أشكال العنف

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 1

‫المجزوءة الثالثة‪ :‬السياسة‪ .‬المفيوم األول‪ :‬العنف‪ .

‬المحور األول‪ :‬أشكال العنف‬

‫إن العنف إذن واقعة اجتماعية وتاريخية انتشرت في المجتمعات اإلنسانية القديمة والحديثة‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬إن تطور البشرية صاحبو تطور في تقنيات ووسائل ممارسة‬
‫العنف‪ .‬والعنف معناه االفراط في استعمال القوة المادية وغير المادية لمتحكم في الغير أو تيديده‪ .‬ويظل التساؤل حول ما إذا كان العنف متجذر في طبيعة اإل نسان أم ىو نتيجة‬
‫لعوامل خارجية تدفع اإلنسان إلى استعمالو‪ .‬وهو ما يجعمنا نتساءل‪ :‬هل هو فطري متأصل في اإلنسان‪ ،‬أم أنهو سموك مكتسب ناتج عن الثقافة؟ وما ىي أشكال العنف؟‬

‫بییر بورديو‪ :‬لكن ىل يكمن العنف فقط في القوة المادية أم لو‬ ‫إريك فروم‪ :‬ألیس العنف نتیجة لعوامل خارجیة ال غیر؟‬ ‫فرويد‪ :‬ىل العنف فطري أم مكتسب؟‬
‫آخر؟‬ ‫شكل‬ ‫دافع فرويد على أن هناك نزوع عدواني فطري متأصل في‬
‫على النقیض من فرويد يرفض إريك فروم أن يكون‬
‫يتحدث بروديو عن العنف بوصفو عنفا غیر ماديا‪ ،‬بل رمزيا يمارس‬ ‫اإلنسان‪ ،‬مما يعني أن العنف لیس سلوكا مكتسبا بل هو میل‬
‫أصل العنف فطري ومتأصل في اإلنسان بل يعود إلى‬
‫عبر التربیة والتلقین والثقافة ومؤسسات اإلعالم‪ .‬ويعرفو بأنو القدرة‬ ‫طبیعي يتجسد لدى اإلنسان مند اللحظة األولى خاصة في‬
‫مجموعة من العوامل الخارجیة‪ ،‬فاإلنسان ال يلجأ إلى‬
‫على فرض دالالت ومعان معینة بوصفها دالالت ومعان شرعیة‪،‬‬ ‫عالقة الرضیع بأمو‪ ،‬فالرغبة في ثدي األم حسب فرويد ال تعبر‬
‫العنف من أجل التخريب والتدمیر‪ ،‬ويستدل على ذلك‬
‫وإخفاء عالقات القوة التي تمثل األساس الذي ترتكز علیو هذه‬ ‫عن حاجة بیولوجیة إلى األكل فحسب بل تعبر عن الرغبة‬
‫بمماثلة بین داللة الدم في حضارتنا الذي يحیل على‬
‫القدرة‪ .‬وبالتالي ال يمكن أن نختزل العنف في ما ىو مادي؛ بل‬ ‫كذلك في إشباع ل َذاتو الجنسیة وإلى تصريف رغباتو وهو ما‬
‫العنف ورمزيتو لدى الحضارات والشعوب القديمة‪،‬‬
‫ىناك عنف غیر مرئي‪ ،‬وغیر محسوس؛ ىو أخطر من العنف المادي‬ ‫يعبر عنو بالبكاء‪ ،‬لذلك سعى اإلنسان بكل أنساقو الثقافیة‬
‫فالدم كان يرمز إلى الطقوس والشعائر الدينیة وإلى‬
‫ألننا ال نعرفو لكي نقاومو‪ .‬وتعد التربیة بكل تجلیاتها‪ :‬في المنزل‪،‬‬ ‫واألخالقیة والدينیة إلى الحد من عدوانیة األفراد وكبح رغباتهم‬
‫االستجابة لهذه الطقوس بدمو كدلیل على إخالصها‬
‫في العمل‪ ،‬في المدرسة‪ ،‬في اإلعالم مصدرا للعنف الرمزي فالنشاط‬ ‫ودفعهم للتسامي بها فیما يرضي األنا األعلى أو كبتها أحیانا‬
‫لو‪ ،‬أما الحروب في عالمنا فقد كانت نتیجة ظروف‬
‫التربوي مثال‪ :‬حسب ما يرى بورديو يمثل موضوعیا نوعا من العنف‬ ‫على مستوى الالشعور‪ ،‬وهكذا ففي غیاب الثقافة حسب‬
‫خارجیة اقتضت من اإلنسان اللجوء إلى العنف ألجل‬
‫الرمزي‪ ،‬وذلك باعتباره فرض من قبل جهة علیا"متعسفة"‪ ،‬حیث‬ ‫فرويد ال يوجد ما يكبح میل اإلنسان إلى العنف والتدمیر تجاه‬
‫تحقیق رغباتو وأهدافو‪ .‬وفي ىذا الصدد يقول إريك‬
‫تسهم مختلف األنشطة التربوية في توطید هيمنة الطبقة المسیطرة‪،‬‬ ‫اإلنسان‪ .‬وفي هذا الصدد يصنف فرويد الغرائز البشرية إلى‬
‫فروم" لیست الطبیعیة البشرية نفسها هي التي تدفع‬
‫وتعمل في ذات الوقت على ترسیخ األنشطة التربوية المطلوبة‬ ‫نوعین‪ :‬غرائز الحیاة وغرائز الموت النوع الثاني من الغرائز هو‬
‫فجأة إلى القیام بهذه الممارسات‪ ،‬بل ىنالك طاقة‬
‫لمعارفها وخبراتها‪.‬‬ ‫ما يدفع اإلنسان إلى التصرف بعنف وقسوة تجاه ذاتو‬
‫تدمیرية كامنة تغذيها بعض الظروف الخارجیة‬
‫"المازوشیة" وتجاه غیره ويفسر فرويد المیل للعنف بالعديد من‬
‫إن اخطر أشكال العنف هو العنف الرمزي الذي يقبله الضحايا‬ ‫واألحداث المفاجئة فتدفع بها إلى الظهور‪".‬‬
‫العوامل النفسیة واالجتماعیة وبالرغبات الدفینة و"السادية"‬
‫ويشرعنونو‪.‬‬
‫الشعورية‪.‬‬ ‫بالعقد النفسیة غیر‬

You might also like