Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة القادسية ‪ /‬كلية اآلداب‬
‫قسم علم االجتماع ‪ /‬التنمية واالمن المجتمعي‬

‫ا ألوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية‬


‫االجتماعية واالقتصادية‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫ب ِْس ِم الل َّ ِه َّالر ْح َم ِن َّالر ِحي ِم‬


‫فَلْ َي ْع ُبدُ وا َر َّب َه َذا الْ َبيْ ِت (‪ )3‬ال َّ ِذي َأ ْط َع َمه ُْم ِم ْن ُجوعٍ َوأ َمنَهُ ْم ِم ْن‬
‫خ َْو ٍف (‪)4‬‬
‫صدق الله العلي العظيم‬

‫سورة قريش‪ ،‬اآليتان ‪.4-3‬‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المقدمة‬
‫ال زالت مسألة التنمية بمختلف نواحيها ومجاالتها وجوانبها تشغل بال الدول شمالها وجنوبها وباختالف مذاهبها‬

‫ونشاطاتها ونظمتها االقتصادية والسياسية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬كما تشغل بال األفراد بمختلف انتماءاتهم ومستويات‬

‫تفكيرهم ومذاهبهم‪ ،‬ألنها قضية مهمة وهامة ومستمرة في تواجدها وألن مفهومها يشمل الجوانب االقتصادية‬

‫واالجتماعية والسياسية والثقافية واألخالقية‪ ،‬وألنها مطلب طالبت وتطالب به كل المجتمعات دون استثناء‪ ،‬ألجل‬

‫النهوض بمستوى دخول أفرادها وتحسين مستواهم التعليمي والصحي وتوفير الحد األدنى من احتياجاتهم الضرورية‪.‬‬

‫ينطلق هذا البحث من فرضية مفادها ‪ :‬إن نظريات التنمية التي طبقت في الدول المتقدمة قد ال تصلح للتطبيق على‬

‫دول العالم الثالث دون مراعاة تطور الجانب األمني في هذه الدول مع التطور االقتصادي و االجتماعي لتكون هنالك‬

‫تنمية حقيقية ‪ ،‬تنهض بالمجتمع و تحافظ على استمرارها لذا‪ ،‬فإن هذا البحث يهدف إلى تحديد وبيان ألهم االتجاهات‬

‫و األفكار بهذا المجال‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل االول‬
‫مفاهيم البحث‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث االول ‪ :‬العناصر االساسية للبحث‬


‫اوالا‪ :‬اهداف البحث ‪:‬‬

‫ان الهدف من البحث هو توضيح أهمية االستقرار األمني في المجتمعات لضمان التقدم و تحقيق البرامج التنموية‬
‫التي تحبوا الدول النامية لغرض تحقيق الرفاهية الفراد المجتمع ‪ .‬باالستفادة من هذا البحث في تحديد الحلول و‬
‫المعالجات لتحقيق التنمية الشاملة ‪.‬‬

‫ثانيا ا‪ :‬اهمية البحث ‪:‬‬

‫تكمن أهمية الدراسة لما تعانيه الدول النامية من عدم تحقيق التنمية في بلدانهم على الرغم من العديد البرامج التي‬
‫تقدمها حكوماتهم و المبالغ الطائلة التي ترصدها لهدف التنمية دون مراعاة جانب االمن كعنصر أساسي للتنمية مع‬
‫اإلشارة من ان موضوع االمن كان يشكل هاجس األكبر لرجال الدولة و صناع السياسة الذين اعتبروا ضمان ظروف‬
‫البقاء و االستمرار أعلى أولويات السياسة الخارجية و الداخلية على حد سوء دون اعتباره عنصر مرادف للتنمية ‪.‬‬

‫ثالثاا‪ :‬مشكلة البحث ‪:‬‬

‫تتمحور إشكالية الدراسة في زمن الحكومة السابقة خالل فترة الستينيات و السبعينات القرن الماضي كان العراق‬
‫يعيش فترة من النمو االجتماعي و االقتصادي في ضل وضع امني معقد (بين االمن و عدم االمن الشخصي) في‬
‫حين الوقت الحاضر العراق يعاني من التخلف في التنمية و حالة كما هو علية في الوضع األمني (بين االمن و عدم‬
‫االمن الشخصي) ‪ ،‬و هذا السؤال الذي تدور علية إشكالية البحث حول حقيقة تأثير االمن في التنمية ‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المصطلحات والمفاهيم‬

‫اوالا مفهوم االمن‬

‫االمن في اللغة‬

‫ذكرت لفظة االمن و األمان و امنوا وامن في القران الكريم في ‪ 093‬موضعا ا مما يدل على أهمية االجتماعية في‬
‫بناء االنسان و المجتمع و في األمن في اللغة هو نقيض الخوف‪ .‬والفعل الثالثي ِ‬
‫أمن أي حقق األمان‪ .‬قال ابن‬
‫منظور‪" :‬أمنت فأنا آمن‪ ،‬وأمنت غيري أي ضد أخفته‪ ،‬فاألمن ضد الخوف‪ ،‬واألمانة ضد الخيانة‪ ،‬واإليمان ضد‬
‫الكفر‪ ،‬واإليمان بمعنى التصديق‪ ،‬وضده التكذيب‪ ،‬فيقال آمن به قوم وكذب به قوم (‪. )1‬‬

‫االمن اصطالحا ا‬

‫المفهوم االجتماعي لألمن‬

‫علماء االجتماع األمن من الدوافع االساسية لإلنسان في كل حركة وعمل يقوم به ‪ ،‬وإن أية حركة او عمل او‬ ‫َيعُ ُّد ُ‬
‫خطوة يريد اإلنسان اإلقدام عليها فانه يسعى أوالا للتأكد من أنّها مأمونة العواقب ‪ ،‬فاستقرار اإلنسان بمكان مربوط‬
‫بشعوره باألمان فيه ومن ال يشعر بذلك يسعى في اقرب فرصة لترك مدينته ووطنه‪ ،‬كما أن األمن يجعل اإلنسان‬
‫طموحا ا للعمل والتجارة واإلعمار ‪ ،‬واذا رأى في عمـل مـا أنّه يؤمن لـه مستقبالا يخوض فيه ‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫فإن الشعور‬
‫باألمن يفجر طاقة الفرد والمجتمع في العمل والبناء والنشاط وهو عكس الشعور بالخوف‪ ،‬فالخوف يؤدي بالفرد الى‬
‫االنعزال واالنطواء والى تحديد حركته وابتعاده عن التفاعل مع المجتمع وتقوقعه وتعطيل قدراته عن البناء واإلنتاج‬
‫‪ ،‬وهو المراد من قول اإلمام علي عليه السالم في مأثور كالمه ( حالوة األمن تُنكدها مرارة الخوف والحذر)‪.‬‬
‫أن الشعور بالخوف بحد ذاته دافع حيوي لتحقيق األمن‪ ،‬فخوفك من السرقة يجعلك تلجأ‬ ‫ويرى‪ .‬علماء االجتماع ّ‬
‫للبنوك او لتأمين دارك‪ ،‬وخوف المجتمع من عدو يجعله يقظا ا له متوثبا ا للقضاء عليه والتقاء شره‪ .‬إن ردة فعل‬
‫الخوف عند اإلنسان والمجتمع والنظام سياسي تُولَّد أحد نوعين من األمن‪ ،‬إما أمنا ا إيجابيا تجعلك تحبس عدوك وتحدد‬
‫حركته أو تقضي عليه‪ ،‬أو أمنا ا سلبيا ا يجعلك تحبس نفسك وتنغلق على ذاتك وتحيط نفسك بأسوار وأسالك شائكة‪،‬‬
‫وهو ما غلب في طريق حفظ األمن بشكل مغلوط في العراق عقب سقوط صدام واالنسحاب األمريكي (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تحقيق عبد الله علي الكبير (القاهرة‪ ،‬دار المعارف)‪ ،‬ص‪.143‬‬

‫‪ -2‬بشير الوندي ‪ ،‬االمن المفقود (دار الصفار ‪ ، )2310،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪ -0‬لويس معلوف ‪ , 2339 ,‬ص‪043‬‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫ثانيا ا ‪ /‬مفهوم التنمية ‪:‬‬

‫التنمية في اللغة ‪:‬‬

‫التنمية اي بمعنى نما ‪,‬ينمو ‪ ,‬نموا‪ : ,‬أي زاد وكثر " ارتفاعا " ونمي ينمي نميا ونماء ونمية المال وغيره ‪ :‬زاد وكثر‬
‫وتنمية الشيء أي جعله ناميا ا (‪.)1‬‬

‫التنمية اصطالحا ا ‪:‬‬

‫أن التنمية كعملية متكاملة ال تنقسم‪ ،‬يمكن النظر إليها باعتبارها التفاعل الديناميكي بين مجتمع معين ومستوى‬
‫اإلنتاجية ‪ Level productivity‬التي بلغها هذا المجتمع واإلنتاجية هنا تعنى الطاقات الكلية لجميع أفراد المجتمع‪،‬‬
‫إلشباع أو تحقيق المصالح الممكنة في كافة ميادين النشاطات المجتمعية‪ ،‬كما يشير البنـاء المجتمعي إلى مجمل‬
‫العالقات الكلية المستقرة القائمة بين الناس أعضاء المجتمع في إطار وجودهم االجتماعي (بما في ذلك تفاعالتهم‬
‫االجتماعية)‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكن ان تعرف التنمية بانها مفهوم ذو مدلول ثقافي واجتماعي واقتصادي سياسي وإداري‪،‬‬
‫وهو ال يرتبط بقطاع من المجتمع دون آخر كما أنه يشير إلى عملية مجتمعية متكاملة ومتفاعلة في إطار نسيج من‬
‫الروابط بالغ التعقيد من جميع عوامل التنمية والتنمية‪ ،‬وبهذا المعنى ال تمثل فقـط الناتج النهائي لمجموع المتغيرات‬
‫الثقافية واالجتماعية والسياسية واإلدارية‪ ،‬بل هي محصلة تفاعالت مستمرة بين هذه العوامل مكتملة‪ .‬ويتوقف مدى‬
‫أهمية كل منها والدور يمارسه في عملية التنمية على الظروف التي تتم فيها عملية وعلى المرحلة التي قطعتها‬
‫مسيرة التنمية في اإلطار المجتمعي‪ ،‬فقد تلعب العوامل االقتصادية دورا بارزا في إحدى مراحل التنمية في بلد ما‪،‬‬
‫بينما تلعب العوامل السياسية الدور الحاسم في بلد آخر أو حتى في نفس البلد في مرحلة أخرى (‪. )2‬‬
‫ثالثا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االجتماعية ‪:‬‬

‫تعرف التنميــة االجتماعيــة هي عمليــات تغيــر اجتماعي تلحـــــق بالبنـــــاء االجتمـــــاعي ووظائفـــــه‬
‫بغـــــرض إشـــــباع الحاجـــــات االجتماعية للفرد والجماعة بمعنى أنها عملية تغير اجتماعي لكافـة األوضـاع‬
‫التقليديـة مـن أجـل إقامـة بنـاء اجتماعي جديـد ينبثـق عنـه عالقــــات جديــــدة وقــــيم مســــتحدثة تشــــبع‬
‫رغبــــات وحاجــــات األفــــراد وتطلعـاتهم وال يـتم ذلـك إال عـن طريـق دفعـة قويـة الحـداث تغيـرات كيفية‬
‫(‪)0‬‬
‫وإلحداث التقدم المنشود‪ ،‬فالتنمية الشاملة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬لويس معلوف ‪ , 2339 ,‬ص‪043‬‬

‫‪ -2‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،2311 ،‬ص ‪. 9‬‬

‫‪ -0‬ثروت محمد شلبي‪ ،‬تنمية اجتماعية ‪ ،‬ص ‪. 10‬‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫رابعا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االقتصادية‪:‬‬

‫تعريف التنمية االقتصادية بأنها عملية تحسين وتنظيم واستقالل الموارد اإلنتاجية المادية والبشرية بهدف زيادة‬
‫اإلنتاج الكلى من السلع والخدمات بمعدل أسرع من معدل الزيادة في السكان بهدف زيادة متوسط الدخل الحقيقي‬
‫للفرد من السكان عامة والفرد من القوة العاملة بصفة خاصة خالل فترة معينة من الزمن‪ .‬ويعرف معجم العلوم‬
‫االجتماعية التنمية االقتصادية بأنها "عملية بموجبها تستخدم الدول مواردها المتاحة لتحقيق معدل سريع للتوسع‬
‫االقتصادي يؤدى إلى زيادة مطردة في دخلها القومي وفى نصيب الفرد من السلع والخدمات‪ .‬ويعرف براين‬
‫‪ F.Brayne‬التنمية االقتصادية بأنها في الحقيقة نتاج التقدم ويعرف ألبرت ماير ‪ Albert Mayer‬التنمية‬
‫االقتصادية بأنها حجر الزاوية في التنمية وبدونها تصبح برامج التنمية ال جدوى منها ألن عملية تنمية المجتمع إذا‬
‫لم تعتمد أساسا وبصفه جوهرية على تحسين األحوال االقتصادية فإننا ال نستطيع تقديم الخدمات االجتماعية والصحية‬
‫والتعليمية الالزمة لرفع مستوى المعيشة للموطنين‪ .‬ويرى بالدوين ‪ .E. Baldwin‬التنمية االقتصادية بأنها زيادة‬
‫مستمرة في متوسط داخل الفرد وأنه يمكن من خاللها إنجاز المشروعات االقتصادية األخرى وتحقيق األهداف‬
‫السياسية كما تعمل التنمية االقتصادية من خالل االحتياطي النقدي على تحقيق مستويات عالية في التعليم وزيـــــادة‬
‫القوة العسكرية وكذلك الصادرات والواردات بين الدول المتقدمة والنامية‪ .‬ويعرض موريس دوب ‪M. Dobb‬‬
‫التنمية االقتصادية بأنها "العلمية التي يتم من خاللها تطوير طرق ووسائل اإلنتاج بل وفروع هذا اإلنتاج الذي من‬
‫شأنه زيادة الفائض المخصص لالستثمار وتحقيق الكفاية اإلنتاجية للصناعات المنتجة للسلع الرأسمالية مثل العدد‬
‫(‪)1‬‬
‫واآلالت وموارد البناء و التعمير‬
‫خامسا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االجتماعية االقتصادية‪:‬‬

‫التنمية االجتماعية ال يمكن فصلها عن التنمية االقتصادية الرتباط كل منها باآلخر وإذا كان علماء االقتصاد قد اهتموا‬
‫بمعالجة قضايا التنمية من وجهة نظر اقتصادية فقد لوحظ أن هذه العالقة تغيرت في الوقت المعاصر واتجه‬
‫االقتصاديون المعاصرون إلى دراسة التنمية دون إغفال أبعادها االجتماعية ويعني ذلك بتداخل وتفاعل عناصر‬
‫التنمية االقتصادية كانت أم اجتماعية وبمعنى آخر أن التنمية عملية ذات جانبين جانب اجتماع ‪ -‬جانب اقتصادي‬
‫وأصبح هناك اعتقاد كبير بأن التنمية االقتصادية تؤدى إلى جانب وظيفتها االقتصادية ‪ -‬وظيفة اجتماعية وأن التنمية‬
‫االجتماعية تؤدى وظيفة اقتصادية حيث أنها في المدى البعيد‪ .‬تستهدف رفاهية اإلنسان ورفع مستوى معيشته فالتنمية‬
‫االجتماعية تعتبر ضرورة لتحقيق التنمية االقتصادية ولدفع عملية التنمية وضمان نجاحها واستمرارها لتحقيق النمو‬
‫االقتصادي ولقد لوحظ أن الدول المتقدمة تعتمد في الوقت الحاضر على الجوانب االجتماعية أكثر من اعتمادها على‬
‫رأس المال‪ ،‬فاإلنسان ذي الكفاءة اإلنتاجية المرتفعة الذي ينال قسطا وافيا من التعليم والذى يتمتع بصحة جيدة ويعيش‬
‫في مسكن مريح ويتوفر له الضمانات الكافية والتي تكفل له الحياة المستقرة في حاضره ومستقبله كما أن التنمية‬
‫االجتماعية ضرورية لمعالجة المشكالت المترتبة على التنمية االقتصادية (مشكلة أطفال الشوارع ‪ -‬تعاطى‬
‫المخدرات) هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وجد أن التنمية االقتصادية تؤدى إلى تغيير سلوكي فالتغير االقتصادي‬
‫(‪)2‬‬
‫ينتج عنه تغير في الجوانب االجتماعية‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬محمد عبد العزيز عجمية ‪ ،‬التنمية االقتصادية المفاهيم و الخصائص ‪ ،‬البحيرة ‪, 2330،‬ص‪02‬‬

‫‪ -2‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،2311 ،‬ص ‪01‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل الثاني‬
‫المبحث األول ‪ :‬الوضع األمني في العراق‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األمن االساس التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تأثير األمن على مناخ االستثمار‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث األول ‪ :‬الوضع األمني في العراق‬

‫‪ -1‬االمن في زمن النظام السابق في العراق (قبل االحتالل االمريكي)‬

‫نظرية األمن قبل عام ‪3002‬‬


‫أن نظام صدام حسين كان نظاما ا دكتاتوريا ا حكم العراقيين بالحديد والنار من خالل منظومة‬
‫مما ال يختلف عليه اثنان ّ‬
‫أمنية صارمة‪ ،‬وحزب أوحد شمولي يستوعب العراقيين منذ طفولتهم من خالل أذرع ومنظمات تبدأ بالطالئع والفتوة‬
‫ثم تصل الى االتحاد الوطني والشباب وتلتف مهنيا ا لتشمل النساء والعمال والفالحين والمهنيين وكل أشكال العمل‬
‫النقابي‪.‬‬
‫كان حكم صدام يشتمل على وضع العراقيين في سجنين متداخلين‪ ،‬سجن عقائدي معبأ بالشعارات واأليدولوجيات‪،‬‬
‫وسجن مدجج بسالح األمن‪.‬‬
‫إن األمن الذي كانت تفخر به أجهزة صدام هو أمن السلطة ال أمن المواطن‪ ،‬فلم يكن هناك أمن مجتمعي ألن النظام‬
‫كان يتعامل مع الشعب عقائديا ا على أنّهم بعثيون وإن لم ينتموا‪ ،‬وأمنيا ا على أنّهم متآمرون وان لم يُعدموا‪ ،‬فالجميع‬
‫كان محكوما ا باإلعدام مع وقف التنفيذ‪ ،‬وكان وقف التنفيذ منة من النظام‪.‬‬
‫كان صدام يحقق أمن نظامه وأمنه الشخصي من خالل إشعار أفراد المجتمع (بل حتى مقربيه بعدم األمن والقلق‪،‬‬
‫وكان يحقق األمن من خالل العنف المفرط ضد مواطنيه‪ ،‬ويُشيع هذا العنف بأن يسرب بين الحين واآلخر قصص‬
‫رعب بعضها حقيقي لتعذيب وقتل وترويع يقوم بها جالدوه ليصل الى قتل روح المقاومة وإحالل االستسالم الكامل‬
‫الذي يجعل العراقي ُمتلق لمصيره المحتوم باستسالم وبحدقات الرعب التي تتجمد فيها العُروق وتُش ّل فيها روح‬
‫المقاومة بما فيها مقاومة الموت‪.‬‬
‫لقد حقق صدام (في فترة ما من حكمه نجاحا ا منقطع النظير في قتل روح المقاومة تلك‪ ،‬حتى أن الكثير من العراقيين‬
‫كانوا يذهبون مستسلمين الى حتوفهم‪ .‬إن أغلب قصص اإلعدامات في العراق جرت ببدايات روتينية رتيبة بأن‬
‫يطرق مختار المحلّة باب الدار ويُبلغ أهل الضحية بأن عليه أن يراجع المنظمة الحزبية أو دائرة األمن الستفسار‬
‫بسيط ال أكثر ‪ ،‬فيذهب المواطن الضحية والعيون تودعه بنظرة االستسالم ونظرة الوداع االخير ‪ ،‬وهو أمر يبدو‬
‫المرات‪ ،‬وال نبالغ إذا ما قلنا أن ‪ %93‬ممن‬‫ّ‬ ‫غريبا ا وغير منطقي ظل يتكرر فيه ذات السيناريو عشرات ألوف‬
‫َجزَ رهم نظام صدام قد ذهبوا الى حتفهم دونما مقاومة‪ ،‬ولم يُضطر النظام في معظم االوقات الستخدام العنف في‬
‫اعتقال ضحاياه وتسييرهم الى طريق المقصلة‪ ،‬ذلك بأن العراقي (بحكم الرعب الذي نشره النظام )كان يشعر أن‬
‫بالده سجن يضيق به وال مفر فيه للخالص‪ .‬لقد كان منظرا ا سورياليا ا أن ترى جنودا ا هاربين متراجعين من جبهات‬
‫القتال في الحرب العراقية اإليرانية مدججين بالسالح ورغم ذلك تستوقفهم فرق االعدام في خلفيات الجبهة فينزلون‬
‫برعب مشلول رصاص‬ ‫بكل بساطة مستسلمين مرعوبين ويسلمون بنادقهم (مقاومتهم) ويتراصون صفوفا ا ليتلقوا ُ‬
‫اإلعدام دون أدنى مقاومة !!‬
‫إن تفكيك مثل هذا المنظر المقرف والذي تكرر طيلة سني الحرب سيكولوجيا ا يتطلب أن نتوقف أمامه‪ ،‬فجندي يحمل‬
‫سالحا ا و هارب من الموت ومن مواجهة عدو خارجي سيقتله أو يأسره‪ ،‬يُولّي هاربا ا الى الخلفيات بشكل مجاميع‬
‫مسلحة بسيارات وال يفكر مع أقرانه الجنود المجتمعين بأن يقوموا بأي عمل جماعي ضد من سيقف في طريقهم من‬
‫أن االسم قد حدد مصير من يستسلم لهم مقدماا‪ ،‬ويقفون بكل بساطة في‬ ‫فرق إسمها الرسمي (فرق اإلعدام) ‪ ،‬اي ّ‬
‫حاجز سيطرة اعتيادية ينزلون فرادى باستسالم غريب‪ ،‬ويصطفون بخط نظامي دونما حراك وأحيانا ا دونما توسل‬
‫(المعرفتهم بأنه ال ينفع مع تلكم الوجوه الصارمة) ‪ ،‬ثم ليتلقى كل منهم سيالا من الرصاصات القاتلة ليموت فلماذا ال‬
‫يقاوم الموت؟ ولماذا ال يهرب منه حربي على االقل وهو باألساس هارب من الموت في الجبهة ؟ وإذا كان هو ميتا ا‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫في الحالتين و إذا كان فكره قد دلّه على مخرج من موت في جبهات القتال فلماذا يُشل تفكيره عند مالقاة الموت على‬
‫يد فرق االعدام ؟ ‪ .‬إن إعمال الفكر في مثل هذه الصورة يقودنا الى ذات النتيجة‪ ،‬وهي أن صداما ا ونظامه قد سعيا‬
‫الى قتل روح المقاومة عند المواطن والجندي وأشعراه بصدق أنه يعيش بسجن كبير اسمه العراق‪ ،‬فمن يكون بالسجن‬
‫ال يرى مهربا ا أو أية فائدة من المقاومة ألنه تحت قبضة سجانه‪.‬‬
‫لقد وصل األمر بصدام الى أن يتجرأ علنا ا بتحقير أهالي من يعدمهم رغم أنّه يعلم أن العراق مجتمع عشائري ال تنام‬
‫فيه عين من يطلب الثأر فكان يعمد الى تغريم أهالي المعدومين قيمة اإلطالقات التي أطلقها على أوالدهم ويجبرهم‬
‫على أن يحضروا حفل إعدامهم الدموي (إن أمكن) وهو أمر مذل للغاية‪ ،‬ثم تأتي األوامر ألهاليهم بأن ال تقام الفاتحة‬
‫على أرواحهم ويُطرد ذوو المعدوم حتى الدرجة الثالثة) من وظائف الدولة‪ ،‬كما لم يكن يتسامح نهائيا ا مع ردود‬
‫االفعال اإلنسانية لعائلة تستلم جثة ولدها‪ ،‬فحتى لو صرخ احد اخوته وشتم النظام فإنه يُعدم فوراا‪.‬‬
‫وكنماذج من الجرائم التي أرهب بها صدّام الشعب العراقي قرار مجلس قيادة الثورة ‪ 461‬في ‪ 01/0/1903‬والذي‬
‫قرر فيه اعدام كل من يثبت انتماءه لحزب الدعوة وبأثر رجعي وقد أعدم نظام صدام بهذا القرار ما يقارب‬
‫ال(‪ )633,333‬عراقي بحجج واهية ودون أية اثباتات وبمحاكمات صوريّة‪ .‬وفي الفترة ما بين نيسان ابريل ‪1902‬‬
‫وآب اغسطس ‪ 1900‬انطلقت عمليات االنفال التي قاد عملياتها قريبه علي حسن المجيد والملقب بعلي الكيمياوي‬
‫وسقط فيها (‪ )102333‬بين شهيد ومصاب بالسالح الكيمياوي كلهم من المدنيين‪ ،‬فضالا عن تدمير ‪ 4333‬قرية من‬
‫أصل ‪ 4644‬في كردستان‪ ،‬وتدمير (‪ )244‬مدرسة و (‪ )223‬مستوصف و (‪ )2443‬مسجد و (‪ )22‬كنيسة‪ ،‬في‬
‫‪16‬و‪ 12‬آذار مارس عام ‪ 1900‬ضرب حلبجة بذات السالح مما ادى الى إستشهاد قرابة ال (‪ )4333‬شهيد داخل‬
‫المدينة و (‪ )11333‬مصاب بالسالح الكيمياوي‪ ،‬كما أصدر صدام قرارا ا بالرقم (‪ )043‬في ‪ 4/11/1906‬حدد فيه‬
‫عقوبة االعدام لكل من ينال منه ومن قيادته وعائلته‪.‬‬
‫وبعد اخماد االنتفاضة الشعبانية في أحداث آذار مارس من عام ‪ 1991‬هاجمت قواته الحكومية المحافظات الجنوبية‬
‫واصدر النظام حينها قرارا ا مشابها ا لقرار تجريم االنتماء لحزب الدعوة ولكن هذه المرة ضد قوات فيلق بدر وأدالئها‬
‫وكل من يتعاون معه ا وكل من يخفي معلومات وال يبلغ عن عناصرها‪ ،‬واعدم النظام اثر االنتفاضة ما يقارب‬
‫النصف مليون شهيد من ‪ 14‬محافظة ووضعهم بمقابر جماعية‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1994‬اصدر صدّام قرارا ا بالرقم (‪ )139‬في ‪ 10/0/1994‬خاص بعقوبات عجيبة كقطع االذن واللسان‬
‫(‪)1‬‬
‫وشم الجبهة‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬بشير الوندي ‪ ،‬االمن المفقود (دار الصفار ‪ ، )2310،‬ص ‪. 00‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫‪ -2‬االمن في العراق خالل فترة االحتالل األمريكي‬


‫لقد انفض مشهد سقوط نظام صدام عن ألغام من التداعيات األمنية الخطيرة التي ظلت تهدد أمن العراق شعبا ا‬
‫ومؤسسات والزاال يُعانيان منها ومن آثارها‪.‬‬
‫فلم يعد خافيا ا للعراقيين والعالم أن نظام صدام قد تبنى خطا ا من المتشددين منذ وقت مبكر سابق لسقوطه ‪ ،‬فقد احتضن‬
‫اإلرهابي ابو حمزة المهاجر منذ تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬وكذلك األمر مع الزرقاوي الذي تواجد منذ عام ‪2333‬‬
‫على أرض العراق‪ ،‬وهذان استطاعا أن يجمعا ويُنظما لجيشهم السري الذي كان أحد مقومات قدرتهما إثر سقوط‬
‫النظام عام ‪ ،2330‬السيما وأن صداما ا قد فتح الحدود ُمشرعة أمام المقاتلين العرب تحت شعار قوميّة المعركة رغم‬
‫علمه أن التدفق قد جاء بعشرات األلوف من المقاتلين المنتمين الى حركات متشددة تكفيرية‪ ،‬بل إنَّهُ حين أحس بقرب‬
‫نهايته ورآها محتومةا ووصل الى علمه عبر مجساته أن هنالك قطاعات واسعة من الشعب تنتظر وتتمنّى سقوطه‬
‫بترقب ‪ ،‬فانّه ش ّجع تدفق التكفيريين الذين يكفرون الشيعة الذين يُعدون شوكة في حلق النظام‪.‬‬
‫لقد عمد النظام الحاكم مبكرا ا الى غض الطرف عن انتشار األفكار التكفيرية لوقف المد الشيعي الذي ّ‬
‫تحول الى‬
‫المقارعة المسلحة للنظام‪ ،‬وكانت نظرة بسيطة الى شارع المتنبي (وهو شارع المكتبات العريق المرصود من‬
‫األجهزة األمنية تُشير بما ال يقبل الشك الى تغاضي أجهزة الدولة الرقابية آنذاك عن تحركات الفكر الوهابي التكفيري‬
‫وانتشار مكتبات تُديرها الحركة الوهابية وتُباع فيها علنا ا كتب تُكفّر الشيعة وتهدر دمهم ‪ ،‬وكانت الدولة تلعب بالنار‬
‫في استعمال الورقة الطائفية التكفيرية لوقف الحركات الشيعية المناهضة لحكم البعث‪.‬‬
‫لقد زا َد إمعان النظام في تَعَ ُّمد نشر األسلحة بين العشائر تحت شعار التكريم ‪ ،‬ووصل عدد األسلحة التي ّ‬
‫وزعها‬
‫النظام عشوائيا ا الى سبعة ماليين قطعة سالح ‪ ،‬وهو خالف السالح الذي استولى عليه المواطنون اثر سقوط صدام‬
‫ودخول قوات االحتالل األمريكي‪ ،‬حيث هجم بعض المواطنين على مخازن األسلحة ونهبوها‪ ،‬وسهل األمر حينذاك‬
‫أن النظام قد َكدَّس السالح الخفيف في المدارس وسط األهالي بشكل ملفت وبأعداد هائلة‪.‬‬‫َّ‬
‫كما عمد النظام في أواخر أيامه الى العفو العام عن المجرمين من أصحاب السوابق الخطرة وأفرغ السجون من‬
‫القتلة والعصابات بالمرسوم الجمهوري ذي الرقم ‪ 224‬الصادر في العشرين من تشرين االول اكتوبر عام ‪،2332‬‬
‫والذي أطلق فيه سراح اآلالف من عتاة المجرمين‪ ،‬وشكل هؤالء إثر سقوط نظام صدام عصابات للنهب والسلب‬
‫ابتدأت بالبنوك والمخازن الحكومية والمحال التجارية وأشــاعـت جـوا مـن الرعب والفوضى وسط صمت القوات‬
‫األمريكية‪.‬‬
‫إِ َّن الوضع االقتصادي السيّئ وارتفاع معدالت الفقر والجوع والحرمان والبطالة كانت من االسباب الداعمة لفوضى‬
‫النهب والسلب إثر السقوط‪ ،‬وزاد عليها زوال الخوف الشعبي المكبوت لعشرات السنين وشعور العراقيين بالظلم‬
‫الهائل مما أدى الى تفجر الوضع الداخلي شعبيا ا لحد التهور واالنفالت األمني‪ ،‬السيما بعد أن هجم المواطنون على‬
‫مقار األجهزة األمنية وسقوط ماليين الوثائق األمنية الخطيرة بيد الشعب وإطالع الكثير من أهالي المعدومين‬
‫والمعتقلين على أسماء قاتلي أبنائهم والواشين بهم‪ ،‬مما صعد من حاالت الثأر الفردي الذي سار جنبا الى جنب مع‬
‫الث أر الجماعي من رجال األمن وعناصر حزب البعث والمخبرين الذين حاصرهم الشعب وقتل الكثير منهم بشكل‬
‫عشوائي‪.‬‬
‫لقد اختلطت المآسي الدافعة للثأر واالنتقام مع عودة المواطنين العراقيين الهاربين من جور النظام وأولئك المسفّرين‬
‫الذين وجدوا بيوتهم مصادرة ا و ُمعطاة او مباعة لعوائل ارتضت أن تشتريها وحدثت إثر ذلك صراعات دموية أدت‬
‫الى تشكيل هيئة نزاعات الملكية الحقاا‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫وساهمت بعض دول الجوار بشكل مباشر في إذكاء الدّمار وحالة الال أمن من خالل الدفع بعناصرها المأجورة‬
‫إلحراق البنايات والوزارات والمنشاة الحكومية بشكل متعمد‪ ،‬كما تدفقت أعداد كبيرة من العناصر التخريبية التابعة‬
‫ألجهزة مخابرات الكثير من الدول عدا عن مخابرات دول الجوار لتشعل الحرائق في المؤسسات والمنشآت الحكومية‪.‬‬
‫لقد زادت القوات األمريكية الغازية األمر سوءا ا من خالل نشر السالح والفوضى وأرخت تلك القوات أيديها عمدا ا‬
‫أمام سرقات المخازن والبنوك والمتاحف واآلثار العراقية‪ ،‬وكانت قواتهم تُهدي مسدسات لكل من هب ودب دونما‬
‫رقيب ‪ ،‬وكانت المسدسات تلك تباع علنا ا في الشوارع في سوق مريدي والباب الشرقي مع باقي األسلحة تحت بصر‬
‫األمريكان‪ ،‬وتزامن ذلك مع قرارات متسرعة أصدرتها سلطة االحتالل بحل الجيش والشرطة العراقية وأجهزة األمن‬
‫كافة‪.‬‬
‫ط ٍر صحيحة ال تجعل مئات األلوف في مهب‬ ‫لقد كان من الممكن أن يكون مفهوما ا حل الجيش بشك ٍل ُمقنَّ ٍن وضمن أ ُ ْ‬
‫الريح لفترات طويلة‪ ،‬ولكن من غير المفهوم حل القوات األمريكية لشرطة النجدة والمرور واألخطر من ذلك ح ّل‬
‫قوات الحدود‪ ،‬وهنالك الكثير من مالمح التخبط األمريكي غير المدروس والمعتمد على معلومات سطحية‪ .‬وال‬
‫نستبعد أن يكون وراء هذا األمر هدف إستراتيجي أمريكي تمثل في غَض الطرف عن تسلّل العرب االفغان كي‬
‫تحشد القاعدة اإلرهابية طاقاتها في العراق ومن ثم يقوم األمريكان بمقاتلتها فيه واستنفاذ انتحاريها حتى لو أدّى األمر‬
‫في تداعياته الى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين العراقيين ‪ ،‬فقتالها في العراق أسهل من قتالها في وعورة‬
‫أفغانستان‪ .‬من مالمح تخبط األمريكان وعدم تفهمهم للوضع العراقي أنهم حين أعادوا تشكيل قيادة قوات الحدود‬
‫فإنهم ألحقوا بها مديريتي الجنسية واإلقامة !! وهو أمر غير مألوف في تعامل المؤسسات العراقية‪.‬‬

‫كان أمرا ا واضحا ا أن أولويات األجندة األمريكية ال تتطابق (بل تتنافر أحياناا) مع مفردات أجندة العراقيين الذين كانوا‬
‫يلعقون جراحهم‪.‬‬
‫كان هاجس األمن القومي األمريكي يفرض على األمريكان أن يقاتلوا أفراد القاعدة في العراق‪ ،‬وكانت عقيدة‬
‫التكفيريين الفاسدة بتكفير شيعة آل البيت العراقيين دافعا ا اضافيا ا كي يقطعوا آالف االميال وبمساعدات من مخابرات‬
‫اقليمية ليفجروا أنفسهم وسط الحسينيات وأسواق البسطاء وأماكن تجمعات العمال‪.‬‬
‫المنظمات‬
‫لقد ازداد العنف مع ح ّل األجهزة القمعية التي وجد موظفوها المختصون منهم في صناعة الموت (والذين ال يُجيدون‬
‫أمرا ا سوا ه مخرجهم في التعاطي مع اإلرهابية لمزاولة مهنتهم التي أتقنوها لعقود‪ ،‬السيما وأن المواطنين كانوا‬
‫يطاردونهم على جرائمهم‪ .‬واعتمد األمريكان على البعض من هؤالء في الداللة على األهداف‪ ،‬وقد كان مريبا ا أن‬
‫ترى أرتاالا أمريكية يرافقها ضباط مخابرات عراقيون سابقون وضباط من الحرس الجمهوري السابق وعناصر‬
‫األمن المنحل لإلفادة منهم كأدالء ‪ ،‬مما أثار مشاعر متضاربة ناقمة لدى العراقيين وهم يرون أعداءهم في خدمة من‬
‫جاءوا ليدعوا تحريرهم منهم‪.‬‬
‫وتراكمت أمام أعين العراقيين صور لتصرفات تنم عن العنف المفرط لعناصر الجيش األمريكي نابع من غرور‬
‫التفوق الممزوج بخوف المقاتل األمريكي من تواجده على أرض غريبة عنه في كل شيء‪ ،‬وتكررت ظواهر سحق‬
‫دبابات في‬
‫الشوارع لسيارات مدنية والصعود فوقها حين تضايقها في السير على الطرقات ‪ ،‬والسير بسرعات جنونية بالمدرعات‬
‫وسط االهالي وفي الساحات العامة والهستيريا األمريكية المصاحبة لحمالت المداهمات والتفتيش حتى أن دبابة‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫إقتحمت منزالا في أحد أحياء بغداد ووصل عمود مدفعها وسط العائلة في المطبخ !!‪َّ .‬‬
‫إن عدم مراعاة مشاعر وعادات‬
‫وتقاليد المواطنين وتفتيش النساء أثارت موجةا من اإلستياء ومشاكل وحساسيات ال لزوم لها‪.‬‬
‫بأن ردّة الفعل األمريكي يجب أن تكون أشد‬‫لقد ساد مبدأ في أمريكا بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ينادي ّ‬
‫المروجين فكانت‬
‫ّ‬ ‫وأبعـد أثـرا ا مـن العدو‪ ،‬وأن من الواجب في الحرب على اإلرهاب مكافحة الحواضن والمساعدين و‬
‫شرعنه قتل كل من يهدد األمن األمريكي في أي بلد في العالم حتى لو كان التهديد في مرحلة التخطيط والتفكير دونما‬
‫حاجة الى غطاء شرعي دولي‪ .‬كانت مكافحة اإلرهاب تتم عند األمريكان بشكل وحشي وهو أمر قوى اإلرهاب بدالا‬
‫من أن يضعفه أحياناا‪ ،‬بل أن الوحشية األمريكية أو جدت أحيانا ا دافعا ا لمبررات المقاومة (سواء كانت حقيقية او‬
‫مبرقعة زيفاا) ‪ .‬ووردت على العراق نوعيات أخرى غريبة من األرتال األمريكية تحت مسمى الشركات األمنية‬
‫متعددة الجنسيات وهي مسميات لم تطرق يـومــا سـمـع المواطن العراقي‪ ،‬وكانت تلكم الشركات مستهترة في عملها‬
‫وتقتل بال رحمـة كـل مـن تشعر أنه يضايقها في الشارع ألتفه األسباب وكان كل ضحاياها من المدنيين ونخص‬
‫بالذكر شركة بالك ووتر سيئة الصيت ‪.‬‬
‫لقد ساهم إعالن الواليات المتحدة األمريكية الستراتيجيتها الجديدة المسماة بالشرق األوسط الجديد في تصاعد الرعب‬
‫ل دى الحكومات العربية ودول الجوار والشرق االوسط وشعورها بأن نجاح التجربة العراقية سيكون مدعاة النهيار‬
‫أنظمتهم‪ ،‬فتكاتفت تلك الدول إلفشال التجربة العراقية بأي ثمن من خالل الدفع باإلرهابيين والتخطيط المخابراتي‬
‫إلسقاط العراقيين في مستنقع الدم وإغراق القوات األمريكية فيه كي ال تفكر في إعادة التجربة واستنساخها في دولهم‪،‬‬
‫وظهرت عنـد ذاك وبشكل مريب تشظيات للمعتقدات الدينية واالثنية والطائفية في كل االتجاهات وساهمت تلك الدول‬
‫في دعم التشدد الديني والمذهبي إلغراق العراقيين في حرب أهلية مستقبلية إنطلقت شرارتها بحدث خطير في‬
‫تداعياته تمثل بتفجير مرقد اإلمامين العسكريين عام ‪ .2336‬إن مما نفتقده في فترة اإلحتالل األمريكي هي البنية‬
‫التكاملية المساعدة على إستتباب األمن ‪ ،‬وهو أمر لم يحدث رغم معرفة األمريكان بأهمية الجوانب االقتصادية‬
‫واإلعمار وحركة اإلنتاج والعلوم والتكنلوجيا في تعزيز أمن المواطنين‪ .‬لقد برزت تحديات اإلهمال األمريكي منذ‬
‫المتفرج للنهب والسلب والحرائق في كل مؤسسات الدولة ومصانعها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اللحظات األولى لإلحتالل الذي اتخذ موقف‬
‫وكذا األمر مع نهب البنوك والمتاحف والمخازن الحكومية‪ ،‬ناهيك عما كشفته التقارير األمريكية والتحقيقات عن‬
‫سرقت من قبل الجنراالت األمريكان‪ ،‬وبرز الفساد المالي العراقي على يد ساسة تمرسوا على‬ ‫أموال بالمليارات ُ‬
‫السرقة ودربتهم لقد سعى ونجح اإلرهاب في مراحل معينة في شل حركة المجتمع العراقي ثم زادت مالمح الحرب‬
‫االهلية عامي ‪ -2332 2336‬اثر تفجير مرقدي اإلمامين العسكريين عليهما السالم من ضالل سوداء لغيوم قاتمة‬
‫في سماء العراق‪ ،‬وتزامنت هذه الظروف مع هجرة قسريّة للعقول وللطبقة المتوسطة مما أغرق العراقيين في‬
‫كوابيس الجثث مجهولة الهوية وعصابات القتل التي تطوف في الظالم كالكالب السائبة و خالل مرحلة سيطرة دولة‬
‫الخالفة على الموصل و االنبار و صالح الدين خالل عام ‪ 2314‬الذي أوصل العراق إلى مرحلة الحرب ضد‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلرهاب‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬بشير الوندي ‪ ،‬االمن المفقود (دار الصفار ‪ ، )2310،‬ص ‪. 20‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األمن االساس التنمية االقتصادية‪.‬‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫االستقرار األمني عامل من عوامل االزدهار والرخاء االقتصادي؛ ذلك أن غياب األمن ال يشجع على االجتهاد في‬
‫ميادين التنمية‪ ،‬ففي ظل االرتباك األمني تختفي األنشطة التنموية واالقتصادية‪ ،‬ويمثل هذا االرتباك بيئة طاردة‬
‫لالستثمارات المحلية‪ ،‬وتحد من عملية االستقطاب لرؤوس األموال الخارجية‪ ،‬عالوة على جذب العمالت األجنبية‬
‫لتغذية المخزون االحتياطي من األوراق النقدية األجنبية‪.‬‬
‫التنمية االقتصادية عبارة عن توسع كمي ونوعي مستمر يؤدي إلى تغيرات في عالقات وأساليب اإلنتاج‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى تحسن في المستوى المادي واالجتماعي والثقافي للفرد‪ ،‬ويوجد العديد من العوامل التي تؤثر في عملية التنمية‬
‫االقتصادية أهمها رأس المال‪ ،‬ومعدالت االستثمار‪ ،‬وأساليب وطرق اإلنتاج‪ ،‬وحجم وهيكل القوي العاملـة والمــوارد‬

‫وتعد التنمية االقتصادية إحدى مؤشرات التقدم؛ ذلك أن موضوع التنمية االقتصادية يعد موضوعا شامالا يضم تحته‬
‫مجموعة من العناصر االقتصادية؛ كقطاع االستثمار والصرف األجنبي والسياحة والبطالة والتضخم وميزان‬
‫المدفوعات‪ ،‬وغيرها من المتغيرات الكلية المهمة (‪.)1‬‬
‫وتشترك كـل هـذه المتغيرات في حساسيتها للبيئة السياسية واالجتماعية المحيطة سلبا أو إيجابا ‪ ،‬بل إن بعضها يكون‬
‫تأثره كبيرا ا ومباشراا‪ ،‬فرأس المال مثالا يعد من أكثر العناصر التي تناولت األدبيات االقتصادية سرعة تأثره بالبيئات‬
‫المضطربة وابتعاده عنها‪ ،‬وعندما نتناول هروب رأس المال الوطني إلى الخارج وآثاره االقتصادية‪ ،‬فإننــا نتحدث‬
‫عن أحد آثار البيئة غير اآلمنة‪.‬‬
‫والتنمية االقتصادية ذات أهمية بالغة ومن أجل تحقيقها سخرت لها الدول المتقدمة كـل امكاناتها ومقدراتها‪ ،‬فأمكن‬
‫من خاللها تحقيق التقدم‪ ،‬وتحقيـق نهوضـــا ا ملموســـا ا فـــي مختلف المجاالت‪ .‬ولعل الدخول إلى ساحة التنمية‬
‫االقتصادية ليس باألمر السهل؛ إذ تتطلب التنمية رغبة حقيقيـة وسعيا ا دؤوبـا ا لتوفير مناخ مناسب للتنمية االقتصادية‬
‫باتجـاه تسخير كل االمكانات والمقدرات والطاقات البشرية والطبيعية‪ ،‬بما في ذلك تحقيق األمن؛ باعتبار االستقرار‬
‫األمني عامالا من أهم عوامل نجاح التنمية التي ال يمكن أن تتحقق أو تنمو إال في ظل أجواء ومناخات آمنة ومستقرة‪.‬‬
‫والقارة األفريقية خي ر مثال على أن األمن هو الركيزة التي تقوم عليها التنميـة االقتصادية؛ حيث أنه بالرغم من‬
‫الثروات المعدنية والمناجم والمياه واألراضي الخصبة الشاسعة إال أن عدم االستقرار وضعف األمن يجعل هذه‬
‫القارة طاردة للمستثمرين سواء أجانب أو حتى أبناء القارة‪.‬‬

‫ــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬د ‪ /‬السيد أحمد عبد الخالق االقتصاد الدولي‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة‪ ،‬المنصورة‪ ،1992 ،‬ص ‪.246‬‬

‫المبحث الثالث ‪:‬أثر األمن على مناخ االستثمار‬


‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫هروب رؤوس األموال ‪ ،‬أو إحجام االستثمارات األجنبية عن االستثمار في بلد ما‪ ،‬يفيد ذلك افتقاد مناخ االستثمار‬
‫فـي هـذا البلـد لمقومات االستثمار؛ حيـث تعجز هذه الحكومــات عن توفير ما يسعى إليه المستثمر من الربح واألمان‬
‫لرأس ماله؛ ومن ثم يهجر األسواق ؛ ذلك أن المناخ الصالح لالستثمار يشترط توافر مجموعة القوانين والسياسات‬
‫والمؤسسات االقتصادية والسياسية التي تؤثر في ثقة المستثمر وتشجعه علي استثمار أمواله في هذا البلد‪ .‬وال يقتصر‬
‫المناخ االستثماري على الحدود االقتصادية بل يتجاوزها إلى الظر السياسية واألمنية السائدة في البلد المعني؛ حيث‬
‫تتداخل هذه العوامل والظروف فيما بينها لتشكل وحدة واحدة ال يمكن التغاضي عنها في مجمل الوضع االستثماري‬
‫واالقتصادي للبلدان المضيفة‪ .‬االستقرار واألمن ركيزة أساسية لمناخ االستثمار الجيد؛ ذلك أن رأس المال يبحث‬
‫دائما ا عن الربحية واألمان‪ .‬وقد ساهمت حالة عدم االستقرار في عدد كبير من الدول العربية‪ ،‬والحروب المختلفة‬
‫التي انتشرت في أرجاء الوطن العربي‪ ،‬بداية من الحروب العربية اإلسرائيلية‪ ،‬والحرب العراقية اإليرانية الحرب‬
‫العراقي للكويت‪ ،‬وحرب جنوب السودان‪ ،‬و االحتالل األمريكي للعراق و الحرب على اإلرهاب ومـا يـدور في‬
‫البلدان العربية حاليـا مـن ثــورات واحتجاجات‪ ،‬واستمرار لمسلسل العنف؛ والتي دفعت رؤوس األموال للهجرة‬
‫حيـث مناطق أكثـر استقرارا ا وأمانا ا وربحية‪.‬‬
‫‪ -1‬أثر األمن على االستثمار األجنبي‪.‬‬
‫أصبحت العالقة الطردية بين االستثمار ومعدل النمو والتنمية المستدامة من بديهيات علم االقتصاد؛ ذلك أن االستثمار‬
‫يعني توظيف األموال في مشاريع اقتصادية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وثقافية بهدف تحقيق تراكم رأس مال ‪،‬جديد‪ ،‬ورفع القدرة‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬ومن ثم تعجيل خطي النمو وتخفيض أعداد الفقراء واالستثمار األجنبي المباشر والذي تقوده الشركات‬
‫متعدية الجنسيات‪ ،‬حاز على اهتمام واعتراف عالمي واسع النطاق‪ .‬و تتنافس الدول النامية والمتقدمة على سواء‬
‫منافسة شديدة على جذب هذا النوع من االستثمار‪ .‬وال تعد عملية جذب االستثمار األجنبي المباشر باألمر السهل؛‬
‫وبخاصة في ظـل المنافسة الشديدة؛ ذلك أن هذا النوع من االستثمار يشجع على خلق فرص عمل‪ ،‬ورفع مهارات‬
‫العمال‪ ،‬من خالل ما تجلبه االستثمارات الخارجية معها من تكنولوجيا جديدة‪ ،‬يكتسبها العاملون الوطنيون الذين‬
‫يعملو ن في مشروعات االستثمار‪ ،‬كذلك يساهم في فتح أسواق جديدة للتصدير وأهمها أسواق الدولة األم للشركات‬
‫المستثمرة (‪ . )1‬ويقـوم االستثمار األجنبي المباشر بتنفيذ مشروعات عالية التكنولوجيا‪ ،‬األمر الذي يتطلب استثمارات‬
‫ضخمة إلى جانب تكنولوجيا متقدمة ال تتوافر لدى كثير من دول العالم‪ ،‬وتمتلكها الشركات متعددة الجنسيات‪ .‬وتعتبر‬
‫الشركات الدولية متعددة الجنسيات أن االستقرار األمني ومن ثم االستقرار السياسي في مقدمة اعتباراتها قبل القيام‬
‫بإنشاء مشروع ما في بلد أجنبي‪ ،‬ومرجـع هـذا االهتمام هو ما تعتقده هذه الشركات من أن غياب االستقرار األمني‬
‫في الدولـة مـن شأنه أن يجعل الشركة األجنبية عرضة لمخاطر يصعب عليها التحكم فيها (‪)2‬؛ حيث أن غياب‬
‫االستقرار األمني يؤثر تأثيرا ا سلبيا ا على سمعة الدولة المضيفة على المسرح الدولي كسوق خطرة بالنسبة لالستثمار‬
‫األجنبي المباشر‪.‬‬
‫بصفة عامة إن تحقيق مناخ أمني مستقر أمر متطلب؛ ألن غياب األمـن يـؤثر علـى صورة الدولة على المسرح‬
‫الدولي‪ ،‬وهو ما قد يقعد المستثمرين المحتملين عـن القـدوم لمصر‪ ،‬وهو ما يؤثر على معدالت االستثمار‪ ،‬واالقتصاد‬
‫المصري بأكمله‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬مجلة مصر المعاصرة‪ ،‬يوليو ‪ /‬أكتوبر ‪ 2331‬العددان ‪ 464460‬السنة ‪ 92‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -2‬د‪ /‬رضا عبد السالم محددات االستثمار األجنبي المباشر ‪ ،‬دار اإلسالم للطباعة والنشر‪ ،2332 ،‬ص ‪024‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫‪ -3‬هروب رؤوس األموال‪.‬‬


‫إن رأس المال هو أداة في يد المستثمر أو من يمتلكه ؛ وهو وسيلة أو أداة يستخدمها صاحب هذا المال أو المستثمر‬
‫ليحصل على أفضل عائد ممكن وهذا تصرف طبيعي ألي مستثمر وهو يستخدم ممتلكاته للحصول على أفضل‬
‫العوائد‪ .‬وكلما كانت هنـاك احتماالت أكبر بأن ال يتحقق هذا العائد في المستقبل أو كلما ارتفعت المخاطر المحفوفة‬
‫بهذا االستثمار ابتعد المستثمر عن استثمار رأس ماله‪ ،‬على سبيل المثال عندما نضع وديعـة فـي بنـك عـريـق فـي‬
‫دولة مستقرة ذات اقتصاد قوي فإن العائد علـى هذه الوديعة ولنحدده ‪ %4‬من المتوقع أن يتحقق ونشعر بثقة كبيرة‬
‫في تحقيق هذه النسبة من استثمارنا‪ .‬ولكن لو كان هذا االستثمار في مشروع ذي مخاطرة عالية أو في دولة معرضة‬
‫ألي نوع من أنواع عدم االستقرار األمني‪ ،‬فإننا بالتأكيد لن نرى أن الـ ‪ %4‬والتي هي مردود استثمارنا قد تتحقق‬
‫ونحصل عليها أو على األقل فإننا قد ال نثق في تحقيق هذا العائد وبالتأكيد سوف نفضل أن نضع أموالنا في المكان‬
‫األكثر استقراراا‪ .‬وهكذا نرى أنه من الطبيعي أن يتجه االستثمار إلى األسواق األكثر أمانـا واستقرارا ويبتعد عن‬
‫األسواق غير اآلمنة‪ .‬وتطبيقا لذلك وإذا نظرنا إلى أوضاع العراق في السنوات األخيرة‪ ،‬فانه يالحظ هروب روؤس‬
‫األموال و عزوف اغلب المستثمرين من االستثمار داخل العراق ‪.‬‬
‫كما تالحظ مؤخرا ا ازدياد عدد األثرياء الذين يفكرون بالهجرة من الشرق األوسط إلى بريطانيا بشكل ملفت لالنتباه‪،‬‬
‫وذلك بسبب أعمال العنف التي تشهدها المنطقـة جـراء الثورات العربية‪ ،‬وصل عدد المهتمين بالهجرة إلى بريطانيا‬
‫من أثرياء الدول العربية وخصوصا منطقة الخليج ومصر‪ ،‬إلى مستويات غير مسبوقة"‪ ،‬حسب تصريح صحيفة‬
‫الفايننشال تايمز البريطانية‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل الثالث‬

‫التوصيات‬
‫ان األمن في العراق يحتاج الى عوامل موضوعية وعوامل ذاتية ال مناص منها‪ ،‬وتتمثل العوامل الذاتية بضرورة‬
‫اعادة هيكلة المؤسسة األمنية بشكل عملي مرشق يعتمد االسلوب العلمي في المستلزمات والتجهيزات وفي التخطيط‬
‫المبني على تثبيت وتوضيح عمل المؤسسات تلك دون تداخل في أعمالها وأهدافها وأن تقسم األجهزة األمنية الى‬
‫قسمين واضحي المعالم وهما األجهزة الجامعة للمعلومات واألجهزة المكافحة للعدو او التهديد وبتكثيف لالسلوب‬
‫الناعم الحريري في معالجة االزمات األمنية‪ ،‬بعيدا ا عن عسكرة المجتمع ‪.‬‬

‫ّ‬
‫المعززة‬ ‫اما العوامل الموضوعية فتشمل كل الجوانب الموسساتية والتربوية واالقتصادية واالجتماعية والمناخات‬
‫ألمن المجتمع وهي العوامل التكميلية التي تساعد على ديمومة األمن واستمراريته ورسوخه‪.‬‬

‫إن لدينا فرصة رائعة التزال ممكنة التحقيق بحكم الموارد البشرية واالقتصادية والثروات الهائلة التي يتمتع بها‬
‫العرا ق ‪ ،‬ولكن الفرص التبقى متماسكة في ايدينا لالبد وكلما تأخرنا وتباطأنا في االمساك بها فإنها تصبح رخوة‬
‫وتذوب لتتسرب من بين اصابعنا ‪ ،‬لذا البد من ان تش ّمر الدولة بامكاناتها والحكومات بتخطيطها عن سواعد الجد‬
‫لتلقف الفرصة السانحة التي اضعناها لقرابة العقد من الزمان وخسرنا بأهمالها انهارا ا من دماء االبرياء‪ ،‬وابتهل الى‬
‫الباري سبحانه ان يمنحني السداد في ان يسلط هذا البحث واالفكار المبثوثة فيه الضوء على طريق االصالح األمني‬
‫في العراق إنَّه ولي ‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المصادر‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تحقيق عبد الله علي الكبير (القاهرة‪ ،‬دار المعارف) ‪.‬‬
‫‪ -2‬السيد أحمد عبد الخالق االقتصاد الدولي‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة‪ ،‬المنصورة‪.1992 ،‬‬
‫‪ -3‬بشير الوندي ‪ ،‬االمن المفقود (دار الصفار ‪.)2310،‬‬
‫‪ -4‬ثروت محمد شلبي‪ ،‬تنمية اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -5‬رضا عبد السالم محددات االستثمار األجنبي المباشر ‪ ،‬دار اإلسالم للطباعة والنشر‪.2332 ،‬‬
‫‪ -6‬لويس معلوف ‪, 2339 ,‬‬
‫‪ -7‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪. 9 2311 ،‬‬
‫‪ -8‬محمد عبد العزيز عجمية ‪ ،‬التنمية االقتصادية المفاهيم و الخصائص ‪ ،‬البحيرة ‪2330،‬‬
‫‪ -9‬مجلة مصر المعاصرة‪ ،‬يوليو ‪ /‬أكتوبر ‪ 2331‬العددان ‪ 464460‬السنة ‪ 92‬القاهرة‪.‬‬
‫االوضاع ا ألمنية وتأأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفهرس‬

‫المحتويات‬

‫اآلية الكريمة‬

‫مقدمة‬

‫الفصل االول ‪ :‬مفاهيم للبحث‬

‫المبحث االول ‪ :‬العناصر االساسية للبحث ( اهمية البحث ‪ ,‬اهداف البحث ‪,‬‬
‫مشكلة البحث )‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المصطلحات والمفاهيم‬

‫الفصل الثاني ‪:‬االمن و التنمية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التوصيات‬

‫المصادر‬

‫الفهرس‬

You might also like