Professional Documents
Culture Documents
حكم التبني والكفالة
حكم التبني والكفالة
قص ة تب ين الن يب لزي د ،وإيث ار زي د للن يب ص لى اهلل علي ه وس لم على أهل ه :
ذكر ابن حجر يف كتابه "اإلصابة يف متييز الصحابة" قصة تبين النيب صلى اهلل عليه
وس لم لزي د بن حارث ة رض ي اهلل عن ه فق ال" :زارت س عدى أم زي د بن حارث ة قومه ا
وزي د معه ا ،فأغ ارت خي ل لب ين القني بن جس ر يف اجلاهلي ة على أبي ات ب ين معن،
ف احتملوا زي دا وه و غالم ،ف أتوا ب ه س وق عك اظ فعرض وه لل بيع ،فاش رتاه حكيم بن
ح زام لعمت ه خدجية بأربعمائ ة درهم ،فلم ا تزوجه ا رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم
وهبته له ،قال :فحج ناس من كلب (قبيلته) ،ف رأوا زيدا فعرفهم وعرفوه ،فقال :أبلغ وا
1
أهلي ،..فانطلقوا فأعلموا أباه ووصفوا له موضعا ،فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه،
فق دما مك ة فس أال عن الن يب ص لى اهلل علي ه وس لم ،فقي ل :ه و يف املس جد ،ف دخال
عليه ،فقاال :يا ابن عبد املطلب ،يا ابن سيد قومه ،أنتم أهل حرم اهلل ،تفكون العاين
وتطعمون األسري ،جئناك يف ولدنا عبدك ،فامنن علينا وأحسن يف فدائه فإنا سندفع
لك ،قال :وما ذاك؟ قالوا :زيد بن حارثة ،فقال :أو غري ذلك؟ ادعوه فخريوه ،فإن
اختاركم فهو لكم بغري فداء ،وإن اختارين فواهلل ما أنا بالذي أختار على من اختارين
فداء ،قالوا :زدتنا على النصف (اإلنصاف) ،فدعاه فقال :هل تعرف هؤالء؟ قال:
نعم ،هذا أيب وهذا عمي ،قال :فأنا من قد علمت ،وقد رأيت صحبيت لك ،فاخرتين
أو اخرتمها ،فقال زيد :ما أنا بالذي أختار عليك أحدا ،أنت مين مبكان األب والعم،
فقاال :وحيك يا زيد ،أختتار العبودية على احلرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك ،قال:
نعم ،إين ق د رأيت من ه ذا الرج ل ش يئا م ا أن ا بال ذي أخت ار علي ه أح دا ،فلم ا رأى
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذلك أخرجه إىل احلجر فقال :اشهدوا أن زيدا ابين
يرث ين وأرث ه ،فلم ا رأى ذل ك أب وه وعم ه ط ابت أنفس هما وانص رفا ،ف دعي زي د بن
حممد حىت جاء اهلل باإلسالم".
2
ويف زاد املع اد البن القيم .." :زي د بن حارث ة حب رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم،
كان غالما لخدجية ،فوهبته له ،وجاء أبوه وعمه يف فدائه ،فقال رسول اهلل صلى اهلل
عليه وس لم :فهال غ ري ذلك ،قالوا :ما هو؟ قال :أدعوه فأخريه ،فإن اختاركم فهو
لكم ،وإن اختارين ،فواهلل ما أنا بالذي أختار على من اختارين أحدا ،قاال :قد رددتنا
على النصف (اإلنصاف) وأحسنت .فدعاه فخريه ،فقال :ما أنا بالذي أختار عليك
أحدا .قاال :وحيك يا زيد ،أختتار العبودية على احلرية وعلى أهل بيتك؟ قال :نعم،
لقد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا ،فلما رأى ذلك
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أخرجه إىل احلجر ،فقال :أشهدكم أن زيدا ابين ،أرثه
هما". ابت أنفس كط ه) ذل وه وعم ا رأى (أب ين ،فلم ويرث
رضي أهل زيد مبا اختاره ابنهما وانصرفوا ،ومن ذلك الوقت أصبح يقال له زيد بن
حممد وكان ذلك قبل البعثة النبوية .
3
اهلل عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة ،وكان يقال له" :زيد بن حممد" فأراد اهلل تعاىل أن
يقطع هذا اإلحلاق وهذه النسبة بقوله{ :وما جعل أدعياءكم أبناءكم} كما قال يف
أثناء السورة { :ما كان حممد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اهلل وخامت النبيني وكان
اهلل بك ل ش يء عليم ا}(األح زاب ،)40:وق ال هاهن ا{ :ذلكم ق ولكم ب أفواهكم}
(األحزاب )4:يعين :تبنيكم هلم قول ال يقتضي أن يكون ابنا حقيقيا ،فإنه خملوق من
صلب رجل آخر ،فما ميكن أن يكون له أبوان ،كما ال ميكن أن يكون للبشر الواحد
قلبان" ،وقال القرطيب .." :وقال النحاس :هذه اآلية ناسخة ملا كانوا عليه من التبين
وه و من نس خ الس نة ب القرآن" .وعن عب د اهلل بن عم ر رض ي اهلل عن ه ق ال( :م ا كن ا
ن دعو زي د بن حارث ة إال زي د بن حمم د ،ح ىت ن زل يف الق رآن{ :ادع وهم آلب ائهم ه و
أقسط عند اهلل}(األحزاب ))5:رواه مسلم.
لق د رفض زي د بن حارث ة رض ي اهلل عن ه الرج وع إىل أبي ه وعم ه وأهل ه ،ال ألهنم ك انوا
قساة عليه ،ولكن من يعاشر النيب صلى اهلل عليه وسلم يستحيل أن يقبل وخيتار أن
يكون عند غريه ،بل سيفضل أن يكون عبدا عند النيب صلى اهلل عليه وسلم على أن
يكون ح را يف مكان آخر .وقد أحس وشعر زيد رضي اهلل عنه بقربه من النيب صلى
اهلل علي ه وس لم ،وأنس برمحت ه وش فقته ورأفت ه ،وش رف بص حبته ،وعلم أن ه ذا الن يب
4
صلى اهلل عليه وسلم ال يضاهيه أحد مكانة أو شرفا ،ولذلك اختار وآثر زيد النيب
على أبيه وعمه وأهله .وملا حرم اإلسالم وأبطل التبين وأصبح زيد رضي اهلل عنه معروفا
بزي د بن حارث ة بع د أن ك ان معروف ا بزي د بن حمم د ،عوض ه اهلل ع ز وج ل عن ش رفه
بنسبته للنيب صلى اهلل عليه وسلم بأن انفرد وحده مبنقبة عظيمة دون الصحابة مجيعا
رض وان اهلل عليهم ،إذ مل ي ذكر اس م أح د يف الق رآن الك رمي ،إال لن يب من األنبي اء ومل
يذكر اسم أحد من الصحابة الك رام إال زيد بن حارثة رضي اهلل عنه ،وذلك يف قول
اهلل تع اىل{ :فلم ا قض ى زي د منه ا وط را}(األح زاب ،)37:ق ال الس هيلي" :ك ان
يقال :زيد بن حممد حىت نزل{ :ادعوهم آلبائهم} فقال :أنا زيد بن حارثة ،وحرم
عليه أن يقول :أنا زيد بن حممد ،فلما نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر ،أكرمه اهلل
وشرفه خبصوصية مل خيص هبا أحدا من أصحاب النيب صلى اهلل عليه وسلم ،وهي أنه
ذكره بامسه يف القرآن الكرمي ،فقال اهلل تعاىل{ :فلما قضى زيد منها وطرا} ،ويف ذلك
تأنيس له ،وعوض من الفخر بأبوة حممد صلى اهلل عليه وسلم له".
5
التبني
خَي ل ط العدي د من الن اس بني مفه ومي التبّني وكفال ة الي تيم بص ورة خاطئ ة ،فهن اك
ِاختالف كبري بينهما يف عّد ة نواحي ،رغم تشابه اهلدف الرئيسي فيهم ،وهو رعاية
األطفال الذين فقدوا والديهم لسبٍب ما.
فما هو الفرق بينهما؟ وما هو حكم ك ّل منهما يف اإلسالم؟ هذا ما سنتعرف عليه
يف هذا املقال.
معنى التبني
التبّني ه و أن َينس ُب اإلنس ان طفًال لنفس ه وه و يعلم أن ه ليس من ص لبه ،فيص بح
مسؤوًال عن نفقته وتربيته ،وُينسب إليه يف السجاّل ت القانونية واملدنية.
رغم أن الطفل يعود جينّيًا إىل والديه البيولوجيني (احلقيقيني) ،وينتشر هذا األمر يف
اجملتمعات الغربية أكثر من العربية ِال ختالف األحكام الشرعية بينها.
6
ِع ِه ِإ آِل ِئِه
جاء حترميه يف قوله تعاىل (اْد ُعوُه ْم َبا ْم ُه َو َأْقَس ُط ْنَد الَّل َف ْن ْمَل َتْع َلُم وا آَباَءُه ْم
ِه ِك ِف ِل
َفِإْخ َو اُنُك ْم يِف الِّديِن َو َم َو ا يُك ْم َو َلْيَس َعَلْيُك ْم ُج َناٌح يَم ا َأْخ َطْأْمُت ِب َو َل ْن َم ا َتَعَّم َد ْت
ٍد ِم ِح
ُقُل وُبُك ْم َو َك اَن الَّل ُه َغُف وًر ا َر يًم ا) ،ويف موطن آخرَ( :م ا َك اَن َحُمَّم ٌد َأَب ا َأَح ْن
ِر َج اِلُك ْم َو َلِكْن َر ُس وَل الَّلِه َو َخ اَمَت الَّنِبِّيَني َو َك اَن الَّلُه ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليًم ا) حيث ُتظهر
هذه اآلية حترمي تبين زيد ،وكان رسول اهلل أول من نّف ذ أمر اهلل هذا.
كما ورد يف سنن ابن ماجه عن عبد اهلل بن عباس قال :قال رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم« :من عال ثالثة من األيتام كان كمن قام ليله وصام هناره ،وغدا وراح
شاهرًا سيفه يف سبيل اهلل ،وكنت أنا وهو يف اجلنة أخوين كهاتني أختان» وألصق
إصبعيه السبابة والوسطى.
اإلنفاق على اليتيم ورعاية مصاحله ،دون إتباع ذلك باملّن واألذى الحقًا.
أاَّل ُينسب اليتيم إىل كافله والتفريق بني الكفالة والتبيّن .
7
كفالة اليتيم من ماٍل حالل.
نعمل يف منظمة ُبنيان على إيصال التربعات إىل األيتام واملساكني يف سبيل حتقيق
التكافل اِال جتماعي بني المسلمين.
8