Professional Documents
Culture Documents
صعوبات نطق الأصوات العربية عند متعلمي العربية لغة ثانية؛ دراسة حالة
صعوبات نطق الأصوات العربية عند متعلمي العربية لغة ثانية؛ دراسة حالة
128
2018 العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
not. The study also seeks to analyze if analyzed statistically and
these attributes can later be ]descriptively
developed, modified or applied on all The aim of the study is to identify
language levels except that of the these attributes that are related to
phoneme level . some Arabic phonemes to examine
Keywords: Case study, Contrastive whether they can be central
analysis, Interlanguage, Audio- characteristics – produced by non-
Lingual method Error analysis . native speakers as if they were
systematic rules - of interlanguage or
129
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
الصفة " عند ابن خلدون ،والطالقة التي تقترب نستطيع أن ننظر إلى واقع نطق الصوت العربي
ً ً ً
من مفهوم " امللكة " عنده ،وإذا أخذنا وجهات عند متعلمي العربية لغة ثانية ،فإذا كانت سلوكا
ً ً
النظر هذه من جانب تطبيقي سنجد أننا إزاء بشريا فال بد من أن تكون مكتسبة ،أسوة باللغة
استراتيجيتين لتعليم اللغات هما :التدريب، إنتاجا ً
فرديا ً التي يتعلمها األطفال ،وإذا كانت
واختيار املوقف التعليمي ،فالتدريب يوصل إلى فإنها بحاجة إلى تدريب ،فاألصوات ،وهي مادة
ُّ َ
الصحة اللغوية ،أي أن التعلم يتحقق عن طريق اللغة األساسية ،ال ُيتقن أداؤها إال بالتدريب،
تقليد األصوات وترديدها مرة بعد مرة في والسلوك ال ينتظم إال بالتدريب ،وكون اللغة
سياقات صوتية مختلفة ،ويتمثل ثانيهما في تمارس إنتاج اجتماعي يعني أنها بحاجة إلى أن َ
ضرورة التركيز على األصوات والسياقات ضمن جماعة ،وبالتدريب على السياقات
الصوتية التي تبدو صعبة أثناء التدريب ،وقد االجتماعية املختلفة.
ّ
متعلم اللغة فيتكمن الصعوبة من وجهة نظر ِّ ويرى ابن خلدون أن اللغات ملكات شبيهة
َُ ّ َُ ّ
كونها تختلف في اللغة األم عنها في اللغة الثانية. بالصناعة؛ أي أن اللغة تتعلم كما تتعلم صناعة
والتكرار والتدريب من مبادئ النظرية ما ،وامللكة مهارة ثابتة تكتسب عن طريق
السلوكية التي تنطلق من فرضية أساس، التعلم ،وقد عرفها بأنها :صفة راسصة يكتسبها
مكتسب بالدرجة َ مفادها :أن السلوك اللغوي اإلنسان عن طريق التعلم ،وتحدث هذه امللكة
األولى ،فاللغة عند الطفل في مراحله األولى عن طريق التكرار واملمارسة ،إذ يقول " :وامللكات
ُت َ ً
كتسب من خالل املحيط والبيئة عبر التقليد ال تحصل بتكرار األفعال؛ ألن الفعل يقع أوال،
التكرار (ً ،)repetition َّ ً
وأيا كان ( ،)imitationأو وتعود منه للذات صفة ثم يتكرر فتكون حاال،
النقد املوجه للنظرية السلوكية إال أن دورها في ومعنى الحال أنها صفة غير راسصة ،ثم يزيد
تفسير اكتساب األصوات على جانب من التكرار فتكون ملكة ،أي صفة راسصة4 ".
األهمية ،فدور املحاكاة في اكتساب اللغة ال فالتكرار ال يصنع امللكة إال إذا " زاد " ،حسب
يمكن تجاهله ،مما يؤكد أهمية وجود التدريب تعبير ابن خلدون ،وهو فعل يومئ إلى أهمية
ً
أداة من أدوات تعليم اللغة ،وتحسين نطق التكرار ،وليس التكرار هنا إال التدريب ،وال بد
األصوات على وجه التحديد. منه لتتحول " الحال " إلى صفة " راسصة " أي
والنتيجة املنطقية ملثل هذه االعتقادات مكلة.
حول عملية التعلم هي أن التعليم الفعال للغة فعل (يقع) ← صفة (تتكرر) ← حال (يزيد
الثانية سيركز على مواطن االختالف بين اللغتين، التكرار) ← ملكة أي صفة راسصة
وأن أفضل وسيلة تعليمية ملدرس ي اللغات وغير بعيد عن رأي ابن خلدون توجه التيار "
تبعا لذلك ،هي املعرفة الجيدة بتلك األجنبيةً ،
التقدمي " 5في مجال تدريس اللغة ،الذي
ً
املواطن .وعلى مدرس اللغة العربية لغة ثانية أن يعتمد من ناحية محتواه اللغوي على صيغة من
يتعرف على األصوات العربية التي تعد غريبة صيغ النظرية التركيبية التي تشكلت على يد
ً
وصعبة مقارنة باللغة األم للمتعلم ،ويحاول أن اللغوي البريطاني باملر ) ،(Palmerوالتي تعتقد
يضعها في سياقات صوتية مختلفة ،ويعمد إلى بأن التكرار ( )repetitionوالتدريب ()practice
إقحامها في حوارات مع املتعلم حتى ُيتاح تسليط يؤديان إلى ترسيخ الدقة والطالقة في اللغة
الضوء على عيوب النطق وإصالحها بالتدريب الثانية .يقترب مفهوم الدقة هنا من مفهوم "
130
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
ً ً ً
خادعا تشابها وتحديده ،إلى جانب أنه قد يتوهم الحقا .ومن هنا انطلق الباحثون في مهمة ضصمة
َ
بين اللغتين ،وهو ما عرف بـ " النظائر املخادعة ملقارنة أزواج من اللغات بغية التعرف على
محل الدراسة إلىَّ " .9وبعد إخضاع الحاالت مواطن االختالف ومن ثم الصعوبة .وقد أطلق
تبين أن أكثر األخطاء الصوتية اختبارات نطق ّ على هذا النمط من األبحاث التحليل التقابلي
كانت ناجمة عن مدى اقتراب املرجعية الصوتية ( 6، )Contrastive Analysisوعليه سيكون
الصاصة بالحالة من اللغة العربية أو ابتعادها مناسبا أن يبدأ معلم اللغة العربية للناطقينً
عنها .وإذا ما توصلنا إلى وصف تقابلي لألنظمة بالهندية باستعراض األصوات غير املوجودة في
الصوتية العربية والهندية ،وحددنا ما نتوقعه الهندية ،وتلك املختلفة في بعض صفاتها،
من مشكالت في ضوء هذا الوصف أمكننا أن ومحاولة التأكيد على آلية النطق بالنسبة
نطور استراتيجية تعليمية تواجه هذه املشكالت. لألصوات الجديدة ،والتدريب عليها في سياقات
فال شك في أن نطق أصوات اللغة األم يؤثر في صوتية مختلفة.
نطق أصوات اللغة الثانية ،وهو أمر يكاد يكون وبعد سفر ما بين النظرية السلوكية ونظرية
عند كل متعلم للغة الثانية ،هذا ما أثبتته ً
اهتماما التحليل التقابلي أصبح الباحثون أكثر
الدراسات التي أجريت ملعرفة اآلثار النطقية التي باللغة التي ينتجها املتعلم ،وليس باللغة الهدف
يحدثها نطق اللغة األم في نطق أصوات اللغة أو اللغة األم ،ومن هنا نشأت نظرية تحليل
َّ
الثانية ،وليس ما تقوم به هذه الدراسة ببعيد األخطاء ( ،(error Analysisأي التحليل املنظم
عن ذلك .وقد تم في سبيل ذلك تقسيم األصوات ألخطاء متعلمي اللغة الثانية ،7وبدأ الباحثون
للنظر في اآلثار التي تتركها اللغة األم في نطقها إلى ينظرون إلى اللغة التي ينتجها املتعلمون على أنها
ثالثة أقسام :األصوات االنفجارية stop نظام لغوي مستقل جدير بالتوصيف .وقد
) ،)soundsواألصوات االحتكاكية (fricatives اختار البحث أن يحلل األخطاء الصوتية التي
) ،soundواألصوات الصائتة أو الحركات تنطقها الحالة ،وذلك بتتبع األخطاء التي تنشأ
( ،)vowelsوفيما يلي بيان ذلك: أثناء عملية التعلم ،ومحاولة الكشف عن
ً
أوال :األصوات االنفجارية (:)stop sounds أسباب حدوثها وطرق تالفيها باتخاذ التحليل
ً
إن التغيير في نطق بعض األصوات التقابلي أداة ،بمعنى أن تحليل الصطأ وتفسيره
االنفجارية على ألسنة الذين يتعلمون اللغة من وجهة النظر هذه ال يمكن إال أن يكون
ً
العربية لغة ثانية ،إنما يحدث بسبب تأثر منطلقا من فكرة التقابل املاثل بين اللغة األم
املتعلمين بلغتهم األم وهم ينطقون اللغة الثانية، واللغة الهدف ،فمتعلم اللغة الثانية ،مهما كانت
وأمثلة ذلك كثيرة ،منها: درجة وعيه اللغوي ،ال يبدأ في الحقيقة من فراغ
ً
-التاء والدال :وهما في العربية صوتان لثويان وإنما يبدأ تعلم اللغة األجنبية منطلقا من
انفجاريان ،أولهما مهموس وثانيهما مجهور، مرجعية لغوية هي لغته األم أو ما يشبهها من
ويختلف نطق هذين الصوتين في لغات أخرى نظم لغوية8.
ومنها الهندية ،إذ كان نطق الحاالت لهذين فإذا اعتمدنا ،في تعليم العربية للناطقين
الصوتيين يتم بتغيير في صفات الصوت الناجمة بالهندية ،على املتعلم في تحديد املتشابه من
عن تغيير بسيط في موضع نطقه ،إذ كان واقع أصوات لغته مع أصوات اللغة العربية أو
نطق الصوتين ،أقصد التاء والدال ،لدى املختلف معها ،فربما ال ينجح في اكتشافه
131
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
132
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
وقد نطقت الحاالت صوت العين همزة ولم -ومن األصوات االحتكاكية التي لحقها التغيير
ً
تتمكن إطالقا من نطقه رغم التدريب. بالفعل صوت الراء وهي من األصوات التي
-وقد كانت آلية نطق صوت النون عند الحالة ً
سمعيا أو رنانة ذات تردد توصف بأنها واضحة
سمت خاص ،إذ تم رفع منتصف اللسان ذات ْ عال ،إلى جانب العين وامليم والالم والنون ،فهي، ٍ
إلى منطقة الطبق ،مما ألحق بالصوت صفة أي الراء ،ترددية؛ مكررة الطرقات ( ،)trillأما
اإلطباق ،كما هو حال اللسان أثناء نطق النون الحاالت فقد نطقتها انعكاسية لثوية متأخرة
ْ
في كلمة " منك " العربية. ) ،(apico alveolar retroflexأي أن الراء
-لم يتغير نطق الالم املرققة عند الحاالت ،أما العربية فقدت طابعها املميز وفقدت أهم
الالم املفخمة كما في لفظ الجاللة " هللا " فلم خصائصها ،وهي التردد الذي يحدثه ذلق اللسان
ّ
تتمكن الحاالت من نطقه مفخ ًما بل نطقته وهو يضرب مقدم اللثة 12،وبدا نطقها كما هي
ً
مرققا رغم التدريب. عليه الراء الهندية ،فال ينطقونها ترددية مكررة
أبدا من نطق صوت الحاء -لم تتمكن الحالة ً الطرقات بل يجعلونها انعكاسية لثوية متأخرة
هاء ،حنجرية مهموسة وقد كان واقع نطقه ً )ُ ،(apico alveolar retroflexويعد هذا النطق
احتكاكية ،وعند اإللحاح في التدريب كانت تميل مميزا لهم عن سائر املتعلمين للعربية ،فيعرف ً
الحالة إلى تفخيم الهاء في محاولة نطق الحاء. الناطق بأنه من أصول هندية بسبب هذا
وكذلك األمر بالنسبة لخلصاء والغين ،فقد نطقت السمت الصاص للراء .فقد تعتقد الحالة بأن
ً
إحدى الحاالت الصاء كافا فيها صفة اإلطباق، الراء الهندية هي ذاتها الراء العربية ،لذلك قبل
ً
بينما نطقتها الحالة الثانية كافا دون إطباق ،أما بدء التعلم فإن املنهج التقابلي يعيينا على التنبؤ
الغين فقد نطقت عند كلتا الحالتين ( )gمع باملشكالت التي ستنجم عن التطبيق العملي في
ّ
إكسابها بعد التدريب صفة اإلطباق ،لكنها بقيت ويمكننا من تفسير طبيعة هذه ِّ عملية التعلم،
انفجارية ولم تتمكن الحالة من إكسابها أي املشكالت ،فالتقابل بين العربية والهندية يشير
صفة إضافية تقترب منها من صوت الغين رغم إلى وجود اختالفات بنائية كثيرة على املستويات
التدريب اللغوية جميعها ،فال وجود ،على املستوى
ً
ثالثا :الحركات (:)vowels الصوتي ،لفونيم العين والصاء والحاء والعين
َ
ربما كانت الحركات أكبر عائق يحول بين والقاف والضاد والطاء والظاء ،وعليه ُيتوقع أن
تطابق نطق اللغة الثانية ونطق اللغة األم ،لكن تغي ًرا في صفات هذه األصوات عند نطق نلمح ّ
األمر كان خالف ذلك في تعلم الحاالت للغة الحالة بها.
ً
نسبيا العربية ،ألن الحركات في العربية محدودة -أما العين فمن أكثر األصوات التي يقع غير
فهي :الفتحة القصيرة املرققة ،والفتحة الطويلة العربي في حرج عند نطقه؛ ألنه من األصوات
املرققة ،والفتحة القصيرة املفخمة ،والفتحة ً
متوترا في ً
عضليا املميزة للعربية ،إذ تحتاج ً
جهدا ّ
الطويلة املفخمة ،والكسرة القصيرة ،والكسرة عضلة الحلق لنطقها ،لذلك يمكن أن يقال إن
الطويلة ،والضمة القصيرة ،والضمة الطويلة، العربية هي لغة العين 13،وليس لغة الضاد ملا
ولم تجد الحاالت مشكلة في نطق الحركات لصوت العين من خصوصية في نطقه تجعله
العربية ملحدوديتها ووجودها في اللغة األم ،لكن عصيا على التعلم عند متعلم العربية لغة ثانية،ًّ
ً
وتحديدا في املشكلة ظهرت في أنصاف الحركات،
133
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
بينما يستطيع الصغار اكتساب هذه الواو شبه حركة ،إذ إن الحالتين جعلتا الواو
األصوات بسهولة ألن ألسنتهم قابلة للتعامل مع نصف الحركة في مثل " وصل " وكأنها فاء
ُ َ
أصوات اللغة ،والتحرك بمقتض ى ما تمليه مجهورة فن ِّطقت ) )vasalaوينطبق هذا على واو
خصائ هذه األصوات 15،وليس للوعي باللغة العطف كذلك.
أثر واضح في هذه العملية على وجه التحديد، ينقسم التغيير الذي يطرأ على األصوات إلى
يحسنان منوهذا ال يعني أن التقليد واملحاكاة ال ّ قسمين؛ ما يقع ضمن دائرة التغيير األلوفوني في
النطق ،لكنهما ال يصالن بالنطق إلى الصورة لغة معينة ،ومنها ما يقع ضمن دائرة التغيير
األمثل .فاأللسنة قابلة ملمارسة نطق األصوات الفونيمي في اللغة نفسها ،ففي العربية تنوع
ّ
على طبائعها في لغتها األصلية ،مما يجعل تمكن فونيمي بين السين والصاد ،كما هو الحال في" ،
ُ
الصغار من خصائ الصوت وسماته أقوى من سال وصال " ،و" نسر ونصر " ،فإذا ما ن ِّطقت
ّ ً
تمكن الكبار " ،والسر في هذا أن األعضاء الصاد سينا في " صبر " و" انتصر " فال تختلط
ً
الناطقة تكون عند الصغار قابلة ألي تشكيل، املعاني ،لكنها تلتبس إذا ما نطقت الصاد سينا
ً
مطواعا ألي تغيير ،أما الكبار فإن طول ِّإلفة في كملة " نصر" و" صال " ،أو أن تنطق الضاد
ً
نطق الصوت على هيئة معينة ،وعدم بلوغ درب " مما ُيفض ي ضرب " فتصير " ْداال في كلمة " ْ
اإلمكانات النطقية املوجودة في لغات أخرى تغير في املعنى بسبب تغير صفات الصوت، إلى ّ
يجعل األعضاء الناطقة أضعف استجابة وأقل فالتغير هنا فونيمي وليس مجرد تبدل ألوفوني ّ
ً
تكيفا عند نطق أصوات اللغة الثانية ،فكأن للصوت.
الزمان يطوي من قدرات اللسان وسائر أعضاء لقد تبين من خالل تحليل األخطاء الصوتية
النطق ما كانت قادرة على أدائه بيسر وسهولة". التي وقعت فيها الحاالت أن نسبة األخطاء
16 الصوتية التي يمكن إرجاعها إلى تأثير اللغة األم
وعندما تدخل هذه األصوات ذات السمت ليست بالقليلة ،بينما قد تبدو النسبة قليلة في
الصاص ضمن النظام اللغوي الصاص بهؤالء املستوى الصرفي والنحوي ،وربما يكون ذلك
الناطقين باللغة العربية من أصول هندية ،ال بسبب أن جهاز النطق ،في نهاية األمر ،مجموعة
تكون هذه األصوات هندية رغم أنها بتأثير منها، من العضالت التي تحتاج إلى تدريب ،والحاالت
وليست عربية رغم أنها محاولة لتقليدها ،لكنها موضع الدراسة تجاوزت أعمارهن األربعين،
ناشئة عن نظام خاص باملتعلم هجين من هذه طي ٍع غير ّ
بمعنى أن جهاز النطق الصاص بهن ُ
ِّ
وتلك ،قد تأتي من عدم وجود الصوت في اللغة للتدريب ،ألنه قد اعتاد آليات نطق مغايرة،
غريبا ًً ً ً وأظهر ما كان ذلك في نطق األصوات التي يكون ُ
تماما ،أو أنها األم أصال ،إذ يعد صوتا
ً فيها لذلق اللسان دور أساس ي ،أي أنه كان ً
تشبه صوتا ما في اللغة األم فتتوهم الحالة بأنه جزءا
ناطقا 14،مثل الضاد والدال والراء والنون ً
هو.
من هنا أخذ الباحثون يحاولون تصنيف والطاء والظاء ،والالم املفخمة والصاد .مما
تلك األخطاء بهدف فهمها ،ويقارنونها مع األخطاء يجعلنا نقول إن األصوات التي يكون لذلق
التي يقع فيها األطفال عند تعلم اللغة األم .وقد اللسان دور أساس ي فيها لم يتمكن الناطقون
ً ً
تزامنت هذه املحاوالت مع تطورات ميدان صحيحا ،واستمرت بالهندية من نطقها نطقا
اكتساب اللغة األولى التي حولت األنظار إلى لغة لكنة اللغة الهندية ظاهرة األثر فيها.
134
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
ً ً ً
نجاحا في تعلم اللغة الثانية ،والعكس صحيح، موضوعا للدراسة مستقال الطفل باعتبارها
فكلما زاد شعورهم بالبعد عن ذلك املجتمع بذاته ،وليس باعتبارها محاوالت إلنتاج لغة
بقيت لغتهم أشبه باللغة الهجين. الراشدين .كما بدأت دراسات تعلم اللغة
وربما نستطيع أن نقول هنا إن اللغة الهجين الثانية ،وبتأثير االهتمام بفهم األخطاء املرتبطة
هي مرحلة من مراحل تعلم اللغة الثانية ،تمتاز بعمل الجهاز املعرفي للمتعلم ،تهتم بشكل أكبر
بطبيعة نطق معينة لألصوات العربية ،وأنه كلما بالسمات العامة لنظام اللغة الثانية ،فظهر
أتقن املتعلم هذه اللغة ابتعد عن اللغة الهجين أثناء ذلك مصطخلح اللغة البينية
واقترب من اللغة الهدف ،وأن نقول إن الحالة ( ، 17) Interlanguageلإلشارة إلى اللغة التي
بمستوى األداء الصوتي هذا هي شكل من أشكال نظاما يقوم على ً ينتجها املتعلمون بوصفها
متغير املثاقفة ( 22)Acculturationالذي أشار قواعد منتظمة في كل مرحلة من مراحل
إليه شومان ،والذي تتوحد فيه العوامل تعلمهم 18.أي أن مفهوم اللغة البينية يشير إلى
االجتماعية والعوامل النفسية لدى املتعلم مع أمرين :أن اللغة التي ينتجها املتعلم نظام
مجموعة اللغة املستهدفة ،وأن مدى تعلم الفرد ( )systemمستقل بذاته وخاضع لقواعده
للغة الثانية يتسع أو يضيق حسب املثاقفة التي الصاصة ،وأنه ديناميكي ( )dynamicيتطور مع
حققها؛ أي العوامل النفسية واالجتماعية التي ْ
بسمتها الوق ت ، 19وهذا يعني أن نطق الراء
تحكم عالقته مع مجموعة اللغة املستهدفة. الهندي هنا جزء من نظام هذه اللغة الهجين
لقد وصلت الحاالت محل الدراسة إلى درجة املرحلي ،وهذا السمت قد يتغير ألنه نظام
من املثاقفة سمحت لها باستخدام العربية ديناميكي متطور .وبهذا تكون دراسات اللغة
بشكل جيد في املستوى التركيبي والصرفي ،لكن البينية قد تقدمت خطوة على تحليل األخطاء
املثاقفة هذه لم تسعف في الجانب الصوتي، من ناحية تركيزها على نظام املتعلم بكامله،
بسبب تلك اللكنة التي تشبه اللغة الهجين ،مما وليس فقط على ما يقع فيه من أخطاء.
يمكننا من أن نقول إن املثاقفة ال تزيد من نسبة وقد ارتبط هذا بمصطخلح التهجين واملثاقفة
إتقان املتعلم لألصوات العربية في حين قد تعين ( ، 20) pidginization/acculturatiomإذ
في املستوى الصرفي والنحوي ،وهذا قريب مما لوحظ في ضوء الدراسات التجريبية على
سمي بالتحجر ( ، 23) fossilizationإذ يقول املتعلمين خارج إطار تعليم اللغة املنظم أن اللغة
ّ
الجاحظ " فأما حدوث الكالم فإن حكمها خالف البينية املبكرة لدى هؤالء تشبه اللغة الهجين
هذا الحكم ،أال ترى أن السندي إذا جلب ً
كبيرا ()pidgin language؛ وهي لغات مبسطة
فإنه ال يستطيع إال أن يجعل الجيم ً
زايا ،ولو ألغراض التجارة ليس لها متحدثون أصليون21،
عاما ...ويجعلأقام في عليا تميم ...،خمسين ً وتحمل سمات خاصة ،من مثل ترتيب الكلمات
ُ
العين همزة " 24مما يؤكد على أن للمرحلة الثابت ،والصلو من الزوائد الصرفية .وقد شبه
العمرية التي يبدأ فيها متعلم اللغة العربية لغة اكتساب اللغة الثانية في مرحلة من مراحله
أساسيا في إتقانه لنطقً ثانية التعلم ً
دورا بتشكل اللغات الهجينة ،وربطت عملية
ً
األصوات ،وفسر الجاحظ ذلك قائال " :متى ترك االكتساب بدرجة املثاقفة لدى املتعلمين ،إذ
شمائله على حالها ولسانه على سجيته كان كلما شعر املتعلمون بأنهم أقرب إلى مجتمع
املتكلمين باللغة الهدف ،كانوا أكثر مثاقفة وأكثر
135
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
أن تتمرن عضالته فيتمكن من نطق أصوات مقصورا بعادة املنشأ على الشكل الذي لم يزل ً
كثيرة ربما ال تكون عربية ،أما اللغات التي لم فيه 25".واملقصود بعادة املنشأ تأثير اللغة األم.
تعتد أجهزة النطق الصاصة بأصحابها أن تنطق سبقت اإلشارة إلى أن تعلم اللغة الثانية
ً
أصواتا ضمن املدرج الصوتي العربي فلن يشبه االكتساب اللغوي بالنسبة لألطفال في
تستجيب مواضع النطق الصاصة ببعض جوانب كثيرة ،لكنهما يختلفان في أن العملية
األصوات من أن تستخدم تلك األنسجة األولى واعية في حين أن الثانية غير واعية،
العضلية على النحو األمثل ،فتظهر اللكنة. فالتعلم " عملية واعية ينتج عنه معرفة حول
ورغم أن املدرج الصوتي األوسع للغة العربية اللغة " ،26وهذا جعل الحاالت محل الدراسة
يعد ميزة من ميزاتها ال شك ،إال أنه قد يشكل واعية بميكانيكية النطق ،خاصة أن إحدى
ً
مشكلة عند متعلم اللغة العربية لغة ثانية في الحاالت متخصصة باللغويات ،وتعي آلية النطق
نطق بعض األصوات. أثناء نطق الصوت ،إذ تشكلت لديها معرفة حول
ويبدو السؤال عن طريقة تعليم اللغة األمثل اللغة أثناء التعلم ،وليست مجرد حالة
ً
ضروريا ،فهل ثمة طريقة تعالج هذه العيوب هنا الشعورية كما هو األمر بالنسبة لألطفال ،ومع
الصوتية ،أو تتفادى وقوعها؟ يتفق املنظرون ذلك بقيت مشكلة نطق بعض األصوات
لتعليم اللغة الثانية على أنه ليس ثمة طريقة موجودة لديها ،فهل نستطيع أن نقول إن
مثلى تناسب الظروف التعليمية جميعها وتخلو االكتساب يؤدي إلى نطق أنموذج ألصوات اللغة
من القصور ،فطرائق تعليم اللغات األجنبية األم في حين ال يؤدي التعلم إلى إتقان األصوات
باختالف تختلف ومتعددة كثيرة ذات الصصائ التمييزية؟
املداخل ( )approachesالتي تستند إليها ً
ربما يكون ذلك صحيحا لكون املسألة
َّ
واألساليب ( )Techniquesالتي تنفذ بها في متعلقة بجهاز النطق وعضالته ،ومعلوم أن
عملية التعليم .كل طريقة في التدريس لها حداثة السن لها دور محوري في استجابة
محاسنها ويمكن االستفادة منها في تدريس اللغة تدرب متعلم اللغة العضالت للتمرين ،ومهما ّ
الثانية 28،إال أن هناك طريقة قليلة النفع الثانية إال أن بقايا لغته األم تظهر في لكنته في
وأخرى فاعلة ومؤثرة في العملية التعليمية، بعض األصوات ،وإن أخفى ذلك بإتقانه
ً
انطالقا من هذا التصور خرج هيكتور هامرلي للمستوى الصرفي والنحوي ،فال يتمكن من
( )Hector Hammerlyبنظريته التكاملية ،التي الصفات التمييزية لبعض األصوات مثل الراء
تشير إلى أن الطريقة املثلى لتعليم اللغات ال بد والعين والحاء الضاد والصاء والقاف ،وهي
من أن تأخذ من النظريات املختلفة بطرف من صفات تمتلكها أصوات العربية ،وذلك ألنها ،أي
سلوكية ونفسية واجتماعية وغيره ،واستقر العربية ،تمتلك أوسع مدرج صوتي عرفته
لديه يقين بأن تدريس اللغة الثانية وتعليمها اللغات حيث تتوسع مخارج األصوات من
ّ
ينبغي أال يعتمد على نظرية بعينها ،وأنه يقتض ي الشفتين إلى أقص ى الحلق 27،وقد نجد في لغات
ً ً ً ً
مزيجا متكامال يدفع بعملية التعلم لتحقيق أعلى عددا ولكن أخرى غير العربية حروفا أكثر
نسب النجاح ،ثم انتقل لخلحديث عن نظريته مخارجها محصورة في نطاق أضيق ومدرج
التكاملية في تدريس اللغة والتي يراها نظرية أقصر .من هنا فإن توزع أصوات العربية على
انتقائية تأخذ بجميع العوامل في الحسبان، منطقة أوسع من جهاز النطق أتاح لهذا الجهاز
136
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
املواقف التعليمية ،فمعنى ذلك أنه ينبغي على ويشير في عبارة موجزة إلى أن النجاح في تعليم
معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها أال يتقيد اللغة ينحصر في تخريج دارسين قادرين على
بطريقة معينة دون غيرها ،وإنما ينتقي منها ما الثرثرة باللغة الهدف فقط ،فيقول " :بمقدور
يناسب املوقف التعليمي الذي قد يفرضه كل مدرس لغة أن يخرج دارسين يستطيعون أن
درس فيه اللغة ،أو الهدف من املجتمع الذي ُت َ ً
يثرثروا شيئا يشبه وبصورة غامضة اللغة
تعليمها ،أو مستوى الدارسين وتخصصاتهم ،أو الثانية وذلك إذا كان التركيز ينصب كله على
لغتهم القومية ،إال أن أههم الطرق التي قد تبدو مبدأ االتصال الحر مع إهمال الدقة اللغوية "،
مناسبة لتعليم أصوات اللغة العربية الطريقة وهذا يشبه إلى حد ما مرحلة اللغة الهجين،
( Audio-lingual الشفوية السمعية ويتساءل " :ولكن هل هذا هدف تربوي مقبول؟
32) methodالتي تتيح االستماع للنطق " ويجيب " :إن تنمية نظرية تدريس اللغة
األنموذج للصوت وتقليده ،كما أنها تتضمن واملنهجية الالزمة لها تكمن فيما إذا كان في
فكرة " االنغماس " فاملتعلم يستمع ويتحدث مع مقدور تلك النظرية تحقيق الطالقة اللغوية إلى
جماعة لغوية من الناطقين بالعربية. جانب الدقة أو الكفاية االتصالية والكفاية
تنطلق هذه الطريقة من النظر إلى اللغة اللغوية" 29.وكأن هامرلي ( )Hammerlyيشير
كالما وليست كتابة ،وأنها مجموعة من بوصفها ً إلى مرحلة مقبولة من تعلم اللغة وصف بها
العادات يمارسها أهلها ،وليست ما يظن أنه عملية الكالم بـ " الثرثرة " ثم تتجاوز مرحلة
جدا في التدريبينبغي أن يمارس ،وهذا مفيد ً الهجين التي قد تعين في أغراض التواصل وال
على النطق .ويركز املنظرون لهذه الطريقة على تصل إلى الطالقة ،أو الكفاية اللغوية.
ضرورة أن يسير تعليم اللغة األجنبية بموجب ويتناول هامرلي ( )Hammerlyكذلك "
تسلسل معين هو :االستماع ،ثم الكالم ،ثم مذهب االنغماس " ( 30) submersionالذي
القراءة ،ثم الكتابة 33،من املمكن االتفاق يركز على األنشطة االتصالية ،إذ يعيش الدارس
معهم على أهمية االستماع وأولويته ،على أن في مجتمع اللغة الثانية ،كل من يتعامل معهم
ً ّ
يبقى االستماع مرافقا للمهارات األربع ،وأن معلمون ،فهم ناطقون أصليون للغة األم .وهذا ِّ
تكون املهارات األربع مرافقة لالستماع ،بمعنى ما توفر لخلحالة ،فقد يبدو تحقيق االنغماس
أن " ثم " ليست هي حرف العطف املناسب صعبا حين يتواصل املتعلم بمتحدث واحد للغة ً
ّ
لترتيب املهارات .فصحيح أن طريقة تعلم اللغة الثانية هو املعلم فحسب .واالنغماس ال شك
األجنبية تماثل طريقة اكتساب الطفل لغته مفيد في تعلم مستويات اللغة الثانية جميعها،
ً ُّ
األم ،فهو يستمع أوال ،ثم يحاكي ما استمع إليه، باستثناء استكمال تعلم نطق األصوات ،وأقول
ثم يذهب إلى املدرسة ليتعلم القراءة ثم الكتابة، استكمال بمعنى أنه يعين في تعلمها إال أنه قد
لكن مهارة االستماع والتحدث ال تتوقف أثناء يفشل في إكساب بعض األصوات صفاتها
متواز ،أثناء
ٍ ذلك ،فاملهارات األربع تسير بشكل التمييزية ،كما سبقت اإلشارة ،وهذا يؤكد قول
تطوير الطفل لكفايته اللغوية ،واألمر ذاته الجاحظ " :ولو أقام في عليا تميم خمسين ً
عاما
ينطبق على تطوير الكبير ملهاراته أثناء تعلم اللغة 31 ".
الثانية. وإذا كانت طرائق تدريس اللغة األجنبية
كثيرة متعددة ،وليس منها ما هو مناسب لكل
137
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
بالعربية ترتبك وتعود لسابق عهدها من نطق وتساعد هذه الطريقة الحاالت في تكوين
الصوت املعين بلكنة هندية ،فهل لنظرية العادات اللغوية عن طريق املران على القوالب
الراشح الوجداني دور في تفسير تعلم األصوات، وتقليد األصوات ،فما يحتاج إليه املتعلم هو
أم أنها تصخلح ملستويات اللغة األخرى إال املستوى تعلم اللغة الثانية وليس التعلم عنها فحسب،
الصوتي؟ ربما يعمل الراشح الوجداني بطريقة ُّ
التمرن على نطقها ،وال وهذا يعنى أنه بحاجة إلى
مخالفة في هذه الحالة ،فمقاومة الحالة إلى معرفة قوانينها وتحليالتها اللغوية فحسب.
للمدخالت اللغوية ضعيفة مما يفترض تفاعلها واجهت إحدى الحاالت حالة من االرتباك
مع املدخل إلنتاج كالم يتناسب معه أي فقد كانت تنطق األصوات بطريقة تقترب من
بمستوى قريب من الصحة ،لكن الواقع خالف نسبيا في الوقت الذي يتم فيه ً نطقها الصحيح
ذلك ،فرغم ضعف الراشح الوجداني وإيجابية تسجيل الصوت ،لكنها في أوقات كثيرة تكون فيها
التوجه نحو اللغة الثانية إال أن املوقف بمواجهة مجموعة من الناطقين بالعربية ترتبك
التعليمي الذي استدعى مواجهة مجتمع من وتعود إلى سابق عهدها من النطق الصاطئ قبل
املتكلمين قد أضعف قدرة الحالة على التحكم التدريب ،فهل تعد فرضية الراشح الوجداني
بعضالت جهازها النطقي ،فاملسألة كما سبقت مناسبة لتفسير هذا املوقف؟
اإلشارة ليست مسألة ملكة عقلية إلنتاج الجمل تؤسس فرضية الراشح الوجداني العالقة
والصيغ الصرفية فحسب ،بل هي مرهونة بين العوامل الوجدانية وعملية تعلم اللغة
بالتحكم بعضالت أعضاء النطق ،وقد خذلت الثانية من خالل افتراض أن املتعلمين يتفاوتون
هذه العضالت الحالة في ذلك املوقف التعليمي، في مدى صالبة راشحاتهم الوجدانية أو
ألن الحالة متخصصة باألصوات ومدركة ملدى مستواها .فأولئك الذين تكون مشاعرهم تجاه
قصور جهازها النطقي عن أداء الصوت على اللغة الثانية سلبية سيميلون إلى البحث عن
نحو صحيح ،فتخجل وتتردد في نطق الصوت، مدخالت أقل ،وسيكون لديهم راشح وجداني
رغم أن وعي الحالة وضعف راشحها الوجداني أقوى أو أكثر مقاومة ،مما يعيق وصول املدخالت
تمرنها على نطق الصوت، ذو أثر إيجابي في طريقة ّ اللغوية إلى ذلك الجزء من الدماغ املسؤول عن
فهي مدركة ً
تماما مليكانيكية نطق الصوت ،إال اكتساب اللغة .أما األشصاص الذين يحملون
أن هذا الوعي قد جعلها تدرك مدى قصور أدائها مشاعر إيجابية الكتساب اللغة الثانية فإنهم
عن الوصول إلى الصورة األمثل للنطق. سيبحثون عن مدخالت لغوية أكثر ويحاولون
النتائج: تمثلها ،وستكون راشحاتهم الوجدانية أقل
إن كل مبحث من مباحث علم اللغة ً
انفتاحا مقاومة من سابقيهم ،وسيكونون أكثر
التطبيقي إنما يدرس لإلسهام في حل مشكلة أمام املدخالت اللغوية وستصل لديهم إلى
عملية ،وعلى ذلك فإن األخطاء ال تدرس لذاتها، ً
صحيحا أعماق أبعد 34.كيف يكون ذلك
صحيح أنها تفيد إفادة محققة في الكشف عن والحالة محل الدراسة ذات راشح وجداني
طبيعة التعلم لكن ما يهمنا هو كيف نواجه ضعيف ومستعدة بشكل إيجابي لتعلم العربية،
األخطاء وكيف نتالفاها ،وقد تم اختيار منهج وقد تصل إلى نطق مقبول للصوت في موقف
دراسة الحالة هنا بهدف تحليل أخطائها تعليمي معين ،لكنها في موقف آخر فيه مواجهة
للوقوف عند كل جزئية ال يتاح الوقوف عندها مباشرة ملجموعة أكبر من املتكلمين األصليين
138
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
-تختلف األخطاء التي يقع فيها متعلم اللغة في الدراسات النظرية ،ورغم أنه متهم ،أقصد
ً
العربية لغة ثانية من أصول آسيوية في املستوى املنهج ،بالصصوص الذي قد تبدو نتائجه غير
الصوتي عن تلك التي يقع فيها متعلمها من قابلة للتعميم ،لكن نتائج الحاالت املحدودة
أصول أوروبية أو تركية أو فارسية ،وذلك ملا تدعم نتائج الحاالت العامة " ،بل إنها ال تكون
تتركه اللغة األم من أثر في نطق األصوات قد إال تحت مظلتها ،والصصوص في الغالب ناتج عن
يعجز املتعلم عن تفاديها. ً
واقعا تحت تأثير متغير أو كون عنصر الظاهرة
-ال بد من وصف آلية نطق األصوات العربية عدد من املتغيرات التي ال تتأثر بها عناصر أخرى
بداية وتقديمها في مجموعات حسب املخرج من الظاهرة نفسها 35 "،وإذا نظرنا في مجموع
والصفات ،ومراعاة األصوات التي تشترك مع املؤثرات ونتائجها في عدد كبير من دراسات
اللغة األم ،وتقديمها في سياقات صوتية الحالة كان من املمكن أن ننتهي إلى " تصور
مختلفة ،قبل أن نبدأ بتعليم اللغة ،وذلك ألن شامل موحد من سماته األساسية أن الجانب
ّ
املتعلم يكون أقدر على تعلم الظاهرة اللغوية النظري فيه مستنبط من الجانب العملي،36 ".
كلما كان أقدر على تفسيرها. وعليه فقد خرجت هذه الدراسة التطبيقية
ً
واضحا في -لقد تركت اللغة األم لخلحالة ً
أثرا بمجموعة من النتائج النظرية ،لعل أهمها:
نطق بعض األصوات من مثل الراء والنون -نستطيع أن نعتمد على النظرية السلوكية في
والدال ،حتى ليكاد السامع أن يعرف من طريقة تفسير عدم قدرة الكبار على إتقان نطق
نطق الصوت أن املتكلم من أصول هندية. األصوات العربية ،فاللغة سلوك كأي نمط من
ُ َ َّ
-رغم أن املدرج الصوتي األوسع للغة العربية األنماط األخرى للسلوك اإلنساني ،تتعلم عن
يعد ميزة من ميزاتها ال شك ،إال أنه قد يشكل طريق عملية تكوين العادة ،والطفل يقلد
مشكلة عند متعلم اللغة العربية لغة ثانية في األصوات واألنماط التي يسمعها حوله ،وقد
نطق بعض األصوات. سبق له في مرحلة تكوين العادات اللغوية أن
-إن متعلم اللغة الثانية يتعلم مهارة على سمع هذه األصوات ومن ثم قلدها ،أما الكبير
أساس مهارة موجودة بالفعل ،وال بد من أن فقد تخطت عضالته تلك املرحلة ،وربما ال يصل
يحدث تداخل بين املهارتين عند التعلم ،فاملتعلم في تكوين عاداته فيها إلى الشكل األمثل.
ً ً
طبيعيا إلى أن ينقل أنظمة لغته األولى يميل ميال -ربما يكون الجانب الصوتي هو الجانب الذي
إلى اللغة الثانية ،وهذا ما وصف بأنه من قبيل تظهر فيه لكنة اللغة األم ،وليس ثمة مجال
التداخل اللغوي37. ملقارنة اكتساب الطفل لألصوات اللغوية
-ال تزيد املثاقفة من نسبة إتقان املتعلم وتعلمها وتصحيح عيوب النطق فيها ،وبين عيوب
لألصوات العربية ،في حين قد تعين في باقي نطق األصوات عند متعلم العربية لغة ثانية،
مستويات اللغة من الصرف والنحو والداللة. فأيا كان العيب في نطق صوت الراء مثال عند ً
الهوامش: الطفل فلن نجده ينطقها لثوية انعكاسية
وكذلك الدال والراء.
139
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
18
16سمير استيتية ،اللسانيات ،ص 463 العربية ،ط ،4الرياض0402 ،هـ0919/م ،ص
17
02.
http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2
61.doc
140
العدد الخامس مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب
2018
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ :أساليب تدريس اللغة العربية ،ط،4
هكتور هامرلي ،النظرية التكاملية في تدريس اللغات 29
الرياض0402 ،هـ0919/م.
ونتائجها العملية ،ترجمة :راشد الدويش ،الرياض0994 : الراجحي .عبده :علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية،
،ص .44 اإلسكندرية :دار املعرفة الجامعة.0993،
http://www.m-a- 30
Richard. Jack: Error analysis, London:
arabia.com/vb/showthread.php?t=23574 Longman,1974.
31الجاحظ ،البيان والتبيين ،ص 60 عمر .أحمد مختار :دراسة الصوت اللغوي ،القاهرة :عالم
32محمد علي الخولي ،أساليب تدريس اللغة العربية ،ص الكتب ،0910 ،ط.0
04 Fries: Teaching and Learning English as a
33محمد علي الخولي ،مرجع سابق ،ص 40 foreign language,1945
34جودي ويليس ،تعليم الدماغ القراءة ،استراتيجيات القاسمي .محمد علي :اتجاهات حديثة في تعليم العربية
تحسين الطالقة واملفردات واالستيعاب ،ترجمة :سهام للناطقين باللغات األخرى ،الرياض :جامعة الرياض،
الجمال ،الرياض :دار عبيكان ،0203 ،ط ،0ص.026 عمادة شؤون املكتبات.
.Krashen, 1982: 32 كولنج .ن ،ي :املوسوعة اللغوية ،ترجمة :محي الدين
35استيتية ،اللسانيات ،ص 446 الحميدي ،عبد هللا الحميدان ،الرياض :جامعة امللك
36استيتية ،اللسانيات ،ص443 سعود ،املجلد األول ،اللغات كيف نعلمها ونتعلمها،
37هكتر هامولي ،النظرية التكاملية في تدريس اللغات ديفيد ولكنز.
ونتائجها العلمية ،ص 012 هامرلي .هكتور :النظرية التكاملية في تدريس اللغات
قائمة املراجع: ونتائجها العملية ،ترجمة :راشد الدويش ،الرياض.0994 :
ابن جني .أبو الفتح :الصصائ ،القاهرة :الهيئة املصرية ويليس .جودي :تعليم الدماغ القراءة ،استراتيجيات
العامة للكتاب ،0202 ،ط.4 تحسين الطالقة واملفردات واالستيعاب ،ترجمة :سهام
ابن خلدون .عبد الرحمن :مقدمة ابن خلدون ،تحقيق: الجمال ،الرياض :دار عبيكان ،0203 ،ط.0
درويش الجويدي ،صيدا -بيروت :املكتبة العصرية. املواقع اإللكترونية:
استيتية .سمير :اللسانيات ،املجال ،والوظيفة ،واملنهج، http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2
إربد :عالم الكتب الحديث ،0221 ،ط.0 61.doc
Pike. Kenneth: Language in Relation to a www.m-a-arabia.com
Unified Theory of The Structure of www.academia.edu/6337249
Human Behavior, Janua Linguarum. https://www.researchgate.net/publication/309894
Series Maior, 2nd 2.,REV., Reprint 2015 47
ed.Edition. https://books.google.com.sa/books?isbn=9796500
بلبولة .مصطفى :فلسفة اللغة واللسانيات في الفكر 023939
املعاصر :على خطى همبولت ،األكاديمية للدراسات http://www.m-a-
االجتماعية واإلنسانية ،قسم الفلسفة ،العدد.0202 ،01 arabia.com/vb/showthread.php?t=23574
الجاحظ .عمرو بن بحر :البيان والتبيين ،تحقيق :عبد
السالم هارون ،القاهرة :مكتبة الخانجي ،0991 ،ط.2
الخولي .محمد علي :األصوات اللغوية ،النظام الصوتي
للغة العربية ،عمان :دار الفالح للنشر.
141