Professional Documents
Culture Documents
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري
اإلهـ ــداء
إلى :روح والدي رحمه هللا الذي كان يتمنى لي طوال حياته النجاح والتفوق
زوجتي الكريمة،
جميع أصدقائي،
شكر وتقــدير
د :فرشة كمال على كل ما قدمه لي طوال سنوات الدراسة بكلية الحقوق والعلوم
والسياسية بجامعة محمد البشيراإلبراهيمي ببرج بوعريريج ،وعلى صبره عليا في
إنجازهذه الدراسة خاصة طول املدة التي استغرقتها وعلى نصائحه لي من أجل
* كما أتقدم بالشكرلكل أساتذة الكلية كل باسمه وبرتبته ومقامه على الدعم
شكرا
مقدمة
مقدم ــة
مقدمــة
أدى التطور االقتصادي في العصر الحديث إلى توسيع األنشطة التجارية وظهور
كيانات اقتصادية في شكل مغاير والتي لم تعد تعتمد على األشخاص الطبيعية بالشكل
التقليدي المعروف ،إذ أفرزت التحوالت االقتصادية تزايدا كبي ار في عدد األشخاص المعنوية
التي اتخذت شكل مؤسسات وشركات تجارية والتي تعاظم دورها ال سيما بعد أن أصبحت
تلك األشخاص المعنوية تتمتع بالحقوق وتتحمل االلتزامات ،ومع مرور الوقت أصبحت تلك
ا لكيانات االقتصادية تخالف القواعد القانونية والتنظيمية بشكل يمس باألنظمة األمر الذي
دعى للتفكير في كيفية مسائلتها عن األفعال المخالفة للقانون التي ترتكبها ،إال أن أفعال تلك
الكيانات االقتصادية تشكل في الكثير من األحيان وصف الجريمة وعليه لم تعد قواعد
المسؤولية المدنية التقليدية كافية لضبط النشاط الذي تقوم به ،وأصبح التفكير في إقرار
المسؤولية الجزائية أم ار حتميا ينبغي البحث فيه.
ولقد رحبت المؤتمرات الدولية بفكرة التوسع في نطاق المسؤولية الجزائية في المجال
االقتصادي وأقرته في توصياتها ،فأوصى المؤتمر العربي العاشر للدفاع االجتماعي الذي
خصصه لدراسة الجرائم الناجمة عن النمو االقتصادي على تقرير المسؤولية الجزائية
لألشخاص المعنوية الخاصة فضال عن مسؤولية ممثل الشخص المعنوي.
ونصت التوصية الثالثة (ب) للمؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما
عام 1953على أن ه "تتطلب المعاقبة على الجرائم االقتصادية توسعا في مفهوم الفاعل
وأنماط المساهمة اإلجرامية وإمكان تطبيق الجزاءات الجنائية على األشخاص المعنوية.
كما أصدرت اللجنة الو ازرية في المجلس األوروبي سنة 1988التوصية رقم R88-
18حثت فيها الدول األعضاء على إقرار المسؤولية وتطبيق الجزاءات الجنائية على
المشروعات ،عن الجرائم التي ترتكب أثناء مباشرة أنشطتها.
وتعتبر األشخاص المعنوية " مجموعة من األشخاص واألموال تهدف إلى تحقيق
غرض معين ،يمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق هذا الغرض ويقرر لها
1
مقدم ــة
شخصية مستقلة عن شخ صية األفراد المكونين لها وأصحاب المصالح فيها ويمنحها الوسائل
الالزمة لتحقيق أغراضها.
كما أن القانون يعترف باألشخاص المعنوية كحقيقة قائمة ويحمي تصرفاتها المشروعة،
أما التصرفات غير المشروعة التي تشكل ضر ار على المجتمع فإنه يسائل عنها ويعاقب
عليها جزائيا.
كما أن ترك األشخاص المعنوية تعبث بالقوانين وتخالفها دون إقرار المسائلة الجزائية
عنها يؤدي إلى المساس بتنفيذ السياسة العقابية ،لذلك بات من الضروري المسائلة والعقاب
على كل خطأ يرتكب أثناء ممارسة أنشطة األشخاص المعنوية.
وتأخذ األشخاص المعنوية عدة أشكال لعل أهمها هي الشركات التجارية وهي موضوع
دراستنا ،والتي تعتبر أشخاص معنوية تمارس النشاط التجاري ولها ذمة مالية مستقلة عن
الذمة المالية لألشخاص الطبيعيين سواءا المالكين لها أو مسيريها.
وقد أصبحت الشركات التجارية النواة األساسية التي تقوم عليها التجارة نظ ار لكون
الشرك ة هي أهم محرك لرؤوس األموال ،كما أن الشركات التجارية أصبحت اللبنة األساسية
لبناء اقتصادات الدول التي قطعت أشواطا متقدمة في التنمية االقتصادية ولذلك فإنه كان
من الضروري أن تحاط األخيرة باهتمام القائمين على شؤون االقتصاد من أجل تفعيل دور
الشركات في تحقيق ال تنمية المطلوبة ،كما لقيت الشركات التجارية اهتمام رجال الفقه
القانوني الذين تناولوا هذا المفهوم بالدراسة والتحليل وأثر ذلك على التشريع ،أين تدخل
المشرع في مختلف دول العالم من أجل سن نصوص قانونية تحدد اإلطار العام للشركة
التجارية.
ولعل أهم عنصر قانوني يجعل الشركة التجارية كيانا مغاي ار للتجار بمفهومه التقليدي
هو اعتراف المشرع لها بالشخصية المعنوية ،وبالتالي أصبحت شخصا قانونيا له مجموعة
من الحقوق المترتبة عن منح الشخصية المعنوية من بينها اسم الشركة ومقرها االجتماعي
وكذا ذمتها المالية التي تتكون من مجموعة من األموال وهي التي تطور مفهومها أيضا
2
مقدم ــة
بتطور أشكال الشركات عبر الحقب المختلفة ،ونظ ار ألن الشركة تهدف كما سبق بيانه إلى
استثمار رؤوس األموال من أجل تحقيق الربح فإنه كان على الشركاء التفكير في إدارتها
طالما أن لها مجموعة من األعمال التي تقوم بها ،من أجل تحقيق غرضها بدأ بتأسيسها
وصوال إلى انحاللها ،كما أن القانون تدخل ووضع مجموعة من القواعد القانونية اآلمرة التي
يتعين على الشركاء مراعاتها في تسيير وإدارة الشركة حسب طبيعتها القانونية وذلك للحفاظ
على تواجد الشركات التجارية على الميدان ألنها كما سبق بيانه اللبنة األساسية التي يقوم
عليها البناء االقتصادي ككل.
وطالما أن الشركة ينبغي أن يكون لها مسير أو مسيرين حسب طبيعتها فقد يرتكب
هؤالء أفعال مجرمة أثناء قيامهم بإدارة وتسيير الشركات وقد تكون تلك األفعال المجرمة
ارتكبت في حدود صالحيات المسيرين وقد ترتكب خارج صالحياتهم وقد ترتكب لفائدة
الشركة وقد ترتكب لتحقيق مصلحة المسيرين الشخصية ،ونظ ار لطبيعة الشركات التجارية
كونها أشخاص معنوية فإنه ال يمكن مسائلة األخيرة بموجب أحكام المسؤولية الجزائية
التقليدية التي تعتمد على شخصية الفعل وشخصية الفاعل وهو ما دعا بالمشرعين إلى
تكريس قواعد قانونية ترتب نوع آخر من المسؤولية وهي المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي.
ولقد نتج عن تعقد تنظيم وإدارة الشركات التجارية وتعدد فروعها سواءا داخل البلد
الواحد أو عبر العالم وتشغيلها لعدد هائل من العمال وتوزيع األدوار فيها وتشابك
االختصاصات في سلسلة ال متناهية إلى أن أصبحت قوة نفوذ كبيرة في السوق العالمية
وأصبحت تلعب دو ار كبي ار ومؤث ار في الحياة االقتصادية وأصبحت قوة تؤثر حتى في رسم
السياسات االجتماعية ،وهو األمر الذي جعلها تشكل قوة ضغط.
ولم يعد كافيا مسائلة األشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون أثناء تأدية أعمالهم لدى تلك
الشركات التجارية ،وإنما أصبح من الضروري التفكير في موضوع المسؤولية الجزائية
3
مقدم ــة
للشركات التجارية وإقرار قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريعات
واألنظمة.
وبالنسبة للتشريعات فقد كان القانون اإلنجليزي من أقدم التشريعات التي أقرت
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية بداية من سنة 1889إثر صدور قانون التفسير الذي
نص على عبارة "الشخص" الوارد في كل القوانين ويشمل الشخص المعنوي بما فيه الشركات
التجارية ،ولم تقرر المسؤولية الجزائية للشركات التجارية كشخص معنوي صراحة في القانون
الفرنسي إال في سنة 1992بصدور قانون العقوبات الفرنسي الجديد بتاريخ 22جويلية
،1992وانتهت أغلب التشريعات في الوقت الحاضر إلى إقرار المسؤولية الجزائية للشركات
التجارية باعتبارها أشخاص معنوية.
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد تطرق للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب
األمر رقم 37-75المؤرخ في 1975-04-29المتعلق باألسعار وقمع المخالفات الخاصة
باألسعار دون أن يضع قواعد التجريم في قانون العقوبات ،إال أنه وبموجب القانون رقم -04
15المؤرخ في 2014-11-10المتضمن تعديل قانون العقوبات كرس المشرع الجزائري
المسؤولية الج ازئية للشخص المعنوي وحدد شروط قيامها وبذلك أصبح ممكنا مسائلة
األشخاص المعنوية جزائيا عن األفعال المجرمة التي ترتكب من طرف أجهزتها بمناسبة
قيامها بنشاطها اإلقتصادي.
وبعد أن كرس المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي أصبح هناك
نوعين من المسؤولية الج ازئية ،مسؤولية شخصية وهي المسؤولية التقليدية التي تتعلق
باألشخاص الطبيعيين ومسؤولية حديثة وهي المسؤولية الناجمة عن فعل التسيير وهي
مسؤولية الشخص المعنوي ،إال أنه باإلطالع على نص المادة 51مكرر من قانون
العقوبات فقد أجاز المشرع الجزائري للنيابة متابعة الشخص الطبيعي مع الشخص المعنوي
في آن واحد ولم يحدد الحاالت التي يمكن تطبيق هذه الحالة األمر الذي يدعونا للحديث عن
وجود ازدواجية في المسؤولية الجزائية عند ارتكاب جريمة من الجرائم المتعلقة بتسيير
4
مقدم ــة
الشركات التجارية وعليه فإنه يتعين البحث عن كيفية إسقاط القواعد القانونية المتعلقة
بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات التجارية باعتبار األخيرة أشخاص
معنوية وتحديد الحاالت التي يتم فيها متابعة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين في آن
واحد والحاالت التي يتم فيها متابعة فيها األشخاص الطبيعيين الممثلين الشرعيين للشركات
التجرية دون متابعة الشركات التي ينتمون إليها من خالل تحليل النصوص التي كرست
قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتطبيق ذلك على الشركات التجارية وهو ما
يطرح إشكاال قانونيا حول تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات
التجارية في التشريع الجزائري وازدواجية المسؤولية الجزائية بين مسؤولية األشخاص الطبيعية
ومسؤولية الشركات التجارية باعتبارها أشخاص معنوية.
-أما عن أسباب اختيار الموضوع فيرجع اختيار هذا الموضوع لدراسته في شكل أطروحة
دكتوراه لمجموعة من الدواعي الذاتية والموضوعية ،فبالنسبة لألسباب الموضوعية فإن
حداثة موضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في التشريع الجزائري من بين األسباب
التي تدفع للبحث في هذا المجال ،كذلك فإن من بين األسباب الموضوعية الغموض السائد
حول كيفية تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،ويعتبر ارتباط موضوع
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية بمجال البحث وهو القانون الجنائي لألعمال أحد
األسباب الموضوعية للبحث في هذا الموضوع.
-أما عن الدوافع أو األسباب الذاتية للبحث في هذا الموضوع فتعتبر الرغبة الذاتية في
البحث في مجال الشركات التجارية بشكل عام وفي مجال المسؤولية الج ازئية للشركات
التجارية بشكل خاص إحدى هذه األسباب ،كذلك من بين األسباب الذاتية الرغبة في إنجاز
دراسة حديثة حول موضوع المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري.
-أما عن أهمية الموضوع ف تمكن الدراسة من معرفة مدى سالمة إسقاط قواعد المسؤولية
الجزائية للشخص المعنوي على الشركات التجارية وذلك بعد تكريس المشرع الجزائري لقواعد
المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتمكن كذلك من اإلحاطة بجميع الجوانب المتعلقة بها
5
مقدم ــة
،نظ ار لكون الشركات التجارية هي األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص ،كما
الدرسة أيضا من إ ازلة اللبس الحاصل حول قواعد المسؤولية الجزائية للشركات
ا تمكن
التجارية من خالل تبيان القواعد المنظمة للشركات التجارية المرتبطة بالتشريع الجزائي ال
سيما فيما يتعلق بتحديد مفهوم أجهزة الشركات التجارية والممثلين القانونيين والشرعيين لها
واألشخاص التي يمكن أن تسند لها المسؤولية الجزائية عن األفعال التي ترتكبها الشركات
التجارية ،كما تمكن الدراسة أيضا من تبيان المسؤولية الجزائية المزدوجة في مجال
المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والتي تطرق لها المشرع الجزائري إذ أن قيام المسؤولية
الجزائية للشركة التجارية ال يعني إفالت األشخاص الطبيعيين التي تمثلها أو التي تسيرها من
المسائلة الجزائية كما أن قيام مسؤولية األشخاص الطبيعيين ليست من طبيعة واحدة فيمكن
أن يكون هؤالء فاعلين كما يمكن أن يكونوا شركاء وفقا للقواعد العامة للمسؤولية الجزائية
والتي لم يفصل فيها المشرع الج ازئري بالشكل الذي قام به بمناسبة سن قواعد المسؤولية
الجزائية في األحكام العامة للمسؤولية الجزائية في قانون العقوبات.
-أما عن منهج الدراسة فاعتمدنا على المنهج الوصفي في إنجاز هذه الدراسة إذ قمنا
بدراسة المفاهيم والمسائل القانونية التي تتعلق بموضوع الدراسة مثل مفهوم الشخص المعنوي
ومفهوم أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين ،كما اعتمدنا أيضا على منهج ثانوي
وهو المنهج التحليلي ،إذ قمنا بتحليل النصوص القانونية المنظمة للمسؤولية الجزائية
للشركات التجارية انطالقا من موقعها ومن خالل سياقها القانوني للوصول إلى النتائج.
-أما عن أهداف الدراسة فتهدف إلى توضيح قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية
وشروط قيامها والنتائج المترتبة عليها وفقا للتشريع الجزائري ،كما تهدف الدراسة لتبيان
نطاق المسؤولية الجزائية للشركات التجارية وفقا للتشريع الجزائري وتهدف أيضا لتوضيح
مفهوم المسؤولية المزدوجة في مجال المسؤولية الجزائية للشركات التجارية وفقا للتشريع
الجزائري.
6
مقدم ــة
-أما عن الدراسات السابقة فقد تناول الباحثون مجموعة من الدراسات التي لها عالقة بنفس
المجال البحثي وهي:
-أطروحة دكتوراه ،تخصص قانون عام ،االعتراف بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي في القانون الجزائري ،الطالب أحمد الشافعي ،جامعة الجزائر ،السنة الجامعية
.2012/2011
أطروحة دكتوراه ،تخصص قانون أعمال ،المسؤولية الج ازئية للشخص المعنوي عن -
الجريمة االقتصادية ،الطالبة بلعسلي ويزة ،جامعة تيزي وزو ،السنة الجامعية
.2015/2014
01 - Nawel (B,K) Approche comparative franco-algerienne de la
responsabilité pénale du dirigeant de société commerciale, Thèse de
Doctorat en droit , école doctorale droit et sciences politiques,
Paris,2016.
02 - Youcef (A) , la responsabilité pénale des personnes morales,
Thèse de Doctorat en droit,faculté de droit et de sciences politiques
d ′ Aix – Marseille , france, 2010.
-أما عن إشكالية الدراسة :بعد أن أقر المشرع الجزائري صراحة بالمسؤولية الجزائية
للشخص المعنوي حاولنا أن نبحث عن مدى تطبيق قواعد هذه المسؤولية الجزائية على
الشركات التجاري من خالل إشكالية محورية تمثلت في:
إلى أي مدى يمكن تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي على الشركات
التجارية في التشريع الجزائري ؟
-أما عن تقسيم الدراسة ،ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة تكون من خالل الخطة
المنهجية التي تعتمد على التقسيم الثنائي الذي يجعل الموضوع متوازنا منهجيا ،والتي قمنا
من خاللها في الباب األول بدراسة اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية
والذي تم تقسيمه إلى فصلين ،الفصل األول تناولنا فيه إسناد المسؤولية الجزائية للشركة
7
مقدم ــة
التجارية وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول خصصناه لدراسة مفهوم المسؤولية
الجزائية للشركة التج ارية وفي المبحث الثاني لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
وتطرقنا في الفصل الثاني لتحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها
وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول تناولنا فيه مفهوم شركات األشخاص وتحديد
أجهزتها وفي المبحث الثاني تطرقنا لمفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها ،أما في الباب
الثاني تم من خالله دراسة النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية والذي
تم تقسيمه إلى فصلين ،الفصل األول تعرضنا لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية وتم
تقسيم الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول تم التطرق لمتابعة الشركة التجارية قضائيا وفي
المبحث الثاني للعقوبات المقررة للشركة التجارية أما في الفصل الثاني تعرضنا فيه لقيام
المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين ،المبحث األول
تطرقنا لمتابعة مسيري الشركات التجارية بناءا على مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية وفي
المبحث الثاني للعقوبات المقررة لمسيري الشركات التجارية.
لنأتي في النهاية إلى خاتمة تم تجسيد فيها مختلف النتائج المتوصل إليها من خالل
الدراسة وأهم التوصيات التي يمكن اقتراحها كحل لما تواجهه هذه الظاهرة على المستوى
التشريعي أو القضائي.
8
الباب األول:
اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية
للشركات التجارية
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
9
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
10
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1محمد حزيط ،المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون المقارن ،الطبعة الثانية ،دار
هومة ،الجزائر ،2014 ،ص .21
-2عبد الرحمان خلفي ،محاضرات في القانون الجنائي العام ( دراسة مقارنة ) ،دار الهدى ،الجزائر،2013،
ص.167
-3محمد كمال الدين ،المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها ،دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة
اإلسالمية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،مصر ،2004 ،ص .110
11
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وعليه سنتطرق إلى تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في المطلب
األول ،وموقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في المطلب
الثاني.
المطلب األول :تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية لدى الفقه القانوني.
نتطرق في هذا المطلب لفكرة تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية
باعتبارها أشخاص معنوية على اعتبار أن الفكرة األصلية التي اهتم بها الفقه هي فكرة
المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وتعتبر الشركات التجارية أشخاصا معنوية.
وفي هذا الصدد لم يجمع الفقهاء على رأي واحد حول مفهوم المسؤولية الجزائية
للشخص المعنوي فهناك جانب من الفقه من أنكر بشدة إمكانية مسائلة الشخص المعنوي
جزائيا عن الجرائم التي ترتكب من طرفه ،باعتبار أن المسؤول عنها هو الشخص الطبيعي
المرتكب ألركان الجريمة وهذا الرأي يمثل اتجاه الفقه التقليدي ،أما الفقه الحديث فقد أجمع
على ضرورة مسائلة الشخص المعنوي جنائيا نظ ار لتطور العالقات االقتصادية واالجتماعية
وما صاحبه من تزايد في النشاط والتعامل التجاري ،فبعد أن كان االقتصاد يقوم على
النشاط الفردي لألشخاص الطبيعيين أصبح يرتكز على تجمع األفراد والثروات في شكل
شركات ومؤسسات ،وهذا الرأي أدى إلى تعاظم دور األشخاص المعنوية في مجال اإلنتاج،
التوزيع واالستهالك وظهور العديد من الجرائم االقتصادية التي أضرت بمصالح المجتمع
تفوق في خطورتها تلك الناجمة عن جرائم األشخاص الطبيعيين ،مما يستوجب إقرار هذا
()1
النوع من المسؤولية في مجال القانون الجنائي.
وعليه سنعرج على االتجاه المنكر لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة
التجارية في الفرع األول ،وعلى االتجاه المؤيد لفكرة المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
والشركة التجارية في الفرع الثاني.
-1ويزة بلعسلي ،المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة االقتصادية ،أطروحة دكتوراه ،تخصص
قانون أعمال ،الطالبة ،جامعة تيزي وزو ،تاريخ المناقشة ،2014-05-14ص .13
12
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الفرع األول :اال تجاه المنكر لفكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
ظهر االتجاه المنكر للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القرن التاسع عشر
وبداية القرن العشرين ،ويؤكد أنصاره على فكرة عدم صالحية الشخص المعنوي لتحمل
المسؤولية الجزائية والعقوبات المقررة لذلك ،بل مسؤوليته تقتصر على المسؤولية المدنية فقط
أي على الجزاءات التي تستحق بسبب مباشرة نشاطه ،وما يرتكبه ممثلوه من أفعال ضارة
على أساس أن هذه المسؤولية تقع على مال الشخص المعنوي وال تنطوي على تعارض مع
()1
قواعد المسؤولية المدنية.
وقد ساير هذا الموقف القضاء الفرنسي حيث تجلى ذلك في عدة أحكام قضائية لقضاة
محكمة النقض الفرنسية طبقا لقاعدة كان معموال بها بكثرة وهي أن الغرامة عقوبة وكل
عقوبة شخصية إال في حاالت استثنائية منصوص عليها قانونا ،بالتالي ال يمكن أن تطبق
على شخص معنوي ،الذي ال يمكن أن يساءل إال مدنيا ،هذا االتجاه ال يشجع مبدأ مساءلة
الشخص المعنوي جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوه من األشخاص الطبيعيين حتى وإن
ارتكبت هذه الجرائم لحسابه ولمصلحته ،بل أن ممثلو الشخص المعنوي هم المسؤولون
()2
شخصيا عن هذه الجرائم وكأنهم ارتكبوها لحسابهم ولمصلحتهم الخاصة.
باإلضافة إلى أن هناك جانب من الفقهاء يرى أنه رغم اعتراف القانون الروماني
بالشخص المعنوي إال أنه لم يقر مسؤوليته الجزائية وتوقيع الجزاءات الجزائية عليه ،ألنه
بالنسبة للقانون الروماني فإن الشخص المعنوي ما هو إال افتراض أو مجاز ليست له إرادة
خاصة به ومضمون هذه النظرية أنه في المسائل الجنائية ال يجوز االفتراض ،وعليه فإنه
من أجل تقدير مسؤولية الفاعل البد من دراسة شخصيته ،ولمعرفة أهليته البد من معرفة
- 1جمااال محمااود الحمااوي وأحمااد عبااد الاارحيم عااودة ،المسااؤولية الجزائيااة للشااركات التجاريااة -د ارسااة تحليليااة
مقارنة -الطبعة األولى ،دار وائل للنشر ،عمان -األردن ، 2004،ص .98
- 2إدوار غالي الذهبي ،مجموعات بحوث قانونية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة، 1978،
ص.7
13
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ملكاته الذهنية عند ارتكاب الجريمة ،وعالقة الملكات الذهنية بالنشاط المادي ،وهو ماال
يمكن القيام به بالنسبة للشخص المعنوي.
فإذا ارتكبت جريمة معينة ،تكون اإلرادة التي كانت وراءها هي إرادة من يمثل الشخص
المعنوي ،وهو مرتكب الخطأ وتقع عليه مسؤولية الفعل ،فالشخص المعنوي ليست له
()1
الصالحية ألن يكون أهال لتحمل المسؤولية الجنائية وتوقيع الجزاءات الجزائية عليه.
والحجج التي يبني عليها هذا االتجاه رأيه يستند إلى األسس التالية:
- 01إن الشخص المعنوي ال يعدو أن يكون محض افتراض قانوني فرضه الواقع لتحقيق
مصالح معينة فهو مجرد من كل إرادة شخصية ومن كل حرية ،فهو غير مدرك وغير مميز
وال يملك حرية االختيار ،فاال يمكناه ارتكااب السلوك اإلجرامي وال يمكن تحميله نتائج الخطأ
المرتكب ،إذ ال خطأ دون إرادة آثمة،
- 02كما أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تناقض مبدأ التخصص ،فإذا كاان
القاانون يعتارف للشخص المعنوي باألهلية القانونية ،ولكن هذه األهلية تتحدد باألغراض
التي أناشئ الاشخص المعنوي من أجلها والتي تتضح في وثيقة إنشائه ،فالشخص المعنوي ال
يتصل بالحياة القانونية إال من أجل غاية محددة أنشئ من أجلها ،والتي ال يمكن أن تكون
ارتكاب جريمة وعليه ،فاإن المشرع وإن اعترف للشخص المعنوي بالوجود من أجل قيامه
بأداء مصالح محددة ،ال يعقل أن يتسع نطاق هذه المصالح الرتكاب الجرائم ،فارتكاب
الجرائم خارج عن نطاقه ووجوده،
- 03القول بمسؤولية الشخص المعنوي يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة ،فمن جهة
أولى ،كيف يعاقب الشخص المعنوي عن جريمة ال يستطيع ارتكاب أركانها وعناصرها سوى
شخص عاادي ومن جهة أخرى ،إن قبول إنشاء مسؤولية مشتركة ينطوي على قبول معاقبة
-1إبراهيم علي صالح ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دار المعارف ،مصر ،1980 ،ص .15
14
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أبرياء بطرياق غير مباشر ،إذ يترتب على القول بمسؤولية الشخص المعنوي أن تطال
العقوبة كل المساهمين في إنشائه على الرغم من بعدهم عن الجريمة،
- 04فضال عن التعارض وأهداف العقوبة الجزائية ،حيث أن العقوبة المقررة تساهم في
تكريس العدالة في المجتمع كونها تنطوي على إيالم المجرم وإرضاء شعور المواطنين ،فهي
تحد من ظاهرة اإلجرام كونها تتضمن ردعا خاصا وهو ردع الجاني وردعا عاما هو ردع
المجتمع ،مع العلم أن الشخص المعنوي ال يمكن ردعه وتخويفه مثل الشخص الطبيعي،
فضال على أن أغلب العقوبات غير قابلة للتطبيق على الشخص المعنوي كاإلعدام وسلب
()1
الحرية والتنفيذ باإلكراه البدني كما سبق بيانه.
وقد تم تأكيد نظرة هذا االتجاه من خالل توصيات المؤتمر الدولي السابع لقانون
العقوبات المنعقد في أثينا عام ،1957بمناسبة مناقشة موضوع المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي عند بحث االتجاهات الحديثة في تعريف الفاعل والشريك في الجريمة ،حيث اتجه
هذا المؤتمر إلى األخذ بالرأي الغالب الذي يقول أن اإلنسان وحده هو الذي يعتبر أهال
الكتساب الحقوق وتحمل الواجبات ،أما الشخص المعنوي فال يعدو أن يكون خلقا أو فرضا
وقد ()2
قانونيا من صنع المشرع اقتضته الضرورة العملية لتحقيق مصالح عامة أو خاصة.
تفرع عن هذا االتجاه نظريات عدة يمكن إيجازها فيما يلي :
أوال :نظرية الملكية المشتركة
تبنى هذه النظرية كل من الفقيهين األلماني اهرنج ( )Ihringوالفرنسي كابتان
(،)Capitantالذين يعترفان فقط للشخص الطبيعي بالشخصية القانونية ،فالشخص المعنوي
ليس صاحب حق بل األشخاص الطبيعيون الذين ينتسبون إليه يملكون حقوق ملكية مشتركة
كأنهم فردا واحدا ،وهذه الصورة من الملكية هي التي اصطلح على تسميتها بالشخصية
15
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
المعنوية ،ففي الشركات التجارية مثال الشركاء هم الذين يسعون إلى تحقيق ربح ،ويضيفان،
أن الملكية الم شتركة هي ملكية من نوع خاص تختلف عن الملكية الفردية فال يجوز ألحد
المالك ين أن يتصرف بالبيع أو الرهن أو الوصية في ماله المشترك كما أنها تختلف عن
الملكية الشائعة فال يجوز ألحد المالكين التصرف في حصته وال يمكن له المطالبة بقسمة
المال المشترك ليحصل على نصيبه.
()1
كما ال يؤيدان نظرية االفتراض القانوني وأيضا ال يؤيدان نظرية الشخصية الحقيقية
وإنما يقوالن بفكرة مفادها أن األموال التي ينشأ بها الشخص االعتباري تعتبر ملكية مشتركة
لألفراد الذين خصصت تلك األموال لمنفعتهم ،ويضيفان إلى ذلك قولهما بأن الملكية
المشتركة ملكية من نوع خاص فهي تختلف عن الملكية الفردية بحيث ال يجوز ألحد
المالكين أن ي تصرف في حصته من المال المشترك وال يجوز له أن يطالب بقسمة المال
()2
المشترك ليحصل على نصيبه.
واألصل أن هذه الفكرة جاءت على ضوء ما جاء به الفقيه برتيليمي ()Berthélemy
الذي يرى من جهته أنه بالنسبة للملكية المشتركة يمكننا أن نكون مالكين بثالث كيفيات
لحقل أو قطيع :إما بصفة فردية ،ومعنى ذلك أن كل واحد يكون مالكا لجزء مقسم ولعدد
محدد من الحيوانات ،وإما بصفة غير مجزأة ،حيث يكون كل واحد مالكا لحصة من الحقل
أو القطيع أو جماعيا ،إذ تكون الملكية في هذه الحالة للجميع معتبرين كأنهم شخصا واحدا.
ويضيف الفقيه برتيليمي قوله" :إني عندما أقول إن الدولة هي شخص معنوي فإنني
أريد التعبير على ما يلي" :أن الفرنسيين مالكين جماعيا لألموال وأصحاب حقوق" .غير أن
هذه النظرية واجهت عدة انتقادات نوردها فيما يلي:
16
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1تقوم هذه النظرية على أساس أن الشخصية المعنوية تنحصر في ملكية مجموعة
األموال في حين أن هذا الفرض خاطئ وأبرز مثال على ذلك هو الدولة ،كما أن هناك
أنشطة يمكن القيام بها دون حاجة إلى توافر المال،
-2إن فكرة الملكية المشتركة ظهرت في الحضارات القديمة قبل أن تظهر للوجود فكرة
الشخصية المعنوية،
-3يتعين على أنصار هذه النظرية عادم الخلط بين مدلول الشخصية في القانون ومدلولها
في األخالق والفلسفة وعلم النفس،
-4وفضال عن كل هذا فإن ما تقول به النظرية من نسبه الملكية المشتركة إلى مجموع
األفراد ككل مستقل عن إرادة أي فرد منهم إنما هو بعينه فكره شخصية االعتبارية التي
تنكرها هذه النظرية.
()1
17
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ويلح أنصار نظرية الحق دون صاحب ويؤكدون على أن صاحب الحق يجب أن
تكون له بالضرورة إرادة غير أنهم ال يعترفون للتجمعات بإرادة تختلف عن إرادة األفراد
المكونين لاه فاهام ياناكارون فاكارة الشاخص الاماعنوي ،بال أكثر من ذلك ذهبوا إلى رفض حتى
فكرة الشخص القانوني المصطنع ،فصاحب الحق الوحيد هو الشخص الطبيعي وهو الوحيد
()1
الذي يمكن أن يكون محال للمساءلة الجزائية.
والفكرة الرئيسية ألصحاب هذه النظرية أن الذمة المالية تنشأ كلما تكونت مجموعة من
األموال مخصصة لتحقيق غرض معين دون حاجة ألن تنسب هذه األموال لشخص معين
فهي ليست بالضرورة متوقفة على الشخصية ،إذ ال يوجد ما يمنع من قيامها ما دام شرط
وجودها المتمثل في رصد مجموعة من األموال لتحقيق غرض معين قد توفر وأنه على هذا
األساس يمكن القول أن هناك حقوق والتزامات مالية مستقلة تسند إلى الغرض من قيام
شركة أو جمعية أو مؤسسة وتكون مستقلة ومنفصلة عما لكل عضو أو مؤسس أو منتفع
()2
من حقوق والتزامات خاصة به.
لذلك ناد أنصار هذه النظرية بضرورة استبدال فكرة الشخصية المعنوية بفكرة الغرض
من تجمع األشخاص أو األموال ،فوحدة الغرض الذي يسعى إلى تحقيقها تجمع األشخاص
أو األموال هي التي تفرض االعتراف له بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية لمكونيه
وبالتالي االعتراف له بحقوق والتزامات ،وعلى هذا األساس فإن هناك حقوق والتزامات مالية
مستاقلة تستند إلى الغرض من قيام شركة تجارية مثال ،تكون مستقلة عن حقوق والتزامات
وذمة مؤسسيها.
18
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
غير أن هذه النظرية لم تسلم من النقد وأهم الحجج المقدمة لذلك تمثلت فيما يلي:
-1ال يمكن االعتراف بالحقوق وااللتزامات والذمة المالية المستقلة إال لشخص يقر له قانونا
بالشخصية القانونية.
-2باإلضافة إلى أن هذه النظرية وقعت في االفت ارض والمجاز بالرغم من أنها حاولت
االبتعاد عنه إذ أنها تتطلب وجود صاحب الحق إال أنها تتركه دون صاااحب ،فااضال عالى
أنها تنكر شخصية الجماعات والشركات وتعتبرها مجرد تصور مالي.
-3المسؤولية الفردياة للشركاااء أو األعاضاء ال يكون لهاا محل ألن الشركاء في عالقتهم أو
األعضاء في عالقتاهم مع الجااماعة يعتبرون ماان الاغايار األجنبي عن الشركة أو
()1
الجماعة.
الفرع الثاني :اإل تجاه المؤيد لفكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
رد المؤيدون لمسؤولية الشخص المعنوي والشركة التجارية جنائيا بحجج دحضت حجج
المعارضين لهم وال أدلة على ذلك من تبني جل التشريعات الحديثة فكرة مساءلة الشخص
المعنوي والشركة التجارية جزائيا وذلك وفق ما يلي:
أوال :حقيقة الشخص المعنوي
إن الشخص المعنوي ليس مجرد خيال ،ولكنه حقيقة وكائن له وجوده الحقيقي وليس
افت ارضايا ،وذلك بسبب المصالح التي يسعى إلى تحقيقها والتي من شأنها أن تجعل لاه
شخاصية قانونياة مستقلة عن أصحابه ،صحيح أنه ليس كائنا في عالم اآلدميين ،ولكنه كائن
في عالم القاانون لاه وجوده وذمته المالية ،كما أن له إرادة مستقلة عن إرادة كل فرد فيه،
فإرادته هي خالصة مجموع آراء أعضائه والمساهمين فيه ،ومظهرها األوامر والتعليمات التي
ينفاذها القاائمون باإدارة أعماله.
()2
19
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كما أنه ال مجال للحجة القائلة :أن الجريمة تخرج عن الغاية التي خصص لها
الشخص المعنوي ،فتخصيص الشخص المعنوي ألداء هدف معين ال يرسم حدود الوجود
القانوني له ،ومن ثم فإنه ال ينفي عنه إمكانية إسناد الجريمة إليه ،فكما أن اإلنسان العادي
ال يوجد من أجل اقتراف الجارائم ،إذ ليست الغاية من حياته ارتكابها ،فالجريمة خروج عما
يجب أن تكون عليه حياته كذلك ،فاإن الشخص المعنوي ليست غاية وجوده ارتكاب الج ارئم
إال أنه مان الممكان أن يرتكبهاا ،ومان المعروف أن الشخص المعنوي يكافأ على أعماله
الجيدة ،فمن العدالة إذا أن يحاسب على أعماله السيئة التي يقترفها.
ثالثا :قابلية الشخص المعنوي للعقاب
إن فكرة أن العقوبات ال تطبق على الشخص المعنوي غير سليمة ،فالجزاءات يمكن
أن تطبق علاى الشخص المعنوي ولكن بما يتالئم مع طبيعته ،كحل الشخص المعنوي
ومراقبته أو إغالقاه ،أو تضييق نطاق عمله ،باإلضافة إلى الغرامة والمصادرة كما أن
أغاراض العقوباة فاي الاردع واإلصالح ليست مستبعدة تماما ،ألن توقيعها على الشخص
المعنوي يؤثر في نشاطه ،مما يادفع القائمين على إدارته إلى عدم مخالفة القانون مرة
()1
أخرى.
رابعا :مبدأ شخصية العقوبة
أن القول بأن العقوبات تصيب جميع المساهمين ،وفي هذا خروج على مبدأ شخاصية
العقوباة ،فمع أنه قول صحيح نوعا ما ،إال أن ذلك له ما يماثله في نطاق األشخاص
الطبيعيين ،أليس فاي تطبيق العقوبة على األب ما يجعل العقوبة تأتي بآثار سيئة على
جميع أفراد العائلاة فاإلناسان الذي يكون رب أسرة ويعاقب بالحبس أو بالغرامة يتعدى أثر
العقوبة المحكوم بهاا علياه حتماا وبطريق غير مباشر إلى أسرته وهم أبرياء ،ثم أن تطبيق
-1شريف سيد كا مل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،مصر،
،1997ص.25
20
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الجزاء على الشخص المعنوي هو من األمور الضرورية لحمله على الحيطة والحذر في
تصرفاته كماا ال ياستهان بتطبيق التادابير االحت ارزية على الشخص المعنوي فهي أشد وأبعد
( )1
أث ار من توقياع العقوباات فاي كثيار مان األحيان.
كما أن القول بأن مسؤولية الشخص المعنوي تتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة وتفريد
()2
العقاب ،ينطوي على خلط بين العقوبة والنتائج غير المباشرة لها.
ومن أجل كل هذه األسباب ذهب جانب كبير من التاشريعات الحديثاة إلاى االعتاراف
بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،مع تطوير إجراءات المحاكمة والجزاءات الجنائية بما
يتفق مع طبيعة ذلك الشخص ،هذا إلى جانب مسؤولية الشخص الطبيعي ممثل الشخص
( )3
المعنوي أو أحاد العاملين فيه إذا توافرت أركان الجريمة بالنسبة له شخصيا.
المطلب الثاني :موقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
بعد عرض الحجج والبراهين المقدمة من طرف االتجاه المعارض لمسؤولية الشخص
المعنوي واالتجاه المؤيد لها ،نتطرق في هذا المطلب على التوالي ،موقف التشريع من فكرة
مسؤولية الجزائية للشركات التجارية في الفرع األول ،وموقف القضاء في الفرع الثاني.
الفرع األول :موقف التشريع من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
إن موقف التشريع من مسألة تبني فكرة المسؤولية الجزائية للشركات التجارية تترجمه
التوصيات العديدة المنبثقة عن أشغال المؤتمرات والندوات الدولية والتي خلصت إلى ضرورة
المسائلة الجزائية لألشخاص المعنوية ،حيث أكدت الجمعية الدولية للقانون الجنائي سنة
،1928أن الشخص المعنوي يمكنه أن يرتكب جرائم كثيرة أخطر من تلك التي يرتكبها
الشخص الطبيعي كالجرائم االقتصادية التي تعطل السياسة االقتصادية للدولة ،ومن ثم فإن
21
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
االعتبارات العملية تقتضي أال يسمح له أن يعبث بأرواح المواطنين ومصالحهم ويخالف
القوانين دون عقاب ،غير أن بعض التشريعات لم تأخذ بهذا الطرح مثل المشرع الروسي
والمشرع األلماني والتي اكتفت بإقامة المسؤولية على الشخص المعنوي في إطار ما يعرف
()1
بنظام المسؤولية عن الجرائم اإلدارية.
وعليه سنتطرق ل موقف التشريعات المختلفة في العالم حول إقرار المسؤولية الجزائية
للشركات التجارية باعتبارها شخصا معنويا في األساس.
أوال :موقف التشريعات األوربية من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
لقد أصدر المجلس الوزاري األوروبي قرار رقم 77-28 :بشأن مساهمة القانون
الجنائي في حماية البيئة في سبتمبر من سنة 1977يتضمن التوصية الخامسة جاء فيها
أنه ":في حالة الجرائم التي ترتكب بسبب أنشطة شخص معنوي عام أو خاص ،ودون
اإلخالل باإلجراءات المتخذة ضد الفاعل المادي ،تنعقد مسؤولية ...والشخص المعنوي
نفسه".
باإلضافة إلى أن المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية تتخذ مجاال واسعا بالنظر
إلى أن الركن المعنوي يتضائل كثي ار في الجرائم االقتصادية ،وأن الكثير من الجزاءات في
هذا النوع من الجرائم تهدف إلى منع وقوع الجريمة ضمانا إلنجاح السياسة االقتصادية
()2
للدولة.
لكن قبل ذلك كان الشخص المعنوي غير قابل للمسائلة الجزائية على أساس أنه
محض افتراض ال يملك مقومات الشخص المسؤول جزائيا حتى يكون محال للمسائلة
الجزائية وعليه فإن موقف المشرع األوربي مثله مثل بقية التشريعات التي لم تكن تأخذ بفكرة
مسائلة الشخص المعنوي وتحولت بعد ذلك لتقبل هذه الفكرة وهو ما يعكسه موقف تشريعات
22
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
بعض الدول األوروبية التي سنتطرق لها على سبيل المثال لتوضيح موقف المشرع
()1
األوربي.
-1موقف المشرع الفرنسي من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
حرص المشرع الفرنسي على التأكيد صراحة على مسؤولية األشخاص المعنوية
الخاصة جنائيا شأنهم في ذلك شأن األشخاص الطبيعيين ،وتطبيقا لذلك نصت المادة
9/324من قانون العقوبات الفرنسي على أنه :تسأل األشخاص المعنوية جنائيا وفقا
للشروط المنصوص عليها في المادة 2/121عن الجرائم الواردة في المادتين 1/324
و 2/324من قانون العقوبات الفرنسي "،وتنص المادة 2/121من قانون العقوبات
الفرنسي الجديد المذكورة أعاله أن " كافة األشخاص المعنوية الخاصة تسأل جنائيا عما
يمكن أن ترتكبه من جرائم في الحاالت التي ينص عليها القانون أو اللوائح ،وهو ما يفهم
منه إقرار المشرع الفرنسي بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الخاصة دون العامة.
وإعماال لذلك ،تسأل جنائيا كافة التجمعات التي منحها المشرع الشخصية القانونية من
شركات مدنية أو تجارية أيا كان شك ل إدارتها وأيا كان عدد المساهمين فيها حتى ولو كان
شخصا واحدا ،والتجمعات االقتصادية ومؤسسات المشروعات سواء كانت تهدف إلى الربح
أوال ،كما ال يشترط ممارستها لنشاط اقتصادي محدد ما دام أن المشرع قد اعترف لها
()2
بالشخصية القانونية.
En réalité, pour la plupart des pénalistes du XIXème et du début du XXème
siècles5, les concepts d’éléments matériel et subjectif de l’infraction et celui
d’imputabilité étaient incompatibles avec les êtres collectifs, car Les arguments
n’ont pas manqué pour résister à la responsabilité des personnes morales. On a
d’abord fait valoir que la tradition a toujours reposé sur l’idée que les
infractions pénales ne pouvaient être commises que par des personnes
physiques, parce qu’elles supposent l’imputabilité, c’est-à-dire l’intervention
23
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
d’une volonté, faite de conscience et d’intelligence, ce que n’auraient pas les
personnes morales.
le code pénal français lors de la réforme de 1994 : le législateur introduit le
principe de la responsabilité pénale des personnes morales, consacrant ainsi un
responsable pénal nouveau au côté des personnes physiques. Toutes les
personnes morales de droit privé et de droit public à l’exception de l’Etat,
peuvent être pénalement responsables et poursuivies.( 1)
Lorsque le législateur a choisi de consacrer cette responsabilité pénale
nouvelle, deux possibilités s’offraient à lui : soit il choisissait d’assimiler les
personnes morales aux personnes physiques et dans ce cas, le régime de la
responsabilité devait être appliqué sans distinction quant aux infractions
commises par des personnes physiques ou par des personnes morales – sous
réserve des sanctions ; soit il faisait des personnes morales des responsables
pénaux particuliers, à qui on ne pourrait imputer que certaines infractions parmi
toutes celles que notre droit incrimine.
L’introduction de la responsabilité pénale des personnes morales dans le
code pénal réformé qui est entré en vigueur le 1er mars 1994, a marqué un
changement majeur dans l’esprit de la matière pénale. 2 ) (
وعليه فإن موقف المشرع الفرنسي من المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بعد أن
كان يقرها في بعض القوانين الخاصة فقط مثل قانون الضرائب في جرائم الغش الضريبي
: المؤرخ في1484 -45 : واألمر رقم،القانون المتعلق بالجرائم في مجال الصرف
انتقل إلى فكرة األخذ بمسائلة الشخص، المتعلق بالجرائم االقتصادية1945/06/30
لكن ليس على اإلطالق وإنما في بعض الجرائم المنصوص عليها قانونا،المعنوي جزائيا
أي أن الشخص المعنوي يسأل، ليتبنى بعدها فكرة التجريم العام،إعماال لمبدأ التخصص
24
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
عن كل الجرائم التي قد يرتكبها وذلك بموجب القانون رقم 204 -2004:المؤرخ في
()1
.2004/03/09
-2موقف المشرع االنجليزي من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية
يحتل المشرع االنجليزي الصدارة في مجال تبني مسائلة الشخص المعنوي جزائيا وإن
كان موقفه في البداية غير واضح تماما ،ومرد هذا الغموض األساس الذي يعتمد عليه
المشرع االنجليزي في تبني المواقف ،فهو يعتمد على طريق االستنتاج بالنسبة للمبادئ
العامة أو النظريات ،عكس ما يفكر به رجال القانون األوروبيين اآلخرين ،كون منهج تفكيره
يقوم أساسا على االستقرار ،حيث يبحث عما وقع في الماضي ،ويتمثل هدفه في البحث عن
حادثة تكون قد وقعت وليس على مبدأ يمكن أن يطبق فرجل القانون االنجليزي ال يفكر في
المجرد ،وإنما يفضل تناول المسائل العملية ،فهو يذهب مباشرة إلى الحلول العملية بدال من
االنشغال بالنظريات المجردة ،وهو ما دفع بعض الفقهاء إلى القول بأن الفقه والقضاء في
يتبنيا نظرية المجاز أو الفرض وال نظرية الحقيقة حيث أن القضاة والكتاب
انجلت ار لم ّ
()2
اإلنجليز ال يتناولون المسائل التي يواجهونها من الناحية النظرية.
ويذكر األستاذ " الي " Leighأن النقاش حول طبيعة الشخص المعنوي قد أثير ألول
مرة في الحكم الصادر سنة 1859في قضية« Green V. London General omnibus :
» ،Company 1859والذي جاء فيه "أن المجموعة هي مجاز ال قدرة لها على ارتكاب
الجريمة" ،وأن هذا يدل على أن بعض أحكام القضاء وجزءا من الفقه قد أخذا في البداية
بنظرية المجاز أو الفرض ،وقد فسر ذلك بأن الشخصية المعنوية ال تملك العقل ومكنة
()3
اإلرادة وال القدرة الضرورية على ارتكاب الجريمة ،لعدم وجود األعضاء الجسدية لديها.
كما يستفاد من الحكم الذي أورده الفقيه Gowerفي القضية:
1
-ابراهيم علي صالح ،المرجع السابق ،ص.71
2
-إبراهيم علي صالح ،المرجع نفسه ،ص .72
3
-ابراهيم علي صالح ،المرجع نفسه ،ص.72
25
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
» « Lennard’s carrying company Ltd.V.Asiatic petroleum company Ltd
الذي أصدره الفيكونت هالدين Le Vicomte Haldaneأنه طبق نظرية المجاز أو الفرض
بخصوص طبيعة الشخص المعنوي موضوع الدعوى الجزائية المطروحة للفصل فيها.
وقد جاء في حيثيات هذا الحكم " أن الشخص المعنوي هو شيء تجريدي ،وأنه عاطل
عن اإلرادة الذاتية ،كما أنه ليس له وجود عضوي خاص ،ومن ثمة فإن نشاطه هو نتيجة
إرادة شخص طبيعي ،يطلق عليه على سبيل االفتراض اسم الوكيل أو الممثل " غير أن هذا
الشخص الطبيعي في الحقيقة ،هو الذي يوجه إرادة الشخص المعنوي ،بل هو جوهر
()1
شخصيته وقمة إرادته".
وقد اعترف المشرع اإلنجليزي بصفة عامة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية
وبالطبيعة الحقيقية لها ،وعليه يمكن متابعة األشخاص المعنوية عن جميع الجرائم
المنصوص عليها في قانون العقوبات ،إال إذا استثنى هذا األخير ضمنيا أو صراحة
مسؤولية الشخص المعنوي ،وهناك من الفقهاء من يرى أن نظرية الحقيقة تجد شرعيتها في
القانون اإلنجليزي في المادة 11من قانون العدالة الجنائية لسنة 1797التي تقضي
بمسؤولية كل شخص عن جرائمه ،وقد فسرت كلمة" شخص " لدى الفقه والقضاء على أنها
مطلقة تشمل الشخص الطبيعي والقانوني أو المعنوي ،وقد انتهج التشريع األمريكي نفس
()2
النهج االنجليزي في المساواة بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي.
-1أحمد محمد قائد مقبل ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،دار النهضة
العربية ،مصر ،2005 ،ص .18
- 2عبااد الوهاااب عماار البطاراوي ،أساااس المسااؤولية الجنائيااة للشااخص المعناوي الخاااص " د ارسااة مقارنااة " مجلااة
األماان والقااانون ،مجلااة دوريااة محكمااة ،تصاادرها أكاديميااة شاارطة دبااي ،الساانة الثالثااة عشارة ،العاادد األول،
يناير ،2005ص. 11
26
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أما المشرع المصري ،فلقد برهن أن الفعل إذا كان داخال في إطار اختصاص
الشخص الطبيعي ،فيمكن إسناده إلى الشخص المعنوي واعتباره فاعال مع الشخص الطبيعي
الذي يمثله كعضو ،أما إذا كان التصرف متجاو از الختصاصه ،فيكون الشخص المعنوي
مجرد شريك ،إذا ثبت توافر وسائل االشتراك المقررة قانونا ،أما إذا لم تتوفر شروط
االشتراك ،فإن مسؤولية الشخص المعنوي تقف عند حد إهماله في الرقابة وسوء اختيار
أعضائه ،وبذلك قضت محكمة النقض المصرية عام 1957أن العضو يفقد صفته كعضو
للشخص المعنوي ،إذا تجاوز حدود اختصاصه ،ويصبح من الغير ،وتصبح الجماعة التي
يعمل لها مجرد شريك في جنحة أو جناية ،استنادا إلى إعطاء تعليمات أو تقديم وسائل أو
أدوات أو تحريض أو الستخدام تهديد أو سوء استعمال السلطة.
()2
أما المشرع المغربي فلم يعترف بالمسؤولية الجنائية للجماعات إال في عام ،1962
وذلك بموجب المادة 127من قانون العقوبات التي بموجبها "ال يمكن الحكم على
27
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الشخصيات االعتبارية إال بعقوبات مالية وتبعية المنصوص عليها في األرقام 6 ،5و 7من
المادة 36من قانون العقوبات كما يجوز أن تخضع لتدابير األمن الحقيقية المنصوص
عليها في المادة 62من نفس القانون".
ويعترف القانون الجنائي المغربي اآلن صراحة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص
االعتباريين على نفس األساس مثل األشخاص الطبيعيين".
أما بالنسبة للمشرع الجازئري فهو اآلخر لم يحد عن هذا الطرح فقد أقر بالمسؤولية
الجزائية للشركات التجارية بصفتها شخص معني ،وإن كان إق ارره هذا مر بثالث مراحل:
األولى مرحلة إنكاره لهذه المسؤولية ومرحلة ثانية مرحلة اإلقرار الضمني والثالثة وهي التي
قرر والنص صراحة على خضوع الشركات التجارية
تهمنا في دراستنا هذه وهي مرحلة اإل ا
للمسؤولية الجزائية من خالل القانون رقم 23-06المؤرخ في 2006/12/ 20المتضمن
تعديل قانون العقوبات أين قام بتحديد األشخاص المعنوية المسؤولة جزائيا وهي األشخاص
المعنوية الخاصة ،كما جعل هذه المسؤولية مشروطة بوجوب ارتكاب الجريمة من طرف
أجهزته أو ممثليه ولحسابه مع حصرها في الحاالت التي ينص عليها القانون (قانون
العقوبات أو القوانين الخاصة) وقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ال تستبعد مسؤولية
()1
الشخص الطبيعي سواء كان فاعال أصليا أو شريكا عن األفعال نفسها.
كما نص على هذا الموقف بموجب القانون رقم 15-04المؤرخ في 10نوفمبر
2004المعدل والمتمم لقانون العقوبات ،أين اعترف المشرع الجزائري بالمسؤولية الجزائية
للشخص المعنوي في المادة 51مكرر قانون العقوبات ،المضافة بموجب المادة 05من
القانون رقم ،15-04ليؤكده مع صدور تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 23-06
المؤرخ في .2006/12/20
-1عبد هللا سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري -القسم العام– الطبعة السادسة ،ديوان المطبوعااات الجامعيااة،
الجزائر ، 2005،ص .308
28
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
29
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
المجموعات) األشخاص المعنوية ( للجريمة ،وإنما أعلنت فقط مبدأ استحالة توقيع عقوبة
جزائية على الشخص المعنوي ،غير أن جهات االستئناف التي بدأت تدرس مسألة ارتكاب
األشخاص المعنوية للجرائم وقيام مسؤوليتها عنها والفصل فيها قد اختلفت مواقفها في هذا
الشأن ،فقد صرحت محكمة االستئناف ألميان" Cour d’Amiensأنه يمكن لمجموعة من
األف ارد الذين يتصرفون جماعيا أن يرتكبوا جنحة أو جريمة وتوقع عليهم بالتالي عقوبة جب ار
لهذه الجريمة " أما محكمة االستئناف بأورليان ،)1(.La Cour d’orléansفقد قضت عكس
ما قضت به محكمة االستئناف ألميان حيث قضت أنه " ال يمكن قبول أو فهم أن ترتكب
مخالفة أو جنحة من طرف كائن غير شخصي ،في حين أن هذا األخير ال يمكنه أن
يتصرف إال عن طريق ممثليه القانونيين أو الشرعيين وقد قضت محكمة النقض الفرنسية
في قرار لها صادر في 4نوفمبر 1898بمناسبة فصلها في قضيةFishel et Société :
30
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
مخالفة أحكام المادة 64من القانون المؤرخ في 24جويلية ،1867كما أدان أيضا مجلس
دووي Douaiشركات لعدم دفعها لصناديق التأمين االجتماعية المبالغ المقررة على
مسؤولي هذه الشركات بصفتهم هذه ،وأحيانا أخرى الرتكابها جرائم منصوص عليها في
قانون العمل ،واستمر هذا االتجاه الرامي إلى تحميل األشخاص المعنوية المسؤولية الجزائية
يسير جنبا إلى جنب مع االتجاه الذي يرى في األشخاص المعنوية مجرد وهم وخيال ال
يمكن أن تكون محال للمتابعة الجزائية ،وقد توجت محكمة النقض الفرنسية قضائها بقرارها
الشهير الصادر سنة 1954الذي وضع حدا لنظرية الفرض أو المجاز واستبدلها بنظرية
()1
الحقيقة ،التي تعتبر الشخص المعنوي حقيقة ،وبالتالي إمكانية مسائلته جزائيا.
ويمكن اعتبار قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر في 28جانفي 1954نقطة
تحول في موقف القضاء الفرنسي من مسألة الطبيعة القانونية للشخص المعنوي ،ففي هذا
القرار رفضت محكمة النقض الفرنسية تحت تأثير قرن كامل من تطور الفكر القانوني
نظرية المجاز أو الفرض ،واعتنقت مكانها نظرية الحقيقة ،بشأن طبيعة الشخص المعنوي
وقد كرست محكمة النقض الفرنسية موقفها هذا في حيثيات قرارها المبدئي السالف الذكر.
()2
يقول األستاذان " ديوي وهيرت " Dewey and Hartأنه يجب على القضاء أال يشغل
نفسه بالبحث عن طبيعة الشخص المعنوي ،بل يتعين عليه أن يستحدث ما يسمح بامتداد
تطبيق القواعد المتعلقة باألفراد على األشخاص المعنوية ،كلما دعت مصلحة العدالة ذلك.
وإذا كان القضاء االنجليزي قد عرف ترددا بخصوص طبيعة الشخص المعنوي والنظرية
التي يتبناها في أحكامه قبل صدور قانون التفسير سنة 1889فإن هذا القانون قد وضع
حدا نهائيا لهذا التردد ،وذلك باعتناقه نظرية الحقيقة بشأن الطبيعة القانونية للشخص
المعنوي ،وإق ارره المسؤولية الجزائية لهذا األخير كمبدأ عام ،فقد ورد في المادة 2منه حكم
31
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
عام ،ينص على أنه عند تفسير كل نص تشريعي خاص بالجرائم سواء كان هذا النص قد
صدر قبل أو بعد جانفي 1890فإن كلمة " شخص " يجب أن تشمل األشخاص المعنوية،
ما لم ينص على خالف ذلك.
وهكذا اعترف القانون االنجليزي بصفة عامة بالمسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية
وبالطبيعة الحقيقية لها ،وعليه يمكن متابعة األشخاص المعنوية عن جميع الجرائم
المنصوص عليها في قانون العقوبات ،إال إذا استثنى هذا األخير ضمنيا أو صراحة
()1
مسؤولية الشخص المعنوي.
32
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
33
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
- 1خلفي عبد الرحمان ،محاضرات في القانون الجنائي العام – دراسة مقارنة ،دار الهدى ،الجزائر،2013 ،
ص .49
34
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
يعاقب على النوايا الباطنية واألفكار ،فال يعاقب قانون العقوبات مثال على مجرد التفكير في
ارتكاب جريمة ما ،بل البد أن يقترن هذا التفكير بنشاط مادي معين ،الذي يختلف من
وهي تتكون كقاعدة عامة من ثالث ()1
جريمة إلى أخرى حسب طبيعتها ونوعها وظروفها،
عناصر:
)1السلوك اإلجرامي
ويقصد به ذلك النشاط المادي الخارجي للجريمة أو هو حركة الجاني االختيارية التي
يترتب عليها تغيير في العالم الخارجي فإطالق النار على القتيل يشكل عنصر السلوك في
جريمة القتل ،وتقليد توقيع شخص على محرر يشكل عنصر السلوك في جريمة التزوير
واستعمال المزور ،والسلوك اإلجرامي قد يكون سلوكا إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا أي
()2
باالمتناع.
-السلوك اإلجرامي اإليجابي :هو السلوك الذي يمكن لشركة تجارية أن تتابع على ارتكابه
وقد يتخذ عدة أوصاف منها مخالفة نصوص قانون العقوبات كما رأينا آنفا فاألفعال المجرمة
التي تناولها قانون العقوبات متعددة يتحدد من خاللها السلوك المجرم الذي يمكن أن ترتكبه
الشركة التجارية ،باإلضافة إلى السلوكيات واألفعال التي اعتبرها المشرع جرائم في قوانين
خاصة مثل استعمال طرق احتيالية وتدليسية للتهرب من دفع جزء أول كل الضرائب
والرسوم المستحقة ،وتبييض األموال...إلخ.
-السلوك اإلجرامي السلبي :يتمثل السلوك اإلجرامي السلبي الذي قد ترتكبه الشركة في
االمتناع أو اإلهمال مثل عدم التصريح برقم األعمال الحقيقي باستعمال طرق احتيالية.
()3
- 1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،الطبعة الثالثة ،دار هومة ،الجزائر ،2013،ص .115
- 2خلفي عبد الرحمان ،المرجع السابق ،ص .102
- 3أحسن بوسقيعة ،المرجع نفسه ،ص .116
35
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
واإلمتناع عن الفعل هو اإلحجام عن إتيان عمل ايجابي معين كان ينتظره منه في
ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب شرعي يلتزم بإتيان هذا العمل ،وأن يكون في استطاعة
المكلف إتيانه ،ويستخلص من هذا التعريف قيام االمتناع على ثالثة عناصر وهي:
-اإلحجام عن إتيان فعل معين،
-وجود واجب شرعي يلزم بهذا العمل،
()1
-استطاعة المكلف القيام بذلك العمل.
)2النتيجة اإلجرامية
النتيجة اإلجرامية هي األثر الذي يترتب على السلوك اإلجرامي ،وهي العدوان
الذي ينال المصلحة أو الحق الذي يقرر له القانون حماية جنائية ،وللنتيجة اإلج ارمية
مدلوالن :مدلول مادي ومدلول قانوني.
-المدلول المادي
المدلول المادي للنتيجة اإلجرامية يتحقق بكل تغيير يحدث في العالم الخارجي كأثر
للسلوك اإلجرامي فوفاة المجني عليه هي النتيجة المادية في جريمة القتل ،واالستئثار بمال
الغير وضمه لحيازة الجاني هي النتيجة المادية في جريمة السرقة وخيانة األمانة.
-المدلول القانوني
المدلول القانوني للنتيجة فيتمثل في االعتداء على المصلحة التي يحميها القانون
الجنائي ،وعموما فإن النتيجة اإلجرامية ال تكون عنص ار من عناصر الركن المادي للجريمة
إال بالنسبة لجرائم النتيجة أو جرائم الضرر -الجرائم المادية -التي يتوقف قيامها على
()2
حدوث نتيجة معينة ،كالقتل والسرقة والنصب...
والمدلول الشرعي أو القانوني للنتيجة يحدد القدر من اآلثار المادية التي يدخلها الشارع
في اعتباره في تحديد عناصر الجريمة ،وبيان ذلك أن اآلثار التي تترتب على الفعل عديدة
- 1محمود نجيب حسني ،الفقه الجنائي اإلسالمي ،دار الهداية للنشر والتوزيع ،مصر ،2006 ،ص .373
- 2منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العلوم للنشر ،الجزائر ،2006 ،ص .103
36
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ومتنوعة ،وهي تتتابع متالحقة طبقا لقوانين السببية ،ولكن الشارع ال تعنيه جميع هذه اآلثار،
وإنما يعنيه منها ذلك القدر الذي يتمثل فيه العدوان على المصلحة التي يحميها.
وعلى سبيل المثال ،فإن فعل القتل يترتب عليه وفاة المجني عليه عبر وسيلة معينة،
قد تكون الجروح وقد تكون إحداث خلل في أجهزة الجسم عن طريق السم مثال ولكن هذه
اآلثار المادية للفعل ال تتوقف عند ذلك ،وإنما تتالحق هذه اآلثار ،فجثة المجني عليه قد
تشوه وتدفن ،وموته يترتب عليه فقد عائلته مورد رزقها ،وقد يترتب على ذلك انحراف أبنائه،
ولكن الشارع ال يعنيه في تحديد النتيجة في خصوص جريمة القتل اآلثار التي تعقب حدوث
الوفاة ،وإنما يقف اهتمامه عند حدوث الوفاة ،ويكتفي به في تحديد عناصر النتيجة
اإلجرامية في القتل.
()1
أما جرائم الخطر أو الجرائم الشكلية فال يتوقف قيامها على حصول نتيجة ،فأساس
التجريم والعقاب في نطاق هذه الجرائم األخيرة هو األخطار أو األضرار المحتملة التي قد
تنجم عن ارتكابها ،والتي قد تعرض المصالح المحمية جنائيا إلى الخطر ،وليس النتائج
المترتبة عنها بالفعل ،كما هو لشأن بالنسبة لجريمة المؤامرة واالعتداء ،والتسميم ومحاوالت
()2
الجنايات وبعض الجنح المنصوص عليها قانونا ،وقيادة السيارة بدون رخصة.
-أهمية النتيجة اإلجرامية
تتضح أهمية النتيجة اإلجرامية في وجهين :من حيث علة التجريم ،ذلك أن المشرع
يجرم الفعل من أجل ما يحدثه من عدوان على المصلحة التي يحميها ،سواء كان هذا
العدوان فعليا أم كان محتمال ،على أساس أن الفعل إذا لم ينجم عنه عدوان قط فال مبرر
لتجريمه ،وإال كان ذلك مجرد تضييق على الناس ،وحد من حرياتهم ونشاطهم وهو أكيد ما
ال يريده المشرع.
37
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
والنتيجة اإلجرامية لها أهمية من وجهة ثانية :ذلك أن عناصر الركن المادي للجريمة
ال تكتمل إال بتحقق نتيجته ،أما إذا لم تتحقق النتيجة وكانت الجريمة عمدية فإن المسئولية
تقف عند الشروع في هذه الجريمة ،أما إذا كانت الجريمة غير عمدية ،فال مسئولية عنها،
إذا لم تتحقق النتيجة فيها ،إذ ال شروع في الجرائم غير العمدية ،ولكن قد يسأل مرتكب
الفعل عن جريمة غير عمدية أخرى ال تتطلب هذه النتيجة ،إنما تكتفي بنتيجة أخرى أقل
جسامة ،إذا كانت قد تحققت فعال ،كما لو لم تتحقق الوفاة بالفعل الذي كان من شأنه
()1
إحداثها.
)3عالقة السببية
-تعريف العالقة السببية
لقيام الركن المادي للجريمة ال يكفي ارتكاب السلوك اإلجرامي من الجاني وتحقق
النتيجة الضارة بل البد أن تنسب هذه النتيجة إلى السلوك اإلجرامي أي أن تقوم بينهما
عالقة سببية ،بمعنى أن ارتكاب السلوك اإلجرامي هو الذي أدى وحده إلى حدوث النتيجة،
وتتمثل أهمية عالقة السببية في أنها هي التي تساهم في تحديد نطاق المسؤولية الجنائية،
حيث تستبعد هذه المسؤولية في حالة عدم قيام عالقة السببية بين السلوك والنتيجة فيسأل
الجاني في هذه الحالة على الشروع في الجريمة بالنسبة للجرائم العمدية أما بالنسبة للجرائم
غير العمدية فال تقوم المسؤولية الجنائية أصال إذا انتفت رابطة السببية بين الفعل والنتيجة
()2
ألنه ال يمكن تصور الشروع في الج ارئم غير العمدية.
-معيار العالقة السببية
إن تدخل األسباب المختلفة في وقوع النتيجة ،وإلى أي منها ينسب السلوك بإقامة
العالقة السببية بينه وبين النتيجة اإلجرامية أدى بظهور مجموعة من النظريات حاولت كل
38
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
منها أن تضع المعيار المناسب الذي به نستطيع تقرير مدى وجود العالقة السببية بين
السلوك والنتيجة ،وهي:
* نظرية تعادل األسباب
تقوم هذه النظرية على أن النتيجة ثمرة مجموعة من األسباب السلبية واإليجابية حيث
أنها جميعا الزمة إلحداث النتيجة على النحو الذي وقعت به ،وهذا يعني أن كل سبب له
دور في حدوثها يصلح أن يكون سببا لها ،بشرط أن يكون عامال ليس من شأنه حال تخلفه
أن ال تقع النتيجة ،وعليه فجميع األسباب أو العوامل المساهمة تعتبر سببا للنتيجة ،إذا كان
من شأ ن تخلف أي منها انتفاء النتيجة اإلجرامية ،وإذا كانت هذه النظرية تتفق مع المنهج
الذي اعتمده المشرع الجزائري في المسؤولية الجنائية للمساهمة في الجريمة في المادة 41
وما يليها من قانون العقوبات ،فإنها نظرية تنتقد من عدة وجوه.
()1
- 1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري-القسم العام ،-موفم للنشر والتوزيع ،الجزائر،2015 ،
ص.248
39
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
يقتضي عكس ذلك ونظ ار لتسوية هذه النظرية بين مجموعة العوامل أقامت المسؤولية
()1
الجنائية على أساس شخصي فأسستها على الركن المادي.
* نظرية السبب الفعال
يذهب أنصار هذه النظرية إلى أن العوامل التي تتظافر في إحداث النتيجة تختلف من
حيث قوتها في مساهمتها في ذلك ،مما يصعب معه القول أن تنسب النتيجة لعامل أو سبب
واحد ،وعليه يتعين أن تنسب النتيجة ألقوى األسباب ،أي السبب الرئيسي والفعال
()2
لحدوثها.
وقد تعرضت هذه النظرية للنقد وفق ما يلي:
-تحصر قيام المسؤولية الجنائية في سبب واحد وهو السبب الفعال منها مهملة بقية
األسباب التي تكون قد ساهمت في وقوع الجريمة.
-صعوبة التفرقة بين مجموع العوامل واألسباب لعدم وجود معيار يمكن على أساسه تقرير
ما إذا كان السبب موضوع البحث هو األولى أم ال.
-أن قوة الفعل ال تكمن في مادياته فقط ،بل إنها تكمن أيضا في الجانب اإلرادي لفاعله
أيضا مما يضفي عليه صفة الفعل الواعي المسؤول.
* نظرية السبب المالئم
حيث تقوم هذه النظرية على أساس رفضها لنظريتي تعادل األسباب والسبب األقوى
أو الفعال ،وتبني عالقة السببية بين الفعل والنتيجة على السبب المالئم وتقيم النظرية معيا ار
للتفرقة بين العوامل المألوفة والعوامل الشاذة غير المألوفة ،على أساس عنصري العلم أو
إمكانية العلم لتقريرها إذا كان السبب مالئما أو كافيا أو مناسبا أو شاذا إلحداث النتيجة
40
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
المجرمة ،فإذا توافر العلم أو كان بإمكان الفاعل العلم ،فإن اإلمكانية المادية والموضوعية
()1
تعتبر متوافرة ،وبالتالي تقوم العالقة السببية بين الفعل وبين النتيجة التي تحققت.
وقد انتقدت هذه النظرية من أوجه مختلفة:
-هناك من الحاالت التي تكون في اإلمكانيات المادية متوفرة ورغم ذلك ال تقوم الجريمة،
فمثال في الشروع في القتل ال وجدود لعالقة السببية لعدم قيام الجريمة التامة لتخلف النتيجة
بسبب وقفها أو خيبتها رغم أن اإلمكانيات المادية كانت متوفرة،
-القول باستبعاد بعض العوامل – العوامل الشاذة وغير المألوفة – وإغفال تأثيرها
ومساهمتها في إحداث النتيجة يؤدي إلى التضييق في نطاق المسؤولية الجنائية من جهة
ومن جهة أخرى ال يمكن إغفال تأثيرها،
-ضابط التفرقة بين ما يعتبر من األسباب مألوفا فتقوم عالقة السببية بينه وبين النتيجة
اإلجرامية ،وبين ما يعتبر أسبابا شاذة غير مألوفة فتستبعد ضابط ال يسنده سبب قوي ألن
هناك فرق بين قوة العامل وبين العلم به ،باإلضافة إلى أنه ضابط يخلط بين ركني الجريمة،
المادي والمعنوي ،في حين أن العالقة السببية عنصر من عناصر الركن المادي،
-أنها تخلط بين ركني الجريمة ،المادي والمعنوي بإدخالها فكرة التوقع وفقا للمجرى العادي
لألمور ،ذلك أن التوقع يتعلق بالركن المعنوي ،وعالقة السببية ذات طبيعة مادية تتعلق
()2
بالركن المادي.
-موقف المشرع الجزائري
ال يوجد نص صريح في قانون العقوبات يفيد بأن المشرع أخذ بواحدة من النظريات
الثالثة أو بكلها ،لذا يجب الرجوع إلى االجتهاد القضائي.
يأخذ القضاء في الجزائر بهذه النظريات بحسب القضايا المطروحة أمام جهة الحكم
حيث يختلف األمر باختالف نوع الجريمة وعلى سبيل المثال :فإذا كان بصدد جرائم القتل
41
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
العمد فإن القاضي يستعين بالخبرة الطبية لتحديد السبب المباشر الذي أدى إلى الوفاة من
جهة ووقت حدوث الوفاة من جهة أخرى ،أي أن القضاء يأخذ بنظرية السبب المباشر ،في
جريمة القتل العمد يكون الجاني مسؤوال عن وفاة المجني عليه متى كانت النتيجة وهي
الوفاة مرتبطة بنشاطه ارتباطا وثيقا ال يسمح بالتردد في القول بأن هذا النشاط هو السبب
المباشر في حدوث الموت سواء حصل القتل بفعل إيجابي أو بفعل سلبي أي القتل
()1
بالترك.
ج -الركن المعنوي للجريمة
إن قيام الجريمة في القانون ال يتوقف فقط على ارتكاب الواقعة المادية من طرف
الجاني إنما يستلزم اربطة نفسية تصل بين الجاني والفعل المادي الذي يقوم بارتكابه.
والركن المعنوي في الجريمة يستلزم توافر عناصره ليكون قابال لتجسيد النية اإلجرامية
()2
وهما عنص ار العلم واإلرادة.
-1عنصر العلم في الجريمة
من منطلق أن العلم أحد العناصر األساسية التي يقوم عليها القصد الجنائي فإننا
استعرض معناه وبيان محله.
ا درسته من خالل
نحاول ا
الجزئري معناه توافر اليقين لدى الجاني بأن سلوكه يؤدي
ا العلم في قانون العقوبات
جرمية يعاقب عليها قانونا مع علمه بجميع العناصر القانونية للجريمة ،فإذا
إلى نتيجة إ ا
جرمي
انتفى العلم بأحد هذه العناصر انتفى القصد الجنائي ألنها هي التي تمد النشاط اإل ا
جرمية األخرى كالقتل غير العمدي
الوصف القانوني بالتالي تميزها عن باقي الوقائع اإل ا
يحدث عن غير قصد بدون علم من الجاني ،فالعلم اليقيني يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقعة
42
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
جرمية التي يقوم بها الجاني كجريمة السرقة مثال فالجاني يعلم أنه فعل يجرمه القانون
اإل ا
()1
ومع ذلك تعمد فعل ذلك.
ويفترض في الجاني أن يكون عالما بالقانون الذي يعاقب على كل ال ا
جرئم مهما كان
درية بجميع الوقائع التي تكون الجريمة ،وعلى هذا األساس فإن محل
نوعها وأن يكون على ا
العلم يتكون من العلم بالقانون والعلم بالوقائع باإلضافة إلى العلم بزمان ومكان ارتكاب
الجريمة ،العلم ببعض صفات الجاني أو المجني عليه والعلم بظروف الجريمة.
-العلم بالقانون
فيما يخص العلم بالقوانين العقابية فمن المعروف قانونا أن كل إنسان يفترض فيه
العلم بالقوانين العقابية وال يعذر أحد بجهله أو يحتج بذلك أو وقع في غلط في القانون فإذا
احتج الجاني الذي قام بجريمة القتل مثال بعدم علمه بأنه فعل مجرم قانونا ال يعتد به كعذر
لنفي المسؤولية التي تقوم عليه ،وهذا مبدأ أساسي تقوم عليه مصلحة المجتمع فالسارق
الجرئم مهما كانت وعدم األخذ
ا يعاقب والقاتل يعاقب أو باألحرى كل من ارتكب جريمة من
بهذا المبدأ يعني إتاحة الفرصة للمجرمين باالحتجاج بالجهل أو الغلط في القانون واستنادا
إلى ذلك فإن أغلب التشريعات والقوانين العقابية تأخذ بهذا المبدأ فهناك من ينص عليه
()2
صرحة وهناك من يذكره ضمنا.
ا
ورغم أن القاعدة العامة هي أنه ال يعذر أحد بجهله القانون ،إال أنها ليست على
إطالقها ،إذ يرد عليها استثناء وحيد يتمثل في حالة القوة القاهرة التي تحول دون وصول
الجريدة الرسمية إلى جزء من إقليم الدولة ،كاحتالل األجانب لمنطقة معينة أو حدوث زلزال
أو فيضان أو وباء ترتب عليه عزل أفراد منطقة معينة عن باقي أجزاء الوطن وبالتالي يمكن
لألفراد في مثل هذه الظروف أن يحتجوا بجهلهم القانون مع بذل الجهد الشديد لتوضيح أن
- 1صااالح نبيااه ،النظريااة العامااة للقصااد الجنااائي -مقارنااة بكاال ماان القصااد االحتمااالي والقصااد المتعاادي والقصااد
الخاص ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،2004 ،ص. 5
- 2عبد هللا سليمان ،المرجع السابق ،ص.251
43
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
دفعهم بهذا الدفع والدفاع مبنى على سند من الواقع يؤيده تأييدا ال تنال منه أوهن
()1
الشكوك.
وعلى الرغم من أنه ال يوجد نص تشريعي يقرر هذا االستثناء على قاعدة عدم جواز
االعتذار بالجهل بالقانون ،إال أن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلى أنه يجوز االحتجاج
بالجهل بالقانون وطلب اإلعفاء من تطبيقه في حالة وحيدة وهي القوة القاهرة المشار إليها
آنفا ،إذ ال شك في أن مقتضيات العدالة ال تقبل إلزام األفراد بما ليس في مقدرتهم ،وبما
تحول بينهم وبين العلم به أسبابا ال قبل للبشر بالسيطرة عليها ،وهذا األمر في مجمله ال
()2
يزال موضع اجتهاد فقهى حامي الوطيس.
-العلم بالوقائع المجرمة
العلم بالوقائع فاألصل أن يكون الجاني على علم بجميع الوقائع المكونة للجريمة ألن
القصد الجنائي يتوافر إذا علم الجاني بجميع العناصر التي تتكون منها الجريمة فالمشرع
يشترط العلم بموضوع الحق المعتدى عليه ،حيث يتطلب القانون أن يكون الجاني على علم
بموضوع الحق المعتدي عليه وهذا شرط ضروري لتوافر القصد الجنائي فالقتل مثال هو
اعتداء على حياة إنسان ،ولكي يتوافر القصد في هذه الجريمة يتطلب أن يكون الجاني على
علم يقيني أنه بصدد القضاء على حياة إنسان ،كذلك العلم بالنتيجة أمر مطلوب لتوافر
القصد لدى الجاني إذ يجب عليه أن يعلم بأن الفعل الذي يرتكبه قد يرتب النتيجة التي يريد
الجزئية في حق الجاني على أساس
ا تحقيقها والتي يشترطها القانون حتى تترتب المسؤولية
()3
الخطأ العمد وبتوافر هذا األخير لديه تكون الجريمة عمدية.
- 1عبد القادر الشاوي ساالطان حمحمااد عبااد هللا الوريكااات ،المبااادئ العامااة فااي قااانون العقوبااات ،الطبعااة األولااى،
دار وائل للنشر ،األردن ، 2011،ص. 23
- 2منصور رحماني ،المرجع السابق ،ص.118
- 3عبد القادر عدو ،قانون العقوبات الج ازئااري -القساام العااام -نظريااة الجريمااة -نظريااة الجازاء الجنااائي ،دار
هومة للطباعة والنشر ،الجزائر ،2010 ،ص.183
44
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
45
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
- 1الاادراجي غااازي حنااون خلااف ،اسااتظهار القصااد الجنااائي فااي جريمااة القصااد العمااد ،منشااورات الحلبااي الحقوقيااة
لبنان ،2012،ص.29
- 2عبد هللا سليمان ،المرجع السابق ،ص .256
- 3الدراجي غازي حنون خلف ،المرجع نفسه ،ص. 29
46
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
1
- Mayaud (Y),Droit pénal général, 2e édition, Presses Universitaires de
France ,Paris, 2004, p251.
-2إبراهيم بلعليات ،أركان الجريمااة وطاارق إثباتهااا فااي قااانون العقوبااات الج ازئاري ،دار الخلدونيااة للنشاار والتوزيااع،
الجزائر ،2007،ص .121
- 3محمد حزيط ،المرجع السابق ،ص.270
47
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تشبه لحد ما المسؤولية عن طاريق التحريض
والتي مفادها أن شخصا يحارض شخصاا آخر على ارتكاب جريمة ماعينة لحسابه الخاص
وليس لحساب منفاذ الجريماة ،فااألمر نفساه بالنسباة للشاخص المعناوي مثال يقاوم المدير
بالتصنت غير المشروع فيكتشف سر منتوج ألحد المنافسين ،مما يؤدي إلى جني فوائد
1- Stefani (G), Georges (L), )Bernard( Bouloc, Droit pénal général, 16e édition,
Dalloz.,1997 p 254.
2- Jacques (D), Le droit des sociétés, Dalloz,France, 1998, p 304.
48
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
لصالح خزينة الشركة ،فالتجسس قد تم لحساب الشركة ،ولذلك فإن عبارة" لحسابه" حسب
هؤالء تحمل في ط ياتها شرط ارتكاب الفعل لفائدتها سواء كانت هذه الفائدة مادية أو معنوية
()1
إال أن المشرع لم يفصح عنها لصعوبة إثباتها.
كما يرى جانب آخر من الفقه الفرنسي أن كل فعل تم لحساب الشركة يكون دائما فعال
تحقق لمصلحتها ،وبالتالي يجب استبعاد الجريمة المرتكبة من قبل عامل بسيط أو عندما
يتصرف المدير بهاذه الصفاة أثنااء أو بمناسباة مماارسته لوظاائفه ولاكن لحاسابه الاخاص
ولمصلحته الشخصية وحدها ،كما ال يجب استبعاد متابعة الشخص المعنوي على جرائم
اإلهمال وعدم االحتياط ألنه في أغلب هذه الجرائم تكون المصلحة الخاصة متداخلة مع
المصلحة الجماعية ،غير أنه ال تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إذا كان من شأن
الفعل غير المشروع الذي يرتكبه الجهاز أو الممثل إلحاق ضرر بالشركة.
حسب هؤالء ،يجب أن ترتكب الجريمة لتحقيق مصلحة للشخص المعنوي كتحقيق ربح
أو تجنب إلحاق ضرر ،وال يشترط أن تكون هذه المصلحة مادية أو معنوية مباشرة أو غير
مباشرة ،محققة أو احتمالية ،إذ يكفي ارتكابها ضمانا لتنظيم وحسن سير أعمال الشركة
التجارية أو تحقيق أغراضها ولو لم تحقق في النهاية أية فائدة.
خاصة أن الصيغة النهائية التي صدر بها قانون العقوبات الفرنسي م ا
ؤخر يستبعد أن
يكون ارتكاب الجريمة لفائدة الشخص المعنوي ،بالرغم من أن المشروع األول لقانون
العقوبات لسنة 1978كان يناص عالى أن قياام الامسؤولية الجزائية للشخص المعنوي يتطلب
ارتكاب الجرائم "باسام" و"داخال المصلحة الجماعية له" ،وسبب هذا االستبعاد هو تفادي
إثباتها)2(. البحث عن توافر المصلحة الجماعية لصعوبة
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع األمريكي اشترط لقيام المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي والشركة التجارية أن يرتكب الجريمة أحد ممثليها أو موظفيها أو عامليها ،إذا تم في
49
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
إطار مباشرة االختصاص الوظيفي ولحساب الشركة ،أو إذا كانت الجريمة تشكل امتناعا
عن التزام فرضه القانون على الشخص المعنوي ،في حين ذهب القضاء األمريكي إلى
مسائلة الشخص المعنوي جزائيا ليس فقط عن الجرائم التنظيمية والالئحية بل حتى على
الجرائم التقليدية المقررة في الشريعة العامة والتي تتطلب القصد الجنائي والتي يجاب أن
()1
تكون مرتكبة من قبل موظفيه وعامليه باسمه ولحسابه.
-2موقف المشرع الجزائري من مصطلح لحسابه
لم يعرف المشرع الجزائري هو اآلخر مصطلح "لحسابه".
يقصد بعبارة لحسابه أن الشخص المعنوي ال يسأل إال عن األفعال التي يتم تحقيقها
()2
لمصلحته أو لفائدته ،كتقديم رشوة لحصول مؤسسة اقتصادية على صفقة.
هكذا يظهر أن المشرع الجزائري لم يقحم نفسه في متاهات لشرح عبارة لحسابه فبمجرد
تحقيق مصلحة أو فائدة من جراء أفعال غير مشروعة تقوم المسؤولية الجزائية للشخص
االعتباري وبالتالي الشركة التجارية.
غير أن مصطلح مصلحة الشركة في مجال قانون الشركات هي األخرى غامضة ألن
المشرع لم يعرفها بالرغم من أنه استعملها في العديد من المناسبات ،وبالتالي يمكن تعريف
مصطلح مصلحة الشركة بالرجوع إلى المفهوم التعاقدي للشركة الذي يعتمده المشرع ،على
أنها مصلحة الشركاء مجتمعين وهي نتيجة لتصرف إرادي جماعي بغية تحقيق أغراض
مالية متفق عليها ،والتي تتماثل في الاابحث عان اقتسام األرباح أو بلوغ هدف اقتصادي ذي
منفعة مشتركة.
وتعتبر مصلحة الشركة أساسية ضمن األحكام الخاصة بتنظيم وتسيير الشركات
التجارية وهي ذات طبيعة متغيرة ومن الصعب تحديد مضمونها الحتمالها العديد من
المفاهيم بحسب النظرية المعتمدة في تعريف الشركة ،في هذا اإلطار يذهب اتجاه إلى أن
50
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الشركة عقد إال أنها عقد من نوع خاص يتطلب لقيامه أركانا خاصة إلى جانب األركان
العامة ،ويترتب عن هذا العقد شخصية معنوية.
ويذهب اتجاه آخر إلى اعتبار الشركة بمثابة نظام ،ينظم المشرع هيكلته ويتدخل في
تأسيسه وتسييره وإدارته ووضع نظاما للمسؤولية المدنية والجنائية لردع المخالفين له ويتولد
عن هذا النظام شخص معنوي مستقل عن باقي األشخاص المكونين له.
في حين ذهب اتجاه آخر إلى أن الشركة تحمل تلك المعاني مجتمعة ،فتارة تفيد العقد
وتارة أخرى تفيد النظام ،وقد تكون تصرفا قانونيا بإرادة منفرة وهي في كل األحوال شخص
()1
معنوي.
الفرع الثاني :وجوب وجود نص قانوني يجرم الفعل بالنسبة للشركة التجارية
باإلضافة إلى شرط ارتكاب الفعل لحساب الشخص المعنوي أضاف المشرع شرطا
آخر وهو وجوب وجود نص يجرم الفعل وذلك بموجب نص المادة 51مكرر من قانون
العقوبات ،التي جاء فيها أن الشخص المعنوي يكون محال المساءلة الجزائية عندما ينص
القانون على ذلك ،حيث جاء فيها ":باستثناء الدولة والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية
الخاضعة للقانون العام ،يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب
لحسابه من طرف أجهزته وممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك"...
()2
فبالنسبة للقانون الجزائري ،فإنه يمكن اعتبار محتوى الفقرة األولى من المادة 51مكرر
من قانون العقوبات ،التي تشترط أال يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا إال في الحاالت
التي ينص فيها القانون على ذلك ،تطبيقا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبات الذي كرسته المادة
األولى من قانون العقوبات التي تنص على أنه " ال جريمة وال عقوبة أو تدبير أمن بغير
-1نادية فوضيل ،أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري -شركات ألشااخاص ،الطبعااة الثامنااة ،دار هومااة،
الجزائر ،2009 ،ص .65
- 2المادة 51مكرر من قانون العقوبات ،أضيفت بالقانون رقم 15 - 04 :المؤرخ في ، 2004/11/10
جريدة رسمية عدد 71لسنة .2004
51
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
قانون" ،فمن البديهي ،أنه ليس هناك تجريم جزائي خارج الحاالت التي ينص عليها القانون
سواء تعلق األمر بالجنايات والجنح أو المخالفات.
إن وجود نص قانوني خاص يقرر المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية يعتبر شرطا
أساسيا ال بد منه لشرعية المتابعات التي ال تكون مقبولة شكال في غيابه ،وهو ما أكدته
محكمة النقض الفرنسية.
إن ضرورة وجود نص قانوني تفرض نفسها مهما كانت طريقة مساهمة الشركة
في التجريم ،سواء كانت فاعال أو شريكا ،فمن غير الممكن متابعة الشركة التجارية
التجارية كشريك بالنسبة للجرائم التي لم ينص عليها المشرع كما يرى القضاء الفرنسي أن
الصرامة في تطبيق مبدأ التخصص تقتضي ضرورة أن يكون النص الذي تتم على أساسه
المجرمة وليس وقت اإلدانة ،باإلضافة إلى
َ المتابعة ساري المفعول وقت ارتكاب األفعال
عدم قبول تدارك سكوت المشرع بتفسير موسع للنصوص التي تتالءم عموميتها في التطبيق
مع األشخاص الطبيعيين واألشخاص المعنوية معا خاصة وأن التجريم يقصد " كل من "
هناك عدة أحكام صدرت في الموضوع قضت بعدم قبول المتابعات في مادة قانون العمل،
قانون االستهالك ،بسبب سكوت المشرع على النص على معاقبة الشركة التجارية صراحة.
غير أن هذه النصوص قد تقابلها نصوص أخرى تقرر أن ذات السلوك المجرم أصال
إذا توافرت بالنسبة له ظروف معينة يصبح سلوكا مشروعا أي مباحا وعلى ذلك فإن الصفة
غير المشروعة ليست دائمة ،فهي قابلة للزوال إذا انطبق على السلوك قاعدة سلبية ،أي إذا
توافر فيه سبب من أسباب اإلباحة يدفع عنه صفة عدم المشروعية وبذلك تمثل أسباب
اإلباحة قيودا على نصوص التجريم ،مما يعني أن للركن الشرعي عنصرين هما وجود نص
جنائي يجرم الفعل ،وعدم وجود سبب من أسباب اإلباحة ومبدأ الشرعية يقوم على دعامتين
()1
أساسيتين حماية الحرية الشخصية والحرية العامة.
- 1أحمد فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري ،الطبعة الثانية ،دار الشروق ،مصر ،2002 ،ص.32
52
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
- 1عبد الرحمان جباري ،دراسات قانونية في المادة الجزائية على ضوء أهم التعديالت الجديدة ،الطبعة الثانية،
دار هومة ،الجزائر ،2013،ص .87
53
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
باإلضافة إلى الفصل الثالث في الجنايات والجنح ضد األموال من خالل القسم األول
في السرقات وابتزاز األموال ،والقسم الثاني في النصب وإصدار شيك بدون رصيد والقسم
الثالث في خيانة األمانة المادة 382مكرر ،1والقسم الرابع في التفليس والقسم الخامس في
التعدي على األمالك العقارية ،والقسم السادس مكرر في تبييض األموال المادة 389
مكرر ،7والقسم السابع مكرر المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات في المادة 394
مكرر ،4والقسم الثامن في الهدم والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل
النقل ،والكتاب الثالث في الباب الرابع تحت عنوان الغش في بيع السلع والتدليس في المواد
()1
الغذائية والطبية بموجب نص المادة 435مكرر.
ثانيا :نصوص القوانين الخاصة
أما فيما يتعلق بنصوص القوانين الخاصة فقد جرم المشرع الجزائري األفعال التي
ترتكبها الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا من خالل نصوص خاصة عديدة نورد
منها ما يلي:
-المادة 25من قانون رقم 18-04مؤرخ في 25ديسمبر سنة 2004متعلق بالوقاية من
()2
المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع استعمال واالتجار غير المشروعين بها.
-المادة 53من القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير سنة 2006المتعلق بالوقاية
()3
من الفساد ومكافحته.
54
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
- 1الم ااادة 32م اان الق ااانون رق اام 01-05 :الم ااؤرخ ف ااي 2005/02/06المتعل ااق بالوقاي ااة م اان تبي اايض األما اوال
وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما ،جريدة رسمية عدد 11لسنة .2005
- 2المادة 36من األمر رقم 103-76المؤرخ في 1976/12/09المتعلق بقانون الطابع ،جريدة رسمية عدد
39لسنة .1976
- 3المادة 24من األمر رقم 06-05المؤرخ في 2005/08/23المتعلق بمكافحة التهريب ،جريدة رسمية
عدد 59لسنة .2005
- 4المادة 25من القانون رقم 10-03المؤرخ في 2003/07/19المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية
المستدامة ،جريدة رسمية عدد 43لسنة .2003
55
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
adaptation de la justice aux évolutions de la criminalité”. Cet amendement a été
adopté par les deux assemblées composant le Parlement sans aucune difficulté.
Le principe de spécialité prévu à l’origine par l’article 121-2 du code pénal,
restreignait considérablement le domaine de la responsabilité pénale des
personnes morales, subordonnant celle-ci à l’existence d’un texte
d’incrimination spécial permettant les poursuites pénales. En 1994, ces textes
spéciaux étaient assez peu nombreux ce qui résultait d’un choix législatif
arbitraire qui retenait ou non la responsabilité pénale des personnes morales. La
conséquence de ce nombre restreint de textes d’incrimination spécifiques aux
personnes morales est que des pans entiers de notre droit n’étaient pas
concernés, laissant les personnes physiques seules face à la responsabilité
pénale : le droit des sociétés, le droit du travail, le droit de la consommation, le
droit de l’environnement, le droit de l’urbanisme, le droit fiscal. Le droit pénal
de l’entreprise pour l’essentiel de ses infractions restait curieusement
imperméable à la responsabilité pénale des personnes morales, alors que c’est
dans ce domaine particulier que le nombre des personnes morales susceptibles
de commettre une infraction, est le plus important.(1)
الشروط المتعلقة بالفاعل:المطلب الثاني
البد من توافر شروط أخرى الستكمال قابلية،باإلضافة إلى الشروط المتعلقة بالجريمة
وبما أن الجريمة،الشركة التجارية للمسائلة الجزائية والمتمثلة في الشروط المتعلقة بالفاعل
التي تنسب للشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا يشترك في ارتكابها كل من الشخص
مكرر من51 المعنوي الذي يجب تحديده من خالل ما نص عليه القانون السيما المادة
قانون العقوبات التي يستشف من نصها الشروط الواجب توافرها في الشركة التجارية ومنها
وجوب أن تكون الشركة التجارية من أشخاص القانون الخاص وسنتطرق لذلك في الفرع
والشرط اآلخر هو وجوب اقتراف الجريمة من قبل أجهزة الشركة التجارية أو من،األول
حتى تكون الجريمة قابلة لوصف جريمة الشركة،طرف ممثلها أو ممثليها القانونيين
.وسنتطرق لهذا في الفرع الثاني
56
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
57
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
58
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ويدخل في هذا المدلول مجموعة ال شركاء أو أعضاء مجلس اإلدارة أو الجمعية العامة
ويترتب على اشتراط أن تكون الجريمة مرتكبة ممن يملك زمام أمور الشركة التجارية وال
تسأل الشركة التجارية عما يرتكبه من ليست له هذه الصفة ،حتى ولو ارتكب جريمة من
الجرائم المحددة قانونا ،ويستخلص من ذلك أنه ال يشترط أن يكون ممثل الشركة التجارية
فاعال أصليا للجريمة ،بل يمكن أن يكون شريكا فيها ،بشرط أن ترتكب الجريمة لحساب
()1
الشخص الشركة التجارية.
القرارت أو تطبيقها
وبذلك فإن أجهزة الشركة التجارية هي كل كيان مؤهل التخاذ ا
حيث يخولهم القانون أو النظام األساسي للشركة التجارية سلطة إدارتها والتصرف باسمها،
فقد يكون من األجهزة الجماعية أو الفردية أو قد يكون في مجموعة من األشخاص أو أي
شخص عهد له القانون أو القانون الداخلي للشركة باإلدارة أو التوجيه أو الرقابة ،رغم أن
المادة 51مكرر من قانون العقوبات لم تفرق بين أجهزة التسيير أو أجهزة التمثيل للشركة
()2
التجارية.
ثانيا :الممثل الشرعي للشركة
ويقصد بالممثل أو الممثلون ،األشخاص الطبيعيون الذين لهم السلطة القانونية أو
االتفاقية التي مصدرها عقد أو نظام تأسيس الشركة التجارية ،في التصرف باسم الشخص
المعنوي مثل المسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،رئيس مجلس اإلدارة والمدير
العام ،والممثلين القضائيين الذين يوكل إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية ألحد
األشخاص المعنوية كتعيين المصفي مثال ،كذلك المدير المؤقت ومن يمثل الشخص
المعنوي أمام القضاء وكل عضو يباشر مهمة عامة بواسطة الوكالة أو التفويض لتمثيل
الشخص المعنوي كمستخدم البنك الذي له صفة في التوقيع على العقود التي تبرم مع
59
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
إال أن الفصل غير مطلق بين األعضاء والممثلين ،بل يختلطون أحيانا ألن ()1
العمالء،
()2
هياكل التصرف هي أيضا هياكل تمثيل وبأكثر تحديد ممثلين قانونيين يلزمون الشركة.
فأعضاء مجلس اإلدارة مثال هم أيضا ممثلون لذلك فإن المادة 51مكرر من قانون
العقوبات لم تفرق بين أجهزة التسيير التي هي أيضا أجهزة التمثيل أي الممثلين الشرعيين
للشخص المعنوي كالمسير في شركة التضامن والشركة ذات المسؤولية المحدودة ورئيس
مجلس اإلدارة والرئيس المدير العام أو رئيس مجلس المديرين ومجلس المراقبة في شركة
المساهمة ،وبين األجهزة الجماعية صاحبة القرار مثل مجلس اإلدارة والجمعية العامة
والجمعية العامة للمساهمين وبالتالي يمكن للعضو أن يكون شخصا طبيعيا أو مجموعة
أشخاص طبيعيين يتصرفون باسم ولحساب الشخص المعنوي ،مما يجعل مسؤولية هذا
شروطها)3(. األخير ممكنة إذا ما توافرت
استنادا إلى ذلك ،فإن أجهزة الشخص المعنوي التي يمكن أن تعرضه للمسائلة الجزائية
هي أجهزة التمثيل ،وتتوافق عبارة "ممثل" السيما مع األشخاص المعنوية التي لم يحدد
القانون بدقة إطار تنظيمها ،وترك للمؤسسين والمنظمين وضع قواعد عملها ،وبالتالي ال بد
من الرجوع إلى القانون األساسي للشخص المعنوي لتحديد الشخص الذي يلزم الشخص
()4
المعنوي في عالقاته مع الغير.
وتجدر اإلشارة إلى أن دراسة قيام مسؤولية مسيري الشركة سوف نتطرق لها بشيء
من التفصيل في الباب الثاني من هذه الدراسة.
60
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الفصل الثاني :تحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها
القانونية.
القول بالمسؤولية الجزائية للشركة التجارية يترتب عنه نتائج تستوجب التمحيص
والتوضيح من خالل بيان نطاق هذه المسؤولية ،فالشركات التجارية كما سبق بيانه أنواع
وبالنسبة للقانون التجاري الجزائري ،فإنه يعرف حاليا خمس أشكال من الشركات التجارية
األشكال)1(. بينما لم يكن يوجد لحين تاريخ قريب سوى ثالث من هذه
فقد كان األمر رقم 59 -75المؤرخ في 26سبتمبر 1975المتضمن القانون
التجاري ينظم سوى شركة التضامن ،الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة
ذات مجلس اإلدارة وبقي الحال كذلك إلى غاية صدور المرسوم التشريعي رقم 08 -93
المؤرخ في 25أفريل 1993الذي أحدث إلى جانب شركة التضامن شركة التوصية
البسيطة ،وإلى جانب شركة المساهمة ذات مجلس اإلدارة شركة التوصية باألسهم ،كما
أحدث نظاما جديدا إلدارة شركة المساهمة ،التي تعرف بشركة المساهمة ذات مجلس
المديرين ومجلس المراقبة ،وفي سنة 1996نظم المشرع الشركة ذات المسؤولية المحدودة
ذات الشخص الوحيد ولقد فرق المشرع بين هذه األنواع من الشركات العتبارات عدة تباينت
بين الشكلية والموضوعية والواقعية وحتى من ناحية المسؤولية في حد ذاتها والتي ترتكز
عليها دراستنا.
فالشركات التجارية تتباين فيها المسؤولية الجزائية ،بتباين أنواعها واختالف تمثيلها وهو
ما سنقوم بدراسته في هذا الفصل من خالل تحديد مفهوم شركات األشخاص وتحديد
أجهزتها معتمدين على نموذجين في المبحث األول ومفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها
في المبحث الثاني.
61
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
1
-محمد فريد العريني ،الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،2002 ،ص. 115
62
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وتعتبر شركات التضامن نوع خاص جدا من بين أنواع الشركات المختلفة ،ألنه قائم
في األساس على اتفاق بين أفراد العائلة الواحدة أو مجموعة األصدقاء نظ ار إلى توافر
عنصر الثقة المتبادلة فيما بينهم بطبيعة الحال ونظ ار إلى تمكن كل منهم في جزء خاص
من أجزاء المشروع الجديد ،وبالتالي فإن هدفهم إلى النجاح معا يجعلهم يقدمون على إنشاء
هذه الشركة ،غير أن تلك الشركة أيضا دائما ما تكون قائمة على رؤوس أموال منخفضة،
()1
ولذلك فهي مناسبة أكثر للمشروعات التجارية الصغيرة.
كما تعرف أيضا على أنها الشركة التي تتكون بين شريكين فأكثر يسأل فيها الشريك
عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة ،لذا فهي تسمى بأسماء الشركاء كما
أن الشركاء جميعا في هذا النوع من الشركة يكتسب بمجرد انضمامه للشركة صفة التاجر،
()2
وأن حصة الشريك غير قابلة لالنتقال للغير أو لورثة الشريك المتوفى.
وقد عرفها القانون التجاري الفرنسي لسنة 1807في المادة 20منه بأنها :الشركة
الشركة بينهم بعنوان مخصوص يكون
ا التي يعقدها اثنان أو أكثر بقصد اإلتجار على وجه
()3
اسما لها.
كما تم تعريفها على أنها :شركة تتألف من شخصين أو أكثر تحت عنوان معين
للقيام بعمل معين ويكون الشركاء فيها مسئولين على وجه التضامن في جميع أموالهم عن
()4
التزمات الشركة.
ا
63
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كما يمكن تعريف شركة التضامن على أنها :عقد بين شريكين أو أكثر تجمعهم نية
االشتراك في ممارسة وتسيير نشاط تجاري معين ،يكونون مسؤولين من غير تحديد
وبالتضامن مع اكتسابهم صفة التاجر ويكون عنوان الشركة مكونا من اسم أحدهم متبوعا
بعبارة وشركاؤه ،وال تكون حصة الشريك فيها قابلة للتنازل أو ممثلة بسندات قابلة
()1
للتحويل.
وبالتمعن في التعريفات السابقة يمكن القول انها جاءت متضمنة على األساس
الخصائص التي تتمتع بها شركة التضامن والتي نوردها كما يلي:
ثانيا :خصائص شركة التضامن
من خالل التعريفات السابقة لشركة التضامن يمكن استخالص مجموعة من
الخصائص تميز هذا النوع من الشركات عن باقي الشركات األخرى وهي:
-1المسئولية الشخصية والتضامنية للشركاء
يقصد بالمسؤولية الشخصية والتضامنية للشركاء ما يلي:
أ -المسؤولية الشخصية للشريك
يسأل الشريك في شركة التضامن عن ديون الشركة مسئولية شخصية كما لو أنه دين
شخصي على الشريك ،وبالتالي ال تقتصر مسؤولية الشريك عن ديون الشركة فيما قدمه من
حصة ولكن تمتد المسؤولية إلى كل أمواله كما لو أنه دين شخصي عليه ،إذ تمتد المسؤولية
()2
إلى ذمته الخاصة بالكامل.
وتبرير أساس هذه المسؤولية يرجع إلى عدة اعتبارات منها توقيع التزامات الشركة
وتعهداتها بعنوان الشركة الذي يتضمن أسماء الشركاء ،حيث يعد كل شريك موقعا بنفسه
عليها ،كما أن شركة التضامن تتكون عادة من مجموعة من التجار يعملون معا ،كما أن
- 1بلعيساوي محمد الطاهر ،الشركات التجارية -النظرية العامة وشركات األشخاص -الجزء األول ،دار العلوم
للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2017،ص.160
-2الطيب بلولة ،قانون الشركات ،ترجمة محمد بن بوزة ،بارتي للنشر ،الجزائر ،2008 ،ص .175
64
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
القانون يصبغ صفة التاجر على كل شريك ينضم إلى هذه الشركة حتى ولو لم يكن مكتسبا
لهذه الصفة من قبل ،باإلضافة إلى أن القانون ذاته هو الذي ألزم الشركاء المتضامنين بهذه
المسؤولية الشخصية ،ومسؤولية الشريك الشخصية عن ديون الشركة أمر متعلق بالنظام
العام ،ال يجوز االتفاق على مخالفته ،فال يجوز االتفاق على تحديد مسؤولية أحد الشركاء
وهو ()1
بحصة معينة وإذا تم ذلك فإن هذا االتفاق يكون باطال في مواجهة الغير وال يعتد به،
ما يحول هذه الشركة فيما بين الشركاء إلى شركة توصية بسيطة بينما تظل في مواجهة
الغير شركة تضام ن يحق فيها لدائني الشركة الرجوع على أي شريك في كل أمواله كما لو
كان دينا شخصيا عليه ،ولما كان هذا المبدأ قد قصد به حماية دائني الشركة فإن لهم
وحدهم حق التنازل عنه والموافقة على تحديد مسؤولية الشريك ،وفي هذه الحالة يتم تحويل
الشركة من تضامن إلى شركة توصية بسيطة.
()2
-1عزيز العكيلي ،الوسيط في الشركات التجارية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،2007 ،ص.119
-2فوزي محمد سامي ،الشركات التجارية األحكام العامة والخاصة ،دار لثقافة للنشر ،األردن،2014 ،
ص.102
- 3مصطفى كمال طه ،الشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار الفكر الجامعي ،مصر ،2007 ،ص .81
65
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
بعينه للرجوع عليه والتشهير به قاصدا ومتعمدا ذلك وقبل الرجوع على الشركة لمطالبتها
بدينه ،لذلك اتفق الفقه واستقرت أحكام القضاء على أنه ال يجوز لدائني الشركة الرجوع على
أحد الشركاء المتضامنين إال إذا توافر شرطين :أن يكون لدى الدائن سندا رسميا بالدين قد
يكون حكما قضائيا أو إق ار ار من الشركة بالدين ،الشرط الثاني هو الرجوع على الشركة أوال
وامتناع الشركة عن الوفاء ،وإذا تم الرجوع على أحد الشركاء وقام بالوفاء يحق لهذا الشريك
()1
الرجوع على الشركاء اآلخرين بنسبة دين كل واحد منهم.
وهذا التضامن إنما هو خاص بديون الغير تجاه الشركة ،أما فيما يخص ديون
الشركاء قبل بعضهم البعض فال تضامن بينهم ،وال يسأل الشريك عن ديون الشركة الالحقة
على خروجه منها طالما تم شهر هذا الخروج بالطرق القانونية ،أما إذا انضم أحد الشركاء
إلى الشركة فإنه يسأل عن الديون السابقة على انضمامه ألنه من المفترض أنه يعلم وضع
الشركة المالي وقد ارتضى باالنضمام على هذا الوضع إال إذا اتفق صراحة على عدم
مسئولية الشريك المنضم عن الديون السابقة على انضمامه طالما تم شهر هذا االتفاق
()2
بالطرق القانونية.
- 2عدم جواز تداول حصة الشريك
بما أن شركة التضامن قائمة على االعتبار الشخصي وشخصية الشريك محل اعتبار
فاألصل عدم جواز تنازل الشريك عن حصته إلى الغير سواء كان ذلك بعوض أو بغير
عوض ،وسواء كان ذلك أثناء حياة الشريك أو بعد وفاته عن طريق الميراث ألن التنازل عن
حصة الشريك وجواز تداولها يؤدي إلى دخول شخص أجنبي كشريك في الشركة قد ال يوافق
- 1نادية فوضيل ،الوجيز في القانون التجاري الجزائري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 2003،
ص.55
- 2فوزي محمد سامي ،المرجع السابق ،ص .103
66
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
عليه الشركاء مما يؤدي إلى إهدار مبدأ أساسي يقوم عليه هذا النوع من الشركات وهو
()1
االعتبار الشخصي.
ورغم ذلك فإن هذه القاعدة وهذا األصل ال يتعلق بالنظام العام ،لذلك يجوز للشركاء
االتفاق على انتقال حصة الشريك بقيود معينة كاشتراط موافقة جميع الشركاء ،أو أغلبية
معينة ،أو حق االسترداد للشركاء بهدف المحافظة على الثقة المتبادلة واالعتبار الشخصي
بين الشركاء ،وال يجوز االتفاق على أن يكون تنازل الشريك عن حصته بغير قيود أو
()2
شروط لمخالفة هذا االتفاق لالعتبار الشخصي الذي تقوم عليه الشركة.
وفي حالة وفاة أحد الشركاء يجوز االتفاق على استمرار الشركة بين الشركاء اآلخرين
مع إخراج حصة الشريك المتوفى وإعطائها للورثة ،كما يجوز االتفاق على استمرار الشركة
قصر بحسب الوضع القانوني لمورثهم ،غير أنه
ا وانتقال حصة الشريك إلى الورثة ولو كانوا
في حالة انتقال حصة الشريك المتضامن إلى الوارث القاصر فإن الشركة تتحول إلى شركة
توصية بسيطة.
()3
ويسري حكم منع الشريك من التنازل عن حصته إلى الشخص األجنبي عن الشركة
ولكن ال يسري في حالة التنازل عن الحصة ألحد الشركاء اآلخرين نظ ار لبقاء االعتبار
الشخصي قائما إال إذا نص في عقد الشركة صراحة على أنه ليس ألي شريك حق التنازل
أو بيع حصته لشريك آخر إال بموافقة باقي الشركاء ،أما إذا تنازل الشريك عن حصته إلى
الغير دون موافقة الشركاء ودون مراعاة القيود والشروط التي يتضمنها عقد الشركة ،فإن هذا
الشرط وإن كان صحيحا بين الشريك والمتنازل له حيث يعتبر شريك الشريك وهو ما يعرف
-1ابراهيم سيد أحمد ،العقود والشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،مصر،1999 ،
ص.138
-2مصطفى كمال طه ،المرجع السابق ،ص.77
-3نادية فوضيل ،أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري الجزائري -شركات األشخاص ،-المرجع السابق،
ص.57
67
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
باسم "الرديف" إال أنه ال يعتد بهذا التنازل في مواجهة الشركة حيث تظل العالقة قائمة بين
الشركة والشريك األصلي ويبقى المتنازل إليه أجنبيا عن الشركة.
()1
ومن جانب آخر يجوز للشريك دون موافقة باقي الشركاء أن ينقل إلى الغير المنافع
والثمار الخاصة بحصته في الشركة ،وعدم جواز تداول حصة الشريك ال يمنع من رهنها،
ذلك ألن رهن الحصة ليس بمثابة التنازل عنها ،وللدائن المرتهن الحجز عليها وبيعها وفقا
لقواعد حجز ما للمدين لدى الغير ،وإذا ترتب على استعمال الدائن حقه في بيع الحصة فإن
المشتري ال يصبح شريكا في شركة التضامن إال بموافقة باقي الشركاء وإذا لم تتم هذه
الموافقة فإن المشتري للحصة يكون بمثابة متنازل إليه ليس له عالقة بالشركة وليس له إال
()2
المزايا المالية من الحصة.
- 3عنوان الشركة
يستمد عنوان شركة التضامن من أسماء الشركاء المتضامنين ،فإذا تعذر ذكر أسماء
جميع الشركاء تم االكتفاء باسم واحد أو اثنين مع كتابة كلمة "وشركاؤه " أو أي عبارة تفيد
المعنى وذلك حتى يعلم الغير بالشركاء المتضامنين اآلخرين ،فإذا توفى أحد الشركاء فإنه
يجب إخراج اسمه من عنوان الشركة مع شهر هذا التصرف حتى يعلم الغير ،وال يتعامل مع
الشركة على أساس وجود هذا الشخص ،غير أنه يجوز اإلبقاء على اسم الشريك المتوفي إذا
كانت الشركة تعتمد في الشهرة على هذا االسم وحتى ال يعتبر الغير قيام شركة جديدة في
حالة تعديل العنوان ،لكن يشترط في هذه الحالة اإلشارة إلى ذلك في عنوان الشركة ،ويجب
أن يطابق عنوان الشركة الشركاء المتضامنين ،فال يجوز إضافة أسماء وهمية كشركاء
بقصد إعطاء الشركة ثقة للغير تخالف الواقع ،كما ال يجوز إدخال اسم شخص أجنبي عن
الشركة ،إال إذا كان دخول اسم هذا الشخص األجنبي بعلمه ورضاه فإنه يسأل عن تعويض
الغير على أساس المسئولية التقصيرية ،أما إذا كان بغير رضاه جاز له وللغير الذي تعامل
-1أكرم ياملكي ،القانون التجاري -الشركات (دراسة مقارنة) ،دار الثقافة للنشر ،مصر ،2010،ص.65
-2سميحة القليوبي ،الشركات التجارية ،دار النهضة العربية ،مصر ،1989،ص.186
68
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
على أساس وجود هذا االسم كشريك متضامن الرجوع على الشركاء اآلخرين المتضامنين
()1
بالتعويض.
- 4اكتساب الشريك صفة التاجر
يترتب على انضمام الشخص كشريك في شركة التضامن اكتسابه صفة التاجر حتى
ولو لم يكن مكتسبا هذه الصفة من قبل ،ويؤدي ذلك إلى أنه إذا تم شهر إفالس شركة
التضامن فإن ذلك يشهر إفالس الشركاء المتضامنين بالتبعية ألنهم يسألون عن ديون
الشركة مسؤولية شخصية وتضامنية في كل أموالهم ،ولكن العكس غير صحيح بمعنى أن
شهر إفالس أحد الشركاء المتضامنين ال يؤدي إلى شهر إفالس الشركة وذلك ألن الشركة
ليست مسؤولة عن ديون الشركاء كما أن هناك شركاء آخرين يستطيعون تسديد ديون
()2
الشركة في حالة إفالس أحد الشركاء.
اكتساب صفة التاجر يتم بمجرد انعقاد عقد الشركة إذ يعتبر ذلك نتيجة منطقية
لتعامل الشركة بعنوانها الذي يتضمن أسماء الشركاء جميعا أو ما يفيد ذلك ،وألن التوقيع
باسم الشريك يجعل التعامل باسمه ولحسابه ويتحمل نتائج المشروع من ربح
وعلى ذلك يجب أن يتوافر في الشريك المتضامن األهلية القانونية الالزمة ()3
وخسارة،
الحتراف التجارة ،فال يجوز للقاصر أن يكون شريكا متضامنا ألنه ال يستطيع أن يكون
تاجرا ،كما يلتزم الشريك المتضامن بالتزامات التجار من إمساك دفاتر تجارية ،غير أن
69
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
إمساك الشركة دفاتر تجارية يغني عن إمساك الشريك لتلك الدفاتر ،وال يلتزم الشريك
()1
المتضامن بالقيد في السجل التجاري.
الفرع الثاني :تأسيس شركة التضامن
ي قصد بتأسيس شركة التضامن مجموعة األعمال القانونية واألفعال المادية التي
يستلزمها وجود هذا الكيان القانوني على الشكل الذي ذهبت إليه إرادة المشرع من خالل
النصوص التشريعية ،وهي األعمال التي يقوم بها مؤسسو الشركة من أجل تحقيق هذا
()2
الهدف.
وتأسيس شركة التضامن يمر بعدة مراحل نوردها كما يلي:
أوال :نشأة شركة التضامن
تنشأ شركة التضامن بناءا على عقد يبرمه شريكان أو أكثر ،لذلك يجب أن يتوافر في
هذا العقد الشروط الموضوعية العامة والخاصة لعقد الشركة ،حيث يجب أن تتوافر الشروط
العامة وهي الرضا والمحل والسبب واألهلية ،كما يجب أن تتوافر الشروط الموضوعية
الخاصة بعقد الشركة وهي تعدد الشركاء حيث حد أدنى شريكين وال يوجد حد أقصى ،وتقديم
الحصص سواء كانت نقدية أو عينية ،ونية المشاركة وهي الرغبة في االشتراك وتحمل
()3
مخاطر المشروع ،وتقسيم األرباح والخسائر.
والمشرع الجزائري أوجب أن يكون عقد الشركة رسميا تطبيقا لنص المادة 545من
القانون التجاري ،وأيضا البد من كتابة كافة التعديالت التي تط أر أثناء حياة الشركة كما لو
عدل الشركاء في عنوان الشركة ،أو الغرض من تأسيسها ،أو رأسمالها ،أو كيفية توزيع
-1أسامة نائل المحيسن ،الوجيز في الشركات التجارية واإلفالس ،الطبعة األولى ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،
األردن ، 2008ص .89
-2محمود سمير الشرقاوي ،الشركات التجارية في القانون المصري ،الطبعة الثانية ،دار النهضة العربية ،مصر،
،2016ص .90
-3علي البارودي ،القانون التجاري ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،1999،ص.69
70
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
األرباح والخسائر ،وإذا لم يتبع الشكل الذي رسمه القانون كان التعديل باطال ،وال يعتد به
مع بقاء عقد الشركة صحيحا ،لكن إذا لم يتم التعديل بالشكل الصحيح فإنه ال يعتد به أمام
()1
الغير مع جواز تمسك الغير بهذه البيانات التي كان يجب تعديلها إذا علم بها.
ثانيا :شهر شركة التضامن
أوجب القانون التجاري شهر عقد شركة التضامن ألجل إعالم الغير بها ،كما أن
المشرع إمعانا في اإلعالم عن الشركة أقام نظاما آخر للشهر وهو ضرورة القيد في السجل
التجاري ،ويجب أن يتضمن ملخص عقد الشركة أسماء وألقاب وصفات الشركاء وعناوينهم
وعنوان الشركة وأسماء الشركاء المأذونين باإلدارة والتوقيع باسم الشركة وبيان وقت ابتداء
()2
الشركة ووقت انتهائها.
هذا ويقع على عاتق الشركة واجب القيام بهذه اإلجراءات وبالذات من يتولى إدارة
الشركة ،ويرتب القانون على إهمال الشهر والنشر القانوني بطالن الشركة ،كما تعتبر
()3
الشركة باطلة إذا وقع الشهر ناقصا وذلك في حالة عدم القيام بكل اإلجراءات القانونية.
كذلك تبطل الشركة إذا أغفل الشركاء ذكر البيانات الواجب شهرها ،هذا البطالن ال
يجوز للشركاء أن يتمسكوا به في مواجهة الغير ،وإنما يجوز للغير التمسك بهذا البطالن في
مواجهة الشركاء ،وعلى ذلك ال يجوز للشركاء أن يحتجوا على الغير ببطالن تأسيس الشركة
للتخلص من التزاماتها في مواجهة الغير بل يظلوا مسؤولين في مواجهة الغير عن تعهدات
الشركة بالتضامن فيما بينهم طالما أن أحد الشركاء قد وقع على هذه التعهدات والمعامالت
بعنوان الشركة ،وتخضع جم يع هذه التعهدات والمعامالت في مرحلة تأسيس شركة التضامن
للقانون التجاري حيث تعتبر من المعامالت التجارية حسب الشكل طبقا للمرسوم التشريعي
رقم 08-93:المؤرخ في ،1993/04/25:ويترتب على بطالن شركة التضامن لعدم الشهر
71
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
والنشر وجود شركة واقع تعتبر الشركة وفقا لها قائمة حكما في الفترة السابقة على البطالن
وتحتفظ بشخصيتها القانونية في خالل تلك الفترة.
لذلك فإن جميع التصرفات والمعامالت خالل هذه الفترة تعتبر صحيحة وملزمة للغير
وللشركاء وتخضع ألحكام القانون التجاري باعتبار أن تأسيس شركة التضامن عمال
تجاريا ،يترتب على ذلك أنه إذا كان هناك دين بين الشركاء والغير فإنه يخضع ألحكام
القانون التجاري سواء من ناحية الفائدة القانونية أو طرق اإلثبات أو شهر اإلفالس وغيرها
()1
من أحكام القانون التجاري الخاصة بالمعامالت التجارية.
ويتم ()2
وشركة التضامن تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد قيدها في السجل التجاري
تكوينها بمجرد إبرام عقدها ،وال يتوقف اكتساب الشخصية المعنوية لشركة التضامن على
استيفاء إجراءات الشهر التي يتطلبها القانون ،فهذه اإلجراءات لم يقصد بها سوى إعالم
الغير بوجود الشركة كشخص معنوي ،لذلك يجوز للغير ولو لم تتخذ إجراءات شهر الشركة
أن يتمسك بشخصيتها ،ولكن ال يجوز االحتجاج بهذه الشخصية على الغير إال بعد استيفاء
()3
إجراءات الشهر التي يقررها القانون.
الفرع الثالث :إدارة شركة التضامن
تطرق المشرع الجزائري في القانون التجاري على أن إدارة شركة التضامن يتم عن
طريق جميع الشركاء إذا لم يشترط على خالف ذلك في القانون األساسي ،أو مدير الشركة
أو أكثر ،الذي يلتزم بق اررات وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ الق اررات المتعلقة بالشركة
72
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ويخضع أحيانا لمراقبة مفتشي الحسابات ،ومن خالل تقويم نشاط الشركة يتم توزيع األرباح
()1
والخسائر على الشركاء.
أوال :تعيين مدير شركة التضامن
مدير الشركة هو الذي يمثلها في جميع معامالتها ،ويقوم بدور خطر في حياتها وحياة
الشركاء فيها ،ألن استئثاره بمكنة التوقيع على التصرفات التي يجريها بعنوان الشركة من
شأنه أن يلزم هذه الشركة وأولئك الشركاء بما تمخض عنه ق ارره ،غير أن المشرع الجزائري
()2
اشترط أن يكون مدير شركة التضامن شخصا طبيعيا ال معنويا.
وقد يكون تعيين من يدير الشركة منصوصا عليه في عقد تأسيس الشركة أو في
تعديل الحق لهذا العقد ،فيتفق الشركاء على شريك أو أكثر أو على شخص غير الشريك أو
أكثر إلدارة الشركة ويسمى المدير في هذه الحالة بالمدير االتفاقي أو المدير النظامي
والشرط الالزم في الحالتين رضاء جميع الشركاء ،ألن التعيين بالنسبة للمدير المعين بالعقد
()3
هو جزء من العقد فيجب رضاء جميع الشركاء به.
وقد يكون تعيين من يدير الشركة باتفاق مستقل من عقد تأسيس الشركة أوفي وقت
الحق ويسمى المدير في هذه الحالة بالمدير الغير اتفاقي ،أو الغير نظامي فيقع االختيار
على شريك أو أكثر إلدارة الشركة ،والشرط الالزم في الحالتين هو اجتماع الشركاء على
التعيين أو موافقتهم باألغلبية المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة ،وهذا ما جاء في
نص المادة 553من القانون التجاري أنه :تعود إدارة الشركة لكافة الشركاء ما لم يشترط
في القانون األساسي على خالف ذلك ،ويجوز أن يعين في القانون المشار إليه مدير أو
( )4
أكثر من الشركاء أو غير الشركاء أو ينص على هذا التعيين بموجب عقد الحق".
73
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1خالد إبراهيم التالحمة ،الوجيز في القانون التجاري ،الطبعة الثانية ،دار المعتز ،األردن ، 2006،ص .131
- 2خالد إبراهيم التالحمة ،المرجع نفسه ،ص .135
74
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وسنتطرق في هذا المطلب لمفهوم شركة التوصية البسيطة في الفرع األول ،ومن ثم
تأسيس شركة التوصية البسيطة في الفرع الثاني ثم نتطرق إلى كيفية إدارة شركة التوصية
البسيطة في الفرع الثالث.
الفرع األول :مفهوم شركة التوصية البسيطة
يعد استنباط المفاهيم واستخالص الظواهر من اختصاص أصيل للفقه الذي يستنبطها
من خالل تحليل ودراسة النصوص القانونية التي يسنها المشرع وذلك عن طريق اقتراح
تعريفات لهذه الظواهر التي منها يمكن استخالص المميزات والخصائص التي تمتاز بها هذه
ظاهرة وذلك من خالل ما يلي:
أوال :تعريف شركة التوصية البسيطة
لم يتعرض المشرع الجزائري في تعديله للقانون التجاري إلى تعريف شركة التوصية
البسيطة بخالف المشرع المصري الذي عرفها في المادة 23من القانون التجاري المصري
على أنها :الشركة التي تعقد بين شريك واحد وأكثر مسؤولين ومتضامنين ،كما عرفها
المشرع األردني في المادة 41من قانون الشركات األردني التي جاء فيها :تتألف شركة
التوصية البسيطة من الفئتين التاليتين من الشركاء وتدرج أسماء الشركاء في كل منهما في
()1
عقد الشركة.
كما تم تعريف شركة التوصية البسيطة بأنها عقد بين اثنين فأكثر يكون بعض الشركاء
منهم متضامنين يلتزم بتسديد ديون الشركة حسب حصصهم في أرس المال وأموالهم
()2
الخاصة ويكون البعض اآلخر مسؤولون بنسبة حصتهم في أرس مال الشركة.
-1إلياس ناصيف ،موسوعة -الشركات التجارية -شركة التوصية البسيطة -شركة المحاصة ،الجزء ال اربااع،
الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2011 ،ص .18
-2محمااد الكيالنااي ،الموسااوعة التجاريااة والمصاارفية -الشاركات التجاريااة ،الطبعااة األولااى ،دار الثقافااة للنشاار
األردن ، 2009 ،ص. 25 والتوزيع،
75
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وعليه فشركة التوصية البسيطة هي شركة من شركات األشخاص تجمع بين نوعين
من الشركاء هم شركاء متضامنين يكتسبون صفة التاجر ويسألون مسؤولية شخصية غير
محدودة عن ديون الشركة ،وتسند لهم مسؤولية إدارة الشركة أما الطائفة األخرى فهم الشركاء
الموصون والذين ال يسألون إال بقدر حصصهم عن ديون الشركة وتخصص لهم العضوية
في مجلس المراقبة.
ثانيا :خصائص شركة التوصية البسيطة
الشركة ذات التوصية البسيطة تشتمل كما سبق ذكره على نوعين من الشركاء شركاء
متضامنين وشركاء موصين وعليه فهي تمتاز بخصائص تميزها عن باقي الشركات األخرى
وتتمثل هذه الخصائص في:
-1المسئولية المحدودة للشريك الموصي
في هذ ه الشركة يسأل الشريك المتضامن مسئولية شخصية وتضامنية في كل أمواله
عن ديون الشركة ،أما النوع اآلخر من الشركاء وهم الشركاء الموصون منهم ال يسألون إال
في حدود ما قدموه من حصة ،وتكون المسئولية محدودة بقدر ما يملكه الشريك الموصي من
حصة في شركة التوصية ،ويترتب على ذلك أنه في حالة شهر إفالس الشركة فإنه يؤدي
بالتبعية إلى شهر إفالس الشركاء المتضامنين وال يؤدي إلى شهر إفالس الشركاء الموصين
لمحدودية مسئولية هؤالء الشركاء عن ديون الشركة ،ويجب على الشريك الموصى تقديم
حصته ،فإذا أخل بذلك كان لمدير الشركة بوصفه ممثلها القانوني أن يطالبه بتنفيذ التزامه،
كما أنه من حق دائني الشركة في هذه الحالة أن يطالبوه بذلك بموجب دعوى مباشرة على
أساس أن رأس مال الشركة هو الضمان العام لدائنيها ،كما أن التزام الشريك الموصى بتقديم
()1
حصته يعتبر عمالً تجاريا يخضع ألحكام القانون التجاري.
76
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-2عنوان الشركة
عنوان شركة التوصية البسيطة يتكون من أسماء الشركاء المتضامنين جميعا أو من
أحدهم أو أكثر مع إضافة ما يفيد وجود الشركة ،وال يدخل اسم الشريك الموصي في عنوان
الشركة حتى ال يوهم الغير بأنه شريك متضامن ويعتمد الغير على ذلك في منح ائتمانه
للشركة ،أما إذا وضع اسم الشريك الموصي في عنوان الشركة وكان يعلم بذلك ووافق كان
مسئوال في مواجهة الغير باعتباره شريكا متضامنا ومسؤوال عن ديون الشركة مسؤولية
شخصية في كل أمواله ،إذ يحق للغير الرجوع على الشريك الموصي في هذه الحالة في كل
أمواله وال يستطيع الدفع بالتجريد أو التقسيم ،ولكن في عالقة الشريك الموصي بباقي شركاء
الشركة يظل مسؤوال مسؤولية محدودة في حدود ما قدمه من حصة فإذا فرض وقام بدفع
الدين عن الشركة كان له الرجوع على باقي الشركاء باعتباره شريكا موصيا ،أما إذا وضع
اسمه في عنوان الشركة بدون علمه أو بعلمه ولكن دون رضاه وأعلن اعتراضه على ذلك
بشكل رسمي وأثبت ذلك فإنه يظل محتفظاً بصفته كشريك موصي سواء في مواجهة الغير
()1
أو بالنسبة إلى الشركاء.
-3عدم اكتساب الشريك الموصي صفة التاجر
يكتسب الشريك المتضامن صفة التاجر بمجرد إبرام عقد شركة التوصية البسيطة حتى
ولو لم يكن مكتسباً لهذه الصفة من قبل ،أما الشريك الموصي فهو ال يكتسب صفة التاجر
بانضمامه إلى الشركة إال إذا كان مكتسبا لهذه الصفة من قبل ،لكن مجرد انضمامه إلى
هذه الشركة ال يؤدي إلى اكتساب صفة التاجر ألنه ال يعتبر محترفا لألعمال التجارية وال
()2
يمارس األعمال باسمه وذلك على خالف الشركاء المتضامنين.
تبعا لذلك فإن شهر إفالس شركة التوصية البسيطة ال يؤدي إلى شهر إفالس الشركاء
الموصين ،إذ أن مسؤوليتهم عن ديون الشركة تقتصر على ما قدموه من حصص لذلك فإنه
77
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
يجوز للقصر واألشخاص الممنوعين من مباشرة التجارة قانونا أن يشتركوا كشركاء موصين
بذلك ال يمكن للشريك الموصي القيام بأي عمل تسيير ()1
في شركة التوصية البسيطة.
خارجي ولو بمقتضى وكالة ،وفي حالة مخالفة هذا المنع يتحمل الشريك الموصي بالتضامن
()2
مع الشركاء المتضامنين ديون الشركة و ا
التزماتها عن األعمال الممنوعة.
-4عدم جواز تنازل الشريك الموصى عن حصته
الشريك الموصي مثل الشريك المتضامن ال يجوز له التصرف والتنازل عن حصته
للغير دون موافقة جميع الشركاء ،غير أن ذلك ال يتعلق بالنظام العام ،لذلك يجوز االتفاق
في عقد الشركة على جواز انتقال حصة الشريك الموصي بقيود معينة بحيث ال يترتب على
هذا التنازل اإلخالل باالعتبار الشخصي الذي يجب أن يتوافر في الشريك الموصي
()3
أيضا.
الفرع الثاني :تأسيس شركة التوصية البسيطة
يعد تأسيس الشركة هو بمثابة اللبنة األولى التي توضع في بناء كيان اقتصادي
صغي ار كان أو كبير ،تتشابك حوله العالقات فيما بعد التأسيس من معامالت بين الشركة
وعمالئها وأخرى بين الشركة وموظفيها وداخل الكيان ذاته تنشأ عالقات فيما بين الشركاء
حول كيفية إدارة الشركة والتصرف في األرباح ونسب التوزيع ،فال بد من االهتمام بوضع
األساس السليم لهذا الكيان بما يحفظ حقوق الشركاء بالشركة ويحمي حقوق الكافة من
-1عاطف محمد الفقي ،الشركات التجارية في القانون المصري ،دار النهضة العربية ،مصر ،2008،ص.249
-2نسرين شريقي ،سلسلة مباحث في قانون الشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار بلقيس للنشر ،الجزائر،
،2013ص.55
- 3محمود مخطار أحمد بريري ،قانون المعامالت التجارية-الشركات التجارية -دار النهضة العربية ،مصر،
،2006ص.157
78
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
المتعاملين معها بتوثيق وشهر هذا النظام لدى جهة إدارية تكون هي األمينة على حفظ
()1
حقوق كل من ذكر.
يتميز عقد شركة التوصية البسيطة عن غيره من عقود الشركات التجارية األخرى
ببعض األحكام الخاصة وهي تعدد الشركاء ،تقديم الحصص ،نية المشاركة واقتسام األرباح
()2
والخسائر.
أوال :تعدد الشركاء
تنص المادة 416من القانون المدني على أنه :الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان
()3
طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر...
يفترض عقد الشااركة وجااود شخصااين فااأكثر ألن تاادخل عاادة أشااخاص ضااروري لتحقيااق
الغاارض االقتصااادي ماان العقااد وهااو جمااع األماوال وتحقيااق المشااروع المشااترك فااال يجااوز
لشااخص واحااد أن ينشاائ بمفاارده شااركة يخصااص لهااا جاازءا ماان أموالااه بحياث تكاون أموالااه
األخرى في مأمن من رجوع دائنااي الشااركة عليهااا لمنافاااة ذلااك لمباادأ وحاادة الذماة الااذي أعتنقااه
()4
التشريع اللبناني ومقتضاه أن أموال المدين جميعا ضامنة للوفاء بديونه.
ثانيا :تقديم الحصص
كاال شاريك مجباار بالمساااهمة فااي تكااوين أرس مااال الشااركة وذلااك بتقااديم الشاريك حصاة
وإال ال يعتبر شريكا ،كما أنه يجوز أن تكون حصة الشركاء متفاوتة.
- 1فااوزي عطااوي ،الشااركات التجاريااة فااي القاوانين الوضااعية والشاريعة اإلسااالمية ،الطبعااة األولااى ،منشااورات
الحقوقية ،لبنان ، 2005،ص .26 الحلبي
-2مصطفى كمال طه ،المرجع السابق ،ص .122
-3المادة 416من األمر رقم 58-75المؤرخ في 1975/09/26المتضمن القانون المدني ،جريدة رسمية
عدد 78لسنة .1975
-4مصطفى كمال طه ،المرجع نفسه ،ص .123
79
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1حصة نقدية
يقصد بها مشاركة الشريك بتقديم مبلغ من المال يكون ملزما بأدائه في الوقاات المحاادد
لدفعه حتى تستطيع الشركة أداء الغرض الذي أنشأت من أجله وهذا ما ورد في نص المادة
421من القانون المدني.
-2حصة عينية
يقاادم الشاريك حصااة عينيااة للشااركة والحصااة العينيااة هااي أي مااال مقاادم كاال ماان غياار
عقار.
ا النقود سواء كان منقوال أو
العقااار يكااون قطعااة أرض أو مبنااى كالمخااازن والمصااانع أمااا المنقااول يمكاان أن يكااون
ارع أو حاق مان حقااوق الملكيااة ماديااا كالبضااائع أو معنويااا كالمحاال التجاااري أو با ا
ارءة االختا ا
األدبيااة أو النقديااة وغيرهااا ،وتتمثاال الحصااص العينيااة فااي األماوال ماان غياار النقااود فتشاامل
األماوال العقاريااة كاااألرض والمباااني والمصااانع والمنشااأة وتقاادم الحصااة العينيااة للشااركة علااى
( )1
سبيل التمليك أو على سبيل االنتفاع.
وتنص المادة 422من القانون المدني على أنه :إذا كانت حصة الشريك حق ملكية
أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر فإن أحكام البيع هي التي تسري فيما يخص ضمان
الصحة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص.
-3حصة عمل
وفقا لما نصت عليه المادة 423من القانون المدني الجزائري المدني التي نصت إذا
كانت حصة الشريك عمال يقدمه للشركة وجب عليه أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها وأن
يقدم حسابا عما يكون قد كسبه من وقت قيام الشركة بمزاولته العمل الذي قدم كحصة لها.
وبالتالي يجوز للشريك بدال من أن يقدم حصة نقدية أو عينية أن يقدم عمله كحصة
في الشركة والعمل الذي يصح اعتباره في الشركة هو العمل الفني ،وتجدر اإلشارة إلى اآللية
-1محمااد حساان إسااماعيل ،الحمايااة القانونيااة لثبااات رأس المااال فااي شااركات األماوال السااعودية ،اإلدارة العامااة
للطباعة والنشر ،السعودية ،2002 ،ص .18
80
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
التي يتم تقويم حصة العمل المقدمة من قبل الشريك بحيث تقوم وفقا للفائدة التي تعود على
الشركة من عمل الشريك ،مع ضرورة التأكيد على أن هذه الحصة ال تدخل في تكوين أرس
المال وبالتالي ال تدخل في الضمان العام للدائنين لعدم إمكانية الحجز والتنفيذ عليها ،لذلك
يذهب البعض إلى القول بعدم جواز تكوين شركات تكون جميع الحصص فيها بالعمل بل
()1
البد من تقديم أنواع أخرى من الحصص النقدية أو الحصص العينية.
ثالثا :نية اإلشتراك
إردية تدفع الشركاء إلى التعاون فيما بينهم تعاونا
تعرف نية المشاركة أنها رغبة ا
إيجابيا وعلى قدم المساواة من أجل تحقيق أهداف الشركة ،ووفقا لما نصت عليه المادة
416من القانون المدني يستخلص منها أنه على الشركاء بذل الجهد والتعاون على تحقيق
الغرض الذي أنشأت من أجله الشركة والمتمثل في تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي
ذي منفعة مشتركة كما قد يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك ،ويقصد بنية المشاركة
إردتهم على توحيد جهودهم
أن يتوافر لدى الشركاء قصد االشتراك في الشركة وانعقاد ا
والتعاون فيما بينهم تعاونا واعيا وإيجابيا وعلى قدم المساواة لتحقيق الغرض المشترك الذي
()2
اإلشرف والرقابة على الشركة.
ا تكونت من أجله الشركة وذلك بطريق
رابعا :اقتسام األرباح وتحمل الخسائر
ويقصد به رغبة الشركاء في جني األرباح عن طريق استغالل مشروع الشركة وقابلية
كل شريك في تحمل نصيب من الخسائر الذي قد ينتج عن استغالل المشروع ويقصد
بالربح الربح المادي الذي يضيف قيما جديدة إلى ذمة الشركاء ،وهو ما يسمى بالربح
اإليجابي دون الربح السلبي الذي يقتصر مثال على توفير بعض النفقات أو على تفادي
بعض الخسائر ،إذ مثل هذا الربح ال يدخل في مفهوم الربح المقصود في الشركات ،وكيفية
تقسيم األرباح والخسائر تخضع إلى اتفاق الشركاء شريطة أال يدرج في العقد التأسيسي
81
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
للشركة إعفاء أحد الشركاء من األرباح أو إعفائه من الخسائر ويطلق على هذا الشرط إن
()1
وجد في عقد الشركة بشرط األسد.
الفرع الثالث :إدارة شركة التوصية البسيطة
يقوم بإدارة شركة التوصية البسيطة مدي ار أو أكثر ،سواء كان هذا المدير شريكا أو
غير شريك ،وقد يعين هذا المدير في عقد الشركة أو في تعديل الحق له فيكون مدي ار
اتفاقيا ،وقد يكون في اتفاق مستقل فيكون غير اتفاقي.
وينطبق على إدارة شركة التوصية البسيطة ما ذكرناه بخصوص إدارة شركة التضامن
من حيث تعيين المدير وعزله وتعدد المديرين وسلطاته ومسئوليته.
وشركة التوصية البسيطة تخضع لألحكام العامة في إدارتها بوجه عام ،لكن نظ ار
الختالف المركز القانوني لطائفتي الشركاء التي تتكون منها هذه الشركة ،فإن ذلك ينعكس
بالضرورة على إدارتها وطريقة تسييرها ،فإدارة شركة التوصية البسيطة تتم بواسطة مدير أو
أكثر ،ويجوز أن يكون المدير شريكا موصيا ،ويسري في تعيين المدير وعزله وتحديد
سلطاته نفس القواعد التي سبق أن ذكرناها في شركة التضامن لذا سنتعرض ألهم ما يميز
إدارة شركة التوصية البسيطة وهو حظر الشركاء الموصين من التصرف.
()2
يرى جانب من الفقه أن الحظر الذي نص عليه المشرع في هذه المادة يعود سببه إلى
أمرين:
األول :هو حماية الشركاء المتضامنين حتى ال يندفع الشركاء الموصون في قيام بتصرفات
من شأنها توريط الشركة في عمليات أو صفقات تفوق إمكانياتها المادية ،وهذا اعتمادا على
مسؤوليتهم المحدودة ،بينما يسأل عنها الشركاء المتضامنون بصفة مطلقة في أموالهم
الخاصة.
-1نادية فوضيل ،أحكام الشركة طبقا للقانون التجاري الجزائري -شركات األشخاص -المرجع السابق،
ص.40
-2مصطفى كمال طه ،المرجع السابق ،ص.130
82
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الثاني :حماية الغير حتى ال ينخدع في حقيقة مركز الشريك الموصي فيعتقد أنه شريك
متضامن ومسؤول مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة فيطمئن إلى مالءته المالية ،ويمنح
الشركة ائتمانا كبي ار ،ثم بعدها يفاجأ بأنه شريك موصي ال يسأل إال بقدر حصته.
ويقع حظر الشريك الموصي من إدارة شركة التوصية البسيطة على أعمال اإلدارة
الداخلية وهذا ما يفهم من النص التشريعي ،ذلك ألن الفقه والقضاء في فرنسا يميزان بين
هذين النوعين من أعمال اإلدارة ،فالمقصود بأعمال اإلدارة الخارجية :تلك التي تتطلب
تمثيل الشركة أمام الغير واتصال المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة
نظ ار لتعاقده باسم الشركة مع الغير ،ففي هذه الحالة يمتنع على الشريك الموصي أن يقوم
بمثل هذه األعمال حتى ولو كانت عملية واحدة ،أو كانت تلك األعمال قد قام بها بناء على
()1
توكيل من جانب الشركاء المتضامنين أو من مدير الشركة.
أما المقصود بأعمال اإلدارة الداخلية ،تلك األعمال التي تتصل بنشاط الشركة دون أن
يتطلب ذلك ظهور الشريك أمام الغير كممثل لها ،كاالطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها،
وإبداء الرأي في أعمالها والقيام بالرقابة ،أو توظيفه كمحاسب أو مدير فني أو مصفي متى
دخلت الشركة في دور التصفية ،وللشريك الموصي أن يستعمل حقه في هذه األعمال وال
يجوز أن يتضمن العقد التأسيسي شرطا يقضي بحرمان الشركاء الموصين من االطالع
على دفاتر ومستندات الشركة هذا ما قضت به المادة 563مكرر 6بقولها :للشركاء
الموصين ،الحق مرتين خالل السنة ،في االطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها وفي طرح
أسئلة كتابية حول تسيير الشركة ،وتكون اإلجابة عنها كتابيا أيضا.
أوال :حظر الشريك الموصي من إدارة الشركة
غير أن المشرع أورد حظ ار على الشريك الموصي فيما يتعلق بإدارة الشركة ،حيث ال
يجوز له القيام بعمل متعلقا بإدارة الشركة ولو بناء على توكيل ،أي يمتنع على الشريك
83
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الموصي أن يقوم بأي عمل يعتبر تدخال منه في إدارة الشركة ،في حين يجوز االتفاق على
تعيين شخص من غير الشركاء ليتولى إدارة الشركة ،حيث جاء في المادة 563مكرر 5من
القانون التجاري :ال يمكن للشريك الموصي أن يقوم بأي عمل تسيير خارجي ولو بمقتضى
وكالة وفي حالة مخالفة هذا المنع يتحمل الشريك الموصي بالتضامن مع الشركاء
المتضامنين ديون الشركة والتزاماتها المترتبة عن األعمال الممنوعة ويمكن أن يلتزم
بالتضامن بكل التزامات الشركة أو بعضها فقط حسب عدد أو أهمية هذه األعمال
()1
الممنوعة.
-1أسباب الحظر
إن الشريك الموصي مسؤول عن ديون الشركة في حدود حصته فقط لذلك يخشى من
أن يخاطر بأموال الشركة ويقوم بأعمال تضر بها ،حيث يخشى من اندفاعهم وتورطهم في
تصرفات قد تعرض أموال الشركة للضياع وكذلك حتى ال يتوهم الغير بأنهم شركاء
متضامنين ويتعامل مع الشركاء ويعطي لها ائتمانه على هذا األساس ،كما أن حرمان
الشريك الموصي من إدارة الشركة إنما يرجع إلى تاريخ ظهور هذا النوع من الشركات
وادارات التشريعات الحديثة االستمرار على هذا االعتبار التاريخي ،إذ كان الشريك الموصي
قديما يعمل في الخفاء نظ ار ألن معظم الشركاء الموصين كانوا من األشخاص الممنوع
()2
عليهم ممارسة التجارة.
ويرى جانب من الفقه أن الحظ ر الذي نص عليه المشرع في هذه المادة يعود سببه
إلى أمرين:
األول :هو حماية الشركاء المتضامنين حتى ال يندفع الشركاء الموصون في قيام بتصرفات
من شأنها توريط الشركة في عمليات أو صفقات تفوق إمكانياتها المادية ،وهذا اعتمادا على
84
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
مسؤوليتهم المحدودة ،بينما يسأل عنها الشركاء المتضامنون بصفة مطلقة في أموالهم
الخاصة.
الثاني :حماية الغير حتى ال ينخدع في حقيقة مركز الشريك الموصي فيعتقد أنه شريك
متضامن ومسؤول مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة فيطمئن إلى مالءته المالية ،ويمنح
الشركة ائتمانا كبي ار ،ثم بعدها يفاجأ بأنه شريك موصي ال يسأل إال بقدر حصته ،ويقع
خطر الشريك الموصي من إدارة شركة التوصية البسيطة على أعمال اإلدارة الداخلية وهذا
ما يفهم من النص التشريعي ،ذلك ألن الفقه والقضاء في فرنسا يميزان بين هذين النوعين
()1
من أعمال اإلدارة.
-2نطاق الحظر
قصر المشرع نطاق الحظر على أعمال اإلدارة الخارجية التي يتعامل فيها الشريك مع
الغير من خالل المعامالت والتصرفات القانونية ،أي التصرفات التي تقتضي تمثيل الشركة
أمام ال غير واتصال المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة فال يجوز له
أن يشتري أو يبيع أو يقترض باسم الشركة ،وال أن يوقع على أوراق تجارية.
أما أعمال اإلدارة الداخلية فله أن يقوم بها ألنها ال تقتضي تمثيل الشركة أمام الغير
مما يجيز للشريك الموصي مراقبة تصرفات المدير ومراجعة حسابات الشركة واإلطالع على
()2
المستندات والدفاتر وإبداء النصح والتوجيه للمديرين.
فالمقصود بأعمال اإلدارة الخارجية ،تلك التي تتطلب تمثيل الشركة أمام الغير واتصال
المدير بالجمهور في أعمال تجعل الشركة دائنة أو مدينة نظ ار لتعاقده باسم الشركة مع الغير
ففي هذه الحالة يمتنع على الشريك الموصي أن يقوم بمثل هذه األعمال حتى ولو كانت
85
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
عملية واحدة ،أو كانت تلك األعمال قد قام بها بناءا على توكيل من جانب الشركاء
المتضامنين أو من مدير الشركة.
()1
أما المقصود بأعمال اإلدارة الداخلية ،تلك األعمال التي تتصل بنشاط الشركة دون أن
يتطلب ذلك ظهور الشريك أمام الغير كممثل لها ،كاالطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها،
وإبداء الرأي في أعمالها والقيام بالرقابة ،أو توظيفه كمحاسب أو مدير فني أو مصفي متى
دخلت الشركة في دور التصفية ،وللشريك الموصي أن يستعمل حقه في هذه األعمال وال
يجوز أن يتضمن العقد التأسيسي شرطا يقضي بحرمان الشركاء الموصين من االطالع
على دفاتر ومستندات الشركة هذا ما نصت عليه المادة 563مكرر : 6للشركاء الموصين،
الحق مرتين خالل السنة ،في االطالع على دفاتر الشركة ومستنداتها وفي طرح أسئلة
()2
كتابية حول تسيير الشركة ،وتكون اإلجابة عنها كتابيا أيضا".
وللتمييز بين أعمال اإلدارة الداخلية وأعمال اإلدارة الخارجية مسألة واقع يفصل فيها
قاضي الموضوع ،ولقد رأى جانب من الفقه أن حماية الغير هذه ،قد تجاوزت الحدود
المعقولة ،فاإلدارة ال تدل بطبيعتها على أن المدير شريك متضامن ،حيث يجوز أن يكون
مدير شركة التوصية البسيطة أجنبيا أي غير شريك فيها وغير مسؤول إطالقا عن ديونها،
ومن ثم فمن باب أولى أن يعترف للشريك الموصي بحق اإلدارة ولقد انتقد هذا الرأي على
أساس أن الغير قد يخدع بسهولة في حقيقة الشريك الموصي ويعتبره شريكا متضامنا في
حين أن المدير إذا كان أجنبيا فال يصعب على الغير الوقوف على أمره ،وعلى أنه ليس
()3
بشريك عن طريق اإلطالع على عنوان الشركة الذي يوقع به العقد.
86
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ثانيا :التمييز بين مسؤولية الشريك الموصي أمام الغير ومسؤوليته أمام الشركاء
إن التمييز بين مسؤولية الشريك الموصي في مواجهة الغير تختلف عن تلك التي
تكون في مواجهة الشركاء.
بالنسبة لمسئوليته أمام الغير يسأل الشريك الموصي عن العمل الذي قام به أمام الغير
وما يترتب على هذا العمل أو األعمال كما لو كان شريكا متضامنا بينما يظل بالنسبة لباقي
األعمال شريكا موصيا ،أما لو تكررت هذه األعمال فإن الشريك الموصي يعتبر شريكا
متضامنا عن جميع ديون الشركة الناتجة عن تدخله وغير الناتجة عن تدخله فيما لو تبين
أن تكرار تصرفاته وجسامتها جعلت الغير يعتقد أنه شريك متضامن واعتمد على ذلك عند
التعاقد مع الشركة ،ومتى اعتبر الشريك الموصي شريكا متضامنا فإن أحكام الشريك
المتضامن تقع عليه.
أما بالنسبة لعالقة الشريك الموصي بغيره من الشركاء المتضامنين يتم التفرقة بين ما
إذا قام بهذا العمل بتوكيل منهم أو دون توكيل ،فإذا قام بهذا العمل بناءا على توكيل منهم،
فإنه يبقى شريكا موصيا في مواجهتهم ويرجع عليهم بما يكون قد دفعه من ديون الشركة
زائدا عن حصته.
وإذا كان الشريك الموصي قد قام بالعمل دون توكيل من الشركاء المتضامنين ولكن
من تلقاء نفسه فإن تصرفه ال يلزم الشركة ،ويعتبر مسؤوال شخصيا في مواجهة من تعاقد
87
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
معه وال يرجع الشريك الموصي على الشركة بما أوفى به نتيجة تصرفه إال وفقا ألحكام
()1
اإلثراء بال سبب وأحكام الفضالة.
88
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون الجزائري ،دار هومة ،الجزائر ،2003،ص. 23
89
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
للشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل بيان مفهومها في الفرع األول ،تأسيس الشركة
ذات المسؤولية المحدودة في الفرع الثاني ثم كيفية إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة في
الفرع الثالث.
الفرع األول :مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة
يتحدد مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل تعريفها ومن ثم إبراز أهم
خصائصها والتي من خالله تظهر األهمية االقتصادية لهذا النوع من الشركات التجارية .
أوال :تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة
عرفها المشرع الفرنسي بناءا على خصائصها في المادة 90من قانون الشركات
الفرنسي بالقول:
La société à responsabilité limitée est constituée entre deux ou plusieurs
personnes qui ne supportent les pertes que jusqu'à concurrence de leurs apports.
Lorsque la société à responsabilité limitée peut ne comporter qu'un seul
associé elle est dénommée "société unipersonnelle à responsabilité limitée".
Cet associé exerce les mêmes pouvoirs dévolus au gérant de la société
(conformément aux dispositions prévues par le présent livre.)1
وترجمة للفقرة أعاله عرفها على أنها شركة تتكون من شريكين أو عدة شركاء يتحملون
الخسائر في حدود حصصهم.
وعندما يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة شريك واحد فقط تسمى الشركة ذات
الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة.
هذا الشريك يمارس نفس الصالحيات المخولة لمدير الشركة وفقا ألحكام هذا الكتاب.
إن المستقرئ للمادة 90أعاله يالحظ أنها تتطابق مع المادة 564من القانون التجاري
الجزائري.
باإلضافة إلى أن المشرع الفرنسي حدد العدد األقصى للشركاء في الشركة ذات
المسؤولية المحدودة بخمسين شريك وفي حالة تعدى العدد هذا القدر للشركة مهلة عام
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص. 23
90
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
لتخفيض العدد وإال عدت شركة ذات أسهم ،وهو األمر الذي تبناه المشرع الجزائري أيضا
في نص المادة 590من القانون التجاري والتي كانت تنص على أن ال يتجاوز عدد
الشركاء عشرون وبموجب تعديل القانون التجاري بموجب القانون رقم 20 -15أصبح
()1
العدد األقصى خمسون شريك.
كما عرف المشرع الجزائري الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل خصائصها في
المادة 564من القانون التجاري كما يلي :تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من
شخص واحد أو عدة أشخاص ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما قدموا من حصص ،إذا
كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة طبقا للفقرة السابقة ال تضم إال شخصا
واحدا كشريك وحيد ،تسمى هذه الشركة " مؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية
المحدودة "… .وعنوان ا لشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء أو أكثر على
أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات " شركة ذات مسؤولية محدودة " أو
األحرف األولى منها أي ش .ذ.م.م وبيان رأسمالها".
()2
وبمقتضى هذا النص يكون المشرع الجزائري قد جمع بين الشركة ذات المسؤولية
المحدودة والشركة ذات الشخص الوحيد في نص واحد على اعتبار أنهما تشتركان في نفس
األحكام والخصائص ،مع وجود بعض الخصوصيات التي يقتضيها وجود الشريك الوحيد في
الشركة.
وقد عرفها األستاذ فوزي محمد سامي بأنها شركة تتألف من عدد من الشركاء غالبا
يكون محدد يسألون مسؤولية محدودة عان ديون الشركة والتزاماتها بقدر حصصهم في رأس
مالها ،وال يكتسبون صفة التاجر ،وتتمتع الشركة بالشخصية المعنوية وال يمكن جمع رأس
-1المادة 590من األمر رقم 59-75معدلة بموجب القانون رقم 20-15المؤرخ في ، 2015/12/30جريدة
رسمية عدد 71لسنة .2015
-2المادة 564من األمر رقم 59-75معدلة بالقانون رقم 27-96المؤرخ في ، 1996/12/09جريدة رسمية
عدد 77لسنة .1996
91
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
مالها عن طريق االكتتاب العام كما ال يمكن انتقال حصص الشركاء إال بموجب أحكام
()1
القانون.
وقد عرفها الدكتور محمد بهجت عبد هللا قايو بأنها :إحدى نوعيات الشركة ذات
المسؤولية المحدودة التي تؤسس بعمل إرادي من قبل شخص واحد طبيعي أو معنوي يسمى
بالشريك الوحيد ،وهو تخصص لمشروعها فردا من أمواله أو عند االقتضاء عمله وخبرته
وذلك بغية االستفادة مما ينتج عنها من أرباح وال يتحمل من خسائر المشروع إال في حدود
()2
قيمة ما قدمه له من حصص نقدية أو عينية".
ثانيا :خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة
من خالل التعريفات ال سابقة الذكر يمكن استخالص مجموعة من الخصائص التي
تمتاز بها الشركة ذات المسؤولية المحدودة وهي:
-1تقديم الحصص
وهو ما يصطلح عليه بالمساهمات ،تأخذ هذه المساهمات ثالثة أشكال :تقديم حصة
مالية والمتمثلة في النقود ،حصة عينية وتتمثل في العقارات والمنقوالت أو حصة بعمل،
غير أن المشكلة لم تكن مطروحة بالنسبة لحصة المال والحصة العينية ،لكنها كانت
مطروحة بالنسبة للحصة بالعمل ،والتي ال يعتبرها المشرع الجزائري كجزء من رأس مال
الشركة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وهو ما نصت عليه المادة 567مكرر من
القانون التجاري والتي نصت على أنه يمكن أن تكون المساهمة بتقديم عمل يتم تقدير قيمته
()3
المادية وما يخوله من أرباح ضمن القانون األساسي للشركة.
92
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
93
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
والشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ال يكتسب صفة التاجر بمجرد انضمامه
إلى الشركة بخالف ما هو عليه الحال لشركة التضامن ،ويشترط على الشريك أن يكون
اإلردة ويثبت هذا الرضا بمجرد التوقيع
رضاه صحيحا ،أي خال من أي عيب من عيوب ا
على العقد ،لذلك أوجب القانون أن يوقع الشريك على العقد بنفسه أو بواسطة وكيل يحمل
()1
وكالة تثبت هذا الغرض.
الجزئري يأخذ صفتين حيث يمكن أن ينشىء الشركة ذات
ا والشريك في التشريع
المسؤولية المحدودة إما أشخاص طبيعيون ،فيبرمون العقد بأنفسهم أو بواسطة وكالء يقدمون
سندا يثبت توكيلهم في إبارم العقد ،كما يجوز أن تؤسس الشركة من طرف الممثلين
القانونيين لألشخاص المعنوية.
()2
-3تحديد المسؤولية
ال يسأل الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عن ديون الشركة إال بقدر
حصته في رأس المال ،وهذه الخاصية هي أساس تسمية هذه الشركة وهي تسمح للشركاء
بتحديد مسؤوليتهم عن مخاطر المشروع دون حاجة إلى اللجوء إلى شكل شركة المساهمة
ومن ثم فهي تجعل الشريك في هذه الشركة في مركز يماثل مركز الشريك في شركة
المساهمة ،بيد أنه يالحظ أن مسؤولية الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذاتها عن ديونها
ليست محدودة ،بل هي مطلقة في جميع أموالها ،ولكن مسؤولية الشركاء فيها هي المحدودة
()3
بقدر حصة كل منهم في رأس المال.
94
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية الشركة المحدودة المسؤولية ،الجزء السادس ،الطبعة الثانية،
منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2010 ،ص.21
-2محمد الطاهر بلعساوي ،المرجع السابق ،ص .117
95
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
نصت على :أنه يحدد أرسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بحرية من طرف الشركاء
في القانون األساسي للشركة ويقسم إلى حصص ذات قيمة إسمية متساوية ويجب أن يشار
إلى أرسمال في جميع وثائق الشركة.
وإن كان قبل التعدي ينص على أن الحد األدنى هو 100.000دج ويقسم أرس المال
إلى حصص ذات قيمة إسمية متساوية قدرها 1000دج على األقل وذلك حسب نفس
()1
المادة.
أ -تكوين رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة
ينقسم أرس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى حصص متساوية القيمة وفي
هذا اإلطار نصت المادة 566من القانون التجاري المعدل المتمم على أنه...وينقسم إلى
حصص ذات قيمة إسمية متساوية ،والثابت وفق القواعد العامة للشركات التجارية أن
أرسمالها يتكون من حصص تختلف أنواعها مثلما سبق ذكره من حصص نقدية ،حصص
عينية أو حصص عمل.
-الحصة النقدية
هي مبلغ من النقود يقدمه الشريك كجزء من أرسمال الشركة حيث يجوز االكتتاب في
هذه الحصص بدفع قيمة خمس أرس المال التأسيسي ويدفع المبلغ الباقي على مرحلة أو
مرحل خالل خمسة سنوات من تاريخ تسجيل الشركة لدى السجل التجاري وهو ما
عدة ا
نصت عليه المادة 567من القانون التجاري والتي كانت تنص قبل التعديل أن االكتتاب في
الحصة النقدية يجب الوفاء بقيمتها كاملة أي االكتتاب بجميع الحصص.
وتجدر اإلشارة إلى أنه وفي جميع األحوال يجب أن تدفع الحصص كاملة قبل أي
اكتتاب لحصص نقدية جديدة وذلك تحت طائلة بطالن العملية استناد إلى نص المادة
3/567من القانون نفسه ،لتضيف الفقرة 4من المادة نفسها أن ...يسلم المال الناتج عن
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون الجزائري ،المرجع السابق ،ص .40
96
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
تسديد قيمة الحصص المودعة بمكتب التوثيق ،إلى مسير الشركة بعد قيدها بالسجل
()1
التجاري.
-الحصة العينية
قد ترد حصة الشريك على عين معينة فتتمثل في عقار أو محل تجاري أو وسيلة نقل
أو آلة أو بضاعة أو تنصب الحصة على حق االنتفاع ،وقد تم ذكر ذلك في نص المادة
567من القانون التجاري والتي أوجبت أن يقوم الشريك بالوفاء بها عند تأسيس الشركة مثل
ما هو الحال بالنسبة للحصة النقدية فال يجوز التعهد بتسليمها فيما بعد ويجب أن تكون
كاملة غير مثقلة بأعباء كأن تكون الحصة مرهونة يتعين بالنسبة لهذه الحصة التي تقدم في
الشركات التجارية أن يتم تقدير قيمتها لبيان مقدار الحصص االجتماعية أو األسهم في
الشركات المساهمة ،حيث أن المادة 568من القانون التجاري ،قد تعرضت لتقديم هذه
الحصة من طرف خبير مختص تعينه المحكمة أو يعين باتفاق أو بإجماع الشركاء ،على
أن تذكر قيمة هذه الحصة في تقرير ملحق بالقانون األساسي يحرره تحت مسؤولية
()2
الخبير.
وتجدر اإلشارة أن العبرة في تقويم الحصة هي بوقت العقد وال تأثير النخفاض أو
زيادة قيمتها الحقا ،بحيث ال يكون لمقدم الحصة العينية حق المطالبة بما حققته الحصة
نتيجة ارتفاع قيمتها ،وكذلك ال يجوز الرجوع عليه بالتعويض في حالة تغير الظروف
()3
االقتصادية التي تؤدي إلى نقص قيمة حصته طالما تم تقديرها وفقا للقانون.
حيث أن المشرع عمد إلى حماية الغير ذلك أن أرس مال هذا النوع من الشركات
يشكل الضمانة الوحيدة ،وعليه ال يجب أن يكون وهميا أو مبالغا في تقديره ،إضافة إلى
97
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
حماية الشريك مقدم الحصة العينية من أن يغبن في تقدير حصته أو أن يثرى على حساب
باقي الشركاء في حالة المبالغة في تقدير هذه الحصة ،بالتالي يلجأ أهل الخبرة لمندوب
الحصص لتحديد قيمة الحصص العينية واألصل أن يتم تعيين هذا المندوب بأمر من
المحكمة لتفادي أن يتم اللجوء إلى أشخاص للتواطئ معهم في تقدير القيمة الحقيقية لهذه
الحصص ،خاصة وأن مبدأ المساواة بين الشركاء أمر يكرس عموما في الشركات التجارية
ويبقى الشركاء حسب المادة 2/568من القانون التجاري مسؤولون بالتضامن ولمدة 5
سنوات تجاه الغير عن القيمة المقدرة للحصص ،مع المالحظة أن المسؤولية تنقضي إذا ما
كان الشريك جاهال لسوء التقدير ،ويجب أن تكون حصص الشركاء إسمية وال يمكن أن
تكون ممثلة في سندات قابلة للتحويل كما ورد في ذكره في المادة 569من القانون
التجاري.
()1
-حصة عمل
الجزئري في الحصص المكونة أ
لرس مال الشركة ذات المسؤولية ا استحدث المشرع
المحدودة ووسعها إلى حصة عمل حيث جعل إمكانية أن تكون حصة الشركاء في الشركة
غرر ما هو معمول به في التشريعات
ذات المسؤولية المحدودة تقديم عمل وذلك على ا
()2
المقارنة السيما التشريع الفرنسي الذي يعد المرجعية القانونية للمشرع الجزائري.
وينص المشرع في هذا الصدد في نص المادة 657مكرر من القانون التجاري على
ما يلي :يمكن أن تكون المساهمة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تقديم عمل تحدد
كيفيات تقدير قيمته وما يخوله من أرباح ضمن القانون األساسي للشركة وال يدخل في
تأسيس الشركة.
-1إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية الشركة المحدودة المسؤولية ،المرجع السابق ،ص.157
-2محمد بوراس " ،قراءة في تعديالت القانون التجاري الجزائري الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة"،
المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية ،العدد األول ،يونيو ،2016 ،تسمسيلت ،الجزائر ،2016 ،ص. 119
98
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1محمد أحمد محرز ،الوسيط في الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،2006 ،ص.507
-2إبراهيم سيد أحمد ،المرجع السابق ،ص . 111
99
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
100
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1نعناعة بوحفص جالب"،اإلطار التشريعي المنظم لمهنة ومسؤولية محافظ الحسابات في الشركات التجارية"،
المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية ،العدد ،2كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو، 2008،
ص. 201
- 2نسرين شريقي ،الشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار بلقيس ،الجزائر ، 2013،ص.25
-3عزيز العكيلي ،المرجع السابق ،ص .451
101
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ومن هنا تتضح أهمية االعتراف بالشركات ذات المسؤولية المحدودة ،ألن المشروعات
الفردية في أي دولة تعتبر كيان حيوي في االقتصاد الوطني والسماح للشخص الطبيعي
والمعنوي أن يؤسس مؤسسة الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة التي تعد مظهر
()3
للقضاء على الشركات الوهمية.
-3التسهيالت الضريبية
إن نظام الشركات ذات المسؤولية المحدودة يفصل العمل التجاري عن مالك الشركة
ومع ذلك يمكن للشخص أن يختار أن يعامل كشريك وذلك لتسهيل االلتزامات الضريبية في
هذه الحالة ،فإن الشركة ذات المسؤولية المحدودة ال يدفع عنها الضرائب ككيان مستقل
-1أحمااد البساايوني أبااو الااروس ،الموسااوعة التجاريااة الحديثااة ) التاااجر والشااركات والمحااال التجاريااة( ،الاادار
الجامعية ،مصر ،2003 ،ص .103
-2مصطفى كمال طه ،المرجع السابق ،ص .07
-3عبد الحميد الشواربي ،موسوعة الشركات التجارية ،الطبعة األولى ،منشأة المعارف ،مصر،2006،
ص.126
102
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
بذاتها ،ولكن األرباح توزع على الشركاء كما في الشركات الفردية ،كما أن قوانين الضرائب
الممنوحة للشركات الفردية تتميز بالسهولة والمرونة في النظام الضريبي المطبق سواء في
بنظام الضريبة الجزافية الوحيدة أو النظام الحقيقي.
كما يمكن اختيار أي من االمتيازات الضريبية التي تود الشركة أن تتمتع بها ،خاصة
في ظل االمتيازات التي تمنحها الدولة للشركات سواء في مجال االستثمار في إطار
الصندوق الوطني لدعم االستثمار أو في مجاالت أخرى.
ومما سبق يمكن القول إن أهم ما يميز الشركة ذات المسؤولية المحدودة أنها:
-تتمتع باسم يميزها عن باقي األشكال األخرى من الشركات،
-ال يتمتع الشريك فيها بصفة التاجر ،وال يخضع بذلك ألحكام التجار على عكس شركات
األشخاص مثل شركة التضامن،
-يتمتع الشركاء فيها بالحرية الكاملة في تحديد رأسمال األدنى بعدما كان محددا قانونا قبل
تعديل 2015با 100.000دينار جزائري،
-تحتوي الشركة على الحد األدنى للشركاء باثنين وعلى الحد األقصى بخمسين بعدما كان
األكثر)1(، قبل تعديل 2015محددا بعشرين شريكا على
()2
-يمكن أن يتنازل عن الحصص لصالح الورثة أو ألحد األشخاص من الخلف العام.
الفرع الثاني :تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة يخضع لمجموعة من الشروط العامة
والخاصة وهو ما نص عليه المشرع الجزائري مؤكدا على ضرورة توافر أركان العقد في
الشركة سواء تعلق األمر بعنصر الرضا الذي هو أساس فكرة التعاقد ،أو المحل الذي هو
1- Jean (A), Droit fiscal algérien, Office des Publication Universitaires, Alger, 1990,
p26.
-2مفلح عواد القضاة ،الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمؤسسة ذات الشخص الوحيد -دراسة مقارنة ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،1998 ،ص.65
103
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
مناط كل عقد مسمى أو غير مسمى ،كما يجب أن يتوفر سبب مشروع للتعاقد ،كما ينبغي
أن تتوفر أهلية للتعاقد باإلضافة إلى الشروط الموضوعية الخاصة سواء ما تعلق منها بتعدد
الشركاء أو من جهة وجود أرس المال الذي يتكون من الحصص التي يقدمها الشركاء وقصد
الحصول على األرباح التي تحققها الشركة نتيجة استثمارها نشاطا معينا أو تحمل الخسائر
جرء هذا االستثمار وكذلك وجود نية المشاركة التي تحمل الشركاء على
التي قد تحدث من ا
()1
الدخول في الشركة والتعاون فيما بينهم لتحقيق مشروعها.
وهو ما سبق الحديث عنه في خصائص الشركة ذات المسؤولية المحدودة لنكتفي
بالتطرق للشروط الشكلية لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
أوال :الرسمية في عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة
اشترط المشرع الجزائري أن يكون العقد التأسيسي ألي شركة على العموم رسميا ،حيث
نصت المادة 545من القانون التجاري على أنه ":تثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت
باطلة ،ال يقبل أي دليل إثبات بين الشركاء فيما يتجاوز أو يخالف مضمون عقد الشركة "
كما نصت المادة 418من القانون المدني على أنه ":يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا
وإال كان باطال "...باإلضافة إلى المادة 324مكرر 1من القانون المدني التي تنص على
أنه" :زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي ...يجب تحت طائلة
البطالن ،إثبات العقود المؤسسة أو المعدلة للشركة بعقد رسمي وتودع األموال الناتجة عن
()2
هذه العمليات لدى الضابط العمومي المحدد للعقد".
تظهر الحكمة التي يتوخاها المشرع من ضرورة إفراغ عقد الشركة في قالب رسمي هو
لفت نظر الشركاء إلى أهمية العمل القانوني ،ونتيجة لهذا العمل أنه سوف يخلق شخصا
معنويا الذي يتمتع بكيان مستقل بذاته لذلك يجب أن يكون عقد إنشاء الشخص المعنوي
مكتوبا.
104
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وقد اشترط المشرع أن يشتمل عقد الشركة على مجموعة من البيات اإللزامية وهي:
-1عنوان الشركة واسمها التجاري ،الذي يشمل اسم أحد الشركاء أو أكثرهم ويكون متبوعا
بكلمات "شركة ذات مسؤولية محدودة" أو األحرف األولى" ش.م.م،".
-2شكل الشركة ،من خالله يمكن معرفة نوع الشركة بأنها تتكون من شخص واحد أو عدة
أشخاص ،وأنها ذات مسؤولية محدودة وأسمائها،
-3مدتها التي ال يمكن أن تتجاوز 99سنة،
-4غرض الشركة ومقرها الرئيسي،
-5موضوع الشركة أي محل نشاطها الذي سوف تمارسه ،ويجب أن يكون محدد بدقة.
-6مبلغ رأسمالها ،الذي يتجلى من خالله الضمان العام بالنسبة للدائنين الذين سوف
يتعاملون مع الشركاء ،وكذلك الحصص العينية والنقدية المقدمة من قبلهم إلى الغير (،)1
-7بيان دقيق وموجز للحصص العينية التي قدمها الشركاء واألموال التي تمتلكها الشركة
من بعض الشركات أو من الغير مع ذكر أسمائهم وتقدير الخبير المعتمد لهذه الحصص
وما يقابلها من رأسمال (،)2
-8ذكر أسماء األشخاص المكلفون بإدارة الشركة سواء من بين الشركاء أو من الغير مع
ذكر محل إقامتهم،
-9كيفية توزيع األرباح والخسائر.
ثانيا :شهر عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة
بعد تدوين البيانات اإللزامية في العقد التأسيسي للشركة يجب تسجيل العقد لدى
السجل التجاري حتى يعلم بوجودها الغير ،ويكتسب الشركة الشخصية المعنوية وهذا ما
-1عباس مصطفى المصري ،تنظيم الشركات التجارية -شركات األشخاص -شركات األموال ،دار الجامعة
الجديدة ،مصر ، 2002،ص.13
-2سامية كسال "،المؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة" ،رسالة دكتوراه في القانون،
تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ، 2011،ص.383
105
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
نصت عليه المادة 549من القانون التجاري التي تنص علي أنه :ال تتمتع الشركة
بالشخصية المعنوية إال من تاريخ قيدها بالسجل التجاري ،وقبل إتمام هذا اإلجراء يكون
األشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم ،إال إذا
قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة ،فتعتبر
()1
التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها.
كما أن شهر الشركة يمتد إلى كل تعديل يط أر على عقد الشركة فال بد أن تقيد في
السجل التجاري حتى يمكن االحتجاج بها على الغير وتتمثل إجراءات الشهر عموما في:
-1إيداع ملخص العقد التأسيسي للشركة في السجل التجاري قصد قيده ،وهذا ما نصت
عليه المادة 548من القانون التجاري على أنه :يجب أن تودع العقود التأسيسية والعقود
المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري ،وينشر حسب األوضاع
الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات وإال كانت باطلة،
-2نشر ملخص العقد التأسيسي للشركة في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية،
-3نشر ملخص العقد التأسيسي للشركة في جريدة يومية يتم اختيارها من طرف الشركة،
باإلضافة إلى ذلك هناك شهر مستمر الذي يقضي به العرف التجاري الذي ينصب
على جميع األوراق والمطبوعات التي تصدرها الشركة والتي يجب أن تحمل هذه األوراق نوع
الشركة أي ذات المسؤولية المحدودة ال تتعدى إلى أموالهم الخاصة ،ويتضح أن الهدف من
()2
الشهر هو اإلعالم بحقيقة الشركة التي يريد التعامل معها.
الفرع الثالث :إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تناول المشرع الجزائري إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل وضع نظام
هيكلي إداري انطالقا من طبيعتها المختلطة كونها تقوم على االعتبار الشخصي الذي
يفترض وجود الثقة بين مؤسسي هذه الشركة ،فولى إدارتها لمدير أو أكثر ،ولكونها تقوم
106
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أيضا على االعتبار المالي الذي يقتضي تسيير هذه الشركة على النمط الذي تسير عليه
اإلشرف على أجهزة جماعية تشبه أجهزة شركة األموال.
شركات األموال لذا وزع الرقابة و ا
وقد منح المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة طريقتين لتعيين المدير فقد
يعين من قبل المؤسسين في العقد التأسيسي فيكون مدي ار نظاميا وإما أن يعين باتفاق الحق
لعقد الشركة وهو ما نصت عليه المادة 3/ 576من القانون التجاري فيكون هنا مدي ار غير
نظامي ،والمدير المعين غالبا يكون من بين الشركاء وممكن أن يكون أجنبيا عن الشركة
وهو ما نصت عليه المادة 1/576من القانون التجاري وقد يتم تعيين مدي ار واحدا للشركة
()1
أو أكثر.
أوال :تعيين مسير أو مسيري الشركة ذات المسؤولية المحدودة
لقد خول المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة سبيلين لتعيين مدير
الشركة فقد يقوم هؤالء بتعيين مدير واحد أو أكثر ويكون من بين الشركاء وهذا في العقد
التأسيسي للشركة ،كما قد يتم تعيين المدير أو المديرين في عقد الحق وهو ما نصت عليه
()2
المادة 576من القانون التجاري.
ثانيا :مسؤولية المسير أو المدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
يخضع مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة سواء كان شريكا أو من الغير
للمسؤولية التي يرتبها القانون في حالة ارتكابه أفعال يعاقب عليها القانون ويرتب عليها
()3
جزاءات ،وهي مسؤولية إما مدنية أو جنائية.
107
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
108
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كان مدي ار نظاميا أو غير نظامي إلى جمعية الشركاء على أنه يجوز عزل المدير بناء على
طلب الشركاء الممثلين ألكثر من نصف رأسمال الشركة ،كون السلطات في الشركة ذات
المسؤولية المحدودة مقسمة بين المدير أو مجلس اإلدارة إذا تعدد المديرين وبين جمعية
ويعتبر الغيا كل ()1
الشركاء ،حيث يستمد المدير سلطاته من الجمعية العامة للشركاء،
شرط مخالف لذلك ،وإذا تم عزل المدير بدون مبرر شرعي يحق له أن يطلب التعويض
()2
عن الضرر الذي لحقه.
المطلب الثاني :مفهوم شركة المساهمة وتحديد أجهزنها
تعتبر شركة المساهمة النموذج األمثل لشركات األموال فهي تهدف لتجميع األموال قصااد
القيام بمشروعات صناعية واقتصادية وهي أداة للتطور االقتصادي في العصر الحديث ،وقد
نما ا ا ا اات وتط ا ا ا ا ااورت بس ا ا ا ا اارعة بفض ا ا ا ا اال تجمي ا ا ا ا ااع رؤوس األم ا ا ا ا اوال وتركيزه ا ا ا ا ااا ف ا ا ا ا ااي قبض ا ا ا ا ااة
بع ااض األش ااخاص حت ااى ك ااادت تحتك اار المج ااال الص ااناعي والتج اااري للدول ااة والس اايطرة عل ااى
سياس ااتها ،لقيامه ااا وح اادها بالمش ااروعات الكب اارى الت ااي تتطل ااب رؤوس أما اوال ض ااخمة ،وه ااذا
ها ا ااو السا ا اابب الا ا ااذي أ دى با ا اابعض األنظما ا ااة ومنها ا ااا الا ا اادول ال أرسا ا اامالية التخا ا ااوف ما ا اان ها ا ااذه
الشركات ،ولذلك لم يتقاارر حريااة تأساايس شااركة المساااهمة إال فااي وقاات متااأخر وتأسساات أول
شااركات المساااهمة فااي فرنسااا لغاارض التجااارة مااع المسااتعمرات فااي عااام 1807أثناااء تاادوين
()3
القانون التجاري كانت تظهر بمظهر خطر واشترط تأسيسها تصريح مسبق من السلطات.
ولم يسمح بتأسيسها بحرية تامة إال أثناء الثورة الصناعية ،وتأخذ بعض التشريعات بمبدأ
الرقابة السابقة على تأسيس شركات المساهمة ومنها التشريع اإلنجليزي والتشريع األلماني،
ونظ ار لخطورة هذا النوع من الشركات على اقتصاد الدولة ،فقد انصبت عليها حركة التأميم
الشامل أو الجزئي وترتب على ذلك ظهور شركات القطاع العام ،التي تمتلكها الدولة
109
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
بمفردها أو تساهم فيها مع غيرها وهي شركات تتخذ جميعا شكل شركة مساهمة ،هذا وقد
أدخل المرسوم التشريعي 08-93المؤرخ سنة 1993تعديالت جوهرية على األحكام
وهو ما سوف نتعرف عليه في هذا ()1
المنظمة لشركة المساهمة في القانون التجاري،
المطلب الذي نتناول فيه للمسؤولية الجزائية لشركة المساهمة من خالل تحديد مفهوم شركة
المساهمة وهذا في الفرع األول ثم نتطرق لكيفية تأسيس شركة المساهمة في الفرع الثاني
وأخي ار طريقة إدارة شركة المساهمة في الفرع الثالث.
الفرع األول :مفهوم شركة المساهمة
إ ن الحديث عن مفهوم شركة المساهمة يقودنا حتما إلى تناول مختلف التعريفات التي قيلت
بشأن هذا الكيان التجاري ،والتي من خاللها يمكن إبراز أنواعها وأهم الخصائص التي تميزها
عن باقي أنواع الشركات األخرى ،وإن اشتركت معها في البعض منها ومن ثم تحديد
أنواعها.
أوال :تعريف شركة المساهمة
ندرج تعريف شركة المساهمة ضمن نطاقين األول تشريعي والثاني فقهي.
-1التعريف التشريعي لشركة المساهمة
لقد أخذت عدة تشريعات على عاتقها مسألة تعريف شركة المساهمة نذكر منها على
سبيل المثال:
أ -تعريف المشرع الجزائري
عرف المشرع الجزائري شركة المساهمة من خالل أحكام نص المادة 592من القانون
التجاري التي جاء فها ":شركة المساهمة هي الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى حصص،
وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم.
وال أن يقل عدد الشركاء من سبعة (.)07
-1إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية تأسيس الشركة المغفلة ،الجزء السابع ،الطبعة األولى ،منشورات
الحلبي الحقوقية ،لبنان ،2011 ،ص.57
110
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وال يطبق الشرط المذكور في المقطع 2أعاله على الشركات ذات رؤوس أموال
()1
عمومية".
ب -تعريف المشرع اإلماراتي
فيما يتعلق بالمشرع اإلماراتي فقد جاء بتعريفين :األول يخص شركة المساهمة العامة
بموجب أحكام المادة 105من القانون االتحادي رقم 2المتعلق بشأن الشركات التجارية في
دولة اإلمارات العربية المتحدة ،والثاني يخص شركة المساهمة الخاصة بموجب أحكام المادة
255من القانون نفسه كما يلي :
* تعريف شركة المساهمة العامة
شركة المساهمة العامة حسب نص المادة 105من القانون االتحادي رقم 2المتعلق
بشأن الشركات التجارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة هي الشركة التي ُيقسم رأسمالها
إلى أسهم متساوية القيمة وتكون قابلة للتداول ويكتتب المؤسسون بجزء من هذه األسهم بينما
ُيطرح باقي األسهم على الجمهور في اكتتاب عام ،وال يسأل المساهم فيها إال بقدر حصته
في رأس المال.
* تعريف شركة المساهمة الخاصة
شركة المساهمة الخاصة حسب نص المادة 255من القانون االتحادي رقم 2المتعلق
بشأن الشركات التجارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة هي الشركة التي ال يقل عدد
ويقسم رأسمالها إلى أسهم متساوية
المساهمين فيها عن اثنين وال يزيد على مائتي مساهم ُ
القيمة اإلسمية تدفع قيمتها بالكامل دون طرح أي منها في اكتتاب عام ،وذلك عن طريق
التوقيع على عقد تأسيس وااللتزام بأحكام هذا القانون فيما يتعلق بالتسجيل والتأسيس ،وال
()2
يسأل المساهم في الشركة إال في حدود ما يملكه من أسهم فيها.
ويستثني من الحد األعلى لعدد المساهمين المقرر بالبند ( )1من هذه المادة ما يأتي:
111
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أ -شركات المساهمة الخاصة القائمة وقت صدور هذا القانون ،وال يجوز لتلك الشركات
زيادة عدد مساهميها بعد العمل بأحكام هذا القانون،
ب -انتقال ملكية المساهم بطريق اإلرث أو بحكم قضائي بات.
وهناك استثناء من الحد األدنى لعدد المساهمين المقرر بالبند ( )1من هذه المادة ،إذ
يجوز لشخص واحد اعتباري تأسيس وتملك شركة مساهمة خاصة وال يسأل مالك رأس مال
الشركة عن التزاماتها إال بمقدار رأس المال الوارد بعقد تأسيسها ويجب أن يتبع اسم الشركة
عبارة "شركة الشخص الواحد مساهمة خاصة" ،وتسري عليه أحكام شركة المساهمة الخاصة
الواردة في هذا القانون فيما ال يتعارض مع طبيعتها.
ج -تعريف المشرع اللبناني
أورد المشرع اللبناني تعريف شركة المساهمة في أحكام المادة 59من قانون الشركات
اللبناني حيث جاء فيها ":شركة المساهمة هي الشركة التي يكون أرسمالها مقسما إلى أسهم
متساوية القيمة ،وقابلة للتداول ،وال يسأل المساهمون فيها إال بقدر حصصهم في أرس
المال.
-2التعريف الفقهي لشركة المساهمة
أماا الفقاه فقاد عرفهاا بأنها الشاركة الاتي يقسام رأسمالهاا إلى أساهم متسااوية القيماة
ويكاون لكل شاريك عادد مان األساهم ،ويتفااوت الشاركاء تفااوت كباي ار في عادد األساهم الاتي
()1
يمتلكونهاا وال يكون كل شريك مسؤوال إال في حدود األسهم التي يمتلكها.
ثانيا :خصائص شركة المساهمة
تمتاز شركة المساهمة بمجموعة من الخصائص تميزها عن غيرها من الشركات وإن
كانت في بعض األحيان تشترك في جزء منها مع شركات أخرى ،ولعل أهم هذه المميزات ما
يلي:
112
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1عبد الحكيم فوده ،شركات األموال والعقود التجارية ،دار الفكر الجامعي ،مصر،1998،ص.156
-2المادة 596من األمر رقم 59-75معدلة بالمرسوم التشريعي رقم 08-93المؤرخ في ، 1993/04/25
جريدة رسمية عدد 27لسنة .1993
113
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
رأسمالها حاتى يعلام الغير أنه يتعامال ماع شاركة المسااهمة والاتي تقادم الضامان العام المبااين
في رأسمالها وهو ما نصت عليه المادة 593من القانون التجاري .
باإلضاافة إلى ذلاك رتب القاانون عقوباة جزائياة لكل من يغفل إدراج اسم الشركة مع
ذكر محلهاا الرئيساي وبياان رأسمالها وهذا ما ورد في نص الماادة 833من القانون
التجاري.
()1
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون الج ازئري ،المرجع السابق ،ص 149
-2نادية محمد معوض ،الشركات التجارية ،دار النهضة العربية ،مصر ، 2001،ص.67
114
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
يعاقاب بغ ارماة ماان 20.000دج إلى 50.000دج شااركة المساااهمة والقااائمون بإرادتهااا
ومااديروها العاملون أو المسيرون الذين أغفلوا اإلشارة على العقود أو المستندات الصادر من
الشركة والمخصصاة للغير اسم الشركة مسبوقا أو متبوعا فو ار بالكلمات اآلتياة" :شاركات
المسااهمة ومكاان مركاز الشاركة وبيان رأسمالها".
()1
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ،المرجع السابق ،ص .150
-2فتيحة يوسف لعماري ،المرجع السابق ،ص .137
115
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ،المرجع السابق ،ص.169
-2عمار عمورة ،المرجع السابق ،ص.264
-3مبروك حسين ،القانون التجاري الجزائري ،الطبعة السادسة ،دار هومة للنشر ،الجزائر ،2008 ،ص.523
116
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كما يجب أن يكون الشركاء المؤسسين ممن اكتتبوا في رأس مال الشركة بحصة نقدية أو
()1
عينية وذلك ضمانا لجدية اهتمامهم بمشروع الشركة.
وفي حالة ما إذا فشل المؤسسون في تحقيق مشروع الشركة ،تزول الشخصية المعنوية
لها بأثر رجعي ونصت في هذا الصدد المادة 604الفقرة 2من القانون نفسه ":وإذا لم
تؤسس الشركة في أجل ستة أشهر ابتداء من تاريخ إيداع مشروع القانون األساسي بالمركز
الوطني للسجل التجاري ،جاز لكل مكتتب أن يطالب أمام القضاء بتعيين وكيل يكلف
()2
بسحب األموال إلعادتها للمكتتبين بعد خصم مصاريف التوزيع.
تثبت هذه الجمعية أن رأس المال مكتتب به تماما ،وأن مبلغ األسهم مستحق الدفع
وتبدي رأيها في المصادقة على القانون األساسي الذي ال يقبل التعديل إال بإجماع آراء
جميع المكتتبين ،وتعيين القائمين باإلدارة األوليين أو أعضاء مجلس المراقبة وتعيين واحد أو
أكثر من مندوبي الحسابات ،كما يجب أن يتضمن محضر الجلسة الخاص بالجمعية عند
االقتضاء إثبات قبول القائمين باإلدارة أو أعضاء مجلس المراقبة ومندوبي الحسابات
()3
ووظائفهم.
وعند إتمام هذه اإلجراءات تنشأ الشركة قانونا وتتكامل شخصيتها المعنوية فيجب
()4
شهرها وتثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت باطلة.
ثانيا :إجراءات التأسيس دون اللجوء العلني لإلدخار
سهل المشرع الجزائري تأسيس شركة المساهمة التي ال تلجأ لالدخار العلني ،حيث
أعفاها من بعض اإلجراءات ،وهذا راجع بالطبع لعدم الحاجة إلى حماية الجمهور واالدخار
العام في هذا النوع من الشركات ،إذ يقتصر االكتتاب فيها على المؤسسين فيها وحدهم،
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ،المرجع السابق ،ص.170
-2عمار عمورة ،المرجع السابق ،ص.265
-3المادة 600من األمر رقم ، 59-75معدلة بالمرسوم التشريعي رقم ، 08-93المرجع السابق.
-4نادية فوضيل ،المرجع نفسه ،ص.171
117
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وبخالف التأسيس باللجوء العلني لالدخار تثبت الدفعات عندما ال يتم اللجوء عالنية
لالدخار بمقتضى تصريح من مساهم أو أكثر في عقد توثيق بناء على تقديم قائمة
المساهمين المحتوية التي يدفعها كل مساهم.
ويشتمل القانون األساسي ،على تقدير الحصص العينية ،ويتم هذا التقدير بناءا على
تقرير ملحق بالقانون األساسي يعده مندوب الحصص تحت مسؤوليته ،وهو ما نصت عليه
المادة 607من القانون التجاري ،ويوقع المساهمون القانون األساسي إما بأنفسهم أو
بواسطة وكيل مزود بتفويض خاص ،بعد تصريح الموثق بالدفعات ،ويعين القائمون باإلدارة
األولون وأعضاء مجلس المراقبة األولون ومندوبو الحسابات األولون في القوانين األساسية،
هذا وال يجوز للشركة أن تباشر أعمالها إال ابتداء من تاريخ قيدها في السجل التجاري
()1
وشهرها.
ثالثا :آثار مخالفة إجراءات التأسيس
إن أهم اآلثار التي يخلفها عدم احترام إجراءات التأسيس هو البطالن ،وتكون شركة
المساهمة باطلة إذا تبين أن تأسيسها قد تم خالفا للشروط المقررة قانونا ويترتب على هذا
البطالن رغم وضع نظام الشركة وإفراغه في قالب رسمي ،ورغم قرار الجمعية التأسيسية
بالتصديق على النظام ،وعلى إجراءات التأسيس ،ورغم الترخيص الحكومي أو الوزاري في
البلدان التي تفرض هذا الترخيص ،ذلك أن الترخيص ال يزيل العيوب التي يتضمنها النظام
التأسيسي ،كما أن تصديق الجمعية العمومية على نظام وإجراءات التأسيس ال يمحو العيوب
والمخالفات التي تتخلل هذه اإلجراءات ،وتختلف آثار البطالن باختالف الشروط التي
حصل اإلخالل بها ،كما تختلف تبعا لألشخاص الذين يتمسكون به من الشركاء أو الغير،
وتقضي القواعد العامة بأن بطالن تأسيس الشركة يكون إما نسبيا أو مطلقا.
()2
118
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-1البطالن النسبي
ويكون هذا البطالن بسبب عيوب الرضا ،إذ تفترض عملية االكتتاب باألسهم بالرغم
من طابع النظام القانوني التي تخضع له الشركة المساهمة وجود الرضا الصحيح واألهلية
الكاملة لدى المكتتب ،فإذا كان رضاه معيبا بأحد عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو اإلكراه
أو االستغالل ،أو إذا كان فاقد األهلية ،فإن االكتتاب الحاصل منه يكون قابال لإلبطال،
وتطبق عليه القواعد العامة ،فال يجوز التمسك به إال من قبل الشريك الذي فسد رضاه أو
الشريك ناقص األهلية دون الشركاء المتعاقدون معه ،ويزول حق التمسك بالبطالن بتأييد
العقد من قبل الشريك صاحب هذا الحق تأييدا صريحا أو ضمنيا أو بمرور الزمن المحدد
()1
بعشر سنوات.
وبالرجوع إلى نص المادة 2/733من القانون التجاري فيما يخص الشركات ذات
المسؤولية المحدودة أو شركات المساهمة فإن البطالن ال يحصل من عيب في القبول وال
من فقد األهلية ،ما لم يشمل هذا الفقد كافة الشركاء المؤسسين ،...يفهم من هذا أن المشرع
استثنى شركات المساهمة وشركات المسؤولية المحدودة من البطالن الناتج عن عيوب
لما يقوم عليه هذا النوع من الشركات على االعتبار المالي،
اإلرادة أو فقد األهلية وهذا ّ
باإلضافة إلى اإلجراءات المعقدة في التأسيس والتي تستخدم في سبيلها أموال طائلة،
ويصرف فيها الكثير من الجهد ومن غير العدل أن يهدر كل هذا لعيب ناتج في اإلرادة.
()2
غير أنه في حالة شمل فقد األهلية كافة الشركاء المؤسسين ،وهو أمر نادر الوقوع فإن
البطالن النسبي سيلحق الشركة وتطبق عليه القواعد السالفة البيان ،وقد تضمنت المادة
738من القانون التجاري ما مفاده أنه في هذه الحالة ،وإذا كان التصحيح ممكنا ،فإنه
يجوز لكل شخص يهمه أمر بقاء الشركة أن ينذر الشخص الجدير بهذا اإلجراء إما بالقيام
بالتصحيح أو رفع دعوى البطالن في أجل 6أشهر تحت طائلة انقضاء الميعاد.
-1إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية – تأسيس الشركة المغفلة ،المرجع السابق ،ص.297
-2عمار عمورة ،المرجع السابق ،ص.269
119
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وينبغي إبالغ الشركة بهذا اإلنذار كما يمكن للشركة أو أحد الشركاء عرض على
المحكمة التي تتولى النظر في القضية في الميعاد المذكور ،كل إجراء من شأنه أن يزيل
مصلحة الغير خصوصا بشراء حقوقه في الشركة ،وفي هذا يسوغ للمحكمة إما أن تقضي
بالبطالن ،أو تقضي بما عرض عليها ،إذ تمت الموافقة على هذا مسبقا ضمن الشروط
( )1
المقررة لتعديالت القانون األساسي.
-2البطالن المطلق
يكون عقد الشركة باطال بطالنا مطلقا إذا كان موضوعه أو سببه غير مشروع أي
مخالف للنظام العام أو اآلداب وذلك طبقا للقواعد العامة) ،( 1ومن أمثلة ذلك كأن تكون
الشركة منشأة لإلتجار بالمواد المخدرة أو لتهريب المواد المحضر التعامل بها ،وما دام أن
البطالن هو بطالن مطلق ،فيجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به سواء أكان من الشركاء
أو من الغير ،السيما دائنو الشركة أو دائنو الشركاء الشخصيين ،كما يجوز للمحكمة أن
تقضي به من تلقاء نفسها ،وال يصحح هذا العقد باإلجازة أو بمرور الزمن إال أن دعوى
()2
البطالن تسقط بمرور خمسة عشر سنة من تاريخ العقد.
ويؤدي البطالن المطلق إلى زوال العقد بأثر رجعي ،هذا وقد ثار الخالف حول األثر
المترتب على بطالن عقد تأسيس الشركة اتجاه الغير وباألخص حول صحة التصرفات التي
تكون الشركة قد أجرتها قبل الحكم بالبطالن في سياق تعاملها مع الغير فهناك من يرى أن
بطالن العقد بطالن مطلقا لعدم مشروعية الموضوع أو السبب يقتضي بطالن وجود الشركة
على وجه قانوني ،ومن ثم بطالن تصرفاتها مع الغير ويعود للشركاء ،كما للغير حق
التمسك بهذا البطالن لرد المطالبة بتنفيذ االلتزامات التي يباشرها أحد الطرفين اتجاه اآلخر،
ولكن الرأي الراجح والذي يتفق مع العدالة يفرق بين ما إذا كان الغير حسن النية أو سيئ
النية أي بين ما إذا كان الغير جاهال بالغرض غير المشروع الذي قامت الشركة من أجله
120
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أو كان عالما به ،فإذا كان سيء النية جاز التذرع بالبطالن في مواجهته ،أما إذا كان حسن
النية فال يجوز ذلك إنما يحق للغير -أي دائني الشركة -أن يطالب الشركاء بتنفيذ العقد
()1
الذي أجروه معه إذا كان هذا العقد ال يستند بذاته إلى سبب غير مشروع.
وعلى ذلك إذا أنشئت شركة لتهريب المواد المخدرة بإب ارم عقد مع الغير -وقبل الحكم
ببطالنها -اشترت بموجبه سيارة استعملتها في تنفيذ غرضها غير المشروع دون أن يكون
للبائع علم بذلك ،فال يحق للشركاء التمسك ببطالن الشركة في مواجهة هذا البائع لدفع
مطالبته بثمن السيارة ،ألن العقد المبرم بين الشركة والبائع ال ينبئ بذاته بشيء غير مشروع
وال ينطوي سببه على ما يخالف النظام العام واآلداب ،وجدير بالبيان أن عقد الشركة ال
يحصل فيه البطالن إذا تضمن العقد شرطا من شروط األسد ،وهذا فيما يخص شركات
المساهمة وكذا الشركات ذات المسؤولية المحدودة هذا وإذا وقع اإلخالل في أحد األركان
الموضوعية الخاصة بتكوين عقد الشركة كشرط تقديم الحصص ،أو وجود نية االشتراك،
واقتسام األرباح ،والخسائر ،فيؤدي ذلك إلى انتفاء وجود الشركة لعدم توافر ركن من أركانها
الموضوعية الخاصة ،وهي نتيجة تتعدى في أثرها البطالن المطلق ،ولكن العقد الحاصل إذا
يصح إعطاؤه وصفا آخر ينطبق على حقيقته إذا توافرت فيه كان ال يعتبر عقد شركة فقد ّ
()2
أركان أحد العقود األخرى كأن يعتبر عقد قرض أو عمل.
الفرع الثالث :إدارة شركة المساهمة
إن تسيير شركة المساهمة يخضع لنظام يختلف عن ذلك الذي تخضع له باقي
الشركات التجارية األخرى ،وقد استحدثه المشرع الج ازئري بموجب المرسوم التشريعي رقم
08/93المؤرخ في 1993/04/27وهو ما يعرف بنظام مجلس اإلدارة ومجلس المراقبة
ومجلس المديرين ،باإلضافة إلى اإلدارة عن طريق جمعية المساهمين.
-1إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية – تأسيس الشركة المغفلة ،المرجع السابق ،ص.299
-2عزيز العكيلي ،المرجع السابق ،ص.63
121
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
122
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
اليوم الذي يقع فيه تعيينه مالكا للعدد المطلوب من األسهم أو إذا توقفت أثناء توكيله ملكيته
()1
لها فإنه يعتبر مستقيال تلقائيا إذا لم يصحح وضعيته في أجل ثالثة أشهر.
ثانيا :مجلس المديرين في شركة المساهمة
نصت المادة 643من القانون التجاري على أنه :يدير شركة المساهمة مجلس
مديرين يتكون من ثالث ( )3إلى خمسة ( )5أعضاء على األكثر.
ويمارس مجلس المديرين وظائفه تحت رقابة مجلس مراقبة.
يتمتع مجلس المديرين بالسلطات الواسعة للتصرف باسم الشركة في كل الظروف
ويمارس هذه السلطات في حدود موضوع الشركة مع مراعاة السلطات التي يخولها القانون
صراحة لمجلس المراقبة جمعيات المساهمين ،وتكون الشركة ملزمة في عالقاتها مع الغير
حتى بأعمال مجلس المديرين غير التابعة لموضوع الشركة ما لم يثبت أن الغير كان يعلم
أن العمل يتجاوز هذا الموضوع أو ال يمكنه تجاهله نظ ار للظروف كون نشر القانون
األساسي يكفي وحده لتأسيس هذه الهيئة ،وال يحتج على الغير بأحكام القانون األساسي التي
تحدد سلطات مجلس المديرين ،ويتداول مجلس المديرين ويتخذ ق ارراته حسب الشروط التي
يحددها القانون األساسي ،ويمثل رئيس مجلس المديرين الشركة في عالقاتها مع الغير ،غير
أنه يجوز أن يؤهل القانون األساسي مجلس المراقبة لمنح نفس سلطة التمثيل لعضو أو عدة
أعضاء آخرين في مجلس المديرين ،وال يحتج على الغير بأحكام القانون األساسي التي
تحدد سلطة تمثيل الشركة ،وال تمنح مهمة رئيس مجلس المديرين لصاحبها سلطة إدارة
()2
أوسع من تلك التي منحت لألعضاء اآلخرين في مجلس المديرين.
ثالثا :مجلس المراقبة في شركة المساهمة
إن ضخامة رأس مال شركة المساهمة من جهة وكثرة نشاطها من جهة أخرى فضال عن
العدد الهائل من المساهمين ،وانصرافهم عن حضور الجمعيات العامة جعل من الصعب بما
- 1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ،المرجع السابق ،ص.272
-2محمد أحمد محرز ،الوسيط في الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر ،2006 ،ص .257
123
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كان ضمان عدم انحراف اإلدارة فكان البد من خلق جهاز رقابي لحماية الشركة والمساهمين
()1
يدعى مجلس المراقبة.
تنص المادة 657من القانون التجاري على أنه :يتكون مجلس المراقبة من سبعة ()7
أعضاء على األقل ،ومن اثني عشر عضوا ( )12على األكثر.
وأضافت المادة 658من القانون التجاري على أنه :وخالفا للمادة 657من القانون
التجاري يمكن تجاوز عدد األعضاء المقدر باثني عشر عضوا حتى يعادل العدد اإلجمالي
ألعضاء مجلس المراقبة الممارسين منذ أكثر من ستة أشهر في الشركات المدمجة وذلك
دون أن يتجاوز العدد اإلجمالي أربع وعشرين 24عضوا.
وتنتخب الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة العادية ،أعضاء مجلس المراقبة
ويمكن إعادة انتخابهم ما لم ينص القانون األساسي على خالف ذلك.
وتحدد فترة وظائفهم بموجب القانون األساسي دون أن تتجاوز ست 6سنوات في حالة
التعيين من الجمعية العامة ،ودون تجاوز ثالث 3سنوات في حالة التعيين بموجب القانون
األساسي ،غير أنه يمكن في حالة الدمج أو االنفصال أن يتم التعيين من الجمعية العامة
غير العادية ويمكن أن تعزلهم الجمعية العامة العدية في أي وقت ،ويتكون مجلس المراقبة
من أشخاص طبيعيين ومعنويين ،وإذا تم تعيين شخص معنوي في مجلس المراقبة فيجب
عليه أن يعين ممثال دائما له يخضع لنفس الشروط وااللتزامات ويتحمل نفس المسؤوليات
الجزائية والمدنية كما لو كان عضوا باسمه الخاص ،دون المساس بالمسؤولية التضامنية
للشخص المعنوي الذي يمثله ،وإذا عزل الشخص المعنوي ممثله وجب عليه استخالفه في
الوقت نفسه ،وال يمكن لشخص طبيعي االنتماء في نفس الوقت إلى أكثر من خمسة مجالس
مراقبة لشركات مساهمة التي يكون مقرها في الجزائر.
()2
124
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
كما أنه ال يمكن ألي عضو من مجلس المراقبة االنتماء إلى مجلس المديرين ويجب
على أعضاء مجلس المراقبة أن يحوزوا أسهم الضمانات الخاصة بتسييرهم حسب الشروط
التي سبق التطرق لها والخاصة بامتالك مجلس اإلدارة لعدد من األسهم ويسهر مندوب
الحسابات تحت مسؤوليته على مراعاة هذه األحكام ،ويشير في تقريره للجمعية العامة على
()1
كل خرق لهذه األحكام.
ويجوز لمجلس المراقبة بين جلستين عاميتين ،أن يسعى في التعيينات المؤقتة وذلك
في حالة شغور منصب عضو واحد أو أكثر إثر وفاة أو استقالة ،وإذا أصبح عدد أعضاء
مجلس المراقبة أقل من الحد األدنى القانوني ،وجب على مجلس المديرين أن يستدعي فو ار
الجمعية العامة العادية لالنعقاد إلتمام عدد األعضاء في مجلس المراقبة ،وإذا أصبح عدد
أعضاء مجلس المراقبة أقل من الحد األدنى المنصوص عليه في القانون األساسي دون أن
يقل عن الحد األدنى القانوني ،وجب على مجلس المراقبة أن يسعى في التعيينات المؤقتة
إلتمام العدد في أجل ثالثة أشهر ابتداء من اليوم الذي حصل فيه الشغور وتعرض
التعيينات التي يقوم بها المجلس على الجمعية العامة العادية المقبلة لتصادق عليها ،وعند
عدم المصادقة تعتبر صحيحة كل المداوالت والتصرفات التي وقعت سابقا من قبل المجلس،
وإذا أهمل المجلس القيام بالتعيينات المطلوبة أو إذا لم تستدع الجمعية العامة جاز لكل
معني أن يطلب من القضاء تعيين وكيل يكلف باستدعاء الجمعية العامة إلجراء التعيينات
والمصادقة عليها ،وينتخب مجلس المراقبة على مستواه رئيسا يتولى استدعاء المجلس وإدارة
()2
المناقشات ،وتعادل مدة مهمة الرئيس مدة مهمة مجلس المراقبة.
رابعا :جمعيات المساهمين في شركة المساهمة
نص المشرع الجزائري في جمعيات المساهمين على جمعية عامة عادية وجمعية عامة
غير عادية.
125
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
126
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
االستعجال أن تأمر بناءا على طلب المساهم الذي رفض طلبه الشركة بتبليغ هذه الوثائق
تحت طائلة اإلكراه المالي.
()1
127
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
عنها ،ولكل سهم صوت على األقل ،وفي جميع األحوال ال يجوز أن يزيد عدد األسهم التي
يحملها المساهم على نسبة % 5من العدد اإلجمالي ألسهم الشركة ،ويجوز أن يحدد
القانون األساسي عدد األصوات التي يحوزها كل مساهم في الجمعيات بشرط أن يفرض هذا
التحديد على جميع األسهم دون تمييز فئة أخرى وتبت ق اررات الجمعية العامة بأغلبية
األصوات المعبر عنها ،وال تؤخذ األوراق البيضاء بعين االعتبار إذا أجريت العملية عن
()1
طريق االقتراع.
هـ -سلطة الجمعية العامة العادية
تتمتع الجمعية العامة العادية بسلطات واسعة ،فيحق لها اتخاذ جميع الق اررات التي
تتعلق بإدارة الشركة باستثناء صالحية تعديل القانون األساسي ،إذ هو من اختصاص
()2
الجمعية العامة غير العادية.
-2الجمعية العامة غير العادية
تقوم الجمعية العامة غير العادية بتعديل القانون األساسي أو تعديل رأسمال الشركة
سواء بزيادته أو تخفيضه.
أ -تعديل القانون األساسي
نصت المادة 674من القانون التجاري على أنه :تختص الجمعية العامة غير العادية
وحدها بصالحية تعديل القانون األساسي في كل أحكامه ،ويعتبر كل شرط مخالف لذلك
كأن لم يكن.
غير أن حق الجمعية العامة غير العادية في تعديل القانون األساسي ليس مطلقا ،بل
يرد عليه استثناءان وهما:
-ال يجوز للجمعية العامة غير العادية رفع التزامات المساهمين،
128
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-ال يجوز للجمعية العامة غير العادية تغيير غرض الشركة األصلي ألن هذا التعديل يعد
بمثابة خلق شركة جديدة.
()1
129
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ألسباب رفع أرس المال ،وتكون األسهم المكتتب فيها نقدا واجبة الوفاء إجباريا عند االكتتاب
بنسبة الربع على األقل من قيمتها اإلسمية وعند االقتضاء بكامل عالوة اإلصدار ،ويثبت
عقد االكتتاب ببطاقة اكتتاب ،وتتم العملية عن طريق البنوك المعتمدة ويتمتع المساهمون
مزحمة المساهمين
القدامى بحق األفضلية في االكتتاب في زيادة أرس المال حماية لهم من ا
الجدد خاصة إذا كان لدى الشركة احتياطي ضخم ويعتبر كل شرط مخالف لذلك كأن لم
()1
يكن.
أما فيما يتعلق باألسهم المقدمة العينية ،فإنه يعين واحد أو أكثر من المندوبين
بقرر قضائي بناء على طلب رئيس مجلس اإلدارة أو
المكلفين بتقدير الحصص العينية ا
متيازت الخاصة تحت مسؤولية هؤالء
مجلس المديرين ،ويتم تقدير الحصص العينية واال ا
المندوبين.
-زيادة أرس المال بتحويل السندات إلى أسهم
وقد تتم عملية الزيادة في أرس المال عن طريق تحويل السندات إلى أسهم فتتخلص
الشركة من ديونها وينقلب أصحاب السندات من دائنين إلى شركاء في الشركة والبد في هذا
التحويل من موافقة أصحاب السندات إذا لم يكن هذا التحويل ملحوظا عند إصدارها.
-تخفيض رأسمال الشركة
تلجأ شركة المساهمة إلى تخفيض رأسمالها في حالة ما إذا كان زائدا عن حاجاتها
ويخفض أيضا إذا طرأت عليها خسارة ،على أن تراعي في قرار التخفيض حقوق الغير
وتقوم بذلك من خالل تخفيض قيمة األسهم بإعادة جزء من قيمة األسهم للمساهمين أو
إعفائهم من الوفاء بالجزء المتبقي من قيمة األسهم إذا لم تكن قد استوفيت وفي حالة ما إذا
طرأت خسارة على الشركة يخفض رأس المال ،بإلغاء جزء من الثمن المدفوع يوازي مبلغ
الخسارة ،أو تخفيض عدد األسهم بإلغاء نسبة من أسهم الشركة كسهم من كل أربعة أسهم
-1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون التجاري الجزائري ،المرجع السابق ،ص .303
130
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وبذلك يصبح كل مالك ألربعة أسهم مالكا لثالثة فقط ،وكل مالك لعشرين سهما مالكا
لخمسة عشر سهما ،وإما شراء الشركة لبعض أسهمها من البورصة وبذلك ينتقص رأس
()1
مالها وتعدم الشركة هذه األسهم.
ج -شروط صحة الق اررات
تختلف إجراءات الدعوة لالنعقاد في الجمعية العامة غير العادية عنها في الجمعية
العامة العادية ،غير أنه نظ ار ألهمية الق اررات التي تتخذها الجمعية العامة غير العادية
قر ارت
قيدها المشرع بإجراءات أشد من إجراءات الجمعية العامة العادية ،فال يصح تداول ا
الجمعية العامة العادية إال إذا كان عدد المساهمين الحاضرين أو الممثلين يملكون النصف
على األقل من األسهم في الدعوة األولى وعلى ربع األسهم ذات الحق في التصويت أثناء
الدعوة الثانية ،فإذا لم يكتمل هذا النصاب األخير ،جاز تأجيل اجتماع الجمعية الثانية إلى
شهرين على األكثر وذلك من يوم استدعائها لالجتماع مع بقاء النصاب المطلوب هو الربع
دائما ،وتبت الجمعية العامة فيما يعرض عليها بأغلبية ثلثي األصوات المعبر عنها على أنه
()2
ال تأخذ األوراق البيضاء بعين االعتبار إذا ما أجريت العملية عن طريق االقتراع.
131
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
132
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
األركان التي ينص عليها القانون ،واألصل العام في الجريمة هو إثبات أركانها الثالثة:
الركن الشرعي ،وه و خضوع السلوك المحظور لنص قانوني يجرمه صراحة ،الركن المادي
وهو السلوك اإلجرامي والنتيجة اإلجرامية والعالقة السببية بينهما والركن المعنوي وهو اتجاه
إرادة الممثل الشرعي للشركة التجارية الرتكاب الجريمة لحساب الشركة مع علمه بأن الفعل
مجرم.
أما عن الشرط الثاني لقيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية هو ارتكاب الفعل
لحساب الشركة التجارية ،فال تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي والشركة التجارية إال
إذا ارتكبت األفعال غير المشروعة لحسابها ولم يوضح المشرع الجزائري مفهوم مصطلح
لحسابه ولكن يقصد بعبارة لحسابه أن الشركة التجارية ال تسأل إال عن األفعال التي يتم
تحقيقها لمصلحتها أو لفائدتها ،كتقديم رشوة لحصول الشركة على صفقة.
-تجدر اإلشارة إلى أنه ال تقوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية إال بوجود نص قانوني
صريح يجرم الفعل بالنسبة للشركة التجارية باإلضافة إلى شرط ارتكاب الفعل لحساب
الشركة وقد أشار المشرع الجزائري لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب
نص المادة 51مكرر من قانون العقوبات ،التي جاء فيها أن الشخص المعنوي يكون محال
للمساءلة الجزائية عندما ينص القانون على ذلك ،حيث جاء فيها ":باستثناء الدولة
والجماعات المحلية واألشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام ،يكون الشخص المعنوي
مسؤوال جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته وممثليه الشرعيين عندما
ينص القانون على ذلك ،وبالتالي فيعتبر نص المادة 51مكرر من قانون العقوبات النص
المجسد لمبدأ الشرعية بالنسبة لألشخاص المعنوية وبالتبعية الشركات التجارية.
-وتجدر اإلشارة إلى أن قانون العقوبات الجزائري تطرق للجرائم التي يعاقب عليها الشخص
المعنوي وبالتبعية الشركة التجارية في الجزء الثاني من قانون العقوبات في الكتاب الثالث
المعنون بالجنايات والجنح وعقوباتها في بابه األول في الجنايات والجنح ضد الشيء
العمومي من خالل الفصل األول المعنون بالجنايات والجنح ضد أمن الدولة وذلك بموجب
133
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
نص المادة 96مكرر ،وفي الفصل الخامس المعنون بالجنايات والجنح التي يرتكبها
األشخاص ضد النظام العمومي بموجب نص المادة 175مكرر ،والفصل السادس تحت
عنوان الجنايات والجنح ضد األمن العمومي في القسم األول المتضمن جرائم تكوين
جمعيات األشرار ومساعدة المجرمين السيما المادة 177مكرر ،1والفصل السابع في
التزوير بموجب نص المادة 253مكرر السيما تزوير النقود في القسم األول منه ،تقليد
أختام الدولة والدمغات والطوابع والعالمات في القسم الثاني ،تزوير المحررات العمومية أو
الرسمية في القسم الثالث ،التزوير في المحررات العرفية أو التجارية أو المصرفية في القيم
الرابع ،التزوير في بعض الوثائق اإلدارية والشهادات في القسم الخامس ،شهادة الزور
واليمين الكاذبة في القسم السابع ،انتحال الوظائف واأللقاب أو األسماء أو إساءة استعمالها
في القسم الثامن ،وفي الباب الثاني المعنون بالجنايات والجنح ضد األفراد في الفصل األول
في الجنايات والجنح ضد األشخاص من خالل القسم الثالث في القتل الخطأ والجرح الخطأ،
والقسم ال اربع في االعتداء الواقع على الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف ،والقسم
الخامس في االعتداءات على شرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم الخاصة وإفشاء
األسرار بموجب نص المادة 303مكرر 3والقتل الخطأ والجرح الخطأ واالعتداء على
الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف واالعتداءات على الشرف واعتبار األشخاص وعلى
األسرر ،باإلضافة إلى الفصل الثالث في الجنايات والجنح ضد
ا حياتهم الخاصة وإفشاء
األموال من خالل القسم األول في السرقات وابتزاز األموال ،والقسم الثاني في النصب
وإصدار شيك بدون رصيد والقسم الثالث في خيانة األمانة ،والقسم الرابع في التفليس والقسم
الخامس في التعدي على األمالك العقارية ،والقسم السادس مكرر في تبييض األموال،
والقسم السابع مكرر المساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات ،والقسم الثامن في الهدم
والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل ،والكتاب الثالث في الباب
الرابع تحت عنوان الغش في بيع السلع والتدليس في المواد الغذائية والطبية.
134
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
أما فيما يتعلق بنصوص القوانين الخاصة فقد جرم المشرع الجزائري األفعال التي
ترتكبها الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا من خالل نصوص خاصة منها المادة
25من القانون رقم 18-04المؤرخ في 25ديسمبر سنة 2004المتعلق بالوقاية من
المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واالتجار غير المشروعين بها ،المادة 53من
القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير سنة 2006المتعلق بالوقاية من الفساد
ومكافحته ،المادة 32من القانون رقم 01-05المؤرخ في 06فبراير 2005المتعلق
بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما ،المادة 303من قانون الضرائب
المباشرة والرسوم المماثلة ،والمادة 24من قانون مكافحة التهريب.
-وباإلضافة إلى الشروط المتعلقة بالجريمة ،البد من توفر شروط أخرى الستكمال قابلية
الشخص المعنوي للمساءلة الج ازئية والمتمثلة في الشروط المتعلقة بالفاعل ،وهي أن ترتكب
الجريمة من طرف الممثلين الشرعيين للشركة أي من قبل أجهزة الشركة وأن تكون الشركة
خاضعة ألحكام القانون الخاص.
وقد استثنى المشرع الجزائري بموجب نص المادة 51مكرر من قانون العقوبات
األشخاص التي ال يمكن مسائ لتها جزائيا وهي الدولة والجماعات المحلية واألشخاص
المعنوية الخاضعة للقانون العام وتكون مسؤولة األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون
الخاص ،وال يمكن مسائلة األشخاص المعنوية التي تخضع ألحكام قانونية مختلطة.
-أما عن الشرط الثاني المتعلق بالفاعل هو ارتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشركة أو
من طرف ممثلها الشرعي فال تكون الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا محال للمساءلة
الجزائية إال إذا تم ارتكاب الفعل المجرم من طرف إحدى أجهزتها أو من طرف ممثلها
الشرعي.
وال يمكن اعتبار جميع األشخاص الطبيعيين العاملين في الشركة التجارية من بين
ممثليها الشرعيين أو أجهزتها لذلك ينبغي البحث عن مدلول الممثل الشرعي وعن أجهزة
الشركة حسب طبيعة الشركة ونظامها القانوني ،ويقصد بالممثلين الشرعيين ،األشخاص
135
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
الطبيعيون الذين لهم السلطة القانونية أو االتفاقية التي مصدرها عقد أو نظام تأسيس
الشخص المعنوي ،في التصرف باسم الشخص المعنوي مثل المسير في الشركة ذات
المسؤولية المحدودة رئيس مجلس اإلدارة والمدير العام ،والممثلين القضائيين الذين يوكل
إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية ألحد األشخاص المعنوية كتعيين المصفي
مثال كذلك المدير المؤقت ومن يمثل الشخص المعنوي أمام القضاء وكل عضو يباشر
مهمة عامة بواسطة الوكالة أو التفويض لتمثيل الشخص المعنوي كمستخدم البنك الذي له
صفة في التوقيع على العقود التي تبرم مع العمالء.
وللبحث عن أجهزة الشركة التجارية ينبغي البحث في النظام القانوني للشركات
التجارية التي نظمها األمر رقم 59 -75المؤرخ في 26سبتمبر 1975المعدل والمتمم
المتضمن القانون التجاري الذي نظم خمس أنواع من الشركات التجارية وهي شركة
التضامن ،الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،شركة المساهمة وشركة التوصية البسيطة.
وبالتالي فإن الشركات التجارية تتباين فيها المسؤولية الجزائية ،بتباين أنواعها واختالف
تمثيلها.
والشركات التجارية تقسم إلى شركات أشخاص (شركة التضامن وشركة التوصية
البسيطة) وشركات أموال ( الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،وشركة المساهمة).
-أما عن شركة التضامن فلم يعرفها المشرع الجزائري وهي الشركة التي تتكون بين شريكين
فأكثر يسأل فيها الشريك عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة ،ولذا فهي
تسمى بأسماء الشركاء كما أن الشركاء جميعا في هذا النوع من الشركة يكتسب بمجرد
انضمامه للشركة صفة التاجر ،وأن حصة الشريك غير قابلة لالنتقال للغير أو لورثة الشريك
المتوفى ،ويسأل الشريك في شركة التضامن عن ديون الشركة مسئولية شخصية كما لو أنه
دين شخصي على الشريك ومسؤولية الشركاء تضامنية ،أما عن إدارة شركة التضامن فقد
نص المشرع في القانون التجاري على إدارة شركة التضامن عن طريق جميع الشركاء إذا لم
يشترط على خالف ذلك في القانون األساسي ،أو مدير الشركة أو أكثر ،الذي يلتزم بق اررات
136
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
وتوجيهات مجلس الشركاء الذي يتخذ الق ار ارت المتعلقة بالشركة ويخضع أحيانا لمراقبة
مفتشي الحسابات ،ومن خالل تقويم نشاط الشركة يتم توزيع األرباح والخسائر على
الشركاء ،وفي حالة تعدد المديرين يجب على كل شريك منهم التقيد باالختصاص الذي
خوله له القانون ،وال يجوز ألحد التدخل في اآلخر هذا ما نصت عليه المادة 2/ 554من
القانون التجاري ،وعند تعدد المديرين يتمتع كل واحد منهم منفردا بالسلطات المنصوص
عليها في الفقرة الثانية المتقدمة.
-أما عن شركة التوصية البسيطة فلم يعرفها المشرع الجزائري وعرفها الفقه أنها عقد بين
اثنين فأكثر يكون بعض الشركاء منهم متضامنين يلتزم بتسديد ديون الشركة حسب
حصصهم في أرس المال وأموالهم الخاصة ويكون البعض اآلخر مسؤولون بنسبة حصتهم
في أرس مال الشركة وقد نصت المادة 563مكرر من القانون التجاري على أن شركة
ال توصية البسيطة تخضع لنفس األحكام التي تخضع لها شركة التضامن مع مراعاة أحكام
المواد من 563مكرر 1إلى 563مكرر 10من القانون نفسه.
ويقوم بإدارة شركة التوصية البسيطة مدي ار أو أكثر ،سواء كان هذا المدير شريكا أو
غير شريك ،وقد يعين هذا المدير في عقد الشركة أو في تعديل الحق له فيكون مدي ار
اتفاقيا ،وقد يكون في اتفاق مستقل فيكون غير اتفاقي وينطبق على إدارة شركة التوصية
البسيطة بخصوص إدارة شركة التضامن من حيث تعيين المدير وعزله وتعدد المديرين
وسلطاته ومسؤوليته وشركة التوصية البسيطة تخضع لألحكام العامة في إدارتها بوجه عام،
لكن نظ ار الختالف المركز القانوني لطائفتي الشركاء التي تتكون منها هذه الشركة ،فإن ذلك
ينعكس بالضرورة على إدارتها وطريقة تسييرها ،فإدارة شركة التوصية البسيطة تتم بواسطة
مدير أو أكثر ،ويجوز أن يكون المدير شريكا موصيا ،ويسري في تعيين المدير وعزله
وتحديد سلطاته نفس قواعد إدارة شركة التضامن وما يميز إدارة شركة التوصية البسيطة وهو
حظر الشركاء الموصين من التصرف.
137
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
-أما عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة فقد عرفها المشرع الجزائري من خالل ذكره
لخصائصها بنص المادة 564من القانون التجاري التي جاء فيها :تؤسس الشركة ذات
المسؤولية المحدودة من شخص واحد أو عدة أشخاص ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما
قدموا من حصص ،إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤسسة طبقا للفقرة السابقة،
ال تضم إال شخصا واحدا كشريك وحيد ،تسمى هذه الشركة "مؤسسة ذات الشخص الوحيد
وذات المسؤولية المحدودة … .وعنوان ا لشركة يمكن أن يشتمل على اسم واحد من الشركاء
أو أكثر على أن تكون هذه التسمية مسبوقة أو متبوعة بكلمات ،شركة ذات مسؤولية
محدودة أو األحرف األولى منها أي ش.م.م وبيان رأسمالها.
وقد تطرق المشرع الجزائري إلدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خالل وضع
نظام هيكلي إداري انطالقا من طبيعتها المختلطة كونها تقوم على االعتبار الشخصي الذي
يفترض وجود الثقة بين مؤسسي هذه الشركة ،فولى إدارتها لمدير أو أكثر ،ولكونها تقوم
أيضا على االعتبار المالي الذي يقتضي تسيير هذه الشركة على النمط الذي تسيير عليه
اإلشرف على أجهزة جماعية تشبه أجهزة شركة األموال.
شركات األموال لذا وزع الرقابة و ا
وقد منح المشرع لمؤسسي الشركة ذات المسؤولية المحدودة طريقتين لتعيين المدير فقد
يعين من قبل المؤسسين في العقد التأسيسي فيكون مدي ار نظاميا وإما أن يعين باتفاق الحق
لعقد الشركة فيكون هنا مدي ار غير نظامي ،والمدير المعين غالبا يكون من بين الشركاء
وممكن أن يكون أجنبيا عن الشركة وقد يتم تعيين مدي ار واحدا للشركة أو أكثر.
-أما عن شركة المساهمة فقد عرفها المشرع الجزائري من خالل نص المادة 592من
القانون التجاري التي جاء فيها :شركة المساهمة هي الشركة التي ينقسم رأسمالها إلى
حصص ،وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم وال يقل عدد الشركاء
من سبعة ( )07وال يطبق الشرط المتعلق بعدد الشركاء على الشركات ذات رؤوس أموال
عمومية.
138
اإلطارالقانوني للمسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب األول
ويخضع تسيير شركة المساهمة يخضع لنظام يختلف عن ذلك الذي تخضع له باقي
الشركات التجارية األخرى ،وقد استحدثه المشرع الجزائري بموجب المرسوم التنفيذي
،08/93المؤرخ في 1993/04/25وهو ما يعرف بنظام مجلس اإلدارة ومجلس المراقبة
ومجلس المديرين ،باإلضافة إلى اإلدارة عن طريق جمعية المساهمين.
139
الباب الثاني:
النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية
للشركات التجارية
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
140
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 2013/03/21في الملف رقم 786372عن الغرفة الجنائية ،
المجلة القضائية لسنة 2013العدد ، 02ص .351
141
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
142
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1أحمد شوقي الشلقاني ،مبااادئ اإلجاراءات الجزائيااة فااي التشاريع الج ازئااري ،الطبعااة الثالثااة ،الجاازء الثاااني ،دياوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2003 ،ص.355
-2الغوثي بن ملحة ،القانون القضائي الجزائري ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 1989،
ص.6
-3المادة 65مكرر 01من األمر رقم 155-66أضيفت بالقانون رقم 14-04المؤرخ في ، 2004/11/10
جريدة رسمية عدد 71لسنة .2004
143
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1جالل ثااروت ،نظاام اإلجاراءات الجنائيااة -القاعاادة اإلجرائيااة – الاادعوى العموميااة – الاادعوى المدنيااة التابعااة –
الخصومة الجنائية ( بدأ الخصومة – سير الخصومة – انتهاء الخصااومة – الطعاان فااي األحكااام) ،دار الجامعااة
الجديدة ،مصر ،2003ص.315
-2أحمد شوقي الشلقاني ،المرجع السابق ،ص .359
144
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
لدى المجرم حالة االعتياد على ارتكاب الفعل ذاته ،كجريمة التحريض على الفساد يعود
االختصاص بشأنها للمحكمة التي وقع في دائرتها عمل من أعمال االعتياد أو التتابع.
أما الجرائم السلبية هي التي تقوم على أساس االمتناع عن القيام بفعل فرضه القانون
يعود االختصاص بشأنها للمحكمة التي يقع في دائرتها فعل االمتناع.
()1
حيث أنه لكل شركة مقر هو بالنسبة إليها كمحل إقامة بالنسبة للشخص الطبيعي وهي
تختار هذا المقر ،من أهم مميزاته أنه يجب تحديده في القانون األساسي ،ويجب أن يكون
مثبت بموجب عقد إيجار محل تجاري أو عقد إيجار مقر اجتماعي محرر من قبل الموثق،
مقر الشركة يمثل المكان الذي يطلع فيه الشركاء غير المديرين على وثائق الشركة كما
يمثل المكان الذي تجتمع فيه عادة الجمعيات العامة ومكان إتمام اإلجراءات المتعلقة
بالسجل التجاري إضافة إلى أنه يحدد القانون الواجب التطبيق ويحدد الجهة القضائية
المختصة بفض النزاعات المتعلقة بالشركات ،إذن مقر الشركة له دور إجرائي يتحدد من
خالله االختصاص المحلي.
145
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
التي أنشئت بالقانون المعروف با loi de Perben IIفي سنة 2004والتي تعرف اختصا ار
با JIRS :أنيطت بهذه المحاكم مهمة مكافحة الجريمة المنظمة والجنح المالية.
وقد تناول المشرع الجزائري االختصاص اإلقليمي الموسع من خالل عدة نصوص ال
سيما القانون رقم 14 -04المؤرخ في 2004/11/10المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات
الجزائية في خطوة اعتبرت سابقة من نوعها في القانون الجزائري ،أين خطى بموجبها
القضاء نحو التخصص في المعالجة القضائية لطائفة من الجرائم وذلك لعدة عوامل تمثلت
أساسا في تعقيد مالبسات وأساليب ارتكابها وخروجها عن طابع الجريمة الكالسيكية.
-1جمال محمود الحموي وأحمد عبد الرحيم عودة ،المرجع السابق ،ص .79
146
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
147
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وسطيف وسكيكدة وعنابة وقالمة وبرج بوعريريج والطارف والوادي وخنشلة وسوق أهراس
(،)1
وميلة
ج -يمتد االختصاص المحلي لمحكمة ورقلة ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى
(،)2
محاكم المجالس القضائية لا :ورقلة وأدرار وتمنراست وإليزي وتندوف وغرداية
د -يمتد االختصاص المحلي لمحكمة وهران ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق بها إلى
محاكم المجالس القضائية لا :وهران وبشار وتلمسان وتيارت وسعيدة وسيدي بلعباس
ومستغانم ومعسكر والبيض وتيسمسيلت والنعامة وعين تموشنت وغليزان.
()3
-1المادتين 02و 03من المرسوم التنفيذي رقم 348 – 06المؤرخ في 2006/10/05المتضمن تمديد
االختصاص المحلي لبعض المحاكم ووكالء الجمهورية وقضاة التحقيق ،جريدة رسمية عدد 63لسنة .2006
-2المادة 04من المرسوم التنفيذي رقم ، 348 - 06المرجع نفسه.
-3المادة 05من المرسوم التنفيذي رقم ،348 - 06المرجع نفسه.
148
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1المادة 104من قانون اإلجراءات الجبائية مضافة بالقانون رقم 16-11المؤرخ في 2011/12/28
المتضمن المالية لسنة ،2012جريدة رسمية عدد 72لسنة .2011
-2المادة 804من القانون رقم 09-08المؤرخ في 2008/02/25المتضمن قانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية ،جريدة رسمية عدد 21لسنة .2008
-3المادة 15من القانون رقم 04-09المؤرخ في 2009/08/05المتعلق بقواعد الوقاية من الجرائم المتصلة
بتكنولوجيات اإلعالم واالتصال ومكافحتها ،جريدة رسمية عدد 47لسنة .2009
149
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
خارج اإلقليم الوطني ،أو يكون ارتكب فعال من األفعال المكونة ألحد أركان الجريمة داخل
()1
اإلقليم الجزائري حتى وإن كانت األفعال األخرى قد تم ارتكابها في بلدان أخرى.
من خالل النصوص سالفة الذكر يمكن القول أن األصل المحاكم تختص إقليميا
بالجرائم التي ترتكب داخل اإلقليم الوطني وحسب اختصاص كل جهة قضائية ،غير أنه
يمكن أن تكون مختصة إقليميا في معالجة الجرائم التي ترتكب خارج اإلقليم الوطني نظ ار
للخطورة التي تشكلها هذه الجرائم عل األمن القومي ،مما يستوجب التصدي لها بشتى
()2
الطرق.
ثانيا :قاعدة االختصاص النوعي
يعرف االختصاص النوعي على أنه سلطة جهة قضائية معينة للفصل دون سواها في
دعاوي معينة ،أي يتم تحديد االختصاص النوعي بالنظر إلى موضوع الدعوى وطبيعة
النزاع ،والمبدأ العام أن قواعد االختصاص النوعي متعلقة بالنظام العام ،أي ال يجوز االتفاق
()3
على مخالفتها ،ويثيرها القاضي من تلقاء نفسه وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى.
وتتمثل الوظيفة األساسية لقواعد االختصاص النوعي في توزيع القضايا على مختلف
درجات الجهات القضائية ،المحاكم ،المجالس القضائية ،والمحكمة العليا ،فالمحكمة هي
صاحبة االختصاص العام فيما يعرض عليها من خصومة وتفصل فيها بحكم ابتدائي قابل
لالستئناف أمام المجلس القضائي ،أما المحكمة العليا فتعتبر الجهة القضائية التي تقوم
()4
بالرقابة الالحقة على األحكام الصادرة عن جميع الجهات القضائية األخرى.
150
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وفي المادة الجزائية يتوزع االختصاص النوعي على الجهات القضائية حسب نوع
الجريمة إما مخالفة تعرض على قسم المخالفات أو جنحة تعرض على قسم الجنح وكليهما
()1
بالمحكمة ،أو جناية ويؤول االختصاص للنظر في الدعوى لمحكمة الجنايات.
-1االختصاص النوعي في الجنح والمخالفات
تختص المحكمة بالنظر في الجنح والمخالفات ،التي قد ترتكبها الشركة التجارية
بواسطة أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ولحسابها ،وبالتالي يجب احترام جميع اإلجراءات
()2
القانونية التي تتماشى وطبيعة الشخص المعنوي.
وقد نصت المادة 328من قانون اإلجراءات الجزائية على ما يلي :تختص المحكمة
بالنظر في الجنح والمخالفات.
وتعد جنحا تلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالحبس من مدة تزيد على شهرين
إلى خمس سنوات أو بغرامة أكثر من 20.000دج وذلك فيما عدا االستثناءات المنصوص
عليها في قوانين خاصة.
وتعد مخالفات تلك الج ارئم التي يعاقب عليها القانون بالحبس شهرين فأقل أو بغرامة
20.000دج فأقل ،سواء كانت ثمة مصادرة لألشياء المضبوطة أم لم تكن ومهما بلغت
قيمة تلك األشياء.
وبذلك يتم متابعة الشركة التجارية على ارتكابها المخالفة أو الجنحة التي يعاقب عليها
القانون وفق أحكام قانون العقوبات والقوانين المكملة له ،وعليه يتم محاكمة الشركة في قسم
الجنح سواء كانت نتيجة المتابعة باإلدانة أو البراءة ،وفي حالة اإلدانة يمكن استئناف حكم
اإلدانة على مستوى المجلس من طرف الشركة التجارية ،وإذا تم تأييد الحكم على مستوى
151
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المجلس القضائي يمكن الطعن بالنقض على مستوى المحكمة العليا ،وهو ما سنتطرق إليه
()1
في حينه.
-2االختصاص النوعي في الجنايات
تختص محكمة الجنايات بالنظر في الجنايات التي يتم ارتكابها من قبل الشركة
التجارية باعتبارها شخص معنوي والجنح والمخالفات المرتبطة بها ،ولقد كرس المشرع
الجزائري مبدأ التقاضي على درجتين على مستوى محكمة الجنايات متأخرا ،فالقضاء
الجنائي في الجزائر لم يطبق مبدأ التقاضي على درجتين في الجنايات حتى تاريخ شهر
مارس 2017بإنشاء محكمة جنايات استئنافية إلى جانب محكمة الجنايات االبتدائية ،مما
يكرس ألول مرة في محكمة الجنايات، جعل استئناف األحكام الفاصلة في الموضوع
اإلجراء الذي كان غائبا قبل التعديل الحاصل ،فقد كان يسمح فقط باستئناف أوامر قاضي
التحقيق أمام غرفة االتهام دون الحكم الفاصل في الموضوع.
وقد تم تبرير عدم االستئناف في مواد الجنايات في السابق بعدة أسباب ،منها العيوب
التي تعتري قاعدة التقاضي على درجتين التي تؤدي إلى إطالة أمد النزاع وتزيد التكاليف.
كما أن وجود درجتين للتحقيق في مواد الجنايات يعوض التقاضي على درجتين
()2
باإلضافة إلى كون التشكيلة الشعبية لمحكمة الجنايات تجعل من الحكم ال يقبل أي طعن.
وقد انتقد جل القانونيين عدم تطبيق االستئناف في مواد الجنايات ،منطلقين من كونه
مكرس في الجنح والمخالفات التي هي جرائم أقل خطورة من الجنايات ،وغائب في أخطر
الجرائم تصنيفا التي هي الجنايات ،وهو ما أدى بالمشرع إلى إعادة النظر في هذه القاعدة
في إطار التعديل األخير ،متجها إلى إقرار االستئناف في الجنايات ،حيث أصبحت أحكام
152
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
محكمة الجنايات قابلة لالستئناف أمام محكمة الجنايات االستئنافية ،ولقد انعقدت أول دورة
لمحكمة الجنايات االستئنافية في شهر ديسمبر من سنة .2017
كما ورد في التعديل أن لالستئناف أثر ناقل للدعوى ،حيث يعاد طرح الدعوى أمام
محكمة الجنايات االستئنافية بنفس نطاقها الذي نظرت فيه محكمة الجنايات االبتدائية ،بما
يحمله هذا النطاق من عناصر قانونية وواقعية ،فكل ما تملكه محكمة الدرجة األولى
()1
تستطيع كذلك محكمة االستئناف التصدي له.
ثالثا :قاعدة االختصاص الزمني
من خالل االختصاص الزمني يمكن تحديد ما إذا كان بإمكان الجهات القضائية
متابعة الشركة التجارية بصفتها شخص معنوي على ارتكابها للجريمة ،أم أن الجريمة
المرتكبة قد مسها التقادم ،وهو ما يعرف بتقادم الدعوى العمومية ،ويقصد بتقادم الدعوى
العمومية عدم استعمال تلك الدعوى أو انقطاع هذا االستعمال خالل مدة زمنية محددة من
تاريخ ارتكاب الجريمة أو من تاريخ االنقطاع والذي يترتب عليه انقضاء الدعوى العمومية
فال يجوز للنيابة العامة أو المدعي المدني تحريكها أو رفعها ومن ثمة تظل الجريمة التي
تقادمت دعواها دون عقاب ،وفي حالة رفعها أمام محكمة الموضوع فتقرر تقادمها من تلقاء
نفسها لتعلق التقادم بالنظام العام ،وقد أخذ المشرع الجزائري بمبدأ تدرج مدد التقادم حسب
وصفها ،فالوصف يؤثر فقط على مدة التقادم الذي لم يحدد له ميعادا واحدا ثابتا ،وهذا ما
نصت عليه المواد ،08 ،07و 09من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،والتي حددت
مدة التقادم في الجنايات بانقضاء عشر ( )10سنوات كاملة وفي مواد الجنح بانقضاء ثالث
( )3سنوات كاملة ،وفي مواد المخالفات بانقضاء ( )2سنتين كاملتين ،ووضع لهذه القاعدة
استثناء نص عليه في المادة 08مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية ،وذلك بعدم إخضاع
نوع معين من الجرائم للتقادم مع األخذ بعين االعتبار القانون رقم 01-06المتعلق بالوقاية
153
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
من الفساد ومكافحته الذي وضع أحكام مخالفة ،وهذا ما نصت عليه المادة 3/54منه،
وبدء سريان التقادم له عالقة بيوم اقتراف الجريمة أو بوقوع النتيجة باعتبارها مكملة لعناصر
الجريمة وقد يتراخى بدأه لسن معين يبلغه الضحية وهو ما نصت عليه المادة 08مكرر01
من قانون اإلجراءات الجزائية ،وتقادم الدعوى العمومية يعد من القوانين الشكلية ومن ثم
تطبق القوانين بشأنها فور صدورها حتى على الجرائم التي ارتكبت قبل صدور القانون
الجديد على شرط أن ال يكون التقادم قد تحقق عند بدأ سريان القانون الجديد ألنه يصبح
للمتهم حق مكتسب واستقر االجتهاد القضائي الفرنسي على األثر الفوري لها حتى ولو كان
()1
القانون الجديد أكثر شدة.
وحسم المشرع الفرنسي األمر بشأن انقضاء الدعوى العمومية بصدور قانون العقوبات
الفرنسي الجديد تجاه القوانين الشكلية ،حيث نصت المادة 2 - 112منه على أن ما يتعلق
بانقضاء الدعوى العمومية يخضع لألثر الفوري للقانون الجديد ،وبالتالي فقد أخذ المشرع
الجزائري في االعتبار جسامة الجريمة عند تحديد مدة التقادم فإذا كانت الجريمة جناية
وإذا كانت جنحة ()2
تنقضي الدعوى العمومية بمرور عشر ( )10سنوات من تاريخ وقوعها،
تنقضي الدعوى بمضي ثالث ( )3سنوات ،وإذا كانت مخالفة تنقضي بمضي سنتين ،أي
أنه اعتمد على التقسيم الثالثي للجرائم المنصوص عليه في المادة 27من قانون العقوبات،
وقد أخذه بعين االعتبار لتحديد مدة التقادم إال أن هذا التقسيم قد يثير إشكاالت في حالة ما
إذا تم تطبيق ظروف التخفيف أو اقتران الجريمة بظروف التشديد وما ينجم عنه من تغيير
العقوبة المقررة وقد يؤدي إلى تغيير نوع الجريمة بدخول سبب التشديد وهذا ما يستدعي
()3
الرجوع إلى المواد 29 ،28من قانون العقوبات .
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون االجراءات الجزائية ،الجزء األول ،المرجع السابق ،ص.12
-2فضيل العيش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية بين النظري والعملي ،دار البدر ،الجزائر ،2008 ،ص.46
-3فضيل العيش ،المرجع نفسه ،ص.50
154
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بالرغم من أهمية التحري إال أن المشرع الجزائري لم يضع له تعريفا محددا بل اكتفى
باإلشارة إليه من خالل قانون اإلجراءات الجزائية ،حيث نصت المادة 21فقرة 03منه على
-1أشرف توفيق شمس الدين ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول ،دار النهضة العربية ،مصر،
،2012ص.06
155
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أنه :ويناط بالشرطة القضائية مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات
وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي.
كما نصت المادة 22من القانون نفسه على أنه :تكون إجراءات التحري والتحقيق
سرية ما لم ينص القانون على خالف ذلك ،ودون إضرار بحقوق الدفاع .
وقد عرف بعض الفقهاء التحري بأنه :المعلومات والحقائق واألخبار واألدلة التي
تساعد على الوصول إلى معرفة موضوع معين ،ووضوح معالمه ،أو هو :إجراءات جمع
المعلومات التي تساعد على الوصول إلى الحقيقة فيما يتعلق بوقوع الجريمة ومرتكبيها
()1
والمجني عليه فيه.
ويخضع التحري والبحث عن الجرائم ألساليب متنوعة منها ما هي عادية تمارس في
إطار البحث عن الجرائم العادية ومنها ما هو حديث تم تطويرها لمواكبة تطور أساليب
ارتكاب هذه الجرائم وهو ما يعرف بأساليب التحري الخاصة ،وسميت باألساليب الخاصة
للتحري كون استخدامها فيه انتهاك للحرية الشخصية ،فلم يعد األمر مقصو ار على التصنت
باألذن والرؤية بالعين المجردة وإنما باتت خصوصيات الفرد عارية أمام قدرة األجهزة الحديثة
على التقاط ونقل ما يدور بين الناس من خصوصيات عن بعد وبسهولة ،وتحولت حياتنا
()2
إلى عالم شفاف وأصبحت أدق أس اررنا عارية يمكن ألي شخص مشاهدته.
-1قواعد التحري العادية
بالعودة للمواد 18 ،17 ،13 ،12و 20من قانون اإلجراءات الجزائية تتمثل هذه
السلطات واالختصاصات في:
-تلقي الشكاوى والبالغات بشأن وقوع الجرائم،
-إخطار وكيل الجمهورية بمجرد وصول نبأ ارتكاب الجريمة،
-1مصطفى محمد الدغيدي ،التحريات واإلثبات الجنائي ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2006،ص.20
-2محمد آ مين الخرشة ،مشروعية الصوت والصورة في اإلثبات الجنائي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن،
،2015ص .42
156
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
157
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وحددها بتلك المراسالت التي تتم بواسطة االتصال السلكي والالسلكي ،واستبعد الخطابات
الخطية التي تتم عن طريق البريد ،ويتميز إجراء اعتراض المراسالت بخصائص ،حيث يتم
خلسة دون علم ورضا الشخص المشتبه فيه ،كما أن هذا اإلجراء يمس بحق الشخص في
سرية حديثه ،فتغليبا للمصلحة العامة ولضمان السير الحسن للتحقيق قصد الوصول للحقيقة
()1
كرس المشرع هذا اإلجراء.
-تسجيل األصوات
يعرف التسجيل الصوتي بأنه :التصنت على األحاديث الخاصة بشخص أو أكثر
مشتبه فيه ،ويتطلب أمر المراقبة التصنت على المحادثات وسماعها ألنه من غير المتصور
مراقبة المحادثات ومتابعتها ومعاينتها دون التصنت عليها.
وقد نص عليه المشرع الجزائري في المادة 56مكرر 5فقرة 02على أنه :وضع
الترتيبات التقنية ،دون موافقة المعنيين من أجل التقاط وتثبيت وبث وتسجيل الكالم المتفوه
باه ب صفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن خاصة أو عمومية
،...ومع التطورات الحاصلة في عصرنا الحالي ظهرت أجهزة يمكن من خاللها الحذف
()2
واإلضافة ،والتغيير في الصوت وبمهارات عالية.
والتسجيل الصوتي فيه انتهاك لحقوق اإلنسان ،وفي حرمة حياته الخاصة وفي هذا
الصدد تنص المادة 12من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة 1948على أنه :يجب
أن ال يتعرض الفرد لتدخل مفروض في حياته الشخصية وعائلته ،ويجب أال يتعرض لهجوم
على شرفه وسمعته ،كما أن هناك العديد من االتفاقيات والمؤتمرات الدولية ،تنص على
-1أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،مصر،
،2016ص .72
-2نصر الدين هنوني ودارين يقدح ،الضبطية القضائية في القانون الجزائري ،الطبعة الثانية ،دار هومة،
الجزائر ،2011 ،ص.76
158
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وجوب وجود ضمانات قضائية كافية الستعمال التصنت والتسجيل الصوتي في التحريات
الجنائية.
وهذا اإلجراء ال يكون إال بإذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة
وتحت مراقبتهما ،كون هذا اإلجراء يعتبر اعتداء على الحياة الخاصة لألفراد ويتعارض
ومبادئ الدستور ،فهو انتهاك لخصوصيات حياة األفراد ،لذلك ال بد من إشراف جهة
قضائية على تنفيذه صونا للحياة الشخصية لألشخاص وتكريسا لدولة القانون ،وعليه وبناء
ألحكام نص المادة 56مكرر 7من قانون اإلجراءات الجزائية ال يتم اللجوء للتسجيل
الصوتي إال بإذن من وكيل الجمهورية ،ويكون اإلذن مكتوبا ومتضمنا لكل العناصر التي
تسمح بالتعرف على االتصاالت المطلوب التقاطها واألماكن المقصودة ،والجرائم التي تبرر
اللجوء إلى هذا اإلجراء ومدته ،ويكون أيضا بناء على إذن من قاضي التحقيق وتحت
()1
مراقبته المباشرة في حالة تم فتح تحقيق قضائي.
-التقاط الصور
تعتبر عملية التقاط الصور من التقنيات المستحدثة التي جاء بها المشرع الجزائري
بخصوص أساليب التحري الخاصة ،وهذا اإلجراء نصت عليه المادة 56مكرر 5من
قانون اإلجراءات الجزائية.
()2
وقد عرفت اليوم تكنولوجيات التصوير تطو ار كبي ار من حيث تصنيع أجهزة صغيرة
الحجم وبتقنيات عالية يسهل حملها وتركيبها في كل مكان وبسهولة تامة ،بل أكثر من ذلك
أصبحت هذه األجهزة يمكن لها التصوير في كل الظروف وحتى في الظالم الدامس من
خالل كاميرات تشتغل باألشعة تحت الحمراء ،فالتصوير يثير مشكلة تتعلق بحماية حرية
الفرد وخصوصياته ،لهذا ال بد من توفر شروط االلتقاط الصور ومنها:
-وجود إذن كتابي من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة ،للقيام بإجراءات
159
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
التقاط الصور،
-ال بد من وجود ضرورة ماسة تستدعي اللجوء إلى هذا اإلجراء ،وهو وجود جريمة من
الجرائم السبعة ،والتي نصت عليها المادة 56مكرر 5من قانون اإلجراءات الجزائية،
-أن يكون اإلذن المتعلق بهذا اإلجراء مكتوبا ومحدد المدة تحت طائلة البطالن،
()1
-أن يوجه األمر لضباط الشرطة القضائية وليس لألعوان.
ب -التسرب
عرفت الجريمة في السنوات األخيرة تطو ار كبيرا ،وازديادا في احترافية المجرمين من
خالل استعمال التكنولوجيات الحديثة في تنفيذ مخططاتهم اإلجرامية ،ومحو آثار الجريمة
مما يصعب التعرف عليهم وكشفهم ،وعلى هذا األساس أجاز المشرع الجزائري لضباط
الشرطة القضائية اختراق الجماعات اإلجرامية خاصة عندما تكون مخفية في شكل شركات
()2
تجارية مما يزيد من تعقيد األمر وغموضه.
وقد عرف المشرع الجزائري التسرب من خالل نص المادة 56مكرر 12فقرة 1بأنه :
قيام ضابط أو أعوان الشرطة القضائية ،تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف
بتنسيق العملية ،بمراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم بأنه فاعل
معهم أو شريك لهم أو خاف ،ويتم اللجوء للتسرب في حالة وجود جريمة من الجرائم المشار
إليها في المادة 56مكرر 5من قانون اإلجراءات الجزائية ،ويشترط للقيام بعملية التسرب:
-وجود إذن كتابي صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق حسب الحالة للقيام
بعملية التسرب ،ويكون اإلذن مسببا،
-تحرير تقرير من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق عملية التسرب ،حيث
يتضمن هذا التقرير العناصر الضرورية لمعاينة الجريمة محل التسرب،
160
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-ال تتجاوز مدة التسرب أربعة أشهر ،ويمكن تجديدها حسب الحالة أو إيقافها في أي
()1
مرحلة.
وقد نص المشرع الجزائري على التسرب في جرائم االختطاف التي نص عليها بموجب
تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 15-20المؤرخ في 2020/12/30حيث نصت المادة
16منه على أنه :مع مراعاة أحكام قانون اإلجراءات الجزائية ،يمكن وكيل الجمهورية أو
قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية ،أن يأذن تحت رقابته لضابط الشرطة
القضائية ،بالتسرب اإللكتروني إلى منظومة معلوماتية أو نظام اتصاالت اإللكترونية أو
أكثر ،قصد مراقبة األشخاص المشتبه في ارتكابهم أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها
في هذا القانون ،وذلك بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم ،ويمنع على ضابط الشرطة
القضائية تحت طائلة بطالن اإلجراءات ،إتيان أي فعل أو تصرف بأي شكل من األشكال
()2
من شأنه تحريض المشتبه فيهم على ارتكاب الجريمة بغرض الحصول على دليل ضدهم.
ج -التسليم المراقب
عرفه المشرع الجزائري بنص المادة 2فقرة "ك" من القانون رقم 01-06المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته بأنه :اإلجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة
بالخروج من اإلقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم السلطات المختصة وتحت
مراقبتها بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية األشخاص الضالعين في ارتكابه" ،وعليه
فإن التسليم المراقب هو إجراء من إجراءات التحري ،تقوم به السلطات المختصة بإذن من
وكيل الجمهورية ،وذلك بالسماح للشاحنات المحملة بالبضائع المشبوهة أو غير المشروعة
161
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بالدخول أو الخروج من التراب الوطني ،والقيام بعملية تسليم تلك البضائع إلى أصحابها،
()1
ويكون التسليم تحت المراقبة قصد كشف هوية المجرمين.
د -الترصد اإللكتروني
هو أسلوب من أساليب التحري الخاصة المنصوص عليها ضمن القانون رقم 01-06
المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،وهذا اإلجراء تمت اإلشارة إليه في نص المادة 65
من القانون رقم 01-06المتعلق بالوقاية من مكافحة الفساد ومكافحته على أنه :من أجل
تسهيل جمع األدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يمكن اللجوء إلى
التسليم المراقب ،واتباع أساليب تحري خاصة كالترصد اإللكتروني واالختراق على النحو
المناسب ،وبإذن من السلطة القضائية المختصة.
وبالرجوع للقانون المقارن نجد أن المشرع الفرنسي قد أدرج الترصد اإللكتروني في
قانون اإلجراءات الجزائية ،ويقتضي هذا األسلوب اللجوء إلى استعمال جهاز إرسال يكون
()2
سوار إ لكترونيا في غالب األحيان يسمح بترصد حركة المعني واألماكن التي يتردد عليها.
ثانيا :قواعد التحقيق
إن الغرض من التحقيق االبتدائي هو جمع أدلة الجريمة التي تدين الشركة التجارية
المتهمة بكل الطرق الشرعية وإحالتها إلى المحكمة المختصة لتتم المحاكمة طبقا للقانون
وهذا التحقيق هو وجوبي وإلزامي في الجنايات وجوازي في الجنح كما يجوز إجراؤه في
()3
المخالفات إذا رأى وكيل الجمهورية بدا لذلك.
والتحقيق يخضع لمجموعة من اإلجراءات سواء على مستوى الدرجة األولى (قاضي
التحقيق) ،أو على مستوى الدرجة الثانية (غرفة االتهام) ،وعليه:
162
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،الجزء األول ،المرجع السابق ،ص .467
-2أشرف توفيق شمس الدين ،المرجع السابق ،ص .08
163
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بادعاء مدني أو تأسيسه أمام قاضي التحقيق بعد أن يتصل هذا األخير بطلب النيابة
االفتتاحي إلجراء التحقيق.
كما يمكن لقاضي التحقيق في إطار البحث عن الجريمة المرتكبة في إطار متابعة
الشركة التجارية ،أن ينتقل إلى مكان وقوع الجريمة للمعاينة والتفتيش وضبط ما قد يعثر
عليه من آثار وسماع ما قد يجده من شهود في عين المكان ،ويمكنه أيضا القيام بالحجز
()1
والتصرف في أدلة اإلقناع التي قد يتركها الممثل الشرعي في موقع الجريمة.
ب -أوامر قاضي التحقيق
تختلف أوامر قاضي التحقيق حسب المرحلة التي يكون عليها التحقيق وهي كما يلي:
-أوامر قاضي التحقيق في بداية التحقيق
يتخذ قاضي التحقيق أثناء افتتاح التحقيق بموجب األمر االفتتاحي عدة أوامر نوردها
كما يلي:
-األمر بعدم اإلختصاص
يتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية إما عن طريق الطلب االفتتاحي المكتوب
الذي يحرره وكيل الجمهورية وإما بشكوى مصحوبة بادعاء مدني يقيدها المضرور من
الجريمة ،أو بإعادة الملف من غرفة االتهام ،وفي هذه الحالة يقوم قاضي التحقيق بالبت في
مدى اختصاصه موضوعيا ،محليا وشخصيا ،فإذا رأى بأنه غير مختص أصدر أم ار بعدم
()2
االختصاص.
-األمر برفض التحقيق
يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر أمره برفض التحقيق ولو لمجرد االطالع على
الوثائق المحالة إليه وذلك في الحاالت التالية:
-1أحمد شوقي الشلقاني ،مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ،الجزء الثاني ،الطبعة الرابعة ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2008 ،ص .275
-2أحمد شوقي الشلقاني ،المرجع نفسه ،ص.280
164
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-إذا كانت الوقائع ال تقبل المتابعة وألسباب تخص الدعوى العمومية (كتوافر سبب من
أسباب انقضائها "التقادم مثال" أو كأن يكون المتهم يتمتع بحصانة ،أو وجود سبب معفي
من المسؤولية وكذا سبب معفي من العقوبة)،
-إذا تبين أن الوقائع المنسوبة إلى ال متهم ال تقبل أي وصف جنائي كالمتابعة عن الشروع
في المخالفة أو المتابعة لتحصيل دين مدني،
-كأن يكون تحريك الدعوى معلق على شكوى وتخلف هذا اإلجراء.
مثال ذلك الجرائم الضريبية التي تتطلب شكوى من مدير الوالئي للضرائب أو مدير
كبريات المؤسسات حسب الحالة طبقا لقانون اإلجراءات الجبائية ،أو جرائم السرقة والنصب
وخيانة األمانة بين األقارب واألصهار إلى غاية الدرجة الرابعة طبقا لنص المادة 369من
قانون العقوبات.
()1
-إذا كان االدعاء مدنيا غير مقبول شكال النعدام األهلية أو الصفة أو المصلحة.
-األمر بعدم قبول االدعاء المدني
إذا كان االدعاء المدني غير مقبول شكال النعدام شروط رفع الدعوى وهي الصفة
والمصلحة واألهلية ،أو عدم إيداع المدعي المدني لدى كتابة الضبط المبلغ المقدر لزوما
لمصاريف الدعوى وفق أحكام المادة 75من قانون اإلجراءات الجزائية ،أو عدم اختيار
موطن ضمن دائرة اختصاص قاضي التحقيق ،أو إذا تخلف المدعي مدنيا عن الحضور
أمام قاضي التحقيق لسماع ادعائه ،أو كانت الوقائع المدعى بها ال تحمل وصفا جزائيا
()2
وإنما هي من طبيعة مدنية ،أمر قاضي التحقيق بعدم قبول االدعاء المدني.
-1أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،دار هومة ،الجزائر ،2006 ،ص .123
-2عمر قادري ،أطر التحقيق ،دار هومة للنشر ،الجزائر ،2013 ،ص.278
165
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
166
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-هوية المتهم ،ذكر الوقائع المنسوبة إليه (التهم) مع المواد القانونية المتعلقة بها ،التاريخ
والتوقيع من قبل قاضي التحقيق وإمهاره بختمه وتأشيرة وكيل الجمهورية عليه.
ويجب أن يستجوب في الحال كل من سيق أمام قاضي التحقيق تنفيذا ألمر إحضار
بمساعدة محاميه ،فإذا تعذر استجوابه على الفور ،قدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من
قاضي المكلف بالتحقيق وفي حالة غيابه فمن أي قاض آخر من قضاة هيئة القضاء أن
يقوم باستجواب المتهم في الحال وإال أخلي سبيله طبقا لنص المادة 112من قانون
()1
اإلجراءات الجزائية.
-األمر بالقبض
إذا رفض المتهم االمتثال ألمر اإلحضار وحاول الهروب تعين على العون إحضاره
بطريق القوة طبقا لنص المادة 116قانون اإلجراءات الجزائية واألمر بالقبض نصت عليه
المادة 119من قانون اإلجراءات الجزائية حيث يتضمن هذا األمر إيقاف المتهم واعتقاله
ويصدر هذا األمر ويتم إفراغه بطريقتين:
-الحالة األولى
ضد المتهم الهارب من العدالة أو المقيم خارج الوطن والهدف من هذا األمر هو
استجواب المتهم من طرف قاضي التحقيق وإذا تعذر استجوابه في الحال بسبب غياب
قاضي التحقيق يودع المتهم في إحدى المؤسسات العقابية بحيث ال يجوز حجزه لمدة تزيد
على 48ساعة وبعد انقضاء هذه المدة يقوم مدير المؤسسة العقابية بتسليم المتهم إلى وكيل
الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق أو أي قاضي من قضاة المحكمة إجراء
االستجواب وإال أخلي سبيل المتهم ،وإذا استمر الحجز ألكثر من 48ساعة دون استجواب
المتهم أصبح حج از تعسفيا وهذا ما نصت عليه المادة 121قانون اإلجراءات الجزائية.
()2
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص.468
-2أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،المرجع السابق ،ص.96
167
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-الحالة الثانية
إذا وجد المتهم خارج دائرة اختصاص المحكمة التي يعمل بها قاضي التحقيق اآلمر
فقد نصت المادة 114من قانون اإلجراءات الجزائية ،على أنه يساق إلى وكيل الجمهورية
بالمكان الذي وقع فيه القبض ،ويقوم هذا األخير باستجوابه عن هويته ويتلقى أقواله بعد أن
ينبهه بأنه حر في عدم اإلدالء باأقواله ،ويثبت ذلك في محضر التحقيق ثم يأمر بتحويله
حيث يوجد قاضي التحقيق المنظورة أمامه القضية ،فإذا اعترض المتهم على تحويله وأبدى
احتجاجات جدية رأى وكيل الجمهورية أنها تدحض التهمة ،يقتاد المتهم إلى مؤسسة إعادة
التربية ويبلغ في الحال وبأسرع الوسائل قاضي التحقيق المختص ،ويرسل محضر اإلحضار
بدون تمهل إلى قاضي التحقيق المذكور متضمنا وصفا كامال ومعه كافة البيانات الخاصة
التي تساعد على ال تعرف على هوية المتهم أو تحقيق الحجج التي أدلى بها ،ويقرر قاضي
التحقيق إما إخالء سبيل المتهم وذلك إذا تبين مثال أنه ليس هو المطلوب إحضاره ،وإما
()1
األمر بنقله إليه.
وال يجوز للمكلف بتنفيذ أمر بالقبض أن يدخل مسكن أي مواطن قبل الساعة الخامسة
صباحا وال بعد الساعة الثامنة مساءا ،وله أن يصطحب معه قوة كافية لكي ال يتمكن المتهم
من اإلفالت من سلطة القانون وتؤخذ هذه القوة من أقرب جهة للمكان الذي يتعين فيه تنفيذ
أمر القبض ،ويتعين على هذه القوة االمتثال لما تضمنه أمر القبض من طلبات وهذا ما
نصت عليه المادة 122فقرة 1قانون اإلجراءات الجزائية.
()2
أما إذا تعذر القبض على المتهم فإن أمر القبض يبلغ بتعليقه في المكان الكائن به
آخر محل لمسكن المتهم ويحرر محضر بتفتيشه ويكون تحرير هذا المحضر بحضور اثنين
من أقرب جيران المتهم اللذين تسنى لحامل األمر العثور عليهما ،ويوقعان على المحضر
168
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
مع الطلب الذي وجه لهما ،وبعد ذلك يقدم حامل األمر بالقبض هذا المحضر إلى محافظ
الشرطة أو قائد فرقة الدرك للتأشير عليه ،وفي حال غيابهما أو عدم وجودهما فإلى ضابط
شرطة قسم األمن الحضري ،ويترك له نسخة من األمر وبعد ذلك يرفع أمر القبض
()1
والمحضر إلى القاضي.
وعادة في حالة عدم التمكن من تنفيذ األمر بالقبض يتم تحرير محضر بحث بدون
جدوى.
-األمر باإليداع
عرفته المادة 117من قانون اإلجراءات الجزائية بأنه ذلك األمر الذي يصدره قاضي
التحقيق إلى مدير المؤسسة العقابية الستالم المتهم ووضعه رهن الحبس المؤقت وال يصدر
هذا األمر إال بعد:
-القيام باستجواب المتهم،
-أن تكون الجريمة لها وصف جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس،
-أن يصدر هذا األمر تنفيذا ألمر الحبس المؤقت.
ويجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق إصدار األمر باإليداع في
مؤسسة عقابية غير أن قاضي التحقيق له أن يرفض بأمر مسبب وهذا ما نصت عليه
()2
المادة 118من قانون اإلجراءات الجزائية.
-األمر بالوضع في الحبس المؤقت:
وهو الذي نصت عليه المواد من 123إلى 125قانون اإلجراءات الجزائية ،حيث
يعتبر الحبس المؤقت إجراء من إجراءات التحقيق االبتدائي ،وهو اخطرها ألنه يمس بحرية
المتهم الذي يتمتع بقرينة البراءة من جهة ،وأنه ال يجوز حبس الشخص إال بعد صدور حكم
169
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
باإلدانة من جهة أخرى ،لذلك اعتبره المشرع إجراء استثنائيا فوضع له مبررات وضمانات
تتعلق خاصة بالمدة.
والحبس المؤقت هو سلب حرية المتهم لمدة محددة قانونا بعد فتح التحقيق معه وإيداعه
في المؤسسة العقابية (مؤسسة الوقاية أو مؤسسة إعادة التربية) القريبة من دائرة اختصاص
المح كمة التابع لها قاضي التحقيق بموجب أمر الوضع في الحبس المؤقت ومذكرة إيداع.
ويعتبر الحبس المؤقت هو أخطر إجراءات التحقيق االبتدائي فهو يمس بحرية المتهم
لذلك وضع المشرع ضمانات تتعلق بالمدة أساسا للحد من تعسف قاضي التحقيق وهذه المدة
تختلف باختالف نوع الجريمة ومقدار العقوبة ،حيث أصل مدة الحبس المؤقت هي 04
أشهر قابلة للتجديد وهو ما نصت عليه المادة 125فقرة 1وبصفة استثنائية يمكن أن تكون
أقل أو أكثر.
()1
-بالنسبة للجنح
الجنح التي تكون العقوبة المقرة لها قانونا ال تتجاوز سنتين فمدة الحبس المؤقت هي
20يوم غير قابلة للتجديد ،بمعنى آخر أنه بمجرد انتهاء هذه المدة يجب على قاضي
التحقيق اإلفراج على المتهم بقوة القانون وإال تعرض إلى كل أنواع المسؤولية (حبس تعسفي)
وال بد من توافر الشروط التالية:
-أن يكون للمتهم موطنا مستق ار في الجزائر،
-أال يكون قد حكم عليه من قبل في جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس
تزيد على ثالثة أشهر بغير وقف التنفيذ.
أما الجنح التي تزيد عقوبتها عن سنتين وتقل عن ثالث سنوات تصبح أربعة أشهر
غير قابلة للتجديد.
170
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وأما الجنح التي تزيد عقوبتها عن ثالثة سنوات تكون مدة الحبس المؤقت 04أربعة
أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة ويتم تمديد المدة من طرف قاضي التحقيق بموجب أمر
()1
مسبب بعد استطالع رأي وكيل الجمهورية.
-بالنسبة للجنايات
مدة الحبس المؤقت هي 04أشهر بحيث يجوز لقاضي التحقيق تمديد المدة إذا دعت
مقتضيات التحقيق ذلك بموجب أمر مسبب بعد استطالع رأي وكيل الجمهورية وهنا نميز
بين أربع حاالت وهي:
شهر إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت
ا -يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى 16
ما بين 05و 20سنة 4 ،أشهر أصلية +تمديد ثالث مرات،
-يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى 20شه ار إذا كانت العقوبة هي السجن المؤقت
الذي يزيد عن 20سنة أو السجن المؤبد أو اإلعدام 4 ،أشهر أصلية +تمديد أربع مرات،
-يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى 36شهر إذا كانت الجناية موصوفة بأنها أفعال
إرهابية أو تخريبية 4 ،أشهر أصلية +تمديد ثمانية مرات،
-يمكن أن تصل مدة الحبس المؤقت إلى 60شهر بالنسبة للجناية المنظمة عبر للحدود
الوطنية ،وهنا يرسل قاضي التحقيق الطلب المسبب مع أوراق الملف إلى النائب العام لدى
المجلس القضائي الذي يهيئ القضية خالل 05أيام من تاريخ استالمه الطلب ويقدمها إلى
غرفة االتهام التي تصدر ق اررها قبل انتهاء مدة الحبس الجاري 4 ،أشهر أصلية +تمديد
أربعة عشر مرة.
وإذا كانت العقوبة هي 20سنة أو يزيد على ذلك أو السجن المؤبد وإذا كانت العقوبة
هي السجن المؤقت الذي يتراوح ما بين 05و 20سنة أو اإلعدام يجوز لغرفة االتهام تميد
مدة الحبس المؤقت مرة واحد ة فقط أما إذا كنا بصدد جناية موصوفة بأنها أفعال إرهابية
171
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وتخريبية أو بصدد جناية عابرة للحدود الوطنية يجوز لغرفة االتهام تمديد مدة الحبس
()1
المؤقت ثالث مرات.
-األمر بالوضع تحت التزامات الرقابة القضائية:
استحدثت الرقابة القضائية بموجب القانون رقم 24-90المؤرخ في 18أوت 1990
المعدل لقانون اإلجراءات الجزائية إذ اعتبرها المشرع كبديل للحبس المؤقت بحيث يجوز
لقاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الوقائع المنسوبة إلى المتهم معاقب
عليها بالحبس أو بعقوبة أشد (جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس) وتتضمن الرقابة
القضائية مجموعة من االلتزامات يخضع المتهم إلى واحد منها أو أكثر وتتمثل حسب المادة
125مكرر 1من قانون اإلجراءات الجزائية فيما يلي:
-عدم مغادرة الحدود اإلقليمية التي حددها قاضي التحقيق إال بإذن منه،
-عدم الذهاب إلى بعض األماكن التي حددها قاضي التحقيق،
-المثول دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من قاضي التحقيق،
-تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع
إلى ترخيص،
-عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة بسبب ممارستها،
-االمتناع عن االتصال ورؤية بعض األشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق،
-الخضوع إلى فحص أو عالج إذا تعلق األمر باإلدمان بغرض إزالة التسمم،
-إيداع نماذج الصكوك لدى كتابة ضبط المحكمة بحيث ال يجوز استعمالها إال بناءا على
ترخيص من قاضي التحقيق.
وكذلك يجوز لقاضي التحقق في أي مرحلة من المراحل أن يعدل من هذه االلتزامات
()1
بأن يضيف التزاما أو يلغيه.
172
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
كما يمكن لقاضي التحقيق رفع الرقابة القضائية سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على
طلب من وكيل الجمهورية أو من محامي المتهم وفي هذه الحالة يجب على قاضي التحقيق
استطالع رأي وكيل الجمهورية ،ويفصل قاضي التحقيق في طلب رفع الرقابة القضائية
المقدم من محامي المتهم في أجل 15يوم من تاريخ تقديم الطلب ،وفي حالة عدم البت في
هذا الطلب خالل هذا األجل يلجأ المتهم مباشرة إلى غرفة االتهام ولهذه األخيرة 20يوم
إلصدار قرارها وال يجوز للمتهم تجديد طلب رفع الرقابة القضائية إال بعد انتهاء مهلة شهر
من تاريخ رفض الطلب األول من غرفة االتهام وهذا ما نصت عليه المادة 125مكرر 2
من قانون اإلجراءات الجزائية.
وتدخل الرقابة القضائية حيز التنفيذ والتطبيق ابتداء من التاريخ الذي يحدده قاضي
التحقيق في األمر وتنتهي الرقابة القضائية عندما يصدر قاضي التحقيق أمر بأال وجه
للمتابعة أما إذا أصدر قاضي التحقيق أم ار بإحالة الدعوى على المحكمة يبقى المتهم تحت
التزامات الرقابة القضائية إلى أن ترفعها المحكمة التي أحيلت عليها الدعوى وهذا ما نصت
()2
عليه المادة 125مكرر 3من قانون اإلجراءات الجزائية.
وهذه اإلجراءات تخص ممثل الشركة التجارية أي الشخص الطبيعي ،غير أن المشرع
حين تعديله لقانون اإلجراءات الجزائية سنة ،2004نص على أحكام خاصة بالشخص
المعنوي وبالتبعية الشركة التجارية حيث أقر أنه يجوز لقاضي التحقيق إخضاع الشخص
المعنوي لتدبير أو أكثر من التدابير التالية :إيداع كفالة تقديم تأمينات عينية لضمان حقوق
الضحية المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع مع مراعاة حقوق الغير ،وكذا
المنع من ممارسة بعض النشاطات المهنية أو االجتماعية المرتبطة بالجريمة ،وعند مخالفة
173
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
هذه التدابير يتعرض الشخص المعنوي لغرامة مالية كعقوبة على المخالفة بأمر من قاضي
()1
التحقيق ،بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية.
-أوامر قاضي التحقيق عند انتهاء التحقيق
عندما ينتهي قاضي التحقيق من كل إجراءات التحقيق االبتدائي يرسل الملف إلى
وكيل الجمهورية لتقديم طلباته خالل مهلة 10أيام (األمر باإلبالغ بانتهاء التحقيق) وعلى
إثر ذلك يصدر قاضي التحقيق إما أم ار بأال وجه للمتابعة طبقا لنص المادة 163من قانون
اإلجراءات الجزائية وإما أم ار باإلحالة على محكمة الجنح طبقا لنص المادة 164من قانون
اإلجراءات الجزائية وإما أمر بإرسال المستندات إلى النائب العام طبقا لنص المادة 166من
نفس القانون.
-األمر بأال وجه للمتابعة
إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع ال تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو أنه ال توجد
دالئل كافية ضد المتهم أو كان مقترف الجريمة ما يزال مجهوال ،أصدر أم ار بأال وجه
للمتابعة في حق المتهم ،ويخلي سبيل المتهمين المحبوسين مؤقتا في الحال إال إذا حصل
استئناف من طرف وكيل الجمهورية ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر طبقا لنص المادة
163من قانون اإلجراءات الجزائية التي عدلت باألمر رقم 02-15أين أصبحت تنص
على إخالء سبيل المتهمين المحبوسين رغم استئناف وكيل الجمهورية ما لم يكونوا محبوسين
()2
لسبب آخر.
والحاالت التي يصدر فيها األمر بأال وجه للمتابعة هي:
-توافر سبب من أسباب اإلباحة،
-توافر مانع من موانع المسؤولية الجنائية،
-1المادة 65مكرر 04من األمر رقم ، 155-66أضيفت بالقانون رقم ،14-04المرجع السابق.
-2المادة 163من األمر رقم ،155-66معدلة باألمر رقم 02-15المؤرخ في ،2015/07/23جريدة رسمية
عدد 40لسنة .2015
174
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،المرجع السابق ،ص.261
-2عمر قادري ،المرجع السابق ،ص .287
-3أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،المرجع السابق ،ص .166
175
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
176
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-الحالة الثانية
وتتعلق بحالة ما إذا كان هذا الممثل غير متابع بصفته الشخصية عن الجريمة التي
ارتكبها الشخص المعنوي ،بمعنى لما تتخذ إجراءات الدعوى الجنائية تجاه ممثل الشخص
المعنوي بصفته ممثال فقط ،وليس كمسؤول عن الجريمة المنسوبة للشخص المعنوي ،ففي
هذه الحالة ال يجب أن يخضع الممثل ألي إجراء إكراه ،ماعدا اإلجراءات التي تطبق على
الشاهد (المادة 706الفرنسي) ،بحيث إذا رفض ممثل الشخص المعنوي االمتثال كشاهد،
يمكن لقاضي التحقيق أو الجهة القضائية المختصة في الحكم إكراهه عن طريق القوة
العمومية إلجباره على الحضور ،على أن يستبعد القبض عليه أو وضعه تحت التزامات
()1
الرقابة القضائية أو وضعه رهن الحبس المؤقت.
أما فيما يتعلق بموقف المشرع الجزائري فقد نص حين تعديله لقانون اإلجراءات
الجزائية سنة ،2004على حكم خاص بالشخص المعنوي ،حيث أقر أنه يجوز لقاضي
التحقيق إخضاع الشخص المعنوي لتدبير أو أكثر من التدابير التالية :إيداع كفالة ،تقديم
تأمينات عينية لضمان حقوق الضحية ،المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع
مع مراعاة حقوق الغير ،وكذا المنع من ممارسة بعض النشاطات المهنية أو االجتماعية
المرتبطة بالجريمة ،كما نص على غرامة مالية كعقوبة للشخص المعنوي الذي يخالف
()2
التدابير المتخذة ضده بأمر من قاضي التحقيق ،بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية.
كما أنه باستقراء نصوص قانون اإلجراءات الجزائية يمكن القول أن المشرع الجزائري
اتخذ نفس الموقف بخصوص ممثل الشخص المعنوي ،إذ أن المشرع تدخل ووضع قواعد
قانونية منها تعيين ممثل للشخص المعنوي في حالة متابعة الشخص المعنوي وممثله في آن
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،المرجع السابق ،ص.267
-2المادة 65مكرر 04من األمر رقم ، 155-66أضيفت بالقانون رقم ،14-04المرجع السابق.
177
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
واح د ويعني ذلك أنه ال يجوز اتخاذ أوامر قهرية ضد الممثل القانوني إال إذا تم متابعته
كفاعل أو كشريك.
والجدير بالذكر أن أوامر قاضي التحقيق قابلة لالستئناف فيما عدا األوامر اإلدارية
التي ال يجوز استئنافها حيث أعطى القانون للخصوم أثناء سير الدعوى العمومية حق
استئناف كل األوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق وهم :الضحية ،المدعي المدني،
المتهم والنيابة العامة.
-استئناف النيابة العامة:
طبقا لنص المادة 170من قانون اإلجراءات الجزائية يجوز لوكيل الجمهورية استئناف
جميع أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة االتهام والمهلة المحددة هي 03أيام من تاريخ
صدور األمر ،كما يجوز للنائب العام استئناف جميع هذه األوامر خالل 20يوما من تاريخ
صدورها وعليه أن يبلغ الخصوم في خالل يوم من تاريخ صدور األمر حسب نص المادة
()1
171من قانون اإلجراءات الجزائية.
-استئناف المتهم أو محاميه:
يمكن للمتهم أو محاميه استئناف أوامر قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 172من
قانون اإلجراءات الجزائية ،يوحق للمتهم أو محاميه استئناف بعض أوامر قاضي التحقيق
أمام غرفة االتهام خالل 03أيام من تاريخ التبليغ واألوامر التي يستأنفها المتهم أو محاميه
هي:
-أمر الوضع في الحبس المؤقت،
-أمر تمديد مدة الحبس المؤقت ،سواء تعلق األمر بتمديد الحبس المؤقت بالنسبة للجنحة
التي تزيد عقوبتها عن 03سنوات حبسا أو بالنسبة للجنايات بصفة عامة،
-األمر بوضع تحت التزامات الرقابة القضائية،
178
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،المرجع السابق ،ص.269
-2أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،المرجع السابق ،ص .209
179
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
180
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
خلصت إليه الدعوى أثناء مرحلتي البحث والتحري أو االتهام ومرحلة التحقيق ،سواء بإدانة
المتهم الماثل أمامها أو تبرئة ساحته وفق أحكام مسببة من خالل إحالة المتهم المتمثل في
الشركة التجارية بصفتها شخصا معنويا وسنتطرق لذلك في الفرع األول وسنتطرق لقواعد
التمثيل للشركة التجارية أمام جهة الحكم في الفرع الثاني.
الفرع األول :قواعد اإلحالة
القرار بإحالة المتهم يختلف باختالف طبيعة الجريمة كونها مخالفة أو جنحة أو جناية.
حيث يصدر قاضي التحقيق أم ار بإحالة المتهم على المحكمة المختصة أو تصدر
غرفة االتهام ق ار ار بإحالة المتهم على المحكمة المختصة إذا كان الفعل يعاقب عليه القانون
واألدلة تكفي لإلحالة ،وفق قواعد ومبادئ تخضع لها المحاكمة.
أوال :طبيعة إجراءات المحاكمة
تتميز المحاكمة أمام جهات الحكم الجزائية سواء كان ذلك على مستوى محكمة الجنح
والمخالفات أو على مستوى الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي كجهة استئناف أو على
مستوى محكمة الجنايات بخصائص معينة هي كالتالي:
-1مباشرة القاضي لجميع إجراءات الدعوى
يقصد بها ضرورة صدور أحكام المحكمة من القاضي الذي يترأس جميع جلسات
الدعوى وإال كانت باطلة ،وإذا ط أر مانع في حضوره أثناء نظر القضية ،وجب نظرها كامال
من جديد.
-2علنية الجلسات
لقد نص المشرع صراحة على مبدأ علنية المرافعات ،ما لم يكن في عالنيتها خطر
على النظام العام أو اآلداب العامة ،أي يجاوز لكافاة النااس حاضورها ولكن استثناءا قد تقرر
المحكمة انعقاد الجلسة سرية فال يحضرها سوى الخصوم ووكالؤهم.
181
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
غير أن الحكم الصادر في الدعوى يجب أن يصدر علنية حتى ولو كانت الجلسة
()1
سرية.
-3حضور الخصوم
يقصد به حضور جميع أطراف المنازعة في جلسة المحاكمة وتمكينهم من الدفاع عن
مركزهم القانوني ومناقشة األدلة المقدمة.
-4شفهية اإلجراءات
يقصد بها سماع أقوال أط ارف الخصومة ومناقشة األدلة وتمكينهم من الدفاع عن
أنفسهم بمفردهم أو بواسطة محام ،وبالتالي يجب على قاضي الحكم إجراء تحقيقات خالل
جلسة المحاكمة وال يجب أن يكتفي بالتحقيقات االبتدائية ،حيث يمكنه االستماع لشهود غير
من سبق سماعهم ،يناقش الخبير ولو سبق مناقشته ،فالتحقيقات السابقة ليست في منأى
عن الخطأ ألنها تحتمل الجدل والمناقشة كسائر األدلة ،كما يدخل في إطار شفهية
()2
اإلجراءات جواز تالوة األوراق والمحاضر في جلسة المحاكمة.
-5مبدأ عدم مشاركة القاضي في النظر في الدعوى على مستوى درجتين
يقصد بهذا المبدأ أنه يمنع على قاضي التحقيق الذي أجرى تحقيقا في القضية أن
يشترك في تشكيلة محكمة الجنح أو الغرفة الجزائية أو محكمة الجنايات التي ستنظر في
نفس القضية ،كما يمنع على عضو غرفة االتهام أن يشترك في تشكيلة إحدى جهات الحكم
عند نظرها في نفس الدعوى التي عرضت عليه للتحقيق فيها ،وال يجوز كذلك لقاضي
-1محمد حزيط ،مااذكرات فااي قااانون اإلجاراءات الجزائيااة الج ازئااري ،الطبعااة الثالثااة ،دار هومااة ،الج ازئاار،2008 ،
ص.194
-2عبد الحميد عمارة ،ضمانات المتهم أ ثناء مرحلة التحقيق االبتدائي في الشريعة اإلسالمية والتشريع الوضعي،
دار المحمدية ،الطبعة األولى ،الجزائر ،1990 ،ص.506
182
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
محكمة الجنح أن يشترك في تشكيلة الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي إن كان قد فصل في
()1
القضية المعروضة عليه ،كل ذلك من أجل تكريس مبدأ المحاكمة العادلة.
-6مبدأ عدم إنكار العدالة
يقصد به أن أي امتناع أو تماطل في الفصل في الدعوى من قبل جهات الحكم،
()2
يعرضها للمسؤولية.
ثانيا :طرق اتصال قاضي الحكم بالدعوى
يمكن لقاضي الحكم أن يتصل بالدعوى عند محاكمة الشركة التجارية التي ارتكبت
جرائم من قبل أجهزتها أو ممثليها الشرعيين إما عن طريق:
أ -األمر باإلحالة الصادر عن قاضي التحقيق ،أو قرار غرفة االتهام،
ب -إما بحضور أطراف الدعوى بإرادتهم بعد تلقي اإلخطار المسلم بمعرفة النيابة العامة
(اإلستدعاء المباشر)،
ج -إما عن طريق قيام المدعي المدني بإجراء التكليف المباشر بالحضور للمتهم أمام
محكمة الجنح في خمسة جرائم ،دون غيرها ،المذكورة على سبيل الحصر في المادة 337
()3
مكرر من قانون اإلجراءات الجزائية كجريمة إصدار شيك دون رصيد.
ثالثا :إجراءات المحاكمة
بعدما يتم استدعاء الخصوم للجلسة في الوقت المحدد وفي المكان المحدد ،يفتتح
رئيس الجلسة محاكمة الشركة التجارية الممثلة بواسطة ممثل قانوني أو ممثل معين من قبل
القضاء ،فإذا حضر الممثل يتم استجوابه عن األفعال المنسوبة للشركة التجارية ويكون
الحكم الذ ي يصدر في حق الشركة حكما حضوريا أما إن لم يتسلم الممثل القانوني للشركة
-1موالي ملياني بغدادي ،اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر،1992،
ص.394
-2محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص.194 .
-3عبد الحميد عمارة ،المرجع السابق ،ص .507
183
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
االستدعاء ولم يحضر الجلسة فإن الحكم الذي يصدر في حقها يكون حكما غيابيا ،وفي
حالة استالم الممثل القانوني للشركة االستدعاء ولكن لم يحضر يعتبر الحكم حضوريا
()1
ويكون الحكم حضوريا اعتباريا.
والجدير بالذكر أن الحكم الحضوري اعتباريا ال يكون في هذه الحالة فقط بل يكون في
حاالت أخرى والمتمثلة في:
أ -في حالة حضور ممثل الشركة الجلسة ولكنه يرفض اإلجابة والمشاركة في المناقشة التي
يجريها الرئيس،
ب -إذا استجاب ممثل الشركة أثناء الجلسة لمناداة الرئيس ،ولكنه غادر القاعة مباشرة،
ج -إذا حضر ممثل الشركة في إحدى الجلسات ولكن الرئيس أجل الجلسة إلى موعد آخر
()2
ولم يحضر الممثل في الموعد المحدد.
وتختلف إجراءات سير محاكمة الشركة التجارية باعتبارها شخصا معنويا حسب الجهة
القضائية التي ستنظر في الدعوى:
-1إجراءات سير المحاكمة
تختلف إجراءات سير المحاكمة حسب الوصف الجزائي للجريمة إن كانت مخالفة أو جنحة
أو جناية ،فإذا كانت ذات وصف جنائي اختصت بها محكمة الجنايات هذه األخيرة تخضع
إجراءات سير المحاكمة لقواعد إجرائية تتمثل في:
أ -إجراءات سير المحاكمة أمام محكمة الجنايات
تعتبر محكمة الجنايات الجهة القضائية المختصة بالفصل في األفعال الموصوفة
جنايات وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها ،والجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية
()3
المحالة إليها بقرار نهائي من غرفة االتهام .
-1محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص.195
-2موالي ملياني بغدادي ،اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر،1992 ،
ص.397
-3موالي ملياني بغدادي ،المرجع نفسه ،ص.398
184
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وتتشكل محكمة الجنايات االبتدائية من قاض يكون برتبة مستشار ،وقاضيين ،وأربعة
محلفين يختارون وفقا لإلجراءات والشروط المنصوص عليها قانونا ،باإلضافة إلى كاتب
()1
يعاون المحكمة ،ونائب عام أو أحد مساعديه يقوم بمهام النيابة العامة.
أما محكمة الجنايات االستئنافية فتتشكل من قاض يكون برتبة رئيس غرفة ،وقاضيين،
وأربعة محلفين يختارون وفقا لإلجراءات والشروط المنصوص عليها قانونا ،باإلضافة إلى
كاتب يعاون المحكمة ،ونائب عام أو أحد مساعديه يقوم بمهام النيابة العامة
وهناك إجراءات تحضيرية لدورات محكمة الجنايات ،يجب احترامها حتى ولو كان
المتهم شخصا معنويا ممثال بواسطة ممثل قانوني أو ممثل معين من قبل القضاء ،كما
يجب احترام جميع اإلجراءات المتبعة حين افتتاح الدورة ،وخالل المرافعات وعند إقفالها ،إلى
()2
غاية المداولة والنطق بالحكم.
ب -إجراءات سير المحاكمة أمام قسم الجنح والمخالفات
تختص المحكمة بالنظر في الجنح والمخالفات التي قد ترتكبها الشركة التجارية
بواسطة أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ولحسابها ،وبالتالي يجب احترام جميع اإلجراءات
()3
القانونية التي تتماشى وطبيعة الشخص المعنوي.
وبناء على ذلك تتشكل المحكمة من قاض فرد ،يساعده كاتب ضبط ،ويقوم بوظيفة
()4
النيابة العامة وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه.
وبعد افتتاح جلسة المحاكمة ،ينادي الرئيس على الخصوم ويتأكد من هوياتهم ،ثم
يخبر ممثل الشركة التجارية باألفعال المسندة إليها باعتبارها شخصا معنويا ،وبعد ذلك
يرسي الرئيس المناقشة العلنية التي تدور بين ممثل الشركة والطرف المدني والنيابة والشهود،
-1محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص .196
-2عبد الحميد عمارة ،المرجع السابق ،ص .508
-3عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،المرجع السابق ،ص.271
-4عبد الحميد عمارة ،المرجع نفسه ،ص .509
185
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
فالرئيس هو الذي يطرح األسئلة والمالحظات ،ومن حق المحامي طرح أسئلة مباشرة إلى
الخصم بعد إذن الرئيس ويتم ذلك عانادما يناتهي رئيس الجلسة من المناقشة العملية ،ويعطي
الكلمة للطرف المدني إلبداء طلباته ثم يقوم ممثل النيابة بإبداء التماساته ثم يقوم الدفاع
بمرافعته لصالح المتهم وتكون الكلمة األخيرة للمتهم ولدفاعه .
-2الطعن في األحكام والق اررات القضائية وتبليغها
إن الحكم الذي ينطق به القاضي قد يكون حضوريا قابال للطعن فيه باالستئناف في
ظرف عشرة ( )10أيام من تاريخ النطق به ،وقد يكون حكما حضوريا اعتبا ار قابال للطعن
فيه باالستئناف في ظرف عشرة ( )10أيام ابتداء من يوم تبليغه ،كما قد يكون حكما غيابيا
()1
قابال للطعن فيه بالمعارضة في ظرف عشرة ( )10أيام من يوم تبليغه.
أ -طرق الطعن في األحكام والق اررات القضائية
تفصل الغرفة الجزائية لدى المجلس القضائي في استئناف األحكام الصادرة عن أقسام
محاكم الجنح والمخالفات وفق التشكيلة المنصوص عليها قانونا ،أين تتبع على مستواها
()2
نفس اإلجراءات المتبعة أمام المحكمة مع مراعاة بعض االستثناءات.
إن القرار الصادر عن الغرفة الجزائية يكون بدوره قابال للطعن إما بالنقض أمام الغرفة
الجزائية بالمحكمة العليا في ظرف ثمانية ( )08أيام من تاريخ النطق بالحكم أو من تاريخ
التبليغ حسب األحوال ،ويكون القرار قابال للطعن بالنقض في أوجه معينة ألن المحكمة
العليا هي محكمة قانون وليست محكمة وقائع كما يكون قابال للمعارضة إذا صدر
()3
غيابيا.
-1المادة 418من األمر رقم 155-66المؤرخ في 1966/06/08المتضن قانون اإلجراءات الجزائية ،
جريدة رسمية عدد 48لسنة .1966
-2المادة 430من األمر رقم 155-66المرجع نفسه.
-3المادة 500من األمر رقم 155-66معدلة بالقانون رقم ، 03-82المرجع السابق.
186
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أما بالنسبة للجنايات فيتم استئناف أحكام محكمة الجنايات االبتدائية إلى محكمة
الجنايات االستئنافية ،وأصبح ذلك ممكنا بعد تعديل قانون اإلجراءات الجزائية بموجب
القانون رقم .07 - 17
كما يمكن الطعن في الق اررات الصادرة عن الغرفة الجزائية عن طريق التماس إعادة
النظر في حاالت معينة ،بالنسبة للق اررات الصادرة عن المجالس القضائية ،إذا حازت قوة
()1
الشيء المقضي فيه وكانت تقضي باإلدانة في جناية أو جنحة.
ب -تبليغ األحكام والق اررات القضائية
نص قانون اإلجراءات الجزائية صراحة على أن تطبق أحكام قانون اإلجراءات المدنية
في مواد التبليغات ما لم توجد نصوص مخالفة لذلك في القوانين أو اللوائح ،كما منع القائم
بالتبليغات من إجراء تبليغ لنفسه أو لبعض أفراد عائلته ،كما ألزمه بإحالة الطلبات المقدمة
إليه دون تأخير ،ويجب عليه تبليغ الق اررات في الحاالت الضرورية بطلب من النيابة العامة.
ونص المشرع مؤخ ار حين إصداره لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،على إلزامية
التبليغ الرسمي بناء على طلب الشخص المعني أو ممثله القانوني أو االتفاقي بواسطة
محضر قضائي ،الذي يحرر محض ار في عدد من النسخ ماساو لعادد األشخاص الذين يتام
تبليغاهم رسميا ،ويتضمن مجموعة من الشروط والبيانات ورد ذكرها على سبيل الحصر،
بناءا على ذلك يعتبر التبليغ الرسمي إلى الشركة التجارية شخصيا ،إذا سلم محضر التبليغ
()2
إلى ممثلها القانوني أو االتفاقي أو ألي شخص يقع تعيينه لهذا الغرض.
187
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
188
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
فال يجوز إطالقا أمام الجهات القضائية الجزائية أن يتقدم محامي الشخص المعنوي
المتابع جزائيا بصفته ممثل له ،أو يحل محل ممثله الشرعي عند غياب هذا األخير ،وأن
المحامي في القانون الجزائري يبقى يتمتع بصفة المدافع فقط دون صفة الممثل عن
الشخص المعنوي ،وأنه عند غياب ممثل الشخص المعنوي أمام قاضي التحقيق أو أمام
جهة الحكم ال يمكن للمحامي أن يحل محل ممثل الشخص المعنوي ،بل وال يجوز له
التأسيس في حقه أصال في غياب ممثله الشرعي ،ويكون وضع المحامي عند غياب الممثل
الشرعي للشخص المعنوي في الجلسة ،كوضع المحامي عند غياب الشخص الطبيعي
()1
المتهم في الجلسة.
كما ال يجوز ألي أحد من مستخدمي الشخص المعنوي أن يتقدم كممثل شرعي له
حتى ولو كان قد منح تفويض بالتمثيل من قبل الممثل القانوني نفسه ،لصراحة نص الفقرة
األولى من المادة 61مكرر 4من قانون اإلجراءات الجزائية التي تمنح صفة تمثيل
ويعتبر ممثال قانونيا للشخص ()2
الشخص المعنوي المتابع جزائيا لممثله القانوني دون غيره.
المعنوي (الشركة التجارية) ،كل شخص طبيعي يمنحه القانون أو القانون األساسي للشركة
تفويضا لتمثيله.
وبناء على ذلك أوجب المشرع الكتساب الشخص الطبيعي صفة ممثل قانوني ،أن
يكون حائ از لتفويض من قبل القانون أو القانون األساسي للشركة ،وبالتالي يمكن أن يكون
ممثال قانونيا للشركة كل من المدير في شركات األشخاص وشركة المسؤولية المحدودة،
رئيس مجلس اإلدارة أو المدير العام في شركة المساهمة ذات مجلس إدارة ،رئيس مجلس
المديرين في شركة المساهمة ذات مجلس مديرين ،باإلضافة إلى المصفي إذا تم تعيينه من
-1محمد حزيط ،المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون المقارن ،المرجع السابق،
ص.300
-2عبد القادر الحسيني إبراهيم محفوظ ،المسؤولية الجنائية لأل شخاص المعنوية في المجال الطبي -دراسة
مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2009 ،ص .276
189
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
قبل الشركاء ،وأحد أعضاء مجلس المديرين إذا تم تعيينه كممثل للشركة بناء على بند
صريح في القانون األساسي ،هكذا يخرج من نطاق الممثل القانوني كل شريك أو عامل
تلقى وكالة من طرف الممثل القانوني ،وكل شخص طبيعي أسندت له مهمة تمثيل الشركة
()1
بموجب قرار قضائي.
ثانيا :الممثل القضائي
نصت المادة 65مكرر 3من قانون اإلجراءات الجزائية على أنه :إذا تمت متابعة
الشخص المعنوي وممثله القانوني جزائيا في نفس الوقت أو إذا لم يوجد أي شخص مؤهل
لتمثيله يعين رئيس المحكمة بناءا على طلب النيابة العامة ،ممثال عنه من ضمن مستخدمي
الشخص المعنوي (.)2
من خالل نص المادة سالفة الذكر ندرك أن التمثيل القضائي للشخص المعنوي يكون
في حالتين:
-1حالة متابعة الشركة التجارية وممثلها القانوني في آن واحد
في هذه الحالة يتكفل الممثل القانوني للشركة التجارية وقت المتابعة تمثيلها أمام
القضاء ،لكن إذا تمت متابعته شخصيا عن نفس األفعال التي تكون الشركة التجارية متابعة
عنها جزائيا ،في هذه الحالة يكون تعيين ممثل من قبل القضاء وجوبيا من أجل تفادي
خطر تنازع المصالح بين الدفاع عن مصلحة الشخص المعنوي والمصلحة الشخصية
للممثل القانوني.
190
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
191
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
192
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أصلية ،الهدف منها إيالم نفسية الجاني عن طريق إفقار ذمته المالية ،كما أنها تحمل في
()1
طياتها معنى الردع العام بتهديدها لآلخرين.
كما كرس المشرع الجزائري الغرامة المالية كعقوبة في جميع أنواع الجرائم التي ترتكب
من قبل إحدى األجهزة أو الممثل الشرعي لحساب شركة تجارية معينة ،يلتزم المحكوم عليه
بها بدفعها للخزينة العمومية ،يقدرها القاضي وفق القواعد المقررة في مثل هذا الشأن عمال
بمبدأ الشرعية ،فيحددها في إطار الحد األدنى واألقصى الذي يضعه القانون ،كما له في
تحديدها أن يراعي مبدأ شخصية الغرامة ،وله أن يأخذ بعين االعتبار أيضا ظروف مرتكبها
()2
وظروف ارتكاب الجريمة.
وقد ميز الامشرع بين العقوبات المطبقة على األشخاص المعنوية في مواد الجنايات
والعقوبات المطبقة على األشخاص المعنوية في مواد الجنح والمخالفات.
أوال :العقوبات المقررة في مواد الجنايات
تعاقب الشركة التجارية باعتبارها الكائن القانوني المجرد إذا ثبتت مسؤوليتها الجزائية
عن الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين المكملة له ،بجملة من
العقوبات الاغرض مناها تحقيق إيالم الشاركة التجاريااة ،عاان طرياق اإلنتقااص من حقوقها
ومصالحها.
وتتمثل هذه العقوبات في غرامة مالية تساوي من مرة ( )1إلى خمس ( )5مرات الحد
األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على نفس الجريمة.
وبناء على ذلك ،فإن القانون لم ينص على غرامة مالية كعقوبة للشخص الطبيعي في
مواد الجنايات ،إال أنه نص على أن عقوبة السجن المؤقت ال تمنع الحكم بعقوبة الغرامة،
ولم يبين حديها األدنى واألقصى ،بل تركها للسلطة التقديرية للقاضي.
193
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وتدخل المشرع وأجاب عن إشكالية عدم وجود نص قانوني يحدد عقوبة الغرامة بالنسبة
لألشخاص الطبيعية ،سواء في الجنايات أو الجنح ،وقامت المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي ،فإن الحد األقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما
يخص الشخص المعنوي والشركة التجارية ،يكون كاآلتي:
-مليوني دينار جزائري ( 2.000.000دج) عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو
السجن المؤبد،
-مليون دينار جزائري ( 1.000.000دج) عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن
المؤقت،
-خمسمائة ألف دينار ج ازئري ( 500.000دج) بالنسبة للجنحة،
والجدير بالذكر أن المشرع يرى عدم كفاية العقوبة المالية لتحقيق الردع المرجو من
العقوبة ،مما دفع به إلى النص على وجوب تطبيق عقوبة واحدة أو أكثر من العقوبات
()1
التكميلية إلى جانب العقوبة المالية.
ثانيا :العقوبات في مواد الجنح
كان المشرع قد كرس في ظل القانون رقم 15-04العقوبات التي تطبق على
الشخص المعنوي في مواد الجنح ،عندما تعرض للعقوبات التي تطبق على الشخص
المعنوي في مواد الجنايات ،والتي كانت نفسها ،غير أنه في ظل القانون رقم 23-06عدل
النص القانوني وألغى عبارة الجنح ،ولم يضف في الباب األول مكرر أي مادة قانونية أخرى
يحدد من خاللها العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي في مواد الجنح.
لكن هاذا ال يعني أن الجنح المرتكبة لحساب الشخص المعنوي من قبل أجهزته أو
ممثليه الشرعيين تدخل ضمن األفعال المبررة أو موانع المسؤولية ،أو الظروف المعفية من
العقاب ألن الامشرع باالرغم مان عدم التعرض لها في الباب األول مكرر لسبب أو آلخر ،إال
-1لحسن بن شيخ ،مبادئ القانون الجزائي العام ،دار هومة للنشر ،الجزائر ،2002 ،ص.170
194
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أنه حدد العقوبات المطبقة من خالل أحكام قانونية ورد ذكرها في قانون العقوبات والقوانين
()1
المكملة له.
وهكذا نص المشرع صراحة على أن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة ،الجنايات
والجنح التي يرتكبها األشخاص ضد النظام العمومي ،جرائم التزوير ،جنح االعتداءات على
شرف واعتبار األشخاص وعلى حياتهم الخاصة وإفشاء األسرار ،جناية االعتداء على
الحريات الفردية وحرمة المنازل والخطف ،باإلضافة إلى جنحة القتل الخطأ والجرح الخطأ،
الجنايات والجنح التي من شأنها الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل ،جنح خيانة
األمانة ،النصب ،إصدار شيك بدون رصيد وجنحة السرقة وابتزاز األموال ،جناية الهدم
والتخريب واألضرار التي تنتج عن تحويل اتجاه وسائل النقل ،جنحة إخفاء األشياء ،جنحة
التفليس وجنحة التعدي على األمالك العقارية ،جنحة الغش في بيع السلع والتدليس في
المواد الغذائية والطبية ،جنح الفساد كجنحة إساءة استغالل الوظيفة ،تعارض المصالح
وجنحة الرشوة ،يمكن أن تقوم على أساسها مسؤولية جزائية للشركة التجارية باعتبارها
فتطبق عليها عقوبة ()2
شخصا معنويا ،إذا ارتكبتها أجهزتها أو ممثلوها الشرعيون ولحسابها،
الغرامة حسب الكيفيات المقررة في مواد الجنايات ،باإلضافة إلى واحدة أو أكثر من
العقوبات التكميلية السبعة ( )07التي وردت على سبيل الحصر في هذا المجال.
ثالثا :العقوبات في مواد المخالفات
تاعاقب الشركة التجارية باعتبارها الكائن القانوني المجرد ،إذا ثبتت مسؤوليتها الجزائية
عان المخالفات المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين المكملة له ،بعقوبات الغرض
منها إيالم المجرم " الشركة التجارية" عن طريق االنتقاص من حقوقها ومصالحها ،وتتمثل
هذه العقوبات فيما يلي:
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .325
-2لحسن بن شيخ ،المرجع السابق ،ص .172
195
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أ -عقوبة الغرامة تساوي من مرة ( )1إلى خمس ( )5مرات الحد األقصى للغرامة المقررة
للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على نفس الجريمة،
وبناء على ذلك إذا كانت الغرامة المقررة للشخص الطبيعي هي عشرون ألف دينار
جزائري ( 20.000دج) ،فإنه إذا تعلق األمر بشركة تجارية ،فإن مبلغها سيتراوح ما بين
عشرون ألف ديناار جزائري ( 20.000دج) كاحد أدنى إلى غاية مائة ألف دينار جزائري
( 100.000دج) كحد أقصى.
ب -يجوز للقااضي في مواد المخالفات أن يناطق باعقوبة مصادرة الشيء الذي استعمل في
ارتكاب الجريمة أو نتج عنها ،في نفس الحكم المقرر لعقوبة الغرامة.
هكذا يظهر أن المشرع جعل النطق بالعقوبة التكميلية في مواد المخالفات أمر جوازي
يرجع للسلطة التقديرية للقاضي ،عكس العقوبة التكميلية في مواد الجنايات التي يجب على
القاضي النطق بواحدة منها أو أكثر إلى جانب عقوبة الغرامة ،أي أن القاضي لديه سلطة
مقيدة في هذا الشأن ،غير أن سلطته تكون تقديرية حينما يختار العقوبة التكميلية األصلح
()1
لتوقيعها على الشركة ،من حيث العدد ومن حيث النوع.
الفرع الثاني :العقوبات األصلية المقررة في القوانين المجرمة األخرى
باإلضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات هناك عقوبات أدرجها
المشرع في قوانين خاصة نتناولها فيما يلي:
أوال :العقوبات األصلية في قانون مكافحة الفساد
قانون مكافحة الفساد أحال تطبيق العقوبات على الجرائم المذكورة فيه إلى قانون
العقوبات بموجب نص المادة 53منه ،غير أنه بالنسبة للجريمة المذكورة في المادة 26
المتعلقة بجريمة منح االمتياز غير المبرر في الصفقات العمومية ،أين نصت المادة سالفة
196
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
الذكر في البند رقم 02على أنه :يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من
200.000دج إلى 1.000.000دج.
-كل تاجر أو صناعي أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص ،أو بصفة عامة كل
شخص طبيعي أو معنوي يقوم ،ولو بصفة عرضية ،بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو
الجمعيات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات
العمومية االقتصادية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ،ويستفيد من
سلطة أو تأثير أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في األسعار التي يطبقها عادة أو
()1
من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين.
ثانيا :العقوبات األصلية في القوانين الجبائية
لقد نص المشرع الجزائري على مجموعة من العقوبات التي توقع على الشخص
المعنوي (الشركة التجارية) من خالل القوانين الجبائية في حالة ارتكابه جريمة من جرائم
الغش الضريبي وجاءت كما يلي:
-1قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة
جاء في أحكام المادة 303من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة أن العقوبات
المطبقة على الشركة أو الشخص المعنوي السيما الفقرة 7و ،9التي ورد فيها أنه :فضال
عن العقوبات الجبائية المطبقة ،يعاقب كل من تملص باللجوء إلى أعمال تدليسية في إقرار
وعاء أي ضريبة أو حق أو رسم خاضع له ،أو تصفيته ،كليا أو جزئيا ،بما يلي:
-غرامة مالية من 50.000دج إل 100.000دج ،عندما ال يفوق مبلغ الحقوق
المتملص منها 100.000دج،
-الحبس من شهرين 02إلى ستة 06أشهر وغرامة مالية من 100.000دج إلى
500.000دج ،أو بإحدى هاتين العقوبتين ،عندما يفوق مبلغ الحقوق المتملص منها
100.000دج ،وال يتجاوز 1000.000دج،
197
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
198
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-3قانون التسجيل
ورد في نص المادة 119من قانون التسجيل أنه :فضال عن العقوبات الجبائية
المطبقة ،يعاقب كل من تملص أو حاول التملص كليا أو جزئيا من وعاء الضريبة أو
تصفيتها أو دفع الضرائب أو الرسوم التي هو خاضع لها باستعماله طرقا تدليسية ،بغرامة
جزائية تتراوح من 5.000دج إلى 20.000دج ،وحبس من سنة إلى خمسة 05سنوات
أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط "...
كما نصت المادة 121من القانون نفسه على معاقبة الشركات بالتضامن بينها ،حيث
نصت على ما يلي :إن األشخاص أو الشركات المحكوم عليهم بنفس الجريمة ،يجب عليهم
()1
أن يدفعوا متضامنين العقوبات المالية المحكوم بها عليهم.
-4قانون الطابع
نصت المادة 33من قانون الطابع على ما يلي :إن كل غش أو محاولة للغش
وبصفة عامة كل مناورة تكون غايتها أو نتيجتها الغش أو تعريض الضريبة للشبهة ،يتم عن
طريق استعمال اآلالت المشار إليها في المادة 4يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها
في التشريع الجاري به العمل بالنسبة لكل ضريبة متملص منها.
غير أنه في حالة استعمال آلة بدون ترخيص من اإلدارة ،فإن الغرامة ال يمكن أن
تكون أقل من 10.000دج.
ومن دون اإلخالل بهذه العقوبات ،فإن كل تقليد وتزييف وتزوير البصمات وكل
استعمال لبصمات مزورة ،تطبق عليه العقوبات المنصوص عليها في المادتين 209و210
()2
من قانون العقوبات.
199
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
200
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1جميلة حميدة ،الوسائل القانونية لحماية البيئة ،دراسة على ضوء التشريع الجزائري ،رسالة مقدمة لنيل شهادة
الماجستير في القانون العقاري والزراعي ،كلية الحقوق ،جامعة البليدة ،2001 ،ص .145
201
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
شخص يشرف على عمليات الغمر أو الترميد في البحر على متن آليات جزائرية أو قواعد
عائمة ثابتة أو متحركة في المياه الخاضعة للقضاء الجزائر ،يعاقب بالحبس لمدة ستة 06
أشهر وبغرامة قدرها خمسون 50ألف دينار كل من أعاق مجرى عمليات المراقبة التي
()1
يمارسها األعوان المكلفون بالبحث ومعاينة أحكام هذا القانون.
المطلب الثاني :العقوبات التكميلية المقررة للشركة التجارية
عرفت المادة 4فقرة 3من قانون العقوبات ،العقوبات التكميلية كاآلتي :العقوبات
التكميلية هي تلك التي ال يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية ،فيما عدا الحاالت
التي ينص فيها القانون ص ارحة وهي إما إجبارية أو اختيارية.
وهي عقوبات ال تلحق تلقائيا بالعقوبة األصلية بل البد أن ينطق بها القاضي للقول
()2
بوجودها ،وال يجوز الحكم بها منفردة.
وقد تناول المشرع الجزائري العقوبات التكميلية للشخص المعنوي بموجب أحكام المادة
2006/12/23المعدل 18مكرر 2المستحدثة بموجب القانون 23-06المؤرخ في
لقانون العقوبات ،وجاءت هذه العقوبات التكميلية تارة ماسة بوجود الشركة وبالذمة المالية لها
وهو ما سنتطرق له في الفرع األول وتارة تمس بنشاط الشركة وسمعتها وهو ما سنتطرق له
في الفرع الثاني.
الفرع األول :العقوبات التكميلية الماسة بوجود الشركة والذمة المالية لها
وتتمثل العقوبات التكميلية الماسة بوجود الشركة والذمة المالية لها في المصادرة ،الحل
والغلق.
أوال :المصادرة
المصادرة ،confiscationهي نزع ملكية الشيء جب ار عن مالكه وإضافته إلى ملك
الدولة بغير مقابل ،أوهي األيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة أموال معينة ،أو ما
()1
يعادل قيمتها عند االقتضاء.
202
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
ولقد عرفتها المادة 15من قانون العقوبات على أنها :األيلولة النهائية إلى الدولة
لمال أو مجموعة أموال معينة ،أو ما يعادل قيمتها عند االقتضاء...
وقد نص المشرع الجزائري على عقوبة المصادرة كإحدى العقوبات التكميلية التي توقع
على الشركات التجارية كشخص معنوي الرتكابها إحدى الجنايات أو الجنح المنصوص
عليها في قانون العقوبات التي تسأل عنها الشركات التجارية جزائيا ،إذ تضمنتها المادة 18
مكرر من قانون العقوبات الجزائري كإحدى العقوبات التكميلية التي توقع إلى جانب عقوبة
الغرامة على الشخص المعنوي في الجنايات والجنح المنصوص عليها في قانون العقوبات
كما نص على إمكانية توقيع عقوبة المصادرة في المخالفات ويكون محلها حينئذ األشياء
التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي نتجت عنها ،وحدد المشرع الجزائري موضوع
المصادرة بالنسبة للشخص المعنوي ،سواء في الجنايات والجنح طبقا لنص المادة 18مكرر
من قانون العقوبات أو في المخالفات طبقا لنص المادة 18مكرر 1من القانون نفسه.
كما نص القانون على أن المصادرة تنصب إما على الشيء الذي استعمل في
ارتكاب الجريمة أو نتج عنها ،فيما سكت عن إدراج األشياء التي كانت معدة الستعمالها في
ارتكاب الجريمة بالنسبة للمشخص المعنوي ،على عكس المشرع الفرنسي الذي لم يقصر
محل المصادرة بالنسبة للشخص المعنوي في المادة 39/131من قانون العقوبات الفرنسي
على األشياء التي ا ستعملت في ارتكاب الجريمة أو التي نتجت عنها ،وإنما تضمنت أيضا
حتى األشياء التي كانت معدة الستعمالها في ارتكاب الجريمة.
ثانيا :حل الشركة التجارية
يقصد بحل الشركة التجارية ،منعها من االستمرار في ممارسة نشاطها وهذا يقتضي
أن ال يستمر هذا النشاط حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس
-1أكرم نشأت إبراهيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ،الطبعة األولى ،مطبعة الفتيان ،بغداد،
،1998ص.334
203
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
إدارة أو مسيرين آخرين ،ويترتب على ذلك تصفية أموالها مع المحافظة على حقوق الغير
()1
حسب النية.
وال شك أن عقوبة الحل تعتبر من أشد أنواع العقوبات التي توقع على األشخاص
المعنوية والشركات التجارية لذا جعلها المشرع الجزائري جوازية صراحة في نص المادة 18
مكرر من قانون العقوبات ،المحددة للعقوبات على األشخاص المعنوية كقاعدة عامة،
التي نصت ()2
وأكدها في نص المادة 177مكرر 1الخاصة بجريمة تكوين جمعية األشرار
على أنه :يكون الشخص المعنوي مسؤوال جزائيا وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة
51مكرر أعاله ،عن الجرائم المنصوص عليها في المادة 176من هذا القانون ويعاقب
بالغرامة التي تساوي خمس ( ) 5مرات الحد األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي
المنصوص عليها في المادة 177من هذا القانون.
ويتعرض أيضا لواحدة أو أكثر من العقوبات اآلتية :
-1مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها،
-2المنع لمدة خمس ) (5سنوات من مزاولة ،بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،المنع لمدة
خمس ( )5سنوات من مزاولة ،بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،أو الذي ارتكبت الجريمة
بمناسبته النشاط الذي أدى إلى الجريمة،
-3اإلقصاء من الصفقات العمومية لمدة خمس ( )5سنوات،
-4غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز خمس ( )5سنوات،
-5حل الشخص المعنوي.
باإلضافة إلى نص المادة 389مكرر 7الخاصة بجريمة تبييض األموال التي نصت
على أنه :يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب الجريمة المذكورة في المادة 389مكرر1
و 389مكرر 2بالعقوبات التالية:
204
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
- 1محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص . 278
- 2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .361
205
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
ويشترط أن تكون الجريمة المرتكبة في هذه الحالة جناية أو جنحة يقرر لها القانون
بالنسبة للشخص الطبيعي عقوبة الحبس لمدة تزيد أو تساوي ثالث سنوات وبالتالي ال يجوز
توقيع عقوبة الحل على الشخص المعنوي إذا ارتكب مخالفة أو جنحة معاقبا عليها بأقل من
ثالث سنوات حبسا ،إال إذا كان الغرض من إنشائه هو ارتكاب الجرائم ،مثل البنك الذي
يقوم بتبييض األموال العائدة من المخدرات ،يمكن حله دون أن نبرهن أن تبييض األموال
كان السبب من إنشائه.
-الحالة الثانية:
أن يكون الشخص المعنوي قد أنشئ من أجل ارتكاب أفعال إجرامية وبالتالي ،فاإلرادة
اآلثمة لدى الشخص المعنوي متوفرة منذ البداية ،لكن السؤال المطروح هل نبحث عن هذه
النية لدى مؤسسي أو مسيري أو شركاء الشخص المعنوي؟
وعليه يجب أن يكون هدف الشخص المعنوي من الناحية القانونية مشروعا ،لكن من
الناحية الفعلية ،فإن إرادة المشرع في إنشاء الشخص المعنوي لغرض مشروع قد ال تراعى،
األمر الذي يجعل القاضي عاج از على الحكم بعقوبة الحل ،إال بعد ممارسة الشخص
المعنوي نشاطه الفعلي والحقيقي لذلك يرى األستاذ ليكانو LECANNUأنه يجب األخذ في
االعتبار الهدف األساسي من إنشاء الشخص المعنوي.
ويضيف إلى ذلك األستاذين DESPORTES et LE GUNEHEC :أنه يجب األخذ
بعين االعتبار الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة ،بمعنى إذا ارتكبت الجريمة صدفة بعد
سنوات من إنشاء الشخص المعنوي ،فال يمكن النطق بعقوبة الحل إال إذا كان الهدف من
إنشاء الشخص المعنوي هو ارتكاب الجرائم.
أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري ،فلقد نص على عقوبة الحل في قانون العقوبات
المعدل والمتمم في المادة 18مكرر من ،وكذلك في المادة 303مكرر 26منه وتطبق
على الشخص المعنوي العقوبات ،حيث نصت الفقرة الثالثة منها على العقوبات المنصوص
عليها في المادة 18مكرر من هذا القانون.
206
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وبذلك يكون المشرع قد نص على هذه العقوبة في جميع الجرائم التي يرتكبها الشخص
المعنوي ،باستثناء تلك المنصوص عليها في القسم السابع مكرر من قانون العقوبات
المتعلقة بالمساس بأنظمة المعالجة اآللية للمعطيات وذلك بالرغم من خطورة هذه الجريمة.
وتعتبر عقوبة الحل عقوبة تكميلية وجوازية ،للقاضي أن يحكم بها في حالة ارتكاب
الشخص المعنوي جناية أو جنحة دون المخالفات ،ونص عليها المشرع الجزائري دون أن
()1
يتطرق إلى مضمون هذه العقوبة وقواعد تطبيقها كما فعل المشرع الفرنسي.
أما في القوانين الخاصة ،فلقد أجاز المشرع الجزائري للقاضي الحكم بعقوبة الحل في
القانون رقم 09-03المؤرخ في 19جويلية ،2003المتضمن جرائم مخالفة أحكام اتفاقية
حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال األسلحة وذلك بموجب المادة 18فقرة ثالثة التي
تنص "وفي جميع الحاالت يتم الحكم بحل المؤسسة".
كما أحالت المادة 53من القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فبراير ،2006
المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم باألمر رقم 05-10المؤرخ في 26
أوت 2010إلى قانون العقوبات في مجال العقوبات (حل الشخص المعنوي).
كما نصت على هذه العقوبة ،المادة 25فقرة أخيرة من القانون رقم 18 -04المؤرخ
في 25ديسمبر 2004المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال
واإلتجار غير المشروعين بهما على أنه ... :وفي جميع الحاالت ،يتم الحكم بحل
المؤسسة أو غلقها مؤقتا لمدة ال تفوق خمس ) ( 5سنوات.
مما تقدم يمكن القول أن فرض عقوبة الحل على الشخص المعنوي والشركة التجارية
في حالة ارتكابها جرائم اقتصادية ليس باألمر الهين ،بالنظر إلى نتائجها السلبية اقتصاديا
واجتماعيا وبالتالي فلن تكون هذه العقوبة فعالة ومجدية إال إذا تأكد القاضي عند النطق
207
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بها ،أن هدف الشخص المعنوي والشركة التجارية كان حقيقة غير مشروع منذ بداية
نشاطها.
ثالثا :غلق الشركة التجارية
الغلق جزاء عيني يتمثل في منع الشخص المعنوي من مزاولة نشاطه في المكان الذي
ويعتبر من العقوبات التكميلية الماسة ()1
ارتكبت فيه أو بسببه جريمة متعلقة بهذا النشاط،
بالنشاط المهني للشخص المعنوي ،يترتب عليه منع هذا األخير من أن يمارس النشاط الذي
كان يمارسه قبل الحكم بالغلق ،والهدف من هذا الجزاء هو عدم السماح للشخص المعنوي
()2
المحكوم عليه ارتكاب جرائم جديدة.
والغلق جزاء عيني ينص عليه المشرع في غالب األحوال كعقوبة تكميلية إلى جانب ما
يقضي به من عقوبات أصلية أخرى ،وعادة ما يستخدم في المخالفات التجارية واالقتصادية
ويأخذ الغلق عدة صور ،فقد يكون جزئيا ،دائما أو مؤقتا ،تبعا لجسامة الجريمة ونص
القانون الجزائري على عقوبة الغلق ضمن العقوبات العامة المطبقة على الشخص المعنوي
في المادة 18مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم ،كإحدى أنواع العقوبات التكميلية
التي تطبق على األشخاص المعنوية عند ارتكابها إحدى الجنايات والجنح المنصوص عليها
في هذا القانون والتي تسأل عنها جزائيا ،واعتبرها المشرع عقوبة مؤقتة حدد مدتها بخمس
سنوات على األكثر.
()3
أما في مجال المخالفات ،فلقد استبعدها من التطبيق طبقا لنص المادة 18مكرر 1
من قانون العقوبات ،كما استبعدها بالنسبة لجرائم تبييض األموال على نحو ما تضمنته
208
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المادة 389مكرر 7من قانون عقوبات التي أجازت فقط توقيع عقوبة المنع من مزاولة
النشاط لمدة ال تتجاوز خمس سنوات أو حل الشخص المعنوي.
()1
أما في مجال القوانين الخاصة ،استبعد المشرع الجزائري تطبيق عقوبة الغلق على
األشخاص المعنوية في حالة ارتكابهم جرائم الصرف المنصوص عليها في األمر رقم -96
22المعدل والمتمم ،وكذلك في األمر رقم 01-05المؤرخ في 06فيفري 2005المتعلق
بالوقاية من تبييض األموال وتمويل اإلرهاب ومكافحته المعدل والمتمم.
أما في جرائم الفساد المنصوص عليها في القانون رقم 01-06المؤرخ في 20فيفري
2006المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته المعدل والمتمم باألمر رقم 05-10 :المؤرخ
في 26أوت ،2010تطبق عقوبة الغلق كعقوبة تكميلية وفقا للقواعد المقررة في المادة 18
مكرر من قانون العقوبات المعدل والمتمم.
كما نص المشرع الجزائري على هذه العقوبة في جرائم المخدرات المنصوص عليها في
المواد من 18إلى 21من القانون رقم 18-04المؤرخ في 25ديسمبر 2004المتعلق
بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع االستعمال واإلتجاز غير المشروعين بها،
وذلك ( )2
وهذه العقوبة تطبق وجوبا ولمدة مؤقتة على الشخص المعنوي إذا لم يؤمر بحله
وفقا لما تضمنته المادة 25فقرة أخيرة منه التي نصت على أنه :وفي جميع الحاالت ،يتم
الحكم بحل المؤسسة أو غلقها مؤقتة لمدة ال تفوق خمس سنوات.
وتم تكريس هذه العقوبة أيضا في القانون رقم 09-03المؤرخ في 19جويلية 2003
المتضمن قمع جرائم مخالفة أحكام اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال األسلحة
الكيميائية وتدمير تلك األسلحة وذلك في المادة 18فقرة ثالثة منه التي تنص على أنه :
-1محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية ،المرجع السابق ،ص .356
-2سليم صمودي ،المسؤولية الجزائية لشخص المعنوي ،دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي ،دار
الهدى الجزائر ، 2006،ص .49
209
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وفي جميع الحاالت يتم الحكم بحل المؤسسة أو غلقها مؤقتا لمدة ال تتجاوز خمس ( )5
سنوات.
والمالحظ أن المشرع الجزائري بالرغم من فعالية وأهمية عقوبة الغلق في محاربة
الجرائم االقتصادية المرتكبة من طرف األشخاص المعنوية ،إال أنه لم يتناول في الكثير من
النصوص القانونية هذه العقوبة ،كان عليه أن ينص عليها في القانون رقم 03-09المؤرخ
في 25فيفري 2009المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش وكذلك القانون رقم 10-03
المؤرخ في 19جويلية ،2003المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة وكذا
القانون رقم 06-10المؤرخ في 15أوت 2010المعدل والمتمم للقانون رقم 02-04
الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية لما لهذه العقوبة من آثار على مرتكب
()1
المخالفات التي تتضمنها هذه القوانين.
الفرع الثاني :العقوبات التكميلية الماسة بنشاط الشركة وسمعتها
تعد العقوبات الماسة بنشاط الشخص المعنوي والشركة التجارية من أسهل العقوبات
التي يمكن توقيعها على األشخاص المعنوية وضمان تنفيذها ،وتتمثل هذه العقوبات في منع
الشخص المعنوي والشركة التجارية من ممارسة نشاطه المهني واالجتماعي وإقصائه من
الصفقات العمومية.
أوال :منع الشركة التجارية من ممارسة نشاطها المهني واالجتماعي
ويترتب على الحكم بمنع الشركة التجارية من ممارسة نشاطها المهني واالجتماعي
حرمانها من حق مزاولة نشاطها التجاري والصناعي خشية من أن ترتكب عن طريقه أو
بمناسبته جرائم أخرى ،ومن ثم فإن في مباشرته له مصدر خطورة إجرامية تهدد المجتمع،
فالقضاء على هذه الخطورة يتطلب المنع من استم ارره في ممارسة هذا النشاط وقد تطرق
المشرع الجزائري إلى عقوبة المنع عن ممارسة النشاط في المادة 17من قانون العقوبات
-1محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،المرجع السابق ،ص .357
210
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المعدل والمتمم التي نصت على أنه :منع الشخص االعتباري من االستمرار في ممارسة
نشاطه تقتضي أن ال يستمر هذا النشاط حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو
أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين آخرين ويترتب على ذلك تصفية أمواله مع المحافظة على
()1
حقوق الغير حسن النية.
ويتبين من خالل نص المادة سالفة الذكر ،أن المشرع الجزائري جعل عقوبة المنع من
ممارسة النشاط تتخذ إحدى الصورتين :إما أن تكون عقوبة نهائية أو عقوبة مؤقتة ال
طا واحد من أنشطة الشركة التجارية
تتجاوز مدتها خمس 5سنوات وهي إما أن تمس نشا ً
المنصوص عليه في قانونه األساسي أو تمس عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية إذا كان
موضوع نشاطها متعدد وهذا المنع إما أن يكون مباشر أو غير مباشر ،ويجب أن يشمل
النشاط الذي وقعت الجريمة بسببه أو بمناسبته.
كما يالحظ أيضا من خالل نص المادة سالفة الذكر ،أن عقوبة المنع من ممارسة
النشاط تقترب من عقوبة الحل ،هذا في حالة ما إذا تم المنع النهائي من ممارسة النشاط،
وتقترب من عقوبة الغلق إذا تم المنع بصفة مؤقتة ،وتعتبر أيضا من العقوبات التكميلية
الجوازية التي يمكن للقاضي الحكم بها على األشخاص المعنوية محل المساءلة الجزائية في
()2
الجرائم التي تأخذ وصف الجنايات والجنح دون المخالفات.
ثانيا :إقصاء الشركة التجارية من الصفقات العمومية
اإلقصاء من الصفقات العمومية :يقصد بها منع الشركة التجارية من المشاركة بصفة
مباشرة أو غير مباشرة في أية صفقة عمومية ،إما نهائيا أو لمدة مؤقتة ،كما يجوز للقاضي
أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذه العقوبة.
211
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
212
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
لدى الفقهاء من المبررات والدوافع ما جعلهم يبادرون إلى إعطاء اهتمام ملحوظ إلقرار
المسؤولية الجنائية لألشخاص اإلعتبارية في وقت مبكر لقمع الجرائم التي يمكن أن ترتكبها
هذه الشركات.
213
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
214
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
مع اإلشارة لوجود محاوالت التي تفيد بتقيد مسؤولية المسير وذلك بالنص على شرط
تدخله الشخصي في اتخاذ القرار أو على مستوى التنفيذ غير أن البرلمان الفرنسي كرس
مبدأ الجمع بين مسؤولية الشخص المعنوي والشخص الطبيعي ،وتم إلغاء هذا الشرط من
القانون الذي تم التصويت عليه وتم ذكر بعض الحاالت على سبيل الحصر ،حيث يمكن
أن تقوم مسؤولية الشركات التجارية وحدها دون الشخص الطبيعي المسؤول عليها ،في حالة
215
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
عدم ثبوت مسؤوليته الج ازئية ،كما هو الحال في جرائم االمتناع واإلهمال ،أو كأن ترتكب
()1
من أحد أجهزة الشركة مع العجز في إخضاعها ألحد منهم.
وعليه فإن مسير الشركة قد يتابع بصفته فاعال أصليا وهو ما سنتطرق له في المطلب
األول أو يتابع بوصفه شريكا للشركة التجارية وهو ما سنتطرق له في المطلب الثاني.
المطلب األول :متابعة مسير الشركة التجارية كفاعل أصلي
المساهمة األصلية يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية للجريمة بنفسه ،فيكون
مباشر لألفعال المادية للجريمة لوحده
ا فاعال ماديا ،وفيها صورتان :فقد يكون فاعال ماديا
وقد يساهم معه فاعل آخر أو فاعلون آخرون فيصبحون جميعا فاعلين أصليين في الجريمة
يتابعون بكونهم هم من ارتكبوا األفعال المادية للجريمة وهذا ما سنتطرق له في الفرع األول،
كما يمكن أن يكون فاعال أصليا للجريمة رغم أنه لم يقم بارتكاب األفعال المادية للجريمة
ولم يساهم مساهمة مباشرة وإنما قام بالتحريض على ارتكابها ،وهو الطرح الذي تبناه المشرع
الجزائري بناء على نص المادة 41من قانون العقوبات ،وهنا أيضا نجد طرحين اثنين
الطرح األول :وهو من يحرض شخصا مسؤوال جزائيا ،والطرح الثاني :من يحرض شخصا
غير مسؤول جزائيا ،وهو ما يعرف في الفقه الجنائي بالفاعل المعنوي ،والمحرض في كلتا
الحالتين يعتبره المشرع الجزائري فاعال أصليا في الجريمة وهو ما سنتطرق له في الفرع
الثاني.
الفرع األول :متابعة مسير الشركة التجارية كفاعل مادي
نص المشرع الجزائري على الفاعل األصلي في الجريمة في المادة 41من قانون
العقوبات التي نصت على أنه :يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة
216
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو
()1
الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي.
واستقراءا لنص المادة أعاله نستنتج أن الفاعل هو من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ
الجريمة وعبارة مساهمة مباشرة ال يمكن اعتبارها معيا ار فاصال لتحديد ما هو مساهمة
أصلية وما هو مساهمة تبعية ،وهو ما سوف نتطرق إليه في حينه ،وتأخذ المساهمة
المباشرة صورتان :الصورة األولى يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية للجريمة وحده
والصورة الثانية وهي مساهمة الفاعل المادي للجريمة مع غيره في إتيان األفعال المادية
للجريمة ،وهو ما سوف نوضحه فيما يلي:
-1الفاعل المادي لوحده
هذه الصورة من المساهمة الجنائية ال تطرح أي إشكال قانوني ،فالفاعل في هذه الحالة
يقوم بمباشرة األفعال المادية للجريمة لوحده دون أن يساهم معه أي شخص آخر في ذلك
وإن وجد معه مساهمون فهم شركاء ساعدوه أو عاونوه على ارتكاب مشروعه اإلجرامي
وليسوا فاعلين أصليين.
والفاعل المادي قد يكون فعله إيجابي ومثاله :من يقدم على قتل شخص ما أو
يسرقه...إلخ وقد يكون فعله سلبي وهو من امتنع عن أداء التزام قانوني يقع على عاتقه
ومثاله :من ترك طفال أو شخصا عاج از غير قادر عن حماية نفسه عرضة للخطر ،وهو ما
تنص عليه المادة 314من قانون العقوبات ،كما أن تحقق النتيجة ليس شرطا العتبار
الشخص فاعال ماديا وهو ما يعرف بالجريمة الخائبة ،كما ال يشترط أن يتم الجاني مشروعه
والاشركة ()2
اإلجرامي بل قد يبقى في صورة شروع فيعاقب على أساس نظرية الشروع.
التجارية قد تأخذ دور الفاعل األصلي أو دور الشاريك -حسب األحوال -إال أنه ال يمكن
217
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أن تأخذ دور الشريك إذا تعلق األمر بجريمة ارتكبها الجهاز ،أو الممثل الشرعي وقد تتابع
عنها إلى جان ب الشخص الطبيعي الذي يرتكبها بصفتها فاعال أصليا.
-2الفاعل المادي مع غيره
إذا كان الفاعل المادي للجريمة وحده ال يطرح إشكاال ،فإن الفاعل المادي مع غيره
عكس ذلك ،وهذه الصورة من المساهمة الجنائية تتطلب شروط معينة لتتحقق وتتمثل هذه
الشروط في تعدد المساهمين ووحدة الجريمة.
أوال :تعدد الجناة
إن تعدد المساهمين شرط من شروط تحقق المساهمة الجنائية ،غير أن هذا األمر في
بعض األحيان ال يتحقق حتى بتعدد الجناة ،وذلك في الجرائم التي يعد التعدد ضروري
لتحققها مثل جريمة الرشوة التي ال تتحقق إال بوجود راشي ومرتشي...إلخ ،وإذا تعدد الجناة
وتعددت جرائمهم ،بحيث كان كل واحد منهم مرتكبا على حدة جريمة مستقلة ولو ارتكبت
هذه الجرائم في مكان واحد أو في وقت واحد أو صدرت عن باعث واحد ،مثل الجرائم التي
تقع أثناء التجمهر ،كما لو أحرق متظاهرون متاجر خصومهم أو اعتدوا على رجال األمن
()1
الذين أرادوا تفريقهم فال تتحقق المساهمة الجنائية.
بينما التعدد الذي يحقق المساهمة الجنائية هو الذي تتحقق معه الجريمة التي يمكن
()2
أن ترتكب بفاعل وحيد ،ويتعدد فيها الجناة في مشروع جنائي واحد ماديا ومعنويا.
ثانيا :وحدة الجريمة
تعد وحدة الجريمة من الشروط الالزمة لتحقق المساهمة الجنائية بحيث تتحد إرادة
الجناة في ارتكاب جريمة واحدة يساهمون جميعا في وقوعها ،بالمخالفة ال يمكن القول
218
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بإمكانية الجمع بين المسؤوليتين الجزائيتين إذا ارتكبت جريمتين مختلفتين ومتميزتين عن
بعضهما البعض ،حتى ولو تم ارتكابهما لحساب الشركة.
وتأخذ هذه الوحدة بعدين:
بعد مادي وبعد معنوي وهو ما يعرف في الفقه الجنائي بوحدة الركن المادي ووحدة الركن
()1
المعنوي.
أ /الوحدة المادية للجريمة
لكي تتحقق المساهمة الجنائية ال بد أن يكون المشروع اإلجرامي للمساهمين ذو وحدة
مادية أي ال بد أن يشترك الجناة في ارتكاب األركان المادية للجريمة ،وال يهم نوع المساهمة
التي يقدمها أي عضو في المجموعة ،ما دامت تدخل في تكوين العناصر المادية للجريمة.
ب /الوحدة المعنوية
باإلضافة إلى الوحدة المادية ال بد أن تتحقق الوحدة المعنوية في الجريمة حتى تكتمل
صورة المساهمة الجنائية ،وتتمثل الوحدة المعنوية في توافق إرادة المساهمين على ارتكاب
األفعال المادية للجريمة أ ي :اتجاه إرادتهم للمشاركة في مشروع إجرامي واحد مع علمهم
بأن األفعال التي يأتيها كل واحد منهم تصب في المشروع اإلجرامي المزمع ارتكابه ،وقد
تكون هذه الوحدة نابعة عن اتفاق مسبق بين الجناة وهو الرأي الغالب ( ،)2غير أن األمر
ليس على إطالقه ،فقد تتحقق الوحدة المعنوية في غياب االتفاق المسبق بين الجناة حيث
يكفي أن يكون هناك اتفاق حال معاصر لوقت ارتكاب الجريمة.
فإذا هم مثال شخص بقتل شخص آخر ،وصدفة مر بالمكان شخص ثالث يكره
الشخص المراد قتله ويريد االنتقام منه فيقوم بتقييده ليسهل على الشخص اآلخر قتله ،فهنا
-1علي حسن خلف ،سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،المكتبة القانونية ،بغداد،
،2015ص.180
-2منصور رحماني ،المرجع السابق ،ص.189
219
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
تقوم المساهمة الجنائية رغم انعدام االتفاق المسبق بين المجرمين لقيام قصد التدخل
لذلك تتحقق الوحدة المعنوية. ()1
الرتكاب الجريمة لدى الشخص الثالث،
الفرع الثاني :متابعة مسير الشركة التجارية كمحرض
يأخذ الفاعل األصلي في المساهمة الجنائية صورة أخرى وهي المحرض وهو ما عبر
عنه المشرع في المادة 41من قانون العقوبات في جزئها الثاني بالقول ...":أو حرض على
ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو
التدليس اإلجرامي.
وعليه فالمحرض عند رأي المشرع الجزائري يعتبر فاعال أصليا بخالف بعض
التشريعات التي تعتبره شريكا كالمشرع الفرنسي والمشرع المصري ،كما يخالف أيضا
توصيات المؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات المنعقد في أثينا سنة 1957الذي يوصي
بإخراج التحريض من المساهمة األصلية والتبعية وجعله صورة مستقلة عن المساهمة
()2
الجنائية.
والتحريض نوعان تحريض مقيد وتحريض مطلق ،فأما التحريض المقيد فهو التحريض
على ارتكاب الجريمة باستعمال إحدى األساليب المذكورة في الجزء الثاني من المادة 41
السالفة الذكر والمادة 45من القانون نفسه ،والتحريض المطلق وهو التحريض الذي تناوله
المشرع الجزائري بنصوص خاصة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له ،دون أن يتقيد
بوسائل التحريض المذكورة في المادة 41مثل :التحريض على ارتكاب الجنايات المنصوص
عليها في المواد 61،62،63 ،64 :وذلك بموجب نص المادة 2/64والمواد:
التحريض على اإلجهاض ()3
80،83،86،107،138،140،316من قانون العقوبات،
-1علي حسن خلف ،سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص.181
-2محمود محمود مصطفى ،أصول قانون العقوبات في الدول العربية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية،
مصر ،1970 ،ص .83
- 3أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص.208
220
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المادة 310من قانون العقوبات ،تحريض القصر على الفسق والدعارة المنصوص عليه في
المواد 349 -342مكرر من قانون العقوبات ،التحريض على استهالك أو بيع المخدرات
المادة 22من قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع اإلتجار واالستعمال غير
المشروعين بها ( ،)1التحريض على ارتكاب إحدى الجرائم المقررة في المادة األولى من
القانون رقم 01-05المؤرخ في 2005/02/06المتعلق بالوقاية من تبييض األموال
وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما ،التحريض المنصوص عليه في المواد ،283 ،279 ،271
303 ،301 ،286 ،284و 306من قانون القضاء العسكري (.)2
والتحريض الذي يهمنا في هذه الدراسة التحريض المقيد ،والذي نص عليه المشرع
الجزائري في المادتين 41و 45من قانون العقوبات ،حيث يكون التحريض في المادة 41
موجه نحو شخص مسؤول جزائيا وفي المادة 45يوجاه لشخاص غاير مسئول جزائيا وهو ما
يعرف بالفاعل المعنوي.
أوال :تحريض من كان مسئوال جزائيا
التحريض هو خلق فكرة الجريمة في ذهن منفذها أو حثه على ارتكابها باستعمال
وسائل حددها القانون على سبيل الحصر في المادة 41وهي :الهبة أو الوعد أو التهديد أو
إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي والشخص الذي يقع عليه
التحريض تكون إرادته واقعة تحت تأثير الوسيلة التي استعملها المحرض لدفعه إلى ارتكاب
الجريمة وتحقيق النتيجة التي كان يرجوها.
لكن إذا لم تتحقق النتيجة المرجوة أو تحققت نتيجة غير تلك التي كان يخطط لها
المحرض فال يسأل إال على النتيجة التي حرض من أجل وقوعها ،فإذا تم التحريض على
جريمة السرقة وقام الفاعل بجريمة القتل فالمحرض يسأل عن جريمة السرقة وال يسأل عن
221
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
جريمة القتل ،ألن المشروع اإلجرامي المشترك بينهما هو السرقة بينما استقل الفاعل
()1
بمشروعه اإلجرامي وهو جريمة القتل.
وال يشترط في التحريض أن يكون منتجا ألثره بل يكفي أن يبتدئ في التنفيذ دون
إتمامه ،وهو ما نصت عليه المادة 46من قانون العقوبات التي نصت على أنه :إذا لم
ترتكب الجريمة المزمع ارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته فإن المحرض
حتى يتحقق التحريض في هذه ()2
عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة،
الحالة يجب أن تتوفر أركانه المتمثلة في الركن المادي والركن المعنوي.
-1الركن المادي للتحريض
يتمثل الركن المادي في جريمة التحريض في الوسائل التي حددها المشرع الجزائري
على سبيل الحصر في الجزء الثاني من المادة 41من قانون العقوبات باإلضافة إلى بعض
الشروط التي يقرها الفقهاء والمتمثلة في وجود فعل مجرم ،أن يكون التحريض موجه لشخص
معين وأن يكون التحريض مباشرا ،هذا الشرط األخير ال يلقى اإلجماع بل من الفقه من يرى
أن التحريض يمكن أن يكون غير مباشر ،وهو ما قضي به في فرنسا حيث يتحقق
،لذلك ال تقوم جريمة التحريض في غياب هذه الوسائل ()3
التحريض ولو لم يكن مباشرا.
وهي كاآلتي:
أ /الهبة
تتمثل الهبة في القيمة المادية التي يقدمها المحرض للفاعل وتجعله يرتكب الجريمة
والهبة يشترط أن تكون سابقة لتنفيذ الجريمة حتى يعتد بها كوسيلة من وسائل التحريض
()4
المنصوص عليها في القانون.
222
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
ب /الوعد
يعد الوعاد مان الوسائل التي تقاوم باها المساهمة الجنائية وهو أوسع من الهبة ،لذلك
يقوم المحرض بتحريض الفاعل مقابل وعاد بتقديم خدمة أو مزية أو أي مقابل آخر يغري به
نفس الجاني الرتكاب جريمته ،والوعد أيضا يجب أن يكون سابق لوقوع الجريمة وإال ال يعتد
()1
به.
ج /التهديد
يعد التهديد من وسائل الترهيب عكس الهبة والوعد اللذان يعتبران من وسائل الترغيب
فالترهيب أثر أبلغ من الترغيب ،لذلك يلجأ المحرض لهذا األسلوب إلرغام الفاعل على
ارتكاب جريمته وذلك بتهديده في حياته أو صحته أو أي شيء عزيز عليه ،وقد يكون
التهديد ماديا ،كما يكون معنويا فكالهما يحقق الهدف المنشود وهو إرغام الفاعل على
()2
ارتكاب جريمته ،وقد يجتمع التهديد بالوعد معا.
د /إساءة استعمال السلطة أو الوالية
يعد استعما ل السلطة أو الوالية بصورة سيئة من الوسائل التي يتحقق بها التحريض
فإساءة استعمال السلطة تكون بين رئيس ومرؤوس أو المخدوم وخادمه ،حيث يستغل
الرئيس سلطته على المرؤوس فيأمره بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون فيستجيب
المرؤوس تحت ضغط سلطة رئيسه ،بينما السلطة الوالئية فتكون بين الشخص ووليه
الشرعي مثل والية األب على االبن ،كما تحمل معنى السلطة المعنوية مثل سلطة الزوج
()3
على زوجه أو هيبة التلميذ من أستاذه.
223
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
224
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
ب /اإلرادة
ال يكفي علم المحرض بأن ما قام به من أفعال تؤدي إلى ارتكاب أفعال يعاقب عليها
القانون ،بل ال بد أن يكون هذا العلم مقرون بإرادة حرة ،أي أن إرادة المحرض اتجهت نحاو
()1
ارتكاب الفعل وهي خالية من أي عيب كاإلكراه مثال.
ثانيا :تحريض من كان غير مسئول جزائيا ( الفاعل المعنوي)
إذا كان التحريض وفق نص المادة 41من قانون العقوبات يتجه نحو مان هو مسؤول
جزائيا فإن التحريض وفق المادة 45من القانون نفسه يتجه نحو مان هو غير مسؤول وقد
نصت المادة 45من قانون العقوبات على أنه :من يحمل شخصا ال يخضع لعقوبة بسبب
وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبات المقررة لها.
واستقراء لنص هذه المادة ندرك أن المشرع الجزائري في هذا النوع من التحريض لم
"حمل" والشخص المحمول على ارتكاب يستعمل كلمة التحريض وإنما استعمل كلمة
الجريمة يكون غير مدرك لما يقوم به أو إرادته مشوبة بعيب ،لذلك انصب الحمل على
ارتكاب الجريمة على طائفتين من األشخاص الطائفة األولى وتتمثل في األشخاص غير
الخاضعين للعقوبة بسبب وضعهم ،واألشخاص غير الخاضعين للعقوبة بسبب صفتهم
الشخصية ،فالفئة األولى تتمثل في :المجنون وصغير السن غير المميز ،بينما تتمثل الفئة
الثانية في :الزوج واألصول والفروع في جرائم السرقة أو خيانة األمانة أو الشخص حسن
()2
النية.
-1محمد ال ارزقي ،محاضرات في القانون الجنائي -القسم العام ،دار الكتاب الوطنية ،الطبعة الثالثة ،ليبيا،
،2002ص .214
-2علي حسن خلف ،سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص.196
225
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
()1
وبهذا يكون المحرض هو صاحب المشروع اإلجرامي وال صلة له بتنفيذ الجريمة.
والفاعل المادي ما هو إال وسيلة استعملت الرتكاب الجريمة ،وحتى تقوم المسؤولية الجزائية
على المحرض ال بد من توافر أركان الجريمة.
والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري اعتبر أن المحرض فاعال أصليا للجريمة ال شريكا
خالفا لما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة مثل المشرع الفرنسي ،الذي يكون قد تراجع
عن هذا االتجاه ويسير نحو تبني فكرة اعتبار المحرض فاعال أصليا ،وهو ما يؤكده قرار
()2
محكمة النقض الفرنسية الصادر في 1962/10/25في قضية الكور .Lacour
المطلب الثاني :متابعة مسير الشركة التجارية كشريك
إذا كانت المساهمة األصلية يتعدد فيها الفاعلين بين مساهم مادي ومساهم معنوي،
فإن المساهمة التبعية تقتصر على نوع واحد من المساهمين وهو الشريك ،ولقد صنف
المشرع الجزائري االشتراك إلى صنفين ،الصنف األول وهو االشتراك الحقيقي والذي نصت
عليه المادة 42من قانون العقوبات والتي نصت أنه :يعتبر شريكا في الجريمة من لم
يشترك اشتراكا مباش ار ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب
األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك ،والصنف الثاني وهو االشتراك
الحكمي والذي تناولته المادة 43التي نصت على أنه :يأخذ حكم الشريك من اعتاد أن
يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا لالجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون
اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع
علمه بذلك وبعض النصوص الخاصة والتي سوف نتطرق لها في حينها.
لذلك جاء تعريف اإلشتراك عند المشرع الجزائري مخالفا لما تعرفه معظم التشريعات
المقارنة على أساس أن المشرع الجزائري حصر أفعال الشريك في المساعدة والمعاونة على
-1عبد هللا اوهايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،المرجع السابق ،ص .292
-2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الج ازئي العام ،المرجع السابق ،ص .211
226
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك ،دون أفعال التحريض
()1
الذي أخرجه من دائرة المساهمة التبعية وأدخلته في دائرة المساهمة األصلية.
فإذا كانت المساهمة األصلية ال تطرح إشكاال من حيث عالقة الفاعلين والمسؤولية
الجزائية حيث يسأل كل منهم حسب مقدار مساهمته في الجريمة ،إال أن األمر في
المساهمة التبعية أو االشتراك ليس كذلك ،فعالقة الشريك بالفاعل األصلي تتجاذبها عدة
أراء ونظاريات تنقسم بين التبعية واالستقاللية ولكل رأيه وحججه في ذلك ،على غرار المشرع
الجزائري الذي يتجلى موقفه من خالل النصوص القانونية التي تناولت االشتراك ،سواء تلك
المتعلقة بقانون العقوبات أو بالقوانين المكملة له ،مثل قانون الوقاية من تبييض األموال
وتمويل اإلرهاب ومكافحتهما أو قانون الجمارك ،أو حتى القوانين الجبائية المختلفة وهو ما
سنتطرق له في هذا المطلب في فرعين ،اإلشراك الحقيقي في الفرع األول واالشتراك الحكمي
في الفرع الثاني.
الفرع األول :اإلشت ارك الحقيقي
إن األفعال التي يأتيها الشريك ال تعد جريمة في حد ذاتها وإنما اتصالها بالفعل أو
األفعال التي يقترفها الفاعل األصلي هو الذي يضفي عليها صفة الجريمة ،فإذا لم يرتكب
الفاعل األصلي الجريمة ولم يشرع في ذلك فال عقاب على الشريك ( ،)2فهذه األفعال ال تعد
إال أفعاال مساعدة أو مسهلة الرتكاب الجريمة ،وطبقا لتوصيات مؤتمر "أثينا" فالشريك هو
وال يتحقق االشتراك إال بتوافر ()3
من يقدم للفاعل مساعدة تبعية بقصد ارتكاب الجريمة.
شروطه وأركانه على النحو التالي:
227
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1عبد الملك جندي ،الموسوعة الجنائية ،الجزء األول ،دار الكتب المصرية ،مصر ،1931 ،ص .677
-2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .217
228
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وإنما تركها على إطالقها نظ ار الستحالة حصر جميع الطرق المساعدة في ارتكاب الجريمة،
()1
ونف س األمر بالنسبة ألفعال المساعدة أو المعاونة فمجالها واسع ال يمكن حصره.
والجدير بالذكر أن أغلبية فقهاء القانون الذين تناولوا شرح قانون العقوبات الجزائري
يعتبرون أن األفعال التي تشكل الركن المادي لالشتراك تتمثل في األعمال التحضيرية
والمسهلة والمنفذة ،غير أن المتمعن في نص المادة 42من قانون العقوبات يدرك أن الركن
المادي لالشتراك يتمثل في األفعال المساعدة والمعاونة في وقوع األعمال التحضيرية
والمسهلة والمنفذة التي يقوم بها الفاعل األصلي الذي يشاركه في ارتكاب هذه األفعال
الشريك عن طريق مساعدته أو معاونته على إتيانها ،لذلك نقول أن الركن المادي لالشتراك
يقتصر على األفعال المساعدة أو المعاونة ،دون األفعال التحضيرية والمسهلة والمنفذة والتي
تعتبر نطاق المساهمة التبيعة وليست عناصر الركن المادي لالشتراك.
وال يتحقق الركن المادي لالشتراك إال إذا كانت هناك رابطة سببية بين الفعل الذي قام
()2
به الشريك والنتيجة التي حققتها الجريمة.
والمساعدة أو المعاونة قد تكون سابقة أو معاصرة أو الحقة الرتكاب الجريمة ،أما
المساعدة السابقة فال تطرح إشكاال ،لكن المساعدة المعاصرة للجريمة تغير المركز القانوني
للشريك فتجعله فاعال أصليا ال شريكا ،ومعيار التفرقة بين كال الحالتين يكمن في وجود
الشريك في مكان أو مسرح الجريمة من عدمه ،فوجوده على مسرح الجريمة مع تزامن
وقوعها يجعل منه فاعال أصليا ،كأن يمسك الشخص بالضحية حتى يتمكن الفاعل من قتله،
بينما وجوده بعيدا عن مسرح الجريمة وقت ارتكابها يجعل منه شريكا ،كأن يقوم الشخص
()3
بتعطيل الضحية حتى يتمكن الفاعل األصلي من إتمام جريمة السرقة مثال.
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،المرجع السابق ،ص .300
-2عبد هللا أوهايبية ،المرجع نفسه ،ص .305
-3عبد هللا سليمان ،المرجع السابق ،ص.215
229
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أما المساعدة الالحقة فال تعد اشتراكا إذا لم يتم االتفاق عليها مسبقا قبل ارتكاب
وإنما اعتبرها المشرع الجزائري جريمة مستقلة مثل جريمة إخفاء أشياء مسروقة، ()1
الجريمة
المنصوص عليها في المادة 387من قانون العقوبات ،مع وجود بعض االستثناءات التي
سوف نتطرق إليها في حينها.
ب/ -الركن المعنوي
ال يكفي توافر الركن المادي لقيام جريمة االشتراك بل يجب تحقق الركن المعنوي أي
القصد الجنائي بحيث يكون المتهم الذي يشترك في الجريمة عالما بها ويتعمد المشاركة
والقصد الجنائي كما سبق ذكره يتمثل في عنصري العلم واإلرادة ،أي علمه بأن ()2
فيها.
األفعال التي يأتيها الفاعل األصلي هي مجرمة قانونا ومع ذلك تتجه إرادته اآلثمة إلى
مواصلة تقديم العون والمساعدة.
إن استكمال أركان االشتراك وشروطه يعرض الفاعل للمساءلة الجزائية ،وهو ما سوف
نتطرق إليه فيما يلي:
ثانيا :جزاء اإلشتراك
إن الحديث عن الجزاء الذي يقع على الشريك يقودنا إلى الحديث عن عالقته بالفاعل
األصلي والتي كما سبق ذكره اختلفت اآلراء حول هذه العالقة بين من يعتبر أن العالقة
بينهما هي عالقة تبعية ومن يقول أنهما مستقلين عن بعضهما البعض ،وعليه سوف نتناول
أهم النظريات التي قيلت في هذا الشأن ومن ثم تحديد جزاء االشتراك وعالقة الفاعل
()3
األصلي بذلك.
230
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
231
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
232
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه هو المعيار المعتمد للتفرقة بين ما يعتبر فعال مباش ار
وما يعتبر فعال غير مباشر ،على اعتبار أن المشرع الجزائري اعتمد المساهمة المباشرة
لتحديد الفاعل األصلي واالشتراك غير المباشر لتحديد الشريك ،وفي هذا الصدد اعتمد الفقه
الجنائي عموما على معيارين :معيار موضوعي ومعيار شخصي.
-المعيار الموضوعي
يستند هذا المذهب في التفرقة بين الفاعل والشريك على أساس األفعال التي يأتيها
المساهم في الجريمة ومعيار التمييز هو مقدار المساهمة من الناحية المادية في وقوع
الجريمة ،فكلما كان الفعل أكثر مساهمة في وقوع الجريمة كان مقترفه فاعال سواء احتوى
الركن المادي للجريمة كامال أو جزء منه فقط ،وكلما كان السلوك أقل وأضعف مساهمة في
وقوع الجريمة كان القائم به شريكا في الجريمة ويستند هذا المذهب على موقف المشرع
الجزائي الذي عند تجريمه ألية واقعة يعتمد على الفعل المادي حيث يعتبر األفعال المادية
ركنا للجريمة وهو ما يعرف بالركن المادي للجريمة.
()1
وما يمكن قوله عن هذا المعيار أنه يتميز بوضوحه وببساطته حيث يكتفي بالتفرقة
بين الفاعل األصلي والشريك بالرجوع للنص الجنائي المقرر للجريمة لمعرفة الركن المادي
لها للقول بعد ذلك أن المساهم فاعل أصلي أم شريك ،ورغم الوضوح والبساطة إال أنه لم
يسلم من النقد على اعتبار أنه اعتمد الركن المادي فقط وأهمل الركن المعنوي الذي يعتبر
()2
المرآة العاكسة لإلرادة اآلثمة للفاعل.
233
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-المعيار الشخصي
يعتمد المعيار الشخصي على معيار أضفى عليه طابع الشخصية حيث يعتمد هذا
المعيار في التميز بين الفاعل والشريك على الركن المعنوي للجريمة ،حيث تتجه إ اردة
الفاعل نحو ارتكاب الفعل التنفيذي للجريمة بصورة مباشرة باعتبارها مشروعه اإلجرامي ،في
حين تكون إرادة الشريك متصلة وتابعة إلرادة الفاعل األصلي من خالل مساعدته في تحقيق
مشروعه اإلجرامي وذلك بصرف النظر عن نوع الفعل الذي يقوم به كل منهما ومقدار
مساهمته في تحقيق النتيجة.
غير أن هذا المعيار يمتاز بالغموض والالمنطق ،إذ كيف يمكننا أن نميز بين نية
الفاعل والشريك ،حيث أن االطالع على نية الفاعل من الصعوبة بمكان ،واالعتماد على ما
يقدمه من تصريحات ال يؤخذ مأخذ ثقة ،وتعود مهمة الكشف عنها للقاضي الذي يستعين
في ذلك بالرجوع للوقائع المادية المصاحبة للجريمة وبذلك الرجوع للمعيار الموضوعي من
()1
جديد.
لكن فقهاء القانون الجنائي الجزائري يختلفون بين من يعتبر أن المشرع قاد أخاذ
بالمعيار الموضوعي على اعتبار أن الفاعل األصلي من تلتئم في شخصه كامل أركان
الجريمة (المادي والمعنوي بالخصوص) ( ،)2واستنادا لهذه الحجة يكون المشرع الجزائري قد
تبنى المعيارين الموضوعي والشخصي معا وليس المعيار الموضوعي وحده.
ومنهم من يقول أن المشرع تبنى المذهب الشخصي ،على اعتبار أنه يستند في التمييز
()3
بين الفاعل والشريك على نية وإرادة المساهمين في الجريمة.
غ ير أن المتمعن في النصوص التي تناولت المساهمة األصلية والمساهمة التبيعة
يدرك أن المشرع الجزائري تبنى كال المعيارين معتضدان بمعيار ثالث وهو معيار يمكن
234
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
تسميته المعيار الزمكاني ،أي وجود الفاعل في مكان الجريمة زمن وقوعها ،حيث اعتمد
على المعيار الموضوعي والمعيار الزمكاني في المساهمة األصلية بالقول أنه يعتبر فاعال
كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة وكلمة مباشرة في كتاب المعاني تعني:
-حاال ،فورا ،رأسا بدون واسطة ،ونقول باشر العمل :تواله ِ
بنفسه نهض بعبئه زاوله.
وعليه فإن مباشرة الفعل تستوجب الحضور على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وهو ما
اعتمده المشرع الجزائري ،وحضور الشركة بوصفها شخصا معنويا في مسرح الجريمة هو
حضور اعتباري على أساس أن من يمثلها هو من يكون قد حضر في مسرح الجريمة.
أما بالنسبة للمساهمة التبعية (اإلشتراك) فإن المشرع الجزائري اعتمد على المعايير
الثالث :الموضوعي والشخصي والزمكاني حيث نصت المادة 42من قانون العقوبات على
ودل على المعيار أنه :يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا...
الموضوعي عبارة االشتراك ،والمعيار الشخصي دلت عليه عبارة مع علمه بذلك ،ودل على
()1
المعيار الزمكاني عبارة غير مباشر.
غير أن التمييز بين الفاعل األصلي والشريك ال يؤثر كثي ار من الناحية التطبيقية كون
الشريك يأخذ نفس عقوبة الفاعل األصلي حتى أن القضاء لم يعر أهمية لهذا التمييز حيث
نجد أن المحكمة العليا في حد ذاتها ترفض النقض عندما يخلط القضاة بين الفاعل
()2
والشريك.
الفرع الثاني :اإلشتراك الحكمي
تناول المشرع الجزائري االشتراك الحكمي في المادة 43والمادة 2/91من قانون
العقوبات ،باإلضافة إلى بعض المواد في القوانين الخاصة وعليه سوف نتطرق لالشتراك
()3
الحكمي في قانون العقوبات ومن ثم االشتراك الحكمي في القوانين الخاصة.
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،المرجع السابق ،ص .299
-2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .216
-3عبد الرحمان خلفي ،المرجع السابق ،ص .146
235
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .217
236
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
غصب وإال انتفت عنه المسؤولية الجزائية وفي حالة الشركة التجارية باعتبارها شخصا
()1
معنويا يتجلى علمها وإرادتها في علم وإرادة ممثلها أو ممثليها القانونيين.
وما يمكن قوله في هذا الصدد أن بعض الفقهاء يعتبرون أن هذه األفعال التي جعلت
من فاعلها شريكا حكما هي من قبيل المساعدة الالحقة ( ،)2غير أن األمر ليس كذلك
فالمتمعن لهذه األفعال يالحظ أنها قد تكون الحقة أو سابقة والمشرع لم يشترط ال هذا وال
ذاك ،وإنما أكد على عنصر االعتياد على تقديم هذه المساعدة.
فمن يقدم مسكنا الجتماع األشرار ال يكون بالضرورة الحقا للجريمة بل قد يكون الحقا
للجريمة كما قد يكون سابقا لها ،كأن يستعمل المسكن لإلعداد والتخطيط قبل ارتكاب
الجريمة وال يتم اللجوء إليه بعد ارتكابها ،والعكس صحيح ،فالشركة التجارية التي يقوم
مسيرها بتقديم مسكن أو ملجأ أو مكان الجتماع واحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون
اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال ،تعد
()3
شريكة حكما لهم في ارتكاب الجريمة وتعاقب بنفس عقوبة الفاعل األصلي للجريمة.
-2االشتراك الحكمي في المادة 2/91من قانون العقوبات
نصت الفقرة الثانية من المادة 91من قانون العقوبات على االشتراك الحكمي على
أنه :عالوة على األشخاص المبينين في المادة 42يعاقب باعتباره شريكا ،من لم يرتكب
دون أن يكون فاعال أو شريكا أحد األفعال اآلتية:
-1تزويد مرتكبي الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بالمؤن أو وسائل المعيشة وتهيئة
مساكن لهم أو أماكن الختفائهم أو اجتماعهم وذلك دون أن يكون قد وقع عليه إكراه ومع
علمه بنواياه،
-1عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،المرجع السابق ،ص.300
-2عبد الرحمان خلفي ،المرجع السابق ،ص .143
-3أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص.226
237
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-2حمل مراسالت مرتكبي هذه الجنايات وتلك الجنح وتسهيل الوصول إلى موضوع
الجناية أو الجنحة أو إخفائه أو نقله أو توصيله وذلك بأي طريقة كانت مع علمه بذلك."...
من خالل نص الفقرة الثانية من هذه المادة 91سالفة الذكر يمكن استخالص أركان
االشتراك الحكمي في هذه المادة التي تعتبر نصا خاصا بجرام أمن الدولة ال يمكن القياس
وتتمثل أركان االشتراك الحكمي فيما يلي: (،)1
عليه أو تطبيقه على جرائم أخرى
أ -الركن المادي
يتمثل الركن المادي لالشتراك الحكمي في المادة 2/91من قانون العقوبات في
األفعال التي يأتيها الفاعل المعتبر شريكا والمتمثلة في :
-تزويد مرتكبي الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بالامؤن أو وسائل المعيشة وتهيئة مساكن
لهم أو أماكن الختفائهم أو اجتماعهم وذلك دون أن يكون قد وقع عليه إكراه ومع علمه
بنواياه،
-حمل مراسالت مرتكبي هذه الجنايات وتلك الجنح وتسهيل الوصول إلى موضوع الجناية
()2
أو الجنحة أو إخفائه أو نقله أو توصيله وذلك بأي طريقة كانت مع علمه بذلك.
ب -الركن المعنوي
يتمثل الركن المعنوي في االشتراك الحكمي في هذه المادة في علم الشريك اعتبا ار
بالنوايا اإلجرامية للفاعلين ،ودون أن يقع عليه إكراه.
المالحظ على المادة 2/91من قانون العقوبات أن المشرع أشار إلى اإلكراه في الفقرة
1بينما لم يشر إليه في الفقرة 2واكتفى بالعلم فقط.
238
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
239
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1المادة 310من القانون رقم 07-79المؤرخ في 1979/07/21المتضمن قانون الجمارك معدلة بالقانون
رقم 04-17المؤرخ في ، 2017/02/16جريدة رسمية عدد 01لسنة .2017
240
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وتضيف الفقرة السابعة من المادة 303من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة
أن األشخاص والشركات المحكوم عليهم بنفس المخالفة ينبغي أن يدفعوا بالتضامن العقوبات
المالية الصادرة في حقهم.
وتضيف الفقرة التاسعة من نفس المادة أنه عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو
شخص معنوي أخر خاضع للقانون الخاص ،يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة
وبالعقوبات الملحقة ضد المتصرفين أو الممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة.
-ويصدر الحكم بالغرامات الجزائية المستحقة في نفس الوقت ضد المتصرفين أو الممثلين
الشرعيين أو القانونيين ،وضد الشخص المعنوي دون اإلخالل فيما يخص هذا األخير
بالغرامات الجبائية المنصوص على تطبيقيها.
باإلضافة إلى قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة نجد أيضا قانون التسجيل
الذي ينص على االشتراك الحكمي في نص المادة 120منه التي نصت على أنه... :
يعتبر شركاء ،على الخصوص ،األشخاص:
-الذين توسطوا ،بصفة غير قانونية في تحويل قيم منقولة أو تحصيل قسيمات في الخارج،
-الذين حصلوا باسمهم قسيمات تعود إلى غيرهم.)2(....
كما نص المشرع الجزائري في قانون الطابع على االشتراك الحكمي في المادة 35منه
والتي نصت على أنه ... :يعتبر كشركاء األشخاص اآلتي ذكرهم:
-األشخاص الذين توسطوا بصفة غير قانونية من أجل تحويل القيم المنقولة أو لتحصيل
القسيمات بالخارج؛
241
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
()1
-األشخاص الذين قبضوا بصفة غير قانونية بأسمائهم ،قسيمات يملكها الغير.
ومن خالل نصوص القوانين الجبائية نالحظ أن المشرع رغم تأكيده على عدم المعاقبة
على اإل شتراك في المخالفات على اإلطالق في نص المادة 4/44من قانون العقوبات إال
يعاقب عليه في هذه النصوص الخاصة.
والجدير بالذكر هو أن المشرع استعمل مصطلح األشخاص دون أن يحدد طبيعة هذا
الشخص هل هو الشخص الطبيعي أو الشخص المعنوي مما يعطي الداللة لكليهما.
242
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
243
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
العقوبات بموجب أحكام قانون العقوبات نتطرق لها في الفرع األول ومجموعة من العقوبات
في القوانين المكملة له نتطرق لها في الفرع الثاني وكل ذلك لردع مسيري الشركات التجارية
في حالة ضلوعهم في ارتكاب األفعال التي جرمها القانون.
الفرع األول :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون العقوبات
حدد المشرع الجزائري وص نف أنواع العقوبات من حيث جسامتها وفق المادة 05من
قانون العقوبات وقسمها إلى عقوبات خاصة بالجنح وعقوبات خاصة بالجنايات من قانون
العقوبات وعقوبات خاصة بالمخالفات ،كما حددها أيضا من حيث جسامتها وفق المادة 27
من قانون العقوبات أين قسم الجرائم تبعا لخطورتها إلى جنايات وجنح ومخالفات ،ويتم
تطبيق عليها العقوبات المقررة للجنايات والجنح والمخالفات.
أوال :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في الجنايات
تتمثل العقوبات الجنائية في اإلعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت والغرامة عند
الحكم بعقوبة السجن المؤقت ،أ ما عن عقوبة اإلعدام فهي تعتبر من العقوبات المعروفة منذ
القدم والتي يقصد بها إزهاق روح المحكوم عليه الستئصاله واستبعاده بصفة نهائية من
المجتمع( ،)1ولقد قرر المشرع الجزائري عقوبة اإلعدام في الجرائم الخطيرة المتمثلة في
الجرائم ضد أمن الدولة ،وهي جناية الخيانة المنصوص عليها في المادة 61من قانون
العقوبات وجناية التجسس المنصوص عليه في المادة 64من قانون العقوبات ،والجرائم ضد
األفراد وهي جناية القتل مع سبق اإلصرار أو الترصد ،أو جناية القتل بالسم المنصوص
عليه بالمادة 261من قانون العقوبات ،والجرائم ضد األموال وهي جناية أعمال التخريب
والهدم بواسطة مواد متفجرة المنصوص عليها في المادة 401من قانون العقوبات ،وجناية
تحويل الطائرات والتحكم فيها والسيطرة عليها المنصوص عليها في المادة 417من قانون
العقوبات ،أما عن السجن المؤبد فقد قرره المشرع الجزائري لجرائم تقليد أختام الدولة
-1عالء زكي ،النظام القانوني الدولي لمعاملة المسجونين ،منشأة المعارف ،مصر ،2015 ،ص.334
244
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المنصوص عليها بالمادة 65من قانون العقوبات ،وجناية القتل العمد المنصوص عليه
بالمادة 263من قانون العقوبات ،وجناية التزوير في المحررات الرسمية المنصوص عليها
في المادة 205من قانون العقوبات ،أما عن السجن المؤقت فقد قرره المشرع الجزائري
والذي تكون مدته من 05إلى 10سنوات ،مثل جناية اإلشادة باألعمال اإلرهابية
المنصوص عليها في المادة 87مكرر من قانون العقوبات ،كما قد تكون كذلك من 05
سنوات إلى 20سنة مثل جناية االنخراط في الخارج في جمعية أو جماعة منظمة إرهابية
()1
المنصوص عليها بالمادة 87مكرر 06من قانون العقوبات.
ثانيا :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في الجنح
تتمثل العقوبات الجنحية في الحبس والغرامة ،فهو إما الحبس لمدة تتجاوز الشهرين
إلى غاية 05سنوات ماعدا الحاالت التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى ،أو الغرامة التي
تتجاوز 20.000دج ،ومن أمث لة الجرائم الجنحية نجد جنحة السرقة المنصوص عليها في
المادة 350من قانون العقوبات ،وجنحة الضرب والجرح المنصوص عليها في المادة 264
من قانون العقوبات.
()2
245
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
من طرف السلطات اإلدارية المعاقب عليها بموجب أحكام المادة 459من قانون
()1
العقوبات.
كما نصت المادة 453من قانون العقوبات على أنه :يعاقب بغرامة من 50إلى
200دج ويجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة خمسة أيام على األكثر:
- 1كل من خالف أحكام اللوائح التنظيمية الخاصة:
-بمتانة السيارات العمومية،
-بحمولتها،
-بطريقة تحميلها،
-بعدد ركابها وسالمتهم،
-بوضع بيان بعد محالتها وسعرها بداخلها،
()2
-بوضع بيان باسم المالك خارجها...
الفرع الثاني :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين المجرمة
األخرى
246
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-1المادة 303فقرة 09من األمر رقم ،101-76معدلة بالقانون رقم ،16-11المرجع السابق.
-2المادة 36من األمر رقم ،103-76المرجع السابق.
247
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
معنوي آخر تابع للقانون الخاص فإن عقوبات الحبس المستوجبة وكذلك العقوبات الالحقة
تقرر على أعضاء مجالس اإلدارة أو الممثلين الشرعيين أو القانونين للشركة.
وتقرر الغرامات الجزائية المستوجبة في آن واحد على أعضاء مجالس اإلدارة أو
الممثلين الشرعيين أو القانونيين وعلى الشخص المعنوي ،واألمر كذلك بالنسبة للعقوبات
()1
المالية المطبقة.
-4قانون التسجيل
نصت المادة 121الفقرة 4من قانون التسجيل على العقوبات األصلية المطبقة على
مسيري الشركات التجارية كما يلي:
-عندما ترتكب الجرائم من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص فإن
عقوبات الحبس المطبقة وكذلك العقوبات التبعية ،ويحكم بها على أعضاء مجالس اإلدارة أو
الممثلين الشرعيين أو المؤسسين للشركة.
ويحكم في آن واحد بالغرامات الجزائية على أعضاء مجلس اإلدارة أو الممثلين
الشرعيين أو المؤسسين وعلى الشخص المعنوي ،واألمر كذلك بالنسبة للعقوبات الجبائية
()2
المطبقة.
ثانيا :العقوبات األصلية المقررة للمسيرين في قانون مكافحة التهريب
نصت المدة 10من قانون مكافحة التهريب على أنه :يعاقب على تهريب المحروقات
أو الوقود أو الحبوب أو الدقيق أو المواد المطحونة المماثلة أو المواد الغذائية أو الماشية أو
منتجات البحر أو الكحول أو التبغ أو المواد الصيدالنية أو األسمدة التجارية أو التحف
الفنية أو الممتلكات األثرية أو المفرقعات أو أي بضاعة أخرى بمفهوم المادة 02من هذا
248
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
األمر بالحبس من 01سنة واحدة إلى 05خمس سنوات وبغرامة تساوي 05خمس مرات
قيمة البضاعة المصادرة.
وعندما ترتكب أفعال التهريب من طرف ثالثة أشخاص فأكثر ،تكون العقوبة الحبس
من سنتين 2إلى عشر 10سنوات وغرامة تساوي عشر 10مرات قيمة البضاعة
المصادرة.
وعندما تكتشف البضائع المهربة داخل مخابئ أو تجويفات أو أي أماكن أخرى مهيأة
خصيصا لغرض التهريب تكون العقوبة الحبس من سنتين 2إلى عشر 10سنوات وغرامة
تساوي عشر 10مرات قيمة البضاعة المصادرة.
كما يعاقب بنفس العقوبة من يمتلك داخل النطاق الجمركي مخازن معدة للتهريب
وتصبح العقوبة من عشر 10إلى عشرين 20سنة ونفس العقوبة المالية في حالة استعمال
وسيلة نقل للتهريب أو استعمال السالح ،وتكون العقوبة بالسجن المؤبد في حالة تهريب
السالح أو كانت أفعال التهريب تشكل خط ار على األمن الوطني أو االقتصاد الوطني أو
()1
الصحة العمومية.
ثالثا :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون حماية البيئة في
إطار التنمية المستدامة
نص قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على العقوبات التي تطبق على
األشخاص المخالفين لنصوصه حسب كل موضوع حماية ،وقد جاءت على النحو التالي:
-1العقوبات المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي
تعاقب المادة 81من هذا القانون بالحبس من عشرة 10أيام إلى ثالثة 03أشهر
وبغرامة من خمسة أالف دينار 5000دج إلى خمسين ألف دينار 50.000دج أو بإحدى
هاتين العقوبتين فقط كل من تخلى دون ضرورة أو أساء معاملة حيوان داجن أو أليف أو
249
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
محبوس ،في العلن أو الخفاء ،أو عرضه لفعل قاس ،كما تعاقب المادة 81من القانون
نفسه بالغرامة من عشرة أالف دينار 10.000دج إلى مائة ألف دينار 100.000دج كل
من يخالف أحكام المادة 40من القانون نفسه ،وهي أحكام تتعلق بحماية الحيوانات
والنباتات النادرة ومحيط معيشتها ،حفاظا على التوازن اإليكولوجي ،خاصة ضد الشركات
التجارية الضخمة التي تقيم مشاريعها دون مراعاة لهذه الظاهرة التي تشكل خط ار حقيقيا
()1
على كوكب األرض.
-2العقوبات المتعلقة بحماية الهواء والجو
نصت المواد من 84إلى 87من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على
العقوبات التي تطبق على من يخالف أحكام 47من القانون نفسه والمتعلقة باإلطار المنظم
النبعاث الغاز والدخان والبخار والجزئيات السائلة أو الصلبة في الجو باإلضافة إلى أحكام
المادة 45من القانون نفسه المتعلقة بعمليات بناء واستغالل واستعمال البنايات والمؤسسات
الصناعية والتجارية والحرفية والزراعية وكذلك المركبات والمنقوالت األخرى التي يجب أن
تخضع لمقتضيات حماية البيئة وتفادي إحداث التلوث الجوي والحد منه ،وتتمثل هذه
العقوبات في الغرامة من عشرة أالف دينار 10.000دج إلى مائة ألف دينار
()2
100.000دج.
-3العقوبات المتعلقة بحماية الماء واألوساط المائية
نصت المواد من 88إلى 100من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة
على مجموعة من العقوبات المطبقة على من يخالف أحكام هذا القانون فيما يتعلق بحماية
المياه واألوساط المائية من األفعال التي من شأنها أن تشكل خط ار حقيقيا على المسطحات
المائية والمياه الجوفية خاصة ما تقوم به بعض الشركات من صب نفاياتها السامة في
250
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
المسطحات المائية أو في جو األرض مما يؤثر على سالمة المياه الجوفية ،وذلك بتسليط
عقوبات قاسية على الفاعل ين تصل إلى حد الحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات والغرامة
()1
التي يمكن أن تصل إلى 10.000.000دج.
-4العقوبات المتعلقة بحماية اإلطار المعيشي
نصت المادة 109من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على عقوبة
الغرامة المقدرة با :مائة وخمسون ألف دينار 150.000دج لكل من يخالف أحكام المادة
66من القانون نفسه والمتعلقة بمنع اإلشهار على العقارات المصنفة ضمن اآلثار
التاريخية ،اآلثار الطبيعية والمواقع المصنفة ،المساحات المحمية ،مباني اإلدارات العمومية
وعلى األشجار.
اربعا :العقوبات األصلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القانون المتعلق بشروط
ممارسة األنشطة التجارية
يلزم القانون 08 - 04المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية كل شخص معنوي
يرغب في ممارسة نشاط تجاري بالقيد في السجل التجاري لدى المركز الوطني للسجل
التجاري في المادة 04منه ،وتبعا لذلك يتعرض مسير الشخص المعنوي(الشركة التجارية)
إلى الجزاءات المذكورة في هذا القانون في حالة ارتكابه إحدى المخالفات الواردة في المادة
30وما بعدها والمتمثلة في :غلق المحل التجاري ،زيادة علي إجراء الغلق يعاقب مرتكب
الجريمة بغرامة من 10.000دج إلي 100.000دج إذا كان يمارس نشاطا تجاريا قا ار
دون التسجيل في السجل التجاري كما يعاقب التجار الذين يمارسون أنشطة تجارية غير قارة
دون التسجيل في السجل التجاري بغرامة من 5.000دج الي 50.000دج.
251
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
زيادة علي هذه الغرامة ،يجوز ألعوان الرقابة المؤهلين والمذكورين في المادة 30من
هذا القانون ،القيام بحجز سلع مرتكب الجريمة ،وعند االقتضاء حجز وسيلة أو وسائل النقل
المستعملة.
إن شروط وكيفيات إجراء الحجز هي نفسها المنصوص عليها في التشريع والتنظيم
المعمول بهما المطبقين علي الممارسات التجارية.
()1
252
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
الدفع ،تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة
()1
سحب جواز السفر ،نشر أو تعليق حكم أو قرار اإلدانة.
أوال :الحجر القانوني
عرفته المادة 09مكرر من قانون العقوبات التي تنص على أنه :في حالة الحكم
بعقوبة جنائية ،تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني الذي يتمثل في حرمان المحكوم عليه
من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة األصلية ،تتم إدارة أمواله طبقا لإلجراءات
المقررة في حالة الحجر القضائي ،وهو حرمان المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة األصلية
من مباشرة حقوقه المالية ،وتكون إدارة أمواله طبقا لألوضاع المقررة في حالة الحجر
القانوني ،فال يمكنه التصرف في أمواله بأي نوع من أنواع التصرفات كالبيع أو الهبة أو
()2
الرهن ....إلخ.
وهو بذلك سلب المحكوم عليه بعقوبة جنائية أهليته إلدارة أمواله وتقييد حريته في
التصرف فيها مدة عقوبته دون حرمانه من التمتع بالحقوق ،فهو ال يسلبه حقه في أن يكون
مالكا أو دائنا أو منتفعا بل يسلبه حق مباشرة هذه الحقوق بنفسه ،والراجح أن المحكوم عليه
يبقى محتفظا بمباشرة حقوقه الشخصية كالزواج والطالق واإلقرار بالبنوة ألن القانون لم
ينص على حرمانه من مباشرتها ،والعلة التي يفسر بها الحجر على المحكوم عليه هي أن
أهليته تتعارض مع حالته ،إذ يستحيل عليه أثناء تنفيذ العقوبة أن يتصل في الخارج بغيره
ويباشر المعامالت التي تقتضيها إدارة أمواله ،ومادام المحكوم عليه ال يستطيع إدارة أمواله
في مدة اعتقاله فال محل في القانون ألن تحفظ أهليته ويمتد الحجر القانوني على المحكوم
عليه طوال فترة تنفيذ العقوبة ،إلى أن يرفع عنه الحجر ويستعيد أهليته باإلفراج النهائي عنه
253
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
النقضاء العقوبة األصلية ،سواء كان انقضاؤها بسبب تنفيذها أو بسب العفو عنه أو
()1
سقوطها بالتقادم.
ثانيا :الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية
نصت المادة 9من قانون العقوبات في البند الثاني منها على عقوبة الحرمان من
الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية ،ويتمثل الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية
والعائلية في المادة 9مكرر 1من قانون العقوبات وتتمثل هذه الحقوق في:
-1العزل أو اإلقصاء من جميع الوظائف وا لمناصب العمومية أو إسقاط العهدة االنتخابية،
-2الحرمان من حق االنتخاب والترشح ومن حمل أي وسام،
-3عدم األهلية لتولي مهام مساعد محلف أو خبير أو اإلدالء بالشهادة على عقد أو أمام
القضاء إال على سبيل االستدالل،
-4الحرمان من الحق في حمل األسلحة وفي التدريس ،أو في إدارة مدرسة أو الخدمة في
مؤسسة للتعليم بصفة أستاذ أو مدرس أو ناظر،
-5عدم األهلية ألن يكون وصيا أو مقدما،
()2
-6سقوط حقوق الوالية كلها أو بعضه.
وبخصوص العقوبة األخيرة ،سقوط حقوق الوالية كانت المادة 24من قانون العقوبات
الملغاة قبل تعديل قانون العقوبات سنة 2006تجيز القضاء بها عند الحكم على أحد
األصول لجناية أو جنحة وقعت منه على شخص أحد أوالده القصر وتقرير أن السلوك
العادي للمحكوم عليه يعرضهم لخطر مادي أو معنوي ،ويجوز أن ينصب هذا السقوط على
كل حقوق السلطة األبوية أو بعضها وأن ال يشمل إال واحدا أو بعضا من أوالده.
()3
-1بريك الطاهر ،فلسفة النظام العقابي في الجزائر وحقوق السجين ،دار الهدى ،الجزائر ،2009 ،ص.162
-2أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .274
-3لحسن بن شيخ ،المرجع السابق ،ص.154
254
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
255
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
كعقوبة تكميلية لمرتكبيها على الحرمان من الحقوق الوطنية كعقوبة تكميلية السيما في
بعض الجنح ضد أمن الدولة كتوزيع منشورات بغرض اإلضرار بالمصلحة الوطنية المواد
96-79-78من قانون العقوبات وفي جنح التجمهر والمساس بممارسة حق االنتخاب
المواد ،106-102-99-98من نفس القانون وفي جنح إساءة استعمال السلطة المادتين
142-139من نفس القانون وفي جنح التزوير المواد 223-222-210-209من نفس
القانون وفي جنح استعمال العنف المواد 275-270-264من نفس القانون وفي الجنح
ضد األموال كالسرقة والنصب وخيانة األمانة المواد 351 -350مكرر-354- 352-
()1
380-376-372-362-359من نفس القانون
وغالبا ما ال يخص المشرع بالذكر حقا معينا وإنما يشير إلى حق أو أكثر من الحقوق
المنصوص عليها في المادة 14من قانون العقوبات مما يسمح للقاضي بأن يحكم بحرمان
الجاني من أي حق يراه مناسبا للجريمة المرتكبة بل وبإمكانه أن يقضي بحرمانه من كل
هذه الحقوق.
والجدير بالذكر فيما يتعلق بعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية أن المشرع الجزائري
حدد مدة الحرمان بخمس سنوات كحد أقصى وفق أحكام المادة 14من قانون العقوبات،
غير أن المادتين 139و 142من قانون العقوبات اللتين تجرمان وتعاقبان الموظف
العمومي الذي يسيء استعمال السلطة ضد الشيء العمومي أو يستمر في السلطة العمومية
على وجه غير مشروع ،لم تتقيدا بهذه المدة حيث نصت على حرمان المحكوم عليه من
()2
ممارسة أية وظيفة أو خدمة عمومية لمدة 10سنوات على األكثر.
256
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
257
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
كما يتعرض الشخص الذي يخالف عقوبة المنع من اإلقامة بالتراب الوطني المحكوم
بها عليه ،لعقوبة الحبس من ثالثة ( )03أشهر إلى ثالث ( )03سنوات وبغرامة من
()1
25.000دج إلى 300.000دج.
رابعا :المصادرة الجزئية لألموال
هي تلك التي نص عنها المشرع الجزائري في المادة 9من قانون العقوبات واعتبرها
عقوبة تكميلية ،وتكون في الجنايات أما في الجنح والمخالفات فال يحكم بها إال بنص
خاص ،ويمكن أن تقع المصادرة على:
-جسم الجريمة كاألموال التي استعملت لرشوة موظف،
-األشياء المتحصلة من الجريمة كثمن المخدرات في جريمة اإلتجار في المواد المخدرة،
-األسلحة أو اآلالت التي استعملت في الجريمة ،وتنصرف إلى أي شيء يكون الجاني قد
استعمله أو اتخذه وسيلة له في ارتكاب الجريمة كاألسلحة واآلالت المستعلماة في تنفياذ
الجريمة أو تسهيلها ،واألشيااء المعدة فعال الرتكاب الجريمة إال أنها نفذت فعال بوسائل
أخرى ،وكذلك األشياء التي أعدت إلتمام الجريمة غير أنها أوقفت عند حد الشروع ،وال
يشترط أن تكون األشياء مضبوطة فعال قبل صدور الحكم ألن نص المادة 15قانون
العقوبات ،وردت فيه عبارة" :األشياء التي استعملت …" دون أن يذكر عبارة "األشياء
المضبوطة" فالنص لم يقيد المحكمة بوجوب أن تكون األشياء موضوع المصادرة قد ضبطت
()2
قبل صدور الحكم.
وتجدر اإلشارة إلى أنه قد تكون المصادرة تدبير أمن طبقا للمادة 16من قانون
العقوبات ،إذا كانت صناعة األشياء المضبوطة أو استعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها
تعتبر في حد ذاتها جريمة ويجوز الحكم بها حتى لو حصل المتهم على حكم يقضي ببراءته
258
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أو بأن ال وجه للمتابعة ،ألن المصادرة كعقوبة تنصب على أشياء في حوزة المحكوم عليه
دون أن تكون محظورة في حد ذاتها وهذا حتى يتحقق معنى اإليالم والزجر اللذان هما من
صفات العقوبة ،والمصادرة هي عقوبة تكميلية مالية عينية تنصب على مال معين نص
عليها المشرع الجزائري في المادة 15من قانون العقوبات ،وتعرف بأنها نزع ملكية مال من
صاحبه جب ار عنه وإضافته إلى ملك الدولة دون مقابل وبذلك تختلف عن الغرامة التي
تنصب على ذمة المحكوم عليه المالية وتسدد نقدا ،واألصل في المصادرة أنها جوازية
()1
باعتبارها عقوبة تكميلية ،غير أنها قد تكون إلزامية في الجرائم التي حددها القانون.
خامسا :المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط
المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط يجوز الحكم به على المدان بارتكاب جناية
أو جنحة إذا ثبت للقضاء أن للجريمة صلة مباشرة بمزاولتهما ،ووجود خطر في استمرار
ممارستها ،ويصدر الحكم بالمنع لمدة ال تتجاوز ( )10سنوات في اإلدانة بجناية ،و()5
سنوات في اإلدانة بجنحة ،ويجوز أن يؤمر بالنفاذ المعجل ،وقد تكون إجبارية أو اختيارية
()2
حسب الجريمة المرتكبة.
اإلجبارية مثالها ما نصت عليه المادتين 311و 312من قانون العقوبات على منع
المحكوم عليهم المدانين بالجنايات أو الجنح المتعلقة باإلجهاض من ممارسة أيه مهنة أو
أداء أي عمل بأية صفة كانت في العيادات ودور الوالدة أو في أي مؤسسة عمومية أو
خاصة تستقبل عادة النساء الحوامل ويكون المنع بقوة القانون أي أنه يطبق إلزاميا بصرف
النظر عن النطق به في الحكم.
وتكون اختيارية في بعض الجرائم ،نذكر منها ما نصت عليه المادتين 139و142
من قانون العقوبات بالنسبة للقاضي والموظف العمومي الذي يرتكب جنحة إساءة استعمال
259
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
السلطة أو جنحة االستمرار في ممارسة الوظيفة على وجه غير مشروع ،حيث يجوز حرمان
المحكوم عليه من مباشرة كافة الوظائف أو الخدمات العمومية لمدة عشر ) (10سنوات
على األكثر.
والمالحظ أن مدة المنع حددت في المادتين المذكورتين آنفا بعشر ) (10سنوات في
حين حددت هذه المدة في المادة 16مكرر المستحدثة بموجب التعديل في 2006بخمس
( )05سنوات بالنسبة للجنح كحد أقصى.
سادسا :غلق المؤسسة
غلق المؤسسة هو منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة
بمناسبته ،ويحكم بها بصفة نهائية أو لمدة ال تزيد عن ( )10سنوات في اإلدانة بجناية،
()1
و( )5سنوات في اإلدانة بجنحة.
وقد كان غلق المؤسسة يعد تدبي ار أمنيا عينيا حسب ما نصت عليه المادة 20من
قانون العقوبات الجزائري قبل تعديل ،2006وكما نظمت أحكامه المادة 26من القانون
نفسه بالنص على أنه :يجوز أن يؤمر بإغالق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحاالت
وبالشروط المنصوص عليها في القانون.
غير أنه بعد تعديل قانون العقوبات سنة 2006تم إلغاء المادتين 20و 26وبالتالي
إلغاء تدبير غلق المؤسسة كتدبير أمن عيني وأدمجت في العقوبات التكميلية حسب ما
نصت عليها المادة 09البند ، 7كما استحدثت المادة 16مكرر من قانون العقوبات
1لتنظيم أحكام هذه العقوبة التكميلية والتي تنص على أنه :يترتب على عقوبة غلق
المؤسسة منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته
ويحكم بهذه العقوبة بصفة نهائية أو لمدة ال تزيد عن عشر ) (10سنوات في حالة اإلدانة
-1عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،المرجع السابق ،ص.157
260
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
الرتكاب جناية وخمس) (05سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة ويجوز أن يؤمر بالنفاذ
المعجل بالنسبة لهذا اإلجراء.
كما يترتب على عقوبة غلق المؤسسة منع المحكوم عليه من أن يمارس فيها النشاط
الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته ،فغلق المؤسسة هو عقوبة تكميلية محلها حظر مزاولة العمل
المخصص له هذه المؤسسة ويفهم بأن المؤسسة قد هيأت الظروف المالئمة للفاعل القتراف
جريمته ،وأن استمرار العمل به يحتمل أن يؤدي إلى جرائم أخرى ،فيكون في غلقه ما يقطع
الظروف المسهلة التي ساعدت الجاني في اقتراف جريمته.
وتختلف مدة اإلغالق باختالف وصف الجريمة المرتكبة ،فيكون اإلغالق إما بصفة
نهائية أي مؤبدا أو لمدة ال تزيد عن عشر) (10سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية
()1
ولمدة خمس ) (05سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة.
سابعا :اإلقصاء من الصفقات العمومية
اإلقصاء من الصفقات العمومية هو منع المحكوم عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو
غير مباشرة في أية صفقة عمومية ،وهي عقوبة تكميلية مستحدثة بعد تعديل قانون العقوبات
في سنة 2006وتطبق على الشخص الطبيعي كما تطبق على الشخص المعنوي.
فبالنسبة للشخص الطبيعي فعقوبة اإلقصاء من الصفقات العمومية منصوص عليها
في البند 08من المادة 9من قانون العقوبات ،كما نظمت أحكامها المادة 16مكرر 02
من نفس القانون التي تنص على أنه :لجهات الحكم إقصاء المحكوم عليه من الصفقات
العمومية في حالة اإلدانة من أجل جناية أو جنحة ،ويترتب على هذه العقوبة منع المحكوم
عليه من المشاركة بصفة مباشرة أو غير مباشرة في أي صفقة عمومية ،وقد يكون اإلقصاء
نهائيا أو لمدة عشر( )10سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية ولمدة خمس ) (05سنوات
في حالة اإلدانة من أجل جنحة ،وبالنسبة لبدء سريان العقوبة ،التزم المشرع الصمت واكتفى
- 1عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،المرجع السابق ،ص .158
261
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
بالنص على جواز األمر بالنفاذ المعجل لهذا اإلجراء ،وتبعا لذلك ووفقا لما تقتضيه أصول
تطبيق العقوبات فإن سريان اإلقصاء يبدأ من اليوم الذي تصبح فيه العقوبة نهائية ،كما
تطبق العقوبات المقررة في المادة 16مكرر 6من قانون العقوبات على كل محكوم عليه
قام بخرق االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص المادة 16مكرر 02من قانون العقوبات
وهي العقوبات المتمثلة في الحبس من ستة ( )06أشهر إلى سنتين ) (02وبغرامة من
50.000دج إلى 200.000دج.
ثامنا :الحظر من إصدار الشيكات و /أو استعمال بطاقات الدفع
وهي عقوبة تكميلية مستحدثة بموجب تعديل قانون العقوبات سنة 2006وقد نصت
عليه المادة 09في البند التاسع ،وقد نظمت أحكامها المادة 16مكرر من نفس القانون 3
المستحدثة كذلك والتي نصت على أنه :يترتب على عقوبة الحظر من إصدار الشيكات و /
أو استعمال بطاقات الدفع ،إلزام المحكوم عليه بإرجاع الدفاتر والبطاقات التي بحوزته أو
التي عند وكالئه إلى المؤسسة المصرفية المصدرة لها ،غير أنه ال يطبق هذا الحظر على
الشيكات التي تسمح بسحب األموال من طرف الساحب لدى المسحوب عليه أو تلك
المضمنة.
كما أن مدة الحظر ال تتجاوز عشر ) (10سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جناية
وخمس ( )05سنوات في حالة اإلدانة الرتكاب جنحة"...
ويستخلص من نص المادة 16مكرر 3من قانون العقوبات المستحدثة أن لجهات
الحكم الحظر على المحكوم عليه إصدار الشيكات و /أو استعمال بطاقات الدفع في حالة
اإلدانة من أجل جناية أو جنحة حتى وإن كانت الجريمة المرتكبة ال عالقة لها بإصدار
الشيكات و /أو باستعمال بطاقات الدفع.
تاسعا :تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة
ويترتب على هذه العقوبة إبطال مفعول رخصة السياقة نهائيا مع الحظر على المحكوم
عليه استصدار رخصة جديدة ،وخالفا للعقوبات التكميلية األخرى لم يحصر المشرع مجال
262
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
تطبيق هذه العقوبات في الجنايات والجنح مما يجعل الحكم بها جائ از حتى في المخالفات
أما من حيث المدة ،فإن المشرع حدد مدة تعليق رخصة السياقة ومدة سحبها بخمس سنوات
على األكثر ،دون التمييز بين الجرائم من حيث وصفها ،كما يجب أن يبلغ الحكم القضائي
إلى السلطة اإلدارية المختصة والمتمثلة أصال في مصالح الوالية المختصة ،وفيما يخص
ببدء سريان هذه العقوبة فقد اكتفى المشرع باإلشارة إلى جواز األمر بالنفاذ المعجل بالنسبة
لهذه العقوبة ،غير أن ما تقتضيه أصول تطبيق العقوبات أن يبدأ سريان العقوبة من اليوم
()1
الذي تصبح فيه العقوبة نهائية.
والمالحظ أن المشرع حدد مدة تعليق أو سحب رخصة السياقة بخمس ( )05سنوات
على األكثر ،إال أنه لم يحدد مدة عقوبة إلغاء رخصة السياقة والمنع من استصدار رخصة
جديدة ،مما يجعلها غير محددة ويذهب التخمين واالعتقاد إلى جعلها عقوبة مؤبدة ،وكما
جرت القاعدة في هذا التعديل الجديد فإنه تقرر تطبيق العقوبات المقررة في المادة 16مكرر
6من قانون العقوبات على كل محكوم عليه خرق االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص
المادة 16مكرر 4من قانون العقوبات المتضمنة تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغائها
()2
مع المنع من استصدار رخصة جديدة.
والجدير بالذكر هو أن المشرع سبق له أن نص على عقوبات تعليق رخصة السياقة
وإلغائها ،ومنع تسليمها مؤقتا أو نهائيا في القانون رقم 14-01المؤرخ في 19أوت 2001
المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها ،وتحديدا في المواد 110و111
و 113منه كعقوبات تكميلية لجنح السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير مخدر ،جنحة
الفرار بعد ارتكاب حادثة المرور ،رفض الخضوع واالمتثال لألوامر ،مخالفة األحكام المتعلقة
بتحديد السرعة وعبور بعض الجسور المحدودة الحمولة وكلها جرائم تطبق عليها عقوبات
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .354
-2عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،المرجع السابق ،ص.159
263
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
إدارية تتمثل في تعليق رخصة السياقة أو إلغائها أو منع تسليمها مؤقتا أو نهائيا ،كانت
تطبق من طرف السلطات اإلدارية قبل إدخالها كعقوبات تكميلية في قانون العقوبات
()1
الجزائري في عند تعديله سنة .2006
عاشرا :سحب جواز السفر
وهي العقوبة المنصوص عليها في البند رقم 11من المادة 09من قانون العقوبات
المعدلة سنة ،2006كما نظمت المادة 16مكرر 5من قانون العقوبات المستحدثة بموجب
تعديل قانون العقوبات سنة 2006أحكام هذه العقوبة التكميلية بالنص على أنه :يجوز
للجهة القضائية أن تحكم بسحب جواز السفر لمدة ال تزيد عن خمس ( )05سنوات في حالة
اإلدانة من أجل جناية أو جنحة ،وذلك من تاريخ النطق بالحكم ،ويجوز أن يؤمر بالنفاذ
المعجل بالنسبة لهذا اإلجراء ،ويبلغ الحكم إلى و ازرة الداخلية ،ويستخلص من نص المادة
16مكرر 5من قانون العقوبات أن للجهات القضائية الحكم بسحب جواز السفر في حالة
اإلدانة من أجل جناية أو جنحة فهي عقوبة جوازية ،وقد كان القانون رقم 18-04المؤرخ
في 2004/12/25المتعلق بالمخد ارت والمؤثرات العقلية سباقا لهذه العقوبة حيث نصت
المادة 29منه على هذه العقوبة جزاءا لجرائم المخدرات وقد حددت مدة تطبيق العقوبات
بخمس سنوات على األكثر وذلك من تاريخ النطق بالحكم واألصل من يوم أن يصير الحكم
نهائي وليس من تاريخ النطق بالحكم ألن قواعد أصول تطبيق العقوبات يكون التطبيق من
()2
يوم أن يصير الحكم نهائي.
أما الجهة التي تسهر على تطبيقه فهي و ازرة الداخلية والمصالح التابعة لها وعلى هذا
األساس فمتى صار حكم عقوبة سحب جواز السفر نهائي فعلى الجهة المصدرة للحكم أن
تبلغه إلى و ازرة الداخلية لتسهر على تطبيقه ألنها هي التي تشرف على إصدار جواز السفر
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .355
-2عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،المرجع السابق ،ص.160
264
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
فاألولى بها هي التي تسهر كذلك على تنفيذ سحبه وحرمان المحكوم عليه بهذه العقوبة لمدة
خمس سنوات على األكثر كما تطبق العقوبات المقررة في المادة 16مكرر 06من قانون
العقوبات التي هي الحبس والغرامة المالية ،الحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات
والغرامة المالية من 25.000دج إلى 300.000دج على كل محكوم عليه خرق
()1
االلتزامات المفروضة عليه بموجب نص المادة 16مكرر من قانون العقوبات.
إحدى عشر :نشر حكم اإلدانة
نص المشرع الجزائري على نشر الحكم كعقوبة تكميلية في المادتين 09و 18من
قانون العقوبات بالقول أنه :للمحكمة عند القضاء باإلدانة أن تأمر في الحاالت التي
يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في جريدة أو أكثر يعينها ،أو بتعليقه
في األماكن التي يبينها وذلك كله على نفقة المحكوم عليه على أال تتجاوز مع ذلك
مصاريف النشر المبلغ الذي يحدده الحكم لهذا الغرض ،وال أن تتجاوز مدة التعليق شه ار
واحدا ،ويستفاد من استقراء نص المادة 18أعاله أن الحكم الذي يمكن نشره هو حكم
اإلدانة دون سواه ،فال ينشر حكم بالبراءة أو بانقضاء الدعوى العمومية ألي سبب كان،
وليس كل حكم باإلدانة وإنما حصره في الحاالت التي ينص عليها صراحة القانون ،والنشر
في هذه الحاالت قد يكون وجوبا في الحالة التي نصت عليها المادة 174قانون العقوبات
عند اإلدانة بجنحتي ا لمضاربة غير المشروعة المنصوص والمعاقب عليها فاي المادتيان
172و 173من قانون العقوبات قبل صدور قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة،
ونرى أن الهدف من وجوب نشر الحكم وتعليقه في هذه الحالة هو ،من جهة إرشاد الجمهور
إلى التجار الذين يغشونه ،ومن جهة أخرى يصيب التاجر في ماله عن طريق إلزامه بدفع
مصاريف النشر والتعليق وأكثر من ذلك في تجارته وسمعته وامتناع الناس عن معاملته.
-1سااليمان عبااد الماانعم ،نظريااة الجازاء الجنااائي ،المؤسسااة الجامعيااة للد ارسااات والنشاار والتوزيااع ،الطبعاة األولااى،
بيروت ، 1999،ص.63
265
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وقد يكون نشر الحكم جوازيا كما نصت على ذلك المادة 250من قانون العقوبات عند
اإلدانة بإحدى جرائم انتحال الوظائف واأللقاب أو األسماء أو إساءة استعمالها ،وكذا المادة
1/300المتعلقة بالوشاية الكاذبة والمادة 144عند اإلدانة بجريمة إهانة الموظف أو
التعدي عليه.
ونشر الحكم قد يكون بنشر نصه كامال أو قد يكتفي بملخص (مستخرج منه) ويكون
النشر في جريدة أو أكثر يعينها الحكم في حد ذاته ،وقد يتم النشر بتعليقه في بعض
ا ألماكن التي يبينها الحكم والغاية من ذلك هو التشهير بالمحكوم عليه وتنبيه الجمهور إلى
خطورته.
ولم يحدد المشرع طريقة تنفيذ الحكم بالنشر ،وترك ذلك للنيابة العامة باعتبارها المكلفة
بتنفيذ األحكام الجزائية ،والتي تقوم بإرسال نسخة من الحكم أو مستخرج منه ،حسب منطلق
()1
الحكم ،إلى الجريدة أو التي عينها الحكم للنشر ،أو تقوم بتعليقه في األماكن المحددة فيه.
ولم يوفق المشرع عندما حدد مصاريف النشر بأن ال تتجاوز المبلغ الذي يحدده الحكم
لهذا الغرض ،في حين أن المبلغ تحدده الجهة القائمة بالنشر وليس للقاضي أن يتنبأ
بالم صاريف الالزمة للنشر ،وال أن يلزم الجهة القائمة بالنشر بأن تتنازل عن مبالغ النشر
إلى المبلغ الذي حدده في الحكم المراد نشره ،وطالما الحال كذلك نرى أن تحديد مبالغ النشر
يكون باستصدار أمر تقدير مصاريف النشر ويكون الحقا على صدور الحكم القاضي
بالنشر وهذا بعد عرض نسخة من الحكم أو مستخرج منه على الجهة القائمة بالنشر لتحديد
مبالغ النشر( ،نشر مستخرج من الحكم ال يتطلب مبالغ كنشر نسخة كاملة منه) ،ويلزم
المحكوم عليه بسدادها مع ما حكم عليه من غرامات ومصاريف قضائية ،ولم يحدد كذلك
المشرع إجراءات تعليق الحكم واكتفى بالقول أن يكون التعليق في األماكن التي يحددها
266
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
القانون وغالبا ما تكون :مقر المجلس الشعبي البلدي بمكان إقامة المحكوم عليه ،منزله وإذا
()1
كان تاج ار واجهة محله التجاري أو شركته ،على أن ال تتجاوز مدة التعليق شه ار واحدا.
الفرع الثاني :العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين المجرمة
األخرى
لقد نص المشرع الجزائري على العقوبات التكميلية التي يمكن أن توقع على مسيري
الشركات التجارية بوصفها شخصا معنويا في عدة قوانين خاصة نوردها منها ما يلي:
أوال :العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في قانون مكافحة الفساد
جاء في نص المادة 50من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته أنه :في حالة اإلدانة
بجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يمكن للجهة القضائية أن
تعاقب الجاني بعقوبة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات.
من خالل أحكام نص هذه المادة يمكن القول أن المشرع الجزائري أجاز للجهة
القضائية التي بتت في حكم اإلدانة في جريمة أو أكثر من الجرائم المذكورة في هذا القانون
الحكم بإحدى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أكثر.
باإلضافة إلى إمكانية تجميد أو حجز العائدات واألموال غير المشروعة الناتجة عن
ارتكاب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ،بقرار قضائي أو بأمر
من سلطة مختصة.
وفي حالة اإلدانة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ،تأمر الجهة القضائية
بمصادرة العائدات واألموال غير الشرعية ،وذلك مع مراعاة حاالت استرجاع األرصدة أو
حقوق الغير حسن النية.
-1أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،المرجع السابق ،ص .356
267
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
وتحكم الجهة القضائية أيضا برد ما تم اختالسه أو قيمة ما حصل عليه من منفعة أو
ربح ولو انتقلت إلى أصول الشخص المحكوم عليه أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره
()1
سواء بقيت تلك األموال على حالها أو وقع تحويله إلى مكاسب أخرى.
ثانيا :العقوبات التكميلية المقررة لمسيري الشركات التجارية في القوانين الجبائية
تناولت القوانين الجبائية المختلفة العقوبات التكميلية الموقعة على مسيري الشركات
التجارية المرتكبين للجرائم الجبائية والتي جاءت كما يلي:
-01قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة
نصت المادة 03/ 303منه على ما يلي :إن العود في أجل خمس سنوات تنتج عنه
بحكم القانون ،مضاعفة العقوبات ،سواء أكانت جبائية أو جزائية ،المنصوص عليها
بخصوص المخالفات األولية ،وذلك دون اإلخالل بالعقوبات الخاصة المنصوص عليها في
نصوص أخرى (المنع من ممارسة المهنة والعزل من الوظيفة وغلق المؤسسة...إلخ).
إن لصق إعالن الحكم ونشره يؤمر بهما ،ضمن الشروط المحددة في البند 6أدناه
وذلك في جميع الحاالت المنصوص عليها في هذا البند
يمكن للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بتمامه أو باختصار في الجرائد التي تعينها
وبتعليقه في األماكن التي تحددها والكل على نفقة المحكوم عليه...
()2
268
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
-03قانون التسجيل
نصت المادة 6/120من قانون التسجيل في البند 06منها:
فيما يخص الجرائم التي تنطوي على عقوبات جزائية ،يمكن للجهة القضائية المختصة
أن تأمر بأن قرارها يجب أن ينشر برمته أو بملخص في الجرائد التي تعينها ويلصق في
األماكن التي تبينها ،والكل يكون على نفقة المحكوم عليه.
-04قانون الطابع
أما فيما يتعلق بقانون الطابع فقد أحال تطبيق العقوبات إلى قانون العقوبات السيما
المادتين 109و 110منه حيث نصت المادة 109من قانون الطابع على أنه ... :ويجوز
عالوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في
المادة 14وبالمنع من اإلقامة من سنة إلى خمس سنوات على األكثر ،ويعاقب على الشروع
في الجرائم المبينة أعاله كالجريمة التامة.
كما نصت المادة 110من قانون الطابع على أنه ... :ويجوز عالوة على ذلك أن
يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14وبالمنع من
اإلقامة من سنة إلى خمس سنوات على األكثر.
()1
269
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
270
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
مستعمل من قبل الجمهور ،حيث ارتكب المستغل أو شارك في ارتكاب الجرائم المنصوص
()1
عليها في المادتين 15و 16من هذا القانون.
خامسا :العقوبات التكميلية في القانون المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية
نصت المادة 34من القانون رقم 08-04المتعلق بشروط ممارسة األنشطة التجارية
السيما الفقرة الثانية منها على أنه :زيادة على العقوبة المنصوص عليها في هذه المادة
يمكن للقاضي أن يأمر تلقائيا بغلق المحل التجاري المعني بالمخالفة ،كما يمكنه أيضا أن
()2
يقرر منع القائم بالمخالفة من ممارسة أي نشاط تجاري لمدة أقصاها 05خمس سنوات.
ومن خالل ما سبق يمكن القول أن العقوبات التي توقع على مسيري الشركات
التجارية سواء كانت أصلية أو تكميلية فهي تهدف لردع المخالفين ومنعهم من اإلفالت
للعقاب الذي يقرره المشرع للشخص المعنوي سواء بصفتهم فاعلين أصليين أو شركاء ،كما
أن خرق اإللتزامات الم ترتبة عن العقوبات التكميلية يتحمله الشخص الطبيعي المسؤول عن
تسيير الشخص المعنوي وتكون العقوبة على ذلك بالحبس من سنة 01إلى خمس 05
سنوات وبغرامة من 100.000دج إلى 500.000دج كما يمكن التصريح بقيام المسؤولية
الجزائية للشخص المعنوي ،حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 51مكرر ويتعرض
في هذه الحالة إلى عقوبة الغرامة حسب الكيفيات المنصوص عليها في المادة 18
()3
مكرر.
271
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
272
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
عام 1427الموافق لا 5 :أكتاوبر سنة 2006يتضمن تامديد االخاتصاص المحلاي لبعض
المحاكام ووكاالء الجمهورياة وقضااة التحقياق وهي :محكمة سيدي محمد ،محكمة قسنطينة،
محكمة ورقلة ومحكمة وهران.
أما عن االختصاص النوعي الذي يعتبر سلطة جهة قضائية معينة للفصل دون سواها
في دعاوي معينة ،أي يتم تحديد االختصاص النوعي بالنظر إلى موضوع الدعوى وطبيعة
النزاع ،والمبدأ العام أن قواعد االختصاص النوعي متعلقة بالنظام العام ،أي ال يجوز
االتفاقي على مخالفتها ،ويثيرها القاضي من تلقاء نفسه وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى.
وتتمثل الوظيفة األساسية لقواعد االختصاص النوعي في توزيع القضايا على مختلف
درجات الجهات القضائية ،المحاكم ،المجالس القضائية ،والمحكمة العليا ،فالمحكمة هي
صاحبة االختصاص العام فيما يعرض عليها من خصومة تفصل فيها بحكم ابتدائي قابل
لالستئناف أمام المجلس القضائي ،أما المحكمة العليا فتعتبر الجهة القضائية التي تقوم
بالرقابة الالحقة على األحكام الصادرة عن جميع الجهات القضائية األخرى.
وفي المادة الجزائية يتوزع االختصاص النوعي على الجهات القضائية حسب نوع
الجريمة فإذا كانت مخالفة أو جنحة تعرض على قسم الجنح والمخالفات بالمحكمة ،أما إذا
كانت جناية يؤول االختصاص للنظر فيها لمحكمة الجنايات.
أما عن قاعدة التمثيل فال يمكن متابعة الشركة التجارية باعتبارها شخص معنوي ما لم
يكن لها ممثل قانوني يمثلها سواءا في مرحلة التحري والتحقيق أو في مرحلة المحاكمة،
ويمكن أن يتم متابعة الشركة التجارية وممثلها القانوني في آن واحد ،وفي هذه الحالة ينبغي
على النيابة أن تقوم بتعيين ممثل آخر للشركة باللجوء لرئيس المحكمة ويتم تعيين ممثل
قانوني للشركة من بين المستخدمين التابعين للشركة وهو ما تطرق له المشرع بنص المادة
65مكرر 03من قانون العقوبات.
-أما عن قواعد التحري فقد تبنى المشرع الجزائري نظاما إجرائيا جمع بين كال النظامين
االتهامي والنظام التنقيبي ليعطي الفاعلية الالزمة للقواعد اإلجرائية الجزائية وعلى الرغم من
273
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
أهمية التحري إال أن المشرع الجزائري لم يضع له تعريفا محددا بل اكتفي باإلشارة إليه من
خالل قانون اإلجراءات الجزائية ،حيث تنص المادة 21فقرة 03منه على أنه :يناط
بالشرطة القضائية مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات وجمع
ا ألدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي.
ويعرف التحري بأنه المعلومات والحقائق واألخبار واألدلة التي تساعد على الوصول
إلى معرفة موضوع معين ،ووضوح معالمه ،وهو أيضا إجراءات جمع المعلومات التي
تساعد على الوصول إلى الحقيقة فيما يتعلق بوقوع الجريمة ومرتكبيها والمجني عليه.
ويمكن تلخيص أعمال التحري في :تلقي الشكاوى والبالغات بشأن وقوع الجرائم،
إخطار وكيل الجمهورية بمجرد وصول نبأ ارتكاب الجريمة ،االنتقال إلى مكان وقوع الجريمة
والقيام بالمعاينة ،جمع االستدالالت عن الجرائم ،تفتيش المساكن والمقرات ،ضبط أدوات
الجريمة وكذا جميع األشياء المعتمدة استعمالها في الجريمة ،سماع أقوال األشخاص،
توقيف المشتبه فيهم للنظر مدة 48ساعة قابلة للتجديد وتختتم كل األعمال المنجزة من
طرف ضابط الشرطة القضائية بمحضر يرسل إلى وكيل الجمهورية وهناك قواعد تحري
خاصة تتمثل في :اعتراض المراسالت ،التقاط الصور ،التسرب ،التسليم المراقب والترصد
االلكتروني.
-أما عن قواعد التحقيق االبتدائي فتهدف إلى جمع األدلة ثم يتم إحالة الشركة على
المحكمة المختصة لتتم محاكمتها طبقا للقانون وهذا التحقيق هو وجوبي وإلزامي في
الجنايات وجوازي في الجنح كما يجوز إجراؤه في المخالفات إذا رأى وكيل الجمهورية بدا
لذلك طبقا لنص المادة 66من قانون اإلجراءات الجزائية ،ويتم التحقيق مع الممثل القانوني
للشركة التجارية وفي حالة متابعة الشركة وممثلها في آن واحد يتم تعيين ممثل آخر للشركة
التجارية كما سبق بيانه.
-أما عن قواعد محاكمة الشركة التجارية فهي نفسها قواعد محاكمة الشخص الطبيعي
باستثناء قواعد التمثيل ،إذ ال يمكن محاكمة الشركة التجارية إال عن طريق ممثلها القانوني
274
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
إال إذا تمت متابعة الشركة وممثلها القانوني في آن واحد ففي هذه الحالة يتم تعيين ممثل
آخر من طرف رئيس المحكمة بسعي من النيابة ونصت على ذلك المادة 65مكرر 3من
قانون اإلجراءات الجزائية على :إذا تمت متابعة الشخص المعنوي وممثله القانوني جزائيا
في نفس الوقت أو إذا لم يوجد أي شخص مؤهل لتمثيله يعين رئيس المحكمة بناء على
طلب النيابة العامة ،ممثال عنه من ضمن مستخدمي الشخص المعنوي.
-أما عن األثر اآلخر المترتب على قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية بعد متابعتها
وثبوت إدانتها هو توقيع العقوبات المقررة قانونا وهذه العقوبات إما عقوبات أصلية وهي
عقوبة الغرامة والتي تساوي من مرة إلى خمس مرات للحد األقصى لعقوبة الغرامة المقررة
للشخص الطبيعي وهو ما نصت عليه المادة 18مكرر من قانون العقوبات ،وهي عقوبة
تحقق الردع لكونها تمس بالذمة المالية للشركة التجارية وقد انتهج المشرع نفس المنهجية
بخصوص عقوبة الغرامة سواءا كان الفعل المرتكب مخالفة ،جنح أو جناية.
لكن تجدر اإلشارة أنه في الجرائم التي لم يكرس فيها المشرع عقوبة الغرامة للشخص
الطبيعي تكون عقوبة الشركة التجارية غرامة قيمتها 2.000.000دج عندما تكون الجناية
معاقبا عنها باإلعدام أو السجن المؤبد ،وتكون العقوبة غرامة قيمتها 1.000.000دج
عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت وتكون العقوبة غرامة قيمتها 500.000
دج بالنسبة للجنحة وهو ما نصت عليه المادة 18مكرر 02من قانون العقوبات.
أما عن العقوبات التكميلية المقررة للشركة التجارية فهي :حل الشخص المعنوي ،غلق
المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ،اإلقصاء من الصفقات العمومية
لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ،المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية
بشكل مباشر أو غير مباشر ،نهائيا أو لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ،مصادرة الشيء الذي
استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها ،نشر وتعليق حكم اإلدانة ،الوضع تحت الحراسة
القضائية لم دة ال تتجاوز خمس سنوات وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى
275
النتائج املترتبة على املسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال ـبـاب الثاني
الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته وهو ما نصت عليه المادة 18مكرر 01من
قانون العقوبات.
-أما عن األثر القانوني اآلخر الناجم عن قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية هو
إمكانية قيام المسؤولية الجزائية لمسيري الشركات التجارية وفي هذه الحالة تقوم مسؤوليتهم
بمناسبة قيام مسؤولية الشركة بناءا على مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية وهو ما نصت عليه
الفقرة الثانية من المادة 51مكرر لقانون العقوبات " ...إن المسؤولية الجزائية للشخص
المعنوي ال تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس األفعال،
فيمكن متابعة المسير باعتباره فاعال أصليا عندما يكون فيها الفاعل مباش ار لألفعال المادية
للجريمة بنفسه كما يمكن متابعة المسير باعتباره شريك إذا ساعد على ارتكاب الجريمة وقد
حصر المشرع الجزائري أفعال ال شريك في المساعدة والمعاونة على ارتكاب األفعال
التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك ،دون أفعال التحريض الذي أخرجه من
دائرة المساهمة التبعية وأدخلته في دائرة المساهمة األصلية.
وقد كرس المشرع الجزائري عقوبات لمسيري الشركات التجارية متى ثبتت مسؤوليتهم
الجزائية وهذه العقوبات هي أصلية وتكميلية وهي نفسها العقوبات المقررة لألشخاص
الطبيعية في قانون العقوبات والقوانين المكملة له.
276
خاتمة
خاتمة
خاتمة:
تعتبر المسؤولية الجزائية للشركات التجارية موضوع فرعي لموضوع المسؤولية الجزائية
للشخص المعنوي وهو المجا ل الخصب لتطبيق قواعد المسؤولية الجزائية لألشخاص
المعنوية على اعتبار أن القانون الجزائري أقر بمسؤولية األشخاص المعنوية الخاضعة
للقانون الخاص دون سواها ،كما أن قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ال تزال
حديثة وهي قيد التطور وتحتاج إلى تتبع وتطبيق من الجهات القضائية من أجل سد الثغرات
التشريعية ،كما أ نها تحتاج لمواكبة التشريع من أجل التفصيل في قواعد المسؤولية الجزائية
وإزالة اللبس الموجود في العديد من المواضع.
وقد كرس المشرع الجزائري قواعد المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية بشكل عام في
قانون العقوبات بعد تعديله بموجب القانون رقم 15-04المؤرخ في 20004/11/10وكان
ذلك استجابة منه للتطور الكبير الذي شهده نشاط الشركات التجارية عبر العالم والجرائم
التي أصبحت تقترفها هذه األخيرة.
وقد أقر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية الخاضعة للقانون
الخاص ،وبعد إسقاط مفهوم األشخاص المعنوية المعنية بهذه القواعد على الشركات
التجارية نجدها تنطبق عليها على اعتبار أن الشركات التجارية هي أشخاص معنوية تخضع
للقانون التجاري ،إال أنه ولقيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ينبغي أن ترتكب
الجريمة من طرف أجهزتها أ و ممثليها الشرعيين ،ولمعرفة أجهزة الشركات التجارية أو
ممثليها الشرعيين ينبغي الرجوع للقواعد القانونية المنظمة لها أو للقانون األساسي على
اعتبار أن طبيعة الشركة ونوعها له عالقة بأجهزتها وبممثليها الشرعيين كما سبق تبيانه في
هذه الدراسة ،كما ينبغي أيضا لقيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية أن ترتكب األفعال
المجرمة لحساب الشركة وليس لحساب مسيري الشركة.
وتجدر اإلشارة إلى أن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ليس آليا إذ أن
مسؤوليتها الجزائية ال تقوم بمجرد ارتكاب أفعال مجرمة لحسابها من طرف أجهزتها ومن
277
خاتمة
طرف ممثليها الشرعيين على اعتبار أن إقرار المشرع الجزائري للمسؤولية الجزائية للشركات
التجارية لم يكن باإلعتماد على مبدأ التعميم وإنما اعتمد على مبدأ التخصص أين وضع
شرطا آخر لقيام المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية بموجب نص المادة 51مكرر من
قانون العقوبات وهو أن ينص القانون صراحة على مسؤولية الشخص المعنوي عند تجريمه
لفعل معين.
وعند قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يمكن متابعتها قضائيا بواسطة قواعد
إجرائية تتالئم وطبيعتها القانونية تضمنها قانون اإلجراءات الجزائية ،كما أنه ونظ ار لطبيعة
الشركات التجارية باعتبارها أشخاص قانونية مستقلة عن األشخاص الطبيعية المسيرة لها
فقد سن المشرع عقوبات أصلية وتكميلية تتالئم مع طبيعتها وتحقق الردع المطلوب ،كما
أنه وعند قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يمكن متابعتها ومسيريها في آن واحد
تطبيقا لمبدأ ازدواجية المسؤولية الجزائية الجزائية عن نفس الفعل وهو ما أشارت له المادة
51مكرر من قانون العقوبات ،كما أنه ينبغي اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري لم ينص
على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في العديد من القوانين التي تنظم األنشطة
اإلقتصادية والتي تنظم نشاط الشركات التجارية ،مثل قانون حماية المستهلك وقمع الغش،
قانون القواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،قانون شروط ممارسة األنشطة التجارية
...،الخ إذ أن المشرع تطرق في هذه القوانين ألحكام جزائية لكنها تخص األشخاص
الطبيعية فقط ولم يتطرق لمسؤولية الشخص المعنوي رغم أن األنشطة االقتصادية التي
تنظمها تلك القوانين تمارس في أغلب األحيان في شكل شركات تجارية ولم يتدارك المشرع
الجزائري هذا الفراغ التشريعي لحد األن.
ومن خالل دراستنا لموضوع المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في التشريع الجزائري
توصلنا إلى مجموعة من النتائج التي تعتبر إجابة على اإلشكالية المطروحة وتتمثل هذه
النتائج فيما يلي:
278
خاتمة
-1إن الشركات التجارية من بين األشخاص المعنوية المعنية بنص المادة 51مكرر من
قانون العقوبات على اعتبار أن الشركات التجارية أشخاص معنوية تخضع للقانون الخاص
وهو القانون التجاري ،وبذلك يمكن تطبيق أحكام المادة 51مكرر سالفة الذكر عليها متى
توافرت باقي الشروط المنصوص عليها بنفس النص.
- 2إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ليست تلقائية إذ أنها ال تقوم بمجرد
ارتكاب الجريمة لحسابها من طرف أجهزتها أو ممثليها الشرعيين ،بل يجب أن ينص
القانون صراحة على قيام مسؤولية الشركة التجارية في النص المجرم.
- 3إن طبيعة ونوع الشركة التجارية لها عالقة بقواعد المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
ذلك أن نوع الشركة يمكننا من معرفة أجهزة الشركة وممثليها الشرعيين طبقا لقواعد القانون
التجاري ،ذلك أن الشركة التجارية ال تخضع للمسائلة الجزائية إال إذا كان مرتكب الجريمة
من الممثلين الشرعيين لها.
- 4إن معرفة الممثلين الشرعيين والقانونيين للشركة التجارية ال يتعلق فقط بموضوع
المسؤولية الجزائية لها وإنما يتعلق بالمسؤولية الجزائية لهؤالء الممثلين أو المسيرين على
اعتبار أن إمكانية مسائلتهم جزائيا ممكنة بنفس القواعد القانونية المجرمة ويمكن متابعة
الشركة التجارية وممثليها أو مسييريها في آن واحد ،كما أن معرفة الممثلين الشرعيين
والقانونيين للشركة التجارية يساعد أيضا على معرفة ممثلي الشركة التجارية عند المتابعة
القضائية سواءا على مستوى مرحلة التحريات والتحقيق أو عند المحاكمة.
- 5إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية ينجم عنه مسؤولية مزدوجة إذ أن توافر
شروط قيام المسؤولية الجزائية يجعلها مسؤولة جزائيا ،كما تقوم أيضا معه مسؤولية
األشخاص الطبيعيين والمسيرين متى ثبت وجود عالقة لهم بالجرائم المرتكبة.
- 6إن قيام المسؤولية الجزائية للشركات التجارية يترتب عنه نتائج تتعلق بها وبمسيريها
تتمثل في المتابعة القضائية وتوقيع الجزاءات المقررة قانونا.
279
خاتمة
– 7إن العقوبة األصلية التي كرسها المشرع الجزائري للشركات التجارية باعتبارها أشخاص
معنوية متى قامت مسؤوليتها الجزائية هي الغرامة ،وقد رفع المشرع الجزائري من قيمة
الغرامة المفروضة على الشركة التجارية بالنظر للغرامة المفروضة على الشخص الطبيعي،
إذ أن عقوبة الغرامة المكرسة للشركات التجارية تساوي من مرة إلى خمس مرات لقيمة الحد
األقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي وقد كرس المشرع الجزائري عقوبات تكميلية
للشركات التجارية باعتبارها أشخاص معنوية مثل عقوبة غلق المؤسسة وعقوبة اإلقصاء من
الصفقات العمومية...إلخ.
أما بالنسبة لألشخاص الطبيعيين الذين تقوم مسؤوليتهم الجزائية بمناسبة قيام
المسؤولية الجزائية للشركات التجارية فيخضعون للقواعد العامة أي تطبق عليهم العقوبات
األصلية والتكميلية المنصوص عليها في المادة 05وما يليها من قانون العقوبات وهي
عقوبة الحبس والغرامة أو إحداهما فقط ،والعقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون
العقوبات والقوانين المكملة له.
ونتيجة لما سبق استخالصه من نتائج فإننا نرى أنه من الضروري تقديم عدد من
التوصيات واإلقتراحات التي من شأنها أن تساهم في إثراء التشريع في مجال المسؤولية
الجزائية للشركات التجارية كما يلي:
-1التفصيل في قواعد المسؤولية الجزائية للشركات التجارية حسب طبيعتها على اعتبار أن
المشرع إكتفى بنص واحد فقط وهو نص المادة 51مكرر من قانون العقوبات.
-2تبيان الحاالت التي يمكن فيها قيام المسؤولية الجزائية المزدوجة للشركات التجارية
ومسييريها على اعتبار أن نص المادة 51مكرر من قانون العقوبات لم يشر لذلك بدقة.
-3توسيع نطاق الجرائم التي يمكن مسائلة الشركات التجارية عنها عند ارتكابها ال سيما
الجرائم الماسة باإلقتصاد الرتباطها الوثيق بنشاط الشركات التجارية.
-4اإلعتماد على مبدأ التعميم في التجريم ووضع قواعد عامة للمسؤولية الجزائية للشركات
التجارية في قانون العقوبات يمكن تطبيقها في جميع القوانين المكملة لقانون العقوبات من
280
خاتمة
أجل سد الثغرات الحاصلة في بعض القوانين المكملة لقانون العقوبات والتي لم تتضمن
نصوص تتعلق بمسائلة الشركات التجارية .
وكل هذه التوصيات من شأنها أن تساهم في ضبط قواعد المسؤولية الجزائية للشركات
التجارية في التشريع الجزائري ،بما يكفل سد النقائص الموجودة والفراغ التشريعي الحاصل
وتؤدي إلى سن قواعد قانونية تمكن من ضبط العديد من الجرائم التي ترتكبها الشركات
التجارية وتضع لها جزاءات مناسبة وإجراءات تمكن من متابعة الفاعلين في إطار قواعد
قانونية واضحة ال يشوبها أي غموض ،وتساهم في تسهيل تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية
للشركات التجارية من طرف الجهات القضائية.
281
قائمة المصادر والمراجع
قائمة املصادر واملراجع
282
قائمة املصادر واملراجع
283
قائمة املصادر واملراجع
284
قائمة املصادر واملراجع
285
قائمة املصادر واملراجع
ثانيا :المراجع
أ -المراجع باللغة العربية.
-الكتب.
- 01إبراهيم بلعليات ،أركان الجريمة وطرق إثباتها في قانون العقوبات الجزائري ،دار
الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.2007 ،
- 02إبراهيم سيد أحمد ،العقود والشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار الجامعة الجديدة
للنشر ،مصر.1999،
- 03إبراهيم علي صال ح ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دار المعارف ،مصر،
.1980
- 04أحسن بوسقيعة ،التحقيق القضائي ،دار هومة ،الجزائر.2006 ،
- 05أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،الطبعة الثالثة ،دار هومة،
الجزائر.2013،
- 06أحسن بوسقيعة ،الوجيز في القانون الجنائي الخاص ،الجزء الثاني ،دار هومة،
الجزائر.2006 ،
- 07أحمد البسيوني أبو الروس ،الموسوعة التجارية الحديثة (التاجر ،الشركات التجارية
والمحال التجارية) ،الدار الجامعية ،مصر.2003 ،
- 08أحمد فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري ،الطبعة الثانية ،دار الشروق ،مصر،
.2002
- 09أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون اإلجراءات الجزائية ،الطبعة الثالثة ،دار
النهضة العربية ،مصر.2016،
- 10أحمد محمد قائد مقبل ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي دراسة مقارنة ،الطبعة
األولى ،دار النهضة العربية ،مصر.2005 ،
- 11أدوار عيد ،الشركات التجارية ،مطبعة النجوى ،لبنان.1969 ،
286
قائمة املصادر واملراجع
- 12إدوار غالي الذهبي ،مجموعات بحوث قانونية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية
القاهرة.1978 ،
- 13أسامة نائل المحيسن ،الوجيز في الشركات التجارية واإلفالس ،الطبعة األولى ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع األردن.2008 ،
- 14إسحاق إبراهيم منصور ،نظريتا القانون والحق وتطبيقهما في القوانين الجزائرية،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.1999 ،
- 15أشرف توفيق شمس الدين ،شرح قانون اإلجراءات الجنائية ،الجزء األول ،الطبعة
الخامسة ،دار النهضة العربية ،مصر.2012 ،
- 16أكرم نشأت إبراهيم ،القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن ،الطبعة األولى،
مطبعة الفتيان ،بغداد.1998 ،
- 17أكرم ياملكي ،القانون التجاري الشركات (دراسة مقارنة) ،دار الثقافة للنشر،
مصر.2010،
- 18الدراجي غازي حنون خلف ،استظهار القصد الجنائي في جريمة القصد العمد،
منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان.2012 ،
- 19السالم جاهم أبو قريش ،دليل تأسيس الشركات التجارية في القانون التجاري
الجزائري ،دار هومة،الجزائر.2014،
- 20الطيب بلولة ،قانون الشركات ،ترجمة محمد بن بوزة ،بارتي للنشر ،الجزائر.2008 ،
- 21العربي بن المهيدي رزق هللا ،الوجيز في القانون التجاري الجزائري ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر. 1998،
- 22الغوثي بن ملحة ،القانون القضائي الجزائري ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر.1989،
- 23إلياس ناصيف ،موسوعة الشركات التجارية – شركة التوصية البسيطة شركة
المحاصة ،الجزء الرابع ،الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان. 2011،
287
قائمة املصادر واملراجع
288
قائمة املصادر واملراجع
- 37خلفي عبد الرحمان ،محاضرات في القانون الجنائي العام ( دراسة مقارنة ) ،دار
الهدى ،الجزائر.2013،
- 38سالم عمر ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية وفقا لقانون العقوبات الفرنسي
الجديد ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة . 1995،
- 39سعيد يوسف البستاني ،قانون األعمال والشركات ،منشورات الحلبي الحقوقية،
لبنان.2004،
- 40سليم صمودي ،المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،دراسة مقارنة بين التشريع
الجزائري والفرنسي ،دار الهدى للنشر ،الجزائر. 2006 ،
- 41سليمان عبد المنعم ،نظرية الجزاء الجنائي ،الطبعة األولى ،المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت.1999 ،
- 42سميحة القليوبي ،الشركات التجارية ،دار النهضة العربية ،مصر.1989،
- 43سمير عالية ،أصول قانون العقوبات القسم العام -معالم ونطاق تطبيق الجريمة
والمسؤولية والجزاء ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت.1996،
- 44شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،الطبعة األولى ،دار
النهضة العربية ،مصر.1997 ،
- 45صالح نبيه ،النظرية العامة للقصد الجنائي مقارنة بكل من القصد االحتمالي والقصد
المتعدي والقصد الخاص ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن.2004 ،
- 46صفوت بهنساوي ،الشركات التجارية ،دار النهضة العربية ،مصر. 2007،
- 47عاطف محمد الفقي ،الشركات التجارية في القانون المصري ،دار النهضة العربية،
مصر. 2008 ،
- 48عباس حلمي المنزالوي ،القانون التجاري الشركات التجارية ،الطبعة الثانية ،ديوان
المطبوعات الجامعية الجزائر.1992 ،
- 49عباس مصطفى المصري ،تنظيم الشركات التجارية شركات األشخاص شركات
األموال ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.2002،
289
قائمة املصادر واملراجع
- 50عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري-القسم العام ،-موفم للنشر والتوزيع
،الجزائر.2015،
- 51عبد الحميد الشواربي ،موسوعة الشركات التجارية ،منشأة المعارف ،مصر.2006،
- 52عبد الحميد عمارة ،ضمانات المتهم أثناء مرحلة التحقيق االبتدائي في الشريعة
اإلسالمية والتشريع الوضعي ،دار المحمدية ،الطبعة األولى ،الجزائر.1990 ،
- 53عبد العزيز سعد ،أصول اإلجراءات أمام محكمة الجنايات ،الطبعة األولى ،الديوان
الوطني لألشغال التربوية ،الجزائر.2002،
- 54عبد القادر الحسيني وإبراهيم محفوظ ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في
المجال الطبي دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.2009 ،
- 55عبد القادر الشاوي سلطان حمحمد عبد هللا الوريكات ،المبادئ العامة في قانون
العقوبات ،الطبعة األولى ،دار وائل للنشر ،األردن. 2011،
- 56عبد القادر عدو ،قانون العقوبات الجزائري-القسم العام-نظرية الجريمة ،نظرية
الجزاء الجنائي ،دار هومة للطباعة والنشر ،الجزائر. 2010،
- 57عبد هللا أوهايبية ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،الجزء األول ،دار هومة،
الجزائر.2018،
- 58عبد هللا سليمان ،النظرية العامة للتدابير االحت ارزية ،المؤسسة الوطنية للكتاب،
الجزائر.1990،
- 59عبد هللا سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري -القسم العام ،الطبعة السادسة،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر. 2005 ،
- 60عبد هللا عبد الوهاب المعمري ،اندماج الشركات التجارية متعددة الجنسيات -دراسة
فقهية قانونية مقارنة -دار الكتب القانونية ،القاهرة.2010 ،
- 61عبد الملك جندي ،الموسوعة الجنائية ،الجزء األول ،دار الكتب المصرية ،مصر،
.1931
290
قائمة املصادر واملراجع
291
قائمة املصادر واملراجع
- 75فوزي محمد سامي ،الشركات التجارية األحكام العامة والخاصة ،دار لثقافة للنشر،
األردن.2014،
- 76لحسن بن شيخ ،مبادئ القانون الجزائي العام ،دار هومة للنشر ،الجزائر.2002 ،
- 77مبروك حسين ،القانون التجاري الجزائري ،الطبعة السادسة ،دار هومة للنشر،
الجزائر.2002 ،
- 78محمد أحمد محرز ،الوسيط في الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية،
مصر.2006 ،
- 79محمد الرزاقي ،محاضرات في القانون الجنائي القسم العام ،دار الكتاب الوطنية
الطبعة الثالثة ،ليبيا.2002 ،
- 80محمد الكيالني ،الموسوعة التجارية والمصرفية الشركات التجارية ،الطبعة األولى،
دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن.2009 ،
- 81محمد آمين الخرشة ،مشروعية الصوت والصورة في اإلثبات الجنائي ،دار الثقافة
للنشر والتوزيع ،عمان.2015،
- 82محمد حزيط ،المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون
المقارن ،الطبعة الثانية ،دار هومة ،الجزائر.2014 ،
- 83محمد حزيط ،مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،الطبعة الثالثة ،دار
هومة ،الجزائر.2008 ،
- 84محمد حسن إسماعيل ،الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات األموال
السعودية ،اإلدارة العامة للطباعة والنشر ،السعودية.2002 ،
- 85محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،القسم العام من قانون العقوبات ،دار
الجامعة الجديدة للنشر ،مصر.2002 ،
- 86محمد صغير سعداوي ،العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية المعاصرة ،دار
الخلدونية ،الجزائر.2012 ،
- 87محمد فريد العريني ،الشركات التجارية ،دار المطبوعات الجامعية ،مصر. 2002،
292
قائمة املصادر واملراجع
- 88محمد كمال الدين ،المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها ،دراسة مقارنة في القانون
الوضعي والشريعة اإلسالمية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،مصر.2004 ،
- 89محمود سمير الشرقاوي ،الشركات التجارية في القانون المصري ،الطبعة الثانية ،دار
النهضة العربية ،مصر.2016 ،
- 90محمود محمود مصطفى ،أصول قانون العقوبات في الدول العربية ،الطبعة األولى،
دار النهضة العربية ،مصر.1970 ،
- 91محمود مخطار أحمد بريري ،قانون المعامالت التجارية-الشركات التجارية -دار
النهضة العربية ،مصر.2006،
- 92محمود نجيب حسني ،الفقه الجنائي اإلسالمي ،تأليف فوزية عبد الستار ،دار الهداية
للنشر والتوزيع ،مصر.2006 ،
- 93محند أمقران بوبشير ،النظام القضائي الجزائري ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر.1994 ،
- 94مصطفى كمال طه ،الشركات التجارية ،الطبعة األولى ،دار الفكر الجامعي ،مصر،
.2007
- 95مصطفى محمد الدغيدي ،التحريات واإلثبات الجنائي ،دار الكتب القانونية،
مصر.2006،
- 96مفلح عواد القضاة ،الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمؤسسة ذات الشخص الوحيد
دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن.1998 ،
- 97منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العلوم للنشر ،الجزائر،
.2006
- 98موالي ملياني بغدادي ،اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ،المؤسسة الوطنية
للكتاب ،الجزائر.1992 ،
- 99نادية فوضيل ،أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري شركات األشخاص،
الطبعة الثامنة ،دار هومة ،الجزائر.2009 ،
293
قائمة املصادر واملراجع
294
قائمة املصادر واملراجع
- 02محمد بوراس ،قراءة تعديالت القانون التجاري الجزائري الخاصة بالشركة ذات
المسؤولية المحدودة ،المجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية ،العدد األول ،يونيو،2016،
تسمسيلت ،الجزائر.2016،
- 03نعناعة بوحفص جالب ،اإلطار التشريعي المنظم لمهنة ومسؤولية محافظ الحسابات
في الشركات التجارية" ،المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية ،العدد ،02كلية الحقوق،
جامعة مولود معمري ،تيزي وزو.2008 ،
-الرسائل الجامعية
- 01أحمد الشافعي" ،االعتراف بمبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القانون
الجزائري" ،أطروحة دكتوراه ،تخصص قانون عام ،جامعة الجزائر ،السنة الجامعية
.2012/2011
- 02سامية كسال "،المؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة"،أطروحة
دكتوراه في القانون ،تخصص قانون األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مولود
معمري ،تيزي وزو.2011،
- 03ويزة بلعسلي ،المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة االقتصادية ،أطروحة
دكتوراه ،تخصص قانون أعمال ،الطالبة ،جامعة تيزي وزو ،تاريخ المناقشة -05-14
.2014
- 04جميلة حميدة" ،الوسائل القانونية لحماية البيئة" ،دراسة على ضوء التشريع الجزائري"،
رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري والزراعي ،بكلية الحقوق ،جامعة
البليدة.2001،
- 05مراد فالك" ،المساهمة الجنائية التبعية في القانون الوطني والدولي" ،مذكرة لنيل درجة
الماجستير في العلوم القانونية واإلدارية ،تخصص قانون جنائي ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة .2011-2010،
295
قائمة املصادر واملراجع
: اإلجتهاد القضائي-
412905 في الملف رقم2008/09/24 القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ- 01
.01 العدد2010 المجلة القضائية لسنة،عن غرفة الجنح والمخالفات
786372 في الملف رقم2013/03/21 القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ- 02
.02 العدد2013 المجلة القضائية لسنة، عن الغرفة الجنائية
: مراجع باللغة الفرنسية- ب
- Les Ouvraes.
01 - Alain (C), Elisabeth (F), Droit pénal du travail, Edition Litec,
France, 1998.
02 - Bernard (B), L’élargissement de la responsabilité pénale des
personnes morales, Dalloz, Paris, 2006.
03 - France (G), Alain (h), Droit des sociétés, 8eme édition, Dunod ,
Paris,2001.
04 - Jacques (D), Le droit des sociétés, Dalloz,France, 1998.
05 - Jean (A), Droit fiscal algérien, Office des Publication
Universitaires, Alger, 1990.
06 - Jean (C,P), La détermination de la personne morale
pénalement responsable, L’Harmattan, Paris,2003.
07 - Jean (C,S), droit pénal et procédure pénal, 14éme
édition,libraire général et de droit jurisprudence, Paris, 2001.
08 - Léon (M), La Théorie de la personnalité morale et son
application au droit français, 2e edition, Librairie Générale de Droit et
Jurisprudence, Paris, 1924.
296
قائمة املصادر واملراجع
297
قائمة املصادر واملراجع
298
الفهرس
الفهـ ـ ــرس
الـفـهـرس
اإلهــــداء ..............................................................................
شكر وتقــدير ..........................................................................
مقدمة 1 ..............................................................................
الباب األول :اإلطار القانوني للمسؤولية الجزائية
الفصل األول :إسناد المسؤولية الجزائية للشركة التجارية10 ............................
المبحث األول :مفهوم المسؤولية الجزائية للشركة التجارية11 .............................
المط لب األول :تطور فكرة المسؤولية الجزائية للشركة التجارية لدى الفقه القانوني12 ..... .
المطلب الثاني :موقف التشريع والقضاء من المسؤولية الجزائية للشركة التجارية 21 ........
المبحث الثاني :شروط قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية33 ........................
المطلب األول :الشروط المتعلقة بالجريمة 33 ...........................................
المطلب الثاني :الشروط المتعلقة بالفاعل 56 ............................................
الفصل الثاني :تحديد أجهزة الشركات التجارية وممثليها الشرعيين حسب طبيعتها
القانونية61 ......................................................................... .
المبحث األول :مفهوم شركات األشخاص وتحديد أجهزتها62 ........................... .
المطلب األول :مفهوم شركة التضامن وتحديد أجهزتها 62 ...............................
المطلب الثاني :مفهوم شركة التوصية البسيطة وتحديد أجهزتها 74 .......................
المبحث الثاني :مفهوم شركات األموال وتحديد أجهزتها 89 ...............................
المطلب األ ول :مفهوم الشركة ذات المسؤولية المحدودة وتحديد أجهزتها 89 ...............
المطلب الثاني :مفهوم شركة المساهمة وتحديد أجهزنها 109 .............................
ملخص الباب األول 132 ..............................................................
الباب الثاني :النتائج المترتبة على المسؤولية الجزائية للشركات التجارية
الفصل األول :قيام المسؤولية الجزائية للشركة التجارية 141 ...........................
الفهـ ـ ــرس
- Le Résumé.
L'étude porte sur la problématique de la responsabilité pénale des
sociétés commerciales en tant que personnes morales dans la législation
Algérienne, où les règles de responsabilité pénale de des sociétés
commerciales pour la personne morale ont été abandonnées , ce qui ont été
accordé par le législateur en vertu de la loi n ° 04-15 portant la modification
du Code pénal.
Les conditions d'engagement de la responsabilité pénale ont également
été abordées ainsi que les effets de cette responsabilité ayant la particularité
de la dualité, où la responsabilité des sociétés puisse être engagée en tant
que personne morale, et que la responsabilité des responsables de la société
est également s'engagée en même temps avec les sanctions prévues à
l'encontre des sociétés commerciales,lorsqu'elles sont poursuivies en justice.
Dans la conclusion de l'étude, les conclusions et les recommandations les
plus importantes en matière de la responsabilité pénale des sociétés
commerciales ont été indiquées.