Professional Documents
Culture Documents
DFTAA Volume 14 Issue 50 Pages 10-55
DFTAA Volume 14 Issue 50 Pages 10-55
DFTAA Volume 14 Issue 50 Pages 10-55
مقدمة 1
((( كتــاب مــن حديث خيثمة بن ســليمان ،خيثمة بن ســليمان 188 /1ط .دار الكتــاب العربي ،لبنان،
1980م.
10
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
المقنَّن بمعيار ثابت للقيم وهو الذهب والفضة ،ومع تطور اإلنسان ونفاسة وهو المال ُ
المعدن لجأ اإلنسان إلى ما تعارف عليه كل مجتمع بارتضائه نقدً ا يعتد به يف التعامالت
وانتقــال الملكيات ،حتــى غدا أهل األرض جمي ًعــا يتعاملون بــأوراق نقدية بديلة عن
المعدن النفيس ،وارتضى كل مجتمع تســمية المال المقبول عنده بالتزام الدولة بالقوة
الشرائية للورقة النقدية التي ُتصدرها.
ونظرا لظروف كل دولة من ثبات أو تقلب يف األحوال ،ومن تنوع الموارد أو قلتها،ً
ونظرا للجوء
ومــن وفــرة المنتجات فيها أو قلتها تأخــذ كل عملة القوة من مجتمعهــاً ،
بعــض البــاد لطبــع أوراق نقدية زائدة عن الحد المســموح به مما يعــود بضعف قيمة
العملة كل عام عن قوهتا الشــرائية الســابقة عليه بداعي ما يســمى بالتضخم ،وقد تعود
أسباب هذا التضخم إلى كثرة عدد الناس وثبات اإلنتاج وكذا البطالة المقنعة.
ووجود التضخم يف أي مجتمع يلقي بظالله عليه ،وحتى نســتطيع معالجة التضخم
فــا بد من الوقوف على هذه الظاهرة وأســباهبا ورؤية مــدى تأثير ظاهرة التضخم على
األحكام يف المجتمع المســلم الذي لــه خصوصية عن باقي المجتمعات حيث يحكمه
شــرع ودين ،فال بد من معرفــة الحالل من الحرام ،فتأثير التضخــم ذو أثر واضح على
عبادة من أهم العبادات يف اإلســام ،إذ هي األساس يف تكافل المجتمع وارتباط بعضه
ببعــض بســياج من المــودة والرحمــة أال وهي الــزكاة ،وضرب التضخــم للمال الذي
خرج يف
الم َ
هــو األســاس يف إخراج زكاة النقــد وعروض التجــارة يؤثر على النِّصــاب ُ
الــزكاة ،وهل تجب الزكاة على الشــخص الذي عنــده عدد ثابت مــن األوراق النقدية
مع فقده جز ًءا كل عام من قوهتا الشــرائية؟ وهذا بال شــك يؤثر على المتلقي المستحق
فحتما ســيتأثر بــه المتلقي عند حجب أموال
ً للــزكاة ،فإنه إذا أثر التضخم على المزكي
كانت تخرج له يف أعوام ســابقة ،وفقدت جز ًءا من قوهتا حتى ســقط عنها حد النصاب
الواجب يف الزكاة.
ومــن المســائل الشــائكة يف هــذا المجــال يف المعامــات تــرز أهم مشــكلة وهي
مشــكلة القروض التــي يأخذها المدين يف وقــت تكون فيه القوة الشــرائية غال ًبا أقوى،
11
العدد الخمسون
كبيرا من
وحيــن الــرد تكون القوة الشــرائية لنفس المبلغ أقــل ،وربما فقد المال جــز ًءا ً
قيمتــه بداعي التضخم ،فهل يكون الرد بالمثل الصــوري؟ أي بنفس العدد الذي أخذه
أو بالقوة الشــرائية المقيســة علــى معيار ثابت أو ســلعة أو نقد حتــى وإن زاد المدفوع
عــد ًدا عن المســرد بما لــه من محاذيــر أهمها الخوف مــن الوقوع يف الربــا زيادة على
المشــاكل بين الناس بســبب اختالفهم فيما بينهم على السداد بالصورة أو القيمة ،وكل
يرى الحق يف جانبه.
ومن هنا لم يكن كاف ًيا أن نقف على الحكم الشرعي يف أهم المسائل التي يظهر فيها
أيضا التخلــص منه أو العمل على التقليــل منه إن لم نقدر أثــر التضخــم ،بل من المهم ً
على األولى ،حتى نضيق مادة الشــقاق والخالف بين الناس ،ومن هنا كانت فكرة هذا
البحث الذي أسأل اهلل تعالى أن يجعله ناف ًعا مفيدً ا.
منهج البحث:
ً
محــاواًل الوصول للحكم عن طريق منهجا اســتنباط ًّيا مقارنًا
ً اتبعــت يف هذا البحث
الدليــل ومــا صــح منه ،متب ًعــا يف ذلــك األصــول العلمية يف النقل واالســتنباط ونســبة
المذهــب أو القول ألصحابه ،وكذلــك العزو لآليات واألحاديــث وغيرها من النقول
عن أئمتنا الكرام.
خطة البحث:
هذا البحث بعنوان «التضخم النقدي يف ميزان الفقه اإلسالمي -المفهوم واألسباب
اآلثار والعالج» ،وقد قسمته لثالثة مباحث:
المبحث األول :ماهية التضخم وأنواعه وأسبابه ..وفيه ثالثة مطالب:
المطلب األول :تعريف التضخم النقدي وتاريخه.
المطلب الثاين :أنواع التضخم النقدي.
المطلب الثالث :أسباب التضخم.
المبحث الثاين :آثار التضخم على األحكام الفقهية ..وفيه مطلبان:
12
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
13
العدد الخمسون
املبحث األول:
ماهية التضخم وأنواعه وأسبابه
المطلب األول :تعريف التضخم النقدي وتاريخه
أواًل :معنى التضخم.
ً
اللح ِم، يظ مِــ ْن ك ُِّل َشــي ٍء ،أو العظيــم ِ ــم :ا ْل َغلِ ُ
الكثيــر ْ
ُ الج ْرم ُ ْ الض ْخ ُ
التضخــم لغــةَّ :
الم ِ
الواســع ،ومن ِ ِ ِ
ٌ
وشــأن قيل ،و ُي ْســتعار َف ُي َق ُال َأ ٌ
مر َض ْخ ٌم ياه :ال َّث ُ ُ الطريق: والض ْخ ُم من
َّ
تضخم ٌّ
دال على ُّ وطريق َض ْخ ٌم((( ،وال شــك أن وجو َد أحــرف الزيادة يف كلمة ٌ َض ْخ ٌم.
المعنى و ُمع ِّبر عنه.
معنــى التضخــم يف االصطــاح :علمــاء الفقه اإلســامي لــم يســتخدموا مصطلح
التضخم ،فهو يف األســاس مصطلــح اقتصادي ،وماهيته تظهر عنــد أهل االختصاص،
ويأخــذه منهــم أهل الفقــه للنظــر يف اآلثار الفقهيــة المرتتبة عليــه ،ومن هنا فــإن علينا
الذهاب ألهل االختصاص يف التعريف بالتضخم ،وقد اختلف االقتصاديون يف تعريفه
إلى اآليت:
(أ) ُعرف التضخم بأنه :ارتفاع يف المســتوى العام لألســعار((( ،وهذا التعريف رغم
تضخمــا إال إذا كان االرتفاع
ً شــهرته لــدى االقتصاديين فإنه يفيــد أن التضخم ال يعترب
يف أســعار الســلع والخدمات عا ًّما ،فإذا ارتفعت بعض أسعار الســلع والخدمات دون
تضخما ،وكذلك يخرج عن إطار التضخم ما لو كان االرتفاع ً األخرى فال يسمى ذلك
يف األسعار طارئًا(((.
((( لســان العــرب البــن منظور 353 /12بــاب :الميم ،فصــل :الضاد ،ط .دار الفكــر ،دار صادر ،بيــروت ،أولى،
1990م ،القامــوس المحيــط للفيروزآبادي ،باب :الميم ،فصل :الضــاد ،ص 1020ط .دار الفكر ،بيروت1995 ،م،
المصباح المنير للمقري الفيومي 369 /2ط .دار الفكر ،دون تاريخ.
((( النقــود والبنــوك واالقتصاد ،باري ســيجل ،ترجمــة د /طه منصور ،د /عبــد الفتاح عبد الحميــد ط .دار المريخ
بالرياض1407 ،هـ ،ص ،554التضخم يف االقتصاديات المختلفة ،د /نبيل الروبي ،ص 17وما بعدها ،ط .مؤسســة
الثقافة الجامعية باإلسكندرية1973 ،م.
((( يراجع التضخم النقدي يف الفقه اإلســامي د /خالد عبد اهلل المصلح ،ص ،76رســالة دكتوراه من جامعة اإلمام
محمد بن ســعود ،معجــم مصطلحات االقتصاد والمــال وإدارة األعمال ،نبيه غطــاس ،ص ،469مكتبة لبنان ،أولى،
14
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
ومع شهرة هذا التعريف عند االقتصاديين إال أن سهام النقد قد وجهت إليه؛ ألنه ركز
علــى األثر والمظهر الغالب يف التضخم ،وأعــرض عن الجوانب األخرى التي تعرتيه،
كمــا أن التعريــف غير جامع؛ حيث إن هناك حاالت يكــون فيها التضخم موجو ًدا ،وال
يرتفع معها المســتوى العام لألســعار ،كما أن ارتفاع المســتوى العام لألسعار ال يعني
حقيقة التضخم ،وإنما هو مجرد نتيجة أو أثر له(((.
(ب) عــرف التضخــم بأنــه زيــادة يف كميــة النقود تــؤدي إلــى ارتفاع األســعار(((،
وأصحاب هذا التعريف يرون أن زيادة كمية النقود هي أساس التضخم ،وهو ما يعرف
يف علم االقتصاد بالنظرية الكمية للنقود(((.
وقــد ُوجهت ســهام النقد لهذا التعريف حيــث إنه َيفرتض تغير بعــض العناصر مع
افرتاض ثبات البعض اآلخر ،ويبني ذلك على مجرد االفرتاض ،وإن كان هذا التعريف
يتوافق مع الظروف التاريخية يف القرنين الثامن عشــر والتاســع عشــر الميالديين من أن
زيادة كمية النقود أدت الرتفاع األســعار حينها ،إال أن األمر قد اختلف اآلن؛ حيث إنه
المصدَ َرة وبإمكاهنا توفير الســلع والخدمات
بإمــكان الدولــة أن تتحكم يف كمية النقود ُ
عند وجود جهاز إنتاجي مرن(((.
(ج) ويــرى البعــض أن التعريــف األفضــل للتضخم هــو حركة صعودية لألســعار
تتصف باالستمرار الذايت ،وتنتج من فائض الطلب الزائد عن قدرة العرض(((.
ويتميز هذا التعريف عن سابقيه بأنه ارتفاع متواصل الصعود ،فطابع التضخم ارتفاع
وأيضا يبين الســبب الناتج عنه التضخم النقــدي ،وهو الزيادة يف
تراكمــي يف األســعارً ،
الطلب على اســتهالك الســلع والخدمات أو االســتثمار فيها زيادة تفوق قدرة العرض
1980م ،موســوعة المصطلحــات االقتصادية واإلحصائية ،د /عبد العزيز هيــكل ،ص ،774ط .دار النهضة العربية،
ثانية1406 ،هـ.
((( راجع النقود والتضخم ،د /شوقي دنيا ،ص ،180ط .دار الفكر الجامعي باإلسكندرية ،ط .أولى2017 ،م.
((( اقتصاديات النقود والمال ،د /مجدي شهاب ،ص ،70ط .دار الجامعة الجديدة2000 ،م.
((( موسوعة المصطلحات االقتصادية واإلحصائية ،السابق ،ص 710وما بعدها.
((( اقتصاديات النقود والمال ،د /مجدي شهاب ،السابق ،ص.70
((( نظرية التضخم ،د /نبيل الروبي ،ص ،20ط .مؤسسة الثقافة الجامعية باإلسكندرية ،ثانية.
15
العدد الخمسون
حدث للتضخم((( ،ويمكن أن ُيع َّبر عن هذا الكلي لها ،مما ينتج عنه ارتفاع األسعار الم ِ
ُ
التعريف بصيغة أخرى وهي :عدم مالءمة اإلنتاج لالحتياجات الضرورية واالجتماعية،
وتوزيع غير عادل للدخول بين الفئات المساهمة يف اإلنتاج .والتعريف هبذه الصيغة ُيربز
الجوانــب الجوهريــة يف التضخم من كونه ظاهرة مركبة بيــن االقتصادية واالجتماعية،
ويحدث نتيجة خلل يف العالقات التي تربط بين عناصر االقتصاد ببعضها(((.
ثان ًيا :معنى النقد.
النقد لغة :خالف النســيئة ،وهو تمييز الدراهم وإخراج الزيــف منها ...ونقده إياها
نقدً ا :أعطاه فانتقدها أي قبضها ،ونقدته الدراهم ونقدت له الدراهم أي أعطيته فانتقدها
أي قبضها(((.
اصطالحا :يطلــق النقد عنــد غالب الفقهــاء المتأخرين علــى الذهب
ً معنــى النقــد
نظــرا لدخول غير
والفضــة ،وكل مــا يقــوم مقامهمــا يف معامــات الناس ومبادالهتــم ً
الذهب والفضة على العملة ،بل أصبح األصل هو التعامل بالنقد الذي من غير الذهب
والفضة ،وعلى ذلك جاء تعريف النقد بأنه« :كل شيء َيلقى ً
قبواًل عا ًّما كوسيط للتبادل
مهمــا كان ذلك الشــيء وعلــى أي حال يكون»((( ،وهــو ما عرب عنــه االقتصاديون بأن
النقود هي« :أية وســيلة أو واســطة متداولة للتبادل مقبولة على نطاق واســع كمعيار أو
مقياس لقيمة األشياء»(((.
ثال ًثا :نبذة تاريخية عن التضخم النقدي يف اإلسالم.
عــرف التضخم مع بداية اســتخدام العملــة الورقية يف بالد الصين يف القرن التاســع
الميــادي (القــرن الثــاين الهجــري) ،وكــذا يف القــرن التالــي له بســبب تزايــد إصدار
النقود الورقية(((.
التضخم المالي ،د /غازي حسين عناية ،ص ،25ط .مؤسسة شباب الجامعة1405 ،هـ. (((
النقود والتضخم ،د /شوقي دنيا ،السابق ،ص.181 (((
لسان العرب ،425 /3باب :الدال ،فصل :النون ،القاموس المحيط ،ص ،292المصباح المنير .620 /2 (((
الورق النقدي ،د /عبد اهلل منيع ،ص ،13ط .مطابع الرياض ،أولى1391 ،هـ. (((
معجم مصطلحات االقتصاد والمال وإدارة األعمال ،السابق ،ص.360 (((
قصة الحضارة ،ويل وايريل ديورانت ،250 /4 ،ترجمة محمد بدران ،اإلدارة الثقافية لجامعة الدول العربية. (((
16
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
ومــع توالي حــاالت التضخم للســبب الســابق قامــت الحكومة الصينيــة يف القرن
الخامــس عشــر الميــادي (التاســع الهجــري) بســحب األوراق النقديــة ً
أمــا يف
اإلصالح االقتصادي(((.
وقبــل الرجوع الســتخدام األوراق النقديــة يف العالم مرة أخــرى حدث تضخم مع
اســتعمال العمالت المعدنية يف القرن الســادس عشــر الميالدي ( العاشــر الهجري)،
وقد حدث هذا التضخم بســبب اســتعمار إســبانيا ألجزاء من قارة أمريــكا ،كما يرجع
أيضا لزيادة أعداد الناس((( ،ويف عام 794هـ ومــا بعدها حدث تضخم يف الدولة ســببه ً
المملوكية نتيجة زيادة ضرب الفلوس مما أدى النخفاض القيمة الشرائية لها ،واستمر
أيضا يف البالد المصرية سنة 1215هـ غالء ذلك حتى هناية عصر المماليك ،وقد حدث ً
لألســعار يف جميع األصناف حتى صار كل شــيء إلى عشــرة أمثاله أو يزيد ،واســتمر
ضرب العملة المغشوشة فاضطربت معها معامالت الناس(((.
وتــأيت أهميــة دراســة التضخــم وتزايــد االهتمــام هبــا منــذ عــام 1930م ومــا
أيضــا
بعدهــا نتيجــة للتغيــرات االقتصاديــة والسياســية واالجتماعيــة ،كمــا تــأيت ً
نتيجــة لتزايــد التعامــل بالنقــود االئتمانيــة؛ حيــث إهنــا أكثــر أنــواع النقــود عرضــة
للتقلب والتغير(((.
المطلب الثاني :أنواع التضخم
تتعــدد أنواع التضخم بحســب الزاوية التي ننظر منها لهذه األنــواع :فإذا نظرنا إليها
بحســب سرعة ارتفاع السعر ،فإنه ينقســم إلى تضخم زاحف ،ومتسارع ،وجامح ،وإن
نظرنا إليه باعتبار توقع حدوثه أو عدم توقعه ،فإنه ينقسم لتضخم متوقع أو غير متوقع،
وإن نظرنا إليه باعتبار مصادره وأســبابه ،فإنه ينقســم لتضخم ناشــئ عن جذب الطلب
كاًّل منها بشيء من التفصيل: وآخر ناشئ عن دفع التكاليف ،وأبين ًّ
التضخم النقدي يف الفقه اإلسالمي ،د /خالد المصلح ،السابق ،ص.79 (((
مقدمة يف النقود والبنوك ،د /محمد علي القرى ،ص ،25ط .مكتبة دار جدة ،أولى1417 ،هـ. (((
النقود العربية ماضيها وحاضرها ،د /عبد الرحمن فهمي محمد ،ص 108وما بعدها ،ط .دار القلم. (((
التضخم النقدي يف الفقه اإلسالمي ،السابق ،ص.83 (((
17
العدد الخمسون
يهــون البعــض مــن خطورة هذا النــوع على االقتصــاد لدرجة أهنــم يرونه داف ًعــا للنمو
االقتصادي ،بينما يهول البعض من نتائجه؛ حيث إن االســتمرار يف زيادة المعدل العام
تضخما زاح ًفــا ،وقد يخرج بذلك عن التحكم ً لألســعار لفرتة طويلة يخرجه عن كونه
والســيطرة((( ،وهــذا النــوع ال يحمل يف طياتــه من العوامــل ما يوقف هــذه الموجات
المتزايدة من األسعار ،ووجوده ال يقتصر على البلدان الصناعية ،فهو موجود يف البالد
النامية ،حيث أصبح ظاهرة اقتصادية وإن كانت نسبته تختلف من بلد ألخرى ،ويحدث
بسبب زيادة النفقات الناشئة عن زيادة األجور وأسعار المواد مما يؤدي لتقليل العرض،
فينتج عنها زيادة السعر(((.
خطرا من األول؛ ألن نسبة الزيادة فيه أكرب،
(ب) التضخم السريع :وهذا النوع أشد ً
حيث تصل إلى عشــرة يف المائة زيادة ســنوية ،فتفقد النقود وظائفها األساسية كمخزن
نظرا لوجود
للقيمــة ووحدة للقياس ،وتــأيت صعوبة معالجة هذا النوع مــن التضخم ً
(((
العديد من أنواع الخلل يف القطاعات المختلفة كشأن اقتصاديات أغلب الدول المتخلفة
التي تعــاين يف اقتصادياهتا من االختالالت الداخلية والخارجية كعدم اكتمال الســوق،
وشــيوع البطالة المقنعة ،وارتفاع الميل الحدي يف االســتهالك ،وتصدير جزء كبير من
الناتج المحلي ،واإلنفاق المتزايد على مشروعات التنمية والشؤون العسكرية(((.
مذكرات يف النقود والبنوك ،د /إسماعيل محمد هاشم ،ص ،197ط .دار النهضة العربية ،أولى1996 ،م. (((
التضخم النقدي يف الفقه اإلسالمي ،السابق ،ص.85 (((
النقود والتضخم ،د /شوقي دنيا ،السابق ،ص.191 -190 (((
اقتصاديات البنوك والمال ،د /مجدي شهاب ،السابق ،ص.80 (((
النقود والتضخم ،السابق ،ص.191 (((
18
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
(ج) التضخم الجامح :وهو كما يؤخذ من اسمه أن نسبة الزيادة يف األسعار فيه عالية
جدًّ ا ،بحيث تصبح النقود فيه قليلة ،مما يؤدي الهنيار النظام النقدي بأسره ،وهذا النوع
أشد أنواع التضخم خطورة على االقتصاد؛ حيث تزداد فيه نسبة ارتفاع المستوى العام
لألســعار عــن خمســين يف المائة ،وقد ترتفــع ألكثر من ذلك ،بل قــد وصلت يف بعض
األحيان إلى أربع منازل عشرية كما حدث يف الربازيل حين وصلت نسبة التضخم فيها
عــام 1995م إلــى ،(((%2148وغالب وجــود هذا النوع من التضخــم وقت األزمات
االقتصاديــة والحروب ،وهذا ما حدث مع ألمانيا بعــد الحرب العالمية األولى؛ حيث
وقعت تحت ضغط نفقات ما بعد الحرب من تســديد الديون وإعادة البناء ،وكذلك ما
حدث للعملة العراقية من االهنيار بعد تطبيق الحصار االقتصادي عليها(((.
ثان ًيا :أنواع التضخم بالنظر للتوقع لوقت حدوثه وعدمه:
وينقسم التضخم هنا لنوعين هما:
(أ) التضخم النقدي المتوقع :ويعرف هذا النوع بقراءة معطيات الوضع االقتصادي
الحالي الذي يعطي قراءة بنســبة التضخم يف المســتقبل ،فإذا صدقت هذه التوقعات أو
كانــت دوهنا ،فإهنــا تصنف ضمن التضخم النقدي المتوقع ،وقــراءة الحالة االقتصادية
دورا يف اإلصالح االقتصادي ومعالجة إن صحت بتوقع التضخم بنســبة معينة ،فإن لها ً
أســباب التضخــم والتقليل من األضــرار الناتجة عنــه ،وهذا النوع قليــل الحدوث ،إذ
غالب التضخم ال يمكن توقعه بدقة(((.
نظرا لكثــرة العوامــل المؤثــرة يف التضخم
(ب) التضخــم النقــدي غيــر المتوقــعً :
ونســبته وصعوبــة التحكم فيها ،وألن التنبؤ بنســبة التضخم يكتنفهــا كثير من المخاطر
والغموض ،يأيت غالب التضخم من هذا النوع؛ ألن التنبؤ بنسبة التضخم النقدي وتوقعه
إمــا أن يكــون مبن ًّيا علــى الماضي أو على المســتقبل؛ ويف كلتا الحالتيــن صدق التوقع
((( النظريــات والسياســات النقديــة والماليــة ،د /ســامي خليــل ،ص ،622الناشــر :شــركة كاظمــة ،الكويــت،
أولى1982 ،م.
((( اقتصاديات البنوك والمال ،د /مجدي شهاب ،السابق ،ص.80
((( نظريات االقتصاد الكلي الحديثة ،د /سامي خليل 1533 /2 ،وما بعدها ،ط .مطابع األهرام ،القاهرة.
19
العدد الخمسون
يكــون بعيــدً ا؛ ألن معطيات الماضي والعوامــل المؤثرة فيه ال تــدوم فتختلف النتائج،
والنظــر للمســتقبل نوع من التخمين غير مبني على مقدمــات صحيحة ،وقد يطرأ ما لم
يكن يف الحسبان(((.
ثال ًثا :أنواع التضخم النقدي باعتبار المصادر واألسباب.
ووف ًقا لهذا االعتبار ينقسم التضخم لقسمين:
(أ) التضخــم النقدي الناشــئ عن جــذب الطلب :ويف هذا النوع تقل نســبة الســلع
المعروضة عن االحتياجات ،مما يعني زيادة الطلب الكلي عليها؛ مما يحدث ً
خلاًل يف
األسواق نتيجة الطلب المتزايد وقلة المعروض فتزيد األسعار(((.
(ب) التضخم النقدي الناشــئ عن دفع التكاليف :ويحــدث هذا النوع من التضخم
نتيجة الضغط من العمال لرفع أجورهم مما يزيد من تكاليف إنتاج السلعة؛ فاالستجابة
لمطالــب العمــال ترفــع أجورهــم ممــا يزيــد مــن تكاليف إنتــاج الســلعة ،فينتــج عنه
هذا التضخم(((.
المطلب الثالث :أسباب التضخم
تتمثل أسباب التضخم يف األمور اآلتية:
أوال :زيــادة كمية النقــود المعروضة عن الكميــة المطلوبة :حيث يــرى الغالبية من
االقتصادييــن أن زيــادة الكمية المعروضة من النقود عن المطلوبة هي الســبب الرئيس
يف التضخــم وارتفــاع األســعار ،وهــذا العنصر له اعتبــاره خاصة يف البــاد النامية التي
تلجــأ لضخ كثير من النقود عند مواجهــة الظروف الطارئة واألزمات((( ،فقد أصبح من
الميســور على الدول يف ظل النظام النقدي الحالي ضخ كميات هائلة من النقود ،األمر
الذي أدى لظاهرة التضخم التي نعيشها.
20
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
ثان ًيــا :ارتفاع تكلفــة اإلنتاج :من أســباب التضخم ارتفــاع تكلفة الســلعة المنتجة،
ويرجع ســبب ذلك إما لضغط النقابات العمالية لزيــادة األجور ،أو لالرتفاع يف المواد
األوليــة إلنتاج الســلعة أو لرفــع معدالت األربــاح أو لرفع الضرائب ،ممــا يعني تزايد
األسعار للسلع والخدمات ،وبالتالي تبدأ العملية التضخمية يف الوجود(((.
ثال ًثا :تمويل اإلنفاق العسكري :تأيت النفقات العسكرية دون أن يكون لها عائد يذكر
علــى اإلنتاج ،بل إهنــا يف أحيان كثيرة يتوقــف معها اإلنتاج ،وهذه النفقــات من الكثرة
بمــكان ،إذ إهنا تكون وقت االســتعداد للحرب وأثناءهــا ،وحركة اإلعمار بعد الحرب
أيضا مع توقف اإلنتاج أو قلته وكثرة اإلنفاق يحدث التضخم(((. ً
راب ًعا :زيادة النفقات العامة يف المجاالت غير المنتجة :من أســباب التضخم اإلنفاق
ً
طوياًل لإلنتاج؛ وزيادته يف المجــال اإلداري غير المنتج أو المجاالت التي تحتاج وقتًا
وحيــن تزيد هذه النفقات عن اإليرادات العامة للدولة تلجأ الحكومة إلصدار األوراق
النقدية دون غطاء حقيقي ،فينتج التضخم(((.
خامســا :تأثير العوامــل الخارجية :ويراد هبا تأثيــر العوامل الخارجيــة يف التكاليف
ً
واألســعار الداخلية ،وهو ما يعرف بالتضخم المســتورد؛ حيث تؤثر أســعار الواردات
وكذلك ســعر الصرف والتوســع النقدي لدى بعض الدول للتأثير على كثير من الدول
وخاصــة النامية منها ،ويتفــاوت هذا األثر تب ًعا لعدة متغيرات داخــل الدولة منها درجة
انفتاحها على العالم الخارجي وتأثرها به ،وكذا وضعها االقتصادي حتى أصبح تصدير
التضخم سياســة أساســية واعية للدول الصناعية؛ مما يعني أننا أمام عملة لها وجهان؛
األول منهما تضخم مستورد ،والثاين تضخم مصدَّ ر(((.
سادســا :زيادة الطلب الكلي على الســلع والخدمات :بغض النظر عن ســبب زيادة
ً
الطلب الكلي على السلع والخدمات ،فإن زيادة الطلب على السلعة مع قلة المعروض
النقود والفوائد والبنوك ،د /عبد الرحمن يسري ،ص 59وما بعدها ،ط .الدار الجامعية2000 ،م. (((
الجامع يف أصول الربا ،د /رفيق يونس المصري ،ص ،239ط .دار القلم دمشق ،ثانية.2001 ، (((
محاضرات يف اقتصاديات النقود ،د /نبيل الروبي ،ص ،146ط .مكتبة الجالء الجديدة بالمنصورة1982 ،م. (((
التضخم والنقود ،د /شوقي دنيا ،السابق ،ص 197وما بعدها. (((
21
العدد الخمسون
عــن الوفاء باحتياجات الفئة الطالبة يؤدي بال شــك الرتفاع عام يف األســعار ،وتتوقف
نســبة االرتفاع العام يف األسعار على مدى استجابة الناتج القومي للدولة على مواجهة
الزيادة التلقائية يف الطلب الكلي ،وهبا تقاس حدة التضخم من عدمها(((.
ســاب ًعا :البطالة المقنعة وســوء التنظيم اإلداري :ســبب رئيس من أســباب التضخم
البطالة المقنعة ،حيث تصرف رواتب وأجور ومعاشــات وتعويضات ألناس ليس لهم
صلــة بالمنتج من الســلع والخدمــات تعادل أو تقــرب من قيمة المــال المدفوع لهم،
وهــو بذاتــه يجرنا إلى وجود عدم الشــفافية يف أنظمة التعيين والرتقية والرقابة وتفشــي
الفســاد والمحسوبية يؤثر بال شك يف ظهور التضخم ،حيث يصبح المجتمع عال ًة على
بعض أفراده ،أو عالة على بعض الدول األخرى التي تعمل على نشر هذه الروح بقصد
استغالل هذه الدولة والوقوع تحت تبعيتها تحت ستار المساعدات والقروض ،وحينها
تصبح األوراق النقدية مجردة من قيمتها(((.
((( النقود والفوائد والبنوك .د /عبد الرحمن يسري ،السابق ،ص 59وما بعدها.
((( الجامع يف أصول الربا ،د /رفيق يونس المصري ،السابق ،ص 239وما بعدها.
22
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
املبحث الثاني:
آثار التضخم النقدي على األحكام الفقهية
تمهيد :ال شك أن نقص قيمة العملة يؤثر على شتى مناحي الحياة ،فما كانت قيمته
عشرة قبل التضخم زاد المال المدفوع فيه عن العشرة بحسب نسبة التضخم ،واألحكام
أيضا بالتضخم ونسبته ،وإذا أردناالفقهية ليست بمنأى عما يحدث يف المجتمع ،فتتأثر ً
تتبــع األحــكام الفقهية المتأثرة بالتضخم ســيطول بنا المقام ،وتتشــعب معنا المســائل
الفقهيــة؛ حيــث التأثير يف الــزكاة والمعامالت بأنواعهــا والتأثير يف الديــون ،والنفقات
الواجبــة للزوجــة واألوالد ،والتأثير يف الديــة ومقدارها ،والتأثيــر يف مقدار النصاب يف
الســرقة ،إال أن أهم األحــكام الفقهية التي تحتاج منا لبحث هي مــا يتعلق بالزكاة ،وما
يتعلق بأداء الديون ،ونفصل القول يف كل واحد منهما يف مطلب مستقل:
المطلب األول:
أثر التضخم النقدي على الزكاة
الــزكاة فريضة فرضها اهلل على أغنياء المســلمين بالقدر الذي يســع فقراءهم ،وعند
وجــود فقيــر يف المجتمع المســلم فاعلم أن هناك غن ًّيا لم يخرج مــا عليه من حق اهلل يف
مالــه ،والــزكاة يف المال مرتبطــة بأصل النقد حتــى وإن كانت تخرج يف صــورة أوراق
نقدية ،فإن تلك األوراق مقيســة بالذهب ،وتزداد أو تنقص األوراق المالية تب ًعا للقيمة
دينارا ،وإذا نظرنا إليها من تلك الزاوية فال أثر يذكر للتضخم على
المســاوية للعشــرين ً
قيمــة المخرج من الــزكاة ،طالما كان مقيــاس الذهب موجو ًدا ،لكــن األثر قد يأيت من
الزكاة الواجب إخراجها اليوم ،فأخرها صاحبها عن وقت األداء بعض الوقت ،فزادت
األســعار من وقت الوجوب إلى وقــت اإلخراج زيادة كبيرة توصــف بالتضخم فال بد
مــن معالجة هذا الحكم فقه ًّيا؛ حيث نبحث أثر التضخــم على تأخير إخراج الزكاة من
ناحية ،ومن ناحية أخرى نبحث أثر التضخم على إخراج القيمة يف الزكاة.
23
العدد الخمسون
ويناقــش القول بالتضمين بأن الضمان الذي قاس عليه الفقهاء إنما هو ضمان عين،
قادرا عليها يف وقت اإلخراج ولم يخرج ،أما فإن ضيع عين الزكاة فهو ضامن؛ ألنه كان ً
القيمة إذا نقصت فهي غير مضمونة؛ ألن زكاة األوراق النقدية زكاة عين ال زكاة قيمة(((،
كمــا أن التضميــن يرتتب عليه الزيادة يف مقدار الزكاة الواجبــة ،والزيادة يف العبادات ال
تثبت إال بدليل ،وال دليل عليه(((.
أيضا بالقياس على قول المالكية إذا أخرج ذه ًبا عن
واســتدل أصحاب هذا االتجاه ً
فضة أو فضة عن ذهب؛ حيث قالوا بالجواز شريطة أن يكون بصرف وقته بالقيمة(((.
ونوقــش بأن القياس هنا مع الفــارق؛ ألن اعتبار القيمة يوم اإلخراج ليس المراد منه
أبيع
كنت ُحــذرا من الوقوع يف الربا لحديث ابن ُعمــر ،قالُ (( :ً تضميــن المزكي ،ولكن
الدنانيرُ ،
آخذ هذه من َ ُ
وآخذ وأبيع بالدراه ِم
ُ الدراهم،
َ ُ
وآخذ فأبيع بالدنانير
اإلبل بالبقيعُ ، َ
رسول اهلل وهو يف بيت حفصةَ ،فقلت: َ فأتيت
ُ وأعطي هذه من هذه، هذهُ ،
الدراهم،
َ ُ
وآخذ فأبيع بالدنانيــر َ
اإلبــل بالبقيعُ ، يا رســول اهللُ ،ر َو ْيدَ ك أســأ ْلك ،إين ُ
أبيع
((( يراجع فتاوى الســبكي ،201 /1تحقيق :حسام الدين القدسي ،ط .دار الجيل ،بيروت ،أولى1981 ،م ،كشاف
القناع عن متن اإلقناع للبهويت ،90 /4 ،ط .دار الفكر ،بيروت1982 ،م.
((( راجع المنثور يف القواعد للزركشي ،182 /2ط .وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالكويت ،ثالثة2012 ،م.
((( بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع للكاساين ،14 /2 ،ط .دار الفكر ،بيروت ،أولى1996 ،م.
((( أحكام القرآن البن العربي ،583 /1 ،ط .دار المعرفة ،بيروت1986 ،م.
((( التــاج واإلكليــل لمختصر خليل للمــواق المالكــي ،240 /3ط .دار الكتب العلمية ،بيــروت ،أولى1994 ،م،
القوانين الفقهية البن جزي 69 /1دون تاريخ.
24
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
ُ
رسول اهلل وأعطي هذه من هذه ،فقال آخذ هذه من هذهُ ، الدنانيرُ ،
َ ُ
وآخذ وأبيع بالدراه ِم
ُ
ِ
تأخ َذها بس ْعرِ يومها ،ما لم َت ْفترِقا وبينكُما شي ٌء))(((.
أس أن ُ
(( :ال َب َ
االتجــاه الثاين :يرى أن المزكــي المتأخر يف إخراج الزكاة ال يضمن ما طرأ من نقص
يف قيمة النقود ،وقد أ َّيد أصحاب هذا االتجاه قولهم بأن الضمان الذي تكلم عنه الفقهاء
إنما يكون عند تلف المال الواجب زكاته ،أما الغالء والرخص فغير مضمون ،وإن قلنا
بالضمــان عند نقص قيمة األوراق النقدية ســيفضي ذلك للتناقــض واالضطراب ،فلو
قلنا :إن األوراق النقدية الواجب فيها لو أخذنا بالقيمة يوم اإلخراج عند التأخير ووجود
التضخــم ألدى ذلك الضطراب يف األحكام الشــرعيةً ،
فمثاًل لو قلنا :إن الواجب اليوم
يساوي مائة ألف جنيه كنصاب للزكاة التي وجبت اليوم ،وعند التأخير يف إخراجها غال
الذهب حتى وصلت قيمة نصاب الزكاة إلى ما يســاوي مائة وخمســين أل ًفا ،فإن المائة
ألــف التــي وجبت فيها الزكاة لم تعد مغطية للنصــاب ،وخرجت عن حد اإلخراج مما
كثيرا من الناس يتوخى الحذر يف اإلخراج ً
أماًل يوقــع الناس يف اضطــراب ،ومما يجعل ً
يف الخروج من النصاب ،وهذا يؤدي لالضطراب يف األحكام الشرعية.
وهــذا مفهــوم ما نقل عن صاحب البدائع حيث قال« :من كانت له مائتا قفيز حنطة،
فحال عليها الحول فلم يؤ ِّد زكاهتا حتى تغير ســعرها إلى النقصان حتى صارت قيمتها
مائة درهم أو إلى الزيادة حتى صارت قيمتها أربعمائة درهم إن على قول أبي حنيفة إن
أدى مــن عينها يؤدي خمســة أقفزة من الزيادة والنقصــان جمي ًعا؛ ألنه تبين أنه الواجب
من األصل ،فإن أدى القيمة يؤدي خمســة دراهم يف الزيادة والنقصان جمي ًعا ،ألنه تبين
أهنا واجبة يوم الحول ،وعند أبي يوســف ومحمد إن أدى من عينها يؤدي خمســة أقفزة
يف الزيــادة والنقصان كما قال أبو حنيفة ،وإن أدى من القيمة يؤدي يف النقصان درهمين
ونصف ،ويف الزيادة عشــرة دراهم؛ ألن الواجب األصلي عندهما هو ربع عشــر العين،
أيضا من كالم صاحب وإنمــا لــه والية النقل إلى القيمة يــوم األداء»((( ،وهو المفهــوم ً
((( ســنن أبــي داود ،242 /5ط .دار الرســالة ،أولــى2009 ،م ،ســنن النســائي ،281 /7ط .مكتبــة المطبوعات
اإلسالمية حلب ،ثانية1986 ،م ،مسند اإلمام أحمد ،359 /10ط .مؤسسة الرسالة ،أولى2001 ،م.
((( راجع بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع ،للكاساين ،21 /2ط .دار الكتاب العربي ،بيروت1982 ،م.
25
العدد الخمسون
أسنى المطالب حيث قال« :فلو ابتاع مائتي قفيز حنطة بمائتي درهم أو بمائة ،وساوت
آخر الحول مائتين لزمه خمســة دراهم ،فلو أخر فنقصــت قيمتها فعادت إلى مائة ،فإن
كان قبل التمكن لزمه درهمان ونصف أو بعده أو زادت قبله فصارت أربعمائة أو أتلفها
بعــد الوجوب وقيمتها مائتان فصارت أربعمائة لزمه خمســة دراهم؛ ألهنا القيمة وقت
التمكن أو اإلتالف»(((.
الترجيــح :ممــا يؤخذ من كالم األئمة الســابق على االتفاق على نقطــة التقاء بينهما
يقبلهــا ،وهــي أن مــا وجب فيه اإلخــراج أصبــح ثابتًا يف الذمــة حتــى وإن زادت قيمة
النصاب بفعل التضخم لم يعد لها أثر على ما تعلق بالذمة ،وهذا يقبله كالم االتجاهين
السابقين ،وبقي الكالم يف المخرج هل يكون وقت الوجوب أو وقت األداء؟ وال شك
دائما عن
أن الوجــوب يكون وقت األداء؛ فإن الزكاة واجبة علــى الفور ،والبحث فيها ً
مصلحــة الفقير ،فإن أخر الزكاة عن وقــت الوجوب فإن الواجب القيمة يوم الوجوب،
وهــذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة العربية الســعودية؛
حيــث جــاء فيهــا جوا ًبا عن المقــدار الواجــب كنصاب يف الــدوالر فأجابــت« :مقدار
النصــاب يف الزكاة يف الــدوالر وغيره من العمالت الورقية هو ما يعادل قيمته عشــرين
مثقااًل مــن الفضة يف الوقت الذي وجبت عليك فيه ً ً
مثقــااًل من الذهب أو مائة وأربعين
الــزكاة من الــدوالرات ونحوها من العمــات ،ويكون ذلك باألحــظ للفقراء من أحد
نظرا إلى اختالف سعرها باختالف األوقات والبالد»(((.
النصابين ،وذلك ً
ثان ًيا :أثر التضخم على إخراج القيمة يف الزكاة.
تحريــر محل النــزاع :اتفق الفقهــاء على أن زكاة عــروض التجارة تجــب الزكاة يف
قيمتهــا((( ،أمــا الــزكاة يف غير عــروض التجارة فقد اختلــف الفقهــاء يف إمكانية إخراج
((( راجع أســنى المطالب شــرح روض الطالب لشــيخ اإلســام زكريا األنصاري ،383 /1ط .دار الكتب العلمية،
أولى2000 ،م.
((( راجــع فتــاوى اللجنة الدائمة للبحوث واإلفتــاء 257 /9رقم الفتوى ،1728جمع وترتيــب أحمد عبد الرازق
الدويش ،ط .مكتبة دار المعارف للنشر والتوزيع بالرياض ،أولى1418 ،هـ.
((( راجــع بدائــع الصنائــع ،30 /2ط .دار الفكــر ،بيروت ،أولى1996 ،م ،الشــرح الصغيــر للدردير ،65 /2طبع
علــى نفقة الشــيخ خليفة بن زايد آل هنيان دون تاريخ ،روضــة الطالبين وعمدة المفتين للنووي ،150 /2ط .المكتب
اإلسالمي ،دمشق ،ثالثة1991 ،م ،المغني البن قدامة ،30 /3ط .دار البصائر دون تاريخ.
26
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
القيمــة عنها أم ال بد مــن عينها إلى اتجاهات ثالثة ،أحدها :منــع إخراج القيمة مطل ًقا.
والثاين :أجازها مطل ًقا .والثالث :أجاز إخراج القيمة عند الضرورة أو الحاجة.
االتجــاه األول :يرى منع إخراج القيمــة مطل ًقا ،وهو لجمهور الفقهــاء من المالكية
والشافعية والحنابلة(((.
َب َل ُه َه َذا وقد اســتدل هذا الفريق بحديث البخاري عن أنــس أن َأ َبا َب ْك ٍر َ كت َ
الصدَ َق ِة ا َّلتِي الر ِحيــمَِ ،ه ِذ ِه َفرِ َ ِ ِ
يض ُة َّ الر ْح َم ِن َّ َــاب َل َّما َو َّج َه ُه إِ َلى ال َب ْح َر ْي ِن(( :بِ ْســ ِم اهَّلل َّ الكت َ
ينَ ،وا َّلتِي َأ َم َر اهَّللُ بِ َها َر ُسو َل ُهَ ،ف َم ْن ُسئِ َل َها ِم َن ِِ َفر َض رس ُ ِ
الم ْسلم َ ول اهَّلل َ ع َلى ُ َ ُ َ
ِ ِ ِ َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين م َن اإلبِ ِل ين َع َلى َو ْج ِه َهاَ ،ف ْل ُي ْعط َهاَ ،و َم ْن ُسئ َل َف ْو َق َها َف َاَل ُي ْعط في أ ْر َب ٍع َوع ْشرِ َ الم ْسلم َ ُ
ِ ين إِ َلى َخ ْم ٍ ِ س َشــا ٌة إِ َذا َب َلغ ْ ِ ِ
َف َما ُدون ََها م َن ال َغنَ ِم م ْن ك ُِّل َخ ْم ٍ
ين، س َو َث َاَلث َ َت َخ ْم ًســا َوع ْشرِ َ
اض ُأ ْن َثى))(((. ْت َمخَ ٍ َف ِف َيها بِن ُ
َب َلــ ُه ا َّلتِي َأ َم َر اهَّللُ َر ُســو َل ُهأيضــا بحديث أنــسَ (( :أ َّن َأ َبــا َب ْكرٍ َ كت َ واســتدلوا ً
ْت َل ُب ٍ
ون َفإِن ََّها ــت ِعنْدَ ُهَ ،و ِعنْــدَ ُه بِن ُاض َو َل ْي َس ْ ْت َمخَ ٍ َت َصدَ َق ُت ُه بِن َ ــن َب َلغ َْ :و َم ْ
اض َع َلى ْت َمخَ ٍ ين ِد ْر َه ًما َأ ْو َشا َت ْي ِنَ ،فإِ ْن َل ْم َيك ُْن ِعنْدَ ُه بِن ُ ِ
الم َصدِّ ُق ع ْشرِ َ
ِ ِ ِ
ُت ْق َب ُل منْ ُه َو ُي ْعطيه ُ
ون َفإِ َّن ُه ُي ْق َب ُل ِمنْ ُه َو َل ْي َس َم َع ُه َش ْي ٌء))(((.
َو ْج ِه َهاَ ،و ِعنْدَ ُه ا ْب ُن َل ُب ٍ
ول اهَّلل ِ َ ب َع َث ُه إِ َلى ا ْل َي َم ِن، اذ ْب ِن َج َبلٍَ (( :أ َّن َر ُس َ كما استدلوا بحديث َعن مع ِ
ْ َُ
اإْلبِ ِلَ ،وا ْل َب َق َر َة ِم َن ا ْل َب َقرِ))(((.
الشا َة ِم َن ا ْل َغنَمَِ ،وا ْل َب ِع َير ِم َن ْ ِ بَ ،و َّ َف َق َالُ :خ ِذ ا ْلح ِ
ب م َن ا ْل َح ِّ َ َّ
((( راجع التوضيح يف شرح مختصر ابن الحاجب لخليل بن إسحاق المالكي (ت776هـ) ،172 /2ط .مركز نجيبويه
للمخطوطات وخدمة الرتاث2008 ،م ،مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشــربيني الخطيب ،419 /1 ،ط.
مصطفى البابي الحلبي1958 ،م ،الزوائد يف فقه اإلمام أحمد بن حنبل لمحمد بن عبد اهلل آل حســين ،255 /1 ،طبع
على نفقة الشيخ علي الفهد العلي الهزاع ،ثالثة1988 ،م.
((( صحيــح البخــاري ،118 /2بــاب :زكاة الغنم ،رقــم الحديــث ،1454ط .دار طوق النجــاة ،أولى1422 ،هـ،
صحيــح ابن خزيمــة 14 /4باب :فرض صدقة اإلبل والغنم ،رقم الحديث ،2261مســند اإلمام الشــافعي ،88 /1
ومن كتاب الزكاة من أوله ،ط .دار الكتب العلمية ،أولى1990 ،م.
((( صحيح البخاري ،116 /2باب :العرض يف الزكاة ،رقم الحديث ،1448سنن ابن ماجه ،20 /3باب :ما يأخذ
المصدق من اإلبل رقم الحديث ،1800ط .دار الرسالة العالمية ،أولى2009 ،م.
((( ســنن أبي داود ،109 /2باب :صدقة الزرع ،رقم الحديث ،1599ط .المكتبة العصرية صيدا دون تاريخ ،سنن
ابن ماجه ،580 /1باب :ما تجب فيه الزكاة من األموال ،رقم الحديث ،1814المســتدرك على الصحيحين للحاكم
،546 /1كتاب :الزكاة ،رقم الحديث ،1433ط .دار الكتب العلمية ،أولى1990 ،م.
27
العدد الخمسون
ووجــه الداللــة من هذه األحاديث أن كتاب أبي بكــر لم يكن من عنده وال
من عند رســول اهلل ،بل كما ذكر أبو بكر(( :الصدقة التي أمر اهللُ رســوله))
ولــو كانت القيمة كافية لما كلفوا من ليــس عنده بنت مخاض أن يخرج أقل منها «بنت
لبون» مع دفع الفارق ،ولما كلفوا المصدق أن يخرج ابن لبون ،بل كان يمكن أخذ قيمة
بنت المخاض عند عدمها ،فلما لم يحدث ذلك علم أن الواجب من جنس المال ،وهو
واضحا يف حديث النبي لمعاذ بأخذ الحب من الحب ،والشــاة من ً ما بدا
الغنم ،والبعير من اإلبل ،ولم يصرح بغير هذا.
ويســتدل لهذا القول من المعقول بأن جواز إخراج القيمة يف الزكاة قد يجنح ببعض
الناس إلى إخراج غير الجيد من األنواع ،أو مما ال يستفيد به الفقير الذي جعلت الزكاة
خصوصا أن الزكاة جعلت للمواساة. ً لمصلحته
االتجاه الثاين يرى إخراج القيمة وهو للحنفية(((:
ضــن« :ا ْئتُونِي بِ َع ْر ٍ اذ ِ أِلَ ْه ِل ال َي َم ِ ول مع ٍ
وقد اســتدل أصحاب هــذا القول ب َق ِ ُ َ
ــع ِير و ُّ ِ الش ِ الصدَ َق ِة َمــ َك َ يــص َ -أو َلبِ ٍ ِ ثِي ٍ ِ
الذ َرة َأ ْه َ
ــو ُن َع َل ْي ُك ْ
ــم َو َخ ْي ٌر َ ان َّ يــس -فــي َّ ــاب َخم ٍ ْ َ
ِ ِ
اب النَّبِ ِّي بِا ْل َمدينَة»(((. ِأِلَ ْص َح ِ
ويستدل له من المعقول بأن الهدف من الزكاة إغناء الفقير ،وهو حاصل بدفع القيمة
كما يحدث بالدفع من جنس المال بل أولى؛ ألن القيمة يمكن التصرف فيها على حالها
يف جميع الوجوه بخالف المال المخرج يف الزكاة الذي ينبغي تحويله لنقد ً
أواًل.
االتجاه الثالث :يرى أن األصل اإلخراج من جنس مال الزكاة إال أنه عند الحاجة أو
المصلحة يمكن إخراج القيمة.
وهــذا قول عنــد اإلمام أحمد واختاره ابن تيمية((( .ويســتدل لهــذا االتجاه بحديث
ابض ثِ َي ٍ معــاذ حين بعثه رســول اهلل ألهل اليمن فقال لهــم(( :ا ْئتُونِي بِ َع ْر ٍ
((( راجع المبسوط للسرخسي ،المجلد الثاين ،20 /3ط .دار الفكر ،أولى2000 ،م ،حاشية ابن عابدين ،310 /2
ط .دار الفكر 1995م.
((( البخاري ،144 /2كتاب :بدء الوحي ،باب :العرض يف الزكاة ،شــرح الســنة للبغوي ،12 /6باب :زكاة اإلبل
السائمة والغنم والورق ،ط .المكتب اإلسالمي ،دمشق ،ثانية1983 ،م.
((( الفروع البن مفلح ،563 /2ط .مكتبة ابن تيمية ،دون تاريخ ،اإلنصاف يف معرفة الراجح من الخالف للمرداوي
،65 /3ط .مكتبــة الســنة المحمدية ،أولــى1375 ،هـ ،مجموع فتاوى ابــن تيمية ،47 /25 ،ط .المكتبــة التوفيقية،
دون تاريخ.
28
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
ُــم َو َخ ْي ٌر ِأِلَ ْص َح ِ
اب ــعيرِ و ُّ ِ
الذ َرة َأ ْه َو ُن َع َل ْيك ْ َ
الش ِ َان َّ الصدَ َق ِة َمك َ يــس -في َّ
-أو َلبِ ٍ ِ َخ ِم ٍ
يــص َ ْ
النَّبِ ِّي بِا ْل َم ِدين َِة))(((.
بداًل من الشعير والذرة ،فإذا جاز إخراج ووجه الداللة أن معا ًذا رأى إخراج العرض ً
العــرض للحاجــة والمصلحة فأولى منــه اإلخراج للقيمة ،حيــث إن الحاجة إليها أكرب
والمصلحة يف إخراجها أوضح.
خاصــا بالزكاة ،بدليل ويمكن مناقشــة هــذا الدليل بأن األثر خــاص بالجزية وليس ًّ
ث ُم َعا ًذا إِ َلى اس َ (( :أ َّن النَّبِ َّي َ ب َع َ حديــث معاذ َع ِن ا ْب ِ
ــن َع َّب ٍ
ك، ول اهَّللَِ ،فإِ ْن ُه ْم َأ َطا ُعوا لِ َذلِ َ ال َي َم ِنَ ،ف َق َال :ا ْد ُع ُه ْم إِ َلى َش َها َد ِة َأ ْن َاَل إِ َل َه إِ َّاَّل اهَّللَُ ،و َأنِّي َر ُس ُ
ــةَ ،فإِ ْن ُه ْم َأ َطا ُعوا ات فِي ك ُِّل يو ٍم و َلي َل ٍ ــد ا ْفتَر َض ع َلي ِهــم َخمس ص َلو ٍ َف َأع ِلمهــم َأ َّن اهَّلل َق ِ
َْ َ ْ َ ْ ْ ْ َ َ َ َ َ ْ ُْ ْ
ــكَ ،ف َأ ْع ِل ْم ُه ْم َأ َّن اهَّللَ ا ْفت ََر َض َع َل ْي ِه ْم َصدَ َق ًة فِي َأ ْم َوالِ ِه ْم ت ُْؤ َخ ُذ ِم ْن َأ ْغن ِ َيائِ ِه ْم َوت َُر ُّد َع َلىلِ َذلِ َ
ِ
ــم))((( ،فــإذا كانت الــزكاة تؤخذ منهم وترد فيهم فإن الــذي يؤخذ منهم ويذهب ُف َق َرائ ِه ْ
للمدينــة إنمــا هو الجزية وليس الصدقة الواجبة ،ويمكــن أن يجاب عن ذلك بأن فري ًقا
من الفقهاء فســر قوله(( :مــن أغنيائهم وترد على فقرائهم)) أي المراد أغنياء المســلمين
وفقراء المســلمين ،وعليه فإن نقل المال يف الزكاة الواجبة من اليمن إلى المدينة جائز،
خصوصا أن الرواية صرحت أن ذلك يفً كمــا أن هذا احتمــال مما يضعف من األخذ به
الصدقة ،والمراد هبا الفرض الواجب.
الرأي الراجح :بعد عرض األقوال وأدلتها أرى -واهلل أعلم -رجحان القول الثالث
الذي يرى أن الواجب إخراج عين المال إال إذا كانت هناك مصلحة راجحة من إخراج
القيمة على أساسها أو كان هناك مشقة يف إخراج العين ،فالحرج مرفوع والمشقة منتفية.
أثر التضخم على إخراج القيمة يف الزكاة :بعد أن وصلنا إلى جواز إخراج القيمة ً
بداًل
مــن العين الواجب فيها الــزكاة إن كان ذلك للضرورة والمصلحة ،فما هو أثر التضخم
علــى إخــراج القيمــة؟ والجواب أنه ال أثــر للتضخم مطل ًقــا إن أخذنا بــرأي الجمهور
الذي يرى إخراج عين المال؛ ألن الســلعة المخرجة لن تتأثر هببوط قيمة العملة ،إذ إن
29
العدد الخمسون
انخفاض القيمة الشــرائية لألوراق المالية ال أثر له على السلعة ،فبعد أن كانت بخمسة
آالف قبل التضخم صارت بســتة أو ســبعة آالف بعده ،والمخرج هو عين الســلعة ،فال
أثــر يعود علــى الفقير بالضــرر؛ ألنه ظفر بعين المال ،وأما إن ســرنا علــى القول الذي
ترجح لدينا ،وهو جواز إخراج القيمة عند الحاجة أو الضرورة ،فإن التضخم قد يكون
لــه أثر وقــد ال يكون له هذا األثر ،فإن قــام المزكي بإخراج القيمــة الفعلية يوم وجوب
اإلخــراج فــإن التضخم ال يؤثر؛ ألن تقدير القيمة قد تــم يوم الوجوب وصاحبه إخراج
القيمــة يف حينــه ،ومعنى ذلك أن ما وجــب عليه قد خرج بقيمتــه الحقيقية فلم يؤثر فيه
التضخم ،أما إن كان تقدير القيمة يوم الوجوب وتأخر المزكي يف إخراج ما وجب عليه
دون ســبب واضــح حتى وقع التضخــم ،فإنه بذلك يكون قد منع حــق الفقير مع قدرته
علــى اإلخراج حتى وقع التضخــم الذي أ َّثر على القيمة المخرجــة للفقير ،وهنا يكون
كالغاصــب؛ ألنه منع ح ًّقــا واج ًبا عليه مع قدرته على إخراجــه ،ويف هذه الحالة يضمن
أعلى القيم للشــيء الواجب عليه من وقت االســتحقاق إلى يوم اإلخراج حتى نستطيع
أن نزيــل أثر التضخم عن الفقير ،وإال يعود األمر إلى نصابه بإخراج العين الواجبة عليه
بذاته النتفاء الفائدة والمصلحة يف إخراج القيمة للفقير لتأثرها بالتضخم ،وترجيحنا يف
ٌ
مشروط باألنفع للفقير واألفضل لمصلحته. إخراج القيمة
المطلب الثاني:
أثر التضخم على سداد الديون
اقــرض أحد الناس مبل ًغا من المــال لمدة من الزمن ،ولما جاء وقت الســداد تأخر
المدين يف ســداد دينه حتى هبطت قيمة النقد بفعل التضخم ،فهل الواجب الرد بالمثل
أم الرد بالقيمة؟
اتجه الفقهاء يف هذه المسألة التجاهين:
االتجــاه األول :يرى الــرد بالمثل حتــى وإن اختلفت القيمة ،وهــذا القول لجمهور
الفقهاء من الحنفية والمالكية والشــافعية والحنابلة ،فقــد جاء عند الحنفية« :وأجمعوا
علــى أن الفلوس إذا لم تكســد ولكــن غلت قيمتها أو رخصت فعليــه مثل ما قبض من
30
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
إن لم يتغير يف ذاته عنده ،وال يضر بغير تغير السوق ،فإن تغير تعين رد مثله وجاز أفضل،
أي رد أفضــل ممــا اقرتضه صفة؛ ألنه من حســن القضــاء إذا كان بال شــرط ،وإال منع
األفضل ،والعادة كالشرط ،ويتعين رد مثله»((( ،وقال الشافعية« :ولو أقرض نقدً ا فأبطل
الســلطان المعاملة به ،فليس له إال النقد الذي أقرضه» .وقال الشيرازي« :ويجب على
المســتقرض رد المثــل فيما له مثل؛ ألن مقتضى القــرض رد المثل»((( ،وقال الحنابلة:
«إن الفلوس إذا لم يحرمها السلطان وجب رد مثلها غلت أو رخصت أو كسدت»(((.
االتجاه الثاين :يرى الرد بالقيمة ،وهو ألبي يوســف ومحمد من الحنفية ،ورأي عند
المالكيــة وقول لبعــض الحنابلة؛ فقــد قال أبو يوســف« :عليه قيمتها مــن الذهب يوم
القــرض يف الفلوس والدراهم ،وقال محمد :عليه قيمتها يف آخر وقت إنفاقها»((( ،وقد
ذكر ابن عابدين أن قول الفتوى يف المذهب هو القول بالقيمة حيث قال« :وأما قول أبي
يوســف :فقد جعلوا الفتوى عليه يف كثير من المعتربات فليكن المعول عليه ،وقد دلل
يف شــرح فتح القدير علة اعتماد رد القيمة فقال« :إن العقد قد صح إال أنه تعذر التسليم
بالكســاد ،وأنه ال يوجب الفســاد؛ كما إذا اشرتى بالرطب فانقطع أوانه ،وإذا بقي العقد
وجــب القيمــة ،لكن عند أبي يوســف وقت البيع؛ ألنــه مضمون به ،وعنــد محمد يوم
االنقطاع؛ ألنه أوان انتقال القيمة»(((.
والمالكية وإن كانوا يرون الرد بالمثل إال أن الرهوين يف حاشيته علق على «بالمثل»
بخالفه ،فقال« :قلت :وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر جدًّ ا حتى يصير القابض لها
كالقابض لما ال كبير لمنفعة فيه لوجود العلة التي علل هبا المخالف حيث إن الدائن قد
((( شرح فتح القدير 57 /7وما بعدها ،مجموعة رسائل ابن عابدين ،60 /2ط .دار الرتاث ،بيروت.
((( الشرح الكبير للدردير على متن خليل ،106 /2المدونة .444 /3
((( روضــة الطالبيــن وعمــدة المفتيــن ،37 /4المهــذب مع المجمــوع للشــيرازي ،185 /12الحــاوي للفتاوي
للسيوطي ،97 /1ط .دار الكتب العلمية بيروت ،ثانية1975 ،م.
((( كشاف القناع عن متن اإلقناع ،315 /2المغني ،352 /4مجموع الفتاوى .306 /29
((( شرح فتح القدير .148 /7
((( مجموعة رسائل ابن عابدين .62 /2
31
العدد الخمسون
دفع شي ًئا منتف ًعا به ألخذ منتفع به ،فال يظلم بإعطائه ما ال ينفع»((( ،ويرى ابن مفلح من
الحنابلة أن االنتقال على القيمة إن حرم الســلطان المعاملــة بالفلوس فال يلزمه قبولها
ويصير للقيمة؛ ألن تحريم السلطان لها أصبح كالعيب(((.
الترجيــح :بعــد أن عرب أصحاب كل اتجــاه عن وجهة نظرهم وأيــد كل فريق وجهة
نظــره بما رأى أنه دليل معترب؛ حيث احتاط أصحــاب القول األول خو ًفا من الوقوع يف
الربا ،بينما نظر أصحاب القول الثاين إلى العدل ،ورأوا أن العدل غير متحقق يف المثلية
الصوريــة بأخذ عــدد بعدد مثله مجر ًدا مــن قيمته أو بعضهــا ،ورأوا أن العدل الحقيقي
خصوصا أن التعامل
ً هــو الــذي يعطي بنفس القوة الشــرائية والقيمة الحقيقية لما أخــذ
هنــا ليــس بالنقد الحقيقي الذي هو الذهــب والفضة ،وإنما بعملة أخــرى لها قيمة أقل
ويدخل عليها الرخص والغالء ،أو أهنا تستمد قوهتا من اعرتاف الدولة بقوهتا الشرائية،
وإن كانت مجردة من هذه القيمة يف نفسها كالنقود الورقية.
هل النقود الورقية شبيهة بالذهب والفضة أم شبيهة بالفلوس؟ هناك اتجاهان للفقهاء
يف هذه المسألة:
االتجاه األول :يرى أن النقود الورقية شبيهة بالفلوس ،فهي أشبه بالسلع التجارية.
فقد رأى أصحاب هذا االتجاه أن هناك فار ًقا بين الفلوس وبين النقد الشــرعي؛ ألن
الفلــوس مأخــوذة من معادن أخرى غيــر الذهب والفضة كالنيــكل والربونز والنحاس
واأللومنيــوم مثــل القــروش المصرية والفلســات اليمنيــة وغيرها من عمــات البالد
األخــرى ،فال ربا يف التعامل هبا عند الجمهور من الفقهاء ،وال يشــرط فيها ما يشــرط
غرضا معينًا
يف الذهــب والفضــة أو النقود المتخــذة منها ،وألن لــكل من المتعاقديــن ً
قياســا؛ ألن الوزن
نصا وال ً ومصلحة يف هذا التبادل ،والنص التشــريعي لم يشــملها ال ًّ
أصاًل ،بل المعترب هو العد والقيمة ،والعد ليس علة على المعتمد مقياســا يف ذلك ً
ً ليس
أيضا باتفاق ليســت علة؛ ألهنا تتغير من زمن إلى زمن.. يف بيع الربويات كما أن القيمة ً
ولهــذا كانــت القيمة هي العلــة يف إباحة الربح والتفــاوت فيه يف البيع ،لقوله ســبحانه:
((( حاشية الرهوين على شرح الزرقاين لمختصر خليل ،178 /5ط .دار الفكر بيروت 1978م.
((( المبدع شرح المقنع البن مفلح ،207 /4ط .المكتب اإلسالمي دمشق.
32
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
َ َ َ َّ َّ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َّ َ ّ َ ٰ ْ
ٱلربوا} [البقرة ، ]275 :وإذا كانت األوراق النقدية ليســت
(((
{وأحل ٱهَّلل ٱبۡليع وحرم ِ و
من األشــياء التــي ثبتت فيها علة الربا ال بالنص وال بالقيــاس ،فتكون يف حكم الفلوس
التــي ال يثبت فيهــا الربا؛ ألهنا حينئذ تكــون عروض تجارة؛ بل ذلــك واضح فيها أكثر
مــن الفلوس ،والمالكية اعتربوا الفلوس من عــروض التجارة ،وال خالف بين الفقهاء
أن عــروض التجــارة ال ربا فيها؛ ألنــه يجوز التفاضل فيها ســواء كان ذلك يف الحال أو
مع التأخير(((.
االتجاه الثاين :يرى أن الورقة ال قيمة لها يف ذاتها وأعطتها الدولة القوة واإللزام.
يــرى أصحــاب هذا االتجاه أن الورقــة النقدية ال قيمة لها يف ذاهتــا ،وأعطتها الدولة
القــوة واإللــزام ،وقد تعامــل الناس هبــا واصطلحوا علــى اتخاذها وســي ًطا للتبادل يف
المعامالت ،ووســيلة لشــغل الذمم ووظيفة األوراق النقدية يف التعامل هبا بي ًعا وشــرا ًء
يجعلهــا كالدراهم والدنانير وعموم الوظيفــة أولى باالعتبار من خصوصها ،واألوراق
النقديــة وإن كانت تجتمع مع الفلوس يف الثمنية اليوم إال أن ثمنية األوراق النقدية أكثر
وضوحــا ومماثلة لثمنيــة الدراهم والدنانير ،فعلــة الثمنية يف الذهــب والفضة أظهر يف ً
األوراق النقديــة منهــا يف الفلوس ،وفارقت الفلوس يف شــمول التعــاون وعمومه فيما
صغر من المعامالت فحســب ،بل إهنا فاقت التعامل بالذهب والفضة لما يتأثر فيها من
سبل التعامل مما ال يتيسر للذهب والفضة ،ولهذا كله صح قياس األوراق النقدية على
الذهب والفضة لعلة الثمنية(((.
الترجيــح :بعد ذكر االتجاهين الســابقين أرى -واهلل أعلم -أن الرأي يميل لرتجيح
شــبه األوراق النقديــة بالفلــوس ،فيجري التعامل هبا على أســاس أهنا عرض وســلعة،
ويدخلها الرخص والغالء ،وقد اعتربه أبو يوســف عي ًبا لحق الفلوس ســواء يف القرض
أو البيــع ،فرتتــب عليه ظلــم للدافع مع الرخــص ،فينبغي أن يجــر بالقيمة ،كما الحظ
((( راجــع بحوث ودراســات إســامية يف العقود الربويــة والمعامالت المصرفية والسياســة النقديــة ،د /نصر فريد
واصل ،ص ،53 -52ط .مكتبة الصفا ،أولى2000 ،م.
((( بحوث ودراسات إسالمية ،السابق ،ص.55
((( العملــة وأحكامهــا يف الفقــه اإلســامي ،د /عجيــل جاســم النشــمي ،ص ،322بحث منشــور بمجلة الشــريعة
والدراسات اإلسالمية بالكويت ،العدد الحادي عشر ،أغسطس1988 ،م.
33
العدد الخمسون
أن الفلــوس أثمــان باصطــاح الناس ،فإذا تغير فإنــه يتغير اصطالحهــم ،أو إذا تغير ما
اصطلحوا عليه فإنه ينبغي مراعاة هذا التغير بحيث ال يرتتب على طرف ضرر((( ،وأكرب
دليل على أن النقود الورقية تعد قيمية أن لها بورصة مالية تعترب سو ًقا عالمية لكل نقود
الدول وأوراقها المالية وأســهمها التجارية ،وهذه النقود تتغير صعو ًدا وهبو ًطا بالنســبة
لبعضهــا مــن يوم آلخر ،وعلى ضوء ذلــك تتجدد معامالت الــدول والهيئات واألفراد
وتعــرف الحقوق ،وتجدد االلتزامات المالية على أساســها يتــم الوفاء عند األداء ،وقد
ظهر كالم الفقهاء المسلمين يف هذا الجانب المتعلق هببوط سعر النقد أو صعوده عندما
ظهر الغش فيه أو كســاده ألســباب أهمها الجانب االقتصــادي يف الدولة ،ونقص النقد
الخالص المسكوك من الذهب أو الفضة(((.
أثر التضخم النقدي على زكاة الديون:
قبــل بيان أثــر التضخم على زكاة الدين نقــدم بأن الفقهاء اختلفــوا يف زكاة الدين ما
دام صاحبــه لــم يقبضه بعــد إلى اتجاهين ،وعلى كل منهما يؤســس أثــر التضخم على
زكاة الدين.
االتجــاه األول :يــرى أن زكاة الديــن تجــب على صاحــب الدين عــن كل عام ،إال
أن أصحــاب هــذا االتجاه اختلفــوا فيما بينهم يف وقــت اإلخراج؛ حيث يــرى الحنفية
والحنابلة أنه ال يجب عليه إخراج الزكاة عن الدين ما لم يقبضه((( ،بينما يرى الشافعية
وجوب إخراج زكاة الدين هناية كل حول(((.
االتجــاه الثاين :يرى وجوب زكاة الدين عند قبضه عن عام واحد فقط((( ،وبنا ًء على
كال االتجاهين يؤســس أثر التضخم النقدي على زكاة الدين ســواء بالنســبة لآلخذ أو
بالنســبة للمعطي ،فإذا أخذنا بقول أصحاب االتجاه األول وافرتضنا أن الدين يســاوي
((( تغيــر قيمــة العملة وأثره يف الحقوق وااللتزامات ،د /كيالين محمد المهدي ،بحث منشــور بمجلة كلية الشــريعة
والقانون بالدقهلية ،العدد األول ،الجزء األول ،ص2001 ،176م.
((( بحوث ودراسات إسالمية ،د /نصر فريد ،السابق ،ص 111وما بعدها.
((( حاشية ابن عابدين .322 /2
((( المجموع شرح المهذب ،506 /5ط .مكتبة اإلرشاد جدة ،دون تاريخ.
((( مواهب الجليل 358 /2لمحمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب ،ط .دار الفكر دمشق ،ثالثة1412 ،هـ.
34
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
مائة ألف جنيه ،وأن النصاب كذلك يســاوي مائة ألــف جنيه ،ثم حدث التضخم الذي
رفع قيمة النصاب إلى مائة وعشــرين ألف جنيه ،فــإن المعطي يخرج عن العام األول،
وأمــا عن العام الثــاين فال يجب عليه؛ ألنه خرج عن حد النصاب ،وهنا يســتفيد اآلخذ
يف العام األول ،وليس له حق عن العام الثاين ،وهنا أثر التضخم يف وجوب قياس نســبة
النصــاب عن كل عام ،وأما عــن أثر التضخم بنا ًء على أصحــاب االتجاه الثاين ،فإنه ال
تجب زكاة الدين إال عند قبضه ،ويوم القبض ينظر هل المبلغ الذي أخذه يساوي نصا ًبا
أو يزيــد أو ينقص؛ فإن زاد عن النصاب أو ســاواه يوم القبــض وجب عليه اإلخراج يف
حينه ،وإن كان أقل ســقط عنه أداء الزكاة لعدم اكتمال النصاب ،ســواء كان ذلك بفعل
التضخم أو بسبب قلة الدين.
35
العدد الخمسون
36
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
((( الربــط القياســي وضوابطــه وآراء االقتصادييــن اإلســاميين فيــه ،د /محمد علــي القري ،بحث منشــور بمجلة
الدراسات اإلسالمية واالقتصادية ،مجلد 4العدد ،2ص.17
((( راجع النقود والتضخم ،د /شوقي دنيا ،السابق ،ص.276
((( القواعد الفقهية د /محمد بكر إسماعيل ،ص ،99ط .دار المنار ،أولى1997 ،م ،القواعد الفقهية ،د /عبد العزيز
عزام ،ص ،127ط .دار الحديث 2005م.
37
العدد الخمسون
الحقيقــي ،وهــو التماثل يف القيمة وليس التماثل االســمي ،فهو أولــى لتحقيقه العدالة
الحقيقية وليس الصورية(((.
بينما يرى البعض اآلخر أن الربط القياســي وســيلة ثبت فشــلها يف عالج التضخم؛
حيث إن الربط القياســي بتكاليف المعيشــة يؤدي لزيادة التضخم ،فالزيادة يف مســتوى
األســعار ســتؤدي الرتفاع جميع الديون وااللتزامــات والحقوق المرتبطــة به ،فتزداد
تكاليف اإلنتاج مما ينعكس على زيادة األسعار(((.
والذي يؤيد الربط القياســي من الفقهاء اشــترط لجوازه عدة شــروط :منها أن يكون
التضخــم غير متوقع ،أمــا المتوقع فيمكن للمضار أن يحتاط منــه كالبيوع اآلجلة ،وأن
كبيرا بقياســه على الغبن الفاحــش ،ومعيار الكبيــر والصغير يرجع فيه يكــون التضخم ً
للعــرف أو ألهــل الخــرة ،والبعض حدده بالثلــث ،ومنها أن يكون الربــط الح ًقا على
المعاملة وليس ساب ًقا ،وأن يتم السداد بعملة مغايرة للعملة التي تم هبا التعاقد((( ،وكما
ترى من هذه الشروط كلها تبتعد وتحذر من الوقوع يف الربا.
ثان ًيا :الربط القياسي بالذهب أو عملة أو سلعة.
ومعنــى الربط بالذهب أو بســلعة من الســلع أو عملة من العمالت أنــه عند التعاقد
اآلجل يقوم المتعاقدان على ربط قيمة االلتزام بمقداره من الذهب أو من العملة المرادة
أو من ســلعة من السلع بعينها ،ومثال ذلك ما لو قال أحد المتعاقدين لآلخر :لي عندك
عشــرون ألف جنيه مصرية ،وهي اليوم تعادل عشــرين جرا ًما من الذهب عيار ،21أو
تعادل مائة كيلو من اللحم البقري ،أو تســاوي ألف دوالر أمريكي ،فعند السداد ينبغي
مراعــاة هذه القيمة من الذهب أو اللحم أو الدوالرات ،وعادة ما يلجأ أحد المتعاقدين
لذلك خو ًفا من اضطرابات السوق وتقلبات العملة ،فيعول على القيمة المستقرة بالغة
ما بلغت؛ سواء كان ذلك يف ثوب سلعة أو ذهب أو عملة(((.
((( بحوث يف االقتصاد اإلسالمي ،د /علي محيي الدين القرة داغي ،ص ،73ط .دار البشائر بيروت ،ثانية2006 ،م.
((( التضخم النقدي يف الفقه اإلسالمي ،د /خالد المصلح ،السابق ،ص.269
((( راجع النقود والتضخم ،السابق ،ص.279
((( المرجع السابق ،ص.280
38
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
((( راجع :تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية ،د /هايل عبد الحفيظ ،ص ،327ط .المعهد العالي للفكر اإلسالمي،
أولى1999 ،م ،آثار التضخم على العالقات التعاقدية يف المصارف اإلسالمية والوسائل المشروعة للحماية ،د /رفيق
يونس المصري ،ص 63وما بعدها ،ط .دار المكتبي ،أولى1420 ،هـ.
((( سنن أبي داود 242 /5باب :اقتضاء الذهب من الورق ،رقم الحديث ،3354سنن النسائي 281 /7بيع الفضة
بالذهب وبيع الذهب بالفضة ،رقم الحديث ،4582مسند اإلمام أحمد 478 /5حديث عبد اهلل بن عمر بن الخطاب
رقم الحديث .4582
((( ســنن أبي داود 1955 /4و 1956باب :ديات األعضاء ،ط .دار الحديث ،مســند اإلمام الشــافعي ،باب :تقويم
إبل الدية 309 /3 ،رقم ،1646الســنن الكربى للبيهقي 135 /8باب :إعواز اإلبل ،رقم الحديث ،16170ط .دار
الكتب العلمية ،ثالثة2002 ،م.
39
العدد الخمسون
40
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
االتجاه الثالث :يرى جواز الربط القياســي بمســتوى األســعار يف األجور والرواتب
دون القــروض والديــون ،وأدلــة هذا االتجــاه هي مزيج بيــن االتجاهين الســابقين؛ إذ
أخــذوا أدلة الجواز من االتجاه األول على الرواتب واألجور ،وأخذوا أدلة المنع على
القروض والديون من االتجاه الثاين.
الــرأي الراجح :بعد ذكــر االتجاهات وأدلتهــا يرتجح االتجاه األول لما ســاقه من
أدلــة ولتحقيقــه للعدالة الحقيقيــة ،على أنه يمكن تقييــد هذا الجواز بشــروط ذكرناها
قبل ذلك(((.
المطلب الثاني :تطبيق مبدأ الجوائح
الجائحة هي الشدة المجتاحة للمال ،وتعني اإلهالك واالستئصال(((.
والجائحــة بالمعنى الواســع تعني أذى لحق بمال بشــكل مباشــر أو غير مباشــر لم
يتسلمه صاحبه بعد من الطرف الثاين ،فما خرج عن طاقة اإلنسان أو ما خرج من تحت
يــده ســواء كان من الجوائــح التي تصيب الــزروع والثمار أو اآلفات الســماوية كالربد
الشديد والثلج والفيضان والربكان والزلزال مما يؤدي يف العالقات التعاقدية إلى هالك
المعقــود عليه أو عدم صالحيته لتنفيذ االلتزام ،وقد وضع الفقهاء قاعدة« :ما ال يمكن
االحرتاز عنه ال ضمان فيه»(((.
ً
فاحشــا يتجاوز ثلثي التضخــم ومدى اعتباره من الجائحة :إذا هبطت العملة هبو ًطا
ً
فاحشا، قيمة النقد وقوته الشرائية ،وبقي من قيمته أقل من الثلث ،فإن هذا الضرر يعترب
ويوجب توزيع الفرق على الطرفين ً
أخذا من األدلة الشرعية واآلراء الفقهية التي تجعل
حد الكثرة الثلث((( ،وقد قال بذلك كثير من الفقهاء بجامع الضرر وعدم اســتيفاء أحد
الطرفيــن حقه وكون األذى غير مقدور على رفعه لكونه غير متوقع ،كما أن الجائحة ال
((( راجع الشروط ص.40
((( القاموس المحيط ،ص ،197باب :الحاء ،فصل :الجيم.
((( راجع :اســتحالة تنفيذ االلتزام وآثارها دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون المدين ،د /محمد علي عثمان
الفقي ،ص ،67ط .دار النهضة العربية 1995م.
((( راجــع :بحــوث يف االقتصــاد اإلســامي ،د /علــي محيي الديــن القرة داغــي ،ص ،83وقد نقل هــذا الرأي عن
د /مصطفى الزرقا.
41
العدد الخمسون
تتوقــف عند نقص المقــدار أو الكمية ،وإنما تتعدى ذلك إلى نقــص القيمة أو المالية،
والتضخــم يصل لنفــس النتيجة ومن هنــا يجوز التعامل مــع آثار التضخــم طب ًقا لمبدأ
الجوائح أو أحكام الطوارئ(((.
كما أن العدول إلى تطبيق مبدأ الجوائح ما هو إال وسيلة من وسائل إقامة العدل التي
هي من أهم مقاصد الشــريعة اإلســامية ،ولم تحصر طرق العدل ودالالته يف شــيء،
وإنما إذا ظهرت أمارات العدل وتبين وجهه بأي طريق كان فهو شــرع اهلل ،وأي طريقة
اهتدي هبا إلنفاذ العدل والقسط فهي من الدين؛ ألن الطرق أسباب ال تراد لذاهتا؛ وإنما
ــمع جابِر بن عب ِد اهللِ ِ
الز َب ْي ِرَ ،أ َّن ُه َس َ َ َ ْ َ َ ْ المراد منها غاياهتا ،والســند يف ذلك ما روي َع ْن َأبِي ُّ
يك َث َم ًراَ ،ف َأ َصا َبتْــ ُه َجائِ َحةٌَ ،ف َاَل
ــن َأ ِخ َ ــول اهللِ َ (( :لو بِع َ ِ ــولَ :ق َال َر ُس ُ َي ُق ُ
تم ْ ْ ْ
يك بِ َغ ْيرِ َح ٍّق؟))((( ،ومن نصوص الفقهاء ــال َأ ِخ َ
ك َأ ْن ت َْأ ُخ َذ ِمنْ ُه َشــ ْيئًا .بِ َم ت َْأ ُخ ُذ َم َ ي ِ
ح ُّل َل َ َ
مــا يؤيد ذلك؛ فقد جاء عن اإلمام الكاســاين الحنفــي« :والثاين عدم حدوث عذر بأحد
العاقدين أو بالمســتأجر ،فإن حدث بأحدهما أو بالمســتأجر عــذر ال يبقى العقد الز ًما
وله أن ينفسخ ...ألن الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر؛ ألنه لو لزم العقد عند تحقق
العــذر للزم صاحب العذر ضرر لــم يلتزمه بالعقد((( ،وعند المالكية« :من اكرتى رحى
ســنة ،فأصاب أهل ذلك المكان فتنة جلوا هبا وجــا معهم المكرتي أو بقي آمنًا إال أنه
ال يأتيه الطعام لجالء الناس ،فهو كبطالن الرحى من نقص الماء أو كثرته ،ويوضع عنه
قدر المدة التي جلوا فيها»(((.
وقــد انتهى الرأي يف مجمع الفقه اإلســامي إلى هذه النتيجة حيث قرر أنه -1« :يف
العقود المرتاخيــة التنفيذ كعقود التوريد والتعهدات والمقــاوالت إذا تبدلت الظروف
كبيرا بأسباب طارئة
تغيرا ً
تبداًل غ َّير األوضاع والتكاليف واألسعار ً التي تم فيها التعاقد ً
عامــة لم تكن متوقعــة حين التعاقد ،فأصبح هبــا تنفيذ االلتزام العقــدي يلحق بالملتزم
42
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
خســائر جسيمة غير معتادة من تقلبات األســعار يف طرق التجارة ،ولم يكن ذلك نتيجة
تقصيــر أو إهمال من الملتزم من تنفيذ التزاماته ،فإنــه يحق للقاضي يف هذه الحالة عند
التنــازع وبنــا ًء على الطلب تعديــل الحقوق وااللتزامــات العقدية بصــورة توزع القدر
المتجاوز للمتعاقدين من الخســارة على الطرفين المتعاقدين ،كما يجوز له أن يفســخ
العقد فيما لم يتم تنفيذه منه إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل يف القضية المعروضة عليه،
ً
معقواًل من وذلــك مع تعويض عادل للملتزم له صاحــب الحق يف التنفيذ يجرب له جان ًبا
الخســارة التي تلحقه من فســخ العقد؛ بحيث يتحقق عدل بينهما دون إرهاق للملتزم،
ويعتمد القاضي يف هذه الموازنات جمي ًعا رأي أهل الخربة الثقات.
-2ويحــق للقاضــي أن يمهل الملتزم إذا وجد أن الســبب الطــارئ قابل للزوال يف
كثيرا هبذا اإلمهال ،هذا وإن مجلس المجمع الفقهي وقت قصير وال يتضرر الملتزم له ً
يرى يف هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقي ًقا للعدل الواجب بين طريف العقد،
ٍ
بســبب ال يد له فيه ،وأن هذا الحل أشــبه بالفقه ومن ًعــا للضــرر المرهق ألحد العاقدين
الشرعي الحكيم وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة»(((.
المطلب الثالث :التراضي بين األطراف
معنــاه :يــراد بالرتاضي بين الطرفين هنــا أنه إذا حدث تضخم ق َّلت بــه قيمة العملة؛
صلحا أن يتفقا عن طريق التصالح
ً بحيث يقع على أحد الطرفين الضرر كله ،يمكن لهما
بينهما على النسبة التي يحملها كل طرف.
وباب الرضا يف الفقه اإلســامي واسع فســيح ،ويمكن ضبطه بمقياس الشرع ،لكن
إذا تعارضــت المصالــح واختلفت ،فإنه يمكن اللجــوء لخطوة أخرى أكثــر إلزا ًما من
التصالــح وهي التحكيم ،وهو إلزام برضا الطرفين باللجوء إلى محكم يرتضيانه إلزالة
ما بينهما من خالف ويذعنان لما سيحكم به لحل النزاع بينهما ،فإذا لم يتفقا على ذلك
فال يبقى إال اللجوء للقضاء.
43
العدد الخمسون
وهــذه الطريقة للحل مؤيدة من كثير من الفقهاء القدامى والمعاصرين ،فقد نقل عن
العالمة ابن عابدين أنه قال« :بعدم تخيير المشــري يف مثل هذا لما علمت من الضرر،
التصرف؛ يصح اصطالحهما بحيث ال يكون ِ وأنه يفتى بالصلح حيث المتعاقدان مطل َقا
الضرر على شــخص واحد ،وإن كان الخيار للمشــري يف دفع ما شاء وقت العقد ،وإن
امتنع البائع لكنه إنما ساغ ذلك لعدم تفاوت األنواع ،فإذا امتنع البائع عما أراده المشرتي
يظهر تعنته ،أما يف هذه الصورة فال؛ ألنه يظهر أنه امتنع عن قصد إضراره وال ســيما إذا
كان المال أليتام أو وقف ،فعدم النظر له بالكلية مخالف لما أمر به من اختيار األنفع له،
خصوصا والمســؤولية غير منصوص عليها بخصوصها((( ،وقد ً فالصالح حينئذ أحوط
أيدها الدكتور علي محيي الدين القرة داغي فقال« :وعلى ضوء ذلك نقول يف موضوعنا
الخــاص بالنقود الورقيــة :إهنا غير منصوص عليها بعينها ،بل هي جديدة ومســتحدثة،
فيجب النظر إليها واالجتهاد فيها على ضوء مقاصد الشريعة ومبادئها العامة من تحقيق
العدالة والمساواة بين طريف العقد وعدم اإلضرار والضرار»(((.
ويــرى بعــض االقتصاديين المعاصرين أن هذا الحل هــو األقرب لمعالجة موضوع
التضخــم؛ حيــث إنه يتميــز عن باقي الحلــول بخلوه مــن االعرتاضات الــواردة عليه،
ً
مجااًل أوســع أمام الطرفين لالتفاق على ما يحقــق لهما م ًعا أكرب قدر ممكن وإلعطائــه
من المصلحة(((.
المطلب الرابع :التمييز بين بعض حاالت العقود
يفــرق كثير من الفقهاء بين بعض الحاالت والعقود بالنســبة للتضخم ،فال يضعوهنا
يف ســلة واحدة ،بل يفرقون بينها على حســب طبيعة كل منها ،وهذه أبرز الحاالت التي
يرون التفرقة بينها:
أواًل :التفريــق بيــن المعاوضــات واألمانات :يــرى فريق مــن الفقهاء أن المســائل
ً
المتعلقــة بالتضخــم ينبغــي أن تكــون يف العقود المســماة بعقود المعاوضــات؛ كالبيع
((( تنبيه الرقود على مسائل النقود البن عابدين ،ص 360مطبوع مع العقود الربوية ،د /نصر فريد واصل.
((( راجع :بحوث يف االقتصاد اإلسالمي ،د /علي محيي الدين القرة داغي ،ص.79
((( راجع :النقود والتضخم ،د /شوقي دنيا ،ص.344
44
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
واإلجارة والقرض ،وال تدخل يف عقود األمانات كعقد المضاربة ،وحجتهم يف ذلك أنه
يف عقود المعاوضات تجد عوضين متقابلين وطرفين مستقلين؛ فوارد أن يحدث ضرر
لطرف دون اآلخر ،وهذا يســتوجب إزالة الضــرر بخالف األمانات ،حيث إن الطرفين
بمثابــة طــرف واحد؛ ألن المال يســلم للمضارب ،وهذا يعني أنه ليــس لرب المال إال
المــال المدفوع منه ،وال اعتداد بتغير قيمته حــال المضاربة ،وإن كانت هذه وجهة نظر
أيضا نفرا من الفقهاء يرون دخول مســائل التضخم يف عقود األمانات ً فريق إال أن هناك ً
أرباحا
ً ً
أموااًل ال تعد ناقصا ،بينما المضارب يأخذ
لعــدم ظلم رب المال بعودة ماله إليه ً
حقيقية؛ ألن قيمة المال نقصت بفعل التضخم ،كما لو سلم رجل آلخر ً
مااًل قدره مائة
ألــف جنيه ليضارب هبا ،فبفعل التضخم نقصت قيمتها ،%20وربح الرجل المضارب
نفس النسبة ،فأخذ منها %10وأعطى صاحب المال %10األخرى ،فعند رد المال إليه
سيتســلم رأس المال الذي قلت قيمته فأصبحت كثمانين أل ًفا يف القوة الشــرائية مضا ًفا
إليها %10نصيبه من الربح ،وبالنظر إلى ما أخذه نجده قد أخذ أقل من رأس ماله ،بينما
ربحا حقيق ًّيا(((. أخذ المضارب ً
مااًل ال يعد ً
ثان ًيــا :البيع والقرض :يرى فريق من الفقهاء التفريق بين البيع والقرض يف التضخم؛
حيــث يمكــن مراعاة التضخم يف البيــوع بخالف القروض؛ ألن المــراد من القرض أن
المشــاحة؛ فقد جاء عن المالكية« :وسألته
ّ يكون عقد إرفاق؛ بخالف البيع القائم على
-أي ســألت مال ًكا -عمن له على رجل عشــرة دراهم مكتوبة عليه من صرف عشــرين
بدينار ،أو خمســة دراهم من صرف عشــرة بدينار؛ فقال :أرى أن يعطيه نصف دينار ما
بلغ كان أقل من ذلك أو أكثر إذا كانت تلك العشــرة دراهم أو الخمســة المكتوبة عليه
من بيع باعه إياه ،فأما إن كانت من سلف أو سلعة فال يأخذ منه إال مثل ما أعطاه»(((.
ثال ًثــا :المديــن المماطل والمدين غيــر المماطل :المدين غير المماطل أو المعســر
نفســا إال وســعها ،أما القادر علــى الوفاء وامتنع عن
ينظر لحين ميســرة ،فال يكلف اهلل ً
الســداد حتى رخصت قيمة النقود بفعل التضخم ،فيســتأنس ببعض النصوص الواردة
((( راجع يف هذا المعنى :النقود والتضخم ،السابق ،ص.347 -346
((( البيان والتحصيل البن رشد القرطبي (ت520هـ) ،487 /6ط .دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،ثانية1988 ،م.
45
العدد الخمسون
((( ســنن أبي داود ،137 /4باب :ما ال قطع فيه ،رقم الحديث ،4390ســنن النســائي 85 /8باب :أخذ الثمر بعد
أن يؤيه الجرين ،رقم الحديث .4958
((( ســنن أبــي داود 101 /2باب :يف زكاة الســائمة ،رقم الحديث ،1575ســنن الدارمــي 1043 /2باب :ليس يف
عوامل اإلبل صدقة ،رقم الحديث .1719
((( إعالم الموقعين عن رب العالمين البن القيم ،102 /2ط .دار الحديث ،أولى1993 ،م.
((( هــل يقبل شــرعًا الحكم على المديــن المماطل بالتعويض؟ ص ،109د /مصطفى الزرقا ،بحث منشــور بمجلة
أبحاث االقتصاد اإلسالمي ،المجلد الثاين ،العدد الثاين1985 ،م.
((( التعويــض عــن ضــرر المماطلة يف الدين بيــن الفقه واالقتصاد ،د /محمــد أنس الزرقا ود /محمــد علي القري،
ص 30وما بعدها ،ط .مركز أبحاث االقتصاد اإلسالمي جامعة الملك عبد العزيز ،الجزء الخامس.
46
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
نتائج البحــث
بعد الفراغ من هذا البحث يمكن رصد النتائج اآلتية:
-1التضخــم يحدث نتيجة االرتفاع المتواصل يف األســعار ،أو للزيادة على الطلب
الكلي لالســتهالك زيــادة تفوق قدرة العرض الكلــي لها ،وكذا زيادة نســبة النقود عن
الناتج المعروض من السلع.
-2التضخــم يحــدث نتيجة اســتخدام عملة غير مغطــاة بالنقد الحقيقــي حتى وإن
عاما؛ ألن قيمة النقد يف ذاته ،بخالف األوراق النقدية التي تلقى ً
قبواًل قبواًل ًّ
كانت تلقى ً
عا ًّما يف التعامل بين الناس اليوم ،فقيمتها ليست يف ذاهتا.
-3تتنــوع أنواع التضخم ،فمنه التضخم الدائم ،وهو الذي يحدث بنســب صغيرة،
ومنه السريع وهو أكثر نسبة من سابقه ،ومنه الجامح وهو أشدها خطورة على االقتصاد.
-4يأتــي غالب التضخم من النوع غير المتوقع الذي يكتنفه كثير من المخاطر؛ ألن
التوقع فيه يتم إما عن قراءة الماضي أو استشراف المستقبل ،وكالهما غير صادق ،فإن
صدقت قراءته كان من التضخم المتوقع.
-5الســبب الرئيــس يف التضخــم يرجع إلى ارتفــاع تكلفة اإلنتاج ،وارتفاع أســعار
الواردات ،وزيادة اإلنفاق يف األغراض غير المنتجة ،والبطالة المقنعة.
-6يؤثــر التضخم على إخراج الزكاة من جهة أن إخراج الزكاة مقيس بالذهب ،فال
بد من الرجوع لمقدار النصاب عند كل إخراج ،وال شك أن التضخم يلقي بظالله على
المزكــي الــذي ق َّلت قيمــة األوراق النقدية يف يده ،فأخرجها عن حــد النصاب إلى أقل
حتما.
منه ،فال يجب عليه يف هذه الحال ،مما يؤثر على متلقي الزكاة ً
-7التأخير يف إخراج الزكاة يعصي بســببه الواجب عليه الزكاة ،ويطالب بإخراج ما
ثبــت يف ذمته يوم الوجوب بقيمته يف ذلك اليوم ،الســتقرار األحــكام وعدم اضطراهبا،
انتظــارا للتضخم الذي قد
ً وإال ألدى ذلــك إلــى تف ُّلــت كثير من الناس عــن أداء الزكاة
يخرجهم عن حد النصاب.
47
العدد الخمسون
-8ال أثــر للتضخم على الــزكاة إن تم إخراجها من عين المنتــج ،وليس من قيمته،
وإن قلنا بإخراج القيمة فيجب تحديد قيمتها يوم الوجوب مع المســارعة يف اإلخراج،
وإال كان متعمدً ا لإلضرار بالفقراء ،فيعامل معاملة الغاصب بضمان أعلى قيمة من يوم
الوجوب إلى وقت اإلخراج.
-9المدين المماطل يف سداد ديونه قد يستفيد من التضخم عند سداد الدين بعد فرتة
ق َّلــت فيها قيمة النقد إن قام بالســداد بالمثلية الصورية ،وهي مثليــة العدد ،لكن العدل
يقضي بسداده بالمثلية الحقيقية وهي المقيسة بالقوة الشرائية.
-10يؤثــر التضخــم على زكاة الديــن ،إن قلنا بوجوب الزكاة عــن كل عام ظل فيه
حبيســا عند المدين ،كمــا يؤثر يف إخراج الزكاة إن قلنــا بوجوهبا مرة واحدة عند
ً المال
القبــض ،حيث يتم قياســها يوم القبض على قيمة النصــاب ،فيتم اإلخراج وعدمه على
حسب بلوغه حد اإلخراج من عدمه.
-11عالج التضخم ال بد فيه من السير يف اتجاهين :أحدهما اتجاه القضاء عليه من
ناحية ،واتجاه معالجة آثاره من ناحية أخرى.
-12هنــاك طــرق لمعالجة آثار التضخــم تتمثل يف الربــط القياســي واألخذ بمبدأ
الجوائح والرتاضي بين الطرفين والتفريق بين الحاالت والعقود.
-13لعــل أفضــل الطرق التي يتم عن طريقها معالجة آثــار التضخم تتمثل يف الربط
القياسي حيث له من األدلة واألسانيد ما يقوي جانب األخذ به.
كبيرا يف
تبداًل ً
-14ينبغي تعديل الحقوق وااللتزامات عند تبدل الظروف واألوضاع ً
أضرارا جســيمة غير معتادة ،فيمكن التعديل
ً العقــود الممتدة ،مما يلحق بأحد الطرفين
عن طريق القضاء للتخفيف من األضرار وآثار التضخم.
-15التراضي باب واســع يســع الحلول المطروحة لعــاج التضخم بما يحمل من
سماحة المسلم يف التعامل بالبيع والشراء واالقتضاء.
-16التفريق بين بعض الحاالت والعقود لمعالجة آثار التضخم قد يؤدي لكثير من
اإلشكاالت بما ينذر بعواقب غير محمودة.
48
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
49
العدد الخمسون
املراجع واملصادر
-1آثــار التضخــم علــى العالقــات التعاقديــة والمصارف اإلســامية والوســائل
المشروعة للحماية ،د /رفيق يونس المصري ،ط .دار المكتبي ،أولى1420 ،هـ.
2ـ أحكام القرآن البن العربي ،ط .دار المعرفة ،بيروت1986 ،م.
3ـ اســتحالة تنفيــذ االلتــزام وآثارها دراســة مقارنة بيــن الفقه اإلســامي والقانون
المدين ،د /محمد علي عثمان الفقي ،ط .دار النهضة العربية1995 ،م.
4ـ أســنى المطالب شــرح روض الطالب للشــيخ زكريا األنصــاري ،ط .دار الكتب
العلمية ،أولى2000 ،م.
5ـ إعالم الموقعين عن رب العالمين البن القيم ،ط .دار الحديث ،أولى1993 ،م.
6ـ اقتصاديات النقود والمال ،د /مجدي شهاب ،ط .دار الجامعة الجديدة2000 ،م.
7ـ اإلنصاف يف معرفة الراجح من الخالف للمرداوي ،ط .مكتبة الســنة المحمدية،
أولى1375 ،هـ.
8ـ بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع للكاساين ،ط .دار الفكر ،بيروت ،أولى1996 ،م.
9ـ بحوث يف االقتصاد اإلسالمي ،د /علي محيي الدين القرة داغي ،ط .دار البشائر
بيروت ،ثانية2006 ،م.
10ـ بحوث ودراســات إسالمية يف العقود الربوية والمعامالت المصرفية والسياسة
النقدية ،د /نصر فريد واصل ،ط .مكتبة الصفا ،أولى2000 ،م.
11ـ البيــان والتحصيــل البن رشــد القرطبــي ،ط .دار الغرب اإلســامي ،بيروت،
ثانية1988 ،م.
12ـ التــاج واإلكليــل لمختصــر خليــل للمواق المالكــي ،ط .دار الكتــب العلمية،
بيروت ،أولى1994 ،م.
13ـ التضخــم يف االقتصاديــات المختلفــة ،د /نبيــل الروبــي ،ط .مؤسســة الثقافة
الجامعية باإلسكندرية1973 ،م.
14ـ التضخم المالي ،د /غازي حسين عناية ،ط .مؤسسة شباب الجامعة1405 ،هـ.
15ـ التضخم النقدي يف الفقه اإلسالمي د /خالد عبد اهلل المصلح ،رسالة دكتوراه،
جامعة اإلمام محمد بن سعود.
50
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
16ـ التعويــض عن ضــرر المماطلة يف الدين بين الفقــه واالقتصاد ،د /محمد أنس
الزرقا ،ود /محمد علي القري ،ط .مركز أبحاث االقتصاد اإلســامي ،جامعة الملك
عبد العزيز.
17ـ تغير القيمة الشــرائية للنقود الورقيــة ،د /هايل عبد الحفيظ ،ط .المعهد العالي
للفكر اإلسالمي ،أولى1999 ،م.
18ـ تغير قيمة العملة وأثره يف الحقوق وااللتزامات ،د /كيالين محمد المهدي ،بحث
منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بالدقهلية ،العدد األول ،الجزء األول2001 ،م.
19ـ تنبيه الرقود على مسائل النقود البن عابدين ،مطبوع مع العقود الربوية ،د /نصر
فريد ،ط .مكتبة الصفا ،أولى2000 ،م.
20ـ التوضيح يف شرح مختصر ابن الحاجب لخليل بن إسحاق المالكي ،ط .مركز
نجيبويه للمخطوطات وخدمة الرتاث2008 ،م.
21ـ الجامــع يف أصــول الربــا ،د /رفيق يونــس المصــري ،ط .دار القلم ،دمشــق،
ثانية2001 ،م.
22ـ حاشــية الرهــوين علــى شــرح الزرقــاين لمختصــر خليــل ،ط .دار الفكــر،
بيروت1978 ،م.
23ـ حاشية ابن عابدين ،ط .دار الفكر ،بيروت1995 ،م.
24ـ الحاوي للفتاوي للسيوطي ،ط .دار الكتب العلمية ،بيروت ،ثانية1975 ،م.
25ـ الربط القياســي وضوابطه وآراء االقتصاديين اإلســاميين فيه ،د /محمد علي
القري ،بحث منشور بمجلة الدراسات اإلسالمية واالقتصادية ،مجلد 4العدد .2
26ـ روضة الطالبين وعمدة المفتين لإلمام النووي ،ط .المكتب اإلسالمي ،دمشق،
ثالثة1991 ،م.
27ـ الزوائــد يف فقه اإلمام أحمد بن حنبل لمحمد بن عبد اهلل آل حســين ،طبع على
نفقة علي الفهد العلي الهزاع ،ثالثة1988 ،م.
28ـ سنن الرتمذي ،ط .دار الحديث بالقاهرة ،أولى1999 ،م.
29ـ سنن الدارمي ،ط .دار الفكر ،بيروت1994 ،م.
30ـ سنن أبي داود ،ط .دار الرسالة ،أولى2009 ،م وطبعة أخرى.
51
العدد الخمسون
31ـ السنن الكربى للبيهقي ،ط .دار الكتب العلمية ،ثالثة2002 ،م.
32ـ سنن ابن ماجه ،ط .دار الرسالة العلمية ،أولى2009 ،م.
33ـ سنن النسائي ،ط .المطبوعات اإلسالمية ،حلب ،ثانية1986 ،م.
34ـ شرح السنة للبغوي ،ط .المكتب اإلسالمي ،دمشق ،ثانية1983 ،م.
35ـ الشــرح الصغيــر للدرديــر ،طبــع علــى نفقــة الشــيخ خليفة بــن زايــد آل هنيان
دون تاريخ.
36ـ شــرح فتح القديــر للكمال بن الهمــام ،ط .دار إحياء الــراث العربي ،بيروت،
دون تاريخ.
37ـ الشرح الكبير للدردير ،ط .دار الفكر ،بيروت ،دون تاريخ.
38ـ صحيح البخاري ،ط .دار طوق النجاة ،أولى1422 ،هـ.
39ـ صحيح ابن خزيمة ،ط .المكتب اإلسالمي ،بيروت ،دون تاريخ.
40ـ صحيح مسلم ،ط .دار الحديث ،رابعة2001 ،م.
41ـ العملة وأحكامها ،د /عجيل جاســم النشــمي ،بحث منشــور بمجلة الشــريعة
والدراسات اإلسالمية بالكويت ،العدد الحادي عشر ،أغسطس 1988م.
42ـ فتــاوى الســبكي ،تحقيــق حســام الديــن القدســي ،ط .دار الجيــل ،بيــروت،
أولى1981 ،م.
43ـ فتــاوى اللجنة العلميــة الدائمة للبحــوث واإلفتاء بالســعودية ،جمع وترتيب:
أحمــد عبــد الــرازق الدويــش ،ط .مكتبــة دار المعــارف للنشــر والتوزيــع بالرياض،
أولى1418 ،هـ.
44ـ الفروع البن مفلح ،ط .مكتبة ابن تيمية دون تاريخ.
45ـ القاموس المحيط للفيروزآبادي ،ط .دار الفكر ،بيروت 1995م.
46ـ قصــة الحضــارة ويل وايريل ديورانــت ،ترجمة محمد بــدران ،اإلدارة الثقافية
لجامعة الدول العربية.
47ـ القواعد الفقهية د /عبد العزيز محمد عزام ،ط .دار الحديث2005 ،م.
48ـ القواعد الفقهية د /محمد بكر إسماعيل ،.ط .دار المنار ،أولى1997 ،م.
49ـ القوانين الفقهية البن جزي ،دون تاريخ.
52
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
50ـ كتاب من حديث خيثمة بن سليمان ،ط .دار الكتاب العربي ،لبنان1980 ،م.
51ـ كشــاف القنــاع عــن متــن اإلقناع ،منصــور بن يونــس البهــويت ،ط .دار الفكر،
بيروت 1982م.
52ـ لسان العرب لجمال الدين بن منظور ،ط .دار صادر ،بيروت ،أولى1990 ،م.
53ـ المبدع شرح المقنع البن مفلح ،ط .المكتب اإلسالمي ،دمشق.
54ـ المبسوط لشمس األئمة السرخسي ،ط .دار الفكر ،أولى2000 ،م.
55ـ مجموعة رسائل ابن عابدين ،ط .دار الرتاث ،بيروت ،دون تاريخ.
56ـ المجموع شرح المهذب للنووي ،ط .مكتبة اإلرشاد ،جدة ،دون تاريخ.
57ـ مجلة مجمع الفقه اإلسالمي.
58ـ مجموع فتاوى ابن تيمية ،ط .المكتبة التوفيقية ،دون تاريخ.
59ـ محاضــرات يف اقتصــاد النقــود ،د /نبيــل الروبــي ،طبعــة مكتبــة الجــاء
بالمنصورة1982 ،م.
60ـ المدونة يف فقه اإلمام مالك ،ط .دار الفكر بيروت ،أولى1998 ،م.
61ـ مذكرات يف النقود والبنوك ،د /إسماعيل محمد هاشم ،ط .دار النهضة العربية،
أولى1996 ،م.
62ـ مسند اإلمام أحمد بن حنبل ،ط .مؤسسة الرسالة ،أولى2001 ،م.
63ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم ،ط .دار الكتب العلمية ،أولى1990 ،م.
64ـ مسند اإلمام الشافعي ،ط .دار الكتب العلمية ،أولى1990 ،م.
65ـ المصباح المنير للمقري الفيومي ،ط .دار الفكر ،بيروت ،دون تاريخ.
66ـ معجــم مصطلحات االقتصاد والمال وإدارة األعمــال ،نبيه غطاس ،ط .مكتبة
لبنان ،أولى1980 ،م.
67ـ المغني البن قدامة ،ط .دار البصائر ،دون تاريخ.
68ـ مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج ،ط .مصطفى البابي الحلبي1958 ،م.
69ـ مقدمــة يف النقــود والبنــوك ،د /محمــد علــي القــري ،ط .مكتبــة جــدة،
أولى1417 ،هـ.
53
العدد الخمسون
70ـ المنثور للزركشــي ،ط .وزارة األوقاف والشــؤون اإلســامية بالكويت ،ثالثة،
2012م.
71ـ منح الجليل على مختصر خليل للشــيخ محمد عليش ،ط .دار الفكر ،بيروت،
دون تاريخ.
72ـ المهذب للشيرازي مطبوع مع المجموع ،ط .مكتبة اإلرشاد ،جدة ،دون تاريخ.
73ـ مواهــب الجليل لمحمد بن عبد الرحمــن المعروف بالحطاب ،ط .دار الفكر،
دمشق ،ثالثة 1412هـ.
74ـ موسوعة المصطلحات االقتصادية واإلحصائية ،د /عبد العزيز هيكل ،ط .دار
النهضة العربية ،ثانية1406 ،هـ.
75ـ نظريات االقتصاد الكلي الحديثة ،د /سامي خليل ،ط .مطابع األهرام.
76ـ النظريات والسياســة النقدية والمالية ،د /ســامي خليل ،الناشر :شركة كاظمة،
الكويت ،أولى1982 ،م.
77ـ نظرية التضخم ،د /نبيل الروبي ،ط .مؤسسة الثقافة الجامعية باإلسكندرية ،ثانية.
78ـ النقــود والبنــوك واالقتصاد ،باري ســيجل ،ترجمة :د /طــه منصور ،ود /عبد
الفتاح عبد الحميد ،ط .دار المريخ بالرياض1407 ،هـ.
79ـ النقود والتضخم ،د /شــوقي أحمد دنيا ،ط .دار الفكر الجامعي باإلسكندرية،
أولى2017 ،م.
80ـ النقود العربية ماضيها وحاضرها ،د /عبد الرحمن فهمي محمد ،ط .دار القلم
دون تاريخ.
81ـ النقــود والفوائــد والبنــوك ،د /عبــد الرحمــن يســري ،ط .الــدار الجامعيــة
باإلسكندرية2000 ،م.
82ـ هل يقبل شــر ًعا الحكم على المدين المماطــل بالتعويض ،د /مصطفى الزرقا
بحث منشــور بمجلة أبحاث االقتصاد اإلســامي ،جامعة الملك عبد العزيز ،المجلد
الثاين ،العدد الثاين1985 ،م.
83ـ الورق النقدي ،د /عبد اهلل بن منيع ،ط .مطابع الرياض ،أولى1391 ،هـ.
54
السإلا هقفلا نازيم يف يدقنلا مخضتلا
فهرس احملتويات
مقدمة10...............................................................................................
املبحث األول :ماهية التضخم وأنواعه وأسبابه 14.............................................
املطلب األول :تعريف التضخم النقدي وتاريخه 14...........................................
املطلب الثاني :أنواع التضخم 17..................................................................
املطلب الثالث :أسباب التضخم 20................................................................
املبحث الثاني :آثار التضخم النقدي عىل األحكام الفقهية 23...............................
املطلب األول :أثر التضخم النقدي عىل الزكاة23...............................................
املطلب الثاني :أثر التضخم عىل سداد الديون 30..............................................
املبحث الثالث :عالج التضخم 36..................................................................
املطلب األول :الربط القيايس 37...................................................................
املطلب الثاني :تطبيق مبدأ الجوائح 41..........................................................
املطلب الثالث :الرتايض بني األطراف 43.........................................................
املطلب الرابع :التمييز بني بعض حاالت العقود44............................................
نتائج البحــث47....................................................................................
املراجع واملصادر 50.................................................................................
55