Professional Documents
Culture Documents
الإلهيات
الإلهيات
الإلهيات
كتاب :المواقف
ٰ
(اإللهيات)
.............................................
اإلعداد :شاهد حسني (باكستان) -حفظه اهلل تعاىل-
الكتابة عىل الكمبيوتر :الطالب اهلنود -حفظهم اهلل تعاىل-
2 اإللهيات
املقدمة األوىل:
احلضارات تشتمل عىل ثالثة أشياء )١( :اإلنسان )٢( ،الفكر )٣( ،اليشء.
( )٣اليشء :قد اختلف السوفستائيون يف وجود اليشء وعدمه إىل ثالثة مذاهب:
( )١العنادية :قالوا :ال وجود ليشء أصال.
( )٢العندية :قالوا :لألشياء وجود عندنا يف األذهان .هاتان الطائفتان ظهروا يف وقت واحد.
( )٣ال أدرية :قالوا :ال ندري هل أشاء موجودة أم ال .هذه الطائفة ظهرت يف وقت متأخر.
القاعدة املهمة للشيخ سعد الدين التفتازاين التي هدمت مذاهب السوفسطائيني :حقائق أشياء ثابت ٌة ،والعلم هبا متحقق،
خالف للسوفستائيني.
واملراد إن ذاتية اليشء ال تتغري والذي يتغري هو العوارض.
املقدمة الثانية:
السؤال :هل العامل حادث أم قديم؟
اجلواب :قد اختلف العلامء يف ذلك إىل مذهبني:
( )١مذهب املتكلمني والكندي من الفالسفة" :إن العامل حادث ،له بداية وهناي ٌة".
* هم يستخدمون اإلمكان وحدوث العامل شطرا ورشطا.
قديم" ،قالوا :إن عالقة اإلجياد بني اهلل وبني العامل هي
( )٢مذهب الفالسفة ،كالفارايب ومعهم ابن تيمية" :إن العامل ٌ
عالقة علمية .وقال ابن تيمية :كل صفة ال تكون كاملة إال إذا كانت تعمل بالفعل ،وإال تكون صفة ناقصة.
قديم.
مثال صفة الرزق أو السمع أو الكالم وغري ذلك ،وألجل أن ينفي هذا النقص عن اهلل تعاىل ،قال :إن العامل ٌ
* الفالسفة يستخدمون اإلمكان فقط.
املقدمة الثالثة:
مصطلحات تستخدم يف التوحيد:
( )١العامل :هو كل ما سوى اهلل تعاىل .وهو من العالملات التي تدل عىل وجود اهلل تعاىل.
( )٢اجلوهر :هو الذي يتميز بنفسه .وإذا حيز شيئا من الفراغ امتنع أن يشغله يشء آخر.
3 اإللهيات
ودليلها :إن املمكن هو ما استوى طرفاه وجودا وعدما ،فيحتاج إىل مرجح يرجح وجوده عىل عدمه.
األسئلة:
السؤال :نبني الصواب واخلطأ يف العبارات اآلتية ،مع التعليل لكل ما تذكر:
( )١قضايا ه
اإلهليات :البحث فيها عند العلامء مقصود لذاته (√).
التعليل :ه
اإلهليات هي املقصد األعىل يف هذا العلم ،والعلامء يبحثون فيها عن وجود اهلل تعاىل ،واألدلة تدل عىل وجوده،
وعن صفات اهلل تعاىل ،وأسامئه ،ومما جيب ويستحيل وجيوز يف حقه.
( )٢اختلفت الفالسفة مع املتكلمني يف وجه االحتياج إىل إثبات الصانع (√).
التعليل :اتفق الفالسفة مع املتكلمني يف احتياج العامل إىل إثبات الصانع ،واختلفوا يف علة احتياج العامل إىل الصانع:
فذهب الفالسفة إىل أن علة االحتياج يف اإلمكان وحده .وذهب املتكلمون إىل أن علة االحتياج هي احلدوث وحده،
أو اإلمكان مع احلدوث رشطا أو شطرا.
( )٣مل يتفق الفالسفة واملتكلمون عىل رضورة االستدالل عىل وجود اهلل تعاىل (×).
التعليل :بل اتفق الفالسفة واملتكلمون عىل رضورة االستدالل عىل وجود اهلل تعاىل ،واستدلوا عىل ذلك من خالل
وجود العامل.
ُ
مسلك املتكلمني يف االستدالل عىل وجود اهلل تعاىل يشتمل عىل وجهني فقط (×). ()٤
التعليل :بل يشتمل عىل أوجه أربع )١( :حدوث اجلواهر )٢( .إمكان اجلواهر )٣( .حدوث األعراض )٤( .إمكان
األعراض.
( )٥القضية القائلة" :العامل اجلوهري حادث" ،قضية رضورية (×).
التعليل :هي قضية نظرية وحتتاج إىل الدليل.
ودليلها :إن اجلواهر تقوم باألعراض ،واألعراض حادثة متغرية ،وكل من يقوم باحلادث فهو حادث.
( )٦اتفق العلامء مجيعا عىل أن القضية القائلة" :إن كل حادث ال بد له من حمدث" ،هي قضية نظرية (×).
التعليل :قد اختلف فيها:
-١قال مجهور املتكلمني :إهنا بدهية ال حتتاج إىل االستدالل ،ولكن يمكن أن ينبه عليها باملثال ،فكلام اخلط اجلميل ال
ٍ
حمدث. بان ،فكذلك كل حادث ال بد له من بد له من كاتب ،والبناءات ال بد هلا من ٍ
-٢وذهب أكثر مشايخ املعتزلة إىل :أن هذه القضية نظرية حتتاج إىل الدليل ،فقالوا[ :أوال] إن أفعال اإلنسان ال بد هلا
من الفاعل ،فكذلك كل حادث ال بد له من حمدث.
و[ثانيا] إن احلادث هو ما كان معدوما ثم وجد فهو قابل للوجود والعدم ،فيحتاج إىل من يرجح وجوده عىل عدمه.
( )٧رفض صاحب املواقف أن ينسب قضية االستدالل بحدوث اجلواهر إيل نبي من االنبياء (خطأ).
6 اإللهيات
التعليل :قد نسب صاحب املواقف قضية االستدالل بحدوث اجلواهر إيل سيدنا إبراهيم -عليه السالم ،-واستدل
بقوله -عليه السالم﴿ :-ال أحب اآلفلني﴾.
( )٨الوجه الذي يقوم عيل امكان اجلواهر يشتمل فيه الدليل عيل املقدمتني الرضوريتني (خطأ).
التعليل :إهنام مقدمتان نظريتان ،حتتاج إيل الدليل.
دليل الصغرى :العامل اجلوهري جسم أو جوهر فرد وكل جسم مركب كثري ،له طول وعرض وعمق ،واجلواهر الفردة
أيضا كثرية؛ وكل من كان مركبا أو كثريا فهو ممكن.
دليل الكربى :املمكن هو ما استواه طرفاه وجودا وعدما فيحتاج إىل مرجح يرجح وجوده عىل عدمه.
السؤال" :ذهب املتكلمون يف استدالهلم عىل وجود اهلل تعاىل إىل أوجه أربع" ،يف ضوءها وضح:
الوجه األول :ما وجه احلصار يف االستدالل عىل وجود الصانع عندهم يف هذه األوجه األربع؟
اجلواب يف آخر صفحة ٤ :من هذه امللخص.
الوجه الثاين :كيف استدل املتكلمون عىل اثبات وجود الصانع بحدوث اجلواهر وإمكاهنا مع رشح األدلة التي استدلوا
هبا رشحا وافيا؟
اجلواب :قد أجيب عليه يف صفحة ٤ :من هذا امللخص.
الوجه الثالث :حدوث األعراض.
صورة الدليل :األعراض يف العامل حادثة ،وكل حادث ال بد له من حمدث ،فاألعراض احلادثة البد هلا من حمدث.
املقدمة الصغرى :األعراض يف العامل حادثة ،مقدمة نظرية.
الدليل عىل كوهنا نظرية:
أوال :بالنظر إىل األنفس بام نشاهده من انقالب النطفة علقة ،والعلقة مضغة ،واملضغة حلام وعظام ودما.
فهذه األحوال الطارئة عىل النطفة وما يصاحبها من أعراض أخرى كاللون واجلسم والشكل وغريها ال تصدر إال من
صانع حكيم.
ثانيا :بالنظر يف اآلفاق ملا نشاهده من أحوال األفالك و العنارص واحليوان ،والبنات واملعادن ؛فإن ما حيدث فيها من
األلوان البديعة واألشكال العصبية تدل عىل صانع حكيم صنعها.
قال اهلل تعاىل﴿ :سنرهيم آياتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حتى يتبني هلم أنه احلق﴾.
أما املقدمة الكربى :فقد سبق الكالم عليها.
الوجه الرابع :إمكان األعراض.
صورة الدليل :العامل العريض ممكن ،وكل ممكن البد له من مرجح فالعامل العريض ال بد له من مرجح.
املقدمة الصغرى :العامل العريض ممكن هي نظرية.
7 اإللهيات
دليلها :إن كل اجلواهر أجسام ،وكل األجسام متفقة مماثلة؛ ألهنا مركبة من اجلواهر الفردة ،واألجسام يف اخلصائص
خمتلفة ،وهذه اخلصائص ممكن أن تبدل يف احلقيقة والذي خص هذه األجسام هبذه اخلصائص دون غريها هو اهلل تعاىل فهي
حتتاج إىل املخصص.
املقدمة الكربى :كل ممكن ال بد له من مرجح قد سبق الكالم عليها.
األسئلة
السؤال :بني الصواب واخلطأ مع التعليل يف العبارات اآلتية:
( )١االستدالل من املتكلمني عىل وجود الصانع بحدوث األعراض يعتمد عىل النظر يف نفس اإلنسانية فقط (خطأ).
التعليل :يعتمد عىل النظر يف نفس اإلنسانية والنظر يف اآلفاق.
( )٢حني استدل املتكلمون عىل وجود الصانع بإمكان األعراض استدلوا عليها يف حد ذاهتا كون االرتباط مرتبطا
باجلواهر( .خطأ).
التعليل :با استدلوا بإمكان األعراض مرتبطا باجلواهر فقالوا :إن اجلواهر أجسام ،واألجسام تتصف بصفات خمتلفة،
والذي خص هذه األجسام هبذه الصفات املعينة دون غريها هو اهلل تعاىل.
( )٣وجه شارح املواقف اعرتاضه إىل صاحب املواقف اجتهه فيه أنه يستدل عىل وجود الصانع باإلمكان فقط (صح).
التعليل :صحيح ذلك؛ ألن صاحب املواقف قد خالف منهج املتكلمني فيها يتعلق بعلة االحتياج ،حيث جعل علة
االحتياج هي اإلمكان وحده ،بينام علة اإلحتياج عند املتكلمني هي احلدوث وحده أو اإلمكان مع احلدوث رشطا أو شطرا.
السؤال :يف الوجه الثالث من األوجه التي استدل هبا علامء الكالم عىل وجود الصانع اعتمد املتكلمون عىل حدوث
األعراض ،يف ضوء هذه العبارة وضح:
أ :ما املقصود باألعراض واحلدوث.
ب :أعرض صورة الدليل التي قاهلا املتكلمون يف استدالهلم يف هذا الوجه ،ثم ارشح مقدمات هذا الدليل
اجلواب :قد سبق اجلواب عىل السؤال(أ) و(ب) فيام سبق.
جواب (أ) يف صفحة رقم ٣و(ب) يف صفحة رقم ٦من هذا امللخص.
السؤال :كيف استدل املتكلمون عىل وجود الصانع معتمدين عىل حدوث األعراض.
اجلواب :قد أجبت عليه عىل صفحة ٦من هذا امللخص.
السؤال :استدل املتكلمون يف الوجه الرابع عىل وجود الصانع إمكان االعراض.
أ :ما املقصود باإلمكان واألعراض؟
ب :ما صورة الدليل يف هذا الوجه مع رشحها رشحا مفصال؟
اجلواب :قد أجبت عىل اجلزء (أ) من السؤال عىل صفحة .٢
8 اإللهيات
دليل البقاء :لو مل يكن اهلل سبحانه وتعاىل باقيا ألمكن له أن يلحقه الفناء ولكن إمكان حلقوق الفناء عليه سبحانه وتعاىل
حمال؛ ألنه لو أمكن أن يلحقه الفناء النتفى عنه القدم ولكن انتفاء القدم عنه حمال؛ ألنه ثبت بالدليل التفصييل.
ثم العدم حيتمل أربعة احتامالت:
( )١عدم ذايت :ولو كان ذاتي ًا ما وجد.
( )٢أثر ملؤثر :عدم الشيئ سلبي واليشء السلبي ال يكون أثر ًا.
( )٣أن يأيت ضد :وهذا باطل؛ ألنه الضد ضعيف والقديم قوي والضعيف ال يؤثر يف القديم.
( )٤رشط من رشوط الوجود يفقد :هذا الرشط حادث واحلادث ال يؤثر يف القديم.
األسئلة:
السؤال األول :بني الصواب واخلطأ يف مع التعليل يف العبارات اآلتية:
( )١مسلك احلكامء يف استدالهلم عىل وجود اهلل مل يكن له أساس فكري يعتمد عليه (خطأ).
التعليل :بل اعتمدوا يف استدالهلم عىل وجود اهلل تعاىل عىل فكرة اإلمكان.
( )٢اتفق املتلكمون واحلكامء عىل أساس فكري واحد (خطأ).
التعليل :بل اختلفوا ،فاحلكامء اعتمدوا عىل اإلمكان فقط ،فقالوا :العامل بعضه قديم وبعضه حادث.
بينام ذهب علامء الكالم إىل االعتامد عىل احلدوث فقط أو اإلمكان مع احلدوث رشط ًا أو شطرا.
( )٣لو انحرصت املوجودات يف املمكن فقط ملا وجد العامل (صحيح).
التعليل :ألن املمكن ال يستقل بإجياد نفسه فض ً
ال عن إجياد غريه ،فإذا مل يكن ثمة وجود وال إجياد فإنه ال يوجد موجود
ال بذاته وال بغريه.
( )٤اتفق املتلكمون عىل رضورة االستدالل عىل صفتي القدم والبقاء هلل تعاىل (خطأ).
التعليل :بل اختلفوا فذهب اإلمام الرازي وصاحب املواقف إىل عدم حاجة االستدالل عىل صفتي القدم والبقاء هلل
تعاىل طاملا قد أثبت وجود واجب الوجود ،بينام ذهب مجهور املتكلمني إىل رضورة االستدالل عىل هاتني الصفتني.
السؤال الثاين :ملاذا الفالسفة اعتمدوا عىل اإلمكان ،وعلامء الكالم اعتمدوا عىل احلدوث مع اإلمكان رشط ًا أو شطرا؟
اجلواب :علامء الكالم يقولون إن العامل كله حادث وكله ممكن ،والفالسفة يقولون بعضه حادث وبعضه قديم.
فالفالسفة ينظرون إىل العامل من ناحيتني:
( )٢األفراد (املأصدقات). ( )١األنواع (الكليات).
فالعامل أنواعه قديمة وأفراده حادثة ،فهم يبدأون بالكليات ثم ينزلون إىل األفراد ،وعلامء الكالم عىل عكسهم.
السؤال الثالث :من خالل دراستك ملسلك احلكامء يف استدالهلم عىل وجود الصانع ناقش:
أ :ما األساس الذي اعتمد عليه احلكامء يف استدالهلم عىل وجود الصانع؟
10 اإللهيات
واالحتامل الثاين :أيضا باطل؛ ألنه يرتتب عليه احتياج اهلل تعاىل إىل خمصص خيصص له املكان من املكان ،وهذا أمر
باطل؛ ألن نسبته تعاىل إىل األماكن واحدة.
الدليل الرابع :لو كان اهلل تعاىل يف اجلهة ،فإما أن يكون جوهرا أو عرضا.
ال جيوز أن يكون عرضا؛ ألن العرض تابع لغريه .كذالك ال جيوز أن يكون جوهرا ،واجلوهر إما أن يكون مركبا أو
جوهرا فردا .وال جيوز أن يكون مركبا ألنه؛ حيتاج إىل املركب .وكذا ال جيوز أن يكون جوهرا فردا؛ ألنه جزء خرج عن املادة.
الدليل اخلامس( :وهو ضعيف).
بام يقال :لو كان اهلل يف اجلهة لكان متحيزا ،ولو كان متحيزا لكان مشاهبا جلميع املتحيزات يف املاهية ،وهو أمر باطل؛
ألنه يلزم منه ِقدم املتحيزات أو حدوث الصانع كال األمرين باطالن.
هذا الدليل ضعيف؛ ألنه اليلزم من كون األشياء متحيزات تشاهبها يف املاهية.
الدليل السادس( :وهو ضعيف).
ربام يقال :إن اهلل تعاىل لو كان يف اجلهة ،لكان متحيزا وتوافق مع كل املتحيزات يف املاهية .فيصري اهلل تعاىل وكل
املتحيزات يشء واحد فيلزم منه تركيب اهلل تعاىل من عنرص متفق مع املتحيزات وعنرص خمتلف عنها ،كي يتميز عنها،
والرتكيب باطل فاجلهة باطل.
الرد :إن الظن أن االشرتاك بني املتحيزات يلزم منه الرتكيب ،وهذا ليس رضوريا.
أدلة املشبة عىل إثبات املكان واجلهة هلل تعاىل.
قد خالف يف تنزيه اهلل تعاىل عن اجلهة واملكان طوائف املشبة فأثبتوا هلل تعاىل اجلهة املكان ،وهم الكرامية :حممد بن كرام
وأتباعه السلفية ،قالوا :إن اهلل تعاىل يف جهة الفوق ألن أرشف اجلهات وهذه اجلهة مطلقة.
يلزم من قوهلم هذا كون اهلل ،تعاىل يف املكان و جمسام ومتحركا بني األماكن املختلفة وجيوز اإلشاره إليه.
قالوا :إن اجلهة هي العلو ،و أما املكان فهو فوق العرش .وهبذا القول تشبهوا باليهود حيث قالوا :إن العرش يئط من
حتته -سبحانه وتعاىل -أطيط الرحل اجلديد حتت الركب الثقيل.
وقال بعض املشبة :إن اهلل ليس فوق العرش ،بل هو ٍ
حماذ له واملسافة بينهام حمدودة .وقال :بعضهم هو يف اجلهة الفوقية
حماذ للعرش واملسافة بينهام ال هناية هلا وقال :بعضهم إن اهلل يف اجلهة وليس ككون األشياء يف اجلهه ،فال يلزم منه التح ُيز.
وكالمهم هذا يناقض الرشع واللغة؛ ألن يف اللغة اجلهة هي أمر إضايف.
وقال :بعض املشبة ،إن اهلل يف اجلهة وإن املخلصني من املؤمنني يعانقونه سبحانه وتعاىل يف الدينا واآلخرة.
ولقد استدلوا هؤالء باألدلة العقلية والرشعية .أما األدلة العقلية هي أربع أدلة:
الدليل األول :إن من القضايا البدهيية كل موجود ال بد أن يكون يف اجلهة.
12 اإللهيات
الرد عليهم )١( :ال توجد الرضورة هلذا )٢( ،هذا القول من عمل الوهم )٣( ،إنه يسمى القياس للغائب عىل الشاهد
وهو باطل.
الدليل الثاين :إن اهلل تعاىل موجود ،والعامل موجود وكل موجودين إما أن يتصال أو ينفصال ،فإذا كان اهلل منفصال عن
العامل فال بد أن يكون يف جهة من اجلهات األربعة ،فاألفضل أن يكون يف جهة العلو.
الرد عليهم :إن اهلل تعاىل ليس متصال بالعامل وال منفصال عنه؛ ألنه ليس من شأنه أن يتصف باالتصال واالنفصال.
الدليل الثالث :لو كان اهلل تعاىل موجودا ،فإما أن يكون داخل العامل أو خارجه ،أو ال داخل العامل وال خارجه ،وهو
الباطل ،فال بد أن يكون داخل العامل أو خارجه.
الرد عليهم :هو ليس داخل العامل وال خارجه؛ ألنه ليس من شأنه ذلك.
الدليل الرابع :إن اهلل تعاىل موجود ،وكل موجود إما أن يكون قائام بنفسه أو بغريه ،وليس جائزا أن نقول :إنه قائم
بغريه ،فهو قائم بنفسه فهو اجلوهر.
الرد عليهم :إن اهلل تعاىل قائم بنفسه وهو دليل عىل االستغناء وليس عىل التح نيز.
األدلة الرشعية:
الدليل اخلامس :قد استدلوا بظواهر اآليات واألحاديث املومهة للتشبيه والتجسيم عىل ثبوت املكان واجلهة يف حقه
تعاىل ،فمن هذه اآليات قوله تعاىل﴿ :الرمحن عىل العرش استوى﴾ ،وقوله﴿ :وجاء ربك واملالئكة صفا صفا﴾ ،و﴿ :ثم دنا
فتدىل﴾ ،كام استدلوا بحديث اجلارية وأحاديث أخرى توهم مقصودهم.
الرد عليهم :
أوال :إن هذه األدلة تفيد الظن ،فال تعارض األدلة القطعية اليقينية الدالة عىل تنزيه اهلل تعاىل عن املكان واجلهة.
ثانيا :منهج أهل السنة واجلامعة يف التعامل مع فهم هذه الظواهر.
فالتأويل اإلمجايل :وهو التفويض ،أي :تفويض معانيها احلقيقية املرادة منها إىل علم اهلل تعاىل ،وهذا ما عليه السلف
الصالح.
وأما التأويل التفصييل :وهو التأويل أي ،محل هذه الكلامت املشتبهة عىل معنى قريب مقبول رشعا ولغة ،وهذا ما عليه
اخللف.
األسئلة
السؤال األول :بني الصواب واخلطأ مع التعليل:
س :١الصفات السلبية هلل تعاىل هي صفات اجلامل وصفات املعاين هي صفات اجلالل (خطأ).
التعليل :الصفات السلبية هي صفات اجلالل ،وصفات املعاين هي صفات الكامل.
س :٢التنزهيات ال عالقة هلا بالصفات السلبية (خطأ).
13 اإللهيات
السؤال اخلامس :ما األساس الذي أقام عليه القائلون" :إن اهلل يف اجلهة" ،وما األدلة التي تفرع عن هذا األساس ،مع
مناقشتها مناقشة علمية دقيقة؟
اجلواب :قد أجيب عىل هذا السؤال يف صفحة ١٢ ،١١ :من هذا امللخص.
املقصد الثاين :إن اهلل تعاىل ليس بجسم
اجلسم :هو ما يشتمل عىل الطول والعرض والعمق واحلركة.
ذهب أهل احلق وهم أهل السنة واجلامعة ومن نحى نحوهم من املعتزلة والفالسفة إىل نفي اجلسمية عن اهلل تعاىل.
واستدلوا عىل ذلك بأدلة أربعة:
الدليل األول :لو كان اهلل سبحانه وتعاىل جسام لكان متحيزا وكونه متحيزا باطل؛ ألنه حيتاج إىل من حييزه وهو باطل،
وأيضا هو يؤدي إىل قدم التحيز أو حدوث الصانع ففيه قلب للحقائق.
الدليل الثاين :لو كان اهلل تعاىل جسام لكان مركبا وحادثا وكونه مركبا وحادثا باطل؛ ألنه حيتاج إىل من يركبه وإىل
األعضاء يرتكب منها وهو باطل ،فام أدى إليه هو باطل.
الدليل الثالث :لو كان اهلل تعاىل جسام فإما أن يتصف بجميع صفات األجسام أو ببعضها وكال االحتاملني باطالن ،فلو
اتصف بكل صفات األجسام يلزم منه التناقض ،وإن كان متصفا ببعضها فهو أيض ًا باطل؛ ألن الرتجيح إما أن يكون من غري
مرجح وهو باطل أو مع مرجح وهو أيضا باطل؛ ألنه يؤدي إىل احتياج اهلل تعاىل إىل غريه وهو باطل.
الدليل الرابع :لو كان اهلل تعاىل جسام لكان متناهيا وهذا أمر باطل ،وكل ما أدى إىل الباطل فهو باطل ،واملراد بالتناهي
أن يبدأ اجلسم من نقطة وينتهي إىل نقطة أخرى ،ألن صفات املتناهي ممكنة ،هي الطول والقرص وغري ذلك ،وكل هذا حيتاج
إىل مرجح وخمصص.
الذين قالوا إن اهلل تعاىل جسم طائفتان من املشبهة:
الطائفة األوىل :قالوا إن اهلل تعاىل جسم وليس كاألجسام ،بل بمعنى؛ موجود أو قائم بنفسه.
الرد عليهم:
( )١اللغة :فاللغة ترفض هذا املعنى.
( )٢الرشع :إطالق األسامء عىل اهلل تعاىل توقيفي فال جيوز إطالق اسم عىل اهلل تعاىل مل يرد يف الرشع.
( )٣العقل :عقال ال جيوز إطالق اجلسمية عىل اهلل تعاىل.
الطائفة الثانية :قالوا إن اهلل تعاىل جسم بمعنى مقوم من اللحم والدم أو هو نور يتألأل ،وقال بعضهم هو بصورة الشاب
األمرد ،وبعضهم قالوا هو بصورة شيخ كبري.
أدلتهم :هي نفس األدلة التي ذكرت يف اجلهة يف صفحة.١٢ ،١١ :
15 اإللهيات
األسئلة:
السؤال األول :بني الصواب واخلطأ يف العبارات اآلتية مع التعليل لكل ما تذكره:
( )١اجلسم ليس له تعريف حمدد عند العلامء (اخلطأ).
التعليل :بل له تعريف حمدد عند العلامء ،وهو :ما يشتمل عىل الطول والعرض والعمق واحلركة.
( )٢اتفق مجهور علامء الكالم والفالسفة وغريهم من املسلمني عىل أن اهلل تعاىل منزه عن اجلسمية (صحيح).
التعليل :فقد نفى هؤالء اجلسمية عن اهلل تعاىل واستدلوا عىل ذلك باألدلة املعتربة.
( )٣الذين قالوا إن اهلل ليس جسام ليس هلم أدلة (خطأ).
التعليل :بل قد استدلوا عىل ذلك باألدلة األربعة.
( )٤الذين قالوا إن اهلل جسم بمعنى أنه موجود هلم مستند من اللغة والرشع (خطأ).
التعليل :بل اللغة والرشع ختالفهم يف ذلك.
( )٥أدلة القائلني :إن اهلل جسم هي نفس األدلة للذين قالوا :إن اهلل تعاىل يف اجلهة (صحيح).
التعليل :فقد استدلوا بنفس األدلة اخلمسة التي استدلوا هبا يف إثبات اجلهة.
السؤال الثاين :اختلف العلامء يف جواز اتصاف اهلل تعاىل باجلسمية وعدمها ،يف ضوئها وضح:
(أ) تعريف اجلسم.
(ب) من أبرز الذين قالوا إن اهلل ليس جسام؟
(ج) من أبرز الذين قالوا هو جسم؟
اجلواب :فقد أجيب عىل "أ" "ب" يف بداية صفحة.١٤ :
وأجيب عىل "ج" يف بداية صفحة .١٤ :ومن أبرزهم الكرامية والسلفية.
السؤال الثالث :اعرض أدلة الذين قالوا إن اهلل تعاىل ليس جسام مع رشحها رشح ًا وافيا.
اجلواب :قد أجيب عىل هذا السؤال يف صفحة.١٤ :
السؤال الرابع :ما أدلة القائلني إن اهلل جسم كاألجسام وما موقفك من هذه األدلة؟
اجلواب :هي نفس األدلة التي ذكرت يف إثبات اجلهة يف صفحة.١٤ :
وتم الرد عليها هناك فلرياجع هناك.
املقصد الثالث :إن اهلل تعاىل ليس جوهرا وال عرض ًا
السؤال :هل جيوز إطالق اجلواهر والعرض عىل اهلل تعاىل؟
اجلواب :لقد اختلف العلامء يف تعريف اجلوهر الفردي ،فعند املتكلمني القدماء اجلوهر الفرد هو هذا املوجود يشغل
حيز ًا من الفراغ ويقوم بنفسه.
16 اإللهيات
عند املعتزلة :قالوا نوافق عىل هذا التعريف ولكن ال نقبل رشط املوجود بل نقول املوجود املمكن الذي يشغل حيز ًا
من الفراغ ويقوم بنفسه.
عند الفالسفة :اجلوهر هو املاهية إذا وجدت يف األعيان كانت ال يف موضوع ،أي حقيقة إذا وجدت يف الواقع ال حتتاج
أن تكون يف اجلوهر.
قال املتكلمون :يمنع تعريف اجلوهر ومفهومه أن يكون اهلل جوهرا.
أدلة املتكلمني:
( )١لو قلنا إن اهلل جوهر ،واجلوهر ما كان متحيزا واملتحيز حيتاج إىل من حييزه يلزم منه أن اهلل جوهر وحيتاج إىل من
حييزه وهو باطل ،فام أدى إليه باطل وهو كون اهلل جوهرا.
( )٢لو قلنا إن اهلل جوهر ،لزم من هذا القول إما حدوث الصانع مع اجلوهر أو قدم اجلوهر مع اهلل وهذا باطل فام أدى
إليه هو باطل.
( )٣كون اهلل تعاىل جوهرا باطل؛ ألن اجلواهر ملتزمة باألعراض ،واألعراض حادثة وكل ما يلتزم باحلادث فهو حادث
واهلل منزه عن احلدوث.
ال جيوز إطالق اجلوهر الفرد عىل اهلل تعاىل ،ألن اجلوهر الفرد أحقر األشياء واهلل منزه عن ذلك .والفالسفة كذلك
منعوا أن يكون اهلل جوهرا.
أدلة الفالسفة:
إن اهلل تعاىل واجب الوجود و وجود اهلل تعاىل هو نفس ماهيته أي حقيقته ،فلو قلنا :إن اهلل جوهر ،يلزم منه ماهية اهلل
غري حقيقته ،وهو باطل ،فام أدى إليه هو باطل ،وهو كون اهلل تعاىل جوهر ،كذلك اجلوهر عندهم مركب من املاهية والوجود،
واهلل ليس مركبا.
تعريف العرض :هو اليشء الذي يزول وال يدوم ،أو هو ما يستمد وجوده من غريه ،أو حيتاج إىل الغري .
عند الفالسفة :العرض هو "املاهية إذا وجدت كان يف موضوع".
فمن تعريف املتكلمني و احلكامء يثبت إن اهلل سبحانه و تعاىل ليس عرضا.
األدلة :من مفهوم العرض ال جيوز إطالقه عىل اهلل تعاىل.
األسئلة:
السؤال األول :بني الصواب واخلطأ يف العبارات اآلتية مع التعليل لكل ما تذكر؟
( )١اتفق احلكامء و علامء الكالم عىل تعريف واحد للجوهر (×).
التعليل :بل اختلفوا ،فعند املتكلمني اجلوهر هو الذي يقوم بنفسه و يشغل حيزا من الفراغ.
وعند احلكامء :هو ماهية إذا وجدت يف األعيان كانت ال يف موضوع.
17 اإللهيات