Professional Documents
Culture Documents
- المعلومات والاتصالات
- المعلومات والاتصالات
الفساد ،وممارسة الضغط على الحكومة ،والتأثير في في وقت تعصف فيه رياح التغيير بالعالم ،أصبح دعم
الرأي العام ،وصناع القرار السياسي .ولعل التصويت الحريات وتحقيق العدالة االجتماعية والديمقراطية ،هو
اإللكتروني في العملية االنتخابية يعد أبرز تطبيقات الخيار الوحيد أمام الدول لتحقيق طموحات وآمال شعوبها.
الديمقراطية اإللكترونية ،على الرغم من أنه ال يزال والواقع أن اندماج تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت مع
محفو ًفا بالمخاطر .كما أن وتيرة االختراعات المتسارعة العمل السياسي ،أدى إلى إيجاد آليات وطرق عمل جديدة
في قطاع تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ذاته، لممارسة الديمقراطية والعمل السياسي ،فيما يمكن أن
قلصت بشكل كبير تكاليف الحصول على هذه نطلق عليه ديمقراطية تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت،
التكنولوجيات ،مما سمح بإضفاء طابع ديمقراطي على أو "الديمقراطية اإللكترونية أو الرقمية" ،التي تعد
استخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،بما في ذلك نتاجًا للتكامل بين قيم وجوهر الديمقراطية –كمفهوم
من قبل الفقراء الذين يستخدمونها لتحسين سبل عيشهم، سياسي واجتماعي– وتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت
كما سهل األخذ بهذه التكنولوجيات في برامج الحد من –كآلية ووسيلة لتعزيزها.
الفقر.
وتعد البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت األرضية
وعلى الجانب اآلخر ،فإن ثورة المعلومات الحقيقية من الصلبة التي تنمو عليها الديمقراطية الحقيقية ،باعتبارها
الصعوبة بمكان تحقيقها داخل مجتمعات غير ديمقراطية، الفكر أو الفلسفة التي تتيح للشعب آليات هامة لممارسة
كما أن فرص السماح لها بحرية البقاء -وما يترتب عليه حقوقه السياسية ،وأهمها آليات الحوار والتعبير عن
من اعتبار تداول المعلومات أحد وسائل حرية التعبير الرأي ،والتصويت في االنتخابات التشريعية واالستفتاءات،
عن الرأي -إنما يتوقف على مرونة تلك الحكومات واستطالع الرأي العام ،والتنظيم السياسي الميداني.
وهامش الحرية المتاح الذى يصبح أمام أمرين :األول ،إما
أن يسمح هذا الهامش لتكنولوجيا المعلومات واالتصال وتتألف عناصر هذا المحور من أدوات المعلومات
بالبقاء واالستمرارية والمنافسة االجتماعية والسياسية واالتصاالت ،حيث الهواتف التقليدية ،والمحمولة،
ال مطروحًا بحجة واالقتصادية ،وإما أن يكون القمع بدي ً والحاسبات الشخصية المتوفرة في البيئة الوطنية ،والتي
الحفاظ على األمن العام والقومي ،لمواجهة أى مخاطر تعد معيارًا على مقدار توظيف تقنية المعلومات في
قد تهدد المؤسسات الحاكمة ومصالحها ،التي ال تقتصر الدخول إلى اإلنترنت ،أو التطبيقات الميدانية .يضاف إلى
على كبار مسئولي الحكومة فقط ،وإنما تشمل كبار ذلك أنواع تقنيات المعلومات السائدة في البيئة الوطنية
رجال األعمال والمؤسسات االقتصادية الكبرى .وبالتالى التي تسهم في االستثمار األمثل لتدفق المعلومات .كذلك،
فإن مفهوم األمن اتسع ليشمل التهديدات التكنولوجية يؤخذ بعين االعتبار مستوى سيادة خدمات الحكومة
الناتجة عن ثورة االتصاالت التي يجب اتخاذ موقف دفاعي اإللكترونية ،وحجم اإلنفاق على البنية التحتية للمعلومات.
بشأنها ،ومن هنا فإن العديد من الحكومات ترى في
وقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت أداة
عملية تدفق المعلومات عبر الحدود غير الخاضعة للقيود،
اتصال مباشرة بين الحاكم والمحكومين ،بل أصبح
ال ألمنها القومي ،خاصة فى حالة اتحاد هذاتهديدًا محتم ً
لألفراد دور مؤثر عبر استخدام تكنولوجيا المعلومات
التدفق المعلوماتي مع كل من حالة الجمود االقتصادي
واالتصال في الرقابة على األداء الحكومي ،ومكافحة
والتخلف النوعى للبلدان النامية من ناحية ،ومع غياب
-2-
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت كآلية لتعزيز الديمقراطية وحرية التعبير مركز المشروعات الدولية الخاصة
في مشاكلها االجتماعية ،وعرقل مسيرة إنشاء وتطوير الديمقراطية الحقيقية ونقص التعددية وتراجعها وازدياد
تكنولوجيا محلية ،وتطويع التكنولوجيا المستوردة، معدالت الكبت السياسى من ناحية ثانية .ومن هنا فإن
والتي تتطلب تفكيرًا إبداع ّيًا ومهارات ابتكارية ،إلى االستفادة الحقيقية من وفرة المعلومات وثورة االتصاالت
جانب ضعف الهياكل األساسية لتكنولوجيا المعلومات ال يمكن أن تتوافر إال بشروط جوهرية ،أهمها على
والمتمثلة في شبكات االتصال ونظم التقييس ،والعمالة اإلطالق :حرية التعبير والديمقراطية الفعلية ،وبالتالي فإن
المدربة. ذريعة "األمن" التي تتخذها الحكومات في الدول النامية
سببًا لقمع حرية التعبير عبر وسائل االتصاالت المختلفة،
فضال عن عدم مالئمة التشريعات في مصر لالنفتاح على تعد ذريعة واهية ،حيث أضحى مفهوم األمن بهذا الشكل
مستجدات العصر ،وغياب سياسات علمية واستراتيجية مفهومًا ضي ًقا للغاية؛ ألنه صيغ خصيصًا من أجل أمن
واضحة المعالم تسير جنبًا إلى جنب مع الخطط التنموية، المؤسسات والحكومات ومصالح القائمين عليها فقط،
وهو ما سيؤثر في الخطوات األولى إلرساء مجتمع دونما إعطاء أية أهمية لحرية األفراد في الحصول على
المعلومات .وإن لم يتم تدارك هذه النقائص واستيعاب المعلومات الحقيقية.
المتغير المعلوماتي ،ومحاولة إيجاد موقع لنا ضمن زمرة
الدول التي سبقتنا إلى هذه النقلة النوعية ،فإننا سنجد وخالصة األمر ،فإن الديمقراطية الرقمية -بمعنى توظيف
أنفسنا خارج دائرة األحداث .وال مبالغة في القول بأن أدوات تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الرقمية في
جميع أجهزة اإلعالم في مصر كانت تخضع لسيطرة توليد وجمع وتصنيف وتحليل وتداول جميع المعلومات
واحتكار الحكومة ،سواء الصحف القومية التى تخضع والبيانات والمعارف المتعلقة بممارسة قيم الديمقراطية
لسيطرة الحكومة من خالل المجلس األعلى للصحافة ،أو وآلياتها المختلفة -ال تعني في نهاية األمر اختراعًا لنوع
اإلذاعة والتليفزيون اللذين يخضعان للحكومة من خالل جديد من الديمقراطية ،بل تعني ممارسة للديمقراطية
قانون اتحاد اإلذاعة والتليفزيون ،هذا باإلضافة إلى مراقبة المعروفة بأدوات وآليات جديدة ،وهو ما يشترط وجود
الحكومة الستخدام شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت). ال ،كي يتم تحويلها إلى رقمية ،أي
ديمقراطية تقليدية أص ً
ولما كانت حرية المعلومات واإلعالم تعتبر أحد الشروط قيام المواطنين والحكومات معًا باستخدام منجزات ثورة
الضرورية الستكمال التحول الديمقراطي المصري ،فإن المعلومات واالتصاالت كوسيلة فعالة في تفعيل جوهر
تحرير وسائل اإلعالم من السيطرة الحكومية يعد مطلبًا الديمقراطية.
أساس ّيًا للقوى الديمقراطية ،ويدخل فى إطار برنامج
التحول الديمقراطي في مصر. ونحن في مصر ،مثلنا مثل كل دول العالم الثالث ،نواجه
تحديات جديدة إلى جانب القضايا والمشاكل المتراكمة
وحيث إننا نبدأ عملية صياغة الدستور الجديد ،فإنه التي تزيد في اتساع الفجوة العلمية ،وفجوة نظم المعلومات،
من الضروري االستقرار على كيفية حماية الدستور والفجوة التقنية ،مما يستدعي صياغة اتجاهات جديدة
للحق في حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات. تراعي التركيز على تكنولوجيا المعلومات ،كأساس
كما أن هناك ضرورة ألن يتضمن الدستور المصري للديمقراطية والتنمية الشاملة ،خاصة أنها لم تستخدم
الجديد تعري ًفا واسعًا لحرية التعبير ،بحيث يشمل الحق حتى اآلن بشكل كافٍ وصحيح .وفي ظل حقيقة أننا بلد
في طلب واستالم ونشر المعلومات واألفكار ،وأن يشمل مستهلك للتكنولوجيا وليس صانعًا لها ،األمر الذي زاد
-3-
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت كآلية لتعزيز الديمقراطية وحرية التعبير مركز المشروعات الدولية الخاصة
اجتماعية شعبية سلمية ،إنها ثورة 25يناير التي لعبت فيها ذلك كافة أنواع طرق التعبير ووسائل االتصاالت .كما
أدوات االتصاالت وتكنولوجيا المعلومات دورًا رئيس ّيًا، يجب التأكيد على أن يتضمن الدستور الجديد كيفية
خاصة شبكات التواصل االجتماعي التي فجرت الشرارة حماية حرية وسائل اإلعالم وحرية التعبير عبر تكنولوجيا
األولى للثورة .وكما غيرت الثورة العديد من المفاهيم، المعلومات واالتصاالت ،كما ينبغي أن يمنح الدستور هذا
بل والنظرة إلى المستقبل ،غيرت أيضًا رؤية المصريين الحق لكل شخص.
ألدوات االتصاالت وتكنولوجيا المعلومات التي أصبحت
منبرًا مه ّمًا لحرية الرأي والتعبير ،ومنف ًذا جيدًا للمشاركة وينبغي أن يشترط صراحة أن تكون أية قيود على الحق
في الشأن العام ،وفي إيجاد حلول للقضايا المجتمعية. في حرية التعبير متوافقة بشكل صارم مع االختبار ذي
الثالثة أجزاء المنصوص عليه في القانون الدولي ،فالقانون
وقد ساهم في تعظيم التأثيرات السياسية اإليجابية السابقة الدولي بشكل عام يسمح بوضع بعض القيود على الحق
لإلنترنت عوامل عدة ،فباإلضافة إلى اتساع نطاق النفاذ في حرية التعبير لحماية المصالح المختلفة ،إال أن مدى
لإلنترنت وحجم الشرائح االجتماعية المستخدمة له ،فقد شرعية أي تقييد لهذا الحق األساسي ينبغي تقييمها وف ًقا
تركز هذا التوسع داخل قطاع الشباب باألساس ،حيث للمعايير الدولية .فجميع المواثيق الدولية ،مثل اإلعالن
حدث -على ما يبدو -تحو ًال واضحًا في أنماط استخدام العالمي لحقوق اإلنسان ،والعهد الدولي للحقوق المدنية
الشبكة في العالم العربي خالل السنوات األخيرة ،في والسياسية ،واالتفاقية األوروبية واالتفاقية األمريكية،
اتجاه ارتفاع معدالت استخدامها كوسيلة وكساحة والميثاق اإلفريقي ،تقدم "اختبارًا مكونًا من ثالثة أجزاء"
للعمل السياسي ،األمر الذي يطعن في مقولة إن اإلنترنت لتحديد مدى مشروعية أية قيود يتم فرضها على حرية
يمثل عالمًا سياس ّيًا افتراض ّيًا. التعبير .كما أن جميع المحاكم في البلدان التي صدقت
على هذه الوثائق ملزمة بتطبيق هذا االختبار الثالثي عند
لهذا ،يجب تطويع أدوات االتصاالت وتكنولوجيا التعامل مع قضايا تتعلق بحرية التعبير :القيد األول من هذا
المعلومات لالشتباك اإليجابي مع قضايا المجتمع ،وإيجاد االختبار ،يقتضي أن يكون القيد المفروض منصوص
حلول تكنولوجية مبتكرة لها ،بمعنى أن يكون قطاعًا عليه مسب ًقا في القانون ..والثاني يشترط أن يكون القيد
يحمل رؤية مجتمعية تنطلق من مبدأ ليس فقط تطوير يعمل على خدمة هدف مشروع ..أما الثالث فيشترط أن
القطاعات الخدمية للمواطنين بقدر ما هو تغيير للعقلية يكون القيد ضرور ّيًا في مجتمع ديمقراطي .
اإلدارية للدولة ومؤسساتها التي تقدم الخدمات المختلفة
للمواطن ،بشكل ينقل مصر لمرحلة يسودها مفاهيم فالعالم اليوم يعيش ثورة حقيقية في مجال االتصاالت
المواطنة الرقمية والمجتمع التكنولوجي ،ويتناسب وحجم وتكنولوجيا المعلومات ،ولم يعد بإمكان أي دولة اآلن
ونوعية التغير السياسي واالجتماعي الذي حدث في مصر تتطلع لإلنجاز والتطوير بهدف تحقيق التنمية المستدامة
بعد ثورة 25يناير. على كافة األصعدة ،أن تحقق ذلك دون أن يكون هذا
القطاع أحد ركائزها األساسية.
ولجني ثمار الفرص التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات
واالتصاالت ،فمن الضروري أن يتم العمل على تحديد وفي خضم هذه الثورة التكنولوجية والمعلوماتية ،شهدت
مجموعة من السياسات الرامية إلى التشجيع على استحداث مصر في مطلع عام 2011ثورة من نوع آخر ،ثورة سياسية
-4-
تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت كآلية لتعزيز الديمقراطية وحرية التعبير مركز المشروعات الدولية الخاصة
-5-