Professional Documents
Culture Documents
الدولة والبداوة دراسة في أطروحات د علي الوردي
الدولة والبداوة دراسة في أطروحات د علي الوردي
الدولة والبداوة دراسة في أطروحات د علي الوردي
الدولة والبداوة
درا�سة فـي طروحات د .علي الوردي
اهداء خا�ص
الى الحب الصافي ونبع الحنان الغامر
الى مقبولة محمود الجاسم ....مع الحب واالشتياق
5
الفهر�س
7
الدولة والبداوة
8
املقدمة
9
الدولة والبداوة
10
املقدمة
11
الدولة والبداوة
بلد متقــدم وحر .ما زلنا بحاجة لتحرير العقــول لنتمكن من النقد
والتعبري بحرية ،مازلنا بحاجة لتحرير االقتصاد من الفســاد وسوء
اإلدارة ،ما زلنا بحاجة لتحرير اجلامهري من االصنام التي برزت بعد
سقوط الصنم األكرب ،مازلنا بحاجة ملؤسسات قوية وعادلة ،ما زلنا
بحاجة لشــعب واع ومســاند ،ما زلنا بحاجة ألهناء املحاصصة يف
األجهزة التنفيذية والقضائية حرصا واعتامد مبدأ الكفاءة.
الكتاب حياول ان يضع خطــوط عريضة لكيفية النهوض بالبلد
وجتاوز أخطــاء املــايض ورشح خصائص املرحلــة احلالية وكيفية
التعامــل معها .ال خيفى عىل القارئ الكريــم ان هذا اجلهد ال يمثل
ســوى خطوة تثقيفه بســيطة ،راجيا من املهتمني الباحثني واملثقفني
ذوو الفكر النري والعقلية املتقدة تلقفها وحتســينها وهتذيبها بام خيدم
العراق وأهله.
12
الباب الأول
البداوة واحل�ضارة
َ ْ َ َ َّ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ ُ َّ ُ ْ َ ُ ْ
وا َق ْو ًما َف ٰ�سق نَ
� ِ ِي فٱستخف قومهۥ فأطاعوه ِإنهم كان
(الزخرف )54 -
13
البداوة:
البداوة كمفهوم اخذ حيزا واســعا مــن كتابات عيل الوردي وقبله
ابن خلدون لكونه عامل أســايس يف تكــون الدول وديمومتها ومن ثم
فنائها بســبب رصاع البداوة واحلضارة .أفرد الدكتور عيل الوردي يف
كتابه دراســة يف طبيعة املجتمع العراقي فص ً
ال كامال لتعريف البداوة،
ولكنــه باحلقيقة مل يقدم تعريف واضح ملصطلــح البداوة ،ولكن قدم
ســات للبداوة وهي العصبية والغزو واملروءة .هذه الســات يمكن
أمجاهلا بكلمــة واحدة وهي «التغالب» من اجل الســيطرة والتحكم.
يقرتح الدكتور الوردي ان هذه السامت الثالث تصب يف بناء شخصية
متعالية معتزة بنفسها ،ال تلتزم بأي نظام سوى نظام اجلامعة التي تنتمي
هلا .بني الوردي بكل صدق وشــفافية انه مل يوفق يف اجياد حل حاســم
لطبيعــة الثقافة البدوية وانــه ينتقل بني اآلراء مرة بعــد مرة((( .عرف
الوردي سامت البداوة كام ييل:
الع�صبية:
العصبيــة متمثلــة بالقبليــة (رابطة النســب) تعترب الســمة
االساسية للبداوة الوردية واخللدونية .العصبية القبلية (االعتداد
باألنســاب) دعوة تقوم عىل تنارص جمموعة ضد جمموعة اخر يف
حالة النزاع واخلصام .ال هيدف التنارص القبيل املبني عىل العصبية
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقــي -الوراق للنرش ص 55طبعة
2012
15
الدولة والبداوة
((( حممــد عابد اجلابري – العصبيــة والدولة – معامل النظريــة اخللدونية يف التاريخ
اإلسالمي -مركز دراسات الوحدة العربية ص 166
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 197
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 208
16
البداوة واحل�ضارة
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 202
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 208
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 60
17
الدولة والبداوة
((( عيل الوردي – منطق ابن خلدون – الوراق للنرش –الطبعة الثالثة 2013ص 311
18
البداوة واحل�ضارة
معايري وقيم ســامية .البد مــن االنتباه اىل ان القيم الســامية قد
تستغل خلداع اجلامهري وجتيشيهم لتحقيق اهداف دنيئة ومصالح
شخصية .أمل تســتغل القضية الفلسطينية أبشع استغالل من قبل
األنظمة الدكتاتورية مدعية العروبة واإلسالم؟
الغزو:
الغزو هو الســمة الثانية من ســات البــداوة وهو مظهر من
مظاهر الشجاعة والقوة التي يتم اظهارها من خالل التفوق عىل
االخرين يف القتال عندما تغزو مجاعــة اخرى .فالبدوي مضطر
للغزو ألظهار قوته وبخالفه سيكون حمتقرا ذليال ال عون له وال
مكانة ،وكذلك يتم غزوه بســهولة .اذن مظاهر القوة والشجاعة
التي تتجسد يف الغزو هي وسيلة رضورية للنجاح والبقاء يف ظل
انعدام سلطة الدولة والقانون .الدولة بمعنى السلطات التنفيذية
التي تنظم احلياة اليومية والقانون بمعنى األنظمة التي تســتخدم
من قبل السلطة التنفيذية لتنظيم احلياة اليومية .يف وقتنا احلارض،
أصبح للغزو اشــكال جديدة مثل احلرب األهلية التي شــهدها
العراق بعد تفجري سامراء واألنفال واملقابر اجلامعية يف اجلنوب،
حيث هتاجــم جماميع من النــاس جماميع أخرى هبــدف أذالهلا
والســيطرة عليها .طبعا جيــب فهم ان احلق نســبي يف مثل هذه
احلــاالت الن كل مجاعة تعتقد اهنا عىل حــق لذا مازال البعثيون
حينون اىل صدامهم بالرغم من جرائمه وهو مشــابه ملا شــاهده
الــوردي من حب طبقة اجلندرمة يف العــراق للعهد العثامين عىل
19
الدولة والبداوة
يذهب الدكتور الوردي انه هذه الســمة تؤدي بالنتيجة اىل أن
حيتقر البدوي املهــن فهو يعيش عىل الغزو .من اجلدير بالذكر ان
أبن خلدون مل يذهب اىل ما ذهب أليه عىل الوردي من أن البدوي
غالبا ما حيتقر املهنة .حيث بني ابن خلدون ان البداوة مهنة ايضا»
ولكنهــا بالتأكيد ختتلف عن مهنة املتحــر او احلرضي .حيث
يعرف أبن خلدون يف مقدمته الشهرية البداوة كام ييل(((:
((( عيل الوردي – خوارق الالشــعور أو ارسار الشخصية الناجحة -الوراق للنرش
ص 57طبعة 2013
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 121
20
البداوة واحل�ضارة
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقــي -الوراق للنرش ص 44طبعة
2012
21
الدولة والبداوة
او عســكرية ،او دينية ،او ايدولوجية ،عــى مقاليد احلكم أو
الســلطة يف منطقة معينة كرضورة الستمرارها ومحاية مصالح
افرادها .بالنتيجة يمكن القول ان الدول التي تعاين من سيطرة
مجاعة بقوة الســاح والغلبة عىل السلطة او مواردها باهنا دول
تتميز بالبداوة يف الطباع وواقعــة حتت غزو داخيل الذي قد ال
خيتلف كثريا عن الغــزو اخلارجي .ال خيفى عىل القارئ الفطن
ان العصبية هي ســبب كل شجاعة وكل اقدام بغض النظر عن
احلسن والقبح فلوال التعصب لفهم معني ملا فجر االنتحاريون
أنفســهم ولوال التعصب للمبادئ ملا قاتل املبدئيون يف ســبيل
مبادئهم .لــذا أجد ان العصبية والبداوة وجهان لعملة واحدة،
فالعصبية هي املســؤولة عن ســمة الغزو وبالتايل هي املحرك
األسايس للرصاع بني البداوة واحلضارة .فالبداوة هي العصبية
والعصبية هي البداوة.
املروءة:
املروءة تتمثل يف اآلداب احلســنة واألخالق العالية ويضيف
عليهــا ابن خلدون حب اخلري .يقرر الدكتور الوردي ان البدوي
جيب ان يكــون ذا مروءة صارخة حيث جيــب ان يربهن للناس
بانه قوي غالب يف احلرب والســلم مع ًا .يف السلم جيب ان حيمي
ويغيــث كل من يلجأ اليه ،ســواء أكان ضيفا ،او حمتاجا او جارا
او رفيقا ورضب لنا حاتم الطائي مثال .هذه الســمة يتم تداوهلا
22
البداوة واحل�ضارة
23
الدولة والبداوة
يشري الدكتور حممد عابد اجلابري اىل غياب فكرة الرصاع بني
البداوة واحلضارة يف مقدمة ابن خلدون حيث بني ان الدولة هي
املحور االســايس الذي تدور عليه ابحاث أبن خلدون ونظرياته
وليس الرصاع بني البدو واحلــر((( .باحلقيقة هذا ادعاء تنقصه
الصحة فالرصاع واضــح وان مل يكن من االمور التي ركز عليها
ابن خلدون ولواله ملا بزرت دول وأفلت اخرى.
من�ش�أ الع�صبية:
العصبية هي العمود الفقري للبداوة كام اسلفنا ،لذا من الرضوري
التعرف عىل أسباب نشؤها .ينسب الوردي سامت البداوة اىل أمرين
مها ( )1وضع الدولة حيث يبني ان القيم البدوية تستفحل وتتقلص
تبعا لوضع الدولة من حيث ضعفها وقوهتا((( ،و( )2الصحراء حيث
يقول إن البداوة يف الواقع نظام اجتامعي ال ينشأ اال يف صحراء وهو
ال يتطور ما دام باقيــا فيها((( .الوردي يقــرر ان الصحراء والبداوة
امران مرتادفــان بالرغم من انه يقرر الحقــ ًا ان الصحراء العربية مل
((( حممــد عابد اجلابري – العصبيــة والدولة – معامل النظريــة اخللدونية يف التاريخ
اإلسالمي -مركز دراسات الوحدة العربية ص 120
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقــي -الوراق للنرش ص 29طبعة
2012
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقــي -الوراق للنرش ص 33طبعة
2012
24
البداوة واحل�ضارة
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقــي -الوراق للنرش ص 68طبعة
2012
25
الدولة والبداوة
احلال حتى جاء الدور الساســاين الذي امتاز عن غريه بام متتع
به من استقرار سيايس ،اذ قامت عىل أنقاض النظام العشائري
ســلطة موحدة وضعت الركن املتني لنهضة عمرانية جديدة
شملت طول البالد وعرضها.»..
ما هيمني من هذا النص هو انــه عندما ضعفت احلكومة وغاب
االســتقرار الســيايس ســاد النظام العشــائري والعكس صحيح.
األنظمة العشائرية هي أنظمة عصبية من حيث انتظام الناس يف فئات
صغريه تتاميز عن بعضها .اذن البــداوة الوردية والتي هي يف رصاع
دائم مع احلضارة (سلطة الدولة والقانون) مرتبطة ارتباط وثيق بقوة
الدولة وليس بالصحراء .مث ً
ال نفســه الوردي يقرر ان النزاع احلزيب
الذي حدث بالعراق أثر انقالب عبد الكريم قاســم برزت فيه سمة
العصبية املحلية والطائفية((( .وكذلك الوردي نفسه يقرر انه يف العهد
العثامين كانت احلكومة املركزية يف العراق ضعيفة مما أدى اىل شــيوع
قيم العشــرة يف ســبيل محاية األرواح وضبط األمن((( مما يؤكد ان
العصبية مرتبطة بوضع الدولة
بعد حرب الكويت والضعف الكبري الذي عانته حكومة البعث
الصدامية ،استند صدام وحزبه عىل العشائر حيث عمل عىل تقويتها
من اجل تدعيم حكومته .تقوية النظام العشــائري يف العقد االخري
((( عيل الوردي – منطق ابن خلدون – الوراق للنرش –الطبعة الثالثة 2013ص 311
((( عيل الوردي – شخصية الفرد العراقي – الوراق للنرش –الطبعة الثانية 2009ص 55
26
البداوة واحل�ضارة
من زمن صــدام كان رضورة أكثر منه خيار إلنه فقد الســيطرة عىل
الكثري مناطق الشامل واجلنوب وضعفت قوته لذا اعتمد عىل العشائر
ليعوض الضعــف احلاصل بــا ان ازدياد نفوذهــا وقوهتا حتصيل
حاصــل نتيجة لضعف الدولة .أعتقد الدكتــور فالح عبد اجلبار أن
النظــام البعثي خلق فراغ ًا يف املجتمع العراقــي عندما دمر منظامت
املجتمع املدين وجعلها حتت سيطرته ،حيث عمل الحق ًا خالل فرتة
احلصار االقتصادي عىل ملئ هذا الفراغ بالعشائر((( التي استخدمها
لبسط سلطته ونفوذه .هذا التفسري قد ال يتناسب مع واقع أن صعود
العشــائر يف العراق كان بســبب تدمري االلة العسكرية الصدامية يف
حرب اخلليــج وضعف حكومة البعث .فالنظــام الصدامي البعثي
صعــد املوجة مرغام ال خمــرا يف تلكم الفرتة عندمــا حتول املجتمع
العراقــي اىل جمتمع أكثر بــداوة نتيجة ألداره صــدام والبعث التي
اضعفــت العراق وبالتــايل ابرزت العصبيات املختلفة .عىل ســبيل
املثال ،احلملة االيامنية مل يكن صدام خمريا فيها وانام أجرب عليها لزيادة
العصبية حول حكومته عن طريق اللعب عىل املشــاعر الدينية نتيجة
لضعف العصبية القومية.
(1) Faleh Jabar (2003), Iraq’s Tribes may Stand in the Way of Peace,
Financial Times, London, UK
27
الدولة والبداوة
28
البداوة واحل�ضارة
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 138
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص176
29
الدولة والبداوة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص12
30
البداوة واحل�ضارة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص30
31
الدولة والبداوة
ان تســتمر بوجود دولة قوية فأهنا قد تســعى اىل السيطرة عىل زمام
احلكم وتصبــح هي الدولة بحجج خمتلفــة .اذن الدول أيض ًا قائمة
عىل العصبية وتزول بضعف عصبيتها وبروز عصبية جديدة وهو ما
ذهب أليه ابن خلدون (عصبية النسب) او ما نشاهده اليوم من دول
قائمة عىل عصبيات جديدة غري النسب كالقومية والدين .اجلامعات
العصبية عامل أســايس يف جتزئــة الدولة اىل دويــات وكذلك قد
تعمل عىل بناء دولة دكتاتورية تسحق كل اجلامعات االخرى بالقوة
من اجل حتقيق اهدافهــا التي تكون صاحلة ظاهريــ ًا (وحدة حرية
اشــراكية ،حماربة الفســاد ،اإلصالح ،الخ) ولكن جتارب التاريخ
تعلمنا ان حكومة احلزب الواحد أو اجلامعة الواحدة مصريها املزيد
من اخلراب والدمار.
((( غوستاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) -دار الرافدين – الطبعة
األوىل 2009 -ص 39
32
البداوة واحل�ضارة
تغيري نظام احلكم .مثل هذه املجاميع ممكن ان تنجح يف الوصول اىل
ما تســعى أليه يف الدول الضعيفة وهو السيطرة عىل احلكم ومن ثم
تعمل عىل تطبيق اجندهتا .أحالمهم باالشرتاكية واملساواة ال يمكن
بناؤها يف جمتمع ال يقوده االشــراكيون بقوة الســاح وبالتايل ال بد
من وصوهلم اىل سدة احلكم وبخالفه تبقى هذه املجاميع مضطربة ال
ســبيل هلا غري الكالم النظري واملبادئ العامة .لكن بمجرد وصوهلا
للحكــم فأهنا تبني حكومــة دكتاتوريه تقيص كل مــن خيالفها وال
تعرتف أال بأتباعهــا وعصبيتها .الفرق بني التنظــر والتطبيق فرق
شاسع .لألسف معظم احلركات الثورية واإلصالحية ال متتلك أكثر
من الكالم وأكرب أهدافها هو السيطرة وبعدها اهلل كريم.
33
الدولة والبداوة
بوضــع الدولة وال أصل صحــراوي هلا .هبذا التعريــف ينقل هذا
الكتاب الــذي بني يديك العصبية اخللدونية والوردية اىل مســتوى
جديد بعيد ًا عن القبيلة والصحراء لتتناسب مع روح العرص ويكون
هلا دور حقيقي يف تثقيف الشــعوب بدل التنــاول والرسد التارخيي
اململ ألثار ابن خلدون وعيل الــوردي .األمر املهم االخر انه بدون
حتديــث نظرية ابن خلدون والوردي عــن البداوة فلن يكون هلا أي
مستقبل بســبب حترض قبائل البدو .أنا شــخصي ًا مل ار اي بدوي يف
حيــايت وكذلك معظم العراقيــن .يقرر الدكتور جربائيل ســليامن
جبــور ان أكثر الــدول العربية قد أخذوا ييرسون الســبل لتحضري
القبائل البدوية يف أقطارهم ومنهم من جعل ذلك هدف ًا من االهداف
السياسية ((( .بالتايل اليوم معظم القبائل البدوية قد امتزجت يف احلياة
احلرضية ومل يبق من بداوهتا سوى الذكريات.
ع�صبية الدول:
كل الــدول من اقىص الشــال اىل اقىص اجلنــوب لدهيا عصبية
من نوع معني جيتمع الناس حوهلا خمــرون أو جمربون ضمن الرقعة
اجلغرافية التي جتمعهم.
● خمــرون إذا عكســت العصبيــة اجلامعة شــخصية اجلامهري
املستقلة واملتنوعة ثقافيا و اجتامعيا و دينيا و قوميا .فالتعصب
((( جربائيل ســليامن جبور – البدو والبادية صور من حياة البدو يف بادية الشــام ص
– 406دار العلم للماليني – الطبعة االوىل 1988
34
البداوة واحل�ضارة
35
الدولة والبداوة
((( حممــد عابد اجلابري – العصبيــة والدولة – معامل النظريــة اخللدونية يف التاريخ
اإلسالمي -مركز دراسات الوحدة العربية ص 120
36
البداوة واحل�ضارة
حيث الصحراء واملناطق احلرضيــة ((( بناء عىل نظريته بأن الصحراء
أصل من أصول البداوة وهذا امــر ال نتفق به مع الدكتور الوردي.
يقرر الدكتور حممد عابد اجلابــري أن ابن خلدون مل حياول ان يفرس
الظواهر االجتامعية بالعوامل املناخية وهذا ما اجده أقرب للواقع (((.
لذا يمكن تصنيف الدول بناء عىل عصبية انظمتها ضمن الفهم الذي
قدمه هذا الكتاب الذي بني يديك اىل ثالثة أصناف:
● اوال :دول ذات عصبية سلبية واحدة (الدول الدكتاتورية)
● ثانيا :دول ذات عصبيات متعددة (الديمقراطية الناشئة)
● ثالثا :دول ذات عصبية إجيابية (الدول الديمقراطية املؤسساتية)
((( عيل الوردي -دراسة يف طبيعة املجتمع العراقي -الوراق للنرش ص 34طبعة 2012
((( حممــد عابد اجلابري – العصبيــة والدولة – معامل النظريــة اخللدونية يف التاريخ
اإلسالمي -مركز دراسات الوحدة العربية ص 161
37
الدولة والبداوة
38
البداوة واحل�ضارة
39
الدولة والبداوة
((( غوستاف لوبون – سيكولوجي اجلامهري -مؤسسة اقرا – الطبعة االوىل ص 89
((( غوســتاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) دار الرافدين – الطبعة
االوىل ص 125
((( غوســتاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) دار الرافدين – الطبعة
االوىل ص 108
40
البداوة واحل�ضارة
41
الدولة والبداوة
42
البداوة واحل�ضارة
43
الدولة والبداوة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص12
44
البداوة واحل�ضارة
45
الدولة والبداوة
46
البداوة واحل�ضارة
يرى الشهيد حممد باقر الصدران هذا النظام ينعدم فيه االيثار
والثقة والرتاحــم والتعاطف واالجتاهات الروحيــة اخلرية (((.
باحلقيقة أن مســألة انعدام االيثــار والرتاحم والتعاطف أمر غري
حقيقي وقد يكون هذا الــرأي ينقل الوضع ايام كتابة هذا الرأي
وقد حتســن الوضع اليوم ألنه بالتأكيد ال يمثل الواقع اليوم .نعم
اتفهم التخوف من منح احلريات لبعض االجتاهات الشاذة والغري
مقبولة اجتامعيا ،ولكن هذا االمر يمكن منعه من خالل القوانني
واالنظمة التي يســنها ممثلو اجلامهري .فال يمكن ومن غري املقبول
ان يتم استنســاخ جتارب االخرين كام هــي وانام جيب ان تتالءم
الدولة ومؤسساهتا مع قيم واخالق اجلامهري املكونة هلا .حتى يف
الغرب لليوم هناك جدل واســع وكبري والقوانني تتغري باستمرار
لتعكس اهواء اجلامهري ورغباهتا.
((( حممد باقر الصدر – فلســفتنا – دار املعارف للمطبوعات – الطبعة الثالثة 2009
ص52
((( حممد باقر الصدر – فلســفتنا – دار املعارف للمطبوعات – الطبعة الثالثة 2009
ص64
47
الدولة والبداوة
48
البداوة واحل�ضارة
أحد اهم بذور الديمقراطية وحرية التعبري .بناء عىل ذلك يقرر فريد
زكريا ان املشكلة ليست بني اإلسالم (الذي هو أقرب للربوتستانتية
منــه اىل الكاثوليكية) والديمقراطية وانام بني دول الرشق األوســط
والديمقراطية.
((( جــورج طرابييش – مذبحة الرتاث يف الثقافة العربية املعارصة – دار الســاقي –
الطبعة الثالثة 2012ص 74
49
الدولة والبداوة
مقولة ان احلكم أال هلل فقد رفعها اخلوارج سابقا بوجه االمام عيل،
وقد رد عليهم بقوله (كلمة حق اريد هبا باطل) ألن حكم اهلل ال يتم
أال بالرجال((( ،وهو رد كايف عــى مثل هذه الرتهات فحكم اهلل ال
يطبق أال عن طريق الناس واجتهاداهتم وخصوصا باملستحدث من
األمور .الباطل املراد هنا هو تأسيس حكم دكتاتوري حتت شعار ان
احلكم أال هلل ألن حكم اهلل هبذه احلالة البد وان يتفق مجلة وتفصيال
مع املذهب الفقهي والفكري والعقدي للمتكلم.
التجارب ختربنــا ان املجتمعــات الدينية واملغلقــة ثقافيا غالبا
ﻣﻌﻠوﻣﺔ ما ترفض املســتحدث من األمور بحجة أهنا ضــد الدين .ولنا من
ﺧﺎطﺋﺔ املوقف املعارض للمرجع الشــيعي كاظم اليزدي عندما تم تأسيس
اﻟﻣرﺟﻊ
اﻟﯾزدي أول مدرســة للبنات يف مدينة النجف عام 1929مثال واضح .فمن
ﺗوﻓﻲ ﻋﺎم حقنا ان نسأل اليوم عىل أي أســاس بنى املرجع موقفه املعارض يف
1919 ذلك الوقت؟ عىل أساس ديني أم عىل أســاس الثقافة السائدة التي
اﻟﻣؤﻟف
ألبست الثوب املقدس؟ بالطبع مل يكن ديني الن حالل حممد حالل
اىل يوم القيامة وحرامه حرام اىل يوم القيامة .ينقل عن املرجع السيد
حمسن احلكيم قوله «أياك واملســلامت وال سيام يف غري العبادات من
أبواب الفقه ،فأن كثريا من املشهورات عند الناس والطالب وكثريا
من املرتكزات يف االذهان إذا راجعها الفاضل يف مظاهنا وتأمل فيها،
وجدها ال واقع يعتمد عليه وال أصل يستند أليه ...ال يصل االنسان
((( أمحد بن أيب يعقوب بن جعفر بن وهب –تاريخ اليعقويب– دار صادر – ص 191
50
البداوة واحل�ضارة
((( أمحد الكاتب -يف ســبيل الشورى والوحدة والتجديد :حوارات أمحد الكاتب –
الدار العربية للعلوم -نارشون – الطبعة األوىل 2007ص9
51
الدولة والبداوة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص153
52
البداوة واحل�ضارة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص182
53
الدولة والبداوة
كلمة ال بد منها:
ونحــن نتكلم عن الدول احلــرة واملتقدمة وجتربتهــا ،ال بد من
االشارة اىل السمعة الســيئة هلذه الدول لدى الشعوب العربية فهي
من تقف بوجه وحدهتم ومدمــرة بلداهنم وغريها من االعذار التي
نقدمها ألنفســها وألوالدنا لتربير خيبتنا الكبرية .حاورت أســتاذ
االديان يف جامعة ويســرن ميشــيغان الدكتور رودولف سايربت
بخصــوص التدخل الســلبي للغــرب يف بلدان الرشق األوســط
ودعمهم للدكتاتورية عام .2016حيــث أكد أن معظم دول منطقة
الرشق األوسط بالرغم من اســتقالهلم الظاهري أال أهنم خيضعون
للهيمنة االقتصادية الغربية ،حيث قــام الغرب بدعم األنظمة التي
تتــاءم مع اجندته ســواء كانت دكتاتوريــة أم ال حيث مثلت هذه
األنظمة مصالح الغرب من خالل اظهارها بمظهر الدول املستقلة،
ولكنها باحلقيقة ختضع للهيمنة االقتصادية بالكامل .باملقابل ناقشت
54
البداوة واحل�ضارة
((( غوســتاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) دار الرافدين – الطبعة
االوىل ص 128
55
الدولة والبداوة
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 18
56
البداوة واحل�ضارة
وانام يقدر وحيرتم التجربة الغربية عىل أساس مكانة اإلنسان ،بغض
النظر عــن خلفيته الفكرية والقومية ،مكانتــه أمام القانون ومكانته
كعضو فاعل يف املجتمع له احلــق بالتعبري واالنتقاد والذي ينعكس
عىل حياة اجلامهري انعكاســا إجيابيا .اذن نحــن أمام فكرة اصيلة أال
وهي مكانة األنســان وحموريتهــا فهو اخلليفة الــذي ولد حرا وال
جيب اســتعباده .هذه الفكرة ســامهت يف رفعت شــعوب وساهم
انعدامها يف ترشذم شــعوب أخرى .لألسف هذه الفكرة تم تغريبها
يف جمتمعاتنــا بالرغم من اصالتها واتفاقها مع كل ما نؤمن به ونعرفه
ومل جتــد فرصتها للتطبيق .يرى مالك بن نبي ان األفكار االصلية قد
تفقد فاعليتهــا بالرغم من صحتها فال نجد هلا حضورا عىل ان ذلك
ال يقلل من صحتها((( .فاالفــكار الصحيحة االصلية بحاجة لزغم
ثقايف ومجاهريي ليفجرها ويزيد من حضورها وهذا ما يسعى له هذا
الكتاب.
حتول الدول
الرصاع اذن أهيا الســادة ليس بني أحزاب إســامية وعلامنية
وقوميــة وانام بني عصبيات داعمة وعصبيــات خمربة .فاالحزاب
بمختلف خلفياهتا الفكرية نجدهــا حاكمة يف الدول املتقدمة وال
يؤثر ذلك عىل وضع الدولة .لذا اصبح السؤال هو كم من الوقت
يســتلزم النتقال من تصنيف دولة معني اىل تصنيف اخر حســب
((( مالك بن نبي – مشكلة األفكار يف العامل االسالمي – دار الوطن -ص 105
57
الدولة والبداوة
58
البداوة واحل�ضارة
هذه البدهيية تبدوا صعبة الفهم عىل شعوب الدول ذات العصبية
الســلبية الواحدة او املتعــددة ،حيث تراهم حيلمــون باالنتقال اىل
مصاف الدول ذات العصبية الفكرية بليله وضحاها ووسيلتهم هلذا
االمر اســتبدال اصنام حمل اصنام مع الكثري من اخلطب الرنانة التي
ال تنظر لواقع الناس ومزاجهــم وأفكارهم .لذا ترى كثرة الثورات
واالنتفاضــات غــر املخطط هلا والغري مدروســة يف هــذه الدول
59
الدولة والبداوة
أبن خلدون مث ً
ال قرر ان تبدل العصبية حيتاج أربعة أجيال((( ،أما
انصاف املتعلمني فيعتقدون ان بأماكنهم تغريها بأربعة أيام او أربعة
((( غوســتاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) دار الرافدين – الطبعة
االوىل ص 128
((( عبد الرمحن بن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الثالثون :يف والية العهد-
دار الغد اجلديد ص 135
60
البداوة واحل�ضارة
((( عيل الوردي – منطق ابن خلدون -الوراق للنرش -طبعة 2013ص 22
((( عبــد الرمحن بــن خلدون – مقدمة أبن خلدون – الفصل الســادس :الســعادة
والكسب حيصل ألهل اخلضوع والتملق -دار الغد اجلديد ص 363
61
الدولة والبداوة
((( عبــد اجلليل الطاهــر – أصنام املجتمــع :بحث يف التحيــز والتعصب والنفاق
االجتامعي – املركز األكاديمي لألبحاث – الطبعة االوىل 2016ص104
62
البداوة واحل�ضارة
((( مذكرات جعفر العسكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص 198
63
الدولة والبداوة
الدول واخلرافة:
يبتعد الناس عن اجلــدل والنقاش يف الــدول ذات العصبية
السلبية الواحدة واملتعددة وبالنتيجة عن العقل واملنطق مما يؤدي
64
البداوة واحل�ضارة
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقي -الوراق للنرش ص 271طبعة
2012
65
الدولة والبداوة
«منذ زهاء مائة ســنة ظهر قرب مقــدس قرب مدينة اهلندية
قيــل انه حلفيد االمام الصادق اســمه «صكبان» .الغريب ان
هذا األســم أعجمي ومعناه «حارس الكلــب» وكان يطلق
يف العهد العثامين عىل نوع من اجلنــود .وليس من املعقول ان
((( عيل الوردي – خوارق الالشــعور أو ارسار الشخصية الناجحة -الوراق للنرش
ص 145طبعة 2013
((( عيل الوردي -دراســة يف طبيعة املجتمع العراقي -الوراق للنرش ص 272طبعة
2012
66
البداوة واحل�ضارة
67
الدولة والبداوة
وباء عاملي ،حيث لوحظ هذا الوباء بشكل واضح أيام وباء كورنا
حتى ظهرت الكثري من الدعوات يف الصحف االمريكية الداعية
الفهام الناس بــان املنهج العلمي منهج قائم عىل اخلطأ وال يقدم
معلومات اكيده .ظهرت هذه الدعوات بعد أن تم نرش دراسات
خمتلفه وبمعلومات متضاربة حول فــروس كورونا مما أدى اىل
تذمر الناس وفقدان ثقتهم بالدراســات العلمية واســتنتاجاهتا
نتيجة جلهلهم بطريق عمل املنهج العلمي.
الدول والأمن:
مما ال خيفى عىل أحد أن الدول ذات العصبية السلبية تتميز بأهنا
يف املقدمة من ناحية األمن العام فال جيرؤا افرادها عىل الكالم ألن
املشانق والســجون مفتوحة طوال الوقت .طبعا استقرار الدول
الدكتاتورية هو استقرار شــكيل وينتهي بشكل مفاجئ ومدمر.
فلم تنجح الــدول الدكتاتورية يف يشء مثلــا نجحت يف حفظ
االمن الداخيل ،الحبا يف اجلامهري وانام ألجل ضامن بقاء املنظومة
عىل رأس السلطة .عىل صعيد اخر تعترب الدول ذات العصبيات
املتعددة اقل الدول أمنا ملا تعانيه من شدة التناحر والتقاتل وعدم
الثقة بني مكوناهتا (عصبياهتا) وضعــف الدولة والقانون فيها.
وهذا بالضبط ما خربه العراقيون عندما انتقلوا من دول العصبية
الواحدة املمثلــة ب عائلة صدام والبعث العريب املجرم اىل دولة
العصبيات املتعددة ما بعد .2003حيث ســمعت من الكثري من
68
البداوة واحل�ضارة
69
الدولة والبداوة
الدول والثورة:
الثورة هــي حماولة تغيــر النظام عن طريــق االنتخاب او
التأمــر او اجلامهري او حتى التعاون مــع قوى خارجية .يصنف
ابن خلدون الثورات اىل ثورات ناجحة وثورات فاشلة .حيث
يرى انه عىل الثائر ان حيسب حسابه قبل القيام بحركته فيحيص
اتباعه ومقدار والئهم فاذا وجد ان نســبة نجاحه غري مضمونة
فاجلدير به ان جيلس يف بيته((( .الدكتور الوردي مل يعجبه رأي ابن
خلدون هذا حمتجا ب ثورة االمام احلسني التي مل تنجح يف تغيري
احلكم ،ولكن ال يمكن اعتبارها ثورة فاشلة.
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 258
70
البداوة واحل�ضارة
71
الدولة والبداوة
72
البداوة واحل�ضارة
الدول واملواطنة:
املواطنة والوطنية من أكثر التعابري التي تم توظيفها بالضد من
مصلحة الوطن واملواطن حتى قتل عىل اعتباها املاليني من البرش
بدعاوي خمتلفة منها خيانة الوطن وانعدام الوطنية .الســؤال هنا
ما يعني الوطن وملاذا أنتمي له؟ يقول أبراهيم طوقان الفلسطيني
الذي أصبح شعره نشيدا للعراق االيت:
موطــنــي مــوطــنــي
اجلـالل واجلـامل والســناء والبهاء
فـــي ربــاك فــي ربـــاك
واحلـياة والنـجاة واهلـناء والرجـاء
فــي هـــواك فــي هـــواك
فالوطن الذي يطمح الشاعر باالنتامء له مجيل وهبي فيه احلياة،
والنجاة ،واهلناء .اما النشــيد الوطني األمريكي فريدد باستمرار
عبارة ارض االحرار وموطن الشــجعان .اذن احلرية والشجاعة
هي مميزات الوطن الذي يطمح االمريكيون له .الوطن ال يعرف
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 198
73
الدولة والبداوة
((( عــي حرب – ما بعد احلقيقة :من تزييف احلقائق اىل خلق الوقائع – الدار العربية
للعلوم نارشون – الطبعة االوىل 2018ص 86
74
البداوة واحل�ضارة
75
الدولة والبداوة
76
البداوة واحل�ضارة
((( مذكرات جعفر العسكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص 195
77
الباب الثاين
الو�ضع العراقي
ْ َ ْ ٌ َ َ ُ ْ َّ َ َ َّ ْ َ َف َخ َل َ
ٱلصل ٰوة َوٱت َب ُعوا ف ِمن ب ْع ِد ِهم خلف أضاعوا
َ َْ َ َ َ َ َّ َ
ٱلشه َ ٰو ِت ف َس ْوف يلق ْون غ ًّيا
(مريم )59 -
ْ ُ ْ ّ ْ
جوارحهم ال وإن صلت فما تز
ْ ْ ُ َ َ َ َُ
ترىع رسائرهم أن يعبد الصنم
الشاعر بدر الدري ــع
79
الو�ضع العراقي:
العراق حتى وقت كتابه هذه السطور دولة ذات عصبيات متعددة
انتقل حديثا من دولة ذات عصبية سلبية واحده .االنتقال من الدول
ذات العصبية الســلبية الواحدة اىل الدول ذات العصبيات املتعددة
حيتاج اىل ثورة شــعبية كالتــي حدثت يف إيران ومــر أو تدخل
خارجي كام حدث يف العراق وأفغانستان وليبيا .اعتقد انه ال بد من
الوقوف عىل ما حدث يف إيران ومرص ففــي بداية الثورة االيرانية
كان النظام ذو عصبيات متعددة ،ولكن رسعان ما تراجع النظام اىل
نظام ذو عصبية واحدة (واليــة الفقيه) وكذلك ما حدث يف مرص
عندما عادت دكتاتورية العســكر .سبق وأرشنا اىل ان الدول ذات
العصبيات املتعددة تعيش مرحلة انتقالية او متأرجحة ما بني الدول
ذات العصبية السلبية الواحدة والدول ذات العصبية اإلجيابية .عىل
صعيد اخــر ،فأن الدول ذات العصبيات املتعــددة أو الدول ذات
العصبية السلبية الواحدة قد تنتقل اىل عصبية سلبية واحدة جديدة
كنتيجة النقالب عســكري او انقالب حزيب مدعوم من املنظومة
العسكرية أو منظومة خارجية أو حتى مظاهرات شعبية غري خمطط
هلا بدقة ،أفغانســتان مث ً
ال بعد االنســحاب األمريكي ومرص بعد
انقالب السييس.
81
الدولة والبداوة
82
الو�ضع العراقي
83
الدولة والبداوة
يكتسب برسعة يضيع برسعة ...كل يشء ،كل اصالح ،جيب ان يتم
بالتدريج» .يبدو ان الكثريين وبعد أكثر من قرن من مقولة مس بيل
مازالوا يعتقدون ان اإلصالح ممكن يأيت برسعة وبليلة وضحاها وان
القضية ال تتجاوز كبسة زر لالنتقال من وضع اىل اخر.
«أن املهمة األساســية امللقاة عىل عاتق شــعب ما ،ينبغي أن
تكمن يف احلفاظ عىل مؤسســات املايض عــن طريق تعديلها
شــيئا فشــيئا ،وأهنا ملهمة صعبة وشــاقة ويمكن القول بأن
الرومان يف املايض واإلنكليــز يف احلارض هم وحدهم الذين
استطاعوا إنجازها».
((( غوستاف لوبون – سيكولوجي اجلامهري -مؤسسة اقرا – الطبعة االوىل ص 55
84
الو�ضع العراقي
85
الدولة والبداوة
86
الو�ضع العراقي
ما هيمني من هذا االقتباس امران .األول ،ان الكاتب كان يتوقع
ان تنجح النخبة السياســية بعد سقوط الصنم يف تكوين دولة تتالءم
مع أحالمه .هكــذا دولة من ال دولة ونظام حكم رشــيد من نظام
حكــم دكتاتوري .بناء عىل أي جتربة سياســية يعتقد الســيد كنعان
مكية ان العراق بعد الصنم يمكنه بناء دولة ديمقراطية ناجحة خالل
عقد او عقدين؟ الثاين ،ما هي الفرص التارخيية الســابقة التي أتت
لشعوب أخرى واستغلوها بشــكل سليم بحيث أنتجوا نظام حكم
رشــيد خالل عقد او عقديــن؟ جيب جتاوز اخلطــاب العاطفي اىل
اخلطاب الواقعي املبني عىل جتارب ومشــاهدات واقعية ليتسنى لنا
اصــدار احكام ذات مصداقية .مثل هــذه الكتابات ترتكب جريمة
بحق الشعب ومســتقبل العراق ألهنا تفرتض ان الديمقراطية سهلة
املنال وكأهنا معجزة تتحقق بليلة وضحاها .تصور ان الديمقراطية ال
((( كنعــان مكية – هوامش عىل كتاب «الفتنة» -منشــورات اجلمل – الطبعة االوىل
2016ص 1
87
الدولة والبداوة
تقتيض جهد ًا وان املجتمعات العربية ستستيقظ ذات يوم وجتد نفسها
وقد نفضت عنها رداء الترشذم والتخلف وانتشــلت نفسها من هوة
الفرق احلضاري هو خطيئة بحد ذاته (((.
فالديمقراطيــة بذرة قبل ان تكون ثمرة .صدور مثل هذا الكالم
عن كاتب بحجم كنعان مكية وهو مؤلف كتب «مجهورية اخلوف» و
«القسوة والصمت» واحد أعضاء جلنة «مرشوع مستقبل العراق» و
«جمموعة عمل املبادئ الديمقراطية» مؤرش خطري عىل تدين مستوى
الوعي بام حتتاجه األمم لتنهض والديمقراطية لتنجح.
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 265
88
الو�ضع العراقي
89
الدولة والبداوة
((( عيل رشيعتي – األمة واالمامة – دار األمري – الطبعة الثانية 2007ص 218
((( غوســتاف لوبون – سيكولوجي اجلامهري -مؤسســة اقرا – الطبعة األوىل 2015
ص9
90
الو�ضع العراقي
املنتمون للثورة وضع املدفع عــى بعد ميلني من احلامية حتى يكون
بعيدا عن هدفه بمسافة كافية الستهداف احلامية حتى ال يكون هدفا
ســهال لنرياهنا .اخذت الشكوك تســاور نفوس اجلامهري وانطلقت
االشــاعات التي تتهم الضباط بأهنم عمــاء لإلنكليز حتى اضطر
الشــيخ فتح اهلل االصفهــاين ،من كبار مراجع الشــيعة ،جتاه ضغط
الرأي العام اىل ارسال وفد لدراسة االمر مع الضباط وبالنتيجة نقل
املدفــع حتت ضغط الرأي العام اىل موقــع جديد مقابل احلامية التي
قذفته بوابل من الرصاص وعطلته بعــد ان قتلت من كان حوله(((.
هــذه احلادثة تبني بوضوح أن اجلامهري جاهلة وحتركها االشــاعات
وخصوصا تلكم املاسكة للشارع منها والتي يعرتهيا الغضب برسعة
وقد تتحول اىل قوة مدمرة ال تســمع لذوي االختصاص يف حلظات
ألن الشارع غري مســيطر عليه باي شكل من االشكال .وعندما يقع
الفأس بالرأس يتربا اجلميع مــن الدمار والتخريب فاجلامهري بنهاية
اليوم ال يمثلها أحد.
التقيت مرة بمفكر تونيس اثناء زياريت لتونس بعد ما يقرب السبع
سنوات من نجاح الثورة التونســية ،حيث كان الوضع االقتصادي
أسوء مما كان عليه يف عهد الدكتاتور بن عيل والناس متذمرة ،ولكن
هذا املفكر قال يل لن أقايض حريتي ب يشء .يف نفس الوقت ،قال يل
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العراق احلديث – اجلزء اخلامس -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 354
91
الدولة والبداوة
ان الديمقراطية ال تنتج قيادة ونواب قادرين عىل تلبية طموح الشعب
وهذه مشــكلة عاملية وجيب االنتقال ملرحلة ما بعد الديمقراطية .ما
هي مرحلة ما بعد الديمقراطية؟ ال أحد يعرف.
92
الو�ضع العراقي
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 80
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العراق احلديث – اجلزء اخلامس -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 415
93
الدولة والبداوة
94
الو�ضع العراقي
95
الدولة والبداوة
السبب الثالث :ال خيفى عىل القارئ الفطن ان السري خلف رشحية
واحدة مهام كــرت وفضلت يف بلد ال يتمتع باالنتخابات
احلرة هــو كارثة بكل املقاييس الن هــذه الرشحية تفرض
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 78
96
الو�ضع العراقي
97
الدولة والبداوة
98
الو�ضع العراقي
((( مذكرات جعفر العسكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص 192
99
الدولة والبداوة
100
الو�ضع العراقي
101
الدولة والبداوة
فرتة زمنية قصرية ،لذا مظاهرات تغيري الوجوه لن تغري شيئا مادامت
املؤسسات ال تعمل بشكل سليم.
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 77
102
الو�ضع العراقي
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 77
((( غوســتاف لوبون – سيكولوجيا اجلامهري -مؤسســة اقرا – الطبعة األوىل 2015
ص68
103
الدولة والبداوة
عىل اعتقــال الطلبة لغرض التهيئة لثورة البعث عام 1963لذا كانت
مطالبهم تعجيزية .هكذا استغل البعث الشباب واندفاعهم يف سبيل
حتقيق أهدافه واثارة البلبلة يف املجتمع .هذا يشــر اىل أمهية ان يتبنى
الشــباب أجندة واضحة ومطالب ســهلة التحقيق يف ســبيل دعم
الديمقراطية واحلرية الدستورية يف العراق يف مظاهراهتم وحماوالهتم
التصحيحية حتى ال تكون النتائج بخالف ما يتمنون ،أمل يقل املتنبي:
ِ
جعان أي َق َبل َشجا َع ِة ُ
الش الر ُ
َ
ُه َو َأ َّو ٌل َو ِه َي ا َمل َح ُّل الثاين
((( عيل رشيعتي – األمة واالمامة – دار األمري – الطبعة الثانية 2007ص 206
((( غوســتاف لوبون – سيكولوجيا اجلامهري -مؤسســة اقرا – الطبعة األوىل 2015
ص 118
104
الو�ضع العراقي
((( غوســتاف لوبون – سيكولوجي اجلامهري -مؤسســة اقرا – الطبعة األوىل 2015
ص 72
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 71
105
الدولة والبداوة
يضيع برسعة ...كل يشء ،كل أصالح ،جيب ان يتم بالتدريج .يقول
الدكتور عيل رشيعتي هبذا الصدد ما ييل(((:
((( عيل رشيعتي – مسؤولية املثقف – مؤسسة العطار الثقافية – 2005ص 172
106
الو�ضع العراقي
((( عيل رشيعتي – مسؤولية املثقف – مؤسسة العطار الثقافية – 2005ص 138
107
الدولة والبداوة
((( مذكرات جعفر العســكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص
192
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 74
108
الو�ضع العراقي
مــن حتركات دول أخــرى الن لكل دولة خصوصيــة جيب ان يتم
فهمها والتعامل معها بشــكل حكيم ومبارش .يرى مالك بن نبي ان
تقليد االخرين ينم عن انعدام االبداع حيث ان ماوصلت أليه األمم
الســابقة ناتج عن دوافع نبعت من رحم تلكــم األمم وتضحيات
جســيمة قدمتها فكان النجاح معربا عنها وال يمكن تقليدها باملطلق
بدون ابتكار وإنتاج دوافع تتالئم مع الواقع وتتناغم معه (((.
((( مالك بن نبي – مشكلة األفكار يف العامل االسالمي – دار الوطن -ص 113
((( عيل حرب – خطاب اهلوية :سرية فكرية – الدار العربية للعلوم نارشون –الطبعة
الثانية 2008ص 79
((( جــورج طرابييش – مذبحة الرتاث يف الثقافة العربية املعارصة – دار الســاقي –
الطبعة الثالثة 2012ص 56
109
الدولة والبداوة
110
الو�ضع العراقي
ان حيدث بني ليلة وضحاها أال ان اهتموه بالفساد وهذا نص احلوار:
● فوزي مجعة :نقطة جيدة ،أنا مل أترك مظاهرة منذ أربعني ســنة
وأكثر أال وكنت يف املقدمة .نحن اليوم يف حلظة فارقه وهي
حلظة جني ثامر الثورة ،وانا أنادي الشباب ،أوالدي ،الذين
قامــوا بالثورة واطلب منهم اهلدوء قليال» وليس بشــكل
دائم ،حتى يذهب العامل اىل مصنعه والفالح اىل حقله.
((( باقر ياسني – شــخصية الفرد العراقي :ثالث صفات سلبية خطرية – دار أراس
111
الدولة والبداوة
التجني يف هذه املقولة فال يعقل ان يكون اجلميع فاســد ًا وانام جيب
حماسبة واهتام فقط من ثبت فساده باألدلة القاطعة .عندما تسود لغة
التخوين بدل لغة األدلة يصبح اجلميع قضاة .وعندما يصبح اجلميع
قضاة تضيع العدالة ويصبح الشارع منصة لتنفيذ االحكام الظاملة.
التعليم والتعيني:
املــدارس واجلامعات احلكومية تعترب مــن اهم مؤرشات االداء
احلكومي يف أي بلد .أمهية املــدارس واجلامعات يكمن يف اهنا جيب
ان تقــدم للبلد ما حيتاجه مــن كفاءات وأيادي عاملــة .حتقيق هذا
((( عيل الوردي – شخصية الفرد العراقي – الوراق للنرش –الطبعة الثانية 2009ص 68
112
الو�ضع العراقي
((( غوستاف لوبون – روح االشرتاكية (ترمجة عادل زعيرت) -دار الرافدين – الطبعة
األوىل – 2019ص 252
113
الدولة والبداوة
عــدم وجود اي دولة يف العامل قادرة عــى توظيف هذه اجليوش من
املتعلمني .املدارس واجلامعات احلالية تنتج اعداد كبرية من الناقمني
الغري مؤهلــن لقيام بأي عمل حقيقي .هــذه اجليوش العاطلة عن
العمل هي قنبلة موقوتة ملســامهة بأي فعالية ضد النظام مهام كانت
اهدافها أو قادهتا بدل ان تســاهم يف بناء البلــد وتطويره عن طريق
أعامل غري مرتبطة باحلكومة.
114
الو�ضع العراقي
115
الدولة والبداوة
116
الو�ضع العراقي
الطائفية والقومية:
طوائــف وقوميات العراق متثــل هوية العــراق ونكهته التي ال
يمكن جتاوزها حيث ال يمكن بناء العراق بشــكل حقيقي ومستديم
من دوهنام .التاريخ خيربنا انه عندمــا تتعرض طائفة او قومية للقمع
والتنكيــل فأن البلد ليس بخري وان ظن البعض اهنم مســتفيدين مما
حيدث لألخريــن .الطائفية يف العراق هلا تاريــخ طويل وكانت عىل
الدوام حمرك ودافع نحن التناحر والتقاتل ألســباب عدة .خصوصا
يف املناطق التي يســكن فيها الشيعة والسنة مثل بغداد .الوردي يقرر
ان تاريخ بغداد زاخر بالرصاع الطائفي منذ تأسيسها((( .هذا الرصاع
كان أحد أسباب سقوط بغداد بيد املغول حيث كان سبب ًا يف اختالل
االمن والنظام حتى خيش كل فرد عىل اهله ونفسه وممتلكاته((( .يذكر
عيل الوردي أن شيعة بغداد ونتيجة لتضييق عليهم وعدم السامح هلم
بإقامة جمالس التعزية قاموا بالتعاون مع عيل رضا باشــا وســامهوا
يف انتصــاره عىل وايل بغداد داود باشــا عــام .(((1831أذن الرصاع
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العراق احلديث – اجلزء اخلامس -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 185
((( ســعد بن حذيفة الغامدي – ســقوط الدولة العباســية ودور الشيعة بني احلقيقة
واالهتام – دار ابن حذيفة – الطبعة الثالثة 2004ص 205
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العــراق احلديث – اجلزء الثاين -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 118
117
الدولة والبداوة
أما السلطة فحسب مس بيل جيب ان تبقى بيد السنة حتى ال تبنى
دولة يســرها اية اهلل الشــيعي ،عىل اعتبار ان السنة ال مرجعية دينية
لدهيم وبالتايل صاحب الســلطة يمكن أن يكون ألعوبة بأيدهيم كام
حدث مع امللكية العراقية .العراق مملكة حتكمها حكومة عربية سنية
مؤسســة عىل أنقاض احلكم العثامين كام وصفها امللك فيصل األول
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 146
((( العراق يف رســائل مس بيل – ترمجة جعفر اخلياط – دار احلرية للطباعة –1977
ص 188
118
الو�ضع العراقي
نفســه((( .أما القومية فكانت حارضة أيضــا حيث تقول مس بيل يف
كتاهبا ان الســليامنية رفضت االنضامم اىل احلكومة العربية العراقية.
أما رغبــة بعض االكراد باالنضامم اىل الــدول العراقية فكان هبدف
االنفكاك من الســيطرة الرتكية وانشــاء دولة كوردية((( .ويســتمر
املسلسل ،حيث يشري الدكتور جواد هاشم وزير التخطيط يف حكومة
البعث بعد انقالب 68اىل حادثة غريبة ومثرية بنفس الوقت تكشف
حجم تغلغل عقلية العصبية الســلبية الواحــدة يف العراق احلديث،
حيــث يقول لقاء مجعه مــع صالح مهدي عامش الذي شــغل عدة
مناصب كبرية االيت(((:
((( مذكرات جعفر العســكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص
193
((( العراق يف رســائل مس بيل – ترمجة جعفر اخلياط – دار احلرية للطباعة –1977
ص 345
((( جواد هاشــم – مذكرات وزير عراقي :ذكريات يف السياســة العراقية – املدى –
الطبعة الثالثة 2019ص 382
119
الدولة والبداوة
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 213
120
الو�ضع العراقي
((( الشــخصية العراقية :تفكيك األنامط والتنوعات وإعادة التشكيل – سيار اجلميل
– مكتبة دجلة –الطبعة األوىل 2021 -ص 305
121
الدولة والبداوة
((( جــورج طرابييش – مذبحة الرتاث يف الثقافة العربية املعارصة – دار الســاقي –
الطبعة الثالثة 2012ص 40
122
الو�ضع العراقي
املجتمع عىل اعتناق هذه الفكرة حتى تصبح معيارا للوطنية واالنتامء
يصدح هبا قليــي الثقافة واالطالع وهي باحلقيقة ليســت أال فكرة
ايدولوجية تقزم غريها من األفكار واملعتقدات .وقع يف يدي كتاب
مغمور ملؤلف اسمه شــوقي أبو خليل عن معركة القادسية أصدره
عام 1970حيث يقول يف مقدمته ما نصه يف معرض كتابه عن التاريخ
وشــخوصه «ليس هناك حاجة لتربير العيب فليس فيه عيب وليس
هناك حاجة اىل اكامل النقــص فليس فيه نقص» ،ومن ثم يضيف يف
نفس الصفحة االيت «رأيت واجبا أن اعطي لتاريخ حقه وأن انرش ما
يناسب زماننا منه......متناسيا عن قصد بعض األشياء التي ال طائل
منها ومازال حوهلا خالف» .وهكذا وبمثل هذه التربيرات يتم ذبح
الرتاث وترشحييه وتنقيحيه حسب رغبة الكتاب وايدولوجيته بعيدا
عــن أي معيار علمي ويتم فرض هذا التاريخ اجلديد الذي ال عالقة
له بالواقع حتت مسميات شتى.
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص
200
123
الدولة والبداوة
((( هاين الفكيكــي – أوكار اهلزيمة :جتربتي يف حزب البعث العريب االشــراكي –
مؤسسة املنارة – ص 26
124
الو�ضع العراقي
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 148
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 174
125
الدولة والبداوة
امللك فيصل األول ينظر هلذه املســألة عىل اهنــا من النواقص وليس
املحاســن((( .باحلقيقة يمكن اعتبار عدم القدرة وكذلك عدم الرغبة
بمعاجلة املســألة الطائفية والقومية بشــكل حكيــم وصحيح أحد
مشاكل العراق الكربى.
((( مذكرات جعفر العســكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص
192
126
الو�ضع العراقي
127
الدولة والبداوة
((( عيل الــوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لنــدن –الطبعة الثانية 1994
ص 81
128
الو�ضع العراقي
جاء الوقت لنتعلم مــن التاريخ وال نعيد اخطائنا ،التاريخ خيربنا
وبوضوح ان طوائف العراق ومذاهبــه ال ترىض وال ترضخ حلكم
العصبية الواحدة وان طــال حكمها وكذلك لن تقبل حماولة تكميم
منابرها هبدف اعالء كلمة الوطن ومــا الوطن غري مكوناته .حماولة
متييع الطوائف والقوميات يف الوطن هي حماولة قتل الوطن ،يموت
الوطن عند متييع مكوناته ويعيش عندما يتم احرتام وإعطاء كل مكون
حقه يف التعبري عن خوفه وامالــه وافكاره ورغباته .ليس من وظيفة
الدولــة وال املثقفني وال أي أحد ان حياول يصبغ أبناء العراق بصبغة
واحدة تتالءم مع ما يعتقــده .البعث حاول ان جيعل مجيع العراقيني
بعثيني وأن مل ينتموا ،فامذا كانت النتيجة؟ يعتقد جعفر العسكري ان
الفكرة العراقية لــن تتغلب عىل الفكرة القومية او الدينية او املذهبية
حتى يشــعر الشيعي والسني وغري املســلم والعريب وغري العريب ان
حقوقه وتقاليده مضمونه وحمرتمة وان احلكومة ليست خاصة بفرقة
دون سواها (((.
((( مذكرات جعفر العســكري – حتقيق نجدة فتحي صفوة – دار الالم – 1988ص
203
129
الدولة والبداوة
130
الو�ضع العراقي
التخندق الطائفي كان نتيجة النعــدام حرية التعبري مما دفع ابناء
131
الدولة والبداوة
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 155
132
الو�ضع العراقي
133
الدولة والبداوة
األول .فهذا سليم مطر توصل اىل نتيجة مفادها ان العراق بلد كونته
اجلغرافية وشــكلت حدوده الطبيعة التي سامهت يف عزله وشكلت
منه وحدة سياســية واجتامعية وحضارية ذات مالمح ال تشــابه أي
مالمح أخرى((( .مــرة أخرى من حق القارئ التســاؤل عن نوعية
احلشيش الذي ينتج أفكار بعيدة عن الواقع بمئات السنني الضوئية.
أال يرى سليم مطر مقدار التغلغل والتأثري الذي متارسه ومارسته دول
اجلوار العراقي نتيجة لضعف اجلبهة العراقية الداخلية عرب القرون.
ال يمكن بناء وحدة حقيقية مامل يتــم قطع هذا التغلغل والتأثري وال
يمكن قطعه أال باحلرية الفكرية والتعبريية الكاملة ألبناء الشعب بام
ال يــدع جماال للتدخل بحجة محاية هــذا او ذاك .بناء اهلوية العراقية
هبذا الشــكل جيعل العراق قويا عزيزا قادرا عــى التأثري بإجيابية يف
حميطه وأعامقه القومية واملذهبية بدل ان يكون مصبا بتأثري رصاعات
جواره القومي واملذهبي .هذا اجلوار الــذي مل هيتم يوما بالعراقيني
ومل ينشغل ضمريه هبم وانام كانوا دوما حمرقة له وألحالمه .فالعراق
بالنسبة جلواره جمرد مراءة عاكســه ألحالمه وأهواءه واساطريه ،ال
بلد مســتقل متعدد االطياف .املأمون هو من القلة املثقفة عالج هذا
االمر ببساطة كام ينقل لنا اليعقويب يف تارخييه كام ييل(((:
((( حممد غازي االخرس – خريف املثقف يف العراق – التنوير – 2011ص 166
((( أمحد بن أيب يعقوب بن جعفر بن وهب –تاريخ اليعقويب– دار صادر – ص 468
134
الو�ضع العراقي
135
الدولة والبداوة
136
الو�ضع العراقي
مجيعا ولدوا احرار وال حق ألحد بان يأخذ هذا احلق من هذا الطرف
او ذاك ،الثاين الســاح بحرية التعبري يعني تالحق األفكار وتطورها
وبالتــايل عزل اليسء وتقويــم اجليد .باحلقيقة الكبــت الذي يعانيه
جمتمعنا ساهم بشكل مبارش يف عدم تطور مدارسنا الفكرية وغرقها
باجلهل والتخلف وبروز مجاعات شديدة اجلهل واخلرافة.
الوردي يف ديرتويت:
تعيش يف منطقة ديرتويت الكــرى جالية عربية كبرية تقدر بأهنا
األكرب خارج حــدود الدول الناطقة بالعربيــة .يتكلم الدكتور عيل
الوردي عن زيارة قام هبا اىل هــذه املدينة لزيارة معامل فورد وعرج
خالهلا عىل احلي العريب .هناك سمع الوردي نزاعا حول االمام عيل
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 154
137
الدولة والبداوة
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 247
((( عبد الرحيم العطري – بركة االولياء بحث يف املقدس الرضائحي – رشكة النرش
والتوزيع املدارس – الدار البيضاء –الطبعة الثانية 2014ص 7
138
الو�ضع العراقي
أغلب الظــن ،ان الدكتور الوردي وقع يف الفــخ الذي وقع فيه
معظم العراقيني عند تعاملهم مع املشــكلة الطائفية يف العراق وهو
فخ الرفض للخالف مجلة وتفصيــا او التخندق الطائفي .قد يظن
البعض نتيجة عدم اطالعه عىل االمور بشــكل مبــارش ،ان الناس
يف الغرب تســيل منهم احلضارة واملعرفة مــن كل جانب ،يف حقيقة
االمر هم شعوب حاهلم حال بقية الشعوب فيهم املتخلف والبسيط،
((( عيل الوردي – مهزلة العقل البرشي – دار كوفان لندن –الطبعة الثانية 1994ص 120
139
الدولة والبداوة
140
الو�ضع العراقي
املحا�ص�صة يف العراق:
املحاصصــة يف عراق ما بعــد 2003رضورة لتجاوز ثقافة عراق
مــا قبل ،2003ولكن ليس بالشــكل الذي نــراه اليوم .املحاصصة
قد تكون رضورية يف ختصيص املوازنة وتوزيع املقاعد الدراســية
بني املحافظات وعىل أســاس النسب الســكانية .مشاركة احلكم
حســب النســب العددية امر دعى له الوردي يف ســتينات القرن
املايض لرضورته ((( .ولكنها ليســت رضورية يف توزيع املناصب
بالشــكل الفج الذي نراه اليوم .فال جيــوز ان يتم توزيع املناصب
بني األحزاب والتيارات الفائزة بعيــدا عن معيار الكفاءة واخلربة
وخصوصا ان هذا التوزيــع الطائفي والقومي واملناطقي البغيض
شــمل كل املناصب الوظيفة العليا حتى حتولت هذه املناصب اىل
مغانم وليس وســائل خلدمة الناس يف ظل انعدام املتابعة والتقييم
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العراق احلديث – اجلزء اخلامس -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 415
141
الدولة والبداوة
املهني واخلدمي.
من أمن العقاب اســاء االدب وهــذا االمر ينطبق عىل موظفي
الدولة ،فيجب متابعتهم وتقييم انتاجهم بعدالة .اليوم املحاصصة
لألســف متنح كبار املوظفــن حصانة بناء عــى انتامئهم املذهبي
والقومي وهذا امر ال يبني بلد وال خيدم اجلامهري.
142
الو�ضع العراقي
الوحيدة املتبقية لدى العرب بعد تقهقر بقية جتارب الربيع العريب.
اجلانب املرشق يف التجربة العراقية اهنا خرجت من عنق الزجاجة
يف حني بقي العرب يف ارسهم .معظم الدكتاتوريات العربية قائمة
عىل أســاس اخلوف وختويف الغرب مــن أن رحيلهم عن احلكم
يعني ســيطرة اإلرهاب والتطرف ولذا عىل شعوهبم وعىل الغرب
ان خيضع هلم خوفا من اإلرهاب والتطرف واالخوان ،مرص مث ً
ال
قبــل الثورة وبعد انقالب الســييس .طبعا هــذه األنظمة تتجاوز
عــى حقيقة ان بقائها ال يعني قمع التطــرف فقط وانام قمع النمو
االقتصادي ،والفكري ،وكافة نواحي احلياة.
143
الدولة والبداوة
((( عيل الوردي – منطق ابن خلدون – الوراق للنرش –الطبعة الثالثة 2013ص 43
144
الو�ضع العراقي
145
الدولة والبداوة
((( فرج فودة – قبل السقوط – مطابع اهليئة املرصية العامة للكتاب – 1992ص 144
146
الو�ضع العراقي
147
الدولة والبداوة
((( عــي الوردي – ملحات اجتامعية من تاريخ العراق احلديث – اجلزء اخلامس -دار
الراشد – الطبعة الثانية 2005ص 383
148