صعوبات نطق الأصوات العربية عند متعلمي العربية لغة ثانية؛ دراسة حالة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫‪2018‬‬ ‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬

‫(‪ ،)interlanguage‬التي ينتجها املتعلمون بوصفها‬ ‫صعوبات نطق الأصوات العربية‬


‫نظاما يقوم على قواعد منتظمة في مرحلة من مراحل‬ ‫ً‬ ‫عند متعلمي العربية لغة ثانية؛‬
‫التعليم‪ .‬وسيناقش البحث ما إذا كانت هذه الصفات‬ ‫دراسة حالة‬
‫مرحلية في اللغة البينية وستتعدل بفعل التدريب‪ ،‬أم أن‬
‫قابلية التعديل تنطبق على مستويات اللغة جميعها‬ ‫د‪ .‬رانية أحمد عموري‬
‫باستثناء املستوى الصوتي‪.‬‬ ‫جامعة الجوف‬
‫الكلمات املفاتيح‪ :‬دراسة الحالة‪ ،‬التحليل التقابلي‪،‬‬ ‫السعودية‪.‬‬
‫اللغة البينية‪ ،‬الطريقة السمعية البصرية‪ ،‬تحليل‬ ‫املخلص ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األخطاء‪.‬‬ ‫معلوم أن ألصوات العربية طبيعة خاصة يصعب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪Abstract:‬‬ ‫على متعلميها لغة ثانية من البالغين أن يتقنوها‪ ،‬إذ تبقى‬
‫‪The present study investigates the‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لكنة اللغة األم ظاهرة األثر في كثير من األصوات‪ ،‬من‬
‫‪difficulties of Arabic pronunciation‬‬ ‫مثل العين والحاء والغين والراء ‪...‬الخ‪ ،‬وقد اهتم البحث‬
‫‪encountered by non-native speakers.‬‬ ‫ً‬
‫‪It has been commonly known that‬‬ ‫وتحديدا األصوات‬ ‫بمشكالت نطق األصوات العربية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪Arabic phonemes are of special‬‬ ‫ذات السمات الصاصة‪ ،‬عند متعلمي العربية لغة ثانية‬
‫‪features that cannot be grasped easily‬‬ ‫وتحديدا من الناطقين باإلنجليزية من‬ ‫ً‬ ‫من البالغين‪،‬‬
‫‪even by the adults as a second‬‬ ‫ً‬
‫أصول هندية‪ ،‬معتمدا على منهج دراسة الحالة‪،‬‬
‫‪language. This is attributed to the‬‬
‫ومستقيا مادته من نتائج فرضية التحليل التقابلي‬ ‫ً‬
‫‪fact that Arabic language – as mother‬‬
‫‪tongue – is impactful on various‬‬ ‫(‪ )contrastive analysis hypothesis‬ونظرية تحليل‬
‫‪ H-aa‬العين ‪phonemes such as Ayn ,‬‬ ‫األخطاء )‪ ،)error analysis‬وقد اختار البحث حالتين‬
‫‪ and so on. The‬الراء ‪R-aa‬الحاء‪,‬‬ ‫كلتاهما من األكاديميين العاملين في جامعة الجوف‪،‬‬
‫‪current study centralizes Arabic‬‬ ‫لتبين مدى قدرتهم‬ ‫عاما‪ُّ ،‬‬
‫ممن تجاوزت أعمارهم األربعين ً‬
‫‪pronunciation difficulties especially‬‬
‫على نطق بعض األصوات‪ ،‬ومالحظة مدى تأثير لغتهم األم‬
‫‪that‬‬ ‫‪phonemes‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪special‬‬
‫‪characteristics‬‬ ‫‪for‬‬ ‫‪non-native‬‬ ‫في ذلك‪ ،‬وقد اختار البحث أن تكون إحدى الحاالت‬
‫‪learners from Indian origin in‬‬ ‫متخصصة باللغويات‪ ،‬لوعيها النسبي بالصطأ‪ ،‬وليسهل‬
‫‪particular adopting case study‬‬ ‫عليها تمييز الفروق بين األصوات‪.‬‬
‫‪approach. The subjects for the study‬‬ ‫وقد اعتمد البحث في رصد ذلك على إخضاع الحالة‬
‫‪were two academic employees from‬‬
‫‪AlJouf University, KSA whose age is‬‬ ‫الختبار نطق األصوات العربية في سياقات صوتية‬
‫‪over forty to examine their ability to‬‬ ‫مختلفة‪ ،‬فوقع على مجموعة من النتائج‪ ،‬لعل من أهمها‬
‫‪pronounce some phonemes and to‬‬ ‫السمات التمييزية التي يتم إكسابها لبعض األصوات‬
‫‪check how far their native tongues‬‬ ‫العربية لدى الناطقين بها من أصول هندية‪ ،‬من مثل‬
‫‪affect‬‬ ‫‪their‬‬ ‫‪pronunciations.‬‬
‫نطق الدال والتاء انعكاسية لثوية ( ‪alveolar‬‬
‫‪Furthermore, the research focuses‬‬
‫‪upon the pivotal role of practice to‬‬ ‫‪ ،)retroflex‬ونطق الراء انعكاسية لثوية متأخرة ( ‪apico‬‬
‫‪correct pronunciation errors. It also‬‬ ‫‪... )alveolar retroflex‬الخ‪ ،‬كما وقف البحث على‬
‫‪highlights the importance of role-‬‬ ‫أهمية التدريب في تصويب نطق الصوت‪ ،‬ودور املحاكاة‬
‫‪play as well as audio-lingual method.‬‬ ‫واستخدام الطريقة السمعية الشفوية ( ‪Audio- ligual‬‬
‫‪[The‬‬ ‫‪instruments‬‬ ‫‪used‬‬ ‫‪were‬‬
‫‪ )method‬في ذلك‪ .‬وحاول البحث أن يقف عند تلك‬
‫‪observation,‬‬ ‫‪recordings‬‬ ‫‪and‬‬
‫‪structured questionnaire and the‬‬ ‫الصفات التي يتم إكسابها لبعض األصوات العربية‪ ،‬وما‬
‫عدها إحدى صفات اللغة البينية‬ ‫إذا كان من املمكن ّ‬
‫‪findings have been tabulated and‬‬

‫‪128‬‬
‫‪2018‬‬ ‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬

‫‪not. The study also seeks to analyze if‬‬ ‫‪analyzed‬‬ ‫‪statistically‬‬ ‫‪and‬‬
‫‪these attributes can later be‬‬ ‫]‪descriptively‬‬
‫‪developed, modified or applied on all‬‬ ‫‪The aim of the study is to identify‬‬
‫‪language levels except that of the‬‬ ‫‪these attributes that are related to‬‬
‫‪phoneme level .‬‬ ‫‪some Arabic phonemes to examine‬‬
‫‪Keywords: Case study, Contrastive‬‬ ‫‪whether they can be central‬‬
‫‪analysis,‬‬ ‫‪Interlanguage, Audio-‬‬ ‫‪characteristics – produced by non-‬‬
‫‪Lingual method Error analysis .‬‬ ‫‪native speakers as if they were‬‬
‫‪systematic rules - of interlanguage or‬‬

‫من أهمها السمات التمييزية التي يتم إكسابها‬ ‫املخلص ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫لبعض األصوات العربية لدى الناطقين بها من‬ ‫معلوم أن ألصوات العربية طبيعة خاصة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أصول هندية‪ ،‬من مثل نطق الدال والتاء‬ ‫يصعب على متعلميها لغة ثانية من البالغين أن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫انعكاسية لثوية (‪ ،)alveolar retroflex‬ونطق‬ ‫يتقنوها‪ ،‬إذ تبقى لكنة اللغة األم ظاهرة األثر في‬
‫الراء انعكاسية لثوية متأخرة ( ‪apico alveolar‬‬ ‫كثير من األصوات‪ ،‬من مثل العين والحاء والغين‬
‫‪... )retroflex‬الخ‪ ،‬كما وقف البحث على أهمية‬ ‫والراء ‪...‬الخ‪ ،‬وقد اهتم البحث بمشكالت نطق‬
‫التدريب في تصويب نطق الصوت‪ ،‬ودور املحاكاة‬ ‫وتحديدا األصوات ذات‬ ‫ً‬ ‫األصوات العربية‪،‬‬
‫ً‬
‫واستخدام الطريقة السمعية الشفوية (‬ ‫السمات الصاصة‪ ،‬عند متعلمي العربية لغة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ )Audio- ligual method‬في ذلك‪ .‬وحاول‬ ‫وتحديدا من الناطقين‬ ‫ثانية من البالغين‪،‬‬
‫البحث أن يقف عند تلك الصفات التي يتم‬ ‫معتمدا على منهج‬ ‫ً‬ ‫باإلنجليزية من أصول هندية‪،‬‬
‫إكسابها لبعض األصوات العربية‪ ،‬وما إذا كان‬ ‫ومستقيا مادته من نتائج فرضية‬ ‫ً‬ ‫دراسة الحالة‪،‬‬
‫عدها إحدى صفات اللغة البينية‬ ‫من املمكن ّ‬ ‫التحليل التقابلي ( ‪contrastive analysis‬‬
‫(‪ ،)interlanguage‬التي ينتجها املتعلمون‬ ‫‪ )hypothesis‬ونظرية تحليل األخطاء ‪error‬‬
‫نظاما يقوم على قواعد منتظمة في‬ ‫ً‬ ‫بوصفها‬ ‫)‪ ،)analysis‬وقد اختار البحث حالتين كلتاهما‬
‫مرحلة من مراحل التعليم‪ .‬وسيناقش البحث ما‬ ‫من األكاديميين العاملين في جامعة الجوف‪،‬‬
‫إذا كانت هذه الصفات مرحلية في اللغة البينية‬ ‫لتبين‬‫عاما‪ُّ ،‬‬ ‫ممن تجاوزت أعمارهم األربعين ً‬
‫وستتعدل بفعل التدريب‪ ،‬أم أن قابلية التعديل‬ ‫مدى قدرتهم على نطق بعض األصوات‪،‬‬
‫تنطبق على مستويات اللغة جميعها باستثناء‬ ‫ومالحظة مدى تأثير لغتهم األم في ذلك‪ ،‬وقد اختار‬
‫املستوى الصوتي‪.‬‬ ‫البحث أن تكون إحدى الحاالت متخصصة‬
‫الكلمات املفاتيح‪ :‬دراسة الحالة‪ ،‬التحليل‬ ‫باللغويات‪ ،‬لوعيها النسبي بالصطأ‪ ،‬وليسهل‬
‫التقابلي‪ ،‬اللغة البينية‪ ،‬الطريقة السمعية‬ ‫عليها تمييز الفروق بين األصوات‪ .‬وقد اعتمد‬
‫البصرية‪ ،‬تحليل األخطاء‬ ‫البحث في رصد ذلك على إخضاع الحالة الختبار‬
‫املقدمة‪ّ :‬‬
‫عرفت اللغة بأنها " أصوات يعبر بها كل‬ ‫نطق األصوات العربية في سياقات صوتية‬
‫قوم عن أغراضهم "‬ ‫مختلفة‪ ،‬فوقع على مجموعة من النتائج‪ ،‬لعل‬
‫في آن واحد‪ ... ،‬وهي نظام ثابت‪ ،‬وصيرورة‬ ‫‪ ،1‬وهي في تعريف آخر " سلوك‪ ،‬ووجه من وجوه‬
‫ّ‬
‫متطورة‪ 3" .‬فهي أصوات‪ ،‬وسلوك بشري‪،‬‬ ‫النشاط البشري الذي يحب أال يعامل في جوهره‬
‫ً‬
‫وإنتاج فردي اجتماعي‪ ،‬ونظام متطور‪ ،‬وهذا‬ ‫منفصال عن النشاط البشري "‪ ،2‬وهي عند‬
‫يعني الكثير ويؤطر الرؤيا التي من خاللها‬ ‫همبولت (‪ " )Humboldt‬إنتاج فردي أو اجتماع‬

‫‪129‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫الصفة " عند ابن خلدون‪ ،‬والطالقة التي تقترب‬ ‫نستطيع أن ننظر إلى واقع نطق الصوت العربي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫من مفهوم " امللكة " عنده‪ ،‬وإذا أخذنا وجهات‬ ‫عند متعلمي العربية لغة ثانية‪ ،‬فإذا كانت سلوكا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫النظر هذه من جانب تطبيقي سنجد أننا إزاء‬ ‫بشريا فال بد من أن تكون مكتسبة‪ ،‬أسوة باللغة‬
‫استراتيجيتين لتعليم اللغات هما‪ :‬التدريب‪،‬‬ ‫إنتاجا ً‬
‫فرديا‬ ‫ً‬ ‫التي يتعلمها األطفال‪ ،‬وإذا كانت‬
‫واختيار املوقف التعليمي‪ ،‬فالتدريب يوصل إلى‬ ‫فإنها بحاجة إلى تدريب‪ ،‬فاألصوات‪ ،‬وهي مادة‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫الصحة اللغوية‪ ،‬أي أن التعلم يتحقق عن طريق‬ ‫اللغة األساسية‪ ،‬ال ُيتقن أداؤها إال بالتدريب‪،‬‬
‫تقليد األصوات وترديدها مرة بعد مرة في‬ ‫والسلوك ال ينتظم إال بالتدريب‪ ،‬وكون اللغة‬
‫سياقات صوتية مختلفة‪ ،‬ويتمثل ثانيهما في‬ ‫تمارس‬ ‫إنتاج اجتماعي يعني أنها بحاجة إلى أن َ‬
‫ضرورة التركيز على األصوات والسياقات‬ ‫ضمن جماعة‪ ،‬وبالتدريب على السياقات‬
‫الصوتية التي تبدو صعبة أثناء التدريب‪ ،‬وقد‬ ‫االجتماعية املختلفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫متعلم اللغة في‬‫تكمن الصعوبة من وجهة نظر ِّ‬ ‫ويرى ابن خلدون أن اللغات ملكات شبيهة‬
‫َُ ّ‬ ‫َُ ّ‬
‫كونها تختلف في اللغة األم عنها في اللغة الثانية‪.‬‬ ‫بالصناعة؛ أي أن اللغة تتعلم كما تتعلم صناعة‬
‫والتكرار والتدريب من مبادئ النظرية‬ ‫ما‪ ،‬وامللكة مهارة ثابتة تكتسب عن طريق‬
‫السلوكية التي تنطلق من فرضية أساس‪،‬‬ ‫التعلم‪ ،‬وقد عرفها بأنها‪ :‬صفة راسصة يكتسبها‬
‫مكتسب بالدرجة‬ ‫َ‬ ‫مفادها‪ :‬أن السلوك اللغوي‬ ‫اإلنسان عن طريق التعلم‪ ،‬وتحدث هذه امللكة‬
‫األولى‪ ،‬فاللغة عند الطفل في مراحله األولى‬ ‫عن طريق التكرار واملمارسة‪ ،‬إذ يقول‪ " :‬وامللكات‬
‫ُت َ‬ ‫ً‬
‫كتسب من خالل املحيط والبيئة عبر التقليد‬ ‫ال تحصل بتكرار األفعال؛ ألن الفعل يقع أوال‪،‬‬
‫التكرار (‪ً ،)repetition‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫وأيا كان‬ ‫(‪ ،)imitation‬أو‬ ‫وتعود منه للذات صفة ثم يتكرر فتكون حاال‪،‬‬
‫النقد املوجه للنظرية السلوكية إال أن دورها في‬ ‫ومعنى الحال أنها صفة غير راسصة‪ ،‬ثم يزيد‬
‫تفسير اكتساب األصوات على جانب من‬ ‫التكرار فتكون ملكة‪ ،‬أي صفة راسصة‪4 ".‬‬
‫األهمية‪ ،‬فدور املحاكاة في اكتساب اللغة ال‬ ‫فالتكرار ال يصنع امللكة إال إذا " زاد "‪ ،‬حسب‬
‫يمكن تجاهله‪ ،‬مما يؤكد أهمية وجود التدريب‬ ‫تعبير ابن خلدون‪ ،‬وهو فعل يومئ إلى أهمية‬
‫ً‬
‫أداة من أدوات تعليم اللغة‪ ،‬وتحسين نطق‬ ‫التكرار‪ ،‬وليس التكرار هنا إال التدريب‪ ،‬وال بد‬
‫األصوات على وجه التحديد‪.‬‬ ‫منه لتتحول " الحال " إلى صفة " راسصة " أي‬
‫والنتيجة املنطقية ملثل هذه االعتقادات‬ ‫مكلة‪.‬‬
‫حول عملية التعلم هي أن التعليم الفعال للغة‬ ‫فعل (يقع) ← صفة (تتكرر) ← حال (يزيد‬
‫الثانية سيركز على مواطن االختالف بين اللغتين‪،‬‬ ‫التكرار) ← ملكة أي صفة راسصة‬
‫وأن أفضل وسيلة تعليمية ملدرس ي اللغات‬ ‫وغير بعيد عن رأي ابن خلدون توجه التيار "‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬هي املعرفة الجيدة بتلك‬ ‫األجنبية‪ً ،‬‬
‫التقدمي " ‪ 5‬في مجال تدريس اللغة‪ ،‬الذي‬
‫ً‬
‫املواطن‪ .‬وعلى مدرس اللغة العربية لغة ثانية أن‬ ‫يعتمد من ناحية محتواه اللغوي على صيغة من‬
‫يتعرف على األصوات العربية التي تعد غريبة‬ ‫صيغ النظرية التركيبية التي تشكلت على يد‬
‫ً‬
‫وصعبة مقارنة باللغة األم للمتعلم‪ ،‬ويحاول أن‬ ‫اللغوي البريطاني باملر )‪ ،(Palmer‬والتي تعتقد‬
‫يضعها في سياقات صوتية مختلفة‪ ،‬ويعمد إلى‬ ‫بأن التكرار (‪ )repetition‬والتدريب (‪)practice‬‬
‫إقحامها في حوارات مع املتعلم حتى ُيتاح تسليط‬ ‫يؤديان إلى ترسيخ الدقة والطالقة في اللغة‬
‫الضوء على عيوب النطق وإصالحها بالتدريب‬ ‫الثانية‪ .‬يقترب مفهوم الدقة هنا من مفهوم "‬

‫‪130‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خادعا‬ ‫تشابها‬ ‫وتحديده‪ ،‬إلى جانب أنه قد يتوهم‬ ‫الحقا‪ .‬ومن هنا انطلق الباحثون في مهمة ضصمة‬
‫َ‬
‫بين اللغتين‪ ،‬وهو ما عرف بـ " النظائر املخادعة‬ ‫ملقارنة أزواج من اللغات بغية التعرف على‬
‫محل الدراسة إلى‬‫َّ‬ ‫"‪ .9‬وبعد إخضاع الحاالت‬ ‫مواطن االختالف ومن ثم الصعوبة‪ .‬وقد أطلق‬
‫تبين أن أكثر األخطاء الصوتية‬ ‫اختبارات نطق ّ‬ ‫على هذا النمط من األبحاث التحليل التقابلي‬
‫كانت ناجمة عن مدى اقتراب املرجعية الصوتية‬ ‫(‪ 6، )Contrastive Analysis‬وعليه سيكون‬
‫الصاصة بالحالة من اللغة العربية أو ابتعادها‬ ‫مناسبا أن يبدأ معلم اللغة العربية للناطقين‬‫ً‬
‫عنها‪ .‬وإذا ما توصلنا إلى وصف تقابلي لألنظمة‬ ‫بالهندية باستعراض األصوات غير املوجودة في‬
‫الصوتية العربية والهندية‪ ،‬وحددنا ما نتوقعه‬ ‫الهندية‪ ،‬وتلك املختلفة في بعض صفاتها‪،‬‬
‫من مشكالت في ضوء هذا الوصف أمكننا أن‬ ‫ومحاولة التأكيد على آلية النطق بالنسبة‬
‫نطور استراتيجية تعليمية تواجه هذه املشكالت‪.‬‬ ‫لألصوات الجديدة‪ ،‬والتدريب عليها في سياقات‬
‫فال شك في أن نطق أصوات اللغة األم يؤثر في‬ ‫صوتية مختلفة‪.‬‬
‫نطق أصوات اللغة الثانية‪ ،‬وهو أمر يكاد يكون‬ ‫وبعد سفر ما بين النظرية السلوكية ونظرية‬
‫عند كل متعلم للغة الثانية‪ ،‬هذا ما أثبتته‬ ‫ً‬
‫اهتماما‬ ‫التحليل التقابلي أصبح الباحثون أكثر‬
‫الدراسات التي أجريت ملعرفة اآلثار النطقية التي‬ ‫باللغة التي ينتجها املتعلم‪ ،‬وليس باللغة الهدف‬
‫يحدثها نطق اللغة األم في نطق أصوات اللغة‬ ‫أو اللغة األم‪ ،‬ومن هنا نشأت نظرية تحليل‬
‫َّ‬
‫الثانية‪ ،‬وليس ما تقوم به هذه الدراسة ببعيد‬ ‫األخطاء (‪ ،(error Analysis‬أي التحليل املنظم‬
‫عن ذلك‪ .‬وقد تم في سبيل ذلك تقسيم األصوات‬ ‫ألخطاء متعلمي اللغة الثانية ‪ ،7‬وبدأ الباحثون‬
‫للنظر في اآلثار التي تتركها اللغة األم في نطقها إلى‬ ‫ينظرون إلى اللغة التي ينتجها املتعلمون على أنها‬
‫ثالثة أقسام‪ :‬األصوات االنفجارية ‪stop‬‬ ‫نظام لغوي مستقل جدير بالتوصيف‪ .‬وقد‬
‫)‪ ،)sounds‬واألصوات االحتكاكية ‪(fricatives‬‬ ‫اختار البحث أن يحلل األخطاء الصوتية التي‬
‫)‪ ،sound‬واألصوات الصائتة أو الحركات‬ ‫تنطقها الحالة‪ ،‬وذلك بتتبع األخطاء التي تنشأ‬
‫(‪ ،)vowels‬وفيما يلي بيان ذلك‪:‬‬ ‫أثناء عملية التعلم‪ ،‬ومحاولة الكشف عن‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬األصوات االنفجارية (‪:)stop sounds‬‬ ‫أسباب حدوثها وطرق تالفيها باتخاذ التحليل‬
‫ً‬
‫إن التغيير في نطق بعض األصوات‬ ‫التقابلي أداة‪ ،‬بمعنى أن تحليل الصطأ وتفسيره‬
‫االنفجارية على ألسنة الذين يتعلمون اللغة‬ ‫من وجهة النظر هذه ال يمكن إال أن يكون‬
‫ً‬
‫العربية لغة ثانية‪ ،‬إنما يحدث بسبب تأثر‬ ‫منطلقا من فكرة التقابل املاثل بين اللغة األم‬
‫املتعلمين بلغتهم األم وهم ينطقون اللغة الثانية‪،‬‬ ‫واللغة الهدف‪ ،‬فمتعلم اللغة الثانية‪ ،‬مهما كانت‬
‫وأمثلة ذلك كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫درجة وعيه اللغوي‪ ،‬ال يبدأ في الحقيقة من فراغ‬
‫ً‬
‫‪ -‬التاء والدال‪ :‬وهما في العربية صوتان لثويان‬ ‫وإنما يبدأ تعلم اللغة األجنبية منطلقا من‬
‫انفجاريان‪ ،‬أولهما مهموس وثانيهما مجهور‪،‬‬ ‫مرجعية لغوية هي لغته األم أو ما يشبهها من‬
‫ويختلف نطق هذين الصوتين في لغات أخرى‬ ‫نظم لغوية‪8.‬‬
‫ومنها الهندية‪ ،‬إذ كان نطق الحاالت لهذين‬ ‫فإذا اعتمدنا‪ ،‬في تعليم العربية للناطقين‬
‫الصوتيين يتم بتغيير في صفات الصوت الناجمة‬ ‫بالهندية‪ ،‬على املتعلم في تحديد املتشابه من‬
‫عن تغيير بسيط في موضع نطقه‪ ،‬إذ كان واقع‬ ‫أصوات لغته مع أصوات اللغة العربية أو‬
‫نطق الصوتين‪ ،‬أقصد التاء والدال‪ ،‬لدى‬ ‫املختلف معها‪ ،‬فربما ال ينجح في اكتشافه‬

‫‪131‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫تنطقها كما في اللهجة املحكية في منطقة‬ ‫انعكاسيين ‪(alveolar‬‬ ‫لثويين‬ ‫الحاالت‬


‫القريات أي (‪ )g‬فقد استسهلت نطقها باللهجة‬ ‫)‪retroflex‬؛ أي أن ذلق اللسان يرتد منعكساً‬
‫ً‬
‫ألن لهذا الصوت مقابال في لغتها عكس القاف‬ ‫إلى الصلف‪ ،‬مع مالمسته للطرف املتأخر من‬
‫الفصيحة‪.‬‬ ‫واضحا بالفعل في نطق‬ ‫ً‬ ‫اللثة‪ ،‬وقد كان هذا‬
‫‪ -‬أما الباء فهي أقل األصوات االنفجارية ّ‬
‫تغي ًرا‪،‬‬ ‫الحاالت محل الدراسة‪.‬‬
‫ليس االنفجارية فحسب بل جميع األصوات‪ ،‬في‬ ‫‪ -‬أما الضاد فهو مشكلة كثيرين ممن يتعلمون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألسنة الذين يتعلمون اللغة العربية لغة ثانية‪،‬‬ ‫العربية من الناطقين بغيرها‪ ،‬إذ ينطقها األتراك‬
‫باء مجهورة شفوية انفجارية‪،‬‬ ‫فواقع نطقها كان ً‬ ‫زايا مفخمة ‪ 10،‬أما الحاالت محل‬ ‫والفرس ً‬
‫دون أي صفات خاصة‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫الدراسة فقد كان واقع نطق هذا الصوت عندها‬
‫للكاف‪.‬‬ ‫شبيه بالدال أي أنها لثوية انعكاسية‪ ،‬وصفة‬
‫ثانيا‪ :‬األصوات االحتكاكية )‪:(fricative sounds‬‬ ‫ً‬ ‫اإلطباق غير واضحة فيها‪ ،‬لكنها بعد التدريب‬
‫‪ -‬لم يظهر على صوت الثاء‪ ،‬وهو صوت "‬ ‫بدأت تتكلف إطباقها‪ ،‬ومع ذلك فقد كان غير‬
‫بيأسناني" مهموس احتكاكي‪ ،‬أي تغيير في نطق‬ ‫لبسا في نطق هذين‬ ‫واضح‪ ،‬مما قد يحدث ً‬
‫َ‬
‫الحاالت‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للذال‪ ،‬لكن‬ ‫الصوتين في كلمات من مثل‪ :‬كلمة " ض ْرب " إذ‬
‫التغيير ظهر في نطق الظاء وهو صوت " بيأسناني‬ ‫نطقتها الحالة بنفس طريقة نطق كلمة " َد ْرب "‪.‬‬
‫" مجهور احتكاكي مطبق‪ ،‬فلم تتمكن من‬ ‫‪ -‬أما الطاء فتظهر له تنوعات ألوفونية في‬
‫الحاالت من إكسابه صفة اإلطباق رغم‬ ‫اإلنجليزية كما في كلمة )‪ (tuff‬فإن الصوت )‪(t‬‬
‫التدريب‪.‬‬ ‫طاء‪ ،‬على الرغم من هذا‬ ‫ينطق في هذه الكلمة ً‬
‫‪ -‬ومن األصوات االحتكاكية التي تكاد ال تتغير‬ ‫فإن كثيرين من الناطقين باإلنجليزية ينطقون‬
‫وتحديدا الناطقين‬‫ً‬ ‫على ألسنة غير العرب‪،‬‬ ‫تاء‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لخلحالة‬ ‫الطاء العربية ً‬
‫بالعربية من أصول هندية فصوت السين‬ ‫تاء ذات صفات خاصة‪،‬‬ ‫فقد كانت الطاء لديها ً‬
‫والفاء‪ ،‬إذ لم يظهر على نطق الحالة أي صفة‬ ‫أي أنها لثوية انعكاسية مهموسة غير مطبقة‪.‬‬
‫أخرى‪ ،‬فقد كانت السين لثوية مهموسة‬ ‫‪ -‬تعد القاف مشكلة كبيرة بالنسبة للناطقين‬
‫احتكاكية‪ ،‬وكانت الفاء شفوية أسنانية‬ ‫جهدا‬‫بالعربية‪ ،‬ألنها من األصوات التي تحتاج ً‬
‫احتكاكية مهموسة‪ ،‬في حين فشلت إحدى‬ ‫كثيرا من اللهجات‬ ‫ً‬ ‫عضليا‪ ،‬لذلك نجد أن‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫الحاالت في إطباق الصاد‪ ،‬ونطقتها سينا رغم‬ ‫العربية قد أجرت تعديالت عليها‪ ،‬فأبدلت في‬
‫التدريب‪ ،‬ونجحت الحالة الثانية في إكسابه‬ ‫بعض اللهجات (‪ ،)g‬وفي بعضها أبدلت " همزة‬
‫كافا " أو " ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صفة اإلطباق‪.‬‬ ‫جيما "‪ ،‬وهي مشكلة‬ ‫"‪ ،‬أو " غينا " أو "‬
‫‪ -‬أما الزاي فقد نطقته الحالتان بصفاته‬ ‫بالضرورة بالنسبة ملن يتعلمون العربية من‬
‫ً‬
‫مجهورا‬ ‫ً‬
‫احتكاكيا‬ ‫العربية أي أنه نطق ً‬
‫لثويا‬ ‫الناطقين بغيرها‪ ،‬فالناطقون بالفارسية والتركية‬
‫ً‬
‫لكنهما ألحقتا به صفة اإلطباق ولم تغيراها رغم‬ ‫واألوردية ينطقون الصوت غينا مفخمة‪ 11،‬أما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التدريب‪.‬‬ ‫الحالة فقد نطقته كافا‪ ،‬أي أنها اختارت صوتا‬
‫ً‬
‫‪ -‬نطقت الحالتان الشين بصفاته دون تغيير؛‬ ‫معروفا في لغتها األم ومخرجه قريب من مخرج‬
‫غاري احتكاكي مهموس‪.‬‬ ‫القاف‪ ،‬في حين أنني الحظت أنها في استخدامها‬
‫للكلمات العربية من مثل كلمة " ورقة " كانت‬

‫‪132‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫وقد نطقت الحاالت صوت العين همزة ولم‬ ‫‪ -‬ومن األصوات االحتكاكية التي لحقها التغيير‬
‫ً‬
‫تتمكن إطالقا من نطقه رغم التدريب‪.‬‬ ‫بالفعل صوت الراء وهي من األصوات التي‬
‫‪ -‬وقد كانت آلية نطق صوت النون عند الحالة‬ ‫ً‬
‫سمعيا أو رنانة ذات تردد‬ ‫توصف بأنها واضحة‬
‫سمت خاص‪ ،‬إذ تم رفع منتصف اللسان‬ ‫ذات ْ‬ ‫عال‪ ،‬إلى جانب العين وامليم والالم والنون‪ ،‬فهي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إلى منطقة الطبق‪ ،‬مما ألحق بالصوت صفة‬ ‫أي الراء‪ ،‬ترددية؛ مكررة الطرقات (‪ ،)trill‬أما‬
‫اإلطباق‪ ،‬كما هو حال اللسان أثناء نطق النون‬ ‫الحاالت فقد نطقتها انعكاسية لثوية متأخرة‬
‫ْ‬
‫في كلمة " منك " العربية‪.‬‬ ‫)‪ ،(apico alveolar retroflex‬أي أن الراء‬
‫‪ -‬لم يتغير نطق الالم املرققة عند الحاالت‪ ،‬أما‬ ‫العربية فقدت طابعها املميز وفقدت أهم‬
‫الالم املفخمة كما في لفظ الجاللة " هللا " فلم‬ ‫خصائصها‪ ،‬وهي التردد الذي يحدثه ذلق اللسان‬
‫ّ‬
‫تتمكن الحاالت من نطقه مفخ ًما بل نطقته‬ ‫وهو يضرب مقدم اللثة‪ 12،‬وبدا نطقها كما هي‬
‫ً‬
‫مرققا رغم التدريب‪.‬‬ ‫عليه الراء الهندية‪ ،‬فال ينطقونها ترددية مكررة‬
‫أبدا من نطق صوت الحاء‬ ‫‪ -‬لم تتمكن الحالة ً‬ ‫الطرقات بل يجعلونها انعكاسية لثوية متأخرة‬
‫هاء‪ ،‬حنجرية مهموسة‬ ‫وقد كان واقع نطقه ً‬ ‫)‪ُ ،(apico alveolar retroflex‬ويعد هذا النطق‬
‫احتكاكية‪ ،‬وعند اإللحاح في التدريب كانت تميل‬ ‫مميزا لهم عن سائر املتعلمين للعربية‪ ،‬فيعرف‬ ‫ً‬
‫الحالة إلى تفخيم الهاء في محاولة نطق الحاء‪.‬‬ ‫الناطق بأنه من أصول هندية بسبب هذا‬
‫وكذلك األمر بالنسبة لخلصاء والغين‪ ،‬فقد نطقت‬ ‫السمت الصاص للراء‪ .‬فقد تعتقد الحالة بأن‬
‫ً‬
‫إحدى الحاالت الصاء كافا فيها صفة اإلطباق‪،‬‬ ‫الراء الهندية هي ذاتها الراء العربية‪ ،‬لذلك قبل‬
‫ً‬
‫بينما نطقتها الحالة الثانية كافا دون إطباق‪ ،‬أما‬ ‫بدء التعلم فإن املنهج التقابلي يعيينا على التنبؤ‬
‫الغين فقد نطقت عند كلتا الحالتين (‪ )g‬مع‬ ‫باملشكالت التي ستنجم عن التطبيق العملي في‬
‫ّ‬
‫إكسابها بعد التدريب صفة اإلطباق‪ ،‬لكنها بقيت‬ ‫ويمكننا من تفسير طبيعة هذه‬ ‫ِّ‬ ‫عملية التعلم‪،‬‬
‫انفجارية ولم تتمكن الحالة من إكسابها أي‬ ‫املشكالت‪ ،‬فالتقابل بين العربية والهندية يشير‬
‫صفة إضافية تقترب منها من صوت الغين رغم‬ ‫إلى وجود اختالفات بنائية كثيرة على املستويات‬
‫التدريب‬ ‫اللغوية جميعها‪ ،‬فال وجود‪ ،‬على املستوى‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬الحركات (‪:)vowels‬‬ ‫الصوتي‪ ،‬لفونيم العين والصاء والحاء والعين‬
‫َ‬
‫ربما كانت الحركات أكبر عائق يحول بين‬ ‫والقاف والضاد والطاء والظاء‪ ،‬وعليه ُيتوقع أن‬
‫تطابق نطق اللغة الثانية ونطق اللغة األم‪ ،‬لكن‬ ‫تغي ًرا في صفات هذه األصوات عند نطق‬ ‫نلمح ّ‬
‫األمر كان خالف ذلك في تعلم الحاالت للغة‬ ‫الحالة بها‪.‬‬
‫ً‬
‫نسبيا‬ ‫العربية‪ ،‬ألن الحركات في العربية محدودة‬ ‫‪ -‬أما العين فمن أكثر األصوات التي يقع غير‬
‫فهي‪ :‬الفتحة القصيرة املرققة‪ ،‬والفتحة الطويلة‬ ‫العربي في حرج عند نطقه؛ ألنه من األصوات‬
‫املرققة‪ ،‬والفتحة القصيرة املفخمة‪ ،‬والفتحة‬ ‫ً‬
‫متوترا في‬ ‫ً‬
‫عضليا‬ ‫املميزة للعربية‪ ،‬إذ تحتاج ً‬
‫جهدا‬ ‫ّ‬
‫الطويلة املفخمة‪ ،‬والكسرة القصيرة‪ ،‬والكسرة‬ ‫عضلة الحلق لنطقها‪ ،‬لذلك يمكن أن يقال إن‬
‫الطويلة‪ ،‬والضمة القصيرة‪ ،‬والضمة الطويلة‪،‬‬ ‫العربية هي لغة العين‪ 13،‬وليس لغة الضاد ملا‬
‫ولم تجد الحاالت مشكلة في نطق الحركات‬ ‫لصوت العين من خصوصية في نطقه تجعله‬
‫العربية ملحدوديتها ووجودها في اللغة األم‪ ،‬لكن‬ ‫عصيا على التعلم عند متعلم العربية لغة ثانية‪،‬‬‫ًّ‬
‫ً‬
‫وتحديدا في‬ ‫املشكلة ظهرت في أنصاف الحركات‪،‬‬

‫‪133‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫بينما يستطيع الصغار اكتساب هذه‬ ‫الواو شبه حركة‪ ،‬إذ إن الحالتين جعلتا الواو‬
‫األصوات بسهولة ألن ألسنتهم قابلة للتعامل مع‬ ‫نصف الحركة في مثل " وصل " وكأنها فاء‬
‫ُ َ‬
‫أصوات اللغة‪ ،‬والتحرك بمقتض ى ما تمليه‬ ‫مجهورة فن ِّطقت )‪ )vasala‬وينطبق هذا على واو‬
‫خصائ هذه األصوات‪ 15،‬وليس للوعي باللغة‬ ‫العطف كذلك‪.‬‬
‫أثر واضح في هذه العملية على وجه التحديد‪،‬‬ ‫ينقسم التغيير الذي يطرأ على األصوات إلى‬
‫يحسنان من‬‫وهذا ال يعني أن التقليد واملحاكاة ال ّ‬ ‫قسمين؛ ما يقع ضمن دائرة التغيير األلوفوني في‬
‫النطق‪ ،‬لكنهما ال يصالن بالنطق إلى الصورة‬ ‫لغة معينة‪ ،‬ومنها ما يقع ضمن دائرة التغيير‬
‫األمثل‪ .‬فاأللسنة قابلة ملمارسة نطق األصوات‬ ‫الفونيمي في اللغة نفسها‪ ،‬ففي العربية تنوع‬
‫ّ‬
‫على طبائعها في لغتها األصلية‪ ،‬مما يجعل تمكن‬ ‫فونيمي بين السين والصاد‪ ،‬كما هو الحال في‪" ،‬‬
‫ُ‬
‫الصغار من خصائ الصوت وسماته أقوى من‬ ‫سال وصال "‪ ،‬و" نسر ونصر "‪ ،‬فإذا ما ن ِّطقت‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫تمكن الكبار‪ " ،‬والسر في هذا أن األعضاء‬ ‫الصاد سينا في " صبر " و" انتصر " فال تختلط‬
‫ً‬
‫الناطقة تكون عند الصغار قابلة ألي تشكيل‪،‬‬ ‫املعاني‪ ،‬لكنها تلتبس إذا ما نطقت الصاد سينا‬
‫ً‬
‫مطواعا ألي تغيير‪ ،‬أما الكبار فإن طول ِّإلفة‬ ‫في كملة " نصر" و" صال "‪ ،‬أو أن تنطق الضاد‬
‫ً‬
‫نطق الصوت على هيئة معينة‪ ،‬وعدم بلوغ‬ ‫درب " مما ُيفض ي‬ ‫ضرب " فتصير " ْ‬‫داال في كلمة " ْ‬
‫اإلمكانات النطقية املوجودة في لغات أخرى‬ ‫تغير في املعنى بسبب تغير صفات الصوت‪،‬‬ ‫إلى ّ‬
‫يجعل األعضاء الناطقة أضعف استجابة وأقل‬ ‫فالتغير هنا فونيمي وليس مجرد تبدل ألوفوني‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫تكيفا عند نطق أصوات اللغة الثانية‪ ،‬فكأن‬ ‫للصوت‪.‬‬
‫الزمان يطوي من قدرات اللسان وسائر أعضاء‬ ‫لقد تبين من خالل تحليل األخطاء الصوتية‬
‫النطق ما كانت قادرة على أدائه بيسر وسهولة‪".‬‬ ‫التي وقعت فيها الحاالت أن نسبة األخطاء‬
‫‪16‬‬ ‫الصوتية التي يمكن إرجاعها إلى تأثير اللغة األم‬
‫وعندما تدخل هذه األصوات ذات السمت‬ ‫ليست بالقليلة‪ ،‬بينما قد تبدو النسبة قليلة في‬
‫الصاص ضمن النظام اللغوي الصاص بهؤالء‬ ‫املستوى الصرفي والنحوي‪ ،‬وربما يكون ذلك‬
‫الناطقين باللغة العربية من أصول هندية‪ ،‬ال‬ ‫بسبب أن جهاز النطق‪ ،‬في نهاية األمر‪ ،‬مجموعة‬
‫تكون هذه األصوات هندية رغم أنها بتأثير منها‪،‬‬ ‫من العضالت التي تحتاج إلى تدريب‪ ،‬والحاالت‬
‫وليست عربية رغم أنها محاولة لتقليدها‪ ،‬لكنها‬ ‫موضع الدراسة تجاوزت أعمارهن األربعين‪،‬‬
‫ناشئة عن نظام خاص باملتعلم هجين من هذه‬ ‫طي ٍع‬ ‫غير ّ‬
‫بمعنى أن جهاز النطق الصاص بهن ُ‬
‫ِّ‬
‫وتلك‪ ،‬قد تأتي من عدم وجود الصوت في اللغة‬ ‫للتدريب‪ ،‬ألنه قد اعتاد آليات نطق مغايرة‪،‬‬
‫غريبا ً‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وأظهر ما كان ذلك في نطق األصوات التي يكون‬ ‫ُ‬
‫تماما‪ ،‬أو أنها‬ ‫األم أصال‪ ،‬إذ يعد صوتا‬
‫ً‬ ‫فيها لذلق اللسان دور أساس ي‪ ،‬أي أنه كان ً‬
‫تشبه صوتا ما في اللغة األم فتتوهم الحالة بأنه‬ ‫جزءا‬
‫ناطقا ‪ 14،‬مثل الضاد والدال والراء والنون‬ ‫ً‬
‫هو‪.‬‬
‫من هنا أخذ الباحثون يحاولون تصنيف‬ ‫والطاء والظاء‪ ،‬والالم املفخمة والصاد‪ .‬مما‬
‫تلك األخطاء بهدف فهمها‪ ،‬ويقارنونها مع األخطاء‬ ‫يجعلنا نقول إن األصوات التي يكون لذلق‬
‫التي يقع فيها األطفال عند تعلم اللغة األم‪ .‬وقد‬ ‫اللسان دور أساس ي فيها لم يتمكن الناطقون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تزامنت هذه املحاوالت مع تطورات ميدان‬ ‫صحيحا‪ ،‬واستمرت‬ ‫بالهندية من نطقها نطقا‬
‫اكتساب اللغة األولى التي حولت األنظار إلى لغة‬ ‫لكنة اللغة الهندية ظاهرة األثر فيها‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نجاحا في تعلم اللغة الثانية‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬ ‫موضوعا للدراسة مستقال‬ ‫الطفل باعتبارها‬
‫فكلما زاد شعورهم بالبعد عن ذلك املجتمع‬ ‫بذاته‪ ،‬وليس باعتبارها محاوالت إلنتاج لغة‬
‫بقيت لغتهم أشبه باللغة الهجين‪.‬‬ ‫الراشدين‪ .‬كما بدأت دراسات تعلم اللغة‬
‫وربما نستطيع أن نقول هنا إن اللغة الهجين‬ ‫الثانية‪ ،‬وبتأثير االهتمام بفهم األخطاء املرتبطة‬
‫هي مرحلة من مراحل تعلم اللغة الثانية‪ ،‬تمتاز‬ ‫بعمل الجهاز املعرفي للمتعلم‪ ،‬تهتم بشكل أكبر‬
‫بطبيعة نطق معينة لألصوات العربية‪ ،‬وأنه كلما‬ ‫بالسمات العامة لنظام اللغة الثانية‪ ،‬فظهر‬
‫أتقن املتعلم هذه اللغة ابتعد عن اللغة الهجين‬ ‫أثناء ذلك مصطخلح اللغة البينية‬
‫واقترب من اللغة الهدف‪ ،‬وأن نقول إن الحالة‬ ‫(‪ ، 17) Interlanguage‬لإلشارة إلى اللغة التي‬
‫بمستوى األداء الصوتي هذا هي شكل من أشكال‬ ‫نظاما يقوم على‬ ‫ً‬ ‫ينتجها املتعلمون بوصفها‬
‫متغير املثاقفة (‪ 22)Acculturation‬الذي أشار‬ ‫قواعد منتظمة في كل مرحلة من مراحل‬
‫إليه شومان‪ ،‬والذي تتوحد فيه العوامل‬ ‫تعلمهم‪ 18.‬أي أن مفهوم اللغة البينية يشير إلى‬
‫االجتماعية والعوامل النفسية لدى املتعلم مع‬ ‫أمرين‪ :‬أن اللغة التي ينتجها املتعلم نظام‬
‫مجموعة اللغة املستهدفة‪ ،‬وأن مدى تعلم الفرد‬ ‫(‪ )system‬مستقل بذاته وخاضع لقواعده‬
‫للغة الثانية يتسع أو يضيق حسب املثاقفة التي‬ ‫الصاصة‪ ،‬وأنه ديناميكي (‪ )dynamic‬يتطور مع‬
‫حققها؛ أي العوامل النفسية واالجتماعية التي‬ ‫ْ‬
‫بسمتها‬ ‫الوق ت‪ ، 19‬وهذا يعني أن نطق الراء‬
‫تحكم عالقته مع مجموعة اللغة املستهدفة‪.‬‬ ‫الهندي هنا جزء من نظام هذه اللغة الهجين‬
‫لقد وصلت الحاالت محل الدراسة إلى درجة‬ ‫املرحلي‪ ،‬وهذا السمت قد يتغير ألنه نظام‬
‫من املثاقفة سمحت لها باستخدام العربية‬ ‫ديناميكي متطور‪ .‬وبهذا تكون دراسات اللغة‬
‫بشكل جيد في املستوى التركيبي والصرفي‪ ،‬لكن‬ ‫البينية قد تقدمت خطوة على تحليل األخطاء‬
‫املثاقفة هذه لم تسعف في الجانب الصوتي‪،‬‬ ‫من ناحية تركيزها على نظام املتعلم بكامله‪،‬‬
‫بسبب تلك اللكنة التي تشبه اللغة الهجين‪ ،‬مما‬ ‫وليس فقط على ما يقع فيه من أخطاء‪.‬‬
‫يمكننا من أن نقول إن املثاقفة ال تزيد من نسبة‬ ‫وقد ارتبط هذا بمصطخلح التهجين واملثاقفة‬
‫إتقان املتعلم لألصوات العربية في حين قد تعين‬ ‫(‪ ، 20) pidginization/acculturatiom‬إذ‬
‫في املستوى الصرفي والنحوي‪ ،‬وهذا قريب مما‬ ‫لوحظ في ضوء الدراسات التجريبية على‬
‫سمي بالتحجر (‪ ، 23) fossilization‬إذ يقول‬ ‫املتعلمين خارج إطار تعليم اللغة املنظم أن اللغة‬
‫ّ‬
‫الجاحظ " فأما حدوث الكالم فإن حكمها خالف‬ ‫البينية املبكرة لدى هؤالء تشبه اللغة الهجين‬
‫هذا الحكم‪ ،‬أال ترى أن السندي إذا جلب ً‬
‫كبيرا‬ ‫(‪)pidgin language‬؛ وهي لغات مبسطة‬
‫فإنه ال يستطيع إال أن يجعل الجيم ً‬
‫زايا‪ ،‬ولو‬ ‫ألغراض التجارة ليس لها متحدثون أصليون‪21،‬‬
‫عاما ‪ ...‬ويجعل‬‫أقام في عليا تميم‪ ...،‬خمسين ً‬ ‫وتحمل سمات خاصة‪ ،‬من مثل ترتيب الكلمات‬
‫ُ‬
‫العين همزة "‪ 24‬مما يؤكد على أن للمرحلة‬ ‫الثابت‪ ،‬والصلو من الزوائد الصرفية‪ .‬وقد شبه‬
‫العمرية التي يبدأ فيها متعلم اللغة العربية لغة‬ ‫اكتساب اللغة الثانية في مرحلة من مراحله‬
‫أساسيا في إتقانه لنطق‬‫ً‬ ‫ثانية التعلم ً‬
‫دورا‬ ‫بتشكل اللغات الهجينة‪ ،‬وربطت عملية‬
‫ً‬
‫األصوات‪ ،‬وفسر الجاحظ ذلك قائال‪ " :‬متى ترك‬ ‫االكتساب بدرجة املثاقفة لدى املتعلمين‪ ،‬إذ‬
‫شمائله على حالها ولسانه على سجيته كان‬ ‫كلما شعر املتعلمون بأنهم أقرب إلى مجتمع‬
‫املتكلمين باللغة الهدف‪ ،‬كانوا أكثر مثاقفة وأكثر‬

‫‪135‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫أن تتمرن عضالته فيتمكن من نطق أصوات‬ ‫مقصورا بعادة املنشأ على الشكل الذي لم يزل‬ ‫ً‬
‫كثيرة ربما ال تكون عربية‪ ،‬أما اللغات التي لم‬ ‫فيه‪ 25".‬واملقصود بعادة املنشأ تأثير اللغة األم‪.‬‬
‫تعتد أجهزة النطق الصاصة بأصحابها أن تنطق‬ ‫سبقت اإلشارة إلى أن تعلم اللغة الثانية‬
‫ً‬
‫أصواتا ضمن املدرج الصوتي العربي فلن‬ ‫يشبه االكتساب اللغوي بالنسبة لألطفال في‬
‫تستجيب مواضع النطق الصاصة ببعض‬ ‫جوانب كثيرة‪ ،‬لكنهما يختلفان في أن العملية‬
‫األصوات من أن تستخدم تلك األنسجة‬ ‫األولى واعية في حين أن الثانية غير واعية‪،‬‬
‫العضلية على النحو األمثل‪ ،‬فتظهر اللكنة‪.‬‬ ‫فالتعلم " عملية واعية ينتج عنه معرفة حول‬
‫ورغم أن املدرج الصوتي األوسع للغة العربية‬ ‫اللغة " ‪ ،26‬وهذا جعل الحاالت محل الدراسة‬
‫يعد ميزة من ميزاتها ال شك‪ ،‬إال أنه قد يشكل‬ ‫واعية بميكانيكية النطق‪ ،‬خاصة أن إحدى‬
‫ً‬
‫مشكلة عند متعلم اللغة العربية لغة ثانية في‬ ‫الحاالت متخصصة باللغويات‪ ،‬وتعي آلية النطق‬
‫نطق بعض األصوات‪.‬‬ ‫أثناء نطق الصوت‪ ،‬إذ تشكلت لديها معرفة حول‬
‫ويبدو السؤال عن طريقة تعليم اللغة األمثل‬ ‫اللغة أثناء التعلم‪ ،‬وليست مجرد حالة‬
‫ً‬
‫ضروريا‪ ،‬فهل ثمة طريقة تعالج هذه العيوب‬ ‫هنا‬ ‫الشعورية كما هو األمر بالنسبة لألطفال‪ ،‬ومع‬
‫الصوتية‪ ،‬أو تتفادى وقوعها؟ يتفق املنظرون‬ ‫ذلك بقيت مشكلة نطق بعض األصوات‬
‫لتعليم اللغة الثانية على أنه ليس ثمة طريقة‬ ‫موجودة لديها‪ ،‬فهل نستطيع أن نقول إن‬
‫مثلى تناسب الظروف التعليمية جميعها وتخلو‬ ‫االكتساب يؤدي إلى نطق أنموذج ألصوات اللغة‬
‫من القصور‪ ،‬فطرائق تعليم اللغات األجنبية‬ ‫األم في حين ال يؤدي التعلم إلى إتقان األصوات‬
‫باختالف‬ ‫تختلف‬ ‫ومتعددة‬ ‫كثيرة‬ ‫ذات الصصائ التمييزية؟‬
‫املداخل (‪ )approaches‬التي تستند إليها‬ ‫ً‬
‫ربما يكون ذلك صحيحا لكون املسألة‬
‫َّ‬
‫واألساليب (‪ )Techniques‬التي تنفذ بها في‬ ‫متعلقة بجهاز النطق وعضالته‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫عملية التعليم‪ .‬كل طريقة في التدريس لها‬ ‫حداثة السن لها دور محوري في استجابة‬
‫محاسنها ويمكن االستفادة منها في تدريس اللغة‬ ‫تدرب متعلم اللغة‬ ‫العضالت للتمرين‪ ،‬ومهما ّ‬
‫الثانية ‪ 28،‬إال أن هناك طريقة قليلة النفع‬ ‫الثانية إال أن بقايا لغته األم تظهر في لكنته في‬
‫وأخرى فاعلة ومؤثرة في العملية التعليمية‪،‬‬ ‫بعض األصوات‪ ،‬وإن أخفى ذلك بإتقانه‬
‫ً‬
‫انطالقا من هذا التصور خرج هيكتور هامرلي‬ ‫للمستوى الصرفي والنحوي‪ ،‬فال يتمكن من‬
‫(‪ )Hector Hammerly‬بنظريته التكاملية‪ ،‬التي‬ ‫الصفات التمييزية لبعض األصوات مثل الراء‬
‫تشير إلى أن الطريقة املثلى لتعليم اللغات ال بد‬ ‫والعين والحاء الضاد والصاء والقاف‪ ،‬وهي‬
‫من أن تأخذ من النظريات املختلفة بطرف من‬ ‫صفات تمتلكها أصوات العربية‪ ،‬وذلك ألنها‪ ،‬أي‬
‫سلوكية ونفسية واجتماعية وغيره‪ ،‬واستقر‬ ‫العربية‪ ،‬تمتلك أوسع مدرج صوتي عرفته‬
‫لديه يقين بأن تدريس اللغة الثانية وتعليمها‬ ‫اللغات حيث تتوسع مخارج األصوات من‬
‫ّ‬
‫ينبغي أال يعتمد على نظرية بعينها‪ ،‬وأنه يقتض ي‬ ‫الشفتين إلى أقص ى الحلق‪ 27،‬وقد نجد في لغات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مزيجا متكامال يدفع بعملية التعلم لتحقيق أعلى‬ ‫عددا ولكن‬ ‫أخرى غير العربية حروفا أكثر‬
‫نسب النجاح‪ ،‬ثم انتقل لخلحديث عن نظريته‬ ‫مخارجها محصورة في نطاق أضيق ومدرج‬
‫التكاملية في تدريس اللغة والتي يراها نظرية‬ ‫أقصر‪ .‬من هنا فإن توزع أصوات العربية على‬
‫انتقائية تأخذ بجميع العوامل في الحسبان‪،‬‬ ‫منطقة أوسع من جهاز النطق أتاح لهذا الجهاز‬

‫‪136‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫املواقف التعليمية‪ ،‬فمعنى ذلك أنه ينبغي على‬ ‫ويشير في عبارة موجزة إلى أن النجاح في تعليم‬
‫معلم اللغة العربية للناطقين بغيرها أال يتقيد‬ ‫اللغة ينحصر في تخريج دارسين قادرين على‬
‫بطريقة معينة دون غيرها‪ ،‬وإنما ينتقي منها ما‬ ‫الثرثرة باللغة الهدف فقط‪ ،‬فيقول‪ " :‬بمقدور‬
‫يناسب املوقف التعليمي الذي قد يفرضه‬ ‫كل مدرس لغة أن يخرج دارسين يستطيعون أن‬
‫درس فيه اللغة‪ ،‬أو الهدف من‬ ‫املجتمع الذي ُت َ‬ ‫ً‬
‫يثرثروا شيئا يشبه وبصورة غامضة اللغة‬
‫تعليمها‪ ،‬أو مستوى الدارسين وتخصصاتهم‪ ،‬أو‬ ‫الثانية وذلك إذا كان التركيز ينصب كله على‬
‫لغتهم القومية‪ ،‬إال أن أههم الطرق التي قد تبدو‬ ‫مبدأ االتصال الحر مع إهمال الدقة اللغوية "‪،‬‬
‫مناسبة لتعليم أصوات اللغة العربية الطريقة‬ ‫وهذا يشبه إلى حد ما مرحلة اللغة الهجين‪،‬‬
‫( ‪Audio-lingual‬‬ ‫الشفوية‬ ‫السمعية‬ ‫ويتساءل‪ " :‬ولكن هل هذا هدف تربوي مقبول؟‬
‫‪ 32) method‬التي تتيح االستماع للنطق‬ ‫" ويجيب‪ " :‬إن تنمية نظرية تدريس اللغة‬
‫األنموذج للصوت وتقليده‪ ،‬كما أنها تتضمن‬ ‫واملنهجية الالزمة لها تكمن فيما إذا كان في‬
‫فكرة " االنغماس " فاملتعلم يستمع ويتحدث مع‬ ‫مقدور تلك النظرية تحقيق الطالقة اللغوية إلى‬
‫جماعة لغوية من الناطقين بالعربية‪.‬‬ ‫جانب الدقة أو الكفاية االتصالية والكفاية‬
‫تنطلق هذه الطريقة من النظر إلى اللغة‬ ‫اللغوية"‪ 29.‬وكأن هامرلي (‪ )Hammerly‬يشير‬
‫كالما وليست كتابة‪ ،‬وأنها مجموعة من‬ ‫بوصفها ً‬ ‫إلى مرحلة مقبولة من تعلم اللغة وصف بها‬
‫العادات يمارسها أهلها‪ ،‬وليست ما يظن أنه‬ ‫عملية الكالم بـ " الثرثرة " ثم تتجاوز مرحلة‬
‫جدا في التدريب‬‫ينبغي أن يمارس‪ ،‬وهذا مفيد ً‬ ‫الهجين التي قد تعين في أغراض التواصل وال‬
‫على النطق‪ .‬ويركز املنظرون لهذه الطريقة على‬ ‫تصل إلى الطالقة‪ ،‬أو الكفاية اللغوية‪.‬‬
‫ضرورة أن يسير تعليم اللغة األجنبية بموجب‬ ‫ويتناول هامرلي (‪ )Hammerly‬كذلك "‬
‫تسلسل معين هو‪ :‬االستماع‪ ،‬ثم الكالم‪ ،‬ثم‬ ‫مذهب االنغماس " (‪ 30) submersion‬الذي‬
‫القراءة‪ ،‬ثم الكتابة ‪ 33،‬من املمكن االتفاق‬ ‫يركز على األنشطة االتصالية‪ ،‬إذ يعيش الدارس‬
‫معهم على أهمية االستماع وأولويته‪ ،‬على أن‬ ‫في مجتمع اللغة الثانية‪ ،‬كل من يتعامل معهم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يبقى االستماع مرافقا للمهارات األربع‪ ،‬وأن‬ ‫معلمون‪ ،‬فهم ناطقون أصليون للغة األم‪ .‬وهذا‬ ‫ِّ‬
‫تكون املهارات األربع مرافقة لالستماع‪ ،‬بمعنى‬ ‫ما توفر لخلحالة‪ ،‬فقد يبدو تحقيق االنغماس‬
‫أن " ثم " ليست هي حرف العطف املناسب‬ ‫صعبا حين يتواصل املتعلم بمتحدث واحد للغة‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫لترتيب املهارات‪ .‬فصحيح أن طريقة تعلم اللغة‬ ‫الثانية هو املعلم فحسب‪ .‬واالنغماس ال شك‬
‫األجنبية تماثل طريقة اكتساب الطفل لغته‬ ‫مفيد في تعلم مستويات اللغة الثانية جميعها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫األم‪ ،‬فهو يستمع أوال‪ ،‬ثم يحاكي ما استمع إليه‪،‬‬ ‫باستثناء استكمال تعلم نطق األصوات‪ ،‬وأقول‬
‫ثم يذهب إلى املدرسة ليتعلم القراءة ثم الكتابة‪،‬‬ ‫استكمال بمعنى أنه يعين في تعلمها إال أنه قد‬
‫لكن مهارة االستماع والتحدث ال تتوقف أثناء‬ ‫يفشل في إكساب بعض األصوات صفاتها‬
‫متواز‪ ،‬أثناء‬
‫ٍ‬ ‫ذلك‪ ،‬فاملهارات األربع تسير بشكل‬ ‫التمييزية‪ ،‬كما سبقت اإلشارة‪ ،‬وهذا يؤكد قول‬
‫تطوير الطفل لكفايته اللغوية‪ ،‬واألمر ذاته‬ ‫الجاحظ‪ " :‬ولو أقام في عليا تميم خمسين ً‬
‫عاما‬
‫ينطبق على تطوير الكبير ملهاراته أثناء تعلم اللغة‬ ‫‪31 ".‬‬
‫الثانية‪.‬‬ ‫وإذا كانت طرائق تدريس اللغة األجنبية‬
‫كثيرة متعددة‪ ،‬وليس منها ما هو مناسب لكل‬

‫‪137‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫بالعربية ترتبك وتعود لسابق عهدها من نطق‬ ‫وتساعد هذه الطريقة الحاالت في تكوين‬
‫الصوت املعين بلكنة هندية‪ ،‬فهل لنظرية‬ ‫العادات اللغوية عن طريق املران على القوالب‬
‫الراشح الوجداني دور في تفسير تعلم األصوات‪،‬‬ ‫وتقليد األصوات‪ ،‬فما يحتاج إليه املتعلم هو‬
‫أم أنها تصخلح ملستويات اللغة األخرى إال املستوى‬ ‫تعلم اللغة الثانية وليس التعلم عنها فحسب‪،‬‬
‫الصوتي؟ ربما يعمل الراشح الوجداني بطريقة‬ ‫ُّ‬
‫التمرن على نطقها‪ ،‬وال‬ ‫وهذا يعنى أنه بحاجة إلى‬
‫مخالفة في هذه الحالة‪ ،‬فمقاومة الحالة‬ ‫إلى معرفة قوانينها وتحليالتها اللغوية فحسب‪.‬‬
‫للمدخالت اللغوية ضعيفة مما يفترض تفاعلها‬ ‫واجهت إحدى الحاالت حالة من االرتباك‬
‫مع املدخل إلنتاج كالم يتناسب معه أي‬ ‫فقد كانت تنطق األصوات بطريقة تقترب من‬
‫بمستوى قريب من الصحة‪ ،‬لكن الواقع خالف‬ ‫نسبيا في الوقت الذي يتم فيه‬ ‫ً‬ ‫نطقها الصحيح‬
‫ذلك‪ ،‬فرغم ضعف الراشح الوجداني وإيجابية‬ ‫تسجيل الصوت‪ ،‬لكنها في أوقات كثيرة تكون فيها‬
‫التوجه نحو اللغة الثانية إال أن املوقف‬ ‫بمواجهة مجموعة من الناطقين بالعربية ترتبك‬
‫التعليمي الذي استدعى مواجهة مجتمع من‬ ‫وتعود إلى سابق عهدها من النطق الصاطئ قبل‬
‫املتكلمين قد أضعف قدرة الحالة على التحكم‬ ‫التدريب‪ ،‬فهل تعد فرضية الراشح الوجداني‬
‫بعضالت جهازها النطقي‪ ،‬فاملسألة كما سبقت‬ ‫مناسبة لتفسير هذا املوقف؟‬
‫اإلشارة ليست مسألة ملكة عقلية إلنتاج الجمل‬ ‫تؤسس فرضية الراشح الوجداني العالقة‬
‫والصيغ الصرفية فحسب‪ ،‬بل هي مرهونة‬ ‫بين العوامل الوجدانية وعملية تعلم اللغة‬
‫بالتحكم بعضالت أعضاء النطق‪ ،‬وقد خذلت‬ ‫الثانية من خالل افتراض أن املتعلمين يتفاوتون‬
‫هذه العضالت الحالة في ذلك املوقف التعليمي‪،‬‬ ‫في مدى صالبة راشحاتهم الوجدانية أو‬
‫ألن الحالة متخصصة باألصوات ومدركة ملدى‬ ‫مستواها‪ .‬فأولئك الذين تكون مشاعرهم تجاه‬
‫قصور جهازها النطقي عن أداء الصوت على‬ ‫اللغة الثانية سلبية سيميلون إلى البحث عن‬
‫نحو صحيح‪ ،‬فتخجل وتتردد في نطق الصوت‪،‬‬ ‫مدخالت أقل‪ ،‬وسيكون لديهم راشح وجداني‬
‫رغم أن وعي الحالة وضعف راشحها الوجداني‬ ‫أقوى أو أكثر مقاومة‪ ،‬مما يعيق وصول املدخالت‬
‫تمرنها على نطق الصوت‪،‬‬ ‫ذو أثر إيجابي في طريقة ّ‬ ‫اللغوية إلى ذلك الجزء من الدماغ املسؤول عن‬
‫فهي مدركة ً‬
‫تماما مليكانيكية نطق الصوت‪ ،‬إال‬ ‫اكتساب اللغة‪ .‬أما األشصاص الذين يحملون‬
‫أن هذا الوعي قد جعلها تدرك مدى قصور أدائها‬ ‫مشاعر إيجابية الكتساب اللغة الثانية فإنهم‬
‫عن الوصول إلى الصورة األمثل للنطق‪.‬‬ ‫سيبحثون عن مدخالت لغوية أكثر ويحاولون‬
‫النتائج‪:‬‬ ‫تمثلها‪ ،‬وستكون راشحاتهم الوجدانية أقل‬
‫إن كل مبحث من مباحث علم اللغة‬ ‫ً‬
‫انفتاحا‬ ‫مقاومة من سابقيهم‪ ،‬وسيكونون أكثر‬
‫التطبيقي إنما يدرس لإلسهام في حل مشكلة‬ ‫أمام املدخالت اللغوية وستصل لديهم إلى‬
‫عملية‪ ،‬وعلى ذلك فإن األخطاء ال تدرس لذاتها‪،‬‬ ‫ً‬
‫صحيحا‬ ‫أعماق أبعد ‪ 34.‬كيف يكون ذلك‬
‫صحيح أنها تفيد إفادة محققة في الكشف عن‬ ‫والحالة محل الدراسة ذات راشح وجداني‬
‫طبيعة التعلم لكن ما يهمنا هو كيف نواجه‬ ‫ضعيف ومستعدة بشكل إيجابي لتعلم العربية‪،‬‬
‫األخطاء وكيف نتالفاها‪ ،‬وقد تم اختيار منهج‬ ‫وقد تصل إلى نطق مقبول للصوت في موقف‬
‫دراسة الحالة هنا بهدف تحليل أخطائها‬ ‫تعليمي معين‪ ،‬لكنها في موقف آخر فيه مواجهة‬
‫للوقوف عند كل جزئية ال يتاح الوقوف عندها‬ ‫مباشرة ملجموعة أكبر من املتكلمين األصليين‬

‫‪138‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬

‫‪ -‬تختلف األخطاء التي يقع فيها متعلم اللغة‬ ‫في الدراسات النظرية‪ ،‬ورغم أنه متهم‪ ،‬أقصد‬
‫ً‬
‫العربية لغة ثانية من أصول آسيوية في املستوى‬ ‫املنهج‪ ،‬بالصصوص الذي قد تبدو نتائجه غير‬
‫الصوتي عن تلك التي يقع فيها متعلمها من‬ ‫قابلة للتعميم‪ ،‬لكن نتائج الحاالت املحدودة‬
‫أصول أوروبية أو تركية أو فارسية‪ ،‬وذلك ملا‬ ‫تدعم نتائج الحاالت العامة‪ " ،‬بل إنها ال تكون‬
‫تتركه اللغة األم من أثر في نطق األصوات قد‬ ‫إال تحت مظلتها‪ ،‬والصصوص في الغالب ناتج عن‬
‫يعجز املتعلم عن تفاديها‪.‬‬ ‫ً‬
‫واقعا تحت تأثير متغير أو‬ ‫كون عنصر الظاهرة‬
‫‪ -‬ال بد من وصف آلية نطق األصوات العربية‬ ‫عدد من املتغيرات التي ال تتأثر بها عناصر أخرى‬
‫بداية وتقديمها في مجموعات حسب املخرج‬ ‫من الظاهرة نفسها‪ 35 "،‬وإذا نظرنا في مجموع‬
‫والصفات‪ ،‬ومراعاة األصوات التي تشترك مع‬ ‫املؤثرات ونتائجها في عدد كبير من دراسات‬
‫اللغة األم‪ ،‬وتقديمها في سياقات صوتية‬ ‫الحالة كان من املمكن أن ننتهي إلى " تصور‬
‫مختلفة‪ ،‬قبل أن نبدأ بتعليم اللغة‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫شامل موحد من سماته األساسية أن الجانب‬
‫ّ‬
‫املتعلم يكون أقدر على تعلم الظاهرة اللغوية‬ ‫النظري فيه مستنبط من الجانب العملي‪،36 ".‬‬
‫كلما كان أقدر على تفسيرها‪.‬‬ ‫وعليه فقد خرجت هذه الدراسة التطبيقية‬
‫ً‬
‫واضحا في‬ ‫‪ -‬لقد تركت اللغة األم لخلحالة ً‬
‫أثرا‬ ‫بمجموعة من النتائج النظرية‪ ،‬لعل أهمها‪:‬‬
‫نطق بعض األصوات من مثل الراء والنون‬ ‫‪ -‬نستطيع أن نعتمد على النظرية السلوكية في‬
‫والدال‪ ،‬حتى ليكاد السامع أن يعرف من طريقة‬ ‫تفسير عدم قدرة الكبار على إتقان نطق‬
‫نطق الصوت أن املتكلم من أصول هندية‪.‬‬ ‫األصوات العربية‪ ،‬فاللغة سلوك كأي نمط من‬
‫ُ َ َّ‬
‫‪ -‬رغم أن املدرج الصوتي األوسع للغة العربية‬ ‫األنماط األخرى للسلوك اإلنساني‪ ،‬تتعلم عن‬
‫يعد ميزة من ميزاتها ال شك‪ ،‬إال أنه قد يشكل‬ ‫طريق عملية تكوين العادة‪ ،‬والطفل يقلد‬
‫مشكلة عند متعلم اللغة العربية لغة ثانية في‬ ‫األصوات واألنماط التي يسمعها حوله‪ ،‬وقد‬
‫نطق بعض األصوات‪.‬‬ ‫سبق له في مرحلة تكوين العادات اللغوية أن‬
‫‪ -‬إن متعلم اللغة الثانية يتعلم مهارة على‬ ‫سمع هذه األصوات ومن ثم قلدها‪ ،‬أما الكبير‬
‫أساس مهارة موجودة بالفعل‪ ،‬وال بد من أن‬ ‫فقد تخطت عضالته تلك املرحلة‪ ،‬وربما ال يصل‬
‫يحدث تداخل بين املهارتين عند التعلم‪ ،‬فاملتعلم‬ ‫في تكوين عاداته فيها إلى الشكل األمثل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طبيعيا إلى أن ينقل أنظمة لغته األولى‬ ‫يميل ميال‬ ‫‪ -‬ربما يكون الجانب الصوتي هو الجانب الذي‬
‫إلى اللغة الثانية‪ ،‬وهذا ما وصف بأنه من قبيل‬ ‫تظهر فيه لكنة اللغة األم‪ ،‬وليس ثمة مجال‬
‫التداخل اللغوي‪37.‬‬ ‫ملقارنة اكتساب الطفل لألصوات اللغوية‬
‫‪ -‬ال تزيد املثاقفة من نسبة إتقان املتعلم‬ ‫وتعلمها وتصحيح عيوب النطق فيها‪ ،‬وبين عيوب‬
‫لألصوات العربية‪ ،‬في حين قد تعين في باقي‬ ‫نطق األصوات عند متعلم العربية لغة ثانية‪،‬‬
‫مستويات اللغة من الصرف والنحو والداللة‪.‬‬ ‫فأيا كان العيب في نطق صوت الراء مثال عند‬ ‫ً‬
‫الهوامش‪:‬‬ ‫الطفل فلن نجده ينطقها لثوية انعكاسية‬
‫وكذلك الدال والراء‪.‬‬

‫‪2Kenneth Pike, Language in Relation to a Unified‬‬


‫‪ 1‬أبو الفتح عثمان بن جني‪ ،‬الصصائ ‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة‬
‫‪Theory of The Structure of Human Behavior,‬‬ ‫املصرية العامة للكتاب‪ ،0202 ،‬ط‪ ،4‬ص‪.44‬‬

‫‪139‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬
‫‪18‬‬

‫‪Janua Linguarum. Series‬‬ ‫‪Maior, 2nd‬‬ ‫‪2.,REV., Reprint‬‬ ‫‪http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2‬‬


‫‪2015 ed.Edition.‬‬ ‫‪61.doc‬‬
‫‪ 3‬مصطفى بلبولة‪ ،‬فلسفة اللغة واللسانيات في الفكر‬ ‫‪19‬‬

‫املعاصر‪ :‬على خطى همبولت‪ ،‬األكاديمية للدراسات‬ ‫‪http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2‬‬


‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬قسم الفلسفة‪ ،‬العدد‪،0202 ،01‬‬ ‫‪61.doc‬‬
‫ص‪.34-42‬‬ ‫‪www.m-a-arabia.com 20‬‬
‫‪ 4‬عبد الرحمن ابن خلدون‪ ،‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪www.academia.edu/6337249 21‬‬
‫درويش الجويدي‪ ،‬صيدا‪ -‬بيروت‪ :‬املكتبة العصرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫األنموذج ٌ‬ ‫ُ‬
‫قائم على افتراض أن هناك رابطا يصل‬ ‫‪ 22‬وهذا‬
‫ص‪.334‬‬ ‫بين " التثاقف " واكتساب اللغة الثانية ‪ّ (SLA).‬إن نظرية‬
‫‪ 5‬ن‪ ،‬ي كولنج‪ ،‬املوسوعة اللغوية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محي الدين‬ ‫على‬ ‫القائمة‬ ‫)‪(Schumann,1978b‬‬ ‫شومان‬
‫الحميدي‪ ،‬عبد هللا الحميدان‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة امللك‬ ‫التثاقف )‪ (Acculturation Model‬تتضمن فرضيته‬
‫سعود‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬اللغات كيف نعلمها ونتعلمها‪،‬‬ ‫األساسية والتي يقول فيها‪ " :‬إنني أحب أن أناقش بأن هناك‬
‫ديفيد ولكنز‪ ،‬ص‪.304‬‬ ‫مجموعتين من املتغيرات‪ :‬العوامل االجتماعية والعوامل‬
‫‪ 6‬ويرجع هذا املصطلح إلى فرايس الـذي قـال فـي مقدمة‬ ‫ً‬
‫واحدا‪ ،‬وهو ّ‬ ‫ّ ً‬
‫املتغير‬ ‫متغيرا‬ ‫النفسية واللتان تلتقيان لتشكال‬
‫كتــابه تدريس اللغة اإلنجليزية وتعلمها كلغة أجنبية‬ ‫ّ‬
‫الرئيس ي املؤثر في اكتساب اللغة الثانية‪ .‬واقترح أن نطلق‬
‫‪Teaching and Learning English as a foreign‬‬ ‫ّ‬
‫املتغير املثاقفة )‪ (Acculturation‬وأعني بذلك أن‬ ‫على هذا‬
‫‪ language‬إن أكثر املواد فعالية هي التي تعد بناء على‬ ‫تتوحد العوامل االجتماعية والنفسية لدى الفرد مع‬
‫توصيف علمي للغة املراد تعلمها‪ ،‬وتقارن بدقة مع توصيف‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫أي متعل ٍم يمكن‬ ‫مجموعة اللغة املستهدفة‪ .‬أقترح كذلك أن‬
‫مواز للغة املتعلم األم "‪ ,‬انظر (‪ ,)Fries, 1945: 9‬ورد في‬ ‫لسلسلة من العوامل االجتماعية والنفسية‬‫ٍ‬ ‫يتعرض‬‫أن ّ‬
‫)‪.)Dulay et al., 1982: 98‬‬ ‫ّ‬
‫تتسع أو تضيق مع متعلمي اللغة املستهدفة )‪ (TL‬وعندها‬
‫‪Jack Richard ,Error analysis, London: 7‬‬ ‫ّ‬
‫فقط يمكن أن يكتسب املتعلم اللغة حسب " املثاقفة "‬
‫‪Longman,1974.‬‬ ‫التي حققها‪.‬‬
‫‪ 8‬عبده الراجحي‪ ،‬علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية‪،‬‬ ‫‪ 23‬محمد علي القاسمي‪ ،‬اتجاهات حديثة في تعليم‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة الجامعة‪،0993،‬ص‪43‬‬ ‫العربية للناطقين باللغات األخرى‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة‬
‫ً‬
‫‪ 9‬أي وجود عنصر لغوي في اللغة الهدف يبدو مشابها آلخر‬ ‫الرياض‪ ،‬عمادة شؤون املكتبات‪ ،0929 ،‬ص‪64‬‬
‫في اللغة األم مع أنه في الحقيقة مختلف‪ ،‬مما يؤدي إلى‬ ‫‪ 24‬عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫الخطأ‬ ‫السالم هارون‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪ ،0991 ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ 10‬سمير استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬املجال‪ ،‬والوظيفة‪،‬‬ ‫ج‪ ،0‬ص‪22‬‬
‫واملنهج‪ ،‬إربد‪ :‬عالم الكتب الحديث‪ ،0221 ،‬ط‪ ،0‬ص‪469‬‬ ‫‪ 25‬الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪22‬‬
‫‪ 11‬سمير استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص‪.469‬‬ ‫‪: .)1985: 1( ،Knowing about language 26‬‬
‫‪ 12‬أحمد مختار عمر‪ ،‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪https://www.researchgate.net/publication/309894‬‬
‫عالم الكتب‪ ،0910 ،‬ط‪ ،0‬ص‪024‬‬ ‫‪47‬‬
‫‪ 13‬سمير استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص ‪462‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ 14‬محمد علي الخولي‪ ،‬األصوات اللغوية‪ ،‬النظام الصوتي‬ ‫‪https://books.google.com.sa/books?isbn=9796500‬‬


‫للغة العربية‪ ،‬عمان‪ :‬دار الفالح للنشر‪ ،‬ص‪07‬‬ ‫‪023939‬‬
‫‪ 15‬سمير استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص ‪463‬‬ ‫محمد على الخولي‪ ،‬أساليب تدريس اللغة ‪28‬‬

‫‪ 16‬سمير استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص ‪463‬‬ ‫العربية‪ ،‬ط‪ ،4‬الرياض‪0402 ،‬هـ‪0919/‬م‪ ،‬ص‬
‫‪17‬‬
‫‪02.‬‬
‫‪http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2‬‬
‫‪61.doc‬‬

‫‪140‬‬
‫العدد الخامس‬ ‫مجلة العمدة يف اللسانيات وتحليل الخطاب‬
‫‪2018‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬أساليب تدريس اللغة العربية‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫هكتور هامرلي‪ ،‬النظرية التكاملية في تدريس اللغات‬ ‫‪29‬‬
‫الرياض‪0402 ،‬هـ‪0919/‬م‪.‬‬
‫ونتائجها العملية‪ ،‬ترجمة‪ :‬راشد الدويش‪ ،‬الرياض‪0994 :‬‬ ‫الراجحي‪ .‬عبده‪ :‬علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية‪،‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة الجامعة‪.0993،‬‬
‫‪http://www.m-a-‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪Richard. Jack: Error analysis, London:‬‬
‫‪arabia.com/vb/showthread.php?t=23574‬‬ ‫‪Longman,1974.‬‬
‫‪ 31‬الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬ص ‪60‬‬ ‫عمر‪ .‬أحمد مختار‪ :‬دراسة الصوت اللغوي‪ ،‬القاهرة‪ :‬عالم‬
‫‪ 32‬محمد علي الخولي‪ ،‬أساليب تدريس اللغة العربية‪ ،‬ص‬ ‫الكتب‪ ،0910 ،‬ط‪.0‬‬
‫‪04‬‬ ‫‪Fries: Teaching and Learning English as a‬‬
‫‪ 33‬محمد علي الخولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪40‬‬ ‫‪foreign language,1945‬‬
‫‪ 34‬جودي ويليس‪ ،‬تعليم الدماغ القراءة‪ ،‬استراتيجيات‬ ‫القاسمي‪ .‬محمد علي‪ :‬اتجاهات حديثة في تعليم العربية‬
‫تحسين الطالقة واملفردات واالستيعاب‪ ،‬ترجمة‪ :‬سهام‬ ‫للناطقين باللغات األخرى‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة الرياض‪،‬‬
‫الجمال‪ ،‬الرياض‪ :‬دار عبيكان‪ ،0203 ،‬ط‪ ،0‬ص‪.026‬‬ ‫عمادة شؤون املكتبات‪.‬‬
‫‪.Krashen, 1982: 32‬‬ ‫كولنج‪ .‬ن‪ ،‬ي‪ :‬املوسوعة اللغوية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محي الدين‬
‫‪ 35‬استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص ‪446‬‬ ‫الحميدي‪ ،‬عبد هللا الحميدان‪ ،‬الرياض‪ :‬جامعة امللك‬
‫‪ 36‬استيتية‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬ص‪443‬‬ ‫سعود‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬اللغات كيف نعلمها ونتعلمها‪،‬‬
‫‪ 37‬هكتر هامولي‪ ،‬النظرية التكاملية في تدريس اللغات‬ ‫ديفيد ولكنز‪.‬‬
‫ونتائجها العلمية‪ ،‬ص ‪012‬‬ ‫هامرلي‪ .‬هكتور‪ :‬النظرية التكاملية في تدريس اللغات‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬ ‫ونتائجها العملية‪ ،‬ترجمة‪ :‬راشد الدويش‪ ،‬الرياض‪.0994 :‬‬
‫ابن جني‪ .‬أبو الفتح‪ :‬الصصائ ‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة املصرية‬ ‫ويليس‪ .‬جودي‪ :‬تعليم الدماغ القراءة‪ ،‬استراتيجيات‬
‫العامة للكتاب‪ ،0202 ،‬ط‪.4‬‬ ‫تحسين الطالقة واملفردات واالستيعاب‪ ،‬ترجمة‪ :‬سهام‬
‫ابن خلدون‪ .‬عبد الرحمن‪ :‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫الجمال‪ ،‬الرياض‪ :‬دار عبيكان‪ ،0203 ،‬ط‪.0‬‬
‫درويش الجويدي‪ ،‬صيدا‪ -‬بيروت‪ :‬املكتبة العصرية‪.‬‬ ‫املواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫استيتية‪ .‬سمير‪ :‬اللسانيات‪ ،‬املجال‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬واملنهج‪،‬‬ ‫‪http://www.mohamedrabeea.com/books/book1_2‬‬
‫إربد‪ :‬عالم الكتب الحديث‪ ،0221 ،‬ط‪.0‬‬ ‫‪61.doc‬‬
‫‪Pike. Kenneth: Language in Relation to a‬‬ ‫‪www.m-a-arabia.com‬‬
‫‪Unified Theory of The Structure of‬‬ ‫‪www.academia.edu/6337249‬‬
‫‪Human Behavior, Janua Linguarum.‬‬ ‫‪https://www.researchgate.net/publication/309894‬‬
‫‪Series Maior, 2nd 2.,REV., Reprint 2015‬‬ ‫‪47‬‬
‫‪ed.Edition.‬‬ ‫‪https://books.google.com.sa/books?isbn=9796500‬‬
‫بلبولة‪ .‬مصطفى‪ :‬فلسفة اللغة واللسانيات في الفكر‬ ‫‪023939‬‬
‫املعاصر‪ :‬على خطى همبولت‪ ،‬األكاديمية للدراسات‬ ‫‪http://www.m-a-‬‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬قسم الفلسفة‪ ،‬العدد‪.0202 ،01‬‬ ‫‪arabia.com/vb/showthread.php?t=23574‬‬
‫الجاحظ‪ .‬عمرو بن بحر‪ :‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد‬
‫السالم هارون‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪ ،0991 ،‬ط‪.2‬‬
‫الخولي‪ .‬محمد علي‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬النظام الصوتي‬
‫للغة العربية‪ ،‬عمان‪ :‬دار الفالح للنشر‪.‬‬

‫‪141‬‬

You might also like