Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 12

‫مدخل تمهيدي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أوال‪ :‬معنى لغة الجسد‪.‬‬

‫تتطلب دراسة أي علم من العلوم االنطالق من التعاريف والمفاهيم التي يتركب منها ذلك‬
‫العلم‪ ،‬فوجب في بداية هذا البحث أن نعّر ج على تعريف كل من مصطلح "اللغة" و"الجسم"‬
‫بغية فهم كل منهما على حدة وتحديد العالقة بينهما والمفهوم الذي يشكالنه مع بعض‪ ،‬لذا‬
‫‪.‬نبدأ بتعريف " اللغة" وذلك باالستعانة بقواميس ومعاجم اللغة العربية‬

‫‪ ».1‬جاء في التعريفات‪« :‬اللغة‪ :‬هي ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم‬

‫من خالل التعريف يّتضح لنا أّن اللغة هي وسيلة للتعبير والتواصل بين البشر‪ ،‬سواء‬
‫‪.‬كانت رموزا أم أصواتا‬

‫‪.‬وال ننسى أن نشير هنا إلى أّن هذه اللغة لفظية أي عبارة عن أصوات تخرج من الفم‬

‫بين الجسم والجسد‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫الجسم لغة‪« :‬الجيم والسين والميم يدل على تجمع الشيء‪ ،‬فالجسم كل شخص مدرك»‪.‬‬

‫«ومدلول الجسم في اللغة التركيب والتأليف‪ ...‬وكثرة األجزاء يقولون‪ :‬فالن أجسم من‬
‫‪3‬‬
‫فالن‪ ،‬إذا كان أكثر منه ضخامة»‪.‬‬

‫من التعريفين السابقين يّتضح لنا أّن الجسم عبارة عن مجموعة أجزاء متجمعة في شكل‬
‫‪.‬واحد‬

‫علي بن محمد السّي د الشريف الجرجاني‪ ،‬معجم التعريفات‪ ،‬تح‪ :‬مجمد صديق المنشاوي‪ ،‬دار الفضيلة‪ ،‬القاهرة‪816،‬ه‬ ‫‪1‬‬

‫‪1413-‬م‪ ،‬ص ‪.161‬‬


‫أحمد بن فارس بن زكرياء أبو الحسين‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬دار الفكر‪1399 ،‬ه ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1979‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.457‬‬


‫أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي أبو البقاء الحنفي‪ ،‬الكليات‪ ،‬تح‪ :‬عدنان درويش – محمد المصري‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪3‬‬

‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.344‬‬

‫‪2‬‬
‫‪».1‬أّم ا الجسد لغة‪« :‬البدن‪ ،‬تقول تجّس د كما تقول من الجسم تجّس م‬

‫والجسد لإلنسان وال يقال لغير اإلنسان جسد من خلق األرض‪ ،‬وكل خلق ال يأكل وال«‬
‫‪».2‬يشرب من نحو المالئكة مّم ا يعقل فهو جسد‬

‫يالحظ من التعريفين أّن الجسد يطلق على اإلنسان فقط أو مخلوقات اهلل التي سخّر ها‬
‫‪.‬للعبادة والتي ال تأكل وال تشرب‪ ،‬وال يصّح قول جسد في غير ذلك‬

‫وعليه نستنتج أّن الفرق بين الجسم والجسد يكمن في أّن الجسم هو األجزاء المترابطة‬
‫والتي يتركب منها كالرئة‪ ،‬القلب والمعدة التي تقوم متجمعة بالوظائف الحيوية كاألكل‬
‫والشرب ويشمل بذلك اإلنسان والحيوان وغيره من الدواب‪ ،‬أّم ا الجسد فيكون جسدا إذا‬
‫‪.‬خال من صفات األحياء كصفة األكل والشرب‬

‫تعريف لغة الجسد‪:‬‬


‫من خالل العنوان يّتضح ارتباط مصطلح الّلغة بالجسد ارتباطا وثيقا وكنا قد أشرنا سابقا‬
‫في تعريف الجرجاني أن الّلغة هي كل ما يعبر به كل قوم عن أغراضهم‪ ،‬وهنا يقصد بها‬
‫الّتلّفظ بأقوال وكلمات بغية التواصل بين البشر‪ ،‬وهذا ما يفّر قها عن لغة الجسد ألّن لغة‬

‫الجسد هي التعبير عن الحاجات واألغراض بواسطة أعضاء الجسد وأجزائه‪ ،‬وبّم ا أّن‬
‫‪:‬مصطلح لغة الجسد مصطلح حديث فقد تعدّد ت التعريفات ومن بينها‬

‫‪:‬لغة الجسد‬

‫‪.‬نوع من التواصل غير الشفهي»‪ 3‬أي أّنها وسيلة تواصل بين الناس دون مشافهة«‬

‫‪ 1‬أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬الّص حاح‪ ،‬تح‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬ط ‪ ،4‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫باب الجيم‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.30‬‬
‫أبو عبد الرحمان الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي‪ ،‬معجم العين‪ ،‬تح‪ :‬مهدي المخزومي‪-‬إبراهيم‬ ‫‪2‬‬

‫السامرائي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫كليتون بيتر‪ ،‬لغة الجسد‪ ،‬تر‪ :‬دار الفاروق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفاروق‪ ،‬مصر‪ ،‬م‪2005‬م‪ ،‬ص ‪.306‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫الحوار الّنفسي الذي يجري بين األطراف المعنّية‪ ،‬والمعاني المنتقلة بينهم‪ ،‬ال من خالل«‬
‫الّنطق‪ ،‬بل من خالل الّص مت والمالمح العامة لإلنسان الّص امت‪ ،‬كنظرات العيون‬
‫‪». 1‬وتعبيرات الوجه وحركات الجسم‬

‫‪.‬وهنا يكون التركيز منصبًا على ما يصاحب اللغة من عالمات ال اللغة في ذاتها‬

‫إشارات وإ يماءات جسدية ترسل رساالت محددة في مواقف وظروف مختلفة تظهر لك«‬
‫المشاعر الدفينة وتخرجها للسطح فتصل من خاللها معلومات أو أفكار عن الشخص اآلخر‬
‫‪».2‬بحيث ال يستطيع إخفاء األفكار التي تدور في ذهنه‬

‫من التعريفات المذكورة سابقا يظهر لنا أّن لغة الجسد تعّد طريقة للتواصل بين البشر‬
‫حيث أّن كل حركات الجسم من عين ووجه وغير ذلك لها داللة وتحدث تواصًال غير‬
‫‪.‬مباشر مع الطرف اآلخر‪ ،‬وهذا ما يعرف باالتصال الصامت‬

‫أنواع لغة الجسد‪:‬‬


‫بما أّن لغة الجسد هي عبارة عن إيماءات وإ شارات كما ذكرنا سابقا‪ ،‬فقد حاول علماء‬
‫‪:‬االتصال تقسيمها وهي كاآلتي‬

‫لغة اإليماءات والتعابير‪ :‬تعبر عن حاالت شخصية نفسية كاحمرار الوجه عند الخجل‪،‬‬
‫‪.‬وارتعاش الوجه عند الخوف أو البرد‬

‫لغة اإلشارة‪ :‬كإشارة اليدين والرأس في لغة الصم والبكم‪.‬‬

‫لغة الحركة واألفعال‪ :‬كالمشي أو السجود والركوع‪.‬‬

‫لغة األشياء‪ :‬تشمل المظهر العام كالمالبس وتسريحة الشعر‪.‬‬

‫عبد اهلل عودة‪ ،‬االتصال الصامت وعمقه التأثيري في اآلخرين في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫المعاصر‪ ،‬مصر‪2004،‬م‪ ،‬ص ‪.2-1‬‬


‫بني يونس‪ ،‬محمد محمود‪ ،‬سيكولوجيا الواقعية واالنفعاالت‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الميسرة‪ ،‬عمان‪2007 ،‬م‪ ،‬ص ‪.340‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪4‬‬
‫اللغة الظرفية‪ :‬تتعلق بالزمان والمكان كدخول إخوة يوسف عليه السالم على أبيهم عشاء‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫لغة قرائن اللفظ "الصوت"‪ :‬كالنحنحة لطلب االستئذان‪ ،‬والتأفف للضجر من شيء ما‪.‬‬

‫تشير هذه التقسيمات إلى أّن لغة الجسد تدل على معنى باختالف أنواعها‪ ،‬كما أّنها في‬
‫بعض األحيان تغنينا عن التواصل اللفظي‪ ،‬فيمكن اعتبارها بديال عن األلفاظ ألّنها تحمل‬
‫في طّي اتها معان ومدلوالت عديدة نستطيع تبليغها للطرف اآلخر‪ ،‬ويمكن أن نشير إلى‬
‫بعض هذه المدلوالت‪:‬‬

‫فهزة الرأس قد تعني الطرب أو القبول أو الرفض أيضا‪ ،‬كّم ا أّن فرك الكفين دال على‬
‫أّن صاحب هذه الحركة قد اعتراه البرد‪ ،‬أو أّنه فرح مبتهج‪ ،‬وأيضا تحريك أصابع اليد‬
‫إلى األعلى واألسفل تحريكا موضعيا مع إبقاء اإلبهام مرفوعة ذو دالالت منها النداء كأن‬
‫‪2‬‬
‫تقول‪ :‬تعال‪ ،‬أو تعني ليس لدي‪ ،‬أو تعني الرفض كقولنا‪ :‬ال‪.‬‬

‫يّتضح من خالل هذا القول أّن للغة الجسد عدة دالالت في نفس الوقت وذلك يختلف‬
‫باختالف المقام الذي جاءت فيه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬لغة الجسد بين القديم والحديث‪.‬‬


‫نشأة لغة الجسد عند العرب القدماء‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أّن لكل علم أصول وجذور قديمة منها ظهر ونشأ ثّم تطور وكذلك لغة‬
‫‪.‬الجسد‬

‫خيري زهير رشدي الجنيدي‪ ،‬لغة الجسم في القرآن الكريم‪ 2002 ،‬م‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫مهدي أسعد عرار‪ ،‬البيان بال تبيان‪ ،‬دراسة في لغة الجسد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ 1971 ،‬م‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫تعود إرهاصات هذا العلم لدى العرب من خالل ما يعرف بعلم الفراسة أو علم الطباع‬
‫والمقصود به العلم القائم على االستدالل باألحوال الظاهرة على األحوال الباطنة‪ ،‬التي‬
‫نقلها العرب عن اليونان وذلك نتيجة تأثرهم بالفيلسوف أرسطو‪ ،‬وبعدها راح الكثير من‬
‫علماء العرب يكتبون في هذا المجال ومنهم ابن سينا‪ ،‬ابن رشد‪ ،‬الشافعي‪ ،‬والغزالي في‬
‫‪".1‬كتابه" المستصفى في علوم األصول"‪ ،‬وكذلك الرازي في كتابه" الفراسة‬

‫يظهر لنا أّن علم لغة الجسد كأي علم آخر مّر بتسلسل زمني ونالحظ أّن له وجود منذ‬
‫القدم إذ ورد في كتب العرب في حين أنهم نقلوا هذا عن اليونان فقاموا بأخذ ما يتناسب‬
‫‪.‬مع البيئة والذهنية العربية‬

‫أّم ا في مجال األدب واللغة فلعّلنا نجد للجاحظ في كتابه المشهور "البيان والتبيين" تناول‬
‫الكثير من الَقضايا التي تتحدث عن لغة الجسد ودورها في عملية التعبير عّم ا من شأنه أن‬
‫تقوم به اللغة المنطوقة‪ ،‬وكذا الثعالبي في كتابه "فقه اللغة وسر العربية" فقد أورد فيه‬
‫‪.2‬بوضوح عن معاني الحركات والسلوكات ومختلف اإلشارات التي تصدر من اإلنسان‬

‫يّتضح من القول السابق أن لغة الجسد كان لها نصيب وافر في مؤلفات األدباء العرب‬
‫القدماء‪ ،‬ويمكن إدراجها أنها من أهم وسائل التواصل ونقل المعاني باستعمال اإلشارات‬
‫والحركات دون اللجوء للكالم‬

‫‪:‬عند المحدثين‬
‫مّر ت لغة الجسد بتطور عبر الزمن فكّم ا كان لها أثٌر في القديم‪ ،‬أصبحت اآلن علما‬
‫‪.‬قائما بذاته له مبادئ وأسس ينبني عليها‬

‫تعّد دت تعريفات علماء النفس في العصر الحديث حول لغة الجسد‪ ،‬فنجد من أحدث‬
‫فيعّر ف االتصال غير اللفظي بأّنه }‪ David B Given‬ديفيد كيفينز{ التعريفات ما قّد مه‬

‫محمد جواد‪ ،‬لغة الجسد علم الكينات دراسة تطبيقية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص ‪.164-163‬‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص (‪ 164‬إلى ‪.)192‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫عملية إرسال واستقبال رسائل دون كلمات‪ ،‬وذلك بواسطة التعبيرات الوجهية والنظر‬
‫فيقول‪ :‬االتصال غير اللفظي هو }‪ Laurel J Dunn‬لويل ج دون{ واإليماءات‪ ،‬ويعّر فه‬
‫عبارة عن مرّش ح صامت له تأثير واسع على محيطنا االجتماعي إّنه يمدّنا بأسلوب في‬
‫‪.1‬نقل الرسائل االتصالية دون استخدام اللغة الّلفظّية‬

‫انطالقا من التعريفين السابقين يتجلى لنا أّن لغة الجسد هي عملية تواصلية تكمن في‬
‫وجود رسائل بين أطراف معّي نة بالتزام الصمت وبواسطة مختلف التعبيرات التي توحيها‬
‫‪.‬العين والوجه وغيرها‬

‫والمالحظ في المفهوم العصري لهذا الفن أّن األمر تعدى دراسة لغة الجسد وقنوات«‬
‫االتصال من خالل الجسد‪ ،‬إلى المجاالت التي يتّم استخدام لغة الجسد فيها كالّتمثيل‬
‫الصامت‪ ،‬والعرض المسرحي والفيلم السينمائي وعالم األزياء‪ ،‬والفن التشكيلي‪...‬وأصبح‬
‫‪».2‬علما يدّر س في هذه المجاالت كّلها‬

‫مّم ا سبق نرى أّن نطاق لغة الجسد في العصر الحالي قد توّس ع وصار له امتدادات‬
‫تعّد ت ما يشمل جسم اإلنسان فقط وانتقلت إلى العالم الخارجي في أماكن تواجدها على‬
‫‪.‬شكل دراسات في الفنون والمسرح والسينما‬

‫أهمية لغة الجسد‪:‬‬


‫‪:‬يمكن أن نلخص أهمية لغة الجسد في مجموعة نقاط‬

‫تعّد لغة الجسم أحيانا أصدق تعبيرا من لغة اللفظ كما أّنها مكّم لة ومؤّك دة لهذه األخيرة‬
‫‪.‬كقولك‪" :‬أنا سعيد" فتعبيرات وجهك تؤكد ذلك‬

‫محمد األمين موسى أحمد‪ ،‬االتصال غير اللفظي في القرآن الكريم‪ ،‬دائرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬الشارقة‪ 2002 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.38-37‬‬
‫أسامة جميل عبد الغني ربايعة‪ ،‬لغة الجسد في القرآن الكريم‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ 2010 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.15‬‬

‫‪7‬‬
‫تعّد لغة الجسد هي اللغة األولى لإلنسان من خالل الحركات والصرخات التي يطلقها‬
‫‪.‬الطفل‬

‫تضفي لغة الجسد على لغة اللفظ بهجة وحيوية فاللفظ من غير لغة الجسد كالجسد بال‬
‫‪.‬روح‬

‫ترسم لغة الجسد صورا معّبرة لمشاهد عديدة‪ ،‬فتارة تصّو ر مشاهد عذاب وتارة مشاهد‬
‫‪.‬نعيم‬

‫‪.1‬تحل لغة الجسد محل لغة اللفظ عند تعّذ ر األخير‪ ،‬كلغة اإلشارة عند الصم والبكم‬

‫يظهر من خالل هذه الّنقاط مدى أهمية لغة الجسد في حياتنا اليومّية فال يمكن أن‬
‫نستغني عنها وتكون مصاحبة للغة الّلفظ أو تأتي عوضا عنها إذ بها يّتضح المعنى وفي‬
‫‪.‬بعض األحيان قد تكون لغة الجسد لوحدها دالة على معنى أو معان عديدة‬

‫‪:‬باإلضافة إلى أهمية لغة الجسد في عّد ة مجاالت‬

‫المجال العسكري‪ :‬تستخدم اإلشارات والرموز عوضا عن الكلمات للحفاظ على األسرار‬
‫‪.‬العسكرية‬

‫‪.‬المجال الجنائي‪ :‬يمكن معرفة صدق المّتهم من كذبه في التحقيق من خالل لغة جسمه‬

‫المجال األخالقي‪ :‬توحي لغة الجسم بتحّلي الفرد باألخالق كغّض البصر واإلعراض عن‬
‫‪.‬اللغو‬

‫المجال الصحي‪ :‬تعّبر لغة الجسم عن مدى تمّتع الفرد بالصحة أو إصابته بالمرض وتحديد‬
‫‪.2‬نوع المرض وعالجه‬

‫خيري الجنيدي‪ ،‬لغة الجسد في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫خيري الجنيدي‪ ،‬لغة الجسد في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.15،16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫يتبّين لنا أّن لغة الجسد ليست محصورة في نطاق محدود وضّيق والمجاالت السابقة هي‬
‫من أبرز المجاالت التي تتجّس د فيها ومن خالله يمكن تحديد نوعية األفعال التي يقوم بها‬
‫‪.‬اإلنسان سواء كانت جيدة أم ال‪ ،‬كّم ا تحدد لنا حالة اإلنسان الصحّية والنفسّية وغيرها‬

‫ثالثا‪ :‬لغة الجسد في السياق القرآني‪.‬‬


‫يجد المتمعن في كتاب اهلل أّن ه يزخر بالعديد من أنواع لغة اإلشارة والحركة التي‬
‫يستعملها للداللة على معنى وهي لغة الجسد‪ ،‬واختلف الباحثون حول أّن القرآن الكريم فيه‬
‫من اآليات ما اشتملت على لغة الجسد أم ال‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وإليصال داللة معينة فيستغني بذلك عن الكلمات واأللفاظ ويستعين بلغة اإلشارة‬
‫الجسدية في عدة مشاهد فيوصل إلينا الصورة كأنّنا نراها أمامنا‪.‬‬

‫والمراد بهذه المشاهد هي الحركات التي تصدر من جسم اإلنسان فتعّبر عن الرضا‪،‬‬
‫الفرح‪ ،‬التعجب‪ ،‬الخوف وغير ذلك من مشاعر اإلنسان‪ ،‬كل هذا يحكيه القرآن الكريم‬
‫وينقله لنا بغية بيان وضوح الصورة غير المشاهدة فطريقة سردها بالحركات تجعلها جلّية‬
‫‪1‬‬
‫فتمكّنها في النفس وتثّبتها في الذهن‪.‬‬

‫فخير الكتب كتاب اهلل سبحانه وتعالى فيه الكثير من اآليات التي تشمل تعبيرات لغة‬
‫الجسد وتصّو رها تصويرا دقيقا ومنها دالالت حركة الرأس والعنق المختلفة‪ ،‬ثّم العين‬
‫وداللتها‪ ،‬ونجد اليد‪ ،‬وهناك أيضا تعبيرات الوجه‪.‬‬

‫قال تعالى‪َ :‬قاَل َر ِّب ٱۡج َع ل ِّلٓي َء اَي َقاَل َء اَيُتَك َأاَّل ُتَك ِّلَم ٱلَّناَس َثَٰل َثَة َأَّياٍم ِإاَّل َر ۡم ٗز ۗا َو ٱۡذ ُك ر‬
‫ۖٗة‬

‫َّر َّبَك َك ِثيٗر ا َو َس ِّبۡح ِبٱۡل َع ِش ِّي َو ٱۡل ِإۡب َٰك ِر ‪[ ٤١‬سورة آل عمران‪]٤١,‬‬

‫«قال الزمخشري في معنى قوله تعالى‪" :‬إّال رمزا" إّال إشارة بيد أو رأس أو غيرهما‬
‫‪2‬‬
‫وأصله التحرك»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫«قال البغوي‪ :‬واإلشارة قد تكون باللسان وبالعين وباليد»‪.‬‬

‫في اآلية السابقة نجذ أّن القرآن الكريم أشار إلى لغة الجسد في قوله "رمزا" حين أمر‬
‫اهلل تعالى زكرياء عليه السالم آنداك بتعويض كالمه باإليحاءات واإلشارات في حديثه‬
‫وتعامله مع الّناس لمدة ثالثة أيام‪.‬‬

‫عبد اهلل محمد سليمان هنداوي‪ ،‬البالغة القرآنية في اإلشارة والحركة الجسمية‪ ،‬ط ‪ ،1‬األمانة‪ ،‬مصر‪1416 ،‬ه‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1995‬م‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪ 2‬أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري‪ ،‬الكّش اف عن حقائق التنزيل وعيون في وجوه التأويل‪ ،‬تح‪ :‬عبد الرزاق‬
‫المهدي‪ ،‬دار اإلحياء التراثي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.389‬‬
‫البغوي الحسين بن مسعود الفراء‪ ،‬معالم التنزيل‪ ،‬ط ‪ ،4‬دار الطيبة‪ ،‬المدينة المنّو رة‪ 1997 ،‬م‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪10‬‬
‫في نهاية هذا المدخل نخلص إلى أّن ‪:‬‬

‫لغة الجسد هي وسيلة من وسائل التواصل غير الشفهي التي تتماشى مع اللغة اللفظّية‬
‫وأحيانا تغنينا عنها‪ ،‬فبواسطتها تصل إلينا أو إلى األطراف المعنية المعاني واألبعاد ذات‬
‫الدالالت الفكرية والنفسية‪ ،‬التي تظهر من خالل التعبيرات الوجهية واإلشارات والحركات‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫بّم ا أّن لغة الجسد علم كسائر العلوم له ظهور منذ القديم‪ ،‬إذ ُو ِج د في كتب العرب وكان‬
‫يعرف بعلم الفراسة أو علم الطباع‪ ،‬وصوال لمنحها قيمة ومكان أين نجدها في الدراسات‬
‫الحديثة المتعلقة بالفنون في العصر الحالي‪ ،‬وذلك لما لها من أهمية في مجاالت عديدة‬
‫ومتنوعة‪ ،‬فال يمكن االستغناء عنها ألهميتها في االتصال والتواصل االجتماعي بين‬
‫الّناس‪.‬‬

‫وتظهر تلك األهمية في بحثنا هذا في دراسة أهم ما في العقيدة اإلسالمية أال وهو القرآن‬
‫الكريم والسنة النبوية الشريفة‪ ،‬أين سنخّتص في الدراسة على ما ُو ِج د في السياق القرآني‬
‫من إيحاءات وإ شارات ورموز وتعابير وجهية الخاصة بلغة الجسد‪ ،‬حيث تّم اختيار آيات‬
‫قرآنية معدودة ودراستها لبيان وجود لغة الجسد في القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like