Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19

‫القانون الدولي الخاص ‪:‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫لقد اصبحت المجتمعات الحديثة تعرف حركية جد مرتفعة ومتزايدة من حيث انتقال االفراد من دولهم الى‬
‫دول أخرى وأصبحت الدول الحديثة يحتاجون إلبرام تصرفات قانونية سواء ما تعلق منها بالجانب المالي‬
‫او الجانب االسري ومن هنا نجد القانون الدولي الخاص نطاق تطبيقه ويحدد بواسطة مجموعة من‬
‫األليات القانون الواجب التطبيق على العالقة ذات العنصر االجنبي باإلضافة الى مواضيع افرد مثل تنفيذ‬
‫االحكام االجنبية و موضوع الجنسية ‪ .‬ومن هنا يمكن تعريف القانون الدولي الخاص بأنه ذلك القانون‬
‫الذي يحكم ا لعالقات القانونية ذات العنصر االجنبي اي كلما كان احد عناصر العالقة القانونية ( اطراف‪.‬‬
‫محل ‪ .‬السبب ) اجنبيا يتدخل القانون الدولي الخاص من اجل حل االشكاالت المرتبطة بها بواسطة‬
‫مجموعة من االليات اهمها قواعد االسناد ‪ .‬ومن امثلة االشكاالت التي تطرح في القانون الدولي الخاص‬
‫ان يذهب مغربي متزوج من امرأتين الى فرنسا التي يحرم قانونها التعدد او أو ان يستقر مغربي مع‬
‫زوجته في ايطاليا ثم بعد ذلك اراد ان يتطلقا في ايطاليا التي تحرم الطالق وهذا ما يسمى بتنازع القوانين‬
‫وهو ابرز مواضيع القانون الدولي الخاص ‪ .‬لقد اختلف الفقهاء حول تحديد طبيعة القانون الدولي الخاص‬
‫هل فرع من فروع القانون العام او فرع من فروع القانون الخاص فأنصار الفكرة االولى يدافعون عن‬
‫ذلك بكون ان هذا القانون ال يتدخل اال عند وجود عنصر اجنبي اي الطبيعة الدولية كما انه يعتمد على‬
‫المعاهدات الدولية كمصدر من مصادر ه اما انصار الفكرة التانية فيدافعون عنها بكون القانون الدولي‬
‫الخاص هو قانون وطني ألنه له مصادر وطنية كدستور و قانون الجنسية إال ان الرأي الراجع هو الذي‬
‫يعتبر القانون الدولي الخاص فرعا من فروع القانون الخاص على اعتبار أنه يحكم العالقات الخاصة بين‬
‫االفراد وال تدخل فيه الدولة بوصفها سلطة ذات سيادة ‪.‬‬
‫مصادر القانون الدولي الخاص ‪:‬‬
‫يتميز القانون الدولي الخاص بتنوع وشتات في المصادر حيث نجد له ‪:‬‬
‫مصادر خارجية ‪ :‬او دولية وتتمثل في مجموع االتفاقات و المعاهدات التي تبرمها الدولة مع دول‬
‫اخرى والتي تهم تنظيم وضعيات مواطنين هذه الدول فيما بينها باإلضافة الى االعراف الدولية و‬
‫االختصاص القضائي الدولي ‪.‬‬
‫مصادر داخلية ‪ :‬او وطنية و التي تتمثل اساسا في الدستور وكذا في قانون ‪ 02.03‬المتعلق بدخول‬
‫وخروج االجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير الشرعية ‪ ،‬باإلضافة الى قانون الجنسية وكل القواعد‬
‫التي تنظم وضعية االجانب اينما وجدت ( المادة ‪ 128‬من مدونة االسرة و المادة ‪ 16‬من مدونة التجارة )‬
‫سوف نقسم دراية هذه المادة الى قسمين ‪:‬‬
‫الباب االول ‪ :‬تنازع القوانين وتنفيذ االحكام االجنبية وتنازع االختصاص القضائي الدولي ‪.‬‬
‫الباب التاني ‪ :‬احكام الجنسية في القانون المغربي ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫الباب االول ‪ :‬تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي و‬
‫تنفيذ الحكام االجنبية‪:‬‬
‫تشكل مواضيع تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي وتنفيذ االحكام االجنبية اهم مواضيع‬
‫القانون الدولي الخاص اذ انها مواضيع ذات اشكاليات كبيرة على مستوى العالقات الخاصة بين االفراد ‪.‬‬
‫وعليه سنقسم دراستنا لهذه المواضيع لثالثة فصول نخصص االول لموضوع تنازع القوانين و التاني‬
‫لتنازع االختصاص القضائي الدولي و الثالث لموضوع تنفيذ االحكام االجنبية ‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬تنازع القوانين ‪:‬‬
‫ان موضوع تنازع القوانين يشكل اهم موضوع للقانون الدولي الخاص بالنظر الى التطور السريع و‬
‫الفخم لحكم التنقالت بين مختلف دول العالم سواء للدراسة او العمل او االستقرار ‪ ...‬ولهذا تطورت‬
‫االشكاالت المرتبطة بهذه التنقالت على المستوى القانوني اذ ان الشخص الذي يذهب الى دولة اجنبية قد‬
‫يبرم فيها تصرفات قانونية بشتى انواعها بيع شراء او زواج ‪ ...‬وقد يرتكب ايضا خطأ يستوجب‬
‫مسؤولية مدنية مما بطرح اشكال حول القانون الواجب التطبيق عند حدوث نزاع هل قانون موطن‬
‫الشخص اي قانون الدولة التي يتواجد بها ام هو قانون جنسية اي قانون الدولة التي أتى منها ولذلك‬
‫وجدت مجموعة من األليات لحل هذه االشكاالت ومنها قواعد االسناد و التكييف و االحالة ‪.‬‬
‫بناء على ذلك سنقسم دراسة تن ازع القوانين الى مبحثين نخصص االول لتعريق تنازع القوانين وحدوده و‬
‫شروطه فيما نخصص التاني ألهم اليات حل تنازع القوانين ‪.‬‬
‫المبحث االول تعريف تنازع القوانين وحدوده و شروطه ‪:‬‬
‫يقصد بتنازع القوانين تزاحم قوانين دولتين او أكثر يدعي فيها كل قانون بأنه الواجب التطبيق على‬
‫النازلة ذات العنصر األجنبي فالعالقة القانوني ة التي يكون احد عناصرها سواء اطراف او محل او السبب‬
‫اجنبيا تطرح اشكال حول القانون الواجب التطبيق في حال قيام نزاع ومن امثلة االشكاالت التي تطرح‬
‫في موضوع تنازع القوانين ان يذهب شخص كامل االهلية بالنسبة لقانونه الوطني الى دولة اجنبية تعتبره‬
‫مازال قاصرا فإذا قام هذا الشخص بإبرام تصرفات قانونية قام بشأنها نزاع بعد ذلك فهل سيطبق قاضي‬
‫الدولة االجنبية قانونه الوطني وبالتالي سيقرر ابطال التصرف القانوني نظرا لنقصان اهليته ام ان هذا‬
‫القاضي سيطبق قانون جنسية ذلك الشخص وبالتالي سيعتبره كامل االهلية وسيقرر صحة التصرف ‪.‬‬
‫ويطرح ايضا نفس االشكال اذا باع مغربي لفرنسي عقارات في هولندا مثال فأي قانون سيطبق في حالة‬
‫قيام نزاع هل هو قانون المغربي ا و القانون الفرنسي او القانون الهولندي وغيرها العديد من االمثلة التي‬
‫يطرحها النزاع ذو العنصر االجنبي ‪ .‬ان وجود العنصر االجنبي في نازلة معينة ال يعني بالضرورة قيام‬
‫حالة تنازع القوانين اذ ان هناك حدود لقيام هذا النزاع فلكي تكون امام قانونين متزاحمين لحكم عالقة‬
‫قانونية معينة يجب ان ال يرتبط النزاع بقواعد القانون العام الذي تلعب فيه سيادة الدولة دورا هاما اذ ال‬
‫مجال لتطبيق قواعد القانون الدولي الخاص في القضايا الجنائية التي يكون مرتكب الجريمة فيها اجنبيا‬
‫او في قضايا الضرائب التي يكون فيها الملزم اجنبيا وغيرها من القضايا المرتبطة بفرع من فروع‬
‫القانون العام اذ انها محكومة بمبدأ اقليمية القوانين باإلضافة الى ما سبق يجب توفر مجموعة من‬
‫الشروط لتحدث عن تنازع القوانين نجملها في ما يلي ‪:‬‬
‫شروط تنازع القوانين ‪ :‬ضرورة وجود عنصر اجنبي يجب لتحدث عن تنازع القوانين ان يكون احد‬
‫عناصر العالقة القانونية على االقل مرتبط بدولة اجنبية او اكثر فإذا كانت عناصر العالقة القانونية‬
‫الثالث سواء اطراف او محل او السبب كلها وطنية فال مجال للتحدث عن العنصر االجنبي وتنازع‬

‫‪S.T‬‬
‫القوانين ‪ .‬ض رورة اعتراف دولة بقوانين الدولة االجنبية حيث انه اذا لم يكن قانون القاضي يعترف‬
‫بالدولة االخرى وال بقوانينها فال مجال للتحدث عن تنازع القوانين الن الدولة االجنبية في نظر المشرع‬
‫الوطني غير قائمة ونضرب المثال عالقة اغلب الدول العربية بإسرائيل حيث انه اغلب الدول العربية ال‬
‫تعترف بهذا الكيان وهذا ما ذهبت اليه المحكمة االبتدائية بصفرو عند رفضها تذييل حكم صادر عن‬
‫االجهزة االدارية االسرائيلية لعدم اعتراف المغرب بها ‪ .‬ضرورة وجود اختالف بين القوانين المتنازعة‬
‫فإذا كانت القوانين المتنازعة او المتزاحمة تقضي بنفس الحكم فال يمكن الحديث عن تنازع بل ان هناك‬
‫توافق ‪ .‬اال تكون هناك معاهدة او اتفاقية بين الدول المتنازعة قوانينها حيث ان المعاهدات و االتفاقيات‬
‫الدولية المصادق عليها تسمو على القوانين العادية المتنازعة و بالتالي فهي واجبة التطبيق ‪ .‬عدم وجود‬
‫مانع من موانع تطبيق القا نون االجنبي ‪ .‬عدم مخالفة الحكم للنظام العام ‪.‬‬
‫المبحث التاني ‪:‬اليات حل تنازع القوانين ‪:‬‬
‫لقد وجدت لحل االشكاالت التي تدخل في اطار القانون الدولي الخاص اليات و قواعد وذلك من اجل‬
‫ارشاد ال قاضي الى القانون الواجب التطبيق على النازلة ذات العنصر االجنبي المعروضة عليه والتي‬
‫يتزاحم اكثر من قانون لحلها وتتمثل هذه االليات في قواعد االسناد ( المطلب االول ) التكييف ( المطلب‬
‫التاني ) االحالة ( المطلب الثالث ) ‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬قواعد االسناد ‪:‬‬
‫قواعد االسناد هي قواعد قانونية تكون مهمتها ارشاد القاضي الى القانون الواجب التطبيق على النازلة‬
‫ذات العنصر االجنبي والتي تدخل في اطار القانون الدولي الخاص وهذه القواعد هي من وضع المشرع‬
‫الوطني سواء اتخذت شكل قانون وطني او اتخذت شكل معاهدة دولية مصادق عليها (قواعد االسناد‬
‫الدولية) ‪ .‬وبالتالي فإن القاضي عندما يعرض عليه نزاع ذو عنصر اجنبي فإنه يحتكم الى قواعد االسناد‬
‫التي ترشده الى القانون الواجب التطبيق وتقوم هذه القواعد بتصنيف النزاعات ثم تحدد لكل صنف‬
‫القانون المطبق عليه ‪ .‬سنقسم دراستنا لقواعد االسناد الى فقرتين نخصص االولى لدراسة خصائص‬
‫قواعد االسناد غيما سنخصص التانية لدراسة تطبيقات ومضامين هذه القواعد بالنسبة للتشريع المغربي ‪.‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬خصائص قواعد االسناد ‪ :‬تتميز بعدة خصائص منها ‪:‬‬
‫قاعدة االسناد قاعدة وطنية محلية ‪ :‬ان قواعد االسناد هي قواعد قانونية من وضع المشرع الوطني‬
‫وتكون منضمة بالتشريعات الوطنية اي لكل دولة الياتها وقواعدها لحل تنازع القوانين عبر الية قواعد‬
‫االسناد اال انه استثناء قد نجد قواعد اسناد دولية مصدرها بعض المعاهدات الدولية مثل اتفاقية وارسو‬
‫للنقل و ال تعويض ‪ ...‬فيتم اعمال هذه القواعد بدل القواعد الوطنية ‪.‬‬
‫قاعدة االسناد قاعدة غير مباشرة ‪ :‬ويقصد به ان قواعد االسناد ال تطبق مباشرة على النزاع ألنها ال‬
‫تعطي اصال الحل بل هي ترشد القاضي فقط الى القانون الذي يجب عليه تطبيقه وبالتالي المبدأ الذي‬
‫سيعمل به اما مب دأ اقليمية القوانين عبر تطبيق القانون الوطني واما مبدأ شخصية القوانين بتطبيق القانون‬
‫االجنبي ‪.‬‬
‫قاعدة االسناد قاعدة محايدة ‪ :‬ومفادها ان قواعد االسناد ال تنظر الى مضمون القانون المطبق او عادل او‬
‫ظالم بل هي تقرر تطبيق قانون معين على طائفة معينة من العالقات وترتبط بينها بشكل مجرد و محايد‬
‫فمثال قاعدة االسناد المغربية تسند االهلية الى قانون جنسية الشخص دون النظر الى كون هذا القانون‬
‫عادل او صالح بالنسبة له بل هي تقرر هذه القاعدة بشكل محايد و مجرد ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫قاعدة االسناد قاعدة مزدوجة الجانب ‪ :‬اي ان هذه القواعد تقرر احدى الفرضيتين اما تطبيق القانون‬
‫االجنبي و بالتالي االخذ بمبدأ شخصية القوانين واما االخذ بالقانون الوطني اي مبدأ اقليمية القوانين وهذه‬
‫الخاصية فرضتها طبيعة قواعد االسناد حيث انها تقوم بترجيح تطبيق قانون معين على حساب قانون‬
‫اخر دون الدخول في جوهر النزاع ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬تطبيقات قواعد االسناد و مضامينه ‪:‬‬
‫ان القاضي عندما يعرض عليه نزاع ذو عنصر اجنبي ويدخل في اطار القانون الدولي الخاص يحتكم‬
‫الى قواعد االسناد في قانونه الوطني وتتكون قواعد االسناد من ثالث عناصر تؤدي في اخر المطاف‬
‫بالقاضي الى معرفة القانون الواجب التطبيق على النازلة ‪.‬‬
‫الفكرة المسندة ‪ :‬بالنظر الى استخالة ان يعطي المشرع لكل نزاع ضوابط معينة فإنه قام بتصنيف‬
‫العالقات القانونية الى اصناف ويسمى كل صنف بالفكرة المسندة وداخل هذه الفكرة المسندة توجد‬
‫عالقات قانونية مرتبطة ومتشابهة فيما بينها فمثال قضايا الزواج و الطالق و االهلية تدخل كلها في اطار‬
‫فكرة مسندة واحدة هي االحوال الشخصية وايضا التصرفات القانونية تشكل فكرة مسندة وكذلك المراكز‬
‫القانونية المتعلقة بإكساب الملكية والحيازة وتقرير الحقوق العينية قام المشرع بجمعها في فكرة مسندة‬
‫واحدة هي فكرة مركز االموال ‪.‬‬
‫ضابط االسناد ‪ :‬يعتبر ضابط االسناد هو المرشد او المعيار المختار لحكم العالقة القانونية فاألحوال‬
‫الشخصية و االهلية اخضعها المشرع لقانون جنسية الشخص وفق ضابط االسناد اما التصرفات فمن‬
‫حيث الشكل اخضعها لقانون االرادات اي قانون الذي اختاره الطرفان اما من حيث الموضوع فقد‬
‫اخضعها لقانون محل ابرامها ا ما االموال سواء منقولة او عقارية اخضعها المشرع لقانون محل تواجدها‬
‫اما االلتزامات الناشئة عن المسؤولية المدنية فقد اخضعها المشرع لقانون محل وقوع الضرر ‪ ...‬وكلها‬
‫ضوابط االسناد ترشد القاضي للقانون الواجب التطبيق ‪.‬‬
‫القانون المسند اليه ‪ :‬بعد تصنيف القاضي للنزاع وفق فكرة مسندة و التعرف على ضابط االسناد المتعلق‬
‫بهذه الفكرة يبقى فقط عليه تطبيق القانون الذي ارشده اليه ضابط االسناد وعليه ان يحاول جاهدا بما‬
‫يمليه عليه التزامه القانوني بالبحث عن حل النازلة في القانون الذي ثم االرشاد اليه ‪.‬‬
‫المطلب التاني التكييف ‪:‬‬
‫يق صد بالتكييف تلك العملية التي يقوم بها القاضي من اجل تحديد الوصف السليم للنزاع المعروض عليه‬
‫هل يتعلق باألحوال الشخصية ام االهلية ام بشكل التصرف ام باألموال ام بالمسؤولية المدنية ‪ ...‬وذلك‬
‫من اجل وضعها في فكرة مسندة لمعرفة ضابط االسناد وبالتالي معرفة القانون المسند اليه والواجب‬
‫التطبيق ‪ .‬فعملية التكييف هي عملية سابقة على تطبيق قواعد االسناد اذ انها العملية التي يقوم من خاللها‬
‫القاضي بتحديد طبيعة النزاع من اجل تحديد القانون الواجب التطبيق من خالل قواعد االسناد ‪ .‬تكمن‬
‫اهمية التكييف في القانون الدولي الخاص في وضع النزاع داخل حقل معين من العالقات القانونية وذلك‬
‫من اجل معرفة القانون الواجب التطبيق على النازلة فيما بعد ‪ .‬ويؤدي اي خطأ او خلل في عملية‬
‫التكييف الى خطأ في تطبيق قواعد االسناد وبالتالي الى تطبيق قانون غير مختص ‪ .‬ان التكييف ال‬
‫يقتصر على القانون الدولي الخاص فقط بل نجده ايضا على المستوى الوطني حيث ان القاضي في‬
‫النزاعات الوطنية يكون عليه البحث في موضوع العقد هل هو عقد بيع او كراء ‪ ...‬وايضا في تكييف‬
‫الجرائم هل جنايات او جنح وهل هي تتعلق مثال بالسرقة ام خيانة امانة ‪...‬‬

‫‪S.T‬‬
‫سوف نقوم في هذا المطلب دراسة اهمية وتأثير ا لتكييف في اطار القانون الدولي الخاص من خال‬
‫مجموعة من القضايا التي عرضت على القضاء الفرنسي ( فقرة اولى ) ثم دراسة النظريات التي تؤطر‬
‫التكييف ( فقرة تانية ) ‪ .‬وايضا النظرية الحديثة في التكييف وموقف التشريعات و القضاء منها ( القرة‬
‫الثالثة ) ‪.‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬اهمية التكييف وتأثيره على مصير القضية ‪:‬‬
‫ان التكييف اهمية بالغة في القانون الدولي الخاص وقد يؤثر اي تكييف خاطئ لوقائع النازلة الى اختالف في الحكم يصل الى حد‬
‫التضارب و التناقض اذا ما ثم بتكييف بطريقة اخرى ومن اجل تبيان ذلك نعرض اربعة قضايا عرضت على القضاء الفرنسي نوضح‬
‫جليا اهمية عملية التكييف ومدى تأثيرها على الحكم‬

‫قضية ميراث المالطي ‪ :‬تتلخص وقائع هذه القضية في ان زوجين مالطيين تزوجا في مالطا ثم هاجرا‬
‫الى الجزائر ايام خضوعها لالستعمار الفرنسي واقاما فيها وتملك فيها الزوج عقارات وبعد وفاته في‬
‫الجزائ ر طالبت الزوجة القضاء الفرنسي بنصيبها من تركة زوجها و المتمثل في نصيب الزوج المحتاج‬
‫الذي يقضي به القانون المالطي ‪ .‬في هذه النازلة نالحظ تجادبا بين القانونين الفرنسي و المالطي فإذا ثم‬
‫تكييف الحق المطالب به من خالل الميراث هو حق عقاري و بالتالي سيطبق القانون الفرنسي ( قانون‬
‫موطن العقار ) واذا ثم تكييف الحق المطالب به على انه مرتبط بالنظام المالي للزوجين فإنه سيطبق‬
‫القانون المالطي ( ألنه مرتبط باألحوال الشخصية ) ‪ .‬في النهاية حكمت المحكمة بأن ادعاء او مطلب‬
‫الزوجة بدخل في فكرة الميراث و القانون الذي يحكم ميراث العقارات هو قانون الفرنسي و طالما ان‬
‫القانون الفرنسي لم يكن يعرف ما يسمى بنصيب الزوج المحتاج فإنه القاضي حكم برفض ادعاء الزوجة‬
‫و بالتالي عدم اعطائها ذلك النصيب ‪ .‬ولو افترضنا ان القاضي كيف االدعاء على انه من النظام المالي‬
‫للزوجين لقام بتطبيق القانون المالطي ولقام بإعطاء الزوجة ذلك النصيب ومن هنا تظهر جليا اهمية‬
‫التكييف و تأثيرها ‪.‬‬
‫قضية وصية الهولندي ‪ :‬وتعتبر ابرز مثال عن اهمية التكييف و تأثيره حيث ان رجال هولنديا مقيم في‬
‫فرنسا ابرم وصية بشكل عرفي حيث ان القانون الفرنسي يعترف بهذا النوع من الوصايا في ذلك الوقت‬
‫وبعد موته قام الورثة بالطعن في تلك الوصية استنادا الى ان القانون الهولندي ال يعترف سوى بالوصية‬
‫المبرمة بشكل رسمي ويقضي ببطالن ما عداها وقاموا بهذا الطعن امام المحكمة الفرنسية ‪ .‬في هذه‬
‫القضية ايضا نجد نزاعا بين القانونين الفرنسي و الهولندي يجب على القاضي الترجيح بينهما وفي‬
‫تكييف هذه النازلة وقع اشكال حول ما اذا كان النزاع يتعلق بشكل الوصية حيث ان القانون الفرنسي‬
‫يعتبر الوثائق الرسمية تتعلق بشكل التصرف و بالتالي فإن القانون الفرنسي هو الواجب التطبيق مما‬
‫يترتب عنه صحة الوصية ام ان النزاع يتعلق باألهلية اذ ان القانون الهولندي يعتبر االجراءات الرسمية‬
‫اجراء مكمال لألهلية وخشية على المواطنين من الضغوطات و االكراهات التي تدفعهم الى ابرام الوصايا‬
‫بشكل عر في و بالتالي فالقانون الهولندي هو الواجب التطبيق ألنه قانون الجنسية الموصي باعتبار النزاع‬
‫يتعلق باألهلية ‪ .‬في االخير حكمت المحكمة بصحة الوصية بإعتبار ان اجراء الرسمي هو اجراء يتعلق‬
‫بشكل التصرف و بالتالي فالقانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي باعتباره قانون محل ابرام‬
‫التصرف ولو قام القاضي بتكييف رسمية الوصية على انها تتعلق باألهلية لكان القانون الواجب التطبيق‬
‫هو القانون الهولندي بإعتبار قانون الجنسية الموصي ‪ .‬نالحظ من خالل هذه النازلة ان القضاء الفرنسي‬
‫قام بالتكييف بناء على قانونه الوطني الذي يقضي بان الرسمية اجراء شكلي للتصرف و بالتالي فقد طبق‬
‫نظرية اخضاع التكييف لقانون القاضي و التي يتبعها اغلب التشريعات و القضاء على مستوى الدولي ‪.‬‬
‫قضية اجدن ‪ :‬وتتلخص وقائعها فب ان فرنسيا تزوج بإنجليزية بغير رضا والديها ثم بعد ذلك طالب‬
‫امام القضاء الفرنسي بإبطال الزواج لعدم رضا الوالدين فكيفت المحكمة عدم رضا الزواج بأنه اجراء‬

‫‪S.T‬‬
‫مكمل لألهلية وبالتالي اخضعته لقانون جنسية الزوج وهو القانون الفرنسي فقضت بإبطال عقد الزواج‬
‫فعادت االنجليزية وتزوجت من زوج تاني انجليزي فعلم الزوج االول بهذا فطالب القضاء االنجليزي‬
‫بإبطال الزواج الثاني لتعدد األزواج فاستجابت له المحكمة وقضت بإبطال الزواج الثاني وبصحة الزواج‬
‫االول من الفرنسي ألن المحكمة اعتبرت بأن عدم رضا الوالدين هو ال يرتبط بالشكل وبالتالي اخضعته‬
‫للقانون اإلنجليزي الذي يقر صحة الزواج دون رضا الوالدين ‪ .‬نخلص في هذه القضية الى ان اختالف‬
‫حكم القضاء الفرنسي عن حكم القضاء االنجليزي في قضية الزواج االول هي راجعة الى اختالف‬
‫تكييف كل من القضاءين فاألول كيفه على انه مرتبط باألهلية فأخضعه للقانون الفرنسي الذي يبطل‬
‫الزواج الذي لم يتم برضا الوالدين اما التاني فكيفه على انه مرتبط بالشكل فأخضعه لمحل ابرام عقد‬
‫الزواج وهو القانون االنجليزي الذي يقر بصحة الزواج الذي لم يتم برضا الوالدين ‪.‬‬
‫قضية زواج اليوناني ‪ :‬تتلخص وقائعها في ان رجل يوناني قام بالزواج من فرنسية وابرما العقد‬
‫بالطريقة المدنية المعمول بها في فرنسا فقام اولياء الزوج بالطعن في عقد الزواج لعدم ابرامه بالشكل‬
‫الديني الذي يقرره القانون اليوناني ويعتبره اجراء موضوعيا وجوهريا في العقد فقضت المحكمة برفض‬
‫طلب أولياء بإبطال عقد الزواج واعتبرت ان الشكل الديني مرتبط بشكل العقد وليس بموضوعه‬
‫فأخضعته بالتالي للقانون الفرنسي الذي هو محل ابرام عقد زواج وبما ان القانون الفرنسي يقر بصحته‬
‫الزواج الذي ال يحترم الشكل الديني فإن القضاء حكم بصحة الزواج وفي هذه القضية ايضا يبدو بجالء‬
‫تطبيق نظرية اخضاع التكييف لقانون القاضي ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬النظريات المؤطرة للتكييف ‪:‬‬
‫نظرية اخضاع التكييف لقانون القاضي ‪ :‬اول من نادى بهذه النظرية هو الفقيه االلماني "كان" وبرجع‬
‫الفضل في بلورتها و ايض اح معاملها الى الفقيه الفرنسي "بارتان" ومفاد هذه النظرية ان تكييف العالقة‬
‫القانونية ذات العنصر االجنبي يجب ان يخضع لقانون القاضي الذي عرض عليه النزاع وقد برز بارتان‬
‫ذلك بمجموعة من المبررات ابرزها عنصر السيادة ‪ .‬ومن مميزات كذلك كون القاضي المعروض عليه‬
‫النزاع متأثر بقانونه الوطني وقد تلقى تكوينه في هذا القانون فليس منطقي ان نلزمه بالرجوع الى القانون‬
‫االجنبي ودراسته و تحليله من اجل تكييف القضية وقد اشتهد بارتان كذلك بمواقف للقضاء الفرنسي من‬
‫عملية التكييف و بالخصوص موقفه من قضيتي "ميراث المالطي" و "وصية الهولندي" وقد قام القاضي‬
‫في هاتين النازلتين بتكييفهما وفقا للقانون الفرنسي ثم رد على هذه النظرية مجموعة من االستثناءات‬
‫يمكن خاللها اجراء التكييف وفقا للقانون االجنبي وهي ‪- :‬اخضاع تكييف المال ما اذا كان عقارا ام‬
‫منقوال الى القانون موقع المال او قانون العلم بالنسبة للسفن و الطائرات ‪-.‬اخضاع تكييف الفعل الضار‬
‫(مسؤولية التقصيرية عقدية جنائية) الى مكان وقوع الضرر ‪-.‬في حالة استحالة اجراء التكييف وفقا‬
‫لقانون القاضي نظرا لجهله بنظام معين مثل ربع الزوج المحتاج عندما عرض على القاضي الفرنسي ‪-.‬‬
‫حالة ورود قاعدة االسناد في معاهدة دولية ‪.‬‬
‫نظرية اخضاع التكييف وفقا للقانون المختص لحكم النزاع ‪ :‬وهي نظرية عكسية للنظرية االولى صاغها‬
‫الفقيه الفرنسي "ديس بانييه" ومفادها ان التكييف يجب ان يخضع للقانون المختص لحكم النزاع والذي‬
‫اشارت اليه القواعد االسناد ففي القضايا االهلية اذا كانت قواعد االسناد تعطي االختصاص للقانون‬
‫االجنبي فيجب ان يخضع لهذا القانون النزاع في مجمله وفي كافة النواحي المرتبطة به بما فيها التكييف‬
‫ومن مزايا هذه النظرية ان مثال تتجنب ما تقع فيه النظرية االولى في حالة ما اذا كان قانون االجنبي‬
‫ينظم مسألة المعروضة على القاضي الذي ال ينظم قانونه هذه المسألة مثل ربع الزوج المحتاج حيث ان‬
‫القاصي في هذه الحالة يقوم بدراسة حل المسألة وفقا للقانون االجنبي ويتم التكييف وفقا له ‪ .‬رغم وجاهة‬
‫االسانيد التي تق وم عليها هذه النظرية اال انها لقيت انتقادات شديدة جعلتها نظرية متجاوزة حيث انه يعاب‬

‫‪S.T‬‬
‫عليها بعد مرحلة االسناد سابقة على عملية التكييف في حين اننا نحتاج الى التكييف من اجل اسناد‬
‫القضية الى القانون المختص ففي قضية ميراث الهولندي احتجنا الى تكييف القضية اوال اما في حالة‬
‫النظام المالي للزوجين وبالتالي خضعوها للقانون المالطي واما في خانة الميراث في العقارات و بالتالي‬
‫خضعها للقانون الفرنسي وايضا نفس الشيء بالنسبة لوصية الهولندي وزواج اليوناني واغلب قضايا‬
‫القانون الدولي الخاص اذن فنحن نحتاج الى تكييف من اجل التوصل الى القانون المختص فكيف اذا‬
‫نخضع التكييف للقانون المختص الذي اصال لم تعرفه بعد ‪.‬‬
‫اخضاع التكييف للقانون المقارن ‪ :‬في ظل التجاذب بين النظريتين االولتين ظهرت هذه النظرية التي جاء‬
‫بها الفقيه االلماني "رابل" ومفادها ان القاضي في تكييفه للنازلة يجب ان يستند الى المفاهيم الدولية في‬
‫تلك المسألة دون ان يتقيد بمفاهيم قانونه الوطني اذ ان النزاعات في القانون الدولي الخاص ذات طبيعة‬
‫دولية يجب على القاضي ان يستند فيها الى المفاهيم القانونية الدولية و ذلك عبر دراسة كال القانونين او‬
‫القوانين المتنازعة وتحليلها ثم التوصل الى الحلول ومفاهيم مشتركة لحل النزاع ‪ .‬بالرغم من سداد هذا‬
‫الرأي وتجاوزه لالنتقادات التي لحقت النظرية االولى في ما يتعلق بالحالة التي يواجه فيها القاضي نظاما‬
‫غير معروف في قانونه الوطني اال انها تصطدم بصعوبات عملية مادية تتمثل في عدم تقدم الدراسة‬
‫المقارنة في كا فة فروع القانون و ايضا لتمسك كل دولة بالمفاهيم القانونية الخاصة بها وعدم التنازل‬
‫عنها باإلضافة الى انه من غير المنطقي ان نتقل كاهل القاضي بدراسة وتحليل قوانين عدة دول فهي‬
‫مهمة جد شاقة ان لم تكن مستحيلة ‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬النظرية الحديثة في التكييف وموقف التشريعات و القضاء منها ‪:‬‬
‫يأخذ الفقه الحديث بنظرية اخضاع التكييف لقانون القاضي ألنها النظرية االقرب نظرا لتماشيها مع واقع‬
‫العملي لكن ال يغفل الفقهاء الدور الذي يمكن ان يلعبه القانون االجنبي في عملية التكييف خصوصا في‬
‫حالة التي ال يعرف فيها قانون القاضي النظام القانوني لحكم النازلة مثل نصيب الزوج المحتاج ‪ .‬اما‬
‫بخصوص التشريعات و القضاء المقارن فان اغلبها تقر بنظرية التكييف وفقا لقانون القاضي بل و قد تم‬
‫تضمينها في مجموعة من االتفاقات الدولية و بالتالي فهذه النظرية تلقى انتشارا واس‪٦‬ا بين مختلف‬
‫االنظمة القانونية االنغلوساكسونية و الفرنكفورتية وقد تبنتها التشريعات كل من فرنسا ايطاليا اسبانيا‬
‫انجلترا ‪ ....‬اما بخصوص موقف التشريع المغربي فإنه لم يتطرق لمسألة التكييف على عكس نظيره‬
‫المصري الذي نص صراحة على خضوع التكييف ل لقانون المغربي اال ان القضاء المغربي يتبنى نظرية‬
‫التكييف وفقا للقانون المغربي ‪.‬‬
‫أنواع تنازع القوانين ‪ :‬في اطار التنازع بين القوانين فان االخر ال يخرج عن افتراضين هما التنازع‬
‫االيجابي و التنازع السلبي ‪.‬‬
‫التنازع االيجابي ‪ :‬نكون امام تنازع ايجابي عندما يقضي كل من القانونين الوطني و االجنبي بحكم‬
‫العالقة القانونية ومثال ذ لك لو ان فرنسيا مقيما في انجلترا وابرم تصرفا متعلقا بحالته االهلية فهنا القانون‬
‫الفرنسي سيقضي باختصاصه لحكم هذه التصرف ألنه يخضع لحالة الشخص واهليته لقانون الجنسية كما‬
‫ان القانون االنجليزي ايضا يقضي باختصاصه لحكم هذه العالقة ألنه يخضع حالة الشخص واهليته‬
‫لقانون الموطن وهو هنا القانون االنجليزي ‪ .‬في هذا االطار نقول على ان الفقه و القضاء ذهبا الى انه‬
‫يجب على كل قاض ان يطبق قانونه الوطني احتراما لمبدأ سيادة القانون على اقليم الدولة ‪.‬‬
‫التنازع السلبي ‪ :‬يتحقق التنازع السلبي عندما يعتبر كل من القانونين المختلفين انه غير مختص لحكم‬
‫نازلة او القضية معينة ففي حالة ما اذا قام شخص انجليزي مقيم بفرنسا بتصرف له عالقة باألهلية او‬
‫االحوال الشخصية فهنا القانون الفرنسي يقضي وفق قاعدة االسناد الفرنسية بان القانون الواجب التطبيق‬

‫‪S.T‬‬
‫على النازلة هو قانون جنسية الطرف اإلنجليزي بينما القانون االنجليزي وحسب قاعدة اسناده فإنها تمنح‬
‫االختصاص لقانون الموطن و ليس لقانون الجنسية كما هو الحال المشرع الفرنسي وبالتالي نالحظ كيف‬
‫ان القانونين سواء الفرنسي او االنجليزي كل منهما يتخلى عن اختصاصه لألخر لحمم تلك العالقة‬
‫القانونية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬االحالة ‪:‬‬
‫ان القاضي عندما يقوم بتكييف نزاع ثم اخضاعه للقانون المختص لحل النزاع ال يكون قد انهى االشكال‬
‫ووجد القا نون الواجب التطبيق فقد بحدث ان تشير قواعد االسناد الدولة التي اشارت اليها قواعد االسناد‬
‫القاضي الى اختصاص دولة ثالثة او الى ارجاع االختصاص الى الدولة نفسها التي رفضت االختصاص‬
‫او مرة ومثاله ان يكون انجليزي مقيم بالمغرب لديه نزاع في المحكمة المغربية يتعلق بأهلية فمن المعلوم‬
‫ان قواعد القانون المغربي تشير الى اختصاص القانون االنجليزي واذا ما رجعنا الى القانون االنجليزي‬
‫نجده في قواعد اسناده يعطي االختصاص الى القانون الموطن و هو القانون المغربي ‪ .‬سوف نقسم‬
‫موضوعنا الى النظريات المؤطرة لإلحالة ثم بعد ذلك الى انواع االحالة ‪.‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬النظريات الفقهية حول االحالة ‪:‬‬
‫لقد انقسم الفقهاء الى قسمين مؤيدون لنظرية االحالة و معارضون لها ‪.‬‬
‫المؤيدون لنظرية االحالة ‪ :‬ان المؤيدون لنظرية االحالة يرون بأن قاعدة االسناد عندما تشير الى تطبيق‬
‫القانون االجنبي فإنها تشير الى تطبيقه بالكامل سواء ما تعلق بالشكل او بالموضوع وبالتالي فيجب‬
‫استشارة قواعد االسناد القانون االجنبي ان كان مختصا ام ال فان قضت هذه القواعد باختصاصه فما على‬
‫القاضي اال تطبيقه اما اذا اشارت بعدم االختصاص فإنه يتعين البحث من جديد عن القانون المختص ‪.‬‬
‫تثير هذه النظرية اشكاال عند عدم التوص ل الى القانون مختص لحل النازلة مثاله انجليزي مقيم في فرنسا‬
‫اثير نزاع بشأن اهليته لدى القضاء الفرنسي فهذا االخير تطبيقا لقواعد اسناده الوطنية سيشير الى تطبيق‬
‫القانون االنجليزي لكن بعد الرجوع الى القانون االنجليزي نجده يسند االختصاص لقانون الموطن‬
‫(القانون ال فرنسي ) وبالتالي سنكون امام حلقة مفرغة ولذلك من اجل التلطيف من هذه النظرية فان‬
‫القضاء في هذه الحالة سيطبق قانونه الوطني "قانون القاضي" على النازلة التي لم يتم التوصل الى حل‬
‫لها بتطبيق نظرية االحالة اما في حالة التوصل في االخير الى قانون المختص فان القاضي سيطبق هذا‬
‫القانون ‪.‬‬
‫المعرضون لنظرية االحالة ‪ :‬من اجل تجنب الحلقة المفرغة التي قد تسببها تطبيق نظرية االحالة وبالتالي‬
‫عدم التوصل الى القانون المختص لحل النازلة فان جانبا من الفقه يرى بعدم الحاجة الى تطبيق نظرية‬
‫االحالة ابدا ويرون بأنه اذا اشارت قواعد االسنا د الوطنية الى تطبيق قانون اجنبي فان القاضي يحتكم الى‬
‫الجانب الموضوعي لهذا القانون من تجل حل النازلة لذلك فال حاجة الى البحث في قواعد االسناد‬
‫االجنبية ‪.‬‬
‫موقف المشرع و القضاء في نظرية االحالة ‪ :‬لقد ذهب اغلب االجتهادات القضائية الدولية الى تطبيق‬
‫نظرية االحال ة حيث انه ومنذ نازلة الشهيرة االي عرضت على القضاء الفرنسي و هي "قضية فورجو"‬
‫وطبق عليها القضاء نظرية االحالة بين القانونين الفرنسي و البافاري توالت االحكام من مختلف الدول و‬
‫التي طبقت فيها نظرية االحالة ‪ .‬اال انه في حالو عدم التوصل الى القانون مختص لحكم النازلة فان‬
‫القاضي في االخير يطبق قانونه الوطني ومن امثلة ذلك النازلة التي عرضت على القضاء العراقي بشان‬
‫زواج بريطانية فقد ثم اسناد االختصاص وفقا لقواعد االسناد للقانون االنجليزي وبالرجوع الى هذا‬

‫‪S.T‬‬
‫االخير نجده في قواعد اسناده يرجع االختصاص للقانون العراقي و في االخير طبق القاضي العراقي‬
‫القانون العراقي على النازلة ‪.‬‬
‫االحالة ‪:‬‬ ‫الفقرة التانية ‪ :‬انواع االحالة ‪ :‬يمكن تمييز بين ثالث انواع من‬
‫االحالة من الدرجة االولى ‪ :‬وتسمى ايضا الرجوع وتكون في حالة ارجاع القانون المسند اليه‬
‫االختصاص الى القانون الذي اسند له االختصاص اول مرة و مثاله انجليزي متوطن في فرنسا طرح‬
‫نزاع بشأن اهليته لدى القضاء لدى القضاء الفرنسي هذا االخير بتطبيقه لقواعد االسناد الفرنسية سيسند‬
‫االختصاص للقانون االنجليزي اال انه بالرجوع الى هذا االخير نجده يرجع االختصاص للقانون الفرنسي‬
‫وفي هذه الحالة يطبق قانون القاضي تجنبا لترك النزاع دون حل ‪.‬‬
‫االحالة من درجتين ‪ :‬وهي الحالة التي يشير فيها القانون المسند اليه الى تطبيق قانون دولة ثالثة ومثاله‬
‫ان يعرض نزاع امام القاضي المغربي بشأن اهلية انجليزي مقيم بالدنمارك فالقاضي المغربي سيشير الى‬
‫تطبيق قانون الموطن وهو القانون الدانماركي و بالرجوع الى هذا القانون نجده بالفعل يقر ويسند‬
‫االختصاص للقانون الدانماركي و بالتالي فالقاضي المغربي سيطبق القانون الدانماركي على هذا النزاع‬
‫‪.‬‬
‫االحالة المتعددة الدرجات ‪ :‬وهي حالة التي يشير فيها قانون الدولة الثالثة المسند اليه الى تطبيق قانون‬
‫دولة رابعة ‪ ...‬و مثاله ان يطرح نزاع حول وصية انجليزي مقيم و‪.‬م‪.‬أ اثناء اقامته بإيطاليا بأموال‬
‫منقولة موجودة بالمغرب فالقاضي المغربي باعتبار ان الوصية هي من االحوال الشخصية سيخضع‬
‫النزاع الى القانون االنجليزي "قانون الجنسية" وبالرجوع الى هذا االخير نجده يشير الى تطبيق القانون‬
‫االمريكي"قانون الموطن" اال ان هذه القانون يشير الى تطبيق قانون البلد الذي ابرام الوصية وهو القانون‬
‫االيطالي ا ال ان هذه القانون يشير الى تطبيق قانون الجنسية "القانون االنجليزي" وبالتالي نكون امام حلقة‬
‫مفرغة اال ذا ثم تحطيمها بتطبيق قانون معين من طرف القضاء ‪.‬‬
‫الفصل التاني ‪ :‬تنازع االختصاص القضائي الدولي ‪:‬‬
‫ان مسألة تنازع االختصاص القضائي الدولي هي مرحلة سابقة عن تنازع القوانين حيث ان القاضي قبل‬
‫ان ينظر في مسألة التكييف وقواعد االسناد ينظر اوال هل هو مختص في حل النزاع او ال و بالتالي فإن‬
‫تنازع االختصاص القضائي هو تحديد المحكمة او المحاكم المختصة بالنظر في النزاعات ‪ .‬ويعد‬
‫االختصاص القضائي دورا هاما في القانون الدولي الخاص حيث انه قد يؤثر بشكل جدري على الحكم‬
‫الذي سيرد على النازلة فلو ان ايطاليا رفع دعوى الطالق بالمغرب فان القضاء المغربي سيطبق وفقا‬
‫لقواعد االسناد بتطبيق القانون االيطالي "قانون الج نسية" ولما كان هذه القانون ال يعتد بالطالق اال في‬
‫اضيق الحدود فان القاضي المغربي قد يحكم بعدم قبول طلب التطليق في حين انه اذا رفع هذا االيطالي‬
‫طلب التطليق الى المحاكم االنجليزية ستقضي وفقا لقواعد اسنادها بتطبيق قانون الموطن فان كان‬
‫االيطالي متوطنا بدولة يب يح قانونها الطالق فان المحكمة االنجليزية ستقضي بالطالق وبالتالي فاختالف‬
‫المحاكم واختصاصها يؤدي الى اختالف جدري في االحكام التي ستصدرها وبالتالي وجب ضبط‬
‫اختصاص كل محكمة من اجل سد الباب امام اي تحايل او غش يرمي الى استعمال اختصاص المحاكم‬
‫من اجل تطبيق قانون غ ير مختص اصال او انه في صالح المتقاضي ‪ .‬من المعلوم ان لكل دولة الحرية‬
‫في تقرير اختصاص ووالية محاكمها وهذه الحرية مطلقة ال تجد سوى بعض القيود التي تقرها‬
‫المعاهدات و االعراف الدولية ومن امثلتها وجوب احترام الدول عند رسم خريطة اختصاصاتها القضائية‬
‫مراعاة ضرورة وجود رابطة بين احد عناصر النزاع وبين محكمة تلك الدول ‪ .‬وكذلك وجوب احترام‬
‫المعاهدات و االعراف الدولية المتعلقة بالحصانة الديبلوماسية و القضائية التي تعفي رؤساء الدول و‬

‫‪S.T‬‬
‫اعضاء السلك الديبلوماسية من الخضوع للمحاكم االجنبية بل يخضعون للمحاكم الوطنية وكذلك القاعدة‬
‫التي تقضي باختصاص محاكم الموطن في النزاعات المعروضة عليها أيا كانت جنسية االطراف ‪ ....‬اما‬
‫غير ذلك من ما هو غير منصوص عليه في القانون الدولي "المعاهدات و االعراف" فان الدولة تتمتع‬
‫بكامل الحرية في تحديد اختصاص المحاكم بالنسبة للمغرب فان المحاكم المغربية تختص بالنظر في‬
‫النزاعات ذات العنصر االجنبي التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بأموال موجودة بالمغرب سواء كانت منقوالت او عقارات اي تلك النزاعات التي‬
‫تنصب على حقوق على اموال معينة موجودة بالمغرب ‪.‬‬
‫‪ -‬القضايا المرفوعة ضد مغربي اي التي يتم رفعها امام المحاكم المغربية ضد مغربي باستثناء ما يتعلق‬
‫بعقارات في دولة اخرى‬
‫‪ -‬القضايا المرفوعة ضد االجانب الذين لهم موطن او محل اقامة بالمغرب شريطة ان ال يتعلق النزاع‬
‫بعقار موجود بدولة اجنبية‬
‫‪ -‬القضايا المتعلقة باالل تزامات المنشأة او المنفدة او التي ستنفد بالمغرب‬
‫‪ -‬القضايا المتعلقة بإفالس ثم شهره بالمغرب ‪ -‬قضايا التي يتفق االطراف على اسناد االختصاص فيها الى‬
‫المحكمة المغربية اما بشكل صريح او ضمني حتى وان عارض هذا االتفاق قواعد االختصاص‬
‫القضائي‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬تذييل االحكام االجنبية بالصيغة التنفيذية ‪:‬‬
‫يعتبر موضوع تنفيذ االحكام االجنبية موضوعا من مواضيع القانون الدولي الخاص ويعني بإعطاء‬
‫الطابع التنفيذي لألحكام الصادرة عن القضاء األجنبي وكذا العقود و االتفاقات المبرمة امام السلطات‬
‫االجنبية وذلك من اجل ان يصير لهذا الحكم ا لقضائي او االتفاق او العقد قوة تنفيذية داخل الدولة المراد‬
‫تنفيذه فيها ‪ .‬لقد نظم المشرع المغربي احكام تنفيذ االحكام الصادرة عن القضاء االجنبي وفق الفصول‬
‫‪ 430‬كما عدل و تمم بالقانون ‪ 61.19‬و ‪ 431‬و ‪ 432‬من ق‪.‬م‪.‬م وكذا المادة ‪ 128‬من مدونة االسرة‬
‫التي تحيل الفصول ا لثالث المذكورة فيما يتعلق باألحكام الصادرة من المحاكم االجنبية بالطالق او‬
‫التطليق او الفسخ او الخلع ‪ ...‬وبالرجوع الى الفصل ‪ 430‬من ق‪.‬م‪.‬م كما تم تتميمه بالقانون ‪ 61.19‬وكذا‬
‫الفصل ‪ 431‬من ق‪.‬م‪.‬م نجدهما نصا على مجموعة من الشروط الواجب توفرها في الحكم االجنبي من‬
‫اجل اعطاءه الصيغة التنفيذية اما الفصل ‪ 432‬من ق‪.‬م‪.‬م نجده يعطي للعقود و االتفاقيات المبرمة امام‬
‫السلطات االجنبية نفس الحكم الوارد بالفصلين السابقين ‪ .‬و عليه سنقسم دراسة الشروط الى قسمين‬
‫ا لمطلب االول ‪ :‬الشروط الشكلية للتذيل بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬
‫المطلب التاني ‪ :‬الشروط الموضوعية للتذييل بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬الشروط الشكلية للتذيل بالصيغة التنفيذية ‪:‬‬
‫ويقصد بها االجراءات الواجب اتباعها امام القضاء المغربي من اجل الحصول على اذن بتنفيذ الحكم او‬
‫العقد الصادر في دولة اجنبية وتتمثل هذه الشروط الشكلية اساسا في تقديم طلب التذييل الى جهة مختصة‬
‫( الفقرة االولى ) وضرورة ارفاق هذا الطلب بمجموعة من الوثائق ( الفقرة التانية ) ‪.‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬تقديم طلب التذييل الى الجهة المختصة ‪ :‬ينص الفصل ‪ 430‬من ق‪.‬م‪.‬م على ان االحكام‬
‫االجنبية وكذا العقود المبرمة بالخارج ال تنفد اال بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة‬

‫‪S.T‬‬
‫االبتدائية لموطن او محل اقامة المدعى عليه او مكان تنفيذ وهكذا فان الجهة التي ينبغي التقدم لها بطلب‬
‫التذييل هي المحكمة االبتدائية وهذا الطلب يتخذ شكل دعوى عادية يتم النظر فيها من طرف المحكمة‬
‫وتكون قابلة للطعن كذلك وفق االجراءات العادية اال ان التعديل الذي طرأ على الفصل المذكور اسند‬
‫االختصاص بالنظر في طلبات تذييل االحكام الصادرة من القضاء االجنبي بالطالق او التطليق او الخلع‬
‫او الفسخ الى رئيس المحكمة او من ينوب عنه وينظر في طلب داخل اجل اسبوع من ايداعه وقرار‬
‫الرئيس بالتذييل بالصيغة التنفيذية في شقه المتعلق بإنهاء العالقة الزوجية ال يقبل اي طعن ماعدا من‬
‫طرف النيابة العامة ويكون الطعن في القرار امام الرئيس االول لمحكمة االستئناف ويتم النظر فيه داخل‬
‫اجل ‪ 10‬ايام ويجب على كتابة الضبط في المحكمة االبتدائية توجيه مقال االستئناف مع المستندات‬
‫المرفقة به الى كتابة الضبط محكمة االستئناف داخل اجل ‪ 3‬ايام من تاريخ الطعن باالستئناف ويكون‬
‫الطعن باالستئناف داخل اجل ‪ 15‬يوم ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬ارفاق الطلب بمجموعة من الوثائق ‪ :‬لقد نص الفصل ‪ 431‬من ق‪.‬م‪.‬م على مجموعة من‬
‫الوثائق يجب ارفاقها بمقال طلب التذييل وهي كالتالي ‪-‬نسخة رسمية من الحكم االجنبي ‪-‬اصل التبليغ او‬
‫كل وثيقة تقوم مقامه ‪-‬شهادة عدم التعرض او االستئناف و الطعن بالنقض بمعنى انه يجب ان يكون‬
‫الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به ‪ -‬ترجمة تامة للحكم االجنبي الى اللغة العربية اذا اقتضى الحال وكذا‬
‫المستندات المشار اليها اعاله وهذه الترجمة ينبغي ان يكون مصادقا عليها من طرف ترجمان محلف ‪.‬‬
‫المطلب التاني ‪ :‬الشروط الموضوعية للتذييل بالصيغة التنفيذية ‪:‬‬
‫ويقصد بها الشروط الواجب توفرها في الح كم االجنبي من اجل اعطاءه الصيغة التنفيذية وهذه الشروط‬
‫يمكن استخالصها من الفقرة التانية من الفصل ‪ 430‬من ق‪.‬م‪.‬م وتتمثل اساسا في صدور الحكم االجنبي‬
‫من محكمة مختصة وعدم مخالفة الحكم االجنبي للنظام العام المغربي او لمعاهدة دولية مصادق عليها من‬
‫طرف المغرب ‪.‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬صدور الحكم االجنبي من محكمة مختصة ‪ :‬حيث تص الفصل ‪ 430‬المذكور انه على‬
‫المحكمة التي قدم اليها طلب التذييل ان تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة االجنبية التي اصدرته‬
‫لكن من المالحظ ان هذا االمر يثقل كاهل المحكمة بالنظر الى قواعد االختصاص في القانون االجنبي اذ‬
‫من المستحيل ان يلم القضاة بمختلف القوانين الموجودة في دول العالم وبقواعد االختصاص بها لذلك يتم‬
‫التعامل بمرونة مع هذا المعطى حيث ذهب اتجاه الى تفسير االختصاص المذكور في الفصل اعاله بانه‬
‫يعني االختصاص القضائي الدولي للمحكمة مصدرة الحكم اي النظر في كون المحكمة االجنبية مختصة‬
‫بحل النزاع ذو العنصر االجنبي او ال كما يجب على المحكمة التحقق من عدم االختصاص الواضح و‬
‫الجلي كنظر محكمة تجارية في نزاع االحوال الشخصية مثال ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬عدم مخالفة الحكم للنظام العام المغربي او معاهدة دولية ‪ :‬لقد تم التنصيص على ضرورة‬
‫احترام الحكم االجنبي للنظام العام المغربي والزم الفصل ‪ 430‬من ق‪.‬م‪.‬م المحكمة بالتحقق من هذا االمر‬
‫وهذا امر طبيعي اذ ان شيء يخالف النظام العام داخل اي دولة فانه مصيره عدم التفاد داخلها ومن‬
‫المعلوم ان المحكمة لها كامل الصالحية في تقدير النظام العام وما يخالفه ‪.‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬موانع تطبيق القانون االجنبي المختص لحكم العالقة القانونية ‪:‬‬
‫ان مجرد تنصيص قاعدة االسناد على اختصاص القانون االجنبي لحكم العالقة القانونية ذات العنصر‬
‫االجنبي ال يكفي بحد ذاته لتطبيق هذا القانون ذلك بأن هناك حاالت معينة يمتنع فيها القاضي عن تطبيق‬
‫القانون االجنبي رغم كونه مختص ‪ .‬لقد استقر الفقه و القضاء وكذلك التشريعات على مبررين عامين‬

‫‪S.T‬‬
‫يستند اليهما القاضي من اجل عدم تطبيق القانون االجنبي وهما حالة مخالفة القانون االجنبي لمقتضيات‬
‫النظام العام الوطني وكذلك غش وتحايل االطراف نحو القانون االجنبي باإلضافة الى هدين المبررين‬
‫العامين نجد مبررات خاصة اذا توافرت ال يطبق القاضي القانون االجنبي ومنها عدم االعتراف بسيادة‬
‫تلك الدولة االجنبية حماية المصلحة الوطنية التعارض مع معاهدة دولية باإلضافة الى عدم الدستورية ‪.‬‬
‫وعليه سنقسم هذا الفصل الى مبحثين نخصص االول للموانع العامة فيما نخصص التاني للموانع الخاصة‬
‫المبحث االول ‪ :‬الموانع العامة الستبعاد تطبيق القانون االجنبي ‪:‬‬
‫كما سبقت االشارة هناك مانعين عامين يحوالن دون تطبيق القاصي القانون االجنبي وهما مخالقة النظام‬
‫العام و الغش او التحايل نحو القانون ‪.‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬مخالفة النظام العام ‪:‬‬
‫ويقصد بالنظام العام في اطار القانون الدولي الخاص مختلف االسس و المفاهيم التي يقوم عليها المجتمع‬
‫و التي تعتبر بمثابة الحدود التي ال ينبغي ألي كان ان يتخط اها ‪ .‬ان فكرة النظام العام هي فكرة نسبية‬
‫ومتغيرة من مكان ألخر ومن زمان ألخر اذ ان ما يخالف النظام العام بالمغرب األن ليس هو ما كان‬
‫يخالف النظام العام بالمغرب خالل السنوات الفارطة كما ان ما يخالف النظام العام بالمغرب ليس هو ما‬
‫يخالف النظام العام في فرنسا ‪ .‬وهكذا فان مسألة تقدير النظام العام تخضع لسلطة القاضي ألنه هو‬
‫المختص في تحديد ما اذا كانت مسألة ما تخالف النظام العام ام ال في ظل عدم وجود محددات لهذا‬
‫النظام اال ان مسألة التقدير هذه ال تجري على اطالقها حيث ان المحكمة النقض لها رقابة على هذا االمر‬
‫وذلك لمحاولة توحيد االجتهاد القضائي في مسألة نظام العام رغم صعوبة هذا االمر ‪ .‬ان النظام العام في‬
‫اطار القانون الدولي الخاص يختلف عنه في اطار العالقات القانونية الوطنية التي ال يكون فيها العنصر‬
‫االجنبي ففي هذه األخيرة يكون مفهوم النظام العام اوسع حيث يشمل القواعد القانونية االمرة وكذا‬
‫الثوابت و االسس التي يقوم عليها المجتمع اال انه يظل هدف النظام العام سواء في اطار القانون الدولي‬
‫الخاص او في اطار القانون الداخلي هو حماية المجتمع و مصالحه العليا ‪.‬‬
‫**اختالف النظام العام الدولي و الداخلي من حيث الدفع ‪ :‬فالدفع بالنظام العام الدولي يكون في اطار‬
‫القانون الدولي الخاص اي في العالقات التي يتخللها عنصر اجنبي اما الدفع بالنظام الداخلي فيكون في‬
‫اطار العالقات الوطنية بكل عناصرها ‪ .‬فمثال اذا وجد القاضي نفسه امام نازلة يتخللها عنصر اجنبي‬
‫وقام بتحديد القانون الواجب التطبيق وكان هذا القانون هو االجنبي فإذا به يصطدم بأن مقتضيات هذا‬
‫القانون االجنبي تخالف النظام العام (زواج مثليين – توارث حيوان) فانه يدفع بالنظام العام الدولي من‬
‫اجل استبعاد تطبيق القانون االجنبي كامال او يستبعد فقط الجزء المخالف لهذا النظام فقط و يطبق‬
‫االجزاء االخرى ‪ .‬اما اذا كانت العالقة القانونية وطنية في كل عناصرها فإن القاضي يدفع بالنظام العام‬
‫الداخلي مثل عدم اكتمال اركان العقد من اهلية و رضا و محل او السبب ‪...‬‬
‫**اختالف النظام العام الدولي و الداخلي من حيث االثر ‪ :‬يختلف النظام العام الدولي عن النظام العام‬
‫الداخلي من حيث االثر المترتب عن كل واحد منها فالنظام العام الدولي الذي يكون في اطار العالقات‬
‫ذات العنصر االجنبي يترتب عليه استبعاد تطبيق القانون االجنبي سواء كليا او جزئيا ويحل محله القانون‬
‫الوطني من اجل سد الفراغ القانوني الحاصل فإذا وجد القاضي نفسه امام مقتضى اجنبي يقضي بعدم‬
‫توريث ذوي البشرة السوداء فإنه يقضي بعدم تطبيقه لمخالفة النظام العام لوجود تمييز عنصري اال ان‬
‫هذا ال يمنعه من تطبيق قواعد االرث االخرى في القانون االجنبي اذا ما كانت ال تخالف النظام العام‬
‫وهكذا فالقاضي يستبعد القاعدة القانونية االجنبية المخال فة للنظام العام و ال يطبقها ‪ .‬اما النظام العام‬
‫الداخلي الدي يكون في العالقات الوطنية فيترتب على مخالفته بطالن التصرف حيث ان العقد الذي لم‬

‫‪S.T‬‬
‫يحترم مقتضى من المقتضيات االمرة سواء من حيث االركان العامة او من حيث الشكليات الواجب‬
‫افرغاها فيه يحون مصيره البطالن ‪.‬‬
‫المطلب التاني ‪ :‬الغش او التحايل نحو القانون ‪:‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬مفهوم الغش نحو القانون‪:‬‬
‫يقصد بالغش نحو القانون تغيير اطراف العالقة القانونية او احدهما لضابط االسناد من اجل تغيير القانون‬
‫المختص في االصل لحكم العالقة القانونية ومن امثلة ذلك تغيير اطراف العقد لمحل ابرام العقد من اجل‬
‫التملص من القانون الواجب التطبيق في االصل وتطبيق قانون اخر يكون اصلح لهما ‪ .‬ان اول ضهور‬
‫لمسألة الغش نحو القانون ترجع للقضاء الفرنسي سنة ‪ 1876‬من خالل القضية المشهورة قضية االميرة‬
‫بو فرمون وتتلخص وقائعها في ان امير من امراء فرنسا قد تزوج من االميرة بو فرمون وهي بلجيكية‬
‫وبعد ذلك حدث نزاع بينهما ارادت بسببه االميرة الطالق من زوجها فرفعت دعوى لدى القضاء‬
‫الفرنسي الذي يحكم استنادا الى ضا بط االسناد الذي يقضي انداك بتطبيق قانون جنسية الزوج في قضايا‬
‫التطليق وهو القانون الفرنسي و طالما ان القانون الفرنسي في ذلك الوقت كان يحرم الطالق قضت‬
‫المحكمة بعدم امكانية الطالق بين الزوجين وهذه النتيجة ال ترتضيها االميرة بعد ذلك قامت االميرة‬
‫باكتساب جنسية احدى الدويالت االلمانية التي يجيز قانونها الطالق ورفعت فيها الدعوى وقضت‬
‫المحكمة بتطليقها من االمير الفرنسي وتزوجت بعد ذلك بزوج اخر بعد علم االمير الفرنسي بهذا قام‬
‫برفع دعوى امام القضاء الفرنسي يطالب فيها ببطالن طالق زوجته وبطالن الزواج التاني واسس هذه‬
‫الدعوى كون االميرة بو فرمون ما غيرت جنسيتها اال لكي تتملص من القانون الفرنسي الذي ال يعترف‬
‫بالطالق وقد استجابت المحكمة لطلبه و قضت ببطالن الطالق و الزواج التاني و باستمرار الزواج‬
‫االول وصحته وذلك باعتبار تغيير االميرة بو فرمون لجنسيتها لم يكن اال للتملص من تطبيق القانون‬
‫الفرنسي و الغش نحو تطبيق قانون اخر كأكثر مالئمة لها ‪ .‬ومن هنا بدأت مسألة الغش نخو القانون وتم‬
‫تكريسها في االجتهادات القضائية في مختلف الدول وقد تبنتها بعض التشريعات كذلك مثال التشريع‬
‫االسباني ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬شروط قيام حالة الغش‪:‬‬
‫يشترط لقيام حالة الغش نحو القانون شرطين اساسين هما حدوث تغيير ارادي لضابط االسناد ثم وجود‬
‫نية الغش نحو القانون ‪.‬‬
‫**وجود تغيير ارادي لضابط االسناد ‪ :‬ومعناه ان يقوم شخص بتغيير ضابط االسناد سواء كان الجنسية‬
‫او الموطن ومن امثلته تغيير شخص لجنسيته من اجل االستفادة من مقتضيات المتعلقة باألهلية او‬
‫االحوال الشخصية او تغيير الموطن من اجل االستفادة من مقتضيات التي تحكم االموال المنقولة في بلد‬
‫تاني‪ .‬يجب ان يكون التغيير اراديا اي ان يتم بإرادة الشخص وايضا ان يكون مشروعا حيث ان استخدام‬
‫تزوير مثال في اكتساب جنسية دولة ال يعتبر غشا نحو القانون بل ان الجنسية المكتسبة تكون باطلة‬
‫باإلضافة الى ان مكتسبها يواجه بجريمة التزوير او النصب ‪.‬‬
‫**وجود نية الغش نحو القانون ‪ :‬ال يكتفي مجرد تغيير ضابط االسناد لقيام حالة الغش نحو القانون بل‬
‫يجب ان يقترن هذا التغيير بتية ال غش او التحايل ومعناه ان يقصد الشخص من خالل تغيير جنسية‬
‫التملص من احكام القانون المختص في االصل و تغييره بقانون اخر اكثر مالئمة له و يخضع تقدير‬
‫مسألة نية الشخص في ا لغش من عدمها لسلطة قضاة الموضوع باعتبار هذه النية واقعة يمكن‬
‫استخالصها من خالل مالبسات القضية ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫المبحث التاني ‪ :‬الموانع الخاصة لتطبيق القانون االجنبي ‪:‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬استبعاد قانون الدولة االجنبية غير معترف بها و التعارض مع مصلحة العليا للوطن ‪:‬‬
‫**استبعاد قانون الدولة االجنبية غير معترف بسيادتها ‪ :‬ان التنازع يحصل بين قوانين دول معترفة‬
‫ببعضها و المنطق يقضي بعدم جواز تطبيق القاضي لقوانين دولة ال تعترف اصال دولته بسيادتها فال‬
‫يمكن مثال للقاضي المغربي عندما يعرض عليه نزاع ذو عنصر اجنبي اسرائيلي وتشير قواعد االسناد‬
‫الى تطبيق القا نون االسرائيلي ان يطبق هذا القانون رغم اشارة قواعد االسناد اليه الن المغرب غير‬
‫معترف بسيادة اسرائيل و بقوانينها و بالتالي فالقاضي المغربي يستبعد تطبيق القانون االسرائيلي ويطبق‬
‫القانون المغربي ومن االمثلة على هذه الحالة عدم تطبيق القاضي الفرنسي لقوانين الدولة السوفياتية لعدم‬
‫اعتراف فرنسا في ذلك الوقت بها في اطار القضية المشهورة باسم "حرير او ديسا كذلك رفض القاضي‬
‫المغربي بالمحكمة االبتدائية بصفرو تذييل عقد بالصيغة التنفيذية قد حرر امام السلطات االسرائيلية لعدم‬
‫اعتراف المغرب بسيادة هذه السلطات و اختصاصها ‪.‬‬
‫**استبعاد تطبيق القانون االجنبي للمصلحة العليا للوطن ‪ :‬وتتمثل هذه الحالة عندما يبرم شخص ناقص‬
‫ا ألهلية بالنسبة لقانون جنسيته تصرفا ماليا في دولة اخرى ومع شخص اخر حسن النية اي ال يعلم‬
‫بنقصان أهلية الطرف االخر ففي هذه الحالة يمتنع القاضي عن تطبيق القانون االجنبي الذي يعتبر‬
‫الشخص ناقصا لألهلية وسيتم اعتباره كامل األهلية و بالتالي فيجب الستبعاد تطبيق القانون االجنبي ان‬
‫يكون الشخص االجنبي ناقصا لألهلية بالنسبة لقانونه وان يبرم تصرفا ماليا (ليس في االحوال‬
‫الشخصية) وان يكون الطرف االخر حسن النية اي ان ال يعلم بنقصان اهلية الشخص االجنبي ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬استبعاد تطبيق القانون االجنبي لتعارضه مع معاهدة دولية او مع الدستور‪:‬‬
‫**استبعاد تطبيق القانون االجنبي لتعارضه مع معاهدة دولية ‪ :‬حيث ان من المعلوم ان المعاهدات‬
‫الدولية تسمو على القوانين الوطنية فان القانون االجنبي اذا ما تعارض معها فال يكون له محل للتطبيق‬
‫من طرف القاضي و المقصود هنا بالمعاهدة الدولية تلح المصادق عليها من طرف دولة القاضي اي ان‬
‫القانون االجنبي الواجب التطبيق عندما يتعارض مع معاهدة دولية مصادق عليها من طرف دولة القاضي‬
‫فان هذا االخير يمتنع عن تطبيق ذلك القانون ‪ .‬اال ان اشكاال يثور عند تعارض معاهدة دولية مصادق‬
‫عليها من طرف الدولة االجنبية مع قانون نفس الدولة فقد ذهب اتجاه ال تطبيق المعاهدة الدولية بدال من‬
‫القانون االجنبي على اعتبار ان المعاهدة الدولية لها االولوية في تطبيق على القوانين الوطنية فيما ذهب‬
‫اتجاه تاني الى تطبيق القانون االجنبي على اعتبار ان القاضي ليت له الصالحية في مراقبة مدى احترام‬
‫الدولة األجنبية اللتزاماتها الدولية ‪.‬‬
‫**استبعاد تطبيق القانون االجنبي لعدم دستوريته ‪ :‬تثار هذه المسألة عند دفع الطرف االجنبي امام‬
‫القضاء الوطني لعدم دستورية القانون االجنبي الواجب التطبيق اذا كان النظام القانوني االجنبي يعرف‬
‫الرقابة القضائية على دستورية القو انين حيث ذهب اتجاه فقهي الى جواز نظر القاضي الوطني في مدى‬
‫دستورية القانون االجنبي اذ ليس من العدل حرمان المتقاضي من الحق المخول له بمقتضى نظام قانونه‬
‫و المتمثل في الدفع بعدم دستورية القوانين ‪ .‬اال ان اتجاه اخر يذهب الى عدم امكانية رقابة القاضي‬
‫الوطني على دستورية قانون االجنبي ألن ذلك يدخل في صالحيات القضاء االجنبي ولذلك اعتبروا بأنه‬
‫يجب على المتقاضي الدفع بعدم الدستورية امام القضاء االجنبي و ما على القاضي الوطني اال التوقف‬
‫عن النظر في الدعوى الى غاية صدور حكم من القضاء االجنبي ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫الفصل التاني ‪ :‬الجنسية ‪:‬‬
‫عرفها الفقه بانها انتساب الفرد قانونا للشعب المكون للدولة ويرجح تعريفه على كون الجنسية من نظم‬
‫القانون الخاص لما يهتم بالوجهة الشخصية فيها بحيث يبرز صفة االنتساب القانوني لفرد الدولة بما‬
‫ينعكس ذلك على فكرته في كسب الحقوق بدولة معينة بصورة تميز االجنبي ‪.‬‬
‫المطب االول ‪ :‬الحلول المقترحة لمتعدد الجنسيات ‪:‬‬
‫يطرح اشكال في اطار القانون الدولي الخاص بالنسبة للشخص الذي يمتلك جنسيات متعددة وهذا‬
‫االشكال يرتبط اساسا بتحديد القانون الواجب التطبيق ولذلك اقترح الفقه و القضاء مجموعة من الحلول و‬
‫االليات من اجل تحديد الجنسية التي سيتم تفعيلها في حالة تعدد الجنسيات وتتمثل هذه الحلول على شكل‬
‫التالي ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ترجيح جنسية دولة القاصي‪ :‬وهو حل ومبدأ عالمي تبناه القانون الدولي وسارت عليه مختلف‬
‫واغلب التشريعات الوطنية كذلك ‪ .‬يقصد بهذا المبدأ انه اذا حدث نزاع يتعلق بشخص يملك جنسيات‬
‫متعددة وكانت من بين هذه الجنسيات جنسية دولة القاضي المعروض عليه النزاع وكانت قواعد االسناد‬
‫تشير الى تطبيق قانو ن جنسية الشخص على النزاع اذ يحدث تنازع ايجابي بين كل جنسيات هذا‬
‫الشخص سواء كانت اصلية او مكتسبة ففي هذه الحالة يقر هذا المبدأ بترجيح القاضي لجنسية دولته على‬
‫باقي الجنسيات و بالتالي يطبق قانونها لقد تم اقرار هذا المبدأ من خالل المادة ‪ 3‬من اتفاقية الهاي الدولية‬
‫لسنة ‪ 1930‬وقد تبناها اغلب التشريعات مثل التشريع المصري االسباني الكوري البولوني ‪ ...‬نالحظ ان‬
‫هذا المبدأ يوجد الحل في حالة كانت جنسية دولة القاضي من بين جنسيات المتنازعة اما في حالة عدم‬
‫وجود جنسية دولة القاضي بين الجنسيات المتنازعة فيتم تطبيق الحل الموالي‬
‫ثانيا ‪ :‬تطبيق الجنسية الفعلية‪ :‬لقد ظهرت مجموعة من المعايير لتحديد والترجيح بين الجنسيات المتنازعة‬
‫واهمها ترجيح الجنسية الحديثة ترجيح الجنسية المختارة من طرف الشخص ترجيح جنسية موطن‬
‫الشخص ‪ ...‬اال ان هذه المعايير لقيت انتقادات عديدة بعلتها القليلة التطبيق على مستوى التشريع و‬
‫القضاء وتالفيا لالنتقادات السابقة فقد تم األخذ بمعيار جديد هو معيار الجنسية الفعلية ‪ .‬يقصد بالجنسية‬
‫الفعلية تلك التي يتعامل الشخص على اساسها بكثرة و التي يعيش في ظلها ويعبر عنها من خالل حياته‬
‫الواقعية فهي االي يأخذ بها القاضي في حالة ت زاحم الجنسيات في نزاع لقد بدأ التطبيق القضائي لهذا‬
‫المبدأ أواخر القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ 20‬وبصفة خاصة في قضية "كانافارو" والذي كان متمتعا‬
‫بالجنسيتين االيطالية و البير وفية اذ طالبته الحكومة البير وفية بأداء مستحقاتها من الضرائب بعد رفضه‬
‫ادائها حيث دفع بأنه ا يطالي الجنسية فقررت المحكمة في االخير الزام كانا فارو بأداء الضريبة لبيرو وقد‬
‫اسست قرارها على كون كانا فارو قام بمباشرة حقوق سياسية في بيرو اذ قام بالترشح فيها لمجلس‬
‫الشيوخ ‪ .‬لقد تم تبني هذا الحل من طرف بعض التشريعات الوطنية كذلك مثل التشريع البرتغالي التركي‬
‫المجري المكسيكي ‪...‬‬
‫المطلب التاني ‪ :‬حكام الجنسية في القانون المغربي‪:‬‬
‫تنقسم الجنسية الى نوعين جنسية اصلية و جنسية مكتسبة الجنسية االصلية هي التي تثبت للشخص مند‬
‫والدته وال دخل إلرادته في احداثها ويتم تقرير هذه الجنسية في احدى الحالتين اما بناء على حق الدم او‬
‫بناء على حق االقليم ‪ .‬اما الجنسية المكتسبة فهي التي يكتسبها الشخص بإرادته مبدئيا حيث قررت‬
‫اعلب الدول مجموعة من الشروط التي يمكن من خاللها االشخاص اكتساب جنسيتها ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬الجنسية االصلية‪:‬‬
‫هي التي يكتسبها الشخص بمجرد والدته ويتم اقرارها في حالتين هما رابطة الدم ورابطة االقليم ‪.‬‬
‫اوال ‪ :‬الجنسية االصلية المبنية على رابطة الدم‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 6‬من ظهير ‪ 6‬شتنبر ‪ 1958‬كما تم تغييرها وتتميمها بموجب القانون ‪ 62.06‬على ان‬
‫الرابطة الدم تكون سببا لتقرير جنسية سواء من جهة االب او من جهة االم ‪ .‬فالطفل الذي يولك من اب‬
‫مغربي الجنسية يكتسب جنسية اصلية بغض النظر عن مكان والدته وان ولد بالخارج وبغض النظر‬
‫كذلك عن جنسية االم ‪ .‬وهكذا فان اسناد الجنسية االصلية من جهة االب يتوقف على امرين اولهما ثبوت‬
‫الجنسية المغربية لالب سواء كانت اصلية او مكتسبة وثانيهما ثبوت بنوة شرعية بين االب و ابنه وفي‬
‫ابرز التعديالت المدخلة على قانون الجنسية نجد القانون ‪ 62.06‬قد اقر اسناد الجنسية االصلية للطفل من‬
‫جهة االم كذلك بعدما كان يقررها من جهة االب فقط ‪ .‬وهكذا الطفل الذي يولد من ام مغربية يكتسب‬
‫جنسية اصلية بغض النظر عن مكان ازدي اده وعن جنسية والده بل حتى وان كان هذا الولد غير شرعي‬
‫حيث ان البنوة تثبت لألم سواء كانت ناتجة عن عالقة شرعية او غير شرعية حسب ما تنص عليه المادة‬
‫‪ 164‬من مدونة االسرة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الجنسية االصلية المبنية على رابطة االقليم‪:‬‬
‫لقد ذهبت المادة ‪ 7‬من قانون الجنسية الى اسناد الجنسية االصلية بشكل استثنائي لمن يولد في المغرب‬
‫ألبوين مجهولين وهذا لتجنب حالة االطفال بدون جنسية ‪ .‬وهكذا فاألطفال المتخلي عنهم اللذين يكونون‬
‫مجهولين االبوين معا يكتسبون جنسية اصلية مبنية على رابطة االقليم واسناد هذه الجنسية يكون مبنيا‬
‫على قرينة قانونية قابلة لإلثبات العكس حيث يفترض فيهم بأنهم ولدو من ابويين مغربيين بالمغرب اما‬
‫اذا وجد الطفل في ظروف ال تتوفر فيها هذه القرينة كأن يتم العتور عليه في سفينة فال يتم اسناد الجنسية‬
‫االصلية له إلمكانية انه ولد من ابوين اجنبيين كذلك اذا تم اكتشاف ان ابوي الطفل فيما بعد اجنبيين يمكن‬
‫لهم طلب التخلي عن الجنسية االصلية المسندة لهم بمقتضى المادة ‪ 7‬المذكورة ويشترط في هذه الحالة ان‬
‫ال يكون الطفل قد بلغ سن الرشد بعد ‪.‬‬
‫الفقرة التانية ‪ :‬لجنسية المكتسبة‪:‬‬
‫هي التي تلحق بالفرد بعد ال والدة وهي غير مفروضة مقل جنسية االصلية بحيث تلعب فيها سواء ارادة‬
‫الدولة او ارادة الفرد دورا مهما اذ ان الدولة تحدد شروط اكتسابها ويبقى لها الحق منها من عدمه بكل‬
‫حرية كذلك ارادة الفرد تلعب فيها دورا مهما بحيث انه هو من يطلبها بل حتى وان قررت الدولة منحها‬
‫له يبقى له خيار ردها كما سبقت االشارة فان كل دولة تحدد شروط اكتساب جنسيتها من خالل القانون‬
‫وفيما يتعلق بالتشريع المغربي فبالرجوع لقانون الجنسية نجده قد حصر اسباب اكتساب الجنسية في ثالث‬
‫اما بقوة القانون او عن طريق التجنيس او عن طريق االسترجاع ومن خالل الوسع في جنسية المكتسبة‬
‫بقوة القانون نجد فيها الجنسية المكتسبة بالوالدة في المغرب و باإلقامة فيه او عبر الزواج المختلط او‬
‫بالكفالة ‪ .‬وهكذا سوف نقسم هذه الفقرة الى ثالث محاور نخصص االول الكتساب الجنسية بقوة القانون‬
‫فيما نخصص التاني الكتساب الجنسية عن طريق التجنيس فيما نخصص الثالث الكتساب الجنسية عن‬
‫طريق االسترجاع ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫المحور االول ‪ :‬اكتساب الجنسية بقوة القانون‪:‬‬
‫تكتسب الجنسية بقوة القانون في اربع حاالت هي الوالدة بالمغرب االقامة بالمغرب الزواج المختلط‬
‫الكفالة ‪.‬‬
‫**اكتساب الجنسية للوالدة في المغرب ‪ :‬بالرجوع الى الفصل التاسع من ظهير ‪ 6‬شتنبر ‪ 1958‬بمثابة‬
‫قانون الجنسية نجده ينص على انه تسند للشخص جنسية مغربية مكتسبة في حالتين هما‬
‫‪ -‬الشخص المولود في المغرب من ابويين اجنبيين ولدا بدورهما في المغرب‬
‫– الشخص الولود بالمغرب من اب اجنبي ازداد بدوره في المغرب شريطة ان يكون هذا االب منتسبا‬
‫الى البالد بها اكثرية مسلمة او لغتها العربية وهكذا فلكي يكتسب الشخص المولود بالمغرب الجنسية‬
‫المغربية المكتسبة عن طريق الوالدة يجب توفر الشروط الشكلية التالية ‪:‬‬
‫︎▪ تقديم ت صريح الى وزير العدل يبين فيه الشخص رغبته في الجنسية داخل اجل سنتين قبل بلوغه سن‬
‫الرشد ولوزير العدل الحق المعارضة طبقا للفصلين ‪ 26‬و ‪ 27‬من قانون الجنسية‬
‫︎▪ ان يكون الشخص مولودا بالمغرب ︎▪ان يكون والدا الشخص او على االقل والده مزداد كذلك بالمغرب‬
‫وبالنسبة للوالد ان يكون منتسبا لدولة ذات اغلبية مسلمة او عربية ‪.‬‬
‫***اكتساب الجنسية لإلقامة بالمغرب ‪ :‬وهي تشمل حالتين منصوص عليها في القصل ‪ 45‬من قانون‬
‫الجنسية ︎▪ الحالة االولى هي كالتالي يجوز لمن اصله من بالد ذات اغلبية مسلمة او عربية ان يصرح‬
‫داخل اجل سنة من نفاذ هذا القانون ان يطلب الجنسية المغربية مع مراعات حق وزير العدل في‬
‫االعتراض شريطة ان يكون لهذا الشخص محل اقامة في المغرب عدة تزيد عن ‪ 15‬سنة او ممارية‬
‫وظيفة عمومية بالمغرب مدة ‪ 10‬سنوات على االقل او الزواج من مغربية منذ سنة على االقل اال اته من‬
‫المالحظ ان هذه المقتضيات فد انتهى اجلها منذ ما يزيد عن ‪ 30‬سنة على اعتبار ان هذه المقتضيات‬
‫مؤقتة داخل اجل ستة كما سبقت االشارة من دخول القانون حيز التطبيق ‪▪︎ 1958‬الحالة التانية هي‬
‫كالتالي يجوز لكل شخص ينحدر من بالد مجاورة للحدود المغربية و مقيم بالمغرب ان يطلب الجنسية‬
‫المغربية مع مراعات حق وزير العدل في االعتراض داخل اجل سنة تبتدئ من تاريخ نشر الرسوم الذي‬
‫تتعين بموجبه المناطق المجاورة للحدود المغربية ‪ .‬ومن المالحظ كذلك في هذه الحالة ان هذه المقتضيات‬
‫لم تفعل بعد ذلك ان المرسوم الذي يحدد البلدان المحاورة للمغرب لم يصدر بعد ‪.‬‬
‫***اكتساب الجنسية عن طريق الكفالة ‪ :‬يمكن للكافل الذي يكفل طفال مولودا من ابوين مجهولين‬
‫بالخارج مدة ‪ 5‬سنوات ان يقدم تصريحا لمنح الجنسية المغربية للمكفول مع مراعات حق وزير العدل‬
‫في االعتراض ‪ .‬ويمكن كذلك للطفل المكفول الذي تحققت فيه الشروط اعاله ولم يتقدم كافله بتصريح‬
‫للجنسية بعد انصرام ‪ 5‬سنوات ان يقدم تصريحا بصفة شخصية للمطالبة بالجنسية‪.‬‬
‫***اكتساب الجنسية عن طريق الزواج المختلط ‪ :‬بالرجوع الى الفصل ‪ 10‬من قانون الجنسية نجده يقر‬
‫بجواز طلب الزوجة االجنبية المتزوجة من رجل مغربي للجنسية المغربية شريطة االقامة بالمغرب مدة‬
‫سنتين على االقل بعد الزواج مع حفظ حق ووبر العدل في المعارضة ‪ .‬وهكذا فيجوز للزوجة االجنبية‬
‫اكتساب جنسية زوجها المغربي بعد انصرام سنتين على الزواج اال انه يطرح اشكاال في حالة العكسية‬
‫اي اكتساب الزوج لجنسية زوجته المغربية اذ لم ينص المشرع صراحة على هذا االمر مما يعتبره معه‬
‫البعض هذا االمر بمثابة تمييز عنصري من المرأة لذلك تم تقديم مقترح قانون من اجل تعديل الفصل ‪10‬‬
‫المذكور ‪.‬‬

‫‪S.T‬‬
‫المحور التاني ‪ :‬اكتساب الجنسية عن طريق التجنيس‪:‬‬
‫التجنيس هو وسيلة في يد الدولة و الفرد وكذلك تستطيع من خاللها منح الجنسية لشخص ما ويمكن‬
‫التمييز بين نوعين من التجنيس تجنيس العادي و تجنيس االستثنائي ‪.‬‬
‫***التجنيس العادي ‪ :‬ويتم من خالله منح الجنسية للشخص الذي توافرت فيه شروط محددة في القانون‬
‫وقد حدد الفصل ‪ 11‬من قانون الجنسية الشروط الواجب توفرها في شخص لكي تمنح له الجنسية‬
‫المغربية وهي كالتالي‬
‫‪ -‬معرفة كافية باللغة العربية‬
‫‪ -‬اقامة بالمغرب تتجاوز ‪ 5‬سنوات‬
‫‪ -‬حسن السلوك والسيرة بحيث ال ينبغي ان يكون محكوما عليه بعقوبة من اجل جناية او جنحة مشينة‬
‫‪ -‬بلوغ سن الرشد ‪-‬السالمة من اي مرض عقلي او جسماني ‪.‬‬
‫وبالتالي فمن توفرت فيه الشروط السابقة يجوز له طلب الجنسية المغربية عبر مقال مكتوب موجه‬
‫لوزير العدل مرفقا بالوثائق المثبتة للشروط السالفة ويبث وزير العدل في طلب داخل اجل سنة فإذا‬
‫اتصرم هذا االجل اعتبر الطلب مرفوضا ‪ .‬اذا تم قبول طلب الجنسية فإنه يتم اصدار وثيقة الجنسية في‬
‫شكل مرسوم ‪.‬‬
‫***التجنيس االستثنائي ‪ :‬حيث نص الفصل ‪ 12‬من قانون الجنسية على امكانية منح الجنسية للشخص‬
‫المصاب بمرض او عاهة من جراء خدمة قدمها للمغرب بالرغم من الشروط المقررة في التجنيس‬
‫العادي ‪ .‬كذلك يمكن من ح الجنسية للشخص االجنبي الذي ادى او يؤدي للمغرب خدمات استثنائية بالرغم‬
‫من عدم توفر الشروط المنصوص عليها في التجنيس العادي (مأمون الكزباري) يمنح التجنيس‬
‫االستثنائي بظهير ‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬اكتساب الجنسية عن طريق االسترجاع‪:‬‬
‫حيث نص الفصل ‪ 15‬من قانون الجنسية على امكانية استرجاع المغربي الذي فقد جنسيته االصلية‬
‫المغربية للجنسية المغربية وقد اثارت طبيعة الجنسية المغربية المسترجعة جدال حول اعتبارها اصلية ام‬
‫مكتسبة اال ان اعتبارها مكتسبة هو االقرب للصواب ألنها تدفع لإلرادة ‪.‬‬

‫أتمنى من هللا ان يكون هذا المرجع عونا لكم في قادم األيام ‪.‬‬

‫و السالم ‪.‬‬
‫من إعداد الطالب ‪ :‬سعيد تهيل‬

‫‪S.T‬‬
S.T

You might also like