ما يفهم‬
‫منه إقرار المشرع الفرنسي بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة دون العامة‪.‬‬
‫وإعماال لذلك‪ ،‬تسأل جنائيا كافة التجمعات التي منحها المشرع الشخصية القانونية من‬
‫شركات مدنية أو تجارية أيا كان شك ل إدارتها وأيا كان عدد المساهمين فيها حتى ولو كان‬
‫شخصا واحدا‪ ،‬والتجمعات االقتصادية ومؤسسات المشروعات سواء كانت تهدف إلى الربح‬
‫أوال‪ ،‬كما ال يشترط ممارستها لنشاط اقتصادي محدد ما دام أن المشرع قد اعترف لها‬
‫(‪)2‬‬
‫بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫‪En réalité, pour la plupart des pénalistes du XIXème et du début du XXème‬‬
‫‪siècles5, les concepts d’éléments matériel et subjectif de l’infraction et celui‬‬
‫‪d’imputabilité étaient incompatibles avec les êtres collectifs, car Les arguments‬‬
‫‪n’ont pas manqué pour résister à la responsabilité des personnes morales. On a‬‬
‫‪d’abord fait valoir que la tradition a toujours reposé sur l’idée que les‬‬
‫‪infractions pénales ne pouvaient être commises que par des personnes‬‬
‫‪physiques, parce qu’elles supposent l’imputabilité, c’est-à-dire l’intervention‬‬

‫‪ -1‬شريف سيد كمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ -2‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬
d’une volonté, faite de conscience et d’intelligence, ce que n’auraient pas les
personnes morales.
le code pénal français lors de la réforme de 1994 : le législateur introduit le
principe de la responsabilité pénale des personnes morales, consacrant ainsi un
responsable pénal nouveau au côté des personnes physiques. Toutes les
personnes morales de droit privé et de droit public à l’exception de l’Etat,
peuvent être pénalement responsables et poursuivies.( 1)
Lorsque le législateur a choisi de consacrer cette responsabilité pénale
nouvelle, deux possibilités s’offraient à lui : soit il choisissait d’assimiler les
personnes morales aux personnes physiques et dans ce cas, le régime de la
responsabilité devait être appliqué sans distinction quant aux infractions
commises par des personnes physiques ou par des personnes morales – sous
réserve des sanctions ; soit il faisait des personnes morales des responsables
pénaux particuliers, à qui on ne pourrait imputer que certaines infractions parmi
toutes celles que notre droit incrimine.
L’introduction de la responsabilité pénale des personnes morales dans le
code pénal réformé qui est entré en vigueur le 1er mars 1994, a marqué un
changement majeur dans l’esprit de la matière pénale. 2 ) (
‫وعليه فإن موقف المشرع الفرنسي من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بعد أن‬
‫كان يقرها في بعض القوانين الخاصة فقط مثل قانون الضرائب في جرائم الغش الضريبي‬
:‫ المؤرخ في‬1484 -45 :‫ واألمر رقم‬،‫القانون المتعلق بالجرائم في مجال الصرف‬
‫ انتقل إلى فكرة األخذ بمسائلة الشخص‬،‫ المتعلق بالجرائم االقتصادية‬1945/06/30
‫ لكن ليس على اإلطالق وإنما في بعض الجرائم المنصوص عليها قانونا‬،‫المعنوي جزائيا‬
‫ أي أن الشخص المعنوي يسأل‬،‫ ليتبنى بعدها فكرة التجريم العام‬،‫إعماال لمبدأ التخصص‬

1- Jean (C,P) , La détermination de la personne morale pénalement responsable,


L’Harmattan, Paris,2003,p19.
2 - Youcef (A), la responsabilité pénale des personnes morales, Thèse de Doctorat
en droit,faculté de droit et de sciences politiques d ′ Aix – Marseille , france, 2010 ,
P 97.

24
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫عن كل الجرائم التي قد يرتكبها وذلك بموجب القانون رقم‪ 204 -2004:‬المؤرخ في‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.2004/03/09‬‬
‫‪ -2‬موقف المشرع االنجليزي من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫يحتل المشرع االنجليزي الصدارة في مجال تبني مسائلة الشخص المعنوي جزائيا وإن‬
‫كان موقفه في البداية غير واضح تماما‪ ،‬ومرد هذا الغموض األساس الذي يعتمد عليه‬
‫المشرع االنجليزي في تبني المواقف‪ ،‬فهو يعتمد على طريق االستنتاج بالنسبة للمبادئ‬
‫العامة أو النظريات‪ ،‬عكس ما يفكر به رجال القانون األوروبيين اآلخرين‪ ،‬كون منهج تفكيره‬
‫يقوم أساسا على االستقرار‪ ،‬حيث يبحث عما وقع في الماضي‪ ،‬ويتمثل هدفه في البحث عن‬
‫حادثة تكون قد وقعت وليس على مبدأ يمكن أن يطبق فرجل القانون االنجليزي ال يفكر في‬
‫المجرد‪ ،‬وإنما يفضل تناول المسائل العملية‪ ،‬فهو يذهب مباشرة إلى الحلول العملية بدال من‬
‫االنشغال بالنظريات المجردة‪ ،‬وهو ما دفع بعض الفقهاء إلى القول بأن الفقه والقضاء في‬
‫يتبنيا نظرية المجاز أو الفرض وال نظرية الحقيقة حيث أن القضاة والكتاب‬
‫انجلت ار لم ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلنجليز ال يتناولون المسائل التي يواجهونها من الناحية النظرية‪.‬‬
‫ويذكر األستاذ " الي ‪ " Leigh‬أن النقاش حول طبيعة الشخص المعنوي قد أثير ألول‬
‫مرة في الحكم الصادر سنة ‪ 1859‬في قضية‪« Green V. London General omnibus :‬‬

‫» ‪ ،Company 1859‬والذي جاء فيه "أن المجموعة هي مجاز ال قدرة لها على ارتكاب‬
‫الجريمة"‪ ،‬وأن هذا يدل على أن بعض أحكام القضاء وجزءا من الفقه قد أخذا في البداية‬
‫بنظرية المجاز أو الفرض‪ ،‬وقد فسر ذلك بأن الشخصية المعنوية ال تملك العقل ومكنة‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلرادة وال القدرة الضرورية على ارتكاب الجريمة‪ ،‬لعدم وجود األعضاء الجسدية لديها‪.‬‬
‫كما يستفاد من الحكم الذي أورده الفقيه ‪ Gower‬في القضية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ابراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إبراهيم علي صالح ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ابراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.72‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬
‫» ‪« Lennard’s carrying company Ltd.V.Asiatic petroleum company Ltd‬‬
‫الذي أصدره الفيكونت هالدين ‪ Le Vicomte Haldane‬أنه طبق نظرية المجاز أو الفرض‬
‫بخصوص طبيعة الشخص المعنوي موضوع الدعوى الجزائية المطروحة للفصل فيها‪.‬‬
‫وقد جاء في حيثيات هذا الحكم " أن الشخص المعنوي هو شيء تجريدي‪ ،‬وأنه عاطل‬
‫عن اإلرادة الذاتية‪ ،‬كما أنه ليس له وجود عضوي خاص‪ ،‬ومن ثمة فإن نشاطه هو نتيجة‬
‫إرادة شخص طبيعي‪ ،‬يطلق عليه على سبيل االفتراض اسم الوكيل أو الممثل " غير أن هذا‬
‫الشخص الطبيعي في الحقيقة‪ ،‬هو الذي يوجه إرادة الشخص المعنوي‪ ،‬بل هو جوهر‬
‫(‪)1‬‬
‫شخصيته وقمة إرادته‪".‬‬
‫وقد اعترف المشرع اإلنجليزي بصفة عامة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬
‫وبالطبيعة الحقيقية لها‪ ،‬وعليه يمكن متابعة األشخاص المعنوية عن جميع الجرائم‬
‫المنصوص عليها في قانون العقوبات‪ ،‬إال إذا استثنى هذا األخير ضمنيا أو صراحة‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي‪ ،‬وهناك من الفقهاء من يرى أن نظرية الحقيقة تجد شرعيتها في‬
‫القانون اإلنجليزي في المادة ‪ 11‬من قانون العدالة الجنائية لسنة ‪ 1797‬التي تقضي‬
‫بمسؤولية كل شخص عن جرائمه‪ ،‬وقد فسرت كلمة" شخص " لدى الفقه والقضاء على أنها‬
‫مطلقة تشمل الشخص الطبيعي والقانوني أو المعنوي‪ ،‬وقد انتهج التشريع األمريكي نفس‬
‫(‪)2‬‬
‫النهج االنجليزي في المساواة بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 2‬عبااد الوهاااب عماار البطاراوي‪ ،‬أساااس المسااؤولية الجنائيااة للشااخص المعناوي الخاااص " د ارسااة مقارنااة " مجلااة‬
‫األماان والقااانون‪ ،‬مجلااة دوريااة محكمااة‪ ،‬تصاادرها أكاديميااة شاارطة دبااي‪ ،‬الساانة الثالثااة عشارة‪ ،‬العاادد األول‪،‬‬
‫يناير‪ ،2005‬ص‪. 11‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ثانيا‪ :‬موقف التشريعات العربية من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬


‫نصت المادة ‪ 110‬من القانون الجزائي العربي الموحد على المسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي حيث جاء فيها‪" :‬يعاقب الشخص المعنوي الذي يالحق بشخص مان يسيره‬
‫بالعقوبات اآلتية‪:‬‬
‫كما عرف المشرع األردني المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي متأث ار بالنظاام‬
‫األنجلوسكاسوني‪ ،‬حيث نص على هذه المسؤولية في المادة ‪ 2/74‬من قانون العقوبات والتي‬
‫تقابل كال مان الماادة ‪ 9‬من قانون العقوبات السوري‪ ،‬والمادة ‪ 210‬من قانون العقوبات‬
‫اللبناني‪ ،‬كما قضت محكمة التمييز اللبنانية‪ ،‬الغرفة الجزائية الخامسة أساس ‪1971/263‬‬
‫قرار ‪ 1971/2991‬بعدم مسؤولية البنك (شخص معنوي) جزائيا لتصرف موظفه بصفته‬
‫الشخصية‪ ،‬وليس بصفته مدي ار للمركز الرئيسي في البنك‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أما المشرع المصري‪ ،‬فلقد برهن أن الفعل إذا كان داخال في إطار اختصاص‬
‫الشخص الطبيعي‪ ،‬فيمكن إسناده إلى الشخص المعنوي واعتباره فاعال مع الشخص الطبيعي‬
‫الذي يمثله كعضو‪ ،‬أما إذا كان التصرف متجاو از الختصاصه‪ ،‬فيكون الشخص المعنوي‬
‫مجرد شريك‪ ،‬إذا ثبت توافر وسائل االشتراك المقررة قانونا‪ ،‬أما إذا لم تتوفر شروط‬
‫االشتراك‪ ،‬فإن مسؤولية الشخص المعنوي تقف عند حد إهماله في الرقابة وسوء اختيار‬
‫أعضائه‪ ،‬وبذلك قضت محكمة النقض المصرية عام ‪ 1957‬أن العضو يفقد صفته كعضو‬
‫للشخص المعنوي‪ ،‬إذا تجاوز حدود اختصاصه‪ ،‬ويصبح من الغير‪ ،‬وتصبح الجماعة التي‬
‫يعمل لها مجرد شريك في جنحة أو جناية‪ ،‬استنادا إلى إعطاء تعليمات أو تقديم وسائل أو‬
‫أدوات أو تحريض أو الستخدام تهديد أو سوء استعمال السلطة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫أما المشرع المغربي فلم يعترف بالمسؤولية الجنائية للجماعات إال في عام ‪،1962‬‬
‫وذلك بموجب المادة ‪ 127‬من قانون العقوبات التي بموجبها "ال يمكن الحكم على‬

‫‪ -1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.359‬‬


‫‪ -2‬أحمد محمد قائد مقبل ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.360‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الشخصيات االعتبارية إال بعقوبات مالية وتبعية المنصوص عليها في األرقام ‪ 6 ،5‬و‪ 7‬من‬
‫المادة ‪ 36‬من قانون العقوبات كما يجوز أن تخضع لتدابير األمن الحقيقية المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 62‬من نفس القانون"‪.‬‬
‫ويعترف القانون الجنائي المغربي اآلن صراحة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص‬
‫االعتباريين على نفس األساس مثل األشخاص الطبيعيين"‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمشرع الجازئري فهو اآلخر لم يحد عن هذا الطرح فقد أقر بالمسؤولية‬
‫الجزائية للشركات التجارية بصفتها شخص معني‪ ،‬وإن كان إق ارره هذا مر بثالث مراحل‪:‬‬
‫األولى مرحلة إنكاره لهذه المسؤولية ومرحلة ثانية مرحلة اإلقرار الضمني والثالثة وهي التي‬
‫قرر والنص صراحة على خضوع الشركات التجارية‬
‫تهمنا في دراستنا هذه وهي مرحلة اإل ا‬
‫للمسؤولية الجزائية من خالل القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ 2006/12/ 20‬المتضمن‬
‫تعديل قانون العقوبات أين قام بتحديد األشخاص المعنوية المسؤولة جزائيا وهي األشخاص‬
‫المعنوية الخاصة‪ ،‬كما جعل هذه المسؤولية مشروطة بوجوب ارتكاب الجريمة من طرف‬
‫أجهزته أو ممثليه ولحسابه مع حصرها في الحاالت التي ينص عليها القانون (قانون‬
‫العقوبات أو القوانين الخاصة) وقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ال تستبعد مسؤولية‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخص الطبيعي سواء كان فاعال أصليا أو شريكا عن األفعال نفسها‪.‬‬
‫كما نص على هذا الموقف بموجب القانون رقم ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪ 10‬نوفمبر‬
‫‪ 2004‬المعدل والمتمم لقانون العقوبات‪ ،‬أين اعترف المشرع الجزائري بالمسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي في المادة ‪ 51‬مكرر قانون العقوبات‪ ،‬المضافة بموجب المادة ‪ 05‬من‬
‫القانون رقم ‪ ،15-04‬ليؤكده مع صدور تعديل قانون العقوبات بموجب القانون ‪23-06‬‬
‫المؤرخ في ‪.2006/12/20‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري ‪-‬القسم العام– الطبعة السادسة‪ ،‬ديوان المطبوعااات الجامعيااة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ، 2005،‬ص ‪.308‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف القضاء من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬


‫إذا كان ال يمكن النظر إلى موقف القضاء منفصال عن موقف التشريع في نظام‬
‫قانوني معين‪ ،‬فألن ذلك راجع إلى أن مهمة القضاء هي في األصل تطبيق أحكام القانون‬
‫التي ال يمكن الخروج عنها أو تجاوز حدودها‪ ،‬غير أن القضاء في تناوله اليومي لحاالت‬
‫قانونية متشعبة‪ ،‬يحدث أن تعترضه إشكاالت صعبة تتطلب منه تفسير وتأويل القانون‬
‫حتى يتمكن من إيجاد حل للخصومة المعروضة عليه‪ ،‬وهو ما يدفع القضاء إلى إعمال‬
‫االجتهاد لتوضيح قصد المشرع أو سد نقص موجود أصال في القانون‪ ،‬غير أن دور‬
‫القضاء يختلف من نظام قانوني إلى نظام قانوني آخر‪ ،‬وذلك حسب الفلسفة السياسية‬
‫والقانونية لكل بلد‪ ،‬فقد يكون دوره كبي ار وواسعا في نظام قانوني معين كالنظام‬
‫(‪)1‬‬
‫األنجلوسكسوني مقارنة بدوره في النظام القانوني الفرنسي واألنظمة الالتينية بصفة عامة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬موقف القضاء الفرنسي‬
‫يرى األستاذ أشيل ميستر "‪ " Achille Mestre‬في مؤلفه "القيم " األشخاص المعنوية‬
‫‪ ،‬أن القضاء الفرنسي لم يستخلص المبادئ النظرية النعدام‬ ‫(‪)2‬‬ ‫وإشكالية مسؤوليتها الجزائية‬
‫المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية القائمة على المجاز أو الفرض إال في ‪ 11‬مارس‬
‫‪ ،1911‬تاريخ قرار محكمة النقض الفرنسية الذي كرس هذا المبدأ الذي يعتبر مرجعا في‬
‫هذا الموضوع‪ ،‬فقد جاء في حيثيات هذا القرار " حيث أنه ال يمكن إجراء المتابعات الجزائية‬
‫أمام الجهات القضائية الجزائية إال تجاه الكائنات أو األشخاص الحقيقيين الذين يمكن توقيع‬
‫عقوبة عليهم‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن الشركة وهي كائن معنوي ال يمكن أن تسأل جزائيا عن‬
‫جريمة‪ ،‬إال أن محكمة النقض الفرنسية لم تكن قد أكدت بعد مبدأ استحالة ارتكاب‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬


‫‪02- Nawel (B,K), Approche comparative franco-algerienne de la responsabilité‬‬
‫‪pénale du dirigeant de société commerciale, Thèse de Doctorat en droit , école‬‬
‫‪doctorale droit et sciences politiques, Paris ,2016 , P 160.‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المجموعات) األشخاص المعنوية ( للجريمة‪ ،‬وإنما أعلنت فقط مبدأ استحالة توقيع عقوبة‬
‫جزائية على الشخص المعنوي‪ ،‬غير أن جهات االستئناف التي بدأت تدرس مسألة ارتكاب‬
‫األشخاص المعنوية للجرائم وقيام مسؤوليتها عنها والفصل فيها قد اختلفت مواقفها في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬فقد صرحت محكمة االستئناف ألميان" ‪ Cour d’Amiens‬أنه يمكن لمجموعة من‬
‫األف ارد الذين يتصرفون جماعيا أن يرتكبوا جنحة أو جريمة وتوقع عليهم بالتالي عقوبة جب ار‬
‫لهذه الجريمة " أما محكمة االستئناف بأورليان ‪ ،)1(.La Cour d’orléans‬فقد قضت عكس‬
‫ما قضت به محكمة االستئناف ألميان حيث قضت أنه " ال يمكن قبول أو فهم أن ترتكب‬
‫مخالفة أو جنحة من طرف كائن غير شخصي‪ ،‬في حين أن هذا األخير ال يمكنه أن‬
‫يتصرف إال عن طريق ممثليه القانونيين أو الشرعيين وقد قضت محكمة النقض الفرنسية‬
‫في قرار لها صادر في ‪ 4‬نوفمبر ‪ 1898‬بمناسبة فصلها في قضية‪Fishel et Société :‬‬

‫‪ Saint Martin legasse Neveu et Cie‬بإدانة الشركة بعقوبة الغرامة‪.‬‬


‫ويرى األستاذ رو " ‪ "Roux‬أن القرار السالف الذكر يعتمد في حيثيته بصفة تبعية‬
‫على كون الجريمة التي أشارت إليها المادة ‪ 5‬من المرسوم ‪ 19‬مارس ‪ 1852‬هي جريمة‬
‫مادية كما قضت نفس المحكمة في قرار لها بتاريخ‪ 7:‬مارس ‪ 1918‬صادر في قضية‬
‫‪Société‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪Etablissements‬‬ ‫‪lieutard‬‬ ‫‪C.Min.pub.et‬‬ ‫‪Administration‬‬ ‫‪des‬‬
‫ألن الجريمة المتابعة من أجلها تعتبر‬ ‫‪ Contributions indirectes‬بإدانة هذه الشركة‬
‫جريمة مادية‪ ،‬تدخل ضمن الجرائم المادية التي أشار إليها قانون ‪ 16‬مارس ‪ 1915‬المعدل‬
‫بقانون ‪ 27‬جويلية ‪ 1922‬الخاص بمنع صنع وبيع وتوزيع مادة األفسنتين (شراب السكر)‬
‫(‪ ،)2‬كما أدانت محكمة السين " ‪ "La Seine‬الشخص المعنوي المتمثل في المجموعة‬
‫التعاضدية للمساهمة المالية بموجب حكم صادر في ‪ 31‬أوت ‪ 1926‬من أجل جريمة‬

‫‪ -1‬إب ارهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬


‫‪2- Pierre (F), La responsabilité pénale des personnes morales, Revue de science‬‬
‫‪criminelle et de droit pénal comparé, Sirey, Paris, 1958, p 548.‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫مخالفة أحكام المادة ‪ 64‬من القانون المؤرخ في ‪ 24‬جويلية ‪ ،1867‬كما أدان أيضا مجلس‬
‫دووي ‪ Douai‬شركات لعدم دفعها لصناديق التأمين االجتماعية المبالغ المقررة على‬
‫مسؤولي هذه الشركات بصفتهم هذه‪ ،‬وأحيانا أخرى الرتكابها جرائم منصوص عليها في‬
‫قانون العمل‪ ،‬واستمر هذا االتجاه الرامي إلى تحميل األشخاص المعنوية المسؤولية الجزائية‬
‫يسير جنبا إلى جنب مع االتجاه الذي يرى في األشخاص المعنوية مجرد وهم وخيال ال‬
‫يمكن أن تكون محال للمتابعة الجزائية‪ ،‬وقد توجت محكمة النقض الفرنسية قضائها بقرارها‬
‫الشهير الصادر سنة ‪ 1954‬الذي وضع حدا لنظرية الفرض أو المجاز واستبدلها بنظرية‬
‫(‪)1‬‬
‫الحقيقة‪ ،‬التي تعتبر الشخص المعنوي حقيقة‪ ،‬وبالتالي إمكانية مسائلته جزائيا‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر في ‪ 28‬جانفي ‪ 1954‬نقطة‬
‫تحول في موقف القضاء الفرنسي من مسألة الطبيعة القانونية للشخص المعنوي‪ ،‬ففي هذا‬
‫القرار رفضت محكمة النقض الفرنسية تحت تأثير قرن كامل من تطور الفكر القانوني‬
‫نظرية المجاز أو الفرض‪ ،‬واعتنقت مكانها نظرية الحقيقة‪ ،‬بشأن طبيعة الشخص المعنوي‬
‫وقد كرست محكمة النقض الفرنسية موقفها هذا في حيثيات قرارها المبدئي السالف الذكر‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء اإل نجليزي‬

‫يقول األستاذان " ديوي وهيرت ‪ " Dewey and Hart‬أنه يجب على القضاء أال يشغل‬
‫نفسه بالبحث عن طبيعة الشخص المعنوي‪ ،‬بل يتعين عليه أن يستحدث ما يسمح بامتداد‬
‫تطبيق القواعد المتعلقة باألفراد على األشخاص المعنوية‪ ،‬كلما دعت مصلحة العدالة ذلك‪.‬‬
‫وإذا كان القضاء االنجليزي قد عرف ترددا بخصوص طبيعة الشخص المعنوي والنظرية‬
‫التي يتبناها في أحكامه قبل صدور قانون التفسير سنة ‪ 1889‬فإن هذا القانون قد وضع‬
‫حدا نهائيا لهذا التردد‪ ،‬وذلك باعتناقه نظرية الحقيقة بشأن الطبيعة القانونية للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬وإق ارره المسؤولية الجزائية لهذا األخير كمبدأ عام‪ ،‬فقد ورد في المادة ‪ 2‬منه حكم‬

‫‪ - 1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬


‫‪ -2‬إبراهيم علي صالح ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫عام‪ ،‬ينص على أنه عند تفسير كل نص تشريعي خاص بالجرائم سواء كان هذا النص قد‬
‫صدر قبل أو بعد جانفي ‪ 1890‬فإن كلمة " شخص " يجب أن تشمل األشخاص المعنوية‪،‬‬
‫ما لم ينص على خالف ذلك‪.‬‬
‫وهكذا اعترف القانون االنجليزي بصفة عامة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‬
‫وبالطبيعة الحقيقية لها‪ ،‬وعليه يمكن متابعة األشخاص المعنوية عن جميع الجرائم‬
‫المنصوص عليها في قانون العقوبات‪ ،‬إال إذا استثنى هذا األخير ضمنيا أو صراحة‬
‫(‪)1‬‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم علي صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬


‫إن إسناد تهمة ارتكاب جريمة ما لشخص معنوي تستوجب توفر شرطين أساسيين‬
‫األول يتعلق بالجريمة وهو ما سنقوم بدراسته في المطلب األول والشرط الثاني يتعلق‬
‫بالفاعل الذي سنتطرق له في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشروط المتعلقة بالجريمة‬
‫الشخص المعنوي ليس كائنا ماديا ملموسا أو مرئيا‪ ،‬يستحيل عليه أن يباشر أي نشاط‬
‫إجرامي بذاته إال عن طريق أحد أعضائه الممثلين له والمجسدين إلرادته قانونا‪ ،‬فهم بالنسبة‬
‫له بمثابة اإلمتداد العضوي لشخصه االعتباري‪ ،‬فهم بذلك اليد التي تعمل والرأس الذي يفكر‬
‫ويخطط الرتكاب الجريمة أو االمتناع عن ارتكابها‪ ،‬وعليه حتى يتسنى إدانة الشخص‬
‫المعنوي الرتكابه فعال محظو ار قانونا‪ ،‬البد أن يرتكب هذا الفعل لحسابه وهذا ما سنتطرق له‬
‫في الفرع األول وأن يكون الفعل المرتكب مجرما بنص جزائي صريح يدينه وهو ما سنتطرق‬
‫له في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ارتكاب الجريمة لحساب الشركة التجارية‬
‫يشترط المشرع لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪ ،‬ارتكاب النشاط اإلجرامي‬
‫لحسابها‪ ،‬وبناء على ذلك فإن الشركة التجارية ال تسأل عن الجرائم التي ترتكب لحساب‬
‫(‪)1‬‬
‫األشخاص الطبيعيين المكونين لها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الجرائم التي تسأل عنها الشركة التجارية‬
‫يخضع الشخص المعنوي (الشركة التجارية) للمسائلة الجزائية عن الجريمة مكتملة‬
‫األركان التي ينص عليها القانون‪ ،‬واألصل العام في الجريمة هو إثبات أركانها الثالثة‪:‬‬
‫الركن الشرعي‪ ،‬الفقه مختلف حول اعتباره ركنا للجريمة من عدمه وهو موضوع دراسة‬
‫القانون الجنائي العام‪ ،‬الركن المادي والركن المعنوي‪.‬‬

‫‪ - 1‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.308‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬أركان الجريمة التي تسأل عنها الشركة التجارية‬


‫للجريمة أركان ثالثة يجب توافرها‪ :‬الركن الشرعي والمادي‪ ،‬المعنوي‪.‬‬
‫أ‪ -‬الركن الشرعي للجريمة‬
‫الجريمة في جوهرها سلوك غير مشروع‪ ،‬وتتأتى عدم المشروعية من انطباق السلوك‪،‬‬
‫وسواء كان فعال أو امتناعا‪ ،‬مع نص قانوني يجرم وعليه يجب حصر األفعال المجرمة في‬
‫نص قانوني الذي يصدر عن السلطة التشريعية‪ ،‬وهو ما يعرف بمبدأ الشرعية‪ ،‬والركن‬
‫الشرعي للجريمة هو تلك الصفة غير المشروعة‪ ،‬فهو إذن مجرد وصف أو تكييف يضيفه‬
‫القانون على السلوك الذي يتعدى على مصلحة يحميها القانون ليخرجه من دائرة اإلباحة‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى دائرة التجريم‪.‬‬
‫والشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا يمكن مسائلتها وفق ما جاااء فااي نااص المااادة‬
‫‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬التي من خاللها يظهر أن المشرع الجزائري قد حصر نطاااق‬
‫الجرائم التي يسائل عنها الشخص المعنوي جزائيا على خالف الشخص الطبيعي الذي يمكن‬
‫متابعته جزائيا عن أية جريمة منصوص ومعاقب عليها في قانون العقوبات والقوانين المكملة‬
‫له‪ ،‬متى توافرت أركانها وشروط المتابعة‪.‬‬
‫بناءا على ذلك‪ ،‬فإن الشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا ال يمكن مسائلتها جزائيا‬
‫إال حين ينص القانون صراحة على ذلك‪ ،‬ولتحديد الجرائم التي تسأل عنها يجب الرجوع إلى‬
‫أحكام قانون العقوبات والقوانين الخاصة األخرى‪ ،‬والتي سوف نتناولها في حينها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الركن المادي للجريمة‬
‫يقصد به أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي يترجم النية اإلجرامية إلى وقائع مادية‬
‫بواسطتها تكشف الجريمة ويستكمل كيانها‪ ،‬وال يمكن تصور جريمة بدون ركن مادي إذ بغير‬
‫مادياتها ال تصاب حقوق األفراد أو الجماعات بأي أذى أو اعتداء‪ ،‬ألن قانون العقوبات ال‬

‫‪ - 1‬خلفي عبد الرحمان‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام – دراسة مقارنة‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪،2013 ،‬‬
‫ص ‪.49‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫يعاقب على النوايا الباطنية واألفكار‪ ،‬فال يعاقب قانون العقوبات مثال على مجرد التفكير في‬
‫ارتكاب جريمة ما‪ ،‬بل البد أن يقترن هذا التفكير بنشاط مادي معين‪ ،‬الذي يختلف من‬
‫وهي تتكون كقاعدة عامة من ثالث‬ ‫(‪)1‬‬
‫جريمة إلى أخرى حسب طبيعتها ونوعها وظروفها‪،‬‬
‫عناصر‪:‬‬
‫‪ )1‬السلوك اإلجرامي‬
‫ويقصد به ذلك النشاط المادي الخارجي للجريمة أو هو حركة الجاني االختيارية التي‬
‫يترتب عليها تغيير في العالم الخارجي فإطالق النار على القتيل يشكل عنصر السلوك في‬
‫جريمة القتل‪ ،‬وتقليد توقيع شخص على محرر يشكل عنصر السلوك في جريمة التزوير‬
‫واستعمال المزور‪ ،‬والسلوك اإلجرامي قد يكون سلوكا إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا أي‬
‫(‪)2‬‬
‫باالمتناع‪.‬‬
‫‪ -‬السلوك اإلجرامي اإليجابي ‪ :‬هو السلوك الذي يمكن لشركة تجارية أن تتابع على ارتكابه‬
‫وقد يتخذ عدة أوصاف منها مخالفة نصوص قانون العقوبات كما رأينا آنفا فاألفعال المجرمة‬
‫التي تناولها قانون العقوبات متعددة يتحدد من خاللها السلوك المجرم الذي يمكن أن ترتكبه‬
‫الشركة التجارية‪ ،‬باإلضافة إلى السلوكيات واألفعال التي اعتبرها المشرع جرائم في قوانين‬
‫خاصة مثل استعمال طرق احتيالية وتدليسية للتهرب من دفع جزء أول كل الضرائب‬
‫والرسوم المستحقة‪ ،‬وتبييض األموال‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬السلوك اإلجرامي السلبي‪ :‬يتمثل السلوك اإلجرامي السلبي الذي قد ترتكبه الشركة في‬
‫االمتناع أو اإلهمال مثل عدم التصريح برقم األعمال الحقيقي باستعمال طرق احتيالية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ - 1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ - 2‬خلفي عبد الرحمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ - 3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪35‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫واإلمتناع عن الفعل هو اإلحجام عن إتيان عمل ايجابي معين كان ينتظره منه في‬
‫ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب شرعي يلتزم بإتيان هذا العمل‪ ،‬وأن يكون في استطاعة‬
‫المكلف إتيانه‪ ،‬ويستخلص من هذا التعريف قيام االمتناع على ثالثة عناصر وهي‪:‬‬
‫‪ -‬اإلحجام عن إتيان فعل معين‪،‬‬
‫‪ -‬وجود واجب شرعي يلزم بهذا العمل‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬استطاعة المكلف القيام بذلك العمل‪.‬‬
‫‪ )2‬النتيجة اإلجرامية‬
‫النتيجة اإلجرامية هي األثر الذي يترتب على السلوك اإلجرامي‪ ،‬وهي العدوان‬
‫الذي ينال المصلحة أو الحق الذي يقرر له القانون حماية جنائية‪ ،‬وللنتيجة اإلج ارمية‬
‫مدلوالن‪ :‬مدلول مادي ومدلول قانوني‪.‬‬
‫‪ -‬المدلول المادي‬
‫المدلول المادي للنتيجة اإلجرامية يتحقق بكل تغيير يحدث في العالم الخارجي كأثر‬
‫للسلوك اإلجرامي فوفاة المجني عليه هي النتيجة المادية في جريمة القتل‪ ،‬واالستئثار بمال‬
‫الغير وضمه لحيازة الجاني هي النتيجة المادية في جريمة السرقة وخيانة األمانة‪.‬‬
‫‪ -‬المدلول القانوني‬
‫المدلول القانوني للنتيجة فيتمثل في االعتداء على المصلحة التي يحميها القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬وعموما فإن النتيجة اإلجرامية ال تكون عنص ار من عناصر الركن المادي للجريمة‬
‫إال بالنسبة لجرائم النتيجة أو جرائم الضرر‪ -‬الجرائم المادية‪ -‬التي يتوقف قيامها على‬
‫(‪)2‬‬
‫حدوث نتيجة معينة‪ ،‬كالقتل والسرقة والنصب‪...‬‬
‫والمدلول الشرعي أو القانوني للنتيجة يحدد القدر من اآلثار المادية التي يدخلها الشارع‬
‫في اعتباره في تحديد عناصر الجريمة‪ ،‬وبيان ذلك أن اآلثار التي تترتب على الفعل عديدة‬

‫‪ - 1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬الفقه الجنائي اإلسالمي‪ ،‬دار الهداية للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪.373‬‬
‫‪ - 2‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.103‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ومتنوعة‪ ،‬وهي تتتابع متالحقة طبقا لقوانين السببية‪ ،‬ولكن الشارع ال تعنيه جميع هذه اآلثار‪،‬‬
‫وإنما يعنيه منها ذلك القدر الذي يتمثل فيه العدوان على المصلحة التي يحميها‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن فعل القتل يترتب عليه وفاة المجني عليه عبر وسيلة معينة‪،‬‬
‫قد تكون الجروح وقد تكون إحداث خلل في أجهزة الجسم عن طريق السم مثال ولكن هذه‬
‫اآلثار المادية للفعل ال تتوقف عند ذلك‪ ،‬وإنما تتالحق هذه اآلثار‪ ،‬فجثة المجني عليه قد‬
‫تشوه وتدفن‪ ،‬وموته يترتب عليه فقد عائلته مورد رزقها‪ ،‬وقد يترتب على ذلك انحراف أبنائه‪،‬‬
‫ولكن الشارع ال يعنيه في تحديد النتيجة في خصوص جريمة القتل اآلثار التي تعقب حدوث‬
‫الوفاة‪ ،‬وإنما يقف اهتمامه عند حدوث الوفاة‪ ،‬ويكتفي به في تحديد عناصر النتيجة‬
‫اإلجرامية في القتل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أما جرائم الخطر أو الجرائم الشكلية فال يتوقف قيامها على حصول نتيجة‪ ،‬فأساس‬
‫التجريم والعقاب في نطاق هذه الجرائم األخيرة هو األخطار أو األضرار المحتملة التي قد‬
‫تنجم عن ارتكابها‪ ،‬والتي قد تعرض المصالح المحمية جنائيا إلى الخطر‪ ،‬وليس النتائج‬
‫المترتبة عنها بالفعل‪ ،‬كما هو لشأن بالنسبة لجريمة المؤامرة واالعتداء‪ ،‬والتسميم ومحاوالت‬
‫(‪)2‬‬
‫الجنايات وبعض الجنح المنصوص عليها قانونا‪ ،‬وقيادة السيارة بدون رخصة‪.‬‬
‫‪ -‬أهمية النتيجة اإلجرامية‬
‫تتضح أهمية النتيجة اإلجرامية في وجهين‪ :‬من حيث علة التجريم‪ ،‬ذلك أن المشرع‬
‫يجرم الفعل من أجل ما يحدثه من عدوان على المصلحة التي يحميها‪ ،‬سواء كان هذا‬
‫العدوان فعليا أم كان محتمال‪ ،‬على أساس أن الفعل إذا لم ينجم عنه عدوان قط فال مبرر‬
‫لتجريمه‪ ،‬وإال كان ذلك مجرد تضييق على الناس‪ ،‬وحد من حرياتهم ونشاطهم وهو أكيد ما‬
‫ال يريده المشرع‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.382‬‬


‫‪ - 2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.104‬‬

‫‪37‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫والنتيجة اإلجرامية لها أهمية من وجهة ثانية‪ :‬ذلك أن عناصر الركن المادي للجريمة‬
‫ال تكتمل إال بتحقق نتيجته‪ ،‬أما إذا لم تتحقق النتيجة وكانت الجريمة عمدية فإن المسئولية‬
‫تقف عند الشروع في هذه الجريمة‪ ،‬أما إذا كانت الجريمة غير عمدية‪ ،‬فال مسئولية عنها‪،‬‬
‫إذا لم تتحقق النتيجة فيها‪ ،‬إذ ال شروع في الجرائم غير العمدية‪ ،‬ولكن قد يسأل مرتكب‬
‫الفعل عن جريمة غير عمدية أخرى ال تتطلب هذه النتيجة‪ ،‬إنما تكتفي بنتيجة أخرى أقل‬
‫جسامة‪ ،‬إذا كانت قد تحققت فعال‪ ،‬كما لو لم تتحقق الوفاة بالفعل الذي كان من شأنه‬
‫(‪)1‬‬
‫إحداثها‪.‬‬
‫‪ )3‬عالقة السببية‬
‫‪ -‬تعريف العالقة السببية‬
‫لقيام الركن المادي للجريمة ال يكفي ارتكاب السلوك اإلجرامي من الجاني وتحقق‬
‫النتيجة الضارة بل البد أن تنسب هذه النتيجة إلى السلوك اإلجرامي أي أن تقوم بينهما‬
‫عالقة سببية‪ ،‬بمعنى أن ارتكاب السلوك اإلجرامي هو الذي أدى وحده إلى حدوث النتيجة‪،‬‬
‫وتتمثل أهمية عالقة السببية في أنها هي التي تساهم في تحديد نطاق المسؤولية الجنائية‪،‬‬
‫حيث تستبعد هذه المسؤولية في حالة عدم قيام عالقة السببية بين السلوك والنتيجة فيسأل‬
‫الجاني في هذه الحالة على الشروع في الجريمة بالنسبة للجرائم العمدية أما بالنسبة للجرائم‬
‫غير العمدية فال تقوم المسؤولية الجنائية أصال إذا انتفت رابطة السببية بين الفعل والنتيجة‬
‫(‪)2‬‬
‫ألنه ال يمكن تصور الشروع في الج ارئم غير العمدية‪.‬‬
‫‪ -‬معيار العالقة السببية‬
‫إن تدخل األسباب المختلفة في وقوع النتيجة‪ ،‬وإلى أي منها ينسب السلوك بإقامة‬
‫العالقة السببية بينه وبين النتيجة اإلجرامية أدى بظهور مجموعة من النظريات حاولت كل‬

‫‪ -1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.383‬‬


‫‪ - 2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫منها أن تضع المعيار المناسب الذي به نستطيع تقرير مدى وجود العالقة السببية بين‬
‫السلوك والنتيجة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫* نظرية تعادل األسباب‬
‫تقوم هذه النظرية على أن النتيجة ثمرة مجموعة من األسباب السلبية واإليجابية حيث‬
‫أنها جميعا الزمة إلحداث النتيجة على النحو الذي وقعت به‪ ،‬وهذا يعني أن كل سبب له‬
‫دور في حدوثها يصلح أن يكون سببا لها‪ ،‬بشرط أن يكون عامال ليس من شأنه حال تخلفه‬
‫أن ال تقع النتيجة‪ ،‬وعليه فجميع األسباب أو العوامل المساهمة تعتبر سببا للنتيجة‪ ،‬إذا كان‬
‫من شأ ن تخلف أي منها انتفاء النتيجة اإلجرامية‪ ،‬وإذا كانت هذه النظرية تتفق مع المنهج‬
‫الذي اعتمده المشرع الجزائري في المسؤولية الجنائية للمساهمة في الجريمة في المادة ‪41‬‬
‫وما يليها من قانون العقوبات‪ ،‬فإنها نظرية تنتقد من عدة وجوه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وتنتقد هذه النظرية من حيث‪:‬‬


‫‪ -‬توسيعها لدائرة المسؤولية الجنائية بإسناد النتيجة الواحدة إلى مجموعة من العوامل‬
‫ال تتساوى في دورها في الجريمة‪ ،‬مما يؤدي إلى مسؤولية أشخاص لم يقوموا بدور في درجة‬
‫األدوار التي قام بها اآلخرون أو ذات أثر أقل‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنها تقوم على أساس متناقض‪ ،‬فمن جهة تعتمد على أن النتيجة تكون ثمرة عوامل‬
‫مجتمعة‪ ،‬ومن جهة أخرى تسوي بين جميع هذه العوامل فتقيم العالقة السببية بينهم مع‬
‫النتيجة‪ ،‬وتؤسس للتفرقة بين األعمال التحضيرية والبدأ في تنفيذ الجريمة وبين المساهمة‬
‫األصلية والتبعية على أساس شخصي أو ذاتي‪ ،‬وهو ما يتناقض مع طبيعة العالقة السببية‬
‫الموضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة التمييز بين مجموعة العوامل التي ساهمت في ارتكاب الجريمة وتحديد مدى‬
‫مساهمتها في إحداث النتيجة‪ ،‬ألن هذه النظرية تعتمد على التسوية بين العوامل والمنطق‬

‫‪ - 1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪-‬القسم العام‪ ،-‬موفم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2015 ،‬‬
‫ص‪.248‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫يقتضي عكس ذلك ونظ ار لتسوية هذه النظرية بين مجموعة العوامل أقامت المسؤولية‬
‫(‪)1‬‬
‫الجنائية على أساس شخصي فأسستها على الركن المادي‪.‬‬
‫* نظرية السبب الفعال‬
‫يذهب أنصار هذه النظرية إلى أن العوامل التي تتظافر في إحداث النتيجة تختلف من‬
‫حيث قوتها في مساهمتها في ذلك‪ ،‬مما يصعب معه القول أن تنسب النتيجة لعامل أو سبب‬
‫واحد‪ ،‬وعليه يتعين أن تنسب النتيجة ألقوى األسباب‪ ،‬أي السبب الرئيسي والفعال‬
‫(‪)2‬‬
‫لحدوثها‪.‬‬
‫وقد تعرضت هذه النظرية للنقد وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحصر قيام المسؤولية الجنائية في سبب واحد وهو السبب الفعال منها مهملة بقية‬
‫األسباب التي تكون قد ساهمت في وقوع الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة التفرقة بين مجموع العوامل واألسباب لعدم وجود معيار يمكن على أساسه تقرير‬
‫ما إذا كان السبب موضوع البحث هو األولى أم ال‪.‬‬
‫‪ -‬أن قوة الفعل ال تكمن في مادياته فقط‪ ،‬بل إنها تكمن أيضا في الجانب اإلرادي لفاعله‬
‫أيضا مما يضفي عليه صفة الفعل الواعي المسؤول‪.‬‬
‫* نظرية السبب المالئم‬
‫حيث تقوم هذه النظرية على أساس رفضها لنظريتي تعادل األسباب والسبب األقوى‬
‫أو الفعال‪ ،‬وتبني عالقة السببية بين الفعل والنتيجة على السبب المالئم وتقيم النظرية معيا ار‬
‫للتفرقة بين العوامل المألوفة والعوامل الشاذة غير المألوفة‪ ،‬على أساس عنصري العلم أو‬
‫إمكانية العلم لتقريرها إذا كان السبب مالئما أو كافيا أو مناسبا أو شاذا إلحداث النتيجة‬

‫‪ - 1‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬


‫‪ - 2‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.247‬‬

‫‪40‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المجرمة‪ ،‬فإذا توافر العلم أو كان بإمكان الفاعل العلم‪ ،‬فإن اإلمكانية المادية والموضوعية‬
‫(‪)1‬‬
‫تعتبر متوافرة‪ ،‬وبالتالي تقوم العالقة السببية بين الفعل وبين النتيجة التي تحققت‪.‬‬
‫وقد انتقدت هذه النظرية من أوجه مختلفة‪:‬‬
‫‪ -‬هناك من الحاالت التي تكون في اإلمكانيات المادية متوفرة ورغم ذلك ال تقوم الجريمة‪،‬‬
‫فمثال في الشروع في القتل ال وجدود لعالقة السببية لعدم قيام الجريمة التامة لتخلف النتيجة‬
‫بسبب وقفها أو خيبتها رغم أن اإلمكانيات المادية كانت متوفرة‪،‬‬
‫‪ -‬القول باستبعاد بعض العوامل – العوامل الشاذة وغير المألوفة – وإغفال تأثيرها‬
‫ومساهمتها في إحداث النتيجة يؤدي إلى التضييق في نطاق المسؤولية الجنائية من جهة‬
‫ومن جهة أخرى ال يمكن إغفال تأثيرها‪،‬‬
‫‪ -‬ضابط التفرقة بين ما يعتبر من األسباب مألوفا فتقوم عالقة السببية بينه وبين النتيجة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬وبين ما يعتبر أسبابا شاذة غير مألوفة فتستبعد ضابط ال يسنده سبب قوي ألن‬
‫هناك فرق بين قوة العامل وبين العلم به‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ضابط يخلط بين ركني الجريمة‪،‬‬
‫المادي والمعنوي‪ ،‬في حين أن العالقة السببية عنصر من عناصر الركن المادي‪،‬‬
‫‪ -‬أنها تخلط بين ركني الجريمة‪ ،‬المادي والمعنوي بإدخالها فكرة التوقع وفقا للمجرى العادي‬
‫لألمور‪ ،‬ذلك أن التوقع يتعلق بالركن المعنوي‪ ،‬وعالقة السببية ذات طبيعة مادية تتعلق‬
‫(‪)2‬‬
‫بالركن المادي‪.‬‬
‫‪ -‬موقف المشرع الجزائري‬

‫ال يوجد نص صريح في قانون العقوبات يفيد بأن المشرع أخذ بواحدة من النظريات‬
‫الثالثة أو بكلها‪ ،‬لذا يجب الرجوع إلى االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫يأخذ القضاء في الجزائر بهذه النظريات بحسب القضايا المطروحة أمام جهة الحكم‬
‫حيث يختلف األمر باختالف نوع الجريمة وعلى سبيل المثال‪ :‬فإذا كان بصدد جرائم القتل‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 248‬‬


‫‪ -2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪41‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫العمد فإن القاضي يستعين بالخبرة الطبية لتحديد السبب المباشر الذي أدى إلى الوفاة من‬
‫جهة ووقت حدوث الوفاة من جهة أخرى‪ ،‬أي أن القضاء يأخذ بنظرية السبب المباشر‪ ،‬في‬
‫جريمة القتل العمد يكون الجاني مسؤوال عن وفاة المجني عليه متى كانت النتيجة وهي‬
‫الوفاة مرتبطة بنشاطه ارتباطا وثيقا ال يسمح بالتردد في القول بأن هذا النشاط هو السبب‬
‫المباشر في حدوث الموت سواء حصل القتل بفعل إيجابي أو بفعل سلبي أي القتل‬
‫(‪)1‬‬
‫بالترك‪.‬‬
‫ج‪ -‬الركن المعنوي للجريمة‬
‫إن قيام الجريمة في القانون ال يتوقف فقط على ارتكاب الواقعة المادية من طرف‬
‫الجاني إنما يستلزم اربطة نفسية تصل بين الجاني والفعل المادي الذي يقوم بارتكابه‪.‬‬
‫والركن المعنوي في الجريمة يستلزم توافر عناصره ليكون قابال لتجسيد النية اإلجرامية‬
‫(‪)2‬‬
‫وهما عنص ار العلم واإلرادة‪.‬‬
‫‪ -1‬عنصر العلم في الجريمة‬
‫من منطلق أن العلم أحد العناصر األساسية التي يقوم عليها القصد الجنائي فإننا‬
‫استعرض معناه وبيان محله‪.‬‬
‫ا‬ ‫درسته من خالل‬
‫نحاول ا‬
‫الجزئري معناه توافر اليقين لدى الجاني بأن سلوكه يؤدي‬
‫ا‬ ‫العلم في قانون العقوبات‬
‫جرمية يعاقب عليها قانونا مع علمه بجميع العناصر القانونية للجريمة‪ ،‬فإذا‬
‫إلى نتيجة إ ا‬
‫جرمي‬
‫انتفى العلم بأحد هذه العناصر انتفى القصد الجنائي ألنها هي التي تمد النشاط اإل ا‬
‫جرمية األخرى كالقتل غير العمدي‬
‫الوصف القانوني بالتالي تميزها عن باقي الوقائع اإل ا‬
‫يحدث عن غير قصد بدون علم من الجاني‪ ،‬فالعلم اليقيني يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقعة‬

‫‪ - 1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.249‬‬


‫‪ - 2‬ساامير عاليااة‪ ،‬أصااول قااانون العقوبااات ‪ -‬القساام العااام ‪ -‬معااالم و نطاااق تطبيااق الجريمااة والمسااؤولية والجازاء‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ، 1996،‬ص‪. 234‬‬

‫‪42‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫جرمية التي يقوم بها الجاني كجريمة السرقة مثال فالجاني يعلم أنه فعل يجرمه القانون‬
‫اإل ا‬
‫(‪)1‬‬
‫ومع ذلك تعمد فعل ذلك‪.‬‬
‫ويفترض في الجاني أن يكون عالما بالقانون الذي يعاقب على كل ال ا‬
‫جرئم مهما كان‬
‫درية بجميع الوقائع التي تكون الجريمة‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن محل‬
‫نوعها وأن يكون على ا‬
‫العلم يتكون من العلم بالقانون والعلم بالوقائع باإلضافة إلى العلم بزمان ومكان ارتكاب‬
‫الجريمة‪ ،‬العلم ببعض صفات الجاني أو المجني عليه والعلم بظروف الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬العلم بالقانون‬
‫فيما يخص العلم بالقوانين العقابية فمن المعروف قانونا أن كل إنسان يفترض فيه‬
‫العلم بالقوانين العقابية وال يعذر أحد بجهله أو يحتج بذلك أو وقع في غلط في القانون فإذا‬
‫احتج الجاني الذي قام بجريمة القتل مثال بعدم علمه بأنه فعل مجرم قانونا ال يعتد به كعذر‬
‫لنفي المسؤولية التي تقوم عليه‪ ،‬وهذا مبدأ أساسي تقوم عليه مصلحة المجتمع فالسارق‬
‫الجرئم مهما كانت وعدم األخذ‬
‫ا‬ ‫يعاقب والقاتل يعاقب أو باألحرى كل من ارتكب جريمة من‬
‫بهذا المبدأ يعني إتاحة الفرصة للمجرمين باالحتجاج بالجهل أو الغلط في القانون واستنادا‬
‫إلى ذلك فإن أغلب التشريعات والقوانين العقابية تأخذ بهذا المبدأ فهناك من ينص عليه‬
‫(‪)2‬‬
‫صرحة وهناك من يذكره ضمنا‪.‬‬
‫ا‬
‫ورغم أن القاعدة العامة هي أنه ال يعذر أحد بجهله القانون‪ ،‬إال أنها ليست على‬
‫إطالقها‪ ،‬إذ يرد عليها استثناء وحيد يتمثل في حالة القوة القاهرة التي تحول دون وصول‬
‫الجريدة الرسمية إلى جزء من إقليم الدولة‪ ،‬كاحتالل األجانب لمنطقة معينة أو حدوث زلزال‬
‫أو فيضان أو وباء ترتب عليه عزل أفراد منطقة معينة عن باقي أجزاء الوطن وبالتالي يمكن‬
‫لألفراد في مثل هذه الظروف أن يحتجوا بجهلهم القانون مع بذل الجهد الشديد لتوضيح أن‬

‫‪ - 1‬صااالح نبيااه‪ ،‬النظريااة العامااة للقصااد الجنااائي ‪ -‬مقارنااة بكاال ماان القصااد االحتمااالي والقصااد المتعاادي والقصااد‬
‫الخاص‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪. 5‬‬
‫‪ - 2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.251‬‬

‫‪43‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫دفعهم بهذا الدفع والدفاع مبنى على سند من الواقع يؤيده تأييدا ال تنال منه أوهن‬
‫(‪)1‬‬
‫الشكوك‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أنه ال يوجد نص تشريعي يقرر هذا االستثناء على قاعدة عدم جواز‬
‫االعتذار بالجهل بالقانون‪ ،‬إال أن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلى أنه يجوز االحتجاج‬
‫بالجهل بالقانون وطلب اإلعفاء من تطبيقه في حالة وحيدة وهي القوة القاهرة المشار إليها‬
‫آنفا‪ ،‬إذ ال شك في أن مقتضيات العدالة ال تقبل إلزام األفراد بما ليس في مقدرتهم‪ ،‬وبما‬
‫تحول بينهم وبين العلم به أسبابا ال قبل للبشر بالسيطرة عليها‪ ،‬وهذا األمر في مجمله ال‬
‫(‪)2‬‬
‫يزال موضع اجتهاد فقهى حامي الوطيس‪.‬‬
‫‪ -‬العلم بالوقائع المجرمة‬
‫العلم بالوقائع فاألصل أن يكون الجاني على علم بجميع الوقائع المكونة للجريمة ألن‬
‫القصد الجنائي يتوافر إذا علم الجاني بجميع العناصر التي تتكون منها الجريمة فالمشرع‬
‫يشترط العلم بموضوع الحق المعتدى عليه‪ ،‬حيث يتطلب القانون أن يكون الجاني على علم‬
‫بموضوع الحق المعتدي عليه وهذا شرط ضروري لتوافر القصد الجنائي فالقتل مثال هو‬
‫اعتداء على حياة إنسان‪ ،‬ولكي يتوافر القصد في هذه الجريمة يتطلب أن يكون الجاني على‬
‫علم يقيني أنه بصدد القضاء على حياة إنسان‪ ،‬كذلك العلم بالنتيجة أمر مطلوب لتوافر‬
‫القصد لدى الجاني إذ يجب عليه أن يعلم بأن الفعل الذي يرتكبه قد يرتب النتيجة التي يريد‬
‫الجزئية في حق الجاني على أساس‬
‫ا‬ ‫تحقيقها والتي يشترطها القانون حتى تترتب المسؤولية‬
‫(‪)3‬‬
‫الخطأ العمد وبتوافر هذا األخير لديه تكون الجريمة عمدية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر الشاوي ساالطان حمحمااد عبااد هللا الوريكااات‪ ،‬المبااادئ العامااة فااي قااانون العقوبااات‪ ،‬الطبعااة األولااى‪،‬‬
‫دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪ ، 2011،‬ص‪. 23‬‬
‫‪ - 2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ - 3‬عبد القادر عدو‪ ،‬قانون العقوبات الج ازئااري ‪ -‬القساام العااام ‪ -‬نظريااة الجريمااة ‪ -‬نظريااة الجازاء الجنااائي‪ ،‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.183‬‬

‫‪44‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬العلم بزمان ومكان ارتكاب الجريمة‬


‫اإلجرمي أمر يجب على الجاني العلم به فاألصل‬
‫ا‬ ‫العلم بزمان ومكان ارتكاب الفعل‬
‫الجزئري ال يعتد بمكان وزمان ارتكاب الجريمة‪ ،‬فهو يجرم الفعل دون االعتداء‬
‫ا‬ ‫أن المشرع‬
‫خطر على حق أو‬
‫ا‬ ‫اإلجرمي يشكل‬
‫ا‬ ‫ال بمكان وال بزمان ارتكابه على أساس أن الفعل‬
‫الجرئم علم‬
‫ا‬ ‫مصلحة األشخاص أيا كان المكان والزمان‪ ،‬إال أن المشرع يشترط في بعض‬
‫الجاني بزمان ومكان ارتكاب الجريمة‪ ،‬فمثال جريمة اختطاف األطفال وتركهم ال تتم إال في‬
‫الجزئري وإن كانت من‬
‫ا‬ ‫مكان خالي منصوص عليها في المادة ‪ 314‬من قانون العقوبات‬
‫الجرائم التي يجرم فيها الشخص المعنوي‪ ،‬أو السرقة التي تتم في أماكن العبادة وفي ما‬
‫يخص الزمان نذكر على سبيل المثال جناية الخيانة في زمن الحرب نصت عليها المادة ‪62‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الجزئري‪.‬‬
‫ا‬ ‫من قانون العقوبات‬
‫‪ -‬العلم بصفات الجاني أو المجني عليه‬
‫من الوقائع التي يشترط القانون كذلك علم الجاني بها العلم ببعض الصفات في الجاني‬
‫أو المجني عليه‪ ،‬فاألصل هو تطبيق النصوص القانونية على كل شخص يرتكب فعال‬
‫إجرميا‪ ،‬فالقانون يسري على الجميع دون البعض فقط وهو مبدأ عمومية النص القانوني‪ ،‬إال‬
‫ا‬
‫الجرئم‪ ،‬فالمشرع استثنى طائفة من األشخاص الذين يقومون‬
‫ا‬ ‫أنه هناك استثناء في بعض‬
‫الجرئم فال يتوافر القصد الجنائي لديهم إذا ثبت أنهم يتصفون بحالة قانونية أو فعلية‬
‫ا‬ ‫ببعض‬
‫معينة‪ ،‬نذكر على سبيل المثال جريمة الرشوة واختالس أموال عامة أو خاصة المعاقب‬
‫عليها بموجب قانون مكافحة الفساد‪ ،‬ال يرتكبها إال كان يتصف بصفة الموظف فعلم الجاني‬
‫الذي يتهم بهذه الجريمة بأنه موظف يتوافر القصد الجنائي لديه وتقوم المسؤولية في حقه‬
‫(‪)2‬‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪ - 1‬صالح نبيه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪ - 2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬

‫‪45‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬العلم بظروف الجريمة‬


‫العلم بالظروف المشددة التي تغير من وصف الجريمة التي تستوجب علم الجاني بها‬
‫وهي عناصر تابعة ألحد العناصر المكونة للجريمة فتضفي عليها وصفا ويرتب ظرفا مشددا‬
‫من حيث أن الجريمة تصبح أكثر جسامة‪ ،‬وعقوبتها تكون أشد ويجب أن يكون الجاني على‬
‫علم بذلك الظرف المشدد الذي يغير من وصف الجريمة‪ ،‬مثل جريمة الضرب واالعتداء‬
‫(‪)1‬‬
‫على األصول تختلف عن االعتداء على شخص غريب‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى هناك وقائع ترتبط بالجريمة إال أن ذلك االرتباط ال يكون وثيقا وال تعد‬
‫هذه الوقائع من العناصر األساسية التي تكون الجريمة‪ ،‬بالتالي ال يشترط القانون ضرورة‬
‫العلم بها‪ ،‬أي أن القصد الجنائي يتوافر حتى ولو ثبت جهل الجاني بها وتتمثل هذه الوقائع‬
‫في عناصر األهلية الجنائية حيث تقوم األهلية في هذه الحالة على اإلدراك والتمييز وهي‬
‫من األمور التي يحددها القانون وهي تنتج أثرها بغض النظر عن علم الجاني بها أو عدم‬
‫فمن يرتكب الجريمة معتقدا أنه دون السن التي يعد فيها أهال لتحمل المسؤولية‬ ‫(‪)2‬‬
‫علمه‪.‬‬
‫الجنائية‪ ،‬ثم يتبين للقاضي أنه قد بلغ السن القانوني الذي يجعله أهال لتحمل المسؤولية فإن‬
‫جهل الجاني بذلك ال يؤثر في توافر القصد لديه‪ ،‬هناك أيضا الشروط الموضوعية للعقاب‬
‫اشترط علم الجاني‬
‫ا‬ ‫إال أنها ليست من العناصر المكونة للجريمة فالقصد الجنائي يتوافر دون‬
‫الجزئرية معاقب عليها في‬
‫ا‬ ‫الجزئري الذي يرتكب جريمة خارج إقليم الجمهورية‬
‫ا‬ ‫بها‪ ،‬فمثال‬
‫الجزئر سواء علم بأن قانون بلده يجرم ذلك‬
‫ا‬ ‫القانون ال ا‬
‫جزئري سوف يتابع ا‬
‫جزئيا ويحاكم في‬
‫(‪)3‬‬
‫الفعل أو لم يعلم‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 582‬قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬الاادراجي غااازي حنااون خلااف‪ ،‬اسااتظهار القصااد الجنااائي فااي جريمااة القصااد العمااد‪ ،‬منشااورات الحلبااي الحقوقيااة‬
‫لبنان‪ ،2012،‬ص‪.29‬‬
‫‪ - 2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪ - 3‬الدراجي غازي حنون خلف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 29‬‬

‫‪46‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -2‬عنصر اإلرادة في القصد الجنائي‬


‫اإلردة هي العنصر الثاني للقصد الجنائي بعد العلم وهي قوة نفسية توجه كل أو‬
‫ا‬
‫اإلردة ينتفي القصد الجنائي‬
‫بعض أعضاء الجسم لتحقيق غرض غير مشروع‪ ،‬وبانتفاء ا‬
‫ونستنتج ذلك بالرجوع إلى نص المادة ‪ 48‬من قانون العقوبات الجزائري التي تنص على‪:‬‬
‫لإلردة أهمية‬
‫"ال عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعها " و ا‬
‫الجرئم العمدية وغير‬
‫ا‬ ‫تظهر في كونها جوهر القصد الجنائي‪ ،‬كما تظهر في التمييز بين‬
‫الجرئم غير‬
‫ا‬ ‫الجرئم العمدية إلى السلوك والنتيجة معا‪ ،‬أما في‬
‫ا‬ ‫العمدية حيث تتجه اإلاردة في‬
‫النتيجة‪)1( .‬‬ ‫اإلردة إلى السلوك فقط دون‬
‫العمدية تتجه ا‬
‫إردة السلوك معناه أيضا أن الجاني يريد القيام بذلك السلوك ويرغب فيه‬
‫كما أن ا‬
‫ويفترض علمه بماهية ذلك الفعل وخطورته على الحقوق التي يحميها القانون‪ ،‬رغم ذلك‬
‫اإلردة وتدفعه إلى إتيان الحركة التي‬
‫يرغب فيه وهذه الرغبة تجعل أعضاء جسمه تلبي تلك ا‬
‫(‪) 2‬‬
‫يتطلبها ذلك السلوك حتى تقوم تلك المهمة‪.‬‬
‫الري‬
‫غير أن الجدير بالذكر هو ضعف الركن المادي في جرائم الشركات حيث أشار أ‬
‫الغالب في الفقه المقارن والتشريعات المقارنة أنه ال يتم التقيد بالركن المعنوي في هذا النوع‬
‫الجرئم‪ ،‬وال يتطلب التشدد في إثباته خشية أن يؤدي التحري عنه في بعض الحاالت‬
‫ا‬ ‫من‬
‫إلى عدم تطبيق النصوص الخاصة بها‪ ،‬وهي نتيجة خطيرة تمس بالمصالح التي يقصد‬
‫جرئم مادية بحتة تقوم بمجرد‬
‫الجرئم بأنها ا‬
‫ا‬ ‫المشرع حمايتها‪ ،‬ولقد تم وصف هذا النوع من‬
‫(‪)3‬‬
‫ارتكاب الفعل المادي دون حاجة إلثبات الركن المعنوي فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mayaud (Y),Droit pénal général, 2e édition, Presses Universitaires de‬‬
‫‪France ,Paris, 2004, p251.‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم بلعليات‪ ،‬أركان الجريمااة وطاارق إثباتهااا فااي قااانون العقوبااات الج ازئاري‪ ،‬دار الخلدونيااة للنشاار والتوزيااع‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2007،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ - 3‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬

‫‪47‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ثـانيا‪ :‬ارتكاب الفعل لحساب الشركة التجارية‬


‫ال تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة التجارية إال إذا ارتكبت األفعال‬
‫غير المشروعة لحسابها‪.‬‬
‫هكذا يستلزم المشرع لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪ ،‬شروطا مرتبطة بالسلوك‬
‫اإلجرامي في حد ذاته والذي يجب أن يكون " لحساب" الشركة بمفهوم المخالفة ال تؤدي‬
‫األفعال غير المشروعة المرتكبة لحساب المدير أو أي شخص آخر إلى قيام المسؤولية‬
‫الجزائية للشركة التجارية‪.‬‬
‫إن مصطلح " لحساب" غامض‪ ،‬فالمشرع الجزائري وعلى غرار نظيره الفرنسي لم يبين‬
‫مفهوم هذا المصطلح ولم يبين المعايير التي يمكن االستناد إليها لتحديد مفهومه مما يفتح‬
‫(‪)1‬‬
‫المجال لجدالت فقهية وقضائية‪.‬‬
‫‪ -1‬مختلف اآلراء الفقهية والقضائية حول مصطلح "لحساب"‬
‫يرى جانب من الفقه الفرنسي أن عبارة "لحساب الشركة" يقصد بها تحقيق فائدة للشركة‬
‫أو على األقل تخصم لفائدتها‪ ،‬مثال الجنح التي ترتكب في إطار استراتيجية المؤسسة‬
‫لجرئم المتعلقة باألسعار‪ ،‬التقليد)‪.‬‬
‫وتهدف إلى المساس بحرية المنافسة ( ا ا‬
‫‪"L’acte pour le compte de la société sera le plus souvent un acte‬‬
‫"‪réalisé dans son intérêt.‬‬ ‫( ‪)2‬‬

‫إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تشبه لحد ما المسؤولية عن طاريق التحريض‬
‫والتي مفادها أن شخصا يحارض شخصاا آخر على ارتكاب جريمة ماعينة لحسابه الخاص‬
‫وليس لحساب منفاذ الجريماة‪ ،‬فااألمر نفساه بالنسباة للشاخص المعناوي مثال يقاوم المدير‬
‫بالتصنت غير المشروع فيكتشف سر منتوج ألحد المنافسين‪ ،‬مما يؤدي إلى جني فوائد‬

‫‪1- Stefani (G), Georges (L), )Bernard( Bouloc, Droit pénal général, 16e édition,‬‬
‫‪Dalloz.,1997 p 254.‬‬
‫‪2- Jacques (D), Le droit des sociétés, Dalloz,France, 1998, p 304.‬‬

‫‪48‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫لصالح خزينة الشركة‪ ،‬فالتجسس قد تم لحساب الشركة‪ ،‬ولذلك فإن عبارة" لحسابه" حسب‬
‫هؤالء تحمل في ط ياتها شرط ارتكاب الفعل لفائدتها سواء كانت هذه الفائدة مادية أو معنوية‬
‫(‪)1‬‬
‫إال أن المشرع لم يفصح عنها لصعوبة إثباتها‪.‬‬
‫كما يرى جانب آخر من الفقه الفرنسي أن كل فعل تم لحساب الشركة يكون دائما فعال‬
‫تحقق لمصلحتها‪ ،‬وبالتالي يجب استبعاد الجريمة المرتكبة من قبل عامل بسيط أو عندما‬
‫يتصرف المدير بهاذه الصفاة أثنااء أو بمناسباة مماارسته لوظاائفه ولاكن لحاسابه الاخاص‬
‫ولمصلحته الشخصية وحدها‪ ،‬كما ال يجب استبعاد متابعة الشخص المعنوي على جرائم‬
‫اإلهمال وعدم االحتياط ألنه في أغلب هذه الجرائم تكون المصلحة الخاصة متداخلة مع‬
‫المصلحة الجماعية‪ ،‬غير أنه ال تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إذا كان من شأن‬
‫الفعل غير المشروع الذي يرتكبه الجهاز أو الممثل إلحاق ضرر بالشركة‪.‬‬
‫حسب هؤالء‪ ،‬يجب أن ترتكب الجريمة لتحقيق مصلحة للشخص المعنوي كتحقيق ربح‬
‫أو تجنب إلحاق ضرر‪ ،‬وال يشترط أن تكون هذه المصلحة مادية أو معنوية مباشرة أو غير‬
‫مباشرة‪ ،‬محققة أو احتمالية‪ ،‬إذ يكفي ارتكابها ضمانا لتنظيم وحسن سير أعمال الشركة‬
‫التجارية أو تحقيق أغراضها ولو لم تحقق في النهاية أية فائدة‪.‬‬
‫خاصة أن الصيغة النهائية التي صدر بها قانون العقوبات الفرنسي م ا‬
‫ؤخر يستبعد أن‬
‫يكون ارتكاب الجريمة لفائدة الشخص المعنوي‪ ،‬بالرغم من أن المشروع األول لقانون‬
‫العقوبات لسنة ‪ 1978‬كان يناص عالى أن قياام الامسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يتطلب‬
‫ارتكاب الجرائم "باسام" و"داخال المصلحة الجماعية له"‪ ،‬وسبب هذا االستبعاد هو تفادي‬
‫إثباتها‪)2(.‬‬ ‫البحث عن توافر المصلحة الجماعية لصعوبة‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع األمريكي اشترط لقيام المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي والشركة التجارية أن يرتكب الجريمة أحد ممثليها أو موظفيها أو عامليها‪ ،‬إذا تم في‬

‫‪ -1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.355‬‬


‫‪2- Alain (C), Elisabeth (F), Droit pénal du travail, Edition Litec, France, 1998, p183.‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫إطار مباشرة االختصاص الوظيفي ولحساب الشركة‪ ،‬أو إذا كانت الجريمة تشكل امتناعا‬
‫عن التزام فرضه القانون على الشخص المعنوي‪ ،‬في حين ذهب القضاء األمريكي إلى‬
‫مسائلة الشخص المعنوي جزائيا ليس فقط عن الجرائم التنظيمية والالئحية بل حتى على‬
‫الجرائم التقليدية المقررة في الشريعة العامة والتي تتطلب القصد الجنائي والتي يجاب أن‬
‫(‪)1‬‬
‫تكون مرتكبة من قبل موظفيه وعامليه باسمه ولحسابه‪.‬‬
‫‪ -2‬موقف المشرع الجزائري من مصطلح لحسابه‬
‫لم يعرف المشرع الجزائري هو اآلخر مصطلح "لحسابه"‪.‬‬
‫يقصد بعبارة لحسابه أن الشخص المعنوي ال يسأل إال عن األفعال التي يتم تحقيقها‬
‫(‪)2‬‬
‫لمصلحته أو لفائدته‪ ،‬كتقديم رشوة لحصول مؤسسة اقتصادية على صفقة‪.‬‬
‫هكذا يظهر أن المشرع الجزائري لم يقحم نفسه في متاهات لشرح عبارة لحسابه فبمجرد‬
‫تحقيق مصلحة أو فائدة من جراء أفعال غير مشروعة تقوم المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫االعتباري وبالتالي الشركة التجارية‪.‬‬
‫غير أن مصطلح مصلحة الشركة في مجال قانون الشركات هي األخرى غامضة ألن‬
‫المشرع لم يعرفها بالرغم من أنه استعملها في العديد من المناسبات‪ ،‬وبالتالي يمكن تعريف‬
‫مصطلح مصلحة الشركة بالرجوع إلى المفهوم التعاقدي للشركة الذي يعتمده المشرع‪ ،‬على‬
‫أنها مصلحة الشركاء مجتمعين وهي نتيجة لتصرف إرادي جماعي بغية تحقيق أغراض‬
‫مالية متفق عليها‪ ،‬والتي تتماثل في الاابحث عان اقتسام األرباح أو بلوغ هدف اقتصادي ذي‬
‫منفعة مشتركة‪.‬‬
‫وتعتبر مصلحة الشركة أساسية ضمن األحكام الخاصة بتنظيم وتسيير الشركات‬
‫التجارية وهي ذات طبيعة متغيرة ومن الصعب تحديد مضمونها الحتمالها العديد من‬
‫المفاهيم بحسب النظرية المعتمدة في تعريف الشركة‪ ،‬في هذا اإلطار يذهب اتجاه إلى أن‬

‫‪ -1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬


‫‪ -2‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الشركة عقد إال أنها عقد من نوع خاص يتطلب لقيامه أركانا خاصة إلى جانب األركان‬
‫العامة‪ ،‬ويترتب عن هذا العقد شخصية معنوية‪.‬‬
‫ويذهب اتجاه آخر إلى اعتبار الشركة بمثابة نظام‪ ،‬ينظم المشرع هيكلته ويتدخل في‬
‫تأسيسه وتسييره وإدارته ووضع نظاما للمسؤولية المدنية والجنائية لردع المخالفين له ويتولد‬
‫عن هذا النظام شخص معنوي مستقل عن باقي األشخاص المكونين له‪.‬‬
‫في حين ذهب اتجاه آخر إلى أن الشركة تحمل تلك المعاني مجتمعة‪ ،‬فتارة تفيد العقد‬
‫وتارة أخرى تفيد النظام‪ ،‬وقد تكون تصرفا قانونيا بإرادة منفرة وهي في كل األحوال شخص‬
‫(‪)1‬‬
‫معنوي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬وجوب وجود نص قانوني يجرم الفعل بالنسبة للشركة التجارية‬
‫باإلضافة إلى شرط ارتكاب الفعل لحساب الشخص المعنوي أضاف المشرع شرطا‬
‫آخر وهو وجوب وجود نص يجرم الفعل وذلك بموجب نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬التي جاء فيها أن الشخص المعنوي يكون محال المساءلة الجزائية عندما ينص‬
‫القانون على ذلك‪ ،‬حيث جاء فيها‪ ":‬باستثناء الدولة والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية‬
‫الخاضعة للقانون العام‪ ،‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب‬
‫لحسابه من طرف أجهزته وممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك‪"...‬‬
‫(‪)2‬‬

‫فبالنسبة للقانون الجزائري‪ ،‬فإنه يمكن اعتبار محتوى الفقرة األولى من المادة ‪ 51‬مكرر‬
‫من قانون العقوبات‪ ،‬التي تشترط أال يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا إال في الحاالت‬
‫التي ينص فيها القانون على ذلك‪ ،‬تطبيقا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبات الذي كرسته المادة‬
‫األولى من قانون العقوبات التي تنص على أنه " ال جريمة وال عقوبة أو تدبير أمن بغير‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري ‪ -‬شركات ألشااخاص‪ ،‬الطبعااة الثامنااة‪ ،‬دار هومااة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬أضيفت بالقانون رقم‪ 15 - 04 :‬المؤرخ في ‪، 2004/11/10‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 71‬لسنة ‪.2004‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫قانون"‪ ،‬فمن البديهي‪ ،‬أنه ليس هناك تجريم جزائي خارج الحاالت التي ينص عليها القانون‬
‫سواء تعلق األمر بالجنايات والجنح أو المخالفات‪.‬‬
‫إن وجود نص قانوني خاص يقرر المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية يعتبر شرطا‬
‫أساسيا ال بد منه لشرعية المتابعات التي ال تكون مقبولة شكال في غيابه‪ ،‬وهو ما أكدته‬
‫محكمة النقض الفرنسية‪.‬‬
‫إن ضرورة وجود نص قانوني تفرض نفسها مهما كانت طريقة مساهمة الشركة‬
‫في التجريم‪ ،‬سواء كانت فاعال أو شريكا‪ ،‬فمن غير الممكن متابعة الشركة‬ ‫التجارية‬
‫التجارية كشريك بالنسبة للجرائم التي لم ينص عليها المشرع كما يرى القضاء الفرنسي أن‬
‫الصرامة في تطبيق مبدأ التخصص تقتضي ضرورة أن يكون النص الذي تتم على أساسه‬
‫المجرمة وليس وقت اإلدانة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫َ‬ ‫المتابعة ساري المفعول وقت ارتكاب األفعال‬
‫عدم قبول تدارك سكوت المشرع بتفسير موسع للنصوص التي تتالءم عموميتها في التطبيق‬
‫مع األشخاص الطبيعيين واألشخاص المعنوية معا خاصة وأن التجريم يقصد " كل من "‬
‫هناك عدة أحكام صدرت في الموضوع قضت بعدم قبول المتابعات في مادة قانون العمل‪،‬‬
‫قانون االستهالك‪ ،‬بسبب سكوت المشرع على النص على معاقبة الشركة التجارية صراحة‪.‬‬
‫غير أن هذه النصوص قد تقابلها نصوص أخرى تقرر أن ذات السلوك المجرم أصال‬
‫إذا توافرت بالنسبة له ظروف معينة يصبح سلوكا مشروعا أي مباحا وعلى ذلك فإن الصفة‬
‫غير المشروعة ليست دائمة‪ ،‬فهي قابلة للزوال إذا انطبق على السلوك قاعدة سلبية‪ ،‬أي إذا‬
‫توافر فيه سبب من أسباب اإلباحة يدفع عنه صفة عدم المشروعية وبذلك تمثل أسباب‬
‫اإلباحة قيودا على نصوص التجريم‪ ،‬مما يعني أن للركن الشرعي عنصرين هما وجود نص‬
‫جنائي يجرم الفعل‪ ،‬وعدم وجود سبب من أسباب اإلباحة ومبدأ الشرعية يقوم على دعامتين‬
‫(‪)1‬‬
‫أساسيتين حماية الحرية الشخصية والحرية العامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬القانون الجنائي الدستوري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪.32‬‬

‫‪52‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أوال‪ :‬نصوص التجريم في قانون العقوبات‬


‫بالنسبة لقانون العقوبات فقد حدد المشرع الجزائري الجرائم التي يعاقب عليها الشخص‬
‫المعنوي في الجزء الثاني من قانون العقوبات في الكتاب الثالث المعنون بالجنايات والجنح‬
‫وعقوباتها في بابه األول في الجنايات والجنح ضد الشيء العمومي من خالل الفصل األول‬
‫المعنون بالجنايات والجنح ضد أمن الدولة وذلك بموجب نص المادة ‪ 96‬مكرر‪ ،‬وفي‬
‫الفصل الخامس المعنون بالجنايات والجنح التي يرتكبها األشخاص ضد النظام العمومي‬
‫بموجب نص المادة ‪ 175‬مكرر‪ ،‬والفصل السادس تحت عنوان الجنايات والجنح ضد األمن‬
‫العمومي في القسم األول المتضمن جرائم تكوين جمعيات األشرار ومساعدة المجرمين‬
‫السيما المادة ‪ 177‬مكرر‪ ،1‬والفصل السابع في التزوير بموجب نص المادة ‪ 253‬مكرر‬
‫السيما تزوير النقود في القسم األول منه‪ ،‬تقليد أختام الدولة والدمغات والطوابع والعالمات‬
‫في القسم الثاني‪ ،‬تزوير المحررات العمومية أو الرسمية في القسم الثالث‪ ،‬التزوير في‬
‫المحررات العرفية أو التجارية أو المصرفية في القيم الرابع‪ ،‬التزوير في بعض الوثائق‬
‫اإلدارية والشهادات في القسم الخامس‪ ،‬شهادة الزور واليمين الكاذبة في القسم السابع‪،‬‬
‫انتحال الوظائف واأللقاب أو األسماء أو إساءة استعمالها في القسم الثامن‪.‬‬
‫الباب الثاني المعنون بالجنايات والجنح ضد األفراد في الفصل األول في الجنايات‬
‫والجنح ضد األشخاص من خالل القسم الثالث في القتل الخطأ والجرح الخطأ‪ ،‬والقسم الرابع‬
‫في االعتداء الواقع على الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف‪ ،‬والقسم الخامس في‬
‫االعتداءات على شرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم الخاصة وإفشاء األسرار بموجب‬
‫نص المادة ‪ 303‬مكرر‪ 3‬والمتمثلة في القتل الخطأ والجرح الخطأ واالعتداء على الحريات‬
‫الفردية وحرمة المنازل والخطف االعتداءات على الشرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم‬
‫(‪)1‬‬
‫األسرر‪.‬‬
‫ا‬ ‫الخاصة وإفشاء‬

‫‪ - 1‬عبد الرحمان جباري‪ ،‬دراسات قانونية في المادة الجزائية على ضوء أهم التعديالت الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2013،‬ص ‪.87‬‬

‫‪53‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫باإلضافة إلى الفصل الثالث في الجنايات والجنح ضد األموال من خالل القسم األول‬
‫في السرقات وابتزاز األموال‪ ،‬والقسم الثاني في النصب وإصدار شيك بدون رصيد والقسم‬
‫الثالث في خيانة األمانة المادة ‪ 382‬مكرر‪ ،1‬والقسم الرابع في التفليس والقسم الخامس في‬
‫التعدي على األمالك العقارية‪ ،‬والقسم السادس مكرر في تبييض األموال المادة ‪389‬‬
‫مكرر‪ ،7‬والقسم السابع مكرر المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات في المادة ‪394‬‬
‫مكرر‪ ،4‬والقسم الثامن في الهدم والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل‬
‫النقل‪ ،‬والكتاب الثالث في الباب الرابع تحت عنوان الغش في بيع السلع والتدليس في المواد‬
‫(‪)1‬‬
‫الغذائية والطبية بموجب نص المادة ‪ 435‬مكرر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نصوص القوانين الخاصة‬
‫أما فيما يتعلق بنصوص القوانين الخاصة فقد جرم المشرع الجزائري األفعال التي‬
‫ترتكبها الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا من خالل نصوص خاصة عديدة نورد‬
‫منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 25‬من قانون رقم ‪ 18-04‬مؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر سنة ‪ 2004‬متعلق بالوقاية من‬
‫(‪)2‬‬
‫المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع استعمال واالتجار غير المشروعين بها‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير سنة ‪ 2006‬المتعلق بالوقاية‬
‫(‪)3‬‬
‫من الفساد ومكافحته‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 435‬مكرر من األمر رقم ‪ ، 156-66‬أضيفت بالقانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪، 2006/12/20‬‬


‫جريدة رسمية عدد ‪ 84‬لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 18-04‬مؤرخ في ‪ 2004/12/25‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية وقمع اإلستعمال واالتجار غير المشروعين بها ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 83‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 01-06‬مؤرخ في ‪ 2006/02/20‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتااه ‪ ،‬جرياادة‬
‫رسمية عدد ‪ 14‬لسنة ‪.2006‬‬

‫‪54‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬المادة ‪ 32‬من قانون رقم‪ 01-05 :‬مؤرخ في ‪ 2005/02/06‬المتعلق بالوقاية من‬


‫(‪)1‬‬
‫تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 303‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 9/303‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 551‬من قانون الضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬المادتين ‪119‬و‪ 121‬من قانون التسجيل‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 36‬من قانون الطابع‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 24‬من قانون مكافحة التهريب‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 25‬من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬
‫وما يمكن قوله حول النصوص المجرمة ألفعال الشركة التجارية سواء ما تعلق بقانون‬
‫العقوبات أو القوانين الخاصة‪ ،‬فإن المشرع الجزائري تبنى مبدأ التخصص في التجريم‬
‫بخالف المشرع الفرنسي الذي تخلى عنه‪ ،‬ليوسع مجال التجريم ليشمل كل الجرائم‪ ،‬وهو‬
‫‪ (Fauchon‬بمناسبة‬ ‫اقتراح قدمه النائب عن مجلس الشيوخ الفرنسي بيار فوشو )‪Pierre‬‬

‫مناقشة قانون باربان ‪(Perben2 ) 2‬‬


‫‪La disparition de ce principe a été proposée par un amendement du sénateur‬‬
‫‪Pierre Fauchon, à l’occasion de la discussion de la loi Perben 2 “portant‬‬

‫‪ - 1‬الم ااادة ‪ 32‬م اان الق ااانون رق اام‪ 01-05 :‬الم ااؤرخ ف ااي ‪ 2005/02/06‬المتعل ااق بالوقاي ااة م اان تبي اايض األما اوال‬
‫وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 11‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 36‬من األمر رقم ‪ 103-76‬المؤرخ في ‪ 1976/12/09‬المتعلق بقانون الطابع ‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 39‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 24‬من األمر رقم ‪ 06-05‬المؤرخ في ‪ 2005/08/23‬المتعلق بمكافحة التهريب ‪ ،‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 59‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ في ‪ 2003/07/19‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية‬
‫المستدامة ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 43‬لسنة ‪.2003‬‬

‫‪55‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬
adaptation de la justice aux évolutions de la criminalité”. Cet amendement a été
adopté par les deux assemblées composant le Parlement sans aucune difficulté.
Le principe de spécialité prévu à l’origine par l’article 121-2 du code pénal,
restreignait considérablement le domaine de la responsabilité pénale des
personnes morales, subordonnant celle-ci à l’existence d’un texte
d’incrimination spécial permettant les poursuites pénales. En 1994, ces textes
spéciaux étaient assez peu nombreux ce qui résultait d’un choix législatif
arbitraire qui retenait ou non la responsabilité pénale des personnes morales. La
conséquence de ce nombre restreint de textes d’incrimination spécifiques aux
personnes morales est que des pans entiers de notre droit n’étaient pas
concernés, laissant les personnes physiques seules face à la responsabilité
pénale : le droit des sociétés, le droit du travail, le droit de la consommation, le
droit de l’environnement, le droit de l’urbanisme, le droit fiscal. Le droit pénal
de l’entreprise pour l’essentiel de ses infractions restait curieusement
imperméable à la responsabilité pénale des personnes morales, alors que c’est
dans ce domaine particulier que le nombre des personnes morales susceptibles
de commettre une infraction, est le plus important.(1)
‫ الشروط المتعلقة بالفاعل‬:‫المطلب الثاني‬
‫ البد من توافر شروط أخرى الستكمال قابلية‬،‫باإلضافة إلى الشروط المتعلقة بالجريمة‬
‫ وبما أن الجريمة‬،‫الشركة التجارية للمسائلة الجزائية والمتمثلة في الشروط المتعلقة بالفاعل‬
‫التي تنسب للشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا يشترك في ارتكابها كل من الشخص‬
‫ مكرر من‬51 ‫المعنوي الذي يجب تحديده من خالل ما نص عليه القانون السيما المادة‬
‫قانون العقوبات التي يستشف من نصها الشروط الواجب توافرها في الشركة التجارية ومنها‬
‫وجوب أن تكون الشركة التجارية من أشخاص القانون الخاص وسنتطرق لذلك في الفرع‬
‫ والشرط اآلخر هو وجوب اقتراف الجريمة من قبل أجهزة الشركة التجارية أو من‬،‫األول‬
‫ حتى تكون الجريمة قابلة لوصف جريمة الشركة‬،‫طرف ممثلها أو ممثليها القانونيين‬
.‫وسنتطرق لهذا في الفرع الثاني‬

1- Bernard (B) , L’élargissement de la responsabilité pénale des personnes


morales, Dalloz, Paris, 2006, p 97.

56
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الفرع األول‪ :‬خضوع الشركة التجارية للقانون الخاص‬


‫إن شرط خضوع الشركة التجارية للقانون الخاص شرط قانوني أكده نص المادة ‪51‬‬
‫مكرر من قانون العقوبات بالقول‪ " :‬باستثناء الدولة والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية‬
‫الخاضعة للقانون العام يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا‪ ،"...‬بمفهوم المخالفة يخضع‬
‫للمساءلة الجزائية كل األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص إذا توافرت باقي‬
‫(‪)1‬‬
‫الشروط األخرى‪.‬‬
‫جزئيا كل التجمعات التي منحها المشرع الشخصية المعنوية أو القانونية‪،‬‬
‫وبهذا تسأل ا‬
‫وتعتبر جميع األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص مسؤولة جزائيا سواء كان‬
‫الغرض منها تحقيق الربح كالشركات التجارية والمدنية‪ ،‬أو أن غرضها ليس تحقيق الربح‬
‫كالجمعيات والمؤسسات واألحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية‪ ،‬وهذه القاعدة تتطابق‬
‫مع مبدأ المساواة الذي يتجه إليه القانون الوضعي‪ ،‬الذي يسعى إلى إلغاء جميع الفروق بين‬
‫األشخاص المعنوية واألشخاص الطبيعيين وتندرج ضمن األشخاص المعنوية الخاضعة‬
‫للقانون الخاص التجمعات ذات المنفعة االقتصادية والشركات ذات الشخص الواحد‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والمؤسسات الممثلة للعمال مثل لجان المقاوالت أو المؤسسات ونقابات المالك الشركاء‪.‬‬
‫وعليه فإن جميع التجمعات التي منحها القانون الشخصية المعنوية أو القانونية تكون‬
‫مسؤولة جزائيا‪ ،‬ويستوي أن يكون الشخص المعنوي يحمل الجنسية الجزائرية أو جنسية‬
‫أجنبية طالما أنه ارتكب في الجزائر جريمة من الجرائم التي يسأل عنها جزائيا الشخص‬
‫المعنوي الخاضع للقانون الخاص‪ ،‬حتى لو ارتكبت هذه الجريمة في الخارج‪ ،‬ولكن في‬
‫الحاالت التي تكون فيها الجهات القضائية الجزائية الجزائرية مختصة بالفصل فيها وهو ما‬
‫نصت عليه المواد من ‪ 582‬إلى ‪ 588‬قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 186‬‬


‫‪ - 2‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.358‬‬
‫‪ - 3‬محمد حزيط‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.193‬‬

‫‪57‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ ارتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشركة أو من طرف ممثلها الشرعي‬:‫الفرع الثاني‬


‫ال تكون الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا محال المساءلة الجزائية إال إذا تم‬
.‫ارتكاب الفعل المجرم من طرف إحدى أجهزتها أو من طرف ممثلها الشرعي‬
La responsabilité pénale des personnes morales est également une
responsabilité spéciale, car elle est conçue comme une
responsabilité par représentation. Elle ne pourra être engagée que
lorsque l’infraction aura été commise pour le compte de la personne
morale par une personne physique, et pas n’importe quelle
personne physique : la loi vise exclusivement un organe ou un
représentant. La volonté du législateur dans le code pénal de 1994
était donc claire : les personnes morales devenaient des
responsables pénaux, mais compte tenu de leur nature spécifique,
des responsables différents des personnes physiques.)1(
‫ أجهزة الشركة التجارية‬:‫أوال‬
‫ األشخاص التي‬،‫ مكرر في فقرتها األولى‬51 ‫اختار المشرع الجزائري بموجب المادة‬
‫ إال عن طريق‬،‫ فال تقوم مسئولية الشركة التجارية‬،‫تكون أفعالهم تنسب للشخص المعنوي‬
،‫ ويقصد بأجهزة الشخص المعنوي بوجه عام‬،‫األشخاص الطبيعيين المحددين قانونا‬
،‫ بالنظر إلى الوظائف التي يحتلونها‬،‫األشخاص الذين يمثلون أهمية كبيرة في المؤسسة‬
‫ والتي تتوقف استم اررية‬،‫ التصرف والتعاقد باسمها ولحسابها‬،‫والتي تؤهلهم لتسيير أمورها‬
.‫المؤسسة على إرادتهم‬

1-Rudolph (H), Guillaume (S), Patrick (M), Entreprise et Responsabilité pénale,


Université Pathéon-Assas, Librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris II,
1994,p 42.

58
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ويدخل في هذا المدلول مجموعة ال شركاء أو أعضاء مجلس اإلدارة أو الجمعية العامة‬
‫ويترتب على اشتراط أن تكون الجريمة مرتكبة ممن يملك زمام أمور الشركة التجارية وال‬
‫تسأل الشركة التجارية عما يرتكبه من ليست له هذه الصفة‪ ،‬حتى ولو ارتكب جريمة من‬
‫الجرائم المحددة قانونا‪ ،‬ويستخلص من ذلك أنه ال يشترط أن يكون ممثل الشركة التجارية‬
‫فاعال أصليا للجريمة‪ ،‬بل يمكن أن يكون شريكا فيها‪ ،‬بشرط أن ترتكب الجريمة لحساب‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخص الشركة التجارية‪.‬‬
‫القرارت أو تطبيقها‬
‫وبذلك فإن أجهزة الشركة التجارية هي كل كيان مؤهل التخاذ ا‬
‫حيث يخولهم القانون أو النظام األساسي للشركة التجارية سلطة إدارتها والتصرف باسمها‪،‬‬
‫فقد يكون من األجهزة الجماعية أو الفردية أو قد يكون في مجموعة من األشخاص أو أي‬
‫شخص عهد له القانون أو القانون الداخلي للشركة باإلدارة أو التوجيه أو الرقابة‪ ،‬رغم أن‬
‫المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات لم تفرق بين أجهزة التسيير أو أجهزة التمثيل للشركة‬
‫(‪)2‬‬
‫التجارية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الممثل الشرعي للشركة‬
‫ويقصد بالممثل أو الممثلون‪ ،‬األشخاص الطبيعيون الذين لهم السلطة القانونية أو‬
‫االتفاقية التي مصدرها عقد أو نظام تأسيس الشركة التجارية‪ ،‬في التصرف باسم الشخص‬
‫المعنوي مثل المسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬رئيس مجلس اإلدارة والمدير‬
‫العام‪ ،‬والممثلين القضائيين الذين يوكل إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية ألحد‬
‫األشخاص المعنوية كتعيين المصفي مثال‪ ،‬كذلك المدير المؤقت ومن يمثل الشخص‬
‫المعنوي أمام القضاء وكل عضو يباشر مهمة عامة بواسطة الوكالة أو التفويض لتمثيل‬
‫الشخص المعنوي كمستخدم البنك الذي له صفة في التوقيع على العقود التي تبرم مع‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان جباري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ -2‬شريف سيد كامل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 11‬‬

‫‪59‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫إال أن الفصل غير مطلق بين األعضاء والممثلين‪ ،‬بل يختلطون أحيانا ألن‬ ‫(‪)1‬‬
‫العمالء‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫هياكل التصرف هي أيضا هياكل تمثيل وبأكثر تحديد ممثلين قانونيين يلزمون الشركة‪.‬‬
‫فأعضاء مجلس اإلدارة مثال هم أيضا ممثلون لذلك فإن المادة ‪ 51‬مكرر من قانون‬
‫العقوبات لم تفرق بين أجهزة التسيير التي هي أيضا أجهزة التمثيل أي الممثلين الشرعيين‬
‫للشخص المعنوي كالمسير في شركة التضامن والشركة ذات المسؤولية المحدودة ورئيس‬
‫مجلس اإلدارة والرئيس المدير العام أو رئيس مجلس المديرين ومجلس المراقبة في شركة‬
‫المساهمة‪ ،‬وبين األجهزة الجماعية صاحبة القرار مثل مجلس اإلدارة والجمعية العامة‬
‫والجمعية العامة للمساهمين وبالتالي يمكن للعضو أن يكون شخصا طبيعيا أو مجموعة‬
‫أشخاص طبيعيين يتصرفون باسم ولحساب الشخص المعنوي‪ ،‬مما يجعل مسؤولية هذا‬
‫شروطها‪)3(.‬‬ ‫األخير ممكنة إذا ما توافرت‬
‫استنادا إلى ذلك‪ ،‬فإن أجهزة الشخص المعنوي التي يمكن أن تعرضه للمسائلة الجزائية‬
‫هي أجهزة التمثيل‪ ،‬وتتوافق عبارة "ممثل" السيما مع األشخاص المعنوية التي لم يحدد‬
‫القانون بدقة إطار تنظيمها‪ ،‬وترك للمؤسسين والمنظمين وضع قواعد عملها‪ ،‬وبالتالي ال بد‬
‫من الرجوع إلى القانون األساسي للشخص المعنوي لتحديد الشخص الذي يلزم الشخص‬
‫(‪)4‬‬
‫المعنوي في عالقاته مع الغير‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن دراسة قيام مسؤولية مسيري الشركة سوف نتطرق لها بشيء‬
‫من التفصيل في الباب الثاني من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان جباري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا عبد الوهاب المعمري‪ ،‬اندماج الشركات التجارية متعددة الجنسيات‪ -‬دراسة فقهية قانونية مقارنة‪،-‬‬
‫دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،2010 ،‬ص‪.216‬‬
‫‪3- Martine (H,E) , Gildas (R), Droit pénal générale, 3ème édition, Paris,‬‬ ‫‪2011,‬‬
‫‪P201.‬‬
‫‪ -4‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 348‬‬

‫‪60‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها‬
‫القانونية‪.‬‬
‫القول بالمسؤولية الجزائية للشركة التجارية يترتب عنه نتائج تستوجب التمحيص‬
‫والتوضيح من خالل بيان نطاق هذه المسؤولية‪ ،‬فالشركات التجارية كما سبق بيانه أنواع‬
‫وبالنسبة للقانون التجاري الجزائري‪ ،‬فإنه يعرف حاليا خمس أشكال من الشركات التجارية‬
‫األشكال‪)1(.‬‬ ‫بينما لم يكن يوجد لحين تاريخ قريب سوى ثالث من هذه‬
‫فقد كان األمر رقم ‪ 59 -75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون‬
‫التجاري ينظم سوى شركة التضامن ‪ ،‬الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة‬
‫ذات مجلس اإلدارة وبقي الحال كذلك إلى غاية صدور المرسوم التشريعي رقم ‪08 -93‬‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬أفريل ‪ 1993‬الذي أحدث إلى جانب شركة التضامن شركة التوصية‬
‫البسيطة ‪ ،‬وإلى جانب شركة المساهمة ذات مجلس اإلدارة شركة التوصية باألسهم ‪ ،‬كما‬
‫أحدث نظاما جديدا إلدارة شركة المساهمة‪ ،‬التي تعرف بشركة المساهمة ذات مجلس‬
‫المديرين ومجلس المراقبة ‪ ،‬وفي سنة ‪ 1996‬نظم المشرع الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫ذات الشخص الوحيد ولقد فرق المشرع بين هذه األنواع من الشركات العتبارات عدة تباينت‬
‫بين الشكلية والموضوعية والواقعية وحتى من ناحية المسؤولية في حد ذاتها والتي ترتكز‬
‫عليها دراستنا‪.‬‬
‫فالشركات التجارية تتباين فيها المسؤولية الجزائية‪ ،‬بتباين أنواعها واختالف تمثيلها وهو‬
‫ما سنقوم بدراسته في هذا الفصل من خالل تحديد مفهوم شركات األشخاص وتحديد‬
‫أجهزتها معتمدين على نموذجين في المبحث األول ومفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها‬
‫في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪1- Mohamed (S) et Farha (Z,S), L’entreprise unipersonnelle à responsabilité limitée‬‬


‫‪en droit algérien, hérésie ou nécessité d’une institution, in Pérégrinations en droit‬‬
‫‪algérien des sociétés commerciales, EDIK, édition 2002, p113.‬‬

‫‪61‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم شركات األشخاص وتحديد أجهزتها‪.‬‬


‫كما سبق ذكره فإن الشركات التجارية إما شركات أموال أو أشخاص‪ ،‬فشركات‬
‫األشخاص تبنى على اعتبار شخصي وسنتطرق في هذا المبحث لشركة التضامن وشركة‬
‫التوصية البسيطة‪ ،‬من خالل تحديد مفهوم شركة التضامن وتحديد أجهزتها في المطلب‬
‫األول ومفهوم شركة التوصية البسيطة وتحديد أجهزتها في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم شركة التضامن وتحديد أجهزتها‬
‫إن تحديد المركز القانوني لشركة التضامن من المسؤولية الجزائية يمر عبر تحديد‬
‫كيان هذه الشركة‪ ،‬من خالل بيان مفهومها في الفرع األول ثم كيفية تأسيس هذا النوع من‬
‫الشركات في الفرع الثاني لنصل إلى طريقة إدارة هذه الشركة في الفرع الثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم شركة التضامن‬
‫إن مفهوم شركة التضامن يتجسد من خالل تعريفها‪ ،‬وإن كان هذا األخير جاء‬
‫محتشما نظ ار لعزوف كثير من التشريعات عن تعريفها واالكتفاء بذكر خصائصها التي من‬
‫خاللها يمكن استخالص صورة تجسد مفهومها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف شركة التضامن‬
‫لم يقم المشرع الجزائري على غرار الكثير من المشرعين بتعريف شركة التضامن تاركا‬
‫المجال للفقه لإلدالء بدلوه في ذلك على أساس أن التعريفات من اختصاص الفقه وليس‬
‫المشرع‪ ،‬الذي عادة ما يتفادى الخوض في مسألة التعريفات‪ ،‬هذه األخيرة جاءت على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫لقد عرفها المشرع المغربي في المادة الثالثة من قانون الشركات ‪ 05 -96‬الجديد على‬
‫أنها‪ :‬الشركة التي يكون فيها كل الشركاء لهم صفة التاجر ويسألون بصفة غير محدودة‬
‫الشركة‪)1(.‬‬ ‫وعلى وجه التضامن عن ديون‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد فريد العريني‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص‪. 115‬‬

‫‪62‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وتعتبر شركات التضامن نوع خاص جدا من بين أنواع الشركات المختلفة‪ ،‬ألنه قائم‬
‫في األساس على اتفاق بين أفراد العائلة الواحدة أو مجموعة األصدقاء نظ ار إلى توافر‬
‫عنصر الثقة المتبادلة فيما بينهم بطبيعة الحال ونظ ار إلى تمكن كل منهم في جزء خاص‬
‫من أجزاء المشروع الجديد‪ ،‬وبالتالي فإن هدفهم إلى النجاح معا يجعلهم يقدمون على إنشاء‬
‫هذه الشركة‪ ،‬غير أن تلك الشركة أيضا دائما ما تكون قائمة على رؤوس أموال منخفضة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولذلك فهي مناسبة أكثر للمشروعات التجارية الصغيرة‪.‬‬
‫كما تعرف أيضا على أنها الشركة التي تتكون بين شريكين فأكثر يسأل فيها الشريك‬
‫عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة‪ ،‬لذا فهي تسمى بأسماء الشركاء كما‬
‫أن الشركاء جميعا في هذا النوع من الشركة يكتسب بمجرد انضمامه للشركة صفة التاجر‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأن حصة الشريك غير قابلة لالنتقال للغير أو لورثة الشريك المتوفى‪.‬‬
‫وقد عرفها القانون التجاري الفرنسي لسنة ‪ 1807‬في المادة ‪ 20‬منه بأنها‪ :‬الشركة‬
‫الشركة بينهم بعنوان مخصوص يكون‬
‫ا‬ ‫التي يعقدها اثنان أو أكثر بقصد اإلتجار على وجه‬
‫(‪)3‬‬
‫اسما لها‪.‬‬
‫كما تم تعريفها على أنها ‪ :‬شركة تتألف من شخصين أو أكثر تحت عنوان معين‬
‫للقيام بعمل معين ويكون الشركاء فيها مسئولين على وجه التضامن في جميع أموالهم عن‬
‫(‪)4‬‬
‫التزمات الشركة‪.‬‬
‫ا‬

‫‪ -1‬محمد فريد العريني‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 115‬‬


‫‪ - 2‬عمار عمورة‪ ،‬شرح القانون التجاري الجزائري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪ ،2000 ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ - 3‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية ‪ -‬شركة التضامن‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2009 ،‬ص‪. 08‬‬
‫‪ - 4‬العربي بن المهيدي رزق هللا‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.05‬‬

‫‪63‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫كما يمكن تعريف شركة التضامن على أنها ‪ :‬عقد بين شريكين أو أكثر تجمعهم نية‬
‫االشتراك في ممارسة وتسيير نشاط تجاري معين‪ ،‬يكونون مسؤولين من غير تحديد‬
‫وبالتضامن مع اكتسابهم صفة التاجر ويكون عنوان الشركة مكونا من اسم أحدهم متبوعا‬
‫بعبارة وشركاؤه‪ ،‬وال تكون حصة الشريك فيها قابلة للتنازل أو ممثلة بسندات قابلة‬
‫(‪)1‬‬
‫للتحويل‪.‬‬
‫وبالتمعن في التعريفات السابقة يمكن القول انها جاءت متضمنة على األساس‬
‫الخصائص التي تتمتع بها شركة التضامن والتي نوردها كما يلي‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص شركة التضامن‬
‫من خالل التعريفات السابقة لشركة التضامن يمكن استخالص مجموعة من‬
‫الخصائص تميز هذا النوع من الشركات عن باقي الشركات األخرى وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المسئولية الشخصية والتضامنية للشركاء‬
‫يقصد بالمسؤولية الشخصية والتضامنية للشركاء ما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المسؤولية الشخصية للشريك‬
‫يسأل الشريك في شركة التضامن عن ديون الشركة مسئولية شخصية كما لو أنه دين‬
‫شخصي على الشريك‪ ،‬وبالتالي ال تقتصر مسؤولية الشريك عن ديون الشركة فيما قدمه من‬
‫حصة ولكن تمتد المسؤولية إلى كل أمواله كما لو أنه دين شخصي عليه‪ ،‬إذ تمتد المسؤولية‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى ذمته الخاصة بالكامل‪.‬‬
‫وتبرير أساس هذه المسؤولية يرجع إلى عدة اعتبارات منها توقيع التزامات الشركة‬
‫وتعهداتها بعنوان الشركة الذي يتضمن أسماء الشركاء‪ ،‬حيث يعد كل شريك موقعا بنفسه‬
‫عليها‪ ،‬كما أن شركة التضامن تتكون عادة من مجموعة من التجار يعملون معا‪ ،‬كما أن‬

‫‪ - 1‬بلعيساوي محمد الطاهر‪ ،‬الشركات التجارية‪ -‬النظرية العامة وشركات األشخاص‪ -‬الجزء األول‪ ،‬دار العلوم‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2017،‬ص‪.160‬‬
‫‪ -2‬الطيب بلولة‪ ،‬قانون الشركات‪ ،‬ترجمة محمد بن بوزة‪ ،‬بارتي للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.175‬‬

‫‪64‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫القانون يصبغ صفة التاجر على كل شريك ينضم إلى هذه الشركة حتى ولو لم يكن مكتسبا‬
‫لهذه الصفة من قبل‪ ،‬باإلضافة إلى أن القانون ذاته هو الذي ألزم الشركاء المتضامنين بهذه‬
‫المسؤولية الشخصية‪ ،‬ومسؤولية الشريك الشخصية عن ديون الشركة أمر متعلق بالنظام‬
‫العام‪ ،‬ال يجوز االتفاق على مخالفته‪ ،‬فال يجوز االتفاق على تحديد مسؤولية أحد الشركاء‬
‫وهو‬ ‫(‪)1‬‬
‫بحصة معينة وإذا تم ذلك فإن هذا االتفاق يكون باطال في مواجهة الغير وال يعتد به‪،‬‬
‫ما يحول هذه الشركة فيما بين الشركاء إلى شركة توصية بسيطة بينما تظل في مواجهة‬
‫الغير شركة تضام ن يحق فيها لدائني الشركة الرجوع على أي شريك في كل أمواله كما لو‬
‫كان دينا شخصيا عليه‪ ،‬ولما كان هذا المبدأ قد قصد به حماية دائني الشركة فإن لهم‬
‫وحدهم حق التنازل عنه والموافقة على تحديد مسؤولية الشريك‪ ،‬وفي هذه الحالة يتم تحويل‬
‫الشركة من تضامن إلى شركة توصية بسيطة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ب‪ -‬المسئولية التضامنية للشركاء‬


‫المسئولية التضامنية للشركاء تعني أنهم مسؤولين بالتضامن فيما بينهم عن ديون‬
‫الشركة‪ ،‬إذ يحق لدائني الشركة الرجوع على الشركاء جميعا أو أحدهم بما يحق لهم في‬
‫مواجهة الشركة وذلك دون أن يحق ألحد من الشركاء الدفع بالتجريد أي الرجوع على‬
‫الشركاء اآلخرين أوال أو التقسيم أي تقسيم الدين على الشركاء بنسبة نصيب كل واحد‬
‫(‪)3‬‬
‫منهم‪.‬‬
‫ويعتبر الشريك المتضامن في هذه الحالة بمثابة كفيل متضامن ألن التضامن قائم‬
‫ليس بين الشركاء بعضهم بعضا فحسب‪ ،‬بل كذلك بينهم وبين الشركة غير أن تطبيق قواعد‬
‫الكف الة التضامنية على إطالقها قد يؤدي إلى تعنت أحد الدائنين واختيار شريك متضامن‬

‫‪ -1‬عزيز العكيلي‪ ،‬الوسيط في الشركات التجارية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،2007 ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -2‬فوزي محمد سامي‪ ،‬الشركات التجارية األحكام العامة والخاصة‪ ،‬دار لثقافة للنشر‪ ،‬األردن‪،2014 ،‬‬
‫ص‪.102‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى كمال طه‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪65‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫بعينه للرجوع عليه والتشهير به قاصدا ومتعمدا ذلك وقبل الرجوع على الشركة لمطالبتها‬
‫بدينه‪ ،‬لذلك اتفق الفقه واستقرت أحكام القضاء على أنه ال يجوز لدائني الشركة الرجوع على‬
‫أحد الشركاء المتضامنين إال إذا توافر شرطين‪ :‬أن يكون لدى الدائن سندا رسميا بالدين قد‬
‫يكون حكما قضائيا أو إق ار ار من الشركة بالدين‪ ،‬الشرط الثاني هو الرجوع على الشركة أوال‬
‫وامتناع الشركة عن الوفاء‪ ،‬وإذا تم الرجوع على أحد الشركاء وقام بالوفاء يحق لهذا الشريك‬
‫(‪)1‬‬
‫الرجوع على الشركاء اآلخرين بنسبة دين كل واحد منهم‪.‬‬
‫وهذا التضامن إنما هو خاص بديون الغير تجاه الشركة‪ ،‬أما فيما يخص ديون‬
‫الشركاء قبل بعضهم البعض فال تضامن بينهم‪ ،‬وال يسأل الشريك عن ديون الشركة الالحقة‬
‫على خروجه منها طالما تم شهر هذا الخروج بالطرق القانونية‪ ،‬أما إذا انضم أحد الشركاء‬
‫إلى الشركة فإنه يسأل عن الديون السابقة على انضمامه ألنه من المفترض أنه يعلم وضع‬
‫الشركة المالي وقد ارتضى باالنضمام على هذا الوضع إال إذا اتفق صراحة على عدم‬
‫مسئولية الشريك المنضم عن الديون السابقة على انضمامه طالما تم شهر هذا االتفاق‬
‫(‪)2‬‬
‫بالطرق القانونية‪.‬‬
‫‪ - 2‬عدم جواز تداول حصة الشريك‬
‫بما أن شركة التضامن قائمة على االعتبار الشخصي وشخصية الشريك محل اعتبار‬
‫فاألصل عدم جواز تنازل الشريك عن حصته إلى الغير سواء كان ذلك بعوض أو بغير‬
‫عوض‪ ،‬وسواء كان ذلك أثناء حياة الشريك أو بعد وفاته عن طريق الميراث ألن التنازل عن‬
‫حصة الشريك وجواز تداولها يؤدي إلى دخول شخص أجنبي كشريك في الشركة قد ال يوافق‬

‫‪ - 1‬نادية فوضيل‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪، 2003،‬‬
‫ص‪.55‬‬
‫‪ - 2‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬

‫‪66‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫عليه الشركاء مما يؤدي إلى إهدار مبدأ أساسي يقوم عليه هذا النوع من الشركات وهو‬
‫(‪)1‬‬
‫االعتبار الشخصي‪.‬‬
‫ورغم ذلك فإن هذه القاعدة وهذا األصل ال يتعلق بالنظام العام‪ ،‬لذلك يجوز للشركاء‬
‫االتفاق على انتقال حصة الشريك بقيود معينة كاشتراط موافقة جميع الشركاء‪ ،‬أو أغلبية‬
‫معينة‪ ،‬أو حق االسترداد للشركاء بهدف المحافظة على الثقة المتبادلة واالعتبار الشخصي‬
‫بين الشركاء‪ ،‬وال يجوز االتفاق على أن يكون تنازل الشريك عن حصته بغير قيود أو‬
‫(‪)2‬‬
‫شروط لمخالفة هذا االتفاق لالعتبار الشخصي الذي تقوم عليه الشركة‪.‬‬
‫وفي حالة وفاة أحد الشركاء يجوز االتفاق على استمرار الشركة بين الشركاء اآلخرين‬
‫مع إخراج حصة الشريك المتوفى وإعطائها للورثة‪ ،‬كما يجوز االتفاق على استمرار الشركة‬
‫قصر بحسب الوضع القانوني لمورثهم‪ ،‬غير أنه‬
‫ا‬ ‫وانتقال حصة الشريك إلى الورثة ولو كانوا‬
‫في حالة انتقال حصة الشريك المتضامن إلى الوارث القاصر فإن الشركة تتحول إلى شركة‬
‫توصية بسيطة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫ويسري حكم منع الشريك من التنازل عن حصته إلى الشخص األجنبي عن الشركة‬
‫ولكن ال يسري في حالة التنازل عن الحصة ألحد الشركاء اآلخرين نظ ار لبقاء االعتبار‬
‫الشخصي قائما إال إذا نص في عقد الشركة صراحة على أنه ليس ألي شريك حق التنازل‬
‫أو بيع حصته لشريك آخر إال بموافقة باقي الشركاء‪ ،‬أما إذا تنازل الشريك عن حصته إلى‬
‫الغير دون موافقة الشركاء ودون مراعاة القيود والشروط التي يتضمنها عقد الشركة‪ ،‬فإن هذا‬
‫الشرط وإن كان صحيحا بين الشريك والمتنازل له حيث يعتبر شريك الشريك وهو ما يعرف‬

‫‪ -1‬ابراهيم سيد أحمد‪ ،‬العقود والشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪،1999 ،‬‬
‫ص‪.138‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ -3‬نادية فوضيل‪ ،‬أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري الجزائري ‪ -‬شركات األشخاص‪ ،-‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.57‬‬

‫‪67‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫باسم "الرديف" إال أنه ال يعتد بهذا التنازل في مواجهة الشركة حيث تظل العالقة قائمة بين‬
‫الشركة والشريك األصلي ويبقى المتنازل إليه أجنبيا عن الشركة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ومن جانب آخر يجوز للشريك دون موافقة باقي الشركاء أن ينقل إلى الغير المنافع‬
‫والثمار الخاصة بحصته في الشركة‪ ،‬وعدم جواز تداول حصة الشريك ال يمنع من رهنها‪،‬‬
‫ذلك ألن رهن الحصة ليس بمثابة التنازل عنها‪ ،‬وللدائن المرتهن الحجز عليها وبيعها وفقا‬
‫لقواعد حجز ما للمدين لدى الغير‪ ،‬وإذا ترتب على استعمال الدائن حقه في بيع الحصة فإن‬
‫المشتري ال يصبح شريكا في شركة التضامن إال بموافقة باقي الشركاء وإذا لم تتم هذه‬
‫الموافقة فإن المشتري للحصة يكون بمثابة متنازل إليه ليس له عالقة بالشركة وليس له إال‬
‫(‪)2‬‬
‫المزايا المالية من الحصة‪.‬‬
‫‪ - 3‬عنوان الشركة‬
‫يستمد عنوان شركة التضامن من أسماء الشركاء المتضامنين‪ ،‬فإذا تعذر ذكر أسماء‬
‫جميع الشركاء تم االكتفاء باسم واحد أو اثنين مع كتابة كلمة "وشركاؤه " أو أي عبارة تفيد‬
‫المعنى وذلك حتى يعلم الغير بالشركاء المتضامنين اآلخرين‪ ،‬فإذا توفى أحد الشركاء فإنه‬
‫يجب إخراج اسمه من عنوان الشركة مع شهر هذا التصرف حتى يعلم الغير‪ ،‬وال يتعامل مع‬
‫الشركة على أساس وجود هذا الشخص‪ ،‬غير أنه يجوز اإلبقاء على اسم الشريك المتوفي إذا‬
‫كانت الشركة تعتمد في الشهرة على هذا االسم وحتى ال يعتبر الغير قيام شركة جديدة في‬
‫حالة تعديل العنوان‪ ،‬لكن يشترط في هذه الحالة اإلشارة إلى ذلك في عنوان الشركة‪ ،‬ويجب‬
‫أن يطابق عنوان الشركة الشركاء المتضامنين‪ ،‬فال يجوز إضافة أسماء وهمية كشركاء‬
‫بقصد إعطاء الشركة ثقة للغير تخالف الواقع‪ ،‬كما ال يجوز إدخال اسم شخص أجنبي عن‬
‫الشركة‪ ،‬إال إذا كان دخول اسم هذا الشخص األجنبي بعلمه ورضاه فإنه يسأل عن تعويض‬
‫الغير على أساس المسئولية التقصيرية‪ ،‬أما إذا كان بغير رضاه جاز له وللغير الذي تعامل‬

‫‪ -1‬أكرم ياملكي‪ ،‬القانون التجاري ‪ -‬الشركات (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬مصر‪ ،2010،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -2‬سميحة القليوبي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1989،‬ص‪.186‬‬

‫‪68‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫على أساس وجود هذا االسم كشريك متضامن الرجوع على الشركاء اآلخرين المتضامنين‬
‫(‪)1‬‬
‫بالتعويض‪.‬‬
‫‪ - 4‬اكتساب الشريك صفة التاجر‬
‫يترتب على انضمام الشخص كشريك في شركة التضامن اكتسابه صفة التاجر حتى‬
‫ولو لم يكن مكتسبا هذه الصفة من قبل‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى أنه إذا تم شهر إفالس شركة‬
‫التضامن فإن ذلك يشهر إفالس الشركاء المتضامنين بالتبعية ألنهم يسألون عن ديون‬
‫الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية في كل أموالهم‪ ،‬ولكن العكس غير صحيح بمعنى أن‬
‫شهر إفالس أحد الشركاء المتضامنين ال يؤدي إلى شهر إفالس الشركة وذلك ألن الشركة‬
‫ليست مسؤولة عن ديون الشركاء كما أن هناك شركاء آخرين يستطيعون تسديد ديون‬
‫(‪)2‬‬
‫الشركة في حالة إفالس أحد الشركاء‪.‬‬
‫اكتساب صفة التاجر يتم بمجرد انعقاد عقد الشركة إذ يعتبر ذلك نتيجة منطقية‬
‫لتعامل الشركة بعنوانها الذي يتضمن أسماء الشركاء جميعا أو ما يفيد ذلك‪ ،‬وألن التوقيع‬
‫باسم الشريك يجعل التعامل باسمه ولحسابه ويتحمل نتائج المشروع من ربح‬
‫وعلى ذلك يجب أن يتوافر في الشريك المتضامن األهلية القانونية الالزمة‬ ‫(‪)3‬‬
‫وخسارة‪،‬‬
‫الحتراف التجارة‪ ،‬فال يجوز للقاصر أن يكون شريكا متضامنا ألنه ال يستطيع أن يكون‬
‫تاجرا‪ ،‬كما يلتزم الشريك المتضامن بالتزامات التجار من إمساك دفاتر تجارية‪ ،‬غير أن‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬


‫‪ -2‬صفوت بهنساوي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ، 2007،‬ص‪. 180‬‬
‫‪ -3‬عباس حلمي المنزالوي‪ ،‬القانون التجاري ‪ -‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،1992 ،‬ص‪.61‬‬

‫‪69‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫إمساك الشركة دفاتر تجارية يغني عن إمساك الشريك لتلك الدفاتر‪ ،‬وال يلتزم الشريك‬
‫(‪)1‬‬
‫المتضامن بالقيد في السجل التجاري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تأسيس شركة التضامن‬
‫ي قصد بتأسيس شركة التضامن مجموعة األعمال القانونية واألفعال المادية التي‬
‫يستلزمها وجود هذا الكيان القانوني على الشكل الذي ذهبت إليه إرادة المشرع من خالل‬
‫النصوص التشريعية‪ ،‬وهي األعمال التي يقوم بها مؤسسو الشركة من أجل تحقيق هذا‬
‫(‪)2‬‬
‫الهدف‪.‬‬
‫وتأسيس شركة التضامن يمر بعدة مراحل نوردها كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة شركة التضامن‬
‫تنشأ شركة التضامن بناءا على عقد يبرمه شريكان أو أكثر‪ ،‬لذلك يجب أن يتوافر في‬
‫هذا العقد الشروط الموضوعية العامة والخاصة لعقد الشركة‪ ،‬حيث يجب أن تتوافر الشروط‬
‫العامة وهي الرضا والمحل والسبب واألهلية‪ ،‬كما يجب أن تتوافر الشروط الموضوعية‬
‫الخاصة بعقد الشركة وهي تعدد الشركاء حيث حد أدنى شريكين وال يوجد حد أقصى‪ ،‬وتقديم‬
‫الحصص سواء كانت نقدية أو عينية‪ ،‬ونية المشاركة وهي الرغبة في االشتراك وتحمل‬
‫(‪)3‬‬
‫مخاطر المشروع‪ ،‬وتقسيم األرباح والخسائر‪.‬‬
‫والمشرع الجزائري أوجب أن يكون عقد الشركة رسميا تطبيقا لنص المادة ‪ 545‬من‬
‫القانون التجاري ‪ ،‬وأيضا البد من كتابة كافة التعديالت التي تط أر أثناء حياة الشركة كما لو‬
‫عدل الشركاء في عنوان الشركة‪ ،‬أو الغرض من تأسيسها‪ ،‬أو رأسمالها‪ ،‬أو كيفية توزيع‬

‫‪ -1‬أسامة نائل المحيسن‪ ،‬الوجيز في الشركات التجارية واإلفالس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن ‪ ، 2008‬ص ‪.89‬‬
‫‪ -2‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬الشركات التجارية في القانون المصري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2016‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -3‬علي البارودي‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،1999،‬ص‪.69‬‬

‫‪70‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫األرباح والخسائر‪ ،‬وإذا لم يتبع الشكل الذي رسمه القانون كان التعديل باطال‪ ،‬وال يعتد به‬
‫مع بقاء عقد الشركة صحيحا‪ ،‬لكن إذا لم يتم التعديل بالشكل الصحيح فإنه ال يعتد به أمام‬
‫(‪)1‬‬
‫الغير مع جواز تمسك الغير بهذه البيانات التي كان يجب تعديلها إذا علم بها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شهر شركة التضامن‬
‫أوجب القانون التجاري شهر عقد شركة التضامن ألجل إعالم الغير بها‪ ،‬كما أن‬
‫المشرع إمعانا في اإلعالم عن الشركة أقام نظاما آخر للشهر وهو ضرورة القيد في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬ويجب أن يتضمن ملخص عقد الشركة أسماء وألقاب وصفات الشركاء وعناوينهم‬
‫وعنوان الشركة وأسماء الشركاء المأذونين باإلدارة والتوقيع باسم الشركة وبيان وقت ابتداء‬
‫(‪)2‬‬
‫الشركة ووقت انتهائها‪.‬‬
‫هذا ويقع على عاتق الشركة واجب القيام بهذه اإلجراءات وبالذات من يتولى إدارة‬
‫الشركة‪ ،‬ويرتب القانون على إهمال الشهر والنشر القانوني بطالن الشركة‪ ،‬كما تعتبر‬
‫(‪)3‬‬
‫الشركة باطلة إذا وقع الشهر ناقصا وذلك في حالة عدم القيام بكل اإلجراءات القانونية‪.‬‬
‫كذلك تبطل الشركة إذا أغفل الشركاء ذكر البيانات الواجب شهرها‪ ،‬هذا البطالن ال‬
‫يجوز للشركاء أن يتمسكوا به في مواجهة الغير‪ ،‬وإنما يجوز للغير التمسك بهذا البطالن في‬
‫مواجهة الشركاء‪ ،‬وعلى ذلك ال يجوز للشركاء أن يحتجوا على الغير ببطالن تأسيس الشركة‬
‫للتخلص من التزاماتها في مواجهة الغير بل يظلوا مسؤولين في مواجهة الغير عن تعهدات‬
‫الشركة بالتضامن فيما بينهم طالما أن أحد الشركاء قد وقع على هذه التعهدات والمعامالت‬
‫بعنوان الشركة‪ ،‬وتخضع جم يع هذه التعهدات والمعامالت في مرحلة تأسيس شركة التضامن‬
‫للقانون التجاري حيث تعتبر من المعامالت التجارية حسب الشكل طبقا للمرسوم التشريعي‬
‫رقم‪ 08-93:‬المؤرخ في‪ ،1993/04/25:‬ويترتب على بطالن شركة التضامن لعدم الشهر‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬


‫‪ -2‬ثروت عبد الرحيم‪ ،‬القانون التجاري المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص‪.435‬‬
‫‪ -3‬سعيد يوسف البستاني‪ ،‬قانون األعمال والشركات‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2004،‬ص‪.317‬‬

‫‪71‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫والنشر وجود شركة واقع تعتبر الشركة وفقا لها قائمة حكما في الفترة السابقة على البطالن‬
‫وتحتفظ بشخصيتها القانونية في خالل تلك الفترة‪.‬‬
‫لذلك فإن جميع التصرفات والمعامالت خالل هذه الفترة تعتبر صحيحة وملزمة للغير‬
‫وللشركاء وتخضع ألحكام القانون التجاري باعتبار أن تأسيس شركة التضامن عمال‬
‫تجاريا‪ ،‬يترتب على ذلك أنه إذا كان هناك دين بين الشركاء والغير فإنه يخضع ألحكام‬
‫القانون التجاري سواء من ناحية الفائدة القانونية أو طرق اإلثبات أو شهر اإلفالس وغيرها‬
‫(‪)1‬‬
‫من أحكام القانون التجاري الخاصة بالمعامالت التجارية‪.‬‬
‫ويتم‬ ‫(‪)2‬‬
‫وشركة التضامن تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد قيدها في السجل التجاري‬
‫تكوينها بمجرد إبرام عقدها‪ ،‬وال يتوقف اكتساب الشخصية المعنوية لشركة التضامن على‬
‫استيفاء إجراءات الشهر التي يتطلبها القانون‪ ،‬فهذه اإلجراءات لم يقصد بها سوى إعالم‬
‫الغير بوجود الشركة كشخص معنوي‪ ،‬لذلك يجوز للغير ولو لم تتخذ إجراءات شهر الشركة‬
‫أن يتمسك بشخصيتها‪ ،‬ولكن ال يجوز االحتجاج بهذه الشخصية على الغير إال بعد استيفاء‬
‫(‪)3‬‬
‫إجراءات الشهر التي يقررها القانون‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إدارة شركة التضامن‬
‫تطرق المشرع الجزائري في القانون التجاري على أن إدارة شركة التضامن يتم عن‬
‫طريق جميع الشركاء إذا لم يشترط على خالف ذلك في القانون األساسي‪ ،‬أو مدير الشركة‬
‫أو أكثر‪ ،‬الذي يلتزم بق اررات وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ الق اررات المتعلقة بالشركة‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 549‬من األمر رقم ‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري ‪ ،‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 101‬لسنة ‪.1975‬‬
‫‪ -3‬ثروت عبد الرحيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.435‬‬

‫‪72‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ويخضع أحيانا لمراقبة مفتشي الحسابات‪ ،‬ومن خالل تقويم نشاط الشركة يتم توزيع األرباح‬
‫(‪)1‬‬
‫والخسائر على الشركاء‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعيين مدير شركة التضامن‬
‫مدير الشركة هو الذي يمثلها في جميع معامالتها‪ ،‬ويقوم بدور خطر في حياتها وحياة‬
‫الشركاء فيها‪ ،‬ألن استئثاره بمكنة التوقيع على التصرفات التي يجريها بعنوان الشركة من‬
‫شأنه أن يلزم هذه الشركة وأولئك الشركاء بما تمخض عنه ق ارره‪ ،‬غير أن المشرع الجزائري‬
‫(‪)2‬‬
‫اشترط أن يكون مدير شركة التضامن شخصا طبيعيا ال معنويا‪.‬‬
‫وقد يكون تعيين من يدير الشركة منصوصا عليه في عقد تأسيس الشركة أو في‬
‫تعديل الحق لهذا العقد‪ ،‬فيتفق الشركاء على شريك أو أكثر أو على شخص غير الشريك أو‬
‫أكثر إلدارة الشركة ويسمى المدير في هذه الحالة بالمدير االتفاقي أو المدير النظامي‬
‫والشرط الالزم في الحالتين رضاء جميع الشركاء‪ ،‬ألن التعيين بالنسبة للمدير المعين بالعقد‬
‫(‪)3‬‬
‫هو جزء من العقد فيجب رضاء جميع الشركاء به‪.‬‬
‫وقد يكون تعيين من يدير الشركة باتفاق مستقل من عقد تأسيس الشركة أوفي وقت‬
‫الحق ويسمى المدير في هذه الحالة بالمدير الغير اتفاقي‪ ،‬أو الغير نظامي فيقع االختيار‬
‫على شريك أو أكثر إلدارة الشركة‪ ،‬والشرط الالزم في الحالتين هو اجتماع الشركاء على‬
‫التعيين أو موافقتهم باألغلبية المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة‪ ،‬وهذا ما جاء في‬
‫نص المادة ‪ 553‬من القانون التجاري أنه ‪ :‬تعود إدارة الشركة لكافة الشركاء ما لم يشترط‬
‫في القانون األساسي على خالف ذلك‪ ،‬ويجوز أن يعين في القانون المشار إليه مدير أو‬
‫( ‪)4‬‬
‫أكثر من الشركاء أو غير الشركاء أو ينص على هذا التعيين بموجب عقد الحق‪".‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 553‬من من األمر رقم ‪ ، 59-75‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.234‬‬
‫‪ -3‬صفوت البهنساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪ -4‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.235‬‬

‫‪73‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ثانيا‪ :‬عزل مدير شركة التضامن‬


‫نصت المادة ‪ 559‬من القانون التجاري ‪ :‬إذا كان جميع الشركاء مديرين أو كان قد‬
‫عين مدير واحد أو عدة مديرين مختارين من بين الشركاء في القانون األساسي فإنه ال‬
‫آرء الشركاء اآلخرين ويترتب على هذا العزل حل‬
‫يجوز عزل أحدهم من مهامه إال بإجماع ا‬
‫استمررها في القانون األساسي أو أن يقرر الشركاء اآلخرون حل‬
‫ا‬ ‫الشركة ما لم ينص على‬
‫الشركة باإلجماع وحينئذ يمكن للشريك المعزول االنسحاب من الشركة مع طلبه استيفاء‬
‫قرر العزل من طرف خبير معتمد ومعين إما‬
‫جميع حقوقه في الشركة والمقدرة قيمتها يوم ا‬
‫األطرف وإما عند عدم اتفاقهم بأمر من المحكمة الناظرة في القضايا المستعجلة‪،‬‬
‫ا‬ ‫من قبل‬
‫(‪)1‬‬
‫اشترط مخالف ال يحتج به ضد الدائنين‪.‬‬
‫ا‬ ‫وكل‬
‫إبرم العقود الخاصة الستئجار األماكن‬
‫وبناء على ما سبق يمكن القول أن للمدير ا‬
‫وشرء اآلالت‪ ،‬وتوقيع المعامالت التجارية‬
‫إبرم عقود العمل‪ ،‬ا‬
‫الالزمة لنشاط الشركة‪ ،‬وكذلك ا‬
‫واالقتراض في الحدود الالزمة لذلك‪ ،‬وتمثيل الشركة أمام القضاء‪.‬‬
‫وفي حالة تعدد المديرين يجب على كل شريك منهم التقيد باالختصاص الذي خوله له‬
‫القانون‪ ،‬وال يجوز ألحد التدخل في اآلخر وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 2/554‬من القانون‬
‫التجاري‪ ،‬وعند تعدد المديرين يتمتع كل واحد منهم منفردا بالسلطات المنصوص عليها في‬
‫(‪)2‬‬
‫الفقرة الثانية المتقدمة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم شركة التوصية البسيطة وتحديد أجهزتها‬
‫نصت المادة ‪ 563‬مكرر من القانون التجاري على أن شركة التوصية البسيطة‬
‫تخضع لنفس األحكام التي تخضع لها شركة التضامن مع مراعاة أحكام المواد من ‪563‬‬
‫مكرر‪ 1‬إلى ‪ 563‬مكرر‪ 10‬من القانون نفسه‪.‬‬

‫‪ -1‬خالد إبراهيم التالحمة‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المعتز‪ ،‬األردن‪ ، 2006،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ - 2‬خالد إبراهيم التالحمة ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪74‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وسنتطرق في هذا المطلب لمفهوم شركة التوصية البسيطة في الفرع األول‪ ،‬ومن ثم‬
‫تأسيس شركة التوصية البسيطة في الفرع الثاني ثم نتطرق إلى كيفية إدارة شركة التوصية‬
‫البسيطة في الفرع الثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم شركة التوصية البسيطة‬
‫يعد استنباط المفاهيم واستخالص الظواهر من اختصاص أصيل للفقه الذي يستنبطها‬
‫من خالل تحليل ودراسة النصوص القانونية التي يسنها المشرع وذلك عن طريق اقتراح‬
‫تعريفات لهذه الظواهر التي منها يمكن استخالص المميزات والخصائص التي تمتاز بها هذه‬
‫ظاهرة وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف شركة التوصية البسيطة‬
‫لم يتعرض المشرع الجزائري في تعديله للقانون التجاري إلى تعريف شركة التوصية‬
‫البسيطة بخالف المشرع المصري الذي عرفها في المادة ‪ 23‬من القانون التجاري المصري‬
‫على أنها‪ :‬الشركة التي تعقد بين شريك واحد وأكثر مسؤولين ومتضامنين‪ ،‬كما عرفها‬
‫المشرع األردني في المادة ‪ 41‬من قانون الشركات األردني التي جاء فيها‪ :‬تتألف شركة‬
‫التوصية البسيطة من الفئتين التاليتين من الشركاء وتدرج أسماء الشركاء في كل منهما في‬
‫(‪)1‬‬
‫عقد الشركة‪.‬‬
‫كما تم تعريف شركة التوصية البسيطة بأنها عقد بين اثنين فأكثر يكون بعض الشركاء‬
‫منهم متضامنين يلتزم بتسديد ديون الشركة حسب حصصهم في أرس المال وأموالهم‬
‫(‪)2‬‬
‫الخاصة ويكون البعض اآلخر مسؤولون بنسبة حصتهم في أرس مال الشركة‪.‬‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة ‪ -‬الشركات التجارية ‪ -‬شركة التوصية البسيطة‪ -‬شركة المحاصة‪ ،‬الجزء ال اربااع‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2011 ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬محمااد الكيالنااي‪ ،‬الموسااوعة التجاريااة والمصاارفية‪ -‬الشاركات التجاريااة‪ ،‬الطبعااة األولااى‪ ،‬دار الثقافااة للنشاار‬
‫األردن‪ ، 2009 ،‬ص‪. 25‬‬ ‫والتوزيع‪،‬‬

‫‪75‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وعليه فشركة التوصية البسيطة هي شركة من شركات األشخاص تجمع بين نوعين‬
‫من الشركاء هم شركاء متضامنين يكتسبون صفة التاجر ويسألون مسؤولية شخصية غير‬
‫محدودة عن ديون الشركة‪ ،‬وتسند لهم مسؤولية إدارة الشركة أما الطائفة األخرى فهم الشركاء‬
‫الموصون والذين ال يسألون إال بقدر حصصهم عن ديون الشركة وتخصص لهم العضوية‬
‫في مجلس المراقبة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص شركة التوصية البسيطة‬
‫الشركة ذات التوصية البسيطة تشتمل كما سبق ذكره على نوعين من الشركاء شركاء‬
‫متضامنين وشركاء موصين وعليه فهي تمتاز بخصائص تميزها عن باقي الشركات األخرى‬
‫وتتمثل هذه الخصائص في‪:‬‬
‫‪ -1‬المسئولية المحدودة للشريك الموصي‬
‫في هذ ه الشركة يسأل الشريك المتضامن مسئولية شخصية وتضامنية في كل أمواله‬
‫عن ديون الشركة‪ ،‬أما النوع اآلخر من الشركاء وهم الشركاء الموصون منهم ال يسألون إال‬
‫في حدود ما قدموه من حصة‪ ،‬وتكون المسئولية محدودة بقدر ما يملكه الشريك الموصي من‬
‫حصة في شركة التوصية‪ ،‬ويترتب على ذلك أنه في حالة شهر إفالس الشركة فإنه يؤدي‬
‫بالتبعية إلى شهر إفالس الشركاء المتضامنين وال يؤدي إلى شهر إفالس الشركاء الموصين‬
‫لمحدودية مسئولية هؤالء الشركاء عن ديون الشركة‪ ،‬ويجب على الشريك الموصى تقديم‬
‫حصته‪ ،‬فإذا أخل بذلك كان لمدير الشركة بوصفه ممثلها القانوني أن يطالبه بتنفيذ التزامه‪،‬‬
‫كما أنه من حق دائني الشركة في هذه الحالة أن يطالبوه بذلك بموجب دعوى مباشرة على‬
‫أساس أن رأس مال الشركة هو الضمان العام لدائنيها‪ ،‬كما أن التزام الشريك الموصى بتقديم‬
‫(‪)1‬‬
‫حصته يعتبر عمالً تجاريا يخضع ألحكام القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.116‬‬

‫‪76‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -2‬عنوان الشركة‬
‫عنوان شركة التوصية البسيطة يتكون من أسماء الشركاء المتضامنين جميعا أو من‬
‫أحدهم أو أكثر مع إضافة ما يفيد وجود الشركة‪ ،‬وال يدخل اسم الشريك الموصي في عنوان‬
‫الشركة حتى ال يوهم الغير بأنه شريك متضامن ويعتمد الغير على ذلك في منح ائتمانه‬
‫للشركة‪ ،‬أما إذا وضع اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة وكان يعلم بذلك ووافق كان‬
‫مسئوال في مواجهة الغير باعتباره شريكا متضامنا ومسؤوال عن ديون الشركة مسؤولية‬
‫شخصية في كل أمواله‪ ،‬إذ يحق للغير الرجوع على الشريك الموصي في هذه الحالة في كل‬
‫أمواله وال يستطيع الدفع بالتجريد أو التقسيم‪ ،‬ولكن في عالقة الشريك الموصي بباقي شركاء‬
‫الشركة يظل مسؤوال مسؤولية محدودة في حدود ما قدمه من حصة فإذا فرض وقام بدفع‬
‫الدين عن الشركة كان له الرجوع على باقي الشركاء باعتباره شريكا موصيا‪ ،‬أما إذا وضع‬
‫اسمه في عنوان الشركة بدون علمه أو بعلمه ولكن دون رضاه وأعلن اعتراضه على ذلك‬
‫بشكل رسمي وأثبت ذلك فإنه يظل محتفظاً بصفته كشريك موصي سواء في مواجهة الغير‬
‫(‪)1‬‬
‫أو بالنسبة إلى الشركاء‪.‬‬
‫‪-3‬عدم اكتساب الشريك الموصي صفة التاجر‬
‫يكتسب الشريك المتضامن صفة التاجر بمجرد إبرام عقد شركة التوصية البسيطة حتى‬
‫ولو لم يكن مكتسباً لهذه الصفة من قبل‪ ،‬أما الشريك الموصي فهو ال يكتسب صفة التاجر‬
‫بانضمامه إلى الشركة إال إذا كان مكتسبا لهذه الصفة من قبل‪ ،‬لكن مجرد انضمامه إلى‬
‫هذه الشركة ال يؤدي إلى اكتساب صفة التاجر ألنه ال يعتبر محترفا لألعمال التجارية وال‬
‫(‪)2‬‬
‫يمارس األعمال باسمه وذلك على خالف الشركاء المتضامنين‪.‬‬
‫تبعا لذلك فإن شهر إفالس شركة التوصية البسيطة ال يؤدي إلى شهر إفالس الشركاء‬
‫الموصين‪ ،‬إذ أن مسؤوليتهم عن ديون الشركة تقتصر على ما قدموه من حصص لذلك فإنه‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.250‬‬


‫‪ -2‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.117‬‬

‫‪77‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫يجوز للقصر واألشخاص الممنوعين من مباشرة التجارة قانونا أن يشتركوا كشركاء موصين‬
‫بذلك ال يمكن للشريك الموصي القيام بأي عمل تسيير‬ ‫(‪)1‬‬
‫في شركة التوصية البسيطة‪.‬‬
‫خارجي ولو بمقتضى وكالة‪ ،‬وفي حالة مخالفة هذا المنع يتحمل الشريك الموصي بالتضامن‬
‫(‪)2‬‬
‫مع الشركاء المتضامنين ديون الشركة و ا‬
‫التزماتها عن األعمال الممنوعة‪.‬‬
‫‪-4‬عدم جواز تنازل الشريك الموصى عن حصته‬
‫الشريك الموصي مثل الشريك المتضامن ال يجوز له التصرف والتنازل عن حصته‬
‫للغير دون موافقة جميع الشركاء‪ ،‬غير أن ذلك ال يتعلق بالنظام العام‪ ،‬لذلك يجوز االتفاق‬
‫في عقد الشركة على جواز انتقال حصة الشريك الموصي بقيود معينة بحيث ال يترتب على‬
‫هذا التنازل اإلخالل باالعتبار الشخصي الذي يجب أن يتوافر في الشريك الموصي‬
‫(‪)3‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تأسيس شركة التوصية البسيطة‬
‫يعد تأسيس الشركة هو بمثابة اللبنة األولى التي توضع في بناء كيان اقتصادي‬
‫صغي ار كان أو كبير‪ ،‬تتشابك حوله العالقات فيما بعد التأسيس من معامالت بين الشركة‬
‫وعمالئها وأخرى بين الشركة وموظفيها وداخل الكيان ذاته تنشأ عالقات فيما بين الشركاء‬
‫حول كيفية إدارة الشركة والتصرف في األرباح ونسب التوزيع‪ ،‬فال بد من االهتمام بوضع‬
‫األساس السليم لهذا الكيان بما يحفظ حقوق الشركاء بالشركة ويحمي حقوق الكافة من‬

‫‪ -1‬عاطف محمد الفقي‪ ،‬الشركات التجارية في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،2008،‬ص‪.249‬‬
‫‪ -2‬نسرين شريقي‪ ،‬سلسلة مباحث في قانون الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار بلقيس للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2013‬ص‪.55‬‬
‫‪ - 3‬محمود مخطار أحمد بريري‪ ،‬قانون المعامالت التجارية‪-‬الشركات التجارية‪ -‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.157‬‬

‫‪78‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المتعاملين معها بتوثيق وشهر هذا النظام لدى جهة إدارية تكون هي األمينة على حفظ‬
‫(‪)1‬‬
‫حقوق كل من ذكر‪.‬‬
‫يتميز عقد شركة التوصية البسيطة عن غيره من عقود الشركات التجارية األخرى‬
‫ببعض األحكام الخاصة وهي تعدد الشركاء‪ ،‬تقديم الحصص‪ ،‬نية المشاركة واقتسام األرباح‬
‫(‪)2‬‬
‫والخسائر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعدد الشركاء‬
‫تنص المادة ‪ 416‬من القانون المدني على أنه ‪ :‬الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان‬
‫(‪)3‬‬
‫طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر‪...‬‬
‫يفترض عقد الشااركة وجااود شخصااين فااأكثر ألن تاادخل عاادة أشااخاص ضااروري لتحقيااق‬
‫الغاارض االقتصااادي ماان العقااد وهااو جمااع األماوال وتحقيااق المشااروع المشااترك فااال يجااوز‬
‫لشااخص واحااد أن ينشاائ بمفاارده شااركة يخصااص لهااا جاازءا ماان أموالااه بحياث تكاون أموالااه‬
‫األخرى في مأمن من رجوع دائنااي الشااركة عليهااا لمنافاااة ذلااك لمباادأ وحاادة الذماة الااذي أعتنقااه‬
‫(‪)4‬‬
‫التشريع اللبناني ومقتضاه أن أموال المدين جميعا ضامنة للوفاء بديونه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقديم الحصص‬
‫كاال شاريك مجباار بالمساااهمة فااي تكااوين أرس مااال الشااركة وذلااك بتقااديم الشاريك حصاة‬
‫وإال ال يعتبر شريكا‪ ،‬كما أنه يجوز أن تكون حصة الشركاء متفاوتة‪.‬‬

‫‪ - 1‬فااوزي عطااوي‪ ،‬الشااركات التجاريااة فااي القاوانين الوضااعية والشاريعة اإلسااالمية‪ ،‬الطبعااة األولااى‪ ،‬منشااورات‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ، 2005،‬ص ‪.26‬‬ ‫الحلبي‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 416‬من األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 78‬لسنة ‪.1975‬‬
‫‪ -4‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪79‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬حصة نقدية‬
‫يقصد بها مشاركة الشريك بتقديم مبلغ من المال يكون ملزما بأدائه في الوقاات المحاادد‬
‫لدفعه حتى تستطيع الشركة أداء الغرض الذي أنشأت من أجله وهذا ما ورد في نص المادة‬
‫‪ 421‬من القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -2‬حصة عينية‬
‫يقاادم الشاريك حصااة عينيااة للشااركة والحصااة العينيااة هااي أي مااال مقاادم كاال ماان غياار‬
‫عقار‪.‬‬
‫ا‬ ‫النقود سواء كان منقوال أو‬
‫العقااار يكااون قطعااة أرض أو مبنااى كالمخااازن والمصااانع أمااا المنقااول يمكاان أن يكااون‬
‫ارع أو حاق مان حقااوق الملكيااة‬ ‫ماديااا كالبضااائع أو معنويااا كالمحاال التجاااري أو با ا‬
‫ارءة االختا ا‬
‫األدبيااة أو النقديااة وغيرهااا‪ ،‬وتتمثاال الحصااص العينيااة فااي األماوال ماان غياار النقااود فتشاامل‬
‫األماوال العقاريااة كاااألرض والمباااني والمصااانع والمنشااأة وتقاادم الحصااة العينيااة للشااركة علااى‬
‫( ‪)1‬‬
‫سبيل التمليك أو على سبيل االنتفاع‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 422‬من القانون المدني على أنه ‪ :‬إذا كانت حصة الشريك حق ملكية‬
‫أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر فإن أحكام البيع هي التي تسري فيما يخص ضمان‬
‫الصحة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص‪.‬‬
‫‪ -3‬حصة عمل‬
‫وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 423‬من القانون المدني الجزائري المدني التي نصت إذا‬
‫كانت حصة الشريك عمال يقدمه للشركة وجب عليه أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها وأن‬
‫يقدم حسابا عما يكون قد كسبه من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي قدم كحصة لها‪.‬‬
‫وبالتالي يجوز للشريك بدال من أن يقدم حصة نقدية أو عينية أن يقدم عمله كحصة‬
‫في الشركة والعمل الذي يصح اعتباره في الشركة هو العمل الفني‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى اآللية‬

‫‪ -1‬محمااد حساان إسااماعيل‪ ،‬الحمايااة القانونيااة لثبااات رأس المااال فااي شااركات األماوال السااعودية‪ ،‬اإلدارة العامااة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬السعودية‪ ،2002 ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪80‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫التي يتم تقويم حصة العمل المقدمة من قبل الشريك بحيث تقوم وفقا للفائدة التي تعود على‬
‫الشركة من عمل الشريك‪ ،‬مع ضرورة التأكيد على أن هذه الحصة ال تدخل في تكوين أرس‬
‫المال وبالتالي ال تدخل في الضمان العام للدائنين لعدم إمكانية الحجز والتنفيذ عليها‪ ،‬لذلك‬
‫يذهب البعض إلى القول بعدم جواز تكوين شركات تكون جميع الحصص فيها بالعمل بل‬
‫(‪)1‬‬
‫البد من تقديم أنواع أخرى من الحصص النقدية أو الحصص العينية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نية اإلشتراك‬
‫إردية تدفع الشركاء إلى التعاون فيما بينهم تعاونا‬
‫تعرف نية المشاركة أنها رغبة ا‬
‫إيجابيا وعلى قدم المساواة من أجل تحقيق أهداف الشركة‪ ،‬ووفقا لما نصت عليه المادة‬
‫‪ 416‬من القانون المدني يستخلص منها أنه على الشركاء بذل الجهد والتعاون على تحقيق‬
‫الغرض الذي أنشأت من أجله الشركة والمتمثل في تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي‬
‫ذي منفعة مشتركة كما قد يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك‪ ،‬ويقصد بنية المشاركة‬
‫إردتهم على توحيد جهودهم‬
‫أن يتوافر لدى الشركاء قصد االشتراك في الشركة وانعقاد ا‬
‫والتعاون فيما بينهم تعاونا واعيا وإيجابيا وعلى قدم المساواة لتحقيق الغرض المشترك الذي‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلشرف والرقابة على الشركة‪.‬‬
‫ا‬ ‫تكونت من أجله الشركة وذلك بطريق‬
‫رابعا‪ :‬اقتسام األرباح وتحمل الخسائر‬
‫ويقصد به رغبة الشركاء في جني األرباح عن طريق استغالل مشروع الشركة وقابلية‬
‫كل شريك في تحمل نصيب من الخسائر الذي قد ينتج عن استغالل المشروع ويقصد‬
‫بالربح الربح المادي الذي يضيف قيما جديدة إلى ذمة الشركاء‪ ،‬وهو ما يسمى بالربح‬
‫اإليجابي دون الربح السلبي الذي يقتصر مثال على توفير بعض النفقات أو على تفادي‬
‫بعض الخسائر‪ ،‬إذ مثل هذا الربح ال يدخل في مفهوم الربح المقصود في الشركات‪ ،‬وكيفية‬
‫تقسيم األرباح والخسائر تخضع إلى اتفاق الشركاء شريطة أال يدرج في العقد التأسيسي‬

‫‪ -1‬محمد فريد العريني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫‪ -2‬عزيز العكيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 43‬‬

‫‪81‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫للشركة إعفاء أحد الشركاء من األرباح أو إعفائه من الخسائر ويطلق على هذا الشرط إن‬
‫(‪)1‬‬
‫وجد في عقد الشركة بشرط األسد‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إدارة شركة التوصية البسيطة‬
‫يقوم بإدارة شركة التوصية البسيطة مدي ار أو أكثر‪ ،‬سواء كان هذا المدير شريكا أو‬
‫غير شريك‪ ،‬وقد يعين هذا المدير في عقد الشركة أو في تعديل الحق له فيكون مدي ار‬
‫اتفاقيا‪ ،‬وقد يكون في اتفاق مستقل فيكون غير اتفاقي‪.‬‬
‫وينطبق على إدارة شركة التوصية البسيطة ما ذكرناه بخصوص إدارة شركة التضامن‬
‫من حيث تعيين المدير وعزله وتعدد المديرين وسلطاته ومسئوليته‪.‬‬
‫وشركة التوصية البسيطة تخضع لألحكام العامة في إدارتها بوجه عام‪ ،‬لكن نظ ار‬
‫الختالف المركز القانوني لطائفتي الشركاء التي تتكون منها هذه الشركة‪ ،‬فإن ذلك ينعكس‬
‫بالضرورة على إدارتها وطريقة تسييرها‪ ،‬فإدارة شركة التوصية البسيطة تتم بواسطة مدير أو‬
‫أكثر‪ ،‬ويجوز أن يكون المدير شريكا موصيا‪ ،‬ويسري في تعيين المدير وعزله وتحديد‬
‫سلطاته نفس القواعد التي سبق أن ذكرناها في شركة التضامن لذا سنتعرض ألهم ما يميز‬
‫إدارة شركة التوصية البسيطة وهو حظر الشركاء الموصين من التصرف‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫يرى جانب من الفقه أن الحظر الذي نص عليه المشرع في هذه المادة يعود سببه إلى‬
‫أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬هو حماية الشركاء المتضامنين حتى ال يندفع الشركاء الموصون في قيام بتصرفات‬
‫من شأنها توريط الشركة في عمليات أو صفقات تفوق إمكانياتها المادية‪ ،‬وهذا اعتمادا على‬
‫مسؤوليتهم المحدودة‪ ،‬بينما يسأل عنها الشركاء المتضامنون بصفة مطلقة في أموالهم‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري الجزائري ‪ -‬شركات األشخاص‪ -‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.40‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪82‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الثاني‪ :‬حماية الغير حتى ال ينخدع في حقيقة مركز الشريك الموصي فيعتقد أنه شريك‬
‫متضامن ومسؤول مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة فيطمئن إلى مالءته المالية‪ ،‬ويمنح‬
‫الشركة ائتمانا كبي ار‪ ،‬ثم بعدها يفاجأ بأنه شريك موصي ال يسأل إال بقدر حصته‪.‬‬
‫ويقع حظر الشريك الموصي من إدارة شركة التوصية البسيطة على أعمال اإلدارة‬
‫الداخلية وهذا ما يفهم من النص التشريعي‪ ،‬ذلك ألن الفقه والقضاء في فرنسا يميزان بين‬
‫هذين النوعين من أعمال اإلدارة‪ ،‬فالمقصود بأعمال اإلدارة الخارجية ‪ :‬تلك التي تتطلب‬
‫تمثيل الشركة أمام الغير واتصال المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة‬
‫نظ ار لتعاقده باسم الشركة مع الغير‪ ،‬ففي هذه الحالة يمتنع على الشريك الموصي أن يقوم‬
‫بمثل هذه األعمال حتى ولو كانت عملية واحدة‪ ،‬أو كانت تلك األعمال قد قام بها بناء على‬
‫(‪)1‬‬
‫توكيل من جانب الشركاء المتضامنين أو من مدير الشركة‪.‬‬
‫أما المقصود بأعمال اإلدارة الداخلية‪ ،‬تلك األعمال التي تتصل بنشاط الشركة دون أن‬
‫يتطلب ذلك ظهور الشريك أمام الغير كممثل لها‪ ،‬كاالطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها‪،‬‬
‫وإبداء الرأي في أعمالها والقيام بالرقابة‪ ،‬أو توظيفه كمحاسب أو مدير فني أو مصفي متى‬
‫دخلت الشركة في دور التصفية‪ ،‬وللشريك الموصي أن يستعمل حقه في هذه األعمال وال‬
‫يجوز أن يتضمن العقد التأسيسي شرطا يقضي بحرمان الشركاء الموصين من االطالع‬
‫على دفاتر ومستندات الشركة هذا ما قضت به المادة ‪ 563‬مكرر‪ 6‬بقولها ‪ :‬للشركاء‬
‫الموصين‪ ،‬الحق مرتين خالل السنة‪ ،‬في االطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها وفي طرح‬
‫أسئلة كتابية حول تسيير الشركة‪ ،‬وتكون اإلجابة عنها كتابيا أيضا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حظر الشريك الموصي من إدارة الشركة‬
‫غير أن المشرع أورد حظ ار على الشريك الموصي فيما يتعلق بإدارة الشركة‪ ،‬حيث ال‬
‫يجوز له القيام بعمل متعلقا بإدارة الشركة ولو بناء على توكيل‪ ،‬أي يمتنع على الشريك‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 563‬مكرر‪ 05‬من األمر رقم ‪ ،59-75‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الموصي أن يقوم بأي عمل يعتبر تدخال منه في إدارة الشركة‪ ،‬في حين يجوز االتفاق على‬
‫تعيين شخص من غير الشركاء ليتولى إدارة الشركة‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 563‬مكرر‪ 5‬من‬
‫القانون التجاري‪ :‬ال يمكن للشريك الموصي أن يقوم بأي عمل تسيير خارجي ولو بمقتضى‬
‫وكالة وفي حالة مخالفة هذا المنع يتحمل الشريك الموصي بالتضامن مع الشركاء‬
‫المتضامنين ديون الشركة والتزاماتها المترتبة عن األعمال الممنوعة ويمكن أن يلتزم‬
‫بالتضامن بكل التزامات الشركة أو بعضها فقط حسب عدد أو أهمية هذه األعمال‬
‫(‪)1‬‬
‫الممنوعة‪.‬‬
‫‪ -1‬أسباب الحظر‬
‫إن الشريك الموصي مسؤول عن ديون الشركة في حدود حصته فقط لذلك يخشى من‬
‫أن يخاطر بأموال الشركة ويقوم بأعمال تضر بها‪ ،‬حيث يخشى من اندفاعهم وتورطهم في‬
‫تصرفات قد تعرض أموال الشركة للضياع وكذلك حتى ال يتوهم الغير بأنهم شركاء‬
‫متضامنين ويتعامل مع الشركاء ويعطي لها ائتمانه على هذا األساس‪ ،‬كما أن حرمان‬
‫الشريك الموصي من إدارة الشركة إنما يرجع إلى تاريخ ظهور هذا النوع من الشركات‬
‫وادارات التشريعات الحديثة االستمرار على هذا االعتبار التاريخي‪ ،‬إذ كان الشريك الموصي‬
‫قديما يعمل في الخفاء نظ ار ألن معظم الشركاء الموصين كانوا من األشخاص الممنوع‬
‫(‪)2‬‬
‫عليهم ممارسة التجارة‪.‬‬
‫ويرى جانب من الفقه أن الحظ ر الذي نص عليه المشرع في هذه المادة يعود سببه‬
‫إلى أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬هو حماية الشركاء المتضامنين حتى ال يندفع الشركاء الموصون في قيام بتصرفات‬
‫من شأنها توريط الشركة في عمليات أو صفقات تفوق إمكانياتها المادية‪ ،‬وهذا اعتمادا على‬

‫‪ - 1‬فوزي عطوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.35‬‬


‫‪ - 2‬محمد الكيالني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬

‫‪84‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫مسؤوليتهم المحدودة‪ ،‬بينما يسأل عنها الشركاء المتضامنون بصفة مطلقة في أموالهم‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬حماية الغير حتى ال ينخدع في حقيقة مركز الشريك الموصي فيعتقد أنه شريك‬
‫متضامن ومسؤول مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة فيطمئن إلى مالءته المالية‪ ،‬ويمنح‬
‫الشركة ائتمانا كبي ار‪ ،‬ثم بعدها يفاجأ بأنه شريك موصي ال يسأل إال بقدر حصته‪ ،‬ويقع‬
‫خطر الشريك الموصي من إدارة شركة التوصية البسيطة على أعمال اإلدارة الداخلية وهذا‬
‫ما يفهم من النص التشريعي‪ ،‬ذلك ألن الفقه والقضاء في فرنسا يميزان بين هذين النوعين‬
‫(‪)1‬‬
‫من أعمال اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -2‬نطاق الحظر‬
‫قصر المشرع نطاق الحظر على أعمال اإلدارة الخارجية التي يتعامل فيها الشريك مع‬
‫الغير من خالل المعامالت والتصرفات القانونية‪ ،‬أي التصرفات التي تقتضي تمثيل الشركة‬
‫أمام ال غير واتصال المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة فال يجوز له‬
‫أن يشتري أو يبيع أو يقترض باسم الشركة‪ ،‬وال أن يوقع على أوراق تجارية‪.‬‬
‫أما أعمال اإلدارة الداخلية فله أن يقوم بها ألنها ال تقتضي تمثيل الشركة أمام الغير‬
‫مما يجيز للشريك الموصي مراقبة تصرفات المدير ومراجعة حسابات الشركة واإلطالع على‬
‫(‪)2‬‬
‫المستندات والدفاتر وإبداء النصح والتوجيه للمديرين‪.‬‬
‫فالمقصود بأعمال اإلدارة الخارجية‪ ،‬تلك التي تتطلب تمثيل الشركة أمام الغير واتصال‬
‫المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة نظ ار لتعاقده باسم الشركة مع الغير‬
‫ففي هذه الحالة يمتنع على الشريك الموصي أن يقوم بمثل هذه األعمال حتى ولو كانت‬

‫‪ -1‬محمد الكيالني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬


‫‪ -2‬فوزي عطوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪85‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫عملية واحدة‪ ،‬أو كانت تلك األعمال قد قام بها بناءا على توكيل من جانب الشركاء‬
‫المتضامنين أو من مدير الشركة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أما المقصود بأعمال اإلدارة الداخلية‪ ،‬تلك األعمال التي تتصل بنشاط الشركة دون أن‬
‫يتطلب ذلك ظهور الشريك أمام الغير كممثل لها‪ ،‬كاالطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها‪،‬‬
‫وإبداء الرأي في أعمالها والقيام بالرقابة‪ ،‬أو توظيفه كمحاسب أو مدير فني أو مصفي متى‬
‫دخلت الشركة في دور التصفية‪ ،‬وللشريك الموصي أن يستعمل حقه في هذه األعمال وال‬
‫يجوز أن يتضمن العقد التأسيسي شرطا يقضي بحرمان الشركاء الموصين من االطالع‬
‫على دفاتر ومستندات الشركة هذا ما نصت عليه المادة ‪ 563‬مكرر‪ : 6‬للشركاء الموصين‪،‬‬
‫الحق مرتين خالل السنة‪ ،‬في االطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها وفي طرح أسئلة‬
‫(‪)2‬‬
‫كتابية حول تسيير الشركة‪ ،‬وتكون اإلجابة عنها كتابيا أيضا‪".‬‬
‫وللتمييز بين أعمال اإلدارة الداخلية وأعمال اإلدارة الخارجية مسألة واقع يفصل فيها‬
‫قاضي الموضوع‪ ،‬ولقد رأى جانب من الفقه أن حماية الغير هذه‪ ،‬قد تجاوزت الحدود‬
‫المعقولة‪ ،‬فاإلدارة ال تدل بطبيعتها على أن المدير شريك متضامن‪ ،‬حيث يجوز أن يكون‬
‫مدير شركة التوصية البسيطة أجنبيا أي غير شريك فيها وغير مسؤول إطالقا عن ديونها‪،‬‬
‫ومن ثم فمن باب أولى أن يعترف للشريك الموصي بحق اإلدارة ولقد انتقد هذا الرأي على‬
‫أساس أن الغير قد يخدع بسهولة في حقيقة الشريك الموصي ويعتبره شريكا متضامنا في‬
‫حين أن المدير إذا كان أجنبيا فال يصعب على الغير الوقوف على أمره‪ ،‬وعلى أنه ليس‬
‫(‪)3‬‬
‫بشريك عن طريق اإلطالع على عنوان الشركة الذي يوقع به العقد‪.‬‬

‫‪ -1‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬


‫‪ -2‬محمد الكيالني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -3‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 164‬‬

‫‪86‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -3‬نتائج مخالفة الحظر‬


‫يعتبر المشرع أنه إذا تدخل الشريك الموصي في إدارة الشركة أصبح مسؤوال بالتضامن‬
‫مع الشركاء المتضامنين عن االلتزامات التي تنشأ عن أعمال إدارته‪ ،‬ويجوز أن يلزم على‬
‫وجه التضامن بجميع التزامات الشركة أو بعضها بحسب جسامة األعمال وتكرارها وبحسب‬
‫ائتمان الغير له بسبب هذه األعمال‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬التمييز بين مسؤولية الشريك الموصي أمام الغير ومسؤوليته أمام الشركاء‬
‫إن التمييز بين مسؤولية الشريك الموصي في مواجهة الغير تختلف عن تلك التي‬
‫تكون في مواجهة الشركاء‪.‬‬
‫بالنسبة لمسئوليته أمام الغير يسأل الشريك الموصي عن العمل الذي قام به أمام الغير‬
‫وما يترتب على هذا العمل أو األعمال كما لو كان شريكا متضامنا بينما يظل بالنسبة لباقي‬
‫األعمال شريكا موصيا‪ ،‬أما لو تكررت هذه األعمال فإن الشريك الموصي يعتبر شريكا‬
‫متضامنا عن جميع ديون الشركة الناتجة عن تدخله وغير الناتجة عن تدخله فيما لو تبين‬
‫أن تكرار تصرفاته وجسامتها جعلت الغير يعتقد أنه شريك متضامن واعتمد على ذلك عند‬
‫التعاقد مع الشركة‪ ،‬ومتى اعتبر الشريك الموصي شريكا متضامنا فإن أحكام الشريك‬
‫المتضامن تقع عليه‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعالقة الشريك الموصي بغيره من الشركاء المتضامنين يتم التفرقة بين ما‬
‫إذا قام بهذا العمل بتوكيل منهم أو دون توكيل‪ ،‬فإذا قام بهذا العمل بناءا على توكيل منهم‪،‬‬
‫فإنه يبقى شريكا موصيا في مواجهتهم ويرجع عليهم بما يكون قد دفعه من ديون الشركة‬
‫زائدا عن حصته‪.‬‬
‫وإذا كان الشريك الموصي قد قام بالعمل دون توكيل من الشركاء المتضامنين ولكن‬
‫من تلقاء نفسه فإن تصرفه ال يلزم الشركة‪ ،‬ويعتبر مسؤوال شخصيا في مواجهة من تعاقد‬

‫‪ -1‬محمد الكيالني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪87‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫معه وال يرجع الشريك الموصي على الشركة بما أوفى به نتيجة تصرفه إال وفقا ألحكام‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلثراء بال سبب وأحكام الفضالة‪.‬‬

‫‪ -1‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.168‬‬

‫‪88‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها‬


‫تؤسس شركات األموال على االعتبار المالي دون الشخصي ألنها تهدف بالدرجة‬
‫األولى إلى جمع األموال من أجل تحقيق أهداف الشركة‪ ،‬ونظ ار للمساهمات الكبيرة فيها فإن‬
‫هذه الشركات تسمح بجمع رؤوس أموال ضخمة وعدد كبير من المساهمين‪ ،‬هذا ما يجعل‬
‫لها تأثير على االقتصاد الوطني ولهذا نجد أن الشركات الكبرى في العالم هي شركات‬
‫مساهمة‪ ،‬وعليه فإن المشرع أولى لها اهتمام وجعل لها قواعد تشريعية تنظمها وفرض أشكاال‬
‫لتأسيس مثل هذه الشركات على غرار الشكلية واإلشهار‪ ،‬ونجده قد حدد طرق إدارتها‬
‫وفرض رقابة معينة عليها‪ ،‬وأخضعها لقواعد تشريعية آمرة‪ ،‬وهو ما سنتعرف عليه من خالل‬
‫هذا المبحث الذي نتطرق فيه للمسؤولية الجزائية لنمطين من شركات األموال‪ ،‬األول‬
‫المسؤولية الجزائية للشركة ذات المسؤولية المحدودة الذي سنتطرق له في المطلب األول‬
‫والثاني يتعلق بالمسؤولية الجزائية لشركة المساهمة الذي نتطرق له في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة وتحديد أجهزتها‬
‫نتيجة الستمرار تطور التجارة وتوسعها‪ ،‬ظهر نوع جديد من الشركات لمواكبة التطور‬
‫الصناعي والتجاري الهائل المصاحب لنمو الرأسمالية هي الشركات ذات المسؤولية المحدودة‬
‫ويعتبر المشرع األلماني أول من أوجد تنظيما تشريعيا لها وذلك بموجب القانون الصادر‬
‫سنة ‪ 1892‬وأطلق عليها تسمية "شركة مع مسؤولية محدودة" (‪ ،)1‬تنشأ الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة كسائر الشركات بموجب عقد يوقعه الشركاء ويستهدفون به استثمار‬
‫مشروع معين واقتسام ما ينتج عنه من ربح‪ ،‬بعد أن يقدم كل منهم حصة معينة في أرس‬
‫مال الشركة‪ ،‬وعلى ذلك يكون تأسيس الشركة المستند إلى العقد المذكور مبينا على توفر‬
‫جميع الشروط الموضوعية الالزمة لصحة العقود من وجود الرضا لدى المتعاقدين وخلوه من‬
‫العيوب وأهلية التعاقد والموضوع والسبب‪ ،‬وسنتطرق في هذا المطلب للمسؤولية الجزائية‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2003،‬ص‪. 23‬‬

‫‪89‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫للشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل بيان مفهومها في الفرع األول‪ ،‬تأسيس الشركة‬
‫ذات المسؤولية المحدودة في الفرع الثاني ثم كيفية إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة في‬
‫الفرع الثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫يتحدد مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل تعريفها ومن ثم إبراز أهم‬
‫خصائصها والتي من خالله تظهر األهمية االقتصادية لهذا النوع من الشركات التجارية ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫عرفها المشرع الفرنسي بناءا على خصائصها في المادة ‪ 90‬من قانون الشركات‬
‫الفرنسي بالقول‪:‬‬
‫‪La société à responsabilité limitée est constituée entre deux ou plusieurs‬‬
‫‪personnes qui ne supportent les pertes que jusqu'à concurrence de leurs apports.‬‬
‫‪Lorsque la société à responsabilité limitée peut ne comporter qu'un seul‬‬
‫‪associé elle est dénommée "société unipersonnelle à responsabilité limitée".‬‬
‫‪Cet associé exerce les mêmes pouvoirs dévolus au gérant de la société‬‬
‫(‪conformément aux dispositions prévues par le présent livre.)1‬‬
‫وترجمة للفقرة أعاله عرفها على أنها شركة تتكون من شريكين أو عدة شركاء يتحملون‬
‫الخسائر في حدود حصصهم‪.‬‬
‫وعندما يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة شريك واحد فقط تسمى الشركة ذات‬
‫الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬
‫هذا الشريك يمارس نفس الصالحيات المخولة لمدير الشركة وفقا ألحكام هذا الكتاب‪.‬‬
‫إن المستقرئ للمادة ‪ 90‬أعاله يالحظ أنها تتطابق مع المادة ‪ 564‬من القانون التجاري‬
‫الجزائري‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن المشرع الفرنسي حدد العدد األقصى للشركاء في الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة بخمسين شريك وفي حالة تعدى العدد هذا القدر للشركة مهلة عام‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 23‬‬

‫‪90‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫لتخفيض العدد وإال عدت شركة ذات أسهم‪ ،‬وهو األمر الذي تبناه المشرع الجزائري أيضا‬
‫في نص المادة ‪ 590‬من القانون التجاري والتي كانت تنص على أن ال يتجاوز عدد‬
‫الشركاء عشرون وبموجب تعديل القانون التجاري بموجب القانون رقم ‪ 20 -15‬أصبح‬
‫(‪)1‬‬
‫العدد األقصى خمسون شريك‪.‬‬
‫كما عرف المشرع الجزائري الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل خصائصها في‬
‫المادة ‪ 564‬من القانون التجاري كما يلي ‪ :‬تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من‬
‫شخص واحد أو عدة أشخاص ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما قدموا من حصص‪ ،‬إذا‬
‫كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة طبقا للفقرة السابقة ال تضم إال شخصا‬
‫واحدا كشريك وحيد‪ ،‬تسمى هذه الشركة " مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية‬
‫المحدودة "…‪ .‬وعنوان ا لشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء أو أكثر على‬
‫أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات " شركة ذات مسؤولية محدودة " أو‬
‫األحرف األولى منها أي ش ‪.‬ذ‪.‬م‪.‬م وبيان رأسمالها‪".‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وبمقتضى هذا النص يكون المشرع الجزائري قد جمع بين الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة والشركة ذات الشخص الوحيد في نص واحد على اعتبار أنهما تشتركان في نفس‬
‫األحكام والخصائص‪ ،‬مع وجود بعض الخصوصيات التي يقتضيها وجود الشريك الوحيد في‬
‫الشركة‪.‬‬
‫وقد عرفها األستاذ فوزي محمد سامي بأنها شركة تتألف من عدد من الشركاء غالبا‬
‫يكون محدد يسألون مسؤولية محدودة عان ديون الشركة والتزاماتها بقدر حصصهم في رأس‬
‫مالها‪ ،‬وال يكتسبون صفة التاجر‪ ،‬وتتمتع الشركة بالشخصية المعنوية وال يمكن جمع رأس‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 590‬من األمر رقم ‪ 59-75‬معدلة بموجب القانون رقم ‪ 20-15‬المؤرخ في ‪ ، 2015/12/30‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 71‬لسنة ‪.2015‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 564‬من األمر رقم ‪ 59-75‬معدلة بالقانون رقم ‪ 27-96‬المؤرخ في ‪ ، 1996/12/09‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 77‬لسنة ‪.1996‬‬

‫‪91‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫مالها عن طريق االكتتاب العام كما ال يمكن انتقال حصص الشركاء إال بموجب أحكام‬
‫(‪)1‬‬
‫القانون‪.‬‬
‫وقد عرفها الدكتور محمد بهجت عبد هللا قايو بأنها‪ :‬إحدى نوعيات الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة التي تؤسس بعمل إرادي من قبل شخص واحد طبيعي أو معنوي يسمى‬
‫بالشريك الوحيد‪ ،‬وهو تخصص لمشروعها فردا من أمواله أو عند االقتضاء عمله وخبرته‬
‫وذلك بغية االستفادة مما ينتج عنها من أرباح وال يتحمل من خسائر المشروع إال في حدود‬
‫(‪)2‬‬
‫قيمة ما قدمه له من حصص نقدية أو عينية‪".‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫من خالل التعريفات ال سابقة الذكر يمكن استخالص مجموعة من الخصائص التي‬
‫تمتاز بها الشركة ذات المسؤولية المحدودة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬تقديم الحصص‬
‫وهو ما يصطلح عليه بالمساهمات‪ ،‬تأخذ هذه المساهمات ثالثة أشكال‪ :‬تقديم حصة‬
‫مالية والمتمثلة في النقود‪ ،‬حصة عينية وتتمثل في العقارات والمنقوالت أو حصة بعمل‪،‬‬
‫غير أن المشكلة لم تكن مطروحة بالنسبة لحصة المال والحصة العينية‪ ،‬لكنها كانت‬
‫مطروحة بالنسبة للحصة بالعمل‪ ،‬والتي ال يعتبرها المشرع الجزائري كجزء من رأس مال‬
‫الشركة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وهو ما نصت عليه المادة ‪ 567‬مكرر من‬
‫القانون التجاري والتي نصت على أنه يمكن أن تكون المساهمة بتقديم عمل يتم تقدير قيمته‬
‫(‪)3‬‬
‫المادية وما يخوله من أرباح ضمن القانون األساسي للشركة‪.‬‬

‫‪ -1‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 181‬‬


‫‪ -2‬فتيحة يوسف لعماري‪ ،‬أح كام الشركات التجارية‪ ،‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.266‬‬
‫‪ -3‬فوزي فتات‪ ،‬الضوابط القانونية للوفاء بالحصص والتصرف فيها في الشركات التجارية في القانون التجاري‬
‫الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬وهران‪ ،2007 ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪92‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -2‬تحديد عدد الشركاء‬


‫الغرض من تحديد عدد الشركاء بشريكين كحد أدنى و‪ 50‬شريكا كحد أقصى هو‬
‫اقتصار هذا النوع من الشركات على المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمحافظة على وجود‬
‫(‪)1‬‬
‫االعتبار الشخصي بين الشركاء‪.‬‬
‫الجزئري عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وذلك‬
‫ا‬ ‫وقد استحدث المشرع‬
‫بموجب القانون ‪ 20-15‬حيث نصت المادة ‪ : 590‬ال يسوغ أن يتجاوز عدد الشركاء في‬
‫الشركة ذات المسؤولية المحدودة خمسين (‪ )50‬شريكا‪ ،‬وإذا أصبحت الشركة مشتملة على‬
‫أكثر من خمسين (‪ )50‬شريكا وجب تحويلها إلى شركة مساهمة في أجل سنة واحدة وعند‬
‫عدم القيام بذلك‪ ،‬تنحل الشركة ما لم يصبح عدد الشركاء في تلك الفترة من الزمن مساويا‬
‫(‪)2‬‬
‫لخمسين ‪ 50‬شريكا أو أقل‪".‬‬
‫وقد قام المشرع الجزائري برفع عدد الشركاء إلى ‪ 50‬شريكا بعد أن كان ‪ 20‬والتي‬
‫كانت قبل القانون التجاري كما جاء فيه أنه ال يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة إال إذا كان عدد الشركاء شخصين فأكثر‪ ،‬على اعتبار أنها عقد والعقد ال يتم إال‬
‫إردتين فأكثر‪ ،‬فهي ال تختلف عن غيرها من الشركات فيما يخص الحد األدنى لعدد‬
‫بتوافق ا‬
‫الجزئري باختالف أشكال الشركات‪ ،‬باإلضافة‬
‫ا‬ ‫الشركاء‪ ،‬ويختلف عدد الشركاء في التشريع‬
‫إلى ذلك وبعد تعديل نص المادة ‪ 564‬قام المشرع بإضافة نوع أخر ضمن هذا النوع لم‬
‫الجزئري وهي الشركة ذات الشخص الوحيد فنصت على المادة‬
‫ا‬ ‫تعرف سابقا في االقتصاد‬
‫‪ 564‬من القانون التجاري على ‪ :‬أنه تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص‬
‫(‪)3‬‬
‫واحد أو عدة أشخاص ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما قدموه من حصص‪."...‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 567‬من األمر رقم ‪ 59-75‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 20-15‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬فتيحة يوسف لعماري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.268‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 564‬من األمر رقم ‪ 59-75‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 27-96‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫والشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ال يكتسب صفة التاجر بمجرد انضمامه‬
‫إلى الشركة بخالف ما هو عليه الحال لشركة التضامن‪ ،‬ويشترط على الشريك أن يكون‬
‫اإلردة ويثبت هذا الرضا بمجرد التوقيع‬
‫رضاه صحيحا‪ ،‬أي خال من أي عيب من عيوب ا‬
‫على العقد‪ ،‬لذلك أوجب القانون أن يوقع الشريك على العقد بنفسه أو بواسطة وكيل يحمل‬
‫(‪)1‬‬
‫وكالة تثبت هذا الغرض‪.‬‬
‫الجزئري يأخذ صفتين حيث يمكن أن ينشىء الشركة ذات‬
‫ا‬ ‫والشريك في التشريع‬
‫المسؤولية المحدودة إما أشخاص طبيعيون‪ ،‬فيبرمون العقد بأنفسهم أو بواسطة وكالء يقدمون‬
‫سندا يثبت توكيلهم في إبارم العقد‪ ،‬كما يجوز أن تؤسس الشركة من طرف الممثلين‬
‫القانونيين لألشخاص المعنوية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -3‬تحديد المسؤولية‬
‫ال يسأل الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عن ديون الشركة إال بقدر‬
‫حصته في رأس المال‪ ،‬وهذه الخاصية هي أساس تسمية هذه الشركة وهي تسمح للشركاء‬
‫بتحديد مسؤوليتهم عن مخاطر المشروع دون حاجة إلى اللجوء إلى شكل شركة المساهمة‬
‫ومن ثم فهي تجعل الشريك في هذه الشركة في مركز يماثل مركز الشريك في شركة‬
‫المساهمة‪ ،‬بيد أنه يالحظ أن مسؤولية الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذاتها عن ديونها‬
‫ليست محدودة‪ ،‬بل هي مطلقة في جميع أموالها‪ ،‬ولكن مسؤولية الشركاء فيها هي المحدودة‬
‫(‪)3‬‬
‫بقدر حصة كل منهم في رأس المال‪.‬‬

‫‪ -1‬فوزي فتات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪ -2‬محمد الطاهر بلعساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪ -3‬باسم محمد ملحم وبسام حمد الطروانة‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬األردن‪،2012 ،‬‬
‫ص ‪.92‬‬

‫‪94‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -4‬حظر اللجوء إلى اإل كتتاب العام‬


‫ال يجا ااوز تأسا اايس الشا ااركة ذات المسا ااؤولية المحا اادودة أو زيا ااادة أرسا اامالها أو االقتا اراض‬
‫لحسااابها عاان طريااق االكتتاااب العااام‪ ،‬وماان ثاام ال يجااوز لهااا إصاادار أسااهم أو سااندات تطاارح‬
‫الكتتاب الجمهور‪ ،‬والهدف من هذا الحظر هو المحافظة على توافر االعتبار الشخصي بين‬
‫(‪)1‬‬
‫الشركاء‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم قابلية الحصص للتداول بالطرق التجارية‬
‫يقسم رأسمال الشركة ذات المسااؤولية المحاادودة إلااى حصااص متساااوية القيمااة‪ ،‬غياار أن‬
‫هااذه الحصااص ال يجااوز أن تكااون ممثلااة فااي صااكوك قابلااة للتااداول بااالطرق التجاريااة وذلااك‬
‫مراعاة لالعتبار الشخصي الذي تقوم عليه هذه الشركة‪.‬‬
‫ولكن هذه الحصص ليست محبوسة عن التداول كما هااو الشااأن بالنساابة للحصااص فااي‬
‫شااركات األشااخاص‪ ،‬فالشاريك يجااوز لااه أن يتنااازل عاان حصااته ألحااد الشااركاء أو للغياار وفقااا‬
‫(‪)2‬‬
‫لشروط عقد الشركة‪.‬‬
‫‪ -6‬رأس مال الشركة‬
‫ويقصد به األموال والمواد واألدوات الالزمة إلنشاء نشاط اقتصادي أو تجاري ويكون‬
‫الهدف من المشروع الربح أو اإلعالم أو األعمال اإلنسانية‪ ،‬ويعد أرس مال الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة المصدر األساسي لتمويل مشروعها من جهة ومن جهة أخرى هو‬
‫الضمان الوحيد للدائنين بسبب مسؤولية الشركاء المحدودة‪ ،‬وردعا لتأسيس شركات وهمية أو‬
‫ونظر ألهمية أرس المال في تكوين الشركة قام المشرع‬
‫ا‬ ‫شركات ذات أرس مال ضعيف‬
‫بتعديل المادة ‪ 566‬من القانون التجاري التي تمس أرس المال حيث تم حذف الحد األدنى‬
‫له وجعل أرس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة يتحدد بحرية من طرف الشركاء التي‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية الشركة المحدودة المسؤولية‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2010 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬محمد الطاهر بلعساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬

‫‪95‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫نصت على ‪ :‬أنه يحدد أرسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بحرية من طرف الشركاء‬
‫في القانون األساسي للشركة ويقسم إلى حصص ذات قيمة إسمية متساوية ويجب أن يشار‬
‫إلى أرسمال في جميع وثائق الشركة‪.‬‬
‫وإن كان قبل التعدي ينص على أن الحد األدنى هو ‪ 100.000‬دج ويقسم أرس المال‬
‫إلى حصص ذات قيمة إسمية متساوية قدرها ‪ 1000‬دج على األقل وذلك حسب نفس‬
‫(‪)1‬‬
‫المادة‪.‬‬
‫أ‪ -‬تكوين رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫ينقسم أرس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى حصص متساوية القيمة وفي‬
‫هذا اإلطار نصت المادة ‪ 566‬من القانون التجاري المعدل المتمم على أنه‪...‬وينقسم إلى‬
‫حصص ذات قيمة إسمية متساوية‪ ،‬والثابت وفق القواعد العامة للشركات التجارية أن‬
‫أرسمالها يتكون من حصص تختلف أنواعها مثلما سبق ذكره من حصص نقدية‪ ،‬حصص‬
‫عينية أو حصص عمل‪.‬‬
‫‪ -‬الحصة النقدية‬
‫هي مبلغ من النقود يقدمه الشريك كجزء من أرسمال الشركة حيث يجوز االكتتاب في‬
‫هذه الحصص بدفع قيمة خمس أرس المال التأسيسي ويدفع المبلغ الباقي على مرحلة أو‬
‫مرحل خالل خمسة سنوات من تاريخ تسجيل الشركة لدى السجل التجاري وهو ما‬
‫عدة ا‬
‫نصت عليه المادة ‪ 567‬من القانون التجاري والتي كانت تنص قبل التعديل أن االكتتاب في‬
‫الحصة النقدية يجب الوفاء بقيمتها كاملة أي االكتتاب بجميع الحصص‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه وفي جميع األحوال يجب أن تدفع الحصص كاملة قبل أي‬
‫اكتتاب لحصص نقدية جديدة وذلك تحت طائلة بطالن العملية استناد إلى نص المادة‬
‫‪ 3/567‬من القانون نفسه‪ ،‬لتضيف الفقرة ‪ 4‬من المادة نفسها أن ‪ ...‬يسلم المال الناتج عن‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪96‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫تسديد قيمة الحصص المودعة بمكتب التوثيق‪ ،‬إلى مسير الشركة بعد قيدها بالسجل‬
‫(‪)1‬‬
‫التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬الحصة العينية‬
‫قد ترد حصة الشريك على عين معينة فتتمثل في عقار أو محل تجاري أو وسيلة نقل‬
‫أو آلة أو بضاعة أو تنصب الحصة على حق االنتفاع‪ ،‬وقد تم ذكر ذلك في نص المادة‬
‫‪ 567‬من القانون التجاري والتي أوجبت أن يقوم الشريك بالوفاء بها عند تأسيس الشركة مثل‬
‫ما هو الحال بالنسبة للحصة النقدية فال يجوز التعهد بتسليمها فيما بعد ويجب أن تكون‬
‫كاملة غير مثقلة بأعباء كأن تكون الحصة مرهونة يتعين بالنسبة لهذه الحصة التي تقدم في‬
‫الشركات التجارية أن يتم تقدير قيمتها لبيان مقدار الحصص االجتماعية أو األسهم في‬
‫الشركات المساهمة‪ ،‬حيث أن المادة ‪ 568‬من القانون التجاري‪ ،‬قد تعرضت لتقديم هذه‬
‫الحصة من طرف خبير مختص تعينه المحكمة أو يعين باتفاق أو بإجماع الشركاء‪ ،‬على‬
‫أن تذكر قيمة هذه الحصة في تقرير ملحق بالقانون األساسي يحرره تحت مسؤولية‬
‫(‪)2‬‬
‫الخبير‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن العبرة في تقويم الحصة هي بوقت العقد وال تأثير النخفاض أو‬
‫زيادة قيمتها الحقا‪ ،‬بحيث ال يكون لمقدم الحصة العينية حق المطالبة بما حققته الحصة‬
‫نتيجة ارتفاع قيمتها‪ ،‬وكذلك ال يجوز الرجوع عليه بالتعويض في حالة تغير الظروف‬
‫(‪)3‬‬
‫االقتصادية التي تؤدي إلى نقص قيمة حصته طالما تم تقديرها وفقا للقانون‪.‬‬
‫حيث أن المشرع عمد إلى حماية الغير ذلك أن أرس مال هذا النوع من الشركات‬
‫يشكل الضمانة الوحيدة‪ ،‬وعليه ال يجب أن يكون وهميا أو مبالغا في تقديره‪ ،‬إضافة إلى‬

‫‪ -1‬محمد الطاهر بلعساوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬


‫‪ -2‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬السالم جاهم أبو قريش‪ ،‬دليل تأسيس الشركات التجارية في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ، 2014،‬ص ‪.114‬‬

‫‪97‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫حماية الشريك مقدم الحصة العينية من أن يغبن في تقدير حصته أو أن يثرى على حساب‬
‫باقي الشركاء في حالة المبالغة في تقدير هذه الحصة‪ ،‬بالتالي يلجأ أهل الخبرة لمندوب‬
‫الحصص لتحديد قيمة الحصص العينية واألصل أن يتم تعيين هذا المندوب بأمر من‬
‫المحكمة لتفادي أن يتم اللجوء إلى أشخاص للتواطئ معهم في تقدير القيمة الحقيقية لهذه‬
‫الحصص‪ ،‬خاصة وأن مبدأ المساواة بين الشركاء أمر يكرس عموما في الشركات التجارية‬
‫ويبقى الشركاء حسب المادة ‪ 2/568‬من القانون التجاري مسؤولون بالتضامن ولمدة ‪5‬‬
‫سنوات تجاه الغير عن القيمة المقدرة للحصص‪ ،‬مع المالحظة أن المسؤولية تنقضي إذا ما‬
‫كان الشريك جاهال لسوء التقدير‪ ،‬ويجب أن تكون حصص الشركاء إسمية وال يمكن أن‬
‫تكون ممثلة في سندات قابلة للتحويل كما ورد في ذكره في المادة ‪ 569‬من القانون‬
‫التجاري‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -‬حصة عمل‬
‫الجزئري في الحصص المكونة أ‬
‫لرس مال الشركة ذات المسؤولية‬ ‫ا‬ ‫استحدث المشرع‬
‫المحدودة ووسعها إلى حصة عمل حيث جعل إمكانية أن تكون حصة الشركاء في الشركة‬
‫غرر ما هو معمول به في التشريعات‬
‫ذات المسؤولية المحدودة تقديم عمل وذلك على ا‬
‫(‪)2‬‬
‫المقارنة السيما التشريع الفرنسي الذي يعد المرجعية القانونية للمشرع الجزائري‪.‬‬
‫وينص المشرع في هذا الصدد في نص المادة ‪ 657‬مكرر من القانون التجاري على‬
‫ما يلي‪ :‬يمكن أن تكون المساهمة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تقديم عمل تحدد‬
‫كيفيات تقدير قيمته وما يخوله من أرباح ضمن القانون األساسي للشركة وال يدخل في‬
‫تأسيس الشركة‪.‬‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية الشركة المحدودة المسؤولية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.157‬‬
‫‪ -2‬محمد بوراس‪ " ،‬قراءة في تعديالت القانون التجاري الجزائري الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة"‪،‬‬
‫المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو‪ ،2016 ،‬تسمسيلت‪ ،‬الجزائر‪ ،2016 ،‬ص‪. 119‬‬

‫‪98‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ب‪ -‬تعديل رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬


‫إن تعديل رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة قد يكون بزيادة رأس المال أو‬
‫تخفيضه ولكل شروطه نص عليها المشرع في القانون التجاري‪.‬‬
‫س‪ -‬زيادة رأس مال الشركة‬
‫يمكن زيادة رأسمال الشركة عن طريق إضافة قيمة إسمية لألسهم الموجودة ففي هذه‬
‫الحالة يلتزم الشركاء بإضافة نسبة معينة من قيمة األسهم دون حاجة إلى إدخال شركاء جدد‬
‫إلى الشركة‪ ،‬فعدد األسهم يبقى نفسه قبل الزيادة إال أن القيمة اإلسمية لألسهم ترتفع وهذه‬
‫الطريقة ال يمكن القيام بها إال بموافقة جميع الشركاء‪ ،‬ألنه ال يجوز الزيادة من التزامات‬
‫(‪)1‬‬
‫المساهمين دون موافقتهم‪.‬‬
‫ولزيادة رأسمال الشركة يجب توفر مجموعة من الشروط‪ ،‬شروط عامة وهي ال يمكن‬
‫االستغناء عنها حيث ال بد أن تتوفر هذه الشروط مهما كانت الطريقة المتبعة لزيادة رأس‬
‫المال قبل الشروع في عملية الزيادة وهي وجوب سداد الرأسمال بكامله‪ ،‬صدور قرار من‬
‫الجمعية العامة غير العادية وشروط خاصة تختلف باختالف طريقة الزيادة وهي‪ :‬إضافة‬
‫قيمة إسمية لألسهم الموجودة‪ ،‬الزيادة عن طريق إلحاق االحتياط أو األرباح أو عالوات‬
‫اإلصدار أو تحويل سندات االستحقاق‪ ،‬الزيادة عن طريق تحويل سندات االستحقاق إلى‬
‫أسهم وفي هذه الحالة يجب أن تكون تلك السندات مستوفية للشروط المنصوص عليها في‬
‫(‪)2‬‬
‫المواد ‪ 715‬مكرر‪ 116‬إلى ‪ 715‬مكرر ‪ 125‬من القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد محرز‪ ،‬الوسيط في الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص‪.507‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم سيد أحمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 111‬‬

‫‪99‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬تخفيض رأس مال الشركة‬


‫تلجأ الشركة إلى تخفيض رأسمالها إذا تبين لها أنه يفوق حاجات استثمارها‪ ،‬فيكون‬
‫األفضل لها تخفيض جزء من رأسمالها ورده إلى الشركاء بدال من تجميده‪ ،‬نظ ار لعدم قدرتها‬
‫على تشغيله‪ ،‬ويكون تخفيض الرأسمال أيضا في حالة ما إذا تعرضت الشركة إلى خسائر‬
‫عندئذ تخفض من رأسمالها إلى الحد الذي انتهت إليه الخسارة بدال من أن ينتظر الشركاء‬
‫عدة سنوات بدون أن يكون ثمة إمكانية لتوزيع األرباح عليهم‪ ،‬فيفضلون القيام بعملية‬
‫تخفيض الرأسمال‪ ،‬وقد تصاب الشركة بخسارة قد تعجزها عن أداء الغرض الذي نشأت من‬
‫أجله فتقرر تخفيض رأسمالها شريطة أال يؤدي ذلك إلى إنقاصه إلى الحد األدنى‬
‫(‪)1‬‬
‫القانوني‪.‬‬
‫وعملية تخفيض رأسمال الشركة تخضع إلجراءات أكثر تعقيدا من اإلجراءات التي‬
‫تتخذها الشركة عند زيادة رأسمالها‪ ،‬ذلك أن زيادة رأسمال الشركة يؤدي إلى زيادة الضمان‬
‫العام للدائنين وينطوي على فائدة للمساهمين القدماء باألخص عندما تتم الزيادة بضم‬
‫االحتياطي االختياري وإصدار أسهم توزع مجانا على المساهمين‪ ،‬وتظهر الفائدة أيضا‬
‫عندما تعطي المساهمين األفضلية في االكتتاب بالقيمة اإلسمية لألسهم الجديدة دون‬
‫تحملهم عالوة اإلصدار التي يتحملها المساهمون الجدد‪ ،‬لكن الحال يختلف عند تخفيض‬
‫رأسمال الشركة حيث ال فائدة يجنيها الدائنون من ذلك بل على العكس ألن التخفيض قد‬
‫يضر بالدائنين ويقلل من الضمان العام المقرر لهم على موجودات الشركة‪ ،‬لهذا وضع‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون إج ارءات معينة يجب إتباعها عندما ترغب الشركة بتخفيض رأسمالها‪.‬‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬


‫‪ -2‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 206‬‬

‫‪100‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ثالثا‪ :‬األهمية االقتصادية للشركة ذات المسؤولية المحدودة‬


‫هي نوعية متميزة من هيكلة الشركات التي تدمج هيكلة الشركة المساهمة والشركة‬
‫الخاصة مع الملكية الفردية في كيان مؤسسي بسيط ومتميز‪ ،‬لذلك يفضلها العديد من‬
‫ولعل من أهم مميزاتها ما يلي‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أصحاب األعمال التجارية الصغيرة‪،‬‬
‫‪ -1‬تقدم الشركة ذات المسؤولية المحدودة إطا ار قانونيا آمنا لشركائها‬
‫يتم توفير قواعد تشغيل الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى حد كبير في القانون‬
‫التجاري وناد ار ما ينتقص النظام األساسي منها‪ ،‬فهي وضع قانوني يعمل بشكل أكثر تنظيما‬
‫من الشركات المساهمة‪ ،‬لذلك يتمتع الشخص الذي يرتبط برأس مال شركة ذات مسؤولية‬
‫محدودة بأمان معين‪ ،‬وهذه ميزة مهمة لمساهمي األقلية وأولئك الذين لديهم القليل من‬
‫المعرفة بقانون األعمال‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪ -2‬سهولة االنتقال من الشكل الفردي إلى الجماعي والعكس‬


‫يمكن للشركة ذات المسؤولية المحدودة اإلنتقال من الشكل الفردي إلى الجماعي‬
‫والعكس صحيح دون اشتراط أي إجراءات خاصة سواء التنازل عن بعض الحصص أو‬
‫زيادة رأسمالها النضمام شريك أو أكثر لها‪ ،‬هكذا يمكن للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن‬
‫(‪)3‬‬
‫تشجع النمو المتناسق لنماذج المؤسسات المتوسطة والصغيرة بفضل النظام الخاص بها‪.‬‬

‫‪ -1‬نعناعة بوحفص جالب‪"،‬اإلطار التشريعي المنظم لمهنة ومسؤولية محافظ الحسابات في الشركات التجارية"‪،‬‬
‫المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬العدد‪ ،2‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪، 2008،‬‬
‫ص‪. 201‬‬
‫‪ - 2‬نسرين شريقي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار بلقيس‪ ،‬الجزائر‪ ، 2013،‬ص‪.25‬‬
‫‪ -3‬عزيز العكيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.451‬‬

‫‪101‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -2‬التقليل من ظهور انتشار الشركات الوهمية‬


‫أدى ظهور مؤسسة الشخص الوحيد في كثير من التشريعات إلى التقليل من الشركات‬
‫الوهمية‪ ،‬ذلك أن كثير من الشركات ذات المسؤولية المحدودة في تلك الدول ما هي في‬
‫(‪)1‬‬
‫حقيقتها إال مؤسسة ذات الشخص الوحيد‪.‬‬
‫تنتشر هذه الشركات في النظم التي ال يجوز تأسيس مؤسسة الشخص الوحيد وذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪ ،‬وذلك بلجوء المستثمرين الفرديين إلى الشركات الصورية أو الوهمية‬
‫والتحايل على القانون‪ ،‬ألن العمل تحت إطار هذه الشركات يسمح لهم باالستفادة من ميزة‬
‫تحديد المسؤولية إلى أعمالهم التجارية‪ ،‬باإلضافة إلى تحديد غايات ومكاسب أخرى‬
‫كالتهريب الضريبي باسم الشركة أو إيهام الغير للتعامل مع شركة ذات إمكانات ضخمة في‬
‫حين أنها مجرد مؤسسة صغيرة فردية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ومن هنا تتضح أهمية االعتراف بالشركات ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬ألن المشروعات‬
‫الفردية في أي دولة تعتبر كيان حيوي في االقتصاد الوطني والسماح للشخص الطبيعي‬
‫والمعنوي أن يؤسس مؤسسة الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة التي تعد مظهر‬
‫(‪)3‬‬
‫للقضاء على الشركات الوهمية‪.‬‬
‫‪ -3‬التسهيالت الضريبية‬
‫إن نظام الشركات ذات المسؤولية المحدودة يفصل العمل التجاري عن مالك الشركة‬
‫ومع ذلك يمكن للشخص أن يختار أن يعامل كشريك وذلك لتسهيل االلتزامات الضريبية في‬
‫هذه الحالة‪ ،‬فإن الشركة ذات المسؤولية المحدودة ال يدفع عنها الضرائب ككيان مستقل‬

‫‪ -1‬أحمااد البساايوني أبااو الااروس‪ ،‬الموسااوعة التجاريااة الحديثااة ) التاااجر والشااركات والمحااال التجاريااة( ‪ ،‬الاادار‬
‫الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ -3‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪،2006،‬‬
‫ص‪.126‬‬

‫‪102‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫بذاتها‪ ،‬ولكن األرباح توزع على الشركاء كما في الشركات الفردية‪ ،‬كما أن قوانين الضرائب‬
‫الممنوحة للشركات الفردية تتميز بالسهولة والمرونة في النظام الضريبي المطبق سواء في‬
‫بنظام الضريبة الجزافية الوحيدة أو النظام الحقيقي‪.‬‬
‫كما يمكن اختيار أي من االمتيازات الضريبية التي تود الشركة أن تتمتع بها‪ ،‬خاصة‬
‫في ظل االمتيازات التي تمنحها الدولة للشركات سواء في مجال االستثمار في إطار‬
‫الصندوق الوطني لدعم االستثمار أو في مجاالت أخرى‪.‬‬
‫ومما سبق يمكن القول إن أهم ما يميز الشركة ذات المسؤولية المحدودة أنها‪:‬‬
‫‪ -‬تتمتع باسم يميزها عن باقي األشكال األخرى من الشركات‪،‬‬
‫‪ -‬ال يتمتع الشريك فيها بصفة التاجر‪ ،‬وال يخضع بذلك ألحكام التجار على عكس شركات‬
‫األشخاص مثل شركة التضامن‪،‬‬
‫‪ -‬يتمتع الشركاء فيها بالحرية الكاملة في تحديد رأسمال األدنى بعدما كان محددا قانونا قبل‬
‫تعديل ‪ 2015‬با ‪ 100.000‬دينار جزائري‪،‬‬
‫‪ -‬تحتوي الشركة على الحد األدنى للشركاء باثنين وعلى الحد األقصى بخمسين بعدما كان‬
‫األكثر‪)1(،‬‬ ‫قبل تعديل ‪ 2015‬محددا بعشرين شريكا على‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬يمكن أن يتنازل عن الحصص لصالح الورثة أو ألحد األشخاص من الخلف العام‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫إن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة يخضع لمجموعة من الشروط العامة‬
‫والخاصة وهو ما نص عليه المشرع الجزائري مؤكدا على ضرورة توافر أركان العقد في‬
‫الشركة سواء تعلق األمر بعنصر الرضا الذي هو أساس فكرة التعاقد‪ ،‬أو المحل الذي هو‬

‫‪1- Jean (A), Droit fiscal algérien, Office des Publication Universitaires, Alger, 1990,‬‬
‫‪p26.‬‬
‫‪ -2‬مفلح عواد القضاة‪ ،‬الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمؤسسة ذات الشخص الوحيد ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،1998 ،‬ص‪.65‬‬

‫‪103‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫مناط كل عقد مسمى أو غير مسمى‪ ،‬كما يجب أن يتوفر سبب مشروع للتعاقد‪ ،‬كما ينبغي‬
‫أن تتوفر أهلية للتعاقد باإلضافة إلى الشروط الموضوعية الخاصة سواء ما تعلق منها بتعدد‬
‫الشركاء أو من جهة وجود أرس المال الذي يتكون من الحصص التي يقدمها الشركاء وقصد‬
‫الحصول على األرباح التي تحققها الشركة نتيجة استثمارها نشاطا معينا أو تحمل الخسائر‬
‫جرء هذا االستثمار وكذلك وجود نية المشاركة التي تحمل الشركاء على‬
‫التي قد تحدث من ا‬
‫(‪)1‬‬
‫الدخول في الشركة والتعاون فيما بينهم لتحقيق مشروعها‪.‬‬
‫وهو ما سبق الحديث عنه في خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة لنكتفي‬
‫بالتطرق للشروط الشكلية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الرسمية في عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫اشترط المشرع الجزائري أن يكون العقد التأسيسي ألي شركة على العموم رسميا‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 545‬من القانون التجاري على أنه ‪ ":‬تثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت‬
‫باطلة‪ ،‬ال يقبل أي دليل إثبات بين الشركاء فيما يتجاوز أو يخالف مضمون عقد الشركة "‬
‫كما نصت المادة ‪ 418‬من القانون المدني على أنه‪ ":‬يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا‬
‫وإال كان باطال‪ "...‬باإلضافة إلى المادة ‪ 324‬مكرر‪ 1‬من القانون المدني التي تنص على‬
‫أنه‪" :‬زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي ‪...‬يجب تحت طائلة‬
‫البطالن‪ ،‬إثبات العقود المؤسسة أو المعدلة للشركة بعقد رسمي وتودع األموال الناتجة عن‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه العمليات لدى الضابط العمومي المحدد للعقد‪".‬‬
‫تظهر الحكمة التي يتوخاها المشرع من ضرورة إفراغ عقد الشركة في قالب رسمي هو‬
‫لفت نظر الشركاء إلى أهمية العمل القانوني‪ ،‬ونتيجة لهذا العمل أنه سوف يخلق شخصا‬
‫معنويا الذي يتمتع بكيان مستقل بذاته لذلك يجب أن يكون عقد إنشاء الشخص المعنوي‬
‫مكتوبا‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.723‬‬


‫‪ -2‬جاك يوسف الحكيم‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬لبنان‪ ،2017 ،‬ص ‪.568‬‬

‫‪104‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وقد اشترط المشرع أن يشتمل عقد الشركة على مجموعة من البيات اإللزامية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬عنوان الشركة واسمها التجاري‪ ،‬الذي يشمل اسم أحد الشركاء أو أكثرهم ويكون متبوعا‬
‫بكلمات "شركة ذات مسؤولية محدودة" أو األحرف األولى" ش‪.‬م‪.‬م‪،".‬‬
‫‪ -2‬شكل الشركة‪ ،‬من خالله يمكن معرفة نوع الشركة بأنها تتكون من شخص واحد أو عدة‬
‫أشخاص‪ ،‬وأنها ذات مسؤولية محدودة وأسمائها‪،‬‬
‫‪ -3‬مدتها التي ال يمكن أن تتجاوز ‪ 99‬سنة‪،‬‬
‫‪-4‬غرض الشركة ومقرها الرئيسي‪،‬‬
‫‪ -5‬موضوع الشركة أي محل نشاطها الذي سوف تمارسه‪ ،‬ويجب أن يكون محدد بدقة‪.‬‬
‫‪ -6‬مبلغ رأسمالها‪ ،‬الذي يتجلى من خالله الضمان العام بالنسبة للدائنين الذين سوف‬
‫يتعاملون مع الشركاء‪ ،‬وكذلك الحصص العينية والنقدية المقدمة من قبلهم إلى الغير (‪،)1‬‬
‫‪ -7‬بيان دقيق وموجز للحصص العينية التي قدمها الشركاء واألموال التي تمتلكها الشركة‬
‫من بعض الشركات أو من الغير مع ذكر أسمائهم وتقدير الخبير المعتمد لهذه الحصص‬
‫وما يقابلها من رأسمال (‪،)2‬‬
‫‪ -8‬ذكر أسماء األشخاص المكلفون بإدارة الشركة سواء من بين الشركاء أو من الغير مع‬
‫ذكر محل إقامتهم‪،‬‬
‫‪ -9‬كيفية توزيع األرباح والخسائر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شهر عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫بعد تدوين البيانات اإللزامية في العقد التأسيسي للشركة يجب تسجيل العقد لدى‬
‫السجل التجاري حتى يعلم بوجودها الغير‪ ،‬ويكتسب الشركة الشخصية المعنوية وهذا ما‬

‫‪ -1‬عباس مصطفى المصري‪ ،‬تنظيم الشركات التجارية ‪ -‬شركات األشخاص ‪ -‬شركات األموال‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬مصر‪ ، 2002،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -2‬سامية كسال‪ "،‬المؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة"‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪،‬‬
‫تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ، 2011،‬ص‪.383‬‬

‫‪105‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫نصت عليه المادة ‪ 549‬من القانون التجاري التي تنص علي أنه ‪ :‬ال تتمتع الشركة‬
‫بالشخصية المعنوية إال من تاريخ قيدها بالسجل التجاري‪ ،‬وقبل إتمام هذا اإلجراء يكون‬
‫األشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم‪ ،‬إال إذا‬
‫قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة‪ ،‬فتعتبر‬
‫(‪)1‬‬
‫التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها‪.‬‬
‫كما أن شهر الشركة يمتد إلى كل تعديل يط أر على عقد الشركة فال بد أن تقيد في‬
‫السجل التجاري حتى يمكن االحتجاج بها على الغير وتتمثل إجراءات الشهر عموما في‪:‬‬
‫‪ -1‬إيداع ملخص العقد التأسيسي للشركة في السجل التجاري قصد قيده‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 548‬من القانون التجاري على أنه‪ :‬يجب أن تودع العقود التأسيسية والعقود‬
‫المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري‪ ،‬وينشر حسب األوضاع‬
‫الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات وإال كانت باطلة‪،‬‬
‫‪ -2‬نشر ملخص العقد التأسيسي للشركة في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية‪،‬‬
‫‪ -3‬نشر ملخص العقد التأسيسي للشركة في جريدة يومية يتم اختيارها من طرف الشركة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك هناك شهر مستمر الذي يقضي به العرف التجاري الذي ينصب‬
‫على جميع األوراق والمطبوعات التي تصدرها الشركة والتي يجب أن تحمل هذه األوراق نوع‬
‫الشركة أي ذات المسؤولية المحدودة ال تتعدى إلى أموالهم الخاصة‪ ،‬ويتضح أن الهدف من‬
‫(‪)2‬‬
‫الشهر هو اإلعالم بحقيقة الشركة التي يريد التعامل معها‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫تناول المشرع الجزائري إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل وضع نظام‬
‫هيكلي إداري انطالقا من طبيعتها المختلطة كونها تقوم على االعتبار الشخصي الذي‬
‫يفترض وجود الثقة بين مؤسسي هذه الشركة‪ ،‬فولى إدارتها لمدير أو أكثر‪ ،‬ولكونها تقوم‬

‫‪ -1‬سامية كسال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.384‬‬


‫‪ -2‬سامية كسال ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.385‬‬

‫‪106‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أيضا على االعتبار المالي الذي يقتضي تسيير هذه الشركة على النمط الذي تسير عليه‬
‫اإلشرف على أجهزة جماعية تشبه أجهزة شركة األموال‪.‬‬
‫شركات األموال لذا وزع الرقابة و ا‬
‫وقد منح المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة طريقتين لتعيين المدير فقد‬
‫يعين من قبل المؤسسين في العقد التأسيسي فيكون مدي ار نظاميا وإما أن يعين باتفاق الحق‬
‫لعقد الشركة وهو ما نصت عليه المادة ‪ 3/ 576‬من القانون التجاري فيكون هنا مدي ار غير‬
‫نظامي‪ ،‬والمدير المعين غالبا يكون من بين الشركاء وممكن أن يكون أجنبيا عن الشركة‬
‫وهو ما نصت عليه المادة ‪ 1/576‬من القانون التجاري وقد يتم تعيين مدي ار واحدا للشركة‬
‫(‪)1‬‬
‫أو أكثر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعيين مسير أو مسيري الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫لقد خول المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة سبيلين لتعيين مدير‬
‫الشركة فقد يقوم هؤالء بتعيين مدير واحد أو أكثر ويكون من بين الشركاء وهذا في العقد‬
‫التأسيسي للشركة‪ ،‬كما قد يتم تعيين المدير أو المديرين في عقد الحق وهو ما نصت عليه‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 576‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المسير أو المدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫يخضع مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة سواء كان شريكا أو من الغير‬
‫للمسؤولية التي يرتبها القانون في حالة ارتكابه أفعال يعاقب عليها القانون ويرتب عليها‬
‫(‪)3‬‬
‫جزاءات‪ ،‬وهي مسؤولية إما مدنية أو جنائية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر لبقيرات‪ ،‬مبادئ القانون التجاري‪-‬األعمال التجارية‪-‬نظرية التاجر‪-‬المحل التجاري‪-‬الشركات‬


‫التجارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 576‬من األمر رقم ‪ ، 59-75‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬علي حسن يونس‪ ،‬الشركات التجارية ‪ -‬النظرية العامة للشركة وشركات التضامن والتوصية‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص ‪.429‬‬

‫‪107‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬المسؤولية المدنية لمدير أو مديري الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬


‫تكون مسؤولية المدير أو المديرين إن تعددوا مسؤولية فردية أو تضامنية تجاه الشركة‬
‫كشخص معنوي أو إزاء الغير‪ ،‬ويكون المديرون مسؤولون بمقتضى قواعد القانون العام سواء‬
‫عن مخالفة أحكام هذا القانون أو عند مخالفة عقد الشركة التأسيسي‪ ،‬أو عن األخطاء التي‬
‫يرتكبونها أثناء قيامهم بأعمال اإلدارة كعدم تأمين العمال‪ ،‬أو عدم أخذ االحتياطات الالزمة‬
‫للوقاية من حوادث العمل‪ ،‬وإذا اشترط عدة مديرين في األفعال الموجبة للمسؤولية المدنية‬
‫(‪)1‬‬
‫فتتخذ المحكمة نسبة ما يتحمله كل منهم من التعويض عن األضرار‪.‬‬
‫أما في حالة إفالس الشركة فيحق للمحكمة أن تقضي بطلب من وكيل التفليسة تحميل‬
‫الديون المترتبة عليها إما على كاهل المديرين سواء من بين الشركاء أو من بين األشخاص‬
‫األجانب عن الشركة‪ ،‬كما يجوز للمحكمة أن تقضي بتحميل المديرين خسائر الشركة على‬
‫وجه التضامن أو بدون تضامن‪ ،‬وينصرف هذا الحكم إلى الشركاء إذا ما قام هؤالء بإدارة‬
‫شركة ويلزم على المدير أو الشريك المتورط الذي يريد التخلص من المسؤولية الملقاة على‬
‫عاتقه أن يقدم الدليل بأنه بذل في إدارة الشركة ما يبذله الشريك المأجور من النشاط‬
‫(‪)2‬‬
‫والحرص وهو ما نصت عليه المادة ‪ 578‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ -2‬المسؤولية الجزائية لمدير أو مديري الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫باإلضافة إلى المسؤولية المدنية التي قد يتعرض لها مدير أو مديري الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪ ،‬قد تأخذ األفعال التي يقدم عليها الوصف الجزائي وهو ما يعرضه‬
‫للمسائلة الجزائية وهو ما سنتناوله بالتفصيل في حينه في الباب الثاني من هذه الدراسة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عزل مسير أو مسيري الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫تنتهي مهام المدير بعدة طرق قد تكون بالوفاة أو بعجزه أو فقده األهلية‪ ،‬كما تنتهي‬
‫مهامه أيضا بعزله سواء من قبل الشركاء أو بقرار قضائي تعود سلطة عزل المدير سواء‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.293‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر لبقيرات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪108‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫كان مدي ار نظاميا أو غير نظامي إلى جمعية الشركاء على أنه يجوز عزل المدير بناء على‬
‫طلب الشركاء الممثلين ألكثر من نصف رأسمال الشركة‪ ،‬كون السلطات في الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة مقسمة بين المدير أو مجلس اإلدارة إذا تعدد المديرين وبين جمعية‬
‫ويعتبر الغيا كل‬ ‫(‪)1‬‬
‫الشركاء‪ ،‬حيث يستمد المدير سلطاته من الجمعية العامة للشركاء‪،‬‬
‫شرط مخالف لذلك‪ ،‬وإذا تم عزل المدير بدون مبرر شرعي يحق له أن يطلب التعويض‬
‫(‪)2‬‬
‫عن الضرر الذي لحقه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم شركة المساهمة وتحديد أجهزنها‬
‫تعتبر شركة المساهمة النموذج األمثل لشركات األموال فهي تهدف لتجميع األموال قصااد‬
‫القيام بمشروعات صناعية واقتصادية وهي أداة للتطور االقتصادي في العصر الحديث‪ ،‬وقد‬
‫نما ا ا ا اات وتط ا ا ا ا ااورت بس ا ا ا ا اارعة بفض ا ا ا ا اال تجمي ا ا ا ا ااع رؤوس األم ا ا ا ا اوال وتركيزه ا ا ا ا ااا ف ا ا ا ا ااي قبض ا ا ا ا ااة‬
‫بع ااض األش ااخاص حت ااى ك ااادت تحتك اار المج ااال الص ااناعي والتج اااري للدول ااة والس اايطرة عل ااى‬
‫سياس ااتها‪ ،‬لقيامه ااا وح اادها بالمش ااروعات الكب اارى الت ااي تتطل ااب رؤوس أما اوال ض ااخمة‪ ،‬وه ااذا‬
‫ها ا ااو السا ا اابب الا ا ااذي أ دى با ا اابعض األنظما ا ااة ومنها ا ااا الا ا اادول ال أرسا ا اامالية التخا ا ااوف ما ا اان ها ا ااذه‬
‫الشركات‪ ،‬ولذلك لم يتقاارر حريااة تأساايس شااركة المساااهمة إال فااي وقاات متااأخر وتأسساات أول‬
‫شااركات المساااهمة فااي فرنسااا لغاارض التجااارة مااع المسااتعمرات فااي عااام ‪ 1807‬أثناااء تاادوين‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون التجاري كانت تظهر بمظهر خطر واشترط تأسيسها تصريح مسبق من السلطات‪.‬‬
‫ولم يسمح بتأسيسها بحرية تامة إال أثناء الثورة الصناعية‪ ،‬وتأخذ بعض التشريعات بمبدأ‬
‫الرقابة السابقة على تأسيس شركات المساهمة ومنها التشريع اإلنجليزي والتشريع األلماني‪،‬‬
‫ونظ ار لخطورة هذا النوع من الشركات على اقتصاد الدولة‪ ،‬فقد انصبت عليها حركة التأميم‬
‫الشامل أو الجزئي وترتب على ذلك ظهور شركات القطاع العام‪ ،‬التي تمتلكها الدولة‬

‫‪ -1‬محمد فريد العريني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.538‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 579‬من األمر رقم ‪ ، 59-75‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263‬‬

‫‪109‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫بمفردها أو تساهم فيها مع غيرها وهي شركات تتخذ جميعا شكل شركة مساهمة‪ ،‬هذا وقد‬
‫أدخل المرسوم التشريعي ‪ 08-93‬المؤرخ سنة ‪ 1993‬تعديالت جوهرية على األحكام‬
‫وهو ما سوف نتعرف عليه في هذا‬ ‫(‪)1‬‬
‫المنظمة لشركة المساهمة في القانون التجاري‪،‬‬
‫المطلب الذي نتناول فيه للمسؤولية الجزائية لشركة المساهمة من خالل تحديد مفهوم شركة‬
‫المساهمة وهذا في الفرع األول ثم نتطرق لكيفية تأسيس شركة المساهمة في الفرع الثاني‬
‫وأخي ار طريقة إدارة شركة المساهمة في الفرع الثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم شركة المساهمة‬
‫إ ن الحديث عن مفهوم شركة المساهمة يقودنا حتما إلى تناول مختلف التعريفات التي قيلت‬
‫بشأن هذا الكيان التجاري‪ ،‬والتي من خاللها يمكن إبراز أنواعها وأهم الخصائص التي تميزها‬
‫عن باقي أنواع الشركات األخرى‪ ،‬وإن اشتركت معها في البعض منها ومن ثم تحديد‬
‫أنواعها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف شركة المساهمة‬
‫ندرج تعريف شركة المساهمة ضمن نطاقين األول تشريعي والثاني فقهي‪.‬‬
‫‪ -1‬التعريف التشريعي لشركة المساهمة‬
‫لقد أخذت عدة تشريعات على عاتقها مسألة تعريف شركة المساهمة نذكر منها على‬
‫سبيل المثال‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعريف المشرع الجزائري‬
‫عرف المشرع الجزائري شركة المساهمة من خالل أحكام نص المادة ‪ 592‬من القانون‬
‫التجاري التي جاء فها‪ ":‬شركة المساهمة هي الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى حصص‪،‬‬
‫وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم‪.‬‬
‫وال أن يقل عدد الشركاء من سبعة (‪.)07‬‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية تأسيس الشركة المغفلة‪ ،‬الجزء السابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2011 ،‬ص‪.57‬‬

‫‪110‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وال يطبق الشرط المذكور في المقطع ‪ 2‬أعاله على الشركات ذات رؤوس أموال‬
‫(‪)1‬‬
‫عمومية‪".‬‬
‫ب‪ -‬تعريف المشرع اإلماراتي‬
‫فيما يتعلق بالمشرع اإلماراتي فقد جاء بتعريفين‪ :‬األول يخص شركة المساهمة العامة‬
‫بموجب أحكام المادة ‪ 105‬من القانون االتحادي رقم ‪ 2‬المتعلق بشأن الشركات التجارية في‬
‫دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬والثاني يخص شركة المساهمة الخاصة بموجب أحكام المادة‬
‫‪ 255‬من القانون نفسه كما يلي ‪:‬‬
‫* تعريف شركة المساهمة العامة‬
‫شركة المساهمة العامة حسب نص المادة ‪ 105‬من القانون االتحادي رقم ‪ 2‬المتعلق‬
‫بشأن الشركات التجارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة هي الشركة التي ُيقسم رأسمالها‬
‫إلى أسهم متساوية القيمة وتكون قابلة للتداول ويكتتب المؤسسون بجزء من هذه األسهم بينما‬
‫ُيطرح باقي األسهم على الجمهور في اكتتاب عام‪ ،‬وال يسأل المساهم فيها إال بقدر حصته‬
‫في رأس المال‪.‬‬
‫* تعريف شركة المساهمة الخاصة‬
‫شركة المساهمة الخاصة حسب نص المادة ‪ 255‬من القانون االتحادي رقم ‪ 2‬المتعلق‬
‫بشأن الشركات التجارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة هي الشركة التي ال يقل عدد‬
‫ويقسم رأسمالها إلى أسهم متساوية‬
‫المساهمين فيها عن اثنين وال يزيد على مائتي مساهم ُ‬
‫القيمة اإلسمية تدفع قيمتها بالكامل دون طرح أي منها في اكتتاب عام‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫التوقيع على عقد تأسيس وااللتزام بأحكام هذا القانون فيما يتعلق بالتسجيل والتأسيس‪ ،‬وال‬
‫(‪)2‬‬
‫يسأل المساهم في الشركة إال في حدود ما يملكه من أسهم فيها‪.‬‬
‫ويستثني من الحد األعلى لعدد المساهمين المقرر بالبند (‪ )1‬من هذه المادة ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263‬‬


‫‪ - 2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.264‬‬

‫‪111‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أ ‪ -‬شركات المساهمة الخاصة القائمة وقت صدور هذا القانون‪ ،‬وال يجوز لتلك الشركات‬
‫زيادة عدد مساهميها بعد العمل بأحكام هذا القانون‪،‬‬
‫ب ‪ -‬انتقال ملكية المساهم بطريق اإلرث أو بحكم قضائي بات‪.‬‬
‫وهناك استثناء من الحد األدنى لعدد المساهمين المقرر بالبند (‪ )1‬من هذه المادة‪ ،‬إذ‬
‫يجوز لشخص واحد اعتباري تأسيس وتملك شركة مساهمة خاصة وال يسأل مالك رأس مال‬
‫الشركة عن التزاماتها إال بمقدار رأس المال الوارد بعقد تأسيسها ويجب أن يتبع اسم الشركة‬
‫عبارة "شركة الشخص الواحد مساهمة خاصة"‪ ،‬وتسري عليه أحكام شركة المساهمة الخاصة‬
‫الواردة في هذا القانون فيما ال يتعارض مع طبيعتها‪.‬‬
‫ج‪ -‬تعريف المشرع اللبناني‬
‫أورد المشرع اللبناني تعريف شركة المساهمة في أحكام المادة ‪ 59‬من قانون الشركات‬
‫اللبناني حيث جاء فيها‪ ":‬شركة المساهمة هي الشركة التي يكون أرسمالها مقسما إلى أسهم‬
‫متساوية القيمة‪ ،‬وقابلة للتداول‪ ،‬وال يسأل المساهمون فيها إال بقدر حصصهم في أرس‬
‫المال‪.‬‬
‫‪ -2‬التعريف الفقهي لشركة المساهمة‬
‫أماا الفقاه فقاد عرفهاا بأنها الشاركة الاتي يقسام رأسمالهاا إلى أساهم متسااوية القيماة‬
‫ويكاون لكل شاريك عادد مان األساهم‪ ،‬ويتفااوت الشاركاء تفااوت كباي ار في عادد األساهم الاتي‬
‫(‪)1‬‬
‫يمتلكونهاا وال يكون كل شريك مسؤوال إال في حدود األسهم التي يمتلكها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص شركة المساهمة‬
‫تمتاز شركة المساهمة بمجموعة من الخصائص تميزها عن غيرها من الشركات وإن‬
‫كانت في بعض األحيان تشترك في جزء منها مع شركات أخرى‪ ،‬ولعل أهم هذه المميزات ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪112‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬شركة المساهمة تقوم على االعتبار المالي‬


‫تقاوم شاركة المسااهمة علاى االعتبار الماالي بال هاي النماوذج األمثال لشاركات األماوال‬
‫وبالتاالي ينصاب اهتمامهاا علاى حصاة الشاريك أكثار مماا ينصاب اهتمامهاا علاى شاخص‬
‫الشاريك‪ ،‬فهاي عكس شركات األشخاص‪ ،‬كماا تتمياز هاذه الشاركة في جماع رأسمالهاا عان‬
‫طرياق طرحاه لالكتتاب العاام كلماا تأسسات باللجوء العلني لالدخار وهذا بسبب المشروعات‬
‫الضخمة التي تقوم بها‪ ،‬لذا اشاترط المشارع أال يقال رأسمال الشركة المساهمة عن ‪05‬‬
‫ماليين دج علاى األ قال في حالاة ماا إذا لجاأت الشاركة إلى التأسايس المغلاق أي التأساايس‬
‫دون اللجاوء العلني لالدخار والذي يقتصر تكوين رأسمال الشاركة فيه علااى المؤسسين حسب‬
‫(‪)1‬‬
‫المادة ‪ 596‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫وقاد كاان المشرع في ‪ 1975‬يشاترط أال يقل رأسمال شاركة المسااهمة عان ‪300.000‬‬
‫دج ولعل السابب الذي جعل المشرع يرفاع ماان قيمااة الحااد األدنى لرأسمال شركة المساهمة‬
‫يعود إلى الظروف االقتصادية وما ترتب عليها من انخفاض للقيمة النقدية‪ ،‬وإذا لم يصاحح‬
‫الوضاع إماا باكتماال رأسماال شاركة المسااهمة وبلوغاه الحاد القاانوني أو تحويال الشاركة‪ ،‬جاز‬
‫لكل من يهمه األمر أن يطلب من القضاء حل الشركة بعاد أن يوجاه إلى ممثليهاا إناذا ار‬
‫(‪)2‬‬
‫بتساوية الوضع وهو ما نصت عليه المادة ‪ 2/596‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ -2‬إسم وعنوان الشركة‬
‫يجاب أن تحمال الشاركة اسما يميزهاا عان بااقي الشاركات وغالباا ماا يساتمد اسم الشاركة‬
‫مان الغارض الاذي نشاأت مان أجلاه‪ ،‬كماا يجاوز أن يادرج اسم شاريك واحاد أو أكثار في اسم‬
‫الشاركة‪ ،‬ويجب أن يسيق االسم أو يتبعاه شاكل بمعانى ذكار " شاركة المسااهمة" مع مبلاغ‬

‫‪ -1‬عبد الحكيم فوده‪ ،‬شركات األموال والعقود التجارية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،1998،‬ص‪.156‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 596‬من األمر رقم ‪ 59-75‬معدلة بالمرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المؤرخ في ‪، 1993/04/25‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 27‬لسنة ‪.1993‬‬

‫‪113‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫رأسمالها حاتى يعلام الغير أنه يتعامال ماع شاركة المسااهمة والاتي تقادم الضامان العام المبااين‬
‫في رأسمالها وهو ما نصت عليه المادة ‪ 593‬من القانون التجاري ‪.‬‬
‫باإلضاافة إلى ذلاك رتب القاانون عقوباة جزائياة لكل من يغفل إدراج اسم الشركة مع‬
‫ذكر محلهاا الرئيساي وبياان رأسمالها وهذا ما ورد في نص الماادة ‪ 833‬من القانون‬
‫التجاري‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -3‬حصص الشركاء عبارة عن أسهم قابلة للتداول‬


‫مان أهام مميازات شاركة المسااهمة أن حصاة الشاريك فيهاا قابلاة للتاداول وفق ما جاء‬
‫في نص الماادة ‪ 715‬مكارر ‪ 40‬من القانون التجاري‪ ،‬فالشريك أو باألحرى المساهم في‬
‫شاركة المسااهمة يتناازل عماا يملكاه مان أساهم في رأسماال الشاركة بكال ساهولة في أي وقات‬
‫دون حصاول علاى موافقاة بقياة المسااهمين‪ ،‬وهاذا عكاس ماا هو حاصل في شركات‬
‫األشخاص أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وميازة التاداول هاي الاتي حفازت صاغار‬
‫المادخرين علاى االنضمام إلى شاركة المسااهمة قصاد استثمار أموالهم فيها ومن ثم كانت‬
‫(‪)2‬‬
‫سببا في نجاح وانتشار هذا النوع من الشركات‪.‬‬
‫‪ -4‬إسم وعنوان الشركة‬
‫يجاب أن تحمال الشاركة اسما يميزهاا عان بااقي الشاركات وغالباا ماا يساتمد اسم‬
‫الشاركة مان الغارض الاذي نشاأت مان أجلاه‪ ،‬كماا يجاوز أن يادرج اسم شاريك واحاد أو أكثار‬
‫في اسم الشاركة‪ ،‬ويجب أن يسبق االسم أو يتبعاه شاكل بمعانى ذكار " شاركة المساهمة" ماع‬
‫مبلاغ رأسمالهاا حاتى يعلام الغاير أنه يتعامل مع شااركة المسااهمة والاتي تقادم الضامان العام‬
‫المبااين في رأسمالهاا‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 593‬من القانون التجاري باإلضاافة إلى‬
‫ذلاك رتب القاانون عقوباة جزائياة لكال مان يغفال إدراج اسم الشاركة ماع ذكار محلهاا الرئيساي‬
‫وبياان رأسمالهاا وهاذا ماا ورد في نص الماادة ‪ 833‬من القانون التجاري الاتي ورد فيها ‪" :‬‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الج ازئري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪149‬‬
‫‪ -2‬نادية محمد معوض‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ، 2001،‬ص‪.67‬‬

‫‪114‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫يعاقاب بغ ارماة ماان ‪ 20.000‬دج إلى ‪ 50.000‬دج شااركة المساااهمة والقااائمون بإرادتهااا‬
‫ومااديروها العاملون أو المسيرون الذين أغفلوا اإلشارة على العقود أو المستندات الصادر من‬
‫الشركة والمخصصاة للغير اسم الشركة مسبوقا أو متبوعا فو ار بالكلمات اآلتياة‪" :‬شاركات‬
‫المسااهمة ومكاان مركاز الشاركة وبيان رأسمالها‪".‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -5‬الفصل بين الملكية واإلدارة‬


‫تتمياز شاركة المسااهمة بالفصال باين الملكية واإلدارة إذ تااتم إدارة الشركة عان طرياق‬
‫مجلس لإلدارة يعاين مان طارف مجماوع المسااهمين ألجال محادد‪ ،‬ويكاون هاذا المجلاس‬
‫مساؤوال عان تصارفاته قبال المسااهمين الذين لهام حق مسائلته عاان هاذه التصرفات‪ ،‬والنتائج‬
‫التي ترتبات عليه‪ ،‬وهاذا اإلجاراء يمكان لماالك األسهم مان اختياار قيااادات اإلدارة الاتي تتمتاع‬
‫بالكفااءة ومان ثم تساتخدم الم اوارد المالياة والبشارية بشاكل يحقاق لهاا نجاحاا أفضال‪ ،‬أماا في‬
‫شاركات األشاخاص فاإن حاق اإلدارة يمانح للشركاء المتضامنين ما لم يكن هناك اتفاق في‬
‫(‪)2‬‬
‫عقد الشركة على منح هذا الحق للغير‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تأسيس شركة المساهمة‬
‫أخضع المشرع الجزائري عملية تأسيس شركة المساهمة لمجموعة من اإلجراءات هي‬
‫أيسر من تلك التي فرضها على باقي أنواع الشركات األخرى التي تطرقنا لها‪ ،‬وتقتصر‬
‫إجراءات تأسيس شركة المساهمة على طريقتين األولى باللجوء لالكتتاب العلني لالدخار‬
‫والثانية دون اللجوء لالكتتاب العلني لالدخار مع األخذ بعين االعتبار الشروط الشكلية‬
‫والموضوعية التي يخضع لها تأسيس شركة المساهمة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إجراءات التأسيس باللجوء العلني لالدخار‬
‫يتوجب على مؤسسي شركة المساهمة – قبل كل دعوة توجه إلى جمهور المدخرين‬
‫ألجل االكتتاب في رأس المال – أن ينشروا تحت مسؤوليتهم إعالنا حسب الشروط المحددة‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ -2‬فتيحة يوسف لعماري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪115‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫في المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 438-95‬المؤرخ في ‪ 1995/12/23‬الذي نظم‬


‫كيفية تطبيق هذه المسألة‪ ،‬تحت عنوان " تأسيس شركة المساهمة عن طريق الدعوة العلنية‬
‫( ‪)1‬‬
‫لالدخار‪".‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 438-95‬المؤرخ في ‪1995/12/23‬‬
‫على ما يلي "‪ :‬تشير النشرات والمناشير التي تطلع الجمهور على إصدار األسهم‪ ،‬إلى‬
‫بيانات اإلعالن المنصوص عليها في المادة ‪ 02‬من هذا المرسوم‪ ،‬ويجب نشر هذا اإلعالن‬
‫في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية والعدد الذي نشرت فيه‪ ،‬فضال عن ذلك يجب أن‬
‫تتضمن عرضا مختص ار عن مشاريع المؤسسين فيما يتعلق باستعمال األموال الناجمة عن‬
‫تحرير األسهم المكتتبة وتشير اإلعالنات والبالغات في الجرائد إلى البيانات نفسها أو تشير‬
‫على األقل إلى نسخ منها مع ذكر اإلعالن وعدد النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية التي‬
‫(‪)2‬‬
‫نشرت فيه‪".‬‬
‫وتعتبر هذه البيانات غاية في األهمية‪ ،‬ألنها في الواقع مصدر رضا المكتتب واقتناعه‬
‫في المساهمة‪ ،‬هذا ويرتب القانون عقوبات جزائية في حالة إخفاء أو تزوير أو نشر وقائع‬
‫غير موجودة والغرض منها إغراء وحث الجمهور على االكتتاب إعماال لنص المادة ‪807‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فقرة ‪ 03‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 592‬الفقرة ‪ 2‬من القانون التجاري على أنه ال يجوز تأسيس شركة‬
‫المساهمة إذا كان عقد الشركاء أقل عن سبعة‪ ،‬والسبب في ذلك أن المؤسسين مسؤولون عن‬
‫األخطاء التي تقع م نهم في تأسيس الشركة وكلما زاد عدد المسؤولين زاد ضمان المكتتبين‪،‬‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫‪ -3‬مبروك حسين‪ ،‬القانون التجاري الجزائري‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.523‬‬

‫‪116‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫كما يجب أن يكون الشركاء المؤسسين ممن اكتتبوا في رأس مال الشركة بحصة نقدية أو‬
‫(‪)1‬‬
‫عينية وذلك ضمانا لجدية اهتمامهم بمشروع الشركة‪.‬‬
‫وفي حالة ما إذا فشل المؤسسون في تحقيق مشروع الشركة‪ ،‬تزول الشخصية المعنوية‬
‫لها بأثر رجعي ونصت في هذا الصدد المادة ‪ 604‬الفقرة ‪ 2‬من القانون نفسه‪ ":‬وإذا لم‬
‫تؤسس الشركة في أجل ستة أشهر ابتداء من تاريخ إيداع مشروع القانون األساسي بالمركز‬
‫الوطني للسجل التجاري‪ ،‬جاز لكل مكتتب أن يطالب أمام القضاء بتعيين وكيل يكلف‬
‫(‪)2‬‬
‫بسحب األموال إلعادتها للمكتتبين بعد خصم مصاريف التوزيع‪.‬‬
‫تثبت هذه الجمعية أن رأس المال مكتتب به تماما‪ ،‬وأن مبلغ األسهم مستحق الدفع‬
‫وتبدي رأيها في المصادقة على القانون األساسي الذي ال يقبل التعديل إال بإجماع آراء‬
‫جميع المكتتبين‪ ،‬وتعيين القائمين باإلدارة األوليين أو أعضاء مجلس المراقبة وتعيين واحد أو‬
‫أكثر من مندوبي الحسابات‪ ،‬كما يجب أن يتضمن محضر الجلسة الخاص بالجمعية عند‬
‫االقتضاء إثبات قبول القائمين باإلدارة أو أعضاء مجلس المراقبة ومندوبي الحسابات‬
‫(‪)3‬‬
‫ووظائفهم‪.‬‬
‫وعند إتمام هذه اإلجراءات تنشأ الشركة قانونا وتتكامل شخصيتها المعنوية فيجب‬
‫(‪)4‬‬
‫شهرها وتثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت باطلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات التأسيس دون اللجوء العلني لإلدخار‬
‫سهل المشرع الجزائري تأسيس شركة المساهمة التي ال تلجأ لالدخار العلني‪ ،‬حيث‬
‫أعفاها من بعض اإلجراءات‪ ،‬وهذا راجع بالطبع لعدم الحاجة إلى حماية الجمهور واالدخار‬
‫العام في هذا النوع من الشركات‪ ،‬إذ يقتصر االكتتاب فيها على المؤسسين فيها وحدهم‪،‬‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 600‬من األمر رقم ‪ ، 59-75‬معدلة بالمرسوم التشريعي رقم ‪ ، 08-93‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬نادية فوضيل ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪117‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وبخالف التأسيس باللجوء العلني لالدخار تثبت الدفعات عندما ال يتم اللجوء عالنية‬
‫لالدخار بمقتضى تصريح من مساهم أو أكثر في عقد توثيق بناء على تقديم قائمة‬
‫المساهمين المحتوية التي يدفعها كل مساهم‪.‬‬
‫ويشتمل القانون األساسي‪ ،‬على تقدير الحصص العينية‪ ،‬ويتم هذا التقدير بناءا على‬
‫تقرير ملحق بالقانون األساسي يعده مندوب الحصص تحت مسؤوليته‪ ،‬وهو ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 607‬من القانون التجاري‪ ،‬ويوقع المساهمون القانون األساسي إما بأنفسهم أو‬
‫بواسطة وكيل مزود بتفويض خاص‪ ،‬بعد تصريح الموثق بالدفعات‪ ،‬ويعين القائمون باإلدارة‬
‫األولون وأعضاء مجلس المراقبة األولون ومندوبو الحسابات األولون في القوانين األساسية‪،‬‬
‫هذا وال يجوز للشركة أن تباشر أعمالها إال ابتداء من تاريخ قيدها في السجل التجاري‬
‫(‪)1‬‬
‫وشهرها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬آثار مخالفة إجراءات التأسيس‬
‫إن أهم اآلثار التي يخلفها عدم احترام إجراءات التأسيس هو البطالن‪ ،‬وتكون شركة‬
‫المساهمة باطلة إذا تبين أن تأسيسها قد تم خالفا للشروط المقررة قانونا ويترتب على هذا‬
‫البطالن رغم وضع نظام الشركة وإفراغه في قالب رسمي‪ ،‬ورغم قرار الجمعية التأسيسية‬
‫بالتصديق على النظام‪ ،‬وعلى إجراءات التأسيس‪ ،‬ورغم الترخيص الحكومي أو الوزاري في‬
‫البلدان التي تفرض هذا الترخيص‪ ،‬ذلك أن الترخيص ال يزيل العيوب التي يتضمنها النظام‬
‫التأسيسي‪ ،‬كما أن تصديق الجمعية العمومية على نظام وإجراءات التأسيس ال يمحو العيوب‬
‫والمخالفات التي تتخلل هذه اإلجراءات‪ ،‬وتختلف آثار البطالن باختالف الشروط التي‬
‫حصل اإلخالل بها‪ ،‬كما تختلف تبعا لألشخاص الذين يتمسكون به من الشركاء أو الغير‪،‬‬
‫وتقضي القواعد العامة بأن بطالن تأسيس الشركة يكون إما نسبيا أو مطلقا‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.268‬‬


‫‪ -2‬أدوار عيد‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬مطبعة النجوى‪ ،‬لبنان‪ ، 1969 ،‬ص‪.82‬‬

‫‪118‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬البطالن النسبي‬
‫ويكون هذا البطالن بسبب عيوب الرضا‪ ،‬إذ تفترض عملية االكتتاب باألسهم بالرغم‬
‫من طابع النظام القانوني التي تخضع له الشركة المساهمة وجود الرضا الصحيح واألهلية‬
‫الكاملة لدى المكتتب‪ ،‬فإذا كان رضاه معيبا بأحد عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو اإلكراه‬
‫أو االستغالل‪ ،‬أو إذا كان فاقد األهلية‪ ،‬فإن االكتتاب الحاصل منه يكون قابال لإلبطال‪،‬‬
‫وتطبق عليه القواعد العامة‪ ،‬فال يجوز التمسك به إال من قبل الشريك الذي فسد رضاه أو‬
‫الشريك ناقص األهلية دون الشركاء المتعاقدون معه‪ ،‬ويزول حق التمسك بالبطالن بتأييد‬
‫العقد من قبل الشريك صاحب هذا الحق تأييدا صريحا أو ضمنيا أو بمرور الزمن المحدد‬
‫(‪)1‬‬
‫بعشر سنوات‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 2/733‬من القانون التجاري فيما يخص الشركات ذات‬
‫المسؤولية المحدودة أو شركات المساهمة فإن البطالن ال يحصل من عيب في القبول وال‬
‫من فقد األهلية‪ ،‬ما لم يشمل هذا الفقد كافة الشركاء المؤسسين‪ ،...‬يفهم من هذا أن المشرع‬
‫استثنى شركات المساهمة وشركات المسؤولية المحدودة من البطالن الناتج عن عيوب‬
‫لما يقوم عليه هذا النوع من الشركات على االعتبار المالي‪،‬‬
‫اإلرادة أو فقد األهلية وهذا ّ‬
‫باإلضافة إلى اإلجراءات المعقدة في التأسيس والتي تستخدم في سبيلها أموال طائلة‪،‬‬
‫ويصرف فيها الكثير من الجهد ومن غير العدل أن يهدر كل هذا لعيب ناتج في اإلرادة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫غير أنه في حالة شمل فقد األهلية كافة الشركاء المؤسسين‪ ،‬وهو أمر نادر الوقوع فإن‬
‫البطالن النسبي سيلحق الشركة وتطبق عليه القواعد السالفة البيان‪ ،‬وقد تضمنت المادة‬
‫‪738‬من القانون التجاري ما مفاده أنه في هذه الحالة‪ ،‬وإذا كان التصحيح ممكنا‪ ،‬فإنه‬
‫يجوز لكل شخص يهمه أمر بقاء الشركة أن ينذر الشخص الجدير بهذا اإلجراء إما بالقيام‬
‫بالتصحيح أو رفع دعوى البطالن في أجل ‪ 6‬أشهر تحت طائلة انقضاء الميعاد‪.‬‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية – تأسيس الشركة المغفلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.269‬‬

‫‪119‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وينبغي إبالغ الشركة بهذا اإلنذار كما يمكن للشركة أو أحد الشركاء عرض على‬
‫المحكمة التي تتولى النظر في القضية في الميعاد المذكور‪ ،‬كل إجراء من شأنه أن يزيل‬
‫مصلحة الغير خصوصا بشراء حقوقه في الشركة‪ ،‬وفي هذا يسوغ للمحكمة إما أن تقضي‬
‫بالبطالن‪ ،‬أو تقضي بما عرض عليها‪ ،‬إذ تمت الموافقة على هذا مسبقا ضمن الشروط‬
‫( ‪)1‬‬
‫المقررة لتعديالت القانون األساسي‪.‬‬
‫‪ -2‬البطالن المطلق‬
‫يكون عقد الشركة باطال بطالنا مطلقا إذا كان موضوعه أو سببه غير مشروع أي‬
‫مخالف للنظام العام أو اآلداب وذلك طبقا للقواعد العامة)‪ ،( 1‬ومن أمثلة ذلك كأن تكون‬
‫الشركة منشأة لإلتجار بالمواد المخدرة أو لتهريب المواد المحضر التعامل بها‪ ،‬وما دام أن‬
‫البطالن هو بطالن مطلق‪ ،‬فيجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به سواء أكان من الشركاء‬
‫أو من الغير‪ ،‬السيما دائنو الشركة أو دائنو الشركاء الشخصيين‪ ،‬كما يجوز للمحكمة أن‬
‫تقضي به من تلقاء نفسها‪ ،‬وال يصحح هذا العقد باإلجازة أو بمرور الزمن إال أن دعوى‬
‫(‪)2‬‬
‫البطالن تسقط بمرور خمسة عشر سنة من تاريخ العقد‪.‬‬
‫ويؤدي البطالن المطلق إلى زوال العقد بأثر رجعي‪ ،‬هذا وقد ثار الخالف حول األثر‬
‫المترتب على بطالن عقد تأسيس الشركة اتجاه الغير وباألخص حول صحة التصرفات التي‬
‫تكون الشركة قد أجرتها قبل الحكم بالبطالن في سياق تعاملها مع الغير فهناك من يرى أن‬
‫بطالن العقد بطالن مطلقا لعدم مشروعية الموضوع أو السبب يقتضي بطالن وجود الشركة‬
‫على وجه قانوني‪ ،‬ومن ثم بطالن تصرفاتها مع الغير ويعود للشركاء‪ ،‬كما للغير حق‬
‫التمسك بهذا البطالن لرد المطالبة بتنفيذ االلتزامات التي يباشرها أحد الطرفين اتجاه اآلخر‪،‬‬
‫ولكن الرأي الراجح والذي يتفق مع العدالة يفرق بين ما إذا كان الغير حسن النية أو سيئ‬
‫النية أي بين ما إذا كان الغير جاهال بالغرض غير المشروع الذي قامت الشركة من أجله‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 738‬من األمر رقم ‪ ، 59-75‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أدوار عيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 87‬‬

‫‪120‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أو كان عالما به‪ ،‬فإذا كان سيء النية جاز التذرع بالبطالن في مواجهته‪ ،‬أما إذا كان حسن‬
‫النية فال يجوز ذلك إنما يحق للغير ‪ -‬أي دائني الشركة‪ -‬أن يطالب الشركاء بتنفيذ العقد‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي أجروه معه إذا كان هذا العقد ال يستند بذاته إلى سبب غير مشروع‪.‬‬
‫وعلى ذلك إذا أنشئت شركة لتهريب المواد المخدرة بإب ارم عقد مع الغير ‪ -‬وقبل الحكم‬
‫ببطالنها ‪-‬اشترت بموجبه سيارة استعملتها في تنفيذ غرضها غير المشروع دون أن يكون‬
‫للبائع علم بذلك‪ ،‬فال يحق للشركاء التمسك ببطالن الشركة في مواجهة هذا البائع لدفع‬
‫مطالبته بثمن السيارة‪ ،‬ألن العقد المبرم بين الشركة والبائع ال ينبئ بذاته بشيء غير مشروع‬
‫وال ينطوي سببه على ما يخالف النظام العام واآلداب‪ ،‬وجدير بالبيان أن عقد الشركة ال‬
‫يحصل فيه البطالن إذا تضمن العقد شرطا من شروط األسد‪ ،‬وهذا فيما يخص شركات‬
‫المساهمة وكذا الشركات ذات المسؤولية المحدودة هذا وإذا وقع اإلخالل في أحد األركان‬
‫الموضوعية الخاصة بتكوين عقد الشركة كشرط تقديم الحصص‪ ،‬أو وجود نية االشتراك‪،‬‬
‫واقتسام األرباح‪ ،‬والخسائر‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى انتفاء وجود الشركة لعدم توافر ركن من أركانها‬
‫الموضوعية الخاصة‪ ،‬وهي نتيجة تتعدى في أثرها البطالن المطلق‪ ،‬ولكن العقد الحاصل إذا‬
‫يصح إعطاؤه وصفا آخر ينطبق على حقيقته إذا توافرت فيه‬ ‫كان ال يعتبر عقد شركة فقد ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫أركان أحد العقود األخرى كأن يعتبر عقد قرض أو عمل‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إدارة شركة المساهمة‬
‫إن تسيير شركة المساهمة يخضع لنظام يختلف عن ذلك الذي تخضع له باقي‬
‫الشركات التجارية األخرى‪ ،‬وقد استحدثه المشرع الج ازئري بموجب المرسوم التشريعي رقم‬
‫‪ 08/93‬المؤرخ في ‪ 1993/04/27‬وهو ما يعرف بنظام مجلس اإلدارة ومجلس المراقبة‬
‫ومجلس المديرين‪ ،‬باإلضافة إلى اإلدارة عن طريق جمعية المساهمين‪.‬‬

‫‪ -1‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية – تأسيس الشركة المغفلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ -2‬عزيز العكيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫‪121‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أوال‪ :‬مجلس اإلدارة في شركة المساهمة‬


‫تنص المادة ‪ 610‬من القانون التجاري على أنه ‪ :‬يتولى إدارة شركة المساهمة مجلس‬
‫إدارة يتألف من ثالثة أعضاء على األقل ومن اثني عشر عضوا على األكثر‪.‬‬
‫وفي حالة الدمج‪ ،‬يجوز رفع العدد الكامل للقائمين باإلدارة إلى العدد الكامل للقائمين‬
‫باإلدارة الممارسين منذ أكثر من ستة أشهر دون تجاوز أربعة وعشرين ‪ 24‬عضوا‪.‬‬
‫وعدا حالة الدمج‪ ،‬فإنه ال يجوز أي تعيين للقائمين الجدد باإلدارة وال استخالف من‬
‫توفي من القائمين باإلدارة أو استقال أو عزل ما دام عدد القائمين باإلدارة لم يخفض إلى‬
‫اثني عشر (‪ )12‬عضوا‪.‬‬
‫كما أضافت المادة ‪ 611‬من القانون التجاري أنه ‪ :‬وتنتخب الجمعية العامة التأسيسية‬
‫أو الجمعية العامة العادية القائمين باإلدارة وتحدد مدة عضويتهم في القانون األساسي دون‬
‫(‪)1‬‬
‫أن يتجاوز ذلك ست (‪ )06‬سنوات‪".‬‬
‫كما أضافت المادة ‪ 613‬من القانون التجاري أنه ‪ :‬يجوز إعادة انتخاب القائمين‬
‫باإلدارة كما يجوز للجمعية العامة العادية عزلهم في أي وقت‪.‬‬
‫والتعيين الذي يأتي مخالفا للقواعد سابقة الذكر يعد باطال ما عدا التعيين الواقع حسب‬
‫(‪)2‬‬
‫الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 617‬من القانون التجاري‪.‬‬
‫ويجب على مجلس اإلدارة أن يكون مالكا لعدد األسهم الذي يمثل على األقل ‪% 20‬‬
‫من رأس مال الشركة‪ ،‬ويحدد القانون األساسي العدد األدنى من األسهم التي يحوزها كل‬
‫قائم باإلدارة وتخصص هذه األسهم بأكملها لضمان جميع أعمال التسيير بما فيها األعمال‬
‫الخاصة بأحد القائمين باإلدارة‪ ،‬وهي غير قابلة للتصرف فيها‪ ،‬وإذا لم يكن القائم باإلدارة في‬

‫‪ -1‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.266‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 617‬من األمر رقم ‪ ، 59-75‬معدلة بالمرسوم التشريعي رقم ‪ ، 08-93‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫اليوم الذي يقع فيه تعيينه مالكا للعدد المطلوب من األسهم أو إذا توقفت أثناء توكيله ملكيته‬
‫(‪)1‬‬
‫لها فإنه يعتبر مستقيال تلقائيا إذا لم يصحح وضعيته في أجل ثالثة أشهر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مجلس المديرين في شركة المساهمة‬
‫نصت المادة ‪ 643‬من القانون التجاري على أنه ‪ :‬يدير شركة المساهمة مجلس‬
‫مديرين يتكون من ثالث (‪ )3‬إلى خمسة (‪ )5‬أعضاء على األكثر‪.‬‬
‫ويمارس مجلس المديرين وظائفه تحت رقابة مجلس مراقبة‪.‬‬
‫يتمتع مجلس المديرين بالسلطات الواسعة للتصرف باسم الشركة في كل الظروف‬
‫ويمارس هذه السلطات في حدود موضوع الشركة مع مراعاة السلطات التي يخولها القانون‬
‫صراحة لمجلس المراقبة جمعيات المساهمين‪ ،‬وتكون الشركة ملزمة في عالقاتها مع الغير‬
‫حتى بأعمال مجلس المديرين غير التابعة لموضوع الشركة ما لم يثبت أن الغير كان يعلم‬
‫أن العمل يتجاوز هذا الموضوع أو ال يمكنه تجاهله نظ ار للظروف كون نشر القانون‬
‫األساسي يكفي وحده لتأسيس هذه الهيئة‪ ،‬وال يحتج على الغير بأحكام القانون األساسي التي‬
‫تحدد سلطات مجلس المديرين‪ ،‬ويتداول مجلس المديرين ويتخذ ق ارراته حسب الشروط التي‬
‫يحددها القانون األساسي‪ ،‬ويمثل رئيس مجلس المديرين الشركة في عالقاتها مع الغير‪ ،‬غير‬
‫أنه يجوز أن يؤهل القانون األساسي مجلس المراقبة لمنح نفس سلطة التمثيل لعضو أو عدة‬
‫أعضاء آخرين في مجلس المديرين‪ ،‬وال يحتج على الغير بأحكام القانون األساسي التي‬
‫تحدد سلطة تمثيل الشركة‪ ،‬وال تمنح مهمة رئيس مجلس المديرين لصاحبها سلطة إدارة‬
‫(‪)2‬‬
‫أوسع من تلك التي منحت لألعضاء اآلخرين في مجلس المديرين‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مجلس المراقبة في شركة المساهمة‬
‫إن ضخامة رأس مال شركة المساهمة من جهة وكثرة نشاطها من جهة أخرى فضال عن‬
‫العدد الهائل من المساهمين‪ ،‬وانصرافهم عن حضور الجمعيات العامة جعل من الصعب بما‬

‫‪ - 1‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪ -2‬محمد أحمد محرز‪ ،‬الوسيط في الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪.257‬‬

‫‪123‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫كان ضمان عدم انحراف اإلدارة فكان البد من خلق جهاز رقابي لحماية الشركة والمساهمين‬
‫(‪)1‬‬
‫يدعى مجلس المراقبة‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 657‬من القانون التجاري على أنه‪ :‬يتكون مجلس المراقبة من سبعة (‪)7‬‬
‫أعضاء على األقل‪ ،‬ومن اثني عشر عضوا (‪ )12‬على األكثر‪.‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 658‬من القانون التجاري على أنه ‪ :‬وخالفا للمادة ‪ 657‬من القانون‬
‫التجاري يمكن تجاوز عدد األعضاء المقدر باثني عشر عضوا حتى يعادل العدد اإلجمالي‬
‫ألعضاء مجلس المراقبة الممارسين منذ أكثر من ستة أشهر في الشركات المدمجة وذلك‬
‫دون أن يتجاوز العدد اإلجمالي أربع وعشرين ‪ 24‬عضوا‪.‬‬
‫وتنتخب الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة العادية‪ ،‬أعضاء مجلس المراقبة‬
‫ويمكن إعادة انتخابهم ما لم ينص القانون األساسي على خالف ذلك‪.‬‬
‫وتحدد فترة وظائفهم بموجب القانون األساسي دون أن تتجاوز ست ‪ 6‬سنوات في حالة‬
‫التعيين من الجمعية العامة‪ ،‬ودون تجاوز ثالث ‪ 3‬سنوات في حالة التعيين بموجب القانون‬
‫األساسي‪ ،‬غير أنه يمكن في حالة الدمج أو االنفصال أن يتم التعيين من الجمعية العامة‬
‫غير العادية ويمكن أن تعزلهم الجمعية العامة العدية في أي وقت‪ ،‬ويتكون مجلس المراقبة‬
‫من أشخاص طبيعيين ومعنويين‪ ،‬وإذا تم تعيين شخص معنوي في مجلس المراقبة فيجب‬
‫عليه أن يعين ممثال دائما له يخضع لنفس الشروط وااللتزامات ويتحمل نفس المسؤوليات‬
‫الجزائية والمدنية كما لو كان عضوا باسمه الخاص‪ ،‬دون المساس بالمسؤولية التضامنية‬
‫للشخص المعنوي الذي يمثله‪ ،‬وإذا عزل الشخص المعنوي ممثله وجب عليه استخالفه في‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬وال يمكن لشخص طبيعي االنتماء في نفس الوقت إلى أكثر من خمسة مجالس‬
‫مراقبة لشركات مساهمة التي يكون مقرها في الجزائر‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.293‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر البقيرات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪124‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫كما أنه ال يمكن ألي عضو من مجلس المراقبة االنتماء إلى مجلس المديرين ويجب‬
‫على أعضاء مجلس المراقبة أن يحوزوا أسهم الضمانات الخاصة بتسييرهم حسب الشروط‬
‫التي سبق التطرق لها والخاصة بامتالك مجلس اإلدارة لعدد من األسهم ويسهر مندوب‬
‫الحسابات تحت مسؤوليته على مراعاة هذه األحكام‪ ،‬ويشير في تقريره للجمعية العامة على‬
‫(‪)1‬‬
‫كل خرق لهذه األحكام‪.‬‬
‫ويجوز لمجلس المراقبة بين جلستين عاميتين‪ ،‬أن يسعى في التعيينات المؤقتة وذلك‬
‫في حالة شغور منصب عضو واحد أو أكثر إثر وفاة أو استقالة‪ ،‬وإذا أصبح عدد أعضاء‬
‫مجلس المراقبة أقل من الحد األدنى القانوني‪ ،‬وجب على مجلس المديرين أن يستدعي فو ار‬
‫الجمعية العامة العادية لالنعقاد إلتمام عدد األعضاء في مجلس المراقبة‪ ،‬وإذا أصبح عدد‬
‫أعضاء مجلس المراقبة أقل من الحد األدنى المنصوص عليه في القانون األساسي دون أن‬
‫يقل عن الحد األدنى القانوني‪ ،‬وجب على مجلس المراقبة أن يسعى في التعيينات المؤقتة‬
‫إلتمام العدد في أجل ثالثة أشهر ابتداء من اليوم الذي حصل فيه الشغور وتعرض‬
‫التعيينات التي يقوم بها المجلس على الجمعية العامة العادية المقبلة لتصادق عليها‪ ،‬وعند‬
‫عدم المصادقة تعتبر صحيحة كل المداوالت والتصرفات التي وقعت سابقا من قبل المجلس‪،‬‬
‫وإذا أهمل المجلس القيام بالتعيينات المطلوبة أو إذا لم تستدع الجمعية العامة جاز لكل‬
‫معني أن يطلب من القضاء تعيين وكيل يكلف باستدعاء الجمعية العامة إلجراء التعيينات‬
‫والمصادقة عليها‪ ،‬وينتخب مجلس المراقبة على مستواه رئيسا يتولى استدعاء المجلس وإدارة‬
‫(‪)2‬‬
‫المناقشات‪ ،‬وتعادل مدة مهمة الرئيس مدة مهمة مجلس المراقبة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬جمعيات المساهمين في شركة المساهمة‬
‫نص المشرع الجزائري في جمعيات المساهمين على جمعية عامة عادية وجمعية عامة‬
‫غير عادية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد أحمد محرز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر البقيرات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪125‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -1‬الجمعية العامة العادية‬


‫تكمن إجراءات الجمعية العامة العادية فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬انعقاد الجمعية العامة‬
‫تنعقد الجمعية العامة العادية مرة على األقل في السنة خالل الستة أشهر التي تسبق‬
‫(‪)1‬‬
‫قفل التصفية في المكان والزمان اللذين يعينهما نظام الشركة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدعوة لال نعقاد‬
‫تنعقد الجمعية العامة العادية بناء على طلب مجلس اإلدارة في حالة ما إذا اختار‬
‫األعضاء هذا النمط في التسيير أو مجلس المديرين أو بأمر من الجهة القضائية المختصة‬
‫التي تبت في ذلك بناء على عريضة‪ ،‬ويقدم مجلس اإلدارة إلى الجمعية العامة بعد تالوة‬
‫تقريره جدول حسابات النتائج والوثائق التلخيصية والحصيلة وفضال عن ذلك يشير مندوبو‬
‫الحسابات في تقريرهم إلى إتمام المهمة التي أسندت إليهم‪ ،‬ولتمكين المساهم في إبداء الرأي‬
‫عن دراية وإصدار قرار دقيق فيما يخص إدارة أعمال الشركة وسيرها‪ ،‬حق لكل مساهم أن‬
‫يطلع خالل الخمسة عشر يوما السابقة النعقاد الجمعية العامة العادية على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جرد جدول حسابات النتائج والوثائق التلخيصية والحصيلة وقائمة القائمين باإلدارة‬
‫ومجلس اإلدارة ومجلس المديرين أو مجلس المراقبة‪،‬‬
‫‪ -‬تقارير مندوبي الحسابات‪ ،‬التي ترفع للجمعية‪،‬‬
‫‪ -‬المبلغ اإلجمالي المصادق على صحته من مندوبي الحسابات‪ ،‬واألجور المدفوعة‬
‫(‪)2‬‬
‫لألشخاص المحصلين على أعلى أجر‪ ،‬مع العلم أن عدد هؤالء يبلغ خمسة‪.‬‬
‫ويرجع كذلك حق االطالع على هذه الوثائق إلى كل واحد من المالكين الشركاء‬
‫لألسهم المشاعة وإلى مالك الرقبة والمنتفع باألسهم‪ ،‬وإذا رفضت الشركة تبليغهم الوثائق كليا‬
‫أو جزئيا فيجوز للجهة القضائية المختصة التي تفصل في هذا الشأن بنفس طريقة‬

‫‪ -1‬محمد أحمد محرز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.298‬‬


‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.257‬‬

‫‪126‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫االستعجال أن تأمر بناءا على طلب المساهم الذي رفض طلبه الشركة بتبليغ هذه الوثائق‬
‫تحت طائلة اإلكراه المالي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ج ‪ -‬حضور الجمعية العامة‬


‫لكل مساهم الحق في حضور الجمعية العامة العادية‪ ،‬ويجوز له أن ينيب عنه غيره‬
‫ولكن على شرط أن تكون ثابتة في توكيل كتابي خاص‪.‬‬
‫وال يكون انعقاد الجمعية في الدعوة األولى صحيحا إال إذا حاز عدد المساهمين‬
‫الحاضرين أو الممثلين على األقل ربع األسهم التي لها الحق في التصويت‪ ،‬وال يشترط أي‬
‫نصاب في الدعوة الثانية‪ ،‬وتمسك في كل جمعية ورقة للحضور تتضمن البيانات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬اسم كل مساهم حاضر ولقبه وموطنه وعدد األسهم التي يملكها‪،‬‬
‫‪ -‬اسم كل مساهم ممثل ولقبه وموطنه وكذلك اسم موكله ولقبه وموطنه وعدد األسهم التي‬
‫يملكها‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة ال يلزم مكتب الجمعية بتسجيل البيانات المتعلقة بالمساهمين الممثلين‬
‫في ورقة الحضور وإنما يعين عدد الوكاالت الملحقة بهذه الورقة ضمن هذه األخيرة‪ ،‬ويجب‬
‫أن تبلغ هذه الوكاالت حسب نفس الشروط المتعلقة بورقة الحضور وفي نفس الورقة‪.‬‬
‫ويصدق مكتب الجمعية على صحة ورقة الحضور الموقعة قانونا من حاملي األسهم‬
‫(‪)2‬‬
‫الحاضرين والوكالء‪.‬‬
‫د ‪ -‬المناقشات والتصويت‬
‫ولكل مساهم أثناء الجمعية العامة العادية حق مناقشة تقرير مجلس اإلدارة أو مجلس‬
‫المديرين الذي يقدم إلى الجمعية وكذلك جدول حسابات النتائج والوثائق التلخيصية والميزانية‬
‫ويلزم المجلس اإلجابة عليها‪ ،‬وللمساهم عدد من األصوات في الجمعية العامة ويكون حق‬
‫التصويت المرتبط بأسهم رأس المال أو االنتفاع متناسبا مع حصة رأس المال التي تنوب‬

‫‪ -1‬فتيحة يوسف لعماري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.174‬‬


‫‪ -2‬فتحي أحمد محرز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.299‬‬

‫‪127‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫عنها‪ ،‬ولكل سهم صوت على األقل‪ ،‬وفي جميع األحوال ال يجوز أن يزيد عدد األسهم التي‬
‫يحملها المساهم على نسبة ‪ % 5‬من العدد اإلجمالي ألسهم الشركة‪ ،‬ويجوز أن يحدد‬
‫القانون األساسي عدد األصوات التي يحوزها كل مساهم في الجمعيات بشرط أن يفرض هذا‬
‫التحديد على جميع األسهم دون تمييز فئة أخرى وتبت ق اررات الجمعية العامة بأغلبية‬
‫األصوات المعبر عنها‪ ،‬وال تؤخذ األوراق البيضاء بعين االعتبار إذا أجريت العملية عن‬
‫(‪)1‬‬
‫طريق االقتراع‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬سلطة الجمعية العامة العادية‬
‫تتمتع الجمعية العامة العادية بسلطات واسعة‪ ،‬فيحق لها اتخاذ جميع الق اررات التي‬
‫تتعلق بإدارة الشركة باستثناء صالحية تعديل القانون األساسي‪ ،‬إذ هو من اختصاص‬
‫(‪)2‬‬
‫الجمعية العامة غير العادية‪.‬‬
‫‪ -2‬الجمعية العامة غير العادية‬
‫تقوم الجمعية العامة غير العادية بتعديل القانون األساسي أو تعديل رأسمال الشركة‬
‫سواء بزيادته أو تخفيضه‪.‬‬
‫أ‪ -‬تعديل القانون األساسي‬
‫نصت المادة ‪ 674‬من القانون التجاري على أنه‪ :‬تختص الجمعية العامة غير العادية‬
‫وحدها بصالحية تعديل القانون األساسي في كل أحكامه‪ ،‬ويعتبر كل شرط مخالف لذلك‬
‫كأن لم يكن‪.‬‬
‫غير أن حق الجمعية العامة غير العادية في تعديل القانون األساسي ليس مطلقا‪ ،‬بل‬
‫يرد عليه استثناءان وهما‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للجمعية العامة غير العادية رفع التزامات المساهمين‪،‬‬

‫‪ -1‬فتيحة يوسف لعماري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر البقيرات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪128‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬ال يجوز للجمعية العامة غير العادية تغيير غرض الشركة األصلي ألن هذا التعديل يعد‬
‫بمثابة خلق شركة جديدة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ب‪ -‬تعديل أرسمال الشركة‬


‫تقوم الجمعية العامة غير العادية بتعديل رأس مال شركة المساهمة سواء بالزيادة فيه‬
‫أو تخفيضه‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة رأسمال الشركة‬
‫إن األسباب التي تدفع الشركة إلى زيادة أرسمالها مختلفة فقد تعود إلى رغبة الشركة‬
‫في توسيع نشاطها وتطوير مشاريعها‪ ،‬وقد تزيد في أرس مالها بناء على خسارة أصابتها‪،‬‬
‫وقد تسوء أحوالها فتقرر زيادة أرس المال‪ ،‬وتتم زيادة أرس المال سواء بإصدار أسهم جديدة‬
‫أو فتح المجال أمام العاملين بها حتى يصبحوا مساهمين فيها‪ ،‬كما يمكن زيادة أرسمال‬
‫شركة المساهمة بتحويل السندات إلى أسهم‪ ،‬ويشترط القانون لزيادة أرسمال الشركة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجب سداد أرس المال بكامله‪ ،‬قبل الشروع في عملية الزيادة‪ ،‬فعلى الشركة أن تستوفي‬
‫ما تبقى من القيمة اإلسمية لألسهم التي تمثل أرس المال ‪،‬‬
‫قترح‬
‫قرر زيادة أرس المال من الجمعية العامة غير العادية بناءا على ا ا‬
‫‪ -‬يجب أن يصدر ا‬
‫مجلس اإلدارة أو مجلس المديرين وهذا حسب النمط المتبع في تسيير إدارة الشركة ‪،‬‬
‫‪ -‬يجب أن تتحقق الزيادة في أجل خمس سنوات ابتداء من تاريخ انعقاد الجمعية العامة‬
‫(‪)2‬‬
‫غير العادية واتخاذها قرار الزيادة‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة أرس المال بإصدار أسهم جديدة‬
‫في حالة ما إذا لجأت الشركة في زيادة أرس المال عن طريق االكتتاب في األسهم‬
‫بإجرءات الشهر عن‬
‫ا‬ ‫الجديدة بدعوة الجمهور لالكتتاب يجب أن تقوم عند بداية االكتتاب‬
‫طريق وسائل اإلعالم ليعلم بها الغير‪ ،‬كما يجب أن تتضمن النشرة على بيانات مفصلة‬

‫‪ -1‬محمد أحمد محرز‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬


‫‪ -2‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.300‬‬

‫‪129‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ألسباب رفع أرس المال‪ ،‬وتكون األسهم المكتتب فيها نقدا واجبة الوفاء إجباريا عند االكتتاب‬
‫بنسبة الربع على األقل من قيمتها اإلسمية وعند االقتضاء بكامل عالوة اإلصدار‪ ،‬ويثبت‬
‫عقد االكتتاب ببطاقة اكتتاب‪ ،‬وتتم العملية عن طريق البنوك المعتمدة ويتمتع المساهمون‬
‫مزحمة المساهمين‬
‫القدامى بحق األفضلية في االكتتاب في زيادة أرس المال حماية لهم من ا‬
‫الجدد خاصة إذا كان لدى الشركة احتياطي ضخم ويعتبر كل شرط مخالف لذلك كأن لم‬
‫(‪)1‬‬
‫يكن‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باألسهم المقدمة العينية‪ ،‬فإنه يعين واحد أو أكثر من المندوبين‬
‫بقرر قضائي بناء على طلب رئيس مجلس اإلدارة أو‬
‫المكلفين بتقدير الحصص العينية ا‬
‫متيازت الخاصة تحت مسؤولية هؤالء‬
‫مجلس المديرين‪ ،‬ويتم تقدير الحصص العينية واال ا‬
‫المندوبين‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة أرس المال بتحويل السندات إلى أسهم‬
‫وقد تتم عملية الزيادة في أرس المال عن طريق تحويل السندات إلى أسهم فتتخلص‬
‫الشركة من ديونها وينقلب أصحاب السندات من دائنين إلى شركاء في الشركة والبد في هذا‬
‫التحويل من موافقة أصحاب السندات إذا لم يكن هذا التحويل ملحوظا عند إصدارها‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيض رأسمال الشركة‬
‫تلجأ شركة المساهمة إلى تخفيض رأسمالها في حالة ما إذا كان زائدا عن حاجاتها‬
‫ويخفض أيضا إذا طرأت عليها خسارة‪ ،‬على أن تراعي في قرار التخفيض حقوق الغير‬
‫وتقوم بذلك من خالل تخفيض قيمة األسهم بإعادة جزء من قيمة األسهم للمساهمين أو‬
‫إعفائهم من الوفاء بالجزء المتبقي من قيمة األسهم إذا لم تكن قد استوفيت وفي حالة ما إذا‬
‫طرأت خسارة على الشركة يخفض رأس المال‪ ،‬بإلغاء جزء من الثمن المدفوع يوازي مبلغ‬
‫الخسارة‪ ،‬أو تخفيض عدد األسهم بإلغاء نسبة من أسهم الشركة كسهم من كل أربعة أسهم‬

‫‪ -1‬نادية فوضيل ‪،‬شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.303‬‬

‫‪130‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وبذلك يصبح كل مالك ألربعة أسهم مالكا لثالثة فقط‪ ،‬وكل مالك لعشرين سهما مالكا‬
‫لخمسة عشر سهما‪ ،‬وإما شراء الشركة لبعض أسهمها من البورصة وبذلك ينتقص رأس‬
‫(‪)1‬‬
‫مالها وتعدم الشركة هذه األسهم‪.‬‬
‫ج‪ -‬شروط صحة الق اررات‬
‫تختلف إجراءات الدعوة لالنعقاد في الجمعية العامة غير العادية عنها في الجمعية‬
‫العامة العادية‪ ،‬غير أنه نظ ار ألهمية الق اررات التي تتخذها الجمعية العامة غير العادية‬
‫قر ارت‬
‫قيدها المشرع بإجراءات أشد من إجراءات الجمعية العامة العادية‪ ،‬فال يصح تداول ا‬
‫الجمعية العامة العادية إال إذا كان عدد المساهمين الحاضرين أو الممثلين يملكون النصف‬
‫على األقل من األسهم في الدعوة األولى وعلى ربع األسهم ذات الحق في التصويت أثناء‬
‫الدعوة الثانية‪ ،‬فإذا لم يكتمل هذا النصاب األخير‪ ،‬جاز تأجيل اجتماع الجمعية الثانية إلى‬
‫شهرين على األكثر وذلك من يوم استدعائها لالجتماع مع بقاء النصاب المطلوب هو الربع‬
‫دائما‪ ،‬وتبت الجمعية العامة فيما يعرض عليها بأغلبية ثلثي األصوات المعبر عنها على أنه‬
‫(‪)2‬‬
‫ال تأخذ األوراق البيضاء بعين االعتبار إذا ما أجريت العملية عن طريق االقتراع‪.‬‬

‫‪ -1‬فوزي محمد سامي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.390‬‬


‫‪ -2‬عمار عمورة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.260‬‬

‫‪131‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ملخص الباب األول‬


‫نستخلص من خالل الباب األول من الدراسة أن المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬
‫هو موضوع فرعي لموضوع أوسع وهو موضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي الذي‬
‫عرف تطو ار واهتماما من طرف الفقه والقضاء أو التشريع بين اتجاهين مؤيد ومعارض‬
‫للمسؤولية الجزائية للشركة التجارية وقد أقر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي وبالتبعية الشركة التجارية بموجب تعديل قانون العقوبات رقم ‪ 15 - 04 :‬المؤرخ‬
‫في‪ 10 :‬نوفمبر ‪ 2004‬وقانون اإلجراءات الجزائية رقم‪ 14- 04 :‬الصادر بالتاريخ نفسه‬
‫وكان المشرع الجزائري قد أشار للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في بعض القوانين‬
‫الخاصة قبل التاريخ سالف الذكر دون أن يكرس قواعد تلك المسؤولية الجزائية‪ ،‬أما عن‬
‫مفهوم المسؤولية الجزائية باعتبارها مسؤولية قانونية يقصد بها إسناد الجريمة إلى الشخص‬
‫الذي ارتكب فعال غير مشروع يصبح بمقتضاه مستحقا للعقوبة التي قررها القانون كونه أهال‬
‫لتحمل نتائج فعله‪.‬‬
‫وبعد أن أقر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشركات التجارية وضع قواعد‬
‫قانونية لقيام هذه المسؤولية أو شروط قيامها وهما شرطين أساسيين األول يتعلق بالجريمة‬
‫والشرط الثاني يتعلق بالفاعل‪ ،‬أما عن الشروط المتعلقة بالجريمة فالشخص المعنوي ليس‬
‫كائنا ماديا ملموسا أو مرئي‪ ،‬يستحيل عليه أن يباشر أي نشاط إجرامي بذاته إال عن طريق‬
‫أحد أعضائه الممثلين له والمجسدين إلرادته قانونا‪ ،‬فهم بالنسبة له بمثابة االمتداد العضوي‬
‫لشخصه االعتباري‪ ،‬فهم بذلك اليد التي تعمل والرأس الذي يفكر ويخطط الرتكاب الجريمة‬
‫أو االمتناع عن ارتكابها‪ ،‬وعليه حتى يتسنى إدانة الشركة التجارية الرتكابها فعال محظو ار‬
‫قانونا‪ ،‬البد أن يرتكب هذا الفعل لحسابها وأن يكون مجرما بنص جزائي صريح يدينها‪ ،‬لذلك‬
‫يشترط المشرع لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية أن ترتكب الجريمة لحساب الشركة‬
‫التجارية وليس لحساب األشخاص الطبيعية‪ ،‬أما عن الجرائم التي تسأل عنها الشركة‬
‫التجارية فيخضع الشخص المعنوي والشركة التجارية للمسائلة الجزائية عن الجريمة مكتملة‬

‫‪132‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫األركان التي ينص عليها القانون‪ ،‬واألصل العام في الجريمة هو إثبات أركانها الثالثة‪:‬‬
‫الركن الشرعي‪ ،‬وه و خضوع السلوك المحظور لنص قانوني يجرمه صراحة‪ ،‬الركن المادي‬
‫وهو السلوك اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية والعالقة السببية بينهما والركن المعنوي وهو اتجاه‬
‫إرادة الممثل الشرعي للشركة التجارية الرتكاب الجريمة لحساب الشركة مع علمه بأن الفعل‬
‫مجرم‪.‬‬
‫أما عن الشرط الثاني لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية هو ارتكاب الفعل‬
‫لحساب الشركة التجارية‪ ،‬فال تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة التجارية إال‬
‫إذا ارتكبت األفعال غير المشروعة لحسابها ولم يوضح المشرع الجزائري مفهوم مصطلح‬
‫لحسابه ولكن يقصد بعبارة لحسابه أن الشركة التجارية ال تسأل إال عن األفعال التي يتم‬
‫تحقيقها لمصلحتها أو لفائدتها‪ ،‬كتقديم رشوة لحصول الشركة على صفقة‪.‬‬
‫‪ -‬تجدر اإلشارة إلى أنه ال تقوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية إال بوجود نص قانوني‬
‫صريح يجرم الفعل بالنسبة للشركة التجارية باإلضافة إلى شرط ارتكاب الفعل لحساب‬
‫الشركة وقد أشار المشرع الجزائري لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب‬
‫نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬التي جاء فيها أن الشخص المعنوي يكون محال‬
‫للمساءلة الجزائية عندما ينص القانون على ذلك‪ ،‬حيث جاء فيها‪ ":‬باستثناء الدولة‬
‫والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام‪ ،‬يكون الشخص المعنوي‬
‫مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته وممثليه الشرعيين عندما‬
‫ينص القانون على ذلك‪ ،‬وبالتالي فيعتبر نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات النص‬
‫المجسد لمبدأ الشرعية بالنسبة لألشخاص المعنوية وبالتبعية الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬وتجدر اإلشارة إلى أن قانون العقوبات الجزائري تطرق للجرائم التي يعاقب عليها الشخص‬
‫المعنوي وبالتبعية الشركة التجارية في الجزء الثاني من قانون العقوبات في الكتاب الثالث‬
‫المعنون بالجنايات والجنح وعقوباتها في بابه األول في الجنايات والجنح ضد الشيء‬
‫العمومي من خالل الفصل األول المعنون بالجنايات والجنح ضد أمن الدولة وذلك بموجب‬

‫‪133‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫نص المادة ‪ 96‬مكرر‪ ،‬وفي الفصل الخامس المعنون بالجنايات والجنح التي يرتكبها‬
‫األشخاص ضد النظام العمومي بموجب نص المادة ‪ 175‬مكرر‪ ،‬والفصل السادس تحت‬
‫عنوان الجنايات والجنح ضد األمن العمومي في القسم األول المتضمن جرائم تكوين‬
‫جمعيات األشرار ومساعدة المجرمين السيما المادة ‪ 177‬مكرر‪ ،1‬والفصل السابع في‬
‫التزوير بموجب نص المادة ‪ 253‬مكرر السيما تزوير النقود في القسم األول منه‪ ،‬تقليد‬
‫أختام الدولة والدمغات والطوابع والعالمات في القسم الثاني‪ ،‬تزوير المحررات العمومية أو‬
‫الرسمية في القسم الثالث‪ ،‬التزوير في المحررات العرفية أو التجارية أو المصرفية في القيم‬
‫الرابع‪ ،‬التزوير في بعض الوثائق اإلدارية والشهادات في القسم الخامس‪ ،‬شهادة الزور‬
‫واليمين الكاذبة في القسم السابع‪ ،‬انتحال الوظائف واأللقاب أو األسماء أو إساءة استعمالها‬
‫في القسم الثامن‪ ،‬وفي الباب الثاني المعنون بالجنايات والجنح ضد األفراد في الفصل األول‬
‫في الجنايات والجنح ضد األشخاص من خالل القسم الثالث في القتل الخطأ والجرح الخطأ‪،‬‬
‫والقسم ال اربع في االعتداء الواقع على الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف‪ ،‬والقسم‬
‫الخامس في االعتداءات على شرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم الخاصة وإفشاء‬
‫األسرار بموجب نص المادة ‪ 303‬مكرر‪ 3‬والقتل الخطأ والجرح الخطأ واالعتداء على‬
‫الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف واالعتداءات على الشرف واعتبار األشخاص وعلى‬
‫األسرر‪ ،‬باإلضافة إلى الفصل الثالث في الجنايات والجنح ضد‬
‫ا‬ ‫حياتهم الخاصة وإفشاء‬
‫األموال من خالل القسم األول في السرقات وابتزاز األموال‪ ،‬والقسم الثاني في النصب‬
‫وإصدار شيك بدون رصيد والقسم الثالث في خيانة األمانة‪ ،‬والقسم الرابع في التفليس والقسم‬
‫الخامس في التعدي على األمالك العقارية‪ ،‬والقسم السادس مكرر في تبييض األموال‪،‬‬
‫والقسم السابع مكرر المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬والقسم الثامن في الهدم‬
‫والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل‪ ،‬والكتاب الثالث في الباب‬
‫الرابع تحت عنوان الغش في بيع السلع والتدليس في المواد الغذائية والطبية‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫أما فيما يتعلق بنصوص القوانين الخاصة فقد جرم المشرع الجزائري األفعال التي‬
‫ترتكبها الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا من خالل نصوص خاصة منها المادة‬
‫‪ 25‬من القانون رقم ‪ 18-04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر سنة ‪ 2004‬المتعلق بالوقاية من‬
‫المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واالتجار غير المشروعين بها‪ ،‬المادة ‪ 53‬من‬
‫القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير سنة ‪ 2006‬المتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬المادة ‪ 32‬من القانون رقم ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 06‬فبراير ‪ 2005‬المتعلق‬
‫بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪ ،‬المادة ‪ 303‬من قانون الضرائب‬
‫المباشرة والرسوم المماثلة‪ ،‬والمادة ‪ 24‬من قانون مكافحة التهريب‪.‬‬
‫‪ -‬وباإلضافة إلى الشروط المتعلقة بالجريمة‪ ،‬البد من توفر شروط أخرى الستكمال قابلية‬
‫الشخص المعنوي للمساءلة الج ازئية والمتمثلة في الشروط المتعلقة بالفاعل‪ ،‬وهي أن ترتكب‬
‫الجريمة من طرف الممثلين الشرعيين للشركة أي من قبل أجهزة الشركة وأن تكون الشركة‬
‫خاضعة ألحكام القانون الخاص‪.‬‬
‫وقد استثنى المشرع الجزائري بموجب نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‬
‫األشخاص التي ال يمكن مسائ لتها جزائيا وهي الدولة والجماعات المحلية واألشخاص‬
‫المعنوية الخاضعة للقانون العام وتكون مسؤولة األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون‬
‫الخاص‪ ،‬وال يمكن مسائلة األشخاص المعنوية التي تخضع ألحكام قانونية مختلطة‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن الشرط الثاني المتعلق بالفاعل هو ارتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشركة أو‬
‫من طرف ممثلها الشرعي فال تكون الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا محال للمساءلة‬
‫الجزائية إال إذا تم ارتكاب الفعل المجرم من طرف إحدى أجهزتها أو من طرف ممثلها‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫وال يمكن اعتبار جميع األشخاص الطبيعيين العاملين في الشركة التجارية من بين‬
‫ممثليها الشرعيين أو أجهزتها لذلك ينبغي البحث عن مدلول الممثل الشرعي وعن أجهزة‬
‫الشركة حسب طبيعة الشركة ونظامها القانوني‪ ،‬ويقصد بالممثلين الشرعيين‪ ،‬األشخاص‬

‫‪135‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫الطبيعيون الذين لهم السلطة القانونية أو االتفاقية التي مصدرها عقد أو نظام تأسيس‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬في التصرف باسم الشخص المعنوي مثل المسير في الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة رئيس مجلس اإلدارة والمدير العام‪ ،‬والممثلين القضائيين الذين يوكل‬
‫إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية ألحد األشخاص المعنوية كتعيين المصفي‬
‫مثال كذلك المدير المؤقت ومن يمثل الشخص المعنوي أمام القضاء وكل عضو يباشر‬
‫مهمة عامة بواسطة الوكالة أو التفويض لتمثيل الشخص المعنوي كمستخدم البنك الذي له‬
‫صفة في التوقيع على العقود التي تبرم مع العمالء‪.‬‬
‫وللبحث عن أجهزة الشركة التجارية ينبغي البحث في النظام القانوني للشركات‬
‫التجارية التي نظمها األمر رقم ‪ 59 -75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المعدل والمتمم‬
‫المتضمن القانون التجاري الذي نظم خمس أنواع من الشركات التجارية وهي شركة‬
‫التضامن‪ ،‬الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬شركة المساهمة وشركة التوصية البسيطة‪.‬‬
‫وبالتالي فإن الشركات التجارية تتباين فيها المسؤولية الجزائية‪ ،‬بتباين أنواعها واختالف‬
‫تمثيلها‪.‬‬
‫والشركات التجارية تقسم إلى شركات أشخاص (شركة التضامن وشركة التوصية‬
‫البسيطة) وشركات أموال ( الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وشركة المساهمة)‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن شركة التضامن فلم يعرفها المشرع الجزائري وهي الشركة التي تتكون بين شريكين‬
‫فأكثر يسأل فيها الشريك عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة‪ ،‬ولذا فهي‬
‫تسمى بأسماء الشركاء كما أن الشركاء جميعا في هذا النوع من الشركة يكتسب بمجرد‬
‫انضمامه للشركة صفة التاجر‪ ،‬وأن حصة الشريك غير قابلة لالنتقال للغير أو لورثة الشريك‬
‫المتوفى‪ ،‬ويسأل الشريك في شركة التضامن عن ديون الشركة مسئولية شخصية كما لو أنه‬
‫دين شخصي على الشريك ومسؤولية الشركاء تضامنية‪ ،‬أما عن إدارة شركة التضامن فقد‬
‫نص المشرع في القانون التجاري على إدارة شركة التضامن عن طريق جميع الشركاء إذا لم‬
‫يشترط على خالف ذلك في القانون األساسي‪ ،‬أو مدير الشركة أو أكثر‪ ،‬الذي يلتزم بق اررات‬

‫‪136‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ الق ار ارت المتعلقة بالشركة ويخضع أحيانا لمراقبة‬
‫مفتشي الحسابات‪ ،‬ومن خالل تقويم نشاط الشركة يتم توزيع األرباح والخسائر على‬
‫الشركاء‪ ،‬وفي حالة تعدد المديرين يجب على كل شريك منهم التقيد باالختصاص الذي‬
‫خوله له القانون‪ ،‬وال يجوز ألحد التدخل في اآلخر هذا ما نصت عليه المادة ‪ 2/ 554‬من‬
‫القانون التجاري‪ ،‬وعند تعدد المديرين يتمتع كل واحد منهم منفردا بالسلطات المنصوص‬
‫عليها في الفقرة الثانية المتقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن شركة التوصية البسيطة فلم يعرفها المشرع الجزائري وعرفها الفقه أنها عقد بين‬
‫اثنين فأكثر يكون بعض الشركاء منهم متضامنين يلتزم بتسديد ديون الشركة حسب‬
‫حصصهم في أرس المال وأموالهم الخاصة ويكون البعض اآلخر مسؤولون بنسبة حصتهم‬
‫في أرس مال الشركة وقد نصت المادة ‪ 563‬مكرر من القانون التجاري على أن شركة‬
‫ال توصية البسيطة تخضع لنفس األحكام التي تخضع لها شركة التضامن مع مراعاة أحكام‬
‫المواد من ‪ 563‬مكرر‪ 1‬إلى ‪ 563‬مكرر‪ 10‬من القانون نفسه‪.‬‬
‫ويقوم بإدارة شركة التوصية البسيطة مدي ار أو أكثر‪ ،‬سواء كان هذا المدير شريكا أو‬
‫غير شريك‪ ،‬وقد يعين هذا المدير في عقد الشركة أو في تعديل الحق له فيكون مدي ار‬
‫اتفاقيا‪ ،‬وقد يكون في اتفاق مستقل فيكون غير اتفاقي وينطبق على إدارة شركة التوصية‬
‫البسيطة بخصوص إدارة شركة التضامن من حيث تعيين المدير وعزله وتعدد المديرين‬
‫وسلطاته ومسؤوليته وشركة التوصية البسيطة تخضع لألحكام العامة في إدارتها بوجه عام‪،‬‬
‫لكن نظ ار الختالف المركز القانوني لطائفتي الشركاء التي تتكون منها هذه الشركة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫ينعكس بالضرورة على إدارتها وطريقة تسييرها‪ ،‬فإدارة شركة التوصية البسيطة تتم بواسطة‬
‫مدير أو أكثر‪ ،‬ويجوز أن يكون المدير شريكا موصيا‪ ،‬ويسري في تعيين المدير وعزله‬
‫وتحديد سلطاته نفس قواعد إدارة شركة التضامن وما يميز إدارة شركة التوصية البسيطة وهو‬
‫حظر الشركاء الموصين من التصرف‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫‪ -‬أما عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة فقد عرفها المشرع الجزائري من خالل ذكره‬
‫لخصائصها بنص المادة ‪ 564‬من القانون التجاري التي جاء فيها‪ :‬تؤسس الشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة من شخص واحد أو عدة أشخاص ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما‬
‫قدموا من حصص‪ ،‬إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة طبقا للفقرة السابقة‪،‬‬
‫ال تضم إال شخصا واحدا كشريك وحيد‪ ،‬تسمى هذه الشركة "مؤسسة ذات الشخص الوحيد‬
‫وذات المسؤولية المحدودة …‪ .‬وعنوان ا لشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء‬
‫أو أكثر على أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات‪ ،‬شركة ذات مسؤولية‬
‫محدودة أو األحرف األولى منها أي ش‪.‬م‪.‬م وبيان رأسمالها‪.‬‬
‫وقد تطرق المشرع الجزائري إلدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل وضع‬
‫نظام هيكلي إداري انطالقا من طبيعتها المختلطة كونها تقوم على االعتبار الشخصي الذي‬
‫يفترض وجود الثقة بين مؤسسي هذه الشركة‪ ،‬فولى إدارتها لمدير أو أكثر‪ ،‬ولكونها تقوم‬
‫أيضا على االعتبار المالي الذي يقتضي تسيير هذه الشركة على النمط الذي تسيير عليه‬
‫اإلشرف على أجهزة جماعية تشبه أجهزة شركة األموال‪.‬‬
‫شركات األموال لذا وزع الرقابة و ا‬
‫وقد منح المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة طريقتين لتعيين المدير فقد‬
‫يعين من قبل المؤسسين في العقد التأسيسي فيكون مدي ار نظاميا وإما أن يعين باتفاق الحق‬
‫لعقد الشركة فيكون هنا مدي ار غير نظامي‪ ،‬والمدير المعين غالبا يكون من بين الشركاء‬
‫وممكن أن يكون أجنبيا عن الشركة وقد يتم تعيين مدي ار واحدا للشركة أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن شركة المساهمة فقد عرفها المشرع الجزائري من خالل نص المادة ‪ 592‬من‬
‫القانون التجاري التي جاء فيها ‪ :‬شركة المساهمة هي الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى‬
‫حصص‪ ،‬وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم وال يقل عدد الشركاء‬
‫من سبعة (‪ )07‬وال يطبق الشرط المتعلق بعدد الشركاء على الشركات ذات رؤوس أموال‬
‫عمومية‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب األول‬

‫ويخضع تسيير شركة المساهمة يخضع لنظام يختلف عن ذلك الذي تخضع له باقي‬
‫الشركات التجارية األخرى‪ ،‬وقد استحدثه المشرع الجزائري بموجب المرسوم التنفيذي‬
‫‪ ،08/93‬المؤرخ في ‪ 1993/04/25‬وهو ما يعرف بنظام مجلس اإلدارة ومجلس المراقبة‬
‫ومجلس المديرين‪ ،‬باإلضافة إلى اإلدارة عن طريق جمعية المساهمين‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫الباب الثاني‪:‬‬
‫النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية‬
‫للشركات التجارية‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الباب الثاني‪ :‬النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‪.‬‬


‫إن منح الشركة التجارية الشخصية المعنوية يسمح لها باكتساب حقوق وتحمل‬
‫التزامات‪ ،‬ونظ ار لكونها أصبحت تشكل الشريان الرئيسي للحياة االقتصادية داخل أي مجتمع‬
‫كان البد من االعتراف لها بشخصية قانونية مستقلة عن الشخصيات القانونية لألعضاء‬
‫المكونين لها حتى ال تختلط حقوقها والتزاماتها بحقوق والتزامات هؤالء األعضاء‪ ،‬وهو ما تم‬
‫التطرق له في الباب األول أين أبرزنا مختلف اآلراء الفقهية المؤيدة والمعارضة‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫التي تالشى رأيها في مواجهة الواقع االقتصادي المعاش الذي جعل من الشركات التجارية‬
‫بوصفها شخصا معنويا تسيطر على المجال التجاري ومن خالله على االقتصاد بصفة‬
‫عامة في ظل بروز االقتصاد كآلية حديثة تسيطر بها الدول القوية على العالقات الدولية‬
‫ومن خالله فرض منطقها على منطق الدول األخرى‪ ،‬مما جعل الشركات التجارية واقع‬
‫فرض نفسه بقوة‪ ،‬مما يستوجبه التعامل معه على هذا األساس‪.‬‬
‫وعليه سندرس في هذا الباب الثاني للمسؤولية الملقاة على عاتق هذا الكيان التجاري‪،‬‬
‫وبالتحديد المسؤولية الجزائية التي يمكن أن يتحملها ج ارء ارتكاب مسيريه أو مديريه أو‬
‫ممثليه لألفعال التي يعاقب عليها القانون وتكون قد ارتكبت لصالحه‪ ،‬وذلك من خالل تحديد‬
‫إجراءات المتابعة في حالة قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية بوصفها شخصا معنويا‬
‫في الفصل األول والمسؤولية الجزائية لمسيري هذه الشركات التجارية في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الفصل األول‪ :‬قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‬


‫إن إقرار مبدأ المسؤولية الجنائية للشركات التجارية باعتبارها شخصا او معنويا‬
‫يستوجب تحديد بعض القواعد اإلجرائية التي تتناسب مع هذا الطرح الجديد‪ ،‬وذلك أنه من‬
‫غير الممكن عمليا أن نطبق عليه ببساطة نفس القواعد اإلجرائية التي وضعت خصيصا أو‬
‫أساسا للتطبيق على األشخاص الطبعيين‪ ،‬وهو األمر الذي سبق في تبنيه القانون الفرنسي‬
‫التي يعتبر من أبرز القوانين التي تضمنت مثل هذه األحكام بموجب القانون الصادر في‬
‫‪ 1992/12/16‬الذي تناول فيه القواعد الخاصة بمحاكمة الشخص المعنوي وذلك من المادة‬
‫‪ 41/706‬إلى المادة ‪ 42/706‬من قانون اإلجراءات الجنائية الفرنسي وهي نفس األحكام‬
‫التي تضمنها التعديل الجديد لقانون اإلجراءات الجزائية الجزائري رقم ‪ 14-04‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2004/11/10‬المعدل والمتمم‪ ،‬وذلك من المادة ‪ 65‬مكرر إلى المادة ‪ 65‬مكرر‬
‫‪ 04‬وبعده القانون رقم ‪ 22 - 06‬المؤرخ في ‪ 2006/07/23‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫كما أقر هذا المبدأ قرار المحكمة العليا حاليا رقم ‪ 0552432‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،2013/07/25‬الذي ورد فيه أنه ال يمكن متابعة شخص معنوي جزائيا‪ ،‬إال إذا كان ممثال‬
‫(‪)1‬‬
‫من طرف شخص طبيعي مسير أو مدير شركة‬
‫وهو ما سنتناوله هذا الفصل من خالل بيان القواعد اإلجرائية المعتمدة في متابعة‬
‫الشركة التجارية بوصفها شخص معنوي في المبحث األول والعقوبات التي أقرها المشرع‬
‫الجزائري للشركة التجارية بصفتها شخص معنوي في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪ -1‬القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ ‪ 2013/03/21‬في الملف رقم ‪ 786372‬عن الغرفة الجنائية ‪،‬‬
‫المجلة القضائية لسنة ‪ 2013‬العدد ‪ ، 02‬ص ‪.351‬‬

‫‪141‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬متابعة الشركة التجارية قضائيا‪.‬‬


‫باعتبار أن الشركة ال يمكنها أن ترتكب الجريمة بنفسها بالنظر إلى طبيعتها وإنما‬
‫تتصرف عن طريق شخص أو أشخاص طبيعيين يجسدون إرادتها‪ ،‬فمسؤولية الشركة تمتاز‬
‫بخاصية كونها غير مباشرة من جهة وشخصية من جهة أخرى‪ ،‬وكما عبر عنها القضاء‬
‫بأنها مسؤولية عن الفعل الشخصي بواسطة الممثل‪ ،‬لذلك يجب توافر شروط في تصرفاتهم‬
‫كي تعتبر بمثابة تصرف صادر من طرف الشركة ذاتها‪.‬‬
‫هذه الشروط نصت عليها المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم‬
‫وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬ارتكاب الجريمة من طرف شخص طبيعي له حق التعبير عن إرادة الشركة التجارية‪،‬‬
‫‪ -‬أن يكون الفعل الصادر عنه في حدود اختصاصه بنص القانون أو بموجب اإلتفاق‪.‬‬
‫وعليه فإن المشرع الجزائري تبنى مجموعة من اإلجراءات القانونية التي تخضع لها‬
‫الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا في متابعتها جزائيا في حالة االشتباه في ارتكابها‬
‫لألفعال التي يعاقب عليها القانون وسنتطرق لذلك في المطلب األول وقواعد المحاكمة في‬
‫حالة اتهامها بارتكاب هذه األفعال المجرمة قانونا وسنتطرق لذلك في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬قواعد متابعة الشركة التجارية‬
‫تخضع المتابعة الجزائية للشركات التجارية لقواعد إجرائية تختلف عن تلك التي يخضع‬
‫لها الشخص الطبيعي رغم وحدتها القانونية أي أن هذه اإلجراءات تخضع في مجملها لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬هذا األخير الذي تم تعديله ليواكب التطور الحاصل في مجال متابعة‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬باعتباره شخصية قانونية مستحدثة فرضت نفسها على الساحة القانونية‬
‫أين أصبحت تختص بقواعد إجرائية تتالءم مع طبيعتها وتتمثل هذه القواعد في قاعدة‬
‫االختصاص وقاعدة التحري والتحقيق‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الفرع األول‪ :‬قاعدة االختصاص‬


‫يعرف االختصاص بأنه والية القضاء وتوزيع سلطة الحكم على الجهات القضائية‬
‫المختلفة‪ ،‬للبت في الخصومة المرفوعة أمام المحاكم‪ ،‬وفقدان هذه السلطة يؤدي إلى عدم‬
‫االختصاص‪ ،‬وقواعد االختصاص في المواد الجزائية هي من النظام العام‪ ،‬وضعت حماية‬
‫لمصلحة الخصوم وضمانا لحسن سير القضاء الجزائي‪ ،‬فال يجوز ألطراف الدعوى االتفاق‬
‫على مخالفتها‪ ،‬كما يمكن إثارتها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى ولو ألول مرة أمام‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬فيجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه(‪ ،)1‬وبناء على ذلك يقسم الفقه‬
‫(‪)2‬‬
‫االختصاص الاقاضاائي إلى ثالثة أنواع‪ :‬محلي‪ ،‬نوعي وزمني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االختصاص المحلي‬
‫يرجع االختصاص المحلي في المتابعة القضائية للشركة التجارية للجهة القضائية التي‬
‫ارتك ب في دائرة اختصاصها الفعل غير المشروع أو مكان وجود المقر االجتماعي للشركة‬
‫التجارية‪ ،‬غير أنه إذا تمت متابعة أشخاص طبيعية في نفس الوقت مع الشركة التجارية‬
‫يعود االختصاص في هذه الحالة إلى الجهات القضائية المرفوعة أمامها دعوى األشخاص‬
‫الطبيعية بمتابعة الشركة التجارية‪ )3(،‬هكذا يمكن استخالص أن االختصاص المكاني يتغير‬
‫حسب الحاالت المحددة قانونا وهي حاالت االختصاص اإلقليمي العادية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫حاالت االختصاص اإلقليمي الموسع‪ ،‬مع وجود بعض االستثناءات الواردة عليه في القوانين‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبااادئ اإلجاراءات الجزائيااة فااي التشاريع الج ازئااري‪ ،‬الطبعااة الثالثااة‪ ،‬الجاازء الثاااني‪ ،‬دياوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص‪.355‬‬
‫‪ -2‬الغوثي بن ملحة‪ ،‬القانون القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪، 1989،‬‬
‫ص‪.6‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 65‬مكرر‪ 01‬من األمر رقم ‪ 155-66‬أضيفت بالقانون رقم ‪ 14-04‬المؤرخ في ‪، 2004/11/10‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 71‬لسنة ‪.2004‬‬

‫‪143‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -1‬حالة متابعة الشركة التجارية بصفة منفردة‬


‫من خالل نص المادة ‪ 65‬مكرر‪ 1‬من قانون اإلجراءات الجزائية ندرك أن المشرع‬
‫الجزائري أخذ على غرار نظيره الفرنسي بمعيارين أساسين لتحديد الجهة القضائية المختصة‬
‫محليا للنظر في الدعاوى المرفوعة ضد الشخص المعنوي (الشركة التجارية)‪ ،‬يتمثالن فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مكان وقوع الجريمة‬
‫إن الجرائم أنواع‪ ،‬فقد تقسم بالنظر إلى الركن المادي إلى جرائم وقتية وجرائم مستمرة‬
‫جرائم بسيطة وجرائم مركبة‪ ،‬جرائم متتابعة وجا ارئام االعاتاياد‪ ،‬وهناك الجرائم السلبية والجرائم‬
‫اإليجابية (‪ ،)1‬وناظا ار لاصعاوبة تاحديد مكان وقوع الجرائم إذا امتدت في الزمان والمكان‬
‫ظهرت آراء فقهية لتوضيح المسألة ‪:‬‬
‫فالجريمة الوقتية هي التي ترتكب وتتم في لحظة زمنية معينة حتى ولو تحققت النتيجة‬
‫اإلجرامية في مكان آخر‪ ،‬ويرجع االختصاص بشأنها سواء للمحكمة التي وقع بدائرتها‬
‫السلوك اإلجرامي أو للمحكمة التي تحققت في دائرتها النتيجة‪.‬‬
‫أما الجريمة المستمرة هي التي تعتمد على تدخل إرادي مستمر وطويل من جانب‬
‫الفاعل‪ ،‬ويرجع االختصاص بشأنها لكل محكمة وقع في دائرتها أحد األفعال الداخلة فيها‬
‫وفي حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل محل وقع فيه عمل من أعمال البدء في‬
‫(‪)2‬‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫في حين أن الجريمة المركبة قد تكون جريمة متتابعة األفعال والتي يجمعها قرار إرادي‬
‫واحد‪ ،‬وقد تكون جريمة اعتياد والتي تقوم على تكرار فعل واحد مرتين أو أكثر‪ ،‬فيتكون بذلك‬

‫‪ -1‬جالل ثااروت‪ ،‬نظاام اإلجاراءات الجنائيااة ‪ -‬القاعاادة اإلجرائيااة – الاادعوى العموميااة – الاادعوى المدنيااة التابعااة –‬
‫الخصومة الجنائية ( بدأ الخصومة – سير الخصومة – انتهاء الخصااومة – الطعاان فااي األحكااام)‪ ،‬دار الجامعااة‬
‫الجديدة‪ ،‬مصر ‪ ،2003‬ص‪.315‬‬
‫‪ -2‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.359‬‬

‫‪144‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫لدى المجرم حالة االعتياد على ارتكاب الفعل ذاته‪ ،‬كجريمة التحريض على الفساد يعود‬
‫االختصاص بشأنها للمحكمة التي وقع في دائرتها عمل من أعمال االعتياد أو التتابع‪.‬‬
‫أما الجرائم السلبية هي التي تقوم على أساس االمتناع عن القيام بفعل فرضه القانون‬
‫يعود االختصاص بشأنها للمحكمة التي يقع في دائرتها فعل االمتناع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ب‪ -‬مكان وجود المقر االجتماعي للشركة التجارية‬


‫يقصد بالمقر االجتماعي المكان الذي تؤخذ فيه الق اررات وتبلغ فيه األوراق القضائية‬
‫للشركة‪ ،‬كما يحدد على أساسه النظام الجبائي والمالي لها‪ ،‬ويجب أن يحدد في القانون‬
‫األساسي مقرها االجتماعي‪ ،‬وقد عرف القضاء الفرنسي مقر الشركة كاآلتي‪ :‬المكان أين‬
‫يكون للشركة منشأة ( إقامة‪ ،‬مؤسسة رئيسية)‪ ،‬الذي يوجد فيه أجهزة اإلدارة ومصالح‬
‫إدارية‪)2(.‬‬

‫حيث أنه لكل شركة مقر هو بالنسبة إليها كمحل إقامة بالنسبة للشخص الطبيعي وهي‬
‫تختار هذا المقر‪ ،‬من أهم مميزاته أنه يجب تحديده في القانون األساسي‪ ،‬ويجب أن يكون‬
‫مثبت بموجب عقد إيجار محل تجاري أو عقد إيجار مقر اجتماعي محرر من قبل الموثق‪،‬‬
‫مقر الشركة يمثل المكان الذي يطلع فيه الشركاء غير المديرين على وثائق الشركة كما‬
‫يمثل المكان الذي تجتمع فيه عادة الجمعيات العامة ومكان إتمام اإلجراءات المتعلقة‬
‫بالسجل التجاري إضافة إلى أنه يحدد القانون الواجب التطبيق ويحدد الجهة القضائية‬
‫المختصة بفض النزاعات المتعلقة بالشركات‪ ،‬إذن مقر الشركة له دور إجرائي يتحدد من‬
‫خالله االختصاص المحلي‪.‬‬

‫‪ -1‬جالل ثروت‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬


‫‪2- France (G) , Alain (H) , Droit des sociétés, 8eme édition, Dunod , Paris,2001, p16.‬‬

‫‪145‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -2‬حالة متابعة الشركة التجارية وممثلها القانوني في نفس الوقت‬


‫في هذه الحالة نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 65‬مكرر‪ 1‬على ‪ ...:‬غير أنه إذا تمت‬
‫متابعة أشخاص طبيعية في الوقت ذاته مع الشخص المعنوي‪ ،‬تختص الجهات القضائية‬
‫المرفوعة أمامها دعوى األشخاص الطبيعية بمتابعة الشخص المعنوي‪.‬‬
‫في هذه الحالة إذا كانت الوقائع تشكل وصف الجنحة تطبق القاعدة المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 329‬من قانون اإلجراءات الجزائية وهي إما مكان وقوع الجريمة أو مكان إلقاء‬
‫(‪)1‬‬
‫القبض على المتهم أو مكان إقامة المتهم بارتكابه الجريمة‪.‬‬
‫‪ -3‬االختصاص اإلقليمي الموسع‬
‫لقد عرفت بعض األنظمة القضائية المقارنة نظام األقطاب المتخصصة‪ ،‬من ذلك‬
‫القضاء الفرنسي‪ ،‬حيث ظهرت إلى الوجود إبتداءا من سنة ‪ 1975‬ما سميت آنذاك بالمحاكم‬
‫الجهوية المتخصصة في المادة االقتصادية والمالية " ‪Juridictions Régionales‬‬

‫‪ "Spécialisées‬والمعروفة اختصا ار با‪ JRS:‬وأطلق عليها أيضا " األقطاب االقتصادية‬


‫والمالية " وذلك بموجب القانون رقم ‪ 701 - 75‬المؤرخ في ‪ 1975/08/06‬ثم تلى ذلك‬
‫ظهور المحاكم ما بين الجهوية المتخصصة ‪Juridictions Interrégionales Spécialisées‬‬

‫التي أنشئت بالقانون المعروف با ‪ loi de Perben II‬في سنة ‪ 2004‬والتي تعرف اختصا ار‬
‫با‪ JIRS :‬أنيطت بهذه المحاكم مهمة مكافحة الجريمة المنظمة والجنح المالية‪.‬‬
‫وقد تناول المشرع الجزائري االختصاص اإلقليمي الموسع من خالل عدة نصوص ال‬
‫سيما القانون رقم ‪ 14 -04‬المؤرخ في ‪ 2004/11/10‬المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية في خطوة اعتبرت سابقة من نوعها في القانون الجزائري‪ ،‬أين خطى بموجبها‬
‫القضاء نحو التخصص في المعالجة القضائية لطائفة من الجرائم وذلك لعدة عوامل تمثلت‬
‫أساسا في تعقيد مالبسات وأساليب ارتكابها وخروجها عن طابع الجريمة الكالسيكية‪.‬‬

‫‪ -1‬جمال محمود الحموي وأحمد عبد الرحيم عودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪146‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫إن البداية الحقيقية لظهور األقطاب القضائية المتخصصة‪ ،‬كانت في صورة‬


‫اختصاص إقليمي موسع في المادة الجزائية‪ ،‬ظهرت رسميا في سنة‪ ،2004‬مع صدور‬
‫القانون رقم ‪ 14-04‬المؤرخ في ‪ 2004/11/10‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪155- 66‬‬
‫المؤرخ في ‪.1966/06/08‬‬
‫وقد بدأت األقطاب القضائية المتخصصة في المادة الجزائية العمل بالفعل في سنة‬
‫‪ ،2008‬حيث تم فعال إعطاء إشارة اإلنطالق الرسمي لألقطاب الجزائية المتخصصة في‬
‫كل من الجزائر العاصمة يوم ‪ 26‬فيفري ‪ ،2008‬وقسنطينة يوم ‪ 3‬مارس‪ ،2008‬ووهران‬
‫يوم ‪ 5‬مارس‪ ،2008‬أما تدشين مقر القطب الجزائي المتخصص لمحكمة ورقلة وإعطاء‬
‫إشارة االنطالق الرسمي لنشاط هذا القطب فقد كانت يوم ‪ 19‬مارس‪.2008‬‬
‫ولقد حدد المشرع الجزائري أربع محاكم جزائية ذات اختصاص موسع مدد اختصاصها‬
‫اإلقليمي بموجب المرساوم التانفيذي رقم ‪ 348 - 06‬المؤرخ في ‪ 12‬رمضاان عام ‪1427‬‬
‫الموافق لا ‪ 5‬أكتاوبر سنة ‪ 2006‬يتضمن تامديد االختصاص المحلاي لبعض المحاكام‬
‫ووكاالء الجمهورياة وقضااة التحقياق وهي ‪ :‬محكمة سيدي محمد‪ ،‬محكمة قسنطينة‪ ،‬محكمة‬
‫ورقلة‪ ،‬محكمة وهران‪.‬‬
‫وطبقا لهذا المرسوم فإن االختصاص المحلي لهذه المحاكم األربعة يتوسع ليشمل باقي‬
‫المحاكم األخرى التي تدخل في نطاقها الجهوي على النحو التالي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يمتد االختصاص المحلي لمحكمة سيدي محمد ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها‬
‫إلى محاكم المجالس القضائية لاا‪ :‬الجزائر والشلف واألغواط والبليدة والبويرة وتيزي وزو‬
‫والجلفة والمدية والمسيلة وبومرداس وتيبازة وعين الدفلى‪،‬‬
‫ب ‪ -‬يمتد االختصاص المحلي لمحكمة قسنطينة ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها‬
‫إلى محاكم المجالس القضائية لا‪ :‬قسنطينة وأم البواقي وباتنة وبجاية وبسكرة وتبسة وجيجل‬

‫‪147‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وسطيف وسكيكدة وعنابة وقالمة وبرج بوعريريج والطارف والوادي وخنشلة وسوق أهراس‬
‫(‪،)1‬‬
‫وميلة‬
‫ج ‪ -‬يمتد االختصاص المحلي لمحكمة ورقلة ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى‬
‫(‪،)2‬‬
‫محاكم المجالس القضائية لا ‪ :‬ورقلة وأدرار وتمنراست وإليزي وتندوف وغرداية‬
‫د ‪ -‬يمتد االختصاص المحلي لمحكمة وهران ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى‬
‫محاكم المجالس القضائية لا‪ :‬وهران وبشار وتلمسان وتيارت وسعيدة وسيدي بلعباس‬
‫ومستغانم ومعسكر والبيض وتيسمسيلت والنعامة وعين تموشنت وغليزان‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ -4‬استثناءات االختصاص اإلقليمي في بعض القوانين الخاصة‬


‫كما سبق ذكره فإن االختصاص المحلي له قواعد استثنائية في بعض القوانين‬
‫الخاصة مثل‪:‬‬
‫أ‪ -‬القوانين الضريبية‬
‫تنص القوانين الضريبية على أن االختصاص اإلقليمي يؤول للمحكمة التي تختارها‬
‫إدارة الضرائب أو مكان فرض الضريبة أو مكان وجود المؤسسة‪ ،‬غير أن هذه النصوص‬
‫الضريبية المختلفة أصبحت بعد صدور قانون المالية لسنة ‪ 2006‬تحيل مسألة االختصاص‬
‫اإلقليمي للمادة ‪ 104‬من قانون اإلجراءات الجبائية‪ ،‬لكن هذه األخيرة لم تفصل في مسألة‬
‫االختصاص عكس النصوص القديمة الملغاة والتي كانت تنص على أن االختصاص‬
‫اإلقليمي يؤول للمحكمة التي تختارها إدارة الضرائب أو مكان فرض الضريبة أو مكان وجود‬
‫المؤسسة وعليه تجدر اإلشارة إلى أنه على المشرع في المجال الضريبي التدخل لسد هذا‬
‫الفراغ القانوني من خالل تعديل نص المادة ‪ 104‬من قانون اإلجراءات الجبائية بإضافة فقرة‬

‫‪ -1‬المادتين ‪ 02‬و‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 348 – 06‬المؤرخ في ‪ 2006/10/05‬المتضمن تمديد‬
‫االختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 63‬لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 04‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 348 - 06‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 05‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،348 - 06‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أو اإلشارة إلى تطبيق القواعد العامة‬ ‫(‪)1‬‬


‫تحدد االختصاص اإلقليمي في الج ارئم الضريبية‪،‬‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 804‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬التي تنص على‬
‫رفع الدعوى وجوبا أمام المحكمة اإلدارية التي يقع في دائرة اختصاص مكان فرض الضريبة‬
‫(‪)2‬‬
‫أو الرسم‪.‬‬
‫ب‪ -‬قانون الـوقايـة من الجـرائم المتـصلـة بتـكنـولوجـيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‬
‫تنص المادة ‪ 15‬من قانون الاوقاياة من الجارائم المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم‬
‫واالتصال ومكافحتها على اختصاص استثنائي حيث جاء فيها ‪ :‬زيادة على قواعد‬
‫االختصاص المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية تختص المحاكم الجزائرية‬
‫بالنظر في الجرائ م المتصلة بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال المرتكبة خارج اإلقليام الوطني‬
‫عندما يكون مرتكبها أجنبيا وتستهدف مؤسسات الدولة الجزائرية أو الدفاع الوطني أو‬
‫(‪)3‬‬
‫المصالح االستراتيجية لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫ج‪ -‬القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واالتجار‬
‫غير المشروعين بها‬
‫تنص المادة ‪ 35‬من قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال‬
‫واإلتجار غير المشروعين بها على ما يلي‪ :‬يمكن أن تتابع وتحاكم الجهات القضائية‬
‫الجزائرية كل من يرتكب كل جريمة منصوص عليها في هذا القانون سواء كان ج ازئريا أو‬
‫أجنبيا مقيما بالجزائر أو موجودا بها‪ ،‬أو كل شخص معنوي خاضع للقانون الجزائري ولو‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 104‬من قانون اإلجراءات الجبائية مضافة بالقانون رقم ‪ 16-11‬المؤرخ في ‪2011/12/28‬‬
‫المتضمن المالية لسنة ‪ ،2012‬جريدة رسمية عدد ‪ 72‬لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 804‬من القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 2008/02/25‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 21‬لسنة ‪.2008‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 04-09‬المؤرخ في ‪ 2009/08/05‬المتعلق بقواعد الوقاية من الجرائم المتصلة‬
‫بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 47‬لسنة ‪.2009‬‬

‫‪149‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫خارج اإلقليم الوطني‪ ،‬أو يكون ارتكب فعال من األفعال المكونة ألحد أركان الجريمة داخل‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلقليم الجزائري حتى وإن كانت األفعال األخرى قد تم ارتكابها في بلدان أخرى‪.‬‬
‫من خالل النصوص سالفة الذكر يمكن القول أن األصل المحاكم تختص إقليميا‬
‫بالجرائم التي ترتكب داخل اإلقليم الوطني وحسب اختصاص كل جهة قضائية‪ ،‬غير أنه‬
‫يمكن أن تكون مختصة إقليميا في معالجة الجرائم التي ترتكب خارج اإلقليم الوطني نظ ار‬
‫للخطورة التي تشكلها هذه الجرائم عل األمن القومي‪ ،‬مما يستوجب التصدي لها بشتى‬
‫(‪)2‬‬
‫الطرق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قاعدة االختصاص النوعي‬
‫يعرف االختصاص النوعي على أنه سلطة جهة قضائية معينة للفصل دون سواها في‬
‫دعاوي معينة‪ ،‬أي يتم تحديد االختصاص النوعي بالنظر إلى موضوع الدعوى وطبيعة‬
‫النزاع‪ ،‬والمبدأ العام أن قواعد االختصاص النوعي متعلقة بالنظام العام‪ ،‬أي ال يجوز االتفاق‬
‫(‪)3‬‬
‫على مخالفتها‪ ،‬ويثيرها القاضي من تلقاء نفسه وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى‪.‬‬
‫وتتمثل الوظيفة األساسية لقواعد االختصاص النوعي في توزيع القضايا على مختلف‬
‫درجات الجهات القضائية‪ ،‬المحاكم‪ ،‬المجالس القضائية‪ ،‬والمحكمة العليا‪ ،‬فالمحكمة هي‬
‫صاحبة االختصاص العام فيما يعرض عليها من خصومة وتفصل فيها بحكم ابتدائي قابل‬
‫لالستئناف أمام المجلس القضائي‪ ،‬أما المحكمة العليا فتعتبر الجهة القضائية التي تقوم‬
‫(‪)4‬‬
‫بالرقابة الالحقة على األحكام الصادرة عن جميع الجهات القضائية األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ ، 18-04‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ -3‬سالم عمر‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية وفقا لقانون العقوبات الفرنسي الجديد‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1995 ،‬ص‪.103‬‬
‫‪ -4‬محند أمقران بوبشير‪ ،‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص‪.267‬‬

‫‪150‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وفي المادة الجزائية يتوزع االختصاص النوعي على الجهات القضائية حسب نوع‬
‫الجريمة إما مخالفة تعرض على قسم المخالفات أو جنحة تعرض على قسم الجنح وكليهما‬
‫(‪)1‬‬
‫بالمحكمة‪ ،‬أو جناية ويؤول االختصاص للنظر في الدعوى لمحكمة الجنايات‪.‬‬
‫‪ -1‬االختصاص النوعي في الجنح والمخالفات‬
‫تختص المحكمة بالنظر في الجنح والمخالفات‪ ،‬التي قد ترتكبها الشركة التجارية‬
‫بواسطة أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ولحسابها‪ ،‬وبالتالي يجب احترام جميع اإلجراءات‬
‫(‪)2‬‬
‫القانونية التي تتماشى وطبيعة الشخص المعنوي‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 328‬من قانون اإلجراءات الجزائية على ما يلي ‪ :‬تختص المحكمة‬
‫بالنظر في الجنح والمخالفات‪.‬‬
‫وتعد جنحا تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالحبس من مدة تزيد على شهرين‬
‫إلى خمس سنوات أو بغرامة أكثر من ‪ 20.000‬دج وذلك فيما عدا االستثناءات المنصوص‬
‫عليها في قوانين خاصة‪.‬‬
‫وتعد مخالفات تلك الج ارئم التي يعاقب عليها القانون بالحبس شهرين فأقل أو بغرامة‬
‫‪ 20.000‬دج فأقل‪ ،‬سواء كانت ثمة مصادرة لألشياء المضبوطة أم لم تكن ومهما بلغت‬
‫قيمة تلك األشياء‪.‬‬
‫وبذلك يتم متابعة الشركة التجارية على ارتكابها المخالفة أو الجنحة التي يعاقب عليها‬
‫القانون وفق أحكام قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪ ،‬وعليه يتم محاكمة الشركة في قسم‬
‫الجنح سواء كانت نتيجة المتابعة باإلدانة أو البراءة‪ ،‬وفي حالة اإلدانة يمكن استئناف حكم‬
‫اإلدانة على مستوى المجلس من طرف الشركة التجارية‪ ،‬وإذا تم تأييد الحكم على مستوى‬

‫‪ -1‬محند أمقران بو بشير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.269‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.179‬‬

‫‪151‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المجلس القضائي يمكن الطعن بالنقض على مستوى المحكمة العليا‪ ،‬وهو ما سنتطرق إليه‬
‫(‪)1‬‬
‫في حينه‪.‬‬
‫‪ -2‬االختصاص النوعي في الجنايات‬
‫تختص محكمة الجنايات بالنظر في الجنايات التي يتم ارتكابها من قبل الشركة‬
‫التجارية باعتبارها شخص معنوي والجنح والمخالفات المرتبطة بها‪ ،‬ولقد كرس المشرع‬
‫الجزائري مبدأ التقاضي على درجتين على مستوى محكمة الجنايات متأخرا‪ ،‬فالقضاء‬
‫الجنائي في الجزائر لم يطبق مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات حتى تاريخ شهر‬
‫مارس ‪ 2017‬بإنشاء محكمة جنايات استئنافية إلى جانب محكمة الجنايات االبتدائية‪ ،‬مما‬
‫يكرس ألول مرة في محكمة الجنايات‪،‬‬ ‫جعل استئناف األحكام الفاصلة في الموضوع‬
‫اإلجراء الذي كان غائبا قبل التعديل الحاصل‪ ،‬فقد كان يسمح فقط باستئناف أوامر قاضي‬
‫التحقيق أمام غرفة االتهام دون الحكم الفاصل في الموضوع‪.‬‬
‫وقد تم تبرير عدم االستئناف في مواد الجنايات في السابق بعدة أسباب‪ ،‬منها العيوب‬
‫التي تعتري قاعدة التقاضي على درجتين التي تؤدي إلى إطالة أمد النزاع وتزيد التكاليف‪.‬‬
‫كما أن وجود درجتين للتحقيق في مواد الجنايات يعوض التقاضي على درجتين‬
‫(‪)2‬‬
‫باإلضافة إلى كون التشكيلة الشعبية لمحكمة الجنايات تجعل من الحكم ال يقبل أي طعن‪.‬‬
‫وقد انتقد جل القانونيين عدم تطبيق االستئناف في مواد الجنايات‪ ،‬منطلقين من كونه‬
‫مكرس في الجنح والمخالفات التي هي جرائم أقل خطورة من الجنايات‪ ،‬وغائب في أخطر‬
‫الجرائم تصنيفا التي هي الجنايات‪ ،‬وهو ما أدى بالمشرع إلى إعادة النظر في هذه القاعدة‬
‫في إطار التعديل األخير‪ ،‬متجها إلى إقرار االستئناف في الجنايات‪ ،‬حيث أصبحت أحكام‬

‫‪ -1‬محند أمقران بو بشير‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز سعد‪ ،‬أصول اإلجراءات أمام محكمة الجنايات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربويااة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.19‬‬

‫‪152‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫محكمة الجنايات قابلة لالستئناف أمام محكمة الجنايات االستئنافية‪ ،‬ولقد انعقدت أول دورة‬
‫لمحكمة الجنايات االستئنافية في شهر ديسمبر من سنة ‪.2017‬‬
‫كما ورد في التعديل أن لالستئناف أثر ناقل للدعوى‪ ،‬حيث يعاد طرح الدعوى أمام‬
‫محكمة الجنايات االستئنافية بنفس نطاقها الذي نظرت فيه محكمة الجنايات االبتدائية‪ ،‬بما‬
‫يحمله هذا النطاق من عناصر قانونية وواقعية‪ ،‬فكل ما تملكه محكمة الدرجة األولى‬
‫(‪)1‬‬
‫تستطيع كذلك محكمة االستئناف التصدي له‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قاعدة االختصاص الزمني‬
‫من خالل االختصاص الزمني يمكن تحديد ما إذا كان بإمكان الجهات القضائية‬
‫متابعة الشركة التجارية بصفتها شخص معنوي على ارتكابها للجريمة‪ ،‬أم أن الجريمة‬
‫المرتكبة قد مسها التقادم‪ ،‬وهو ما يعرف بتقادم الدعوى العمومية‪ ،‬ويقصد بتقادم الدعوى‬
‫العمومية عدم استعمال تلك الدعوى أو انقطاع هذا االستعمال خالل مدة زمنية محددة من‬
‫تاريخ ارتكاب الجريمة أو من تاريخ االنقطاع والذي يترتب عليه انقضاء الدعوى العمومية‬
‫فال يجوز للنيابة العامة أو المدعي المدني تحريكها أو رفعها ومن ثمة تظل الجريمة التي‬
‫تقادمت دعواها دون عقاب‪ ،‬وفي حالة رفعها أمام محكمة الموضوع فتقرر تقادمها من تلقاء‬
‫نفسها لتعلق التقادم بالنظام العام‪ ،‬وقد أخذ المشرع الجزائري بمبدأ تدرج مدد التقادم حسب‬
‫وصفها‪ ،‬فالوصف يؤثر فقط على مدة التقادم الذي لم يحدد له ميعادا واحدا ثابتا‪ ،‬وهذا ما‬
‫نصت عليه المواد ‪ ،08 ،07‬و‪ 09‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬والتي حددت‬
‫مدة التقادم في الجنايات بانقضاء عشر (‪ )10‬سنوات كاملة وفي مواد الجنح بانقضاء ثالث‬
‫(‪ )3‬سنوات كاملة‪ ،‬وفي مواد المخالفات بانقضاء (‪ )2‬سنتين كاملتين‪ ،‬ووضع لهذه القاعدة‬
‫استثناء نص عليه في المادة ‪ 08‬مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وذلك بعدم إخضاع‬
‫نوع معين من الجرائم للتقادم مع األخذ بعين االعتبار القانون رقم ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز سعد ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪153‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫من الفساد ومكافحته الذي وضع أحكام مخالفة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 3/54‬منه‪،‬‬
‫وبدء سريان التقادم له عالقة بيوم اقتراف الجريمة أو بوقوع النتيجة باعتبارها مكملة لعناصر‬
‫الجريمة وقد يتراخى بدأه لسن معين يبلغه الضحية وهو ما نصت عليه المادة ‪ 08‬مكرر‪01‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وتقادم الدعوى العمومية يعد من القوانين الشكلية ومن ثم‬
‫تطبق القوانين بشأنها فور صدورها حتى على الجرائم التي ارتكبت قبل صدور القانون‬
‫الجديد على شرط أن ال يكون التقادم قد تحقق عند بدأ سريان القانون الجديد ألنه يصبح‬
‫للمتهم حق مكتسب واستقر االجتهاد القضائي الفرنسي على األثر الفوري لها حتى ولو كان‬
‫(‪)1‬‬
‫القانون الجديد أكثر شدة‪.‬‬
‫وحسم المشرع الفرنسي األمر بشأن انقضاء الدعوى العمومية بصدور قانون العقوبات‬
‫الفرنسي الجديد تجاه القوانين الشكلية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 2 - 112‬منه على أن ما يتعلق‬
‫بانقضاء الدعوى العمومية يخضع لألثر الفوري للقانون الجديد‪ ،‬وبالتالي فقد أخذ المشرع‬
‫الجزائري في االعتبار جسامة الجريمة عند تحديد مدة التقادم فإذا كانت الجريمة جناية‬
‫وإذا كانت جنحة‬ ‫(‪)2‬‬
‫تنقضي الدعوى العمومية بمرور عشر (‪ )10‬سنوات من تاريخ وقوعها‪،‬‬
‫تنقضي الدعوى بمضي ثالث (‪ )3‬سنوات‪ ،‬وإذا كانت مخالفة تنقضي بمضي سنتين‪ ،‬أي‬
‫أنه اعتمد على التقسيم الثالثي للجرائم المنصوص عليه في المادة ‪ 27‬من قانون العقوبات‪،‬‬
‫وقد أخذه بعين االعتبار لتحديد مدة التقادم إال أن هذا التقسيم قد يثير إشكاالت في حالة ما‬
‫إذا تم تطبيق ظروف التخفيف أو اقتران الجريمة بظروف التشديد وما ينجم عنه من تغيير‬
‫العقوبة المقررة وقد يؤدي إلى تغيير نوع الجريمة بدخول سبب التشديد وهذا ما يستدعي‬
‫(‪)3‬‬
‫الرجوع إلى المواد ‪ 29 ،28‬من قانون العقوبات ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون االجراءات الجزائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬فضيل العيش‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعملي‪ ،‬دار البدر‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ -3‬فضيل العيش ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪154‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد التحري والتحقيق‬


‫يهدف كل نظام لإلجراءات الجنائية إلى كفالة حق الدولة في عقاب الجاني‪ ،‬بقدر‬
‫اهتمامه بحماية األبرياء‪ ،‬وإذا كان هدف هذا النظام هو الوصول للحقيقة‪ ،‬من خالل‬
‫إجراءات مبسطة وسريعة تقل فيها الشكليات والعقبات‪ ،‬فإن طريق الحقيقة يكون محفوفا‬
‫بمخاطر االعتداء على حقوق األبرياء‪ ،‬وهو ما يلحق أشد الضرر بالمجتمع ويهدد االستقرار‬
‫فيه‪ ،‬ولذلك فإنه يجب أن يهدف النظام اإلجرائي أيضا إلى حماية حقوق األفراد وصيانة‬
‫حرياتهم‪ ،‬وهذه األهداف التي هي غاية كل نظام لإلجراءات الجنائية ترتبط على نحو وثيق‬
‫بدور سلطتي التحقيق واالتهام والحكم ومدى التوازن بين السلطات المختلفة في الدعوى‬
‫الجنائية‪ ،‬بحيث ال تنفرد إحداها باختصاصات على حساب األخرى‪ ،‬وعلة ذلك أن تركيز‬
‫السلطات في يد واحدة من شأنه أن يفضي إلى االستبداد والتعسف‪ ،‬وأن ينال من حقوق‬
‫األفراد وحرياتهم‪ ،‬كما أنه لن يفضي إلى تحقيق العدالة وكفالة حق الدولة في العقاب على‬
‫نحو صحيح‪ ،‬ألن الوصول إلى الحقيقة يقتضى توافر الحياد والموضوعية‪ ،‬وهو ما ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يتسنى إذا اجتمعت سلطات التحقيق واالتهام في يد واحدة دون رقابة فعالة‪.‬‬
‫لذلك نجد المشرع الجزائري تبنى نظاما إجرائيا جمع بين كال النظامين االتهامي‬
‫والتنقيبي ليعطي الفاعلية الالزمة للقواعد اإلجرائية الجزائية وهو ما سنتطرق إليه من خالل‬
‫تناول القواعد اإلجرائية المتعلقة بمتابعة الشركات التجارية سواء ما تعلق منها بإجراءات‬
‫التحري أو التحقيق‪.‬‬
‫أوال‪ :‬قواعد التحري‬

‫بالرغم من أهمية التحري إال أن المشرع الجزائري لم يضع له تعريفا محددا بل اكتفى‬
‫باإلشارة إليه من خالل قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 21‬فقرة ‪ 03‬منه على‬

‫‪ -1‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص‪.06‬‬

‫‪155‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أنه‪ :‬ويناط بالشرطة القضائية مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات‬
‫وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 22‬من القانون نفسه على أنه‪ :‬تكون إجراءات التحري والتحقيق‬
‫سرية ما لم ينص القانون على خالف ذلك‪ ،‬ودون إضرار بحقوق الدفاع ‪.‬‬
‫وقد عرف بعض الفقهاء التحري بأنه‪ :‬المعلومات والحقائق واألخبار واألدلة التي‬
‫تساعد على الوصول إلى معرفة موضوع معين‪ ،‬ووضوح معالمه‪ ،‬أو هو ‪ :‬إجراءات جمع‬
‫المعلومات التي تساعد على الوصول إلى الحقيقة فيما يتعلق بوقوع الجريمة ومرتكبيها‬
‫(‪)1‬‬
‫والمجني عليه فيه‪.‬‬
‫ويخضع التحري والبحث عن الجرائم ألساليب متنوعة منها ما هي عادية تمارس في‬
‫إطار البحث عن الجرائم العادية ومنها ما هو حديث تم تطويرها لمواكبة تطور أساليب‬
‫ارتكاب هذه الجرائم وهو ما يعرف بأساليب التحري الخاصة‪ ،‬وسميت باألساليب الخاصة‬
‫للتحري كون استخدامها فيه انتهاك للحرية الشخصية‪ ،‬فلم يعد األمر مقصو ار على التصنت‬
‫باألذن والرؤية بالعين المجردة وإنما باتت خصوصيات الفرد عارية أمام قدرة األجهزة الحديثة‬
‫على التقاط ونقل ما يدور بين الناس من خصوصيات عن بعد وبسهولة‪ ،‬وتحولت حياتنا‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى عالم شفاف وأصبحت أدق أس اررنا عارية يمكن ألي شخص مشاهدته‪.‬‬
‫‪ -1‬قواعد التحري العادية‬
‫بالعودة للمواد ‪ 18 ،17 ،13 ،12‬و‪ 20‬من قانون اإلجراءات الجزائية تتمثل هذه‬
‫السلطات واالختصاصات في‪:‬‬
‫‪ -‬تلقي الشكاوى والبالغات بشأن وقوع الجرائم‪،‬‬
‫‪ -‬إخطار وكيل الجمهورية بمجرد وصول نبأ ارتكاب الجريمة‪،‬‬

‫‪ -1‬مصطفى محمد الدغيدي‪ ،‬التحريات واإلثبات الجنائي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2006،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -2‬محمد آ مين الخرشة‪ ،‬مشروعية الصوت والصورة في اإلثبات الجنائي‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.42‬‬

‫‪156‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬االنتقال إلى مكان وقوع الجريمة والقيام بالمعاينة‪،‬‬


‫‪ -‬جمع االستدالالت عن الجرائم (كل ما من شأنه إثبات الجريمة)‪،‬‬
‫‪ -‬تفتيش المساكن وفق اإلجراءات القانونية‪ ،‬وهنا نشير إلى مقر الشركة‪،‬‬
‫‪ -‬ضبط أدوات الجريمة وكذا جميع األشياء المعتمدة استعمالها في الجريمة‪،‬‬
‫‪ -‬سماع أقوال األشخاص‪،‬‬
‫‪ -‬توقيف المشتبه فيه للنظر مدة ‪ 48‬ساعة قابلة للتجديد‪.‬‬
‫وتختتم كل األعمال المنجزة من طرف ضابط الشرطة القضائية بتحضير محضر‬
‫يرسل إلى وكيل الجمهورية‪ ،‬ولضابط الشرطة القضائية الحق باالستعانة بالقوة العمومية إن‬
‫لزم ذلك وذلك بعد الحصول على إذن مسبق من وكيل الجمهورية‪.‬‬
‫ويتولى أعوان الشرطة القضائية تقديم العون والمساعدة لضابط الشرطة القضائية في‬
‫مباشرة مهامه في حين اختصاصات األعوان والموظفين المكلفين ببعض مهام الضبطية‬
‫(‪)1‬‬
‫القضائية محددة بالجرائم المتعلقة بوظائفهم فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬قواعد التحري الخاصة‬
‫تتمثل إجراءات التحري الخاصة في ‪ :‬اعتراض المراسالت والتقاط الصور‪ ،‬التسرب‪،‬‬
‫التسليم المراقب والترصد االلكتروني‪.‬‬
‫أ‪ -‬اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‬
‫‪ -‬اعتراض المراسالت‬
‫نص عليها المشرع الجزائري في المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 5‬من قانون اإلجراءات الجزائية ولم‬
‫يورد لها تعريفا خاصا ويقصد بالمراسالت جميع الخطابات المكتوبة سواء أرسلت بطريق‬
‫البرق أو بواسطة رسول خاص‪ ،‬وكذلك المطبوعات‪ ،‬الطرود والبرقيات التي توجد لدى‬
‫مكاتب البريد سواء كانت داخل ظرف مغلق أو مفتوح وقد نص عليها المشرع الجزائري‬

‫‪ -1‬فضيل العيش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪157‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وحددها بتلك المراسالت التي تتم بواسطة االتصال السلكي والالسلكي‪ ،‬واستبعد الخطابات‬
‫الخطية التي تتم عن طريق البريد‪ ،‬ويتميز إجراء اعتراض المراسالت بخصائص‪ ،‬حيث يتم‬
‫خلسة دون علم ورضا الشخص المشتبه فيه‪ ،‬كما أن هذا اإلجراء يمس بحق الشخص في‬
‫سرية حديثه‪ ،‬فتغليبا للمصلحة العامة ولضمان السير الحسن للتحقيق قصد الوصول للحقيقة‬
‫(‪)1‬‬
‫كرس المشرع هذا اإلجراء‪.‬‬
‫‪ -‬تسجيل األصوات‬
‫يعرف التسجيل الصوتي بأنه‪ :‬التصنت على األحاديث الخاصة بشخص أو أكثر‬
‫مشتبه فيه‪ ،‬ويتطلب أمر المراقبة التصنت على المحادثات وسماعها ألنه من غير المتصور‬
‫مراقبة المحادثات ومتابعتها ومعاينتها دون التصنت عليها‪.‬‬
‫وقد نص عليه المشرع الجزائري في المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 5‬فقرة ‪ 02‬على أنه‪ :‬وضع‬
‫الترتيبات التقنية‪ ،‬دون موافقة المعنيين من أجل التقاط وتثبيت وبث وتسجيل الكالم المتفوه‬
‫باه ب صفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن خاصة أو عمومية‬
‫‪ ،...‬ومع التطورات الحاصلة في عصرنا الحالي ظهرت أجهزة يمكن من خاللها الحذف‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلضافة‪ ،‬والتغيير في الصوت وبمهارات عالية‪.‬‬
‫والتسجيل الصوتي فيه انتهاك لحقوق اإلنسان‪ ،‬وفي حرمة حياته الخاصة وفي هذا‬
‫الصدد تنص المادة ‪ 12‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة ‪ 1948‬على أنه‪ :‬يجب‬
‫أن ال يتعرض الفرد لتدخل مفروض في حياته الشخصية وعائلته‪ ،‬ويجب أال يتعرض لهجوم‬
‫على شرفه وسمعته‪ ،‬كما أن هناك العديد من االتفاقيات والمؤتمرات الدولية‪ ،‬تنص على‬

‫‪ -1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2016‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -2‬نصر الدين هنوني ودارين يقدح‪ ،‬الضبطية القضائية في القانون الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2011 ،‬ص‪.76‬‬

‫‪158‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وجوب وجود ضمانات قضائية كافية الستعمال التصنت والتسجيل الصوتي في التحريات‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫وهذا اإلجراء ال يكون إال بإذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة‬
‫وتحت مراقبتهما‪ ،‬كون هذا اإلجراء يعتبر اعتداء على الحياة الخاصة لألفراد ويتعارض‬
‫ومبادئ الدستور‪ ،‬فهو انتهاك لخصوصيات حياة األفراد‪ ،‬لذلك ال بد من إشراف جهة‬
‫قضائية على تنفيذه صونا للحياة الشخصية لألشخاص وتكريسا لدولة القانون‪ ،‬وعليه وبناء‬
‫ألحكام نص المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 7‬من قانون اإلجراءات الجزائية ال يتم اللجوء للتسجيل‬
‫الصوتي إال بإذن من وكيل الجمهورية‪ ،‬ويكون اإلذن مكتوبا ومتضمنا لكل العناصر التي‬
‫تسمح بالتعرف على االتصاالت المطلوب التقاطها واألماكن المقصودة‪ ،‬والجرائم التي تبرر‬
‫اللجوء إلى هذا اإلجراء ومدته‪ ،‬ويكون أيضا بناء على إذن من قاضي التحقيق وتحت‬
‫(‪)1‬‬
‫مراقبته المباشرة في حالة تم فتح تحقيق قضائي‪.‬‬
‫‪ -‬التقاط الصور‬
‫تعتبر عملية التقاط الصور من التقنيات المستحدثة التي جاء بها المشرع الجزائري‬
‫بخصوص أساليب التحري الخاصة‪ ،‬وهذا اإلجراء نصت عليه المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 5‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وقد عرفت اليوم تكنولوجيات التصوير تطو ار كبي ار من حيث تصنيع أجهزة صغيرة‬
‫الحجم وبتقنيات عالية يسهل حملها وتركيبها في كل مكان وبسهولة تامة‪ ،‬بل أكثر من ذلك‬
‫أصبحت هذه األجهزة يمكن لها التصوير في كل الظروف وحتى في الظالم الدامس من‬
‫خالل كاميرات تشتغل باألشعة تحت الحمراء‪ ،‬فالتصوير يثير مشكلة تتعلق بحماية حرية‬
‫الفرد وخصوصياته‪ ،‬لهذا ال بد من توفر شروط االلتقاط الصور ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬وجود إذن كتابي من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة‪ ،‬للقيام بإجراءات‬

‫‪ -1‬نصر الدين هنوني ودارين يقدح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪ -2‬محمد آمين الخرشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪159‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫التقاط الصور‪،‬‬
‫‪ -‬ال بد من وجود ضرورة ماسة تستدعي اللجوء إلى هذا اإلجراء‪ ،‬وهو وجود جريمة من‬
‫الجرائم السبعة‪ ،‬والتي نصت عليها المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 5‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫‪ -‬أن يكون اإلذن المتعلق بهذا اإلجراء مكتوبا ومحدد المدة تحت طائلة البطالن‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬أن يوجه األمر لضباط الشرطة القضائية وليس لألعوان‪.‬‬
‫ب‪ -‬التسرب‬
‫عرفت الجريمة في السنوات األخيرة تطو ار كبيرا‪ ،‬وازديادا في احترافية المجرمين من‬
‫خالل استعمال التكنولوجيات الحديثة في تنفيذ مخططاتهم اإلجرامية‪ ،‬ومحو آثار الجريمة‬
‫مما يصعب التعرف عليهم وكشفهم‪ ،‬وعلى هذا األساس أجاز المشرع الجزائري لضباط‬
‫الشرطة القضائية اختراق الجماعات اإلجرامية خاصة عندما تكون مخفية في شكل شركات‬
‫(‪)2‬‬
‫تجارية مما يزيد من تعقيد األمر وغموضه‪.‬‬
‫وقد عرف المشرع الجزائري التسرب من خالل نص المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 12‬فقرة‪ 1‬بأنه ‪:‬‬
‫قيام ضابط أو أعوان الشرطة القضائية‪ ،‬تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف‬
‫بتنسيق العملية‪ ،‬بمراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم بأنه فاعل‬
‫معهم أو شريك لهم أو خاف‪ ،‬ويتم اللجوء للتسرب في حالة وجود جريمة من الجرائم المشار‬
‫إليها في المادة ‪ 56‬مكرر ‪ 5‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ويشترط للقيام بعملية التسرب‪:‬‬
‫‪ -‬وجود إذن كتابي صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة للقيام‬
‫بعملية التسرب‪ ،‬ويكون اإلذن مسببا‪،‬‬
‫‪ -‬تحرير تقرير من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق عملية التسرب‪ ،‬حيث‬
‫يتضمن هذا التقرير العناصر الضرورية لمعاينة الجريمة محل التسرب‪،‬‬

‫‪ -1‬نصر الدين هنوني ودارين يقدح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪ -2‬مصطفى محمد الدغيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪160‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬ال تتجاوز مدة التسرب أربعة أشهر‪ ،‬ويمكن تجديدها حسب الحالة أو إيقافها في أي‬
‫(‪)1‬‬
‫مرحلة‪.‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري على التسرب في جرائم االختطاف التي نص عليها بموجب‬
‫تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم ‪ 15-20‬المؤرخ في ‪ 2020/12/30‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 16‬منه على أنه ‪ :‬مع مراعاة أحكام قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬يمكن وكيل الجمهورية أو‬
‫قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية‪ ،‬أن يأذن تحت رقابته لضابط الشرطة‬
‫القضائية‪ ،‬بالتسرب اإللكتروني إلى منظومة معلوماتية أو نظام اتصاالت اإللكترونية أو‬
‫أكثر‪ ،‬قصد مراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها‬
‫في هذا القانون‪ ،‬وذلك بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم‪ ،‬ويمنع على ضابط الشرطة‬
‫القضائية تحت طائلة بطالن اإلجراءات‪ ،‬إتيان أي فعل أو تصرف بأي شكل من األشكال‬
‫(‪)2‬‬
‫من شأنه تحريض المشتبه فيهم على ارتكاب الجريمة بغرض الحصول على دليل ضدهم‪.‬‬
‫ج‪ -‬التسليم المراقب‬
‫عرفه المشرع الجزائري بنص المادة ‪ 2‬فقرة "ك" من القانون رقم ‪ 01-06‬المتعلق‬
‫بالوقاية من الفساد ومكافحته بأنه ‪ :‬اإلجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة‬
‫بالخروج من اإلقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم السلطات المختصة وتحت‬
‫مراقبتها بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية األشخاص الضالعين في ارتكابه"‪ ،‬وعليه‬
‫فإن التسليم المراقب هو إجراء من إجراءات التحري‪ ،‬تقوم به السلطات المختصة بإذن من‬
‫وكيل الجمهورية‪ ،‬وذلك بالسماح للشاحنات المحملة بالبضائع المشبوهة أو غير المشروعة‬

‫‪ -1‬نصر الدين هنوني ودارين يقدح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 16‬من القانون ‪ 15 – 20‬المؤرخ في ‪ 2020/12/30‬المتعلق بالوقاية من جرائم اختطاف األشخاص‬
‫ومكافحتها ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 81‬لسنة ‪.2020‬‬

‫‪161‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫بالدخول أو الخروج من التراب الوطني‪ ،‬والقيام بعملية تسليم تلك البضائع إلى أصحابها‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويكون التسليم تحت المراقبة قصد كشف هوية المجرمين‪.‬‬
‫د‪ -‬الترصد اإللكتروني‬
‫هو أسلوب من أساليب التحري الخاصة المنصوص عليها ضمن القانون رقم ‪01-06‬‬
‫المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬وهذا اإلجراء تمت اإلشارة إليه في نص المادة ‪65‬‬
‫من القانون رقم ‪ 01-06‬المتعلق بالوقاية من مكافحة الفساد ومكافحته على أنه ‪ :‬من أجل‬
‫تسهيل جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يمكن اللجوء إلى‬
‫التسليم المراقب‪ ،‬واتباع أساليب تحري خاصة كالترصد اإللكتروني واالختراق على النحو‬
‫المناسب‪ ،‬وبإذن من السلطة القضائية المختصة‪.‬‬
‫وبالرجوع للقانون المقارن نجد أن المشرع الفرنسي قد أدرج الترصد اإللكتروني في‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ويقتضي هذا األسلوب اللجوء إلى استعمال جهاز إرسال يكون‬
‫(‪)2‬‬
‫سوار إ لكترونيا في غالب األحيان يسمح بترصد حركة المعني واألماكن التي يتردد عليها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قواعد التحقيق‬
‫إن الغرض من التحقيق االبتدائي هو جمع أدلة الجريمة التي تدين الشركة التجارية‬
‫المتهمة بكل الطرق الشرعية وإحالتها إلى المحكمة المختصة لتتم المحاكمة طبقا للقانون‬
‫وهذا التحقيق هو وجوبي وإلزامي في الجنايات وجوازي في الجنح كما يجوز إجراؤه في‬
‫(‪)3‬‬
‫المخالفات إذا رأى وكيل الجمهورية بدا لذلك‪.‬‬
‫والتحقيق يخضع لمجموعة من اإلجراءات سواء على مستوى الدرجة األولى (قاضي‬
‫التحقيق)‪ ،‬أو على مستوى الدرجة الثانية (غرفة االتهام)‪ ،‬وعليه‪:‬‬

‫‪ -1‬مصطفى محمد الدغيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ -3‬جياللي بغدادي‪ ،‬التحقيق – دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية‪ ،-‬الطبعة الثانية‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال‬
‫التربوية‪ ،‬الجزائر‪ ،1999 ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪162‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -1‬إجراءات التحقيق مع الشركة التجارية أمام قاضي التحقيق‬


‫يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون‪ ،‬باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية‬
‫للكشف عن الحقيقة‪ ،‬بالتحري عن أدلة االتهام وأدلة النفي‪ ،‬سواء كانت في صالح المتهم‬
‫أو في غير صالحه‪ ،‬ويحرر نسخة من هذه اإلجراءات‪ ،‬فيشكل ملفا للتحقيق مستوفيا‬
‫لإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬وإذا وجد بإحدى المحاكم عدة قضاة تحقيق فإن وكيل‬
‫الجمهورية يعين لكل ملف تحقيق قاضي يكلف بإجرائه‪ ،‬كما يجوز إلحاق عدة قضاة تحقيق‬
‫آخرين بالقاضي المكلف بالتحقيق إذا تطلبت خطورة القضية أو تشعبها ذلك‪ ،‬إما عند فتح‬
‫(‪)1‬‬
‫التحقيق أو بناءا على طلب من القاضي المكلف بالتحقيق أثناء سير اإلجراءات‪.‬‬
‫واختصاصات قاضي التحقيق تأتي سواء في شكل أعمال أو أوامر‪.‬‬
‫أ‪ -‬أعمال قاضي التحقيق‬
‫يمكن لقاضي التحقيق القيام بأي إجراء يراه مناسبا للتحقيق مع الشركة التجارية الممثلة‬
‫من قبل ممثلها القانوني أو الممثل القضائي عند االقتضاء‪ ،‬إذ يمكنه استجوابه من خالل‬
‫مواجهته بالتهمة المنسوبة للشركة التجارية ومناقشته فيها مناقشة تفصيلية ومواجهته باألدلة‬
‫القائمة ضد الشركة ومطالبته بإبداء رأيه فيها‪ ،‬كما يمكنه مواجهته بغيره وجها لوجه طبقا‬
‫(‪)2‬‬
‫لإلجراءات المنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫غير أنه يبدو من غير المنطق أن يستجوب ممثل الشركة بصفته متهما في الجريمة‬
‫وإنما يستجوب فقط بصفته ممثال عنها‪ ،‬كما يمكن لقاضي التحقيق حينما يتعلق األمر‬
‫بجريمة مرتكبة لحساب الشركة من قبل أجهزتها أو ممثليها الشرعيين أن يقوم باستدعاء‬
‫الشهود وسماعهم‪ ،‬باإلضافة إلى سماع الطرف المدني في حالة تقديم شكوى مصحوبة‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.467‬‬
‫‪ -2‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬

‫‪163‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫بادعاء مدني أو تأسيسه أمام قاضي التحقيق بعد أن يتصل هذا األخير بطلب النيابة‬
‫االفتتاحي إلجراء التحقيق‪.‬‬
‫كما يمكن لقاضي التحقيق في إطار البحث عن الجريمة المرتكبة في إطار متابعة‬
‫الشركة التجارية‪ ،‬أن ينتقل إلى مكان وقوع الجريمة للمعاينة والتفتيش وضبط ما قد يعثر‬
‫عليه من آثار وسماع ما قد يجده من شهود في عين المكان‪ ،‬ويمكنه أيضا القيام بالحجز‬
‫(‪)1‬‬
‫والتصرف في أدلة اإلقناع التي قد يتركها الممثل الشرعي في موقع الجريمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أوامر قاضي التحقيق‬
‫تختلف أوامر قاضي التحقيق حسب المرحلة التي يكون عليها التحقيق وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أوامر قاضي التحقيق في بداية التحقيق‬
‫يتخذ قاضي التحقيق أثناء افتتاح التحقيق بموجب األمر االفتتاحي عدة أوامر نوردها‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬األمر بعدم اإلختصاص‬
‫يتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية إما عن طريق الطلب االفتتاحي المكتوب‬
‫الذي يحرره وكيل الجمهورية وإما بشكوى مصحوبة بادعاء مدني يقيدها المضرور من‬
‫الجريمة‪ ،‬أو بإعادة الملف من غرفة االتهام‪ ،‬وفي هذه الحالة يقوم قاضي التحقيق بالبت في‬
‫مدى اختصاصه موضوعيا‪ ،‬محليا وشخصيا‪ ،‬فإذا رأى بأنه غير مختص أصدر أم ار بعدم‬
‫(‪)2‬‬
‫االختصاص‪.‬‬
‫‪ -‬األمر برفض التحقيق‬
‫يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر أمره برفض التحقيق ولو لمجرد االطالع على‬
‫الوثائق المحالة إليه وذلك في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.275‬‬
‫‪ -2‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.280‬‬

‫‪164‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬إذا كانت الوقائع ال تقبل المتابعة وألسباب تخص الدعوى العمومية (كتوافر سبب من‬
‫أسباب انقضائها "التقادم مثال" أو كأن يكون المتهم يتمتع بحصانة‪ ،‬أو وجود سبب معفي‬
‫من المسؤولية وكذا سبب معفي من العقوبة)‪،‬‬
‫‪ -‬إذا تبين أن الوقائع المنسوبة إلى ال متهم ال تقبل أي وصف جنائي كالمتابعة عن الشروع‬
‫في المخالفة أو المتابعة لتحصيل دين مدني‪،‬‬
‫‪ -‬كأن يكون تحريك الدعوى معلق على شكوى وتخلف هذا اإلجراء‪.‬‬
‫مثال ذلك الجرائم الضريبية التي تتطلب شكوى من مدير الوالئي للضرائب أو مدير‬
‫كبريات المؤسسات حسب الحالة طبقا لقانون اإلجراءات الجبائية‪ ،‬أو جرائم السرقة والنصب‬
‫وخيانة األمانة بين األقارب واألصهار إلى غاية الدرجة الرابعة طبقا لنص المادة ‪ 369‬من‬
‫قانون العقوبات‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬إذا كان االدعاء مدنيا غير مقبول شكال النعدام األهلية أو الصفة أو المصلحة‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بعدم قبول االدعاء المدني‬
‫إذا كان االدعاء المدني غير مقبول شكال النعدام شروط رفع الدعوى وهي الصفة‬
‫والمصلحة واألهلية‪ ،‬أو عدم إيداع المدعي المدني لدى كتابة الضبط المبلغ المقدر لزوما‬
‫لمصاريف الدعوى وفق أحكام المادة ‪ 75‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬أو عدم اختيار‬
‫موطن ضمن دائرة اختصاص قاضي التحقيق‪ ،‬أو إذا تخلف المدعي مدنيا عن الحضور‬
‫أمام قاضي التحقيق لسماع ادعائه‪ ،‬أو كانت الوقائع المدعى بها ال تحمل وصفا جزائيا‬
‫(‪)2‬‬
‫وإنما هي من طبيعة مدنية‪ ،‬أمر قاضي التحقيق بعدم قبول االدعاء المدني‪.‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -2‬عمر قادري‪ ،‬أطر التحقيق‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص‪.278‬‬

‫‪165‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬األمر بالتخلي عن التحقيق لصالح قاضي تحقيق آخر‬


‫تنص المادة ‪ 40‬من قانون اإلجراءات الجزائية على معايير تحديد اختصاص قاضي‬
‫التحقيق وهي ‪ :‬مكان وقوع الجريمة‪ ،‬مكان وجود محل إقامة المتهم ومكان اإللقاء القبض‬
‫على المتهم‪ ،‬وبذلك يمكن أن يتقاسم االختصاص المحلي أكثر من قاضي تحقيق‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة يصدر أحدهما أم ار بالتخلي عن التحقيق في الدعوى لصالح قاضي التحقيق اآلخر‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫شرط حصول اتفاق بينهما وهذا تفاديا لنشوء تنازع في االختصاص‪.‬‬
‫‪ -‬أوامر قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق‬
‫أهم األوامر التي يصدرها قاضي التحقيق أثناء سير التحقيق هي‪ :‬األمر باإلحضار‪،‬‬
‫األمر بالقبض‪ ،‬األمر باإليداع في المؤسسة العقابية‪.‬‬
‫‪ -‬األمر باإلحضار‬
‫عرفته المادة ‪ 110‬من قانون اإلجراءات الجزائية بأنه األمر الذي يصدره قاضي‬
‫التحقيق للقوة العمومية القتياد المتهم أمامه على الفور ويتعين على عون القوة العمومية أو‬
‫(‪)2‬‬
‫الشرطة القضائية عرض هذا األمر على المتهم وتسليمه نسخة منه‪.‬‬
‫وإذ ا كان المتهم محبوسا من قبل لداع آخر فيجوز تبليغ األمر إليه بمعرفة المشرف‬
‫رئيس مؤسسة إعادة التربية الذي يبلغه نسخة منه‪ ،‬ويجوز في حال االستعجال إذاعة األمر‬
‫بجميع الوسائل ويجب في هذه الحالة إيضاح جميع البيانات الجوهرية المبينة في أصل‬
‫األمر وباألخص هوية المتهم ونوع التهمة واسم وصفة رجل القضاء الذي أصدر األمر‬
‫ويوجه أصل األمر في أقرب وقت ممكن إلى الضابط المكلف بتنفيذه كل ذلك وفقا لنص‬
‫المادة ‪ 111‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وأمر اإلحضار يجب أن يتضمن البيانات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬التحقيق القضائي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.125‬‬


‫‪ -2‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.279‬‬

‫‪166‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬هوية المتهم‪ ،‬ذكر الوقائع المنسوبة إليه (التهم) مع المواد القانونية المتعلقة بها‪ ،‬التاريخ‬
‫والتوقيع من قبل قاضي التحقيق وإمهاره بختمه وتأشيرة وكيل الجمهورية عليه‪.‬‬
‫ويجب أن يستجوب في الحال كل من سيق أمام قاضي التحقيق تنفيذا ألمر إحضار‬
‫بمساعدة محاميه‪ ،‬فإذا تعذر استجوابه على الفور‪ ،‬قدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من‬
‫قاضي المكلف بالتحقيق وفي حالة غيابه فمن أي قاض آخر من قضاة هيئة القضاء أن‬
‫يقوم باستجواب المتهم في الحال وإال أخلي سبيله طبقا لنص المادة ‪ 112‬من قانون‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بالقبض‬
‫إذا رفض المتهم االمتثال ألمر اإلحضار وحاول الهروب تعين على العون إحضاره‬
‫بطريق القوة طبقا لنص المادة ‪ 116‬قانون اإلجراءات الجزائية واألمر بالقبض نصت عليه‬
‫المادة ‪ 119‬من قانون اإلجراءات الجزائية حيث يتضمن هذا األمر إيقاف المتهم واعتقاله‬
‫ويصدر هذا األمر ويتم إفراغه بطريقتين‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة األولى‬
‫ضد المتهم الهارب من العدالة أو المقيم خارج الوطن والهدف من هذا األمر هو‬
‫استجواب المتهم من طرف قاضي التحقيق وإذا تعذر استجوابه في الحال بسبب غياب‬
‫قاضي التحقيق يودع المتهم في إحدى المؤسسات العقابية بحيث ال يجوز حجزه لمدة تزيد‬
‫على ‪ 48‬ساعة وبعد انقضاء هذه المدة يقوم مدير المؤسسة العقابية بتسليم المتهم إلى وكيل‬
‫الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق أو أي قاضي من قضاة المحكمة إجراء‬
‫االستجواب وإال أخلي سبيل المتهم‪ ،‬وإذا استمر الحجز ألكثر من ‪ 48‬ساعة دون استجواب‬
‫المتهم أصبح حج از تعسفيا وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 121‬قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.468‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪167‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬الحالة الثانية‬
‫إذا وجد المتهم خارج دائرة اختصاص المحكمة التي يعمل بها قاضي التحقيق اآلمر‬
‫فقد نصت المادة ‪ 114‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬على أنه يساق إلى وكيل الجمهورية‬
‫بالمكان الذي وقع فيه القبض‪ ،‬ويقوم هذا األخير باستجوابه عن هويته ويتلقى أقواله بعد أن‬
‫ينبهه بأنه حر في عدم اإلدالء باأقواله‪ ،‬ويثبت ذلك في محضر التحقيق ثم يأمر بتحويله‬
‫حيث يوجد قاضي التحقيق المنظورة أمامه القضية‪ ،‬فإذا اعترض المتهم على تحويله وأبدى‬
‫احتجاجات جدية رأى وكيل الجمهورية أنها تدحض التهمة‪ ،‬يقتاد المتهم إلى مؤسسة إعادة‬
‫التربية ويبلغ في الحال وبأسرع الوسائل قاضي التحقيق المختص‪ ،‬ويرسل محضر اإلحضار‬
‫بدون تمهل إلى قاضي التحقيق المذكور متضمنا وصفا كامال ومعه كافة البيانات الخاصة‬
‫التي تساعد على ال تعرف على هوية المتهم أو تحقيق الحجج التي أدلى بها‪ ،‬ويقرر قاضي‬
‫التحقيق إما إخالء سبيل المتهم وذلك إذا تبين مثال أنه ليس هو المطلوب إحضاره‪ ،‬وإما‬
‫(‪)1‬‬
‫األمر بنقله إليه‪.‬‬
‫وال يجوز للمكلف بتنفيذ أمر بالقبض أن يدخل مسكن أي مواطن قبل الساعة الخامسة‬
‫صباحا وال بعد الساعة الثامنة مساءا‪ ،‬وله أن يصطحب معه قوة كافية لكي ال يتمكن المتهم‬
‫من اإلفالت من سلطة القانون وتؤخذ هذه القوة من أقرب جهة للمكان الذي يتعين فيه تنفيذ‬
‫أمر القبض‪ ،‬ويتعين على هذه القوة االمتثال لما تضمنه أمر القبض من طلبات وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 122‬فقرة ‪ 1‬قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫أما إذا تعذر القبض على المتهم فإن أمر القبض يبلغ بتعليقه في المكان الكائن به‬
‫آخر محل لمسكن المتهم ويحرر محضر بتفتيشه ويكون تحرير هذا المحضر بحضور اثنين‬
‫من أقرب جيران المتهم اللذين تسنى لحامل األمر العثور عليهما‪ ،‬ويوقعان على المحضر‬

‫‪ -1‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.280‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 122‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ 03-82‬المؤرخ في ‪ ، 1982/02/13‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 07‬لسنة ‪.1982‬‬

‫‪168‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫مع الطلب الذي وجه لهما‪ ،‬وبعد ذلك يقدم حامل األمر بالقبض هذا المحضر إلى محافظ‬
‫الشرطة أو قائد فرقة الدرك للتأشير عليه‪ ،‬وفي حال غيابهما أو عدم وجودهما فإلى ضابط‬
‫شرطة قسم األمن الحضري‪ ،‬ويترك له نسخة من األمر وبعد ذلك يرفع أمر القبض‬
‫(‪)1‬‬
‫والمحضر إلى القاضي‪.‬‬
‫وعادة في حالة عدم التمكن من تنفيذ األمر بالقبض يتم تحرير محضر بحث بدون‬
‫جدوى‪.‬‬
‫‪ -‬األمر باإليداع‬
‫عرفته المادة ‪ 117‬من قانون اإلجراءات الجزائية بأنه ذلك األمر الذي يصدره قاضي‬
‫التحقيق إلى مدير المؤسسة العقابية الستالم المتهم ووضعه رهن الحبس المؤقت وال يصدر‬
‫هذا األمر إال بعد‪:‬‬
‫‪ -‬القيام باستجواب المتهم‪،‬‬
‫‪ -‬أن تكون الجريمة لها وصف جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس‪،‬‬
‫‪ -‬أن يصدر هذا األمر تنفيذا ألمر الحبس المؤقت‪.‬‬
‫ويجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق إصدار األمر باإليداع في‬
‫مؤسسة عقابية غير أن قاضي التحقيق له أن يرفض بأمر مسبب وهذا ما نصت عليه‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 118‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بالوضع في الحبس المؤقت‪:‬‬
‫وهو الذي نصت عليه المواد من ‪ 123‬إلى ‪ 125‬قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث‬
‫يعتبر الحبس المؤقت إجراء من إجراءات التحقيق االبتدائي‪ ،‬وهو اخطرها ألنه يمس بحرية‬
‫المتهم الذي يتمتع بقرينة البراءة من جهة‪ ،‬وأنه ال يجوز حبس الشخص إال بعد صدور حكم‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.98‬‬

‫‪169‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫باإلدانة من جهة أخرى‪ ،‬لذلك اعتبره المشرع إجراء استثنائيا فوضع له مبررات وضمانات‬
‫تتعلق خاصة بالمدة‪.‬‬
‫والحبس المؤقت هو سلب حرية المتهم لمدة محددة قانونا بعد فتح التحقيق معه وإيداعه‬
‫في المؤسسة العقابية (مؤسسة الوقاية أو مؤسسة إعادة التربية) القريبة من دائرة اختصاص‬
‫المح كمة التابع لها قاضي التحقيق بموجب أمر الوضع في الحبس المؤقت ومذكرة إيداع‪.‬‬
‫ويعتبر الحبس المؤقت هو أخطر إجراءات التحقيق االبتدائي فهو يمس بحرية المتهم‬
‫لذلك وضع المشرع ضمانات تتعلق بالمدة أساسا للحد من تعسف قاضي التحقيق وهذه المدة‬
‫تختلف باختالف نوع الجريمة ومقدار العقوبة‪ ،‬حيث أصل مدة الحبس المؤقت هي ‪04‬‬
‫أشهر قابلة للتجديد وهو ما نصت عليه المادة ‪ 125‬فقرة ‪ 1‬وبصفة استثنائية يمكن أن تكون‬
‫أقل أو أكثر‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -‬بالنسبة للجنح‬
‫الجنح التي تكون العقوبة المقرة لها قانونا ال تتجاوز سنتين فمدة الحبس المؤقت هي‬
‫‪ 20‬يوم غير قابلة للتجديد‪ ،‬بمعنى آخر أنه بمجرد انتهاء هذه المدة يجب على قاضي‬
‫التحقيق اإلفراج على المتهم بقوة القانون وإال تعرض إلى كل أنواع المسؤولية (حبس تعسفي)‬
‫وال بد من توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون للمتهم موطنا مستق ار في الجزائر‪،‬‬
‫‪ -‬أال يكون قد حكم عليه من قبل في جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس‬
‫تزيد على ثالثة أشهر بغير وقف التنفيذ‪.‬‬
‫أما الجنح التي تزيد عقوبتها عن سنتين وتقل عن ثالث سنوات تصبح أربعة أشهر‬
‫غير قابلة للتجديد‪.‬‬

‫‪ -1‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.281‬‬

‫‪170‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وأما الجنح التي تزيد عقوبتها عن ثالثة سنوات تكون مدة الحبس المؤقت ‪ 04‬أربعة‬
‫أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة ويتم تمديد المدة من طرف قاضي التحقيق بموجب أمر‬
‫(‪)1‬‬
‫مسبب بعد استطالع رأي وكيل الجمهورية‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للجنايات‬
‫مدة الحبس المؤقت هي ‪ 04‬أشهر بحيث يجوز لقاضي التحقيق تمديد المدة إذا دعت‬
‫مقتضيات التحقيق ذلك بموجب أمر مسبب بعد استطالع رأي وكيل الجمهورية وهنا نميز‬
‫بين أربع حاالت وهي‪:‬‬
‫شهر إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت‬
‫ا‬ ‫‪ -‬يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى ‪16‬‬
‫ما بين ‪ 05‬و‪ 20‬سنة‪ 4 ،‬أشهر أصلية ‪ +‬تمديد ثالث مرات‪،‬‬
‫‪ -‬يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى ‪ 20‬شه ار إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت‬
‫الذي يزيد عن ‪ 20‬سنة أو السجن المؤبد أو اإلعدام‪ 4 ،‬أشهر أصلية ‪ +‬تمديد أربع مرات‪،‬‬
‫‪ -‬يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى ‪ 36‬شهر إذا كانت الجناية موصوفة بأنها أفعال‬
‫إرهابية أو تخريبية‪ 4 ،‬أشهر أصلية ‪ +‬تمديد ثمانية مرات‪،‬‬
‫‪ -‬يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى ‪ 60‬شهر بالنسبة للجناية المنظمة عبر للحدود‬
‫الوطنية‪ ،‬وهنا يرسل قاضي التحقيق الطلب المسبب مع أوراق الملف إلى النائب العام لدى‬
‫المجلس القضائي الذي يهيئ القضية خالل ‪ 05‬أيام من تاريخ استالمه الطلب ويقدمها إلى‬
‫غرفة االتهام التي تصدر ق اررها قبل انتهاء مدة الحبس الجاري‪ 4 ،‬أشهر أصلية ‪ +‬تمديد‬
‫أربعة عشر مرة‪.‬‬
‫وإذا كانت العقوبة هي ‪ 20‬سنة أو يزيد على ذلك أو السجن المؤبد وإذا كانت العقوبة‬
‫هي السجن المؤقت الذي يتراوح ما بين ‪ 05‬و‪ 20‬سنة أو اإلعدام يجوز لغرفة االتهام تميد‬
‫مدة الحبس المؤقت مرة واحد ة فقط أما إذا كنا بصدد جناية موصوفة بأنها أفعال إرهابية‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪171‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وتخريبية أو بصدد جناية عابرة للحدود الوطنية يجوز لغرفة االتهام تمديد مدة الحبس‬
‫(‪)1‬‬
‫المؤقت ثالث مرات‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بالوضع تحت التزامات الرقابة القضائية‪:‬‬
‫استحدثت الرقابة القضائية بموجب القانون رقم ‪ 24-90‬المؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪1990‬‬
‫المعدل لقانون اإلجراءات الجزائية إذ اعتبرها المشرع كبديل للحبس المؤقت بحيث يجوز‬
‫لقاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى المتهم معاقب‬
‫عليها بالحبس أو بعقوبة أشد (جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس) وتتضمن الرقابة‬
‫القضائية مجموعة من االلتزامات يخضع المتهم إلى واحد منها أو أكثر وتتمثل حسب المادة‬
‫‪ 125‬مكرر ‪ 1‬من قانون اإلجراءات الجزائية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم مغادرة الحدود اإلقليمية التي حددها قاضي التحقيق إال بإذن منه‪،‬‬
‫‪ -‬عدم الذهاب إلى بعض األماكن التي حددها قاضي التحقيق‪،‬‬
‫‪ -‬المثول دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من قاضي التحقيق‪،‬‬
‫‪ -‬تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع‬
‫إلى ترخيص‪،‬‬
‫‪ -‬عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة بسبب ممارستها‪،‬‬
‫‪ -‬االمتناع عن االتصال ورؤية بعض األشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق‪،‬‬
‫‪ -‬الخضوع إلى فحص أو عالج إذا تعلق األمر باإلدمان بغرض إزالة التسمم‪،‬‬
‫‪ -‬إيداع نماذج الصكوك لدى كتابة ضبط المحكمة بحيث ال يجوز استعمالها إال بناءا على‬
‫ترخيص من قاضي التحقيق‪.‬‬
‫وكذلك يجوز لقاضي التحقق في أي مرحلة من المراحل أن يعدل من هذه االلتزامات‬
‫(‪)1‬‬
‫بأن يضيف التزاما أو يلغيه‪.‬‬

‫‪ -1‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬

‫‪172‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫كما يمكن لقاضي التحقيق رفع الرقابة القضائية سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على‬
‫طلب من وكيل الجمهورية أو من محامي المتهم وفي هذه الحالة يجب على قاضي التحقيق‬
‫استطالع رأي وكيل الجمهورية‪ ،‬ويفصل قاضي التحقيق في طلب رفع الرقابة القضائية‬
‫المقدم من محامي المتهم في أجل ‪ 15‬يوم من تاريخ تقديم الطلب‪ ،‬وفي حالة عدم البت في‬
‫هذا الطلب خالل هذا األجل يلجأ المتهم مباشرة إلى غرفة االتهام ولهذه األخيرة ‪ 20‬يوم‬
‫إلصدار قرارها وال يجوز للمتهم تجديد طلب رفع الرقابة القضائية إال بعد انتهاء مهلة شهر‬
‫من تاريخ رفض الطلب األول من غرفة االتهام وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 125‬مكرر ‪2‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫وتدخل الرقابة القضائية حيز التنفيذ والتطبيق ابتداء من التاريخ الذي يحدده قاضي‬
‫التحقيق في األمر وتنتهي الرقابة القضائية عندما يصدر قاضي التحقيق أمر بأال وجه‬
‫للمتابعة أما إذا أصدر قاضي التحقيق أم ار بإحالة الدعوى على المحكمة يبقى المتهم تحت‬
‫التزامات الرقابة القضائية إلى أن ترفعها المحكمة التي أحيلت عليها الدعوى وهذا ما نصت‬
‫(‪)2‬‬
‫عليه المادة ‪ 125‬مكرر ‪ 3‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫وهذه اإلجراءات تخص ممثل الشركة التجارية أي الشخص الطبيعي‪ ،‬غير أن المشرع‬
‫حين تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة ‪ ،2004‬نص على أحكام خاصة بالشخص‬
‫المعنوي وبالتبعية الشركة التجارية حيث أقر أنه يجوز لقاضي التحقيق إخضاع الشخص‬
‫المعنوي لتدبير أو أكثر من التدابير التالية ‪ :‬إيداع كفالة تقديم تأمينات عينية لضمان حقوق‬
‫الضحية المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع مع مراعاة حقوق الغير‪ ،‬وكذا‬
‫المنع من ممارسة بعض النشاطات المهنية أو االجتماعية المرتبطة بالجريمة‪ ،‬وعند مخالفة‬

‫‪ -1‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.285‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.260‬‬

‫‪173‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫هذه التدابير يتعرض الشخص المعنوي لغرامة مالية كعقوبة على المخالفة بأمر من قاضي‬
‫(‪)1‬‬
‫التحقيق‪ ،‬بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية‪.‬‬
‫‪ -‬أوامر قاضي التحقيق عند انتهاء التحقيق‬
‫عندما ينتهي قاضي التحقيق من كل إجراءات التحقيق االبتدائي يرسل الملف إلى‬
‫وكيل الجمهورية لتقديم طلباته خالل مهلة ‪ 10‬أيام (األمر باإلبالغ بانتهاء التحقيق) وعلى‬
‫إثر ذلك يصدر قاضي التحقيق إما أم ار بأال وجه للمتابعة طبقا لنص المادة ‪ 163‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية وإما أم ار باإلحالة على محكمة الجنح طبقا لنص المادة ‪ 164‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية وإما أمر بإرسال المستندات إلى النائب العام طبقا لنص المادة ‪ 166‬من‬
‫نفس القانون‪.‬‬
‫‪ -‬األمر بأال وجه للمتابعة‬
‫إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع ال تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو أنه ال توجد‬
‫دالئل كافية ضد المتهم أو كان مقترف الجريمة ما يزال مجهوال‪ ،‬أصدر أم ار بأال وجه‬
‫للمتابعة في حق المتهم‪ ،‬ويخلي سبيل المتهمين المحبوسين مؤقتا في الحال إال إذا حصل‬
‫استئناف من طرف وكيل الجمهورية ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر طبقا لنص المادة‬
‫‪ 163‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي عدلت باألمر رقم ‪ 02-15‬أين أصبحت تنص‬
‫على إخالء سبيل المتهمين المحبوسين رغم استئناف وكيل الجمهورية ما لم يكونوا محبوسين‬
‫(‪)2‬‬
‫لسبب آخر‪.‬‬
‫والحاالت التي يصدر فيها األمر بأال وجه للمتابعة هي‪:‬‬
‫‪ -‬توافر سبب من أسباب اإلباحة‪،‬‬
‫‪ -‬توافر مانع من موانع المسؤولية الجنائية‪،‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 04‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬أضيفت بالقانون رقم ‪ ،14-04‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 163‬من األمر رقم ‪ ،155-66‬معدلة باألمر رقم ‪ 02-15‬المؤرخ في‪ ،2015/07/23‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 40‬لسنة ‪.2015‬‬

‫‪174‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬توافر مانع من موانع العقاب‪،‬‬


‫‪ -‬انقضاء الدعوى العمومية ألي سبب من األسباب‪،‬‬
‫‪ -‬إذا كانت األدلة التي جمعت غير كافية إلدانة المتهم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬إذا كان المتهم ال يزال مجهوال‪.‬‬
‫ويترتب على األمر بأال وجه للمتابعة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اإلفراج على المتهم إذا كان محبوس مؤقتا‪،‬‬
‫‪ -‬رفع الرقابة القضائية ورد األشياء المضبوطة ما لم يكن حيازتها يشكل جريمة وتصفية‬
‫المصاريف القضائية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن األمر بأال وجه للمتابعة ليس نهائيا إذ يمكن استئنافه خالل مدة ‪10‬‬
‫أيام من طرف وكيل الجمهورية‪ ،‬كما أنه يمكن فتح تحقيق من جديد طوال مدة تقادم الدعوى‬
‫العمومية متى ظهرت أدلة جديدة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -‬األمر باإلحالة إلى محكمة الجنح والمخالفات‪:‬‬


‫هنا األمر يختلف باختالف نوع الجريمة فإذا تبين بأن الوقائع المنسوبة إلى المتهم‬
‫تشكل ج نحة أو مخالفة يصدر قاضي التحقيق أمر بإحالة الملف على محكمة الجنح‬
‫والمخالفات مباشرة بحيث يرسل األمر وملف الدعوى إلى وكيل الجمهورية الذي يحيله بدوره‬
‫إلى كتابة ضبط المحكمة وعند جدولة الملف أمام قسم الجنح أو المخالفات يتم تكليف‬
‫المتهم بالحضور مع تحديد تاريخ انعقاد الجلسة‪ ،‬ونصت على هذا األمر المادة ‪ 164‬من‬
‫(‪)3‬‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.261‬‬
‫‪ -2‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪175‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬األمر بإرسال المستندات إلى النائب العام‬


‫إذا تبين لقاضي التحقيق بأن الوقائع تشكل بوصفها جناية يصدر أمر بإرسال‬
‫مستندات القضية إلى النائب العام لدى المجلس القضائي الذي يحيله بدوره إلى غرفة االتهام‬
‫باعتبارها جهة تحقيق درجة ثانية وتقوم هذه األخيرة بدراسة الملف على مستواها ويمكن لها‬
‫أن تصدر أحد الق اررين إما قرار بإلغاء أمر إرسال المستندات والقضاء من جديد بأال وجه‬
‫للمتابعة وإما قرار بإحالة الملف على محكمة الجنايات االبتدائية باعتبار أن هذه األخيرة‬
‫موجودة على مستوى المجلس القضائي‪ ،‬وهذا األمر نصت عليه المادة ‪ 166‬قانون‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫والتساؤل الذي يثور في هذا الصدد يتعلق بمدى خضوع ممثل الشخص المعنوي‬
‫لإلجراءات القهرية التي قد تطبق على المسؤول بصفة شخصية عن الجريمة؟ بالرجوع‬
‫للقانون الفرنسي يمكن التمييز بين حالتين‪:‬‬
‫‪-‬الحالة األولى‬
‫وهي حالة ما إذا كان ممثل الشخص المعنوي متابعا شخصيا كفاعل أو شريك عن‬
‫الجريمة المرتكبة إلى جانب الشخص المعنوي فهنا كما رأينا ليس له الحق في تمثيل‬
‫الشخص المعنوي أمام القضاء الجنائي‪ ،‬وفي هذه الحالة جاز اتخاذ في حق هذا الممثل‬
‫الذي حركت الدعوى العمومية ضده بصفته مسؤول شخصيا‪ ،‬إجراءات التحقيق التي تنطوي‬
‫على قهر أو إكراه‪ ،‬مثل وضعه تحت التزامات الرقابة القضائية‪ ،‬أو وضعه في الحبس‬
‫المؤقت‪)2(.‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.167‬‬


‫‪2- Jean (C,S), droit pénal et procédure pénal, 14éme édition,libraire général et de‬‬
‫‪droit jurisprudence, Paris, p139.‬‬

‫‪176‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪-‬الحالة الثانية‬
‫وتتعلق بحالة ما إذا كان هذا الممثل غير متابع بصفته الشخصية عن الجريمة التي‬
‫ارتكبها الشخص المعنوي‪ ،‬بمعنى لما تتخذ إجراءات الدعوى الجنائية تجاه ممثل الشخص‬
‫المعنوي بصفته ممثال فقط‪ ،‬وليس كمسؤول عن الجريمة المنسوبة للشخص المعنوي‪ ،‬ففي‬
‫هذه الحالة ال يجب أن يخضع الممثل ألي إجراء إكراه‪ ،‬ماعدا اإلجراءات التي تطبق على‬
‫الشاهد (المادة ‪ 706‬الفرنسي)‪ ،‬بحيث إذا رفض ممثل الشخص المعنوي االمتثال كشاهد‪،‬‬
‫يمكن لقاضي التحقيق أو الجهة القضائية المختصة في الحكم إكراهه عن طريق القوة‬
‫العمومية إلجباره على الحضور‪ ،‬على أن يستبعد القبض عليه أو وضعه تحت التزامات‬
‫(‪)1‬‬
‫الرقابة القضائية أو وضعه رهن الحبس المؤقت‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بموقف المشرع الجزائري فقد نص حين تعديله لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية سنة ‪ ،2004‬على حكم خاص بالشخص المعنوي‪ ،‬حيث أقر أنه يجوز لقاضي‬
‫التحقيق إخضاع الشخص المعنوي لتدبير أو أكثر من التدابير التالية ‪ :‬إيداع كفالة‪ ،‬تقديم‬
‫تأمينات عينية لضمان حقوق الضحية‪ ،‬المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع‬
‫مع مراعاة حقوق الغير‪ ،‬وكذا المنع من ممارسة بعض النشاطات المهنية أو االجتماعية‬
‫المرتبطة بالجريمة‪ ،‬كما نص على غرامة مالية كعقوبة للشخص المعنوي الذي يخالف‬
‫(‪)2‬‬
‫التدابير المتخذة ضده بأمر من قاضي التحقيق‪ ،‬بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية‪.‬‬
‫كما أنه باستقراء نصوص قانون اإلجراءات الجزائية يمكن القول أن المشرع الجزائري‬
‫اتخذ نفس الموقف بخصوص ممثل الشخص المعنوي‪ ،‬إذ أن المشرع تدخل ووضع قواعد‬
‫قانونية منها تعيين ممثل للشخص المعنوي في حالة متابعة الشخص المعنوي وممثله في آن‬

‫‪-1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.267‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 65‬مكرر‪ 04‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬أضيفت بالقانون رقم ‪ ،14-04‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫واح د ويعني ذلك أنه ال يجوز اتخاذ أوامر قهرية ضد الممثل القانوني إال إذا تم متابعته‬
‫كفاعل أو كشريك‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن أوامر قاضي التحقيق قابلة لالستئناف فيما عدا األوامر اإلدارية‬
‫التي ال يجوز استئنافها حيث أعطى القانون للخصوم أثناء سير الدعوى العمومية حق‬
‫استئناف كل األوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق وهم‪ :‬الضحية‪ ،‬المدعي المدني‪،‬‬
‫المتهم والنيابة العامة‪.‬‬
‫‪-‬استئناف النيابة العامة‪:‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 170‬من قانون اإلجراءات الجزائية يجوز لوكيل الجمهورية استئناف‬
‫جميع أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة االتهام والمهلة المحددة هي ‪ 03‬أيام من تاريخ‬
‫صدور األمر‪ ،‬كما يجوز للنائب العام استئناف جميع هذه األوامر خالل ‪ 20‬يوما من تاريخ‬
‫صدورها وعليه أن يبلغ الخصوم في خالل يوم من تاريخ صدور األمر حسب نص المادة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 171‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫‪ -‬استئناف المتهم أو محاميه‪:‬‬
‫يمكن للمتهم أو محاميه استئناف أوامر قاضي التحقيق طبقا لنص المادة ‪ 172‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬يوحق للمتهم أو محاميه استئناف بعض أوامر قاضي التحقيق‬
‫أمام غرفة االتهام خالل ‪ 03‬أيام من تاريخ التبليغ واألوامر التي يستأنفها المتهم أو محاميه‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ -‬أمر الوضع في الحبس المؤقت‪،‬‬
‫‪ -‬أمر تمديد مدة الحبس المؤقت‪ ،‬سواء تعلق األمر بتمديد الحبس المؤقت بالنسبة للجنحة‬
‫التي تزيد عقوبتها عن ‪ 03‬سنوات حبسا أو بالنسبة للجنايات بصفة عامة‪،‬‬
‫‪ -‬األمر بوضع تحت التزامات الرقابة القضائية‪،‬‬

‫‪ -1‬عمر قادري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.286‬‬

‫‪178‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬األمر برفض رفع الرقابة القضائية‪،‬‬


‫‪ -‬األمر برفض اإلفراج‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬األمر برفض إجراء خبرة‪.‬‬
‫‪ -‬استئناف المدعي المدني‬
‫يرفع استئناف المدعين المدنيين باألوضاع المنصوص عليها في الفقرة ‪ 2‬من المادة‬
‫‪ 172‬من قانون اإلجراءات الجزائية خالل ‪ 03‬أيام من تاريخ تبليغهم باألمر‪.‬‬
‫حيث يجوز للمدعي المدني أو لوكيله أن يطعن بطريق االستئناف في األوامر الصادرة‬
‫بعدم إجراء التحقيق‪ ،‬أو بأال وجه للمتابعة أو األوامر التي تمس حقوقه المدنية‪ ،‬غير أن‬
‫استئنافه ال يمكن أن ينصب في أي حال من األحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق‬
‫بحبس المتهم مؤقتا‪ ،‬كما يجوز له استئناف األمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر‬
‫اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناء على دفع الخصوم بعدم االختصاص‬
‫(‪)2‬‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 173‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫وهذه األوامر محدودة وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬األمر بعدم إجراء تحقيق‪ ،‬األمر بالتخلي‪ ،‬األمر بأال وجه للمتابعة‪ ،‬األمر بعدم قبول‬
‫االدعاء المدني‪.‬‬
‫ويواصل قاضي التحقيق إجراء التحقيق إذا كان األمر قد استأنف أو عندما تخطر‬
‫غرفة اإلتهام طبقا ألحكام المواد ‪ 69‬و‪ 69‬مكرر و‪ 143‬و‪ 154‬ما لم تصدر غرفة االتهام‬
‫قرار يخالف ذلك طبقا لنص المادة ‪ 174‬قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.269‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬

‫‪179‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -2‬إجراءات التحقيق مع الشركة التجارية أمام غرفة االتهام‬


‫غرفة االتهام هي جهة تحقيق ثانية تراقب وتشرف على جهات التحقيق القضائي‬
‫االبتدائي وتمارس صالحيات مراقبة التحقيق إذا ما اتصلت بالدعوى بإحدى الطرق‬
‫المنصوص عليها‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحقيق التصدي أو اإلحالة لإلجراءات المعروضة عليها وتتصدى غرفة االتهام أو تحيل‬
‫الملف في حالتين‪،‬‬
‫ب‪ -‬حق التصدي أو اإلحالة بمناسبة نظر الطعون ضد أوامر قاضي التحقيق طبقا للمواد‬
‫‪ 172 ،171 ،170‬و‪ 173‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫ج‪ -‬حق التصدي أو اإلحالة في حالة تقرير البطالن حيث تقر غرفة االتهام بطالن‬
‫اإلجراءات المخالفة لألحكام القانونية سواء بمناسبة طعن رفع إليها أو بمناسبة نظر الدعوى‬
‫بعد إحالتها إلى النائب العام طبقا لنص المادة ‪ 150‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬وإذا‬
‫تبين لها سبب من أسباب البطالن فإنها تقضي ببطالن اإلجراء أو ببطالن جميع اإلجراءات‬
‫(‪)1‬‬
‫التالية أو كلها أو بعضها عند االقتضاء‪.‬‬
‫وغرفة االتهام ليست مقيدة بوقائع الدعوى كما رفعت إليها‪ ،‬ألن القانون لم يقيدها بذلك‬
‫وخول لها سلطة كاملة في تقدير الوقائع واستكمال عناصرها المادية والقانونية وكذلك تكييف‬
‫الواقعة التي نتجت عنها الجريمة التكييف القانوني الصحيح الذي ترى أنه أكثر انطباقا على‬
‫(‪)2‬‬
‫الواقعة من الوصف األول الوارد في طلبات النيابة وفي أوامر قاضي التحقيق‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محاكمة الشركة التجارية‬
‫إن الهدف من وجود إجراءات التقاضي هو البحث عن أدلة اإلثبات وأدلة النفي‪ ،‬لهذا‬
‫فإن الجهات المختصة بالدعوى القضائية في مرحلة المحاكمة يكون دورها في تأكيد ما‬

‫‪ - 1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬


‫‪ - 2‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬

‫‪180‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫خلصت إليه الدعوى أثناء مرحلتي البحث والتحري أو االتهام ومرحلة التحقيق‪ ،‬سواء بإدانة‬
‫المتهم الماثل أمامها أو تبرئة ساحته وفق أحكام مسببة من خالل إحالة المتهم المتمثل في‬
‫الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا وسنتطرق لذلك في الفرع األول وسنتطرق لقواعد‬
‫التمثيل للشركة التجارية أمام جهة الحكم في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قواعد اإلحالة‬
‫القرار بإحالة المتهم يختلف باختالف طبيعة الجريمة كونها مخالفة أو جنحة أو جناية‪.‬‬
‫حيث يصدر قاضي التحقيق أم ار بإحالة المتهم على المحكمة المختصة أو تصدر‬
‫غرفة االتهام ق ار ار بإحالة المتهم على المحكمة المختصة إذا كان الفعل يعاقب عليه القانون‬
‫واألدلة تكفي لإلحالة‪ ،‬وفق قواعد ومبادئ تخضع لها المحاكمة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬طبيعة إجراءات المحاكمة‬
‫تتميز المحاكمة أمام جهات الحكم الجزائية سواء كان ذلك على مستوى محكمة الجنح‬
‫والمخالفات أو على مستوى الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي كجهة استئناف أو على‬
‫مستوى محكمة الجنايات بخصائص معينة هي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬مباشرة القاضي لجميع إجراءات الدعوى‬

‫يقصد بها ضرورة صدور أحكام المحكمة من القاضي الذي يترأس جميع جلسات‬
‫الدعوى وإال كانت باطلة‪ ،‬وإذا ط أر مانع في حضوره أثناء نظر القضية‪ ،‬وجب نظرها كامال‬
‫من جديد‪.‬‬
‫‪ -2‬علنية الجلسات‬
‫لقد نص المشرع صراحة على مبدأ علنية المرافعات‪ ،‬ما لم يكن في عالنيتها خطر‬
‫على النظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬أي يجاوز لكافاة النااس حاضورها ولكن استثناءا قد تقرر‬
‫المحكمة انعقاد الجلسة سرية فال يحضرها سوى الخصوم ووكالؤهم‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫غير أن الحكم الصادر في الدعوى يجب أن يصدر علنية حتى ولو كانت الجلسة‬
‫(‪)1‬‬
‫سرية‪.‬‬
‫‪ -3‬حضور الخصوم‬
‫يقصد به حضور جميع أطراف المنازعة في جلسة المحاكمة وتمكينهم من الدفاع عن‬
‫مركزهم القانوني ومناقشة األدلة المقدمة‪.‬‬
‫‪ -4‬شفهية اإلجراءات‬
‫يقصد بها سماع أقوال أط ارف الخصومة ومناقشة األدلة وتمكينهم من الدفاع عن‬
‫أنفسهم بمفردهم أو بواسطة محام‪ ،‬وبالتالي يجب على قاضي الحكم إجراء تحقيقات خالل‬
‫جلسة المحاكمة وال يجب أن يكتفي بالتحقيقات االبتدائية‪ ،‬حيث يمكنه االستماع لشهود غير‬
‫من سبق سماعهم‪ ،‬يناقش الخبير ولو سبق مناقشته‪ ،‬فالتحقيقات السابقة ليست في منأى‬
‫عن الخطأ ألنها تحتمل الجدل والمناقشة كسائر األدلة‪ ،‬كما يدخل في إطار شفهية‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلجراءات جواز تالوة األوراق والمحاضر في جلسة المحاكمة‪.‬‬
‫‪ -5‬مبدأ عدم مشاركة القاضي في النظر في الدعوى على مستوى درجتين‬
‫يقصد بهذا المبدأ أنه يمنع على قاضي التحقيق الذي أجرى تحقيقا في القضية أن‬
‫يشترك في تشكيلة محكمة الجنح أو الغرفة الجزائية أو محكمة الجنايات التي ستنظر في‬
‫نفس القضية‪ ،‬كما يمنع على عضو غرفة االتهام أن يشترك في تشكيلة إحدى جهات الحكم‬
‫عند نظرها في نفس الدعوى التي عرضت عليه للتحقيق فيها‪ ،‬وال يجوز كذلك لقاضي‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬مااذكرات فااي قااانون اإلجاراءات الجزائيااة الج ازئااري‪ ،‬الطبعااة الثالثااة‪ ،‬دار هومااة‪ ،‬الج ازئاار‪،2008 ،‬‬
‫ص‪.194‬‬
‫‪ -2‬عبد الحميد عمارة‪ ،‬ضمانات المتهم أ ثناء مرحلة التحقيق االبتدائي في الشريعة اإلسالمية والتشريع الوضعي‪،‬‬
‫دار المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪ ،1990 ،‬ص‪.506‬‬

‫‪182‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫محكمة الجنح أن يشترك في تشكيلة الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي إن كان قد فصل في‬
‫(‪)1‬‬
‫القضية المعروضة عليه‪ ،‬كل ذلك من أجل تكريس مبدأ المحاكمة العادلة‪.‬‬
‫‪ -6‬مبدأ عدم إنكار العدالة‬
‫يقصد به أن أي امتناع أو تماطل في الفصل في الدعوى من قبل جهات الحكم‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يعرضها للمسؤولية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طرق اتصال قاضي الحكم بالدعوى‬

‫يمكن لقاضي الحكم أن يتصل بالدعوى عند محاكمة الشركة التجارية التي ارتكبت‬
‫جرائم من قبل أجهزتها أو ممثليها الشرعيين إما عن طريق‪:‬‬
‫أ‪ -‬األمر باإلحالة الصادر عن قاضي التحقيق‪ ،‬أو قرار غرفة االتهام‪،‬‬
‫ب‪ -‬إما بحضور أطراف الدعوى بإرادتهم بعد تلقي اإلخطار المسلم بمعرفة النيابة العامة‬
‫(اإلستدعاء المباشر)‪،‬‬
‫ج‪ -‬إما عن طريق قيام المدعي المدني بإجراء التكليف المباشر بالحضور للمتهم أمام‬
‫محكمة الجنح في خمسة جرائم‪ ،‬دون غيرها‪ ،‬المذكورة على سبيل الحصر في المادة ‪337‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية كجريمة إصدار شيك دون رصيد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إجراءات المحاكمة‬
‫بعدما يتم استدعاء الخصوم للجلسة في الوقت المحدد وفي المكان المحدد‪ ،‬يفتتح‬
‫رئيس الجلسة محاكمة الشركة التجارية الممثلة بواسطة ممثل قانوني أو ممثل معين من قبل‬
‫القضاء‪ ،‬فإذا حضر الممثل يتم استجوابه عن األفعال المنسوبة للشركة التجارية ويكون‬
‫الحكم الذ ي يصدر في حق الشركة حكما حضوريا أما إن لم يتسلم الممثل القانوني للشركة‬

‫‪ -1‬موالي ملياني بغدادي‪ ،‬اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،1992،‬‬
‫ص‪.394‬‬
‫‪ -2‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.194 .‬‬
‫‪ -3‬عبد الحميد عمارة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.507‬‬

‫‪183‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫االستدعاء ولم يحضر الجلسة فإن الحكم الذي يصدر في حقها يكون حكما غيابيا‪ ،‬وفي‬
‫حالة استالم الممثل القانوني للشركة االستدعاء ولكن لم يحضر يعتبر الحكم حضوريا‬
‫(‪)1‬‬
‫ويكون الحكم حضوريا اعتباريا‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن الحكم الحضوري اعتباريا ال يكون في هذه الحالة فقط بل يكون في‬
‫حاالت أخرى والمتمثلة في‪:‬‬
‫أ‪ -‬في حالة حضور ممثل الشركة الجلسة ولكنه يرفض اإلجابة والمشاركة في المناقشة التي‬
‫يجريها الرئيس‪،‬‬
‫ب‪ -‬إذا استجاب ممثل الشركة أثناء الجلسة لمناداة الرئيس‪ ،‬ولكنه غادر القاعة مباشرة‪،‬‬
‫ج‪ -‬إذا حضر ممثل الشركة في إحدى الجلسات ولكن الرئيس أجل الجلسة إلى موعد آخر‬
‫(‪)2‬‬
‫ولم يحضر الممثل في الموعد المحدد‪.‬‬
‫وتختلف إجراءات سير محاكمة الشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا حسب الجهة‬
‫القضائية التي ستنظر في الدعوى‪:‬‬
‫‪ -1‬إجراءات سير المحاكمة‬
‫تختلف إجراءات سير المحاكمة حسب الوصف الجزائي للجريمة إن كانت مخالفة أو جنحة‬
‫أو جناية‪ ،‬فإذا كانت ذات وصف جنائي اختصت بها محكمة الجنايات هذه األخيرة تخضع‬
‫إجراءات سير المحاكمة لقواعد إجرائية تتمثل في‪:‬‬
‫أ‪ -‬إجراءات سير المحاكمة أمام محكمة الجنايات‬
‫تعتبر محكمة الجنايات الجهة القضائية المختصة بالفصل في األفعال الموصوفة‬
‫جنايات وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها‪ ،‬والجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية‬
‫(‪)3‬‬
‫المحالة إليها بقرار نهائي من غرفة االتهام ‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫‪ -2‬موالي ملياني بغدادي‪ ،‬اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،1992 ،‬‬
‫ص‪.397‬‬
‫‪ -3‬موالي ملياني بغدادي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.398‬‬

‫‪184‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وتتشكل محكمة الجنايات االبتدائية من قاض يكون برتبة مستشار‪ ،‬وقاضيين‪ ،‬وأربعة‬
‫محلفين يختارون وفقا لإلجراءات والشروط المنصوص عليها قانونا‪ ،‬باإلضافة إلى كاتب‬
‫(‪)1‬‬
‫يعاون المحكمة‪ ،‬ونائب عام أو أحد مساعديه يقوم بمهام النيابة العامة‪.‬‬
‫أما محكمة الجنايات االستئنافية فتتشكل من قاض يكون برتبة رئيس غرفة‪ ،‬وقاضيين‪،‬‬
‫وأربعة محلفين يختارون وفقا لإلجراءات والشروط المنصوص عليها قانونا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫كاتب يعاون المحكمة‪ ،‬ونائب عام أو أحد مساعديه يقوم بمهام النيابة العامة‬
‫وهناك إجراءات تحضيرية لدورات محكمة الجنايات‪ ،‬يجب احترامها حتى ولو كان‬
‫المتهم شخصا معنويا ممثال بواسطة ممثل قانوني أو ممثل معين من قبل القضاء‪ ،‬كما‬
‫يجب احترام جميع اإلجراءات المتبعة حين افتتاح الدورة‪ ،‬وخالل المرافعات وعند إقفالها‪ ،‬إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫غاية المداولة والنطق بالحكم‪.‬‬
‫ب‪ -‬إجراءات سير المحاكمة أمام قسم الجنح والمخالفات‬
‫تختص المحكمة بالنظر في الجنح والمخالفات التي قد ترتكبها الشركة التجارية‬
‫بواسطة أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ولحسابها‪ ،‬وبالتالي يجب احترام جميع اإلجراءات‬
‫(‪)3‬‬
‫القانونية التي تتماشى وطبيعة الشخص المعنوي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك تتشكل المحكمة من قاض فرد‪ ،‬يساعده كاتب ضبط‪ ،‬ويقوم بوظيفة‬
‫(‪)4‬‬
‫النيابة العامة وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه‪.‬‬
‫وبعد افتتاح جلسة المحاكمة‪ ،‬ينادي الرئيس على الخصوم ويتأكد من هوياتهم‪ ،‬ثم‬
‫يخبر ممثل الشركة التجارية باألفعال المسندة إليها باعتبارها شخصا معنويا‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫يرسي الرئيس المناقشة العلنية التي تدور بين ممثل الشركة والطرف المدني والنيابة والشهود‪،‬‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬
‫‪ -2‬عبد الحميد عمارة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.508‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ -4‬عبد الحميد عمارة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.509‬‬

‫‪185‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫فالرئيس هو الذي يطرح األسئلة والمالحظات‪ ،‬ومن حق المحامي طرح أسئلة مباشرة إلى‬
‫الخصم بعد إذن الرئيس ويتم ذلك عانادما يناتهي رئيس الجلسة من المناقشة العملية‪ ،‬ويعطي‬
‫الكلمة للطرف المدني إلبداء طلباته ثم يقوم ممثل النيابة بإبداء التماساته ثم يقوم الدفاع‬
‫بمرافعته لصالح المتهم وتكون الكلمة األخيرة للمتهم ولدفاعه ‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعن في األحكام والق اررات القضائية وتبليغها‬
‫إن الحكم الذي ينطق به القاضي قد يكون حضوريا قابال للطعن فيه باالستئناف في‬
‫ظرف عشرة (‪ )10‬أيام من تاريخ النطق به‪ ،‬وقد يكون حكما حضوريا اعتبا ار قابال للطعن‬
‫فيه باالستئناف في ظرف عشرة (‪ )10‬أيام ابتداء من يوم تبليغه‪ ،‬كما قد يكون حكما غيابيا‬
‫(‪)1‬‬
‫قابال للطعن فيه بالمعارضة في ظرف عشرة (‪ )10‬أيام من يوم تبليغه‪.‬‬
‫أ‪ -‬طرق الطعن في األحكام والق اررات القضائية‬
‫تفصل الغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي في استئناف األحكام الصادرة عن أقسام‬
‫محاكم الجنح والمخالفات وفق التشكيلة المنصوص عليها قانونا‪ ،‬أين تتبع على مستواها‬
‫(‪)2‬‬
‫نفس اإلجراءات المتبعة أمام المحكمة مع مراعاة بعض االستثناءات‪.‬‬
‫إن القرار الصادر عن الغرفة الجزائية يكون بدوره قابال للطعن إما بالنقض أمام الغرفة‬
‫الجزائية بالمحكمة العليا في ظرف ثمانية (‪ )08‬أيام من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ‬
‫التبليغ حسب األحوال‪ ،‬ويكون القرار قابال للطعن بالنقض في أوجه معينة ألن المحكمة‬
‫العليا هي محكمة قانون وليست محكمة وقائع كما يكون قابال للمعارضة إذا صدر‬
‫(‪)3‬‬
‫غيابيا‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 418‬من األمر رقم ‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضن قانون اإلجراءات الجزائية ‪،‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 48‬لسنة ‪.1966‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 430‬من األمر رقم ‪ 155-66‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 500‬من األمر رقم ‪ 155-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 03-82‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أما بالنسبة للجنايات فيتم استئناف أحكام محكمة الجنايات االبتدائية إلى محكمة‬
‫الجنايات االستئنافية‪ ،‬وأصبح ذلك ممكنا بعد تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب‬
‫القانون رقم ‪.07 - 17‬‬
‫كما يمكن الطعن في الق اررات الصادرة عن الغرفة الجزائية عن طريق التماس إعادة‬
‫النظر في حاالت معينة‪ ،‬بالنسبة للق اررات الصادرة عن المجالس القضائية‪ ،‬إذا حازت قوة‬
‫(‪)1‬‬
‫الشيء المقضي فيه وكانت تقضي باإلدانة في جناية أو جنحة‪.‬‬
‫ب‪ -‬تبليغ األحكام والق اررات القضائية‬
‫نص قانون اإلجراءات الجزائية صراحة على أن تطبق أحكام قانون اإلجراءات المدنية‬
‫في مواد التبليغات ما لم توجد نصوص مخالفة لذلك في القوانين أو اللوائح‪ ،‬كما منع القائم‬
‫بالتبليغات من إجراء تبليغ لنفسه أو لبعض أفراد عائلته‪ ،‬كما ألزمه بإحالة الطلبات المقدمة‬
‫إليه دون تأخير‪ ،‬ويجب عليه تبليغ الق اررات في الحاالت الضرورية بطلب من النيابة العامة‪.‬‬
‫ونص المشرع مؤخ ار حين إصداره لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬على إلزامية‬
‫التبليغ الرسمي بناء على طلب الشخص المعني أو ممثله القانوني أو االتفاقي بواسطة‬
‫محضر قضائي‪ ،‬الذي يحرر محض ار في عدد من النسخ ماساو لعادد األشخاص الذين يتام‬
‫تبليغاهم رسميا‪ ،‬ويتضمن مجموعة من الشروط والبيانات ورد ذكرها على سبيل الحصر‪،‬‬
‫بناءا على ذلك يعتبر التبليغ الرسمي إلى الشركة التجارية شخصيا‪ ،‬إذا سلم محضر التبليغ‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى ممثلها القانوني أو االتفاقي أو ألي شخص يقع تعيينه لهذا الغرض‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 535‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 408‬من األمر رقم ‪ ، 155-66‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد التمثيل‬


‫إن القاعدة العامة بشأن تمثيل الشخص المعنوي والشركة التجارية تقتضي بأن يكون‬
‫عن طريق ممثله القانوني‪ ،‬غير أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء وهو أن يكون التمثيل عن‬
‫طريق الممثل القضائي وهو ما سنتطرق إليه فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التمثيل القانوني كقاعدة عامة‬
‫من خالل نص الفقرة األولى من المادة ‪ 61‬مكرر ‪ 4‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫فإن القانون الجزائري‪ ،‬في الحالة التي يكون الشخص المعنوي لوحده متابع جزائيا من غير‬
‫ممثله القانوني‪ ،‬ومهما كانت الجريمة المتابع عنها‪ ،‬وحده ممثله القانوني من تثبت له الصفة‬
‫في تمثيله أمام القضاء الجزائي دون غيره‪ ،‬سواء كان ذلك أمام جهات التحقيق أو جهات‬
‫الحكم الجزائية أو أمام المحكمة العليا‪ ،‬العتماد المشرع الجزائري صراحة صفة التمثيل على‬
‫الممثل القانوني فقط‪ ،‬وعدم أخذه أيضا بفكرة الممثل االتفاقي التي أخذ بها المشرع‬
‫حيث يجوز في القانون الفرنسي أن يمثل الشخص المعنوي أيضا بواسطة أي‬ ‫(‪)1‬‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫شخص لديه تفويض مكتوب من أحد أجهزة الشخص المعنوي أو من ممثله القانوني‪ ،‬ممن‬
‫يحوزون بدورهم بموجب القانون أو النظام األساسي للشخص المعنوي سلطة تفويض‬
‫التمثيل‪ ،‬بل أن عمومية الفقرة الثانية من المادة ‪ 43 - 706‬من قانون اإلج ارءات الجزائية‬
‫الفرنسي توحي بأن الممثل االتفاقي يمكن أن يكون من العاملين لدى الشخص المعنوي أو‬
‫من الغير ويمكن أن يكون حتى محاميا وفي هذه الحالة ال يمثل المحامي الشخص‬
‫المعنوي كمدافع عنه‪ ،‬وإنما كممثل عنه إذ يفقد صفته كمدافع‪ ،‬ويتولى تمثيله في اإلجراءات‬
‫وهو األمر الذي ال يمكن األخذ به في القانون‬ ‫‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫والحلول محله الممثل القانوني‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫‪ -1‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 104‬‬


‫‪2- thierry (D), responsabilité pénale des personnes morales, évaluation des risques‬‬
‫‪et stratégie de défense, édition formation entrepris, paris, 1996, p 40.‬‬

‫‪188‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫فال يجوز إطالقا أمام الجهات القضائية الجزائية أن يتقدم محامي الشخص المعنوي‬
‫المتابع جزائيا بصفته ممثل له‪ ،‬أو يحل محل ممثله الشرعي عند غياب هذا األخير‪ ،‬وأن‬
‫المحامي في القانون الجزائري يبقى يتمتع بصفة المدافع فقط دون صفة الممثل عن‬
‫الشخص المعنوي‪ ،‬وأنه عند غياب ممثل الشخص المعنوي أمام قاضي التحقيق أو أمام‬
‫جهة الحكم ال يمكن للمحامي أن يحل محل ممثل الشخص المعنوي‪ ،‬بل وال يجوز له‬
‫التأسيس في حقه أصال في غياب ممثله الشرعي‪ ،‬ويكون وضع المحامي عند غياب الممثل‬
‫الشرعي للشخص المعنوي في الجلسة‪ ،‬كوضع المحامي عند غياب الشخص الطبيعي‬
‫(‪)1‬‬
‫المتهم في الجلسة‪.‬‬
‫كما ال يجوز ألي أحد من مستخدمي الشخص المعنوي أن يتقدم كممثل شرعي له‬
‫حتى ولو كان قد منح تفويض بالتمثيل من قبل الممثل القانوني نفسه‪ ،‬لصراحة نص الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 61‬مكرر ‪ 4‬من قانون اإلجراءات الجزائية التي تمنح صفة تمثيل‬
‫ويعتبر ممثال قانونيا للشخص‬ ‫(‪)2‬‬
‫الشخص المعنوي المتابع جزائيا لممثله القانوني دون غيره‪.‬‬
‫المعنوي (الشركة التجارية)‪ ،‬كل شخص طبيعي يمنحه القانون أو القانون األساسي للشركة‬
‫تفويضا لتمثيله‪.‬‬
‫وبناء على ذلك أوجب المشرع الكتساب الشخص الطبيعي صفة ممثل قانوني‪ ،‬أن‬
‫يكون حائ از لتفويض من قبل القانون أو القانون األساسي للشركة‪ ،‬وبالتالي يمكن أن يكون‬
‫ممثال قانونيا للشركة كل من المدير في شركات األشخاص وشركة المسؤولية المحدودة‪،‬‬
‫رئيس مجلس اإلدارة أو المدير العام في شركة المساهمة ذات مجلس إدارة‪ ،‬رئيس مجلس‬
‫المديرين في شركة المساهمة ذات مجلس مديرين‪ ،‬باإلضافة إلى المصفي إذا تم تعيينه من‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون المقارن‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.300‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر الحسيني إبراهيم محفوظ‪ ،‬المسؤولية الجنائية لأل شخاص المعنوية في المجال الطبي ‪ -‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2009 ،‬ص ‪.276‬‬

‫‪189‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫قبل الشركاء‪ ،‬وأحد أعضاء مجلس المديرين إذا تم تعيينه كممثل للشركة بناء على بند‬
‫صريح في القانون األساسي‪ ،‬هكذا يخرج من نطاق الممثل القانوني كل شريك أو عامل‬
‫تلقى وكالة من طرف الممثل القانوني‪ ،‬وكل شخص طبيعي أسندت له مهمة تمثيل الشركة‬
‫(‪)1‬‬
‫بموجب قرار قضائي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الممثل القضائي‬
‫نصت المادة ‪ 65‬مكرر‪ 3‬من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه ‪ :‬إذا تمت متابعة‬
‫الشخص المعنوي وممثله القانوني جزائيا في نفس الوقت أو إذا لم يوجد أي شخص مؤهل‬
‫لتمثيله يعين رئيس المحكمة بناءا على طلب النيابة العامة‪ ،‬ممثال عنه من ضمن مستخدمي‬
‫الشخص المعنوي (‪.)2‬‬
‫من خالل نص المادة سالفة الذكر ندرك أن التمثيل القضائي للشخص المعنوي يكون‬
‫في حالتين‪:‬‬
‫‪ -1‬حالة متابعة الشركة التجارية وممثلها القانوني في آن واحد‬
‫في هذه الحالة يتكفل الممثل القانوني للشركة التجارية وقت المتابعة تمثيلها أمام‬
‫القضاء‪ ،‬لكن إذا تمت متابعته شخصيا عن نفس األفعال التي تكون الشركة التجارية متابعة‬
‫عنها جزائيا‪ ،‬في هذه الحالة يكون تعيين ممثل من قبل القضاء وجوبيا من أجل تفادي‬
‫خطر تنازع المصالح بين الدفاع عن مصلحة الشخص المعنوي والمصلحة الشخصية‬
‫للممثل القانوني‪.‬‬

‫‪ -1‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 65‬مكرر‪ 03‬من األمر رقم ‪ ،155-66‬أضيفت بالقانون رقم ‪ ،04-14‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -2‬عدم وجود ممثل قانوني للشركة التجارية‬


‫قد يط أر لسبب أو آلخر عدم وجود أي شخص مؤهل يمثل الشركة التجارية باعتبارها‬
‫شخصا معنويا خالل إجراءات سير الدعوى‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون تعيين ممثل من قبل‬
‫(‪)1‬‬
‫القضاء وجوبيا لتفادي شغور منصب ممثل الشخص المعنوي المتابع‪.‬‬
‫وفي نفس السياق تضمن األمر رقم ‪ 01 - 03‬الخاص بقمع مخالفة التشريع والتنظيم‬
‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج تحديد ممثل الشخص المعنوي‬
‫أمام الجهات القضائية حيث نصت المادة ‪ 05‬مكرر من األمر ‪ 01-03‬على أن متابعة‬
‫الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص جنائيا تكون من خالل ممثله الشرعي ما لم يكن‬
‫هو اآلخر محل المتابعة جزائية من أجل نفس األفعال أو أفعال مرتبطة بها‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة تستدعي الجهة القضائية المختصة مسي ار آخر لتمثيل الشخص المعنوي في الدعوى‬
‫(‪)2‬‬
‫الجارية‪.‬‬

‫‪ -1‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 106‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 05‬مكرر من األمر رقم ‪ 22-96‬المؤرخ في ‪ 1996/07/09‬المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم‬
‫الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج معدلة باألمر رقم ‪ 03-10‬المؤرخ في‬
‫‪ ، 2010/08/26‬جريدة رسمية عدد ‪ 50‬لسنة ‪.2010‬‬

‫‪191‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للشركة التجارية‬


‫خصص المشرع الجزائري عند تعديله لقانون العقوبات بموجب القانون رقم ‪15-04‬‬
‫المؤرخ في‪ 2004/11/10 :‬بابا مستقال للعقوبات التي توقع على األشخاص المعنوية‪،‬‬
‫وذلك في المواد ‪ 18‬مكرر ‪ 1‬إلى ‪18‬مكرر ‪ 3‬من قانون العقوبات‪ ،‬وبذلك يكون قد نهج‬
‫نفس نهج المشرع الفرنسي في تقسيمه للعقوبات المقررة للشخص المعنوي حيث ميز بين‬
‫عقوبات الجنايات والجنح من ناحية‪ ،‬وعقوبات المخالفات من ناحية أخرى إال أن االختالف‬
‫كان في جمع عقوبة الغرامة مع العقوبة األصلية الوحيدة التي يمكن الحكم بها على‬
‫الشركات التجارية وسنتطرق لذلك في المطلب األول‪ ،‬فيما جمع باقي العقوبات األخرى‬
‫باعتبارها عقوبات تكميلية بالنسبة للشخص المعنوي والشركة التجارية‪ ،‬إثر التعديل الذي‬
‫مس قانون العقوبات بموجب القانون ‪ 22-06‬المؤرخ في ‪ 2006/12/20‬المعدل والمتمم‬
‫وسنتطرق لذلك في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العقوبات األصلية (الغرامة)‬
‫إن الحديث عن العقوبات المقررة للشخص المعنوي والشركة التجارية يقودنا إلى‬
‫التفكير في نصوص قانون العقوبات بصفته مصدر التجريم والعقاب‪ ،‬غير أن األمر ليس‬
‫على إطالقه‪ ،‬فإضافة إلى نصوص التجريم والعقاب المنصوص عليها في قانون العقوبات‪،‬‬
‫هناك نصوص خاصة تجرم بعض األفعال وتعاقب عليها‪ ،‬وارتأى المشرع الجزائري إدراجها‬
‫في قوانين خاصة وعليه سنتطرق للعقوبات األصلية المنصوص عليها في قانون العقوبات‬
‫في الفرع األول والعقوبات المنصوص عليها في القوانين الخاصة في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات األصلية المقررة في قانون العقوبات‬
‫إن العقوبة األصلية الوحيدة التي يمكن أن تتقرر في حق الشركة التجارية هي الغرامة‬
‫باعتبارها عقوبة مالية‪ ،‬في حين باقي العقوبات األصلية األخرى ال يمكن أن تكون محال‬
‫للتطبيق عليها‪ ،‬ألنها عقوبات سالبة للحرية‪ ،‬ال يمكن تقريرها في حق كائن قانوني مجرد‬
‫وبالتالي يجوز الحكم بعقوبة الغرامة المالية دون أن تقترن بها أية عقوبة أخرى‪ ،‬فهي عقوبة‬

‫‪192‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أصلية‪ ،‬الهدف منها إيالم نفسية الجاني عن طريق إفقار ذمته المالية‪ ،‬كما أنها تحمل في‬
‫(‪)1‬‬
‫طياتها معنى الردع العام بتهديدها لآلخرين‪.‬‬
‫كما كرس المشرع الجزائري الغرامة المالية كعقوبة في جميع أنواع الجرائم التي ترتكب‬
‫من قبل إحدى األجهزة أو الممثل الشرعي لحساب شركة تجارية معينة‪ ،‬يلتزم المحكوم عليه‬
‫بها بدفعها للخزينة العمومية‪ ،‬يقدرها القاضي وفق القواعد المقررة في مثل هذا الشأن عمال‬
‫بمبدأ الشرعية‪ ،‬فيحددها في إطار الحد األدنى واألقصى الذي يضعه القانون‪ ،‬كما له في‬
‫تحديدها أن يراعي مبدأ شخصية الغرامة‪ ،‬وله أن يأخذ بعين االعتبار أيضا ظروف مرتكبها‬
‫(‪)2‬‬
‫وظروف ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫وقد ميز الامشرع بين العقوبات المطبقة على األشخاص المعنوية في مواد الجنايات‬
‫والعقوبات المطبقة على األشخاص المعنوية في مواد الجنح والمخالفات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات المقررة في مواد الجنايات‬
‫تعاقب الشركة التجارية باعتبارها الكائن القانوني المجرد إذا ثبتت مسؤوليتها الجزائية‬
‫عن الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪ ،‬بجملة من‬
‫العقوبات الاغرض مناها تحقيق إيالم الشاركة التجاريااة‪ ،‬عاان طرياق اإلنتقااص من حقوقها‬
‫ومصالحها‪.‬‬
‫وتتمثل هذه العقوبات في غرامة مالية تساوي من مرة (‪ )1‬إلى خمس (‪ )5‬مرات الحد‬
‫األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على نفس الجريمة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن القانون لم ينص على غرامة مالية كعقوبة للشخص الطبيعي في‬
‫مواد الجنايات‪ ،‬إال أنه نص على أن عقوبة السجن المؤقت ال تمنع الحكم بعقوبة الغرامة‪،‬‬
‫ولم يبين حديها األدنى واألقصى‪ ،‬بل تركها للسلطة التقديرية للقاضي‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.465‬‬


‫‪ -2‬محمااد زكااي أبااو عااامر‪ ،‬سااليمان عبااد الماانعم‪ ،‬القساام العااام ماان قااانون العقوبااات‪ ،‬دار الجامعااة الجدياادة للنشاار‪،‬‬
‫مصر ‪ ،2002‬ص‪.594‬‬

‫‪193‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وتدخل المشرع وأجاب عن إشكالية عدم وجود نص قانوني يحدد عقوبة الغرامة بالنسبة‬
‫لألشخاص الطبيعية‪ ،‬سواء في الجنايات أو الجنح‪ ،‬وقامت المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬فإن الحد األقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما‬
‫يخص الشخص المعنوي والشركة التجارية‪ ،‬يكون كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬مليوني دينار جزائري (‪ 2.000.000‬دج) عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو‬
‫السجن المؤبد‪،‬‬
‫‪ -‬مليون دينار جزائري (‪ 1.000.000‬دج) عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن‬
‫المؤقت‪،‬‬
‫‪ -‬خمسمائة ألف دينار ج ازئري (‪ 500.000‬دج) بالنسبة للجنحة‪،‬‬
‫والجدير بالذكر أن المشرع يرى عدم كفاية العقوبة المالية لتحقيق الردع المرجو من‬
‫العقوبة‪ ،‬مما دفع به إلى النص على وجوب تطبيق عقوبة واحدة أو أكثر من العقوبات‬
‫(‪)1‬‬
‫التكميلية إلى جانب العقوبة المالية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات في مواد الجنح‬
‫كان المشرع قد كرس في ظل القانون رقم ‪ 15-04‬العقوبات التي تطبق على‬
‫الشخص المعنوي في مواد الجنح‪ ،‬عندما تعرض للعقوبات التي تطبق على الشخص‬
‫المعنوي في مواد الجنايات‪ ،‬والتي كانت نفسها‪ ،‬غير أنه في ظل القانون رقم ‪ 23-06‬عدل‬
‫النص القانوني وألغى عبارة الجنح‪ ،‬ولم يضف في الباب األول مكرر أي مادة قانونية أخرى‬
‫يحدد من خاللها العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي في مواد الجنح‪.‬‬
‫لكن هاذا ال يعني أن الجنح المرتكبة لحساب الشخص المعنوي من قبل أجهزته أو‬
‫ممثليه الشرعيين تدخل ضمن األفعال المبررة أو موانع المسؤولية‪ ،‬أو الظروف المعفية من‬
‫العقاب ألن الامشرع باالرغم مان عدم التعرض لها في الباب األول مكرر لسبب أو آلخر‪ ،‬إال‬

‫‪ -1‬لحسن بن شيخ‪ ،‬مبادئ القانون الجزائي العام‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص‪.170‬‬

‫‪194‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أنه حدد العقوبات المطبقة من خالل أحكام قانونية ورد ذكرها في قانون العقوبات والقوانين‬
‫(‪)1‬‬
‫المكملة له‪.‬‬
‫وهكذا نص المشرع صراحة على أن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة‪ ،‬الجنايات‬
‫والجنح التي يرتكبها األشخاص ضد النظام العمومي‪ ،‬جرائم التزوير‪ ،‬جنح االعتداءات على‬
‫شرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم الخاصة وإفشاء األسرار‪ ،‬جناية االعتداء على‬
‫الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف‪ ،‬باإلضافة إلى جنحة القتل الخطأ والجرح الخطأ‪،‬‬
‫الجنايات والجنح التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل‪ ،‬جنح خيانة‬
‫األمانة‪ ،‬النصب‪ ،‬إصدار شيك بدون رصيد وجنحة السرقة وابتزاز األموال‪ ،‬جناية الهدم‬
‫والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل‪ ،‬جنحة إخفاء األشياء‪ ،‬جنحة‬
‫التفليس وجنحة التعدي على األمالك العقارية‪ ،‬جنحة الغش في بيع السلع والتدليس في‬
‫المواد الغذائية والطبية‪ ،‬جنح الفساد كجنحة إساءة استغالل الوظيفة‪ ،‬تعارض المصالح‬
‫وجنحة الرشوة‪ ،‬يمكن أن تقوم على أساسها مسؤولية جزائية للشركة التجارية باعتبارها‬
‫فتطبق عليها عقوبة‬ ‫(‪)2‬‬
‫شخصا معنويا‪ ،‬إذا ارتكبتها أجهزتها أو ممثلوها الشرعيون ولحسابها‪،‬‬
‫الغرامة حسب الكيفيات المقررة في مواد الجنايات‪ ،‬باإلضافة إلى واحدة أو أكثر من‬
‫العقوبات التكميلية السبعة (‪ )07‬التي وردت على سبيل الحصر في هذا المجال‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬العقوبات في مواد المخالفات‬
‫تاعاقب الشركة التجارية باعتبارها الكائن القانوني المجرد‪ ،‬إذا ثبتت مسؤوليتها الجزائية‬
‫عان المخالفات المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪ ،‬بعقوبات الغرض‬
‫منها إيالم المجرم " الشركة التجارية" عن طريق االنتقاص من حقوقها ومصالحها‪ ،‬وتتمثل‬
‫هذه العقوبات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.325‬‬
‫‪ -2‬لحسن بن شيخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.172‬‬

‫‪195‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أ‪ -‬عقوبة الغرامة تساوي من مرة (‪ )1‬إلى خمس (‪ )5‬مرات الحد األقصى للغرامة المقررة‬
‫للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على نفس الجريمة‪،‬‬
‫وبناء على ذلك إذا كانت الغرامة المقررة للشخص الطبيعي هي عشرون ألف دينار‬
‫جزائري (‪ 20.000‬دج)‪ ،‬فإنه إذا تعلق األمر بشركة تجارية‪ ،‬فإن مبلغها سيتراوح ما بين‬
‫عشرون ألف ديناار جزائري (‪ 20.000‬دج) كاحد أدنى إلى غاية مائة ألف دينار جزائري‬
‫(‪ 100.000‬دج) كحد أقصى‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجوز للقااضي في مواد المخالفات أن يناطق باعقوبة مصادرة الشيء الذي استعمل في‬
‫ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪ ،‬في نفس الحكم المقرر لعقوبة الغرامة‪.‬‬
‫هكذا يظهر أن المشرع جعل النطق بالعقوبة التكميلية في مواد المخالفات أمر جوازي‬
‫يرجع للسلطة التقديرية للقاضي‪ ،‬عكس العقوبة التكميلية في مواد الجنايات التي يجب على‬
‫القاضي النطق بواحدة منها أو أكثر إلى جانب عقوبة الغرامة‪ ،‬أي أن القاضي لديه سلطة‬
‫مقيدة في هذا الشأن‪ ،‬غير أن سلطته تكون تقديرية حينما يختار العقوبة التكميلية األصلح‬
‫(‪)1‬‬
‫لتوقيعها على الشركة‪ ،‬من حيث العدد ومن حيث النوع‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات األصلية المقررة في القوانين المجرمة األخرى‬

‫باإلضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات هناك عقوبات أدرجها‬
‫المشرع في قوانين خاصة نتناولها فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية في قانون مكافحة الفساد‬
‫قانون مكافحة الفساد أحال تطبيق العقوبات على الجرائم المذكورة فيه إلى قانون‬
‫العقوبات بموجب نص المادة ‪ 53‬منه‪ ،‬غير أنه بالنسبة للجريمة المذكورة في المادة ‪26‬‬
‫المتعلقة بجريمة منح االمتياز غير المبرر في الصفقات العمومية‪ ،‬أين نصت المادة سالفة‬

‫‪ - 1‬لحسن بن شيخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬

‫‪196‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الذكر في البند رقم ‪ 02‬على أنه ‪ :‬يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 200.000‬دج إلى ‪ 1.000.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -‬كل تاجر أو صناعي أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص‪ ،‬أو بصفة عامة كل‬
‫شخص طبيعي أو معنوي يقوم‪ ،‬ولو بصفة عرضية‪ ،‬بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو‬
‫الجمعيات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات‬
‫العمومية االقتصادية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬ويستفيد من‬
‫سلطة أو تأثير أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في األسعار التي يطبقها عادة أو‬
‫(‪)1‬‬
‫من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات األصلية في القوانين الجبائية‬
‫لقد نص المشرع الجزائري على مجموعة من العقوبات التي توقع على الشخص‬
‫المعنوي (الشركة التجارية) من خالل القوانين الجبائية في حالة ارتكابه جريمة من جرائم‬
‫الغش الضريبي وجاءت كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‬
‫جاء في أحكام المادة ‪ 303‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة أن العقوبات‬
‫المطبقة على الشركة أو الشخص المعنوي السيما الفقرة ‪ 7‬و‪ ،9‬التي ورد فيها أنه ‪ :‬فضال‬
‫عن العقوبات الجبائية المطبقة‪ ،‬يعاقب كل من تملص باللجوء إلى أعمال تدليسية في إقرار‬
‫وعاء أي ضريبة أو حق أو رسم خاضع له‪ ،‬أو تصفيته‪ ،‬كليا أو جزئيا‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬غرامة مالية من ‪ 50.000‬دج إل ‪ 100.000‬دج‪ ،‬عندما ال يفوق مبلغ الحقوق‬
‫المتملص منها ‪ 100.000‬دج‪،‬‬
‫‪ -‬الحبس من شهرين ‪ 02‬إلى ستة ‪ 06‬أشهر وغرامة مالية من ‪ 100.000‬دج إلى‬
‫‪ 500.000‬دج‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬عندما يفوق مبلغ الحقوق المتملص منها‬
‫‪ 100.000‬دج‪ ،‬وال يتجاوز ‪ 1000.000‬دج‪،‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 26‬من القانون رقم ‪ ، 01-06‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬الحبس من ستة ‪ 06‬أشهر إلى سنتين ‪ 02‬وغرامة مالية من ‪ 500.000‬دج إل‬


‫‪ 2000.000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬عندما يفوق مبلغ الحقوق المتملص منها‬
‫‪ 1000.000‬دج وال يتجاوز ‪ 5000.000‬دج‪،‬‬
‫‪ -‬الحبس من سنتين ‪ 02‬إلى خمس ‪ 05‬سنوات وغرامة مالية من ‪ 2000.000‬دج إلى‬
‫‪ 5000.000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬عندما يفوق مبلغ الحقوق المتملص منها‬
‫‪ 5.000.000‬دج‪ ،‬وال يتجاوز ‪ 10.000.000‬دج‪،‬‬
‫‪ -‬الحبس من خمس ‪ 05‬سنوات إلى عشر ‪ 10‬سنوات وغرامة مالية من ‪ 5.000.000‬دج‬
‫إلى ‪ 10.000.000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬عندما يفوق مبلغ الحقوق المتملص‬
‫(‪)1‬‬
‫منها ‪ 10.000.000‬دج‪"...‬‬
‫‪ -2‬قانون الضرائب غير المباشرة‬
‫من خالل نص المادة ‪ 551‬التي ورد فيها تطبيق العقوبات الواردة في أحكام المادة‬
‫‪ 532‬من نفس القانون على الشركات التجارية‪ ،‬التي نصت هذه األخيرة على أنه ‪ :‬يعاقب‬
‫كل من يستخدم طرقا احتيالية للتملص أو محاولة التملص من مجموع أو جزء من وعاء‬
‫أو التصفية أو دفع الضرائب أو الرسوم التي هو خاضع لها‪ ،‬بغرامة من‬ ‫الضريبة‬
‫‪ 50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج وبالحبس من سنة إلى خمس سنوات أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين فقط‪"...‬‬
‫بينما نصت المادة ‪ 551‬على ما يلي‪ :‬إن األشخاص أو الشركات المحكوم عليهم‬
‫(‪)2‬‬
‫بنفس المخالفة‪ ،‬ينبغي عليهم أن يدفعوا بالتضامن العقوبات المالية المقررة‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 303‬من األمر رقم ‪ ، 101-76‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 16-11‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 532‬من األمر رقم ‪ ، 104-76‬معدلة بالقانون رقم ‪ 11-02‬المؤرخ في ‪ 2002/12/24‬المتضمن‬
‫قانون المالية لسنة ‪ ، 2003‬جريدة رسمية عدد ‪ 86‬لسنة ‪.2002‬‬

‫‪198‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -3‬قانون التسجيل‬
‫ورد في نص المادة ‪ 119‬من قانون التسجيل أنه ‪ :‬فضال عن العقوبات الجبائية‬
‫المطبقة‪ ،‬يعاقب كل من تملص أو حاول التملص كليا أو جزئيا من وعاء الضريبة أو‬
‫تصفيتها أو دفع الضرائب أو الرسوم التي هو خاضع لها باستعماله طرقا تدليسية‪ ،‬بغرامة‬
‫جزائية تتراوح من ‪ 5.000‬دج إلى ‪ 20.000‬دج‪ ،‬وحبس من سنة إلى خمسة ‪ 05‬سنوات‬
‫أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ‪"...‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 121‬من القانون نفسه على معاقبة الشركات بالتضامن بينها‪ ،‬حيث‬
‫نصت على ما يلي‪ :‬إن األشخاص أو الشركات المحكوم عليهم بنفس الجريمة‪ ،‬يجب عليهم‬
‫(‪)1‬‬
‫أن يدفعوا متضامنين العقوبات المالية المحكوم بها عليهم‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون الطابع‬
‫نصت المادة ‪ 33‬من قانون الطابع على ما يلي‪ :‬إن كل غش أو محاولة للغش‬
‫وبصفة عامة كل مناورة تكون غايتها أو نتيجتها الغش أو تعريض الضريبة للشبهة‪ ،‬يتم عن‬
‫طريق استعمال اآلالت المشار إليها في المادة ‪ 4‬يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها‬
‫في التشريع الجاري به العمل بالنسبة لكل ضريبة متملص منها‪.‬‬
‫غير أنه في حالة استعمال آلة بدون ترخيص من اإلدارة‪ ،‬فإن الغرامة ال يمكن أن‬
‫تكون أقل من ‪ 10.000‬دج‪.‬‬
‫ومن دون اإلخالل بهذه العقوبات‪ ،‬فإن كل تقليد وتزييف وتزوير البصمات وكل‬
‫استعمال لبصمات مزورة‪ ،‬تطبق عليه العقوبات المنصوص عليها في المادتين ‪ 209‬و‪210‬‬
‫(‪)2‬‬
‫من قانون العقوبات‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 119‬من األمر رقم ‪ ، 105-76‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 16-11‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 33‬من األمر رقم ‪ ، 103-76‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات األصلية في قانون مكافحة التهريب‬


‫تطرق المشرع الجزائري في قانون مكافحة التهريب للعقوبات المقررة للشخص المعنوي‬
‫بموجب أحكام المادة ‪ 24‬منه التي نصت على أنه ‪ :‬يعاقب الشخص المعنوي الذي قامت‬
‫مسؤوليته الجزائية الرتكابه األفعال المجرمة في هذا األمر بغرامة قيمتها ثالث أضعاف الحد‬
‫األقصى للغرامة التي يتعرض لها الشخص الطبيعي الذي يرتكب نفس األفعال‪.‬‬
‫إذا كانت العقوبة المقررة للشخص الطبيعي هي السجن المؤبد يعاقب الشخص‬
‫المعنوي الذي ارتكب نفس األفعال بغرامة تتراوح بين ‪ 50.000.000‬دج‬
‫و‪ 250.000.000‬دج‪.‬‬
‫والمالحظ من خالل نص المادة سالفة الذكر أن المشرع خالف نص المادة من ‪18‬‬
‫مكرر‪ 2‬من قانون العقوبات التي نصت على أنه عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام‬
‫أو بالسجن المؤبد يكون الحد األقصى للغرامة المحكوم بها هو ‪ 2.000.000‬دج بينما‬
‫جعلها في المادة ‪ 24‬من قانون مكافحة التهريب بين ‪ 50.000.000‬دج‬
‫(‪)1‬‬
‫و‪ 250.000.000‬دج‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العقوبات األصلية في القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية‬
‫وقمع استعمال واالتجار غير المشروعين بها‬
‫نصت المادة ‪ 25‬من القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع‬
‫استعمال واالتجار غير المشروعين بها على معاقبة الشخص المعنوي الذي يرتكب جريمة‬
‫أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المواد من ‪ 13‬إلى ‪ 17‬من هذا القانون بغرامة‬
‫(‪)2‬‬
‫تعادل خمس (‪ )5‬مرات الغرامة المقررة للشخص الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 24‬من األمر رقم ‪ ، 06-05‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ ، 18-04‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫خامسا‪ :‬العقوبات األصلية في قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‬


‫ورد في قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة مجموعة من األحكام الجزائية‬
‫يعاقب من خاللها على التعدي عل البيئة بمختلف األشكال نورد أمثلة عنها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬العقوبات المتعلقة بحماية اإلطار المعيشي‬
‫يقصد باإلطار المعيشي الغابات الصغيرة والحدائق العمومية والمساحات الترفيهية وكل‬
‫مساحات ذات المنفعة الجماعية التي تساهم في تحسين اإلطار المعيشي‪ ،‬ومن ثم فإن كل‬
‫ما يمس بهذا اإلطار من خالل وضع أو أمر بوضع أو أبقى بعد إعذاره إشها ار أو الفتة أو‬
‫الفتة قبلية في األماكن أو أي إشهار في المساحات المحمية ومباني اإلدارات العمومية‬
‫وعلى األشجار يعاقب بغرامة قدرها مائة وخمسون ألف دينار وتحسب الغرامة بمثل عدد‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلشهارات والالفتات القبلية موضوع المخالفة‪.‬‬
‫‪ -2‬العقوبات المتعلقة بحماية الهواء والجو‬
‫يعاقب بغرامة من خمسة آالف دينار ‪ 5.000‬دج إلى خمسة عشر ألف دينار‬
‫كل شخص تسبب في تلوث جوي‪ ،...‬العقوبات المتعلقة بحماية الماء‬ ‫‪ 15.000‬دج‬
‫واألوساط المائية‪ ،‬إمكانية إيقاف السفينة أو الطائرة أو اآللية أو القاعدة العامة التي تستخدم‬
‫في ارتكاب المخالفات اآلتية ‪ :‬اإلضرار بالصحة العمومية وألنشطة البيئية البحرية‪ ،‬عرقلة‬
‫األنشطة البحرية بما في ذلك المالحة والتربية المائية والصيد البحري‪ ،‬إفساد نوعية المياه‬
‫البحرية من حيث استعمالها‪ ،‬التقليل من القيمة الترفيهية أو الجمالية للبحر والمناطق‬
‫الساحلية‪ ،‬والمساس بقدراتها السياحية‪ ،‬على أنه يعاقب بالحبس من ستة ‪ 06‬أشهر إلى‬
‫سنتين ‪ 02‬وبغرامة من مائة ألف دينار ‪ 100.000‬دج إلى مليون دينار ‪ 1.000.000‬دج‬
‫أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل ربان سفينة جزائرية أو قائد طائرة جزائرية‪ ،‬أو كل‬

‫‪ -1‬جميلة حميدة‪ ،‬الوسائل القانونية لحماية البيئة‪ ،‬دراسة على ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون العقاري والزراعي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة البليدة‪ ،2001 ،‬ص ‪.145‬‬

‫‪201‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫شخص يشرف على عمليات الغمر أو الترميد في البحر على متن آليات جزائرية أو قواعد‬
‫عائمة ثابتة أو متحركة في المياه الخاضعة للقضاء الجزائر‪ ،‬يعاقب بالحبس لمدة ستة ‪06‬‬
‫أشهر وبغرامة قدرها خمسون ‪ 50‬ألف دينار كل من أعاق مجرى عمليات المراقبة التي‬
‫(‪)1‬‬
‫يمارسها األعوان المكلفون بالبحث ومعاينة أحكام هذا القانون‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة للشركة التجارية‬
‫عرفت المادة ‪ 4‬فقرة ‪ 3‬من قانون العقوبات‪ ،‬العقوبات التكميلية كاآلتي ‪ :‬العقوبات‬
‫التكميلية هي تلك التي ال يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية‪ ،‬فيما عدا الحاالت‬
‫التي ينص فيها القانون ص ارحة وهي إما إجبارية أو اختيارية‪.‬‬
‫وهي عقوبات ال تلحق تلقائيا بالعقوبة األصلية بل البد أن ينطق بها القاضي للقول‬
‫(‪)2‬‬
‫بوجودها‪ ،‬وال يجوز الحكم بها منفردة‪.‬‬
‫وقد تناول المشرع الجزائري العقوبات التكميلية للشخص المعنوي بموجب أحكام المادة‬
‫‪ 2006/12/23‬المعدل‬ ‫‪ 18‬مكرر‪ 2‬المستحدثة بموجب القانون ‪ 23-06‬المؤرخ في‬
‫لقانون العقوبات‪ ،‬وجاءت هذه العقوبات التكميلية تارة ماسة بوجود الشركة وبالذمة المالية لها‬
‫وهو ما سنتطرق له في الفرع األول وتارة تمس بنشاط الشركة وسمعتها وهو ما سنتطرق له‬
‫في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات التكميلية الماسة بوجود الشركة والذمة المالية لها‬
‫وتتمثل العقوبات التكميلية الماسة بوجود الشركة والذمة المالية لها في المصادرة‪ ،‬الحل‬
‫والغلق‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المصادرة‬
‫المصادرة ‪ ،confiscation‬هي نزع ملكية الشيء جب ار عن مالكه وإضافته إلى ملك‬
‫الدولة بغير مقابل‪ ،‬أوهي األيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة‪ ،‬أو ما‬
‫(‪)1‬‬
‫يعادل قيمتها عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 90‬من القانون رقم ‪ ، 10-03‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.478‬‬

‫‪202‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ولقد عرفتها المادة ‪ 15‬من قانون العقوبات على أنها ‪ :‬األيلولة النهائية إلى الدولة‬
‫لمال أو مجموعة أموال معينة‪ ،‬أو ما يعادل قيمتها عند االقتضاء‪...‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري على عقوبة المصادرة كإحدى العقوبات التكميلية التي توقع‬
‫على الشركات التجارية كشخص معنوي الرتكابها إحدى الجنايات أو الجنح المنصوص‬
‫عليها في قانون العقوبات التي تسأل عنها الشركات التجارية جزائيا‪ ،‬إذ تضمنتها المادة ‪18‬‬
‫مكرر من قانون العقوبات الجزائري كإحدى العقوبات التكميلية التي توقع إلى جانب عقوبة‬
‫الغرامة على الشخص المعنوي في الجنايات والجنح المنصوص عليها في قانون العقوبات‬
‫كما نص على إمكانية توقيع عقوبة المصادرة في المخالفات ويكون محلها حينئذ األشياء‬
‫التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي نتجت عنها‪ ،‬وحدد المشرع الجزائري موضوع‬
‫المصادرة بالنسبة للشخص المعنوي‪ ،‬سواء في الجنايات والجنح طبقا لنص المادة ‪ 18‬مكرر‬
‫من قانون العقوبات أو في المخالفات طبقا لنص المادة ‪ 18‬مكرر‪ 1‬من القانون نفسه‪.‬‬
‫كما نص القانون على أن المصادرة تنصب إما على الشيء الذي استعمل في‬
‫ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪ ،‬فيما سكت عن إدراج األشياء التي كانت معدة الستعمالها في‬
‫ارتكاب الجريمة بالنسبة للمشخص المعنوي‪ ،‬على عكس المشرع الفرنسي الذي لم يقصر‬
‫محل المصادرة بالنسبة للشخص المعنوي في المادة ‪ 39/131‬من قانون العقوبات الفرنسي‬
‫على األشياء التي ا ستعملت في ارتكاب الجريمة أو التي نتجت عنها‪ ،‬وإنما تضمنت أيضا‬
‫حتى األشياء التي كانت معدة الستعمالها في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حل الشركة التجارية‬
‫يقصد بحل الشركة التجارية‪ ،‬منعها من االستمرار في ممارسة نشاطها وهذا يقتضي‬
‫أن ال يستمر هذا النشاط حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس‬

‫‪ -1‬أكرم نشأت إبراهيم‪ ،‬القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة الفتيان‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص‪.334‬‬

‫‪203‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫إدارة أو مسيرين آخرين‪ ،‬ويترتب على ذلك تصفية أموالها مع المحافظة على حقوق الغير‬
‫(‪)1‬‬
‫حسب النية‪.‬‬
‫وال شك أن عقوبة الحل تعتبر من أشد أنواع العقوبات التي توقع على األشخاص‬
‫المعنوية والشركات التجارية لذا جعلها المشرع الجزائري جوازية صراحة في نص المادة ‪18‬‬
‫مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬المحددة للعقوبات على األشخاص المعنوية كقاعدة عامة‪،‬‬
‫التي نصت‬ ‫(‪)2‬‬
‫وأكدها في نص المادة ‪ 177‬مكرر‪ 1‬الخاصة بجريمة تكوين جمعية األشرار‬
‫على أنه‪ :‬يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 51‬مكرر أعاله‪ ،‬عن الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ 176‬من هذا القانون ويعاقب‬
‫بالغرامة التي تساوي خمس (‪ ) 5‬مرات الحد األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 177‬من هذا القانون‪.‬‬
‫ويتعرض أيضا لواحدة أو أكثر من العقوبات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪،‬‬
‫‪ -2‬المنع لمدة خمس )‪ (5‬سنوات من مزاولة‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬المنع لمدة‬
‫خمس (‪ )5‬سنوات من مزاولة‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أو الذي ارتكبت الجريمة‬
‫بمناسبته النشاط الذي أدى إلى الجريمة‪،‬‬
‫‪ -3‬اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة خمس (‪ )5‬سنوات‪،‬‬
‫‪ -4‬غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز خمس (‪ )5‬سنوات‪،‬‬
‫‪ -5‬حل الشخص المعنوي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى نص المادة ‪ 389‬مكرر‪ 7‬الخاصة بجريمة تبييض األموال التي نصت‬
‫على أنه‪ :‬يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المذكورة في المادة ‪ 389‬مكرر‪1‬‬
‫و‪ 389‬مكرر ‪ 2‬بالعقوبات التالية‪:‬‬

‫‪ - 1‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.413‬‬


‫‪ - 2‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪204‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ - 1‬مصادرة الممتلكات والعائدات التي تم تبييضها‪،‬‬


‫‪ - 2‬مصادرة الوسائل والمعدات التي استعملت في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫إذا تعذر تقديم أو حجز الممتلكات محل المصادرة تحكم الجهة القضائية المختصة‬
‫بعقوبة مالية تساوي قيمة هذه الممتلكات ويمكن للجهة القضائية أن تقضي باإلضافة إلى‬
‫ذلك بإحدى العقوبتين اآلتيتين‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المنع من مزاولة نشاط مهني أو اجتماعي لمدة ال تتجاوز خمس (‪ )5‬سنوات‪،‬‬
‫ب‪ -‬حل الشخص المعنوي‪.‬‬
‫غير أنه بالرجوع ألحكام نص المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 1‬المتعلقة بعقوبة الشخص المعنوي‬
‫في المخالفات‪ ،‬والمادة ‪ 394‬مكرر المتعلقة بجريمة المساس باألنظمة المعالجة اآللية‬
‫للمعطيات نجد أن المشرع لم يتطرق لهذه العقوبة‪ ،‬فإذا كان استبعادها في المخالفات ال يثير‬
‫الفضول كون استبعادها في المخالفات يبرره عدم خطورتها‪ ،‬لكن ما يلفت االنتباه ويجعل‬
‫األمر غير دون مبرر هو ما يتعلق بالمادة ‪ 394‬مكرر سالفة الذكر‪ ،‬فقد حصر عقوبة‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخص المعنوي في الغرامة ال غير‪ ،‬دون باقي العقوبات بما فيها الحل رغم خطورتها‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هو أن المشرع الفرنسي وعلى خالف المشرع الجزائري الذي لم يتطرق‬
‫إلى مضمون هذه العقوبة وقواعد تطبيقها‪ ،‬نصت المادة ‪ 39/131‬من قانون العقوبات‬
‫الفرنسي للنص على حالتين يجوز فيهما للقاضي الحكم بالحل مع تحديد ماهية الجريمة‬
‫(‪)2‬‬
‫التي يجوز فيها ذلك وهي‪:‬‬
‫‪-‬الحالة األولى‪:‬‬
‫تتمثل الحالة األولى في أن يكون الشخص المعنوي قد انحرف عن غرضه إلى ارتكاب‬
‫الجرائم‪ ،‬بدال من تحقيق الغرض المشروع الذي وجد من أجله‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 278‬‬
‫‪ - 2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬

‫‪205‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ويشترط أن تكون الجريمة المرتكبة في هذه الحالة جناية أو جنحة يقرر لها القانون‬
‫بالنسبة للشخص الطبيعي عقوبة الحبس لمدة تزيد أو تساوي ثالث سنوات وبالتالي ال يجوز‬
‫توقيع عقوبة الحل على الشخص المعنوي إذا ارتكب مخالفة أو جنحة معاقبا عليها بأقل من‬
‫ثالث سنوات حبسا‪ ،‬إال إذا كان الغرض من إنشائه هو ارتكاب الجرائم‪ ،‬مثل البنك الذي‬
‫يقوم بتبييض األموال العائدة من المخدرات‪ ،‬يمكن حله دون أن نبرهن أن تبييض األموال‬
‫كان السبب من إنشائه‪.‬‬
‫‪-‬الحالة الثانية‪:‬‬
‫أن يكون الشخص المعنوي قد أنشئ من أجل ارتكاب أفعال إجرامية وبالتالي‪ ،‬فاإلرادة‬
‫اآلثمة لدى الشخص المعنوي متوفرة منذ البداية‪ ،‬لكن السؤال المطروح هل نبحث عن هذه‬
‫النية لدى مؤسسي أو مسيري أو شركاء الشخص المعنوي؟‬
‫وعليه يجب أن يكون هدف الشخص المعنوي من الناحية القانونية مشروعا‪ ،‬لكن من‬
‫الناحية الفعلية‪ ،‬فإن إرادة المشرع في إنشاء الشخص المعنوي لغرض مشروع قد ال تراعى‪،‬‬
‫األمر الذي يجعل القاضي عاج از على الحكم بعقوبة الحل‪ ،‬إال بعد ممارسة الشخص‬
‫المعنوي نشاطه الفعلي والحقيقي لذلك يرى األستاذ ليكانو ‪ LECANNU‬أنه يجب األخذ في‬
‫االعتبار الهدف األساسي من إنشاء الشخص المعنوي‪.‬‬
‫ويضيف إلى ذلك األستاذين‪ DESPORTES et LE GUNEHEC :‬أنه يجب األخذ‬
‫بعين االعتبار الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة‪ ،‬بمعنى إذا ارتكبت الجريمة صدفة بعد‬
‫سنوات من إنشاء الشخص المعنوي‪ ،‬فال يمكن النطق بعقوبة الحل إال إذا كان الهدف من‬
‫إنشاء الشخص المعنوي هو ارتكاب الجرائم‪.‬‬
‫أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري‪ ،‬فلقد نص على عقوبة الحل في قانون العقوبات‬
‫المعدل والمتمم في المادة ‪ 18‬مكرر من‪ ،‬وكذلك في المادة ‪ 303‬مكرر ‪ 26‬منه وتطبق‬
‫على الشخص المعنوي العقوبات‪ ،‬حيث نصت الفقرة الثالثة منها على العقوبات المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 18‬مكرر من هذا القانون‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وبذلك يكون المشرع قد نص على هذه العقوبة في جميع الجرائم التي يرتكبها الشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬باستثناء تلك المنصوص عليها في القسم السابع مكرر من قانون العقوبات‬
‫المتعلقة بالمساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات وذلك بالرغم من خطورة هذه الجريمة‪.‬‬
‫وتعتبر عقوبة الحل عقوبة تكميلية وجوازية‪ ،‬للقاضي أن يحكم بها في حالة ارتكاب‬
‫الشخص المعنوي جناية أو جنحة دون المخالفات‪ ،‬ونص عليها المشرع الجزائري دون أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يتطرق إلى مضمون هذه العقوبة وقواعد تطبيقها كما فعل المشرع الفرنسي‪.‬‬
‫أما في القوانين الخاصة‪ ،‬فلقد أجاز المشرع الجزائري للقاضي الحكم بعقوبة الحل في‬
‫القانون رقم ‪ 09-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬المتضمن جرائم مخالفة أحكام اتفاقية‬
‫حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال األسلحة وذلك بموجب المادة ‪ 18‬فقرة ثالثة التي‬
‫تنص "وفي جميع الحاالت يتم الحكم بحل المؤسسة‪".‬‬
‫كما أحالت المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪،2006‬‬
‫المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم باألمر رقم ‪ 05-10‬المؤرخ في ‪26‬‬
‫أوت ‪ 2010‬إلى قانون العقوبات في مجال العقوبات (حل الشخص المعنوي)‪.‬‬
‫كما نصت على هذه العقوبة‪ ،‬المادة ‪ 25‬فقرة أخيرة من القانون رقم ‪ 18 -04‬المؤرخ‬
‫في‪ 25‬ديسمبر ‪ 2004‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال‬
‫واإلتجار غير المشروعين بهما على أنه ‪ ... :‬وفي جميع الحاالت‪ ،‬يتم الحكم بحل‬
‫المؤسسة أو غلقها مؤقتا لمدة ال تفوق خمس )‪ ( 5‬سنوات‪.‬‬
‫مما تقدم يمكن القول أن فرض عقوبة الحل على الشخص المعنوي والشركة التجارية‬
‫في حالة ارتكابها جرائم اقتصادية ليس باألمر الهين‪ ،‬بالنظر إلى نتائجها السلبية اقتصاديا‬
‫واجتماعيا وبالتالي فلن تكون هذه العقوبة فعالة ومجدية إال إذا تأكد القاضي عند النطق‬

‫‪ -1‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 61‬‬

‫‪207‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫بها‪ ،‬أن هدف الشخص المعنوي والشركة التجارية كان حقيقة غير مشروع منذ بداية‬
‫نشاطها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬غلق الشركة التجارية‬
‫الغلق جزاء عيني يتمثل في منع الشخص المعنوي من مزاولة نشاطه في المكان الذي‬
‫ويعتبر من العقوبات التكميلية الماسة‬ ‫(‪)1‬‬
‫ارتكبت فيه أو بسببه جريمة متعلقة بهذا النشاط‪،‬‬
‫بالنشاط المهني للشخص المعنوي‪ ،‬يترتب عليه منع هذا األخير من أن يمارس النشاط الذي‬
‫كان يمارسه قبل الحكم بالغلق‪ ،‬والهدف من هذا الجزاء هو عدم السماح للشخص المعنوي‬
‫(‪)2‬‬
‫المحكوم عليه ارتكاب جرائم جديدة‪.‬‬
‫والغلق جزاء عيني ينص عليه المشرع في غالب األحوال كعقوبة تكميلية إلى جانب ما‬
‫يقضي به من عقوبات أصلية أخرى‪ ،‬وعادة ما يستخدم في المخالفات التجارية واالقتصادية‬
‫ويأخذ الغلق عدة صور‪ ،‬فقد يكون جزئيا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬تبعا لجسامة الجريمة ونص‬
‫القانون الجزائري على عقوبة الغلق ضمن العقوبات العامة المطبقة على الشخص المعنوي‬
‫في المادة ‪ 18‬مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم‪ ،‬كإحدى أنواع العقوبات التكميلية‬
‫التي تطبق على األشخاص المعنوية عند ارتكابها إحدى الجنايات والجنح المنصوص عليها‬
‫في هذا القانون والتي تسأل عنها جزائيا‪ ،‬واعتبرها المشرع عقوبة مؤقتة حدد مدتها بخمس‬
‫سنوات على األكثر‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫أما في مجال المخالفات‪ ،‬فلقد استبعدها من التطبيق طبقا لنص المادة ‪ 18‬مكرر ‪1‬‬
‫من قانون العقوبات‪ ،‬كما استبعدها بالنسبة لجرائم تبييض األموال على نحو ما تضمنته‬

‫‪ -1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.395‬‬


‫‪ -2‬سالم عمر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ -3‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 311‬‬

‫‪208‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المادة ‪ 389‬مكرر ‪ 7‬من قانون عقوبات التي أجازت فقط توقيع عقوبة المنع من مزاولة‬
‫النشاط لمدة ال تتجاوز خمس سنوات أو حل الشخص المعنوي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أما في مجال القوانين الخاصة‪ ،‬استبعد المشرع الجزائري تطبيق عقوبة الغلق على‬
‫األشخاص المعنوية في حالة ارتكابهم جرائم الصرف المنصوص عليها في األمر رقم ‪-96‬‬
‫‪ 22‬المعدل والمتمم‪ ،‬وكذلك في األمر رقم ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 06‬فيفري ‪ 2005‬المتعلق‬
‫بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحته المعدل والمتمم‪.‬‬
‫أما في جرائم الفساد المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري‬
‫‪ 2006‬المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم باألمر رقم‪ 05-10 :‬المؤرخ‬
‫في ‪ 26‬أوت ‪ ،2010‬تطبق عقوبة الغلق كعقوبة تكميلية وفقا للقواعد المقررة في المادة ‪18‬‬
‫مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم‪.‬‬
‫كما نص المشرع الجزائري على هذه العقوبة في جرائم المخدرات المنصوص عليها في‬
‫المواد من ‪ 18‬إلى ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 18-04‬المؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ 2004‬المتعلق‬
‫بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واإلتجاز غير المشروعين بها‪،‬‬
‫وذلك‬ ‫( ‪)2‬‬
‫وهذه العقوبة تطبق وجوبا ولمدة مؤقتة على الشخص المعنوي إذا لم يؤمر بحله‬
‫وفقا لما تضمنته المادة ‪ 25‬فقرة أخيرة منه التي نصت على أنه‪ :‬وفي جميع الحاالت‪ ،‬يتم‬
‫الحكم بحل المؤسسة أو غلقها مؤقتة لمدة ال تفوق خمس سنوات‪.‬‬
‫وتم تكريس هذه العقوبة أيضا في القانون رقم ‪ 09-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪2003‬‬
‫المتضمن قمع جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال األسلحة‬
‫الكيميائية وتدمير تلك األسلحة وذلك في المادة ‪ 18‬فقرة ثالثة منه التي تنص على أنه ‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.356‬‬
‫‪ -2‬سليم صمودي‪ ،‬المسؤولية الجزائية لشخص المعنوي‪ ،‬دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي‪ ،‬دار‬
‫الهدى الجزائر‪ ، 2006،‬ص ‪.49‬‬

‫‪209‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وفي جميع الحاالت يتم الحكم بحل المؤسسة أو غلقها مؤقتا لمدة ال تتجاوز خمس ( ‪)5‬‬
‫سنوات‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع الجزائري بالرغم من فعالية وأهمية عقوبة الغلق في محاربة‬
‫الجرائم االقتصادية المرتكبة من طرف األشخاص المعنوية‪ ،‬إال أنه لم يتناول في الكثير من‬
‫النصوص القانونية هذه العقوبة‪ ،‬كان عليه أن ينص عليها في القانون رقم ‪ 03-09‬المؤرخ‬
‫في ‪ 25‬فيفري ‪ 2009‬المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش وكذلك القانون رقم ‪10-03‬‬
‫المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة وكذا‬
‫القانون رقم ‪ 06-10‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ 2010‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪02-04‬‬
‫الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية لما لهذه العقوبة من آثار على مرتكب‬
‫(‪)1‬‬
‫المخالفات التي تتضمنها هذه القوانين‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية الماسة بنشاط الشركة وسمعتها‬
‫تعد العقوبات الماسة بنشاط الشخص المعنوي والشركة التجارية من أسهل العقوبات‬
‫التي يمكن توقيعها على األشخاص المعنوية وضمان تنفيذها‪ ،‬وتتمثل هذه العقوبات في منع‬
‫الشخص المعنوي والشركة التجارية من ممارسة نشاطه المهني واالجتماعي وإقصائه من‬
‫الصفقات العمومية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬منع الشركة التجارية من ممارسة نشاطها المهني واالجتماعي‬
‫ويترتب على الحكم بمنع الشركة التجارية من ممارسة نشاطها المهني واالجتماعي‬
‫حرمانها من حق مزاولة نشاطها التجاري والصناعي خشية من أن ترتكب عن طريقه أو‬
‫بمناسبته جرائم أخرى‪ ،‬ومن ثم فإن في مباشرته له مصدر خطورة إجرامية تهدد المجتمع‪،‬‬
‫فالقضاء على هذه الخطورة يتطلب المنع من استم ارره في ممارسة هذا النشاط وقد تطرق‬
‫المشرع الجزائري إلى عقوبة المنع عن ممارسة النشاط في المادة ‪ 17‬من قانون العقوبات‬

‫‪ -1‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.357‬‬

‫‪210‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المعدل والمتمم التي نصت على أنه ‪ :‬منع الشخص االعتباري من االستمرار في ممارسة‬
‫نشاطه تقتضي أن ال يستمر هذا النشاط حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو‬
‫أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين ويترتب على ذلك تصفية أمواله مع المحافظة على‬
‫(‪)1‬‬
‫حقوق الغير حسن النية‪.‬‬
‫ويتبين من خالل نص المادة سالفة الذكر‪ ،‬أن المشرع الجزائري جعل عقوبة المنع من‬
‫ممارسة النشاط تتخذ إحدى الصورتين‪ :‬إما أن تكون عقوبة نهائية أو عقوبة مؤقتة ال‬
‫طا واحد من أنشطة الشركة التجارية‬
‫تتجاوز مدتها خمس ‪ 5‬سنوات وهي إما أن تمس نشا ً‬
‫المنصوص عليه في قانونه األساسي أو تمس عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية إذا كان‬
‫موضوع نشاطها متعدد وهذا المنع إما أن يكون مباشر أو غير مباشر‪ ،‬ويجب أن يشمل‬
‫النشاط الذي وقعت الجريمة بسببه أو بمناسبته‪.‬‬
‫كما يالحظ أيضا من خالل نص المادة سالفة الذكر‪ ،‬أن عقوبة المنع من ممارسة‬
‫النشاط تقترب من عقوبة الحل‪ ،‬هذا في حالة ما إذا تم المنع النهائي من ممارسة النشاط‪،‬‬
‫وتقترب من عقوبة الغلق إذا تم المنع بصفة مؤقتة‪ ،‬وتعتبر أيضا من العقوبات التكميلية‬
‫الجوازية التي يمكن للقاضي الحكم بها على األشخاص المعنوية محل المساءلة الجزائية في‬
‫(‪)2‬‬
‫الجرائم التي تأخذ وصف الجنايات والجنح دون المخالفات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إقصاء الشركة التجارية من الصفقات العمومية‬
‫اإلقصاء من الصفقات العمومية‪ :‬يقصد بها منع الشركة التجارية من المشاركة بصفة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة في أية صفقة عمومية‪ ،‬إما نهائيا أو لمدة مؤقتة‪ ،‬كما يجوز للقاضي‬
‫أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذه العقوبة‪.‬‬

‫‪ -1‬سليم صمودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪ -2‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.359‬‬

‫‪211‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وهو ما نص عليه القانون الجزائري‪ ،‬كقاعدة عامة في المادة ‪ 18‬مكرر من قانون‬


‫العقوبات المعدل والمتمم في كل من الجنايات والجنح التي يسأل عنها الشخص المعنوي‬
‫دون المخالفات‪ ،‬بصفة جوازية بعد الحكم بالغرامة‪ ،‬ولم ينص عليه في جريمة تبييض‬
‫األموال وجريمة المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة لجرائم‬
‫الفساد‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 01 - 06‬المؤرخ في‪ 20 :‬فيفري ‪2006‬‬
‫المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم على أنه ‪ :‬يكون الشخص االعتباري‬
‫مسؤوال جزائي عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وفقا للقواعد المقررة في قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬مما يفيد إمكانية الحكم باإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز خمس‬
‫(‪ )5‬سنوات كعقوبة تكميلية وبالتالي فإن مدة اإلقصاء محددة‪ ،‬مما يدعو إلى تقييد سلطة‬
‫القاضي في الحكم بخالفها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الشخص المعنوي الخاضع لهذا الجزاء بإمكانه التخلص منه‬
‫وذلك عن طريق اللجوء إلى أشخاص معنوية للقيام نيابة عنه وباسمهم الشخصي بإبرام‬
‫(‪)1‬‬
‫الصفقات التي كان يريد إبرامها‪.‬‬
‫إن القراءة المتأنية لنصوص التجريم التي سنت لمكافحة جرائم الشركات بوصفها‬
‫أشاخاص اعتبارية تكشف بوضوح أن المشرع قد استشعر خطورة اتساع دوائر أنشطة‬
‫األشخاص االعتبارية ‪ ،‬والتي تخطت الحدود اإلقليمياة وأصبحت متعددة الجنسيات ذات‬
‫تأثيرات واضحة على العديد مان المجتمعاات الدولية إلى درجة تفوق أحيانا قدرات بعض‬
‫الدول‪ ،‬هذه األخيرة أصبحت مجبرة على التنازل عن بعض أدوارها في إدارة المرافق العامة‬
‫وتقديم الخادمات إلى مواطنيها‪ ،‬ونظ ار لما ترتب على ذلك من نتائج وآثار بحكم ما تملكه‬
‫هذه الشاركات من أموال وال تستطيع تسخيره من سلطات‪ ،‬وتجنيده مان كفااءات وطاقاات‬
‫وقدرات بشرية قادرة على تطويع المنجزات العلمية لخدمة أية أهداف إجرامياة‪ ،‬لذلك كله كان‬

‫‪ - 1‬سليم صمودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪212‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫لدى الفقهاء من المبررات والدوافع ما جعلهم يبادرون إلى إعطاء اهتمام ملحوظ إلقرار‬
‫المسؤولية الجنائية لألشخاص اإلعتبارية في وقت مبكر لقمع الجرائم التي يمكن أن ترتكبها‬
‫هذه الشركات‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬قيام المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية‬


‫نتطرق في هذا الفصل لقيام المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية الذي‬
‫يعتبرون في غالب األحيان الممثلين ال شرعيين للشركات التجارية المعنيين بالمسائلة الجزائية‬
‫سواءا كانوا بصفتهم فاعلين أو شركاء على اعتبار أن المشرع الجزائري أشار في نص المادة‬
‫‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات عند تنظيمه لقواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫وبالتبعية الشركة التجارية لقيام مسؤولية الممثلين الشرعيين للشخص المعنوي باعتبارها‬
‫مسؤولية جزائية تبعية وبذلك يكون المشرع الجزائري قد أتى بقواعد قانونية تتضمن مسؤولية‬
‫جزائية مزدوجة تتمثل في المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية أو الشركات التجارية‬
‫والمسؤولية الجزائية لممثليها الشرعيين وغالبا ما يكون هؤالء هم المسيرين كونهم المعنيين‬
‫بنشاط الشركات التجارية‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المبحث األول‪ :‬متابعة مسيري الشركة التجارية‬


‫من خالل التمعن في أحكام الفقرة الثانية من المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‬
‫المعدل والمتمم التي تنص"‪ ...‬إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ال تمنع مسائلة‬
‫الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس األفعال"‪ ،‬وتقابلها الفقرة الثالثة من‬
‫المادة ‪ 121‬الفقرة الثانية من قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬مثله مثل قانون العقوبات المصري‬
‫لسنة ‪ 1994‬المتعلق بقمع التدليس والغش في المادة ‪ 281‬منه‪ ،‬ويتضح جليا أن المشرع‬
‫الجزائري قد أخذ وبصفة صريحة بمبدأ ازدواجية المسؤولية الجزائية بين الشخص المعنوي‬
‫والشخص الطبيعي عن نفس الجريمة المرتكبة‪.‬‬
‫وقد ذهبت أغلبية التشريعات إلى إقرار قاعدة ازدواجية المسؤولية الجزائية‪ ،‬وذلك ما‬
‫اعتد به قانون العقوبات الفرنسي الجديد‪ ،‬وكانت مشاريع هذا القانون لسنوات ‪- 1978‬‬
‫‪ 1983‬قد أكدت على هذا المبدأ‪ ،‬حيث يفترض إسناد المسؤولية الج ازئية للشركة التجارية‬
‫ضرورة أن تنسب للشخص الطبيعي الذي يمثلها‪ ،‬وجاء في تقرير اللجنة الخاصة بمراجعة‬
‫قانون العقوبات في فرنسا توصيات باألخذ بمبدأ االزدواجية للمسؤولية‪ ،‬وذلك الستبعاد كل‬
‫الحجج والمبررات التي ترمي إلى عدم مسائلة الشخص المعنوي بهدف إفالت الشخص‬
‫الطبيعي من توقيع العقوبة عليه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫مع اإلشارة لوجود محاوالت التي تفيد بتقيد مسؤولية المسير وذلك بالنص على شرط‬
‫تدخله الشخصي في اتخاذ القرار أو على مستوى التنفيذ غير أن البرلمان الفرنسي كرس‬
‫مبدأ الجمع بين مسؤولية الشخص المعنوي والشخص الطبيعي‪ ،‬وتم إلغاء هذا الشرط من‬
‫القانون الذي تم التصويت عليه وتم ذكر بعض الحاالت على سبيل الحصر‪ ،‬حيث يمكن‬
‫أن تقوم مسؤولية الشركات التجارية وحدها دون الشخص الطبيعي المسؤول عليها‪ ،‬في حالة‬

‫‪ - 1‬شريف سيد كامل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.104‬‬

‫‪215‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫عدم ثبوت مسؤوليته الج ازئية‪ ،‬كما هو الحال في جرائم االمتناع واإلهمال‪ ،‬أو كأن ترتكب‬
‫(‪)1‬‬
‫من أحد أجهزة الشركة مع العجز في إخضاعها ألحد منهم‪.‬‬
‫وعليه فإن مسير الشركة قد يتابع بصفته فاعال أصليا وهو ما سنتطرق له في المطلب‬
‫األول أو يتابع بوصفه شريكا للشركة التجارية وهو ما سنتطرق له في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كفاعل أصلي‬
‫المساهمة األصلية يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية للجريمة بنفسه‪ ،‬فيكون‬
‫مباشر لألفعال المادية للجريمة لوحده‬
‫ا‬ ‫فاعال ماديا‪ ،‬وفيها صورتان ‪ :‬فقد يكون فاعال ماديا‬
‫وقد يساهم معه فاعل آخر أو فاعلون آخرون فيصبحون جميعا فاعلين أصليين في الجريمة‬
‫يتابعون بكونهم هم من ارتكبوا األفعال المادية للجريمة وهذا ما سنتطرق له في الفرع األول‪،‬‬
‫كما يمكن أن يكون فاعال أصليا للجريمة رغم أنه لم يقم بارتكاب األفعال المادية للجريمة‬
‫ولم يساهم مساهمة مباشرة وإنما قام بالتحريض على ارتكابها‪ ،‬وهو الطرح الذي تبناه المشرع‬
‫الجزائري بناء على نص المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات‪ ،‬وهنا أيضا نجد طرحين اثنين‬
‫الطرح األول‪ :‬وهو من يحرض شخصا مسؤوال جزائيا‪ ،‬والطرح الثاني‪ :‬من يحرض شخصا‬
‫غير مسؤول جزائيا‪ ،‬وهو ما يعرف في الفقه الجنائي بالفاعل المعنوي‪ ،‬والمحرض في كلتا‬
‫الحالتين يعتبره المشرع الجزائري فاعال أصليا في الجريمة وهو ما سنتطرق له في الفرع‬
‫الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كفاعل مادي‬
‫نص المشرع الجزائري على الفاعل األصلي في الجريمة في المادة ‪ 41‬من قانون‬
‫العقوبات التي نصت على أنه‪ :‬يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة‬

‫‪ - 1‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.359‬‬

‫‪216‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو‬
‫(‪)1‬‬
‫الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي‪.‬‬
‫واستقراءا لنص المادة أعاله نستنتج أن الفاعل هو من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ‬
‫الجريمة وعبارة مساهمة مباشرة ال يمكن اعتبارها معيا ار فاصال لتحديد ما هو مساهمة‬
‫أصلية وما هو مساهمة تبعية‪ ،‬وهو ما سوف نتطرق إليه في حينه‪ ،‬وتأخذ المساهمة‬
‫المباشرة صورتان‪ :‬الصورة األولى يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية للجريمة وحده‬
‫والصورة الثانية وهي مساهمة الفاعل المادي للجريمة مع غيره في إتيان األفعال المادية‬
‫للجريمة‪ ،‬وهو ما سوف نوضحه فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الفاعل المادي لوحده‬
‫هذه الصورة من المساهمة الجنائية ال تطرح أي إشكال قانوني‪ ،‬فالفاعل في هذه الحالة‬
‫يقوم بمباشرة األفعال المادية للجريمة لوحده دون أن يساهم معه أي شخص آخر في ذلك‬
‫وإن وجد معه مساهمون فهم شركاء ساعدوه أو عاونوه على ارتكاب مشروعه اإلجرامي‬
‫وليسوا فاعلين أصليين‪.‬‬
‫والفاعل المادي قد يكون فعله إيجابي ومثاله‪ :‬من يقدم على قتل شخص ما أو‬
‫يسرقه‪...‬إلخ وقد يكون فعله سلبي وهو من امتنع عن أداء التزام قانوني يقع على عاتقه‬
‫ومثاله‪ :‬من ترك طفال أو شخصا عاج از غير قادر عن حماية نفسه عرضة للخطر‪ ،‬وهو ما‬
‫تنص عليه المادة ‪ 314‬من قانون العقوبات‪ ،‬كما أن تحقق النتيجة ليس شرطا العتبار‬
‫الشخص فاعال ماديا وهو ما يعرف بالجريمة الخائبة‪ ،‬كما ال يشترط أن يتم الجاني مشروعه‬
‫والاشركة‬ ‫(‪)2‬‬
‫اإلجرامي بل قد يبقى في صورة شروع فيعاقب على أساس نظرية الشروع‪.‬‬
‫التجارية قد تأخذ دور الفاعل األصلي أو دور الشاريك ‪ -‬حسب األحوال ‪ -‬إال أنه ال يمكن‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 41‬من األمر رقم ‪ ، 156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ ، 1982/02/13‬جريدة‬


‫رسمية عدد ‪ 07‬لسنة ‪.1982‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫‪217‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أن تأخذ دور الشريك إذا تعلق األمر بجريمة ارتكبها الجهاز‪ ،‬أو الممثل الشرعي وقد تتابع‬
‫عنها إلى جان ب الشخص الطبيعي الذي يرتكبها بصفتها فاعال أصليا‪.‬‬
‫‪ -2‬الفاعل المادي مع غيره‬
‫إذا كان الفاعل المادي للجريمة وحده ال يطرح إشكاال‪ ،‬فإن الفاعل المادي مع غيره‬
‫عكس ذلك‪ ،‬وهذه الصورة من المساهمة الجنائية تتطلب شروط معينة لتتحقق وتتمثل هذه‬
‫الشروط في تعدد المساهمين ووحدة الجريمة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعدد الجناة‬
‫إن تعدد المساهمين شرط من شروط تحقق المساهمة الجنائية‪ ،‬غير أن هذا األمر في‬
‫بعض األحيان ال يتحقق حتى بتعدد الجناة‪ ،‬وذلك في الجرائم التي يعد التعدد ضروري‬
‫لتحققها مثل جريمة الرشوة التي ال تتحقق إال بوجود راشي ومرتشي‪...‬إلخ‪ ،‬وإذا تعدد الجناة‬
‫وتعددت جرائمهم‪ ،‬بحيث كان كل واحد منهم مرتكبا على حدة جريمة مستقلة ولو ارتكبت‬
‫هذه الجرائم في مكان واحد أو في وقت واحد أو صدرت عن باعث واحد‪ ،‬مثل الجرائم التي‬
‫تقع أثناء التجمهر‪ ،‬كما لو أحرق متظاهرون متاجر خصومهم أو اعتدوا على رجال األمن‬
‫(‪)1‬‬
‫الذين أرادوا تفريقهم فال تتحقق المساهمة الجنائية‪.‬‬
‫بينما التعدد الذي يحقق المساهمة الجنائية هو الذي تتحقق معه الجريمة التي يمكن‬
‫(‪)2‬‬
‫أن ترتكب بفاعل وحيد‪ ،‬ويتعدد فيها الجناة في مشروع جنائي واحد ماديا ومعنويا‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وحدة الجريمة‬
‫تعد وحدة الجريمة من الشروط الالزمة لتحقق المساهمة الجنائية بحيث تتحد إرادة‬
‫الجناة في ارتكاب جريمة واحدة يساهمون جميعا في وقوعها‪ ،‬بالمخالفة ال يمكن القول‬

‫‪ -1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.425‬‬


‫‪ -2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.189‬‬

‫‪218‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫بإمكانية الجمع بين المسؤوليتين الجزائيتين إذا ارتكبت جريمتين مختلفتين ومتميزتين عن‬
‫بعضهما البعض‪ ،‬حتى ولو تم ارتكابهما لحساب الشركة‪.‬‬
‫وتأخذ هذه الوحدة بعدين‪:‬‬
‫بعد مادي وبعد معنوي وهو ما يعرف في الفقه الجنائي بوحدة الركن المادي ووحدة الركن‬
‫(‪)1‬‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫أ ‪ /‬الوحدة المادية للجريمة‬
‫لكي تتحقق المساهمة الجنائية ال بد أن يكون المشروع اإلجرامي للمساهمين ذو وحدة‬
‫مادية أي ال بد أن يشترك الجناة في ارتكاب األركان المادية للجريمة‪ ،‬وال يهم نوع المساهمة‬
‫التي يقدمها أي عضو في المجموعة‪ ،‬ما دامت تدخل في تكوين العناصر المادية للجريمة‪.‬‬
‫ب‪ /‬الوحدة المعنوية‬
‫باإلضافة إلى الوحدة المادية ال بد أن تتحقق الوحدة المعنوية في الجريمة حتى تكتمل‬
‫صورة المساهمة الجنائية‪ ،‬وتتمثل الوحدة المعنوية في توافق إرادة المساهمين على ارتكاب‬
‫األفعال المادية للجريمة أ ي‪ :‬اتجاه إرادتهم للمشاركة في مشروع إجرامي واحد مع علمهم‬
‫بأن األفعال التي يأتيها كل واحد منهم تصب في المشروع اإلجرامي المزمع ارتكابه‪ ،‬وقد‬
‫تكون هذه الوحدة نابعة عن اتفاق مسبق بين الجناة وهو الرأي الغالب (‪ ،)2‬غير أن األمر‬
‫ليس على إطالقه‪ ،‬فقد تتحقق الوحدة المعنوية في غياب االتفاق المسبق بين الجناة حيث‬
‫يكفي أن يكون هناك اتفاق حال معاصر لوقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫فإذا هم مثال شخص بقتل شخص آخر‪ ،‬وصدفة مر بالمكان شخص ثالث يكره‬
‫الشخص المراد قتله ويريد االنتقام منه فيقوم بتقييده ليسهل على الشخص اآلخر قتله‪ ،‬فهنا‬

‫‪ -1‬علي حسن خلف‪ ،‬سلطان عبد القادر الشاوي‪ ،‬المبادئ العامة في قانون العقوبات‪ ،‬المكتبة القانونية‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫‪ ،2015‬ص‪.180‬‬
‫‪ -2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.189‬‬

‫‪219‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫تقوم المساهمة الجنائية رغم انعدام االتفاق المسبق بين المجرمين لقيام قصد التدخل‬
‫لذلك تتحقق الوحدة المعنوية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الرتكاب الجريمة لدى الشخص الثالث‪،‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كمحرض‬
‫يأخذ الفاعل األصلي في المساهمة الجنائية صورة أخرى وهي المحرض وهو ما عبر‬
‫عنه المشرع في المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات في جزئها الثاني بالقول‪ ...":‬أو حرض على‬
‫ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو‬
‫التدليس اإلجرامي‪.‬‬
‫وعليه فالمحرض عند رأي المشرع الجزائري يعتبر فاعال أصليا بخالف بعض‬
‫التشريعات التي تعتبره شريكا كالمشرع الفرنسي والمشرع المصري‪ ،‬كما يخالف أيضا‬
‫توصيات المؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات المنعقد في أثينا سنة ‪ 1957‬الذي يوصي‬
‫بإخراج التحريض من المساهمة األصلية والتبعية وجعله صورة مستقلة عن المساهمة‬
‫(‪)2‬‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫والتحريض نوعان تحريض مقيد وتحريض مطلق‪ ،‬فأما التحريض المقيد فهو التحريض‬
‫على ارتكاب الجريمة باستعمال إحدى األساليب المذكورة في الجزء الثاني من المادة ‪41‬‬
‫السالفة الذكر والمادة ‪ 45‬من القانون نفسه‪ ،‬والتحريض المطلق وهو التحريض الذي تناوله‬
‫المشرع الجزائري بنصوص خاصة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪ ،‬دون أن يتقيد‬
‫بوسائل التحريض المذكورة في المادة ‪ 41‬مثل‪ :‬التحريض على ارتكاب الجنايات المنصوص‬
‫عليها في المواد‪ 61،62،63 ،64 :‬وذلك بموجب نص المادة ‪ 2/64‬والمواد‪:‬‬
‫التحريض على اإلجهاض‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ 80،83،86،107،138،140،316‬من قانون العقوبات‪،‬‬

‫‪ -1‬علي حسن خلف‪ ،‬سلطان عبد القادر الشاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪ -2‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬أصول قانون العقوبات في الدول العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪ ،1970 ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.208‬‬

‫‪220‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المادة ‪ 310‬من قانون العقوبات‪ ،‬تحريض القصر على الفسق والدعارة المنصوص عليه في‬
‫المواد ‪ 349 -342‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬التحريض على استهالك أو بيع المخدرات‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع اإلتجار واالستعمال غير‬
‫المشروعين بها (‪ ،)1‬التحريض على ارتكاب إحدى الجرائم المقررة في المادة األولى من‬
‫القانون رقم ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ 2005/02/06‬المتعلق بالوقاية من تبييض األموال‬
‫وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪ ،‬التحريض المنصوص عليه في المواد ‪،283 ،279 ،271‬‬
‫‪ 303 ،301 ،286 ،284‬و‪ 306‬من قانون القضاء العسكري (‪.)2‬‬
‫والتحريض الذي يهمنا في هذه الدراسة التحريض المقيد‪ ،‬والذي نص عليه المشرع‬
‫الجزائري في المادتين ‪ 41‬و‪ 45‬من قانون العقوبات‪ ،‬حيث يكون التحريض في المادة ‪41‬‬
‫موجه نحو شخص مسؤول جزائيا وفي المادة ‪ 45‬يوجاه لشخاص غاير مسئول جزائيا وهو ما‬
‫يعرف بالفاعل المعنوي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تحريض من كان مسئوال جزائيا‬
‫التحريض هو خلق فكرة الجريمة في ذهن منفذها أو حثه على ارتكابها باستعمال‬
‫وسائل حددها القانون على سبيل الحصر في المادة ‪ 41‬وهي‪ :‬الهبة أو الوعد أو التهديد أو‬
‫إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي والشخص الذي يقع عليه‬
‫التحريض تكون إرادته واقعة تحت تأثير الوسيلة التي استعملها المحرض لدفعه إلى ارتكاب‬
‫الجريمة وتحقيق النتيجة التي كان يرجوها‪.‬‬
‫لكن إذا لم تتحقق النتيجة المرجوة أو تحققت نتيجة غير تلك التي كان يخطط لها‬
‫المحرض فال يسأل إال على النتيجة التي حرض من أجل وقوعها‪ ،‬فإذا تم التحريض على‬
‫جريمة السرقة وقام الفاعل بجريمة القتل فالمحرض يسأل عن جريمة السرقة وال يسأل عن‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 22‬من القانون رقم ‪ ، 18 – 04‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 271‬من األمر رقم ‪ 28 -71‬المؤرخ في ‪ 1971/04 /22‬المتضمن قانون القضاء العسكري ‪،‬‬
‫معدلة بالقانون رقم ‪ 14-18‬المؤرخ في ‪ ، 2018/07/29‬جريدة رسمية عدد ‪ 47‬لسنة ‪.2018‬‬

‫‪221‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫جريمة القتل‪ ،‬ألن المشروع اإلجرامي المشترك بينهما هو السرقة بينما استقل الفاعل‬
‫(‪)1‬‬
‫بمشروعه اإلجرامي وهو جريمة القتل‪.‬‬
‫وال يشترط في التحريض أن يكون منتجا ألثره بل يكفي أن يبتدئ في التنفيذ دون‬
‫إتمامه‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 46‬من قانون العقوبات التي نصت على أنه‪ :‬إذا لم‬
‫ترتكب الجريمة المزمع ارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته فإن المحرض‬
‫حتى يتحقق التحريض في هذه‬ ‫(‪)2‬‬
‫عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة‪،‬‬
‫الحالة يجب أن تتوفر أركانه المتمثلة في الركن المادي والركن المعنوي‪.‬‬
‫‪ -1‬الركن المادي للتحريض‬
‫يتمثل الركن المادي في جريمة التحريض في الوسائل التي حددها المشرع الجزائري‬
‫على سبيل الحصر في الجزء الثاني من المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات باإلضافة إلى بعض‬
‫الشروط التي يقرها الفقهاء والمتمثلة في وجود فعل مجرم‪ ،‬أن يكون التحريض موجه لشخص‬
‫معين وأن يكون التحريض مباشرا‪ ،‬هذا الشرط األخير ال يلقى اإلجماع بل من الفقه من يرى‬
‫أن التحريض يمكن أن يكون غير مباشر‪ ،‬وهو ما قضي به في فرنسا حيث يتحقق‬
‫‪ ،‬لذلك ال تقوم جريمة التحريض في غياب هذه الوسائل‬ ‫(‪)3‬‬
‫التحريض ولو لم يكن مباشرا‪.‬‬
‫وهي كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪ /‬الهبة‬
‫تتمثل الهبة في القيمة المادية التي يقدمها المحرض للفاعل وتجعله يرتكب الجريمة‬
‫والهبة يشترط أن تكون سابقة لتنفيذ الجريمة حتى يعتد بها كوسيلة من وسائل التحريض‬
‫(‪)4‬‬
‫المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.194‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪206‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪ -4‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 205‬‬

‫‪222‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ب‪ /‬الوعد‬
‫يعد الوعاد مان الوسائل التي تقاوم باها المساهمة الجنائية وهو أوسع من الهبة‪ ،‬لذلك‬
‫يقوم المحرض بتحريض الفاعل مقابل وعاد بتقديم خدمة أو مزية أو أي مقابل آخر يغري به‬
‫نفس الجاني الرتكاب جريمته‪ ،‬والوعد أيضا يجب أن يكون سابق لوقوع الجريمة وإال ال يعتد‬
‫(‪)1‬‬
‫به‪.‬‬
‫ج‪ /‬التهديد‬
‫يعد التهديد من وسائل الترهيب عكس الهبة والوعد اللذان يعتبران من وسائل الترغيب‬
‫فالترهيب أثر أبلغ من الترغيب‪ ،‬لذلك يلجأ المحرض لهذا األسلوب إلرغام الفاعل على‬
‫ارتكاب جريمته وذلك بتهديده في حياته أو صحته أو أي شيء عزيز عليه‪ ،‬وقد يكون‬
‫التهديد ماديا‪ ،‬كما يكون معنويا فكالهما يحقق الهدف المنشود وهو إرغام الفاعل على‬
‫(‪)2‬‬
‫ارتكاب جريمته‪ ،‬وقد يجتمع التهديد بالوعد معا‪.‬‬
‫د‪ /‬إساءة استعمال السلطة أو الوالية‬
‫يعد استعما ل السلطة أو الوالية بصورة سيئة من الوسائل التي يتحقق بها التحريض‬
‫فإساءة استعمال السلطة تكون بين رئيس ومرؤوس أو المخدوم وخادمه‪ ،‬حيث يستغل‬
‫الرئيس سلطته على المرؤوس فيأمره بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون فيستجيب‬
‫المرؤوس تحت ضغط سلطة رئيسه‪ ،‬بينما السلطة الوالئية فتكون بين الشخص ووليه‬
‫الشرعي مثل والية األب على االبن‪ ،‬كما تحمل معنى السلطة المعنوية مثل سلطة الزوج‬
‫(‪)3‬‬
‫على زوجه أو هيبة التلميذ من أستاذه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.205‬‬


‫‪ -2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.204‬‬

‫‪223‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫هـ‪/‬التحايل والتدليس اإلجرامي‬


‫قام المشرع الجزائري بالجمع بين التحايل والتدليس اإلجرامي في عبارة واحدة كون‬
‫التدليس اإلجرامي يرتكب بواسطة طرق احتيالية ويتقارب في المعنى مع التحايل‪ ،‬وما‬
‫يالحظ على العبارتان طابعهما الفضفاض‪ ،‬ويراد بالتحايل هنا سعي المحرض لدفع الفاعل‬
‫إلى ارتكاب الجريمة عن طريق إيهامه بواسطة سرد وقائع غير حقيقية من شأنها تأجيج‬
‫عاطفة الفاعل ودفعه إلى ارتكاب الجريمة‪ ،‬كمن يوهم شخصا عنيف ومندفع زيادة على أن‬
‫الشخص المراد االعتداء عليه قد تسبب في خسائر جسيمة لشركته‪ ،‬فيقوم هذا الشخص‬
‫باالعتداء على الضحية جراء األفكار الخاطئة التي زرعها المحرض في نفسه‪ ،‬ويحمل‬
‫التدليس اإلجرامي معنى تحريض الفاعل بواسطة إثبات وقائع غير حقيقية عن طريق‬
‫(‪)1‬‬
‫التزوير لحمله على ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪ -2‬الركن المعنوي للتحريض‬
‫باإلضافة إلى الركن المادي للتحريض ال بد وأن يتوفر الركن المعنوي والمتمثل في‬
‫القصد الجنائي بعنصريه‪ ،‬العلم واإلرادة‪.‬‬
‫أ‪ /‬العلم‬
‫يقصد بالعلم في القصد الجنائي إدراك الفاعل (المحرض) أن ما يقوم به من أفعال‬
‫تحريضية بالصور التي رأيناها في الركن المادي تؤدي إلى ارتكاب جرائم يعاقب عليها‬
‫القانون وانتفاء العلم بذلك تنتفي معه المسؤولية الجزائية‪.‬‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.193‬‬

‫‪224‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ب‪ /‬اإلرادة‬
‫ال يكفي علم المحرض بأن ما قام به من أفعال تؤدي إلى ارتكاب أفعال يعاقب عليها‬
‫القانون‪ ،‬بل ال بد أن يكون هذا العلم مقرون بإرادة حرة‪ ،‬أي أن إرادة المحرض اتجهت نحاو‬
‫(‪)1‬‬
‫ارتكاب الفعل وهي خالية من أي عيب كاإلكراه مثال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحريض من كان غير مسئول جزائيا ( الفاعل المعنوي)‬
‫إذا كان التحريض وفق نص المادة ‪ 41‬من قانون العقوبات يتجه نحو مان هو مسؤول‬
‫جزائيا فإن التحريض وفق المادة ‪ 45‬من القانون نفسه يتجه نحو مان هو غير مسؤول وقد‬
‫نصت المادة ‪ 45‬من قانون العقوبات على أنه‪ :‬من يحمل شخصا ال يخضع لعقوبة بسبب‬
‫وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبات المقررة لها‪.‬‬
‫واستقراء لنص هذه المادة ندرك أن المشرع الجزائري في هذا النوع من التحريض لم‬
‫"حمل" والشخص المحمول على ارتكاب‬ ‫يستعمل كلمة التحريض وإنما استعمل كلمة‬
‫الجريمة يكون غير مدرك لما يقوم به أو إرادته مشوبة بعيب‪ ،‬لذلك انصب الحمل على‬
‫ارتكاب الجريمة على طائفتين من األشخاص الطائفة األولى وتتمثل في األشخاص غير‬
‫الخاضعين للعقوبة بسبب وضعهم‪ ،‬واألشخاص غير الخاضعين للعقوبة بسبب صفتهم‬
‫الشخصية‪ ،‬فالفئة األولى تتمثل في‪ :‬المجنون وصغير السن غير المميز‪ ،‬بينما تتمثل الفئة‬
‫الثانية في ‪ :‬الزوج واألصول والفروع في جرائم السرقة أو خيانة األمانة أو الشخص حسن‬
‫(‪)2‬‬
‫النية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد ال ارزقي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي ‪ -‬القسم العام‪ ،‬دار الكتاب الوطنية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ليبيا‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.214‬‬
‫‪ -2‬علي حسن خلف‪ ،‬سلطان عبد القادر الشاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬

‫‪225‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫وبهذا يكون المحرض هو صاحب المشروع اإلجرامي وال صلة له بتنفيذ الجريمة‪.‬‬
‫والفاعل المادي ما هو إال وسيلة استعملت الرتكاب الجريمة‪ ،‬وحتى تقوم المسؤولية الجزائية‬
‫على المحرض ال بد من توافر أركان الجريمة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري اعتبر أن المحرض فاعال أصليا للجريمة ال شريكا‬
‫خالفا لما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة مثل المشرع الفرنسي‪ ،‬الذي يكون قد تراجع‬
‫عن هذا االتجاه ويسير نحو تبني فكرة اعتبار المحرض فاعال أصليا‪ ،‬وهو ما يؤكده قرار‬
‫(‪)2‬‬
‫محكمة النقض الفرنسية الصادر في ‪ 1962/10/25‬في قضية الكور ‪.Lacour‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كشريك‬
‫إذا كانت المساهمة األصلية يتعدد فيها الفاعلين بين مساهم مادي ومساهم معنوي‪،‬‬
‫فإن المساهمة التبعية تقتصر على نوع واحد من المساهمين وهو الشريك‪ ،‬ولقد صنف‬
‫المشرع الجزائري االشتراك إلى صنفين‪ ،‬الصنف األول وهو االشتراك الحقيقي والذي نصت‬
‫عليه المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات والتي نصت أنه ‪ :‬يعتبر شريكا في الجريمة من لم‬
‫يشترك اشتراكا مباش ار ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب‬
‫األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك‪ ،‬والصنف الثاني وهو االشتراك‬
‫الحكمي والذي تناولته المادة ‪ 43‬التي نصت على أنه ‪ :‬يأخذ حكم الشريك من اعتاد أن‬
‫يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا لالجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون‬
‫اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع‬
‫علمه بذلك وبعض النصوص الخاصة والتي سوف نتطرق لها في حينها‪.‬‬
‫لذلك جاء تعريف اإلشتراك عند المشرع الجزائري مخالفا لما تعرفه معظم التشريعات‬
‫المقارنة على أساس أن المشرع الجزائري حصر أفعال الشريك في المساعدة والمعاونة على‬

‫‪ -1‬عبد هللا اوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الج ازئي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪226‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك‪ ،‬دون أفعال التحريض‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي أخرجه من دائرة المساهمة التبعية وأدخلته في دائرة المساهمة األصلية‪.‬‬
‫فإذا كانت المساهمة األصلية ال تطرح إشكاال من حيث عالقة الفاعلين والمسؤولية‬
‫الجزائية حيث يسأل كل منهم حسب مقدار مساهمته في الجريمة‪ ،‬إال أن األمر في‬
‫المساهمة التبعية أو االشتراك ليس كذلك‪ ،‬فعالقة الشريك بالفاعل األصلي تتجاذبها عدة‬
‫أراء ونظاريات تنقسم بين التبعية واالستقاللية ولكل رأيه وحججه في ذلك‪ ،‬على غرار المشرع‬
‫الجزائري الذي يتجلى موقفه من خالل النصوص القانونية التي تناولت االشتراك‪ ،‬سواء تلك‬
‫المتعلقة بقانون العقوبات أو بالقوانين المكملة له‪ ،‬مثل قانون الوقاية من تبييض األموال‬
‫وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما أو قانون الجمارك‪ ،‬أو حتى القوانين الجبائية المختلفة وهو ما‬
‫سنتطرق له في هذا المطلب في فرعين‪ ،‬اإلشراك الحقيقي في الفرع األول واالشتراك الحكمي‬
‫في الفرع الثاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلشت ارك الحقيقي‬
‫إن األفعال التي يأتيها الشريك ال تعد جريمة في حد ذاتها وإنما اتصالها بالفعل أو‬
‫األفعال التي يقترفها الفاعل األصلي هو الذي يضفي عليها صفة الجريمة‪ ،‬فإذا لم يرتكب‬
‫الفاعل األصلي الجريمة ولم يشرع في ذلك فال عقاب على الشريك (‪ ،)2‬فهذه األفعال ال تعد‬
‫إال أفعاال مساعدة أو مسهلة الرتكاب الجريمة‪ ،‬وطبقا لتوصيات مؤتمر "أثينا" فالشريك هو‬
‫وال يتحقق االشتراك إال بتوافر‬ ‫(‪)3‬‬
‫من يقدم للفاعل مساعدة تبعية بقصد ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫شروطه وأركانه على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.213‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ -3‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪227‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أوال‪ :‬شروط وأركان االشتراك‬


‫كما سبق ذكره فإن المساهمة التبعية تستوجب جملة من الشروط حتى تأخذ هذا‬
‫الوصف باإلضافة إلى توافر أركانها وعليه‪:‬‬
‫‪ -1‬شروط االشتراك‬
‫حتى يتحقق االشتراك ال بد من أن تتوفر عدة شروط تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعدد الجناة في الجريمة الواحدة أو عدة جرائم‪،‬‬
‫ب‪ -‬وجود اتفاق بين الفاعلين األصليين والشركاء والذي يعتبره البعض ركنا لالشتراك (‪،)1‬‬
‫ج‪ -‬وصف الجريمة جناية أو جنحة يعاقب على االشتراك فيها بنص قانوني‪ ،‬فال عقوبة‬
‫على االشتراك في المخالفات وهو ما نصت عليه المادة ‪ 4/44‬من قانون العقوبات مع‬
‫استثناء بعض المخالفات مثل‪ :‬المخالفات الجبائية‪،‬‬
‫د‪ -‬وقوع الجريمة تامة أو الشروع في تنفيذها‪،‬‬
‫ها‪ -‬قيام الشريك على مساعدة أو معاونة الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال‬
‫(‪)2‬‬
‫التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها‪.‬‬
‫‪ -2‬أركان االشتراك‬
‫باإلضافة إلى الشروط الواجب توفرها لقيام االشتراك ال بد أيضا من توافر األركان‬
‫والتي سوف نتناولها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الركن المادي‬
‫يتمثل الركن المادي في االشتراك في النشاط اإلجرامي الذي يأتيه الشريك والذي حدده‬
‫المشرع في األفعال التي تكون مساعدة أو معاونة في ارتكاب األعمال التحضيرية أو‬
‫المسهلة أو المنفذة وبكل الطرق‪ ،‬أي أن المشرع لم يشترط طريقة معينة يتم بها االشتراك‪،‬‬

‫‪ -1‬عبد الملك جندي‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬مصر‪ ،1931 ،‬ص ‪.677‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫‪228‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وإنما تركها على إطالقها نظ ار الستحالة حصر جميع الطرق المساعدة في ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ونف س األمر بالنسبة ألفعال المساعدة أو المعاونة فمجالها واسع ال يمكن حصره‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن أغلبية فقهاء القانون الذين تناولوا شرح قانون العقوبات الجزائري‬
‫يعتبرون أن األفعال التي تشكل الركن المادي لالشتراك تتمثل في األعمال التحضيرية‬
‫والمسهلة والمنفذة‪ ،‬غير أن المتمعن في نص المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات يدرك أن الركن‬
‫المادي لالشتراك يتمثل في األفعال المساعدة والمعاونة في وقوع األعمال التحضيرية‬
‫والمسهلة والمنفذة التي يقوم بها الفاعل األصلي الذي يشاركه في ارتكاب هذه األفعال‬
‫الشريك عن طريق مساعدته أو معاونته على إتيانها‪ ،‬لذلك نقول أن الركن المادي لالشتراك‬
‫يقتصر على األفعال المساعدة أو المعاونة‪ ،‬دون األفعال التحضيرية والمسهلة والمنفذة والتي‬
‫تعتبر نطاق المساهمة التبيعة وليست عناصر الركن المادي لالشتراك‪.‬‬
‫وال يتحقق الركن المادي لالشتراك إال إذا كانت هناك رابطة سببية بين الفعل الذي قام‬
‫(‪)2‬‬
‫به الشريك والنتيجة التي حققتها الجريمة‪.‬‬
‫والمساعدة أو المعاونة قد تكون سابقة أو معاصرة أو الحقة الرتكاب الجريمة‪ ،‬أما‬
‫المساعدة السابقة فال تطرح إشكاال‪ ،‬لكن المساعدة المعاصرة للجريمة تغير المركز القانوني‬
‫للشريك فتجعله فاعال أصليا ال شريكا‪ ،‬ومعيار التفرقة بين كال الحالتين يكمن في وجود‬
‫الشريك في مكان أو مسرح الجريمة من عدمه‪ ،‬فوجوده على مسرح الجريمة مع تزامن‬
‫وقوعها يجعل منه فاعال أصليا‪ ،‬كأن يمسك الشخص بالضحية حتى يتمكن الفاعل من قتله‪،‬‬
‫بينما وجوده بعيدا عن مسرح الجريمة وقت ارتكابها يجعل منه شريكا‪ ،‬كأن يقوم الشخص‬
‫(‪)3‬‬
‫بتعطيل الضحية حتى يتمكن الفاعل األصلي من إتمام جريمة السرقة مثال‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.300‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪229‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أما المساعدة الالحقة فال تعد اشتراكا إذا لم يتم االتفاق عليها مسبقا قبل ارتكاب‬
‫وإنما اعتبرها المشرع الجزائري جريمة مستقلة مثل جريمة إخفاء أشياء مسروقة‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجريمة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 387‬من قانون العقوبات‪ ،‬مع وجود بعض االستثناءات التي‬
‫سوف نتطرق إليها في حينها‪.‬‬
‫ب‪/ -‬الركن المعنوي‬
‫ال يكفي توافر الركن المادي لقيام جريمة االشتراك بل يجب تحقق الركن المعنوي أي‬
‫القصد الجنائي بحيث يكون المتهم الذي يشترك في الجريمة عالما بها ويتعمد المشاركة‬
‫والقصد الجنائي كما سبق ذكره يتمثل في عنصري العلم واإلرادة‪ ،‬أي علمه بأن‬ ‫(‪)2‬‬
‫فيها‪.‬‬
‫األفعال التي يأتيها الفاعل األصلي هي مجرمة قانونا ومع ذلك تتجه إرادته اآلثمة إلى‬
‫مواصلة تقديم العون والمساعدة‪.‬‬
‫إن استكمال أركان االشتراك وشروطه يعرض الفاعل للمساءلة الجزائية‪ ،‬وهو ما سوف‬
‫نتطرق إليه فيما يلي‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬جزاء اإلشتراك‬
‫إن الحديث عن الجزاء الذي يقع على الشريك يقودنا إلى الحديث عن عالقته بالفاعل‬
‫األصلي والتي كما سبق ذكره اختلفت اآلراء حول هذه العالقة بين من يعتبر أن العالقة‬
‫بينهما هي عالقة تبعية ومن يقول أنهما مستقلين عن بعضهما البعض‪ ،‬وعليه سوف نتناول‬
‫أهم النظريات التي قيلت في هذا الشأن ومن ثم تحديد جزاء االشتراك وعالقة الفاعل‬
‫(‪)3‬‬
‫األصلي بذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫‪ -2‬بلعليات ابراهيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪230‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬أهم النظريات التي تناولت عالقة الشريك بالفاعل األصلي‬


‫إن مبدأ شخصية العقوبة التي ينص عليها الدستور السيما المادة ‪ 160‬منه يقتضي‬
‫أال يعاقب الشخص إال على األفعال التي يأتيها ويثبت باألدلة القانونية أنه هو الفاعل ونزوال‬
‫عند مبدأ شرعية العقوبة فإن القانون ينص على معاقبة الشريك بنفس العقوبة المقررة‬
‫للجريمة التي يرتكبها غيره أي الفاعل األصلي وهو ما نصت عليه المادة ‪ 43‬من قانون‬
‫وهذا األمر مبني على أساس عالقة الشريك بالفاعل األصلي الذي سبق‬ ‫(‪)1‬‬
‫العقوبات‬
‫اإلشارة يتجاذبها اتجاهان‪ ،‬األول يرى باستقالل الشريك عن الفاعل األصلي والثاني بتبعيته‬
‫له‪.‬‬
‫أ‪ -‬نظرية االستقاللية‬
‫يرى أنصار هذا االتجاه وعلى رأسهم الفقيه بيرنارجيثر "‪ "Bernhard Getz‬أن عمل‬
‫الشريك مستقل عن الفاعل األصلي‪ ،‬واألخذ بهذا الرأي تترتب عليه عدة نتائج وهي‪:‬‬
‫‪ -‬يسائل كل منهما حسب خطورته اإلجرامية‪،‬‬
‫‪ -‬يسائ ل الشريك على قصده الجنائي الخاص فال يتأثر بما قد يرتكبه الفاعل األصلي من‬
‫جرائم أخرى لم يكن الشريك ينوي اإلشتراك فيها‪،‬‬
‫‪ -‬ال يتأثر الشريك بموانع المسؤولية أو العقاب التي يتمتع بها الفاعل األصلي‪،‬‬
‫‪ -‬يخضع الشريك للعقاب حتى في أعقاب انقضاء الدعوى العمومية‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬المسؤولية المدنية للشريك مستقلة عن مسؤولية الفاعل األصلي‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظرية التبعية‬
‫تستند هذه النظرية على فكرة تبعية الشريك للفاعل األصلي في التجريم والعقاب‬
‫ويترتب عن هذه العالقة النتائج التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬

‫‪231‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬يسائل الشريك حسب الخطورة اإلجرامية للفاعل األصلي‪،‬‬


‫‪ -‬يتأثر الشريك بموانع المسؤولية والعقاب التي يستفيد منها الفاعل األصلي‪،‬‬
‫‪ -‬يتأثر الشريك بالظروف المشددة والمخففة المتصلة بالجريمة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬يعامل الشريك في المسؤولية المدنية مثلما يعامل الفاعل األصلي للجريمة‪.‬‬
‫ج‪ -‬موقف المشرع الجزائري‬
‫استقراء لنصوص قانون العقوبات ال سيما المادة ‪ 44‬منه نستنتج أن المشرع الجزائري‬
‫مزج بين النظريتين بحيث أخذ بمبدأ االستقاللية فيما يتعلق بالعقاب والتبعية فيما يتعلق‬
‫بالتجريم حيث تنص المادة ‪ 1/44‬من قانون العقوبة أن الشريك يعاقب في الجناية والجنحة‬
‫(‪)2‬‬
‫بنفس العقوبة المقررة للجناية أو الجنحة‪.‬‬
‫ويعود في الفقرة الثانية والثالثة من المادة نفسها ليقرر استقالل الشريك عن الفاعل‬
‫األصلي بالنسبة للظروف الموضوعية المتعلقة بالجريمة‪ ،‬بحسب ما إذا كان يعلم أو ال يعلم‬
‫بها‪ ،‬وعدم تأثير الظروف الشخصية المشددة أو المخففة أو المعفية إال بالنسبة للشخص‬
‫(‪)3‬‬
‫الذي تتصل به هذه الظروف‪.‬‬
‫وعليه فإن المشرع الجزائري تبنى في مجال الجزاء الجنائي للشريك مبدأ المساواة بين‬
‫الفاعل األصلي والشريك فيعاقب الشريك بنفس العقوبة المقررة للفاعل األصلي سواء في‬
‫العقوبات األصلية أو العقوبات التكميلية وذلك في الجنايات‪ ،‬والجنح المنصوص عليها قانونا‬
‫دون المخالفات باستثناء مخالفات الضرب والجرح العمد والمشاجرات وأعمال العنف األخرى‬
‫والمخالفات‬ ‫(‪)4‬‬
‫المنصوص عليها في المادتين ‪ 1/442‬و‪ 442‬مكرر من قانون العقوبات‬
‫الجبائية والجمركية‪ ،‬واستقالل كل منهما عن اآلخر بالظروف المخففة أو المشددة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪ -4‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪232‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه هو المعيار المعتمد للتفرقة بين ما يعتبر فعال مباش ار‬
‫وما يعتبر فعال غير مباشر‪ ،‬على اعتبار أن المشرع الجزائري اعتمد المساهمة المباشرة‬
‫لتحديد الفاعل األصلي واالشتراك غير المباشر لتحديد الشريك‪ ،‬وفي هذا الصدد اعتمد الفقه‬
‫الجنائي عموما على معيارين‪ :‬معيار موضوعي ومعيار شخصي‪.‬‬
‫‪ -‬المعيار الموضوعي‬
‫يستند هذا المذهب في التفرقة بين الفاعل والشريك على أساس األفعال التي يأتيها‬
‫المساهم في الجريمة ومعيار التمييز هو مقدار المساهمة من الناحية المادية في وقوع‬
‫الجريمة‪ ،‬فكلما كان الفعل أكثر مساهمة في وقوع الجريمة كان مقترفه فاعال سواء احتوى‬
‫الركن المادي للجريمة كامال أو جزء منه فقط‪ ،‬وكلما كان السلوك أقل وأضعف مساهمة في‬
‫وقوع الجريمة كان القائم به شريكا في الجريمة ويستند هذا المذهب على موقف المشرع‬
‫الجزائي الذي عند تجريمه ألية واقعة يعتمد على الفعل المادي حيث يعتبر األفعال المادية‬
‫ركنا للجريمة وهو ما يعرف بالركن المادي للجريمة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وما يمكن قوله عن هذا المعيار أنه يتميز بوضوحه وببساطته حيث يكتفي بالتفرقة‬
‫بين الفاعل األصلي والشريك بالرجوع للنص الجنائي المقرر للجريمة لمعرفة الركن المادي‬
‫لها للقول بعد ذلك أن المساهم فاعل أصلي أم شريك‪ ،‬ورغم الوضوح والبساطة إال أنه لم‬
‫يسلم من النقد على اعتبار أنه اعتمد الركن المادي فقط وأهمل الركن المعنوي الذي يعتبر‬
‫(‪)2‬‬
‫المرآة العاكسة لإلرادة اآلثمة للفاعل‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬


‫‪ -2‬مراد فالك‪ ،‬المساهمة الجنائية التبعية في القانون الوطني والدولي‪ ،‬مذكرة لنيل درجة الماجستير في العلوم‬
‫واإلدارية‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‬ ‫القانونية‬
‫ورقلة‪ ،2011/2010،‬ص‪.11‬‬

‫‪233‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬المعيار الشخصي‬
‫يعتمد المعيار الشخصي على معيار أضفى عليه طابع الشخصية حيث يعتمد هذا‬
‫المعيار في التميز بين الفاعل والشريك على الركن المعنوي للجريمة‪ ،‬حيث تتجه إ اردة‬
‫الفاعل نحو ارتكاب الفعل التنفيذي للجريمة بصورة مباشرة باعتبارها مشروعه اإلجرامي‪ ،‬في‬
‫حين تكون إرادة الشريك متصلة وتابعة إلرادة الفاعل األصلي من خالل مساعدته في تحقيق‬
‫مشروعه اإلجرامي وذلك بصرف النظر عن نوع الفعل الذي يقوم به كل منهما ومقدار‬
‫مساهمته في تحقيق النتيجة‪.‬‬
‫غير أن هذا المعيار يمتاز بالغموض والالمنطق‪ ،‬إذ كيف يمكننا أن نميز بين نية‬
‫الفاعل والشريك‪ ،‬حيث أن االطالع على نية الفاعل من الصعوبة بمكان‪ ،‬واالعتماد على ما‬
‫يقدمه من تصريحات ال يؤخذ مأخذ ثقة‪ ،‬وتعود مهمة الكشف عنها للقاضي الذي يستعين‬
‫في ذلك بالرجوع للوقائع المادية المصاحبة للجريمة وبذلك الرجوع للمعيار الموضوعي من‬
‫(‪)1‬‬
‫جديد‪.‬‬
‫لكن فقهاء القانون الجنائي الجزائري يختلفون بين من يعتبر أن المشرع قاد أخاذ‬
‫بالمعيار الموضوعي على اعتبار أن الفاعل األصلي من تلتئم في شخصه كامل أركان‬
‫الجريمة (المادي والمعنوي بالخصوص) (‪ ،)2‬واستنادا لهذه الحجة يكون المشرع الجزائري قد‬
‫تبنى المعيارين الموضوعي والشخصي معا وليس المعيار الموضوعي وحده‪.‬‬
‫ومنهم من يقول أن المشرع تبنى المذهب الشخصي‪ ،‬على اعتبار أنه يستند في التمييز‬
‫(‪)3‬‬
‫بين الفاعل والشريك على نية وإرادة المساهمين في الجريمة‪.‬‬
‫غ ير أن المتمعن في النصوص التي تناولت المساهمة األصلية والمساهمة التبيعة‬
‫يدرك أن المشرع الجزائري تبنى كال المعيارين معتضدان بمعيار ثالث وهو معيار يمكن‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.298‬‬

‫‪234‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫تسميته المعيار الزمكاني‪ ،‬أي وجود الفاعل في مكان الجريمة زمن وقوعها‪ ،‬حيث اعتمد‬
‫على المعيار الموضوعي والمعيار الزمكاني في المساهمة األصلية بالقول أنه يعتبر فاعال‬
‫كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة وكلمة مباشرة في كتاب المعاني تعني‪:‬‬
‫‪-‬حاال‪ ،‬فورا‪ ،‬رأسا بدون واسطة‪ ،‬ونقول باشر العمل ‪ :‬تواله ِ‬
‫بنفسه نهض بعبئه زاوله‪.‬‬
‫وعليه فإن مباشرة الفعل تستوجب الحضور على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وهو ما‬
‫اعتمده المشرع الجزائري‪ ،‬وحضور الشركة بوصفها شخصا معنويا في مسرح الجريمة هو‬
‫حضور اعتباري على أساس أن من يمثلها هو من يكون قد حضر في مسرح الجريمة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمساهمة التبعية (اإلشتراك) فإن المشرع الجزائري اعتمد على المعايير‬
‫الثالث‪ :‬الموضوعي والشخصي والزمكاني حيث نصت المادة ‪ 42‬من قانون العقوبات على‬
‫ودل على المعيار‬ ‫أنه ‪ :‬يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا‪...‬‬
‫الموضوعي عبارة االشتراك‪ ،‬والمعيار الشخصي دلت عليه عبارة مع علمه بذلك‪ ،‬ودل على‬
‫(‪)1‬‬
‫المعيار الزمكاني عبارة غير مباشر‪.‬‬
‫غير أن التمييز بين الفاعل األصلي والشريك ال يؤثر كثي ار من الناحية التطبيقية كون‬
‫الشريك يأخذ نفس عقوبة الفاعل األصلي حتى أن القضاء لم يعر أهمية لهذا التمييز حيث‬
‫نجد أن المحكمة العليا في حد ذاتها ترفض النقض عندما يخلط القضاة بين الفاعل‬
‫(‪)2‬‬
‫والشريك‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلشتراك الحكمي‬
‫تناول المشرع الجزائري االشتراك الحكمي في المادة ‪ 43‬والمادة ‪ 2/91‬من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬باإلضافة إلى بعض المواد في القوانين الخاصة وعليه سوف نتطرق لالشتراك‬
‫(‪)3‬‬
‫الحكمي في قانون العقوبات ومن ثم االشتراك الحكمي في القوانين الخاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪235‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أوال‪ :‬االشتراك الحكمي في قانون العقوبات‬


‫نص المشرع الجزائري على االشتراك الحكمي في قانون العقوبات من خالل المادة ‪43‬‬
‫والمادة ‪ 2/91‬منه وهي قاعدة عامة تنطبق على الشخص الطبيعي والشخص المعنوي على‬
‫حد سواء‪.‬‬
‫‪ -1‬االشتراك الحكمي في المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات‬
‫نصت المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات على االشتراك الحكمي على أنه ‪ :‬يأخذ حكم‬
‫الشريك من اعتاد أن ي قدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا الجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين‬
‫يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو‬
‫األموال مع علمه بسلوكهم اإلجرامي‪.‬‬
‫ومن خالل نص هذه المادة يمكن استخالص أركان االشتراك الحكمي في هذه المادة‬
‫والمتمثلة في‪:‬‬
‫أ‪ -‬الركن المادي لالشتراك الحكمي‬
‫عددت المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات األفعال التي تضفي على فاعلها حكم الشريك‬
‫وهي‪ :‬تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان الجتماع واحد أو أكثر من األش ارر الذين يمارسون‬
‫(‪)1‬‬
‫اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال‪.‬‬
‫ب‪ -‬الركن المعنوي لالشتراك الحكمي‬
‫باإلضافة إلى األفعال المادية التي تم ذكرها‪ ،‬اشترط المشرع علم من يقوم بهذه األفعال‬
‫بالسلوك اإلجرامي لألشخاص الذين يقدم لهم هذه المسكن أو الملجأ أو ‪ ،...‬طبعا هذا العلم‬
‫ال بد أن يكون مصحوبا بإرادة حرة تجعل الفاعل يقوم بما قام به وهو حر من كل إكراه أو‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫‪236‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫غصب وإال انتفت عنه المسؤولية الجزائية وفي حالة الشركة التجارية باعتبارها شخصا‬
‫(‪)1‬‬
‫معنويا يتجلى علمها وإرادتها في علم وإرادة ممثلها أو ممثليها القانونيين‪.‬‬
‫وما يمكن قوله في هذا الصدد أن بعض الفقهاء يعتبرون أن هذه األفعال التي جعلت‬
‫من فاعلها شريكا حكما هي من قبيل المساعدة الالحقة (‪ ،)2‬غير أن األمر ليس كذلك‬
‫فالمتمعن لهذه األفعال يالحظ أنها قد تكون الحقة أو سابقة والمشرع لم يشترط ال هذا وال‬
‫ذاك‪ ،‬وإنما أكد على عنصر االعتياد على تقديم هذه المساعدة‪.‬‬
‫فمن يقدم مسكنا الجتماع األشرار ال يكون بالضرورة الحقا للجريمة بل قد يكون الحقا‬
‫للجريمة كما قد يكون سابقا لها‪ ،‬كأن يستعمل المسكن لإلعداد والتخطيط قبل ارتكاب‬
‫الجريمة وال يتم اللجوء إليه بعد ارتكابها‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬فالشركة التجارية التي يقوم‬
‫مسيرها بتقديم مسكن أو ملجأ أو مكان الجتماع واحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون‬
‫اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال‪ ،‬تعد‬
‫(‪)3‬‬
‫شريكة حكما لهم في ارتكاب الجريمة وتعاقب بنفس عقوبة الفاعل األصلي للجريمة‪.‬‬
‫‪ -2‬االشتراك الحكمي في المادة ‪ 2/91‬من قانون العقوبات‬
‫نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 91‬من قانون العقوبات على االشتراك الحكمي على‬
‫أنه‪ :‬عالوة على األشخاص المبينين في المادة ‪ 42‬يعاقب باعتباره شريكا‪ ،‬من لم يرتكب‬
‫دون أن يكون فاعال أو شريكا أحد األفعال اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬تزويد مرتكبي الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بالمؤن أو وسائل المعيشة وتهيئة‬
‫مساكن لهم أو أماكن الختفائهم أو اجتماعهم وذلك دون أن يكون قد وقع عليه إكراه ومع‬
‫علمه بنواياه‪،‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬

‫‪237‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -2‬حمل مراسالت مرتكبي هذه الجنايات وتلك الجنح وتسهيل الوصول إلى موضوع‬
‫الجناية أو الجنحة أو إخفائه أو نقله أو توصيله وذلك بأي طريقة كانت مع علمه بذلك‪."...‬‬
‫من خالل نص الفقرة الثانية من هذه المادة ‪ 91‬سالفة الذكر يمكن استخالص أركان‬
‫االشتراك الحكمي في هذه المادة التي تعتبر نصا خاصا بجرام أمن الدولة ال يمكن القياس‬
‫وتتمثل أركان االشتراك الحكمي فيما يلي‪:‬‬ ‫(‪،)1‬‬
‫عليه أو تطبيقه على جرائم أخرى‬
‫أ‪ -‬الركن المادي‬
‫يتمثل الركن المادي لالشتراك الحكمي في المادة ‪ 2/91‬من قانون العقوبات في‬
‫األفعال التي يأتيها الفاعل المعتبر شريكا والمتمثلة في ‪:‬‬
‫‪ -‬تزويد مرتكبي الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بالامؤن أو وسائل المعيشة وتهيئة مساكن‬
‫لهم أو أماكن الختفائهم أو اجتماعهم وذلك دون أن يكون قد وقع عليه إكراه ومع علمه‬
‫بنواياه‪،‬‬
‫‪ -‬حمل مراسالت مرتكبي هذه الجنايات وتلك الجنح وتسهيل الوصول إلى موضوع الجناية‬
‫(‪)2‬‬
‫أو الجنحة أو إخفائه أو نقله أو توصيله وذلك بأي طريقة كانت مع علمه بذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬الركن المعنوي‬

‫يتمثل الركن المعنوي في االشتراك الحكمي في هذه المادة في علم الشريك اعتبا ار‬
‫بالنوايا اإلجرامية للفاعلين‪ ،‬ودون أن يقع عليه إكراه‪.‬‬
‫المالحظ على المادة ‪ 2/91‬من قانون العقوبات أن المشرع أشار إلى اإلكراه في الفقرة‬
‫‪ 1‬بينما لم يشر إليه في الفقرة ‪ 2‬واكتفى بالعلم فقط‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫‪238‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ثانيا‪ :‬اإلشتراك الحكمي في القوانين الخاصة‬


‫باإلضافة إلى االشتراك الحكمي المنصوص عليه في المادتين السابقتين من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬فقد نص المشرع الجزائري على االشتراك الحكمي والذي يسري على الشخص‬
‫الطبيعي والشخص المعنوي على حد سواء في بعض القوانين الخاصة نوردها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬اإلشتراك الحكمي في قانون الوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‬
‫نص المشرع الجزائري على تجريم االشتراك والمعاقبة عليه حتى في غياب وسائل‬
‫االشتراك التي اشترطها بموجب المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات‪ ،‬حيث نص في المادة الثانية‬
‫الفقرة "د" من األمر رقم ‪ 01- 05‬المتعلق بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫ومكافحتهما على أنه‪ :‬يعتبر تبييضا لألموال ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ -‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا لهذه المادة‪.‬‬
‫حيث اعتبر أن المشاركة في جرائم تبييض األموال معاقب عليه حتى في غياب‬
‫الوسائل التي تجعل من األفعال المرتكبة اشتراكا والمنصوص عليها على سبيل الحصر في‬
‫(‪)2‬‬
‫المادة ‪ 43‬من قانون العقوبات‬
‫‪ - 2‬اإلشتراك الحكمي في قانون الجمارك‬
‫نص المشرع الجزائري على االشتراك الحكمي في قانون الجمارك رقم ‪ 07-79‬المؤرخ‬
‫في‪ 1979/07/21:‬المعدل والمتمم وأعطاهم تسمية المستفيدين من الغش وذلك بموجب‬
‫نص المادة ‪ 310‬التي تنص على أنه ‪ :‬يعتبر‪ ،‬في مفهوم هذا القانون مستفيد من الغش‪،‬‬
‫األشخاص الذين شاركوا بأي صفة كانت في جنحة جمركية أو تهريب والذين يستفيدون‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من هذا الغش‪.‬‬
‫ويعتبرون مستفيدين من الغش‪:‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ ، 01-05‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان جباري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.162‬‬

‫‪239‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬مالكو بضائع الغش‪،‬‬


‫‪ -‬مقدمو األموال المستعملة الرتكاب الغش‪،‬‬
‫‪ -‬األشخاص الذين يحوزون مستودعا داخل النطاق الجمركي موجها ألغراض التهريب‪.‬‬
‫ويخضع المستفيدون من الغش‪ ،‬كما ورد تعريفهم أعاله‪ ،‬إلى نفس العقوبات التي تطبق‬
‫(‪)1‬‬
‫على الفاعلين األصليين للجريمة‪.‬‬
‫وعليه فإن قانون الجمارك يعتبر المستفيد من الغش شريكا في الجريمة ويعاقب بنفس‬
‫عقوبة الفاعل األصلي وسواءا كان شخصا طبيعيا أو معنويا‪.‬‬
‫‪ -3‬االشتراك الحكمي في قوانين الضرائب‬
‫نص المشرع الجزائري عالى االشتراك الحكمي في القوانين الضريبية مثل قانون‬
‫الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة في المادة ‪ 2/303‬منه التي تنص أنه ‪ :‬تطبق على‬
‫شركاء مرتكبي ا لمخالفات نفس العقوبات المطبقة على مرتكبي هذه المخالفات أنفسهم مع‬
‫مراعاة أحكام المدة ‪ 306‬أدناه‪.‬‬
‫إن تعريف شركاء مرتكبي الجرائم والجنح المحددة بموجب نص المادة ‪ 2/42‬من‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬ويطبق على شركاء مرتكبي المخالفات المشار إليهم في الفقرة ‪ 02‬من‬
‫المادة ‪ 303‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة نفس الحكم‪ ،‬ونصت المادة ‪303‬‬
‫من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة سالفة الذكر أنه يعتبر على الخصوص‬
‫كشركاء‪ ،‬األشخاص‪:‬‬
‫‪ -‬الذين يتدخلون بصفة غير قانونية لالتجار في القيم المنقولة أو تحصيل قسائم في‬
‫الخارج‪،‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الذين قبضوا باسمهم قسائم يملكها الغير‪"... ،‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 310‬من القانون رقم ‪ 07-79‬المؤرخ في ‪ 1979/07/21‬المتضمن قانون الجمارك معدلة بالقانون‬
‫رقم ‪ 04-17‬المؤرخ في ‪ ، 2017/02/16‬جريدة رسمية عدد ‪ 01‬لسنة ‪.2017‬‬

‫‪240‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وتضيف الفقرة السابعة من المادة ‪ 303‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‬
‫أن األشخاص والشركات المحكوم عليهم بنفس المخالفة ينبغي أن يدفعوا بالتضامن العقوبات‬
‫المالية الصادرة في حقهم‪.‬‬
‫وتضيف الفقرة التاسعة من نفس المادة أنه عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو‬
‫شخص معنوي أخر خاضع للقانون الخاص‪ ،‬يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة‬
‫وبالعقوبات الملحقة ضد المتصرفين أو الممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة‪.‬‬
‫‪ -‬ويصدر الحكم بالغرامات الجزائية المستحقة في نفس الوقت ضد المتصرفين أو الممثلين‬
‫الشرعيين أو القانونيين‪ ،‬وضد الشخص المعنوي دون اإلخالل فيما يخص هذا األخير‬
‫بالغرامات الجبائية المنصوص على تطبيقيها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة نجد أيضا قانون التسجيل‬
‫الذي ينص على االشتراك الحكمي في نص المادة ‪ 120‬منه التي نصت على أنه‪... :‬‬
‫يعتبر شركاء‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬األشخاص‪:‬‬
‫‪ -‬الذين توسطوا‪ ،‬بصفة غير قانونية في تحويل قيم منقولة أو تحصيل قسيمات في الخارج‪،‬‬
‫‪ -‬الذين حصلوا باسمهم قسيمات تعود إلى غيرهم‪.)2(....‬‬
‫كما نص المشرع الجزائري في قانون الطابع على االشتراك الحكمي في المادة ‪ 35‬منه‬
‫والتي نصت على أنه ‪ ... :‬يعتبر كشركاء األشخاص اآلتي ذكرهم‪:‬‬
‫‪ -‬األشخاص الذين توسطوا بصفة غير قانونية من أجل تحويل القيم المنقولة أو لتحصيل‬
‫القسيمات بالخارج؛‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 303‬فقرة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ 101-76‬المؤرخ في ‪ 1976/12/09‬المتضمن قانون الضرائب‬


‫المباشرة والرسوم المماثلة معدلة بالقانون رقم ‪ 16-11‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 120‬من األمر رقم ‪ 105-76‬المؤرخ في ‪ 1976/12/09‬المتضمن قانون التسجيل ‪ ،‬معدلة بالقانون‬
‫رقم ‪ 11-99‬المؤرخ في ‪ 1999/12/23‬المتضمن قانون المالية لسنة ‪ ، 2000‬جريدة رسمية عدد ‪ 92‬لسنة‬
‫‪.1999‬‬

‫‪241‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬األشخاص الذين قبضوا بصفة غير قانونية بأسمائهم‪ ،‬قسيمات يملكها الغير‪.‬‬
‫ومن خالل نصوص القوانين الجبائية نالحظ أن المشرع رغم تأكيده على عدم المعاقبة‬
‫على اإل شتراك في المخالفات على اإلطالق في نص المادة ‪ 4/44‬من قانون العقوبات إال‬
‫يعاقب عليه في هذه النصوص الخاصة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هو أن المشرع استعمل مصطلح األشخاص دون أن يحدد طبيعة هذا‬
‫الشخص هل هو الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي مما يعطي الداللة لكليهما‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 35‬من األمر رقم ‪ ، 103-76‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لمسيري الشركات التجارية‬


‫تعرف العقوبة على أنها جزاء يوقع باسم المجتمع تنفيذا لحكم قضائي على من تثبت‬
‫مسؤوليته عن الجريمة‪ ،‬فهي تنطوي على إيالم يلحق بالمجرم سواء كان شخصا طبيعيا أو‬
‫معنويا‪ ،‬نظير مخالفته للقانون الذي نهى أو أمر بالقيام بفعل أو االمتناع عنه‪ ،‬ويتمثل هذا‬
‫اإليالم في حرمان المحكوم عليه من حق من حقوقه أو مباشرة نشاطه‪.‬‬
‫فهو األثر الذ ي يقرره النص الجزائي على مخالفة النهي أو األمر بالقيام بفعل مقرر‬
‫فيه‪ ،‬وله صورتان‪ :‬العقوبات والتدابير اإلحت ارزية‪ ،‬وتمثالن الوسيلتان التي استقرت عليهما‬
‫التشريعات إلسباغ الحماية الجزائية على المصالح والحقوق التي يرغب المشرع في حمايتها‪.‬‬
‫وإعماال لمبدأ الشرعية الجزائية‪ ،‬ال جريمة وال عقوبة وال تدبير أمن بغير قانون(‪،)1‬‬
‫وبالتالي فمن المفروض أن تتضمن النصوص الجزائية صورتي التجريم والجزاء معا‪.‬‬
‫ولما كانت العقوبة من بين أهم حجج المنكرين لفكرة إسناد المسؤولية الجزائية‬
‫لألشخاص المعنوية والشركات التجارية‪ ،‬باعتبار أن تطبيقها يؤدي في نظرهم إلى خرق مبدأ‬
‫شخصية العقوبة وتفريد العقاب‪ ،‬اعتنت التشريعات المقارنة بعد تكريس المسؤولية الجزائية‬
‫قضاءا بوضع مجموعة من العقوبات الفعالة‬
‫لألشخاص المعنوية والشركات التجارية تشريعا و ً‬
‫يخضع لها مسيرو األشخاص المعنوية والشركات التجارية لقمع الجرائم التي تركب من‬
‫طرفهم ولحساب الشخص المعنوي‪ ،‬وهي إما عقوبات أصلية التي سنتطرق لها في المطلب‬
‫األول‪ ،‬أو عقوبات تكميلية التي نتطرق لها المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األ ول‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية‬
‫إن االعتراف بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة التجارية ينتج عنه‬
‫بالضرورة خضوع مسيره لهذه العقوبات في حالة تمت إدانته بالجرم المنسوب إليه سواء‬
‫بصفته فاعل أصلي‪ ،‬أو شريك للشخص المعنوي أو مع غيره‪ ،‬وقد أقر المشرع مجموعة من‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 01‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫العقوبات بموجب أحكام قانون العقوبات نتطرق لها في الفرع األول ومجموعة من العقوبات‬
‫في القوانين المكملة له نتطرق لها في الفرع الثاني وكل ذلك لردع مسيري الشركات التجارية‬
‫في حالة ضلوعهم في ارتكاب األفعال التي جرمها القانون‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون العقوبات‬
‫حدد المشرع الجزائري وص نف أنواع العقوبات من حيث جسامتها وفق المادة ‪ 05‬من‬
‫قانون العقوبات وقسمها إلى عقوبات خاصة بالجنح وعقوبات خاصة بالجنايات من قانون‬
‫العقوبات وعقوبات خاصة بالمخالفات‪ ،‬كما حددها أيضا من حيث جسامتها وفق المادة ‪27‬‬
‫من قانون العقوبات أين قسم الجرائم تبعا لخطورتها إلى جنايات وجنح ومخالفات‪ ،‬ويتم‬
‫تطبيق عليها العقوبات المقررة للجنايات والجنح والمخالفات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في الجنايات‬
‫تتمثل العقوبات الجنائية في اإلعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت والغرامة عند‬
‫الحكم بعقوبة السجن المؤقت‪ ،‬أ ما عن عقوبة اإلعدام فهي تعتبر من العقوبات المعروفة منذ‬
‫القدم والتي يقصد بها إزهاق روح المحكوم عليه الستئصاله واستبعاده بصفة نهائية من‬
‫المجتمع(‪ ،)1‬ولقد قرر المشرع الجزائري عقوبة اإلعدام في الجرائم الخطيرة المتمثلة في‬
‫الجرائم ضد أمن الدولة‪ ،‬وهي جناية الخيانة المنصوص عليها في المادة ‪ 61‬من قانون‬
‫العقوبات وجناية التجسس المنصوص عليه في المادة ‪ 64‬من قانون العقوبات‪ ،‬والجرائم ضد‬
‫األفراد وهي جناية القتل مع سبق اإلصرار أو الترصد‪ ،‬أو جناية القتل بالسم المنصوص‬
‫عليه بالمادة ‪ 261‬من قانون العقوبات‪ ،‬والجرائم ضد األموال وهي جناية أعمال التخريب‬
‫والهدم بواسطة مواد متفجرة المنصوص عليها في المادة ‪ 401‬من قانون العقوبات‪ ،‬وجناية‬
‫تحويل الطائرات والتحكم فيها والسيطرة عليها المنصوص عليها في المادة ‪ 417‬من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬أما عن السجن المؤبد فقد قرره المشرع الجزائري لجرائم تقليد أختام الدولة‬

‫‪ -1‬عالء زكي‪ ،‬النظام القانوني الدولي لمعاملة المسجونين‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪ ،2015 ،‬ص‪.334‬‬

‫‪244‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المنصوص عليها بالمادة ‪ 65‬من قانون العقوبات‪ ،‬وجناية القتل العمد المنصوص عليه‬
‫بالمادة ‪ 263‬من قانون العقوبات‪ ،‬وجناية التزوير في المحررات الرسمية المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 205‬من قانون العقوبات‪ ،‬أما عن السجن المؤقت فقد قرره المشرع الجزائري‬
‫والذي تكون مدته من ‪ 05‬إلى ‪ 10‬سنوات‪ ،‬مثل جناية اإلشادة باألعمال اإلرهابية‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 87‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬كما قد تكون كذلك من ‪05‬‬
‫سنوات إلى ‪ 20‬سنة مثل جناية االنخراط في الخارج في جمعية أو جماعة منظمة إرهابية‬
‫(‪)1‬‬
‫المنصوص عليها بالمادة ‪ 87‬مكرر ‪ 06‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في الجنح‬
‫تتمثل العقوبات الجنحية في الحبس والغرامة‪ ،‬فهو إما الحبس لمدة تتجاوز الشهرين‬
‫إلى غاية ‪ 05‬سنوات ماعدا الحاالت التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى‪ ،‬أو الغرامة التي‬
‫تتجاوز‪ 20.000‬دج‪ ،‬ومن أمث لة الجرائم الجنحية نجد جنحة السرقة المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 350‬من قانون العقوبات‪ ،‬وجنحة الضرب والجرح المنصوص عليها في المادة ‪264‬‬
‫من قانون العقوبات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في المخالفات‬


‫العقوبات هي الحبس من يوم واحد إلى شهرين والغرامة من ‪ 2000‬دج إلى ‪20.000‬‬
‫دج‪ ،‬كمخالفة إقالق راحة السكان بالضجيج خاصة إذا كانت الشركة قريبة من التجمعات‬
‫السكانية المنصوص عليها في المادة ‪ 442‬مكرر‪ 2/‬من قانون العقوبات (‪ ،)3‬إتالف أو‬
‫تخريب الطرق العمومية أو اغتصب جزءا منها وذلك بأية طريقة كانت وهي المخالفة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 455‬من قانون العقوبات‪ ،‬مخالفة المراسيم والق اررات المتخذة‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.255‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪ -3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوحيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.345‬‬

‫‪245‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫من طرف السلطات اإلدارية المعاقب عليها بموجب أحكام المادة ‪ 459‬من قانون‬
‫(‪)1‬‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 453‬من قانون العقوبات على أنه ‪ :‬يعاقب بغرامة من ‪ 50‬إلى‬
‫‪200‬دج ويجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة خمسة أيام على األكثر‪:‬‬
‫‪ - 1‬كل من خالف أحكام اللوائح التنظيمية الخاصة‪:‬‬
‫‪ -‬بمتانة السيارات العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬بحمولتها‪،‬‬
‫‪ -‬بطريقة تحميلها‪،‬‬
‫‪ -‬بعدد ركابها وسالمتهم‪،‬‬
‫‪ -‬بوضع بيان بعد محالتها وسعرها بداخلها‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -‬بوضع بيان باسم المالك خارجها‪...‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين المجرمة‬
‫األخرى‬

‫باإلضافة إلى العقوبات األصلية الواردة في قانون العقوبات نص المشرع الجزائري‬


‫على مثل هذه العقوبات في قوانين خاصة نوردها كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين الجبائية‬
‫من خالل نصوص القوانين الجبائية المختلفة يمكن استخالص العقوبات األصلية التي‬
‫جاءت فيها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.197‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 453‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ،04-82‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -1‬قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‬


‫نص المشرع الجبائي على العقوبات األصلية المطبقة على مسيري الشركات التجارية‬
‫في قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‪ ،‬من خالل أحكام الفقرة التاسعة من المادة‬
‫‪ 303‬منه التي نصت على أنه‪ :‬عندما ترتكب المخالفات من قبل شركة أو شخص معنوي‬
‫آخر تابع للقانون الخاص‪ ،‬يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة وبالعقوبات الملحقة ضد‬
‫المتصرفين أو الممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة‪.‬‬
‫ويصدر الحكم بالغرامة الجزائية المستحقة في نفس الوقت ضد المتصرفين أو الممثلين‬
‫الشرعيين أو القانونيين‪ ،‬وضد الشخص المعنوي دون اإلخالل فيما يخص هذا األخير‬
‫(‪)1‬‬
‫بالغرامات الجبائية المنصوص على تطبيقها‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون الطابع‬
‫نصت المادة ‪ 36‬في فقرتها األخيرة من قانون الطابع على العقوبات األصلية الواجب‬
‫توقيها على مسيري الشركات التجارية على أنه‪ :‬عندما ترتكب المخالفات من قبل شركة أو‬
‫شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص‪ ،‬ينطق بعقوبات الحبس وكذلك العقوبات التبعية‬
‫ضد أعضاء مجلس اإلدارة أو الممثلين الشرعيين أو المؤسسين للشركة‪.‬‬
‫وينطق بالغرامات الجزائية المستحقة في نفس الوقت ضد أعضاء مجلس اإلدارة أو‬
‫الممثلين الشرعيين أو المؤسسين وضد الشخص المعنوي ويتم نفس اإلجراء بالنسبة للعقوبات‬
‫(‪)2‬‬
‫الجبائية المطبقة‪.‬‬
‫‪-3‬قانون الضرائب غير المباشرة‬
‫نصت المادة ‪ 554‬من قانون الضرائب غير المباشرة على العقوبات األصلية المطبقة‬
‫على مسيري الشركة التجارية على أنه‪ :‬عندما ترتكب المخالفات من قبل شركة أو شخص‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 303‬فقرة ‪ 09‬من األمر رقم ‪ ،101-76‬معدلة بالقانون رقم ‪ ،16-11‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 36‬من األمر رقم ‪ ،103-76‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫معنوي آخر تابع للقانون الخاص فإن عقوبات الحبس المستوجبة وكذلك العقوبات الالحقة‬
‫تقرر على أعضاء مجالس اإلدارة أو الممثلين الشرعيين أو القانونين للشركة‪.‬‬
‫وتقرر الغرامات الجزائية المستوجبة في آن واحد على أعضاء مجالس اإلدارة أو‬
‫الممثلين الشرعيين أو القانونيين وعلى الشخص المعنوي‪ ،‬واألمر كذلك بالنسبة للعقوبات‬
‫(‪)1‬‬
‫المالية المطبقة‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون التسجيل‬
‫نصت المادة ‪ 121‬الفقرة ‪ 4‬من قانون التسجيل على العقوبات األصلية المطبقة على‬
‫مسيري الشركات التجارية كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عندما ترتكب الجرائم من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص فإن‬
‫عقوبات الحبس المطبقة وكذلك العقوبات التبعية‪ ،‬ويحكم بها على أعضاء مجالس اإلدارة أو‬
‫الممثلين الشرعيين أو المؤسسين للشركة‪.‬‬
‫ويحكم في آن واحد بالغرامات الجزائية على أعضاء مجلس اإلدارة أو الممثلين‬
‫الشرعيين أو المؤسسين وعلى الشخص المعنوي‪ ،‬واألمر كذلك بالنسبة للعقوبات الجبائية‬
‫(‪)2‬‬
‫المطبقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات األصلية المقررة للمسيرين في قانون مكافحة التهريب‬
‫نصت المدة ‪ 10‬من قانون مكافحة التهريب على أنه ‪ :‬يعاقب على تهريب المحروقات‬
‫أو الوقود أو الحبوب أو الدقيق أو المواد المطحونة المماثلة أو المواد الغذائية أو الماشية أو‬
‫منتجات البحر أو الكحول أو التبغ أو المواد الصيدالنية أو األسمدة التجارية أو التحف‬
‫الفنية أو الممتلكات األثرية أو المفرقعات أو أي بضاعة أخرى بمفهوم المادة ‪ 02‬من هذا‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 554‬من األمر رقم ‪ ،104-76‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 121‬من األمر رقم ‪ ،105-76‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫األمر بالحبس من ‪ 01‬سنة واحدة إلى ‪ 05‬خمس سنوات وبغرامة تساوي ‪ 05‬خمس مرات‬
‫قيمة البضاعة المصادرة‪.‬‬
‫وعندما ترتكب أفعال التهريب من طرف ثالثة أشخاص فأكثر‪ ،‬تكون العقوبة الحبس‬
‫من سنتين ‪ 2‬إلى عشر ‪ 10‬سنوات وغرامة تساوي عشر ‪ 10‬مرات قيمة البضاعة‬
‫المصادرة‪.‬‬
‫وعندما تكتشف البضائع المهربة داخل مخابئ أو تجويفات أو أي أماكن أخرى مهيأة‬
‫خصيصا لغرض التهريب تكون العقوبة الحبس من سنتين ‪ 2‬إلى عشر ‪ 10‬سنوات وغرامة‬
‫تساوي عشر ‪ 10‬مرات قيمة البضاعة المصادرة‪.‬‬
‫كما يعاقب بنفس العقوبة من يمتلك داخل النطاق الجمركي مخازن معدة للتهريب‬
‫وتصبح العقوبة من عشر ‪ 10‬إلى عشرين ‪ 20‬سنة ونفس العقوبة المالية في حالة استعمال‬
‫وسيلة نقل للتهريب أو استعمال السالح‪ ،‬وتكون العقوبة بالسجن المؤبد في حالة تهريب‬
‫السالح أو كانت أفعال التهريب تشكل خط ار على األمن الوطني أو االقتصاد الوطني أو‬
‫(‪)1‬‬
‫الصحة العمومية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون حماية البيئة في‬
‫إطار التنمية المستدامة‬
‫نص قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على العقوبات التي تطبق على‬
‫األشخاص المخالفين لنصوصه حسب كل موضوع حماية‪ ،‬وقد جاءت على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬العقوبات المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي‬
‫تعاقب المادة ‪ 81‬من هذا القانون بالحبس من عشرة ‪ 10‬أيام إلى ثالثة ‪ 03‬أشهر‬
‫وبغرامة من خمسة أالف دينار ‪ 5000‬دج إلى خمسين ألف دينار ‪ 50.000‬دج أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين فقط كل من تخلى دون ضرورة أو أساء معاملة حيوان داجن أو أليف أو‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 11‬من األمر رقم ‪ ،06-05‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫محبوس‪ ،‬في العلن أو الخفاء‪ ،‬أو عرضه لفعل قاس‪ ،‬كما تعاقب المادة ‪ 81‬من القانون‬
‫نفسه بالغرامة من عشرة أالف دينار ‪ 10.000‬دج إلى مائة ألف دينار ‪ 100.000‬دج كل‬
‫من يخالف أحكام المادة ‪ 40‬من القانون نفسه‪ ،‬وهي أحكام تتعلق بحماية الحيوانات‬
‫والنباتات النادرة ومحيط معيشتها‪ ،‬حفاظا على التوازن اإليكولوجي‪ ،‬خاصة ضد الشركات‬
‫التجارية الضخمة التي تقيم مشاريعها دون مراعاة لهذه الظاهرة التي تشكل خط ار حقيقيا‬
‫(‪)1‬‬
‫على كوكب األرض‪.‬‬
‫‪ -2‬العقوبات المتعلقة بحماية الهواء والجو‬
‫نصت المواد من ‪ 84‬إلى ‪ 87‬من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على‬
‫العقوبات التي تطبق على من يخالف أحكام ‪ 47‬من القانون نفسه والمتعلقة باإلطار المنظم‬
‫النبعاث الغاز والدخان والبخار والجزئيات السائلة أو الصلبة في الجو باإلضافة إلى أحكام‬
‫المادة ‪ 45‬من القانون نفسه المتعلقة بعمليات بناء واستغالل واستعمال البنايات والمؤسسات‬
‫الصناعية والتجارية والحرفية والزراعية وكذلك المركبات والمنقوالت األخرى التي يجب أن‬
‫تخضع لمقتضيات حماية البيئة وتفادي إحداث التلوث الجوي والحد منه‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫العقوبات في الغرامة من عشرة أالف دينار ‪10.000‬دج إلى مائة ألف دينار‬
‫(‪)2‬‬
‫‪100.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -3‬العقوبات المتعلقة بحماية الماء واألوساط المائية‬
‫نصت المواد من ‪ 88‬إلى ‪ 100‬من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‬
‫على مجموعة من العقوبات المطبقة على من يخالف أحكام هذا القانون فيما يتعلق بحماية‬
‫المياه واألوساط المائية من األفعال التي من شأنها أن تشكل خط ار حقيقيا على المسطحات‬
‫المائية والمياه الجوفية خاصة ما تقوم به بعض الشركات من صب نفاياتها السامة في‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 40‬من القانون رقم ‪ ، 10-03‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ ، 10-03‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫المسطحات المائية أو في جو األرض مما يؤثر على سالمة المياه الجوفية‪ ،‬وذلك بتسليط‬
‫عقوبات قاسية على الفاعل ين تصل إلى حد الحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات والغرامة‬
‫(‪)1‬‬
‫التي يمكن أن تصل إلى ‪ 10.000.000‬دج‪.‬‬
‫‪ -4‬العقوبات المتعلقة بحماية اإلطار المعيشي‬
‫نصت المادة ‪ 109‬من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على عقوبة‬
‫الغرامة المقدرة با‪ :‬مائة وخمسون ألف دينار ‪ 150.000‬دج لكل من يخالف أحكام المادة‬
‫‪ 66‬من القانون نفسه والمتعلقة بمنع اإلشهار على العقارات المصنفة ضمن اآلثار‬
‫التاريخية‪ ،‬اآلثار الطبيعية والمواقع المصنفة‪ ،‬المساحات المحمية‪ ،‬مباني اإلدارات العمومية‬
‫وعلى األشجار‪.‬‬
‫اربعا‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القانون المتعلق بشروط‬
‫ممارسة األنشطة التجارية‬
‫يلزم القانون ‪ 08 - 04‬المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية كل شخص معنوي‬
‫يرغب في ممارسة نشاط تجاري بالقيد في السجل التجاري لدى المركز الوطني للسجل‬
‫التجاري في المادة ‪ 04‬منه‪ ،‬وتبعا لذلك يتعرض مسير الشخص المعنوي(الشركة التجارية)‬
‫إلى الجزاءات المذكورة في هذا القانون في حالة ارتكابه إحدى المخالفات الواردة في المادة‬
‫‪ 30‬وما بعدها والمتمثلة في ‪ :‬غلق المحل التجاري‪ ،‬زيادة علي إجراء الغلق يعاقب مرتكب‬
‫الجريمة بغرامة من ‪ 10.000‬دج إلي ‪ 100.000‬دج إذا كان يمارس نشاطا تجاريا قا ار‬
‫دون التسجيل في السجل التجاري كما يعاقب التجار الذين يمارسون أنشطة تجارية غير قارة‬
‫دون التسجيل في السجل التجاري بغرامة من ‪ 5.000‬دج الي ‪ 50.000‬دج‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 88‬من القانون رقم ‪ ،10-03‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫زيادة علي هذه الغرامة‪ ،‬يجوز ألعوان الرقابة المؤهلين والمذكورين في المادة ‪ 30‬من‬
‫هذا القانون‪ ،‬القيام بحجز سلع مرتكب الجريمة‪ ،‬وعند االقتضاء حجز وسيلة أو وسائل النقل‬
‫المستعملة‪.‬‬
‫إن شروط وكيفيات إجراء الحجز هي نفسها المنصوص عليها في التشريع والتنظيم‬
‫المعمول بهما المطبقين علي الممارسات التجارية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية‬


‫عرف المشرع الجزائري العقوبات التكميلية في المادة ‪ 3/04‬من قانون العقوبات على‬
‫أن ‪ :‬العقوبة التكميلية هي تلك التي ال يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية‪ ،‬فيما عدا‬
‫الحاالت التي ينص القانون عليها صراحة‪ ،‬وهي إما إجبارية أو اختيارية‪"...‬‬
‫كما أنه في حالة تقريرها فيجب النطق بها إلى جانب العقوبة األصلية عكس التبعية‬
‫(‪)2‬‬
‫التي يتم توقيعها حتى دون النطق بها فيكفي فيها النطق بالعقوبة األصلية‪.‬‬
‫وقد أقرها المشرع الجزائري في أحكام قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون العقوبات‬
‫نص المشرع الجزائري على مجموعة من العقوبات التكميلية والمتمثلة في ‪ :‬الحجر‬
‫القانوني‪ ،‬الحرمان من ممارسة الحقوق المدنية والعائلية‪ ،‬تحديد اإلقامة والمنع من اإلقامة‪،‬‬
‫المصادرة الجزئية لألموال‪ ،‬المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط‪ ،‬غلق المؤسسة‪،‬‬
‫اإلقصاء من الصفقات العمومية‪ ،‬الحظر من إصدار الشيكات و ‪/‬أو استعمال بطاقات‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 30‬من القانون رقم ‪ 08 – 04‬المؤرخ في ‪ 2004/08/18‬المتعلق بشروط ممارسة األنشطة‬


‫التجارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 52‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ -2‬محمد صغير سعداوي‪ ،‬العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية المعاصرة‪ ،‬دار الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪،2012 ،‬‬
‫ص ‪.48‬‬

‫‪252‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الدفع‪ ،‬تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة‬
‫(‪)1‬‬
‫سحب جواز السفر‪ ،‬نشر أو تعليق حكم أو قرار اإلدانة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الحجر القانوني‬
‫عرفته المادة ‪ 09‬مكرر من قانون العقوبات التي تنص على أنه‪ :‬في حالة الحكم‬
‫بعقوبة جنائية‪ ،‬تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني الذي يتمثل في حرمان المحكوم عليه‬
‫من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة األصلية‪ ،‬تتم إدارة أمواله طبقا لإلجراءات‬
‫المقررة في حالة الحجر القضائي‪ ،‬وهو حرمان المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة األصلية‬
‫من مباشرة حقوقه المالية‪ ،‬وتكون إدارة أمواله طبقا لألوضاع المقررة في حالة الحجر‬
‫القانوني‪ ،‬فال يمكنه التصرف في أمواله بأي نوع من أنواع التصرفات كالبيع أو الهبة أو‬
‫(‪)2‬‬
‫الرهن‪ ....‬إلخ‪.‬‬
‫وهو بذلك سلب المحكوم عليه بعقوبة جنائية أهليته إلدارة أمواله وتقييد حريته في‬
‫التصرف فيها مدة عقوبته دون حرمانه من التمتع بالحقوق‪ ،‬فهو ال يسلبه حقه في أن يكون‬
‫مالكا أو دائنا أو منتفعا بل يسلبه حق مباشرة هذه الحقوق بنفسه‪ ،‬والراجح أن المحكوم عليه‬
‫يبقى محتفظا بمباشرة حقوقه الشخصية كالزواج والطالق واإلقرار بالبنوة ألن القانون لم‬
‫ينص على حرمانه من مباشرتها‪ ،‬والعلة التي يفسر بها الحجر على المحكوم عليه هي أن‬
‫أهليته تتعارض مع حالته‪ ،‬إذ يستحيل عليه أثناء تنفيذ العقوبة أن يتصل في الخارج بغيره‬
‫ويباشر المعامالت التي تقتضيها إدارة أمواله‪ ،‬ومادام المحكوم عليه ال يستطيع إدارة أمواله‬
‫في مدة اعتقاله فال محل في القانون ألن تحفظ أهليته ويمتد الحجر القانوني على المحكوم‬
‫عليه طوال فترة تنفيذ العقوبة‪ ،‬إلى أن يرفع عنه الحجر ويستعيد أهليته باإلفراج النهائي عنه‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 09‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ،23-06‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬لحسن بن شيخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪253‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫النقضاء العقوبة األصلية‪ ،‬سواء كان انقضاؤها بسبب تنفيذها أو بسب العفو عنه أو‬
‫(‪)1‬‬
‫سقوطها بالتقادم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية‬
‫نصت المادة ‪ 9‬من قانون العقوبات في البند الثاني منها على عقوبة الحرمان من‬
‫الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية‪ ،‬ويتمثل الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية‬
‫والعائلية في المادة ‪ 9‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات وتتمثل هذه الحقوق في‪:‬‬
‫‪ -1‬العزل أو اإلقصاء من جميع الوظائف وا لمناصب العمومية أو إسقاط العهدة االنتخابية‪،‬‬
‫‪ -2‬الحرمان من حق االنتخاب والترشح ومن حمل أي وسام‪،‬‬
‫‪ -3‬عدم األهلية لتولي مهام مساعد محلف أو خبير أو اإلدالء بالشهادة على عقد أو أمام‬
‫القضاء إال على سبيل االستدالل‪،‬‬
‫‪ -4‬الحرمان من الحق في حمل األسلحة وفي التدريس‪ ،‬أو في إدارة مدرسة أو الخدمة في‬
‫مؤسسة للتعليم بصفة أستاذ أو مدرس أو ناظر‪،‬‬
‫‪ -5‬عدم األهلية ألن يكون وصيا أو مقدما‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -6‬سقوط حقوق الوالية كلها أو بعضه‪.‬‬
‫وبخصوص العقوبة األخيرة‪ ،‬سقوط حقوق الوالية كانت المادة ‪ 24‬من قانون العقوبات‬
‫الملغاة قبل تعديل قانون العقوبات سنة ‪ 2006‬تجيز القضاء بها عند الحكم على أحد‬
‫األصول لجناية أو جنحة وقعت منه على شخص أحد أوالده القصر وتقرير أن السلوك‬
‫العادي للمحكوم عليه يعرضهم لخطر مادي أو معنوي‪ ،‬ويجوز أن ينصب هذا السقوط على‬
‫كل حقوق السلطة األبوية أو بعضها وأن ال يشمل إال واحدا أو بعضا من أوالده‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫وعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية قد تكون إلزامية أو اختيارية‪.‬‬

‫‪ -1‬بريك الطاهر‪ ،‬فلسفة النظام العقابي في الجزائر وحقوق السجين‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -3‬لحسن بن شيخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪254‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪-1‬الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية كعقوبة إلزامية‬


‫نصت المادة ‪ 9‬مكرر‪ 1‬من قانون العقوبات في فقرتها األخيرة على أنه في حالة‬
‫الحكم بعقوبة جنائية يجب على القاضي أن يأمر بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق‬
‫الوطنية والمدنية والعائلية لمدة أقصاها ‪ 10‬سنوات‪ ،‬وتسري مدة الحرمان من الحقوق من‬
‫يوم انقضاء العقوبة األصلية أي تنفيذها كاملة‪ ،‬أو من يوم اإلفراج عن المحكوم عليه‪ ،‬كما‬
‫لو استفاد من عفو رئاسي فأفرج عنه قبل تنفيذ العقوبة كاملة‪ ،‬ويترتب عما سبق أن المحكوم‬
‫عليه بعقوبة جنائية ال يطبق عليه الحرمان من الحقوق المذكورة بقوة القانون‪ ،‬كما كان‬
‫الحال سابقا عندما كان الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية عقوبة تبعية‪ ،‬بل‬
‫يتعين أن يأمر به الحكم القاضي بعقوبة جنائية وال يكفي أن تكون الجريمة جناية لتطبيق‬
‫عقوبة الحرمان وجوبا‪ ،‬بل يتعين أن تكون العقوبة المحكوم بها جنائية‪ ،‬ومن ثم فإذا صدر‬
‫على متهم متابع بجناية حكما يقضي عليه بعقوبة جنحية‪ ،‬بفعل تطبيق الظروف المخففة‬
‫فإن المحكمة ال تكون ملزمة بالحكم عليه بالحرمان من الحقوق المذكورة‪ ،‬والقاضي مخير‬
‫(‪)1‬‬
‫بين أن يحكم بالحرمان من حق واحد أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية كعقوبة اختيارية‬
‫أجازت المادة ‪ 14‬من قانون العقوبات للجهات القضائية عند قضائها في جنحة وفى‬
‫الحاالت التي يحددها القانون‪ ،‬أن تحظر على المحكوم عليه ممارسة حق أو أكثر من‬
‫الحقوق الوطنية المشار إليها في المادة ‪ 9‬مكرر من قانون العقوبات وذلك لمدة ال تزيد على‬
‫‪ 5‬سنوات وخالفا لما هو مقرر في حالة الحكم بعقوبة جنائية حيث يكون األمر من الحقوق‬
‫المذكورة إلزاميا‪ ،‬بصرف النظر عن طبيعة الجناية المرتكبة وعن وجود نص يأمر بذلك أو‬
‫عدم وجوده‪ ،‬فإن الحكم بهذه العقوبة في الجنح يكون اختياريا ويكون محصو ار في الجنح‬
‫التي نص فيها القانون صراحة على الحكم بهذه العقوبة‪ ،‬وهناك جنح عديدة نص المشرع‬

‫‪ -1‬محمد صغير سعداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪255‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫كعقوبة تكميلية لمرتكبيها على الحرمان من الحقوق الوطنية كعقوبة تكميلية السيما في‬
‫بعض الجنح ضد أمن الدولة كتوزيع منشورات بغرض اإلضرار بالمصلحة الوطنية المواد‬
‫‪ 96-79-78‬من قانون العقوبات وفي جنح التجمهر والمساس بممارسة حق االنتخاب‬
‫المواد ‪ ،106-102-99-98‬من نفس القانون وفي جنح إساءة استعمال السلطة المادتين‬
‫‪ 142-139‬من نفس القانون وفي جنح التزوير المواد ‪ 223-222-210-209‬من نفس‬
‫القانون وفي جنح استعمال العنف المواد ‪ 275-270-264‬من نفس القانون وفي الجنح‬
‫ضد األموال كالسرقة والنصب وخيانة األمانة المواد ‪ 351 -350‬مكرر‪-354- 352-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 380-376-372-362-359‬من نفس القانون‬
‫وغالبا ما ال يخص المشرع بالذكر حقا معينا وإنما يشير إلى حق أو أكثر من الحقوق‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 14‬من قانون العقوبات مما يسمح للقاضي بأن يحكم بحرمان‬
‫الجاني من أي حق يراه مناسبا للجريمة المرتكبة بل وبإمكانه أن يقضي بحرمانه من كل‬
‫هذه الحقوق‪.‬‬
‫والجدير بالذكر فيما يتعلق بعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية أن المشرع الجزائري‬
‫حدد مدة الحرمان بخمس سنوات كحد أقصى وفق أحكام المادة ‪ 14‬من قانون العقوبات‪،‬‬
‫غير أن المادتين ‪ 139‬و‪ 142‬من قانون العقوبات اللتين تجرمان وتعاقبان الموظف‬
‫العمومي الذي يسيء استعمال السلطة ضد الشيء العمومي أو يستمر في السلطة العمومية‬
‫على وجه غير مشروع‪ ،‬لم تتقيدا بهذه المدة حيث نصت على حرمان المحكوم عليه من‬
‫(‪)2‬‬
‫ممارسة أية وظيفة أو خدمة عمومية لمدة ‪10‬سنوات على األكثر‪.‬‬

‫‪ -1‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.257‬‬


‫‪ -2‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪224‬‬

‫‪256‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬تحديد اإلقامة والمنع من اإلقامة‬


‫نصت المادة ‪ 13‬من قانون العقوبات في فقرتها الثانية‪ ،‬على عقوبة المنع من اإلقامة‬
‫في التراب الوطني وهي عقوبة مستحدثة في قانون العقوبات ‪ ،‬وهكذا أجاز المشرع الجزائري‬
‫الحكم على كل أجنبي مدان الرتكابه جناية أو جنحة بالمنع من اإلقامة في التراب الوطني‬
‫إما نهائيا أو لمدة عشرة (‪ )10‬سنوات على األكثر وذلك عندما ينص القانون على هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫العقوبة‪.‬‬
‫ومن ثمة فإن الحكم با لمنع من اإلقامة في التراب الوطني موقوف على شرط‪ ،‬وهو أن‬
‫تكون العقوبة مدرجة في النص الذي يجرم الفعل المرتكب ويعاقب عليه‪.‬‬
‫ويترتب على المنع من اإلقامة بالتراب الوطني اقتياد المحكوم عليه إلى الحدود مباشرة‬
‫أو عند انقضاء عقوبة الحبس أو السجن‪ ،‬ومن ثم يتم طرد المحكوم عليه خارج الحدود بقوة‬
‫القانون‪.‬‬
‫وعندما يكون المنع من اإلقامة في التراب الوطني مقترنا بعقوبة سالبة للحرية فإن‬
‫تطبيقه يوقف طوال آجال تنفيذ هذه العقوبة‪ ،‬ويستأنف بالنسبة للمدة المحددة بحكم اإلدانة‬
‫من اليوم الذي ينتهي فيه الحرمان من الحرية‪ ،‬تماما كما هو الحال بالنسبة للشخص‬
‫(‪)2‬‬
‫الممنوع من اإلقامة الذي يحبس خالل منعه من اإلقامة‪.‬‬
‫وهكذا فإذا ما حبس المحكوم عليه بالمنع من اإلقامة في التراب الوطني‪ ،‬لسبب ما فإن‬
‫هذا الحبس يوقف تنفيذ عقوبة المنع من اإلقامة على أن يستأنف تنفيذها من يوم انقضاء‬
‫عقوبة الحبس أو اإلفراج عن المحكوم عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 13‬من األمر رقم ‪ ، 156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 23-06‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ، 1990،‬ص ‪.150‬‬

‫‪257‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫كما يتعرض الشخص الذي يخالف عقوبة المنع من اإلقامة بالتراب الوطني المحكوم‬
‫بها عليه‪ ،‬لعقوبة الحبس من ثالثة (‪ )03‬أشهر إلى ثالث (‪ )03‬سنوات وبغرامة من‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 25.000‬دج إلى ‪ 300.000‬دج‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬المصادرة الجزئية لألموال‬
‫هي تلك التي نص عنها المشرع الجزائري في المادة ‪ 9‬من قانون العقوبات واعتبرها‬
‫عقوبة تكميلية‪ ،‬وتكون في الجنايات أما في الجنح والمخالفات فال يحكم بها إال بنص‬
‫خاص‪ ،‬ويمكن أن تقع المصادرة على‪:‬‬
‫‪ -‬جسم الجريمة كاألموال التي استعملت لرشوة موظف‪،‬‬
‫‪ -‬األشياء المتحصلة من الجريمة كثمن المخدرات في جريمة اإلتجار في المواد المخدرة‪،‬‬
‫‪ -‬األسلحة أو اآلالت التي استعملت في الجريمة‪ ،‬وتنصرف إلى أي شيء يكون الجاني قد‬
‫استعمله أو اتخذه وسيلة له في ارتكاب الجريمة كاألسلحة واآلالت المستعلماة في تنفياذ‬
‫الجريمة أو تسهيلها‪ ،‬واألشيااء المعدة فعال الرتكاب الجريمة إال أنها نفذت فعال بوسائل‬
‫أخرى‪ ،‬وكذلك األشياء التي أعدت إلتمام الجريمة غير أنها أوقفت عند حد الشروع‪ ،‬وال‬
‫يشترط أن تكون األشياء مضبوطة فعال قبل صدور الحكم ألن نص المادة ‪ 15‬قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬وردت فيه عبارة‪" :‬األشياء التي استعملت …" دون أن يذكر عبارة "األشياء‬
‫المضبوطة" فالنص لم يقيد المحكمة بوجوب أن تكون األشياء موضوع المصادرة قد ضبطت‬
‫(‪)2‬‬
‫قبل صدور الحكم‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قد تكون المصادرة تدبير أمن طبقا للمادة ‪ 16‬من قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬إذا كانت صناعة األشياء المضبوطة أو استعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها‬
‫تعتبر في حد ذاتها جريمة ويجوز الحكم بها حتى لو حصل المتهم على حكم يقضي ببراءته‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 12‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 23-06‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ ‪ 2008-09-24‬في الملف رقم ‪ 412905‬عن غرفة الجنح‬
‫والمخالفات‪ ،‬المجلة القضائية لسنة ‪ 2010‬العدد ‪ ،01‬ص‪.287‬‬

‫‪258‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أو بأن ال وجه للمتابعة‪ ،‬ألن المصادرة كعقوبة تنصب على أشياء في حوزة المحكوم عليه‬
‫دون أن تكون محظورة في حد ذاتها وهذا حتى يتحقق معنى اإليالم والزجر اللذان هما من‬
‫صفات العقوبة‪ ،‬والمصادرة هي عقوبة تكميلية مالية عينية تنصب على مال معين نص‬
‫عليها المشرع الجزائري في المادة ‪ 15‬من قانون العقوبات‪ ،‬وتعرف بأنها نزع ملكية مال من‬
‫صاحبه جب ار عنه وإضافته إلى ملك الدولة دون مقابل وبذلك تختلف عن الغرامة التي‬
‫تنصب على ذمة المحكوم عليه المالية وتسدد نقدا‪ ،‬واألصل في المصادرة أنها جوازية‬
‫(‪)1‬‬
‫باعتبارها عقوبة تكميلية‪ ،‬غير أنها قد تكون إلزامية في الجرائم التي حددها القانون‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط‬
‫المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط يجوز الحكم به على المدان بارتكاب جناية‬
‫أو جنحة إذا ثبت للقضاء أن للجريمة صلة مباشرة بمزاولتهما‪ ،‬ووجود خطر في استمرار‬
‫ممارستها‪ ،‬ويصدر الحكم بالمنع لمدة ال تتجاوز (‪ )10‬سنوات في اإلدانة بجناية‪ ،‬و(‪)5‬‬
‫سنوات في اإلدانة بجنحة‪ ،‬ويجوز أن يؤمر بالنفاذ المعجل‪ ،‬وقد تكون إجبارية أو اختيارية‬
‫(‪)2‬‬
‫حسب الجريمة المرتكبة‪.‬‬
‫اإلجبارية مثالها ما نصت عليه المادتين ‪ 311‬و‪ 312‬من قانون العقوبات على منع‬
‫المحكوم عليهم المدانين بالجنايات أو الجنح المتعلقة باإلجهاض من ممارسة أيه مهنة أو‬
‫أداء أي عمل بأية صفة كانت في العيادات ودور الوالدة أو في أي مؤسسة عمومية أو‬
‫خاصة تستقبل عادة النساء الحوامل ويكون المنع بقوة القانون أي أنه يطبق إلزاميا بصرف‬
‫النظر عن النطق به في الحكم‪.‬‬
‫وتكون اختيارية في بعض الجرائم‪ ،‬نذكر منها ما نصت عليه المادتين ‪ 139‬و‪142‬‬
‫من قانون العقوبات بالنسبة للقاضي والموظف العمومي الذي يرتكب جنحة إساءة استعمال‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 15‬من األمر رقم ‪ ،156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 23-06‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬منصور رحماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.258‬‬

‫‪259‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫السلطة أو جنحة االستمرار في ممارسة الوظيفة على وجه غير مشروع‪ ،‬حيث يجوز حرمان‬
‫المحكوم عليه من مباشرة كافة الوظائف أو الخدمات العمومية لمدة عشر )‪ (10‬سنوات‬
‫على األكثر‪.‬‬
‫والمالحظ أن مدة المنع حددت في المادتين المذكورتين آنفا بعشر )‪ (10‬سنوات في‬
‫حين حددت هذه المدة في المادة ‪ 16‬مكرر المستحدثة بموجب التعديل في ‪ 2006‬بخمس‬
‫(‪ )05‬سنوات بالنسبة للجنح كحد أقصى‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬غلق المؤسسة‬
‫غلق المؤسسة هو منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة‬
‫بمناسبته‪ ،‬ويحكم بها بصفة نهائية أو لمدة ال تزيد عن (‪ )10‬سنوات في اإلدانة بجناية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫و(‪ )5‬سنوات في اإلدانة بجنحة‪.‬‬
‫وقد كان غلق المؤسسة يعد تدبي ار أمنيا عينيا حسب ما نصت عليه المادة ‪ 20‬من‬
‫قانون العقوبات الجزائري قبل تعديل ‪ ،2006‬وكما نظمت أحكامه المادة ‪ 26‬من القانون‬
‫نفسه بالنص على أنه‪ :‬يجوز أن يؤمر بإغالق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحاالت‬
‫وبالشروط المنصوص عليها في القانون‪.‬‬
‫غير أنه بعد تعديل قانون العقوبات سنة ‪ 2006‬تم إلغاء المادتين ‪ 20‬و‪ 26‬وبالتالي‬
‫إلغاء تدبير غلق المؤسسة كتدبير أمن عيني وأدمجت في العقوبات التكميلية حسب ما‬
‫نصت عليها المادة ‪ 09‬البند‪ ، 7‬كما استحدثت المادة ‪ 16‬مكرر من قانون العقوبات‬
‫‪1‬لتنظيم أحكام هذه العقوبة التكميلية والتي تنص على أنه ‪ :‬يترتب على عقوبة غلق‬
‫المؤسسة منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته‬
‫ويحكم بهذه العقوبة بصفة نهائية أو لمدة ال تزيد عن عشر )‪ (10‬سنوات في حالة اإلدانة‬

‫‪ -1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫‪260‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الرتكاب جناية وخمس)‪ (05‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة ويجوز أن يؤمر بالنفاذ‬
‫المعجل بالنسبة لهذا اإلجراء‪.‬‬
‫كما يترتب على عقوبة غلق المؤسسة منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط‬
‫الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته‪ ،‬فغلق المؤسسة هو عقوبة تكميلية محلها حظر مزاولة العمل‬
‫المخصص له هذه المؤسسة ويفهم بأن المؤسسة قد هيأت الظروف المالئمة للفاعل القتراف‬
‫جريمته‪ ،‬وأن استمرار العمل به يحتمل أن يؤدي إلى جرائم أخرى‪ ،‬فيكون في غلقه ما يقطع‬
‫الظروف المسهلة التي ساعدت الجاني في اقتراف جريمته‪.‬‬
‫وتختلف مدة اإلغالق باختالف وصف الجريمة المرتكبة‪ ،‬فيكون اإلغالق إما بصفة‬
‫نهائية أي مؤبدا أو لمدة ال تزيد عن عشر)‪ (10‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية‬
‫(‪)1‬‬
‫ولمدة خمس )‪ (05‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬اإلقصاء من الصفقات العمومية‬
‫اإلقصاء من الصفقات العمومية هو منع المحكوم عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو‬
‫غير مباشرة في أية صفقة عمومية‪ ،‬وهي عقوبة تكميلية مستحدثة بعد تعديل قانون العقوبات‬
‫في سنة ‪ 2006‬وتطبق على الشخص الطبيعي كما تطبق على الشخص المعنوي‪.‬‬
‫فبالنسبة للشخص الطبيعي فعقوبة اإلقصاء من الصفقات العمومية منصوص عليها‬
‫في البند ‪ 08‬من المادة ‪ 9‬من قانون العقوبات‪ ،‬كما نظمت أحكامها المادة ‪ 16‬مكرر ‪02‬‬
‫من نفس القانون التي تنص على أنه ‪ :‬لجهات الحكم إقصاء المحكوم عليه من الصفقات‬
‫العمومية في حالة اإلدانة من أجل جناية أو جنحة‪ ،‬ويترتب على هذه العقوبة منع المحكوم‬
‫عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة في أي صفقة عمومية‪ ،‬وقد يكون اإلقصاء‬
‫نهائيا أو لمدة عشر(‪ )10‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية ولمدة خمس )‪ (05‬سنوات‬
‫في حالة اإلدانة من أجل جنحة‪ ،‬وبالنسبة لبدء سريان العقوبة‪ ،‬التزم المشرع الصمت واكتفى‬

‫‪ - 1‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬

‫‪261‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫بالنص على جواز األمر بالنفاذ المعجل لهذا اإلجراء‪ ،‬وتبعا لذلك ووفقا لما تقتضيه أصول‬
‫تطبيق العقوبات فإن سريان اإلقصاء يبدأ من اليوم الذي تصبح فيه العقوبة نهائية‪ ،‬كما‬
‫تطبق العقوبات المقررة في المادة ‪ 16‬مكرر ‪ 6‬من قانون العقوبات على كل محكوم عليه‬
‫قام بخرق االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص المادة ‪ 16‬مكرر‪ 02‬من قانون العقوبات‬
‫وهي العقوبات المتمثلة في الحبس من ستة (‪ )06‬أشهر إلى سنتين )‪ (02‬وبغرامة من‬
‫‪50.000‬دج إلى ‪ 200.000‬دج‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬الحظر من إصدار الشيكات و ‪/‬أو استعمال بطاقات الدفع‬
‫وهي عقوبة تكميلية مستحدثة بموجب تعديل قانون العقوبات سنة ‪ 2006‬وقد نصت‬
‫عليه المادة ‪ 09‬في البند التاسع‪ ،‬وقد نظمت أحكامها المادة ‪ 16‬مكرر من نفس القانون ‪3‬‬
‫المستحدثة كذلك والتي نصت على أنه ‪:‬يترتب على عقوبة الحظر من إصدار الشيكات و ‪/‬‬
‫أو استعمال بطاقات الدفع‪ ،‬إلزام المحكوم عليه بإرجاع الدفاتر والبطاقات التي بحوزته أو‬
‫التي عند وكالئه إلى المؤسسة المصرفية المصدرة لها‪ ،‬غير أنه ال يطبق هذا الحظر على‬
‫الشيكات التي تسمح بسحب األموال من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو تلك‬
‫المضمنة‪.‬‬
‫كما أن مدة الحظر ال تتجاوز عشر )‪ (10‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية‬
‫وخمس (‪ )05‬سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة‪"...‬‬
‫ويستخلص من نص المادة ‪ 16‬مكرر‪ 3‬من قانون العقوبات المستحدثة أن لجهات‬
‫الحكم الحظر على المحكوم عليه إصدار الشيكات و ‪/‬أو استعمال بطاقات الدفع في حالة‬
‫اإلدانة من أجل جناية أو جنحة حتى وإن كانت الجريمة المرتكبة ال عالقة لها بإصدار‬
‫الشيكات و ‪/‬أو باستعمال بطاقات الدفع‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة‬
‫ويترتب على هذه العقوبة إبطال مفعول رخصة السياقة نهائيا مع الحظر على المحكوم‬
‫عليه استصدار رخصة جديدة‪ ،‬وخالفا للعقوبات التكميلية األخرى لم يحصر المشرع مجال‬

‫‪262‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫تطبيق هذه العقوبات في الجنايات والجنح مما يجعل الحكم بها جائ از حتى في المخالفات‬
‫أما من حيث المدة‪ ،‬فإن المشرع حدد مدة تعليق رخصة السياقة ومدة سحبها بخمس سنوات‬
‫على األكثر‪ ،‬دون التمييز بين الجرائم من حيث وصفها‪ ،‬كما يجب أن يبلغ الحكم القضائي‬
‫إلى السلطة اإلدارية المختصة والمتمثلة أصال في مصالح الوالية المختصة‪ ،‬وفيما يخص‬
‫ببدء سريان هذه العقوبة فقد اكتفى المشرع باإلشارة إلى جواز األمر بالنفاذ المعجل بالنسبة‬
‫لهذه العقوبة‪ ،‬غير أن ما تقتضيه أصول تطبيق العقوبات أن يبدأ سريان العقوبة من اليوم‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي تصبح فيه العقوبة نهائية‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع حدد مدة تعليق أو سحب رخصة السياقة بخمس (‪ )05‬سنوات‬
‫على األكثر‪ ،‬إال أنه لم يحدد مدة عقوبة إلغاء رخصة السياقة والمنع من استصدار رخصة‬
‫جديدة‪ ،‬مما يجعلها غير محددة ويذهب التخمين واالعتقاد إلى جعلها عقوبة مؤبدة‪ ،‬وكما‬
‫جرت القاعدة في هذا التعديل الجديد فإنه تقرر تطبيق العقوبات المقررة في المادة ‪ 16‬مكرر‬
‫‪ 6‬من قانون العقوبات على كل محكوم عليه خرق االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص‬
‫المادة ‪ 16‬مكرر ‪ 4‬من قانون العقوبات المتضمنة تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغائها‬
‫(‪)2‬‬
‫مع المنع من استصدار رخصة جديدة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هو أن المشرع سبق له أن نص على عقوبات تعليق رخصة السياقة‬
‫وإلغائها‪ ،‬ومنع تسليمها مؤقتا أو نهائيا في القانون رقم ‪ 14-01‬المؤرخ في ‪ 19‬أوت ‪2001‬‬
‫المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها‪ ،‬وتحديدا في المواد ‪ 110‬و‪111‬‬
‫و‪ 113‬منه كعقوبات تكميلية لجنح السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير مخدر‪ ،‬جنحة‬
‫الفرار بعد ارتكاب حادثة المرور‪ ،‬رفض الخضوع واالمتثال لألوامر‪ ،‬مخالفة األحكام المتعلقة‬
‫بتحديد السرعة وعبور بعض الجسور المحدودة الحمولة وكلها جرائم تطبق عليها عقوبات‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.354‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.159‬‬

‫‪263‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫إدارية تتمثل في تعليق رخصة السياقة أو إلغائها أو منع تسليمها مؤقتا أو نهائيا‪ ،‬كانت‬
‫تطبق من طرف السلطات اإلدارية قبل إدخالها كعقوبات تكميلية في قانون العقوبات‬
‫(‪)1‬‬
‫الجزائري في عند تعديله سنة ‪.2006‬‬
‫عاشرا‪ :‬سحب جواز السفر‬
‫وهي العقوبة المنصوص عليها في البند رقم ‪ 11‬من المادة ‪ 09‬من قانون العقوبات‬
‫المعدلة سنة ‪ ،2006‬كما نظمت المادة ‪ 16‬مكرر‪ 5‬من قانون العقوبات المستحدثة بموجب‬
‫تعديل قانون العقوبات سنة ‪ 2006‬أحكام هذه العقوبة التكميلية بالنص على أنه ‪ :‬يجوز‬
‫للجهة القضائية أن تحكم بسحب جواز السفر لمدة ال تزيد عن خمس (‪ )05‬سنوات في حالة‬
‫اإلدانة من أجل جناية أو جنحة‪ ،‬وذلك من تاريخ النطق بالحكم‪ ،‬ويجوز أن يؤمر بالنفاذ‬
‫المعجل بالنسبة لهذا اإلجراء‪ ،‬ويبلغ الحكم إلى و ازرة الداخلية‪ ،‬ويستخلص من نص المادة‬
‫‪ 16‬مكرر ‪ 5‬من قانون العقوبات أن للجهات القضائية الحكم بسحب جواز السفر في حالة‬
‫اإلدانة من أجل جناية أو جنحة فهي عقوبة جوازية‪ ،‬وقد كان القانون رقم ‪ 18-04‬المؤرخ‬
‫في ‪ 2004/12/25‬المتعلق بالمخد ارت والمؤثرات العقلية سباقا لهذه العقوبة حيث نصت‬
‫المادة ‪ 29‬منه على هذه العقوبة جزاءا لجرائم المخدرات وقد حددت مدة تطبيق العقوبات‬
‫بخمس سنوات على األكثر وذلك من تاريخ النطق بالحكم واألصل من يوم أن يصير الحكم‬
‫نهائي وليس من تاريخ النطق بالحكم ألن قواعد أصول تطبيق العقوبات يكون التطبيق من‬
‫(‪)2‬‬
‫يوم أن يصير الحكم نهائي‪.‬‬
‫أما الجهة التي تسهر على تطبيقه فهي و ازرة الداخلية والمصالح التابعة لها وعلى هذا‬
‫األساس فمتى صار حكم عقوبة سحب جواز السفر نهائي فعلى الجهة المصدرة للحكم أن‬
‫تبلغه إلى و ازرة الداخلية لتسهر على تطبيقه ألنها هي التي تشرف على إصدار جواز السفر‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪ -2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.160‬‬

‫‪264‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫فاألولى بها هي التي تسهر كذلك على تنفيذ سحبه وحرمان المحكوم عليه بهذه العقوبة لمدة‬
‫خمس سنوات على األكثر كما تطبق العقوبات المقررة في المادة ‪ 16‬مكرر‪ 06‬من قانون‬
‫العقوبات التي هي الحبس والغرامة المالية‪ ،‬الحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات‬
‫والغرامة المالية من ‪ 25.000‬دج إلى ‪ 300.000‬دج على كل محكوم عليه خرق‬
‫(‪)1‬‬
‫االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص المادة ‪ 16‬مكرر من قانون العقوبات‪.‬‬
‫إحدى عشر‪ :‬نشر حكم اإلدانة‬
‫نص المشرع الجزائري على نشر الحكم كعقوبة تكميلية في المادتين ‪ 09‬و‪ 18‬من‬
‫قانون العقوبات بالقول أنه ‪ :‬للمحكمة عند القضاء باإلدانة أن تأمر في الحاالت التي‬
‫يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في جريدة أو أكثر يعينها‪ ،‬أو بتعليقه‬
‫في األماكن التي يبينها وذلك كله على نفقة المحكوم عليه على أال تتجاوز مع ذلك‬
‫مصاريف النشر المبلغ الذي يحدده الحكم لهذا الغرض‪ ،‬وال أن تتجاوز مدة التعليق شه ار‬
‫واحدا‪ ،‬ويستفاد من استقراء نص المادة ‪ 18‬أعاله أن الحكم الذي يمكن نشره هو حكم‬
‫اإلدانة دون سواه‪ ،‬فال ينشر حكم بالبراءة أو بانقضاء الدعوى العمومية ألي سبب كان‪،‬‬
‫وليس كل حكم باإلدانة وإنما حصره في الحاالت التي ينص عليها صراحة القانون‪ ،‬والنشر‬
‫في هذه الحاالت قد يكون وجوبا في الحالة التي نصت عليها المادة ‪ 174‬قانون العقوبات‬
‫عند اإلدانة بجنحتي ا لمضاربة غير المشروعة المنصوص والمعاقب عليها فاي المادتيان‬
‫‪ 172‬و‪ 173‬من قانون العقوبات قبل صدور قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة‪،‬‬
‫ونرى أن الهدف من وجوب نشر الحكم وتعليقه في هذه الحالة هو‪ ،‬من جهة إرشاد الجمهور‬
‫إلى التجار الذين يغشونه‪ ،‬ومن جهة أخرى يصيب التاجر في ماله عن طريق إلزامه بدفع‬
‫مصاريف النشر والتعليق وأكثر من ذلك في تجارته وسمعته وامتناع الناس عن معاملته‪.‬‬

‫‪ -1‬سااليمان عبااد الماانعم‪ ،‬نظريااة الجازاء الجنااائي‪ ،‬المؤسسااة الجامعيااة للد ارسااات والنشاار والتوزيااع‪ ،‬الطبعاة األولااى‪،‬‬
‫بيروت‪ ، 1999،‬ص‪.63‬‬

‫‪265‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وقد يكون نشر الحكم جوازيا كما نصت على ذلك المادة ‪ 250‬من قانون العقوبات عند‬
‫اإلدانة بإحدى جرائم انتحال الوظائف واأللقاب أو األسماء أو إساءة استعمالها‪ ،‬وكذا المادة‬
‫‪ 1/300‬المتعلقة بالوشاية الكاذبة والمادة ‪ 144‬عند اإلدانة بجريمة إهانة الموظف أو‬
‫التعدي عليه‪.‬‬
‫ونشر الحكم قد يكون بنشر نصه كامال أو قد يكتفي بملخص (مستخرج منه) ويكون‬
‫النشر في جريدة أو أكثر يعينها الحكم في حد ذاته‪ ،‬وقد يتم النشر بتعليقه في بعض‬
‫ا ألماكن التي يبينها الحكم والغاية من ذلك هو التشهير بالمحكوم عليه وتنبيه الجمهور إلى‬
‫خطورته‪.‬‬
‫ولم يحدد المشرع طريقة تنفيذ الحكم بالنشر‪ ،‬وترك ذلك للنيابة العامة باعتبارها المكلفة‬
‫بتنفيذ األحكام الجزائية‪ ،‬والتي تقوم بإرسال نسخة من الحكم أو مستخرج منه‪ ،‬حسب منطلق‬
‫(‪)1‬‬
‫الحكم‪ ،‬إلى الجريدة أو التي عينها الحكم للنشر‪ ،‬أو تقوم بتعليقه في األماكن المحددة فيه‪.‬‬
‫ولم يوفق المشرع عندما حدد مصاريف النشر بأن ال تتجاوز المبلغ الذي يحدده الحكم‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬في حين أن المبلغ تحدده الجهة القائمة بالنشر وليس للقاضي أن يتنبأ‬
‫بالم صاريف الالزمة للنشر‪ ،‬وال أن يلزم الجهة القائمة بالنشر بأن تتنازل عن مبالغ النشر‬
‫إلى المبلغ الذي حدده في الحكم المراد نشره‪ ،‬وطالما الحال كذلك نرى أن تحديد مبالغ النشر‬
‫يكون باستصدار أمر تقدير مصاريف النشر ويكون الحقا على صدور الحكم القاضي‬
‫بالنشر وهذا بعد عرض نسخة من الحكم أو مستخرج منه على الجهة القائمة بالنشر لتحديد‬
‫مبالغ النشر‪( ،‬نشر مستخرج من الحكم ال يتطلب مبالغ كنشر نسخة كاملة منه)‪ ،‬ويلزم‬
‫المحكوم عليه بسدادها مع ما حكم عليه من غرامات ومصاريف قضائية‪ ،‬ولم يحدد كذلك‬
‫المشرع إجراءات تعليق الحكم واكتفى بالقول أن يكون التعليق في األماكن التي يحددها‬

‫‪ - 1‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪266‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫القانون وغالبا ما تكون ‪ :‬مقر المجلس الشعبي البلدي بمكان إقامة المحكوم عليه‪ ،‬منزله وإذا‬
‫(‪)1‬‬
‫كان تاج ار واجهة محله التجاري أو شركته‪ ،‬على أن ال تتجاوز مدة التعليق شه ار واحدا‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين المجرمة‬
‫األخرى‬

‫لقد نص المشرع الجزائري على العقوبات التكميلية التي يمكن أن توقع على مسيري‬
‫الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا في عدة قوانين خاصة نوردها منها ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون مكافحة الفساد‬
‫جاء في نص المادة ‪ 50‬من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته أنه ‪ :‬في حالة اإلدانة‬
‫بجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يمكن للجهة القضائية أن‬
‫تعاقب الجاني بعقوبة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات‪.‬‬
‫من خالل أحكام نص هذه المادة يمكن القول أن المشرع الجزائري أجاز للجهة‬
‫القضائية التي بتت في حكم اإلدانة في جريمة أو أكثر من الجرائم المذكورة في هذا القانون‬
‫الحكم بإحدى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أكثر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى إمكانية تجميد أو حجز العائدات واألموال غير المشروعة الناتجة عن‬
‫ارتكاب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬بقرار قضائي أو بأمر‬
‫من سلطة مختصة‪.‬‬
‫وفي حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬تأمر الجهة القضائية‬
‫بمصادرة العائدات واألموال غير الشرعية‪ ،‬وذلك مع مراعاة حاالت استرجاع األرصدة أو‬
‫حقوق الغير حسن النية‪.‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.356‬‬

‫‪267‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫وتحكم الجهة القضائية أيضا برد ما تم اختالسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو‬
‫ربح ولو انتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره‬
‫(‪)1‬‬
‫سواء بقيت تلك األموال على حالها أو وقع تحويله إلى مكاسب أخرى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين الجبائية‬
‫تناولت القوانين الجبائية المختلفة العقوبات التكميلية الموقعة على مسيري الشركات‬
‫التجارية المرتكبين للجرائم الجبائية والتي جاءت كما يلي‪:‬‬
‫‪ -01‬قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‬
‫نصت المادة ‪ 03/ 303‬منه على ما يلي‪ :‬إن العود في أجل خمس سنوات تنتج عنه‬
‫بحكم القانون‪ ،‬مضاعفة العقوبات‪ ،‬سواء أكانت جبائية أو جزائية‪ ،‬المنصوص عليها‬
‫بخصوص المخالفات األولية‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بالعقوبات الخاصة المنصوص عليها في‬
‫نصوص أخرى (المنع من ممارسة المهنة والعزل من الوظيفة وغلق المؤسسة‪...‬إلخ)‪.‬‬
‫إن لصق إعالن الحكم ونشره يؤمر بهما‪ ،‬ضمن الشروط المحددة في البند ‪ 6‬أدناه‬
‫وذلك في جميع الحاالت المنصوص عليها في هذا البند‬
‫يمكن للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بتمامه أو باختصار في الجرائد التي تعينها‬
‫وبتعليقه في األماكن التي تحددها والكل على نفقة المحكوم عليه‪...‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -02‬قانون الضرائب غير المباشرة‬


‫نصت المادة ‪ 550‬من قانون الضرائب غير المباشرة على أنه ‪ :‬يمكن للمحكمة‬
‫المحكمة‪ ،‬فيما يخص المخالفات المتبوعة بعقوبات جزائية‪ ،‬أن تأمر بأن ينشر الحكم بتمامه‬
‫أو بتلخيص في الجرائد التي تعنيها ويعلق في األماكن التي تعينها والكل على نفقة المحكوم‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 51‬من القانون رقم ‪ ،01-06‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 303‬من األمر رقم ‪ ، 101-76‬معدلة بالقانون رقم ‪ 16-11‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -03‬قانون التسجيل‬
‫نصت المادة ‪ 6/120‬من قانون التسجيل في البند ‪ 06‬منها‪:‬‬
‫فيما يخص الجرائم التي تنطوي على عقوبات جزائية‪ ،‬يمكن للجهة القضائية المختصة‬
‫أن تأمر بأن قرارها يجب أن ينشر برمته أو بملخص في الجرائد التي تعينها ويلصق في‬
‫األماكن التي تبينها‪ ،‬والكل يكون على نفقة المحكوم عليه‪.‬‬
‫‪ -04‬قانون الطابع‬
‫أما فيما يتعلق بقانون الطابع فقد أحال تطبيق العقوبات إلى قانون العقوبات السيما‬
‫المادتين ‪ 109‬و‪ 110‬منه حيث نصت المادة ‪ 109‬من قانون الطابع على أنه ‪ ... :‬ويجوز‬
‫عالوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في‬
‫المادة ‪ 14‬وبالمنع من اإلقامة من سنة إلى خمس سنوات على األكثر‪ ،‬ويعاقب على الشروع‬
‫في الجرائم المبينة أعاله كالجريمة التامة‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 110‬من قانون الطابع على أنه ‪ ... :‬ويجوز عالوة على ذلك أن‬
‫يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة ‪ 14‬وبالمنع من‬
‫اإلقامة من سنة إلى خمس سنوات على األكثر‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات التكميلية في قانون مكافحة التهريب‬


‫نصت المادة ‪ 19‬من قانون مكافحة التهريب على العقوبات التكميلية التي يجب‬
‫تطبيقها على من يرتكب األفعال التي نص عليها القانون نفسه بإحدى العقوبات التكميلية أو‬
‫أكثر من العقوبات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد اإلقامة‪،‬‬
‫‪ -‬المنع من اإلقامة‪،‬‬
‫‪ -‬المنع من مزاولة المهنة أو النشاط‪،‬‬

‫‪ -1‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬

‫‪269‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫‪ -‬إغالق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا‪،‬‬


‫‪ -‬اإلقصاء من الصفقات العمومية‪،‬‬
‫‪ -‬سحب أو توقيف رخصة السياقة أو إلغائها مع المنع من استصدار رخصة جديدة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬سحب جواز السفر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬العقوبات التكميلية في القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية‬
‫وقمع استعمال واالتجار غير المشروعين بها‬
‫نصت المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ 18-04‬المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات‬
‫العقلية وقمع اإلتجار واالستعمال غير المشروعين بها على عقوبة الحرمان من الحقوق‬
‫السياسية والمدنية والعائلية لمدة من ‪ 05‬خمس سنوات إلى ‪ 10‬عشر سنوات ويجوز الحكم‬
‫زيادة على ذلك بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬المنع م ن ممارسة المهنة التي ارتكبت الجريمة بمناسبتها لمدة ال تقل عن خمس ‪05‬‬
‫سنوات‪،‬‬
‫‪ -‬المنع من اإلقامة وفقا لألحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات‪،‬‬
‫‪ -‬سحب جواز السفر وكذا سحب رخصة السياقة لمدة ال تقل عن خمس ‪ 5‬سنوات‪،‬‬
‫‪ -‬المنع من حيازة أو حمل السالح خاضع للترخيص لمدة ال تقل عن ‪ 05‬خمس سنوات‪،‬‬
‫‪ -‬مصادرة األشياء التي استعملت أو كانت موجهة الرتكاب الجريمة أو األشياء الناجمة‬
‫عنها‪،‬‬
‫‪ -‬الغلق لمدة ال تزيد عن ‪ 10‬عشر سنوات بالنسبة للفنادق والمنازل المفروشة ومراكز‬
‫اإليواء والحانات والمطاعم والنوادي وأماكن العروض أو أي مكان مفتوح للجمهور أو‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 19‬من األمر رقم ‪ ،06-05‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫مستعمل من قبل الجمهور‪ ،‬حيث ارتكب المستغل أو شارك في ارتكاب الجرائم المنصوص‬
‫(‪)1‬‬
‫عليها في المادتين ‪ 15‬و‪ 16‬من هذا القانون‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬العقوبات التكميلية في القانون المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية‬
‫نصت المادة ‪ 34‬من القانون رقم ‪ 08-04‬المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية‬
‫السيما الفقرة الثانية منها على أنه ‪ :‬زيادة على العقوبة المنصوص عليها في هذه المادة‬
‫يمكن للقاضي أن يأمر تلقائيا بغلق المحل التجاري المعني بالمخالفة‪ ،‬كما يمكنه أيضا أن‬
‫(‪)2‬‬
‫يقرر منع القائم بالمخالفة من ممارسة أي نشاط تجاري لمدة أقصاها ‪ 05‬خمس سنوات‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكن القول أن العقوبات التي توقع على مسيري الشركات‬
‫التجارية سواء كانت أصلية أو تكميلية فهي تهدف لردع المخالفين ومنعهم من اإلفالت‬
‫للعقاب الذي يقرره المشرع للشخص المعنوي سواء بصفتهم فاعلين أصليين أو شركاء‪ ،‬كما‬
‫أن خرق اإللتزامات الم ترتبة عن العقوبات التكميلية يتحمله الشخص الطبيعي المسؤول عن‬
‫تسيير الشخص المعنوي وتكون العقوبة على ذلك بالحبس من سنة ‪ 01‬إلى خمس ‪05‬‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 100.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج كما يمكن التصريح بقيام المسؤولية‬
‫الجزائية للشخص المعنوي‪ ،‬حسب الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 51‬مكرر ويتعرض‬
‫في هذه الحالة إلى عقوبة الغرامة حسب الكيفيات المنصوص عليها في المادة ‪18‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مكرر‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ ، 18-04‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 34‬من القانون رقم ‪ ، 08 – 04‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 03‬من األمر رقم ‪ ، 156-66‬معدلة بالقانون رقم ‪ ، 23-06‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫ملخص الباب الثاني‬


‫نستخلص من الباب الثاني من الدراسة أن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫يترتب عنه آثار قانونية وهي متابعة الشركات التجارية‬ ‫باعتبارها أشخاص معنوية‬
‫ويستوجب ذلك تحديد القواعد اإلجرائية التي تتناسب مع طبيعة تلك األشخاص المعنوية‪،‬‬
‫ذلك أنه من غير ال ممكن عمليا أن نطبق عليها نفس القواعد اإلجرائية التي وضعت‬
‫خصيصا أو أساسا للتطبيق على األشخاص الطبعيين‪ ،‬لذلك تضمن التعديل الجديد لقانون‬
‫اإلجراءات الجزائية بموجب القانون رقم ‪ 14-04‬الصادر بتاريخ ‪ 2004/11/10‬قواعد‬
‫جديدة‪ ،‬وذلك من المادة ‪ 65‬مكرر إلى المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 04‬ثم التعديل الذي تاله بموجب‬
‫القانون رقم‪ 22 - 06 :‬المؤرخ في ‪ 2006/07/23‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫وتخضع المتابعة الجزائية للشركات التجارية لقواعد إجرائية تختلف عن تلك التي‬
‫يخضع لها الشخص الطبيعي رغم وحدتها القانونية أي أن هذه اإلجراءات تخضع في‬
‫مجملها لقانون اإلج ارءات الجزائية‪ ،‬هذا األخير الذي تم تعديله ليواكب التطور الحاصل في‬
‫مجال متابعة الشخص المعنوي والشركات التجارية‪ ،‬باعتبارها شخصية قانونية أين أصبحت‬
‫تختص بقواعد إجرائية تتالءم مع طبيعتها وتتمثل هذه القواعد في ‪ :‬قواعد االختصاص‪،‬‬
‫قواعد التمثيل‪ ،‬قواعد التحري والتحقيق وقواعد المحاكمة‪.‬‬
‫أما عن االختصاص المحلي في المتابعة القضائية للشركة التجارية فينعقد للجهة‬
‫القضائية التي ارتكبت في دائرة اختصاصها الجريمة أو مكان وجود المقر االجتماعي‬
‫للشركة التجارية‪ ،‬غير أنه إذا تمت متابعة أشخاص طبيعية في نفس الوقت مع الشركة‬
‫التجارية يعود االختصاص في هذه الحالة إلى الجهات القضائية المرفوعة أمامها دعوى‬
‫األشخاص الطبيعية بمتابعة الشركة التجارية طبقا لنص المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 01‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية وهذه الحالة تتعلق بالقاعدة العامة‪ ،‬باإلضافة إلى حاالت االختصاص‬
‫اإلقليمي الموسع‪ ،‬ولقد حدد المشرع الجزائري أربع محاكم جزائية ذات اختصاص موسع مدد‬
‫اختصاصها اإلقليمي بموجب المرساوم التانفيذي رقم ‪ 348 - 06‬المؤرخ في ‪ 12‬رمضاان‬

‫‪272‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫عام ‪ 1427‬الموافق لا‪ 5 :‬أكتاوبر سنة ‪ 2006‬يتضمن تامديد االخاتصاص المحلاي لبعض‬
‫المحاكام ووكاالء الجمهورياة وقضااة التحقياق وهي‪ :‬محكمة سيدي محمد‪ ،‬محكمة قسنطينة‪،‬‬
‫محكمة ورقلة ومحكمة وهران‪.‬‬
‫أما عن االختصاص النوعي الذي يعتبر سلطة جهة قضائية معينة للفصل دون سواها‬
‫في دعاوي معينة‪ ،‬أي يتم تحديد االختصاص النوعي بالنظر إلى موضوع الدعوى وطبيعة‬
‫النزاع‪ ،‬والمبدأ العام أن قواعد االختصاص النوعي متعلقة بالنظام العام‪ ،‬أي ال يجوز‬
‫االتفاقي على مخالفتها‪ ،‬ويثيرها القاضي من تلقاء نفسه وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى‪.‬‬
‫وتتمثل الوظيفة األساسية لقواعد االختصاص النوعي في توزيع القضايا على مختلف‬
‫درجات الجهات القضائية‪ ،‬المحاكم‪ ،‬المجالس القضائية‪ ،‬والمحكمة العليا‪ ،‬فالمحكمة هي‬
‫صاحبة االختصاص العام فيما يعرض عليها من خصومة تفصل فيها بحكم ابتدائي قابل‬
‫لالستئناف أمام المجلس القضائي‪ ،‬أما المحكمة العليا فتعتبر الجهة القضائية التي تقوم‬
‫بالرقابة الالحقة على األحكام الصادرة عن جميع الجهات القضائية األخرى‪.‬‬
‫وفي المادة الجزائية يتوزع االختصاص النوعي على الجهات القضائية حسب نوع‬
‫الجريمة فإذا كانت مخالفة أو جنحة تعرض على قسم الجنح والمخالفات بالمحكمة‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت جناية يؤول االختصاص للنظر فيها لمحكمة الجنايات‪.‬‬
‫أما عن قاعدة التمثيل فال يمكن متابعة الشركة التجارية باعتبارها شخص معنوي ما لم‬
‫يكن لها ممثل قانوني يمثلها سواءا في مرحلة التحري والتحقيق أو في مرحلة المحاكمة‪،‬‬
‫ويمكن أن يتم متابعة الشركة التجارية وممثلها القانوني في آن واحد‪ ،‬وفي هذه الحالة ينبغي‬
‫على النيابة أن تقوم بتعيين ممثل آخر للشركة باللجوء لرئيس المحكمة ويتم تعيين ممثل‬
‫قانوني للشركة من بين المستخدمين التابعين للشركة وهو ما تطرق له المشرع بنص المادة‬
‫‪ 65‬مكرر ‪ 03‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن قواعد التحري فقد تبنى المشرع الجزائري نظاما إجرائيا جمع بين كال النظامين‬
‫االتهامي والنظام التنقيبي ليعطي الفاعلية الالزمة للقواعد اإلجرائية الجزائية وعلى الرغم من‬

‫‪273‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫أهمية التحري إال أن المشرع الجزائري لم يضع له تعريفا محددا بل اكتفي باإلشارة إليه من‬
‫خالل قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 21‬فقرة ‪ 03‬منه على أنه‪ :‬يناط‬
‫بالشرطة القضائية مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات وجمع‬
‫ا ألدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي‪.‬‬
‫ويعرف التحري بأنه المعلومات والحقائق واألخبار واألدلة التي تساعد على الوصول‬
‫إلى معرفة موضوع معين‪ ،‬ووضوح معالمه‪ ،‬وهو أيضا إجراءات جمع المعلومات التي‬
‫تساعد على الوصول إلى الحقيقة فيما يتعلق بوقوع الجريمة ومرتكبيها والمجني عليه‪.‬‬
‫ويمكن تلخيص أعمال التحري في‪ :‬تلقي الشكاوى والبالغات بشأن وقوع الجرائم‪،‬‬
‫إخطار وكيل الجمهورية بمجرد وصول نبأ ارتكاب الجريمة‪ ،‬االنتقال إلى مكان وقوع الجريمة‬
‫والقيام بالمعاينة‪ ،‬جمع االستدالالت عن الجرائم‪ ،‬تفتيش المساكن والمقرات‪ ،‬ضبط أدوات‬
‫الجريمة وكذا جميع األشياء المعتمدة استعمالها في الجريمة‪ ،‬سماع أقوال األشخاص‪،‬‬
‫توقيف المشتبه فيهم للنظر مدة ‪ 48‬ساعة قابلة للتجديد وتختتم كل األعمال المنجزة من‬
‫طرف ضابط الشرطة القضائية بمحضر يرسل إلى وكيل الجمهورية وهناك قواعد تحري‬
‫خاصة تتمثل في‪ :‬اعتراض المراسالت‪ ،‬التقاط الصور‪ ،‬التسرب‪ ،‬التسليم المراقب والترصد‬
‫االلكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن قواعد التحقيق االبتدائي فتهدف إلى جمع األدلة ثم يتم إحالة الشركة على‬
‫المحكمة المختصة لتتم محاكمتها طبقا للقانون وهذا التحقيق هو وجوبي وإلزامي في‬
‫الجنايات وجوازي في الجنح كما يجوز إجراؤه في المخالفات إذا رأى وكيل الجمهورية بدا‬
‫لذلك طبقا لنص المادة ‪ 66‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ويتم التحقيق مع الممثل القانوني‬
‫للشركة التجارية وفي حالة متابعة الشركة وممثلها في آن واحد يتم تعيين ممثل آخر للشركة‬
‫التجارية كما سبق بيانه‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن قواعد محاكمة الشركة التجارية فهي نفسها قواعد محاكمة الشخص الطبيعي‬
‫باستثناء قواعد التمثيل‪ ،‬إذ ال يمكن محاكمة الشركة التجارية إال عن طريق ممثلها القانوني‬

‫‪274‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫إال إذا تمت متابعة الشركة وممثلها القانوني في آن واحد ففي هذه الحالة يتم تعيين ممثل‬
‫آخر من طرف رئيس المحكمة بسعي من النيابة ونصت على ذلك المادة ‪ 65‬مكرر‪ 3‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجزائية على ‪ :‬إذا تمت متابعة الشخص المعنوي وممثله القانوني جزائيا‬
‫في نفس الوقت أو إذا لم يوجد أي شخص مؤهل لتمثيله يعين رئيس المحكمة بناء على‬
‫طلب النيابة العامة‪ ،‬ممثال عنه من ضمن مستخدمي الشخص المعنوي‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن األثر اآلخر المترتب على قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية بعد متابعتها‬
‫وثبوت إدانتها هو توقيع العقوبات المقررة قانونا وهذه العقوبات إما عقوبات أصلية وهي‬
‫عقوبة الغرامة والتي تساوي من مرة إلى خمس مرات للحد األقصى لعقوبة الغرامة المقررة‬
‫للشخص الطبيعي وهو ما نصت عليه المادة ‪ 18‬مكرر من قانون العقوبات‪ ،‬وهي عقوبة‬
‫تحقق الردع لكونها تمس بالذمة المالية للشركة التجارية وقد انتهج المشرع نفس المنهجية‬
‫بخصوص عقوبة الغرامة سواءا كان الفعل المرتكب مخالفة‪ ،‬جنح أو جناية‪.‬‬
‫لكن تجدر اإلشارة أنه في الجرائم التي لم يكرس فيها المشرع عقوبة الغرامة للشخص‬
‫الطبيعي تكون عقوبة الشركة التجارية غرامة قيمتها ‪ 2.000.000‬دج عندما تكون الجناية‬
‫معاقبا عنها باإلعدام أو السجن المؤبد‪ ،‬وتكون العقوبة غرامة قيمتها ‪ 1.000.000‬دج‬
‫عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت وتكون العقوبة غرامة قيمتها ‪500.000‬‬
‫دج بالنسبة للجنحة وهو ما نصت عليه المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 02‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫أما عن العقوبات التكميلية المقررة للشركة التجارية فهي ‪ :‬حل الشخص المعنوي‪ ،‬غلق‬
‫المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬اإلقصاء من الصفقات العمومية‬
‫لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية‬
‫بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬نهائيا أو لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪ ،‬مصادرة الشيء الذي‬
‫استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها‪ ،‬نشر وتعليق حكم اإلدانة‪ ،‬الوضع تحت الحراسة‬
‫القضائية لم دة ال تتجاوز خمس سنوات وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى‬

‫‪275‬‬
‫النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬ ‫ال ـبـاب الثاني‬

‫الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته وهو ما نصت عليه المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 01‬من‬
‫قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ -‬أما عن األثر القانوني اآلخر الناجم عن قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية هو‬
‫إمكانية قيام المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية وفي هذه الحالة تقوم مسؤوليتهم‬
‫بمناسبة قيام مسؤولية الشركة بناءا على مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية وهو ما نصت عليه‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 51‬مكرر لقانون العقوبات "‪ ...‬إن المسؤولية الجزائية للشخص‬
‫المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس األفعال‪،‬‬
‫فيمكن متابعة المسير باعتباره فاعال أصليا عندما يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية‬
‫للجريمة بنفسه كما يمكن متابعة المسير باعتباره شريك إذا ساعد على ارتكاب الجريمة وقد‬
‫حصر المشرع الجزائري أفعال ال شريك في المساعدة والمعاونة على ارتكاب األفعال‬
‫التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك‪ ،‬دون أفعال التحريض الذي أخرجه من‬
‫دائرة المساهمة التبعية وأدخلته في دائرة المساهمة األصلية‪.‬‬
‫وقد كرس المشرع الجزائري عقوبات لمسيري الشركات التجارية متى ثبتت مسؤوليتهم‬
‫الجزائية وهذه العقوبات هي أصلية وتكميلية وهي نفسها العقوبات المقررة لألشخاص‬
‫الطبيعية في قانون العقوبات والقوانين المكملة له‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫تعتبر المسؤولية الجزائية للشركات التجارية موضوع فرعي لموضوع المسؤولية الجزائية‬
‫للشخص المعنوي وهو المجا ل الخصب لتطبيق قواعد المسؤولية الجزائية لألشخاص‬
‫المعنوية على اعتبار أن القانون الجزائري أقر بمسؤولية األشخاص المعنوية الخاضعة‬
‫للقانون الخاص دون سواها ‪ ،‬كما أن قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال تزال‬
‫حديثة وهي قيد التطور وتحتاج إلى تتبع وتطبيق من الجهات القضائية من أجل سد الثغرات‬
‫التشريعية ‪ ،‬كما أ نها تحتاج لمواكبة التشريع من أجل التفصيل في قواعد المسؤولية الجزائية‬
‫وإزالة اللبس الموجود في العديد من المواضع‪.‬‬
‫وقد كرس المشرع الجزائري قواعد المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية بشكل عام في‬
‫قانون العقوبات بعد تعديله بموجب القانون رقم ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪ 20004/11/10‬وكان‬
‫ذلك استجابة منه للتطور الكبير الذي شهده نشاط الشركات التجارية عبر العالم والجرائم‬
‫التي أصبحت تقترفها هذه األخيرة‪.‬‬
‫وقد أقر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية الخاضعة للقانون‬
‫الخاص ‪ ،‬وبعد إسقاط مفهوم األشخاص المعنوية المعنية بهذه القواعد على الشركات‬
‫التجارية نجدها تنطبق عليها على اعتبار أن الشركات التجارية هي أشخاص معنوية تخضع‬
‫للقانون التجاري ‪ ،‬إال أنه ولقيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ينبغي أن ترتكب‬
‫الجريمة من طرف أجهزتها أ و ممثليها الشرعيين ‪ ،‬ولمعرفة أجهزة الشركات التجارية أو‬
‫ممثليها الشرعيين ينبغي الرجوع للقواعد القانونية المنظمة لها أو للقانون األساسي على‬
‫اعتبار أن طبيعة الشركة ونوعها له عالقة بأجهزتها وبممثليها الشرعيين كما سبق تبيانه في‬
‫هذه الدراسة ‪ ،‬كما ينبغي أيضا لقيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية أن ترتكب األفعال‬
‫المجرمة لحساب الشركة وليس لحساب مسيري الشركة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ليس آليا إذ أن‬
‫مسؤوليتها الجزائية ال تقوم بمجرد ارتكاب أفعال مجرمة لحسابها من طرف أجهزتها ومن‬

‫‪277‬‬
‫خاتمة‬

‫طرف ممثليها الشرعيين على اعتبار أن إقرار المشرع الجزائري للمسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية لم يكن باإلعتماد على مبدأ التعميم وإنما اعتمد على مبدأ التخصص أين وضع‬
‫شرطا آخر لقيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية بموجب نص المادة ‪ 51‬مكرر من‬
‫قانون العقوبات وهو أن ينص القانون صراحة على مسؤولية الشخص المعنوي عند تجريمه‬
‫لفعل معين‪.‬‬
‫وعند قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يمكن متابعتها قضائيا بواسطة قواعد‬
‫إجرائية تتالئم وطبيعتها القانونية تضمنها قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬كما أنه ونظ ار لطبيعة‬
‫الشركات التجارية باعتبارها أشخاص قانونية مستقلة عن األشخاص الطبيعية المسيرة لها‬
‫فقد سن المشرع عقوبات أصلية وتكميلية تتالئم مع طبيعتها وتحقق الردع المطلوب ‪ ،‬كما‬
‫أنه وعند قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يمكن متابعتها ومسيريها في آن واحد‬
‫تطبيقا لمبدأ ازدواجية المسؤولية الجزائية الجزائية عن نفس الفعل وهو ما أشارت له المادة‬
‫‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات ‪ ،‬كما أنه ينبغي اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم ينص‬
‫على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في العديد من القوانين التي تنظم األنشطة‬
‫اإلقتصادية والتي تنظم نشاط الشركات التجارية ‪ ،‬مثل قانون حماية المستهلك وقمع الغش‪،‬‬
‫قانون القواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪ ،‬قانون شروط ممارسة األنشطة التجارية‬
‫‪...،‬الخ إذ أن المشرع تطرق في هذه القوانين ألحكام جزائية لكنها تخص األشخاص‬
‫الطبيعية فقط ولم يتطرق لمسؤولية الشخص المعنوي رغم أن األنشطة االقتصادية التي‬
‫تنظمها تلك القوانين تمارس في أغلب األحيان في شكل شركات تجارية ولم يتدارك المشرع‬
‫الجزائري هذا الفراغ التشريعي لحد األن‪.‬‬
‫ومن خالل دراستنا لموضوع المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري‬
‫توصلنا إلى مجموعة من النتائج التي تعتبر إجابة على اإلشكالية المطروحة وتتمثل هذه‬
‫النتائج فيما يلي‪:‬‬

‫‪278‬‬
‫خاتمة‬

‫‪ -1‬إن الشركات التجارية من بين األشخاص المعنوية المعنية بنص المادة ‪ 51‬مكرر من‬
‫قانون العقوبات على اعتبار أن الشركات التجارية أشخاص معنوية تخضع للقانون الخاص‬
‫وهو القانون التجاري ‪ ،‬وبذلك يمكن تطبيق أحكام المادة ‪ 51‬مكرر سالفة الذكر عليها متى‬
‫توافرت باقي الشروط المنصوص عليها بنفس النص‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ليست تلقائية إذ أنها ال تقوم بمجرد‬
‫ارتكاب الجريمة لحسابها من طرف أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ‪ ،‬بل يجب أن ينص‬
‫القانون صراحة على قيام مسؤولية الشركة التجارية في النص المجرم‪.‬‬
‫‪ - 3‬إن طبيعة ونوع الشركة التجارية لها عالقة بقواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‬
‫ذلك أن نوع الشركة يمكننا من معرفة أجهزة الشركة وممثليها الشرعيين طبقا لقواعد القانون‬
‫التجاري ‪ ،‬ذلك أن الشركة التجارية ال تخضع للمسائلة الجزائية إال إذا كان مرتكب الجريمة‬
‫من الممثلين الشرعيين لها‪.‬‬
‫‪ - 4‬إن معرفة الممثلين الشرعيين والقانونيين للشركة التجارية ال يتعلق فقط بموضوع‬
‫المسؤولية الجزائية لها وإنما يتعلق بالمسؤولية الجزائية لهؤالء الممثلين أو المسيرين على‬
‫اعتبار أن إمكانية مسائلتهم جزائيا ممكنة بنفس القواعد القانونية المجرمة ويمكن متابعة‬
‫الشركة التجارية وممثليها أو مسييريها في آن واحد ‪ ،‬كما أن معرفة الممثلين الشرعيين‬
‫والقانونيين للشركة التجارية يساعد أيضا على معرفة ممثلي الشركة التجارية عند المتابعة‬
‫القضائية سواءا على مستوى مرحلة التحريات والتحقيق أو عند المحاكمة‪.‬‬
‫‪ - 5‬إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ينجم عنه مسؤولية مزدوجة إذ أن توافر‬
‫شروط قيام المسؤولية الجزائية يجعلها مسؤولة جزائيا ‪ ،‬كما تقوم أيضا معه مسؤولية‬
‫األشخاص الطبيعيين والمسيرين متى ثبت وجود عالقة لهم بالجرائم المرتكبة‪.‬‬
‫‪ - 6‬إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يترتب عنه نتائج تتعلق بها وبمسيريها‬
‫تتمثل في المتابعة القضائية وتوقيع الجزاءات المقررة قانونا‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫خاتمة‬

‫‪ – 7‬إن العقوبة األصلية التي كرسها المشرع الجزائري للشركات التجارية باعتبارها أشخاص‬
‫معنوية متى قامت مسؤوليتها الجزائية هي الغرامة ‪ ،‬وقد رفع المشرع الجزائري من قيمة‬
‫الغرامة المفروضة على الشركة التجارية بالنظر للغرامة المفروضة على الشخص الطبيعي‪،‬‬
‫إذ أن عقوبة الغرامة المكرسة للشركات التجارية تساوي من مرة إلى خمس مرات لقيمة الحد‬
‫األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي وقد كرس المشرع الجزائري عقوبات تكميلية‬
‫للشركات التجارية باعتبارها أشخاص معنوية مثل عقوبة غلق المؤسسة وعقوبة اإلقصاء من‬
‫الصفقات العمومية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألشخاص الطبيعيين الذين تقوم مسؤوليتهم الجزائية بمناسبة قيام‬
‫المسؤولية الجزائية للشركات التجارية فيخضعون للقواعد العامة أي تطبق عليهم العقوبات‬
‫األصلية والتكميلية المنصوص عليها في المادة ‪ 05‬وما يليها من قانون العقوبات وهي‬
‫عقوبة الحبس والغرامة أو إحداهما فقط ‪ ،‬والعقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون‬
‫العقوبات والقوانين المكملة له‪.‬‬
‫ونتيجة لما سبق استخالصه من نتائج فإننا نرى أنه من الضروري تقديم عدد من‬
‫التوصيات واإلقتراحات التي من شأنها أن تساهم في إثراء التشريع في مجال المسؤولية‬
‫الجزائية للشركات التجارية كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬التفصيل في قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية حسب طبيعتها على اعتبار أن‬
‫المشرع إكتفى بنص واحد فقط وهو نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات‪.‬‬
‫‪ -2‬تبيان الحاالت التي يمكن فيها قيام المسؤولية الجزائية المزدوجة للشركات التجارية‬
‫ومسييريها على اعتبار أن نص المادة ‪ 51‬مكرر من قانون العقوبات لم يشر لذلك بدقة‪.‬‬
‫‪ -3‬توسيع نطاق الجرائم التي يمكن مسائلة الشركات التجارية عنها عند ارتكابها ال سيما‬
‫الجرائم الماسة باإلقتصاد الرتباطها الوثيق بنشاط الشركات التجارية‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلعتماد على مبدأ التعميم في التجريم ووضع قواعد عامة للمسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية في قانون العقوبات يمكن تطبيقها في جميع القوانين المكملة لقانون العقوبات من‬

‫‪280‬‬
‫خاتمة‬

‫أجل سد الثغرات الحاصلة في بعض القوانين المكملة لقانون العقوبات والتي لم تتضمن‬
‫نصوص تتعلق بمسائلة الشركات التجارية ‪.‬‬
‫وكل هذه التوصيات من شأنها أن تساهم في ضبط قواعد المسؤولية الجزائية للشركات‬
‫التجارية في التشريع الجزائري‪ ،‬بما يكفل سد النقائص الموجودة والفراغ التشريعي الحاصل‬
‫وتؤدي إلى سن قواعد قانونية تمكن من ضبط العديد من الجرائم التي ترتكبها الشركات‬
‫التجارية وتضع لها جزاءات مناسبة وإجراءات تمكن من متابعة الفاعلين في إطار قواعد‬
‫قانونية واضحة ال يشوبها أي غموض‪ ،‬وتساهم في تسهيل تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية‬
‫للشركات التجارية من طرف الجهات القضائية‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫أوال ‪ /‬المصادر‪.‬‬
‫‪ -‬القوانين‪.‬‬
‫‪ - 01‬األمر رقم ‪ 155-66‬المؤرخ في ‪ ،1966/06/08‬المتضمن قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 48‬لسنة ‪.1966‬‬
‫‪ - 02‬األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ ،1966/06/08‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 49‬لسنة ‪.1966‬‬
‫‪ - 03‬األمر رقم ‪ 28 -71‬المؤرخ في ‪ ،1971/04 /22‬المتضمن قانون القضاء‬
‫العسكري‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 38‬لسنة ‪.1971‬‬
‫‪ - 04‬األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ ،1975/09/26‬المتضمن القانون المدني‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 78‬لسنة ‪.1975‬‬
‫‪ - 05‬األمر رقم ‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ ،1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 101‬لسنة ‪.1975‬‬
‫‪ - 06‬األمر رقم ‪ 101-76‬المؤرخ في ‪ ،1976/12/09‬المتضمن قانون الضرائب‬
‫المباشرة والرسوم المماثلة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 102‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪ - 07‬األمر رقم ‪ 103-76‬المؤرخ في ‪ ،1976/12/09‬المتضمن قانون الطابع‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 39‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪ - 08‬األمر رقم ‪ 104-76‬المؤرخ في ‪ 1976/12/09‬المتضمن قانون الضرائب غير‬
‫المباشرة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 70‬لسنة ‪.1977‬‬
‫‪ - 09‬األمر رقم ‪ 105-76‬المؤرخ في ‪ ،1976/12/09‬المتضمن قانون التسجيل‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 81‬لسنة ‪.1977‬‬
‫‪ - 10‬القانون رقم ‪ 07-79‬المؤرخ في ‪ ،1979/07/21‬المتضمن قانون الجمارك‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 04‬لسنة ‪.1979‬‬

‫‪282‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 11‬القانون رقم ‪ 03-82‬المؤرخ في ‪ ،1982/02/13‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-66‬‬


‫‪ 155‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 07‬لسنة ‪.1982‬‬
‫‪ - 12‬القانون رقم ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ 1982/02/13‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-66‬‬
‫‪ 156‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 07‬لسنة‬
‫‪.1982‬‬
‫‪ - 13‬المرسوم التشريعي رقم ‪ 08-93‬المؤرخ في ‪ ،1993/04/25‬المعدل والمتمم لألمر‬
‫رقم ‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪27‬‬
‫لسنة ‪.1993‬‬
‫‪ - 14‬األمر رقم ‪ 22-96‬المؤرخ في ‪ ،1996/07/09‬المتعلق بقمع مخالفة التشريع‬
‫والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 43‬لسنة ‪.1996‬‬
‫‪ - 15‬القانون رقم ‪ 27-96‬المؤرخ في ‪ ،1996/12/09‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-75‬‬
‫‪ 59‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 77‬لسنة‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ - 16‬القانون رقم ‪ 11-99‬المؤرخ في ‪ ،1999/12/23‬المتضمن قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،2000‬جريدة رسمية عدد ‪ 92‬لسنة ‪.1999‬‬
‫‪ - 17‬القانون رقم ‪ 11-02‬المؤرخ في ‪ 2002/12/24‬المتضمن قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،2003‬جريدة رسمية عدد ‪ 86‬لسنة ‪.2002‬‬
‫‪ - 18‬القانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ في ‪ ،2003/07/19‬المتعلق بحماية البيئة في إطار‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 43‬لسنة ‪.2003‬‬
‫‪ - 19‬القانون رقم ‪ 08-04‬المؤرخ في ‪ ،2004/08/14‬المتعلق بشروط ممارسة األنشطة‬
‫التجارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 52‬لسنة ‪.2004‬‬

‫‪283‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 20‬القانون رقم ‪ 14-04‬المؤرخ في ‪ ،2004/11/10‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-66‬‬


‫‪ 155‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 71‬لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ - 21‬القانون رقم ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪ 2004/11/10‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-66‬‬
‫‪ 156‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 71‬لسنة‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ - 22‬القانون رقم ‪ 18-04‬المؤرخ في ‪ ،2004/12/25‬المتعلق بالوقاية من المخدرات‬
‫والمؤثرات العقلية وقمع اإلستعمال واالتجار غير المشروعين بها ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪83‬‬
‫لسنة ‪.2004‬‬
‫‪ - 23‬القانون رقم ‪ 01-05‬المؤرخ في ‪ ،2005/02/06‬المتعلق بالوقاية من تبييض‬
‫األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 11‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ - 24‬األمر رقم ‪ 06-05‬المؤرخ في ‪ ،2005/08/23‬المتعلق بمكافحة التهريب‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 59‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ - 25‬القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ ،2006/02/20‬المتعلق بالوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 14‬لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ - 26‬القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ ،2006/12/20‬المعدل والمتمم لألمر رقم‬
‫‪ 156/66‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪84‬‬
‫لسنة ‪.2006‬‬
‫‪ - 27‬القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ ،2008/02/25‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 21‬لسنة ‪.2008‬‬
‫‪ - 28‬القانون رقم ‪ 04-09‬المؤرخ في ‪ ،2009/08/05‬المتعلق بالقواعد الاخاصة للوقاياة‬
‫من الجارائم المتاصلة بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪47‬‬
‫لسنة ‪.2009‬‬

‫‪284‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 29‬األمر رقم ‪ 03-10‬المؤرخ في ‪ 2010/08/26‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪22-96‬‬


‫المؤرخ في ‪ 1996/07/09‬المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف‬
‫وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 50‬لسنة ‪.2010‬‬
‫‪ -30‬القانون رقم ‪ 16-11‬المؤرخ في ‪ ،2011/12/28‬المتضمن قانون المالية لسنة‬
‫‪ ،2012‬جريدة رسمية عدد ‪ 72‬لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ - 31‬األمر رقم ‪ 02-15‬المؤرخ في ‪ ، 2015/07/23‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-66‬‬
‫‪ 155‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 40‬لسنة ‪.2015‬‬
‫‪ - 32‬القانون رقم ‪ 20-15‬المؤرخ في ‪ ،2015/12/30‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪-75‬‬
‫‪ 59‬المؤرخ في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 71‬لسنة‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ - 33‬القانون رقم ‪ 04-17‬المؤرخ في ‪ 2017/02/16‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪-79‬‬
‫‪ 07‬المؤرخ في ‪ 1979/07/21‬المتضمن قانون الجمارك‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 01‬لسنة‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ - 34‬القانون رقم ‪ 14-18‬المؤرخ في ‪ 2018/07/29‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪28-71‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1971/04/22‬المتضمن قانون القضاء العسكري‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 47‬لسنة‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ - 35‬القانون رقم ‪ 15-20‬المؤرخ في ‪ ،2020/12/30‬المتعلق بالوقاية من جرائم‬
‫اختطاف األشخاص ومكافحتها‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 81‬لسنة ‪.2020‬‬
‫‪ -‬مراسيم تنفيذية‬
‫‪ - 01‬المرسوم التانافيذي رقم ‪ 348 - 06‬المؤرخ في ‪ 2006/10/05‬المتضمن تمديد‬
‫االختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 63‬لسنة ‪.2006‬‬

‫‪285‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع‬
‫أ‪ -‬المراجع باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬الكتب‪.‬‬
‫‪ - 01‬إبراهيم بلعليات‪ ،‬أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ - 02‬إبراهيم سيد أحمد‪ ،‬العقود والشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫للنشر‪ ،‬مصر‪.1999،‬‬
‫‪ - 03‬إبراهيم علي صال ح‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1980‬‬
‫‪ - 04‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬التحقيق القضائي‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ - 05‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانون الجزائي العام‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013،‬‬
‫‪ - 06‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ - 07‬أحمد البسيوني أبو الروس‪ ،‬الموسوعة التجارية الحديثة (التاجر‪ ،‬الشركات التجارية‬
‫والمحال التجارية)‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫‪ - 08‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬القانون الجنائي الدستوري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ - 09‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2016،‬‬
‫‪ - 10‬أحمد محمد قائد مقبل‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫‪ - 11‬أدوار عيد‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬مطبعة النجوى‪ ،‬لبنان‪.1969 ،‬‬

‫‪286‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 12‬إدوار غالي الذهبي‪ ،‬مجموعات بحوث قانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫القاهرة‪.1978 ،‬‬
‫‪ - 13‬أسامة نائل المحيسن‪ ،‬الوجيز في الشركات التجارية واإلفالس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع األردن‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 14‬إسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬نظريتا القانون والحق وتطبيقهما في القوانين الجزائرية‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ - 15‬أشرف توفيق شمس الدين‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2012 ،‬‬
‫‪ - 16‬أكرم نشأت إبراهيم‪ ،‬القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫مطبعة الفتيان‪ ،‬بغداد‪.1998 ،‬‬
‫‪ - 17‬أكرم ياملكي‪ ،‬القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر‪،‬‬
‫مصر‪.2010،‬‬
‫‪ - 18‬الدراجي غازي حنون خلف‪ ،‬استظهار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد‪،‬‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2012 ،‬‬
‫‪ - 19‬السالم جاهم أبو قريش‪ ،‬دليل تأسيس الشركات التجارية في القانون التجاري‬
‫الجزائري‪ ،‬دار هومة‪،‬الجزائر‪.2014،‬‬
‫‪ - 20‬الطيب بلولة‪ ،‬قانون الشركات‪ ،‬ترجمة محمد بن بوزة‪ ،‬بارتي للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 21‬العربي بن المهيدي رزق هللا‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 1998،‬‬
‫‪ - 22‬الغوثي بن ملحة‪ ،‬القانون القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1989،‬‬
‫‪ - 23‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية – شركة التوصية البسيطة شركة‬
‫المحاصة‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪. 2011،‬‬

‫‪287‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 24‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية الشركة المحدودة المسؤولية‪ ،‬الجزء‬


‫السادس‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪. 2010 ،‬‬
‫‪ - 25‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية تأسيس الشركة المغفلة‪ ،‬الجزء السابع‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪. 2011،‬‬
‫‪ - 26‬أنور محمد صدقي المساعدة‪ ،‬المسؤول ية الجنائية عن الجرائم االقتصادية‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر‪ ،‬األردن ‪. 2006،‬‬
‫‪ - 27‬باسم محمد ملحم وبسام حمد الطروانة‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫المسيرة‪ ،‬األردن‪. 2012 ،‬‬
‫‪ - 28‬بريك الطاهر‪ ،‬فلسفة النظام العقابي في الجزائر وحقوق السجين‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫‪ - 29‬بلعيساوي محمد الطاهر‪ ،‬الشركات التجارية‪ -‬النظرية العامة وشركات األشخاص‪-‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2017،‬‬
‫‪ - 30‬ثروت عبد الرحيم‪ ،‬القانون التجاري المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1998 ،‬‬
‫‪ - 31‬جاك يوسف الحكيم‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ - 32‬جالل ثروت‪ ،‬نظم اإلجراءات الجنائية‪ ،‬القاعدة اإلجرائية – الدعوى العمومية –‬
‫الدعوى المدنية التابعة – الخصومة الجنائية (بدء الخصومة – سير الخصومة – انتهاء‬
‫الخصومة – الطعن في األحكام)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.2003،‬‬
‫‪ - 33‬جمال محمود الحموي وأحمد عبد الرحيم عودة‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫‪ - 34‬دراسة تحليلية مقارنة‪-‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪ - 35‬جياللي بغدادي‪ ،‬التحقيق ‪ -‬دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الديوان‬
‫الوطني لألشغال التربوية‪ ،‬الجزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ - 36‬خالد إبراهيم التالحمة‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المعتز‪،‬‬
‫األردن‪.2006 ،‬‬

‫‪288‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 37‬خلفي عبد الرحمان‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام ( دراسة مقارنة )‪ ،‬دار‬
‫الهدى ‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬
‫‪ - 38‬سالم عمر‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية وفقا لقانون العقوبات الفرنسي‬
‫الجديد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 1995،‬‬
‫‪ - 39‬سعيد يوسف البستاني‪ ،‬قانون األعمال والشركات‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫لبنان‪.2004،‬‬
‫‪ - 40‬سليم صمودي‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي‪ ،‬دراسة مقارنة بين التشريع‬
‫الجزائري والفرنسي‪ ،‬دار الهدى للنشر‪ ،‬الجزائر‪. 2006 ،‬‬
‫‪ - 41‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬نظرية الجزاء الجنائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة الجامعية‬
‫للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬
‫‪ - 42‬سميحة القليوبي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1989،‬‬
‫‪ - 43‬سمير عالية‪ ،‬أصول قانون العقوبات القسم العام‪ -‬معالم ونطاق تطبيق الجريمة‬
‫والمسؤولية والجزاء‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.1996،‬‬
‫‪ - 44‬شريف سيد كامل‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1997 ،‬‬
‫‪ - 45‬صالح نبيه‪ ،‬النظرية العامة للقصد الجنائي مقارنة بكل من القصد االحتمالي والقصد‬
‫المتعدي والقصد الخاص‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫‪ - 46‬صفوت بهنساوي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪. 2007،‬‬
‫‪ - 47‬عاطف محمد الفقي‪ ،‬الشركات التجارية في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫مصر‪. 2008 ،‬‬
‫‪ - 48‬عباس حلمي المنزالوي‪ ،‬القانون التجاري الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ - 49‬عباس مصطفى المصري‪ ،‬تنظيم الشركات التجارية شركات األشخاص شركات‬
‫األموال‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.2002،‬‬

‫‪289‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 50‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري‪-‬القسم العام‪ ،-‬موفم للنشر والتوزيع‬
‫‪ ،‬الجزائر‪.2015،‬‬
‫‪ - 51‬عبد الحميد الشواربي ‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪.2006،‬‬
‫‪ - 52‬عبد الحميد عمارة ‪ ،‬ضمانات المتهم أثناء مرحلة التحقيق االبتدائي في الشريعة‬
‫اإلسالمية والتشريع الوضعي‪ ،‬دار المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزائر‪.1990 ،‬‬
‫‪ - 53‬عبد العزيز سعد‪ ،‬أصول اإلجراءات أمام محكمة الجنايات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الديوان‬
‫الوطني لألشغال التربوية‪ ،‬الجزائر‪.2002،‬‬
‫‪ - 54‬عبد القادر الحسيني وإبراهيم محفوظ‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في‬
‫المجال الطبي دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2009 ،‬‬
‫‪ - 55‬عبد القادر الشاوي سلطان حمحمد عبد هللا الوريكات‪ ،‬المبادئ العامة في قانون‬
‫العقوبات‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪. 2011،‬‬
‫‪ - 56‬عبد القادر عدو‪ ،‬قانون العقوبات الجزائري‪-‬القسم العام‪-‬نظرية الجريمة‪ ،‬نظرية‬
‫الجزاء الجنائي‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪. 2010،‬‬
‫‪ - 57‬عبد هللا أوهايبية‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2018،‬‬
‫‪ - 58‬عبد هللا سليمان‪ ،‬النظرية العامة للتدابير االحت ارزية‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫الجزائر‪.1990،‬‬
‫‪ - 59‬عبد هللا سليمان‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري ‪ -‬القسم العام‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪. 2005 ،‬‬
‫‪ - 60‬عبد هللا عبد الوهاب المعمري‪ ،‬اندماج الشركات التجارية متعددة الجنسيات‪ -‬دراسة‬
‫فقهية قانونية مقارنة‪ -‬دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪.2010 ،‬‬
‫‪ - 61‬عبد الملك جندي‪ ،‬الموسوعة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1931‬‬

‫‪290‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 62‬عبدالحكيم فوده‪ ،‬شركات األموال والعقود التجارية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬


‫مصر‪.1998،‬‬
‫‪ - 63‬عبدالقادر البقيرات‪ ،‬مبادئ القانون التجاري‪ -‬األعمال التجارية‪ -‬نظرية التاجر‪-‬‬
‫المحل التجاري الشركات التجارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪.2011،‬‬
‫‪ - 64‬عزيز العكيلي‪ ،‬الوسيط في الشركات التجارية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ - 65‬علي البارودي‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪.1999 ،‬‬
‫‪ - 66‬علي حسن خلف وسلطان عبد القادر الشاوي‪ ،‬المبادئ العامة في قانون العقوبات‪،‬‬
‫المكتبة القانونية بغداد‪.2015 ،‬‬
‫‪ - 67‬علي حسن يونس‪ ،‬الشركات التجارية ‪ -‬النظرية العامة للشركة وشركات التضامن‬
‫والتوصية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪.1998 ،‬‬
‫‪ - 68‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ - 69‬عمار عمورة‪ ،‬شرح القانون التجاري الجزائري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫‪ - 70‬عمر قادري‪ ،‬أطر التحقيق‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬
‫‪ - 71‬فتيحة يوسف العماري‪ ،‬أحكام الشركات التجارية‪ ،‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ - 72‬فضيل العيش‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعملي‪ ،‬دار البدر‪،‬‬
‫الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 73‬فوزي عطوي‪ ،‬الشركات التجارية في القوانين الوضعية والشريعة اإلسالمية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫‪ - 74‬فوزي فتات‪ ،‬الضوابط القانونية للوفاء بالحصص والتصرف فيها في الشركات‬
‫التجارية في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬وهران‪.2007 ،‬‬

‫‪291‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 75‬فوزي محمد سامي‪ ،‬الشركات التجارية األحكام العامة والخاصة‪ ،‬دار لثقافة للنشر‪،‬‬
‫األردن‪.2014،‬‬
‫‪ - 76‬لحسن بن شيخ‪ ،‬مبادئ القانون الجزائي العام‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ - 77‬مبروك حسين‪ ،‬القانون التجاري الجزائري‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار هومة للنشر‪،‬‬
‫الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ - 78‬محمد أحمد محرز‪ ،‬الوسيط في الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ - 79‬محمد الرزاقي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي القسم العام‪ ،‬دار الكتاب الوطنية‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬ليبيا‪.2002 ،‬‬
‫‪ - 80‬محمد الكيالني‪ ،‬الموسوعة التجارية والمصرفية الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2009 ،‬‬
‫‪ - 81‬محمد آمين الخرشة‪ ،‬مشروعية الصوت والصورة في اإلثبات الجنائي‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2015،‬‬
‫‪ - 82‬محمد حزيط‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون‬
‫المقارن‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ - 83‬محمد حزيط‪ ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 84‬محمد حسن إسماعيل‪ ،‬الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات األموال‬
‫السعودية‪ ،‬اإلدارة العامة للطباعة والنشر‪ ،‬السعودية‪.2002 ،‬‬
‫‪ - 85‬محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم‪ ،‬القسم العام من قانون العقوبات‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫‪ - 86‬محمد صغير سعداوي‪ ،‬العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية المعاصرة‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ - 87‬محمد فريد العريني‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪. 2002،‬‬

‫‪292‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 88‬محمد كمال الدين‪ ،‬المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها‪ ،‬دراسة مقارنة في القانون‬
‫الوضعي والشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪.2004 ،‬‬
‫‪ - 89‬محمود سمير الشرقاوي‪ ،‬الشركات التجارية في القانون المصري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2016 ،‬‬
‫‪ - 90‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬أصول قانون العقوبات في الدول العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1970 ،‬‬
‫‪ - 91‬محمود مخطار أحمد بريري‪ ،‬قانون المعامالت التجارية‪-‬الشركات التجارية‪ -‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2006،‬‬
‫‪ - 92‬محمود نجيب حسني‪ ،‬الفقه الجنائي اإلسالمي‪ ،‬تأليف فوزية عبد الستار‪ ،‬دار الهداية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬
‫‪ - 93‬محند أمقران بوبشير‪ ،‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1994 ،‬‬
‫‪ - 94‬مصطفى كمال طه‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ - 95‬مصطفى محمد الدغيدي‪ ،‬التحريات واإلثبات الجنائي‪ ،‬دار الكتب القانونية‪،‬‬
‫مصر‪.2006،‬‬
‫‪ - 96‬مفلح عواد القضاة‪ ،‬الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمؤسسة ذات الشخص الوحيد‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.1998 ،‬‬
‫‪ - 97‬منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ - 98‬موالي ملياني بغدادي‪ ،‬اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪ ،‬الجزائر‪.1992 ،‬‬
‫‪ - 99‬نادية فوضيل‪ ،‬أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري شركات األشخاص‪،‬‬
‫الطبعة الثامنة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬

‫‪293‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 100‬نادية فوضيل‪ ،‬الوجيز في القانون التجاري الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬


‫الجزائر‪.2003،‬‬
‫‪ - 101‬نادية فوضيل‪ ،‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪ - 102‬نادية محمد معوض‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2001،‬‬
‫‪ - 103‬نسرين شريقي‪ ،‬سلسلة مباحث في قانون الشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫بلقيس للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ - 104‬نصر الدين هنوني ودارين يقدح‪ ،‬الضبطية القضائية في القانون الجزائري‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬
‫‪ - 105‬يحي أحمد موافي‪ ،‬الشخص المعنوي ومسؤولياته قانونا ‪ -‬مدنيا وإداريا وجنائيا‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪.1987 ،‬‬
‫‪ - 106‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬الطبعة‬
‫ا لثالثة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2003 ،‬‬
‫‪- 107‬إلياس ناصيف‪ ،‬موسوعة الشركات التجارية شركة التضامن‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2009 ،‬‬
‫‪- 108‬عبد الرحمان جباري‪ ،‬دراسات قانونية في المادة الجزائية على ضوء أهم التعديالت‬
‫الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2013،‬‬
‫‪- 109‬عالء زكي‪ ،‬النظام القانوني الدولي لمعاملة المسجونين‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ -‬المجالت‬
‫‪ - 01‬عبد الوهاب عمر البطراوي‪ ،‬أساس المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي الخاص‬
‫"دراسة مقارنة" مجلة األمن والقانون‪ ،‬مجلة دورية محكمة‪ ،‬تصدرها أكاديمية شرطة دبي‪،‬‬
‫السنة الثالثة عشرة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يناير‪.2005‬‬

‫‪294‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ - 02‬محمد بوراس‪ ،‬قراءة تعديالت القانون التجاري الجزائري الخاصة بالشركة ذات‬
‫المسؤولية المحدودة‪ ،‬المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو‪،2016،‬‬
‫تسمسيلت‪ ،‬الجزائر‪.2016،‬‬
‫‪ - 03‬نعناعة بوحفص جالب‪ ،‬اإلطار التشريعي المنظم لمهنة ومسؤولية محافظ الحسابات‬
‫في الشركات التجارية"‪ ،‬المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬الرسائل الجامعية‬
‫‪ - 01‬أحمد الشافعي‪" ،‬االعتراف بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القانون‬
‫الجزائري"‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون عام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2012/2011‬‬
‫‪ - 02‬سامية كسال‪ "،‬المؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة"‪،‬أطروحة‬
‫دكتوراه في القانون‪ ،‬تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2011،‬‬
‫‪ - 03‬ويزة بلعسلي‪ ،‬المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة االقتصادية‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه‪ ،‬تخصص قانون أعمال‪ ،‬الطالبة‪ ،‬جامعة تيزي وزو‪ ،‬تاريخ المناقشة ‪-05-14‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ - 04‬جميلة حميدة‪" ،‬الوسائل القانونية لحماية البيئة"‪ ،‬دراسة على ضوء التشريع الجزائري"‪،‬‬
‫رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري والزراعي‪ ،‬بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫البليدة‪.2001،‬‬
‫‪ - 05‬مراد فالك‪" ،‬المساهمة الجنائية التبعية في القانون الوطني والدولي"‪ ،‬مذكرة لنيل درجة‬
‫الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬تخصص قانون جنائي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪.2011-2010،‬‬

‫‪295‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

: ‫ اإلجتهاد القضائي‬-
412905 ‫ في الملف رقم‬2008/09/24 ‫ القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ‬- 01
.01 ‫ العدد‬2010 ‫ المجلة القضائية لسنة‬،‫عن غرفة الجنح والمخالفات‬
786372 ‫ في الملف رقم‬2013/03/21 ‫ القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ‬- 02
.02 ‫ العدد‬2013 ‫ المجلة القضائية لسنة‬، ‫عن الغرفة الجنائية‬
: ‫ مراجع باللغة الفرنسية‬- ‫ب‬
- Les Ouvraes.
01 - Alain (C), Elisabeth (F), Droit pénal du travail, Edition Litec,
France, 1998.
02 - Bernard (B), L’élargissement de la responsabilité pénale des
personnes morales, Dalloz, Paris, 2006.
03 - France (G), Alain (h), Droit des sociétés, 8eme édition, Dunod ,
Paris,2001.
04 - Jacques (D), Le droit des sociétés, Dalloz,France, 1998.
05 - Jean (A), Droit fiscal algérien, Office des Publication
Universitaires, Alger, 1990.
06 - Jean (C,P), La détermination de la personne morale
pénalement responsable, L’Harmattan, Paris,2003.
07 - Jean (C,S), droit pénal et procédure pénal, 14éme
édition,libraire général et de droit jurisprudence, Paris, 2001.
08 - Léon (M), La Théorie de la personnalité morale et son
application au droit français, 2e edition, Librairie Générale de Droit et
Jurisprudence, Paris, 1924.

296
‫قائمة املصادر واملراجع‬

09 - Martine (H,E), Gildas (R), Droit pénal générale, 3ème édition,


Paris, 2011.
10 - Mohamed (S) et Farha (Z,S), L’entreprise unipersonnelle à
responsabilité limitée en droit algérien, hérésie ou nécessité d’une
institution, in Pérégrinations en droit algérien des sociétés
commerciales, EDIK, édition 2002.
11 - Philippe (K), La responsabilité pénale des personnes morales
en droit anglais, Un modèle pour la Suisse, Librairie DROZ,
Genève, 1991.
12 - Rudolph (H), Guillaume (S), Patrick (M), Entreprise et
Responsabilité pénale, Université Pathéon-Assas, Librairie générale
de droit et de jurisprudence, Paris II, 1994.
13 - Stefani (G), Georges (L), Bernard (B), Droit pénal général, 16e
édition, Dalloz,1997.
14 - thierry (D), La responsabilité pénale des personnes morales,
évaluation des risques et stratégie de défense, édition formation
entrepris, paris, 1996.
- Les Théses.
01 - Nawel (B,K) Approche comparative franco-algerienne de la
responsabilité pénale du dirigeant de société commerciale, Thèse de
Doctorat en droit , école doctorale droit et sciences politiques,
Paris,2016.

297
‫قائمة املصادر واملراجع‬

02 - Youcef (A) , la responsabilité pénale des personnes morales,


Thèse de Doctorat en droit,faculté de droit et de sciences politiques
d ′ Aix – Marseille , france, 2010.
- Les Revues.
01- Mayaud (Y), Droit pénal général, 2e édition, Presses
Universitaires de France ,Paris, 2004.
02- Pierre (F), La responsabilité pénale des personnes morales,
Revue de science criminelle et de droit pénal comparé, Sirey, Paris,
1958.

298
‫الفهرس‬
‫الفهـ ـ ــرس‬

‫الـفـهـرس‬
‫اإلهــــداء ‪..............................................................................‬‬
‫شكر وتقــدير ‪..........................................................................‬‬
‫مقدمة ‪1 ..............................................................................‬‬
‫الباب األول‪ :‬اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية‬
‫الفصل األول‪ :‬إسناد المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪10 ............................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪11 .............................‬‬
‫المط لب األول‪ :‬تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية لدى الفقه القانوني‪12 ..... .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬موقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية ‪21 ........‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية‪33 ........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الشروط المتعلقة بالجريمة ‪33 ...........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الشروط المتعلقة بالفاعل ‪56 ............................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها‬
‫القانونية‪61 ......................................................................... .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم شركات األشخاص وتحديد أجهزتها‪62 ........................... .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم شركة التضامن وتحديد أجهزتها ‪62 ...............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم شركة التوصية البسيطة وتحديد أجهزتها ‪74 .......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها ‪89 ...............................‬‬
‫المطلب األ ول‪ :‬مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة وتحديد أجهزتها ‪89 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم شركة المساهمة وتحديد أجهزنها ‪109 .............................‬‬
‫ملخص الباب األول ‪132 ..............................................................‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬
‫الفصل األول‪ :‬قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية ‪141 ...........................‬‬
‫الفهـ ـ ــرس‬

‫المبحث األول‪ :‬متابعة الشركة التجارية قضائيا‪142 ......................................‬‬


‫المطلب األول‪ :‬قواعد متابعة الشركة التجارية ‪142 .......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬محاكمة الشركة التجارية ‪180 ...........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للشركة التجارية ‪192 ...................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العقوبات األصلية (الغرامة) ‪192 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة للشركة التجارية ‪202 ..........................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قيام المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية ‪214 .................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬متابعة مسيري الشركة التجارية ‪215 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كفاعل أصلي ‪216 .........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬متابعة مسير الشركة التجارية كشريك ‪226 ...............................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لمسيري الشركات التجارية ‪243 .........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية ‪243 .................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية ‪252 .................‬‬
‫ملخص الباب الثاني ‪272 ..............................................................‬‬
‫خاتمة ‪277 ..........................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪282 .........................................................‬‬
‫الفهرس ‪...............................................................................‬‬
‫‪ -‬الملخص‪.......................................................................... .‬‬
.‫ الملخص‬-
‫تعالج الدراسة إشكالية المسؤولية الجزائية للشركات التجارية كأشخاص معنوية في التشريع‬
، ‫ أين تم إسقاط قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات التجارية‬، ‫الجزائري‬
‫ المتضمن تعديل قانون‬15-04 ‫وهي القواعد القانونية التي أقرها المشرع بموجب القانون رقم‬
‫ كما تم التطرق لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية والنتائج المترتبة على‬، ‫العقوبات‬
‫قيام هذه المسؤولية التي لها خصوصية االزدواجية أين تقوم مسؤولية الشركة باعتبارها شخص‬
‫ وتم تبيان العقوبات المقررة للشركات‬، ‫معنوي وتقوم كذلك مسؤولية مسيري الشركة في آن واحد‬
‫ وفي خاتمة الدراسة تم سرد النتائج المتوصل إليها وأهم التوصيات‬، ‫التجارية عند متابعتها قضائيا‬
.‫التي تتعلق بموضوع المسؤولية الجزائية للشركات التجارية‬

- Le Résumé.
L'étude porte sur la problématique de la responsabilité pénale des
sociétés commerciales en tant que personnes morales dans la législation
Algérienne, où les règles de responsabilité pénale de des sociétés
commerciales pour la personne morale ont été abandonnées , ce qui ont été
accordé par le législateur en vertu de la loi n ° 04-15 portant la modification
du Code pénal.
Les conditions d'engagement de la responsabilité pénale ont également
été abordées ainsi que les effets de cette responsabilité ayant la particularité
de la dualité, où la responsabilité des sociétés puisse être engagée en tant
que personne morale, et que la responsabilité des responsables de la société
est également s'engagée en même temps avec les sanctions prévues à
l'encontre des sociétés commerciales,lorsqu'elles sont poursuivies en justice.
Dans la conclusion de l'étude, les conclusions et les recommandations les
plus importantes en matière de la responsabilité pénale des sociétés
commerciales ont été indiquées.

You might also like