Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫‪OPEN ACCESS‬‬

‫تاريخ االستالم‪ 13 :‬نوفمبر ‪2021‬‬


‫تاريخ القبـ ـ ـ ــول‪ 12 :‬ديسمبر ‪2021‬‬

‫مراجعة كتاب‬
‫أحمــد أبــو شــوك‪« ،‬الثــورة الســودانية (‪ )2019-2018‬مقاربــة توثيقية‪-‬تحليليــة لدوافعها‬
‫ومراحلها وتحدياتها»‬
‫مراجعة‪ :‬المهدي جراد‬
‫أستاذ مشارك في التاريخ الحديث‪ ،‬قسم العلوم اإلنسانية‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‪ ،‬جامعة قطر‬
‫‪Book Review‬‬
‫‪Ahmed Abu-Shouk, The Sudanese revolution (2018 -2019), a documentary-‬‬
‫‪analytical approach to its motives, stages and challenges‬‬
‫‪Reviewed By: Mehdi Jerad‬‬
‫‪Associate professor of Modern History, Humanities Department, College of Arts and‬‬
‫‪Sciences‬‬
‫‪mjerad@qu.edu.qa‬‬

‫عنوان الكتاب‪ :‬الثورة السودانية (‪ )2019-2018‬مقاربة توثيقية‪-‬تحليلية لدوافعها ومراحلها وتحدياتها‬


‫املؤلف‪ :‬أحمد إبراهيم أبو شوك‬
‫الناشر‪ :‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫مكان النشر‪ :‬بيروت‬
‫سنة النشر‪2021 :‬‬
‫عدد الصفحات‪ 640 :‬صفحة‬
‫تدمك‪9786144453872 :‬‬

‫لالقتباس‪:‬جراد‪ ،‬المهدي‪« .‬مراجعة كتاب‪" :‬الثورة السودانية (‪ )2019-2018‬مقاربة توثيقية‪-‬تحليلية لدوافعها ومراحلها وتحدياتها"‪،‬‬
‫ألحمد أبو شوك»‪ ،‬مجلة تجسير‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪2022 ،1‬‬

‫‪https://doi.org/10.29117/tis.2022.0089‬‬
‫ً‬
‫© ‪ ،2022‬جراد‪ ،‬الجهة املرخص لها‪ :‬دار نشر جامعة قطر‪ .‬تم نشر هذه املقالة البحثية وفقا لشروط ‪Creative Commons Attribution-‬‬
‫)‪ .NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0‬تسمح هذه الرخصة باالستخدام غير التجاري‪ ،‬وينبغي نسبة العمل إلى صاحبه‪،‬‬
‫مع بيان أي تعديالت عليه‪ .‬كما تتيح حرية نسخ‪ ،‬وتوزيع‪ ،‬ونقل العمل بأي شكل من األشكال‪ ،‬أو بأية وسيلة‪ ،‬ومزجه وتحويله والبناء عليه‪ ،‬طاملا‬
‫ُينسب العمل األصلي إلى املؤلف‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫مجلة تجسير‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪ ،2022 ،1‬تصدر عن مركز ابن خلدون للعلوم اإلنسانية واالجتماعية وتنشرها دار نشر جامعة قطر‬
‫صدر كتاب الثورة السودانية (‪ )2019-2018‬مقاربة توثيقية تحليلية لدوافعها ومراحلها وتحدياتها‪ ،‬عن املركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات عام ‪ 2021‬ملؤلفه األستاذ أحمد إبراهيم أبو شوك‪ ،‬أستاذ التاريخ الحديث واملعاصر بجامعة‬
‫قطر‪ .‬يبدأ الكتاب بتقديم من الدكتور عزمي بشارة‪ ،‬املدير العام ملركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬وجاء في ‪640‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صفحة موزعة على سبعة فصول‪ ،‬إضافة إلى املالحق (حوالي ‪ 250‬صفحة)‪ ،‬وقائمة املراجع‪ ،‬والفهرس العام‪.‬‬
‫ً‬
‫ورصدا لتسلسلها‬ ‫ولئن يبدو للقارئ منذ الوهلة األولى أن العمل ال يغدو أن يتجاوز عملية مسح وثائقي لوقائع الثورة‬
‫الزمني وللتحديات التي تواجه الفترة االنتقالية الحالية التي تمر بها السودان؛ إال أن القراءة املتأنية والفاحصة تبرز أن‬
‫ً‬
‫متوخيا مقاربة تحليلية عن‬ ‫شرح من خالله مالبسات الثورة وخلفياتها‪،‬‬‫املؤلف قد نجح في تقديم عمل أكاديمي فريد من نوعه ّ‬
‫ً‬
‫ومتسلحا بقراءات نظرية‬ ‫ومستجليا املبادرات السياسية واملفاوضات التي تلت سقوط رأس السلطة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ثورة ديسمبر ‪،2018‬‬
‫ومعتمدا على مدونة مصدرية متنوعة‪ .‬فقد اختبر املؤلف التقارير الصادرة عن مراكز البحث العلمي واملؤسسات‬ ‫ً‬ ‫جادة‬
‫األكاديمية والكتابات اإلسفيرية والصور والخرائط والرسومات التوضيحية بما هي تمثالت مستبطنة من قبل الفاعلين‬
‫ً‬
‫االجتماعيين فضل عن التسجيالت الصوتية واملقاالت الصحفية املنشورة ومنصات التواصل االجتماعي‪ .‬وقد عالج مختلف‬
‫هذه املصادر بحرفية عالية ومكابدة تستحق التنويه وت�شي برغبة املؤرخ في النفاذ إلى الفضاء العمومي واملشاركة في صياغة‬
‫األفكار ذات الصلة باملسار الثوري‪ ،‬إنه ببساطة يحمل هموم الثورة الجاثمة بثقلها على مخيلة السودانيين على اختالف‬
‫مشاربهم‪.‬‬
‫وقد تناول الفصل األول بالتحليل حكومة اإلنقاذ (‪ )2019-1989‬واألسباب غير املباشرة التي ساهمت في «تراكم الغبن‬
‫التاريخي» واندالع الثورة السودانية في ديسمبر ‪ ،2018‬إضافة إلى رصد األشكال النضالية السلمية للفاعلين االجتماعيين‬
‫وحد االحتجاجات‬ ‫ضد النظام القائم آنذاك‪ .‬وخلص املؤلف إلى فكرة أساسية‪ ،‬مفادها أن ما وسمه بـالحرمان النسبي قد ّ‬
‫ّ‬
‫الشعبية وجعلها تنتقل من حالتها العفوية إلى احتجاجات مؤطرة هاتفة بعبارة «تسقط بس»‪.‬‬
‫ويناقش الفصالن الثاني والثالث أحداث الثورة السودانية منذ اندالع شرارتها األولى في مدينة الدمازين في والية النيل‬
‫ً‬
‫األزرق وصول إلى بداية االعتصام الذي أدى إلى سقوط نظام عمر حسن البشير في أبريل ‪ ،2019‬مع إبراز خطاب السلطة‪.‬‬
‫صص الجزء األكبر منها إلى «الشؤون األمنية» في حين لم‬ ‫وشدد املؤلف على الخلل الذي أصاب املوازنة العامة حيث ُخ ّ‬‫ّ‬
‫تتجاوز حصة قطاعي الصحة والتعليم خمس إجمالي املوازنة العامة‪ .‬كما تطرق إلى األليات التي استخدمتها السلطة لتشوية‬
‫الحركة االحتجاجية‬
‫وتصدى املؤلف في الفصل الرابع والخامس والسادس إلى مسألة على غاية من األهمية تتعلق باملبادرات وحيثياتها‬
‫معرجا على املفاوضات بعد إسقاط النظام قبل وبعد فض االعتصام والتي توجت بتوقيع االتفاق‬ ‫ً‬ ‫وخلفياتها وتحدياتها ‪،‬‬
‫السيا�سي والوثيقة الدستورية‪.‬‬
‫وتناول الفصل السابع واألخير املوسوم بـ«الحكومة االنتقالية وتحديات االنتقال الديمقراطي» اختصاصات الحكومة‬
‫االنتقالية وسلطاتها وإجراءات تشكيلها‪ .‬في حين تطرقت خاتمة الكتاب إلى الفترة االنتقالية الحالية (‪ )2022-2019‬ومقارنتها‬
‫بالفترات السابقة مع إبراز القواسم املشتركة وأوجه االختالف بينها‪ .‬وعرض املؤلف بعض املسارات الجديرة لبلوغ نهج‬
‫التحول الديمقراطي املستدام‪.‬‬
‫يندرج الكتاب ضمن ما ُيعرف بالتاريخ الراهن الذي بدأ يحظى باهتمام املؤرخين منذ سنوات‪ ،‬وفي هذا الصدد ال ُيخفي‬
‫املؤلف وعيه بمزالق هذا االختصاص ً‬
‫نظرا لقصر املسافة بين زمن وقوع األحداث وتاريخ معالجتها وتحليلها في ظل توفر كم‬
‫هائل من املعطيات اإللكترونية‪ .‬وال ريب أن املؤرخ اليوم لم يعد ذاك الذي يسرد األخبار الغابرة واألحداث بل صار مرتبطا‬

‫مجلة تجسير‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪ ،2022 ،1‬تصدر عن مركز ابن خلدون للعلوم اإلنسانية واالجتماعية وتنشرها دار نشر جامعة قطر‬ ‫‪142‬‬
‫بقضايا العصر بهدف املساهمة في تلبية حاجة راهنة واملشاركة في فهم املا�ضي وتمثل الحاضر‪ .‬وعليه نعتقد أن هذا العمل‬
‫عبارة عن تأمالت فورية عمل خاللها الباحث على االنتقال من طور املعرفة إلى طور الفكر عبر مناوشة الجانب األنطولوجي‬
‫ّ‬
‫في التاريخ ومثل لحظة فارقة في تقديري «السترجاع التاريخ» صدارته للعلوم االنسانية بواسطة االهتمام بالغايات املواطنية‪،‬‬
‫يعد املؤرخ يحتكر لوحده كتابة التاريخ بل أضحى الحديث في‬ ‫في ظل املكانة املُتعاظمة لوسائل االعالم واالتصال‪ ،‬بحيث لم ُ‬
‫أيامنا عن تاريخ مدر�سي وتاريخ صحفي وتاريخ شعبي‪ ...‬ويسوغ أن نعتبر أن أحمد أبو شوك قد نجح في توثيق أحداث الثورة‬
‫مول سياق على املدى القصير وعبر مقاربة مجهرية‪.‬‬‫بحرفية عالية ُمدليا بشهادته بوصفه ُم ّ‬

‫جزءا من أدوات الحراك الثوري مثل شبكة تجمع املهنيين السودانيين‪.‬‬ ‫لقد اعتمد املؤلف على مواقع إلكترونية كانت ً‬
‫غير أن السؤال الذي يتبادر إلى األذهان في هذا اإلطار هو التالي‪ :‬أليست هذه املصادر مرآة لذاكرة انتقائية تحمل هواجس‬
‫منتجيها؟ وكيف يمكن الوقوف على مسافة منها لتوثيق األحداث وتحليلها في الزمن الراهن؟ ولئن أشار املؤلف إلى «تحقيق»‬
‫و« تمحيص» األخبار املنقولة عن املدونة املصدرية إال أنه لم يفصح عن طريقة معالجتها بدقة‪ ،‬مثال عبر مكافحتها ببعضها‬
‫البعض أم عبر معالجتها معالجة كمية مثلما توحي بذلك بعض الجداول التي ضبطها لهذا الغرض‪ ،‬واكتفى بذكر املناهج‬
‫املتبعة عبر الفصول وتصنيف مصادره‪ .‬ومهما يكن من أمر فإن تاريخ الزمن الراهن يبقى تاريخا تحت املراقبة ألنه ببساطة‬
‫تاريخ غير منتهي يفترض إجراء املؤرخ لحوار مع مصادره‪.‬‬
‫ال ُمراء في أن املؤلف قد استفاد من القراءات الجادة التي استأنس بها لدراسة الثورة السودانية دون أن يقع في فخ‬
‫التنميط مع ثورات أخرى‪ ،‬ذلك أن لكل ثورة خصوصياتها املرتبطة بسياقها التاريخي‪ ،‬غير أن ما ُيمكن التعجيل به في هذا‬
‫اإلطار هو تشديده على خاصية اندالع الثورة من األطراف (منطقة الدمازين) ومن األسفل – خالفا ملا هو مألوف – وهي‬
‫خاصية نجد لها تقاطعات مع ثورات أخرى‪ .‬لكن الالفت لالنتباه هو الدور الذي لعبته النخب السودانية في إطار نظرية‬
‫تعبئة املوارد والتي أعلنت مساندتها للثورة بصفة مبكرة وأعني على وجه التحديد أساتذة جامعة الخرطوم الذين ضخوا‬
‫دماء جديدة لصالح الثورة‪ ،‬في حين‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪ُ ،‬نعاين على النقيض من ذلك ً‬
‫غيابا ً‬
‫تاما للنخب في تونس زمن قيام‬
‫شكك ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الحقا في جدوى توصيف الحراك االحتجاجي‬ ‫الثورة وخنوعها للكتل الضاغطة‪ ،‬بل إن البعض من هذه النخب قد‬
‫مستبطنا مقاومة كل نفس ثوري‪ .‬وربما كان على املؤلف أن يجد بعض القوالب التفسيرية التي من شأنها توضيح‬‫ً‬ ‫بالثورة‪،‬‬
‫العالقة الوثيقة بين منطقة النيل األزرق وبين اندالع شرارة الثورة السودانية‪.‬‬

‫جرب املؤلف ضمن أثره العديد من النماذج املعرفية واستطاع بمستويات متباينة من التوفيق ومالءمتها مع قضية الثورة‬‫ّ‬
‫نضده من عروض بقدرته على مجادلة العديد من وجهات النظر املعرفية واالستنتاجات‬ ‫السودانية‪ .‬كما أوحت لنا قراءة ما ّ‬
‫متدخال في العديد من املناسبات لتصويب طروحاتها‪ .‬ولئن استند العمل إلى التجسيد النظري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتسرعة غير الدقيقة‪،‬‬
‫ّ‬
‫التصورات أو الفرضيات التأويلية التي قدمها إلى تدقيق بحسب طريقة استغالل املعطيات املتاحة‪ ،‬أو إلى‬ ‫واحتاجت بعض‬
‫املؤلف وشهادات الفاعلين أو املتابعين للشأن العام من السودانيين‬ ‫ّ‬
‫إحالة واضحة على معالجات متقاطعة مع تصورات ِ‬
‫املتصلة بتجارب بعض الدول العربية (الجزائر ومصر)‪ ،‬قد‬ ‫وغيرهم‪ ،‬فإن فسح املجال أحيانا للمقارنات االفقية وخاصة ّ‬
‫ساهم في إكساب متنه َن َف ًسا ً‬
‫عميقا‪.‬‬
‫إن املقاربة التوثيقية التي اتبعها املؤلف تفتح أفاقا للمؤرخين ملزيد التعمق في دراسة الثورات وتجعل القارئ يطرح عدة‬
‫أسئلة لعل من أبرزها‪ :‬هل ُجبلت البالد العربية على انتكاسة ثوراتها وتقبل شظايا العسكر؟ ويزيد التساؤل إلحاحا خاصة‬
‫وأن الثورة السودانية اتخذت مسارا سلميا‪ ،‬ألم ترفع الثورة السودانية شعار «سلمية سلمية» غير أن هذا التوجه الذي‬
‫ُيعبر عن نضج الشعب لم يرق للبعض – أطراف سودانية وأخرى أجنبية – ولم يستسيغوه فكان العمل على وأد الثورة‬

‫‪143‬‬ ‫مجلة تجسير‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪ ،2022 ،1‬تصدر عن مركز ابن خلدون للعلوم اإلنسانية واالجتماعية وتنشرها دار نشر جامعة قطر‬
‫وعدم السماح باسترسال هذه التجربة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جديرا‬ ‫أكاديميا‬ ‫في األخير‪ ،‬ينبغي اإلقرار بأن هذا الكتاب يعتبر إضافة حقيقية للمكتبة التاريخية العربية وعمل‬
‫ُ‬ ‫بالقراءة‪ُ ،‬‬
‫نأمل أن تتبعه كتابات أخرى تزيح الغبار عن األحداث املتسارعة التي يعيش على وقعها العالم العربي‪ ،‬وتمتزج‬
‫فيها التأمالت الفورية – رغم محاذيرها – باألثر العفوي للكتابة‪ .‬واملهم أن املؤلف قد دحض بشكل أو بآخر مقولة ّروج‬
‫تليد‬
‫لها الغرب لفترات غابرة‪ ،‬وهي أن «الديمقراطية ال يمكن أن تينع في املناطق الحارة»‪ ،‬ودفع نحو املصالحة بين ماض ٍ‬
‫جديد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ومستقبل‬

‫مجلة تجسير‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪ ،2022 ،1‬تصدر عن مركز ابن خلدون للعلوم اإلنسانية واالجتماعية وتنشرها دار نشر جامعة قطر‬ ‫‪144‬‬

You might also like