Capture D'écran . 2022-11-25 À 21.54.05

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 25

‫‪1‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬

‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫جامعة عبد المالك السعدي‬


‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية –مرتيل‪-‬‬
‫مسلك‪ :‬علم االجتماع‬
‫‪0200/0202‬‬

‫مادة‪:‬‬
‫سوسيولوجيا األديان‬

‫إشراف‪ :‬األستاذة كريمة الوزاني‬

‫صياغة وتجميع المحاضرات الطلبة‪:‬‬


‫شهيب الدكالي لطيفة‪6666868888 :‬‬
‫هاجر الحراق الحجري‪80088082:‬‬
‫نصيرة بلقاضي ‪80088866:‬‬
‫محمد صديق‪80088828:‬‬
‫أمينة البسطي‪70008888:‬‬
‫‪2‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫الحصة األولى‪:‬‬
‫تقديم المحاور األساسية للمادة والمراجع الخاصة بها‬

‫محاور مادة سوسيولوجيا األديان‪:‬‬


‫تقديم عام‬
‫المحور األول‪ :‬مقاربات مفاهيمية‪:‬‬
‫‪ )7‬مفهوم الدين‪:‬‬
‫الدين لغة واصطالحا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدين الطبيعي‪la religion naturelle .‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدين في السوسيولوجيا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫خالصة لتعريف الدين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ )8‬مفهوم التدين‪.‬‬
‫‪ )8‬مفهوم القيم‪.‬‬
‫‪ )8‬مفهوم اإللحاد‪:‬‬
‫‪ -‬الالديني ‪ -‬ربوي ‪ -‬الالدرية‪.‬‬
‫‪ )2‬العلمانية الالئكية‬
‫‪ )8‬العولمة‬
‫‪ )8‬الحداثة أو التحديث‬
‫المحور الثاني‪ :‬موضوع علم اجتماع األديان‬
‫‪ )7‬الظاهرة الدينية ظاهرة اجتماعية‬
‫‪ )8‬خصائص الظاهرة الدينية‬
‫‪)8‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االتجاهات السوسيولوجية لمعالجة الظاهرة الدينية‬
‫االتجاه الوظيفي لدراسة الظاهرة الدينية’’إميل دوركهايم ’’ ‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫االتجاه التفاعلي "ماكس فيبر"‬ ‫‪)0‬‬
‫إتجاه المادية الجدلية لكارل ماركس‬ ‫‪)3‬‬
‫اتجاه علم النفس االجتماعي لجورج سيمل‬ ‫‪)4‬‬
‫بيتر برغر العلمنة وصراعها مع الطوائف الدينية‬ ‫‪)5‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬المناهج المعتمدة لمعالجة سوسيولوجيا الدين‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫المنهج التاريخي‬ ‫‪)7‬‬


‫المنهج المقارن‬ ‫‪)8‬‬
‫المنهج االمبريقي‪ /‬التجريبي‬ ‫‪)8‬‬
‫منهج المسح االجتماعي‬ ‫‪)8‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬الدين وعالقته بالتغير االجتماعي‬


‫‪4‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫الئحة المراجع‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬
‫‪ )7‬سوسيولوجيا األديان‪ ،‬تأليف جميل حمداوي‪ ،‬مطبعة افريقيا الشرق الدار البيضاء‬
‫المغرب الطبعة األولى ‪8078‬‬
‫‪ )8‬سوسيولوجيا الدين‪ ،‬دانيال هيرفيه ليجيه وجان بول ويالم ترجمة درويش الحلوجي‬
‫المجلس األعلى للثقافة القاهرة ‪2005‬‬
‫‪ )8‬قوة الدين في المجال العام‪ ،‬ترجمة فالح رحيم‪ ،‬يورغن هابرماس‪ ،‬جوديت بتلر‪،‬‬
‫كورنيل ويست‪ ،‬تشارلس تيلر‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنشر بيروت الطبعة األولى‬
‫‪8078‬‬
‫‪ )8‬علم االجتماع ‪ ،‬انتوني غدنر‪ ،‬ترجمة وتقديم الدكتور فايز الصباغ المنظمة العربية‬
‫للترجمة توزي ع مركز الدراسات الوحدة العربية الطبعة األولى بيروت اكتوبر‪2005.‬‬
‫‪ )2‬التدين والعلوم االجتماعية‪ :‬بين االستمرارية والتغيير تنسيق محمد اعبابو ومحمد‬
‫سالم شكري‪ ،‬مختبر سوسيولوجيا التنمية االجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد الله‪-‬فاس‪.‬‬
‫‪ )8‬االشكال األولية للحياة الدينية‪ ،‬المنظومة الطوطمية في استراليا‪ ،‬اميل دوركهايم‬
‫ترجمة رندة بعث‪ ،‬المركز العربي ودراسة السياسات‪ ،‬الطبعة األولى ‪2019.‬‬
‫‪ )8‬االخالق البروتستانتية وروح الرأسمالية‪ ،‬تأليف ماكس فيبر ترجمة محمد علي مقلد‬
‫مركز االنماء القومي لبنان‪.‬‬
‫‪ )6‬سوسيولوجيا الدين والسياسة عند ماكس فيبر‪ ،‬الدكتورة إكرام عدنني‪ ،‬منتدى‬
‫المعارف الطبعة األولى بيروت ‪.8078‬‬
‫‪ )9‬فصول في سوسيولوجيا الدين‪ ،‬كاريزما النبوة عند ماكس فيبر‪ ،‬السيد المسيح‬
‫واتباعه إنموذجا د‪ .‬جعفر نجم نصر‪ .‬لبنان بيروت‪ /‬الحمرا ‪laurel‬‬
‫‪gres.london .ontario canada‬الطبعة األولى لبنان‪/‬كندا ‪8078‬‬
‫مستقبل الدين مطارحات اميل دوركهايم وماكس فيبر‪ ،‬غريغوري بوم‪،‬‬ ‫‪)70‬‬
‫االستغراب ربيع ‪ 8078‬من الصفحة ‪ 788‬الى الصفحة ‪.786‬‬
‫المقدس والسلطة الفكرانية الدينية والحداثة‪ ،‬المتخيل الديني‪-‬الدولة‪-‬‬ ‫‪)77‬‬
‫فلسفة الدين‪ ،‬د‪ .‬عبد االله الكلخة‪ ،‬افريقيا الشرق ‪2019‬‬
‫من الحداثة الى العولمة‪ ،‬رؤى ووجهات نظر في قضية التطور والتغيير‬ ‫‪)78‬‬
‫االجتماعي ج‪ .‬تيمونزروبيرتس أيمي هايت ترجمة سمر الشيشكلي مراجعة‪:‬أ‪.‬محمود‬
‫ماجد عمر‪ .‬عالم المعرفة ‪ 309‬نوفمبر ‪2004‬‬
‫‪5‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫نحو نظرية جديدة في عام االجتماع الديني ( الطوطمية– اليهودية –‬ ‫‪)78‬‬


‫النصرانية – اإلسالم) د يوسف شلحت دار الفارابي‪ -‬لبنان‪ -‬الطبعة األولى ‪2003‬‬
‫التنوير االتي من الشرق‪ ،‬اللقاء بين الفكر االسيوي والفكر الغربي‪ ،‬تأليف‬ ‫‪)78‬‬
‫جي‪.‬جي‪ .‬كالرك ترجمة شوقي جالل‪ ،‬عالم المعرفة عدد ‪ 346‬ديسمبر ‪2007‬‬
‫االنتروبولوجيا‪ ،‬مارك اوجيه وجان بول كوالين ترجمة د جورج كتورة دار‬ ‫‪)72‬‬
‫الكتاب الجديد المتحدة ‪2008‬‬
‫أصول علم االجتماع‪ ،‬اوسيبوف ترجمة سليم توما دار التقدم‪ 7990 ،‬االتحاد‬ ‫‪)78‬‬
‫السوفياتي‬
‫تحرير الوعي اإلسالمي نحو الخروج من السياجات الدوغمائية المغلقة‪،‬‬ ‫‪)78‬‬
‫محمد اركون ترجمة هاشم صالح‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت الطبعة‬
‫األولى ‪2011‬‬
‫الخطاب الديني رؤية نقدية نحو انتاج وعي علمي بداللة النصوص الدينية د‬ ‫‪)76‬‬
‫نصر حامد أبو زيد‪ ،‬دار المنتخب العربي للدراسات والنشر والتوزي ع الطبعة األولى‬
‫‪1992‬م‬
‫المواقع‪:‬‬
‫عند‬ ‫الدين ي‬ ‫المدونة الرسمية لملتقى طلبة علم االجتماع القنيطرة‬
‫االجتم اع‬ ‫عل م‬

‫فيبر ‪http://arabsocio.blogspot.com/2017/10/blog-post_19.html‬‬
‫‪6‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫تقديم عام ‪ +‬مقاربات مفاهيمية‪:‬‬


‫تقديم عام‪:‬‬
‫"فالفرد الذي يولد في واحد من مجتمعات الصيد وجمع المحاصيل في استراليا يعتنق مبادئ‬

‫دينية مختلفة كل االختالف عما يعتنقه شخص آخر ترعرع في احدى شرائح الكاست في الهند‬
‫‪1‬‬
‫او في ظل الكنيسة الكاتوليكية في أوروبا في القرون الوسطى"‬

‫تكتسي مادة سوسيولوجيا األديان أهمية قصوى سواء لدى الساهرين على تدريسها‬
‫او الطلبة والطالبات المقبلين عليها؛ نظرا الرتباط هذه المادة بالقيم الدينية للفرد‪ ،‬ولتحاشي‬
‫الوقوع في منزلقات التحيز الثقافي‪ 2‬يلزم الكثير من الجهد بهدف التمرن على التحلي بحس‬
‫الموضوعية والتخلي عن الذاتية‪ ،‬والنظر الى المادة في جانبها العلمي بصدر رحب يجعل‬
‫االنفتاح على أفكار مختلفة حد التضارب مع قيمه ومبادئه الدينية أمرا يسيرا‪ ،‬ليتمكن من‬
‫إستيعاب أن الغاية من دراسة الظواهر الدينية ال تهدف الى الحكم بصحة أو خطأ الظاهرة‬
‫وإنما تحقيق معرفة ممنهجة تستحضر العقل‪ ،‬وليتمكن الباحث من التمييز بين ما المقصود‬
‫بالدين والتدين‪ ،‬ولذلك فقد خصصنا جزءا من هذه المادة للمقاربات المفاهيمية‪.‬‬
‫وقد نتوقف عند سؤالين كبيرين في نهاية هذه المادة وهما‪:‬‬

‫✔ هل هناك سوسيولوجيا الدين؟‬


‫✔ أم هناك سوسيولوجيا لألديان؟‬
‫كما أنه ال يمكننا التقدم في محاور المادة إال باإلجابة ولو جزئيا عن أسئلة تتفرع وتتوالد كلما‬
‫غاص بنا العقل في سراديب البحث ومنها‪:‬‬
‫✔ ما اإلضافة التي يمكن أن تساعدنا على فهم الدين كظاهرة اجتماعية مثله مثل باقي‬
‫الظواهر االجتماعية االخرى؟‬
‫✔ وهل يمكننا تطبيق منهجية دراسة الظواهر االجتماعية وفق محددات دوركهايم‬
‫للظاهرة االجتماعية؟ أو بمعنى آخر هل يمكن للظاهرة الدينية‪/‬االجتماعية أن تخضع‬
‫لهذه المحددات؟‬
‫ولمحاولة اإلجابة على هذه األسئلة سندرج االتجاهات التي تناولت سوسيولوجيا األديان‬
‫معتمدين في ذالك على البراديغم الكلياني‪/‬الوظيفي عند دوركهايم من جانب‪ ،‬وعلى‬
‫البراديغم الفرداني التفاعلي عند ماكس فيبر من جهة أخرى دون أن نغفل المادية الجدلية‬

‫‪1‬علم االجتماع‪ ،‬انتوني غدنر‪ ،‬ترجمة وتقديم الدكتور فايز الصباغ المنظمة العربية للترجمة توزي ع مركز الدراسات الوحدة العربية الطبعة األولى‬
‫بيروت اكتوبر ‪2005‬ص ‪579‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع الصفحة ‪289‬‬
‫‪7‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫لكارل ماركس‪ ،‬وبما أن سوسيولوجيا االديان ترتبط بشكل وثيق بالجانب النفسي فسنعرج‬
‫على جورج سيمل وكيفية توظيفه لتقسيمات الشخصية (االنا‪ -‬الهو‪ -‬االنى األعلى) لدى‬
‫فرويد وعالقتها بالمؤسسات االجتماعية‪/‬الدينية‪ .‬وليكتمل تصورنا للظواهر الدينية كظواهر‬
‫اجتماعية‪ ،‬البد من تحديد خصائص الظاهرة الدينية ورصد المناهج التي يمكن إعتمادها‬
‫والتي ال تخرج عن حقل مناهج علم االجتماع وهي‪ :‬المنهج التاريخي‪ ،‬المنهج المقارن‪،‬‬
‫المنهج الوصفي‪ ،‬المنهج االمبريقي‪/‬التجريبي ‪ ...‬هذا التأطير النظري‪/‬المعرفي لمادة‬
‫سوسيولوجيا األديان‪ ،‬سيبقى عديم الفائدة إذا لم يتم استثماره في بحوث ميدانية يقوم بها‬
‫الطلبة ويقدمونها في شكل عروض تصقل بالحوار والمناقشة والمالحظات البناءة‪.‬‬
‫وما دام اشتغالنا في الجامعة كفضاء للبحث ببلد المغرب الذي يتبنى الدين اإلسالمي‬
‫كدين رسمي للدولة‪ ،‬ويسمح بممارسة بقية الشعائر الدينية األخرى فمن الطبيعي جدا أن‬
‫تتبادر إلى أذهاننا مجموعة من األسئلة خالل إنجازنا لمحاور مادة سوسيولوجيا األديان‪ ،‬من‬
‫قبيل الظواهر التي يتم إلصاقها بالدين اإلسالمي كاإلرهاب والتطرف‪ ،‬وهو ما يستلزم االنتباه‬
‫إليها وضرورة دراستها من الداخل بشكل متأني ومستمر ومتجدد بشكل يساير المتغيرات‬
‫التي تشهدها الطقوس والممارسات الدينية‪ ،‬وبذلك فالتدين ليس بالجامد‪/‬الجاهز فهو‬
‫بمثابة متغير وممارسات تقتضي التجديد‪ ،‬ولتوسيع مجال رؤية سوسيولوجيا األديان‬
‫فيمكننا مالحظة التحول الذي شهدته أوروبا وخاصة في فرنسا خالل مناهضة مفكري عصر‬
‫االنوار لالستغالل الذي كان يمارسه رجال الدين للتحكم في األمور السياسية(الحكم)‪.‬‬

‫من جانب آخر نالحظ أن هناك مجموعة من األشخاص يقومون بنشر صور مصحوبة‬
‫بتعاليق تقارن بين صور السبعينات للفتيات في المغرب وهن كاشفات لشعرهن في الشارع‬
‫العام أو في مدرجات الجامعة بصور ما بعد ‪ 8000‬التي تظهر من خاللها موجة الحجاب‪/‬‬
‫النقاب التي أصبحت شائعة‪ ،‬فيطرح السؤال التالي‪:‬‬
‫‪ o‬هل تراجع الدين في فترات سابقة وهو عائد االن؟ ام هناك تجدد لسلوك التدين؟‬
‫‪ o‬وهل ظاهر التدين يعبر عن جوهر الدين؟‬
‫هذه المالحظات األولية تجعلنا نضع بعض االفتراضات التي تنسجم وواقع الحال‪ ،‬مثال آثار‬
‫العولمة أو الكوكبة على الخصوصيات الثقافية وتأثيرها على العالقات االجتماعية‪،‬‬

‫التغير االجتماعي‬ ‫الدين‬


‫وقد نظر علماء االجتماع لهذه العالقة بشكل مختلف حسب عناصر التغير االجتماعي والتي‬
‫يعتبرونها أساسية وهي‪ :‬العامل الديمغرافي (عدد السكان المتزايد) او الكيفية التي تركز بها‬
‫‪8‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫السكان وأسباب ذلك (الكثافة السكانية) وكذلك نوع األنشطة االقتصادية السائدة‪ ،‬وعالقة‬
‫البنى االقتصادية والسياسية والثقافية فيما بينها‪ ،‬فكارل ماركس يعتبر ان البنية االقتصادية‬
‫تتحكم فيما هو سياسي‪ ،‬وهذه الفكرة نلمس صحتها في عالقة الدول التي تعاني من‬
‫المديونية للمؤسسات المالية العالمية(البنك الدولي)؛ فهي تبقى خاضعة لتوجهات‬
‫وتصورات هذه المؤسسات خالل رسمها وإعدادها لسياساتها العمومية وإن لم تهدف هذه‬
‫السياسات الى تحقيق النماء‪.‬‬
‫بالموازاة مع ذلك هناك تأثير للعولمة على الجانب الثقافي‪ ،‬فالكم الهائل من القنوات‬
‫المتاحة ووسائل التواصل جعل إمكانية االنفتاح واختيار القنوات والبرامج واألفالم‬
‫والموسيقى‪...‬ممكنة‪ ،‬وكلها حاملة لثقافات مختلفة يتشبع بها الفرد‪ ،‬مقابل تراجع أدوار‬
‫المؤسسات الدينية (المسيد‪ ،‬الزاوية‪ ،‬المسجد‪ ،‬الكنيسة‪ ،‬الدير‪ )...‬باإلضافة الى التحوالت‬
‫التي شهدتها مؤسسة األسرة التي إنتقلت من أسرة ممتدة يساهم افرادها في تربية األطفال‬
‫الى اسرة نووية منهمكة في توفير االحتياجات الضرورية (التغذية‪ ،‬االكل‪ ،‬المسكن‪ )...‬فيبقى‬
‫الفرد حامال لتدين شكلي يجعل ظاهر الدين أكثر من روحه وجوهره‪ ،‬فتظهر معه مجموعة‬
‫من األفكار والسلوكيات التي يصعب فهمها سواء من طرف الباحث أو من حاملي تلك األفكار‬
‫أنفسهم وبالتالي تنتج ظواهر من المستبعد التحكم فيها‪.‬‬

‫‪ o‬وإن كان للدين تأثير في تغيير هذه المجتمعات فكيف يحدث هذا‬
‫التغيير‪/‬التحول؟‬
‫‪ o‬هل يكون الدين مبنيا ومرتبطا بمنظومة القيم والتصورات الدينية أم أنه‬
‫نتاج لتحول في البنيات والعالقات االجتماعية؟‬
‫كل هذه التساؤالت يمكن أن تكون لكم مصدر إلهام القتراح مواضيع للبحث في نهاية عرضنا‬
‫للجانب المعرفي‪/‬النظري لمادة سوسيولوجيا األديان‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫المحور األول‪ :‬مقاربات مفاهيمية‪:‬‬ ‫‪-I‬‬


‫‪ )1‬الدين لغة‪ /‬اصطالحا‪ :‬هو العادة والحال والسيرة الحكم والرأي ومنه نقول" مالك يوم‬
‫الدين" أي "مالك يوم النهاية" ويطلق الدين عند الفالسفة القدماء على وضع إالهي‬
‫يسوق ذوي العقول إلى الخير والفرق بين الدين والملة والمذهب أن الشريعة من حيث‬
‫أنها مطاعة تسمى دينا ومن حيث أنها جامعة تسمى ملة ومن حيث أنها يرجع إليها‬
‫تسمى مذهبا‪.‬‬
‫● الدين‪ :‬منسوب الى الله تعالى‪.‬‬
‫● الملة‪ :‬منسوبة الى الرسول‪.‬‬
‫● المذهب‪ :‬منسوب الى المجتهد‪.‬‬
‫أ‪ -‬الدين في الفلسفة الحديثة‪ :‬قد نعتبره جملة من اإلدراكات واالعتقادات واالفعال الحاصلة‬
‫في النفس من جراء حبها لإلله وطاعتها ألوامره والدين أيضا إيمان بالقيم المطلقة‬
‫والعمل بها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدين الطبيعي ‪ :la religion naturelle‬هو اصطالح أطلق في القرن ‪ 11‬يقوم‬
‫أساسا على االعتقاد بوجود الله وخيراته وبروحانية النفس وخلودها وإلزامية فعل‬
‫الخير‪ .‬وهو ناشئ عن وحي الضمير ونور العقل والفرق بين الدين الطبيعي والوضعي‬
‫أن األول قائم على وحي الضمير والعقل (أي ما يمكن أن يصل إليه اإلنسان من خالل‬
‫التفكر) في حين أن الدين الوضعي قائم على وحي إالهي يستقبله االنسان من األنبياء‬
‫والرسل‪.‬‬
‫ت‪ -‬الدين في السوسيولوجيا‪ :‬عند دوركهايم‪ :‬هو عبارة عن نسق‪ /‬نظام متضامن من‬
‫المعتقدات والممارسات المتعلقة بمقدسات بل إن دوركهايم اعتبر أن مقوالت الفهم‬
‫كالزمان‪/‬النوع‪ ...‬قد نشأت داخل الدين‪ ،‬وهي منتوج الفكر الديني وبأن تمثالت‬
‫وتصورات االنسان حول ذاته وحول العالم المحيط به مرجعها الدين لذلك فهو يعتبر‬
‫أن الدين مسألة إجتماعية بالكامل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬لدى اإلسالميين ثابتين هما‪:‬‬
‫‪-‬الثابت األول‪ :‬المعتقدات‪.‬‬
‫‪-‬الثابت الثاني‪ :‬الطقوس أي األفعال والممارسات وهي كلها عبارة عن قوانين تحاول أن تنظم‬
‫العالقات بين البشر وخالقهم‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫خالصة تعريفنا للدين ‪:‬‬


‫باعتباره معتقدات أفكار وتصورات يؤمن بها اإلنسان ويعتبرها حقائق مطلقة غير قابلة‬
‫للتجاوز أو المراجعة وهو أيضا طقوس وأفعال يقوم بها االنسان وغالبا ما تكون جماعية‬
‫مرتبطة بنوع معين من الرموز‪.‬‬
‫‪ )2‬مفهوم التدين‪ :‬لم يكن تعريف الدين إال بهدف تعريف التدين فالهاجس من دراسة الدين‬
‫هو النظر في أدواره ووظيفته وأبعاده االجتماعية أي مدى تداخله وتأثيره في السلوك‬
‫ااإلجتماعي للبشر‪ ،‬وهنا تحدث ماكس فيبر في كتاب’’ االخالق البروتستانتية وروح‬
‫الرأسمالية” على أن رجال الدين كانوا يعملون بجد وتفان ليس بغرض تحقيق الربح‬
‫للرأسمالية بل من أجل إرضاء الخالق فقط‪ ،‬مما ساهم في تضخم اإلنتاج وازدهار‬
‫االقتصاد الرأسمالي‪.‬‬
‫ومن هنا يمكننا ان نطرح سؤال‪ :‬كيف ساهم الدين اإلسالمي في إقرار النظام أو المبدأ‬
‫الديمقراطي؟‬
‫والمقصود بالتدين هو الجانب العملي في الدين أي اإلنتقال من المعتقد والفكرة ومن كل ما هو‬
‫ديني على المستوى النظري العقالني إلى الممارسة الواقعية لهذه المعتقدات والقناعات الدينية‪،‬‬
‫إن الدين هو الترجمة التطبيقية أو التمظهر العملي للمعتقد إنه يحيل على الكيفية التي يعيش بها‬
‫الناس تجربتهم الدينية في السياق االجتماعي وال نأخذ التدين في معناه الضيق الذي يعني‬
‫االلتزام بتطبيق الشعائر‪.‬‬
‫فأين يكمن الخلل في التدين إذن؟‬
‫‪ )3‬مفهوم القيم‪:‬‬
‫أ‪ -‬في الفلسفة‪ :‬تدل على الخير والجمال والخلق وهو المفهوم الذي ذهب إليه فيبر‬
‫حيث جعل الدين متمركزا حول القيم واعتبر أن دور الدين يكمن في حفظ القيم‬
‫حسب اإلالهات‪.‬‬
‫ب‪ -‬من الناحية السوسيولوجية‪ :‬فمفهوم القيم مرتبط بما يقدره الناس ويرغبون في‬
‫امتالكه‪ ،‬بل أكثر من ذلك يقترحونه مثال أعلى (فقد تكون أفكار‪ ،‬مواقف‪ )...‬والقيم‬
‫ليست مجموعة من األفعال والسلوكات الثابتة لكنها من إنتاج المجتمع وتتنوع‬
‫وتختلف من مجتمع آلخر‪ ،‬بمعنى آخر يمكن اعتبار القيم نسقا قابال للتحول الذي‬
‫يطرأ في المجتمع؛ فهناك ما هو مركزي لهذه القيم وهو الذي يشكل قاعدة التوافقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويسمح بالعيش المشترك ويملي على الفرد والجماعات كيفية‬
‫التصرف‪ ،‬كما يوجد ما هو هامشي أو ثانوي وهو الذي يشهد تغيرات دائمة‪.‬‬
‫‪ )4‬مفهوم اإللحاد‪:‬‬
‫‪11‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫هو الميل عن القصد‪ ،‬واصطالحا هو مفهوم فكري ينفي وجود خالق للكون وقد اشتقت‬
‫التسمية من اللغة اإلغريقية من كلمة أتيوس وتعني بدون إله‪.‬‬
‫أ‪ -‬الالديني‪ :‬يعني ال ينتمي ألي ديانة من الديانات وال يعني أنه منكر لوجود إله‪.‬‬
‫ب‪ -‬ربوي‪ :‬هو الذي يؤمن أن اإلله هو من خلق األرض ولكنه ينكر أنه تواصل‬
‫مع األرض عن طريق الديانات‪.‬‬
‫ت‪ -‬الالدرية‪ :‬وهو الذي يؤمن بأن قضايا األلوهية والغيب ال يمكن إثباتها وإقامة حجة‬
‫عليها وال يمكن نفيها باعتبارها فوق قدرة العقل على اإلدراك‪.‬‬
‫‪ )5‬العلمانية‪/‬الالئكية‪:‬‬
‫أ‪ -‬العلمانية‪ :‬تعني فصل الدين عن السياسة أي مبدأ فصل الحكومة ومؤسساتها‬
‫والسلطة السياسية عن السلطة الدينية او الشخصيات الدينية‪ ،‬والعلمانية ال تعني‬
‫بالضرورة أنها ضد الدين بل تقف على حياده‪ ،‬فالدين يقوم على ميثاق معنوي‬
‫بينما السياسة تقوم على عقد وميثاق وضعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الالئكية‪ :‬تحمل في طياتها ذلك التمييز بين النظام العلماني والنظام الرباني وهي‬
‫ال تكتفي بتحرير السياسي عن الدين وإنما تطرد الدين من الفضاء العمومي‬
‫لتحل محله القيم الالئكية‪.‬‬
‫‪ )6‬العولمة‪ :‬اصطالحا تعني تغيير األنظمة اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية وتداخلها‬
‫وتعني أيضا تغيير العادات والتقاليد السائدة وهناك اتجاهان‬
‫أ‪ -‬اتجاه اول‪ :‬هي االنتقال خارج الحدود (السلع التكنولوجيا والبشر‪)...‬‬
‫ب‪ -‬اتجاه ثاني‪ :‬يعتبر العولمة ظاهرة افتراضية تأخذ فيها الرأسمالية والليبرالية صورة‬
‫جديدة بغرض نشر قيمها وتوسيع فضائها‪.‬‬
‫‪ )7‬الحداثة أو التحديث‪ :‬مرتبطة بالفكر والوعي وهي مصطلح علمي يذهب ألنسنة‬
‫المجتمع والطبيعة بارتكازها على المنهج التجريبي بل هناك ما أصبح يسمى ما بعد‬
‫الحداثة وهو الوضع الذي يتصف بعدم اإلعتراف بأن هناك قيمة ثابتة‪ ،‬إذ تتميز ما بعد‬
‫الحداثة بالتعدد والذاتية والتشكيك في القيم واألخالق‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬موضوع علم اجتماع األديان‬


‫‪ )7‬الظاهرة الدينية كظاهرة اجتماعية‬
‫‪12‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫‪ )8‬خصائص الظاهرة الدينية‬

‫االتجاهات الكبرى لدراسة الظاهرة الدينية‪:‬‬ ‫‪-II‬‬


‫سنركز في هذه الحصة على أهم االتجاهات التي يمكن اعتمادها لدراسة الظاهرة‬
‫الدينية وقبل أن نكون منتصرين التجاه عن آخر وجب أوال الوقوف على أهمها ونقصد‪:‬‬
‫● االتجاه الوظيفي لدراسة الظاهرة الدينية’’إميل دوركهايم ’’‪.‬‬
‫● االتجاه التفاعلي لدراسة الظاهرة الدينية’’ماكس فيبر’’ ‪.‬‬
‫● اتجاه المادية التاريخية لدراسة الظاهرة الدينية" كارل ماركس"‬
‫● اتجاه علم النفس االجتماعي لدراسة الظاهرة الدينية "جورج سيمل"‬
‫والتركيز على الكيفية التي تناول بها كل اتجاه على حدا الظاهرة الدينية‪.‬‬

‫االتجاه الوظيفي لدراسة الظاهرة الدينية’’إميل دوركهايم ’’ ‪:‬‬


‫قبل الوقوف على المناهج التي يمكن اعتمادها لدراسة الظاهرة الدينية‪ ،‬وقبل أن نكون منتصرين‬
‫لمنهج عن منهج آخر‪ ،‬وجب الوقوف أوال على مجموعة من الدراسات التي يمكن اعتمادها لفهم الظاهرة‬
‫الدينية من خالل دراسة اوائل علماء االجتماع الذين درسوا الظاهرة الدينية وهذه الدراسات تتلخص في‬
‫دراستين مهمتين‪:‬‬
‫‪ ‬االولى لدوركهايم‬
‫‪ ‬والثانية لماكس فيبر‪.‬‬
‫كيف تناول كل منهما الظاهرة الدينية؟ وما هو المنهج الذي اعتمداه لدراسة هذه الظاهرة؟‬
‫بداية مع ايميل دوركهايم حيت قام بدراسة المجتمع الطوطمي من خالل الكتاب الذي فصل فيه دراسته‬
‫الذي سماه‪ :‬األشكال االولية للحياة الدينية‬
‫‪Les formes élémentaire de la vie religieux système Totem en Australie‬‬
‫من خالل دراسته بحت االشكال البسيطة ألصل الظاهرة الدينية أي أنه في جميع الديانات يبحث عن‬
‫المشترك حيث وصل الى أن الدين هو شيء اجتماعي أي أن افراد المجتمع هم من يبحثون عن شيء‬
‫ديني لينظم حياتهم وبذلك هناك حاجة اجتماعية للدين‪ ،‬ووجود ديانات وكل مجموعة من المجموعات‬
‫لها حاجة اجتماعية وبذلك هناك مشترك بين الديانات‬
‫‪13‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫دوركهايم يقول بأنه ليس هناك دين خاص أو أن هناك نموذج مثال للديانات بل كلها ال تتضمن خطأ في‬
‫ذاتها‪ ،‬ما دامت تجيب على أسئلة الوجود والخوف الذي يعيشه البشر من الموت والمصير ما بعده‪،‬‬
‫وهذا الخوف تشترك فيه جميع الديانات ومن أجل الخالص يبحث االنسان عن شيء يتشبث به ليجيبه‬
‫عن االسئلة الكونية (عبادة البقر عند الشعب الهندي يبحثون عن الخالص والتقرب من الله بهذه العبادة‬
‫أي أن البقرة هي التي تخلصهم من ذلك الخوف الذي يشغلهم) خوف ماذا سيكون بعد الموت؟‬
‫الظاهرة الدينية والبحث فيها تساعدنا على استخالص مجموعة من القواعد والتي تساعدنا بدورها على‬
‫الرقي والنجاح‬
‫فاالنسان يستجيب للطلب اذن حب الله أسمى درجات الحب لهذا ال نسأل عن أصل االشياء فنحن‬
‫نطيع ما جاء به الله والعبرة في قصه شمس الدين وجالل الدين اي نخضع لله الواحد وهنا يمكننا قياس‬
‫درجة الحب الفرد للمقدس انطالقا من التمثالت وتحديد المعتقدات لهذا نحسب درجه االرتباط‬
‫بالمقدس والقواعد‪.‬‬
‫يعتبر ايميل دوركهايم ان عالم المقدس واختالطه هو الفصل التدريجي للذات االنسان والتخلي عن‬
‫المدنس والوصول إلى درجة من درجات التماهي االلهي والمعاشقة او معاشقة اله اذن الصراع الذي‬
‫نعيشه وهو كيف يمكن التخلص من المدنس من أجل اعتناق المقدس‬
‫وهذه الدراسة تعرضت الى االنتقادات ينطلق من مجتمع منسجم أي من بنية المجتمع ويحلل‬
‫المجتمعات وتمثالت االفراد على الطقوس والمعتقدات الدينية لكي يحافظ على تماسك المجتمع وهو‬
‫ينطلق باعتبار الدين او هو انطلق اعتبار الدين يحافظ على المجتمع وان الطقوس الدينية هي من ابتكار‬
‫المجتمع حيث المجتمع يفرض مجموعة من القواعد ليحافظ على استمراريته في الزمن‬
‫ورغم هذه االنتقادات ما زالت دراسته في علم اجتماع االديان ودراسة الظواهر الدينية تمثل االساس أي‬
‫البحث ثالث نقاط مهمة أصل الدين‪ ،‬دور الدين في تأكيد الهوية االجتماعية‪ ،‬قدرة الدين على تحفيز‬
‫الفرد وجعلة أكثر تحفيزا على العمل بل وأكثر من ذلك تحمل الفرد الصعوبات الحياتية وعداماتها‬

‫موضوع سوسيولوجيا األديان وخصائص الظاهرة الدينية‬


‫ننطلق بداية من اعتبار الظاهرة الدينية ظاهرة اجتماعية‪ ،‬ولتحديد موضوع‬
‫سوسيولوجيا األديان يجب تحديد الخلفيات التي يبنى على أساسها موضوع سوسيولوجيا‬
‫االديان‪ ،‬وهو االمر الذي يميز الظاهرة الدينية لكون خلفياتها ترتبط بهالة‪/‬سياج من‬
‫المقدسات (ثوابت‪/‬معتقدات‪/‬مطلقة)‪ ،‬ومن بين المواضيع التي تدخل ضمن اختصاصها‬
‫نجد‪ :‬ظاهرة الصالة والحجاب والمؤسسات الدينية‬
‫كما ترتبط س أ بما هو قيمي لالفراد سواء الباحثين او المبحوثين (الداتية)‬
‫‪ o‬فما طبيعة الظاهرة الدينية وخصائصها؟‬
‫‪14‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫حسب قواعد المنهج لدوركهايم فدراسة الظاهرة تستدعي التخلص من االحكام المسبقة‬
‫وأن نبعدها عن النقاشات العامية وندرسها بطرق علمية‪،‬‬
‫‪ o‬وهل تنطبق خصائص الظاهرة االجتماعية على الظاهرة الدينية؟‬
‫أي أن تكون الظاهرة الدينية قابلة للمالحظة (خارجية)‪ ،‬إلزامية‪ ،‬قهرية‪ ،‬متكررة‬
‫ومستمرة‪،‬‬
‫الموضوعية‪ :‬الدين موجود قبل وجود الفرد‬ ‫‪‬‬
‫االستقاللية‪ :‬استمرار الظاهرة الدينية رغم تجنب الفرد ممارستها‪ ،‬تمارس‬ ‫‪‬‬
‫وظيفتها باستقالل عن الفرد‬
‫اإللزامية‪ /‬القهرية‪ :‬أي أنها تفرض على األشخاص وليس لألفراد حرية اختيارها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العمومية (العامية)‪ :‬منتشرة على مجموع األفراد (فالدين غالبا ما يكون موجها‬ ‫‪‬‬
‫للجماعة‪/‬المجتمع)‪.‬‬

‫الممارسة‬ ‫يحكم‬ ‫المعتقد‬

‫كما أن الدين هو حاجة اجتماعية للخالص فيما بعد الموت‪.......... ،‬‬

‫الوعي الجمعي‬ ‫تن ت ج‬ ‫الظاهرة الدينية‬

‫يشير دوركهايم في كتابه االشكال األولية للحياة الدينية إلى أن التجربة الدينية ال تتوصل‬
‫الى المقدس عن طريق العقل بل هي وجدانية‪ ،‬فالمقدس يجيب عن أغلب األسئلة وخاصة‬
‫الوجودية منها‪ ،‬بخالف إجابات العلم النسبية‪ ،‬وبذلك فنتائج الدين مطلقة تحقق نوع من‬
‫الرضا والتوازن‪ ،‬فالدين يساعد على تجاوز الذات وقبول الحياة كما هي عليه‪ ،‬فيتم‬
‫تفسير‪/‬تبرير المعاناة الدنيوية بأنها ضرورة ملزمة‪ ،‬لذلك تتصف الظاهرة الدينية باإللزامية‪.‬‬
‫ويمكن لموضوع سوسيولوجيا االديان ان يتقاطع مع علوم أخرى مساعدة او مكملة‬
‫او أرضية النطالق تفسير‪/‬فهم السلوكات والممارسات االجتماعية (الظواهر الدينية) من‬
‫‪15‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫قبيل علم التيولوجيا الذي يهتم بدراسة النص الديني فيما تهتم سوسيولوجيا األديان بدراسة‬
‫انعكاس مضمون النص على سلوكات االفراد والجماعات‬

‫سوسيولوجيا‬
‫التيولوجيا‬
‫االديان‬
‫مرتبطة بتجارب‬
‫الخطاب الديني‬
‫ميدانية إمبريقة‬
‫مرتبط بنصوص‬
‫(الظواهر الدينية)‬

‫إقتصادية‬

‫مؤسسات‬ ‫المؤسسات‬
‫تعليمية‬ ‫البنية‬ ‫الحكومية‬

‫المنظمات‬
‫غير‬
‫الحكومية‬

‫تتشكل الظاهرة الدينية كبنية في إطار نسق تتفاعل فيه مؤسسات اجتماعية‪ ،‬تقافية‪،‬‬
‫اقتصادية‪ ،‬سياسية وبذلك يتفاعل االفراد فيه فيما بينهم وقد يكون هناك توافق او صراع‪،‬‬
‫✔ وهنا يطرح سؤال كيف يستحضر الفرد مفهومه للدين؟‬
‫يتحدث ماكس فيبر عن إستخدام الدين‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫‪ -‬كتبرير لصراع مصالح الطبقات في إطار التفاعلية الرمزية (جورج هيربرت‬


‫ميد)‬
‫‪ -‬في ظل االزمات يلعب الدين دور التهدئة وضمان استمرار الفرد في المجتمع‬
‫‪ -‬كما يمكن للدين ان يلعب دورا مهما في عمليات التغيير االجتماعي‪.‬‬
‫ونقصد هنا أن الدين ال يهتم فقط بما هو قيمي روحي وإنما له دور القانون الضابط لسلوك‬
‫الفرد في الجماعة ومع ذاته‬
‫اعتمد دوركهايم في دراسته للتطور الذي عرفه الدين في استراليا على المقارنة بين الدين‬
‫البدائي والدين المدني ألنه عندما درس االشكال األولية للحياة الدينية في استراليا‪،‬‬
‫مستحضرا منهج الفكر الوظيفي‪/‬البنيوي في دراسته للدين فقد انتقل من الجماعة(الكل)‬
‫الى الفرد(جزء)‪ ،‬فكانت له مالحظة مهمة وهي أن الدين يزداد تعقيدا‪/‬خصوصية كلما تعمق‬
‫في المجتمعات المتحضرة‪ ،‬وتنحصر وظيفته‪.‬‬

‫اتجاه التفاعلي "ماكس فيبر"‬


‫كل االفكار التي جاء بها ماكس وجدها في الديانات انطالقا من دراسته اليهودية‪ ،‬المسيحية‪ ،‬االسالم‬
‫والبودية لكونه كان موسوعيا‪ :‬رجل سياسة منفتح على الديانات فيلسوفا محلال تاريخيا يتحدث عن‬
‫الدين في الظاهرة التاريخية (عن أصل الدين) لم يتحدث عن ما هو مشترك وليس بالمشترك‪ .‬الديانة‬
‫كيف اثرت في الثقافة معتنقيها اي كيف اثرت على سلوكهم على اقتصادهم بل اعتبرها هي اصل في‬
‫ظهور الحضارات الحديثة التي نتغنى بها اليوم ان الحداثة اذهبت الدين فيبر يقول ال حداثة إال مع‬
‫الدين الن الدين يعطي األخالق يعطي السلوك االنسان حتى يتمكن االستثماره في افكاره كل االفكار‬
‫وجدها في الديانات نتحدث عن العقالنية عن أنواع السلطة وعلي الديانات ومن الديانات استخرج‬
‫واستخلص ان هناك عمليات التطور التي ستعرفها الشعوب والمجتمعات بالتالي الدراسة التي قام بها‬
‫يعتبر ان الدين ليس بافيون للشعوب اي استعمال دين كمخدر للشعوب (مثال ما نعتبره بالقضاء و القدر‬
‫ما هو اال شكل من اشكال المقاومة اذن يتم تخدير به الطبقات الفقيرة) لضمان االستقرار الشعوب‬
‫التفاوت الطبقي من اجل التغيير الحداثة واالبتعاد عن الدين‬
‫دراسة ماكس فيبر كانت ردة فعل لما اتى به كارل ماكس "الدين افيون الشعوب" فجاء بدراسات ميدانية‬
‫انطالقا من الشركات الكبرى االمريكية مجموعة من الطبقة البرجوازية يتدينون بالبروتستانتية وعليه‬
‫فعالقة النجاح باالنتماء الديني‪ ....‬حيث خلص الى أن تدبير الوقت مفهوم ديني وبأن الطوائف‬
‫البروتستانتية كانت تؤمن بأن ضياع الوقت يعاقب عليه‪ ،‬ووقتهم كان بين العمل والعبادات دعوه الى‬
‫العمل الى العطاء الى التعاون الى الصدقة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫مميزات دراسة ماكس فيبر‬


‫تطور االقتصاد وظهور الحضارة في مجتمعات معتنقة الديانة البروتستانتية في امريكا ظل التطور‬
‫االقتصادي والحضاري مستمرا رغم اعتناقهم الديانة البروتستانتية يفند اطروحة كارل ماكس بان الدين‬
‫سبب التخلف‬
‫المنهج الذي اعتمد لم يكن موحدا بل كان مركبا من خالل المنهج المقارن والمنهج التاريخي المقارن وانا‬
‫االقتصاد يعتمد على معطيات رقميه احصائية فلسفية معتمدا على المنهج النقدي كذلك السوسيولوجيا‬
‫سمحت له القيام بالدراسة اي دراسة تفاعالت‬
‫ايميل دوركهايم ينطلق من بنية المجتمعات ويدرس التمثالت ويفسر المسببات والنتائج والطقوس‬
‫وظهورها في المجتمع وكيف تحافظ على المجتمع‬
‫ماكس فيبر يتحدث عن االفراد التفاعالت لما تتضمنه من فهم وتعتمد على التأويل ايضا المنهج المقارن‬
‫من خالل دراسته لمجموعة من الديانات التي قام بتحليلها الذي يتعرض له سوسيولوجيا في جميع‬
‫المناهج هي الذاتية ربما عند مالحظة هذه الدراسة نوع من الموضوعية بما اننا سندرس االفكار واآلراء‬
‫مع ماكس فيبر هو يبحث في الديانات اي ال ينتمي الى اي دين رغم انه كان معتنقا لليهودية لكنه في‬
‫هذه الدراسات كان منحازا للديانة البروتستانتية‪.‬‬

‫حين نستعمل الفهم والتأويل في تحليل الظاهرة (مثال ظاهرة الحج فيمكن أن تقرأ باتجاهين ايمان أو‬
‫سياحة أو تجارة‪ ،‬الصدقة اعطاء الصدقة) نتحدث عن الظواهر الخاصة اذ كان ايميل دوركهايم يذهب‬
‫الى الظواهر المنتشرة العامة اما ماكس فيبر ينطلق من التفاعالت من الفرد من المجتمع كيف يمكن ان‬
‫نفهم سلوك االخر وكيف يمكن تأويله في تحليل مجموعه من السلوكات التي يقولها الفرد ويرتبها وياولها‬
‫هذه الترتيبات هنا نتحدث عن نموذج مثال الذي يصبح كهدف لتصل اليه مجموعه من المجتمعات‬
‫سلوكات االفراد يجب ان تصل الى نوع كنموذج مثال وتوصل الى ثالث انواع من السلطة‪:‬‬

‫‪_7‬التقليدية سلطة االمس االزلي العادات والتقاليد هي متجددة في االنسان تاريخيه‬


‫_‪2‬الكاريزمية الساحرة المبنية على صفات الخارقة السحر الشخصي‬
‫_‪3‬السلطة الحديثة التي تفرض نفسها بفضل عقالنية او بفضل الشرعية المبنية على العقل‪.‬‬
‫انطالقا االشكال الثالثة للسلطة سيتحدث لنا عن السلطة الدينية ويجسدها في الكاهن‪ ،‬الساحر‪ ،‬النبي‬
‫‪.‬‬
‫هناك عالم اخر وهو وكيم وش ميزه بين ‪ 9‬انواع من السلطة الدينية انطالقا مما جاء به ماكس فيبر ‪:‬‬
‫‪18‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫سلطة المؤسس الديني‬


‫المصلح‬
‫النبي‬
‫العراف‬
‫الساحر‬
‫المستبصر‬
‫الولي او القديس‬
‫الكاهن‬
‫االنسان الذي يهب نفسه بدافع الدين لخدمه االخرين‬
‫ما وصل اليه ماكس فيبر هو في التساؤل التالي كيف التمكن من الوصول ألشكال السلطة التي تمكن‬
‫الديانات او مكنت هذه الديانات اي القواعد االخالقية في تأثير في اقتصاد المجتمع بتطبيق النظام‬
‫الراسمالي؟‬
‫ما اعتمده ماكس فيبر هو الدين مصدر العقالنية االقتصاد او ما الذي يدفعنا ان نقول ان الدين هو مصدر‬
‫العقالنيه‪ ،‬اي ان العقالنية تساهم في التماسك االجتماعي استطاع ان يربط الدين بالتغيرات االجتماعية‪.‬‬
‫يعتبر االقتصاد هو محرك كارل ماكس وفيبر الثقافة المستنبطة من الديانات هو سبب التغيير وهي فكره‬
‫مضادة لكارل ماكس الدين قادر على تغيير المجتمع العقالنية يستنبطها من عالقة المقدس والمدنس‬
‫ذهب اليها دوركهايم الن الذين يتركك تعقل سلوكك اي ان المتعة وغيرها تجعلنا نفكر في المدنس‬
‫والعقالنية يا مرتبطة بالمقدس اي تجعله ينخرط في السلوكات المعقلنة‬

‫إتجاه المادية الجدلية لكارل ماركس‬


‫يرى كارل أن الدين يعكس الصراع الطبقي والتفاوتات االجتماعية‪ ،3‬كما تعتبر الفلسفة‬
‫الماركسية فلسفة علمية مادية تسعى إلى تحرير االنسان من الخرافات والوهم الديني‪.‬‬
‫فبعدما كان ماركس في شبابه ذا توجه هيغيلي انقلب على هذا التوجه وقلب الجدل‬
‫الهيغيلي من األساس المثالي الى األساس المادي‪ ،‬واعتبر أن الدين ليس له وجود حقيقي‬
‫وإنما وهم يتخيله الفرد والمجتمع‪ ،‬إذ يرى أن كل دين ليس سوى انعكاس واهم في دماغ‬
‫البشر للقوى الخارجية التي تهيمن على وجوده اليومي‪ ،‬هذا االنعكاس الذي تتخذ فيه‬

‫‪ 3‬سوسيولوجيا األديان‪ ،‬تأليف جميل حمداوي‪ ،‬مطبعة افريقيا الشرق الدار البيضاء المغرب الطبعة األولى ‪ 8078‬ص ‪2‬‬
‫‪19‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫ميتافيزيقية‪4‬‬ ‫قوى‬ ‫شكل‬ ‫االرضية‬ ‫القوى‬


‫فالدين لدى ماركس هو اختراع بشري للخروج من الشقاء بعد أن سيطر عليهم الظلم‬
‫واالستغالل‪ .‬وحسب ماركس فإن الظاهرة الدينية تتشكل بعملية االنعكاس الكاذب من‬
‫الواقع االجتماعي الذي يعيشه االنسان الى وعي زائف وسعادة مزيفة‪ ،‬والدين هو ملجأ‬
‫االنسان من الظلم والبؤس والفقر‪ ،‬وهو عبارة عن مخدر للشعوب المظلومة انه احتجاج‬
‫ضد الشقاء وهو دواء له‪ ،‬ولكن هذا الدواء أسوء من الداء‪ .‬ألنه يخدر االنسان (افيون‬
‫الشعوب) يغرقه في الوهم ويبقيه في العبودية‪ ،‬يحول دون خروجه من واقعه المؤلم‪.5‬‬

‫يعتبر ماركس أن " الدين افيون الشعوب تلك الجملة الماركسية هي حجر الزاوية لكل‬
‫مفهوم ماركسي للدين اي أن الماركسية تعتبر الديانات و الكنائس الحديثة و المنضمات‬
‫الدينية على أنواعها على انها أدوات للرجعية البرجوازية في سبيل الدفاع عن االستقالل‬
‫العاملة"‪.6‬‬ ‫الطبقة‬ ‫عقول‬ ‫طمس‬ ‫و‬
‫ويعد مفهوم االغتراب لدى ماركس من المفاهيم االساسية في فلسفته‪ ،‬و قد ربط مفهوم‬
‫االغتراب الديني باالقتصاد‪ ،‬و هذا االغتراب هو نتيجة للبؤس الذي سيطر على المجتمع‬
‫حياته‪.‬‬ ‫في‬
‫فالدين لدى ماركس هو شكل من أشكال الوعي االجتماعي ألنه يرتبط باإلنتاج والعالقات‬
‫االجتماعية ‪ ،‬و يؤكد ماركس على أن الدين ينبع من تأثير أوضاع الحياة‪ ،‬و ان الدين نشأ‬
‫االجتماعية‪.‬‬ ‫والعالقات‬ ‫الحياة‬ ‫عن‬ ‫االنسان‬ ‫عجز‬ ‫نتيجة‬
‫و من بين اإلنتقادات الموجهة للماركسية خاصة في قضية الدين نجد كوستي بندلي الذي‬
‫يقول ‪ :‬أن ماركس إذ بين لنا المناسبة التي تنشأ فيها فكرة الله لم يبين لنا سبب هذه‬
‫الفكرة في اإلنسان‪ ،‬ألن اإلنسان يختبر شقاؤه وعبوديته ويجد نفسه غير راض عن حاله‪،‬‬
‫وهذه نقطة تحول ألن نتيجة الظلم والبؤس الذي يعيشه اإلنسان تكون له ردود فعل‬
‫طبيعية‪ ،‬حيث يرضخ لواقعه أو يثور على الظالم لكن األمر الغريب أن اإلنسان يضيف‬
‫حال رابعا هو أن يتجه إلى الله‪7‬‬

‫ومن بين المعارضين أيضا لماركس نجد فيبر الذي يقول في ٍّ‬
‫نص له بعنوان “نقد االقتصاد‬
‫الماركسي‪“:‬‬

‫‪4‬كارل ماركس‪ .‬فريديريك انجلز‪ .‬حول الدين‪ .‬ترجمة ياسين الحافظي ص‪.778-778.‬‬

‫‪5‬كوستي بندلي اله االلحاد المعاصر‪ .‬منشورات النور بيروت‪ .‬ص ‪.77‬‬
‫‪6‬كوستي بندلي اله االلحاد المعاصر‪ .‬منشورات النور بيروت‪ .‬ص ‪.78‬‬
‫‪7‬محمد العروي‪ .‬هل الدين افيون الشعوب‪ .‬ص ‪.88‬‬
‫‪20‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬


‫التصور المادي للتاري خ” ‪-‬في معناه القديم البدائي والعبقري كما ورد في‬ ‫“إن ما يعرف ب ”‬
‫ّ‬ ‫“البيان الشيوعي”‪ -‬ال يمارس في ّأيامنا ّ‬
‫ضغط إال على بعض الجهلة والهواة”‬
‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫ِ‬
‫نفهم من هذا ان ماكس فيبر يرى ان المعتقدات الدينية هي المؤثر الرئيسي في سلوك األفراد‬
‫ومن ضمنها السلوك االقتصادي وأن التصورات الدينية هي محددات لهذا السلوك‬
‫االقتصادي‪ .‬ويصر ماكس فيبر على أن دوافع اإلنسان ال يمكن اختزالها بالعامل االقتصادي‬
‫بمنأى عن العقائد والقيم والتقاليد‪.8‬‬

‫اتجاه علم النفس االجتماعي لدراسة الظاهرة الدينية"جورج‬


‫سيمل" الحصة الخامسة‬
‫بعد دوركهايم وفيبر يمكن استحضار جورج زيمل ‪ 7978-7620‬الذي ميز بين الدين والتدين‬
‫ولم يأخذ الدراسات الدينية كمعطيات ثابتة بل تميز بنقضه للوضعية وللدراسات السابقة‬
‫فساهم في نشأة الفلسفة الحديثة‪.‬‬
‫إذن ميز فكر زيمل نقطتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ -‬لم تعد الدراسات الدينية معطيات ثابتة بل ركز على هدم ونقد كل ما جاء‬
‫حول الدين خاصة ما جاءت به الوضعية (اإلنسانية) والدراسات السابقة‬
‫المرتبطة بالفلسفة الدينية‪.‬‬
‫‪ -‬ميز بين الدين والتدين واعتبر بأن الفرد داخل المجتمع يمكن أن يأخذ‬
‫ويتفاعل مع عوالم مختلفة مثال عالم المثل وعالم الفلسفة وعالم‬
‫الدين‪...‬هذه العوالم ليست عليها رقابة‪ ،‬وبالتالي فاإلنسان ما هو إال إسفنجة‬
‫تمتص مخلفات تحتوي تلك العوالم‪ .‬وهنا يبرز تأثره بسيغموند فرويد الذي‬
‫عرف اإلنسان بكونه يضم ثالث طبقات مثل جبل الجليد فهناك الخفي‬
‫وهناك الظاهر‪ .‬فما هو مخفي هو الهو ‪ /‬الالشعور مكمن الرغبات‪ ،‬واألنا‬
‫األعلى يقوم بدور الرقابة واألنا حيث تبرز سلوكات ومواقف الفرد والتي يحد‬
‫منها الدين مثال فيكبحها (يكبتها) وذلك من خالل الرقابة التي تحددها‬
‫الجماعة؛ فالمجتمع يستمد قوته من األنا األعلى وبالتحديد من الدين وهو‬
‫ما يسمى أيضا بالضمير األخالقي (األنا األعلى حاضرة بقوة في توجيه سلوك‬
‫األنا وكبح رغبات الهو)‪ .‬فالصراع قائم بين األنا األعلى والهو من أجل إحداث‬
‫التوازن في السلوكات والمواقف التي تجسدها األنا‪ ،‬وبذلك يكون هناك تأثير‬

‫‪.8‬اترين كوليو تيلين‪ ،‬ماكس فيبر والتاري خ‪( ،‬في صفحات الكتاب األخيرة نصوص لماكس فيبر)‪ ،‬ص‪778‬‬
‫‪21‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫على األنا من خالل الدين مثال‪ .‬فاألنا يتجسد فيها التوازن بين األنا األعلى –‬
‫قيم المجتمع – والهو – الالشعور والرغبات – بحضور ما يسمى بالضمير‪،‬‬
‫والعكس حينما يختل ذلك التوازن يؤدي إلى عدم توازن شخصية الفرد‪.‬‬
‫وبالتالي يرى زيمل انطالقا مما سبق أن أي ظاهرة من الظواهر االجتماعية‬
‫تقوم على ضرورة التوازن‪.‬‬

‫ذهب زيمل إذن إلى أن الحياة هي صراع مستمر بين الروح واألشكال والممارسات التي يقوم‬
‫بها انطالقا من رغباته وبالتالي فالرقابة الدينية لها دور كبير في االلتزام بالقواعد وهو ما قد‬
‫تجر إليه األسئلة الفلسفية‪ ،‬لذا انتقد زيمل الفلسفة الحديثة التي ال تؤمن بالغيبيات ومنها‬
‫الوضعية التي جعلت من اإلنسان واإلنسانية دينا لها (الوضعية هي اإلنسانية هي الدين فال‬
‫وجود لقوى عظمى‪ ،‬فاإلنسان وجد لخدمة اإلنسان فهي من منظورها تبحث عن أجوبة‬
‫واقعية ال عالقة للقوى الخارجية ‪-‬اإلله – بها)‪.‬‬

‫واعتبر زيمل حياة اإلنسان صراعا بين الروح ورغبات اإلنسان المادية واعتبر األنا األعلى‬
‫والرقابة هي غذاء الروح‪ .‬فاإلنسان روح وجسد‪ ،‬والروح تتغذى من القيم العليا ومن قيم‬
‫المجتمع نفسه‪ .‬هذه التغذية الروحية ونظرا الرتباط زيمل بالسوسيولوجيا سيجعل من‬
‫األنا األعلى القيم الروحية العليا محددا لهوية المجتمع‪ ،‬وسيجعل زيمل المجتمع والدين‬
‫ممأسسا يفرض على الفرد الخضوع‪ ،‬فالمؤسسات المهتمة بالشأن الديني من كنائس‬
‫ومساجد وقساوسة و أئمة دورها أن تفرض على الفرد الخضوع‪ ،‬فهي التي تمثل ضمير األمة‬
‫(األمة تقوم على رابط روحي عكس مفهوم الشعب في األنظمة الوضعية يجمعها قانون‬
‫وضعي يوحد االنتماءات‪ ،‬فاألمة رابطها روحي أخالقي مثال األمة اإلسالمية)‪ .‬وحسب زيمل‬
‫فالروح هو مبدأ التحقق الفردي مقابل تشييء األشكال االجتماعية األخرى‪ .‬فالروح عند‬
‫زيمل تعبير عما ورد عند فرويد وهو األنا األعلى‪ .‬فالروح منفصلة عن الجسد ويبرز ذلك مع‬
‫الموت حينما تنفصل الروح عن الجسد بمعنى ال يعود هناك تجسيد لذلك االرتباط بينهما‬
‫ممثال في األنا وذلك بغياب األنا األعلى (الروح)‪ ،‬فاعتبر الموت بمثابة نهاية تحقق الفرد‬
‫(نهاية الفرد)‪.‬‬
‫يحاول هنا زيمل الربط بين الدين والتدين مع التمييز بينهما‪ ،‬فاعتبر الدين ذلك الدافع‬
‫الحيوي؛ أما التدين فهو تلك الممارسات التي تترجم في أفعال األفراد وتشكل فعال جماعيا‬
‫مثال العبادات الجماعية‪ .‬ويعتبر بأن التدين هو الشكل االجتماعي الذي يسعى إلى‬
‫االستحواذ والسيطرة على الفرد‪ .‬وبعيدا عن الدين يرى أن التدين يمكن أن يمنح األشكال‬
‫غير الدينية للحياة ( التدين كممارسات جماعية) وذلك من خالل القيام بطقوس جماعية‬
‫‪22‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫تتميز بها الجماعات عن الجماعات األخرى ( يمكن اعتبارها جماعات هامشية‪ ،‬وقد تتحول‬
‫بعض ممارسات الهواية مصحوبة بطقس معين فتأخذ بعدا دينيا‪ ،‬فالهامش هنا يعني عدم‬
‫االنسجام داخل المجتمع من حيث اللباس مثال و الهندام‪...‬مثال عبدة الشيطان و المتعاطين‬
‫للموسيقى الصاخبة – الميطاليك)؛ و بالتالي يؤدي التدين لدى بعض الجماعات العرقية‬
‫إلى شحد معنى الهوية العرقية حيث تساهم ممارساتها في تغذية بعض الطوائف متجاوزة‬
‫مفهوم الجماعة الهامشية فتعطي هوية جماعية للمجموعة أي هوية جماعية لتحقيق‬
‫الذات عبر مجموعة من الطقوس‪ .‬فرقابة المجتمع إذن تفرض ذاتها على األفراد بحيث‬
‫يتحكم في األنا األعلى عدة عوامل وتغذيه معايير المجتمع‪.‬‬
‫يحاول زيمل الربط بين الدين والتدين‪ ،‬بين األنا واألنا األعلى عبر مفهوم الورع وهو خاصية‬
‫ترتبط باألساس بالروح (نستحضر مثال النفس اللوامة والصالة في اإلسالم واالعتراف‬
‫بالخطيئة لتطهير الروح عند القس في المسيحية مثال كخالص)‪ .‬فالتدين ممارسة جماعية‬
‫أو قد يتحول إلى ممارسة جماعية‪ ،‬فالدين يغذي الروح والروح تساهم عن طريق الورع في‬
‫القيام بممارسات تتحول إلى ممارسات جماعية اجتماعية‪ .‬ويجد المجتمع في الدين رابطا‬
‫قويا للتالحم ويساعد على تجاوز االنقسامات وتخطي مظاهر التنافس الفردية (الدين‬
‫كجامع لألمة يحافظ على التماسك وينفي التنافس ويلعب دور التحفيز على التكامل)‪.‬‬

‫هذه الممارسات الجماعية تجعل الفرد من خالل تدينه ال يحس باالغتراب واالستيالب‬
‫الذي تحدث عنه كارل ماركس‪ .‬فالتدين يساعد على االجتماع والتالحم وضمان التضامن‬
‫االجتماعي‪ ،‬ومن ثم فالفرد يكون منسجما داخل المجتمع وهو ينفي حالة االغتراب‬
‫واإلستيالب داخل مجتمعه بحيث يتبنى قيما لم يساهم في إنتاجها من خالل الممارسات‬
‫التي يخضع لها أي يؤمن بقواعد المجتمع دون أن يكون الفرد قد ساهم في بنائها حيث‬
‫هناك بناء مشترك للقواعد تمكن الفرد من االنخراط في المجتمع‪.‬‬

‫المناهج المعتمدة لدراسة الظاهرة الدينية‬


‫تتطلب وتفرض الدراسة العلمية للدين ودراسة الظواهر الدينية جمع معطيات المادة‬
‫العلمية‬
‫الواقعية عن الموضوعات المتعلقة بالجوانب الدينية‪ ،‬ومن أجل دراسة الظاهرة الدينية‬
‫يمكن اعتماد مناهج دراسة الظاهرة االجتماعية وهي‪:‬‬
‫‪ -‬المنهج المقارن‪.‬‬
‫‪ -‬المنهج التاريخي‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫‪ -‬المنهج الوصفي‪.‬‬
‫‪ -‬المنهج التجريبي‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل البنية‪.‬‬
‫عندما نتحدث عن الظاهرة الدينية قد نستحضر بداية المنهج التاريخي على اعتبار‬
‫ان الدين عبارة عن سيرورة‪ ،‬وقد نعتمد في المنهج التاريخي على الوثائق التاريخية‬
‫بشكل كبير‪ ،‬كما يمكننا الوقوف أيضا على النصوص الدينية ويمكن أن نقارن بين‬
‫النصوص الدينية‪ ،‬وهنا يمكن اعتماد المنهج المقارن‪ ،‬وهناك من ينطلق في تحليله‬
‫للظاهر الدينية من البنية والتي تجمع كل الجوانب سواء منها االقتصادية او‬
‫المؤسساتية شكل السلطة المنظمات المؤسسات التعليمية الى غير ذلك‪.‬‬
‫‪ )2‬المنهج التاريخي‪:‬‬

‫قد نعتمد في دراسة الظاهرة الدينية على المنهج التاريخي وهنا يمكن االعتماد على‬
‫النصوص الدينية‪ ،‬وتسعى الدراسات االجتماعية في هذا العلم للبحث عن العالقة بين‬
‫الوقائع االجتماعية وسمات التدين وتهدف لتفسير هذه العالقة ليس في ظل ظروف‬
‫محددة ولكن في جميع الحاالت هذا ما أدى الى نمو النظريات الخاصة بتطور الدين وتطور‬
‫البيانات عن الجماعات الدينية لذلك كان المنهج التاريخي من المناهج الهامة للبحث في‬
‫مثل هذه الظواهر الدينية وقد استخدمه بارسونز وبيال في دراسة تطور الدين؛ حيث أشار‬
‫بارسونز الى أن الدين في تطوره يزداد تباينا وتفردا عن بقية المجتمع وهذا يعنى أن الدين‬
‫يزداد خصوصية‪ ،‬فالدين مازال شيئا هاما بالنسبة لألفراد‪ ،‬أما بيال فقد وضع خمس مراحل‬
‫تطورية للدين وهي‪ :‬مرحلة الدين البدائي‪ ،‬مرحلة الدين القديم‪ ،‬مرحلة الدين التاريخي‪،‬‬
‫مرحلة الدين المعاصر المبكر‪ ،‬ومرحلة الدين المعاصر‪.‬‬

‫‪ )8‬المنهج المقارن‪:‬‬
‫يشمل هذا المنهج المقارنة بين النصوص الدينية في حد ذاتها و مقارنة الثقافات المختلفة‬
‫للمجتمعات و يمكن أيضا دراسة التطور االقتصادي وتأثره بالدين؛ وهنا يمكن الرجوع‬
‫للدراسة التي قام بها ماكس فيبر في محاولة اختبار نظريته عن العالقة بين االخالق‬
‫البروتستانتية وظهور الرأسمالية عن طريق دراسة الدين واالقتصاد في كل من الهند والصين‬
‫وأيضا واستخدمه تالمون الذي تحدث عن عالقة الدين باألدوار اإلجتماعية لألفراد‬
‫واستخدمه أيضا في دراسته للعديد من الثقافات الدينية واستخدمه العديد في دراسة‬
‫قضية المعتقدات الدينية والتغير في أدوار االفراد ‪.‬رغم هذا فهذا المنهج به عدة صعوبات‬
‫‪24‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫تكمن في أن مفاهيم التدين تتباين بشكل كبير من ثقافة ألخرى للدرجة التى يصعب فيها‬
‫المقارنة بينهما‬
‫‪ )3‬المنهج التجريبي‪:‬‬
‫استخدم هذا المنهج فىي دراسة الدين ومازال يواجه صعوبات كثيرة فالباحث ال يستطيع‬
‫أن يستخدم جماعات ضابطة (التي يجب توفرها للدراسة وفق المنهج التجريبي) وأخرى‬
‫تجريبية الختبار المتغيرات المتعلقة باعتناق دين جديد‪ ،‬وقد يتعامل الدين بشكل مختلف‬
‫مع متغيرات الزمن والمكان‪ ،‬ورغم ذلك فقد استخدم هذا المنهج في دراسة مؤسسات‬
‫التنشئة االجتماعية الدينية‪ ،‬كالدراسة التى قام بها ’باتسون‪’.‬‬
‫‪ )4‬منهج المسح االجتماعي‪:‬‬
‫استخدم هذا المنهج في وصف وتفسير الظاهرة الدينية وله ارتباط بالمنهج الوصفي‪ ،‬غير‬
‫أنه أ كثر تركيزا ودقة منه‪ ،‬وقد استخدم أيضا هذا المنهج في دراسة االنتماء الديني فقد تم‬
‫اعتماده في معرفة ما إذا كان هناك انضباط حقيقي للدين وبنفس الدرجة للمنتمون لنفس‬
‫الديانة وأيضا تم اعتماده لدراسة المداومة على الذهاب لدور العبادة (المساجد‪،‬‬
‫الكنائس‪ )...‬والمداومة على الصالة ومعرفة إتجاهات الطائفة الدينية واعتقاداتها وهو‬
‫عموما يفيد فى ايجاد ارتباطات بين سمات دينية محددة واتجاهات اجتماعية معينة‪.‬‬
‫الحصتين األخيرتين‬
‫السياق التاريخي لظهور الدين اإلسالمي بشبه الجزيرة العربية‪ ،‬والتي كانت تعاني من‬
‫الصراعات بين القبائل في الوقت الذي كانت اإلمبراطورية البيزنطية قوية وتتمدد ‪.....‬‬
‫فكان لزاما وجود قائد‪/‬كريزما للتغيير ينتمي لنفس القبيلة وهنا نتحدث عن كاريزمية فيبر‬
‫فالتغيير للخروج من االزمة لم يمكن ممكنا على يد خارجيين (البيزنطيين مثال)‪،‬‬
‫وعندما يكون الظلم سائدا خالل االزمات يكون هنا استعداد وقبول لخضوع القبائل‬
‫الضعيفة ألي قائد‬

‫مقترحات اسئلة لفهم المادة‬


‫‪ )2‬تحدث عن دور الدين في عمليات التغيير االجتماعي؟‬
‫‪25‬‬ ‫سوسيولوجيا األديان‬
‫الفصل الثالت‪ -‬مرتيل‬

‫‪ )8‬تحدث عن الشروط االجتماعية النتشار األديان في المجتمعات المختلفة وكيفية‬


‫تكونها وانتشارها؟‬
‫‪ )8‬كيف ربط فيبر بين تأثير القيم الدينية وقيم العمل وطبقها على األديان المختلفة؟‬
‫‪ )8‬إطرح‪/‬صغ إشكالية تصب في موضوع سوسيولوجيا األديان؟‬

You might also like