Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

ّ ّ ّ ّ

‫احممد بابا‬.‫أ‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

ّ ّ ّ ّ
‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬
‫جامعة تلمسان‬, ‫ احممد بابا‬.‫أ‬

."‫ملخص البحثيتناول هذا البحث " حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬
‫للكشف عن مدى علمية الدرس النحوي وقيامه على نظرية علمية؛ تستند أساسا على مفاهيم‬
.)‫ وألاثر الذي ينتجه هذا التفاعل؛ (العمل‬،‫العوامل واملعموالت‬
:‫وقد انتظم في مبحثين‬
‫ لبيان حدود النظرية العلمية في الفكر النحوي العربي‬:‫ألاول‬
‫ في مفهوم نظرية العامل وارتباطها بالتحليل إلاعرابي‬:‫والثاني‬
‫ بل هو ثمرة دراسات‬،‫ أ ن ألاسس التي قام عليها النحوي العربي ليس مجرد أفكار نظرية‬:‫ليصل إلى‬
،‫ مصحوب بتدقيق وتحليل علمي ألبنية اللغة وتراكيبها املتنوعة‬،‫علمية ومنهجية في مدونة اللغة العربية‬
.‫أنتج في ألاخير نظرية علمية محكمة‬
Research Summary
This research deals with "grammar system and its relation to the theory of the determinants
of worker".
Detect the scientific grammar lesson and resurrection of the scientific theory; mainly based
on the concepts and Almamolat factors, and the effect produced by this interaction; (work).
He was enrolled in two sections:
First: to demonstrate the limits of scientific theory in the Arab grammar of thought
The second is the concept of factor analysis theory and its relation to the Bedouin
Up to: that the foundations of the Arab grammar is not just a theory of ideas, it is the fruit of a
scientific and systematic studies in the Code of the Arabic language, accompanied by audited
and scientific analysis of the buildings and their structures varied language, produced in the
last refereed scientific theory.

191 ‫صفحة‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫والنظر ‪ -‬الذي هو أصل اشتقاق النظرية – يكون بالحاسة للمحسوس‪ ،‬وبالذهن للمعقول املجرد‪ ،‬وهذا‬
‫ا ا ا َّ ا‬ ‫ا َّ‬ ‫ا‬
‫النظر‬ ‫ما يوضحه أبو هالل العسكري في فروقه حيث يقول‪ " :‬اِلا ْس ات ْدالل طلب معرفة الش ْيء من اجهة غيره و‬
‫ْ ا‬ ‫ا ْا ا‬ ‫رفته(الش ئ) من ج اهته اومن ج اهة اغيره‪ ،‬اول اه اذا اك ا‬ ‫ا ْ ا‬
‫اس ات ْدالال‬ ‫النظر افي معرفة الق اادر ق ااد ًرا من اج اهة فعله‬ ‫ان ّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫طلب مع‬
‫(‪)1‬‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ ا اا ا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ا َّ ا‬
‫النظر افي حدوث الحركة ليس باستدالل" ‪.‬‬ ‫و‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫وحد النظر‪ :‬طلب إد اراك الش ْيء من ج اهة ال ابصر أو الفكر‪ ،‬ويحتاج في إد اراك امل ْعنى إلى ألامرْين جم ً‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫يعا‬ ‫ا ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫ا ْ ا ْا‬
‫ا‬
‫ْ ا ا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫الد اقيق بالبصر اأوال َّ‬ ‫ط َّ‬‫ْ ا ّ‬
‫ثم بالفكر؛ األن اإدراك الخط الد اقيق ال اذي اب اه يقرأ ط اريق اإلى اإدراك املعنى‪،‬‬ ‫كالتأمل اللخ ا‬
‫ا َّ ا‬ ‫ا‬ ‫ّ ُْا ا‬ ‫ا‬ ‫ْا‬ ‫ا ْ‬ ‫ّا ا‬ ‫ا‬ ‫ا ا‬
‫اوكذ ال اك ط اريق الداللة املؤدية اإلى العلم اباملعنى‪ ،‬وأصل النظر املقابلة فالنظر بالبصر إلاقبال نحو املبصر والنظر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا َّ ا‬
‫عين والفكر ُه او إلاقبال انحوه بهما ‪ ...‬اواإذا قرن‬ ‫ا ْ‬
‫بالقلب إلاقبال بالفكر نحو ااملفكر اف ايه ‪ ...‬والنظر افي الكتاب ابال ا‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا ا ُ‬ ‫ْاْ ا ْ‬
‫ان امل اراد اب اه تقليب الحدقة ن ْحو اما يل اتمس‬ ‫النظر ابالقل اب ف ُه او ال افكر افي أ ْح اوال اما ينظر اف ايه اواإذا قرن بالبصر ك‬ ‫ّ‬
‫المة الحاسة"(‪.)2‬‬ ‫ُر ْؤ ايته ام اع اس ا‬
‫مجال للتفكير لعدم وضوحه بداهة فيحتاج إلى إعمال الفكر حتى‬ ‫النظر الفكري فيما فيه ا‬ ‫فالنظرية من ّ‬
‫يتضح‪.‬‬
‫‌أ) في الاصطالح‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫ا‬
‫النظرية‪" :‬ق اض َّية تثبت ببرهان و( افي الفلسفة)‪ :‬طا ائفة من آلاراء تفسر بها بعض الوقائع العلمية أو الفنية‬
‫ا‬
‫ْا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َّ ْ‬ ‫ْا‬ ‫ْ ا ْ‬
‫الشخص واملوضوع أو ابين ال اع اارف اوامل ْع ُروف او افي‬ ‫و(نظرية املعرفة) ال اب ْحث افي املشكالت القا ائ امة على العالقة ابين‬
‫ْ‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ْ ا‬
‫او اسا ائل املعرفة فطرية أو مكتسبة (جمع) نظريات"(‪ُ .)3‬ويقال "أمر نظ اري او اسا ائل ابحثه ال افكر والتخيل وعلوم‬
‫ا‬
‫نظرية قل أن تعتمد على التجارب العملية ووسائلها"(‪.)4‬‬
‫وفي مجال العلوم تعني النظرية‪ " :‬سلسلة من القضايا والقوانين والتعميمات املنطقية واملجردة التي تم‬
‫تحقيقها‪ ،‬وهي تؤلف فيما بينها نسقا برهانيا بحيث تكون كل قضية منها نتيجة لقضية سابقة‪ ،‬ومقدمة لقضية‬
‫الحقة‪ ،‬والقانون أو القضية هي عبارة تربط بين متغيرين أو أكثر‪ ،‬بحيث إذا تغير في إحداها حدث في املتغير أو‬
‫املتغيرات ألاخرى"(‪.)5‬‬
‫فالنظرية تكامل معرفي يشمل الظاهرة املدروسة من جميع جوانبها‪ ،‬ويصلح ألن تكون مقياسا علميا‬
‫صحيحا دقيقا ملا يدخل تحت النظرية املطروحة من فروع وتفصيالت‪ ،‬تنبني على أسس علمية وتسلسل‬
‫منطقي يقود إلى نتائج مقبولة في تفسير ظواهر القضية املختارة للبحث‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضوابط النظرية في الفكر النحوي العربي‬
‫من املبادئ املقررة في فلسفة العلوم‪:‬‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫‪ ‬أن العلم ال يتحرك في غيبة(املنهج)‪ ،‬إذ العقل إلانساني ال يستطيع أن يفكر وأن يستدل‪ ،‬دون أن‬
‫يكون له منهج معين‪ّ ،‬‬
‫يقوم عليه فكرته وحركته‪.‬‬
‫‪ ‬وأن ما يميز تفكيرا ما‪ ،‬ليس املوضوع الذي يتناوله‪ ،‬وال ألافكار والنظريات التي ينتهجها‪ ،‬بقدر ما يميزه‬
‫"املنهج" الذي انطلق منه‪ ،‬وصدر عنه‪ ،‬ألن "املنهج" في أي نظام معرفي‪ ،‬هو الذي يؤسس الرؤية النظرية التي من‬
‫خاللها يتم التحكم في هذا النظام ومللمة ما فيه من أشباه ونظائر‪ ،‬وتفسير ما فيه من معطيات والبناء‬
‫عليها"(‪.)6‬‬
‫وكثيرا ما يطرح الباحثون في تاريخ الفكر النحوي هذا السؤال‪ :‬هل انطلق نحاتنا في وصفهم اللسان العربي‬
‫والتقعيد له وبيان طريقة العرب في تعليق الكلم بعضه عن بعض عن منهج قويم ونظرية تحكم عملهم‪ ،‬وتفسر‬
‫لنا سماته‪ ،‬وخصائصه؟‪ .‬وإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعلم‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن الفكر الذي ال يهتدي بهدي "نظرية" تقوده في بناء الفرضيات وتحليلها‪ .‬وتفسير واقع العلم‪ ،‬ال‬
‫يخلص إلى نتيجة شاملة‪ ،‬وال ينكشف له حقائق ما يتناوله‪ ،‬فـ(النظرية) تعطي العلم فلسفته ومبرراته‬
‫واصطالحاته‪ ،‬وباختصار تعطيه هويته الخاصة"(‪.)7‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن أي ممارسة علمية تقتض ي بناء أصول" نظرية" يحتكم إليها أصحابها‪ ،‬وتنظم نقاشهم‪ ،‬وتحفظ‬
‫وحدة صناعتهم‪ ...‬وإذا كان لعناصر الظاهرة نظامها املخصوص الذي لواله ما كانت فإننا في حاجة إلى "النظرية"‬
‫التي بها يكون بناء ذلك النظام بالعقل وصياغة قوانين الظاهرة صياغة تؤدي بنا إلى إدراك التماسك‪ ،‬إن نظرنا‬
‫إلى الكل‪ ،‬وإلى إدراك قيمة كل عنصر إن نظرنا إلى ألاجزاء"(‪.)8‬‬
‫وانطالقا من هاتين الحقيقتين‪ ،‬فإن الفكر النحوي ما كان له أن يتأسس في غياب تصور نظري على أي‬
‫نحو من ألانحاء وإذا كانت النظرية هي‪" :‬بناء عقلي يتوق إلى ربط أكبر عدد من الظواهر املالحظة بقوانين خآصة‬
‫تكون مجموعة متسقة يحكمها مبدأ عام هو "التفسير" فإن ما قدمه الفكر النحوي ‪ -‬قديما‪ -‬من جهاز تفسيري‪،‬‬
‫ومالمح تنظيرية تكشف عن منطق خفي ينتظم نحو العربية بمجمله‪ ،‬وتنطوي على معايير‪ ،‬من نحو‪( :‬التعليل)‬
‫و(التأويل) و(النظر في البنية العميقة للتركيب) ‪.)9("...‬‬
‫ثالثا‪ :‬أصول النظرية النحوية العربية‬
‫يمكن القول‪ :‬إن "ألاصول وألانظار العل مية التي بنى عليها النحاة نظرية النحو العربي‪ ،‬أو مرتكزاته الفكرية‬
‫يمكن تمثلها ‪ -‬من خالل النظر في التراث النحوي – في محاور ثالثة‪:‬‬
‫‪ ‬ثنائية "ألاصل والفرع"‪ :‬وقد حكمت هذه الثنائية كثيرا من مظاهر الدرس النحوي الذي ينطلق في‬
‫تنظيره للعربية‪ ،‬إما من أصل (املسموع) وإما انتهاء إلى أصل (القياس) وإما بتوجيه من أصل املقوالت الضابطة)‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫مما مكنهم من مللمة شتات الظاهرة اللغوية والسيطرة على كثير من مظاهرها"(‪ ،)10‬فكثيرا ما نجد قولهم‪( :‬أصل‬
‫الوضع‪ .‬أصل القاعدة‪ .‬أصل القياس‪ .‬أصل الباب‪ .‬أصل ِلاستحقاق‪.)11(")...‬‬
‫‪ ‬البعد الخارجي‪ :‬ألاحوال والك يفيات التي جاءت عليها التراكيب اللغوية املختلفة‪ ،‬وفهم العالقات التي‬
‫تحكما وتوجه بناءها‪ ،‬حيث تحتك الكلمة بالكلمة‪ ،‬وما وراء هذا إلاحتكاك من فيوضات معنوية‪ ،‬ومالبسات‬
‫سياقية‪ ،‬وعالئق منطقية"(‪ .)12‬فالنسق اللغوي يرتبط بقرائن منطوقة تفهم من السياق(املقال)‪ ،‬وقرائن غير‬
‫منطوقة(الحال) تؤخذ من محيط الحدث اللغوي ودواعيه ومناسباته‪.‬‬
‫‪ ‬العامل‪ :‬وهو أهم أركان النظرية النحوية‪ ،‬أو حجر الزاوية في النحو العربي‪ .‬حتى إن كثيرا من الباحثين‬
‫في الفكر النحوي يكادون يختزلون جوانب النظرية النحوية فيه‪ ،‬ويجعلون بين النحو والعوامل شيئا من‬
‫الترادف‪.‬‬
‫وترجع هيمنة هذا ألاصل(العامل) على النظرية النحوية ألمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬ارتباطه بـ(إلاعراب) الذي يعد أهم مظهر من مظاهر العربية‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬احتالله حيزا كبيرا في نقاشات النحاة‪ ،‬حتى إن املتأمل في خالفاتهم‪ ،‬ليرجع إلى تفسير "العالمة‬
‫إلاعرابية"‪ .‬والبحث عن "العوامل" و"املعموالت"‪.‬‬
‫(‪)13‬‬
‫فالنحو العربي ترتكز أسسه على نظرية العامل وهي ال توجد في أي نحو أجنبي ‪ ،‬وهي‪" :‬نظرية بارعة‬
‫عظيمة‪ ،‬ودليل نبوغ وعبقرية"(‪ ،)14‬واستمرارها ودوامها عبر السنين يدل على استحقاقها للبقاء‪ ،‬وصالحها‬
‫لتحليل البناء اللغوي للعربية‪ ،‬فهذه النظرية ليست فكرا نظريا مجردا فحسب‪ ،‬بل هي ثمرة دراسات منهجية‬
‫وتطبيقية في ثنايا اللغة العربية‪ ،‬ونتاج تحليل علمي ألبنية لغوية مختلفة‪ ،‬أنتجت في ألاخير نظرية علمية‬
‫محكمة‪.‬‬
‫‪ ‬املبحث الثاني‪ :‬نظرية العامل وارتباطها بالتحليل إلاعرابي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أدلة ً‬
‫ألاصولية‪ ،‬فال يكاد يخلو من أثارها أي كتاب نحوي‪ ،‬سواء في‬ ‫النحو‬ ‫تعد نظرية العامل من أهم‬
‫ً‬
‫القديم أو الحديث‪ ،‬بحيث وضعت في ضوئها العديد من املؤلفات النحوية منذ سيبويه إلى عصرنا هذا‪ ،‬وقد‬
‫النحو العربي وكانت من أهم ألاسس التي بني عليها النحاة قواعدهم‪ ،‬فكل عامل في‬ ‫شاعت هذه الفكرة في ً‬
‫نظرهم طلب لغيره‪ ،‬وكل معمول مطلوب لغيره‪ ،‬ومن خالل هذه ألاسس أخذ النحاة يفسرون العالقات اللفظية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فتارة يكون ً‬ ‫ُ‬ ‫بين مكونات تركيب ُ‬
‫الجملة‪ ،‬وربطوا بين العالمة إلاعر ً‬
‫الرفع وطورا يكون‬ ‫ابية وألاثر املسبب لها‪،‬‬
‫علة‪ ،‬فإن لم يجدوها أولوها؛ إذ ً‬‫ً‬ ‫ً‬
‫البد لألثر من مؤثر‪ ،‬ومن هنا‬ ‫النصب وأخرى يكون الجر‪ ،‬وطلبوا لكل عالمة‬
‫وضبطت أحكامه‪ ،‬وانطلق النحاة من أسسها العامة ً‬ ‫فحصرت مسائله ُ‬ ‫النحوي ُ‬‫تأسست نظرية العامل ً‬
‫ً‬
‫فاتفقوا‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫في ُكلياتها واختلفوا في جزئياتها‪ ،‬فأصبحت بذلك نظرًية شاملة ٌ‬


‫تدل على سعة البحث في مجال ً‬
‫الدرس اللغوي‬
‫والتحليل ً‬
‫والتعليل باعتبارها ظاهرة ً‬
‫لغوية ً‬
‫مهمة‪.‬‬ ‫الذي يؤكد الباحثون فيه على ًأنها نظرًية تحتاج إلى الد اسة ً‬
‫ر‬
‫فما مفهوم العامل؟‪ ،‬وكيف نشأ‪ ،‬وأصل فكرة العمل؟‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف العامل‬ ‫‪‬‬

‫‌أ) لغة‬
‫اا‬ ‫ً‬
‫يقول صاحب اللسان‪" :‬والعمل‪ :‬املهنة والفعل‪ ،‬والجمع أعمال‪ ،‬عمل عمال‪ ،‬وأعمله غيره واستعمله‪،‬‬
‫واعت ام ال ً‬ ‫ا‬
‫الرجل عمل بنفسه‪.‬‬
‫وِلاعتمال‪ :‬افتعال من العمل وأعمل فالن ذهنه في كذا وكذا إذا دبره بفهمه‪ .‬وأعمل رأيه وآلته ولسانه‬
‫واستعمله‪ :‬عمل به‪ .‬قال ألازهري‪ :‬عمل فالن العمل يعمله عمال "(‪.)15‬‬
‫ُ‬
‫يح‪ ،‬او ُه او اع ٌّام افي ك ا ّل اف ْع ٍل ُي ْف اع ُل(‪ .)16‬وهو مصدر‬ ‫الال ُم اأ ْ‬
‫ص ٌل اواح ٌد ا‬
‫ص اح ٌ‬ ‫ا ا ْ ا ْ ُ ا ْ ُ ا َّ‬
‫قال ابن فارس‪( :‬ع امل) العين و اامليم و‬
‫ا‬
‫ا‬
‫" اع ام ال اي ْع ام ُل اع امال‪ ،‬ف ُه او اع اام ٌل"(‪.)17‬‬
‫ويتصل بما يقوم عليه‬ ‫وعليه ًإن العامل لغة؛ من يقوم بالعمل (الفعل) ويكون في املعاني واملحسوسات‪ً ،‬‬
‫فالعملية مرتبطة بين عامل ومعمول وعمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عمله‪،‬‬
‫ب) اصطالحا‬ ‫‌‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫لم يتفق النحاة على تعريف محدد للعامل‪ ،‬لكن فحوى العمل النحوي كان واحدا في طرحهم لهذه‬
‫الربط بين إلاعراب والعمل ‪ ،‬فالعامل في النحو العربي‪" :‬ما عمل عمال ما؛ فرفع أو نصب أو‬ ‫الفكرة ُمشيرين إلى ً‬
‫والناصب والجازم وكاألسماء التي من شأنها أن تعمل أيضا وكأسماء الفعل‪ ،‬وقد عمل الش يء في‬ ‫جر‪ ،‬كالفعل ً‬
‫الش يء‪ :‬أحدث فيه نوعا من إلاعراب"(‪.)18‬‬
‫وهو عند الشريف الجرجاني‪( :‬ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من إلاعراب)(‪ً ،)19‬أما ابن‬
‫يتقوم به املعنى املقتض ي لإلعراب)(‪ .)20‬ويقول‪ :‬عباس حسن العامل هو‪" :‬ما يؤثر في‬ ‫الحاجب فقال هو‪( :‬ما َّ‬
‫ً‬
‫املفعولية‪ ،‬أو غيرهما"(‪ .)21‬فاختالف‬ ‫ً‬
‫كالفاعلية‪ ،‬أو‬ ‫ابية‪ ،‬ترمز إلى معنى خاص‪،‬‬‫اللفظ تأثيرا ينشأ عنه عالمة إعر ً‬
‫ً‬ ‫مواقع الكلم ّ‬
‫وتغير حركاتها‪ ،‬كان بسبب عامل‪ ،‬وتبعا لهذا ِلاختالف‪ ،‬يقوم املعنى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ويرى عبد الفتاح الخطيب أنه‪" :‬معنى قبل أن يكون عالمات إعراب"(‪ُ ،)22‬مستشهدا بقول َّ‬
‫الرض ي‪" :‬نسب‬
‫عامال لكونه ً‬ ‫ً‬ ‫إحداث هذه العالمات إلى اللفظ الذي بواسطته قامت هذه املعاني باالسم"(‪ُ ،)23‬‬
‫كالسبب‬ ‫فسمي‬
‫ً‬ ‫للعالمة‪ ،‬كما ًأنه ً‬
‫الفعل‪،‬ألنه به صار أحد جزئي الكالم ‪.‬‬ ‫السبب للمعنى املعلم‪ ،‬فقيل‪ :‬العامل في الفاعل هو‬
‫ُ‬
‫بناء عليه كما ًأنه أداة تحليلية تعين على إدراك‬ ‫ويمثل العامل عند النحاة القانون الذي ُترَّتب الكلمات ً‬
‫ً‬
‫العالئق بين العناصر في التركيب‪ ،‬وتوضح مدى ِلارتباط بين أجزاء الكالم من خالل تجريد‪ ،‬تقدر فيه املواضع‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫َّ‬
‫واملحالت بحسب التعليق املعنوي بين الكلم‪ ،‬وهو مصطلح ُي َّ‬
‫عبر به عن اقتران بين عنصرين‪ ،‬بينهما ارتباط‬
‫معنوي‪ ،‬ينشأ عن اقترانهما معنى تركيبي‪ُ ،‬يشير إليه تغير شكلي في أواخر العنصر الثاني منهما‪ ،‬فإذا كان العنصر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫طالبا لغيره‪ ،‬كان عامال فيه‪ ،‬وإذا كان مطلوبا من غيره كان معموال له فهو مفهوم ذهني لتفسير عالقة التالزم‬
‫ً‬
‫الضروري بين الكلمات داخل الجملة وفقا لثنائية العوامل واملعموالت (‪.)24‬‬
‫ّإن الحدود التي وضعت للعامل تبين تلك الصلة املعنوية التي تربط بين العامل واملعمول‪ ،‬وما يتركه‬
‫ً‬ ‫العامل من أثر فيه‪ ،‬ومن تغيير في معاني التركيب‪ّ ،‬‬
‫وأنه ٌ‬
‫كات تظهر في أواخر‬‫أثر يظهر من خالله املعنى متمثال بحر ٍ‬
‫ّ‬
‫تستحق ُه الكلمة املنطوقة على وفق ما يريد املتكلم ْأن يوصله للمخاطب‪ ،‬لذا اقترن‬ ‫ُّ‬ ‫الكلم‪َّ ،‬‬
‫وأن ذلك املعنى‬
‫حركات على أواخر الكلم‪ ،‬وهذا ألاثر الذي يعتري أواخر الكلمات ّإنما يعتريها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تحديد معنى التركيب بما يظهر من‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن العامل أثر فيها فأحدث فيها هذه الحركات التي تدل على معنى ما يقصده املتكلم‪ ،‬أو ما يفيده التركيب‪،‬‬
‫معنى‪ ،‬أو ما فهم املعنى من الكالم‪.‬‬‫جاءت تلك آلاثار‪ ،‬ولوال الحركات ما أفاد الكالم ً‬
‫ولوال العامل ما ا‬
‫ثانيا‪ :‬نشأة العامل وأصل الفكرة‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫انبنى النظام النحوي على فكرة العامل‪ ،‬فكيف خطرت هذه الفكرة على عقول املنظرين من النحاة؟‪،‬‬
‫ومن أين استقوا مفاهيمها؟‪.‬‬
‫‌أ) نشأة فكرة العامل‬
‫النحو ودراسته على منهج العمل بين الكلم؛ الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫قدم ً‬‫لعل ًأول من ّ‬
‫النحو العربي نحو قوله‬‫سيبويه – تلميذه‪ -‬ما يؤيد ذلك‪ْ ،‬إذ نقل آ اء الخليل ضمن ألاسس التي أرس ى بها دعائم ً‬
‫ر‬
‫(‪)25‬‬
‫الرفع والنصب‪ ،‬كما عملت (كان) الرفع والنصب) ‪.‬‬‫ً‬ ‫‪ ( :‬زعم الخليل اأ َّنها – يريد َّإن وأخواتها – عملت عملين ‪ً :‬‬
‫ُ‬ ‫يتوغل في استعمال هذه ً‬ ‫ً‬
‫ويستمد‬ ‫النظرية‪،‬‬ ‫ورأى الدكتور بن لعالم مخلوف‪ً :‬أن الخليل هو وحده من كان‬
‫ُ ا‬
‫بع ُد أن تكون البذرة ألاولى لهذه‬
‫ست ا‬‫في أصولها‪ ،‬ويتوسع في مسالكها‪َّ ،‬أما سيبويه فقد أخذها عنه‪ ،‬ومع ذلك ال ي‬
‫ومد أصولها وجعلها أداة‬‫النظرية من وضع من سبقه من النحاة‪ ،‬ثم جاء الخليل فأرس ى قواعدها وطرائقها ّ‬ ‫ً‬
‫التحليل إلاعرابي ونظرية ناضجة(‪ ،)26‬و"كل من يقرأ كتاب سيبويه يرى ًأن الخليل هو الذي ًثبت‬ ‫منهجية في ً‬
‫ً‬ ‫أصول نظرية العوامل‪ً ،‬‬
‫ومد فروعها وأحكمها إحكاما؛ بحيث أخذت صورتها التي ثبتت على مر العصور‪ ،‬فقد‬
‫أرس ى قواعدها العامة‪ ،‬ذاهبا إلى ًأنه ال ًبد مع كل رفع لكلمة أو نصب أو خفض أو جزم من عامل يعمل في‬
‫ُ‬
‫ألاسماء وألافعال املعربة ومثلهما ألاسماء املبنية"(‪.)27‬‬
‫" وتتداخل نظرية العوامل في كل أبواب الكتاب وفصوله النحوية‪ ،‬بل ال نغلو إذا قلنا‪ :‬إنها دائما ألاساس‬
‫الذي يبني عليه حديثه في مباحث النحو وهي تلقانا منذ السطور ألاولى في الكتاب"(‪.)28‬‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذكرت لك‬ ‫فبعد حديث سيبويه في أوائل صفحات (الكتاب) عن مجاري أواخر الكلم الثمانية‪ ،‬قال‪" :‬وإنما‬
‫ُ‬ ‫ُ ا‬
‫ضرب من هذه ألاربعة ملا ُي احدث فيه العامل ‪ -‬وليس ش يء منها إال وهو يزول‬ ‫ٌ‬ ‫ثمانية مجار ألفرق بين ما يدخله‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬
‫ضرب‬ ‫لكل منها‬ ‫أحدث ذلك فيه من العوامل‪ ،‬التي ّ‬ ‫بناء ال يزول عنه لغير ش يء‬ ‫الحرف ً‬ ‫عنه ‪ -‬وبين ما ُي ْب انى عليه‬
‫ُ‬
‫من اللفظ في الحرف‪ ،‬وذلك الحرف حرف إلاعراب"(‪.)29‬‬
‫ً‬
‫فأسبقية القول بالعامل تنسب إلى الخليل ابتداء‪ ،‬وإلى سيبويه إبانة وتكامال‪ ،‬ولعل الخليل أخذها من‬
‫إشارة مشائخه‪ ،‬فبني عليها وأخرجها للوجود كنقطة مركزية في التحليل النحوي‪ ،‬ثم تتابع عطاء النحاة حتى‬
‫أخذت طابع النظرية املتكاملة‪.‬‬
‫ب) أصل فكرة العامل‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫النحوي درس العربية على وجود حركة إعرابية في اللغة العربية‪ ،‬فاإلعراب يعد من أهم‬ ‫ً‬ ‫أقام الفكر ً‬
‫ا‬
‫خصائص العر ًبية في نظر النحاة‪ ،‬إذ هو السبيل إلى إلابانة عن املعاني باأللفاظ‪ ،‬وبه يوقف على أغراض‬
‫وإن ألاغراض كامنة فيها حتى‬ ‫ألن "ألالفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون إلاعراب هو الذي يفتحها‪ً ،‬‬ ‫املُتكلمين‪ً ،‬‬
‫يكون هو املستخرج لها"(‪.)30‬‬
‫ابية في كل موضع بكيفية‬ ‫وقد دفع النحاة ذلك إلى البحث عن طريقة لتفسير وجود تلك الحركة إلاعر ً‬
‫ضمة ‪ ،‬فتحة ‪ ،‬كسرة ‪ )...‬وضبط أسبابه فاهتدوا إلى القول بالعمل‪.‬‬ ‫معينة ( ً‬
‫ً‬ ‫فأصل هذه الفكرة (العامل) ما الحظه الدرس ً‬
‫النحوي من مواقع ألالفاظ في العبارة والجملة عموما‪ ،‬فال‬
‫ً‬
‫يمكن أن تكون ألالفاظ نشرا دون نظام يحكمها‪ ،‬أو نظم يربطها ونظم الكالم أن تجعل الكلمة الواحدة منها‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫بسبب من صاحبتها وهذا ً‬
‫ألنه يوالد نوعا من العالقات املعنوية التي‬ ‫السبب هو العامل الذي يحدث من إلاعراب‬
‫ا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ثم كان عالمة على املعاني الناشئة عن التركيب‪ ،‬وقرينة ت َّميز بعضها عن بعض"(‪.)31‬‬ ‫بتغيَّـرها يتغيَّـر إلاعراب‪ ،‬ومن َّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأشار الدكتور مهدي املخزومي إلى أ َّن الخليل كان يرى لبعض الحروف تأثيرا في بعض وهو يتابع تمازجها‬
‫فأثرت في ً‬ ‫ً‬ ‫التأثير في بنية الكلمة‪ّ ،‬‬ ‫يتعداه إلى ً‬ ‫الستقامة الجرس املوسيقي ً‬
‫الضعيفة‪ ،‬وهو ألاساس‬ ‫وإنها قويت‬
‫ا‬
‫النحوي ْإذ وجد الخليل أ َّن لبعض الحركات ً‬ ‫الذي تقوم عليه فكرة تنظير العمل ً‬
‫تأثيرا في بعض‪ .‬يقول الدكتور‬
‫مهدي املخزومي‪" :‬وبعد أن الحظ وجود هذا التفاعل بين الحروف والحركات أخذ يبحث عنه في الكلمات حين‬
‫ً‬
‫يتألف بعضها مع بعض"(‪.)32‬‬
‫العلة في علم الكالم؛ ْإذ َّإنه ال ُب َّد ّ‬ ‫ّ‬
‫لكل معمول‬ ‫ا‬ ‫واملتأمل في أوصاف العامل في النحو يجدها تشبه صفات‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫من عامل واحد‪ ،‬مثل ما ّأنه ال ًبد ّ‬
‫لكل معلول من عل ٍة واحدة‪ ،‬إلى غير ذلك من الصفات التي يتضح من خاللها‬ ‫ا‬
‫العلة واملعلول؛ حيث اقتبس ً‬ ‫ّ‬ ‫َّأن هذه ً‬
‫الدارسون‬ ‫النظرية تقوم في أكثر جوانبها على أساسيات علم الكالم في‬
‫ّ‬
‫منهجهم منه يقول الدكتور مهدي املخزومي‪" :‬وهو(العامل) الذي اقتبسه النحاة من كالم املتكلمين في العلة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وقد بدأ البصريون كالمهم فيه … َّ‬
‫وأن منهج املتكلمين طغى على الدراسات املختلفة إذ ذاك"(‪.)33‬‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫فالفكرة نشأت من مفهوم ربط ألاسباب بمسبباتها‪ ،‬واحتياج أثار التغيرات الطارئة على وحدات الجملة‬
‫إلى مؤثر ينتجها‪ ،‬ويربط أجزاء الجملة بعضها ببعض‪ ،‬مما يجعلها على نسق معين‪ ،‬تخضع لقانون علمي‪،‬‬
‫واتساق يبعدها عن فوض ى التركيب والتعقيد‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬ارتباط إلاعراب بنظرية العامل‬
‫آثار التغيرات التي تظهر على آخر الكلمات من رفع أو نصب أو خفض أو جزم ال تأتي من فراغ‪ ،‬وال بد لها‬
‫من عامل يعمل في ها ذلك‪ ،‬فهاته آثار أحدثها ش يء ما أثر في وجودها‪ ،‬واملؤثر هو ما يطلق عليه النحويون لفظ‬
‫(العامل)‪ ،‬لذلك حد النحاة إلاعراب بأنه‪" :‬تغيير أواخر الكلم الختالف العوامل الداخلة عليها لفظا أو‬
‫َّ‬ ‫ْ ا‬
‫تقديرا"(‪ ،)34‬وهذه "العوامل في محل إلاجماع إنما هي أمارات وعالمات"(‪ )35‬على "آلاثار الظ ااه ارة (الضمة والفتحة‬
‫َّ ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫الد ااخل ة‬ ‫والكسرة) افي ق ْولك اج ااء ز ٌيد او ارأ ْيت زيدا ومررت بز ٍيد أال ترى أ َّن اها آثار ظ ااه ارة افي آخر زيد جلبتها العوامل‬
‫ا‬
‫اعل ْي اه"(‪ ،)36‬فاملنصوب ال بد له من ناصب‪ ،‬واملرفوع ال بد له من رافع‪ ،‬واملجرور ال بد له من جار‪ ،‬وهكذا‬
‫دواليك‪.‬‬
‫وعليه أن إلاعراب نتاج العوامل وفرع عنها‪ ،‬وهي تفسير لنوع حركة آخر الكلمة‪ ،‬والتغير الذي يطرأ عليها‪،‬‬
‫من رفع حينا‪ ،‬أو نصب أو جر حينا آخر‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬أثر العامل في إلاعراب‬
‫تسبقه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إذا انتظمت الكلمات في الجملة‪ ،‬فمنها ما يتغير آخره باختالف مركزه فيها الختالف العوامل التي ا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومنها ال يتغير آخره‪ ،‬وإن اختلفت العوامل التى ّ‬
‫ُّ‬
‫والتغير بالعامل‬ ‫تتقدمه؛ فاألول ُيسمى ( ُمعربا)‪ ،‬والثاني ( امبنيا)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ٌ ُ ُ‬ ‫التغير بالعامل ُيسمى ( ً‬ ‫ً‬
‫حدثه العامل في آخر الكلمة‪ ،‬فيكون آخرها‬ ‫بناء)‪ .‬فاإلعراب أثر ي ا‬
‫وعدم ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُيسمى (إعرابا)‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو مجزوما‪ ،‬حسب ما ايقتضيه ذلك العامل(‪ ،)37‬وهو العالمة التي تقع في آخر‬
‫الكلمة وتحدد موقعها من الجملة؛ أي‪ :‬تحدد وظيفتها فيها‪ ،‬وهذه العالمة ال بد أن يتسبب فيها عامل معين‪ ،‬وملا‬
‫كان موقع الكلمة يتغير حسب املعنى املراد كما تتغير العوامل‪ ،‬فإن عالمة إلاعراب تتغير كذلك‪.‬‬
‫ونظرية العامل في النحو العربي تقوم على أساس التعبير عن العالقات بين أجزاء التراكيب‪ ،‬والترابط‬
‫أثرا هو العالمة‬‫مؤثرا فيما بعده ومتأثر بما قبله‪ ،‬ويقتض ي العامل ً‬
‫املوجود بين عناصر كل جملة؛ فكل عنصر ً‬
‫مؤثرا هو العامل‪ .‬فالعامل هو املؤثر‪ ،‬واملعمول هو املتأثر(‪ّ ،)38‬أما‬
‫ابية ً‬ ‫ابية‪ ،‬كما تقتض ي العالمات إلاعر ّ‬
‫إلاعر ّ‬
‫ّ‬
‫العالمات إلاعرابية فهي ألاثر الناتج عن عملية التأثر والتأثير‪ .‬ولهذا تتألف الجملة من العامل واملعمول وعالقة‬
‫أثرا للتفاعل القائم بينهما‪ .‬ولهذا تظهر العالقة بين‬ ‫العمل الرابطة بينهما‪ ،‬ومن العالمات إلاعرابية بوصفها ً‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫العامل وإلاعراب؛ فالعامل هو املوجد للمعاني الوظيفية للكلمات‪ ،‬وحين يريد املتكلم التعبير عن تلك الوظائف‬
‫ّ‬
‫فإنه يختار لها العالمة املناسبة في ُعرف اللغة‪ ،‬و"الصلة وثيقة جدا بين إلاعراب‪ ،‬وبين املعنى الوظيفي‪ ،‬فيكفي‬

‫صفحة ‪191‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫صحيحا"(‪ .)39‬ولذلك اهتم النحاة بالعامل‪ ،‬وبنوا‬‫ً‬ ‫أن تعلم وظيفة الكملة في السياق‪ ،‬لتدعي أنك أعربتها إعر ًابا‬
‫عليه قواعدهم وأحكامهم‪ ،‬وساد القول به في مؤلفاتهم؛ فال تكاد تخلو منه أغلب كتب النحو‪ ،‬بل ّإن بعض‬
‫ّ‬
‫خصه بمؤلفات منفردة ُت ّبين أحكامه وأنواعه وشروط عمله وحاالت إلغائه وما يتعلق به من‬ ‫املؤلفين قد ّ‬
‫قضايا‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫الناظر لألسس التي وضعها النحاة إلرساء‪" :‬نظرية العامل" ‪ ،‬يرى قيامها على أسس علمية دقيقة‪ ،‬وأنها‬
‫توافق أرقى ما توصلت إليه علوم اللغة الحديثة في تعليم اللغة وتفسير مظاهرها‪ ،‬وضبط قواعدها‪ ،‬وتيسير‬
‫استعمالها‪.‬‬
‫وقد بنيت أسس النظرية على أربعة أركان‪:‬‬
‫‪ -1‬العامل‪ :‬وهو الذي يجلب العالمة‪.‬‬
‫‪ -2‬املعمول‪ :‬وهو الكلمة التي تقع في آخرها العالمة‪.‬‬
‫‪ -3‬املوقع‪ :‬وهو الذي يحدد معنى الكلمة ‪-‬أي وظيفتها‪ -‬مثل الفاعلية واملفعولية والظرفية وغيرها‪.‬‬
‫‪ -4‬العالمة‪ :‬وهي التي ترمز إلى كل موقع على ما تعرفه في أبواب النحو‪.‬‬
‫اا‬
‫فاإلعراب‪ :‬هو تغ ُّير العالمة التي في آخر اللفظ‪ ،‬بسبب تغير العوامل الداخلة عليه‪ ،‬وما يقتضيه كل عامل‪.‬‬
‫معنى معين دون غيره ‪ -‬كالفاعلية‪ ،‬واملفعولية‪ ،‬وغيرهما ‪ -‬ولواله الختلطت املعانى‪،‬‬ ‫وفائدته‪ :‬أنه رمز إلى ْ‬
‫موجز غاية إلايجاز‪ ،‬ال يعادله في إيجازه‬‫والتبست‪ ،‬ولم يفترق بعضها عن بعض‪ .‬وهو‪ -‬مع هذه املزية الكبرى‪ -‬ا‬
‫واختصاره ش يء آخر يدل داللته على املعنى املعين الذي يرمز له‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتجلى في فهم ً‬ ‫فأهمية العامل ً‬
‫ً‬
‫النحو وتعلمه وإزالة الغموض عن الفكرة التي يفصح عنها املتكلم‬ ‫النحوي‬
‫التفكير ً‬
‫دقة في ً‬‫ً‬ ‫الجملة‪ ،‬بل هي جوهر نظام ً‬ ‫من خالل ُ‬
‫النحوي الذي يعكس‬ ‫النحو العربي‪ ،‬ومن أكثر املظاهر‬
‫عبقرًية املفكرين النحاة‪.‬‬
‫وإن ضاعت نظرية العامل وتخلي عن ضوابطها هدم النحو كله‪ ،‬ولخرجنا من ذلك دون قواعد ثابتة‬
‫للغتنا ولعدنا إلى سابق عهدنا قبل خمسة عشر قرنا هجريا‪ ،‬دون قواعد لغوية عربية‪ ،‬ولضاع مدلول الكالم‬
‫بين مشيئة املتكلم في رفعه أو نصبه مرة وجره أو جزمه أخرى‪ .‬وذلك كله أمر ال يصح‪ ،‬وال يقبله عقل اعتاد على‬
‫املنطقية والنظام في الكون‪.‬‬
‫ً‬
‫فاتضح جليا ًأن إلاعراب في اللغة العربية ينبع من طبيعتها‪ ،‬ويعتبر أهم مظهر من مظاهرها‪ ،‬وال يستقيم‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫إبعاده عنها‪ ،‬أو اعتباره عنصرا طارئا أو مفتعال ألصق بها‪ ،‬وأنه نتاج نظرية العامل؛ التي قامت على أصول‬
‫النظرية العلمية الرصينة‪ ،‬وبذلك حافظت على وجودها وتقديم التحليل إلاعرابي لجميع الجمل والتراكيب‬
‫النحوية‪.‬‬

‫صفحة ‪199‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫هوامش البحث‬

‫(‪ )1‬الفروق اللغوية‪ :‬أبو هالل العسكري أبو هالل احلسن بن عبد اهلل بن سهل بن سعيد بن حيىي بن مهران‪ ،‬تح‪ :‬حممد إبراهيم سليم‪ ،‬دار العلم والثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة ‪ -‬مصر‪.47 :‬‬
‫(‪ )2‬نفسه‪.47 :‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪.232/2 :‬‬
‫(‪ )4‬املعجم الوسيط‪ :‬جممع اللغة العربية بالقاهرة‪ :‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬دار الدعوة‪.232/2 :‬‬
‫(‪ )5‬العلم والبحث العلمي(دراسة يف مناهج العلوم)‪ :‬حسني عبد احلميد أمحد رشوان‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬األسكندرية‪ ،‬ط‪.4 :0221 ،6‬‬
‫(‪ )6‬ضوابط الفكر النحوي(دراسة حتليلية لألسس اليت بىن عليها النحاة آراءهم)‪ :‬عبد الفتاح اخلطيب‪ ،‬دار البصائر القاهرة‪.083/0 :2116 ،‬‬
‫(‪ )7‬نفسه‪.023/0 :‬‬
‫(‪ )8‬نفسه‪.027/0 :‬‬
‫(‪ )9‬نفسه‪.021/0 :‬‬
‫(‪ )10‬نفسه‪.024/0 :‬‬
‫(‪ )11‬نفسه‪.216/2 :‬‬
‫(‪ )12‬نفسه‪.024/0 :‬‬
‫(‪ )13‬املدارس النحوية‪ :‬شوقي ضيف أمحد عبد السالم‪ ،‬دار املعارف‪.21 :‬‬
‫(‪ )14‬النحو الوايف‪ :‬عباس حسن‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ط‪.244/7 :.01‬‬
‫(‪ )15‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،‬مادة‪( :‬ع م ل) دار صادر – بريوت‪ ،‬ط‪ 0707 ،3‬هـ‪.746.-741/00 :‬‬
‫(‪ )16‬مقاييس اللغة‪ :‬ابن فارس‪.071/7 :‬‬
‫(‪ )17‬العني‪ :‬اخلليل أبو عبد الرمحن بن أمحد بن عمرو بن متيم الفراهيدي‪ ،‬تح‪ :‬د مهدي املخزومي‪ ،‬د إبراهيم السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪.013/2 :‬‬
‫(‪ )18‬ينظر‪ :‬لسان العرب‪ :‬ابن منظور‪ ،‬مادة‪( :‬ع م ل)‪.746/00 :‬‬
‫(‪ )19‬التعريفات‪ :‬الشريف اجلرجاين علي بن حممد بن علي الزين‪ ،‬ضبطه وصححه مجاعة من العلماء بإشراف دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪0713‬هـ ‪0283-‬م‪.071 :‬‬
‫(‪ )20‬شرح الكافية الشافية‪ :‬ابن الناظم مجال الدين حممد بن عبد اهلل‪ ،‬ابن مالك الطائي اجلياين أبو عبد اهلل‪ ،‬تح‪ :‬عبد املنعم أمحد هريدي‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى مكة املكرمة‪ ،‬ط‪. 2/0 :0‬‬
‫(‪ )21‬النحو الوايف‪ :‬عباس حسن‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬ط‪.41/0 :01‬‬
‫(‪ )22‬ينظر‪ :‬ضوابط الفكر النحوي اخلطيب‪.2/2 :‬‬
‫(‪ )23‬نفسه‪ ،2/2 :‬نقال عن‪ :‬الرضي‪ :‬شرح الكافية‪.63/0 :‬‬
‫(‪ )24‬نفسه‪.21-2/2 :‬‬
‫(‪ )25‬الكتاب‪ :‬سيبويه عمرو بن عثمان بن قنرب احلارثي بالوالء‪ ،‬أبو بشر‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ 0718 ،3‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 0288‬م‪. 030/2 :‬‬
‫(‪ )26‬مبادئ يف أصول النحو‪ :‬بن لعالم خملوف‪ ،‬دار األمل للطباعة والنشر‪ ،‬املدينة اجلديدة تيزي وزو‪.272 :2102،‬‬

‫صفحة ‪122‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬


‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫أ‪.‬احممد بابا‬ ‫حدود النظرية النحوية وعالقتها بنظرية العامل‬

‫(‪ )27‬املدارس النحوية‪ :‬شوقي ضيف أمحد شوقي عبد السالم‪ ،‬دار املعارف‪.34:‬‬
‫(‪ )28‬نفسه‪.61 :‬‬
‫(‪ )29‬الكتاب‪ :‬سيبويه‪.03/0 :‬‬
‫(‪ )30‬دالئل اإلعجاز‪ :‬اجلرجاين أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرمحن بن حممد‪ ،‬تح‪ :‬حممود حممد شاكر أبو فهر‪ ،‬مطبعة املدين بالقاهرة‪ ،‬دار املدين جبدة‪،‬‬
‫ط‪0703 ،3‬هـ ‪0222 -‬م‪.28/0 :‬‬
‫(‪ )31‬ضوابط الفكر النحوي‪ :‬اخلطيب‪.2 -8/2 :‬‬
‫(‪ )32‬مدرسة الكوفة ومنهجها يف دراسة اللغة والنحو‪ :‬مهدي املخزومي‪ ،‬مطابع دار الرائد العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪0716 ،2‬هـ‪0286-‬م‪.311 :‬‬
‫(‪ )33‬نفسه‪.310 :‬‬
‫(‪)34‬‬
‫علي املصري‪ ،‬تح‪ :‬عبد الرمحن علي‬ ‫توضيح املقاصد واملسالك بشرح ألفية ابن مالك‪ :‬املرادي أبو حممد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد اهلل بن ّ‬
‫سليمان ‪ ،‬أستاذ اللغويات يف جامعة األزهر‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪0728 ،0‬هـ ‪2118 -‬م‪.226/0 :‬‬
‫(‪ )35‬أسرار العربية‪ :‬األنباري عبد الرمحن بن حممد بن عبيد اهلل األنصاري‪ ،‬أبو الربكات‪ ،‬كمال الدين‪ ،‬دار األرقم بن أيب األرقم‪ ،‬ط‪0721 ،0‬هـ‪-‬‬
‫‪0222‬م‪.43 :‬‬
‫(‪ )36‬شرح شذور الذهب يف معرفة كالم العرب‪ :‬ابن هشام‪ ،‬تح‪ :‬عبد الغين الدقر‪ ،‬الشركة املتحدة للتوزيع‪ ،‬سوريا‪.73 :‬‬
‫(‪ )37‬جامع الدروس العربية‪ :‬الغالييىن مصطفى بن حممد سليم‪ ،‬املكتبة العصرية‪ ،‬صيدا – بريوت‪ ،‬ط‪ 0707 ،28‬هـ ‪0223 -‬م‪.08/0 :‬‬
‫(‪ )38‬ينظر‪ :‬اللباب‪ :‬العكربي أ بو البقاء عبد اهلل بن احلسني بن عبد اهلل البغدادي حمب الدين‪ ،‬تح‪ :‬د‪ .‬عبد اإلله النبهان‪ ،‬دار الفكر – دمشق‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪0706‬هـ ‪0221‬م‪.031/0 :‬‬
‫(‪ )39‬مناهج البحث يف اللغة‪ :‬متام حسان‪ ،‬مكتبة األجنلو املصرية‪( ،‬ب ط)‪.023 :‬‬

‫صفحة ‪121‬‬ ‫جامعة الوادي‬ ‫جملة علوم اللغة العربية وآدابها‬

You might also like