اصول الإيمان ١

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫‪¢‬‬

‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على خاتم النبيني‪،‬‬


‫ً‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫إن علم التوحيد ومعرفة أصوله‪ ،‬أشرف العلوم وأجلها قدرا‬
‫ألنه العلم باهلل تعاىل وأسمائه وصفاته وحقوقه على عباده‪،‬‬
‫ُ‬
‫وألنه مفتاح الطريق إىل هللا تعاىل وأساس شرائعه‪ .‬ولذا‬
‫أجمعت الرسل على الدعوة إليه‪ .‬ولما كان هذا شأن التوحيد‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كان ِلزاما على كل مسلم أن يعتين به تعلما وتعليما واعتقادا‬
‫ً‬
‫ودعوة ليبين دين�ه على أساس سليم واطمئن�ان وتسليم‬
‫ُ‬
‫يسعد بثمراته ونت�اجئه‪.‬‬
‫ونتكلم يف هذا املوضوع (أصول الدين) ألسباب كثرية منها‪:‬‬
‫‪ 7‬آلداء واجب النصيحة لعامة املسلمني وخلاصة طلبة‬
‫العلم يف أمور تتعلق بالعقيدة‪ ،‬ألنه ال يستقيم الدين إال‬
‫بسالمة االعتقاد وصحة العمل‪.‬‬
‫وتقصري‬
‫ٍ‬ ‫‪ 7‬لما ظهر من إخالل ببعض أصول اعتقاد السلف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فيما جيب حنوها علما وفهما وتطبيقا ودعوة إليها‪.‬‬
‫‪ 7‬ولعدم اهتمام كثري من الدعاة إىل هللا وطلبة العلم‬
‫واخلطباء ببي�ان هذه األصول للعقيدة اإلسالمية الصحيحة‬
‫اليت كان عليها سلفنا الصالح ‪.‬‬
‫لهذه األسباب ولغريها رأين�ا احلديث يف هذا األمر العظيم‪.‬‬
‫‪77‬أما أهم أمور البحث فهي ‪:‬‬
‫ً‬
‫مقدمة ثم بي�ان مفهوم أصول الدين واالعتقاد إجماال‪ ،‬وأن‬
‫هذه األصول واحدة عند الرسل‪ ،‬وعند سلف األمة‪ ،‬وسائر‬
‫األئمة‪ ،‬وأن مصدرها واحد عندهم‪ ،‬وأن االعتصام بأصول‬
‫أمر متعني وفرض على كل مسلم ومسلمة‪.‬‬ ‫الدين واالعتقاد ٌ‬

‫ثم ذكر خصائص أصول الدين ومعتقديها‪ ،‬ثم ذكر أهدافها‬


‫‪2‬‬
‫ومقاصدها املرتتب�ة على التمسك بها‪ ،‬ثم ذكر موجز ألصول‬
‫الدين واالعتقاد‪ ،‬ثم اخلاتمة‪.‬‬
‫‪-1‬مفهوم أصول الدين أو أسس العقيدة اإلسالمية‪:‬‬
‫الستة اليت أجاب بها رسول هللا @‬‫ِ‬ ‫هي أصول اإليمان‬
‫جبريل حني سأله عن اإليمان فقال‪M :‬أن تؤمن باهلل ومالئكته‬
‫وكتب�ه ورسله واليوم اآلخر وتؤمن بالقدر خريه وشره‪.((( L‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫والسنة واإلجماع‪،‬‬ ‫وقد دل على هذه األصول الكتاب‬
‫فالعقيدة اإلسالمية هي اإليمان اجلازم بهذه األصول وما‬
‫يتفرع منها من أمور الغيب وأصول األحكام القطعية وسائر‬
‫أصول الدين‪ ،‬واالعتقاد اليت أجمع عليها سلفنا الصالح‪،‬‬
‫ّ‬
‫وهذه األصول عند األنبي�اء واحدة كما قال رسول هللا@‪ M:‬إنا‬
‫معشر األنبي�اء دينن�ا واحد ‪ L‬متفق عليه ‪ .‬قال النووي ‪:$‬‬
‫«أصل إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة‪ ،‬فإنهم متفقون يف‬
‫أصول التوحيد »(((‪.‬‬
‫بل إن أول دعوة الرسل واحدة وهي الدعوة إىل عبادة هللا‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬وكذلك وحدة االعتقاد عند سلف األمة‬
‫وسائر األئمة ثابت�ة عنهم كما قال ابن القيم يف كتابه مفتاح‬
‫ً‬
‫دار السعادة (((‪ ،‬وذلك ألن مصادر التلقي عندهم واحدة أيضا‬
‫وهي القرآن والسنة واإلجماع‪ ،‬فالقرآن الكريم هو أساس‬
‫اعتقادهم وكانوا يفسرون القرآن بالقرآن وإال فبالسنة وإال‬
‫فبالصحيح من أقول الصحابة‪ ،‬وإال ما أجمع التابعون عليه‪،‬‬
‫كما قال ابن تيمية يف مقدمة التفسري (((‪.‬‬
‫فإذا كانت أصول الدين واالعتقاد واحدة عند سائر األئمة‬
‫فال يتوهم بعض الناس أن تعدد املذاهب الفقهية هو تعدد يف‬
‫املذاهب العقدية عند األئمة ألن هذه املذاهب الفقهية نشأت‬
‫((( أخرجه مسلم (‪)٨‬‬
‫((( شرح صحيح مسلم(‪ )120/15‬وكذلك قال ابن حجر يف فتح الباري(‪)489/6‬‬
‫((( مفتاح دار السعادة(‪)143/2‬‬
‫((( انظر الفتاوى(‪)363/13‬‬
‫‪3‬‬
‫بعدهم بعشرات السنني‪ ،‬ولو ثبت اختالف األئمة يف املذاهب‬
‫الفقهية فإنهم اتفقوا يف أصول الدين واالعتقاد ولذلك قال‬
‫ابن تيمية ‪ «:$‬اعتقاد الشافعي واعتقاد سلف اإلسالم‬
‫كمالك والثوري واألوزاعي وابن املبارك وأحمد بن حنب�ل‬
‫واسحاق بن راهوية‪ ،‬فإنه ليس بني هؤالء األئمة وأمثالهم‬
‫نزاع يف أصول الدين »((( وقال اإلمام األصفهاين‪ «:‬لو طالعت‬
‫جميع كتبهم ـ أي السلف ـ من أولهم إىل آخرهم مع اختالف‬
‫بلدانهم وزمانهم ‪ ،‬وجدتهم يف بي�ان االعتقاد على وترية واحدة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال ترى بينهم اختالفا وال تفرقا يف يشء ما »(((‪.‬‬
‫‪-2‬خصائص أصول الدين ومعتقديها‪ :‬أصول الدين‬
‫وهي أسس العقيدة اإلسالمية‪ ،‬عقيدة السلف أهل‬
‫السنة واجلماعة‪ ،‬لها خصائص وسمات تمزيها وأهلها عن‬
‫املعتقدات األخرى ومن هذه اخلصائص‪:‬‬
‫أ – سالمة املصدر‪ ،‬وذلك باعتمادها على الكتاب والسنة‬
‫وإجماع السلف‪.‬‬
‫ب‪-‬أنها تقوم على التسليم هلل تعاىل ولرسوله @ ألنها‬
‫غيب‪.‬‬
‫ج‪-‬اتصال سندها بالرسول @ وبالصحابة والتابعني لهم‬
‫بإحسان‪.‬‬
‫د‪-‬الوضوح والبي�ان وخلوها من التعارض والتن�اقض‬
‫والفلسفات‪.‬‬
‫هـ‪-‬سالمتها من االضطراب والتن�اقض وسالمة اتب�اعها‬
‫من التلبس يف البدع واآلثام والكبائر إال ما ندر‪.‬‬
‫و‪-‬هي عقيدة اجلماعة واالجتماع ألنها الطريقة املثلى‬
‫لوحدة املسلمني‪.‬‬
‫ز‪-‬البقاء والثب�ات واالستقرار وأنها سبب الظهور والنصر‬
‫كما ورد يف احلديث ‪M‬ال تزال طائفة من أميت ظاهرين على‬
‫((( الفتاوى(‪)256/5‬‬
‫((( يف احلجة يف بي�ان املحجة(‪)224/2‬‬
‫‪4‬‬
‫احلق ال يضرهم من خذلهم حىت يأيت أمر هللا وهم كذلك ‪.((( L‬‬
‫‪-3‬أهداف ومقاصد أصول الدين املرتتب�ة على املتمسك بها‪:‬‬
‫أ ‪-‬إخالص الني�ة والعبادة هلل تعاىل وحده‪.‬‬
‫ب‪-‬حترير العقل والفكر من التخبط واالضطراب‬
‫والتن�اقض والضالالت‪.‬‬
‫ج‪-‬الراحة النفسية والفكرية ملن اعتقدها‪.‬‬
‫د‪-‬احلزم واجلد يف األمور والرغبة يف العمل الصالح‬
‫واخلوف من اإلثم‪.‬‬
‫هـ‪-‬الوصول إىل سعادة الدني�ا واآلخرة بإصالح الفرد‬
‫واملجتمع‪.‬‬
‫‪-4‬حكم االعتصام بأصول الدين‪ :‬ألن هذه األصول مستمدة‬
‫من كتاب هللا وسنة رسوله @ فهي األوىل باالتب�اع ألنها‬
‫احلق وال جناة يف الدني�ا واآلخرة إال بالتمسك بها‪ ،‬وهي الصراط‬
‫ً‬
‫املستقيم وسبي�ل املؤمنني‪ ،‬فاالعتصام بها أمر متعني شرعا‪.‬‬
‫‪-5‬موجز ألصول الدين واالعتقاد لدى سلفنا الصالح أهل‬
‫السنة واجلماعة‪ :‬إن أصول الدين هي اإليمان باهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫ومالئكته وكتب�ه ورسله واليوم اآلخر والقدر خريه وشره‪ .‬دل‬
‫على ذلك كتاب هللا وسنة رسوله @‪ .‬ففي كتاب هللا يقول‬
‫تعاىل‪ K:‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‪J‬‬
‫[البقرة‪ ]177:‬ويقول تعاىل يف القدر‪K:‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ‪[ J‬القمر‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ ]49‬ويقول النيب @ مجيب�ا جلبريل حني سأله عن اإليمان‪:‬‬
‫‪M‬أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتب�ه ورسله واليوم اآلخر وتؤمن‬
‫بالقدر خريه وشره‪ L‬رواه مسلم وغريه‪.‬‬
‫وسنتكلم عن هذه األصول الستة بيشء من اإلجياز‪:‬‬

‫((( صحيح مسلم (‪)١٩٢٣‬‬


‫‪5‬‬
‫الأ�صل الأول‬
‫الإميان باهلل تعاىل‬
‫يتضمن أربعة أمور هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-1‬اإليمان بوجود هللا تعاىل‪ ،‬وقد دل على ذلك الفطرة‬
‫والعقل والشرع واحلس‪.‬‬
‫‪-2‬اإليمان بربوبيت�ه‪ :‬أي بأنه الرب اخلالق امللك ال شريك‬
‫ومحييهم‬‫له وال معني‪ .‬فهو سبحانه خالق العباد ورازقهم ُ‬
‫ومميتهم‪ ،‬ومن اعتقد أن هناك متصرف مع هللا تعاىل يف يشء‬
‫ضر أو يشء من أفعاله‪،‬‬ ‫من تدبريه للكون من إجياد أو نفع أو ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫فقد أشرك باهلل تعاىل شركا أكرب‪.‬‬
‫‪-3‬اإليمان بألوهيت�ه‪ :‬أي بأنه املعبود احلق ال شريك له وهو‬
‫وصالة‬
‫ٍ‬ ‫وذحب‬
‫ونذر ٍ‬
‫وسجود ٍ‬‫ٍ‬ ‫دعاء‬
‫املستحق للعبادة بأنواعها من ٍ‬
‫ُ‬
‫وكل ما يبه هللا ويرضاه من األعمال واألقوال واألفعال‬
‫الظاهرة والباطنة‪ .‬فعلى املسلم أن يفرد ربه جبميع أنواع‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫العبادة مخلصا هلل فيها وأن يأيت بها على الوجه الذي َسنه‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫رسول هللا @ قوال وعمال‪ .‬ومن صرف شيئ�ا من العبادات‬
‫ً‬
‫لغري هللا يكون مشركا باهلل تعاىل قال هللا تعاىل‪ K:‬ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ‪[J‬النساء(‪ ])48‬وقال تعاىل‪K:‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‪[ J‬المائدة‪]72 :‬‬

‫‪ -4‬اإليمان بأسمائه وصفاته ‪ :‬أي اثب�ات ما أثبت�ه هللا لنفسه‬


‫ّ‬
‫يف كتابه أو ُسنة رسوله من األسماء والصفات على الوجه‬
‫حتريف‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬وال تكييف‪ ،‬وال تمثي�ل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الالئق به من غري‬
‫وال تشبي�ه‪ ،‬وهذه األسماء والصفات ال تثبت بالعقل وإنما‬
‫هي توقيفية ‪ ،‬وال تشبه صفات املخلوقني لقوله تعاىل‪K:‬ﭡ‬
‫فيجب‬ ‫[ الشورى‪] )11(:‬‬ ‫ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ‪J‬‬

‫‪6‬‬
‫ّ‬
‫إثب�ات ما صح من صفات هللا تعاىل كاالستواء والزنول‬
‫وامليجء‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬واحلياة‪ ،‬والكالم‪ ،‬والرحمة‪،‬‬
‫واحلب‪ ،‬والغضب‪ ،‬واليد والوجه‪ ،‬وغري ذلك من األسماء‬
‫والصفات ‪.‬‬
‫الأ�صل الثاين‬
‫الإميان باملالئكة‬
‫عالم غييب‪ ،‬مخلوقون عابدون هلل تعاىل‪ ،‬خلقهم‬ ‫املالئكة ٌ‬
‫هللا تعاىل من نور ومنحهم االنقياد التام ألمره‪ ،‬وهم ٌ‬
‫كثري ال‬
‫حيصيهم إال هللا تعاىل‪ .‬واإليمان باملالئكة يتضمن أربعة أمور‪:‬‬
‫‪-1‬اإليمان بوجودهم‪.‬‬
‫‪-2‬اإليمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه كجبريل‪ ،‬ومن لم‬
‫ً‬
‫نعلم اسمه‪ ،‬نؤمن بهم إجماال‪.‬‬
‫‪-3‬اإليمان بمن علمنا من صفاتهم كصفة جبريل وأن له‬
‫ستمائة جناح‪ ،‬وكذلك حتول امللك إىل هيئ�ة رجل كما حصل‬
‫جلبريل مع مريم ومع نبين�ا محمد‪ ،‬وكذلك املالئكة مع‬
‫إبراهيم عليه السالم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-4‬اإليمان بما علمنا من أعمالهم كعبادتهم هلل تعاىل ليال‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ونهارا بدون ملل وال فتور‪ ،‬وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة‬
‫كجبريل األمني على ويح هللا تعاىل‪ ،‬وميكائي�ل املوكل باملطر‬
‫والنب�ات وإسرافيل املوكل بالنفخ يف الصور‪ ،‬وملك املوت‪،‬‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫ولنا محاضرة بعنوان موقف املالئكة من البشر ورقمها(‪)62‬‬
‫ضمن املجموعة السابعة ‪.‬‬
‫الأ�صل الثالث‬
‫الإميان بالكتب‬
‫ً‬
‫وهو التصديق اجلازم بأن هللا تعاىل أنزل كتب�ا على رسله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للخلق وهداية لهم‪ ،‬واإليمان بالكتب يتضمن أربعة أمور‪:‬‬
‫ِ‬ ‫رحمة‬

‫‪7‬‬
‫ً‬
‫‪-1‬اإليمان بأن نزولها من عند هللا تعاىل حقا‪.‬‬
‫‪-2‬اإليمان بما علمنا اسمه منها باسمه كالقرآن والتوراة‬
‫واإلجنيل والزبور‪ ،‬وغريها‪ ،‬وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به‬
‫ً‬
‫إجماال‪.‬‬
‫‪-3‬تصديق ما صح من أخبار هذه الكتب وما أخرب القرآن‬
‫عنها‪.‬‬
‫‪-4‬العمل بأحكام ما لم ينسخ منها والرضا والتسليم به وأن‬
‫جميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم‪ ،‬فال جيوز‬
‫العمل بأحكامها إال ما صح منها وأقره القرآن‪.‬‬
‫الأ�صل الرابع‬
‫الإميان بالر�سل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بشرع وأمر بتبليغه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫البشر‬ ‫من‬ ‫إليه‬ ‫ويح‬ ‫أ‬ ‫والرسول من‬
‫وأولهم نوح وآخرهم محمد @‪ ،‬قال تعاىل‪K:‬ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ‪ [ J‬النساء‪ ]136 :‬ويف صحيح‬
‫ً‬
‫البخاري يف حديث الشفاعة أن آدم يقول‪ « :‬إئتوا نوحا أول‬
‫بشر مخلوقون ليس لهم من‬ ‫رسول بعثه هللا »((( والرسل ٌ‬
‫خصائص الربوبي�ة واأللوهية يشء فهم يمرضون ويموتون‬
‫وحيتاجون للطعام والشراب وغري ذلك ‪.‬‬
‫واإليمان بالرسل يتضمن أربعة أمور‪:‬‬
‫‪-1‬اإليمان بأن رسالتهم حق من هللا تعاىل فمن كفر برسالة‬
‫واحد منهم فقد كفر باجلميع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫‪-2‬اإليمان بمن علمنا اسمه منهم وأما من لم نعلم اسمه‬
‫ً‬
‫منهم فنؤمن به إجماال‪.‬‬
‫‪-3‬تصديق ما صح عنهم من أخبارهم‪.‬‬
‫‪-4‬العمل بشريعة من أرسل منهم إلين�ا منهم وهو خاتمهم‬
‫محمد @‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)٤٤٧٦‬ومسلم (‪)١٩٣‬‬


‫‪8‬‬
‫الأ�صل اخلام�س‬
‫الإميان باليوم الآخر‬
‫وهو يوم القيامة ويلتحق به اإليمان بكل ما يكون بعد املوت‪،‬‬
‫واإليمان باليوم اآلخر يتضمن ثالثة أمور‪:‬‬
‫‪ -١‬اإليمان بالبعث وهو إحياء املوىت حني ُينفخ يف الصور‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫النفخة الثاني�ة فيقوم الناس لرب العاملني ُحفاة عراة غرال‪.‬‬
‫وقد دل على ذلك الكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬
‫قال تعاىل‪K:‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ‪ [ J‬املؤمنون‪. ]15 :‬‬
‫ُ‬
‫‪-2‬اإليمان باحلساب واجلزاء على األعمال وأن العبد ياسب‬
‫على عمله ُ‬
‫ويجازى عليه‪.‬‬
‫‪-3‬اإليمان باجلنة والنار وما جاء عنهما من أخبار يف الكتاب‬
‫والسنة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ 7‬ويلتحق باإليمان باليوم اآلخر‪ :‬اإليمان بكل ما يكون‬
‫بعد املوت مثل‪:‬‬
‫‪ -‬فتن�ة القرب وهي سؤال امللكني منكر ونكري للميت بعد‬
‫دفنه‪ ،‬عن ربه ودين�ه ونبي�ه‪.‬‬
‫‪ -‬عذاب القرب ونعيمه‪ ،‬وقد ثبت ذلك يف الكتاب والسنة‬
‫واإلجماع‪.‬‬
‫الأ�صل ال�ساد�س‬
‫الإميان بالقدر‬
‫أي تقدير هللا تعاىل للكائن�ات‪ .‬واإليمان بالقدر يتضمن‬
‫أربعة أمور‪:‬‬
‫ً‬
‫‪-1‬اإليمان بأن هللا تعاىل َع ِلم بكل يشء جملة وتفصيال‪.‬‬
‫‪ -٢‬اإليمان بأن هللا تعاىل كتب ذلك يف اللوح املحفوظ‪ .‬قال‬
‫‪9‬‬
‫تعاىل‪K:‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ‪ [ J‬احلج ‪. ]70 :‬‬
‫‪-3‬اإليمان بأن جميع الكائن�ات ال تكون إال بمشيئ�ة هللا تعاىل‬
‫ً‬
‫سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل املخلوقني ‪.‬‬
‫‪-٤‬اإليمان بأن جميع الكائن�ات مخلوقة هلل تعاىل بذواتها‬
‫وصفاتها وحركاتها‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ K:‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ‪ [ J‬الفرقان‪] 2 :‬‬

‫وقال تعاىل‪ K:‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ‪ [ J‬الصافات‪.]96 :‬‬


‫ٌ‬
‫بإجياز عن أصول الدين الستة‪ ،‬وهناك أصول‬ ‫ٍ‬ ‫تكلمنا‬
‫وأحكام اعتقادية جيب اإليمان بها‪ ،‬منها أن املؤمنني يرون‬
‫ربهم يوم القيامة بأبصارهم من غري كيف وال إحاطة‪ ،‬واإليمان‬
‫بسائر الشفاعات يوم القيامة واإليمان باإلسراء واملعراج‪،‬‬
‫وكذلك من األصول حب رسول هللا وحب صحابت�ه وزوجاته‬
‫أمهات املؤمنني ‪ ،‬ولزوم اجلماعة ووجوب السمع والطاعة‬
‫لوالة األمور باملعروف ‪ ،‬ووجوب النصيحة هلل ولرسوله ثم‬
‫ألئمة املسلمني وعامتهم ‪ ،‬واألمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر ومجانب�ة أهل البدع واألهواء وأهل الكالم ‪ ،‬وكذلك‬
‫وجوب احلب يف هللا للمؤمنني والبغض يف هللا للمشركني‬
‫أحد من أهل القبلة إال من جاء‬
‫واملنافقني‪ ،‬وأنه ال جيوز تكفري ٍ‬
‫تكفريه بالكتاب والسنة وقامت عليه احلجة وانتفت عنه‬
‫موانع التكفري ‪ ،‬وهكذا أصول أخرى‪.‬‬
‫خاتمــة‪ :‬هذا ما تم جمعه فيما يتعلق بما ورد يف شهر رجب‬
‫َ‬
‫وشهر شعبان وهللا أعلم ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like