Professional Documents
Culture Documents
انية و غيرية +
انية و غيرية +
المشكل:
تحديد" اإلنساني " في اإلنسان؛ أي تحديد ما يكون به اإلنسان إنسانا ،و ما يميز اإلنسان بإطالق عن
الوجود الحيواني.
ما يجعل من تحديد" اإلنساني "مشكال" إمكان مقاربته من خالل حدين متقابلين" :االنية "و "الغيرية"
االنية :ما يتحدد به وجود الشيء فيكون حقيقته و قوامه انية اإلنسـان هـي مـا يكـون بـه اإلنسان إنسانا سواء
بالنظر إليه كفكرة أو كواقع متعين أي ما يثبت وجوده كانسان متمايز بإطالق عن الوجود الحيواني .االنية
بهذا المعنى ترتبط بما جوهري في اإلنسان أي بما هو ثابت ال يلحقه تغير ،وقائم بذاته بحيث ال يحتاج في
تحديد حقيقته أو إلثبات وجوده إلى غيره .الغيرية :ما يتعلق بوجود اإلنسان كالجسد مثال ،إذ ال يمكن إنكار
الوجود الجسدي لإلنسان ،غير أن هذا الوجود يضل عرضي وهامشي ،بمعنى أن وجوده مثل عدمه ال يؤثر
في تحديد االنية.
التحديد الميتافيزيقي لألنية:
تمثل" النفس العاقلة " حقيقة اإلنسان أي مضمون "اإلنساني" في اإلنسان باعتبارها الوجود
المطلق أي الوجود الوحيد الذي ال يمكن تصور عدمه إذ أن عدمه يعني انعدام وجود اإلنسان ذاته؛
فالعقل هو جوهر اإلنسان إثبات وتحديد اإلنساني في اإلنسان يتعلق إذا بالمستوى االنطولوجي أي
إثبات وجود العقل بما هو وجود مطلق يستمد علته من مبدأ مفارق في إطار تصور للوجود يقوم
على أساس تراتبي يمثل " العقل الكلي" فيه المبدأ األول للوجود.
إن إدراك حقيقة النفس واثبات وجودها يتعلق بتجربة ذاتية ترتبط بالتذكر ؛ تذكر الذات
لحقيقتها ،وهو ما يتحقق من خالل إدراك عقلي محض ال تحتاج فيه النفس إلى أية وسائط لتدرك
حقيقتها وتثبت وجودها.
في مقابل جوهرية النفس العاقلة بما هي المحددة لإلنساني في اإلنسان يضل الجسد مجرد عرض
أي صفة وان تعلقت باإلنسان فان وجودها غير ضروري ،إذ إن تصــــور انـعـــدام وجود الجسد
ال ينفي يقينية وجود العقل بما هو خاصية اإلنسان الجوهرية(.مثال الرجل الطائر).
الجسد ،إذن،هو من ضمن الخارجات ؛ أي ما ينتمي إلى مجال الغيرية ،فهو ما هو عرضــــي
مقابل النفس التي وجودها وجودا كليا كونيا معرفيا وانطولوجيا.
االنية بما هي وعي متعال ديكارت:
يرتبط تحديد االنية في سياق الفلسفة الحديثة مع ديكارت بمفهوم " الذاتية" أي إن اإلنساني ال يتحدد بالعقل
بما هو جوهر مفارق يجد يقينه في حقيقة مطلقة و مفارقة وإنما في اإلنسان ذاته ال كفكرة مجردة أو مفهوم
تصوري وإنما في اإلنسان كذات فردية تتميز بهذه القدرة التي يتوفر عليها دون سائر الموجودات المتمثلة
في إمكان تحقيق "الوعي بالذات" .يتحقق هذا "الوعي بالذات" من خالل عودة الذات على ذاتها ؛ تستلزم
هذه العودة اضطالع الذات ،بشكل شخصي وفردي ،بمطلب تحقق الوعي وهو ما يستلزم خوض تجربة
الشك؛ إن ما يميز هذا الوعي انه قرار تتخذه الذات بذاتها لتحديد ماهيتها بمعنى إن الوعي أي معرفة الذات
لذاتها وقدرتها على إثبات وجودها والتحكم فيه ليس معطى خارجي يضاف على الذات من خارجها أو أنه
يجد سنده ومبرره خارج الذات وإنما في عودة الذات ذاتها على ذاتها وهو ما يتجلى في خوض تجربة الشك
:أي إن وعي الذات بذاتها مشروط بهذا القرار الذي يجب أن تتخذه الذات لتأخذ على عاتقها معرفة
واكتشاف حقيقتهـا علـــى نـحـو يقيني وهو ما يستوجب مراجعة وفحص ما تحمله الذات من أفكار حول
ذاتها للتحقق من إن خوض تجربة الشك قيمتها.
وان انتهى بديكارت في مرحلة أولى إلى وضعية يأس وريبية و تعليق للحكم؛ فـانـه مــن خضم حالة
الريبية هذه أي فقدان كل يقين انبجست له حقيقة ساطعة :حدس أول انه يفكــر وبالتالي فهو موجود".أنا
أفكر أنا موجود" ،إذ أن التفكير هو الحقيقة الساطعة التي ال يمكن للشك إال أن يزيـدها اثباتا.
التفكير هو حد اإلنساني في اإلنسان بما إن التفكير هو الحقيقة الوحيدة التي تصمد أمام تجربة الشك فحقيقة
اإلنسان وماهيته " :األنا أفكر " يمثل جوهر اإلنسان .يتنزل الكوجيتو منزلة اليقين ،يقينا مؤسسا من حيث
هو الحقيقة األولى التي ستسمح الحقا بإثبات بقية الحقائق .بذلك فان الكوجيتو يثبت نفسه بنفسه؛ من خالل
عودة الذات على ذاتها وتأملها فيما تحمله من معارف،وهي في ذلك ال تحتاج ألي واسطة لتدرك وتثبت
وجودهـا بــل إن إثبات وجود الذات يقتضي بداية كما سبق وأن أشرنا إلى ضرورة إستفراغ الذات مــن
كــل ما هو خارج الذات يتعين اإلنساني إذن بما هو أنانة تعي ذاتها بذاتها في استقالل وتعــال عن كل
"الخارجات" .مقتضى االنية هو هذا الوعي ؛ وعي الذات بذاتها كذات مفكرة؛ إذ منذ اللحظة التي تشرع
فيها الذات بالتفكير تعي مباشرة بوجودها .لذلك فإني أن انقطعت عن التفكير تماما انقطعت عن الوجود
تماما" .وبالتالي فان األنا أفكر مكتفيا بنفســه بــل انـه ليس فقط غير محتاج في إثبات وجوده إلى استبعاد
الجسد والعالم واآلخر بل إن هذا االستبعاد هو شرط إمكان إثبات هذا الوجود الذي للذات إثباتا يقينيا .إذا
كانت تجربة الشك تنتهي إلى إثبات وجود األنا فان هذه التجربة ال تقول لنا ما هي حقيقة هذا "األنا" .يميز
ديكارت داخل األنا بين النفس بما هي نفس مفكرة أو "جوهر مفكر " و "الجسد" بما هو عرض ال يمكن إن
يمثل حقيقة اإلنسان ألنه ال يتصف بذاته بخاصيات البداهة واليقين فهو مجرد موضوع للمعرفة يتحدد "
كجوهر ممتد" .فتصور ديكارت لإلنسان يقوم إذن على أساس ثنائية هي " ثنائية النفس والجسد" .في إطار
هذه الثنائية تتعالى النفس على الجسد فالنفس هي جوهر اإلنسان فيما يكون الجسد مجرد عرض هامشي
بذلك يكون مجال الجسد هو مجال الغيرية.
المكتسبات:
تتحدد االنية عند ديكارت في وعي الذات بذاتها ،أي معرفة حقيقتها واثبـــات وجودها .خاصية
الوعي هي التي تشكل اإلنساني في اإلنسان وتميزه بشكل مطلق عن الحيوان.
هذا الوعي ال يتحقق إال من خالل فاعلية الذات وجهدها الشخصي من خالل خوض تجربة الشك
أي فحص ومراجعة كل ما تحمله الذات من معارف وعدم قبول أي معطـــى باعتباره يقيني ما لم
يتصف بالبداهة :يتعلق األمر إذن بالتحرر من الموروث الثقافي كما من االنطباعات العفوية حول
حقيقة الذات.
اليقين الوحيد الذي تمتلكه الذات هو يقينها في وجودها كذات مفكرة :التفكير هو ما يثبت وجود
الذات :أنا أفكر أنا موجود.
حقيقة الذات تكمن في التفكير فاإلنسان هو "جوهر مفكر".
الجسد وان كان في ذاته جوهر "جوهر ممتد" فهو بالنسبة للنفس مجرد عرض - .ثنائية النفس
والجسد عند ديكارت تقوم على أساس أفضلية وتعالي النفس على الجسد.
مسلمات موقف ديكارت ما يجعل من تحقق الوعي ممكنا هو توفر اإلنسان على "العقل" ف "العقل
أعدل قسمة توزعا بين البشر " :حسن استعمال العقل هو الكفيل بجعلنا نبلغ اليقين.
الضمنيات:
الوجود اإلنساني يختلف جذريا وبشكل مطلق على الوجــود الـحـيـوانـي بـمـا أن اإلنسان هو
الكائن الذي ينفرد بميزة العقل.
االستتباعات:
األنا الديكارتي مكتف بذاته ال يحتاج لغيره في معرفة حقيقته واثبات وجوده وبذلك يرتبط الجسد
والغير بمجال الغيرية أي ما هو عرضي وهامشي.
المبررات الحواس التي تحيل على الجسد ال تقدم لنا غير معرفة ظنية ال يمكن الوثوق بها
واالعتماد عليها لتأسيس اليقين" يجب أن ال نثق في من خدعنا مرة واحدة"
المكتسبات:
إدراك حقيقة اإلنسان يستوجب التخلي عن مفهوم النفس واالستعاضة به بمفهوم الجهاز النفسي.
يبرز الجهاز النفسي أن الحياة النفسية ال تقوم على الوحدة وإنما الكثرة -يتشكل الجهاز النفسي من
ثالث منظومات الهو واالنا واالنا األعلى.
تقوم العالقة بين الهو واالنا األعلى على أساس الصراع نظرا لتناقض المبدأ الذي يوجه كل منهما
فان كان المبــدأ الموجه للهـو هـو تحقيق اللذة فـان مـا يـوجـه األنــا األعلـى هـو الخضوع لمبدأ
الواقع - .يعمد األنا لكبت غرائزه تحت تأثير هذا الصراع لتحقيق توازنها الالوعي هو مجموع
الرغبات المكتوبة.
الجزء األكبر من حياتنا يقع تحت تأثير الالوعي دون أن نكون على وعي بذلك
المسلمات:
تمثل الغرائز الجنسية المحرك األساسي للوجود اإلنساني.
الضمنيات:
ليس العقل هو ما يكون به اإلنسان أنسانا وإنما الجسد.
االستتباعات:
تحقيق السعادة غير ممكن بالنسبة لإلنسان ألنه ال يمكن تحقيق التوافق بين الهو واالنا األعلى.
اآلخر هو الغير أي كل ما هو غير األنا سواء كان إنسانا أو حيوانا أو شيئا من األشياء اآلخر الذي
يثير مشكال حقيقيا في عالقة باالنية هو اإلنسان اآلخر باعتباره فـــي الوقت نفسه " المختلف "و "
الشبيه".
الشبيه :ما يجعل من عالقة األنا معه ضرورة وحاجة ؛ فهو ما تشترك معه األنــا فـي مقومات
اإلنسانية فيكون التواصل معه ممكنا و ضروريا في نفس الوقت
المختلف :هو أنا آخر بمعطيات نفسية ومعرفية وقيمية وثقافية مختلفـة وهـو مـا يجعـل حضوره
مشكال بالنسبة لالنا.
فما هو وجه ضرورة حضور اآلخر؟