Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة القادسية ‪ /‬كلية اآلداب‬
‫قسم علم االجتماع ‪ /‬التنمية واالمن المجتمعي‬

‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية‬


‫االجتماعية واالقتصادية‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫ب ِْس ِم الل َّ ِه َّالر ْح َم ِن َّالر ِحي ِم‬


‫َأل َ ْم تَ َر ْوا َأ َّن الل َّ َه َسخ ََّر لَ ُك ْم َما ِفي ال َّس َم َاو ِات َو َما ِفي ْ َاْل ْر ِض‬
‫َو َأ ْس َب َغ عَلَ ْي ُك ْم ِن َع َم ُه َظا ِه َر ًة َو ََب ِطنَ ًة ۗ َو ِم َن النَّ ِاس َم ْن يُ َجا ِد ُل ِفي الل َّ ِه‬
‫ِب َغيْ ِر ِعلْ ٍم َو َال هُدً ى َو َال ِك َت ٍاب ُم ِني ٍر‬
‫صدق الله العلي العظيم‬

‫سورة لقمان‪ ،‬اآلية ‪.02‬‬


‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المقدمة‬
‫ال زالت مسألة التنمية بمختلف نواحيها ومجاالتها وجوانبها تشغل بال الدول شمالها وجنوبها وباختالف مذاهبها‬

‫ونشاطاتها ونظمتها االقتصادية والسياسية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬كما تشغل بال األفراد بمختلف انتماءاتهم ومستويات‬

‫تفكيرهم ومذاهبهم‪ ،‬ألنها قضية مهمة وهامة ومستمرة في تواجدها وألن مفهومها يشمل الجوانب االقتصادية‬

‫واالجتماعية والسياسية والثقافية واألخالقية‪ ،‬وألنها مطلب طالبت وتطالب به كل المجتمعات دون استثناء‪ ،‬ألجل‬

‫النهوض بمستوى دخول أفرادها وتحسين مستواهم التعليمي والصحي وتوفير الحد األدنى من احتياجاتهم الضرورية‪.‬‬

‫ينطلق هذا البحث من فرضية مفادها‪ :‬إن نظريات التنمية التي طبقت في الدول المتقدمة قد ال تصلح للتطبيق على‬

‫دول العالم الثالث دون مراعاة ان تكون التنمية شاملة حيث يجب مراعاة جميع جوانب التنمية دون اهمال جانب‬

‫على حساب جانب اخر الن ذلك سيؤثر مستقبالُ على برنامج التنمية في تحقيق أهدافها و من هذه الجوانب التنمية‬

‫البشرية يجب إعطائها أهمية لتسير بخطوط متوازية مع التطور االقتصادي و االجتماعي لتكون هنالك تنمية حقيقية‪،‬‬

‫تنهض بالمجتمع و تحافظ على استمرارها لذا‪ ،‬فإن هذا البحث يهدف إلى تحديد وبيان ألهم االتجاهات و األفكار‬

‫بهذا المجال‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل االول‬
‫مفاهيم البحث‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث االول ‪ :‬العناصر االساسية للبحث‬


‫اوالا‪ :‬اهداف البحث ‪:‬‬

‫ان الهدف من البحث هو توضيح أهمية التنمية البشرية في المجتمعات النامية لضمان التقدم و تحقيق البرامج التنموية‬
‫التي تحبوا الدول النامية لغرض تحقيق الرفاهية الفراد المجتمع‪ .‬باالستفادة من هذا البحث في تحديد الحلول‬
‫والمعالجات لتحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫ثانيا ا‪ :‬اهمية البحث ‪:‬‬

‫تكمن أهمية الدراسة لما تعانيه الدول النامية من عدم تحقيق التنمية في بلدانهم على الرغم من العديد البرامج التي‬
‫تقدمها حكوماتهم و المبالغ الطائلة التي ترصدها لهدف التنمية دون مراعاة التنمية البشرية كعنصر أساسي للتنمية‬
‫مع اإلشارة بان اغلب الدول النامية تحول التنمية في بلدانهم لكون دون جدوى العتمادهم على التنمية االقتصادية‬
‫دون النظر لجوانب التنمية الحقيقية التنمية الشاملة التي تأخذ بنظرها جميع جوانب التنمية و تأثير و تأثر هذه الجوانب‬
‫مع بعض حيث ان مفهوم التنمية يكون بان البرامج تسير بخطوط متوازية مثل التنمية االجتماعية و التنمية البشرية‬
‫و التنمية الثقافية ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫ثالثاا‪ :‬مشكلة البحث ‪:‬‬

‫تتمحور إشكالية الدراسة في بلد يتم قبول فيه على سبيل المثال ال الحصر العام الدراسي ‪ 2222/2222‬اكثر من‬
‫‪ 222‬الف طالب في الجامعات الحكومية فضالا عن الجامعات االهلية و الطلبة الذين يدرسون خارج البلد و الذي‬
‫بدورة سوف يؤدي إلى خلق جيل مستعد لقيادة زمام األمور في مجال التنمية لكن في المقابل نجد العراق من الدول‬
‫المتأخرة في برنامج التنمية البشرية باإلضافة لإلهمال من قبل الحكومات المتعاقبة هذا المجال من التنمية ‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المصطلحات والمفاهيم‬

‫اوالا ‪ /‬مفهوم التنمية ‪:‬‬


‫‪:‬‬
‫التنمية في اللغة‬

‫التنمية اي بمعنى نما ‪,‬ينمو ‪ ,‬نموا‪ : ,‬أي زاد وكثر " ارتفاعا " ونمي ينمي نميا ونماء ونمية المال وغيره ‪ :‬زاد وكثر‬
‫وتنمية الشيء أي جعله ناميا ا (‪.)1‬‬

‫التنمية اصطالحاا‪:‬‬

‫أن التنمية كعملية متكاملة ال تنقسم‪ ،‬يمكن النظر إليها باعتبارها التفاعل الديناميكي بين مجتمع معين ومستوى‬
‫اإلنتاجية ‪ Level productivity‬التي بلغها هذا المجتمع واإلنتاجية هنا تعنى الطاقات الكلية لجميع أفراد المجتمع‪،‬‬
‫إلشباع أو تحقيق المصالح الممكنة في كافة ميادين النشاطات المجتمعية‪ ،‬كما يشير البنـاء المجتمعي إلى مجمل‬
‫العالقات الكلية المستقرة القائمة بين الناس أعضاء المجتمع في إطار وجودهم االجتماعي (بما في ذلك تفاعالتهم‬
‫االجتماعية)‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكن ان تعرف التنمية بانها مفهوم ذو مدلول ثقافي واجتماعي واقتصادي سياسي وإداري‪،‬‬
‫وهو ال يرتبط بقطاع من المجتمع دون آخر كما أنه يشير إلى عملية مجتمعية متكاملة ومتفاعلة في إطار نسيج من‬
‫الروابط بالغ التعقيد من جميع عوامل التنمية والتنمية‪ ،‬وبهذا المعنى ال تمثل فقـط الناتج النهائي لمجموع المتغيرات‬
‫الثقافية واالجتماعية والسياسية واإلدارية‪ ،‬بل هي محصلة تفاعالت مستمرة بين هذه العوامل مكتملة‪ .‬ويتوقف مدى‬
‫أهمية كل منها والدور يمارسه في عملية التنمية على الظروف التي تتم فيها عملية وعلى المرحلة التي قطعتها‬
‫مسيرة التنمية في اإلطار المجتمعي‪ ،‬فقد تلعب العوامل االقتصادية دورا بارزا في إحدى مراحل التنمية في بلد ما‪،‬‬
‫بينما تلعب العوامل السياسية الدور الحاسم في بلد آخر أو حتى في نفس البلد في مرحلة أخرى (‪. )2‬‬
‫ثانيا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االجتماعية‪:‬‬

‫تعرف التنميــة االجتماعيــة هي عمليــات تغيــر اجتماعي تلحـــــق بالبنـــــاء االجتمـــــاعي ووظائفـــــه‬
‫بغـــــرض إشـــــباع الحاجـــــات االجتماعية للفرد والجماعة بمعنى أنها عملية تغير اجتماعي لكافـة األوضـاع‬
‫التقليديـة مـن أجـل إقامـة بنـاء اجتماعي جديـد ينبثـق عنـه عالقــــات جديــــدة وقــــيم مســــتحدثة تشــــبع‬
‫رغبــــات وحاجــــات األفــــراد وتطلعـاتهم وال يـتم ذلـك إال عـن طريـق دفعـة قويـة الحـداث تغيـرات كيفية‬
‫(‪)2‬‬
‫وإلحداث التقدم المنشود‪ ،‬فالتنمية الشاملة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬لويس معلوف ‪ , 2222 ,‬ص‪042‬‬

‫‪ -2‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،2211 ،‬ص ‪. 2‬‬

‫‪ -2‬ثروت محمد شلبي‪ ،‬تنمية اجتماعية ‪ ،‬ص ‪. 10‬‬


‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫ثالثا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االقتصادية‪:‬‬

‫تعريف التنمية االقتصادية بأنها عملية تحسين وتنظيم واستقالل الموارد اإلنتاجية المادية والبشرية بهدف زيادة‬
‫اإلنتاج الكلى من السلع والخدمات بمعدل أسرع من معدل الزيادة في السكان بهدف زيادة متوسط الدخل الحقيقي‬
‫للفرد من السكان عامة والفرد من القوة العاملة بصفة خاصة خالل فترة معينة من الزمن‪ .‬ويعرف معجم العلوم‬
‫االجتماعية التنمية االقتصادية بأنها "عملية بموجبها تستخدم الدول مواردها المتاحة لتحقيق معدل سريع للتوسع‬
‫االقتصادي يؤدى إلى زيادة مطردة في دخلها القومي وفى نصيب الفرد من السلع والخدمات‪ .‬ويعرف براين‬
‫‪ F.Brayne‬التنمية االقتصادية بأنها في الحقيقة نتاج التقدم ويعرف ألبرت ماير ‪ Albert Mayer‬التنمية‬
‫االقتصادية بأنها حجر الزاوية في التنمية وبدونها تصبح برامج التنمية ال جدوى منها ألن عملية تنمية المجتمع إذا‬
‫لم تعتمد أساسا وبصفه جوهرية على تحسين األحوال االقتصادية فإننا ال نستطيع تقديم الخدمات االجتماعية والصحية‬
‫والتعليمية الالزمة لرفع مستوى المعيشة للموطنين‪ .‬ويرى بالدوين ‪ .E. Baldwin‬التنمية االقتصادية بأنها زيادة‬
‫مستمرة في متوسط داخل الفرد وأنه يمكن من خاللها إنجاز المشروعات االقتصادية األخرى وتحقيق األهداف‬
‫السياسية كما تعمل التنمية االقتصادية من خالل االحتياطي النقدي على تحقيق مستويات عالية في التعليم وزيـــــادة‬
‫القوة العسكرية وكذلك الصادرات والواردات بين الدول المتقدمة والنامية‪ .‬ويعرض موريس دوب ‪M. Dobb‬‬
‫التنمية االقتصادية بأنها "العلمية التي يتم من خاللها تطوير طرق ووسائل اإلنتاج بل وفروع هذا اإلنتاج الذي من‬
‫شأنه زيادة الفائض المخصص لالستثمار وتحقيق الكفاية اإلنتاجية للصناعات المنتجة للسلع الرأسمالية مثل العدد‬
‫(‪)1‬‬
‫واآلالت وموارد البناء و التعمير‬
‫رابعا ا ‪ /‬مفهوم التنمية االجتماعية االقتصادية‪:‬‬

‫التنمية االجتماعية ال يمكن فصلها عن التنمية االقتصادية الرتباط كل منها باآلخر وإذا كان علماء االقتصاد قد اهتموا‬
‫بمعالجة قضايا التنمية من وجهة نظر اقتصادية فقد لوحظ أن هذه العالقة تغيرت في الوقت المعاصر واتجه‬
‫االقتصاديون المعاصرون إلى دراسة التنمية دون إغفال أبعادها االجتماعية ويعني ذلك بتداخل وتفاعل عناصر‬
‫التنمية االقتصادية كانت أم اجتماعية وبمعنى آخر أن التنمية عملية ذات جانبين جانب اجتماع ‪ -‬جانب اقتصادي‬
‫وأصبح هناك اعتقاد كبير بأن التنمية االقتصادية تؤدى إلى جانب وظيفتها االقتصادية ‪ -‬وظيفة اجتماعية وأن التنمية‬
‫االجتماعية تؤدى وظيفة اقتصادية حيث أنها في المدى البعيد‪ .‬تستهدف رفاهية اإلنسان ورفع مستوى معيشته فالتنمية‬
‫االجتماعية تعتبر ضرورة لتحقيق التنمية االقتصادية ولدفع عملية التنمية وضمان نجاحها واستمرارها لتحقيق النمو‬
‫االقتصادي ولقد لوحظ أن الدول المتقدمة تعتمد في الوقت الحاضر على الجوانب االجتماعية أكثر من اعتمادها على‬
‫رأس المال‪ ،‬فاإلنسان ذي الكفاءة اإلنتاجية المرتفعة الذي ينال قسطا وافيا من التعليم والذى يتمتع بصحة جيدة ويعيش‬
‫في مسكن مريح ويتوفر له الضمانات الكافية والتي تكفل له الحياة المستقرة في حاضره ومستقبله كما أن التنمية‬
‫االجتماعية ضرورية لمعالجة المشكالت المترتبة على التنمية االقتصادية (مشكلة أطفال الشوارع ‪ -‬تعاطى‬
‫المخدرات) هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وجد أن التنمية االقتصادية تؤدى إلى تغيير سلوكي فالتغير االقتصادي‬
‫(‪)2‬‬
‫ينتج عنه تغير في الجوانب االجتماعية‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬محمد عبد العزيز عجمية ‪ ،‬التنمية االقتصادية المفاهيم و الخصائص ‪ ،‬البحيرة ‪, 2220،‬ص‪02‬‬

‫‪ -2‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،2211 ،‬ص ‪21‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫خامسا ا ‪ /‬مفهوم التنمية البشرية‪:‬‬

‫تعرف التنمية البشرية على أنها ليست مجرد تحسين القدرات البشرية من خالل التعليم والصحة والتغذية وما إلى‬
‫ذلك‪ ،‬بل بأنها ‪-‬إضافة إلى ذلك ـ تعنى انتفاع البشر بقدراتهم وبالتحسينات فيها سواء في مجال العمل أو التمتع‬
‫بوقت الفراغ‪ .‬فاإلنسان ليس مجرد وسيلة أو عنصر إنتاج‪ ،‬بل إنه الهدف أيضا ا من التنمية‪ ،‬بمعنى أن التنمية‬
‫تستهدف تحقيق رفاهية البشر في نهاية المطاف ولذلك تعرف التنمية البشرية ( طبقا ا للبرنامج اإلنمائي لألمم‬
‫المتحدة وتقاريره عن التنمية البشرية التي تتابع صدورها منذ عام (‪ ) 1222‬بأنها عملية توسيع الخيارات المتاحة‬
‫للناس بتمكينهم من الحصول على الموارد الالزمة لتحقيق مستوى حياة كريمة‪ ،‬وبتمكينهم من أن يعيشوا حياة‬
‫طويلة خالية من العلل‪ ،‬ومن أن يكتسبوا المعارف التي تطور قدراتهم وتساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكامنة‬
‫(‪)1‬‬
‫وبناء ثقتهم بأنفسهم وتمكنهم من العيش بكرامة والشعور باإلنجاز واحترام الذات‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إبراهيم العيسوي ‪ ،‬التنمية في عالم متغير ‪ ،‬دار الشروق ‪, 2222،‬ص‪22‬‬ ‫‪-1‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل الثاني‬
‫المبحث األول‪ :‬العالقة بين التنمية البشرية والتنمية االقتصادية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ابعاد التنمية البشرية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اهداف التنمية البشرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الية رفع مستوى التنمية البشرية‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث األول‪ :‬العالقة بين التنمية البشرية والتنمية االقتصادية‬

‫إن العالقة الجدلية بين التنمية البشرية وبين التنمية االقتصادية تنبع من واقع أن أحدهما يعتمد على اآلخر بشكل ال‬
‫يقبل الشك‪ ،‬فقد أظهرت التجارب في العديد من البلدان بأن التنمية االقتصادية المجردة من خطط االستثمار للرأسمال‬
‫البشري كانت فاشلة‪ ،‬فالفرد في المجتمع هو ألحوج أوال للتنمية وذلك من واقع التخطيط له بأن يكون المهيأ إلدارة‬
‫وقيادة عمليات التنمية في بلده‪ ،‬هذه من ناحية‪ ،‬أما من ناحية أخرى فإن التنمية االقتصادية ال يمكن أن تقوم بدون‬
‫وجود مورد بشري علمي ومثقف و مؤهل بكل ما تحتاجه مراحل التنمية االقتصادية في كل النواحي ‪ ،‬فلقد أثبتت‬
‫التجارب لبعض الدول النامية ومنها العراق خالل فترة الثمانينات من القرن الماضي ‪ ،‬كيف أن اعتمادها على‬
‫الرأسمال البشري المستورد قد كلفها أوالا خسارة من مواردها‪ ،‬وخسارة أخرى من فوات الفرص من عدم استغالل‬
‫وتأهيل المورد البشري الوطني‪ ،‬وهذه العالقة أدركها المخططون في الدول المتقدمة فهيئوا لها قواعد نظرية وتطبيقية‬
‫ليقوموا بنهضة تنموية مدروسة ومستندة إلى عوامل النجاح وحسن التطبيق‪ ،‬وأسسوا على إثرها قاعدة اقتصادية‬
‫متينة‪ ،‬كونها اعتمدت على تنمية اإلنسان‪ ،‬ومنه لتحقيق التنمية االجتماعية ليصلوا في النهاية إلى تحقيق التنمية‬
‫االقتصادية الشاملة‪ ،‬فعمدوا منذ البداية إلى تطبيق أسس جوهرية في تأسيس التنمية وكان منها مثالا ‪:‬‬

‫أن الثروة لوحدها ال تعني التنمية بل يجب تعبئة الطاقات البشرية للنهوض بالمجتمع واإلنسان‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫االهتمام بتوجيه الرعاية التعليمية والتقنية للسكان وتطوير مهاراتهم ليكونوا قادرين على مسايرة التنمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التنمية االقتصادية الحقيقية تتجلى في تأسيس واقع بشري تنموي يتناسب وحاجة البلد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التنمية للطاقات البشرية أوالا قبل إنشاء المصانع والمؤسسات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وليس ببعيد عنا تجربة الصين وماليزيا مثالا عندما وصال للنجاح والتقدم في المسيرة التنموية االقتصادية من خالل‬
‫اعتمادهما على بدأ االستثمار االجتماعي الذاتي والذي قادهما نحو نجاح التنمية الشاملة‪ ،‬على عكس النظرة الضيقة‬
‫للتنمية االقتصادية التي تجلت في تاريخ بعض الدول العربية المالكة للثروات النفطية ومنها العراق التي تصورت‬
‫أن التنمية ه ي امتالك الثروة فحسب‪ ،‬فعمدت إلى استثمار الموارد االقتصادية من خالل جلب الشركات األجنبية‬
‫وأسست واقع صناعي أجنبي داخلها‪ ،‬فأضحت التنمية تعني لها تطوير البنا التحتية دون التخطيط لتهيئة أفراد المجتمع‬
‫نفسه للمشاركة في االستثمار االقتصادي القائم‪ ،‬وبذلك أصبح االستثمار األجنبي هو المستفيد األكبر من هذه التنمية‬
‫وأفراد المجتمع عبارة عن مستهلكين فقط ليومنا هذا‪ ،‬رغم التنبه المتأخر لهذه الدول وإدراكها أن التنمية والتطور‬
‫لن يصنعهما إال الفرد العربي المتعلم والمثقف والمتمكن‪ .‬فالموارد الطبيعية واألموال المتوافرة لهذه الدول (رغم‬
‫أهميتهما وضرورتهما الكبرى) ال يغنيان أبدا ا عن العنصر البشري الكفوء‪ ،‬والماهر ‪ ،‬والفعال والمدرب‪ ،‬والمعد‬
‫إعدادا جيدا مبنيا على أسس علمية دقيقة وهذه حقيقة ال مجال للطعن فيها‪ ،‬فاألموال والموارد الطبيعية ال ينتجان‬
‫منتجات بذاتهما‪ ،‬بل اإلنسان وحده وبخصائصهم التي خلقهم الله سبحانه عليها‪ ،‬وبالمهارات والكفاءات التي تنميها‬
‫هذه الدول لديه هو القادر على استخدام هذه الموارد في العمليات اإلنتاجية‪ ،‬للحصول السلع والخدمات التي تعمل‬
‫على تحقيق أقصى إشباع ممكن للحاجات الفسيولوجية والسيكولوجية للفرد‪ ،‬بهدف الوصول إلى تحقيق الرفاهية أو‬
‫الحياة الكريمة للفرد والمجتمع‪ ،‬ومن ثم التقدم االقتصادي للدولة‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ابعاد التنمية البشرية‪.‬‬


‫تتمثل أبعاد التنمية البشرية في بناء القدرات البشرية للتوصل إلى مستوى رفاه إنساني راقي من خالل التمتع بمزايا‬
‫الحياة الطويلة‪ ،‬الصحة‪ ،‬المعرفة‪ ،‬التعليم‪ ،‬الحرية)‪ ،‬وتوظيف قدرات التسيير في كافة النشاطات اإلنسانية االقتصادية‬
‫والسياسية والمدنية ‪ ،‬أي البعد األول يهتم بمستوى النمو اإلنساني في مختلف مراحل الحياة لتنمية قدرات اإلنسان‬
‫طاقاته البدنية العقلية النفسية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬المهارية‪ ،‬الروحانية‪ ،‬وهذا بتحسين مستويات الصحة والمعرفة والمهارات‬
‫(‪)1‬‬
‫المعيشية والجانب الثاني هو انتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة مختلف مجاالت حياتهم حتى يستطيعون العيش برفاهية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬اهداف التنمية البشرية‪.‬‬


‫الهدف األساسي للتنمية البشرية هو تحسين وتطوير رفاهية اإلنسان وفتح مجاالت أرحب وأوسع لحيات مطمئنة‬
‫سعيدة‪ ،‬فاإلنسان في التنمية البشرية هو الهدف والجوهر والوسيلة ويمكن تلخيص غايات التنمية البشرية في ما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬بناء إنسان قادر على مواجهة الحياة والتغيرات التي تحدث حوله بشكل إيجابي وفعال‪.‬‬
‫‪ 2‬مساعدة الفرد على التفكير بشكل إيجابي وخالق‪ ،‬وتغيير نظرته من نظره سطحيه إلى نظرة أكثر عمقا وبشكل‬
‫مختلف للحياة من حوله‪.‬‬
‫‪-2‬تعليم الفرد على إتقان مهارات االتصال الفعال وذلك من اجل إثراء تواصل الفرد بالمجتمع بشكل أخالقي ومؤثر‬
‫يعبر فيه الفرد عن نفسه مع الجميع‪.‬‬
‫‪-4‬مساعدة الفرد على تطوير أدائه وقدراته وذلك من أجل إيجاد الوظيفة المناسبة‪.‬‬
‫‪-2‬تعليم اإلنسان قيمة وأهمية الوقت‪ ،‬وتدريبه على مهارات وفنون إدارته‪ ،‬وتعليمة كيفيه استغالل طاقاته ومواهبه‬
‫ووضع أهداف لحياته‪ ،‬وتعليمه كيفية التعامل مع المشكالت التي تواجهه بشكل إيجابي وفعال‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬بشير مصطفى‪ ،‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية للعام ‪ ، 2222‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد ‪ ،2224 ، 222‬ص ‪124‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الية رفع مستوى التنمية البشرية‪.‬‬

‫ولرفع مستوى التنمية البشرية ال بد من‬

‫رفع المستوى الصحي للفرد أي رفع معدل العمل المتوقع للفرد من خالل (خدمات صحية أفضل‪ ،‬تقليل‬ ‫‪‬‬
‫معدل وفيات األطفال زيادة الوعي الصحي‪ ،‬تطوير الخدمات الصحية‪ ،‬تحسين وسائل التغذية‪ ،‬تقليل الحوادث‬
‫والكوارث)‪.‬‬
‫رفع مستوى التعليم وخفض نسبة األمية (زيادة اإلنفاق الحكومي على التعليم والتوسع في إنشاء المدارس‬ ‫‪‬‬
‫والجامعات تطوير التعليم واالهتمام بالثقافة ‪...‬الخ) فالعملية التعليمية هي مجموع النشاطات التعليمية التي‬
‫تؤدي إلى زيادة المردودية الحالية والمستقبلية لألفراد برفع قدراتهم الخاصة بإنجاز المهام الموكلة إليهم‪،‬‬
‫وذلك عن طريق تحسين معارفهم مهاراتهم‪ ،‬استعداداتهم واتجاهاتهم ‪ ،‬فقد برهنت التجارب الدولية‬
‫المعاصرة‪ ،‬بما ال يدع مجال للشك‪ ،‬أن بداية التقدم الحقيقية هي التربية والتعليم‪ ،‬وأن كل الدول التي تقدمت‬
‫فقد فعلت ذلك من بوابة التربية والتعليم‪ ،‬ومن إنتاجها ألفراد قادرين على إنتاج أفكارهم بأنفسهم ‪.‬‬
‫زيادة فرص التدريب للمرشحين للعمل أو للقائمين على العمل الفعلي على جميع المستويات في جميع‬ ‫‪‬‬
‫المجاالت‪ ،‬ألن عدم وجود التدريب يعتبر حلقة مفرغة أو مفقودة يمكن أن تحد من انجاز األجيال المتالحقة‪،‬‬
‫كما أن التدريب يمكن العامل من تجسيد ما تعلمه من نظريات على أرض الواقع‪.‬‬
‫خفض نسبة البطالة بزيادة فرص العمل وتوسيع المشروعات اإلنتاجية‪ ،‬وتشجيع الشباب على فتح مشاريعهم‬ ‫‪‬‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫زيادة نصيب الفرد الحقيقي من الدخل المحلي القومي من خالل االستثمار في السياحة والفالحة والصناعة‬ ‫‪‬‬
‫لتدعيم إرادات الغاز والبترول‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفصل الثالث‬

‫التوصيات‬
‫تجاوزت التنمية بمفهومها الحديث مفهوم النمو االقتصادي أو التنمية االقتصادية لتأخذ منحى آخر يعرف باسم التنمية‬
‫البشرية أي ربط العالقة بين البشر والتنمية‪ ،‬ليس فقط باعتبار البشر عنصرا من عناصر التنمية بل أيضا باعتباره‬
‫غاية التنمية ويكون الهدف هو تحسين نوعية حياة اإلنسان وضمان توزيع أفضل للدخل‪ ،‬مع رفع مستواه العلمي‬
‫والصحي‪ ،‬وهو ما يهدف إليه تقرير التنمية البشرية حيث يؤكد التقرير على الربط الجدلي بين النمو االقتصادي‬
‫والتنمية البشرية بحيث يكون النمو وسيلة والتنمية غاية‪ ،‬أي أن اإلنسان هو أداة وغاية التنمية وعلى ذلك تكون‬
‫التنمية البشرية هي تنمية الناس بالناس وللناس‪ ،‬وهذا ما سعت لتحقيقه الكثير من الدول في العالم للوصول إلى‬
‫التنمية‪.‬‬

‫وألن العراق هو أحد هذه الدول التي يسعى إلى تحقيق التنمية‪ ،‬فإنه سعى مثل غيره إلى انتهاج مفهوم التنمية البشرية‪،‬‬
‫ولقد حقق في السنوات األخيرة ارتفاعا ملحوظا في مستوى هذه التنمية حسب تقارير التنمية البشرية لألمم المتحد‪،‬‬
‫وباألخص بعد نجاحه بالقضاء على اإلرهاب وإن عكس هذا االرتفاع في مستوى التنمية تحسنا في مستويات المعيشة‪،‬‬
‫ونسبة المدرس ومستوى الصحة إال أنها تبقى ال ترقى إلى مستويات التقدم التي يتطلع إليها الفرد العراقي‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس نقدم التوصيات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬العمل على تصميم خطط تنموية هدفها الربط بين تنمية الموارد البشرية والتنمية االجتماعية والتنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -2‬الخبرة والمهارة من خالل التدريب والتهيئة‬
‫‪ -2‬االستفادة من استقطاب أصحاب الكفاءات والخبرة والطاقات اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ -4‬إعادة النظر في المناهج الدراسية والتخصصات بما يتناسب مع الحاجة العملية في سوق العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬تدريب الشباب والخريجين الجدد ووضع خطط لالرتقاء بهم‪.‬‬
‫‪ -6‬تشجيع الشباب ودعمهم على إنشاء المؤسسات والمشاريع الصغيرة‪.‬‬
‫‪ -7‬على الدولة الربط بين سياسة التخطيط اإلنمائي وبين سياسة التخطيط للمورد البشري‪.‬‬
‫‪ -0‬وضع االستراتيجيات المتطورة لتلبية متطلبات سوق العمل وفق منظور علمي‪.‬‬
‫‪ -2‬إتاحة الفرص العديدة للموارد البشرية للتعرف على طاقاتها الكامنة وتنميتها وتوظيفها‪.‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫المصادر‬
‫‪ -1‬بشير مصطفى‪ ،‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية للعام ‪ ، 2222‬مجلة المستقبل العربي‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد‬
‫‪222‬‬
‫‪ -0‬ثروت محمد شلبي‪ ،‬تنمية اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬رضا عبد السالم محددات االستثمار األجنبي المباشر ‪ ،‬دار اإلسالم للطباعة والنشر‪.2222 ،‬‬
‫‪ -4‬لويس معلوف ‪, 2222 ,‬‬
‫‪ -5‬رشاد احمد عبد الطيف ‪ ،‬التنمية المحلية ‪ ،‬دار الوفاء ‪. 2 2211 ،‬‬
‫‪ -6‬محمد عبد العزيز عجمية ‪ ،‬التنمية االقتصادية المفاهيم و الخصائص ‪ ،‬البحيرة ‪2220،‬‬
‫‪ -7‬إبراهيم العيسوي ‪ ،‬التنمية في عالم متغير ‪ ،‬دار الشروق ‪2222،‬‬
‫التنمية البشرية وتأثيرها على التنمية االجتماعية واالقتصادية‬

‫الفهرس‬

‫المحتويات‬

‫اآلية الكريمة‬

‫مقدمة‬

‫الفصل االول ‪ :‬مفاهيم البحث‬

‫المبحث االول ‪ :‬العناصر االساسية للبحث ( اهمية البحث ‪ ,‬اهداف البحث ‪,‬‬
‫مشكلة البحث )‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المصطلحات والمفاهيم‬

‫الفصل الثاني ‪:‬التنمية البشرية و تأثيرها بالتنمية االجتماعية و االقتصادية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التوصيات‬

‫المصادر‬

‫الفهرس‬

You might also like