Professional Documents
Culture Documents
١١ مُلخص محاضرة تحمُّل مسؤولية التكليف تجاه النفس والغير Autosaved
١١ مُلخص محاضرة تحمُّل مسؤولية التكليف تجاه النفس والغير Autosaved
خ ٌ
تفر ي ٌغ م ُل َ ّ ِ
بدأت هذه القاعدة ُ من تعزيز مرجعية الوحي وتعظيمها ،ثم تعظيم حدود الل ّه ،ثم موضعة مرجعية الوحي في
ْ -
ل القلوب عليها مدار ُ الفلاح ،ثم بيان
ن أعما َ
موضعها الصحيح وضبطها للأفهام والمعايير ،ثم تزكية القلب وأ ّ
يعيش الإنسانُ عامل ًا مطبق ًا لما أمره
َ أهمية العلم وأن ّه ي ُراد ُ للعمل وبيان العلم الن ّافع ،ثم بيان مبدأ العمل؛ بأ ْن
الل ّه ،ثم التنبيه على قضية الن ِّي ّة ودوام استحضار الغايات الشر يفة والخشية من مزاحمتها بالمطالب الدنيئة.
-بعد هذه التهيئة نبدأ في هذا الباب بالواجبات والمسؤوليات الواجبة على الفرد تُجاه نفسه أساسًا ،ثم تُجاه
تجاه الإسلام
غيره تبع ًا؛ والغير ُ هم الدوائر ُ الأقربُ منه؛ كالأسرة ،ثم في الباب التالي :مسئولية الفرد العامّة ُ
والمسلمين ،وهذا الترتيبُ مقصود ٌ؛ وفيه أمران:
ل للإسلام هو مسئولية ٌ على الفرد في ذاته يجبُ أ ْن يتحمل َها.
ن العم َ
الأوّل :أ ّ
تجاه نفسه.
يصرف اهتمام ُ الفرد بالمسئولية العامّة عن مسؤوليته المطالب بها ُ
َ الثانـي :أن ّه لا ينبغي أ ْن
الباب:
ِ شواهد ُ
ض ال ْمُؤْم ِنِينَ":
ك وَحَرّ ِ ِ ل الل ّه ِ ل َا تُك َل ّ ُ
ف ِإلّا ن َ ْفسَ َ الآية الأولى :قال الل ّه -تعالى" :-فَق َات ِلْ فِي سَب ِي ِ
ك م ِن جهادِ عدوِه ِ وعدوِك َ ،إلا ما حم ّلك
ض علي َ
ك الل ّه ُ فيما فر َ َ
ل الإمام ُ الطبريّ -رحمه الل ّه( :-لا يكلف ُ َ
-قا َ
أي :أن ّك إن ّما تُت ّبع بما اكتسبته دونَ ما اكتسب َه ُ غير ُك َ ،وإن ّما عليك ما
م ِن ذلك دونَ ما حم ّل غير َك َ منهْ ،
ك ُل ّ ِفت َه ُ دونَ ما ك ُل ّ ِفه غير َك َ).
-2-
ن الل ّه َ
ل امرئٍ في نفسه ،ذلك أ ّ
التكليف -من بعده ﷺ -على ك ّ ِ
ُ ف هنا رسول الل ّه ﷺ ،ثم ينصبُ
والمكل ّ ُ
صة.
ن هذه الآية َ تجم ُع بين باب ْي المسئولية؛ العامّة والخا ّ
يحاسبُ عبد َه ُ على ما كل ّفه به ،وعلى ذلك؛ فإ ّ
-3-
يستأنس
ُ الآية الثانية :قال الل ّه -تعالى" :-وَك ُل ّه ُ ْم آتيِه ِ يَوْم َ ال ْق ِيَامَة ِ فَرْد ًا" :ق ْد ترك ّز َ في فطرة ِ الإنسا ِ
ن أن ّه
صة ً أن ّه سيكونُ
ن فكرة َ أ ْن يكونَ الإنسانُ وحيدًا صعبة ُ التصو ّر ،خا ّ
و يعتضد ُ ويتقو ّي بم َن حوله ،لذلك؛ فإ ّ
ج فيه إلى م َن حوله.
وحد َه ُ في اليوم الذي يحتا ُ
ل الفردِ مسؤولية َ
ن في تحم ّ ِ
شي ْئًا" :هذا بيا ٌ
س َ
ْس ع َن ن ّ ْف ٍ الآية الثالثة :قال تعالى" :و َات ّق ُوا يَوْم ًا لّا َ
تجْزِي نَف ٌ
تجاه نفسه.
يف ُ
التكل ِ
ل الل ّه ُ" :و َأَ نْذِ ْرل الل ّه ِ ﷺ حِينَ أن ْز َ َ الحديث الأوّل :عن أبي هريرة َ -رضي الل ّه عنه -قال( :قَام َ ر َسو ُ
ن الل ّه ِ شيئًا ،يا نح ْو َه َا -اشْ تَر ُوا أنْفُسَكُمْ؛ لا أ ْغنِي عَنْك ُ ْم م ِ َ
ْش -أ ْو كَل ِم َة ً َ
ل" :يا مَعْشَر َ ق ُر َي ٍ
ك الْأَ ق ْر َبِينَ" ،قا َ
عَشِيرَت َ َ
ن الل ّه ِ شيئًا ،وي َا
ك مِ َ
طل ِِب ،لا أ ْغنِي عَن ْ َ
ن عبدِ الم ُ ّ ن الل ّه ِ شيئًا ،يا ع َب ّ ُ
اس ب َ اف ،لا أ ْغنِي عَنْك ُ ْم م ِ َ
بَنِي عبدِ م َن َ ٍ
ن الل ّه ِ شيئًا ،وي َا فَاطِم َة ُ بن ْتَ مُحَم ّدٍ ،سَلِينِي ما شِئ ِ
ْت م ِن م َال ِي ،لا ل الل ّهِ ،لا أ ْغنِي عَن ْكِ م ِ َ
صَف ِي ّة ُ ع َم ّة َ ر َسو ِ
ن الل ّه ِ شيئًا") ،أخرج َه ُ البخاريّ ومسلم ٌ.
أ ْغنِي عَن ْكِ م ِ َ
تجاه إنقاذ نفسه في عشيرته وأهل بيته من بداية زمن الن ّب ُو ّة
تأسيس الن ّب ِيّ ﷺ لمسؤولية الإنسان ُ
ُ -في الحديث
سقط حقّ الل ّه في التكليف والمسؤولية؛ وشاهد ُ ذلك:ن قرابت َهم من الن ّب ِيّ ﷺ لا ت ُ ُ
أي أ ّ وذلك بنداء ٍ مفصّ ٍ
ل؛ ْ
يستجب لرسالته ﷺ =كان من أهل الن ّار.
ْ لهب حين لم
ن ع ّم الن ّب ِيّ ﷺ أبا ٍ
أ ّ
-قول ﷺ" :اشْ تَر ُوا أنْفُسَك ُ ْم" :فيه معنى البذل والحرص على العمل ك ْي ينقذ َ الإنسانُ نفسه من عذاب الل ّه.
-4-
وصف الن ّبيّ ﷺ أصحاب الأموال بالأخسرين ،كما
َ ل؛ ولذلك
ل عنها :الما ُ
-من المسؤوليات الـكبرى التي ي ُغف َ ُ
َب
ل" :هُم ُ الأخْ سَر ُونَ ور ِّ
ل الـكَعْبَة ِ ،يقو ُ
قال أبو ذر الغفاري -رضي الل ّه عنه( :-انْتَهَي ْتُ إلَيْه ِ وهو في ظِ ّ ِ
َب الـكَعْبَة ِ" .قُلتُ :ما شَأْ نِي؟! أي ُر َى فِيّ شَيْءٌ؟ ما شَأْ نِي؟! فَجل ََسْتُ إلَيْه ِ وهو الـكَعْبَة ِ ،هُم ُ الأخْ سَر ُونَ ور ِّ
ل الل ّهِ؟ قا َ
ل: شانِي ما شاء َ الل ّهُ ،فَق ُلتُ :م َن ه ُ ْم بأَ بِي أن ْتَ وأمِّي يا ر َسو َ
يقولُ ،فَما اسْ تَطَعْتُ أ ْن أسْ كُتَ ،وتَغ َ ّ
ق في وجوه الخير.
أي :إلا م َن أنف َ
ل هَك َذا ،وهَك َذا ،وهَك َذا")؛ ْ
"الأكْ ثَر ُونَ أمْوال ًا ،إلّا م َن قا َ
ن
مح ْب ُوسُونَ ،غير َ أ ّ
صحابُ الج َ ّدِ َ
باب الجنَ ّة ِ ،ف َكانَ عامّة َ م َن دَخ َلَها المَساكِينُ ،وأَ ْ
-وقال الن ّبيّ ﷺ" :قُم ْتُ علَى ِ
باب الن ّارِ ،فإذا عامّة ُ م َن دَخ َلَها الن ِّساء ُ" ،أصحاب الجد :هم
أصحابَ الن ّارِ ق ْد أم ِرَ به ِ ْم إلى الن ّارِ ،وقُم ْتُ علَى ِ
ْ
الأغنياء ُ؛ محبوسون لما عليهم من مسؤوليات مالية يُسألون عنها.
-وعلى ذلك؛ ينبغي أ ْن ينظر َ الإنسانُ إلى ما استرعاه الل ّه ُ فيه من أمو ٍر نظرة َ المسؤول عن القيام بحقها أمام َ
الل ّه -تعالى.-
ل الل ّه ِ ﷺ الد ّج ّا َ
ل ذ َاتَ غَد َاة ٍ، الحديث الثالث :عن النواس بن سمعان -رضي الل ّه عنه -قال( :ذَك َر َ رَسُو ُ
ل" :ما شَأْ نُكُمْ؟" قلُ ْنَا :يا ك ف ِينَا ،ف َقا َ ف ذل َ ل ،فَلَم ّا ر ُحْ نَا ِإلَيْه ِ ع َرَ َ
ض فيه وَر َف ّعَ ،حت ّى ظَنَن ّاه ُ في طَائِفَة ِ الن ّخْ ِ فَخ َ ّف َ
ل
ل" :غَي ْر ُ الد ّج ّا ِ ل ،ف َقا َ
ل غَد َاة ً ،فَخ َ ّفضْ تَ فيه وَر َف ّعْتَ ،حت ّى ظَنَن ّاه ُ في طَائِفَة ِ الن ّخْ ِ ل الل ّهِ ،ذَكَر ْتَ الد ّجّا َ
رَسُو َ
يكشف الحديثُ عن أسلوب الن ّب ِيّ ﷺ البيان ِيّ في إيضاح القضايا وإعطائها حقها من البيان؛ فكان الصحابة ُ
ُ -
-رضي الل ّه عنهم -يستحضرون ويستشعرون الأمور َ الغيبية التي يتلقونها عن رسول الل ّه ﷺ وكأ ّنهم يرونها
ل الل ّه ِ
اب رسو ِ سي ْديّ -وكان م ِن ك ُت ّ ِ حنْظَلة َ الأ َ ن َ بأعينهم؛ ومن ذلك :حديثُ حنظلة -رضي الل ّه عنه"( :-أ ّ
سب ْح َانَ الل ّه ِ! ما تَق ُولُ؟
لُ :
حنْظَلَة ُ ،قا َ
ق َ ل :قُلتُ :ن َاف َ َ
حنْظَلَة ُ؟ قا َ
كيف أَ ن ْتَ يا َ
َ ل:
ﷺ -قال :لَق ِيَنِي أَ بُو بَكْرٍ ،ف َقا َ
ل الل ّه ِ ﷺ يُذَك ِّر ُن َا بالن ّارِ و َالْجنَ ّة ِ حت ّى ك َأن ّا ر َأْ يُ عَيْنٍ ،ف َِإذ َا خَر َجْ نَا م ِن عِندِ رَسُو ِ
ل ل :قُلتُ :نَكُونُ عِنْد َ رَسُو ِ
قا َ
ل هذا، ل أَ بُو بَكْرٍ :ف َوَالل ّه ِ إن ّا لَنَلْقَى مِث ْ َ
َات ،فَنَسِينَا كَث ِير ًا ،قا َ ج و َالأ ْول َاد َ و َالضّ يْع ِ الل ّه ِ ﷺ ،عَافَسْنَا الأ ْزو َا َ
ل الل ّه ِ ل رَسُو ُ ل الل ّهِ ،ف َقا َ
حنْظَلَة ُ ،يا رَسُو َ ق َ ل الل ّه ِ ﷺ ،قُلتُ :ن َاف َ َ فَانْطَلَقْتُ أَ ن َا و َأَ بُو بَكْرٍ حت ّى دَخ َل ْنَا علَى رَسُو ِ
ل الل ّهِ ،نَكُونُ عِنْدَك َ ،تُذَك ِّر ُن َا بالن ّارِ و َالْجنَ ّة ِ حت ّى ك َأن ّا ر َأْ يُ عَيْنٍ ،ف َِإذ َا خَر َجْ نَا
ﷺ" :و َما ذ َاك َ؟" ،قُلتُ :يا رَسُو َ
ل الل ّه ِ ﷺ" :و َال ّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَدِه ِ،
ل رَسُو ُ
َات ،نَسِينَا كَث ِير ًا ،ف َقا َ
ج و َالأ ْول َاد َ و َالضّ يْع ِ
م ِن عِندِك َ ،عَافَسْنَا الأ ْزو َا َ
-5-
شك ُ ْم وفي طُر ُقِكُمْ ،و َلـَكِنْ يا
إ ْن لَو ْ تَد ُوم ُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي وفي الذِّكْر ِ ،لَصَافَحتَْكُم ُ المَلَائِك َة ُ علَى فُر ُ ِ
كشف لآثار مجالس الن ّب ِيّ ﷺ على قلوب الصحابة،
ٌ ات") ،وفي هذا
حنْظَلَة ُ سَاع َة ً وَسَاع َة ً ،ثَلَاثَ م َّر ٍ
َ
ل المرء ُ
ح على مجالس العلم والذكر التي ت ُزيد ُ الإيمانَ وت ُذك ِّر ُ بالجن ّة والن ّار؛ فيص َحرص المُصل ُ ولذلك؛ ينبغي أ ْن ي َ
إلى مقام المسؤولية ومراقبة الل ّه في جميع أحواله.
-كان الن ّبيّ ﷺ خبير ًا في التعامل مع النفوس؛ فلما رأى في وجوه أصحابه الفزعَ بعد َ خبر الدجال =أراد َ ﷺ
يخ ْر ُجْ و َأَ ن َا
ل أَ خْ و َفُنِي علَيْك ُم ،إ ْن َ
يحدِثُ في أنفسهم قدر ًا من الموازنة؛ فقال ﷺ" :غَيْر ُ الد ّج ّا ِ
خفف عنهم و ُ
ي َ أ ْن ُ
سل ِ ٍم".
ل مُ ْ
سه ِ ،و َالل ّه ُ خ َلِيف َتي علَى ك ُ ّ ِ
ج ن َ ْف ِ
يخ ْر ُجْ و َلَسْتُ ف ِيكُمْ ،فَامْرُؤ ٌ حَ ج ِي ُ
ف ِيكُمْ ،فأن َا حَ ج ِيج ُه ُ د ُونَكُمْ ،وإ ْن َ
سه ِ في فتنة ٍ
ج نف ِ
سه ِ" هو موض ُع الشاهد المتعل ّ ِق بباب المسؤولية ،فإ ْن كانَ المرء ُ حجي َ
ج ن َ ْف ِ
-قوله ﷺ" :فَامْرُؤ ٌ حَ ج ِي ُ
عظيمة ٍ كفتنة الدجال التي ح ّذر َ منها الأنبياء ُ أقوامهم -كما قال الن ّبيّ ﷺ" :ما م ِن نَبِ ٍ ّي إلّا وق ْد أنْذَرَه ُ قَوْم َه ُ،
سه ِ فيما دونَ الدجال من الفتن والشهوات. ج نف ِ
ن المرء ُ حجي َ
باب أولى أ ْن يكو َ
ح قَوْم َه ُ"-؛ فمن ِ
لق َ ْد أنْذَرَه ُ نُو ٌ
الحديث الرابع :عن ع ُدي بن حات ٍم -رضي الل ّه عنه -قال :قال رسو ُ
ل الل ّه ﷺ" :ما منكم م ِن أحدٍ إلا
ن منه ،فلا يرى إلا ما ق ّدم ،وينظر ُ أشأَ م َ منه،
سي ُكل ِّم ُه الل ّه ُ يوم َ القيامة ِ ،ليس بينه وبينه ت َرجمانُ ،فينظر ُ أيْم َ
ِق تمرة ٍ ،ولو بكلمة ٍ
فلا يرى إلا ما ق ّدم ،وينظر ُ بين يد َيه ،فلا يرى إلا الن ّار َ تِلقاء َ وجه ِه ،فات ّقوا الن ّار َ ،ولو بش ّ ِ
طيِّبة ٍ" ،أخرج َه ُ البخاريّ ومسلم ٌ.
تجاه نفسه في موقفه الأخير (مشهد القيامة) ،وفيه توجيه ُ الن ّب ِيّ
-يؤكد ُ الحديثُ معنى تحم ّل الإنسان المسؤولية ُ
بشق التمرة؛ وفي الحديث؛ يقول الن ّبيّ ﷺ" :م َن ِّ ﷺ للعمل اتقاء َ الن ّار؛ ف َذ َك َر َ الصدقة َ بما يستطيع ُه ُ المرء ُ ولو
ن الل ّه َ يَتَق َب ّلُه َا بيمَِينِه ِ ،ث ُم ّ ي ُر َب ّ ِيهَا لِصَاحِبِه ِ ،كما
طي ِّبَ ،وإ ّ
ل الل ّه ُ إلّا ال ّ
ْب طَي ّ ٍِب ،ول َا يَقْب َ ُ
كس ٍ
ل تَم ْرَة ٍ م ِن َ
ص ّدقَ بع َ ْد ِ
تَ َ
ل" ،والفلو :هو صغير ُ الخيل.
ل الجب َ َ ِ ي ُر َب ِ ّي أَ حَد ُك ُ ْم فَلُو ّه ُ ،حت ّى تَكُو َ
ن مِث ْ َ
-6-